You are on page 1of 151

‫جامعة د‪ .

‬موالي الطاهر ‪ -‬سعيدة ‪-‬‬


‫كلية احلقوق و العلوم السياسية‬
‫قسم احلقوق‬

‫حماضـرات يف القـانون املـدين‬


‫(مصـادر االلـتزام)‬
‫مطبوعة موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس‬

‫األستاذة ‪ :‬د‪ .‬سويلم فضيلة‬

‫السنة اجلامعية‪2018 - 2017 :‬‬


‫يعد القانون املدين‪ 1‬الشريعة العامة لسائر القوانني فهو يتضمن جمموعة القواعد القانونية اليت تنظم‬
‫العالقات بني األشخاص يف اجملتمع‪ ،‬و تتوىل جل أحكامه تنظيم العالقات ذات الطابع املايل واليت هلا‬
‫أتثري على الذمة املالية جبانبيها اإلجيايب (احلقوق) والسليب (االلتزامات)‪.‬‬
‫يقصد ابحلقوق املالية تلك احلقوق اليت ختول لصاحبها االستئثار بقيمة مالية معينة‪ ،‬و تنقسم هذه‬
‫احلقوق إىل حقوق عينية وحقوق شخصية (االلتزامات) و أخرى ذهنية أو فكرية (حقوق امللكية‬
‫‪2‬‬
‫الفكرية)‪ ،‬و هذه األخرية ختضع لنصوص قانونية خاصة هبا‪.‬‬
‫احلق العيين ‪ :‬هو سلطة مباشرة لشخص على شيء معني ابلذات‪ ،‬ختوله اإلستفادة منه مباشرة يف‬
‫احلدود اليت يرمسها له القانون‪ ،‬كحق امللكية‪ ،‬سواء أكان وارداً على عقار أو على منقول‪ ،‬و تكون‬
‫العالقة يف هذا احلق بني الشيء الذي يرد عليه احلق (حمل احلق) وبني صاحبه مباشرة دون تدخل ألي‬
‫شخص آخر فيها‪ ،‬لذلك مسي ابحلق العيين‪.‬‬
‫أما احلق الشخصي أو حق الدائنية أو االلتزام ‪ :‬فهو عالقة قانونية بني شخصني‪ ،‬يقوم مبوجبها‬
‫أحدمها وهو املدين قبل اآلخر وهو الدائن إبعطاء شيء أو أبداء عمل أو االمتناع عنه‪ ،‬و تقوم العالقة‬
‫القانونية يف هذا احلق بني الدائن واملدين‪ ،‬فال يستطيع الدائن مباشرة هذا احلق إال عن طريق تدخل‬
‫املدين شخصياً بتنفيذ التزامه حمل احلق‪ ،‬هلذا مسي ابحلق الشخصي‪.‬‬
‫وإذا كان احلق العيين يقوم بتوافر عنصرين مها‪ :‬صاحب احلق وحمل احلق‪ ،‬فإن احلق الشخصي يقوم‬
‫إذا توافر له ثالثة عناصر هي‪ :‬صاحب احلق وهو الدائن ومن عليه احلق أو االلتزام وهو املديـن‪ ،‬وحمل‬
‫احلق وهو األداء الذي يلتزم به املدين‪.‬‬
‫تعريف االلتزام‪:‬‬
‫طاملا أن احلق الشخصي هو عالقة قانونية بني شخصني مها الدائن واملدين‪ ،‬فهذه العالقة من‬
‫انحية الدائن متثل حقاً أما من انحية املدين فتمثل التزاماً‪ ،‬لذلك فاحلق الشخصي وااللتزام مها وجهني‬
‫لعملة واحدة وجهها األول حق و الثاين التزام‪ ،‬و من مث فهما يشكالن مفهومني متالزمني‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬يعرف االلتزام أبنه ‪ ":‬هو رابطة قانونية ذات قيمة مالية تقوم بني طرفني أو أكثر يلتزم‬
‫مبقتضاها أحدمها و يسمى املدين ابلقيام أبداء معني (إعطاء شيء أو القيام بعمل أو االمتناع عن القيام‬

‫‪ - 1‬األمر ‪ 58-75‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬املتضمن القانون املدين املعدل و املتمم‪.‬‬


‫‪ - 2‬املادة ‪ 687‬ق‪.‬م‪ ":.‬تنظم قوانني خاصة احلقوق اليت ترد على أشياء غري مادية "‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫بعمل) ملصلحة طرف آخر يسمى الدائن "‪ ،‬من خالل هذا التعريف يتبني أن االلتزام عبارة عن واجب‬
‫قانوين مايل يلقى على عاتق شخص يسمى املدين‪ ،‬يلتزم من خالله بتقدمي أداء مايل معني (إعطاء شيء‬
‫أو القيام بعمل أو االمتناع عن القيام بعمل) ملصلحة شخص آخر هو الدائن‪.‬‬
‫النظرية العامة لاللتزام‪:‬‬
‫يقصد ابلنظرية العامة لاللتزام جمموعة القواعد اليت تنظم املسائل املتعلقة اباللتزام‪ ،‬و تطبق هذه‬
‫القواعد على كافة االلتزامات املدنية و اليت تنشأ من أحد مصادر االلتزام‪.‬‬
‫حتظى هذه النظرية أبمهية ابلغة يف القانون املدين‪ ،‬بل يف كافة فروع القانون املختلفة‪ ،1‬فهي مبثابة‬
‫األساس الذي تقوم عليه كافة العالقات املالية بني األشخاص داخل اجملتمع‪ ،‬حيث تعاجل مسائل يف غاية‬
‫األمهية تتعلق مبصادر االلتزام وآاثره وانقضائه وإثباته‪.‬‬
‫و عموماً‪ ،‬تنقسم النظرية العامة لاللتزام إىل قسمني أساسيني‪ :‬قسم يتعلق مبصادر االلتزام‪ ،‬و قسم‬
‫أبحكام االلتزام‪ ،‬و مها يندرجان ضمن مقياس القانون املدين لطلبة السنة الثانية ليسانس‪ ،‬غري أن هذه‬
‫املطبوعة ستقتصر على دراسة مصادر االلتزام و اليت متثل حمور السداسي الثالث من هذا املقياس‪.‬‬
‫مصادر االلتزام ‪:‬‬
‫مصدر االلتزام هو األصل الذي نشأ عنه‪ ،‬أو السبب القانوين املباشر املنشأ له‪ ،‬و قد حددها‬
‫القانون املدين يف مخس مصادر يف املواد من ‪ 53‬إىل ‪ ،159‬و تتمثل يف العقد واإلرادة املنفردة (التصرف‬
‫القانوين) و املسؤولية التقصريية و اإلثراء بال سبب و القانون (الواقعة القانونية)‪ ،‬بناء على ذلك‪ ،‬سيتم‬
‫دراسة هذه املصادر على النحو التايل ‪:‬‬
‫القسم األول ‪ :‬التصرف القانوين (املصادر اإلرادية لاللتزام)‬
‫القسم الثاين ‪ :‬الواقعة القانونية (املصادر الالإرادية لاللتزام)‬

‫‪ - 1‬نظراً لعمومية و جتريد أحكام النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬فقد أتثرت هبا فروع القانون األخرى و أصبحت تطبقها عند عدم وجود‬
‫نصوص حتكم االلتزامات القانونية اليت تنظمها هذه القوانني‪ ،‬كالقانون العام يف جمال العقود اإلدارية‪ ،‬و القانون الدويل العام يف‬
‫املعاهدات الدولية‪ ،‬و القانون التجاري يف نطاق العقود التجارية و كذا قانون العمل يف عقود العمل‪...‬إخل‪.‬‬
‫‪3‬‬
4
‫التصرف القانوين هـو‪ " :‬تعبري عن اإلرادة يتم هبدف إحداث أثر قانوين معني" سواء متثل هذا األثر‬
‫يف إنشاء حقوق و التزامات أو نقلها أو تعديلها أو إهنائها‪ ،‬فإذا توافقت إرادتني على إحداث األثر‬
‫القانوين كنا أمام العقد كمصدر لاللتزام‪ ،‬وإذا استقلت إرادة مبفردها يف اجتاهها حنو إحداث هذا األثر‬
‫كنا بصدد اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام‪.‬‬
‫الباب األول ‪ :‬الـع ـق ــد‬
‫العقد هو املصدر األول والغالب لاللتزام وهذا ما دفع املشرع إىل منحه عناية خاصة‪ ،‬حيث عاجل‬
‫املسائل املتعلقة به‪ ،‬يف ‪ 69‬مادة من املادة ‪ 54‬إىل املادة ‪ 123‬مدين اليت يتضمنها الفصل الثاين من‬
‫الكتاب الثاين (االلتزامات و العقود) من الباب األول (مصادر االلتزام) من القانون املدين‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم العقد و تقسيماته‬
‫للعقد أمهية ابلغة يف احلياة العملية فهو ميثل اإلطار العام للعمل اإلرادي و يتضمن أحكام تنظم‬
‫العالقة الناشئة عنه بني أطرافه‪ ،‬ولذلك تقتضي دراسة العقد بيان املقصود به وأقسامه املختلفة من خالل‬
‫املبحثني التاليني‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬مفهوم العقــد‬
‫لدراسة مفهوم العقد سيتم تعريفه و حتديد نطاقه‪ ،‬مث إبراز دور مبدأ سلطان اإلرادة على أحكام‬
‫العقد‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف العقد‬
‫لقد أورد املشرع تعريفاً للعقد يف املادة ‪ 54‬من القانون املدين‪ ،1‬بقوهلا ‪" :‬العقد اتفاق يلتزم مبوجبه‬
‫شخص أو عدة أشخاص حنو شخص أو عدة أشخاص آخرين مبنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما"‪.‬‬
‫يالحظ من مضمون هذا التعريف أن املشرع اجلزائري عند حتديده ملعىن العقد‪:‬‬

‫‪ - 1‬املادة ‪ 54‬من القانون املدين قبل تعديلها مبوجب القانون ‪ 10-05‬املؤرخ يف ‪ 20‬جوان ‪ ،2005‬ج‪.‬ر‪ 26 .‬جوان ‪،2005‬‬
‫العدد ‪ ،44‬املعدل و املتمم لألمر ‪ 58-75‬املتضمن القانون املدين ‪":‬العقد اتفاق يلتزم مبوجبه شخص أو عدة أشخاص آخرين مبنح‬
‫‪ ،‬أو فعل ‪،‬أو عدم فعل شيء ما"‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ −‬يعترب العقد أحد صور االتفاق بوصفه مصطلح أعم من العقد‪ ،‬فالعقد يهدف إىل إحداث أثر‬
‫قانوين معني أما االتفاق فيشمل العقد و غريه من االتفاقات اليت ال ينظمها القانون‪ ،‬لذا يعد‬
‫كل عقد مبثابة اتفاق‪ ،‬بينما العكس غري صحيح‪.‬‬
‫‪ −‬خيلط بني االلتزام و العقد‪ ،‬حيث عرف العقد من خالل صور حمل االلتزام و املتمثلة يف‬
‫إعطاء شيء أو القيام بعمل أو االمتناع عن القيام بعمل‪ ،‬يف حني أن العقد ال يرتتب عنه‬
‫التزامات فقط بل أيضا حقوق و على كال طرفيه‪.‬‬
‫‪ −‬مل يربز دور اإلرادة يف إنشاء العقد خاصة و أنه يعترب مصدر إرادي لاللتزام ال يقوم إال بتوافق‬
‫إرادتني صادرة من طرفيه و يعتد هبما القانون‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬ميكن تعريف العقد أبنه ‪" :‬توافق إرادتني أو أكثر على إحداث أثر قانوين‪ ،‬أو‪ ":‬اقرتان‬
‫اإلجياب ابلقبول على حنو حيدث أثراً قانونياً "‪.‬‬
‫و من خالل هذا التعريف‪ ،‬ميكن حتليل العقد إىل عنصرين‪ ،‬و مها‪:‬‬
‫‪ -1‬توافق إرادتني أو أكثر‪ ،‬أو اقرتان اإلجياب ابلقبول‪ :‬فال يتصور قيام عقد بناء على إرادة‬
‫منفردة‪.‬‬
‫‪ -2‬اجتاه إرادتني أو أكثر حنو إحداث أثر قانوين معني ‪ :‬و هذا األثر القانوين يتمثل إما يف‬
‫إنشاء التزامات و حقوق‪ ،‬أو نقلها‪ ،‬أو تعديلها‪ ،‬أو إهنائها‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬نطاق العقد‬
‫يشرتط العتبار االتفاق عقداً وفقاً للمعىن املنصوص عليه يف القانون املدين‪:‬‬
‫‪ −‬أن يكون واقعاً يف نطاق القانون اخلاص ‪ :‬مما يعين استبعاد العقد اإلداري ألنه يدخل يف‬
‫جمال القانون العام‪.‬‬
‫‪ −‬أن يدخل يف دائرة املعامالت املالية ‪ :‬و بذلك خيرج من مفهوم العقد كل من عقد الزواج و‬
‫عقد الكفالة ألهنا خترج من نطاق املعامالت املالية‪ ،‬فهي تتعلق ابلعالقات األسرية ابلرغم‬
‫من أهنا تقع يف نطاق القانون اخلاص‪ ،‬لذلك فإن أركان هذه العقود و آاثرها ختتلف عن‬
‫تلك املتعلقة ابلعقد يف القانون املدين‪ ،‬و هذا نظرا الختالف طبيعة هذه العقود عن العقد‬
‫يف القانون املدين‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫سيتم من خالل هاذين الفرعني التطرق إىل تعريف مبدأ سلطان اإلرادة و تطوره التارخيي‪ ،‬مث القيود‬
‫الوارد عليه‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬تعريف مبدأ سلطان اإلرادة و تطوره التارخيي‬
‫يكمن مضمون مبدأ سلطان اإلرادة يف أن اإلرادة هي جوهر التصرف القانوين (العقد واإلرادة‬
‫املنفردة ) فهي اليت تنشـئه وهى اليت حتدد األثر املرتتب عليـه دون أي قيد يرد على حريتها‪ ،‬فهي صاحبة‬
‫السلطان األكرب يف إنشاء العقد و حتديد شكله و اآلاثر املرتتبة عنه‪.‬‬
‫لقد ازدهر مبدأ سلطان اإلرادة و اتسع نطاقه يف ظل املذهب الفردي (القرنني ‪ 17‬و ‪18‬‬
‫امليالديني) الذي يقدس احلرية الفردية و جيعل لإلرادة احلرة يف جمال العقد دور رئيسي‪ ،‬فلم يعد دورها‬
‫مقصوراً على حتديد الشكل واألثر الذي يرتتب على التعبري عن اإلرادة‪ ،‬بل جعل منها األساس لنشأة‬
‫االلتزامات من املصادر األخرى‪.‬‬
‫لكن التطورات االقتصادية و االجتماعية السيما يف ظل ظهور املبادئ االشرتاكية‪ ،‬أدت‬
‫ابلتشريعات إىل فرض العديد من القيود على مبدأ سلطان اإلرادة و ذلك محاية للطرف الضعيف يف‬
‫التصرفات القانونية من جهة‪ ،‬و محاية مصلحة اجملتمع من جهة أخرى‪ ،‬فلم يعد هذا املبدأ مطلقا كما‬
‫كان يف املاضي‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬القيود الواردة على مبدأ سلطان اإلرادة‬
‫ابلرغم من تبين التشريعات ملبدأ سلطان اإلرادة مبا فيها املشرع اجلزائري‪ ،‬إال أهنا وضعت له إطار‬
‫قانوين حمدد من خالل القيود اليت فرضتها على هذا املبدأ‪ ،‬و ذلك هبدف حتقيق التوازن بني حرية اإلرادة‬
‫الفردية و املصلحة العامة للمجتمع‪ ،‬و يف ظل هذه القيود مل تعد اإلرادة حرة يف‪:‬‬
‫‪ -1‬إنشاء العقد ‪ :‬ختضع العقود عند إبرامها كأصل عام ملبدأ الرضائية‪ ،‬الذي يكتفي مبجرد‬
‫التطابق بني إرادة طريف العقد دون حاجة إىل إفراغه يف شكل معني‪ ،‬استثناءًا أخضع املشرع‬
‫بعض العقود إلجراءات شكلية‪ ،‬حيث استلزم إفراغها يف قالب شكلي معني‪ ،‬مثل التصرفات‬
‫املتعلقة ابلعقارات‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -2‬حتديد مضمون العقد ‪ :‬وفقا ملبدأ حرية التعاقد‪ ،‬لكل شخص احلرية يف التعاقد أو عدم‬
‫التعاقد‪ ،‬و احلرية يف حتديد مضمون العقد و شروطه حسبما حيقق مصاحله‪ ،‬لكن القيد الوارد‬
‫على هذه احلرية يكمن يف عدم خمالفة النظام العام و اآلداب العامة‪.‬‬
‫‪ -3‬إهناء العقد و تعديله‪ :‬كأصل عام ال جيوز إهناء العقد و تعديله إال ابتفاق أطرافه فقط‪،‬‬
‫استثناءًا منح املشرع للقاضي يف حاالت حمددة سلطة تعديل العقد تتمثل يف‪ :‬الظروف الطارئة‬
‫(املادة ‪ 3/107‬ق‪.‬م‪ ).‬و الشرط اجلزائي (املادة ‪ 2/184‬و ‪ 185‬و ‪ 187‬ق‪.‬م‪ ).‬و الغنب‬
‫(املادة ‪ 1/90‬ق‪.‬م‪ ).‬و عقد اإلذعان (املادة ‪ 110‬ق‪.‬م‪ ،).‬كما منحه سلطة زايدة األجرة يف‬
‫حالة وقوع حوادث استثنائية يف عقد املقاولة الذي أبرم أبجر جزايف (املادة ‪ 561‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫كذلك أجاز املشرع ألحد املتعاقدين نقض العقد إبرادته املنفردة يف حاالت معينة (كعقد‬
‫الوكالة يف املادة ‪ 587‬ق‪.‬م‪ .‬و عقد العارية يف املادة ‪ 547‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -4‬سراين آاثر العقد‪ :‬يرتب العقد آاثره (احلقوق و االلتزامات) على أطرافه و خلفهم العام‪ ،‬و‬
‫كذا خلفهم اخلاص وفق شروط معينة‪ ،‬أما الغري فال تسري عليه هذه اآلاثر‪ ،‬استثناءًا جيوز أن‬
‫يرتب العقد آاثره (حقوق فقط) على الغري يف حالتني و مها ‪ :‬إذا اتفق املتعاقدين على‬
‫انصراف احلقوق املرتتبة عن العقد مباشرة إىل الغري مبوجب االشرتاط ملصلحة الغري‪ ،‬و إذا نص‬
‫القانون على ذلك مثل الدعوى املباشرة‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬تقسيمات العقــود‬
‫تناول املشرع اجلزائري يف املواد من ‪ 55‬إىل ‪ 58‬ق‪.‬م‪ .‬مخسة أنواع من العقود و هي ‪ :‬العقود‬
‫امللزمة جلانبني و العقود امللزمة جلانب واحد‪ ،‬و العقود التبادلية و عقود املعاوضة و العقود االحتمالية‪ ،‬يف‬
‫مقابل ذلك قسم الفقه العقود إىل عدة تقسيمات و ذلك تبعاً للزاوية اليت ينظر منها للعقد‪ ،‬و أهم هذه‬
‫التقسيمات هي‪:‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬تقسيم العقود من حيث تنظيمها القانوين‬
‫لقد نظم املشرع اجلزائري بعض العقود نظراً ألمهيتها يف نطاق املعامالت املالية فوضع هلا تنظيماً‬
‫خاصاً‪ ،‬وعقود أخرى مل ينظمها بل ترك اجملال لألشخاص إلنشاء ما يشاءون من عقود طبقاً ملبدأ‬
‫سلطان اإلرادة‪ ،‬طاملا أهنا ال ختالف النظام العام واآلداب العامة‪ ،‬و تتمثل يف‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬العقود املسماة‬
‫هي تلك العقود اليت خصها القانون ابسم معني مييزها عن غريها من العقود‪ ،‬وتوىل تنظيمها‬
‫أبحكام خاصة نظراً لشيوعها يف التعامل هبا‪ ،‬كعقد البيع و اإلجيار واهلبة والشركة والقرض و املقاولة و‬
‫التأمني و الكفالة و الرهن الرمسي و احليازي‪...‬إخل‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬العقود غري املسماة‬
‫هي تلك العقود اليت مل خيتصها القانون ابسم معني وال أبحكام خاصة‪ ،‬مثال عقد النشر وعقد‬
‫النزول ابلفندق‪...‬إخل‬
‫تربز أمهية هذا التقسيم فيما يلي‪:‬‬
‫العقود املسماة ختضع للنصوص القانونية املنظمة هلا مث للقواعد العامة يف العقود عند وجود فراغ أو‬
‫نقص يف النصوص اليت تنظمها‪ ،‬أما العقود غري املسماة فتخضع يف تكوينها وىف اآلاثر املرتتبة عنها‬
‫للقواعد العامة للعقود وأحكام أقرب العقود املسماة إليها‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬تقسيم العقود من حيث تكوينها‬
‫تقسم العقود من حيث تكوينها إىل عقود رضائية و عقود الشكلية و أخرى عينية‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬العقود الرضائية و الشكلية و العينية‬
‫العقود الرضائية ‪ :‬هي العقود يكفي النعقادها توافر الرتاضي لدى أطرافها‪ ،‬أي اقرتان اإلجياب‬
‫ابلقبول دون احلاجة إىل إفراغها يف شكل معني‪.‬‬
‫العقود الشكلية ‪ :‬هي العقود اليت ال يكفي النعقادها جمرد الرتاضي ولكن يلزم إفراغها يف شكل‬
‫معني مثل عقد الرهن الرمسي و عقد بيع العقار‪...‬إخل‬
‫يعد مبدأ الرضائية القاعدة العامة يف العقود‪ ،‬أما الشكلية يف العقود فتعترب استثناءً عن هذا املبدأ‪،‬‬
‫و يعود أصلها إىل القوانني القدمية وخاصة القانون الروماين الذي كانت فيه الشكلية هي األصل و‬
‫الرضائية هي االستثناء‪.‬‬
‫العقـود العينية‪ :‬هي العقود اليت ال يكفي جمرد الرتاضي النعقادها‪ ،‬وإمنا يلزم إىل جانب ذلك‬
‫التسليم العيين للشيء حمل العقد‪ ،‬فالتسليم يعد ركناً أساسياً فيها‪ ،‬مثال هبة املنقول (املادة ‪ 206‬من‬
‫قانون األسرة)‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫و تظهر أمهية التفرقة بني هذه العقود فيما يلي‪:‬‬
‫العقد الشكلي ال ينعقد إال بتوافر شكل معني ألنه ركن يف العقد (سواء فرضه القانون أو‬
‫املتعاقدين)‪ ،‬أما العقود العينية فال تربم إال بتوافر االستالم حملل العقد‪ ،‬ماعدا هذه االستثناءات ينعقد‬
‫العقد بتوافر األركان الثالثة من رضا و حمل و سبب فقط‪ ،‬و ذلك ألن األصل يف العقود الرضائية‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬عقود مساومة و عقود إذعان‬
‫عقود املساومة ‪ :‬هي العقود اليت يتم إبرامها بناء على مفاوضة بني أطرافها‪ ،‬حيث يقف كال منهما‬
‫من اآلخر على قدم املساواة‪ ،‬على حنو يسمح لكل منهما مناقشة مجيع شروط اآلخر ومساومته عليها‪.‬‬
‫عقود اإلذعان ‪ :‬هي العقود اليت ينفرد فيها أحد األطراف بتحديد شروط العقد كاملة دون أن‬
‫يكون لآلخر احلق يف مناقشتها‪ ،‬فإذا أراد التعاقد ال يكون أمامه إال قبوهلا كما هي دون أي تعديل‪ ،‬و‬
‫إذا رفضها فال يتعاقد‪.‬‬
‫ابلنسبة ألمهية التقسيم إىل عقود إذعان و عقود مساومة‪ ،‬فتكمن فيما يلي‪:‬‬
‫إذا تضمن عقد اإلذعان شروط تعسفية جاز للقاضي بناءً على طلب الطرف املذعن أن يعدل‬
‫هذه الشروط أو يعفيه كليةً منها طبقا للمادة ‪ 110‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫كذلك نصت املادة ‪ 112‬ق‪.‬م‪ .‬يف فقرهتا ‪ 2‬على أن تفسري الشك يف عقود اإلذعان يكون‬
‫ملصلحة الطرف املذعن‪ ،‬دائناً أو مديناً‪ ،‬و ذلك خبالف القاعدة العامة يف عقود املساومة اليت يفسر فيها‬
‫الشك ملصلحة املدين‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬تقسيم العقود من حيث آاثرها‬
‫تنقسم العقود من حيث آاثرها إىل ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬عقود ملزمة جلانبني و عقود ملزمة جلانب واحد‬
‫العقود ملزمة جلانبني ‪ :‬هي العقود اليت تنشئ التزامات متقابلة على أطرافها‪ ،‬فكل طرف منها دائن‬
‫ومدين يف ذات الوقت‪ ،‬كما يف عقد البيع‪ ،‬يكون البائع مدين بتسليم الشيء املبيع ودائن ابلثمن الذي‬
‫هو مدين به املشرتى الدائن بتسلم الشيء املبيع‪.‬‬
‫العقود امللزمة جلانب واحد ‪ :‬هي العقود اليت ال تنشأ االلتزامات إال على جانب واحد فقط دون‬
‫اجلانب اآلخر‪ ،‬فيكون أحدمها دائن غري مدين واآلخر مدين غري دائن‪ ،‬كما يف عقد اهلبة‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫و تظهر أمهية هذا التقسيم ابلنظر الختالف األحكام املرتتبة على كل منهما من حيث‪:‬‬
‫‪ -1‬طلب فسخ العقد‪:‬‬
‫يف العقد امللزم للجانبني‪ ،‬إذا مل يقم أحد طرفيه ابلوفاء ابلتزامه‪ ،‬جاز للطرف اآلخر أن يطلب فسخ‬
‫العقد‪ ،‬مع التعويض إذا اقتضى األمر ذلك‪ ،‬وأما العقد امللزم جلانب واحد‪ ،‬إذا مل يقم املدين ابلوفاء‬
‫ابلتزامه فليس للدائن أن يطلب الفسخ‪ ،‬و ال يكون أمامه إال مطالبة املدين بتنفيذ التزامه عينياً إذا كان‬
‫ممكناً‪ ،‬أو التنفيذ مبقابل (التعويض)‪.‬‬
‫‪ -2‬تبعة اهلالك لسبب أجنيب‪:‬‬
‫يف العقد امللزم للجانبني‪ ،‬إذا ما استحال على أحد طرفيه تنفيذ التزامه لسبب أجنيب ال يد له فيه‪،‬‬
‫حتمل هو ابعتباره املدين به تبعة استحالة التنفيذ وانقضى التزامه وااللتزامات املتقابلة إبنفساخ العقد من‬
‫تلقاء نفسه بقوة القانون‪.‬‬
‫أما يف العقد امللزم جلانب واحد‪ ،‬إذا ما استحال على املدين تنفيذ التزامه لسبب ال يد له فيه‪ ،‬فإن‬
‫التزامه ينقضي إبنفساخ العقد من تلقاء نفسه‪ ،‬ويقع عبء تبعة استحالة التنفيذ على عاتق الدائن‪.‬‬
‫‪ -3‬الدفع بعدم التنفيذ‪:‬‬
‫يف العقد امللزم للجانبني‪ ،‬إذا كانت االلتزامات املتقابلة الناشئة عنه مستحقة األداء‪ ،‬جاز لكل‬
‫طرف أن ميتنع عن الوفاء ابلتزامه‪ ،‬مىت امتنع الطرف اآلخر عن تنفيذ التزامه‪ ،‬أما يف العقد امللزم جلانب‬
‫واحد‪ ،‬فال جمال للدفع بعدم التنفيذ لعدم وجود التزامات متقابلة بني طرفيه‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬عقود املعاوضة و عقود التربع‬
‫عقود املعاوضة هي العقود اليت يتلقى فيها كل متعاقد عوضاً عما يقدمه لآلخر كعقد البيع‪ ،‬أما‬
‫عقود التربع فهي العقود اليت ال يتلقى فيها أحد املتعاقدين عوضاً أو مقابالً ملا أعطاه لآلخر كعقد اهلبة‪.‬‬
‫و هلذا التقسيم أمهية من حيث‪:‬‬
‫‪ -1‬املسؤولية‪ :‬يف عقود املعاوضة مسؤولية املعاوض أكرب ألنه أيخذ مقابالً ملا يعطيه‪ ،‬أما يف عقود‬
‫التربع فمسؤولية املتربع أخف ألنه ال أيخذ مقابالً ملا يعطيه‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -2‬الغلط ‪ :‬يف عقود املعاوضة ال يؤدي الغلط يف شخص املتعاقد إىل إبطال العقد إال إذا كانت‬
‫شخصيته هي الدافع إىل التعاقد‪ ،‬أما يف عقود التربع فالغلط يف شخص املتعاقد يؤدي إىل إبطال‬
‫العقد ألنه غلط جوهري‪.‬‬
‫‪ -3‬دعوى عدم نفاذ تصرفات املدين‪ :‬يف عقود املعاوضة يلزم على الدائن للطعن هبذه الدعوى‬
‫إثبات غش املدين أو تواطؤه مع املتصرف إليه بسوء نية‪ ،‬أما يف عقود التربع فيمكن الطعن بعدم‬
‫نفاذ تصرف املدين الضار بدائنيه‪ ،‬دون إثبات غش املدين أو تواطؤه مع املتربع إليه حىت و لو‬
‫كان هذا األخري حسن النية‪.‬‬
‫‪ -4‬األهلية ‪ :‬يف عقود املعاوضة تصرفات املميز ومن يف حكمه صحيحة ولكنها تكون قابلة‬
‫لإلبطال ملصلحته‪ ،‬أما يف عقود التربع فتصرفات املميز ومن يف حكمه ابطلة بطالانً مطلقاً ألهنا‬
‫ضارة ضرراً حمضاً‪.‬‬
‫املطلب الرابع ‪ :‬تقسيم العقود من حيث طبيعتها‬
‫تنقسم العقود من حيث طبيعتها إىل ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬العقود احملددة و العقود االحتمالية‬
‫العقود احملددة هي تلك العقود اليت يتحدد فيها لكل متعاقد مقدار أدائه حلظة إبرام العقد كعقد‬
‫البيع‪.‬‬
‫العقود االحتمالية هي تلك العقود اليت ال يتحدد فيها مقدار أداء كل متعاقد وقت إبرام العقد‪،‬‬
‫ألهنا تقوم على أمر احتمايل غري حمقق الوقوع عند التعاقد كعقد التأمني‪.‬‬
‫أمهية هذا التقسيم تكمن يف اآليت‪:‬ق‬
‫‪ −‬الغنب ال يؤثر يف صحة العقود االحتمالية بينما يؤثر يف العقود احملددة‪.‬‬
‫‪ −‬القانون ال جييز بعض العقود االحتمالية مثل الرهان واملقامرة‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬العقود الفورية و العقود الزمنية أو املستمرة‬
‫العقود الفورية هي اليت ال يكون الزمن عنصراً جوهرايً يف حتديد نطاق االلتزامات الناشئة عنها‬
‫كعقد البيع‪ ،‬أما العقود الزمنية أو املستمرة فهي اليت يكون الزمن فيها عنصراً جوهرايً‪ ،‬يتحدد على‬

‫‪12‬‬
‫أساسه االلتزامات الناشئة عنها‪ ،‬فعقد اإلجيار مثال عقد زمين ألنه يرد على منفعة العني املؤجرة‪ ،‬والزمن‬
‫هو الذي يتحدد على أساسه مقدار هذه املنفعة‪.‬‬
‫هلذا التقسيم أمهية نظراً الرتباط العقود املستمرة ابلزمن دون العقود الفورية‪ ،‬و ذلك من حيث‪:‬‬
‫‪ -1‬أثر الفسخ‪:‬‬
‫األثر املرتتب على الفسخ يف العقود امللزمة جلانبني‪ ،‬هو إعادة املتعاقدين إىل احلالة اليت كان عليها‬
‫قبل التعاقد‪ ،‬وهو ما يعرف ابألثر الرجعى للفسخ‪ ،‬و يف نطاق العقود الفورية‪ ،‬ميكن حتقق األثر الرجعى‬
‫للفسخ‪ ،‬أما يف نطاق العقود الزمنية فإنه يستحيل حتقق األثر الرجعى للفسخ‪ ،‬بل يرتتب على املستقبل‬
‫فقط دون املاضي‪.‬‬
‫‪ -2‬أثر نظرية الظروف الطارئة‪:‬‬
‫يف نطاق العقود الفورية حدوث الظروف الطارئة بعد إبرام العقد ال أثر هلا على االلتزامات الناشئة‬
‫عنها‪ ،‬ألن األصل أن هذه االلتزامات يتم تنفيذها فوراً لعدم ارتباطها ابلزمن‪ ،‬أما يف نطاق العقود الزمنية‬
‫فيمكن تطبيق نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬ألن تنفيذ االلتزامات الناشئة عن هذه العقود مرتبطة ابلزمن‪.‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬أركان العقد‬
‫يشرتط القانون لنشوء العقد صحيحا و مرتبا آلاثره القانونية‪ ،‬توافر أركانه (شروط انعقاده) املتمثلة‬
‫يف الرتاضي و احملل و السبب‪ ،‬إضافة إىل ركن الشكل ابلنسبة للعقود الشكلية‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬ركن الرتاضي‬
‫يعد ركن الرتاضي الركن اجلوهري لوجود العقد‪ ،‬و الذي يتحقق بتطابق إرادة املتعاقدين على‬
‫إحداث أثر قانوين معني‪ ،‬ومن مث جيب لتوافر هذا الركن أن يكون الرتاضي موجوداً‪ ،‬وأن يكون هذا‬
‫الوجود صحيحاً‪.‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬وجود الرتاضي‬


‫يتعني لوجود الرتاضي أن يعرب الشخص عن إرادته يف إحداث أثر قانوين معني‪ ،‬و أن تتالقى هذه‬
‫اإلرادة مع إرادة أخرى مطابقة هلا أي متجهة إىل إحداث نفس األثر‪ ،‬حىت يتحقق التطابق بني‬
‫اإلرادتني‪(.‬املادة ‪ 59‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪13‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التعــبري عـن اإلرادة‬
‫التعــبري عـن اإلرادة هو اإلفصاح عـن اإلرادة الكامنة يف النفس الشخص‪ ،‬ذلك أن القانون ال يعتد‬
‫ابإلرادة إال إذا مت التعبري عنها و إخراجها إىل الواقع اخلارجي‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬صور التعبري عن اإلرادة‬
‫يتم التعــبري عـن اإلرادة بطريقة صرحية أو ضمنية‪.‬‬
‫‪ -1‬التعبري الصريح ‪:‬‬
‫هو اإلفصاح عن اإلرادة بصورة مباشرة‪ ،‬سواء عن طريق اللفظ‪ ،‬الكتابة‪ ،‬اإلشارة‪ ،‬أو ابختاذ‬
‫موقف ال تدع ظروف احلال شكاً يف داللته على الرتاضي‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 1/60‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬التعبري الضمين ‪:‬‬
‫هو اإلفصاح عن اإلرادة بصورة غري مباشرة‪ ،‬و قد أجازته املادة ‪ 2/60‬ق‪.‬م‪ ،‬مثال بقاء‬
‫املستأجر يف العني املؤجرة بعد انتهاء مدة اإلجيار‪ ،‬فيعترب داللة على رغبته يف جتديد اإلجيار‪.‬‬
‫استثناءًا ال يعتد ابلتعبري الضمين يف حالتني‪:‬‬
‫‪ −‬اشرتاط القانون أن يكون التعبري عن اإلرادة صرحياً‪.‬‬
‫‪ −‬إذا اتفق الطرفان على ضرورة التعبري الصريح وعدم كفاية التعبري الضمين‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬مدى صالحية السكوت يف التعبري عن اإلرادة‬
‫األصل أن السكوت ال يعترب تعبريا عن اإلرادة‪ ،‬طبقا للقاعدة الفقهية‪ ":‬ال ينسب لساكت‬
‫قول‪ ،"...‬فالسكوت موقف سليب ال يدل ال على معىن الرفض و ال القبول‪ ،‬و مبا أن اإلجياب و القبول‬
‫كالمها موقف اجيايب‪ ،‬فال ميكن إذن اعتبار السكوت إجياابً و ال قبوالً‪ ،‬ابستثناء بعض احلاالت اليت‬
‫ميكن اعتبار السكوت فيها قبوالً‪ ،‬كما سيتم بيانه الحقاً‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬مىت ينتج التعبري عن اإلرادة أثره القانوين؟‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 61‬ق‪.‬م‪ .‬ال يكون للتعبري عن اإلرادة أثر قانوين ‪ -‬رغم وجوه الفعلي ‪ -‬إال إذا‬
‫وصل إىل علم من وجه إليه‪ ،‬و قد اعتربت هذه املادة أن وصول التعبري إىل من وجه إليه قرينة على العلم‬
‫‪14‬‬
‫به‪ ،‬و هذه القرينة بسيطة تقبل إثبات العكس‪ ،‬و هذا ما يستخلص من عبارة "ما مل يقم دليل على‬
‫عكس ذلك"‪ ،‬لذلك جيوز ملن وجه إليه التعبري أن يثبت عدم علمه هبذا التعبري ابلرغم من وصوله إليه‪.‬‬
‫استثناء من ذلك‪ ،‬توجد حاالت ال يلزم فيها أن يتصل التعبري عن القبول بعلم املوجب‪ ،‬مبعىن ال‬
‫يلزم النعقاد العقد أن يعلم املوجب هبذا التعبري‪ ،‬كما يف احلاالت االستثنائية اليت يعترب فيها السكوت‬
‫قبوال ( سواء كان السكوت مالبس طبقا للمادة ‪ 68‬ق‪.‬م‪ .‬أو ابتفاق األطراف أو بنص القانون)‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أثر وفاة أو فقد األهلية على التعبري عن اإلرادة‬
‫يكتمل الوجود القانوين للتعبري عن اإلرادة ابتصاله بعلم من وجه إليه سواء كان إجياب أو قبول‪ ،‬و‬
‫عليه فإن موت أو فقد أهلية من صدر منه التعبري عن اإلرادة بعد ما اتصل بعلم من وجه إليه ال مينع من‬
‫استكمال التعبري لوجوده القانوين‪ ،‬ما مل يثبت العكس من التعبري أو من طبيعة التعامل طبقا لنص املادة‬
‫‪ 62‬ق‪.‬م‪ ،.‬و عليه ينبغي التمييز بني حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬وفاة أو فقد أهلية من صدر عنه التعبري عن اإلرادة‪:‬‬
‫‪ −‬إذا مات املوجب أو فقد أهليته قبل أن يتصل إجيابه بعلم القابل‪ ،‬فإن إجيابه يسقط و ال‬
‫ينتج أثره‪.‬‬
‫‪ −‬إذا مات القابل أو فقد أهليته بعد صدور القبول منه و اتصل قبوله بعلم املوجب‪ ،‬فإن العقد‬
‫ينعقد ما مل تكن شخصية القابل حمل اعتبار يف العقد فعندئذ ال ينعقد العقد‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬وفاة أو فقد أهلية من وجه إليه التعبري عن اإلرادة‪:‬‬
‫‪ −‬إذا مات املوجب أو فقد أهليته بعد أن اتصل علمه ابلقبول‪ ،‬فإن العقد ينعقد‪.‬‬
‫‪ −‬إذا مات القابل أو فقد أهليته بعد اتصال اإلجياب بعلمه وقبل إعالن قبوله‪ ،‬فال ينعقد‬
‫العقد‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬اإلرادة الظاهرة و اإلرادة الباطنة‬
‫يقصد ابإلرادة الباطنة اإلرادة احلقيقية اليت استقرت يف نفس الشخص‪ ،‬أما اإلرادة الظاهرة فهي‬
‫املظهر اخلارجي لإلرادة الباطنة أي التعبري املعلن عن اإلرادة إىل العامل اخلارجي‪ ،‬فإذا تطابقت اإلرادتني‬
‫مبعىن أن املظهر اخلارجي لإلرادة جاء معرباً تعبرياً صادقاً ومطابقاً لإلرادة الباطنة‪ ،‬فال يوجد إشكال‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ولكن املشكلة تنشأ عندما تكون إرادتني ‪ -‬ظاهرة و ابطنة ‪ -‬خمتلفتني أبن يكون التعبري اخلارجي‬
‫ال يعرب عن اإلرادة احلقيقة‪ ،‬كما يف حالة استخدم وسيلة خاطئة للتعبري عن اإلرادة‪ ،‬فبأي اإلرادتني‬
‫يعتد؟‬
‫لإلجابة عن ذلك‪ ،‬هناك نظريتان ‪:‬‬
‫النظرية املوضوعية‪ :‬أتخذ ابإلرادة الظاهرة‪ ،‬سواء اتفقت أو اختلفت مع اإلرادة الباطنة‪.‬‬
‫النظرية الشخصية ‪:‬أتخذ ابإلرادة الباطنة‪ ،‬طاملا أن صاحبها استعمل وسيلة خاطئة يف التعبري‬
‫عنها‪.‬‬
‫ابلرجوع ألحكام القانون املدين‪ ،‬يتضح أن املشرع اجلزائري قد أخذ ابلنظرية الشخصية اليت تعتد‬
‫و‬ ‫ابإلرادة الباطنة يف عدة نصوص قانونية‪ 1‬السيما يف حتديد شروط صحة العقد و تفسريه‪،‬‬
‫للتخفيف من نتائجها املطلقة أخذ يف نصوص أخرى ابلنظرية املوضوعية اليت تعتد ابإلرادة الظاهرة و‬
‫‪2‬‬
‫ذلك الستقرار املعامالت خاصة يف مرحلة إبرام العقد عند تطابق اإلرادتني و يف تفسري العقد‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬تطابق اإلرادتني‬
‫التعبري عن اإلرادة يصدر يف شكلني مها اإلجياب والقبول‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬اإلجياب‬
‫هو ‪":‬تعبري جازم و هنائي عن اإلرادة يتضمن عرضاً ابلتعاقد صادر من شخص إىل آخر أو عدة‬
‫أشخاص آخرين وفق شروط معينة"‪ ،‬أو هو ‪":‬العرض الذي يتقدم به شخص يسمى املوجب يبدي فيه‬
‫رغبته يف التعاقد مع شخص آخر يسمى املوجب له أو القابل"‪.‬‬
‫‪ -1‬شروط اإلجياب ‪:‬‬
‫يلزم لكي يعترب التعبري عن اإلرادة إجياابً توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬جيب أن يكون اإلجياب جازماً و اباتً‪ :‬مبعىن يصدر عن نية قاطعة و حامسة‪ ،‬و‬
‫يعكس عزماً هنائياً على التعاقد‪ ،‬حبيث ينشأ العقد مبجرد اقرتان اإلجياب بقبول مطابق له‪.‬‬

‫‪ - 1‬املواد ‪ 199-2/111-98-90-88-86-81-59‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ - 2‬املواد ‪ 334-198-1/111-62-61-60-59‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬جيب أن يكون اإلجياب حمدداً و كامالً‪ :‬أي يتضمن حتديداً واضحاً ودقيقاً لنوع‬
‫العقد املراد إنشاؤه‪ ،‬و مجيع العناصر األساسية للعقد‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬جيب أن يوجه إىل الغري‪ :‬مبعىن أن يتصل اإلجياب بعلم الغري الذي وجه إليه (املادة‬
‫‪ 61‬ق‪.‬م‪ ،).‬سواء كان هذا الغري شخصاً معيناً أو غري معيناً أو عدة أشخاص‪.‬‬
‫جتب املالحظة إىل أنه يف حالة عدم توافر أحد هذه الشروط يف التعبري عن اإلرادة السيما الشرط‬
‫األول و الثاين منها‪ ،‬اعترب العرض جمرد دعوة إىل التعاقد‪ ،‬ألن أهم ما مييز هذه الدعوة عن اإلجياب هو‬
‫وجود النية القاطعة للتعاقد‪ ،‬ويكشف عن هذه النية اشتمال العرض على العناصر اجلوهرية للعقد املراد‬
‫إبرامه‪.‬‬
‫‪ -2‬صور اإلجياب‪:‬‬
‫طاملا أن اإلجياب هو تعبري عن اإلرادة‪ ،‬فقد يعرب عنه بعدة صور‪:‬‬
‫أ‪ -‬اإلجياب اجملرد‪:‬‬
‫هو اإلجياب الذي تتوافر فيه مجيع شروطه دون تعليقه على شرط أو اقرتانه بتحفظ أو مبدة زمنية‬
‫معينة‪ ،‬حبيث إذا اقرتن هذا اإلجياب بقبول انعقد العقد مباشرة‪ ،‬و هذا هو األصل يف اإلجياب أن يكون‬
‫جمرد من أي شرط أو حتفظ أو ميعاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلجياب املقرتن بتحفظ‪:‬‬
‫هو إجياب اقرتن بتحفظ معني (صراحةً أو ضمناً) وضعه املوجب‪ ،‬لذلك جيب أن يراعى هذا‬
‫التحفظ عند القبول ومن مث انعقاد العقد‪ ،‬مثال ذلك أن يعرض البائع صراحة على املشرتي بيع سلعة‬
‫بثمن معني مع احتفاظه حبق تعديل هذا الثمن تبعاً لتغري األسعار‪.‬‬
‫ت‪ -‬اإلجياب املعلق على شرط‪:‬‬
‫هو إجياب معلق على شرط وضعه املوجب حبيث إذا حتقق هذا الشرط ال ينعقد العقد‪ ،‬مثال‬
‫عرض التاجر على اجلمهور سلع ذات كمية حمدودة‪ ،‬مع تعليق إجيابه على شرط وهو عدم نفاذ‬
‫الكمية‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ث‪ -‬اإلجياب امللزم (القوة امللزمة لإلجياب)‪:‬‬
‫األصل يف اإلجياب أن يكون غري ملزم حبيث ميكن للموجب العدول عنه قبل صدور القبول من‬
‫طرف الشخص املوجه إليه هذا اإلجياب‪.‬‬
‫و يكون اإلجياب ملزم إذا صدر مقرتانً مبيعاد‪ ،‬فإذا عني املوجب مدة حمددة يلتزم خالهلا ابلبقاء‬
‫على إجيابه‪ ،‬وقد يتم حتديد هذا امليعاد من قبل املوجب بشكل صريح‪ ،‬وقد تستشف ضمنياً من ظروف‬
‫احلال أو طبيعة العقد اليت تستلزم مدة معقولة للتفكري ختتلف حبسب الظروف حسب املادة ‪ 63‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬سقوط اإلجياب‪:‬‬
‫يسقط اإلجياب يف احلاالت التالية‪:‬‬
‫‪ −‬إذا عدل عنه املوجب يف جملس العقد قبل أن يقرتن به قبول ممن وجه إليه‪.‬‬
‫‪ −‬إذا عدل املوجب عن إجيابه قبل أن يصل إىل علم من وجه إليه يف التعاقد بني غائبني‪.‬‬
‫‪ −‬إذا رفضه من وجه إليه (املادة ‪ 66‬ق‪.‬م‪ ).‬سواء كان الرفض اتماً أو جزئياً‪ ،‬و الرفض اجلزئي يعد‬
‫مبثابة إجياب جديد ألنه عدل اإلجياب األول‪.‬‬
‫‪ −‬إذا انفض جملس العقد دون اقرتان اإلجياب ابلقبول‪( .‬املادة ‪ 2/64‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬إذا انقضت املدة احملددة من قبل املوجب أو املدة املعقولة اليت تقتضيها طبيعة العقد يف اإلجياب‬
‫امللزم دون أن يقرتن بقبول‪( .‬املادة ‪ 63‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬إذا مات املوجب أو فقد أهليته قبل أن يصل إىل علمه القبول‪( .‬املادة ‪ 62‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫اثنيا ‪ :‬القبول‬
‫هو تعبري عن إرادة من وجه إليه اإلجياب يبدي فيه موافقته على التعاقد بنفس الشروط الواردة يف‬
‫اإلجياب‪.‬‬
‫‪ -1‬شروط القبول‪:‬‬
‫ينبغي العتبار التعبري عن اإلرادة قبوالً توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬أن يكون القبول ابت و جازم أي يصدر عن نية حامسة و هنائية تعكس املوافقة‬
‫على التعاقد‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن يوجه القبول إىل املوجب ( اتصاله بعلم املوجب)‪ ،‬و يف الوقت الذي يكون فيه‬
‫اإلجياب قائما مل يسقط بعد‪ ،‬فإذا سقط اإلجياب عد القبول إجياابً جديداً حيتاج إىل قبول‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يطابق اإلجياب القبول مطابقة اتمة‪ ،‬فإذا عدل القابل من اإلجياب أبن قيد‬
‫منه أو زاد فيه‪ ،‬يعترب يف هذه احلالة رفض جزئي لإلجياب يتضمن إجياب جديد حيتاج إىل قبول طبقا‬
‫للمادة ‪ 66‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫أ‪ -‬مدى مطابقة اإلجياب للقبول‪:‬‬
‫جيب أن يتطابق القبول ابإلجياب يف مجيع العناصر اليت اشتمل عليها‪ ،‬و ال يشرتط يف اإلجياب أن‬
‫يشتمل على مجيع عناصر العقد املراد إبرامه‪ ،‬بل يكفي أن يشتمل على عناصر العقد اجلوهرية‪ ،‬و لكن‬
‫يثور التساؤل يف هذه احلالة عن حكم املسائل التفصيلية أو الثانوية للعقد و اليت مل يتعرض هلا اإلجياب؟‬
‫لبيان مسألة عدم االتفاق على املسائل التفصيلية و أثرها على العقد‪ ،‬نفرق بني حالتني و هذا‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 65‬ق‪.‬م‪:.‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬تعليق املتعاقدان إبرام العقد على اتفاقهم على املسائل التفصيلية‪ :‬و يف هذه احلالة‬
‫ال ينعقد العقد إال ابالتفاق على هذه املسائل التفصيلية‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬عدم تعليق املتعاقدين إبرام العقد على اتفاقهم على املسائل التفصيلية‪:‬‬
‫هنا ينعقد العقد مبجرد اقرتان القبول ابإلجياب‪ ،‬مث يتحدد حكم املسائل التفصيلية على النحو‬
‫التايل ‪:‬‬
‫‪ −‬إذا اتفق املتعاقدان فيما بعد على املسائل التفصيلية فال يثار إشكال‪.‬‬
‫‪ −‬إذا مل يتفق املتعاقدان فيما بعد على املسائل التفصيلية‪ :‬جاز للقاضي أن حيدد حكم هذه‬
‫املسائل وفقاً لطبيعة املعاملة و إلحكام القانون و العرف و العدالة‪.‬‬
‫ب‪ -‬مدى اعتبار السكوت قبوالا‪:‬‬
‫األصل أن السكوت ال يعترب قبوال ألنه موقف سليب أما القبول فهو موقف إجيايب‪ ،‬ولكن استثناء‬
‫ميكن اعتبار السكوت قبوالً يف احلاالت التالية‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬السكوت املالبس و هو السكوت الذي تقرتن به ظروف يستشف منها أن‬
‫للسكوت داللة على معىن القبول‪ ،‬و هذا ما نصت عليه املادة ‪ 68‬ق‪.‬م‪ .‬اليت أوردت ثالثة تطبيقات‬
‫للسكوت املالبس على سبيل املثال‪ ،‬تتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان هناك تعامل سابق بني املتعاقدين واتصل اإلجياب هبذا التعامل‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كانت طبيعة املعاملة أو العرف التجاري تدل على أن السكوت عن الرفض يعترب قبوالً‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان اإلجياب حيقق مصلحة (منفعة) ملن وجه إليه‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬إتفاق األطراف على اعتبار السكوت قبوال‪.‬‬
‫احلالة الثالثة ‪ :‬نص القانون على اعتبار السكوت قبوال‪ ،‬مثال البيع ابلتجربة (املادة ‪ 355‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -2‬بعض الصور اخلاصة يف القبول ‪:‬‬
‫نص املشرع اجلزائري يف القانون املدين على صور خاصة للقبول أمهها ‪:‬‬
‫أ‪ -‬القبول يف عقـود اإلذعـان‪:‬‬
‫عقـود اإلذعـان هي عقود ينفرد فيها أحد املتعاقدين بتحديد شروط العقد كاملة‪ ،‬و ال ميلك‬
‫الطرف اآلخر إن أراد التعاقد إال قبوهلا كما هي بدون أية مناقشة أو رفضها‪ ،‬و هذا ما أشارت إليه املادة‬
‫‪ 70‬ق‪.‬م‪ .‬اليت اعتربت أن القبول يف عقود اإلذعان يتمثل يف جمرد تسليم القابل بشروط حمددة مسبقاً‬
‫ضخ إلرادة املوجب‪ ،‬نتيجة لذلك منح‬ ‫وضعها املوجب و ال يقبل مناقشتها‪ ،‬و هو بذلك يُ ْذ َعن أو يَـ ْر َ‬
‫املشرع للقاضي‪:‬‬

‫‪ -‬سلطة التدخل لتعديل هذه العقود إذا تضمنت شروط تعسفية‪ ،‬بغية إعادة التوازن العقدي‬
‫الناتج عن إدراج هذه الشروط فيها‪ ،‬و ذلك من خالل تعديل هذه الشروط أو إعفاء‬
‫املذعن منها‪ ،‬و هذا طبقا لنص املادة ‪ 110‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫الطرف َ‬
‫‪ -‬يف حالة وجود شك حول عبارات العقد يف عقود اإلذعان‪ ،‬سلطة تفسري هذا الشك‬
‫املذعن سواء كان مدين أو دائن و ذلك مبقتضى املادة ‪ 2/112‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ملصلحة الطرف َ‬

‫‪20‬‬
‫ب‪ -‬القبول يف عقود املزايدة ‪:‬‬
‫إن جمرد اإلعالن عن بدء املزايدة من طرف املكلف ابملزاد هو دعوة للتعاقد و ليس إجياب‪ ،‬و أول‬
‫عطاء يتقدم به أول مزايد يعد إجياابً‪ ،‬و يسقط بتقدمي مزايد آخر عطاء أعلى منه و هكذا حىت يقدم‬
‫أحد املزايدين أبعلى عطاء‪ ،‬فإذا رضي املكلف ابملزاد به أرسى املزاد عليه‪ ،‬و هذا الرسو يعد قبوالً ينعقد‬
‫به العقد‪.‬‬
‫و طبقا للمادة ‪ 69‬ق‪.‬م‪ .‬يسقط اإلجياب املتمثل يف العطاء الذي يتقدم به املزايد يف حالتني‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا قدم مزايد آخر عطاء أعلى منه حىت و لو كان ابطال‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا أقفلت املزايدة دون أن ترسو على أحد املزايدين‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬اقرتان القبول ابإلجياب (توافق اإلرادتني)‬
‫لكي ينعقد العقد جيب أن يتطابق اإلجياب مع القبول‪ ،‬سواء مت هذا التعاقد بني حاضرين أو‬
‫غائبني‪.‬‬
‫‪ -1‬التعاقد بني حاضرين يف جملس العقد ‪:‬‬
‫يكون التعاقد بني حاضرين عندما يضم الطرفني جملس عقد واحد‪ ،‬و ذلك ابجتماع الطرفني و‬
‫تواجدمها يف مكان و زمان واحد (جملس عقد حقيقي)‪ ،‬أو تكون بني املتعاقدين وسيلة اتصال حبيث إذا‬
‫عرب أحدمها عن إرادته فإن هذا التعبري ينتج أثره يف احلال و ينعقد العقد فوراً (جملس عقد حكمي‪ :‬عدم‬
‫تواجد املتعاقدان يف نفس املكان لكن جيمعهما نفس الزمان)‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬يتضح أنه يف التعاقد بني حاضرين ال يوجد فاصل زمين بني صدور القبول و علم املوجب‬
‫به‪ ،‬حيث ينعقد مبجرد صدور القبول‪ ،‬مثال وجود املتعاقدان يف جملس عقد واحد أو التعاقد ابلتليفون‪ ،‬و‬
‫هذا وفقا لنص املادة ‪ 64‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬التعاقد بني غائبني ‪:‬‬
‫يكون التعاقد بني غائبني عندما ال جيمع بني املتعاقدين جملس عقد واحد ال حقيقةً و ال حكماً‪،‬‬
‫و بذلك فإنه يوجد فاصل زمين بني صدور القبول و علم املوجب به‪ ،‬مثال التعاقد ابملراسلة أو‬
‫ابلربقيات‪...‬إخل‬
‫و يثري هذا التعاقد إشكالية حتديد حلظة انعقاد العقد‪ ،‬حيث ظهرت أربع نظرايت و هي‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ −‬نظرية إعالن القبول‪ :‬حسب هذه النظرية ينعقد العقد عند إعالن القبول‪.‬‬
‫‪ −‬نظرية إرسال القبول‪ :‬ينعقد العقد عند صدور القبول أي إرساله أبي طريقة للطرف اآلخر‪.‬‬
‫‪ −‬نظرية تسلم أو وصول القبول‪ :‬ينعقد العقد عند وصول القبول إىل حمل الطرف اآلخر‪.‬‬
‫‪ −‬نظرية العلم ابلقبول‪ :‬ينعقد العقد عند علم املوجب ابلقبول الصادر من الطرف اآلخر‪.‬‬
‫ما هو موقف املشرع اجلزائري من هذه النظرايت؟‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 67‬ق‪.‬م‪ .‬يتضح أن املشرع اجلزائري قد أخذ بنظرية العلم ابلقبول‪ ،‬مبعىن أن‬
‫العقد بني غائبني يتم يف املكان و الزمان اللذين يعلم فيهما املوجب ابلقبول‪ ،‬إال إذا اتفق الطرفان أو‬
‫نص القانون على غري ذلك‪ ،‬و هذا يستشف أيضا من املادة ‪ 61‬ق‪.‬م‪ .‬اليت اعتربت أن وصول التعبري‬
‫عن اإلرادة (الرسالة) قرينة على علم املوجب ابلقبول‪ ،‬حىت يثبت العكس‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬النيابة يف التعاقد‬
‫األصل يف التعاقد أن يربم الشخص العقد بنفسه و حلسابه‪ ،‬غري أنه جيوز أن يربم العقد بواسطة‬
‫شخص آخر ينوب عن املتعاقد‪ ،‬على أن تنصرف آاثر العقد إىل األصيل ال إىل النائب‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف النيابة يف التعاقد‬
‫يقصد ابلنيابة حلول إرادة النائب حمل إرادة األصيل يف إبرام تصرف قانوين معني ابسم األصيل‬
‫وحلسابه يف حدود نيابته‪ ،‬مع انصراف آاثر التصرف يف ذمة األصيل‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬أنواع النيابة‬
‫تنقسم النيابة إىل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬النيابة االتفاقية‪ :‬مصدرها االتفاق املربم بني األصيل والنائب‪ ،‬كنيابة الوكيل عن موكله‪.‬‬
‫‪ -2‬النيابة القانونية‪ :‬مصدرها القانون من حيث حتديد شخص النائب‪ ،‬سلطاته‪ ،‬اختصاصاته كنيابة‬
‫الويل‪.‬‬
‫‪ -3‬النيابة القضائية‪ :‬القضاء هو املصدر من حيث تعيني شخص النائب ولكنها تعد نيابة قانونية من‬
‫حيث حتديد سلطات النائب‪ ،‬كنيابة الوصي أو القيم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫اثلثا ‪ :‬شروط النيابة ‪:‬‬
‫تتمثل شروط النيابة حسب مضمون املواد ‪ 73‬و ‪ 74‬و ‪ 75‬ق‪.‬م‪ .‬يف‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬حلول إرادة النائب حمل إرادة األصيل يف إبرام العقد‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 73‬ق‪.‬م‪ .‬لكي تتحقق النيابة يتعني على النائب التعبري عن إرادته ال عن إرادة‬
‫األصيل و ابلنيابة عنه‪ ،‬و عليه تكون إرادة النائب هي حمل االعتبار يف العقد عند النظر يف عيوب‬
‫الرضا‪ ،‬فإذا كانت إرادة النائب معيبة أبحد عيوب اإلرادة كان العقد قابالً لإلبطال حىت و لو كانت‬
‫إرادة األصيل غري معيبة‪ ،‬و عند النظر إىل سوء النية و حسنها من حيث العلم أو اجلهل ببعض الظروف‬
‫اخلاصة اليت هلا أتثري يف التعاقد‪ ،‬إال يف النيابة االتفاقية فتعد إرادة األصيل هي حمل االعتبار يف العقد‪.‬‬
‫ابلنسبة لألهلية‪ ،‬يشرتط يف النيابة االتفاقية توافر األهلية الكاملة يف األصيل و ليس يف النائب‪ ،‬أما‬
‫يف النيابة القانونية و القضائية فيشرتط يف النائب األهلية الكاملة ال يف األصيل‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬تعاقد النائب ابسم األصيل‬
‫جيب على النائب أن يعلن عن صفته كنائب وإذا مل يعلن فإنه ال تتصرف آاثر التصرف إىل‬
‫األصيل‪ ،‬استثناءً تنصرف آاثر التصرف إىل األصيل رغم عدم إعالن النائب عن صفته يف حالتني و هذا‬
‫حسب املادة ‪ 75‬ق‪.‬م‪:.‬‬
‫‪ -1‬أن يكون املتعاقد اآلخر من املفروض أنه يعلم بوجود النيابة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يستوي لدى املتعاقد اآلخر أن يتعامل مع األصيل أو النائب‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬عدم جتاوز النائب حدود النيابة‬
‫حيدد األصيل حدود نيابة النائب من حيث نوع العقد‪ ،‬و شروطه و مدة النيابة‪ ،‬فإذا تعاقد النائب‬
‫يف حدود نيابته فتضاف آاثر العقد إىل ذمة األصيل طبقا للمادة ‪ 74‬ق‪.‬م‪ ،.‬أما إذا جتاوز النائب حدود‬
‫نيابته‪ ،‬فإن العقود ال تكون انفذة يف حق األصيل‪ ،‬بل تنصرف آاثرها إىل ذمة النائب‪.‬‬
‫استثناء ‪ :‬تنصرف آاثر العقود اليت أبرمها النائب خارج حدود نيابته إىل ذمة األصيل يف ثالث‬
‫حاالت‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ -1‬إذا أجاز األصيل العقد الذي خرج النائب فيه عن حدود نيابته‪ ،‬فتنتقل آاثره إليه أبثر رجعي‬
‫من يوم إبرام العقد وليس من اتريخ اإلجازة‪ ،‬أما إذا مل جيزه األصيل فريجع املتعاقد على النائب‬
‫ابلتعويض‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا أبرم النائب عقد حلساب األصيل بعد انقضاء النيابة و هو جيهل و من تعاقد معه ابنقضائها‬
‫‪ -‬حسن نية النائب واملتعاقد اآلخر‪( -‬املادة ‪ 76‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -3‬إذا تعذر على النائب إخطار األصيل وغلب على ظنه أنه سيوافق على هذا العقد ألنه حيقق‬
‫مصلحته‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬آاثر التعاقد ابلنيابة‬
‫‪ −‬العالقة بني النائب و الغري ‪ :‬هذه العالقة تنتهي مبجرد إبرام العقد‪ ،‬و ال ترتتب أي التزامات‬
‫أو حقوق بينهما‪.‬‬
‫‪ −‬العالقة بني األصيل و الغري ‪ :‬ترتتب التزامات و حقوق بينهما‪ ،‬ألن آاثر العقد الذي أبرمه‬
‫النائب تنصرف إىل ذمة األصيل‪.‬‬
‫‪ −‬العالقة بني النائب و األصيل ‪ :‬حيددها مصدر سلطة النائب ( االتفاق أو القانون )‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬تعاقد الشخص مع نفسه‬
‫األصل مينع على النائب أن يتعاقد مع نفسه سواء أجرى التعاقد حلسابه اخلاص أم أجراه حلساب‬
‫غريه‪ ،‬ألن النائب سيعرب عن مصلحتني متعارضتني‪.‬‬
‫استثناءً ‪ :‬جيوز تعاقد النائب مع نفسه إذا رخص له األصيل يف ذلك قبل التعاقد‪ ،‬أو أجاز له‬
‫ذلك بعد العقد أو إذا نص القانون على جواز هذا التعاقد‪( .‬املادة ‪ 77‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬صور خاصة لتوافق اإلرادتني (املراحل التمهيدية للتعاقد)‬
‫ابقرتان القبول ابإلجياب سواء أكان ذلك بني حاضرين أو غائبني‪ ،‬يتم العقد بشكل هنائي‪ ،‬إال إنه‬
‫توجد صور خاصة لتوافق اإلرادتني‪ ،‬وهى ما يطلق عليها املراحل التمهيدية للعقد تتمثل يف ‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫أوال ‪ :‬الوعد ابلتعاقد‬
‫الوعد ابلتعاقد هو اتفاق صادر من أحد املتعاقدين (الواعد) يلتزم مبوجبه أن يربم عقداً بصفة هنائية‬
‫يف املستقبل‪ ،‬إذا أبدى املتعاقد اآلخر (املوعود له) رغبته يف ذلك خالل مدة معينة‪.‬‬
‫‪ -1‬صور الوعد ابلتعاقد‪ :‬تشمل هذه الصور‪:‬‬
‫أ‪ -‬الوعد ابلتعاقد من جانب واحد‪ :‬يكون الوعد ملزماً ألحد املتعاقدين فقط (الواعد) حىت‬
‫يبدي الطرف اآلخر (املوعود له) رغبته يف التعاقد خالل املدة املتفق عليها‪ ،‬مثال ‪ :‬الوعد‬
‫ابلبيع أو الوعد ابلشراء‪.‬‬
‫ب‪ -‬الوعد امللزم للجانبني‪ :‬هو وعد ملزم لكال املتعاقدين (الواعد و املوعود له)‪ ،‬مثال الوعد‬
‫ابلبيع وابلشراء‪.‬‬
‫‪ -2‬نطاق الوعد ابلتعاقد ‪:‬‬
‫ال يقتصر الوعد ابلتعاقد كوسيلة متهيدية إلبرام العقد النهائي على نوع معني من العقود فهو‬
‫متصور يف معظم العقود مثل عقد البيع و اإلجيار و التأمني و القرض و الوكالة ‪ ...‬إخل‬
‫‪ -3‬شروط الوعد ابلتعاقد ‪:‬‬
‫طبقا للمادة ‪ 71‬ق‪.‬م‪ .‬جيب على األطراف االتفاق على‪:‬‬
‫‪ −‬املسائل اجلوهرية للعقد (طبيعة العقد ‪ -‬حمله ‪ -‬املقابل املادي)‪.‬‬
‫‪ −‬املدة اليت جيوز فيها للموعود له أن يبدي رغبته يف التعاقد‪.‬‬
‫‪ −‬توافر الشكل يف العقد إذا اشرتط القانون ذلك كبيع العقار‪.‬‬
‫‪ -4‬آاثر الوعد ابلتعاقد‪:‬‬
‫لتحديد آاثر الوعد ابلتعاقد‪ ،‬ينبغي التمييز بني حالتني ‪:‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬قبل إبداء املوعود له رغبته يف التعاقد‬
‫‪ −‬يلزم الواعد ابلبقاء على وعده إببرام العقد النهائي إذا أبدى املوعود له رغبته يف ذلك‬
‫خالل املدة املتفق عليها‪ ،‬و عليه مينع على الواعد القيام أبي تصرف حيول دون انعقاد‬

‫‪25‬‬
‫العقد النهائي طوال مدة الوعد‪ ،‬فال جيوز له التصرف خالهلا يف الشيء حمل الوعد إىل‬
‫متعاقد آخر غري املوعود له‪ ،‬فإذا تصرف فيه جاز للموعود له مطالبته ابلتعويض‪.‬‬
‫‪ −‬إذا انقضت مدة الوعد دون قبول املوعود له يسقط الوعد ابلتعاقد‪.‬‬
‫‪ −‬تكون اآلاثر املرتتبة على العقد النهائي مؤجلة التنفيذ إىل وقت إبرامه‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬بعد إبداء املوعود له رغبته يف التعاقد‬
‫‪ −‬إذا قبل املوعود له التعاقد خالل مدة الوعد ينقضي الوعد‪ ،‬و من مث يلزم الواعد إبمتام إبرام‬
‫العقد النهائي‪ ،‬كما يلتزم كال املتعاقدان بتنفيذ التزاماهتما مبوجب العقد النهائي‪.‬‬
‫‪ −‬إذا نكل الواعد عن إبرام العقد النهائي و كانت الشروط الالزمة إلمتام العقد متوافرة‪ ،‬جاز‬
‫للموعود له مقاضاته و يقوم احلكم الصادر هبذا الشأن مقام العقد النهائي (املادة ‪72‬‬
‫ق‪.‬م‪.).‬‬
‫اثنيا ‪ :‬التعاقد ابلعربون‬
‫العربون هو مبلغ من النقود يدفعه أحد املتعاقدين إىل املتعاقد اآلخر وقت إبرام العقد‪ ،‬و ذلك‬
‫للداللة إما على ‪:‬‬
‫‪ -1‬حق املتعاقدين يف العدول عن العقد‪:‬‬
‫‪ −‬إذا عدل أحد املتعاقدين خالل املدة املتفق عليها يفقد الدافع للعربون املبلغ‪ ،‬و القابض‬
‫يرجع العربون و يدفع مثله‪.‬‬
‫‪ −‬إذا مل يعدل أحد املتعاقدين خالل املدة املتفق عليها أصبح العقد ابات و يعترب العربون جزء‬
‫من الثمن‪.‬‬
‫‪ -2‬أتكيد التعاقد و جعله اباتً ال جيوز الرجوع فيه (العربون هنا يعد جزء من الثمن)‬
‫ابلنسبة للمشرع اجلزائري فقد اعترب يف املادة ‪ 72‬مكرر ق‪.‬م‪ .‬التعاقد ابلعربون يدل على حق‬
‫املتعاقدين يف العدول عن التعاقد النهائي‪ ،‬إال إذا اتفقا على خالف ذلك‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬صحة الرتاضي‬
‫لقيام ركن الرتاضي البد أن يكون وجود الرتاضي صحيحاً‪ ،‬و ذلك بصدوره من متعاقد له أهلية‬
‫كاملة‪ ،‬و إرادة ال يشوهبا عيب من عيوب اإلرادة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬األهلية‬
‫األهلية هي‪" :‬صالحية الشخص الكتساب احلقوق و حتمل االلتزامات و مباشرة التصرفات‬
‫القانونية"‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أنواع األهلية‬
‫تنقسم األهلية إىل أهلية الوجوب و هي‪ ":‬صالحية الشخص الكتساب احلقوق و حتمل‬
‫االلتزامات"‪ ،‬و تثبت هذه األهلية لكل إنسان يولد حياً‪ ،‬فكل شخص يتمتع ابلشخصية القانونية‬
‫تكون له أهلية الوجوب‪ ،‬ابستثناء اجلنني الذي تكون له أهلية وجوب انقصة يكتسب احلقوق و ال‬
‫يتحمل الواجبات‪.‬‬
‫أهلية األداء و يقصد هبا ‪":‬صالحية الشخص ملباشرة التصرفات القانونية"‪ ،‬فهي صالحية‬
‫الشخص للتعبري عن إرادته تعبريا ترتتب عليه أاثره القانونية‪ ،‬و تظهر خاصة يف القيام ابلتصرفات القانونية‬
‫و القضائية اليت تستلزم التعبري عن إرادة يعتد هبا القانون‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬أحكام األهلية من النظام العام‬
‫األحكام املتعلقة ابألهلية تعترب من النظام العام‪ ،‬لذلك ال جيوز لألفراد االتفاق على ما خيالفها و‬
‫إال كان اتفاقهم ابطال‪(.‬املادة ‪ 45‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫اثلثا ‪ :‬تقسيم التصرفات القانونية ابلنسبة لألهلية‬
‫تنقسم التصرفات القانونية ابلنسبة لألهلية إىل ثالثة أنواع ‪:‬‬
‫‪ -1‬تصرفات انفعة نفعا حمضا ‪:‬‬
‫هي تصرفات قانونية يرتتب عنها اغتناء من يباشرها دون أن يقدم مقابل هلا‪ ،‬كقبول اهلبة و الوصية‬
‫و اإلبراء من الدين ابلنسبة للمدين‪ ...‬إخل‪ ،‬فهذه التصرفات تزيد من حقوق الشخص أو تنقص من‬
‫ديونه دون أن يقدم أي مقابل‪ ،‬و هي تسمى أبعمال االغتناء‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ -2‬تصرفات ضارة ضررا حمضا ‪:‬‬
‫هي تصرفات قانونية يرتتب عنها افتقار من يباشرها دون أن يتحصل على مقابل هلا‪ ،‬كتقدمي اهلبة‬
‫و الوصية و اإلبراء من الدين ابلنسبة للدائن‪...‬إخل‪ ،‬فهذه التصرفات تنقص من حقوق الشخص أو تزيد‬
‫من ديونه دون أن يتقاضى أي مقابل‪ ،‬و هي تسمى أبعمال التربع‪.‬‬
‫‪ -3‬تصرفات دائرة بني النفع و الضرر‪:‬‬
‫هي تصرفات قانونية اليت تقوم على احتمال الربح أو اخلسارة‪ ،‬مثل عقود البيع و اإلجيار و الرهن و‬
‫الشركة‪...‬إخل‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬العوامل اليت تؤثر على األهلية‬
‫تتأثر األهلية بعدة عوامل و هي‪:‬‬
‫‪ -1‬السن‪ :‬مناط أهلية األداء هي التمييز لذلك فهي تتأثر ابلسن‪ ،‬وكل إنسان البد وأن مير من‬
‫والدته إىل وفاته بثالثة مراحل تتدرج خالهلا أهليته‪ ،‬و عليه تكون أهلية األداء منعدمة لدى‬
‫الشخص (غري مميز) منذ والدته إىل بلوغ سن ‪ ،13‬و تكون انقصة ابلنسبة للشخص (املميز)‬
‫من سن ‪ 13‬إىل ‪ 19‬سنة‪ ،‬و تكون كاملة بعد بلوغ سن الرشد و هو ‪ 19‬كاملة‪.‬‬
‫‪ -2‬عوارض األهلية‪ :‬تتمثل يف ‪:‬‬
‫‪ −‬اجلنون‪ :‬هو مرض عقلي يفقد الشخص عقله كلية و يعد يف حكم عدمي التمييز‪.‬‬
‫‪ −‬العته‪ :‬هو مرض عقلي يضعف القوى العقلية للشخص فيجعله يتصرف خبالف ما يقتضيه‬
‫العقل‪ ،‬و يعد يف حكم عدمي املميز‪.‬‬
‫‪ −‬السفه‪ :‬هو سوء تدبري األموال و تبذيرها‪ ،‬و يعد السفيه يف حكم املميز (انقص األهلية)‪.‬‬
‫‪ −‬الغفلة‪ :‬هي سذاجة الشخص و سهولة وقوعه يف الغنب يف املعامالت املالية‪ ،‬و يعد الغافل‬
‫يف حكم املميز (انقص األهلية)‪.‬‬
‫‪ -3‬موانع األهلية‪ :‬هناك عدة موانع تؤثر على األهلية الكاملة للشخص و تعيق ممارستها أمهها‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ −‬الغيبة و الفقدان‪ :‬الغائب هو الشخص الذي غادر مكان إقامته و غاب ألكثر من سنة‬
‫دون أن تنقطع أخباره‪ ،‬فإذا انقطعت أخباره و مل يعرف له حمل إقامة و مل يعرف موته أو‬
‫حياته عد مفقوداً‪ ،‬فإذا مل يكن ألي منهما وكيل عينت احملكمة قيماً لتسيري أمواهلم‪.‬‬
‫‪ −‬احلكم بعقوبة سالبة للحرية ‪ :‬إذا حكم على شخص بعقوبة سالبة للحرية يعني القاضي‬
‫للمحكوم عليه قيماً ليتوىل إدارة أمواله‪.‬‬
‫‪ −‬العاهة املزدوجة‪ :‬إذا تعذر على الشخص التعبري عن إرادته بسبب إصابته بعاهة مزدوجة‬
‫من ثالثة و هي الصم و البكم و العمى‪ ،‬جاز للمحكمة أن تعني له مساعد قضائي‬
‫يساعده يف القيام ابلتصرفات اليت تعينها احملكمة‪ ،‬و ذلك طبقا للمادة ‪ 80‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ −‬إفالس التاجر ‪ :‬يرتتب على صدور احلكم بشهر اإلفالس غل يد املدين التاجر أي رفع‬
‫يده عن إدارة أمواله أو التصرف فيها مبا فيها األموال املستقبلية اليت قد يكتسبها‪ ،‬و حيل‬
‫حمله الوكيل املتصرف القضائي الذي يتوىل إدارة أمواله حتت رقابة القاضي و ممارسة مجيع‬
‫حقوق و دعاوى املفلس املتعلقة بذمته طوال مدة التفليسة (املادة ‪ 1/244‬ق‪.‬جتاري)‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬عيوب اإلرادة‬
‫ال يكفي لصحة الرتاضي جمرد تعبري املتعاقد املتمتع ابألهلية الكاملة عن إرادته‪ ،‬بل البد أن تكون‬
‫هذه اإلرادة سليمة‪ ،‬أي خالية من عيوب اإلرادة املتمثلة يف الغلط و التدليس و اإلكراه و االستغالل‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬الغلط‬
‫هو وهم يقع يف ذهن الشخص من تلقاء نفسه فيجعله يتصور األمر على خالف حقيقته و يدفعه‬
‫إىل التعاقد‪.‬‬
‫‪ -1‬أنواع الغلط ‪ :‬تتمثل يف ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الغلط املانع‪ :‬هو الغلط الذي يعدم الرضا فيمنع من انعقاد العقد‪ ،‬و يرتتب عليه بطالن‬
‫العقد بطالن مطلق‪ ،‬و عدم تطابق اإلرادة قد يرد على طبيعة أو ماهية العقد‪ ،‬ذاتية احملل‪،‬‬
‫وجود السبب‪ ،‬و هذا الغلط ال يعترب عيب من عيوب اإلرادة ألنه يعدم ركن الرتاضي‪.‬‬
‫ب‪ -‬الغلط غري املؤثر‪ :‬هو غلط ال يؤثر على وجود الرتاضي أو صحته‪ ،‬و من مث فال يعتد به كعيب‬
‫من عيوب اإلرادة‪ ،‬و قد يرد على ‪:‬‬
‫‪29‬‬
‫‪ −‬صفة غري جوهرية يف الشيء حمل العقد‬
‫‪ −‬الغلط يف احلساب وغلطات القلم (املادة ‪ 84‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫ت‪ -‬الغلط املؤثر أو اجلوهري‪ :‬هو الغلط الذي يعيب الرضا و ميس بصحته و ال يعدمه‪ ،‬فيكون‬
‫العقد صحيحاً لكن قابالً لإلبطال ملصلحة من عيبت إرادته بوقوعها يف هذا الغلط اجلوهري‪ ،‬و‬
‫هذا النوع من الغلط هو الذي يعد عيباً من عيوب اإلرادة طبقا لنص املادة ‪ 81‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط التمسك ابلغلط‪ :‬للتمسك ابلغلط ينبغي توافر الشروط التالية ‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون الغلط جوهرايً‪ :‬أي أن يبلغ الغلط درجة من اجلسامة و اخلطورة حبيث‬
‫ميتنع معها على املتعاقد إبرام العقد لو مل يقع يف هذا الغلط‪ ،‬واملعيار الذي تقدر به هذه اجلسامة هو‬
‫معيار شخصي يرتكز على رغبة و نفسية املتعاقد الواقع يف الغلط اليت دفعته إىل التعاقد‪ ،‬و هذا طبقا‬
‫لنص املادة ‪ 1/82‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫و يعترب الغلط جوهرايً حسب نص املادة ‪ 82‬ق‪.‬م‪ .‬إذا وقع يف‪:‬‬
‫‪ −‬صفة جوهرية يف الشيء حمل العقد‪ :‬و كانت هذه الصفة هي اليت دفعت ابملتعاقد إىل إبرام‬
‫العقد‪ ،‬و تتحدد هذه الصفة اجلوهرية ابلنظر العتبار املتعاقدين وفقا لشروط العقد و ما‬
‫يقتضيه التعامل من حسن نية‪.‬‬
‫‪ −‬شخصية املتعاقد أو يف صفة من صفاته‪ :‬و كانت شخصية املتعاقد أو صفته هي الدافع‬
‫الرئيسي للتعاقد‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن يكون الغلط دافعا للتعاقد ‪ :‬أي أن يكون الغلط هو السبب الرئيسي الذي دفع‬
‫املتعاقد إىل إبرام العقد‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أال يتمسك املتعاقد الواقع يف الغلط به على وجه يتعارض مع حسن النية‪ ،‬حبيث‬
‫يلزم ابلعقد إذا أظهر املتعاقد األخر استعداده لتنفيذ العقد و تصحيح الغلط‪ ،‬و هذا استنادا لنص املادة‬
‫‪ 85‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -3‬الغلط يف القانون‪ :‬هو الغلط الذي حيدث للمتعاقد نتيجة جهله حبكم القانون يف مسألة معينة‪،‬‬
‫أو هو وهم يقوم يف ذهن املتعاقد جيعله يتصور حكم قاعدة قانونية على خالف ما تقضي به‪،‬‬

‫‪30‬‬
‫حبيث لو علم حبقيقتها ملا أبرم العقد‪ ،‬و طبقا لنص املادة ‪ 83‬ق‪.‬م‪ .‬يؤثر هذا الغلط على صحة‬
‫العقد مىت توافرت فيه شروط الغلط يف الواقع الوارد ذكرها يف املادتني ‪ 81‬و ‪ 82‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -4‬إثبات الغلط‪ :‬يقع على عاتق املتعاقد الذي يدعي الوقوع يف الغلط إثبات أنه جوهري و دافع‬
‫للتعاقد بكافة وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -5‬جزاء الغلط‪ :‬إذا توافرت شروط الغلط حيق للمتعاقد الذي أبرم العقد حتت أتثري الغلط طلب‬
‫إبطال العقد‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬التدليس‬
‫هو إستعمال وسائل احتيالية بقصد تضليل املتعاقد و إيقاعه يف غلط يدفعه إىل التعاقد‪.‬‬
‫‪ -1‬شروط حتقق التدليس‪:‬‬
‫لكي يتمسك املتعاقد ابلتدليس جيب توافر الشروط املنصوص عليها يف املادتني ‪ 86‬و ‪ 87‬ق‪.‬م‪:.‬‬
‫الشرط األول‪ :‬استعمال طرق احتيالية بقصد التضليل املتعاقد اآلخر و إيقاعه يف غلط‬
‫جيب لتحقق التدليس استعمال طرق احتيالية بقصد التضليل املتعاقد األخر و إيقاعه يف غلط‪ ،‬و‬
‫ليتحقق هذا الشرط جيب توافر عنصران مها‪:‬‬
‫أ‪ -‬عنصر مادي‪ :‬جلوء املدلس إىل استعمال وسائل احتيالية للتأثري على إرادة املتعاقد املدلَس‬
‫عليه و تتمثل يف ‪:‬‬

‫‪ -‬أفعال أو تصرفات مادية بقصد تضليل املتعاقد اآلخر (املدلس عليه) إلخفاء احلقيقة عنه و‬
‫من مث دفعه إىل التعاقد‪ ،‬كاستعمال واثئق مزورة‪ ،‬انتحال شخصية مشهورة أو وظيفة‪...‬‬

‫‪ -‬الكذب ‪ :‬كأصل عام الكذب اجملرد الذي ال يؤثر على غالبية األشخاص ال يعد تدليساً‪،‬‬
‫لكن إذا بلغ الكذب درجة من اخلطورة حبيث ال ميكن للمتعاقد إكتشاف احلقيقة‪ ،‬فيرتتب‬
‫عنه تدليس‪ ،‬و يقدر القاضي ذلك مبراعاة ظروف التعاقد و صفة املتعاقدين و طبيعة العالقة‬
‫فيما بينهما‪.‬‬
‫ما مدى اعتبار السكوت تدليساً؟‬

‫‪31‬‬
‫السكوت اجملرد ال يعد مظهراً من مظاهر االحتيال والتدليس‪ ،‬أما السكوت املتعمد (الكتمان)‬
‫فيعد تدليساً وفقا للمادة ‪ 2/86‬ق‪.‬م‪ .‬إذا توافرت فيه الشروط اآلتية ‪:‬‬
‫‪ −‬أن يكون الكتمان هو الدافع للتعاقد ‪.‬‬
‫‪ −‬أن يتعمد املتعاقد املدلس الكتمان‪.‬‬
‫‪ −‬أن جيهل املتعاقد املدلس عليه ابلواقعة اليت مت كتماهنا‪ ،‬و ال يستطيع العلم هبا بطريق آخر‪.‬‬
‫ب‪ -‬عنصر معنوي‪ :‬نية التضليل لدى املدلس حيث يقصد ابستعماله للوسائل االحتيالية إيقاع‬
‫املتعاقد املدلس عليه يف غلط يدفعه إىل التعاقد‪ ،‬لتحقيق غاية غري مشروعة‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن تكون الوسائل االحتيالية هي الدافع إىل التعاقد‪ ،‬حبيث لوالها ملا أبرم املتعاقد‬
‫املدلس عليه العقد‪ ،‬مبعىن أن تصل هذه الوسائل إىل درجة من اجلسامة تؤدي إىل إيقاع املتعاقد يف غلط‪،‬‬
‫و يقدر القاضي أثر الوسائل االحتيالية وفقا ملعيار شخصي يؤخذ فيه حبالة املدلس عليه الشخصية(‬
‫جنسه و سنه و ثقافته‪...‬إخل)‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬صدور التدليس من املتعاقد أو من النائب عنه و يكون على علم به‪.‬‬
‫‪ -2‬إثبات التدليس ‪ :‬يقع على عاتق املتعاقد الذي يدعي وقوعه يف الغلط بسبب التدليس إثبات‬
‫الشروط السابقة‪ ،‬بكل وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -3‬جزاء التدليس‪ :‬إذا توافرت شروط التدليس حيق للمتعاقد املدلس عليه طلب إبطال العقد و‬
‫التعويض جلرب الضرر الذي أصابه جراء ذلك‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬اإلكراه‬
‫اإلكراه هو ضغط مادي أو معنوي (التهديد) ميارس على شخص دون وجه حق فيبعث يف نفسه‬
‫رهبة أو خوفا حيمله على التعاقد‪.‬‬
‫‪ -1‬أنواع اإلكراه‪ :‬ميكن تقسيم اإلكراه إىل ‪:‬‬
‫‪ −‬اإلكراه املادي‪ :‬الذي يقع على اجلسم و املال فيضطر املتعاقد املكره بسببه إىل قبول‬
‫التعاقد‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ −‬اإلكراه املعنوي‪ :‬الذي يتحقق ابلتهديد‪ ،‬فيرتتب عنه أذى نفسي ميس ابلعاطفة أو الشرف‬
‫أو السمعة فيضطر املكره إىل قبول التعاقد ملنع وقوع األذى الذي يهدده‪.‬‬
‫‪ -2‬شروط اإلكراه‪ :‬يستخلص من مضمون املادتني ‪ 88‬و ‪ 89‬ق‪.‬م‪ .‬الشروط الواجب توافرها‬
‫للتمسك ابإلكراه و هي‪:‬‬

‫الشرط األول ‪ :‬أن يتم التعاقد حتت سلطان الرهبة اليت َ‬


‫تنبعث يف نفس املتعاقد‪ ،‬و جيب أن تكون‬
‫هذه الرهبة قائمة و حقيقية‪ ،‬و أن يكون اخلطر الذي يهدد املتعاقد أو الغري جسيم و حمدق على النفس‬
‫أو الشرف أو اجلسم أو املال‪.‬‬
‫تقدر الرهبة ابالستناد إىل معيار شخصي يراعى فيها جنس من وقع عليه اإلكراه و سنه و حالته‬
‫االجتماعية و الصحية‪...‬إخل (املادة ‪ 3/88‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن يقع اإلكراه دون وجه حق حبيث يكون الغرض منه غري مشروع سواء كانت‬
‫الوسيلة مشروعة أو غري مشروعة‪ ،‬أما إذا كان الغرض من التهديد مشروع فإنه ال يؤثر على اإلرادة‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون اإلكراه هو الدافع إىل التعاقد مبعىن أن تكون الرهبة النامجة عن اإلكراه‬
‫هي الدافع إىل التعاقد‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬اتصال اإلكراه بعلم املتعاقد اآلخر مبعىن أن يصدر اإلكراه من املتعاقد نفسه أو من‬
‫الغري و يكون على علم به أو من املفروض أن يعلم به‪.‬‬
‫‪ -3‬إثبات اإلكراه‪ :‬يقع على عاتق املتعاقد الذي يدعي أنه تعاقد حتت أتثري رهبة متولدة عن اإلكراه‬
‫إثبات الشروط السابقة‪ ،‬و ذلك ابستعمال كل وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -4‬جزاء اإلكراه‪ :‬إذا توافرت شروط التمسك ابإلكراه‪ ،‬جاز للمتعاقد املكره طلب إبطال العقد‪ ،‬و‬
‫التعويض إذا حلقه ضرر من جراء اإلكراه املمارس عليه‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬االستغالل‬
‫هو استغالل أحد املتعاقدين عن قصد‪ ،‬لطيش نِبني أو هوى جامح لدى املتعاقد اآلخر‪ ،‬حبيث‬
‫يدفعه إىل إبرام عقد يرتتب عنه عدم تكافؤ كبري بني األداءات الصادرة منهما‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ -1‬عناصر االستغالل ‪ :‬من خالل التعريف السابق يتضح أن لالستغالل عنصرين مها‪:‬‬
‫‪ −‬عنصر مادي ‪ :‬يتمثل يف عدم تعادل أداءات طريف العقد‪ ،‬حبيث أن ما يقدمه طرف‬
‫يكون أقل بكثري مما أخذه الطرف اآلخر (الغنب)‪.‬‬
‫‪ −‬عنصر معنوي‪ :‬استغالل أحد املتعاقدين لطيش نِبني أو هوى جامع لدى املتعاقد اآلخر‬
‫(املغبون)‬
‫‪ -2‬شروط االستغالل‪:‬‬

‫الشرط األول ‪ :‬أن يتم استغالل الطيش نِ‬


‫البني أو اهلوى اجلامح يف نفس املتعاقد سواء ملصلحته‬
‫أو ملصلحة غريه‪ ،‬و الطيش نِ‬
‫البني هو اخلفة و التسرع مع عدم االكرتاث ابلنتائج املرتتبة عن التصرف‪ ،‬أما‬
‫اهلوى اجلامح فهو الولع و التعلق الشديد بشخص أو بشيء ما‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن يرتتب عن االستغالل تفاوت كبري بني االداءات ‪ :‬مبعىن أن يرتتب عنه غنب‬
‫ألحد املتعاقدين‪ ،‬و يقع عبء إثبات عدم التعادل بني األداءات على من يدعيه و هو املتعاقد املغبون‪.‬‬
‫و مسألة تقدير وجود الغنب من عدمه ختضع لسلطة قاضي املوضوع‪.‬‬

‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون االستغالل هو الدافع للتعاقد مبعىن جيب أن يكون الطيش نِ‬
‫البني أو‬
‫اهلوى اجلامح لدى املتعاقد وقت إبرام العقد هو الذي دفعه للتعاقد‪ ،‬حبيث لواله ملا تعاقد‪.‬‬
‫‪ -3‬إثبات االستغالل‪ :‬يقع على عاتق املتعاقد الذي يدعي أنه تعاقد حتت أتثري االستغالل إثبات‬
‫الشروط السابقة‪ ،‬بكافة وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫‪ -4‬جزاء االستغالل‪ :‬إذا توافرت شروط االستغالل حيق للمتعاقد املغبون إما طلب إبطال العقد أو‬
‫إنقاص التزامات املتعاقد املغبون‪.‬‬
‫و للقاضي السلطة التقديرية يف حالة طلب إبطال العقد يف إجابة طلب املتعاقد املغبون ابإلبطال‬
‫أو إنقاص التزاماته بدل اإلبطال‪ ،‬أما يف حالة طلب املتعاقد املغبون إنقاص التزاماته فال جيوز‬
‫للقاضي أن حيكم ابإلبطال‪.‬‬
‫و جيوز يف عقود املعاوضة أن يتوقى الطرف اآلخر دعوى اإلبطال إذا عرض ما يراه القاضي كافيا‬
‫لرفع الغنب‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬ركن احملل‬
‫احملل أحد أركان العقد الذي ال ينشأ إال بتوافر حمل يرتاضى املتعاقدين عليه‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬تعريف احملل‬
‫حمل العقد هو العملية القانونية اليت اجتهت إرادة املتعاقدين إىل حتقيقها من إبرام العقد‪ ،‬و يتم‬
‫ذلك عن طرق االلتزامات الناشئة عن العقد‪ ،‬أما حمل االلتزام فهو األداء الذي يتعهد كل متعاقد ببذله‬
‫وتقدميه مبوجب العقد‪ ،‬و قد يكون حمل العقد إما ماالً (سواء كان عقاراً أو منقوالً أو مبلغ من النقود)‬
‫أو القيام بعمل معني أو االمتناع عن القيام بعمل معني‪.‬‬
‫و ملا كان تنفيذ حمل التزامات املتعاقدين هتدف إىل حتقيق حمل العقد‪ ،‬فإن الشروط الواجب توافرها‬
‫يف حمل االلتزام حتقق ابلضرورة الشروط الالزم توافرها يف حمل العقد‪ ،‬حبيث إذا ختلف أحد هذه الشروط‬
‫يبطل حمل االلتزام و تبعا لذلك يبطل حمل العقد بطالن مطلق‪ ،‬بناء على ذلك‪ ،‬اهتم املشرع اجلزائري‬
‫بتنظيم شروط حمل االلتزام يف املواد من ‪ 92‬إىل ‪ 95‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬شروط احملل‬
‫يستخلص من املواد ‪ 92‬إىل ‪ 95‬ق‪.‬م‪ .‬أن شروط احملل هي ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬أن يكون احملل موجوداً أو ممكن الوجود‪ :‬و خيتلف معىن وجود حمل العقد حبسب‬
‫كونه شيئاً أو عمالً ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان حمل العقد شيئا ‪ :‬فيجب أن يكون الشيء موجوداً وقت التعاقد أو على األقل أن‬
‫يكون قابالً للوجود يف املستقبل‪.‬‬
‫مدى جواز التعامل يف األشياء املستقبلية ‪ :‬كأصل عام جيوز التعامل يف األشياء املستقبلية و‬
‫احملققة الوقوع‪ ،‬استثناءًا ال جتوز التعامل يف تركة إنسان على قيد احلياة و لو برضاه‪ ،‬و هذا‬
‫استنادا إىل نص املادة ‪ 92‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا كان حمل العقد عمالً ‪ :‬فيجب أن يكون هذا العمل ممكن القيام به‪ ،‬فإن كان مستحيال‬
‫استحالة مطلقة‪ ،‬بطل العقد بطالن مطلق (املادة ‪ 2/92‬ق‪.‬م‪).‬‬

‫‪35‬‬
‫و يقصد ابالستحالة املطلقة للعمل حمل العقد سواء كانت استحالة مادية أو قانونية و هي تلك‬
‫االستحالة اليت جتعل تنفيذ العمل حمل العقد غري ممكن لكل األفراد ( ابلنسبة للمدين أبداء‬
‫العمل أو غريه من األفراد)‬
‫أما االستحالة النسبية للعمل حمل العقد فيقصد هبا عدم إمكان املدين تنفيذ العمل‪ ،‬مع إمكانية‬
‫ذلك ابلنسبة لغريه من األفراد‪ ،‬و هذه االستحالة النسبية ال تبطل العقد بل يبقى صحيح‪ ،‬لكن‬
‫نظرا لعدم إمكان املتعاقد تنفيذ العمل جيوز للمتعاقد اآلخر مطالبته ابلتعويض‪ ،‬كما جيوز له‬
‫طلب فسخ العقد‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن يكون احملل معيناً أو قابالً للتعيني‪ ،‬ألنه إذا كان جمهوال تعذر حتديده أو تعيينه‪،‬‬
‫و ختتلف طريقة تعيني احملل حبسب حمل العقد‪ ،‬فإذا متثل احملل يف القيام بعمل أو االمتناع عن القيام‬
‫بعمل وجب حتديد طبيعة العمل أو أن يكون قابال للتعيني‪ ،‬و إذا كان حمل العقد شيئا فيكفي لتعيينه‬
‫حتديد نوعه و مقداره و درجة جودته‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون احملل مشروعاً و خيتلف معىن املشروعية ابختالف طبيعة حمل العقد‪:‬‬
‫‪ −‬فإذا كان حمل العقد عمالً أو امتناعاً عن عمل ‪ :‬فيشرتط فيه أال يكون خمالفاً للنظام العام‬
‫و اآلداب العامة‪ .‬حسب نص املادة ‪ 93‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ −‬أما إن كان حمل العقد شيئاً فيجب أن يكون هذا الشيء قابالً للتعامل فيه‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬ركن السبب‬
‫يعترب السبب ركن من أركان العقد فال وجود للعقد بدون سبب‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬تعريف السبب‬
‫لتحديد املقصود ابلسبب يف العقد ظهرت نظريتان مها ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬النظرية التقليدية للسبب‬
‫أتخذ النظرية التقليدية للسبب ابلسبب املباشر أي الغرض املباشر‪ ،‬و طبقا هلذه النظرية يف العقود‬
‫امللزمة جلانبني يكون سبب التزام كل طرف هو ما التزم به الطرف اآلخر‪ ،‬ويف عقود التربعات يكون‬
‫السبب هو نية التربع‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬النظرية احلديثة للسبب‬
‫أتخذ النظرية احلديثة للسبب ابلسبب غري املباشر أي الباعث الدافع إىل انتشاء التصرفات‬
‫القانونية‪ ،‬فحسب النظرية التقليدية يكون السبب يف عقود التربع هو نية التربع لذلك فهو مشروع دائماً‪،‬‬
‫أما يف النظرية احلديثة وابعتباره الباعث الدافع يف عقود التربع فهو خيتلف من شخص آلخر فقد يكون‬
‫مشروع أو غري مشروع‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬شروط السبب‬
‫طبقا للمادتني ‪ 97‬و ‪ 98‬ق‪ .‬م‪ .‬تتمثل شروط السبب يف‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬جيب أن يكون السبب موجودا‪ ،‬فإذا انعقد عقد و مل يوجد له سبب‪ ،‬كان العقد‬
‫ابطال‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬جيب أن يكون السبب صحيحا و حقيقيا‪ ،‬فإذا انعقد العقد و كان له سبب‬
‫وجب أن يكون حقيقي‪ ،‬فإذا كان سبب العقد صوراي (غري حقيقي) كان العقد ابطالً لعدم صحة‬
‫السبب‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬جيب أن يكون السبب مشروعا‪ ،‬فإذا انعقد العقد بسبب صحيح وجب أن‬
‫يكون هذا السبب غري خمالف للقانون أو النظام العام أو اآلداب و إال بطل العقد‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬إثبات السبب‬
‫لقد افرتضت املادة ‪ 98‬ق‪.‬م‪ .‬وجود سبب يف العقد‪ ،‬مع افرتاض أن يكون السبب صحيح و‬
‫مشروع‪ ،‬و على من يدعي عكس ذلك إثبات أن العقد ليس له سبب أو أن له سبب غري صحيح أو‬
‫أن سببه غري مشروع‪ ،‬و عليه‪ ،‬ينبغي التفرقة بني حالتني‪:‬‬

‫احلالة األوىل‪ :‬خلو العقد من ذكر سبب االلتزام‪ :‬تقوم قرينة قانونية بسيطة على أن لاللتزام سبباً‬
‫وأن هذا السبب مشروعاً‪ ،‬و ميكن ملن يدعي انعدام السبب أو عدم مشروعيته إثبات ذلك بكافة طرق‬
‫اإلثبات‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬ذكر سبب االلتزام يف العقد‪ :‬تقوم قرينة قانونية بسيطة على أن هذا السبب هو‬
‫السبب احلقيقي لاللتزام‪ ،‬و ميكن إثبات عكسها و ذلك بـ ‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ −‬إثبات صورية السبب‪ :‬بكافة طرق اإلثبات مع مراعاة أحكام املادة ‪ 333‬من ق‪.‬م‪ .‬ابلنسبة‬
‫للتصرف الذي تزيد قيمته عن مبلغ ‪ 100.000‬د‪.‬ج‪.‬‬
‫‪ −‬أو إثبات أن السبب احلقيقي لاللتزام غري مشروع‪ :‬بكافة وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫املبحث الرابع ‪ :‬ركن الشكل‬
‫طبقا ملبدأ الرضائية يف العقود‪ ،‬يكفي توافر الرضا و احملل و السبب لقيام العقد‪ ،‬استثناءًا إذا استلزم‬
‫القانون توافر شكالً معيناً لعقد ما‪ ،‬أو اتفق عليه املتعاقدان‪ ،‬فإن هذا العقد ال ينعقد إال بتوافر الرضا و‬
‫احملل و السبب و الشكل‪ ،‬و يف هذه احلالة تعد الشكلية ركن من أركان انعقاد العقد‪.‬‬
‫لقد استلزم املشرع الشكل يف بعض العقود لتنبيه املتعاقدين على خطورة التصرف القانوين املقدمان‬
‫عليه‪ ،‬وخاصة إذا كانت احملل ذو قيمة اقتصادية كبرية‪ ،‬كالعقارات مثال‪ ،‬و أيضا محاية للغري يف العقود‬
‫اليت تتعلق هبا حقوقهم‪ ،‬و كذا تسهيل اإلثبات يف حالة وقوع نزاع‪.‬‬
‫الفصل الثالث ‪ :‬بطالن العقد‬
‫البطالن هو اجلزاء املرتتب عن ختلف ركن من أركان العقد‪ ،‬أو ختلف شرط من شروط صحته‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬أنواع البطالن‬
‫ينقسم البطالن إىل مطلق و نسيب‪ ،‬و قد استعمل املشرع اجلزائري يف القانون املدين مصطلح‬
‫"ابطل" للتعبري عن البطالن املطلق‪ ،‬و مصطلح "اإلبطال" للتعبري عن البطالن النسيب‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬البطالن املطلق‬
‫هو اجلزاء املرتتب عن ختلف ركن من أركان العقد ( شرط من شروط انعقاده ) املتمثلة يف الرضا و‬
‫احملل و السبب و الشكل يف العقود الشكلية‪ ،‬لذا فالعقد الباطل بطالن مطلق هو عقد معدوم ال وجود‬
‫له قانوان و ال يرتب أي اثر قانوين‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬حاالت البطالن املطلق‬
‫تتمثل حاالت البطالن املطلق يف ‪:‬‬
‫‪ .1‬عدم استكمال العقد لشروط انعقاده (الرضا و احملل و السبب و الشكل يف العقود الشكلية)‬
‫‪ .2‬إذا وجد نص قانوين يقضي ببطالن العقد‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أحكام البطالن املطلق‬
‫تسري على البطالن املطلق األحكام التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬صاحب احلق يف التمسك ابلبطالن املطلق‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 102‬ق‪.‬م‪ .‬التمسك ابلبطالن املطلق يكون لكل ذي مصلحة (املتعاقدين‪-‬‬
‫اخللف العام للمتعاقدين ‪ -‬اخللف اخلاص للمتعاقدين ‪ -‬دائنو املتعاقدين ‪ -‬الغري األجنيب عن العقد) و‬
‫كذلك للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ألنه يتعلق ابلنظام العام‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬اإلجازة يف البطالن املطلق‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 102‬ق‪.‬م‪ .‬البطالن املطلق ال يزول ابإلجازة‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التقادم يف البطالن املطلق‬
‫دعوى البطالن املطلق تسقط مبرور ‪ 15‬سنة من اتريخ إبرام العقد حسب نص املادة ‪2/102‬‬
‫ق‪.‬م‪ ،.‬أما الدفع ابلبطالن فال يسقط ابلتقادم‪.‬‬
‫العقد الباطل بطالن مطلق ال يصححه التقادم‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬البطالن النسيب‬
‫العقد القابل لإلبطال هو العقد الذي توافرت أركان انعقاده (الرضاء و احملل و السبب و الشكل‬
‫يف العقود الشكلية)‪ ،‬و لكن عاب ركن الرضا فيه صدوره عن شخص انقص األهلية‪ ،‬أو شاب رضاه‬
‫عيب من عيوب اإلرادة‪.‬‬
‫العقد القابل لإلبطال هو عقد صحيح و يرتب كامل آاثره‪ ،‬ما مل يتقرر إبطاله‪.‬‬
‫العقد القابل لإلبطال ال يتعلق ابلنظام العام‪ ،‬فقد قرره القانون محاية ملصلحة خاصة و هي‬
‫مصلحة املتعاقد انقص األهلية أو الذي شاب رضاه عيب من عيوب اإلرادة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬حاالت البطالن النسيب‬
‫تتمثل حاالت البطالن النسيب يف ‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود عيب يف ركن الرضا إما بسبب‪:‬‬
‫‪ −‬صدور الرضا عن شخص انقص األهلية‬
‫‪39‬‬
‫‪ −‬الرضا مشوب بعيب من عيوب اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -2‬وجود نص قانوين يقرر إبطال العقد ( مثال املادة ‪ 80‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أحكام البطالن النسيب‬
‫تسري على البطالن النسيب األحكام التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬صاحب احلق يف التمسك ابلبطالن النسيب‬
‫حق التمسك إببطال العقد ) مطالبة اإلبطال( يقتصر فقط على املتعاقد انقص األهلية أو الذي‬
‫شاب رضاه عيب من عيوب اإلرادة‪ ،‬الذي تقرر اإلبطال ملصلحته‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬اإلجازة يف البطالن النسيب‬
‫اإلجازة هي تصرف قانوين صادر إبرادة منفردة‪ ،‬يعلن فيها املتعاقد رغبته يف التنازل عن حقه يف‬
‫اإلبطال‪ ،‬و تلزم من صدرت عنه دون احلاجة إىل قبول املتعاقد اآلخر‪.‬‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 100‬ق‪.‬م‪ .‬العقد القابل لإلبطال تصححه اإلجازة الصرحية أو الضمنية للمتعاقد‬
‫الذي تقرر حق التمسك ابإلبطال ملصلحته‪ ،‬و ابلتايل يزول عنه خطر اإلبطال الذي يهدده أبثر رجعي‬
‫من يوم إبرام العقد‪ ،‬و يستقر العقد و يصبح صحيح بصفة هنائية‪ ،‬و ال جيوز إبطاله ال عن طريق دعوى‬
‫اإلبطال أو الدفع به‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬التقادم يف البطالن النسيب‬
‫نصت املادة ‪ 101‬ق‪.‬م‪.‬على التقادم القصري الذي يسقط حق التمسك إببطال العقد يف حال‬
‫عدم التمسك به خالل ‪ 05‬سنوات من اتريخ زوال سببه‪ ،‬و يبدأ سراين هذه املدة كما يلي‪:‬‬
‫‪ −‬حالة نقص األهلية ‪ :‬من يوم بلوغ سن الرشد‪.‬‬
‫‪ −‬حالة الغلط و التدليس ‪ :‬من يوم اكتشافه‪.‬‬
‫‪ −‬حالة اإلكراه ‪ :‬من يوم انقطاعه‪.‬‬
‫‪ −‬حالة االستغالل ‪ :‬سنة واحدة من يوم إبرام العقد‪( .‬املادة ‪ 90‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫أما ابلنسبة للتقادم الطويل ‪ :‬ففي مجيع األحوال يسقط حق التمسك إببطال العقد مبرور ‪10‬‬
‫سنة من اتريخ إبرامه‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫العقد القابل لإلبطال يصححه التقادم و يستقر بصفة هنائية‪ ،‬مبعىن إذا مل يستعمل املتعاقد حق‬
‫التمسك ابإلبطال خالل املدة احملددة قانوان‪ ،‬سقط حقه يف رفع دعوى اإلبطال أو الدفع به‪ ،‬و يصبح‬
‫العقد صحيح بصفة هنائية‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬آاثر البطالن‬
‫العقد الباطل بطالن مطلق عقد معدوم ال يرتب أي آاثر قانونية‪ ،‬لذلك ال حيتاج إىل صدور حكم‬
‫قضائي يقضي ببطالنه‪ ،‬لكن الضرورة العملية تقتضي احلصول على حكم قضائي يقرر بطالن العقد‪ ،‬و‬
‫بذلك فاحلكم ببطالن العقد ال ينشأ البطالن و إمنا يكشف عنه‪.‬‬
‫أما العقد القابل لإلبطال فيتقرر مبقتضى حكم قضائي‪ ،‬و هذا احلكم ببطالن العقد هو الذي‬
‫ينشئ البطالن‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬آاثر البطالن بني املتعاقدين‬
‫إذا تقرر بطالن العقد سواء كان ابطل بطالن مطلق أو قابل لإلبطال‪ ،‬ترتبت اآلاثر التالية‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬آاثر البطالن يف حالة عدم تنفيذ االلتزامات‬
‫إذا كان العقد مل ينفذ بعد‪ ،‬فإن البطالن ال يرتب عليه أية آاثر‪ ،‬و ال جيوز املطالبة بتنفيذه ابعتباره‬
‫عقدا منعدما‪ ،‬و ال حاجة حلكم قضائي يقرر ذلك‪ ،‬و إذا متسك أحد املتعاقدين ابلعقد الباطل مطالباً‬
‫بتنفيذه‪ ،‬فيدفع املتعاقد اآلخر هذه املطالبة ببطالن العقد‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬آاثر البطالن يف حالة التنفيذ الكلي أو اجلزئي لاللتزام‬
‫كأصل عام إذا كـان العقـد قد نفـذ كليا أو جزئيا‪ ،‬فيرتتب على البطالن حسب املادة ‪1/103‬‬
‫ق‪.‬م‪ .‬زوال العقد أبثر رجعي‪ ،‬و يعاد املتعاقدان إىل احلالة اليت كاان عليها قبل التعاقد‪ ،‬فريد كل منهما ما‬
‫حصل عليه من اآلخر‪.‬‬
‫استثناء ‪:‬‬
‫‪ −‬يف حالة استحالة رد الشيء حمل العقد حيكم القاضي بتعويض معادل‪ 1/103( .‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬يف حالة كان أحد املتعاقدين انقص األهلية‪ :‬يرد فقط ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد‪.‬‬
‫(‪ 2/103‬ق‪.‬م‪).‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ −‬يف حالة تسبب أحد املتعاقدين يف عدم مشروعية العقد أو كان عاملا هبا‪ ،‬حيرم هذا املتعاقد من‬
‫اسرتداد ما قدمه للمتعاقد اآلخر مبوجب العقد‪ 3/103( .‬ق‪.‬م‪).‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬آاثر البطالن ابلنسبة للغري‬


‫كقاعدة عامة‪ ،‬يسري بطالن العقد على املتعاقدين و خلفهما العام و كذلك على الغري‪ ،‬استثناء‬
‫هناك حاالت ال تسري فيها اآلاثر األصلية للبطالن يف مواجهة الغري(األثر الرجعي للبطالن)‪ ،‬و ذلك‬
‫محاية للغري حسن النية و الستقرار املعامالت‪ ،‬و من هذه احلاالت ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬محاية حائز املنقول حبسن نية‬
‫طبقا لقاعدة "احليازة يف املنقول سند امللكية"‪ ،‬إذا حاز املتعاقد على منقول حبسن نية أي و هو‬
‫جيهل ببطالن التصرف السابق املتعلق ابملنقول‪ ،‬فتبقى له ملكية ذلك املنقول‪ ،‬و ال يؤثر البطالن على‬
‫صحة ملكيته‪(.‬املادة ‪ 835‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫اثنيا‪ :‬محاية الغري الذي اكتسب ملكية العقار بعد إمتام إجراءات الشهر العقاري‬
‫بطالن سند التصرف املتعلق ابلعقار ال حيتج به يف مواجهة الغري‪ ،‬الذي اكتسب ملكية ذلك‬
‫العقار بعد إمتامه إلجراءات الشهر العقاري حبسن نية‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬بقاء الرهن الرمسي الصادر من املالك الذي زالت ملكيته بسبب احلكم ابلبطالن‬
‫يبقى الرهن صحيحاً وانفذاً رغم زوال ملكية الراهن ابلبطالن أو غريه من أسباب الزوال‪( .‬املادة‬
‫‪ 885‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫رابعا‪ :‬بقاء عقد اإلجيار مرتبا آلاثره يف حق من انتقلت إليه ملكية العني املؤجرة يف حالة بطالن‬
‫العقد الذي نقل ملكيتها للمؤجر حيث تنتقل ملكية العني املؤجرة أي العقار و هي مثقلة بعقد اإلجيار‬
‫إىل انقضاء مدته‪( .‬املادة ‪ 469‬مكرر ‪ 3‬من ق‪.‬م‪).‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬اآلاثر العرضية املرتتبة عن البطالن‬
‫قد يرتتب عن العقد الباطل (بطالن مطلق أو نسيب) آاثر عرضية ال بوصفه عقداً‪ ،‬ألن العقد قد‬
‫تقرر بطالنه أبثر رجعي و أصبح ال وجود له قانوان‪ ،‬و إمنا ابعتباره عمل مادي‪ ،‬و هذه اآلاثر تضمنتها‬
‫نظريتني و مها ‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬نظرية إنقاص العقد (البطـالن اجلزئـي)‬
‫إذا كان العقد ابطل أو قابل لإلبطال يف شق منه‪ ،‬و صحيحاً يف شق آخر‪ ،‬فإن الشق الباطل هو‬
‫فقط الذي يبطل‪ ،‬و يبقى الشق الصحيح قائماً و منتجاً آلاثره‪.‬‬
‫إستثناءًا ‪ :‬إذا تبني أن العقد مل يكن ليربم دون شقه الباطل‪ ،‬فإن هذا العقد يبطل أبكمله‪.‬‬
‫و يشرتط لتطبيق هذه النظرية وفقا للمادة ‪ 104‬ق‪.‬م‪ .‬الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون العقد ابطل أو قابل لإلبطال جزئياً‪.‬‬
‫‪ -2‬أال يكون الشق الباطل دافعاً للتعاقد ابلنسبة ألحد املتعاقدين‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون العقد قابالً للتجزئة‪ ،‬و إال يبطل كله‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬نظرية حتول العقد‬
‫إذا كان العقد ابطالً أو قابالً لإلبطال وتوافرت فيه أركان عقد آخر‪ ،‬فإن العقد يكون صحيحاً‬
‫ابعتباره العقد الذي توافرت أركانه إذا تبني أن نية املتعاقدين كانت تنصرف إىل إبرام هذا العقد‪.‬‬
‫يشرتط حسب املادة ‪ 105‬ق‪.‬م‪ .‬لتحول العقد الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون العقد األصلي ابطالً أو قابالً لإلبطال‪.‬‬
‫‪ -2‬توافر كل عناصر العقد اجلديد ابلعقد األصلي الباطل أو القابل لإلبطال‪.‬‬
‫‪ -3‬اجتاه اإلرادة احملتملة للمتعاقدين إىل إبرام العقد اجلديد لو تبني بطالن العقد األصلي‪.‬‬
‫الفصل الرابع ‪ :‬آاثر العقد‬
‫إذا إنعقد العقد صحيحا بتوافر أركانه و شروط صحته ترتبت عنه آاثر‪ ،‬إال أن القوة امللزمة للعقد‬
‫هلا أثر نسيب حمدود يسمى مببدأ األثر النسيب للعقد من حيث األشخاص و من حيث املوضوع‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬مبدأ نسبية أثر العقد من حيث األشخاص‬
‫يقضي مبدأ نسبية أثر العقد من حيث األشخاص أال تنصرف آاثر العقد إال لطرفيه و خلفهما‬
‫العام و اخلاص‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للمتعاقدين و خلفهما العام و اخلاص‬
‫تسري آاثر العقد على املتعاقدين و خلفهما العام‪ ،‬أما ابلنسبة خللفهما اخلاص فبتوافر شروط‬
‫معينة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للمتعاقدين‬
‫تنصرف آاثر العقد إىل املتعاقدين‪ ،‬ألن إرادهتما هي من أنشأت العقد‪ ،‬و ابلتايل يتحمالن ما‬
‫يرتتب من حقوق و ما يفرض من التزامات‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للخلف العام للمتعاقدين‬
‫اخللف العام‪ :‬هو كل من خيلف غريه (السلف) يف كل ذمته املالية أو يف حصة منها كالوارث‬
‫واملوصى له‪.‬‬
‫كقاعدة عامة حسب املادة ‪ 108‬ق‪.‬م‪ .‬تنتقل مجيع آاثر العقد (حقوق و التزامات) الذي يربمه‬
‫السلف إىل اخللف العام‪ ،‬لكن جيب مراعاة قواعد املرياث اليت تستوجب احرتام قاعدتني و مها‪:‬‬
‫‪ −‬ال تنتقل األموال واحلقوق التابعة للسلف إال بعد سداد ما عليه من ديون والتزامات‪.‬‬
‫‪ −‬ال يلتزم اخللف ابلتزامات سلفه إال يف حدود ما آل إليه من حقوق بطريق املرياث‪.‬‬
‫االستثناء‪ :‬ال تسري آاثر العقد على اخللف العام يف احلاالت التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬إذا وجد اتفاق بني املتعاقدين على عدم انصراف آاثر العقد إىل اخللف العام لكليهما أو‬
‫اخللف العام ألحدمها‪.‬‬
‫‪ .2‬إذا كانت طبيعة العقد ذاهتا تستوجب عدم انصراف آاثر العقد إىل اخللف العام و ذلك‬
‫ابلنسبة للعقود اليت تقوم على االعتبار الشخصي‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا وجد نص يف القانون يقضي بعدم انصراف آاثر العقد إىل اخللف العام‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للخلف اخلاص للمتعاقدين‬
‫اخللف اخلاص‪ :‬هو من خيلف غريه يف ملكية شيء معني ابلذات أو حقاً عينياً‪.‬‬
‫و يشرتط النصراف آاثر عقد السلف إىل خلفه اخلاص طبقا لنص املادة ‪ 109‬ق‪.‬م‪:.‬‬
‫‪ .1‬أن يكون هذا العقد متعلقاً ابملال الذي آل إىل اخللف اخلاص‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ .2‬صدور عقد السلف قبل انتقال املال خللفه اخلاص‪.‬‬
‫‪ .3‬علم اخللف اخلاص بعقد السلف قبل انتقال املال إليه‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للغري‬
‫الغري هو كل شخص أجنيب عن العقد فال هو من املتعاقدين و ال انئب عنهما و ال خلفهما العام‬
‫أو اخلاص‪ ،‬وكقاعدة عامة ال تنصرف إليه آاثر العقد سواء كانت حقوق و التزامات‪ ،‬و قد أكد املشرع‬
‫اجلزائري على عدم انصراف آاثر العقد إىل الغري و بصفة خاصة االلتزامات املرتتبة عنه يف صورة التعهد‬
‫عن الغري‪.‬‬
‫ولكن استثناء جيوز أن يكتسب الغري حقاً من العقد طبقا لنص املادة ‪ 113‬ق‪.‬م‪ ،.‬و عموما هناك‬
‫حالتني استثنائيتني تسري فيهما آاثر العقد على الغري ‪ :‬حالة وجود نص قانوين يقضي بسراين آاثر‬
‫العقد على الغري بصفة مباشرة مبوجب الدعوى املباشرة مثل عقد اإلجيار من الباطن (املادة ‪ 507‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫و عقد املقاولة من الباطن (املادة ‪ 565‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫و حالة انصراف آاثر العقد إىل الغري إبرادة املتعاقدين و اليت أورد املشرع اجلزائري صورة تطبيقية‬
‫بشأهنا أال و هي االشرتاط ملصلحة الغري‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬التعهد عـن الغري‬
‫هو اتفاق بني طرفني يتعهد مبوجبه أحدمها يف مواجهة اآلخر حبمل طرف آخر على قبول إبرام‬
‫عقد معني‪.‬‬
‫أوال‪ :‬شروط التعهد عـن الغري‬
‫تتمثل شروط التعهد عن الغري حسب مضمون املادة ‪ 114‬ق‪.‬م‪ .‬يف ‪:‬‬
‫‪ .1‬تعاقد املتعهد ابمسه شخصياً ال ابسم من تعهد عنه (الغري)‪.‬‬
‫‪ .2‬اجتاه إرادة املتعهد إىل إلزام نفسه هبذا التعهد وليس إىل إلزام غريه املتعهد عنه‪.‬‬
‫‪ .3‬التزام املتعهد ابحلصول على قبول الغري إلبرام العقد حمل التعهد‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬آاثر التعهد عـن الغري‬
‫إذا توافرت الشروط السابقة ترتتب اآلاثر التالية‪:‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ .1‬قبول الغري‪ :‬ينعقد عقد جديد بني الغري واملتعاقد مع املتعهد مستقال عن عقد التعهد عن الغري‬
‫سواء من حيث أطرافه أو من حيث وقت إبرامه أو من حيث آاثره‪.‬‬
‫‪ .2‬رفض الغري‪ :‬يف هذه احلالة يعترب املتعهد خمالً ابلتزامه يف عقد التعهد ويلتزم بتعويض املتعاقد معه‬
‫عن األضرار اليت تلحقه من جراء هذا الرفض‪.‬‬
‫و قد أجاز املشرع اجلزائري للمتعهد التخلص من التعويض أبن يقوم هو بنفسه بتنفيذ ما التزم به‬
‫عيناً إذا أمكنه ذلك‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬االشرتاط ملصلحة الغري‬
‫االشرتاط ملصلحة الغري هو عقد يشرتط فيه أحد املتعاقدين وهو املشرتط على املتعاقد اآلخر وهو‬
‫املتعهد‪ ،‬بتنفيذ التزام ملصلحة شخص اثلث ليس طرفاً يف العقد وهو املستفيد أو املنتفع‪ ،‬فينشأ بذلك‬
‫حق مباشر هلذا األخري يف مواجهة املتعهد‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬شروط االشرتاط ملصلحة الغري‪ :‬طبقا لنص املادة ‪ 116‬ق‪.‬م‪ .‬تتمثل هذه الشروط يف‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يتعاقد املشرتط ابمسه ال ابسم املنتفع أو املستفيد‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تتجه إرادة طريف عقد االشرتاط إىل ترتيب حق مباشر للمنتفع‪.‬‬
‫‪ .3‬أن تتوافر مصلحة شخصية للمشرتط (مادية أو معنوية)‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬آاثر االشرتاط ملصلحة الغري‬
‫لتحديد آاثر االشرتاط ملصلحة الغري املنصوص عليها يف املادة ‪ 116‬ق‪.‬م‪ ،.‬ينبغي حتديد عالقة‬
‫املشرتط ابملتعهد و عالقة املشرتط ابملنتفع و عالقة املتعهد ابملنتفع‪.‬‬
‫‪ .1‬عالقة املشرط ابملتعهد‪ :‬هي عالقة تعاقدية حيكمها عقد االشرتاط الذي أبرم بينهما‪ ،‬و جيوز‬
‫للمشرتط مطالبة املتعهد بتنفيذ التزامه (احلق الذي اشرتطه ) ملصلحة املستفيد‪.‬‬
‫‪ .2‬عالقة املشرتط ابملستفيد‪ :‬تتحدد هذه العالقة على أساس هدف املشرتط من االشرتاط‬
‫سواء كان على سبيل التربع أو املعاوضة‪.‬‬
‫‪ .3‬عالقة املتعهد ابملستفيد‪ :‬يكتسب املنتفع ( املستفيد ) حقاً مباشراً من عقد االشرتاط الذي‬
‫مت بني املشرتط و املتعهد و ذلك من اتريخ إبرام هذا العقد و ليس من وقت القبول‪ ،‬و بذلك‬

‫‪46‬‬
‫يصبح دائناً شخصياً للمتعهد‪ ،‬و من مث حيق للمستفيد مطالبة املتعهد بتنفيذ التزاماته ملصلحته‬
‫و الرجوع عليه ابلتعويض يف حال امتناعه عن ذلك‪.‬‬
‫هل جيوز للمشـرتط الرجوع عن اشرتاطه قبل أن يتم قبوله من املستفيد؟‬
‫طبقا للمادة ‪ 117‬ق‪.‬م‪ .‬جيوز للمشرتط دون دائنيه أو ورثته أن ينقض اشرتاطه قبل أن يصرح‬
‫املستفيد برغبته يف االستفادة منه‪ ،‬ما مل يكن ذلك خمالفاً ملا يقتضيه العقد فحق املشرتط يف‬
‫نقض املشارطة مقيد أبن ال يكون خمالفاً ملا يقتضيه العقد‪.‬‬
‫و للمشرتط إحالل منتفع آخر حمل املنتفع األول أو أن يســتأثر لنفسه ابالنتفاع من املشارطة‪،‬‬
‫بدالً من تعيني منتفع جديد‪ ،‬و عندها ينقلب االشرتاط ملصلحة الغري إىل عقد عادي ال يسري‬
‫أثره على الغري‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬أثر العقد من حيث املوضوع‬
‫إذا انعقد العقد بتوافر أركانه و شروط صحته‪ ،‬رتب آاثره و أصبح له قوة ملزمة على كال طرفيه‪ ،‬و‬
‫قبل دراسة هذه القوة امللزمة‪ ،‬ينبغي حتديد آاثر العقد املتمثلة فيما يرتبه من حقوق و التزامات‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬طرق حتديد آاثر العقد‬
‫آاثر العقد هي احلقوق و االلتزامات الناشئة عنه و اليت تكون واجبة التنفيذ على طرفيه‪ ،‬فكيف‬
‫يتم حتديدها؟‬
‫يتم حتديد احلقوق و االلتزامات الناشئة عن العقد إبرادة كال طرفيه السيما تلك اليت تعترب من‬
‫املسائل اجلوهرية اليت ال ينعقد العقد بدوهنا‪ ،‬أما إذا وقع نزاع بني املتعاقدين حول حتديد بعض آاثر العقد‬
‫بوصفها مسائل تفصيلية‪ ،‬فيتم اللجوء إىل القاضي املدين الذي منحه املشرع عدة وسائل لتحديدها من‬
‫خالل تفسري العقد و تكييفه‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تفسري العقد‬
‫يقصد بتفسري العقد‪ :‬البحث عن إرادة املتعاقدين يف بنوده لتحديد ما اجتهت إليه إرادهتما‬
‫املشرتكة‪ ،‬حيث يعرب املتعاقدين عن إرادهتما يف العقد من خالل صياغة بنود تتضمن آاثر العقد املتفق‬
‫عليها‪ ،‬و يتم التعرف على إرادة املتعاقدين من قبل القاضي من خالل عبارات العقد اليت استخدماها‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫فإذا كانت عبارات العقد واضحة املعىن ال حتتاج إىل تفسري‪ ،‬يلتزم القاضي مبعناها الظاهر حسب املادة‬
‫‪ 1/111‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫أما إذا كانت عبارات العقد غامضة املعىن (غري واضحة) حبيث ال تكشف عن املعىن املراد منها‬
‫كأن حتتمل أكثر من معىن (مبهمة) أو متناقضة‪ ،‬فعلى القاضي حسب املادة ‪ 2/111‬ق‪.‬م‪ .‬أن يلجأ‬
‫إىل قواعد التفسري حبثاً عن النية املشرتكة للمتعاقدين للتعرف على حقيقة إرادهتما‪ ،‬و يستهدي يف ذلك‬
‫بطبيعة املعاملة ومبا ينبغي أن يتوافر بني املتعاقدين من أمانة وثقة وفقاً للعرف التجاري‪.‬‬
‫و يف حالة وجود عبارات غامضة و اجتهد القاضي يف تفسريها وفقا للمعايري السابقة للوصول إىل‬
‫اإلرادة احلقيقية للمتعاقدين‪ ،‬و مع ذلك مل يستطع حتديد إرادهتما منه‪ ،‬فعندئذ يكون قد وصل إىل آخر‬
‫مرحلة من مراحل التفسري أال وهي الشك حول عبارات العقد‪ ،‬و يف هذه احلالة يفسر القاضي استنادا‬
‫إىل املادة ‪ 112‬ق‪.‬م‪ .‬الشك ملصلحة املدين‪ ،‬ابستثناء عقود اإلذعان اليت يفسر فيها الشك ملصلحة‬
‫املذعن سواء كان مدين أو دائن‪.‬‬
‫الطرف َ‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تكييف العقد‬
‫يعترب تكييف العقد الطريق الثاين الذي يسلكه القاضي لتحديد آاثر العقد‪ ،‬و يقصد بتكييف‬
‫العقد إعطاؤه وصف قانوين معني متهيداً لتحديد القواعد القانونية املناسبة له اليت حتكم العقد‪ ،‬فإذا انتهى‬
‫القاضي من عملية التفسري و تبني له ما اجتهت إليه اإلرادة املشرتكة للمتعاقدين‪ ،‬فإنه يقم بعد ذلك‬
‫إبعطاء وصف معني على العالقة العقدية بني الطرفني‪ ،‬حىت يطبق عليها نصوص القانون املناسبة حلكم‬
‫العقد‪ ،‬و ال يتقيد القاضي يف تكييفه للعقد ابلوصف الذي أطلقه عليه املتعاقدان إذا كان تكييفهما غري‬
‫صحيح‪ ،‬حبيث ال يتناسب مع بنود العقد أو مع آاثره اليت اتفقا عليها‪ ،‬فيتدخل لتصحيح هذا التكييف‬
‫إبعطاء العقد وصفه الصحيح على ضوء ما اجتهت إليه النية املشرتكة للمتعاقدين‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬التزام املتعاقدين بتنفيذ العقد (القوة امللزمة للعقد)‬
‫تقتضي القوة امللزمة للعقد من طرفيه تنفيذه وفق الشروط اليت يتضمنها‪ ،‬ما مل تطرأ ظروف استثنائية‬
‫جتعل تنفيذه مرهقاً‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الفرع األول‪ :‬القاعدة العامة يف تنفيذ االلتزام العقدي‬
‫يلتزم املتعاقدان بتنفيذ مضمون العقد حسبما اتفقا عليه‪ ،‬و ال جيوز ألحدمها حله أو تعديله إبرادته‬
‫املنفردة‪ ،‬و هذا ما يعرب عنه بقاعدة " العقد شريعة املتعاقدين"‪ ،‬كما جيب عليهما تنفيذ العقد حبسن نية‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬العقد شريعة املتعاقدين‬
‫طبقا للمادة ‪ 106‬ق‪.‬م‪ .‬يعترب العقد مبثابة القانون الذي حيكم املتعاقدين‪ ،‬حيث يلزم كل متعاقد‬
‫بتنفيذ آاثر العقد كما مت االتفاق عليها‪ ،‬كما جيوز هلما نقض العقد أو تعديله ابتفاقهما كأصل عام‪،‬‬
‫استثناء جيوز ألحد املتعاقدين نقض العقد إبرادته املنفردة يف حاالت معينة (كعقد الوكالة يف املادة ‪587‬‬
‫ق‪.‬م‪ .‬و عقد العارية يف املادة ‪ 547‬ق‪.‬م‪ ،).‬كما جيوز للقاضي التدخل لتعديل العقد يف حاالت معينة‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬مراعاة حسن النية يف تنفيذ االلتزام‬
‫تقتضي املادة ‪ 1/107‬ق‪.‬م‪ .‬على املتعاقدين تنفيذ العقد وفقا ملا اشتمل عليه من شروط حبسن‬
‫نية‪ ،‬و يستوجب مبدأ حسن النية أن يكون كل متعاقد يف تنفيذه اللتزاماته يف العقد غري سيء النية من‬
‫خالل التصرف ابألمانة و االمتناع عن الغش يف إطار احرتام القانون‪.‬‬
‫و طبقا للمادة ‪ 2/107‬من ق‪.‬م‪ .‬اليت تنص‪ ":‬و ال يقتصر العقد على إلزام املتعاقد مبا ورد فيه‬
‫فحسب‪ ،‬بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته‪ "...‬ال يتقيد القاضي عند حتديده آلاثر العقد ببنوده‬
‫فقط‪ ،‬مبعىن أنه على القاضي أال يقف عند حد االلتزامات و احلقوق اليت اجتهت إليها إرادة املتعاقدين‪،‬‬
‫بل أيخذ بعني االعتبار كل ما يعد من مستلزمات العقد وفقا للقانون و العرف و العدالة‪ ،‬حبسب طبيعة‬
‫االلتزام‪ ،‬و من هنا يتضح أن املتعاقدين ملزمان بتنفيذ مضمون العقد و مستلزماته‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬نظرية الظروف الطارئة‬
‫لقد مسح املشرع مبوجب املادة ‪ 3/107‬ق‪.‬م‪ .‬للقاضي التدخل لتعديل العقد‪ ،‬لرد االختالل يف‬
‫التوازن العقدي الناتج عن الظروف الطارئة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬شروط تطبيق نظرية الظروف الطارئة‬
‫طبقا للمادة ‪ 3/107‬ق‪.‬م‪ .‬ينبغي لتطبيق هذه النظرية توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون العقد من العقود املستمرة أو الفورية لكن يرتاخى فيها تنفيذ االلتزامات (تنفيذها‬
‫مؤجالً)‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪ .2‬أن تطرأ أثناء تنفيذ العقد ظروف استثنائية عامة غري متوقعة عند إبرام العقد‪ ،‬وأن ال يكون‬
‫ابإلمكان دفعها‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يصبح تنفيذ املدين اللتزامه مرهقاً (يرتب خسارة كبرية) و ليس مستحيالً‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬أثر توافر نظرية الظروف الطارئة‬
‫بتوافر شروط نظرية الظروف الطارئة‪ ،‬ميلك القاضي السلطة التقديرية يف ‪:‬‬
‫‪ −‬إنقاص االلتزام املرهق إىل احلد املعقول‪( .‬املادة ‪ 3/107‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬أو وقف تنفيذ االلتزام املرهق‪ ،‬إذا كانت الظروف الطارئة مؤقتة‪( .‬املادة ‪ 2/281‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬أو منح املدين مهلة لتنفيذ التزامه مراعاة لظروفه االقتصادية و تسمى بنظرة امليسرة‪ ،‬دون أن‬
‫تتجاوز مدة سنة‪(.‬املادة ‪ 2/281‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬املسؤولية العقدية‬
‫املسؤولية العقدية هي اجلزاء املرتتب عن إخالل املتعاقد ابلتزامه العقدي عند االمتناع عن تنفيذ‬
‫االلتزام أو التأخري فيه أو التنفيذ املعيب (سوء تنفيذ االلتزام)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام املسؤولية العقدية‬
‫يشرتط لقيام املسؤولية العقدية توافر أركاهنا و املتمثلة ‪ :‬يف اخلطأ العقدي و الضرر و العالقة‬
‫السببية بينهما‪ ،‬و عالوة على هذه األركان ينبغي لقيام املسؤولية العقدية وجود عالقة عقدية صحيحة‬
‫بني املسؤول (املدين) واملضرور (الدائن)‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬ركن اخلطأ العقدي‬
‫يتمثل يف اإلخالل اباللتزام العقدي يف أي صورة من صوره (عدم تنفيذ االلتزام أو التأخري فيه أو‬
‫التنفيذ املعيب) سواء كان هذا اإلخالل انجتاً عن سوء نية املتعاقد وغشه أو عن جمرد إمهاله وتقصريه يف‬
‫تنفيذ ما التزم به يف العقد‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬ركن الضرر‬
‫هو أذى يصيب املتعاقد يف حق مايل أو مصلحة مالية مشروعة حبيث يكون مرتبط بذمته املالية‪،‬‬
‫ويف املسؤولية العقدية ال يشمل التعويض إال عن الضرر املباشر و املتوقع و احملقق الوقوع و الشخصي و‬
‫‪50‬‬
‫الذي مل يسبق التعويض عنه‪ ،‬سواء كان ضرر مادي أو معنوي‪ ،‬كما يشمل التعويض تفويت الفرصة‪ ،‬و‬
‫هذا حسب املادة ‪ 182‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬ركن العالقة السببية بني اخلطأ العقدي والضرر‬
‫ال يكفي لقيام املسؤولية العقدية حتقق ركين اخلطأ العقدي و الضرر فقط‪ ،‬بل يشرتط أن يكون‬
‫هذا اخلطأ هو السبب املباشر يف حدوث الضرر و إال انعدمت املسؤولية‪ ،‬و هذا الشرط األخري هو ركن‬
‫العالقة السببية الذي ميثل الركن الثالث للمسؤولية العقدية‪ ،‬و قد نصت عليه املواد ‪ 124‬و ‪ 125‬و‬
‫‪ 127‬ق‪.‬م‪ ،‬و ميكن نفي عالقة السببية بني اخلطأ العقدي و الضرر إبثبات السبب األجنيب‪ 1‬سواء كان‬
‫قوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ املضرور أو اخلطأ الغري‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬اآلاثر املرتتبة عن قيام املسؤولية العقدية‬
‫بتوافر األركان السابقة تقوم املسؤولية العقدية للمدين‪ ،‬و يرتتب عنها حق الدائن املضرور يف طلب‬
‫التعويض إلصالح الضرر الذي أصابه إما بطريقة ودية‪ ،‬أو عن طريق رفع دعوى قضائية تسمى بدعوى‬
‫املسؤولية يرفعها املضرور ضد املسؤول الذي سبب له الضرر‪.‬‬
‫و يقع على عاتق املضرور رافع دعوى التعويض إثبات مجيع أركان املسؤولية العقدية من خطأ‬
‫عقدي ( إثبات اإلخالل اباللتزام العقدي) و ضرر و عالقة سببية بينهما‪ ،‬و ذلك إبستعمال كل وسائل‬
‫اإلثبات‪.‬‬
‫وعلى املدين نفي املسؤولية عن نفسه إما بنفي اخلطأ العقدي املنسوب إليه أي نفي إخالله ابلتزامه‬
‫العقدي‪ ،‬و ذلك إبثبات أنه نفذ التزامه العقدي على الوجه املتفق عليه يف العقد‪ ،‬أو نفي عالقة السببية‬
‫بني خطئه العقدي و الضرر الذي أصاب الدائن و ذلك إبثبات السبب األجنيب‪.‬‬
‫ميثل التعويض اجلزاء املدين املرتتب على قيام املسؤولية العقدية يهدف إىل جرب و إصالح األضرار‬
‫املرتتبة مباشرة عن وقوع اخلطأ العقدي‪ ،‬سواء متثلت األضرار يف خسارة مادية أو معنوية أو يف تفويت‬
‫الفرصة‪.‬‬

‫‪ -1‬يقصد ابلسبب األجنيب كل فعل أو حادث غري متوقع و غري ممكن الدفع من قبل املسؤول و خارجيا عنه أي غري منسوب إىل‬
‫املسؤول أدى إىل حدوث الضرر الذي حلق ابلغري‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬تعديل أحكام املسئولية العقدية‬
‫جيوز للمتعاقدين طبقا للمادة ‪ 178‬ق‪.‬م‪ .‬االتفاق على تعديل أحكام املسؤولية العقدية إما بـ‪:‬‬
‫‪ −‬االتفاق على تشديد املسؤولية العقدية ‪:‬كما لو اتفق املتعاقدان على قيام مسؤولية املدين رغم‬
‫السبب األجنيب‪.‬‬
‫‪ −‬أو االتفاق على التخفيف املسؤولية العقدية أو اإلعفاء منها‪ ،‬بشرط أال يكون عدم تنفيذ املدين‬
‫اللتزامه العقدي راجعاً إلرتكابه غشاً أو خطأً جسيماً‪ ،‬غري أنه جيوز للمدين أن يتفق على إعفائه‬
‫من املسؤولية الناجتة عن الغش أو اخلطأ اجلسيم املرتكب من األشخاص الذين يستخدمهم يف‬
‫تنفيذ التزامه‪.‬‬
‫الفصل اخلامس ‪ :‬زوال العقد‬
‫زوال العقد يكون بعد قيامه صحيحاً و ترتيبه آلاثره‪ ،‬و يزول العقد لثالث أسباب‪ ،‬إما ابالنقضاء‬
‫أو االحنالل أو اإلبطال‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬انقضاء العقد‬
‫يتحقق إنقضاء العقد بتنفيذ أطرافه لكافة االلتزامات الناشئة عنه تنفيذاً كامالً أي الوفاء هبا‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬احنالل العقد‬
‫االحنالل هو إهناء العقد و زواله بعد نشوئه صحيحاً و مرتباً جلميع آاثره‪ ،‬و يتم االحنالل يف‬
‫صورتني‪:‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬احنالل العقد إرادايا‬


‫تشمل هذه الصورة حالتني و مها ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬احنالل العقد ابإلرادة املشرتكة للمتعاقدين (اإلقالة أو التقايل)‬
‫اإلقالة أو التقايل هي اتفاق املتعاقدين بعد إبرام العقد على إهنائه أو حله‪ ،‬و هذا يعىن أهنا عقد‬
‫جديد يتفق مبقتضاه املتعاقدان على زوال العقد السابق إبرامه بينهما‪ ،‬لذلك فهي تتطلب اجياابً و قبوالً‬
‫(صريح أو ضمين)‪ ،‬و ترد اإلقالة على مجيع العقود سواء كانت معاوضة أو تربع ‪...‬إخل‬

‫‪52‬‬
‫و لتحديد أثر اإلقالة أو التقايل جيب التمييز بني أثر اإلقالة على املتعاقدين و خلفهما العام و‬
‫على الغري‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أثر اإلقالة على العالقة بني املتعاقدين و خلفهما العام‬
‫تعترب اإلقالة مبثابة فسخ للعقد السابق الذي أبرماه بينهما‪ ،‬و من مث فإهنا تؤدي إىل زوال هذا العقد‬
‫أبثر رجعي‪ ،‬مما يوجب إعادة املتعاقدان إىل احلالة اليت كاان عليها قبل التعاقد‪ ،‬كما تطبق مجيع آاثر‬
‫الفسخ‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬أثر اإلقالة على الغري‬
‫ابلنسبة للغري تعترب اإلقالة مبثابة عقد جديد و من مث فهي تؤدي إىل زوال العقد ابلنسبة للمستقبل‬
‫فقط (بدون أثر رجعي) و ال يسري أثرها على املاضي‪ ،‬لذلك فهي ال متس ابحلقوق اليت اكتسبها الغري‬
‫على حمل العقد السابق من أحد طرفيه قبل التقايل منه‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬احنالل العقد ابإلرادة املنفردة ألحد للمتعاقدين‬
‫يتم هذا اإلحنالل يف العقود اليت رخص فيها القانون ألحد املتعاقدين إبهنائها بناءً على إرادته‬
‫املنفردة (كعقد الوكالة يف املادة ‪ 587‬ق‪.‬م‪ ،.‬عقد العارية يف املادة ‪ 547‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬احنالل العقد لعدم تنفيذ أحد املتعاقدين اللتزامه‬
‫ينحل العقد إلخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ إلتزامه العقدي املرتتب عنه يف صورتني و مها ‪:‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬فسخ العقد‬
‫الفسخ هو حل للرابطة التعاقدية جزاء إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ التزامه الناشئ عن العقد امللزم‬
‫للجانبني‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬صور فسخ العقد‬
‫األصل يف الفسخ أنه يقع حبكم القضاء (فسخ قضائي)‪ ،‬إال أنه ميكن للمتعاقدين االتفاق بصورة‬
‫مسبقة على فسخ العقد عند إخالل أحدمها بتنفيذ التزامه (فسخ اتفاقي)‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -1‬الفسخ القضائي‪:‬‬
‫هو الفسخ الذي يتقرر مبقتضى حكم قضائي بناء على دعوى يرفعها أحد املتعاقدين‪ ،‬طالباً فيها‬
‫فسخ العقد نتيجة تقصري أو إخالل املتعاقد اآلخر بتنفيذ التزاماته‪.‬‬
‫أ‪ -‬شروط الفسخ القضائي‪ :‬يشرتط لفسخ العقد قضائياً‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون العقد من العقود امللزمة للجانبني ‪ :‬ألن الفسخ يقوم على فكرة االرتباط بني االلتزامات‬
‫املتقابلة‪ ،‬وهذا التقابل بني االلتزامات ال يكون إال يف العقود امللزمة للجانبني‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون أحد املتعاقدين قد أخل ابلتزامه العقدي (عدم التنفيذ "كلياً أو جزئياً" أو التأخري يف‬
‫التنفيذ أو تنفيذ معيب)‪ :‬ألن الفسخ هو جزاء على عدم تنفيذ املتعاقد اللتزامه‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يقوم طالب الفسخ إبعذار املدين‪ :‬و هذا اإلجراء جيعل املدين يف موضع املقصر يف تنفيذ‬
‫إلتزامه و يثبت إخالله‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزاماته أو أبدى استعداده لتنفيذها‪ :‬أما إذا كان قد أخل بتنفيذ‬
‫التزامه‪ ،‬ليس له احلق يف طلب الفسخ‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يكون طالب الفسخ قادراً على إعادة احلالة إىل ما كانت عليه قبل العقد‪ :‬مبعىن قادرا على رد‬
‫ما أخذ‪ ،‬فإذا كان عاجزا عن رده‪ ،‬فال حيق له طلب الفسخ‪.‬‬
‫‪ .6‬رفع دعوى قضائية‪.‬‬
‫ب‪ -‬سلطة القاضي يف دعوى الفسخ‪:‬‬
‫إذا توافرت الشروط السابقة يف جانب أحد املتعاقدين‪ ،‬جاز للمتعاقد اآلخر رفع دعوى قضائية‬
‫لطلب الفسخ الذي يتحقق حبكم قضائي‪ ،‬و حسب املادة ‪ 119‬ق‪.‬م‪ ،.‬للقاضي السلطة التقديرية يف ‪:‬‬
‫‪ −‬قبول طلب الفسخ إذا توافرت شروطه‪.‬‬
‫‪ −‬قبول طلب الفسخ مع احلكم ابلتعويض إذا طلبه املتعاقد املضرور‪.‬‬
‫‪ −‬منح املدين مهلة لتنفيذ التزاماته حسب الظروف تسمى ابألجل القضائي أو نظرة امليسرة‪ ،‬فإذا مل‬
‫يقم املدين ابلتنفيذ خالل هذا األجل‪ ،‬جاز للقاضي احلكم بفسخ العقد‪.‬‬
‫‪ −‬رفض طلب الفسخ إذا كان ما مل يوف به املدين قليل األمهية ابلنسبة إىل كامل االلتزامات‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫و قبل صدور احلكم بفسخ العقد ‪:‬‬
‫‪ −‬جيوز للمتعاقد رافع الدعوى أن يعدل عن طلب الفسخ إىل طلب التنفيذ العيين‪ ،‬مع حقه يف‬
‫طلب التعويض عن أتخر املدين يف تنفيذ التزاماته‪.‬‬
‫‪ −‬ميكن للمدين حىت يتجنب الفسخ‪ ،‬أن ينفذ التزامه أو على األقل يعرض تنفيذه‪ ،‬و يف هذه‬
‫احلالة ال جمال لفسخ العقد مع جواز احلكم على املدين ابلتعويض عن التأخري يف تنفيذ التزاماته‪.‬‬
‫‪ -2‬الفسخ االتفاقي ‪:‬‬
‫هو حل للرابطة العقدية مبوجب اتفاق املتعاقدين إذا أخل أحدمها بتنفيذ التزاماته‪ ،‬حيث يؤدي‬
‫هذا اإلخالل إىل وقوع الفسخ من تلقاء نفسه دون حاجة إىل حكم قضائي‪ ،‬و ذلك عن طريق إدراج‬
‫شرط الفسخ ضمن بنود العقد‪ ،‬طبقا لنص املادة ‪ 120‬من ق‪.‬م‪ .‬بقوهلا ‪ ":‬جيوز االتفاق على اعتبار‬
‫العقد مفسوخا حبكم القانون عند عدم الوفاء اباللتزامات الناشئة عنه‪ ،‬مبجرد حتقيق الشروط املتفق عليها‬
‫و بدون حاجة إىل حكم قضائي‪ ،‬وهذا الشرط ال يعفي من االعذار‪"...‬‬
‫فإذا وقع نزاع بني املتعاقدين حول حصول اإلخالل و الفسخ املرتتب عنه اتفاقا‪ ،‬و رفع أحدمها‬
‫دعواه إىل القضاء‪ ،‬فإن القاضي ال يتمتع بنفس السلطة التقديرية املمنوحة له يف الفسخ القضائي من‬
‫حيث قبول أو رفض الفسخ أو منح املدين أجالً للتنفيذ‪ ،‬بل يلتزم فقط ابحلكم ابلفسخ مبجرد حتققه من‬
‫إخالل املدين ابلتزامه‪.‬‬
‫أ‪ -‬شروط الفسخ االتفاقي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون العقد من العقود امللزمة للجانبني‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون أحد املتعاقدين قد أخل ابلتزامه العقدي (عدم التنفيذ "كلياً أو جزئياً" أو التأخر يف‬
‫التنفيذ أو تنفيذ معيب)‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزاماته أو أبدى استعداده لتنفيذها‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يكون طالب الفسخ قادراً على إعادة احلالة إىل ما كانت عليه قبل العقد‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يقوم طالب الفسخ إبعذار املدين‪.‬‬
‫‪ .6‬وجود شرط صريح يف العقد يقضي بفسخه يف حالة إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ التزامه‬
‫العقدي‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫ب‪ -‬تدرج الفسخ االتفاقي ‪:‬‬
‫قد تتدرج صياغة شرط الفسخ من قبل املتعاقدين على النحو التايل‪:‬‬
‫‪ .1‬االتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً عند إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ اللتزاماته‪ :‬هذا الشرط‬
‫يعترب جمرد تطبيق ألحكام الفسخ القضائي‪ ،‬كما ال يعفي طالب الفسخ من اعذار املدين‪ ،‬لذلك‬
‫ينبغي لوقوع الفسخ صدور حكم من القاضي منشئ للفسخ‪ ،‬و من مث يعد القاضي يف هذه‬
‫احلالة هو مصدر الفسخ وليس االتفاق‪.‬‬
‫‪ .2‬االتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ اللتزاماته‪:‬‬
‫كذلك هذا الشرط ال يعفي طالب الفسخ من اعذار املدين‪ ،‬لذلك فإذا توافرت شروط الفسخ‬
‫تعني على القاضي احلكم به ويكون حكمه منشئاً للفسخ ال كاشفاً عنه‪.‬‬
‫‪ .3‬االتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ اللتزاماته‬
‫دون حاجة إىل حكم قضائي بعد إعذار املدين‪ :‬هذا الشرط يعفى الدائن من اللجوء إىل القضاء‬
‫لوقوع الفسخ‪ ،‬و إذا مت اللجوء إىل القضاء عند النزاع فإن القاضي يكون ملزم ابحلكم ابلفسخ‬
‫إذا توافرت شروطه‪ ،‬و حكمه كاشف يف هذه احلالة‪ ،‬و هذا الشرط يعتد به املشرع اجلزائري‪.‬‬
‫‪ .4‬االتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ التزاماته‬
‫دون احلاجة إىل إعذار أو حكم قضائي‪ :‬حسب هذا الشرط يتحقق الفسخ مبوجب االتفاق‬
‫مبجرد إخالل أحد املتعاقدين بتنفيذ اللتزاماته دون حاجة إىل إعذار املدين أو رفع دعوى قضائية‬
‫تقرر الفسخ‪.‬‬
‫و طاملا أن املشرع اجلزائري يستوجب إعذار املدين‪ ،‬فإن هذا االتفاق ال يعتد به طبقا ألحكام‬
‫املادة ‪ 120‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،.‬مما يعين أن هذا الشرط يعترب ابطال و ال يعمل به يف التشريع‬
‫اجلزائري‪ ،‬و ما على الدائن يف هذه احلالة إال اللجوء إىل القضاء لرفع دعوى الفسخ للحصول‬
‫على حكم به استناداً ألحكام املادة ‪ 119‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬املتعلقة ابلفسخ القضائي‪ ،‬و يكون هذا‬
‫احلكم منشئاً للفسخ‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬آاثر الفسخ‬
‫لتحديد آاثر الفسخ ينبغي التمييز بني ‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ -1‬أثر الفسخ بني املتعاقدين ‪:‬‬
‫يرتتب على فسخ العقد بني املتعاقدين زوال أاثر العقد أبثر رجعي من يوم إبرام العقد‪ ،‬و يعاد‬
‫املتعاقدان إىل احلالة اليت كاان عليها قبل إبرام العقد‪ ،‬فريد كل منهما ما حصل عليه من اآلخر‪ ،‬فإذا‬
‫استحال ذلك جاز للقاضي احلكم بتعويض معادل يتناسب مع قيمة ما أخذ‪( .‬املادة ‪ 122‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫كما حيق للمتعاقد رافع دعوى الفسخ طلب التعويض إذا ترتب عن إخالل املتعاقد اآلخر يف‬
‫تنفيذ التزامه العقدي ضرر له‪ ،‬طبقا للمادة ‪ 1/119‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ -2‬أثر الفسخ ابلنسبة إىل الغري ‪:‬‬
‫يسري على الغري األثر الرجعي للفسخ‪ ،‬حيث تتأثر حقوقه اليت تلقاها من أحد املتعاقدين على‬
‫الشيء حمل العقد املفسوخ‪ ،‬استثناءًا من ذلك أقر املشرع محاية للغري حسن النية و الستقرار املعامالت‪،‬‬
‫ببقاء حقوق هذا الغري حسن النية قائمة على الشيء حمل العقد املفسوح‪ ،‬يف بعض احلاالت منها‪:‬‬
‫‪ −‬حالة محاية حائز املنقول حبسن نية طبقا لقاعدة "احليازة يف املنقول سند امللكية" (املادة ‪835‬‬
‫ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬حالة محاية الغري الذي اكتسب ملكية العقار بعد إمتام إجراءات الشهر العقاري‬
‫‪ −‬حالة الرهن الرمسي الصادر من املالك الذي زالت ملكيته بفسخ العقد (املادة ‪ 885‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬بقاء عقد اإلجيار مرتباً آلاثره يف حق من انتقلت إليه ملكية العني املؤجرة يف حالة فسخ العقد‬
‫الذي نقل ملكيتها للمؤجر‪ ،‬حيث تنتقل ملكية العني املؤجرة (العقار) و هي مثقلة بعقد اإلجيار‬
‫إىل انقضاء مدته‪( .‬املادة ‪ 469‬مكرر ‪ 3‬من ق‪.‬م‪).‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬احنالل العقد ابالنفساخ الستحالة تنفيذ التزاماته‬
‫انفساخ العقد هو زواله بسبب استحالة تنفيذ املدين اللتزاماته و ذلك لسبب أجنيب ال يد له فيه‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط الفسخ القانوين‬
‫طبقا للمادة ‪ 121‬ق‪.‬م‪ .‬تتمثل شروط الفسخ القانوين يف‪:‬‬
‫‪ −‬أن يكون العقد من العقود امللزمة جلانبني‪.‬‬
‫‪ −‬أن يصبح تنفيذ املدين اللتزامه العقدي مستحيال استحالة كلية‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫‪ −‬أن يكون عدم تنفيذ االلتزام راجعاً لسبب أجنيب عن املدين ال يد له فيه‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬آاثر الفسخ القانوين‬
‫بتوافر هذه الشروط‪ ،‬ينقضى التزام املدين و ينقضى تبعا لذلك التزام الطرف اآلخر‪ ،‬وبذلك‬
‫ينفسخ العقد و ينحل من تلقاء نفسه بقوة القانون دون احلاجة إىل إعذار املدين و ال إىل رفع دعوى‬
‫قضائية‪.‬‬
‫و يرتتب عن إنفساخ العقد حبكم القانون‪ ،‬سراينه أبثر رجعي من يوم إبرام العقد‪ ،‬و يعاد‬
‫املتعاقدان إىل احلالة اليت كاان عليها قبل إبرام العقد‪ ،‬فريد كل منهما ما حصل عليه من اآلخر‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬الدفع بعدم التنفيذ‬
‫طبقا للمادة ‪ 123‬ق‪.‬م‪ .‬يف العقود امللزمة جلانبني‪ ،‬إذا كانت االلتزامات املتقابلة مستحقة الوفاء‪،‬‬
‫جاز لكل من املتعاقدين أن ميتنع عن تنفيذ التزامه‪ ،‬إذا مل يقم املتعاقد اآلخر بتنفيذ ما التزم به‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬شروط الدفع بعدم التنفيذ‬
‫أوال ‪ :‬جيب أن يكون العقد من العقود امللزمة للجانبني‪.‬‬
‫اثنيا ‪ :‬أن تكون االلتزامات املتقابلة يف العقد مستحقة األداء‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬أال يتم التمسك هبذا الدفع على وجه يتعارض مع مبدأ حسن النية‪ ،‬مبعىن أنه ال جيوز ملن‬
‫يتمسك هبذا الدفع أن يكون متعسفاً عند استعمال حقه يف التمسك به‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬كيفية استعمال الدفع بعدم التنفيذ‬
‫ال يشرتط للتمسك ابلدفع بعدم التنفيذ ضرورة اعذار الدائن ملدينه‪ ،‬كما ال يشرتط اللجوء إىل‬
‫القضاء للتمسك هبذا الدفع‪ ،‬و من مث حيق للدائن الذي مل يستويف حقه من املدين أن يدفع بعدم تنفيذ‬
‫هذا األخري اللتزامه لكي يتوقف هو بدوره عن تنفيذ ما التزم به‪.‬‬
‫كذلك إذا وقع نزاع حول الدفع بعدم التنفيذ و مت اللجوء إىل القضاء‪ ،‬و قام املدين مبطالبة الدائن‬
‫ابلتنفيذ جاز للدائن التمسك ابلدفع بعدم التنفيذ‪ ،‬و يف هذه احلالة يراقب القاضي مدى توافر شروط‬
‫هذا الدفع للتأكد من مدى أحقية الدائن املتمسك به يف استعماله‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬األثر املرتتب على الدفع بعدم التنفيذ‬
‫األثر املرتتب على التمسك هبذا الدفع هو وقف تنفيذ االلتزام من املتعاقد الذي متسك به‪ ،‬فهو ال‬
‫يؤدي إىل حل الرابطة العقدية و زواهلا كما حيدث يف الفسخ أو االنفساخ أو اإلقالة‪ ،‬لذلك ال يعترب‬
‫الدفع بعدم التنفيذ أحد أسباب إحنالل العقد‪ ،‬بل هو جمرد وسيلة للضغط على إرادة املتعاقد اآلخر‬
‫(املدين) حلثه على تنفيذ التزامه‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬ال يلتزم الدائن الذي متسك ابلدفع بعدم التنفيذ بتعويض املتعاقد اآلخر (املدين) جراء‬
‫وقف التنفيذ‪ ،‬ألنه يستعمل حقاً مقرراً له قانوانً طاملا توافرت شروط الدفع‪ ،‬يف مقابل ذلك يعترب املدين‬
‫الذي مت الدفع يف مواجهته خمالً بتنفيذ التزامه بعد حلول أجل الوفاء‪ ،‬لذا جيوز للدائن الذي متسك‬
‫ابلدفع أن يطالب املدين ابلتعويض إذا أصابه ضرر نتيجة هذا اإلخالل‪ ،‬و ذلك طبقا ألحكام املسؤولية‬
‫العقدية‪.‬‬
‫األصل أن وقف تنفيذ االلتزام ال يؤدي إىل إنقاص مقدار هذا االلتزام بل يبقى كما مت االتفاق‬
‫عليه‪ ،‬و لكن استثناء من ذلك يف العقود الزمنية أو املستمرة اليت يكون فيها الزمن عنصراً جوهرايً‬
‫لتنفيذها‪ ،‬فإن مدة وقف التنفيذ بناء على الدفع بعدم التنفيذ تستقطع من مدة هذه العقود‪ ،‬و ابلتايل‬
‫يرتتب عن هذا الدفع إنقاص مقدار االلتزام املوقوف بقدر املدة اليت وقف فيها عن التنفيذ‪ ،‬حبيث لو عاد‬
‫العقد للسراين مرة أخرى استكمل مدته الباقية فقط دون أن يضاف إليها مدة وقف التنفيذ‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬اإلرادة املنفردة‬
‫إذا كان العقد كمصدر لاللتزام صادر عن توافق إرادتني فأكثر ميكن أن ينشئ التزامات أو يعدهلا‬
‫أو ينقلها أو يزيلها‪ ،‬فإنه تكريساً ملبدأ سلطان اإلرادة الذي يقضي حبرية الشخص يف أن يلزم نفسه‬
‫إبرادته طاملا كان ذلك يف حدود القانون‪ ،‬ميكن لإلرادة املنفردة أن تنشأ االلتزام‪ ،‬مما يعين أن املصدر‬
‫املنشئ لاللتزام قد يكون اإلرادة املنفردة للملتزم‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬مفهوم اإلرادة املنفردة‬
‫يقصد ابإلرادة املنفردة‪ :‬التصرف القانوين الذي يتم إبرادة منفردة صادرة من طرف واحد‪ ،‬حيث‬
‫تتجه إىل إحداث آاثر قانونية معينة بصفة منفردة دون أن تقرتن إبرادة أخرى‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬حاالت اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام‬
‫لقد كان املشرع اجلزائري قبل تعديل القانون املدين مبوجب القانون ‪ 10-05‬السالف ذكره‪ ،‬يقر‬
‫بدور اإلرادة املنفردة على إحداث آاثر قانونية يف عدة حاالت منها‪:‬‬
‫‪ −‬اإلجياب امللزم‪ :‬إذا قرن املوجب إجيابه إبرادته املنفردة مبدة معينة‪ ،‬فقد ألزم نفسه ابلبقاء على‬
‫إجيابه إىل حني انقضاء هذه املدة‪( .‬املادة ‪ 63‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬الوعد ابلتعاقد‪ :‬إذا صدر من أحد املتعاقدين أو كالمها وعد يلتزم مبوجبه أن يربم عقداً يف‬
‫املستقبل‪ ،‬إذا أبدى املتعاقد اآلخر (املوعود له) رغبته يف ذلك خالل مدة معينة‪ ،‬فيعترب الواعد‬
‫قد ألزم نفسه ابلبقاء على وعده إىل حني انقضاء املدة املتفق عليها‪( .‬املادة ‪ 71‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬التعهد عن الغري‪ :‬مبوجبه يقوم املتعهد إبرادته املنفردة إبلزام نفسه ابحلصول على قبول الغري‬
‫إلبرام العقد حمل التعهد‪ ،‬دون أن يلتزم الغري (املتعهد عنه) بقبول التعاقد‪ 114( .‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬بيع ملك الغري‪ :‬إذا أقر املالك احلقيقي هذا البيع إبرادته املنفردة أصبح العقد انفذ يف حقه و‬
‫يف حق املشرتي‪ 398( .‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬اإلجازة‪ :‬إذا تنازل املتعاقد الذي تقرر حق التمسك إببطال العقد ملصلحته إبرادته املنفردة عن‬
‫حقه يف إبطال العقد‪ ،‬فال حيق له بعد ذلك املطالبة إببطاله‪ ،‬و يستقر العقد و يصبح صحيح‬
‫بصفة هنائية أبثر رجعي من يوم إبرامه‪( .‬املادة ‪ 100‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫كذلك إذا أجاز األصيل التصرف الذي أبرمه النائب إما لتجازوه حدود النيابة أو تعاقده مع‬
‫نفسه‪ ،‬فتنصرف آاثر ذلك التصرف إىل ذمة األصيل (املادة ‪ 74‬و ‪ 77‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫‪ −‬الوصية‪ :‬هي تصرف إبرادة منفردة ينشأ عنها حقاً عينياً للموصى له‪( .‬املواد من ‪ 184‬إىل‬
‫‪ 201‬ق‪.‬أ‪).‬‬
‫‪ −‬تطهري العقار املرهون‪ :‬إذا ألزم حائز العقار املرهون نفسه إبرادته املنفردة بتسديد الديون املقيدة‬
‫على العقار‪ ،‬يرتتب عن ذلك تطهري العقار املرهون من الرهن‪ ،‬و ابلتايل ختلص له ملكية العقار‬
‫خاليا من الرهن‪(.‬املادة ‪ 911‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ −‬اإلبراء‪ :‬جيوز للدائن إبرادته املنفردة التنازل دون مقابل عن حقه يف ذمة املدين‪ ،‬فيرتتب عن‬
‫ذلك إنقضاء التزام املدين‪( .‬املادة ‪ 305‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪60‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام‬
‫لقد كان املشرع اجلزائري أيخذ ابإلرادة املنفردة كمصدر استثنائي لاللتزام يف احلاالت املذكورة‬
‫أعاله‪ ،‬إال أنه مبقتضى القانون ‪ 10-05‬املشار إليه سابقا املعدل واملتمم للقانون املدين اجلزائري‪ ،‬إعرتف‬
‫صراحة ابإلرادة املنفردة كمصدر عام اللتزام مستقل عن مصادر االلتزام األخرى إىل جانب العقد‬
‫بوصفها تصرف قانوين صادر عن إرادة منفردة‪ ،‬حيث خصص هلا الفصل الثاين مكرر مبوجب املادة‬
‫‪ 123‬مكرر ق‪.‬م‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬أركان التصرف ابإلرادة املنفردة‬
‫تعترب اإلرادة املنفردة مصدراً منشئاً لاللتزام يف ظل القانون املدين اجلزائري الذي اعرتف بقدرة‬
‫اإلرادة لوحدها على إحداث آاثر قانونية‪ ،‬و طاملا أن التصرف ابإلرادة املنفردة يظل يف جوهره تصرفاً‬
‫قانونياً إرادايً‪ ،‬فهو خيضع للقواعد اليت حتكم التصرفات اإلرادية يف صورة العقد‪ ،‬و عليه خيضع التصرف‬
‫ابإلرادة املنفردة من حيث تكوينه لنفس القواعد اليت حتكم تكوين العقد ابستثناء تلك اليت تتعلق ابلقبول‬
‫أي بتطابق اإلرادتني‪ ،‬و ذلك طبقا ملضمون املادة ‪ 123‬مكرر ق‪.‬م‪ .‬يف فقرهتا الثانية اليت تقضي أبنه‪":‬‬
‫يسري على التصرف ابإلرادة املنفردة ما يسري على العقد من أحكام ابستثناء أحكام القبول"‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬يتطلب تكوين التصرف ابإلرادة املنفردة‪ ،‬توافر ركن الرضا يف املتصرف إبرادته‬
‫املنفردة دون رضا املتصرف إليه‪ ،‬و قيام هذا الركن يستلزم أن يكون الرضا موجود و صحيح‪.‬‬
‫يكون ركن الرضا موجود يف التصرف ابإلرادة املنفردة بوجود إرادة املتصرف اليت تعد عنصراً جوهرايً‬
‫فيه‪ ،‬و يتعني أن تتجه إرادته املنفردة إىل ترتيب آاثر قانونية يعتد هبا القانون‪ ،‬مبعىن أن يتوافر يف التعبري‬
‫عن إرادته مجيع شروط اإلجياب طبقا ألحكام املواد من ‪ 60‬إىل ‪ 62‬ق‪.‬م‪ ،.‬أما املواد من ‪ 64‬إىل ‪70‬‬
‫ق‪.‬م‪ .‬فتستبعد ألهنا تتعلق أبحكام القبول و توافق اإلرادتني‪.‬‬
‫كما جيب أن تكون هذه اإلرادة اليت تنشئ االلتزام مبفردها صحيحة أي صادرة من شخص ذو‬
‫أهلية و خالية من عيوب اإلرادة (الغلط و التدليس و اإلكراه و االستغالل) و يطبق على هذه العيوب‬
‫مجيع الشروط الالزم توافرها للتمسك هبا يف جمال العقد‪ ،‬ما عدا شرط وجوب صدور العيب من املتعاقد‬
‫اآلخر‪ ،‬ألنه يف جمال التصرف ابإلرادة املنفردة ال يوجد متعاقد آخر‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫ابلنسبة حملل االلتزام الناشئ عن التصرف ابإلرادة املنفردة فيجب أن يتوافر فيه شروط اإلمكان (أي‬
‫إمكانية وجوده أو القيام به) و التعيني و املشروعية‪ ،‬و أيضا جيب أن يكون السبب الدافع لإلرادة إىل‬
‫إنشاء االلتزام موجود و حقيقي و مشروع‪.‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬الوعد ابجلائزة‬
‫يعترب الوعد ابجلائزة املوجه إىل اجلمهور أهم صورة من صور االلتزام ابإلرادة املنفردة‪ ،‬و قد تعرض‬
‫له املشرع اجلزائري يف القانون املدين مبوجب املادة مكرر‪ 1‬املستحدثة مبوجب قانون ‪ ،10-05‬بعدما كان‬
‫مضموهنا مذكور يف املادة ‪ 115‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬تعريف الوعد ابجلائزة‬
‫الوعد ابجلائزة هو‪" :‬تصرف قانوين صادر إبرادة منفردة هي إرادة الواعد الذي يعلن للجمهور‬
‫بطريقة علنية عن إلزام نفسه بتقدمي جائزة مل يقوم منهم بعمل معني"‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬شروط الوعد ابجلائزة‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 123‬مكرر‪ 1‬من ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬يف فقرهتا األوىل ‪":‬من وعد اجلمهور جبائزة يعطيها‬
‫مقابل عمل معني يلتزم إبعطائها ملن قام ابلعمل"‪ ،‬تتمثل شروط قيام الوعد ابجلائزة يف‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تصدر عن الواعد إرادة ابتة و قاطعة بتقدمي اجلائزة‪ ،‬و صادرة عن شخص ذو أهلية و خالية‬
‫من عيوب اإلرادة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن توجه إرادة الواعد إىل اجلمهور‪ ،‬فإذا وجهت إىل شخص معني أو أشخاص حمددين‪،‬‬
‫خرجت عن كوهنا وعداً ابجلائزة كتصرف صادر عن إرادة منفردة‪ ،‬و طبقت عليها قواعد‬
‫اإلجياب الذي حيتاج إىل االقرتان بقبول‪.‬‬
‫‪ -3‬أن توجه إرادة الواعد إىل اجلمهور بطريقة عالنية تكون كافية لعلم عدد كبري من اجلمهور هبذه‬
‫اإلرادة‪ ،‬و يتم ذلك ابستخدام وسيلة من وسائل النشر و اإلعالم‪ ،‬كاإلعالن يف الصحف أو‬
‫التلفزيون أو اإلذاعة أو االنرتنت‪...‬إخل‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يتضمن الوعد جائزة معينة يلتزم إبعطائها الواعد للفائز هبا‪ ،‬على أن تكون هذه اجلائزة اليت‬
‫متثل حمل التزام الواعد معينة و ممكنة و مشروعة‪ ،‬سواء كانت جائزة مالية كمبلغ من النقود‪ ،‬أو‬
‫عينية كمنح تذكرة سفر‪ ،‬أو أدبية كمنح كأس أو وسام شريف‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫‪ -5‬أن يتضمن الوعد عمالً يلتزم الفائز بتنفيذه وفقا لشروط الوعد ابجلائزة‪ ،‬على أن يكون هذا‬
‫العمل الذي ميثل سبب التزام الواعد ممكناً و مشروعاً‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬آاثر الوعـد ابجلائـزة‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 132‬مكرر‪ 1‬ق‪.‬م‪ .‬إذا توافرت شروط الوعـد ابجلائـزة‪ ،‬ختتلف اآلاثر املرتتبة عنه‬
‫حسبما إذا كان الوعد حمدد املدة أم غري حمدد املدة‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الوعد احملدد املدة‬
‫إذا قرن الواعد وعده مبدة زمنية فإنه يلتزم إبرادته املنفردة ابلبقاء على وعده حىت انقضاء هذه املدة‪،‬‬
‫فإذا قام شخص ابلعمل املطلوب أثناء هذه املدة وجب على الواعد أن يعطيه اجلائزة و يعترب دائناً للواعد‬
‫هبا منذ اتريخ قيامه ابلعمل سواء كان عاملا ابجلائزة أم ال‪ ،‬و حىت لو قام ابلعمل دون النظر إىل الوعد‪،‬‬
‫أما إذا انقضت املدة دون قيام أي شخص ابلعمل املطلوب سقط الوعد ابجلائزة و حتلل الواعد من‬
‫التزامه‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬الوعد غري حمدد املدة‬
‫إذا مل يقرتن الوعد ابجلائزة مبدة يشرتط الواعد أن يتم العمل املطلوب خالهلا‪ ،‬فإن الواعد يستطيع‬
‫يف هذه احلالة أن يرجع عن وعده يف أي وقت قبل إجناز العمل أو ال يرجع عنه‪ ،‬فإذا استعمل الواعد‬
‫حقه يف الرجوع يف الوعد غري حمدد املدة‪ ،‬يسقط التزامه يف الوعد إذا مل يقم أي شخص ابلعمل املطلوب‬
‫قبل الرجوع‪ ،‬شريطة أن يعلن رجوعه للجمهور‪.‬‬
‫و إذا قام شخص ابلعمل املطلوب قبل إعالن الواعد عن رجوعه إىل اجلمهور‪ ،‬أصبح هذا‬
‫الشخص دائناً للواعد الذي يلتزم إبعطائه اجلائزة‪ ،‬و لكن جيب عليه أن يطالب ابجلائزة خالل ‪ 06‬أشهر‬
‫من اتريخ اإلعالن عن العدول‪ ،‬و إال سقط حقه يف ذلك‪.‬‬
‫أما إذا كان الوعد حمدد املدة و مت إجناز العمل املطلوب قبل انقضائها أو كان الوعد غري حمدد‬
‫املدة لكن الواعد مل يرجع عنه‪ ،‬ففي هاتني احلالتني تتقادم دعوى املطالبة ابجلائزة طبقا لألحكام العامة‬
‫للتقادم و هي انقضاء ‪ 15‬سنة من يوم إجناز العمل‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫املبحث الرابع‪ :‬كيفية استحقاق اجلائزة‬
‫إذا أجنز شخص مبفرده العمل املطلوب استحق اجلائزة‪ ،‬غري أن اإلشكال يثور ابلنسبة لكيفية‬
‫استحقاق اجلائزة يف حالة تعدد األشخاص الذين قاموا ابلعمل املطلوب سواء على إنفراد أو ابلتعاون‬
‫فيما بينهم‪ ،‬و طاملا أن املشرع اجلزائري مل يتطرق هلذه املسألة يف املادة ‪ 123‬مكرر‪ 1‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ ،.‬فيمكن‬
‫تطبيق القواعد التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا قام عدة أشخاص ابلعمل املطلوب على إنفراد و يف أوقات خمتلفة‪ ،‬فإن اجلائزة تكون‬
‫لألسبق اترخياً‪.‬‬
‫‪ -2‬إذا قام عدة أشخاص ابلعمل املطلوب على إنفراد و يف وقت واحد‪ ،‬قسمت اجلائزة بينهم‬
‫ابلتساوي على حسب عددهم‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا شارك أو تعاون عدة أشخاص يف القيام ابلعمل املطلوب‪ ،‬تقسم اجلائزة عليهم بقدر نسبة‬
‫مسامهة كل واحد منهم يف إمتام ذلك العمل‪.‬‬
‫و يف حال كانت اجلائزة ال تقبل القسمة و لكنها تقبل البيع‪ ،‬تباع و يقسم مثنها على مستحقيها‪،‬‬
‫أما إذا كانت شيئا اتفها ال قيمة له يف السوق‪ ،‬أو شيئا ال ميكن منحه وفقا لشروط الوعد إال لشخص‬
‫واحد‪ ،‬فيتم الرجوع حينئذ للقرعة‪.‬‬

‫‪64‬‬
65
‫الواقعة القانونية‪ :‬هي كل حدث أو فعل مادي يقع و يرتب القانون على وقوعه آاثر قانونية‪ ،‬و‬
‫يعرب عن الوقائع القانونية ابملصادر غري اإلرادية للحقوق و االلتزامات‪ ،‬ألن إرادة اإلنسان مل تتجه إىل‬
‫إنشاء هذه احلقوق و االلتزامات و إمنا الواقعة القانونية اليت حدثت هي اليت أنشأهتا‪.‬‬
‫تنقسم الوقائع القانونية إىل قسمني‪ :‬وقائع حتدث بفعل الطبيعية دون أن يكون لإلنسان دخل يف‬
‫حدوثها و يرتب القانون آاثر على حدوثها‪ ،‬و يطلق عليها الوقائع الطبيعية‪ ،‬كواقعة امليالد اليت ينشأ‬
‫حبدوثها احلق يف النسب للمولود‪ ،‬و كذلك واقعة الوفاة اليت بتحققها يثبت احلق يف املرياث للورثة‪ ،‬و‬
‫ابلنسبة هلذه الوقائع الطبيعية يعترب القانون هو املصدر املباشر للحقوق و االلتزامات املرتتبة عنها‪.‬‬
‫أما الوقائع املادية فتحدث بفعل اإلنسان‪ ،‬و يقصد هبا كل فعل صادر عن الشخص دون أن تتجه‬
‫إرادته إىل ترتيب آاثر عنها‪ ،‬فريتب القانون آاثر على حدوثها‪ ،‬مما يعين أن إرادة هذا الشخص تقتصر‬
‫فقط على حدوث الفعل املادي دون أن تتجه إىل إنشاء حقوق و التزامات‪ ،‬و تتمثل هذه الوقائع املادية‬
‫يف أفعال ضارة و أخرى انفعة‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬سيتم دراسة الوقائع القانونية ابعتبارها مصدر غري إرادي لاللتزام على النحو‬
‫التايل‪:‬‬
‫‪ −‬الفعل الضار (الفعل غري املشروع – الفعل املستحق للتعويض – املسؤولية التقصريية)‬
‫‪ −‬الفعل النافع (اإلثراء بال سبب)‬
‫‪ −‬القانون‪.‬‬
‫الباب األول ‪ :‬املسؤولية التقصريية (الفعل الضار)‬
‫متثل املسؤولية التقصريية أهم الوقائع املادية املنشئة لاللتزام كأحد مصادره غري اإلرادية‪ ،‬فما املقصود‬
‫ابملسؤولية التقصريية و ما هي أحكامهاِ؟‬
‫فصل متهيدي ‪ :‬مفهوم املسؤولية التقصريية‬
‫لتحديد مفهوم املسؤولية التقصريية سيتم التعرض بداية لنشأهتا و تطورها‪ ،‬مث تعريف املسؤولية‬
‫بصفة عامة مع ذكر أنواعها‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬نشأة و تطور املسؤولية التقصريية‬
‫لقد عرفت املسؤولية التقصريية تطوراً ملحوظاً مبرور الزمن‪ ،‬ففي اجملتمعات البدائية كان املضرور‬
‫قاضي نفسه مبعىن يقتضي لنفسه بنفسه على أساس فكرة الثأر أو االنتقام مبقتضى ما ميلكه من قوة‪ ،‬و‬
‫ملا كان املضرور يتعسف يف استعمال حقه يف الثأر‪ ،‬فقد أدى ذلك إىل ظهور نزاعات بني األفراد و‬
‫القبائل‪ ،‬مث يف مرحلة الحقة بدأت هذه اجملتمعات البدائية تتطور‪ ،‬فنظمت احلق يف القصاص و حددت‬
‫له قيود ال جيوز للمضرور جتازوها حتت إشراف سلطة عامة‪ ،‬مث بعد ذلك ظهرت فكرة الدية كمقابل‬
‫مادي يتقاضاه املضرور لقاء العفو عن حمدث الضرر (املسؤول) ابتفاق بينهما (دية إختيارية) و كانت‬
‫متثل هذه الدية تعويض للمضرور و عقوبة للجاين يف ذات الوقت‪.‬‬
‫و مع تطور اجملتمعات تدخلت الدولة لتوفري األمن و االستقرار و النظام يف اجملتمع‪ ،‬و ذلك‬
‫بفرض الدية مع حتديد مقدارها من جهة و توقيع العقوبة على بعض اجلرائم من جهة أخرى‪ ،‬و ترتب‬
‫عن ذلك تفرقة بني نوعني من اجلرائم‪ :‬جرائم عامة متس ابملصلحة العامة للمجتمع ككل لذلك متلك‬
‫الدولة حق توقيع العقوبة على مرتكبها ابسم اجملتمع‪ ،‬و جرائم خاصة (أفعال ضارة) متس ابملصلحة‬
‫اخلاصة لألشخاص و يقتصر دور الدولة فيها على فرض التعويض إلصالح الضرر املرتتب عنها‪ ،‬و‬
‫بذلك برزت املسؤولية اجلنائية من جهة متمثلة يف العقوبة و املسؤولية املدنية من جهة أخرى متمثلة يف‬
‫التعويض‪.‬‬
‫لقد ظهرت فكرة اخلطأ كأساس للمسؤولية املدنية يف ظل القانون الروماين‪ ،‬إال أهنا مل تصل إىل‬
‫درجة القاعدة العامة اليت تقرر املسؤولية املدنية حسب ما هو سائد حالياً يف معظم األنظمة القانونية‬
‫املعاصرة‪ ،‬و ذلك نظراً الختالط فكرة التعويض ابلعقوبة نتيجة عدم وضوح الفوارق بني هذه املسؤولية‬
‫وبني املسؤولية اجلنائية آنذاك‪ ،‬بناء على ذلك‪ ،‬مل يتضمن القانون الروماين مبدأ عام يقضي ابملسؤولية‬
‫املدنية بل كانت هناك أحكام خاصة تقرر املسؤولية على بعض األفعال اجملرمة بصفة حمددة‪ ،‬و كانت‬
‫املسؤولية تتحقق إبرتكاب هذه األفعال‪ ،‬أما تلك األفعال اليت مل يرد حكم خاص بشأهنا فال تعترب أفعال‬
‫غري مشروعة‪.‬‬
‫مث بدأت فكرة اخلطأ تتبلـور يف ظـل القـانون الفرنسـي القـدمي حـىت وصـلت إىل درجـة القاعـدة العامـة‬
‫يف املســؤولية املدنيــة‪ ،‬و مــن هنــا مت الفصــل بشــكل هنــائي بينهــا وبــني املســؤولية اجلنائيــة‪ ،‬و بــذلك ميــز هــذا‬
‫القانون بني التعويض و العقوبة اجلنائية‪ ،‬كما ميز بني املسؤولية العقدية و التقصريية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫و بصــدور تقنــني انبليــون يف ‪ 1804‬تطــورت املســؤولية التقصــريية تطــورا كب ـريا‪ ،‬فباإلضــافة إىل إق ـراره‬
‫بفكــرة اخلطــأ كأســاس للمســؤولية التقصــريية عــن األفعــال الشخصــية‪ ،‬و الــيت متثــل املبــدأ العــام يف املســؤولية‬
‫التقصــريية‪ ،‬أقــر اســتثناء بصــور خاصــة هلــا و هــي مســؤولية الشــخص عــن فعــل الغــري يف حــاالت معينــة‪ ،‬و‬
‫كـذا مسـؤوليته الناشـئة عـن األشـياء (األشـياء غـري احليـة – احليـواانت – هتـدم البنـاء – احلريـق)‪ ،‬و هـو مـا‬
‫يعرف ابلنظرية الشخصية أو التقليدية للمسؤولية التقصريية‪.‬‬
‫إال أنه بعد النهضة الصناعية و ما أدت إليه من تطورات اجتماعية و اقتصادية وسياسـية‪ ،‬و ظهـور‬
‫اآلل ــة يف احلي ــاة املعاص ــرة‪ ،‬و ال ــيت ص ــاحبها ازدايد احلـ ـوادث والض ــحااي ال ــذين كان ــت تض ــيع حق ــوقهم يف‬
‫احلصــول عل ــى التع ــويض بســبب تع ــذر إثب ــات خطــأ املس ــؤول ع ــن أض ـرارهم‪ ،‬أص ــبحت النظري ــة التقليدي ــة‬
‫للمس ــؤولية التقص ــريية املبني ــة عل ــى أس ــاس اخلط ــأ (النظري ــة الشخص ــية) ع ــاجزة ع ــن محاي ــة ح ــق الض ــحااي‬
‫املتضــررين مــن ح ـوادث العمــل يف التعــويض‪ ،‬ممــا أدى إىل البحــث عــن أســاس آخــر غــري اخلط ــأ تبــىن عليــه‬
‫املسؤولية التقصريية‪.‬‬
‫و عموما‪ ،‬فقد سامهت كل هذه التطورات يف ظهور عدة نظرايت‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫‪ )1‬النظرية الشخصية‪:‬‬
‫أقامــت هــذه النظريــة املســؤولية التقصــريية علــى أســاس اخلطــأ كــركن جــوهري ال تقــوم بدونــه‪ ،‬فــال‬
‫مسؤولية بدون خطـأ سـواء كـان واجـب اإلثبـات أو مفـرتض‪ ،‬و دون تفرقـة بـني خطـأ عمـدي أو‬
‫غري عمدي‪ ،‬خطأ جسيم أو يسري‪...‬إخل‬
‫‪ )2‬النظرية املوضوعية‪(:‬حتمل التبعة)‬
‫بظهور هذه النظرية بناء على اعتبـارات العدالـة‪ ،‬أصـبحت املسـؤولية ال تقـوم علـى فكـرة اخلطـأ و‬
‫إمنــا علــى أســاس الضــرر الــذي حــدث للمضــرور‪ ،‬األمــر الــذي أدى إىل توســيع نطــاق املســؤولية‬
‫التقصـريية‪ ،‬فطبقــا لقاعــدة "الغُـ ْـرُم ابلغُـْن نم" ينبغــي علــى كــل مــن يقــوم بنشــاط اقتصــادي و يســتفيد‬
‫من مغامنه أو أرابحه‪ ،‬حتمل مجيع نتائجه الضارة أو مغارمه‪.‬‬
‫‪ )3‬نظرية الضمان‪:‬‬
‫تقوم املسؤولية التقصريية طبقا هلذه النظرية على أساس الضمان‪ ،‬و هذا األخري يقوم على فكرة‬
‫اإلخالل حبقوق املضرور‪ ،‬ألن إحلاق األضرار ابلغري يشكل إنتهاكاً للحق يف السالمة الذي‬

‫‪68‬‬
‫يكفله القانون لكل فرد يف اجملتمع‪ ،‬ومن مث إذا ثبت ضرر للمضرور تتحقق املسؤولية و يكون‬
‫مسبب الضرر ملزماً ابلتعويض جملرد وقوع الضرر دون البحث يف سلوكه عن اخلطأ فيما عدا‬
‫حالة القوة القاهرة‪ ،‬و ذلك نتيجة املساس حبق الضمان املقرر للغري‪.‬‬
‫ما هو موقف املشرع اجلزائري من هذه النظرايت؟‬
‫لقد أخذ املشرع اجلزائري ابلنظرية الشخصية يف املسؤولية التقصريية و أسسها كقاعدة عامة على‬
‫فكرة اخلطأ واجب اإلثبات ابلنسبة للمسؤولية عن األفعال الشخصية‪ ،‬غري أنه أضاف حاالت تقوم فيها‬
‫املسؤولية على اخلطأ املفرتض و هي املسؤولية عن فعل الغري و عن األشياء‪ ،‬كما أخذ ابلنظرية املوضوعية‬
‫اليت تقوم على أساس الضرر يف مسؤولية املنتج و كذلك يف جمال حوادث العمل طبقا للقانون ‪11-90‬‬
‫املتعلق بعالقات العمل الفردية‪ ،‬ابإلضافة إىل ذلك أخذ بنظرية الضمان يف جمال التأمينات و الضمان‬
‫االجتماعي‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬تعريف املسؤولية و أنواعها‬
‫يقصد ابملسؤولية بصفة عامة‪ ":‬اجلزاء املرتتب عن اإلخالل ابلتزام معني"‪ ،‬و يستخلص من هذا‬
‫التعريف أن املسؤولية تتنوع تبعا لتنوع االلتزام الذي مت اإلخالل به‪ ،‬فإذا كان التزام ديين كانت مسؤولية‬
‫املخل دينية أمام هللا عز و جل‪ ،‬واجلزاء عليها يكون أخروي أو دنيوي وفقاً ملشيئته تعاىل‪.‬‬
‫و إذا كــان اإلخــالل ابلتـزام أخالقــي انشــئ عــن تقاليــد أو عــادات اجتماعيــة‪ ،‬كانــت املســؤولية املرتتبــة‬
‫عليه أدبية أمام اجملتمع‪ ،‬واجلزاء الناجم عنها يتمثل يف أتنيب الضمري أو استنكار اجملتمع هلذا السلوك‪.‬‬
‫أما إذا كان اإلخالل ابلتزام قانوين فيرتتب عليه مسؤولية قانونية‪ ،‬و تتنوع هـذه املسـؤولية بـدورها تبعـاً‬
‫لنــوع القاعــدة القانونيــة الــيت مت اإلخــالل هبــا‪ ،‬فــإذا كانــت هــذه القاعــدة جنائيــة هتــدف إىل محايــة املصــلحة‬
‫العامة للمجتمع كانت مسؤولية الفاعل جنائية‪ ،‬كالقتل والضرب واجلرح والسرقة و القـذف ‪ ....‬اخل‪ ،‬وإذا‬
‫كانت هذه القاعدة تقرر محاية املصلحة اخلاصة لألشخاص‪ ،‬كانت مسؤولية املخل هبا مدنية‪.‬‬
‫و تنقسم املسؤولية املدنية بدورها إىل نوعني تبعا لنوع االلتزام املدين‪ ،‬فإذا مت اإلخالل ابلتزام عقـدي‬
‫ترتــب عليــه مســؤولية عقديــة‪ ،‬أمــا إذا كــان اإلخــالل بواجــب قــانوين عــام وهــو عــدم اإلضـرار ابلغــري فيرتتــب‬
‫عنه مسؤولية تقصريية‪ ،‬و هذه األخرية هي حمل دراستنا‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أحكام املسؤولية التقصريية يف القانون اجلزائري‬
‫تعرف املسؤولية التقصريية أبهنا‪ ":‬اجلزاء املرتتب عن اإلخالل ابلتزام قانوين عام يتمثل يف عدم‬
‫اإلضرار ابلغري"‪ ،‬و قد تناول املشرع اجلزائري أحكام هذه املسؤولية ضمن الباب األول املتعلق مبصادر‬
‫االلتزام يف الفصل الثالث منه حتت عنوان "الفعل املستحق للتعويض" من املادة ‪ 124‬إىل ‪ 140‬مكرر ‪1‬‬
‫ق‪.‬م‪ ،.‬حيث قسم هذا الفصل إىل ثالثة أقسام على النحو اآليت‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬املسؤولية عن األفعال الشخصية (املواد من ‪ 124‬إىل ‪ 133‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫القسم الثاين‪ :‬املسؤولية عن فعل الغري(املواد من ‪ 134‬إىل ‪ 137‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬املسؤولية الناشئة عن األشياء (املواد من ‪ 138‬إىل ‪ 140‬مكرر ‪ 1‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬يتضح أن املشرع اجلزائري قد تبىن القاعدة العامة يف املسؤولية التقصريية أال و هي‬
‫املسؤولية عن األفعال الشخصية‪ ،‬إضافة إىل ذلك أقر استثناء يف حاالت معينة ابملسؤولية عن فعل الغري‬
‫و عن األشياء‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية‬
‫لقد نص املشرع اجلزائري على القاعدة العامة يف املسؤولية التقصريية و هي املسؤولية عن األفعال‬
‫الشخصية مبوجب املادة ‪ 124‬ق‪.‬م‪ .‬بقوهلا‪ ":‬كل فعل أاي كان يرتكبه الشخص خبطئه ويسبب ضررا‬
‫للغري‪ ،‬يلزم من كان سببا يف حدوثه ابلتعويض "‪ ،‬و يتبني من مضمون هذه املادة أن املسؤولية عن‬
‫األفعال الشخصية هي تلك املسؤولية اليت ترتتب على ارتكاب فعل ضار "خطأ" صادر من املسؤول‬
‫شخصيا و يسبب به ضررا للغري‪ ،‬بناء على ذلك سيتم دراسة أركان هذه املسؤولية مث اآلاثر املرتتبة‬
‫عنها‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬أركان املسؤولية عن األفعال الشخصية‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 124‬ق‪.‬م‪ .‬يشرتط لقيام املسؤولية عن األفعال الشخصية توافر ثالثة أركان وهي‬
‫ارتكاب خطأ‪ ،‬و وجود ضرر و عالقة السببية بينهما‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ركن اخلطأ‬
‫اخلطأ هو ركن أساسي يف املسؤولية عن األفعال الشخصية‪ ،‬فهو عمادها و أساسها الذي ترتكز‬
‫عليه‪ ،‬إذ ال يكفي أن حيدث الضرر حىت يستلزم التعويض إال إذا نسب إحداثه إىل خطأ حمدد‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف اخلطأ‬
‫ابلرغم من أمهية اخلطأ يف املسؤولية املدنية بصفة عامة و املسؤولية التقصريية بصفة خاصة‪ ،‬إال أنه‬
‫نظرا لصعوبة حتديده حتديدا دقيقا مل تضع معظم التشريعات مبا يف ذلك املشرع اجلزائري تعرفا له األمر‬
‫الذي أدى إىل إختالف الفقه حول تعريفه‪.‬‬
‫يقصد ابخلطأ يف إطار املسؤولية التقصريية ‪":‬احنراف الشخص عن السلوك املألوف الذي يفرضه‬
‫القانون مع إدراكه هلذا االحنراف"‪ ،‬و يعد هذا االحنراف إخالال ابلتزام قانوين عام و هو " عدم اإلضرار‬
‫ابلغري"‪ ،‬و ذلك نتيجة تقصري الشخص يف اختاذ واجب احليطة و احلذر و التبصر يف سلوكه لتجنب‬
‫اإلضرار ابلغري‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬عناصر اخلطأ‬
‫يستخلص من مضمون املادتني ‪ 124‬و ‪ 125‬ق‪.‬م‪ .‬أن اخلطأ يتكون من عنصرين ‪:‬‬
‫‪ -1‬العنصر املادي للخطأ (التعدي) ‪:‬‬
‫يتمثـل العنصــر املـادي للخطــأ يف احنـراف الشــخص عــن السـلوك املــألوف (التعـدي) و الــذي يشــكل‬
‫إخالال ابلتزام قانوين هو " عدم اإلضرار ابلغـري"‪ ،‬و ذلـك نتيجـة تقصـريه يف اختـاذ واجـب احليطـة و احلـذر‬
‫يف سلوكه‪ ،‬و يستوي يف ذلك أن يكون هذا االحنراف عمدي أو غري عمـدي (إمهـال أو تقصـري) فاملشـرع‬
‫اجلزائري مل مييز يف نطاق املسؤولية التقصرية بني اخلطـأ العمـدي و غـري العمـدي و ال بـني اخلطـأ اجلسـيم و‬
‫اليسري‪ ،‬فكل منهم يستوجب التعويض عن الضرر الناشئ عنه‪ ،‬كما يستوي أن يكون هذا االحنراف انتـج‬
‫عن القيام بفعل أو سلوك إجيايب كفعـل الضـرب أو القتـل‪ ،‬أو سـلوك سـليب كامتنـاع الـزوج عـن النفقـة علـى‬
‫أسرته‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل توسيع نطاق اخلطأ يف جمال املسؤولية املدنية‪.‬‬
‫و السؤال الذي يطرح يف هذا الصدد‪ :‬ما هو املعيار الذي يقاس به هذا االحنراف يف السلوك أو‬
‫التعدي؟ لإلجابة على ذلك هناك معيارين أحدمها شخصي و اآلخر موضوعي‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫أ‪ -‬املعيار الشخصي‪:‬‬
‫طبقا هلذا املعيار يتم قياس إحنراف الشخص عن السلوك املألوف ابلنظر إىل ظروفه الشخصية‬
‫كالسن و اجلنس و احلالة الصحية‪...‬إخل ابإلضافة إىل صفاته الشخصية إذا ما كان شديد احلرص أو‬
‫متوسط احلرص أو شديد اإلمهال‪.‬‬
‫إن األخذ هبذا املعيار يؤدي إىل عدم مسائلة الشخص شديد اإلمهال إال إذا كان احنرافه جسيماً‪،‬‬
‫و يف مقابل ذلك يتم مسائلة الشخص شديد احلرص حىت عن خطئه التافه‪ ،‬هلذا ال يصلح هذا املعيار‬
‫لقياس احنراف الشخص عن السلوك املألوف‪.‬‬
‫ب‪ -‬املعيار املوضوعي‪:‬‬
‫يستند هذا املعيار إىل الظروف اخلارجية لقياس إحنراف الشخص عن السلوك املألوف‪ ،‬و ذلك‬
‫ابلنظر إىل الفعل ذاته إذا كان يشكل إحنراف عن السلوك املعتاد و هو سلوك الرجل العادي إذا وجد يف‬
‫نفس الظروف اخلارجية اليت أحاطت مبرتكب اخلطأ كظريف الزمان و املكان اللذان وقعا فيها التعدي‬
‫دون مراعاة لظروفه الشخصية لذلك فهو ال يتغري من شخص آلخر‪ ،‬و يسمى مبعيار الرجل العادي أي‬
‫الشخص املتوسط الصفات فال هو بشديد احلرص و ال شديد اإلمهال‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬يعد معيار الرجل العادي هو األنسب و األصلح لقياس التعدي‪ ،‬و قد أخذ به املشرع‬
‫اجلزائري يف العديد من أحكام القانون املدين‪.‬‬
‫‪ -2‬العنصر املعنوي للخطأ (اإلدراك)‪:‬‬
‫إن توافر عنصر التعدي أو االحنراف يف سلوك الشخص وفقا ملعيار الرجل العادي غري كايف‬
‫لوصف الفعل الضار ابخلطأ‪ ،‬إال إذا توافر يف فاعله اإلدراك‪ ،‬و يقصد ابإلدراك كعنصر معنوي للخطأ‬
‫قدرة الشخص على معرفة النتائج الضارة لسلوكه املنحرف‪ ،‬و حيدد اإلدراك بسن التمييز طبقا لنص املادة‬
‫‪ 125‬ق‪.‬م‪ .‬و هو ‪ 13‬سنة دون أن يعرتض أهلية القاصر عارض يفقده التمييز كاجلنون و العته‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬إذا اقرتن التعدي ابلتمييز عد سلوك مرتكبه خطأ‪ ،‬و من مث يكون مسؤول عن فعله‬
‫الشخصي‪ ،‬أما عدمي التمييز كالقاصر غري املميز (أقل من ‪ 13‬سنة) أو اجملنون أو املعتوه فال يسأل عن‬
‫فعله الشخصي نظراً لتخلف عنصر اإلدراك كأحد عناصر اخلطأ‪ ،‬و لكن ميكن أن يسأل عنها غريه و‬
‫ذلك يف إطار املسؤولية عن فعل الغري‪ ،‬لكن إذا فقد الشخص متييزه بسبب تعاطيه ملواد مسكرة أو خمدرة‬

‫‪72‬‬
‫فيعد فعله يف هذه احلالة خطأ طاملا كان تعاطيه هلذه املواد مبحض إرادته‪ ،‬إال إذا كان ذلك عن جهل‬
‫منه‪.‬‬
‫أمــا الشــخص املعنــوي فطاملــا أنــه لــيس لــه إدراك أو متييــز‪ ،‬فينبغــي ت ـوافر اإلدراك لــدى ممثلــه القــانوين‬
‫(الشــخص الطبيعــي) الــذي يباشــر نشــاط هــذا الشــخص املعنــوي و يعــرب عــن إرادتــه يف تعامالتــه مــع الغــري‬
‫إبمسه و حلسابه‪.‬‬
‫ينبغي اإلشارة يف هذا الصدد‪ ،‬إىل أن املادة ‪ 125‬ق‪.‬م‪ .‬قبل تعديلها يف مبوجب القانون ‪10-05‬‬
‫السابق ذكره‪ ،‬كانت تقر يف فقرهتا الثانية بقيام مسؤولية القاصر غري املميز (عدمي التمييز) استثناءا يف‬
‫حالتني و مها‪ :‬حالة عدم وجود مسؤول عن القاصر غري املميز‪ ،‬و حالة تعذر احلصول على تعويض من‬
‫املسؤول عن هذا القاصر‪ ،‬حيث كان جيوز للقاضي احلكم على غري املميز الذي وقع منه الفعل الضار‬
‫بتعويض عادل مراعياً يف ذلك مركز اخلصومة‪.‬‬
‫غري أن املشرع اجلزائري ألغى هذه الفقرة من املادة ‪ 125‬ق‪.‬م‪ ،.‬و بذلك يكون قد استبعد‬
‫مسؤولية عدمي التمييز و أبقى فقط على مسؤولية الشخص املميز عن فعله الشخصي‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬مسؤولية الشخص املعنوي‬
‫ميكن أن تقوم مسؤولية الشخص املعنوي عن خطئه الشخصـي طبقـا لـنص املـادة ‪ 124‬ق‪.‬م‪ ،.‬عـن‬
‫كل األضرار اليت يتسبب فيها األشـخاص الطبيعيـون الـذين ميثلونـه أمـام الغـري عنـد إدارهتـم لشـؤونه‪ ،‬حيـث‬
‫ينسب اخلطأ يف هذه احلالة إىل الشخص املعنوي ذاته‪ ،‬و يعترب االحنراف يف السـلوك قـد وقـع منـه بواسـطة‬
‫ممثليــه الــذين يشــكلون الطــاقم املســري لــه‪ ،‬كاملــدراء و اجلمعيــة العامــة و جملــس اإلدارة‪ ،‬الــذين هلــم صــالحية‬
‫اختاذ القرارات إبسم و حلساب الشخص املعنوي‪.‬‬
‫فضــال عــن ذلــك‪ ،‬ميك ـن أن يســأل الشــخص املعنــوي عــن األض ـرار الــيت يرتكبهــا األشــخاص الــذين‬
‫يعملون حلسابه بصفة تبعية أي ابعتبارهم اتبعني له‪ ،‬و ذلك يف إطار مسؤولية املتبوع عن أفعال اتبعه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬حاالت إنعدام اخلطأ‬
‫األصل أن كل تعدي أو إحنراف عن السلوك املألوف للرجل العادي يعترب فعال غري مشروع مىت‬
‫كان فاعله مدركاً لنتائج احنرافه و من مث يوصف أبنه خطأ‪ ،‬إال أن هناك حاالت استثنائية ال يوصف‬
‫فيها هذا التعدي ابخلطأ و ال يسأل فاعله رغم الضرر املرتتب عنه للغري‪ ،‬و تتمثل هذه احلاالت يف ‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -1‬حالة الدفاع الشرعي‪:‬‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 128‬من ق‪.‬م‪ .‬ال يسأل الشخص عن األضرار اليت أحلقها ابلغري بسبب‬
‫التعدي الذي قام به إذا كان رداً على االعتداء غري املشروع الذي يهدده أو يهدد غريه يف النفس أو‬
‫املال‪ ،‬و لقيام حالة الدفاع الشرعي جيب توافر الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ −‬وجود خطر حال أو وشيك الوقوع على املعتدى عليه أو الغري يف النفس أو املال‪.‬‬
‫‪ −‬أن يكون مصدر اخلطر فعال غري مشروع‪.‬‬
‫‪ −‬أن يكون الدفاع هو الوسيلة الوحيدة لدفع اخلطر‪.‬‬
‫‪ −‬أن يكون دفع االعتداء ابلقدر الالزم و الضروري لرد اخلطر حبيث يتناسب الدفاع مع االعتداء‬
‫املراد رده‪ ،‬و إذا جتاوزه الشخص يتقاسم املسؤولية مع املعتدي الشرتاكهما يف اخلطأ‪.‬‬
‫‪ -2‬حالة تنفيذ أوامر الرئيس ‪:‬‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 129‬ق‪.‬م‪ .‬يعترب التعدي املرتتب عن تنفيذ املوظف أو العون العمومي ألوامر‬
‫صادرة من رئيسه فعال مشروعا‪ ،‬و ابلتايل ال يسأل شخصيا عن األضرار اليت سببها للغري‪ ،‬إذا توافرت‬
‫الشروط اآلتية‪:‬‬
‫‪ −‬أن يكون مرتكب الفعل الضار موظفا أو عوان عموميا‪.‬‬
‫‪ −‬أن يصدر الفعل تنفيذا ألمر صادر إليه من رئيس مع اعتقاده مبشروعية هذا األمر‪ ،‬على أن‬
‫تكون طاعة هذا األمر واجبة‪.‬‬
‫‪ −‬أن يراعي املوظف أو العون العمومي احليطة واحلذر عند تنفيذ أمر الرئيس‪.‬‬
‫‪ -3‬حالة الضرورة ‪:‬‬
‫حسب نص املادة ‪ 130‬من ق‪.‬م‪ .‬ميكن للشخص الذي ارتكب التعدي يف حالة الضرورة أن‬
‫يتخلص من جزء من املسؤولية وفقا للشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ −‬وجود خطر حال حمدق ابلشخص أو بغريه يف النفس أو املال‪.‬‬
‫‪ −‬أن يكون مصدر هذا اخلطر أجنبيا عن حمدث الضرر و عن املضرور‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪ −‬أن يكون اخلطر املراد تفاديه أشد بكثري من الضرر الذي حيدثه املضطر بغريه‪ ،‬أما إذا كان‬
‫الضرر الواقع يساوي أو يفوق الضرر املراد جتنبه فال ميكن الدفع حبالة الضرورة‪.‬‬
‫جتب املالحظة إىل أنه ال يعفى املضطر من املسؤولية بصورة كاملة يف حالة الضرورة‪ ،‬و إمنا تكون‬
‫مسؤوليته خمففة فال يلزم بتعويض الضرر كلياً‪.‬‬
‫‪ -4‬رضا املضرور‪:‬‬
‫طاملا أنه جيوز للشخص التصرف يف حقوقه املالية و التنازل عنها‪ ،‬فإن رضا املضرور مبا يلحقه من‬
‫ضرر هبذه احلقوق يعفي حمدث الضرر من املسؤولية التقصريية‪ ،‬أما احلقوق املتعلقة بشخص املضرور و‬
‫اليت ال جيوز له التنازل عنها‪ ،‬فإن رضاه ابالعتداء عليها ال يعفي املعتدي من املسؤولية اجلنائية‪.‬‬
‫‪ -5‬ترخيص القانون‪:‬‬
‫هناك حاالت يرخص فيها القانون فعل االعتداء دون أن يعد فاعله مسؤوال‪ ،‬مثال ذلك ترخيص‬
‫القانون للطبيب اجلراح إبجراء عملية جراحية للمريض بناء على رضاه يف حدود أصول مهنة الطب‪ ،‬و‬
‫كذلك ترخيص القانون يف بعض أنواع الرايضة العنيفة كاملصارعة و املالكمة‪ ،‬حيث ال يرتب إعتداء أحد‬
‫الرايضيني على اآلخر مسؤوليته‪ ،‬شريطة عدم جتاوزه لقواعد اللعبة الرايضية املسموح هبا حسب كل نوع‬
‫من األلعاب الرايضية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬صور اخلطأ‬
‫نظرا لتنوع و اختالف صور اخلطأ الذي قد يتحقق بفعل إجيايب أو فعل سليب من الفاعل‬
‫(املسؤول) كما قد يتحقق بفعل عمدي أو غري عمدي‪ ،‬وحىت عن جمرد اإلمهال أو التقصري‪ ،‬مل يبني‬
‫املشرع اجلزائري صوره‪ ،‬ابستثناء صورة واحدة أدرجها مبوجب القانون ‪ 10-05‬املعدل للقانون املدين‪ ،‬أال‬
‫وهي التعسف يف استعمال احلق‪.‬‬
‫لكل شخص احلق يف استعمال حقه على الوجه الذي حيقق مصلحته اخلاصة‪ ،‬وال يسأل عن‬
‫الضرر الذي يلحق ابلغري بسبب ذلك‪ ،‬طاملا أنه مل يتجاوز احلدود املوضوعية هلذا احلق‪ ، ،‬غري أنه إذا‬
‫احنرف الشخص يف استعمال احلق عن غايته على وجه غري مشروع مبعىن استعمل حقه استعماال غري‬
‫مشروع اعترب ذلك تعسف يف استعمال احلق‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫و عليه يعرف التعسف يف استعمال احلق أبنه‪" :‬احنراف يف مباشرة سلطة من السلطات الداخلية‬
‫يف حدود احلق"‪ ،‬و السؤال الذي يطرح يف هذا الصدد هو ‪ :‬مىت يعترب التعسف يف استعمال احلق خطأ‬
‫يرتتب عليه مسؤولية فاعله؟‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 124‬مكرر من ق‪.‬م‪ .‬يعترب االستعمال التعسفي للحق صورة من صور اخلطأ‬
‫التقصريي الذي يستوجب املسؤولية عن األفعال الشخصية يف احلاالت التالية ‪:‬‬
‫‪ −‬إذا وقع بقصد اإلضرار ابلغري‪ :‬فمن يستعمل حقه بقصد احلصول على منفعة أو حتقيق‬
‫مصلحة له و كان هذا االستعمال مصحوابً بنية اإلضرار ابلغري‪ ،‬فإن ذلك يعد تعسفاً يستوجب‬
‫املسؤولية عن األضرار الناشئة عنه‪.‬‬
‫‪ −‬إذا كــان يرمــي إىل احلصــول علــى فائــدة قليلــة ابلنســبة إىل الضــرر الناشـ للغــري‪ :‬إن اســتعمال‬
‫احلــق هب ــدف جلــب فائ ــدة قليلــة األمهي ــة ابلنظــر إىل الض ــرر الــذي حل ــق ابلغــري‪ ،‬حبي ــث أن الض ــرر‬
‫الالحـق ابلغــري يفــوق املنفعـة املتحصــل عليهــا مـن االســتعمال‪ ،‬كنــا بصـدد اســتعماالً تعســفياً للحــق‬
‫تتحقق به مسؤولية مستعمل احلق‪.‬‬
‫‪ −‬إذا كان الغرض منه احلصول على فائدة غري مشروعة‪ :‬أي حتقيق مصلحة خمالفة للنظام العام‬
‫واآلداب العامة‪.‬‬
‫جتدر املالحظة إىل أن املعيار الذي يقاس به إحنراف استعمال الشخص حلقه عن السلوك املألوف‬
‫هو معيار الرجل العادي‪ ،‬وعليه فإن كل احنراف عن سلوك الرجل العادي يف استعمال احلق يعترب‬
‫استعماال تعسفيا‪ ،‬و ابلتايل يشكل صورة من الصور اخلطأ طبقا للحاالت اليت حددهتا املادة ‪124‬‬
‫مكرر من ق‪.‬م‪ ،.‬و يف كل هذه احلاالت املذكورة أعاله‪ ،‬إذا سبب االستعمال التعسفي للحق ضررا‬
‫للغري يرتتب على فاعله االلتزام ابلتعويض‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬إثبات اخلطأ‬
‫يعتــرب اخلطــأ يف املســؤولية عــن األفعــال الشخصــية واجــب اإلثبــات‪ ،‬حيــث يقــع علــى عــاتق املضــرور‬
‫(املــدعي) عــبء إثباتــه مــن خــالل إقامــة الــدليل علــى تـوافر عنصــر التعــدي فيــه‪ ،‬مــىت كــان الشــخص مــدركاً‬
‫لنتائج أفعاله‪ ،‬و يتم إثبات اخلطأ بكل وسائل اإلثبات ألنه واقعة مادية‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫سابعا‪ :‬نفي اخلطأ‬
‫طاملا أن اخلطأ يف املسؤولية عن األفعال الشخصية واجب اإلثبات يقع عبء إثباته على عاتق‬
‫من يدعيه (املضرور)‪ ،‬فإن عبء نفي وقوع اخلطأ أي نفي ما أثبته املدعي‪ ،‬يقع على عاتق املدعى عليه‬
‫(املسؤول) و ذلك من خالل نفي وقوع اخلطأ أي نفي وجود تعدي أو إحنراف يف سلوك الرجل العادي‬
‫ابستعمال كل وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫اثمنا‪ :‬رقابة احملكمة العليا على ركن اخلطأ‬
‫إن اســتخالص ركــن اخلطــأ يف املســؤولية التقصــريية مــن خــالل اســتخالص الوقــائع املكونــة لعنصــر‬
‫التع ــدي و حتدي ــد عنص ــر اإلدراك ي ــدخل يف نط ــاق الس ــلطة التقديري ــة حملكم ــة املوض ــوع‪ ،‬إال أن تكيي ــف‬
‫الفعــل املؤســس عليــه طلــب التعــويض (التعــدي) أبنــه خطــأ أو نفــى هــذا الوصــف عنــه مــن مســائل القــانون‬
‫اليت خيضع فيها قاضى املوضوع لرقابة احملكمة العليا‪.‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬ركن الضرر‬


‫يعد الضرر الركن الثاين لقيام املسؤولية التقصريية‪ ،‬وابلتايل فهو ميثل أحد شروط استحقاق التعويض‬
‫بصفة عامة‪ ،‬أايً كانت طبيعة هذا الضرر‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬تعريف الضرر‬
‫يعد الضرر أحد أهم أركان املسؤولية التقصريية‪ ،‬فهو مرتبط هبا وجوداً و عدماً‪ ،‬حبيث ال يتصور‬
‫قيامها يف حالة عدمه‪ ،‬فال مسؤولية بدون ضرر وال ضرر بدون مساس حبق أو مصلحة مشروعة حيميها‬
‫القانون‪ ،‬مبعىن تنعدم املسؤولية ابنعدام الضرر‪ ،‬حىت لو كان هناك خطأ قد وقع من الغري‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬يتضح أنه يلزم لقيام املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية أن يتسبب خطأ‬
‫املسؤول (اخلطأ التقصريي) يف املساس حبق أو مصلحة مشروعة حيميها القانون (الضرر) سواء كان هذا‬
‫املساس جبوانب املادية أو األدبية‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬ميكن تعريف الضرر أبنه ‪" :‬األذى الذي يصيب الشخص نتيجة املساس مبصلحة‬
‫مشروعة له أو حق من حقوقه‪ ،‬سواء كان هذا احلق أو هذه املصلحة املشروعة مادية أو معنوية (أدبية)"‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫اثنيا ‪ :‬أنواع الضرر‬
‫يقسم الضرر حبسب طبيعته إىل ضرر مادي و ضرر معنوي‪.‬‬
‫‪ -1‬الضرر املادي‪:‬‬
‫هو الضرر الذي يصيب الشخص يف جسمه أو ماله أو اإلخالل مبصلحة مشروعة ذات قيمة‬
‫مالية‪ ،‬و يعترب الضرر املادي هو األكثر وقوعا يف نطاق املسؤولية التقصريية‪ ،‬و ميكن تعريفه أبنه ‪" :‬‬
‫األذى الذي ُحي ندث انتقاصاً يف نفس الشخص أو ماله أو مصلحة مشروعة له ذات قيمة مالية"‪.‬‬
‫و يشرتط لوصف األذى الذي يلحق الشخص أبنه ضرر مادي و يستحق التعـويض عنـه‪ ،‬الشـروط‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬املساس حبق أو مبصلحة مشروعة للمضرور‬
‫ينبغي العتبار األذى الذي يلحق ابلشخص ضرراً مادايً‪ -‬أن يكون هذا األذى قد أصابه يف نفسه‬
‫كحرمانه من احلق يف احلياة ابلقتل أو املساس بصحته أو بسالمة جسمه ابلتعدي عليه ابلضرب أو‬
‫اجلرح‪ ...‬أو انتقص من حقوقه املالية‪.‬‬
‫كما يشرتط أن تكون املصلحة اليت مت املساس هبا مشروعة‪ ،‬كمصلحة الزوجـة يف بقـاء زوجهـا علـى‬
‫قيد احلياة فإذا قتل أصـبح هلـا احلـق يف املطالبـة ابلتعـويض عـن الضـرر الـذي حلـق هبـا بسـبب ذلـك‪ ،‬أمـا إذا‬
‫كانــت املصــلحة الــيت مت املســاس هبــا غــري مشــروعة أي خمالفــة للنظــام العــام واآلداب ( حــىت لــو كــان ترتــب‬
‫عنها خسارة مالية للمضرور) فال يعتد هبا كضرر مادي يستوجب التعويض عنه‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬أن يكون الضرر حمققا‬
‫عــالوة علــى كــون األذى ماسـاً حبــق أو مبصــلحة مشــروعة للمضــرور‪ ،‬يشــرتط أن يكــون الضــرر حمققـاً‬
‫سواء كان ضرر حال أو مستقبلي‪ ،‬أما الضرر احملتمل فال تعويض عنه‪.‬‬
‫‪ .1‬الضرر احلال ‪ :‬هو الضرر الذي وقع فعالً‪ ،‬و جتسدت آاثره يف الواقع كوفاة املضرور أو إصابته‬
‫جبروح أو إتالف ماله‪...‬‬
‫‪ .2‬الضرر املستقبل ‪ :‬هو الضرر الذي مل يقع بعد لكن وقوعه يف املستقبل أمراً حمققا و مؤكداً‪،‬‬
‫مثال ذلك إصابة شخص نتيجة حادث مرور بعاهة‪ ،‬فيقع له ضرر حال هو فقد العضو و ما‬
‫يرتتب على ذلك من عالج و يقع له ضرر آخر مستقبال هو عجزه عن ممارسة مهنته‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫‪ .3‬الضرر احملتمل ‪ :‬هو الضرر الذي مل يقع فعال و غري حمقق الوقوع يف املستقبل‪ ،‬فال يستحقق‬
‫التعويض عنه حىت يتأكد وقوعه‪ ،‬فتحققه يدور بني الشك واالحتمال‪ ،‬مثال ذلك ضرب امرأة‬
‫حامل على بطنها ضرابً حيتمل معه اإلجهاض وعدمه‪ ،‬فليس هلا املطالبة ابلتعويض عن‬
‫اإلجهاض طاملا أنه مل يقع ومل يتأكد أنه سيقع‪.‬‬
‫‪ .4‬تفويت الفرصة ‪:‬‬
‫إذا كان الضرر عبارة عن تفويت فرصة فهل يستحق التعويض عنه؟‬
‫يقصــد ابلفرصــة األمــل يف الكســب احملتمــل الــذي ت ـوافرت أســبابه‪ ،‬وتفويــت هــذه الفرصــة هــو‬
‫إضاعة هذا األمل‪ ،‬و الضرر الناتج عن تفويت الفرصة يكون قابالً للتعـويض‪ ،‬ألنـه وإن كانـت‬
‫الفرصة أمراً حمتمالً فإن تفويتها أمر حمقق‪( .‬املادة ‪ 1/182‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫مثال ذلك تفويت الفرصة على مرتشح و حرمانه من املشاركة يف مسابقة توظيف نتيجة‬
‫تعرضه حلادث مرور‪ ،‬فإذا كان جناح هذا املرتشح غري مضمون التحقق (احتمايل) و ابلتايل‬
‫ال ميكن التعويض عنه‪ ،‬فإن تفويت الفرصة يف املشاركة يف املسابقة هو ضرر حمقق جيوز له‬
‫املطالبة ابلتعويض عنه‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يكون الضرر مباشر‬
‫لكي يعوض عن الضرر‪ ،‬ينبغي عالوة على كونه حمققا أن يكون هذا الضرر مباشر ومرتبطا سببياً‬
‫حبدوث اخلطأ‪ ،‬أي يكون نتيجة طبيعية و مباشرة لوقوع اخلطأ (العالقة السببية)‪ ،‬و مل يكن ابستطاعة‬
‫املضرور توقيه ببذل جهد معقول (املادة ‪ 1/182‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫الشرط الرابع ‪ :‬أال يكون قد سبق تعويضه ‪ :‬يشرتط يف الضرر كذلك أال يكون قد سبق‬
‫التعويض عنه‪ ،‬فال جيوز للمضرور أن حيصل على أكثر من تعويض إلصالح ضرر واحد‪.‬‬
‫الشرط اخلامس ‪ :‬أن يكون الضرر شخصي ‪ :‬أي أن يكون طالب التعويض قد أصيب شخصيا‬
‫ابلضرر‪.‬‬
‫يثري هذا الشرط حالة الضرر املرتد و هو األذى الذي يرتد أو ينعكس على الغري بعد أن أصاب‬
‫املضرور‪ ،‬فمثالً العاهة املستدمية اليت حيدثها اخلطأ برب أسرة و متنعه من ممارسة مهنته تعد ضرراً شخصي‬

‫‪79‬‬
‫له‪ ،‬وقد يرتتب عليها ضرراً آخر مرتد يلحق أبفراد األسرة يتمثل يف حرماهنا من النفقة نتيجة عجز رب‬
‫األسرة عن ممارسة مهنته‪ ،‬و هذا الضرر قابل للتعويض عنه‪.‬‬
‫‪ -2‬الضرر األديب أو املعنوي‪:‬‬
‫هو الضرر الذي يصيب الشخص يف حق أو مصلحة مشروعة غري مادية (أدبية أو معنوية)‪ ،‬مثال‬
‫الضرر الذي ميس ابلشعور أو العاطفة أو الكرامـة أو الشـرف أو املعتقـدات الدينيـة‪ ،‬كمـا يف حالـة القـذف‬
‫والســب والتشــهري وأي تشــويه للســمعة الــذي يصــيب الشــرف واالعتبــار‪ ،‬و مــن مث ميكــن تعريــف الضــرر‬
‫املعنوي أبنه ‪ :‬هو األذى الذي ميس شعور الشخص أو عاطفته أو مسعته أو شرفه‪...‬إخل"‪.‬‬
‫و قد يكون الضرر معنواي حمض (كفقدان شخص عزيز على املضرور) كما قـد يكـون مقـرتن بضـرر‬
‫مـادي إذ ميكــن أن يرتتـب علــى وقـوع الفعــل الضــار الواحـد ضــررين (مـادي و معنــوي) مثـال ذلــك حالــة‬
‫التعــدي علــى احلــق يف ســالمة اجلســم إبصــابته بعاهــة مســتدمية الــيت يرتتــب عليهــا الضــرر املــادي املتمثــل يف‬
‫املساس هبذا احلق والتأثري على قدرته على الكسب ونفقات العالج ‪ ،‬كمـا يرتتـب عليهـا الضـرر األديب يف‬
‫شكل آالم نفسية نتيجة التشوهات اليت حلقت به‪.‬‬
‫جتب املالحظة إىل أنه قبل ‪ ،2005‬مل يكن القانون املدين اجلزائري ينص بصريح العبارة عن‬
‫التعويض األديب‪ ،‬و لكن كان يستشف من صياغة املادة ‪ 124‬ق‪.‬م و املادة ‪ 131‬أن مصطلح الضرر‬
‫جاء عاما حبيث مل مييز بني الضرر املادي و املعنوي و كذلك نص املادة ‪ 182‬اليت تنص ‪...":‬و يشمل‬
‫التعويض ما حلق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب‪ ،"...‬فمعىن اخلسارة هنا ال يقتصر على اخلسارة‬
‫املادية فقط بل يتعداه إىل اخلسارة املعنوية‪ ،‬و بناء على ذلك كان يقبل القضاء اجلزائري التعويض عن‬
‫الضرر املعنوي‪.‬‬
‫و تفاداي ألي جدل تدخل املشرع اجلزائري مبوجب القانون رقم ‪ 10-05‬املؤرخ يف ‪ 20‬جوان‬
‫‪ 2005‬و أضاف املادة ‪ 182‬مكرر و اليت نصت صراحة على التعويض عن الضرر األديب بقوهلا ‪":‬‬
‫يشمل التعويض عن الضرر املعنوي كل مساس ابحلرية أو الشرف أو السمعة"‪.‬‬
‫و عموما‪ ،‬يشرتط يف األذى الذي يصيب الشخص حىت يعترب ضرراً أدبياً الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬املساس حبق أو مصلحة مشروعة ذات قيمة أدبية أو معنوية‪ :‬كالضرر الذي يصـيب العاطفـة و‬
‫الشـعور و الشــرف و الســمعة و الكرامــة و املعتقــدات الدينيـة‪ ...‬إخل‪ ،‬مثــال اختطــاف ولــد مــن‬
‫والديه يرتتب عليه ضرر معنوي يتمثل يف احلزن و األسى الذي يصيبهما نتيجة االختطاف‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫‪ .2‬أن يكون الضرر حمققاً (حال أو مستقبل أو تفويت الفرصة)‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون الضرر مباشر‪.‬‬
‫‪ .4‬أال يكون قد سبق التعويض عنه‪.‬‬
‫‪ .5‬أن يكون الضرر شخصي‪.‬‬
‫اثلثا ‪ :‬قابلية الضرر األديب للتعويض‬
‫لقد حسم املشرع اجلزائري منذ ‪ 2005‬اخلالف حول مدى إمكانيـة التعـويض عـن الضـرر األديب أو‬
‫املعنــوي مبوجــب املــادة ‪ 182‬مكــرر ق‪.‬م‪ .‬الــيت أرســت مبــدأ جـواز التعــويض عنــه‪ ،‬و بــذلك أصــبح الضــرر‬
‫األديب كالضــرر املــادي قــابالً للتعــويض عنــه مــىت ت ـوافرت شــروطه‪ ،‬لكــن اإلشــكال يبقــى مطــروح ابلنســبة‬
‫ملسألة حتديد األشخاص الذين حيق هلم طلب التعويض عن الضرر األديب الذي أصاهبم شخصيا على إثـر‬
‫وفاة املصاب‪ ،‬و كذلك مسألة انتقال حق املضرور يف التعويض عن ضرره األديب للغري‪.‬‬
‫و ابلرغم من عدم تطرق املشرع هلاتني املسألتني‪ ،‬إال أن أحكام القضاء قد استقرت على ما يلي‪:‬‬
‫فيمــا خيــص املســألة األوىل املتعلقــة بتحديــد األشــخاص الــذين حيــق هلــم طلــب التعــويض عــن الضــرر‬
‫األديب الذي أصاهبم شخصياً على إثر وفاة املصاب‪ ،‬فقد مت حتديدهم يف طائفتني و مها‪:‬‬
‫‪ −‬األزواج ‪ :‬وهــم الــزوج والزوجــة وإن تعــددن وال يــدخل يف هــذا احلصــر املطلــق أو املطلقــة مــىت كــان‬
‫الطالق ابئناً‪.‬‬
‫‪ −‬األق ـ ــارب إىل الدرج ـ ــة الثاني ـ ــة‪ :‬وي ـ ــدخل يف ه ـ ــذه الطائف ـ ــة األبن ـ ــاء ذك ـ ــوراً وإاناثً‪ ،‬واألب واألم‪،‬‬
‫واألحفاد‪ ،‬واجلد واجلدة‪ ،‬واألخ واألخـت‪.‬‬
‫أما مسألة انتقـال حـق املضـرور يف التعـويض عـن ضـرره األديب للغـري‪ ،‬فقـد أجـازه القضـاء اسـتثناءً يف‬
‫حالتني و مها ‪:‬‬
‫‪ −‬االتفــاق ‪ :‬الــذي يـتم بــني املضــرور و املســؤول علــى حتديــد مقــدار التعــويض مث يتــوىف املضــرور قبــل‬
‫احلصول عليه‪.‬‬
‫‪ −‬املطالبــة القضــائية ‪ :‬أي إذا طالــب املضــرور حبقــه يف التعــويض عــن ضــرره األديب قضــائياً‪ ،‬و تــويف‬
‫قبل أن حيصل عليه‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫أما إذا تويف املضرور قبل هذا االتفاق أو املطالبة القضائية‪ ،‬فإن احلق يف التعويض عن الضرر األديب‬
‫الذي أصابه شخصيا ال ينتقل إىل الغري (ورتثه)‪ ،‬حيث يعترب سكوته مبثابة تنازل عن حقه يف املطالبة‬
‫ابلتعويض‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إثبـات الضـرر‬
‫يقع على عاتق املضرور‪ ،‬ابعتباره مدعياً يف دعوى املسؤولية التقصـريية‪ ،‬إثبـات أنـه قـد حلـق بـه ضـرر‬
‫انمجـاً عــن اخلطــأ الشخصــي مــن املــدعى عليــه نفســه طبقــا لقاعــدة ‪ ":‬البينــة علــى مــن إدعــى"‪ ،‬وللمضــرور‬
‫احلق يف إثبات ذلك بكافة طرق اإلثبات‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬رقابة احملكمة العليا على ركن الضرر‬
‫إن تقــدير حصــول الوقــائع املكونــة للضــرر تــدخل يف الســلطة التقديريــة لقاضــي املوضــوع ألهنــا مــن‬
‫مسائل الواقع اليت ال ختضع لرقابة احملكمة العليا‪ ،‬أما التكييف القانوين هلذه الوقائع علـى أهنـا ضـرر مباشـر‬
‫أو حمقق الوقوع ميكن تعويضه أو ضرر حمتمل ال جيوز تعويضه‪ ،‬و هل هو ضرر أديب ومىت ينتقل احلق فيـه‬
‫إىل غري املضرور‪...‬إخل‪ ،‬فهي من مسائل القانون اليت خيضع فيها القاضي لرقابة احملكمة العليا‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬ركن عالقة السببية بني اخلطأ و الضرر‬
‫ال يكفي لقيام املسؤولية عن األفعال الشخصية حتقق ركين اخلطأ و الضرر فقط‪ ،‬بل يشرتط إضافة‬
‫إىل ذلك أن يكون هذا اخلطأ هو السبب املباشر يف حدوث الضرر‪ ،‬و هذا الشرط األخري هو ركن‬
‫العالقة السببية الذي ميثل الركن الثالث للمسؤولية التقصريية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف عالقة السببية بني اخلطأ و الضرر‬
‫ميكن تعريف العالقة السببية أبهنا‪":‬الصلة املباشرة بني اخلطأ و نتائجه الضارة"‪ ،‬فالعالقة السببية‬
‫هي الرابط بني اخلطأ و الضرر و بدوهنا ال تقوم املسؤولية‪ ،‬و ميكن استخالص هذا الركن من نص املادة‬
‫‪ 124‬ق‪.‬م‪...": .‬و يسبب‪ "...‬أي السبب املؤدي إىل ضرر الغري نتيجة خطأ املسؤول‪ ،‬و املادة ‪125‬‬
‫ق‪.‬م‪ ...": .‬املتسبب‪ ،"...‬و املادة ‪ 127‬ق‪.‬م‪... ":‬عن سبب‪."...‬‬
‫اثنيا‪ :‬حتديد عالقة السببية بني اخلطأ و الضرر‬
‫قد يكون من السهل استخالص عالقة السـببية بـني اخلطـأ والضـرر يف حالـة وحـدة السـبب (اخلطـأ)‬
‫والنتيجــة (الضــرر)‪ ،‬غــري أنــه يف كثــري مــن األحيــان تثــور الصــعوبة يف حالــة تعــدد األســباب املنتجــة لضــرر‬
‫‪82‬‬
‫واحد‪ ،‬و كذلك يف حالة تعدد النتائج الناشئة عـن سـبب واحـد‪ ،‬األمـر الـذي يقتضـي حتديـد اخلطـأ املعتـد‬
‫به و األضرار القابلة للتعويض عنها دون غريها‪.‬‬
‫‪ -1‬حالة تعدد األسباب (األخطاء) املنشئة للضرر الواحد‪:‬‬
‫يقصد هبذه احلالة أن تتعدد األسباب و جتتمع فتنـتج ضـرراً واحـداَ‪ ،‬مبعـىن نكـون بصـدد ضـرر واحـد‬
‫اشرتكت يف إحداثه عدة أسباب‪ ،‬فمن هو السبب الذي أدى إىل إحداث الضرر؟‬
‫لإلجابة على هذا السؤال ظهرت نظريتان‪:‬‬
‫أ‪ -‬نظرية تعادل أو تكافؤ األسباب‪:‬‬
‫طبقا هلذه النظرية كـل سـبب سـاهم يف إحـداث الضـرر حبيـث لـواله مـا وقـع الضـرر يعـد سـبباً منتجـاً‬
‫لــه‪ ،‬لــذلك يعتــد جبميــع األســباب الــيت ســامهت يف وقــوع الضــرر ابعتبارهــا أســباب متكافئــة ومتعادلــة‪ ،‬و‬
‫يسأل كل فاعل (متسبب) عن القدر الذي ساهم به فعله (سببه) يف إحـداث الضـرر‪ ،‬سـواء كـان السـبب‬
‫قريب أو بعيد‪.‬‬
‫ب‪ -‬نظرية السبب املنتج أو الفعال‪:‬‬
‫ظهرت هذه النظرية على إثر النقد الذي وجـه لنظريـة تعـادل األسـباب أو تكافؤهـا الـيت وسـعت مـن‬
‫دائرة املسؤولية على أكثر مـن شـخص و دون حتديـد‪ ،‬و طبقـا هلـذه النظريـة ال تعتـد بكـل سـبب سـاهم يف‬
‫إحداث الضرر بل تعتد ابلسبب املنتج أو الفعال‪ ،‬ولذلك فهي تفرق بني نوعني من األسباب‪:‬‬
‫‪ .1‬األســباب املنتجــة ‪ :‬هــي األســباب املألوفـة والــيت حتــدث الضــرر عــادة‪ ،‬أي وفقــا للمجــرى العــادي‬
‫لألمور‪.‬‬
‫‪ .2‬األسباب العرضية ‪ :‬هي األسباب غري املألوفة و الـيت ال حتـدث الضـرر عـادة‪ ،‬و حـىت ولـو سـاهم‬
‫وجودها مع األسباب املنتجة يف إحداث الضرر‪ ،‬فال يعتد هبا ألن وجودها عارض (اثنوي)‪.‬‬
‫بنــاء علــى ذلــك‪ ،‬إذا تعــددت األســباب املنشــئة لضــرر واحــد‪ ،‬فيعتــد ابلســبب املنــتج أو الفعــال يف‬
‫إحداث الضرر‪ ،‬أما ابقي األسباب األخرى العرضية البعيدة فليس هلا أي دور يف إحداث الضرر‪.‬‬
‫و لقــد أخــذت غالبيــة التشـريعات هبــذه النظريــة و منهــا املشــرع اجلزائــري يف املــادة ‪ 182‬ق‪.‬م‪ ،.‬كمــا‬
‫استقر القضاء اجلزائري على األخذ هبا‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -2‬تعدد األضرار املرتتبة عن اخلطأ الواحد (تسلسل النتائج)‪:‬‬
‫يف هــذه احلالــة نكــون أمــام ســبب واحــد غــري متعــدد و لكــن األض ـرار الــيت نتجــت عنــه متعــددة و‬
‫متعاقبة بعضها مباشر و بعضها اآلخر غري مباشر‪ ،‬لذا ينبغي التفرقة بني هاذين الضررين‪:‬‬
‫أ‪ -‬الضرر املباشر‪:‬‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 1/182‬ق‪.‬م‪ .‬يتضح أنه يشـرتط العتبـار الضـرر مباشـراً يسـتوجب التعـويض عنـه‪،‬‬
‫الشرطني مها‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬أن يكون الضرر نتيجة طبيعية لوقوع اخلطأ‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أال يكون يف اسـتطاعة املضرور تفاديه ببذل جهد معقـول‪.‬‬
‫و م ــن خ ــالل ه ــاذين الش ــرطني ميك ــن اس ــتخالص معي ــار حتدي ــد الض ــرر املباش ــر ال ــذي يس ــتوجب‬
‫التعويض عنه‪ ،‬أال و هو أن يكـون الضـرر نتيجـة طبيعيـة و مباشـرة لوقـوع اخلطـأ (عالقـة السـببية)‪ ،‬و يعتـرب‬
‫الضرر نتيجة طبيعية إذا مل يكن يف استطاعة املضرور أن يتوقاه ببذل جهد معقول‪.‬‬
‫ب‪ -‬الضرر غري املباشر ‪:‬‬
‫هــو الضــرر الــذي ال يكــون نتيجــة طبيعيــة للخطــأ و حــىت و إن كــان كــذلك فإنــه إبمكــان املضــرور‬
‫تفاديه ببذل جهد معقـول‪ ،‬وهذا النوع من األضرار ال يلزم الفاعل بتعويضه النتفاء عالقة السـببية املباشـرة‬
‫بينه و بني اخلطأ‪.‬‬
‫و عليــه‪ ،‬فــإن التعــويض يف حالــة تعــدد األضـرار و تسلســلها يكــون عــن الضــرر املباشــر فقــط‪ ،‬س ـواء‬
‫كان متوقع أو غري متوقع وقت وقوع اخلطأ‪ ،‬أما بقية األضرار األخرى غري املباشـرة‪ ،‬فـال يعتـد هبـا ألهنـا ال‬
‫تستوجب التعويض عنها‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬إثبات عالقة السببية‬
‫عالقة السببية هي ركن مستقل يف املسؤولية التقصريية ال يقوم بدوهنا‪ ،‬فهي متثل الرابط بني اخلطأ‬
‫و الضرر الناتج عنه‪ ،‬و يقع عبء إثبات عالقة السببية على املضرور جبميع طرق اإلثبات‪ ،‬حيث يرتتب‬
‫على إثباهتا قيام املسؤولية‪ ،‬و على نفيها زوال و انتفاء هذه املسؤولية‪.‬‬
‫إن إثبات عالقة السببية بني اخلطأ والضرر من األمور الصعبة‪ ،‬وملا كان أمر إثباهتـا عسـري‪ ،‬فإنـه مـىت‬
‫متكن املضـرور مـن إقامـة الـدليل علـى اخلطـأ و الضـرر الناشـئ عنـه‪ ،‬وكـان هـذا الضـرر نتيجـة طبيعيـة لوقـوع‬
‫‪84‬‬
‫اخلطأ حبيث ال ميكن للمضرور تفاديه ببذل جهد معقول‪ ،‬قامت ملصـلحته قرينـة علـى تـوافر رابطـة السـببية‬
‫بني اخلطأ وهذا الضرر‪ ،‬ولكن هذه القرينة بسـيطة قابلـة إلثبـات العكـس‪ ،‬حيـث تنقـل عـبء اإلثبـات مـن‬
‫علــى عــاتق املــدعى (املضــرور) إىل عــاتق املــدعى عليــه (املســؤول) الــذي يســتطيع نفيهــا إبثبــات الســبب‬
‫األجنيب‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نفي عالقة السببية‬
‫تنتفي عالقة السببية بني اخلطأ و الضرر إبثبات السبب األجنيب‪ ،‬و هذا طبقا لنص املادة ‪127‬‬
‫ق‪.‬م‪ .‬اليت تنص على ما يلي‪ ":‬إذا أثبت الشخص أ ِن الضرر قد نشأ عن سبب ال يد له فيه كحادث‬
‫مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ صدر من املضرور أو خطأ من الغري‪ ،‬كان غري ملزم بتعويض هذا الضرر‪،‬‬
‫ما مل يوجد نص قانوين أو إتفاق خيالف ذلك‪".‬‬
‫مبوجب هذه املادة نص املشرع اجلزائري على صور خمتلفة للسبب األجنيب على سبيل املثال ال‬
‫احلصر‪ ،‬و هذه الصور متثل أكثر األسباب اليت ينشأ عنها الضرر و اليت ال يد للشخص املسؤول فيها و‬
‫هي‪ :‬القوة القاهرة و احلادث املفاجئ و خطأ املضرور و اخلطأ الغري‪.‬‬
‫‪ -1‬تعريف السبب األجنيب‪:‬‬
‫مل يعرف املشرع اجلزائري مصطلح السبب األجنيب‪ ،‬و اكتفى فقط بذكر بعض مواصفاته و صوره‬
‫يف املادتني ‪ 127‬و ‪ 2/138‬ق‪.‬م‪ ،.‬و عموما يستخلص من مضمون هاتني املادتني أن السبب األجنيب‬
‫هو‪ ":‬كل فعل أو حادث غري متصل ابملدعى عليه (املسؤول) و غري متوقع و غري ممكن دفعه من قبله و‬
‫يكون سبباًّ مباشراً يف وقوع الضرر"‪ ،‬كما يتضح من هذا التعريف أنه يشرتط يف السبب األجنيب توافر‬
‫الشروط التالية‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬عدم الصلة ابملدعى عليه (املسؤول)‬
‫يشرتط العتبار الفعل أو احلادث الذي أدى إىل وقوع الضرر سبباً أجنبياً‪ ،‬أن يكون غري متصل‬
‫ابملدعى عليه‪ ،‬مبعىن خارجياً عنه و ال يد له فيه‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬عدم التوقع‬
‫حــىت يعــد الفعــل أو احلــادث الــذي أدى إىل وقــوع الضــرر ســبباً أجنبي ـاً‪ ،‬جيــب أن يكــون غــري ممكــن‬
‫توقعــه‪ ،‬و يقــاس عــدم التوقــع مبعيــار موضــوعي هــو معيــار الرجــل العــادي الــذي يكــون يف نفــس الظــروف‬
‫اخلارجية للمدعى عليه‪ ،‬أما ابلنسبة للوقت الذي يقدر فيه عدم التوقع فهو وقت وقوع الفعل الضار‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬عدم إمكانية الدفع (إستحالة الدفع)‬
‫ال يكفــى العتبــار الفعــل أو احلــادث املســبب للضــرر ســبباً أجنبيـاً كونــه غــري متصــل ابملــدعى عليــه و‬
‫غري متوقع‪ ،‬بل جيب أن يكون مما يستحيل دفعه أو تفاديه‪ ،‬و تقاس استحالة الدفع مبعيار الرجـل العـادي‬
‫الــذي يكــون يف نفــس الظــروف اخلارجيــة للمــدعى عليــه‪ ،‬كمــا تقــدر هــذه االســتحالة وقــت وقــوع الفعــل‬
‫الضار‪.‬‬
‫‪ -2‬صور السبب األجنيب‪:‬‬
‫إذا توافرت الشروط املذكورة أعاله اعترب الفعل أو احلادث املسبب للضرر سبباً أجنبياً ينفي به‬
‫املدعى عليه عالقة السببية بني اخلطأ املنسوب إليه و الضرر الذي حلق ابملضرور‪ ،‬و عليه سيتم دراسة‬
‫صور السبب األجنيب على النحو التايل‪:‬‬
‫أ‪ -‬القوة القاهرة أو احلادث الفجائي‪:‬‬
‫مل يعرف املشرع اجلزائري القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ و إكتفى فقط ابإلشارة إليهما كسبب‬
‫أجنيب‪ ،‬أما الفقه فغالبيته ال يفرقون بني هاذين املصطلحني و يعتربون أهنما إمسان ملسمى واحد‪ ،‬فكل‬
‫من القوة القاهرة و احلادث املفاجئ تعد حوادث غري متوقعة و غري ممكن دفعها و ال يد للمدعى عليه‬
‫فيها‪ ،‬مثال الزالزل‪ ،‬العواصف‪ ،‬احلروب‪ ،‬إنفجار آلة‪...‬إخل‬
‫ما أثر القوة القاهرة أو احلادث الفجائي على املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية؟‬
‫لبيان أثرها على املسؤولية جيب التفرقة بني حالتني ‪:‬‬
‫‪ −‬حالة التفرد ‪ :‬و تتمثل يف انفراد القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ يف إحداث الضرر‪ ،‬حبيث‬
‫تكون هي السبب الوحيد يف وقوع الضرر دون أن يشاركها يف ذلك خطأ املدعى عليه‪ ،‬و يف‬
‫هذه احلالة تنعدم عالقة السببية و من مث تنتفي مسؤولية املدعى عليه كلية‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ −‬حالة االشرتاك ‪ :‬وهى احلالة اليت يشرتك فيها مع القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ خطأ املدعى‬
‫عليه يف إحداث الضرر للمضرور (املدعي)‪ ،‬و هنا تقع املسؤولية كاملة على عاتق املدعى عليه‬
‫ألن خطأه كان سبباً منتجاً للضرر ومل يشاركه فيه خطأ شخص آخر‪.‬‬
‫ب‪ -‬خطأ املضرور‪ :‬قد يكون خطأ املضرور هو السبب الوحيد يف إحداث الضرر الذي أصابه دون‬
‫أن يشرتك معه خطأ آخر‪ ،‬أي أن املضرور هو الذي أحلق بنفسه ضرراً‪ ،‬فال مسؤولية على أحد‬
‫يف هذه احلالة‪ ،‬ألن خطأ املضرور يعد سبباً أجنبياً يعدم عالقة السببية و من مث يعفى املدعى‬
‫عليه من املسؤولية‪.‬‬
‫غري أنه قد يساهم خطأ املضرور إىل جانب خطأ املدعى عليه يف وقوع الضرر حبيث يكون لكل‬
‫منهما دور يف حدوثه‪ ،‬فما هو أثر خطأ املضرور على مسؤولية املدعى عليه ؟ ولإلجابة عن‬
‫ذلك‪ ،‬جيب التفرقة بني حالتني‪ :‬األوىل هي استغراق أحد اخلطأين للخطأ اآلخر‪ ،‬والثانية هي‬
‫حالة إشرتاك كل من اخلطأين يف إحداث الضرر‪.‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬استغراق أحد اخلطأين لآلخر‬
‫إذا استغرق أحد اخلطأين اخلطأ اآلخر فإن اخلطأ امل َستغرق ال يعتد به‪ ،‬فإذا استغرق خطـأ املـدعى‬
‫ُ‬
‫عليـه خطـأ املضــرور‪ ،‬فـإن األول يكــون مسـؤوالً مســؤولية كاملـة عـن الضــرر الـذي حلــق ابلثـاين‪ ،‬أمــا‬
‫إذا كــان خطــأ املضــرور هــو الــذي اســتغرق خطــأ املــدعى عليــه‪ ،‬فــإن مســؤولية هــذا األخــري تنتف ـي‬
‫إلنعدام عالقة السببية‪ ،‬و يتحقق االستغراق بني اخلطأين يف ثالث صور‪:‬‬
‫الصورة األوىل‪ :‬أحد اخلطأين عمدي و اآلخر غري عمدي‬
‫إذا تــدخلت إرادة الشــخص يف وقــوع اخلطــأ أبن قصــدت النتيجــة الضــارة املرتتبــة عنــه‪ ،‬عــد ذلــك‬
‫خطأً عمدايً‪ ،‬أما إذا مل يكن إلرادة الشخص دور يف وقوع اخلطأ كأن يكون انتج عن إمهال‪ ،‬عـد‬
‫ذلــك خطـأً غــري عمــدي‪ ،‬و مــىت كــان اخلطــأ انشــئاً عــن عمــد‪ ،‬فإنــه يســتغرق مــا دونــه مــن أخطــاء‬
‫غ ــري عمدي ــة‪ ،‬بش ــرط أن يك ــون كافي ـاً إلح ــداث النتيج ــة الض ــارة بص ــورة مس ــتقلة ع ــن اخلط ــأ غ ــري‬
‫العمدي‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬إذا تعمد املدعى عليه إحداث الضرر قامت مسؤوليته كاملـة ألن خطئـه العمـدي‬
‫اســتغرق خطــأ املضــرور غــري العمــدي‪ ،‬أمــا إذا كــان املضــرور قــد تعمــد إيقــاع الضــرر لنفســه‪ ،‬فــال‬
‫مسؤولية على املدعى عليه‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أحد اخلطأين نتيجة خلطأ اآلخر‬
‫تتوافر حالة االستغراق أيضاً عندما يكون أحد اخلطأين سبباً مباشراً يف وقوع اآلخر الذي يعد‬
‫بدوره نتيجة مباشرة هلذا السبب‪ ،‬فإن الشخص الذي ارتكب اخلطأ الذي سبب النتيجة أي‬
‫اخلطأ الذي وقع أوال‪ ،‬يكون هو املسؤول عن التعويض‪ ،‬و ال يُسئل الشخص الذي ارتكب‬
‫اخلطأ اآلخر‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬إذا كان خطأ املضرور نتيجة خلطأ املدعى عليه كان هذا األخري هو املسؤول ألن خطأه‬
‫قد أستغرق خطأ املضرور‪ ،‬أما إذا كان خطأ املدعى عليه نتيجة خلطأ املضرور‪ ،‬أي أن خطأ هذا‬
‫األخري كان سببا يف خطأ األول‪ ،‬فال مسؤولية على املدعى عليه ألن خطأ املضرور قد استغرق‬
‫خطئه‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬القبول املسبق للضرر (رضا املضرور)‬
‫إذا كــان املضــرور يعلــم مســبقاً ابلنتيجــة الضــارة الــيت ترتتــب علــى اخلطــأ الــذي ســيقوم بــه حلســاب‬
‫شــخص آخــر‪ ،‬ومــع ذلــك قبــل القيــام بــه و رضــي ابلضــرر النــاتج عنــه قبــل وقوعــه‪ ،‬عــد ذلــك قبــوالً‬
‫مسبقاً للضرر يدخله يف حكـم اخلطـأ العمـدي الـذي يسـتغرق اخلطـأ اآلخـر غـري العمـدي‪ ،‬ومـن مث‬
‫فإنه ليس للمضرور مطالبة الشخص ابلتعويض عن األضرار اليت حلقت به‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬حالة إشرتاك اخلطأين (اخلطأ املشرتك)‬
‫يتحقق اخلطأ املشرتك إذا ساهم كل من خطأ املضرور مع خطأ املدعى عليه يف إحداث الضرر‬
‫دون أن يستغرق أحدمها اآلخر‪ ،‬أي أن كال اخلطأين قد اشرتكا حبصة يف وقوع هذا الضرر‪،‬‬
‫فنكون عندئذ بصدد ضرر واحد انتج عن أكثر من خطأ‪ ،‬أو أكثر من خطأ قد تسبب يف‬
‫حدوث ضرر واحد‪ ،‬و طاملا أنه مل تتحقق أية صورة من صور االستغراق املذكورة أعاله‪ ،‬فإن كال‬
‫اخلطأين يعتربان سببا يف إحداث الضرر و يعتد هبما يف حتديد مسؤولية كل منهما ومقدار التزامه‬
‫ابلتعويض‪.‬‬
‫و م ـن مث‪ ،‬فــإن املســؤولية تكــون مشــرتكة بــني املضــرور و املــدعى عليــه (املســؤول)‪ ،‬و ال يلتــزم هــذا‬
‫األخري بتعويض كل الضرر بل ينقص منه‪ ،‬و يفقـد املضـرور مـن قيمـة التعـويض املسـتحق لـه بقـدر‬
‫درجة مسامهة خطأه يف إحداث ضرره‪ ،‬و هذا طبقا للمادة ‪ 177‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫و األصــل حســب مضــمون املــادة ‪ 126‬ق‪.‬م‪ .‬أنــه يف حالــة تعــدد األخطــاء أو األســباب يف حتقــق‬
‫نتيجــة واحــدة (الضــرر)‪ ،‬يــتم توزيــع املســؤولية و التعــويض املرتتــب عنهــا ابلتســاوي بــني املضــرور و‬
‫املــدعى عليــه (املســؤول)‪ ،‬أي يلــزم كــل منهمــا بنصــف التعــويض‪ ،‬و لكــن جيــوز للقاضــي إذا أمكنــه‬
‫حتديد دور كل خطأ يف حدوث الضرر وقدر مسامهته فيه‪ ،‬أن يوزع قيمة التعويض بنسبة املسامهة‬
‫يف الضرر‪ ،‬فيتحمل كل خمطئ حصة يف التعويض بقدر مسامهة خطأه يف الضرر‪.‬‬
‫ت‪ -‬خطأ الغري‪ :‬يقصد ابلغري بوصفه أحد صور السبب األجنيب اليت تدفع به مسؤولية‬
‫املدعى عليه‪ ،‬كل شخص أجنيب عن طريف دعوى املسؤولية فال هو ابملضرور و ال ابملدعى عليه‪،‬‬
‫لذلك فإن اخلطأ الذي يقع منه يطلق عليه خطأ الغري‪ ،‬وال يشرتط يف هذا الغري‪ 1‬أن يكون‬
‫شخصه معلوماً‪ ،‬بل يعتد خبطئه حىت ولو كان جمهوالً مىت ترتب عنه الضـرر‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬إذا كان خطأ هذا الغري هو السبب الوحيـد الذي أدى حلصول الضرر‪ ،‬عد سببًا‬
‫أجنبيًا تنتفي به املسؤولية عن املدعى عليه‪ ،‬أما إذا ساهم إىل جانبه خطأ املدعى عليه يف وقوع‬
‫الضرر فهنا جيب التفرقة بني حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬استغراق أحد اخلطأين لآلخر‬
‫يتحقق هذا االستغراق بني خطأ الغري و خطأ املدعى عليه يف صورتني‪:‬‬
‫الصورة األوىل‪ :‬أحد اخلطأين عمدي و اآلخر غري عمدي‬
‫عنــدما يكــون أحــد اخلطــأين عمــدي و اآلخــر غــري عمــدي (إمهــال)‪ ،‬فاخلطــأ العمــدي يســتغرق مــا‬
‫دونــه مــن خطــأ غــري عمــدي‪ ،‬فــإذا كــان خطــأ الغــري عمــداً وكــان خطــأ املــدعى عليــه إمهــاالً (غــري‬
‫عمــدي)‪ ،‬فــال مســؤولية علــى األخــري ألن خطــأ األول العمــدي قــد اســتغرقه‪ ،‬أمــا إذا كــان العكــس‬
‫أبن كان خطأ املدعى عليه عمداً وخطأ الغري إمهاالً‪ ،‬فتقع املسؤولية كاملة على عاتق املدعى عليه‬
‫دون الغري‪.‬‬

‫‪ -1‬عالوة على ذلك‪ ،‬ال يشرتط يف خطأ الغري أن يكون فاعله مسؤول عن أفعاله الشخصية‪ ،‬بل يعترب كذلك حىت لو أدى إثبات‬
‫خطئه إىل قيام مسؤولية شخص آخر عنه طبقاً ألحكام املسؤولية عن فعل الغري (كمسؤولية متويل الرقابة أو املتبوع عن أفعال اتبعه)‪،‬‬
‫مىت كان اخلطأ الشخصي قد وقع من اخلاضع للرقابة أو من التابع‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫الصورة الثانية‪ :‬أحد اخلطأين نتيجة خلطأ اآلخر‬
‫يتحقــق االســتغراق أيض ـاً يف احلالــة الــيت يكــون فيهــا أحــد اخلطــأين نتيجــة لآلخــر‪ ،‬فــإذا كــان خطــأ‬
‫الغري نتيجة خلطا املدعى عليه‪ ،‬فال مسـؤولية علـى الغـري ألن خطـأه نتيجـة خلطـأ املـدعى عليـه‪ ،‬أمـا‬
‫إذا كــان العكــس أبن كــان خطــأ املــدعى عليــه نتيجــة خلطــأ الغــري‪ ،‬فــال مســؤولية علــى املــدعى عليــه‬
‫ألن خطأه نتيجة خلطأ الغري‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬حالة اخلطأ املشرتك (تعدد املسؤولني)‬
‫إذا اشرتك خطأ املدعى عليه مع خطأ الغري حبيث ساهم كل منهما بشكل مباشر يف وقوع الضرر‬
‫دون أن يســتغرق أحــدمها اآلخــر‪ ،‬فيعتــد بكــال اخلطــأين و تقــع املســؤولية علــى عــاتق كــل منهمــا‪،‬‬
‫وهذا ما يعرف بتعدد املسؤولني عن الفعل الضار املنصوص عليه يف املادة ‪ 126‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫و يرتتـب عـن تعـدد املسـؤولني طبقـا هلـذه املـادة تضـامنهم يف االلتـزام ابلتعـويض عـن الضـرر الناشــئ‬
‫عــن خطــئهم املشــرتك‪ ،‬حيــث يعــد كــل مــنهم مســؤوالً متضــامناً عــن الفعــل الضــار وملتزمـاً حبصــة يف‬
‫التعويض‪ ،‬و من مث توزع املسؤولية بينهم ابلتساوي‪ ،‬أي توزع قيمة التعـويض فيمـا بيـنهم ابلتسـاوي‬
‫إال إذا عني القاضي نصيب كل منهم فيه حسب درجة مسامهة خطئه يف وقوع الضرر‪ ،‬فـإذا رجـع‬
‫املضــرور علــى أي مــن املســؤولني املتضــامنني ابلتعــويض ووىف لــه بــه كلــه‪ ،‬فيكــون للمســؤول املــويف‪،‬‬
‫احلق يف مطالبة ابقي املسؤولني كل منهم بنصيبه يف هذا التعويض‪.‬‬
‫‪ -3‬إثبات السبب األجنيب‪:‬‬
‫إذا كــان يقــع علــى عــاتق املــدعي إثبــات ت ـوافر رابطــة الســببية بــني الفعــل الضــار (اخلطــأ) و ونتائجــه‬
‫الضارة (الضرر) لقيام مسؤولية املدعى عليه‪ ،‬فإنـه يقع على عاتق املدعى عليه عـبء إثبـات تـوافر السـبب‬
‫األجنيب بشروطه الثالثة‪ ،‬حىت يتمكن من نفي تلك الرابطة و من مث نفي املسؤولية عنـه كليـة أو جزئيـا‪ ،‬و‬
‫ابلتــايل الــتخلص الكلــي أو اجلزئــي مــن االلت ـزام ابلتعــويض و ذلــك تبع ـاً لصــورة الســبب األجنــيب و درجــة‬
‫مسامهته يف وقوع الضرر‪.‬‬
‫‪ -4‬آاثر السبب األجنيب على املسؤولية التقصريية‪:‬‬
‫يرتتب عـن إثبـات السـبب األجنـيب إمـا إعفـاء املـدعى عليـه مـن املسـؤولية أو التخفيـف منهـا حسـب‬
‫درجة مسامهة خطأ املدعى عليه يف إحداث الضرر‪ ،‬و ذلك على النحو التايل‪:‬‬

‫‪90‬‬
‫أ‪ -‬اإلعفاء من املسؤولية التقصريية‪:‬‬
‫يعفى املدعى عليه من املسؤولية كلية بنفي عالقة السببية لتخلف ركنها الثالث‪ ،‬و ذلك يف‬
‫ثالث حاالت‪:‬‬
‫‪ −‬إذا أثبت املدعى عليه أن خطأ املضرور هو السبب الوحيد يف حدوث الضرر أو أن خطأ‬
‫املضرور استغرق خطئه‪ ،‬و يف هذه احلالة ال مسؤولية على املدعى عليه و يرتك املضرور لضرره‬
‫الذي سببه لنفسه بنفسه‪ ،‬و ال تعويض له‪.‬‬
‫‪ −‬إذا متكن املدعى عليه من إثبات أن خطأ الغري هو السبب الوحيد يف حدوث الضرر أو أن‬
‫خطأ الغري استغرق خطئه‪ ،‬فهنا ال مسؤولية على املدعى عليه و لكن تقوم املسؤولية يف حق‬
‫الغري و يلتزم ابلتعويض كلية‪.‬‬
‫‪ −‬إذا أثبت املدعى عليه أن القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ هو السبب الوحيد يف حدوث‬
‫الضرر‪ ،‬ففي هذه احلالة ال مسؤولية على املدعى عليه و يعفى من االلتزام ابلتعويض‪.‬‬
‫ب‪ -‬التخفيف من املسؤولية التقصريية‪:‬‬
‫ختفف مسؤولية املدعى عليه حبيث يعفى جزئيا منها و ذلك يف حالتني‪:‬‬
‫‪ −‬إذا أثبت املدعى عليه أن خطأ املضرور قد اشرتك مع خطئه يف إحداث الضرر‪ ،‬فيرتتب عن‬
‫ذلك ختفيف من مسؤوليته أي إعفائه جزئيا منها‪ ،‬و من مث التخفيف من التزامه ابلتعويض‬
‫حبسب نسبة مسامهة خطأ املضرور يف وقوع الضرر‪.‬‬
‫‪ −‬إذا أثبت املدعى عليه أن خطأ الغري قد اشرتك مع خطئه يف إحداث الضرر‪ ،‬فيرتتب عن‬
‫ذلك ختفيف من مسؤوليته أي إعفائه جزئيا منها‪ ،‬و من مث التخفيف من التزامه ابلتعويض‬
‫حبسب نسبة مسامهة خطأ الغري يف حدوث الضرر‪.‬‬
‫‪ -4‬رقابة احملكمة العليا على ركن عالقة السببية‪:‬‬
‫يس ــتقل قاض ــى املوض ــوع يف اس ــتخالص الوق ــائع املكون ــة لعالق ــة الس ــببية ب ــني اخلط ــأ والض ــرر‪ ،‬أم ــا‬
‫التكييف القانوين هلذه الوقائع أبهنا رابطة سببية بينهما‪ ،‬فإنه خيضع لرقابة احملكمة العليا‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫و كذلك الوقائع املكونة للسبب األجنيب (القـوة القـاهرة واحلـادث املفـاجئ أو خطـأ املضـرور أو خطـأ‬
‫الغري) فهي من مسائل الواقع اليت يستقل هبا قاضى املوضوع‪ ،‬أما شروط هذا السـبب وأثـره علـى مسـؤولية‬
‫الفاعل‪ ،‬فهي من مسائل القانون اليت ختضع لرقابة احملكمة العليا‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬آاثر املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية‬
‫إذا توافرت أركان املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية من خطأ و ضرر و عالقة سببية‬
‫بينهما‪ ،‬استحق املضرور تعويض عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬و ينشأ له بذلك حقا يف املطالبة ابلتعويض من‬
‫املسؤول عن الضرر املباشر الذي تسبب فيه‪ ،‬طبقا ملا نصت عليه املادة ‪ 124‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫إن قيام املسؤولية يف حق املسؤول عن الضرر هي وسيلة للمضرور من أجل الوصول إىل غايته أال‬
‫و هي إصالح الضرر الذي أحدثه الفعل الضار (اخلطأ)‪ ،‬و ذلك إبلزام املسؤول عنه بتعويض املضرور‬
‫عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬و يستطيع املضرور يف هذه احلالة أن يطالب املسؤول ابلتعويض إما ودايً من‬
‫خالل إبرام اتفاق صلح بينهما‪ ،‬أو قضائياً عن طريق املطالبة القضائية و اليت غالبا ما يسلكها املضرور‬
‫للوصول إىل غايته مبوجب دعوى التعويض أو دعوى املسؤولية التقصريية‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬دعوى املسؤولية التقصريية (دعوى التعويض)‬
‫دعوى املسؤولية التقصريية (دعوى التعويض) هي الدعوى اليت يرفعها املضرور ملطالبة املسؤول‬
‫ابلتعويض‪ ،‬و هلذه الدعوى أطراف و موضوع و سبب و مدة زمنية تنقضي ابنقضائها‪.‬‬
‫أوال‪ :‬أطراف دعوى التعويض‬
‫يتمثل أطراف دعوى التعويض يف املدعى و املدعى عليه‪.‬‬
‫‪ -1‬املدعي‪ :‬هو الشخص الذي يكون له احلق يف مباشـرة الدعوى القضائية يف مواجهة املدعى‬
‫عليه‪ ،‬و يف نطاق دعوى املسؤولية التقصريية أو دعوى التعويض‪ ،‬يتمثل املدعي يف ‪:‬‬
‫‪ −‬املضــرور‪ :‬وهــو كــل مــن حلــق بــه ضــرر مــادي أو أديب س ـواء بصــورة أصــلية (ضــرر شخصــي) أو‬
‫تبعية (ضرر مرتد)‪.‬‬
‫‪ −‬انئ ــب املض ــرور ‪ :‬كــالويل أو الوص ــي أو القــيم إذا كــان املضــرور قاص ــراً أو اعــرتض أهليتــه أح ــد‬
‫ع ـوارض األهليــة كــاجلنون أو العتــه أو الســفه أو الغفلــة‪ ،‬أو الوكيــل املتصــرف القضــائي إذا كــان‬
‫املضرور اتجر مفلس‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫‪ −‬اخللــف اخلــاص للمضــرور‪ :‬إذ جيــوز لــدائن املضــرور رفــع دعــوى غــري املباشــرة ضــد املســؤول‪ ،‬و‬
‫احللــول حملــه يف املطالبــة ابلتعــويض عــن الضــرر الــذي أصــابه‪ ،‬إذا ت ـوافرت شــروط هــذه الــدعوى‬
‫الوارد ذكرها يف املادة ‪ 189‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫‪ −‬اخللــف العــام‪ :‬وهــو كــل شــخص خيلــف املضــرور يف كــل عناصــر ذمتــه املاليــة أو جــزء منهــا كورثــة‬
‫املضرور الـذين هلـم احلـق يف احللـول حملـه يف املطالبـة ابلتعـويض عـن الضـرر الـذي حلـق مبـورثهم‪ ،‬و‬
‫هن ــا ينبغ ــي التميي ــز ب ــني ح ــالتني‪ :‬فبالنس ــبة للتع ــويض ع ــن الض ــرر امل ــادي ينتق ــل ح ــق امل ــورث يف‬
‫املطالبة به إىل الورثة‪.‬‬
‫أم ــا يف حال ــة التع ــويض ع ــن الض ــرر األديب أو املعن ــوي فللورث ــة احل ــق يف رف ــع دع ــوى للمطالب ــة‬
‫ابلتعــويض عــن الضــرر األديب الشخصــي الــذي أصــاهبم ج ـراء وفــاة مــورثهم‪ ،‬ابلنســبة لــألزواج و‬
‫األقارب إىل الدرجة الثانية و هذا حسبما استقر عليه موقف احملكمة العليا‪.‬‬
‫كما ينتقل إليهم احلق يف املطالبة ابلتعويض عن الضرر األديب الذي أصاب مورثهم إذا مل حيصـل‬
‫عليه أثناء حياته يف حالتني‪ :‬إذا وجد اتفاق بني املورث و املسـؤول علـى حتديـد مقـدار التعـويض‬
‫عن الضرر األديب‪ ،‬أو إذا طالب به املورث قضائياً قبل وفاته‪ ،‬و هذا حسب املوقـف الـذي تبنتـه‬
‫احملكمة العليا يف العديد من قراراهتا‪.‬‬
‫‪ −‬تعدد املضرورين‪ :‬يف حالـة تعـدد املضـرورين يكـون لكـل واحـد مـنهم احلـق يف رفـع دعـوى تعـويض‬
‫شخصــية‪ ،‬مبعــىن دعــوى فرديــة يرفعهــا إبمســه علــى املــدعى عليــه (املســؤول) دون أن يتــأثر بــدعاوى‬
‫ابقي املضرورين‪.‬‬
‫‪ −‬الش ــخص املعن ــوي‪ :‬إذا ك ــان املض ــرور ش ــخص معن ــوي س ـواء ك ــان م ــن أش ــخاص الق ــانون الع ــام‬
‫كالوالي ــة أو البلدي ــة أو الدول ــة‪...‬إخل‪ ،‬أو م ــن أش ــخاص الق ــانون اخل ــاص كالش ــركات التجاري ــة أو‬
‫اجلمعي ــات أو النق ــاابت‪...‬إخل‪ ،‬فيك ــون ل ــه احل ــق يف رف ــع دع ــوى للمطالب ــة ابلتع ــويض ع ــن الض ــرر‬
‫املادي أو املعنوي الذي أصابه و ذلك عن طريق ممثله القانوين‪.‬‬
‫‪ -2‬املدعى عليه ‪ :‬وهـو الشـخص الطبيعـي أو املعنـوي الـذي يباشـر املضـرور(املدعي) يف مواجهتـه‬
‫الدعوى القضائية‪ ،‬و يتمثل يف‪:‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ −‬املسؤول ‪ :‬وهو كل شخص نشأ عن خطئه الشخصي‪ 1‬ضرراً للغـري‪ ،‬كمـا قـد يقـوم مقـام املسـؤول‬
‫انئبه كالويل أو الوصي‪...‬إخل‬
‫‪ −‬اخللـف العـام ‪ :‬وهـو كــل مـن انتقلـت إليـه تركــة املسـؤول بعـد وفاتـه‪ ،‬حيــث جيـوز للمضـرور مباشــرة‬
‫دعوى التعويض يف مواجهته‪ ،‬ألن هـذه الـدعوى تتعلـق بذمـة املسـؤول املاليـة ولـيس بشخصـه ومـن‬
‫مث فإهنــا ال تنقضــي بوفاتــه‪ ،‬حــىت لــو كانــت انشــئة عــن جرميــة و انقضــت الــدعوى اجلنائيــة لوفاتــه‪،‬‬
‫فالدعوى املدنية تظل قائمة يف مواجهـة خلفـه العـام الـذي ال يلـزم ابلوفـاء ابلتعـويض إال يف حـدود‬
‫ما آل إليه من تركة مورثه‪.‬‬
‫‪ −‬تعدد املسؤولني‪ :‬طبقا لنص املادة ‪ 126‬ق‪.‬م‪.‬بقوهلا‪ " :‬إذا تعدد املسؤولون عن فعل ضار‪ ،‬كانوا‬
‫متضامنني يف التزامهم بتعويض الضرر‪ ،‬وتكون املسؤولية فيما بينهم ابلتساوي إال إذا عني القاضي‬
‫نص ــيب ك ــل م ــنهم يف االلت ـزام ابلتع ــويض "‪ ،‬جي ــوز للمض ــرور رف ــع دع ــوى التع ــويض عل ــى أي م ــن‬
‫املســؤولني لتعويضــه عــن كــل الضــرر الــذي حلــق بــه‪ ،‬و يف هــذه احلالــة حيــق للمســؤول الــذي وىف‬
‫ابلتعويض أن يرجع على ابقي املسؤولني كل حبسب جسامة خطئه أو ابلتساوي فيما بينهم‪ ،‬على‬
‫حسب التوزيع الذي حيدده القاضي‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬موضوع دعوى التعويض‬
‫يتمثل موضوع دعوى التعويض أو دعوى املسؤولية التقصريية يف التعويض الذي يطالب به املدعي‪،‬‬
‫ل ــذا ال جي ــوز للقاض ــي أن يزي ــد عم ــا طلب ــه امل ــدعي و إال ع ــد حكم ــه ابل ـزايدة ابط ــل لقض ــائه مب ــا مل يطلب ــه‬
‫اخلصوم‪ ،‬إال أنه جيوز له أن يقضي أبقل مما طلبه اخلصوم‪ ،‬كما جيوز له أن يغري يف كيفية التعويض‪.‬‬
‫أم ــا ابلنس ــبة للم ــدعي فيج ــوز ل ــه أن يطل ــب أم ــام اجملل ــس القض ــائي بتع ــويض أكث ــر مم ــا طلب ــه أم ــام‬
‫احملكمــة‪ ،‬كمــا جيــوز لــه أن يغــري يف طلــب التعــويض دون أن يعتــرب ذلــك دعــوى جديــدة‪ ،‬كــأن يطلــب أمــام‬
‫احملكمــة تع ـويض عيــين مث يغــري طلبــه أمــام اجمللــس القضــائي عنــد االســتئناف و يطلــب تعــويض نقــدي‪ ،‬و‬
‫كــذلك جيــوز للمــدعي طلــب تعــويض مؤقــت إىل حــني أن يتحــدد الضــرر بشــكل هنــائي فيطلــب التعــويض‬
‫النهائي‪.‬‬

‫‪ -1‬ابإلضافة إىل ذلك‪ ،‬يعترب مسؤوالً ابلتعويض كل شخص سبب خطأ من يسأل عنهم (اخلاضع للرقابة أو التابع له) أو عن فعل‬
‫األشياء اليت حتت حراسته (األشياء غري احلية أو احليوان أو البناء أو احلريق)‪ ،‬ضرر ابلغري‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫اثلثا‪ :‬سبب دعوى التعويض‬
‫تقــوم املســؤولية التقصــريية عنــد كــل إخــالل ابلت ـزام قــانوين عــام فــرض القــانون احرتامــه مبوجــب املــادة‬
‫‪ 124‬ق‪.‬م‪ .‬أال وهــو عــدم اإلضـرار ابلغــري‪ ،‬و مبــا أن اإلخــالل هبــذا االلتـزام القــانوين العــام ميثــل ســبب قيــام‬
‫ه ــذه املس ــؤولية‪ ،‬فم ــا ه ــو إذن س ــبب ال ــدعوى الناش ــئة عنه ــا (دع ــوى التع ــويض)؟ ه ــل ه ــو ذات الس ــبب‬
‫(اإلخالل ابلتزام قانوين عام) ؟ أم هو السلوك اخلاطئ ؟ أم هو وقوع الضرر ؟‬
‫إن س ــبب دع ــوى التع ــويض ه ــو الض ــرر املباش ــر ال ــذي أص ــاب املض ــرور يف ح ــق م ــن حقوق ــه أو يف‬
‫مصــلحة مشــروعة لــه ذات طبيعــة ماديــة أو معنويــة‪ ،‬بنــاء علــى ذلــك فلــيس للمــدعي (املضــرور) احلــق يف‬
‫ممارسة هذه الدعوى يف مواجهة املدعى عليه‪ ،‬إال إذا كان الضرر الذي أصابه قد نشـأ بشـكل مباشـر عـن‬
‫خط ــأ امل ــدعى علي ــه‪ ،‬فه ــذا الض ــرر ميث ــل املص ــلحة ال ــيت يس ــعى املض ــرور لتحقيقه ــا م ــن خ ــالل رفع ــه هل ــذه‬
‫الدعوى‪ ،‬و ألن املصلحة هي أساس أية الدعوى‪ ،‬فحيث ال مصلحة فال دعوى‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تقادم دعوى التعويض‬
‫تســقط دعــوى التعــويض طبقــا لــنص املــادة ‪ 133‬ق‪.‬م‪ .‬ابنقضــاء مخــس عشــرة (‪ )15‬ســنة مــن يــوم‬
‫وقــوع الفعــل الضــار"‪ ،‬و مبضــيها يســقط حــق املضــرور يف املطالبــة ابلتعــويض عــن الضــرر الــذي حلــق بــه‪ ،‬و‬
‫نفس احلكم يسري على الدعوى املدنية ابلتبعية الناشئة عـن جرميـة جنائيـة حسـبما نصـت عليـه املـادة ‪10‬‬
‫ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬و اليت أخضعت هذه الدعوى ألحكام القانون املدين من حيث التقادم‪.‬‬
‫أم ــا ال ــدعوى العمومي ــة فطبق ــا ألحك ــام امل ـواد ‪ 7‬و ‪ 8‬و ‪ 9‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬فتتق ــادم مبض ــي ‪ 10‬س ــنوات يف‬
‫اجلنــاايت و ‪ 03‬ســنوات يف اجلــنح و ســنتني يف املخالفــات و تســري هــذه املــدة مــن يــوم ارتكــاب اجلرميــة‪،1‬‬
‫اسـتثناء مـن ذلـك نصـت املـادة ‪ 8‬مكـرر ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬علـى أنـه‪ ":‬ال تنقضـي الـدعوى العموميـة ابلتقـادم يف‬
‫اجلناايت و اجلنح املوصوفة أبفعال إرهابية و ختريبية وتلك املتعلقة ابجلرمية املنظمة العابرة للحدود الوطنية‬
‫أو الرشوة أو اختالس األموال العمومية‪.‬‬
‫و ال تتقادم الدعوى املدنية للمطالبة ابلتعويض عن الضرر الناجم عن اجلناايت و اجلنح املنصوص‬
‫عليها يف الفقرة أعاله‪".‬‬

‫‪ -1‬تسري مدة تقادم الدعوى العمومية حسب نص املادة ‪ 7‬ق‪.‬إ‪.‬ج‪ .‬من يوم اقرتاف اجلرمية إذا مل يتخذ يف تلك الفرتة أي إجراء من‬
‫إجراءات التحقيق أو املتابعة‪ ،‬فإذا كانت قد اختذت إجراءات يف تلك الفرتة فيسري التقادم من اتريخ آخر إجراء‪ ،‬و كذلك الشأن‬
‫ابلنسبة لألشخاص الذين مل يتناوهلم أي إجراء من إجراءات التحقيق أو املتابعة‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫خامسا‪ :‬اإلثبات يف دعوى التعويض‬
‫تقوم املسؤولية التقصريية أو دعوى التعويض بثبوت أركاهنا و هي اخلطأ و الضرر و العالقة السببية‬
‫بينهما‪ ،‬وهذه األركان كلها وقائع مادية جيوز إثبات أي منها بكافة وسائل اإلثبات‪ ،‬و يقع عبء إثبات‬
‫مجيع هذه األركان على عاتق املدعي (املضرور)‪ ،‬يف املقابل يقع على عاتق املدعى عليه (املسؤول) عبء‬
‫نفي اخلطأ أو نفي عالقة السببية و ذلك إبثبات السبب األجنيب الناشئ عنه الضرر‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬احملكمة املختصة ابلفصل يف دعوى التعويض‬
‫ميثــل االختص ــاص القض ــائي عنص ـراً إجرائي ـاً مهم ـاً ابلنســبة للمض ــرور‪ ،‬حي ــث يتح ــدد عل ــى أساس ــه‬
‫القض ــاء املخ ــتص ابلفص ــل يف دع ــوى التع ــويض‪ ،‬و طبق ــا لق ــانون اإلجـ ـراءات املدني ــة و اإلداري ــة‪ ،‬يقس ــم‬
‫االختصاص إىل نوعني‪:‬‬
‫‪ -1‬االختصاص النوعي‪:‬‬
‫طبقا لنص املـادة ‪ 32‬مـن ق‪.‬إم‪.‬إ‪ ،.‬ختـتص احملكمـة االبتدائيـة ابلفصـل يف مجيـع الـدعاوى املدنيـة مبـا‬
‫فيها دعاوى التعويض‪.‬‬
‫‪ -2‬االختصاص احمللي أو اإلقليمي‪:‬‬
‫حس ــب امل ــادة ‪ 3/39‬م ــن ق‪.‬إم‪.‬إ‪ ،.‬ي ــؤول ه ــذا االختص ــاص للجه ــة القض ــائية ال ــيت وق ــع يف دائ ــرة‬
‫إختصاصها الفعل الضار‪ ،‬و يعد مكان وقوع الفعل الضار أو اخلطأ هو نفسه مكان حدوث الضرر‪.‬‬
‫األصــل أن دعــوى التعــويض عــن املســؤولية التقصــريية ابعتبارهــا دعــوى مدنيــة ختــتص ابلنظــر فيهــا‬
‫احمل ــاكم املدني ــة‪ ،‬غ ــري أن ــه إذا ك ــان الفع ــل الض ــار أو اخلط ــأ يش ــكل جرمي ـة جنائي ــة يف نف ــس الوق ــت فينش ــأ‬
‫إلىجانبها دعوى جنائية تسمى ابلدعوى العمومية تكون من اختصاص القاضي اجلنائي‪ ،‬و يف هذه احلالة‬
‫للمضرور أن خيتار بني رفع دعواه ابلتعويض أمام القاضي اجلنائي أو املدين‪.‬‬
‫فإذا رفع املضرور دعوى التعويض الناشئة عن جرمية جنائية أمام احملكمة املدنية‪ ،‬يتقيد القاضي‬
‫املدين يف حكمه ابلتعويض ابحلكم اجلنائي الذي يثبت وقوع اخلطأ اجلنائي‪ ،‬و ذلك ألن كل خطأ‬
‫جنائي هو يف نفس الوقت خطأ مدين و العكس غري صحيح‪.‬‬
‫أما إذا كان قد رفعها أمام القاضي اجلنائي و انقضت الدعوى العمومية ألي سبب من أسباب‬
‫إنقضائها‪ ،‬أو قضي برباءة املتهم (املدعى عليه)‪ ،‬فيصبح القاضي اجلنائي غري خمتص ابلفصل يف الدعوى‬
‫‪96‬‬
‫املدنية ابلتبعية‪ ،‬و ال يبقى أمام املضرور يف هذه احلالة إال رفع دعوى التعويض أمام القاضي املدين‪،‬‬
‫ابعتباره القضاء املختص من حيث األصل بنظر هذه الدعوى املدنية‪.‬‬
‫و مبا أن التكييف القانوين للوقائع خيتلف يف املسؤولية التقصريية عنه يف املسؤولية اجلنائية‪ ،‬لذلك‬
‫يستطيع القاضي املدين تكييف تلك الوقائع تكييفاً آخر إبعتبارها فعالً ضاراً أو غري مشروع يستوجب‬
‫قيام املسؤولية املدنية دون أن يتقيد ابلتكييف القانوين الذي أعطاه احلكم اجلنائي للوقائع املكونة للفعل‬
‫الضار‪ ،‬مث يؤسس على هذه املسؤولية حكمه ابلتعويض‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬طبيعة احلكم الصادر يف دعوى التعويض و طرق الطعن فيه‬
‫يعترب احلكم ابلتعويض الصادر يف دعوى املسؤولية التقصريية حكم مقرر أو كاشف‪ ،‬ألنه يقتصر‬
‫على الكشف عن حق قائم قبل صدوره و ليس منشئا له‪ ،‬و خيضع هذا احلكم لطرق الطعن العادية‬
‫حيث يقبل الطعن فيه ابملعارضة و االستئناف‪ ،‬كما يقبل الطعن فيه ابلطرق غري العادية املتمثلة يف‬
‫الطعن ابلنقض و التماس إعادة النظر و اعرتاض الغري اخلارج عن اخلصومة‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬اجلزاء املرتتب عن قيام املسؤولية التقصريية‬
‫يتمثل األثر املرتتب عن قيام املسؤولية املدنية يف التعويض‪ ،‬و لتحديد املقصود هبذا املصطلح ينبغي‬
‫بداية تعريفه مث ذكر أنواعه وكيفية و وقت تقديره‪ ،‬و بعد ذلك دراسة مسألة اجلمع بني تعويضني و كذا‬
‫االتفاقات املتعلقة ابملسؤولية التقصريية و التأمني منها‪.‬‬
‫لقد نظم املشرع اجلزائري أحكام التعويض يف املواد ‪ 131‬و ‪ 132‬و ‪ 182‬ق‪.‬م‪ .‬حيث اعترب‬
‫وظيفة التعويض هي اإلصالح ال عقاب املخطئ‪ ،‬و جتب املالحظة يف هذا الصدد إىل أن مصطلح‬
‫التعويض الوارد يف النصوص القانونية املتعلقة ابملسؤولية املدنية ال يوضح فكرة جرب الضرر‪ ،‬لكن ابلرجوع‬
‫إىل الصياغة الفرنسية هلذه النصوص يالحظ أن املشرع اجلزائري قد استعمل مصطلح " ‪La réparation‬‬
‫" والذي يعين اإلصالح و هو أوسع و أدق من لفظ التعويض‪ ،‬و من هنا يتبني بوضوح إرادة املشرع من‬
‫تقرير التعويض أال وهي إصالح و جرب الضرر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف التعويض‬
‫إن هدف الوظيفة اإلصالحية لتعويض يف املسؤولية املدنيـة هـو جـرب األضـرار الالحقـة ابملضـرور مـن‬
‫خالل تقرير تعـويض عـادل يتناسـب مـع الضـرر املرتتـب مـن جـراء ارتكـاب اخلطـأ‪ ،‬و عليـه يقصـد اباللتـزام‬

‫‪97‬‬
‫ابلتعويض ‪ ":‬اجلزاء املـدين الـذي يفرضـه القـانون علـى كـل مـن يسـبب خبطئـه ضـرر لغـريه جلـرب ذلـك الضـرر‬
‫سواء كان مادايً أو أدبياً‪".‬‬
‫اثنيا‪ :‬أنواع التعويض‬
‫يس ــتفاد م ــن مض ــمون امل ــادة ‪ 132‬ق‪.‬م‪.‬ج‪ .‬أن التع ــويض ق ــد يك ــون عيني ـاً أو مبقاب ــل‪ ،‬و ق ــد م ــنح‬
‫املشرع اجلزائري مبوجب هـذه املـادة للقاضـي سـلطة اختيـار و حتديـد طريقـة التعـويض الـيت يراهـا أفضـل مـن‬
‫غريهــا جلــرب الضــرر تبع ـاً لظــروف القضــية املعروضــة عليــه‪ ،‬مسرتشــداً يف ذلــك بطلبــات املضــرور و ظروفــه‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪ -1‬التعويض العيين‪:‬‬
‫يهدف التعويض العيين إىل إعادة احلالة إىل ما كانت عليها قبل ارتكاب اخلطأ الذي أدى إىل‬
‫وقوع الضرر‪ ،‬وقد يتخذ عدة صور حبسب طبيعة الشيء حمل اإلعتداء‪ ،‬كاحلكم إبزالة احلائط الذي بناه‬
‫املدعى عليه بنية اإلضرار جباره مما سبب له ضرر‪.‬‬
‫‪ -2‬التعويض مبقابل‪:‬‬
‫هــو تعــويض غــري مباشــر يلجــأ إليــه القاضــي عنــدما يتعــذر إصــالح الضــرر بطريقــة التعــويض العيــين‪،‬‬
‫وغالبا ما يتمثل التعويض مبقابل يف مبلغ معني مـن املـال يقـدره قاضـي املوضـوع‪ ،‬و هـذا التعـويض النقـدي‬
‫إما يدفع كامال للمضرور أو يف شكل أقسـاط أو يف صـورة مرتـب مـدى احليـاة‪ ،‬و جيـوز يف هـاتني احلـالتني‬
‫األخريتني إلزام املسؤول أبن يقدم أتمينا يضمن به للمضرور حصوله على هذا التعويض‪.‬‬
‫كمــا جيــوز للقاضــي احلكــم علــى املســؤول بتع ـويض غــري نقــدي عــن الضــرر الــذي حلــق املضــرور‪ ،‬كــأن‬
‫حيكم مـثال يف دعـاوى السـب والقـذف بنشـر حكـم اإلدانـة ابلصـحف‪ ،‬فيكـون هـذا النشـر تعويضـاً معنـوايً‬
‫عن الضرر الذي حلق املضرور‪ ،‬كما ميثل رد اعتبار ابلنسبة إليه‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬تقدير التعويض‬
‫يتعني على القاضي للحكم ابلتعويض‪ ،‬التأكد من توافر أركان املسؤولية التقصريية (اخلطأ والضرر‬
‫والعالقة السببية بينهما)‪ ،‬كما يتعني عليه تقدير التعويض املتناسب مع جسامة الضرر الالحق ابملضرور‬
‫دون جسامة اخلطأ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫بناء على نص املادة ‪ 131‬من ق‪.‬م‪ ،.‬يقدر القاضي التعويض على أساس جسامة الضرر الذي‬
‫حلق ابملضرور دون جسامة اخلطأ‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار الظروف املالبسة للمضرور أي ظروفه‬
‫الشخصية‪ ،‬كالظروف الصحية و العائلية و املالية‪...‬إخل وفقا ملعيار ذايت أو شخصي‪.‬‬
‫والضرر القابل للتعويض عنه كما سبق بيانه هو الضرر املباشر سواء كان متوقع أو غري متوقع وقـت‬
‫وقـوع اخلطأ أو الفعـل الضــار‪ ،‬و س ـواء كـان ضــرراً مـادايً أو أدبيـاً‪ ،‬و يكـون الضـرر مباشـراً مـىت كـان نتيجـة‬
‫طبيعية لوقوع اخلطأ أو الفعل الضـار ومل يكن يف وسع املضرور أن يتوقاه ببذل جهد معقول‪.‬‬
‫و يشتمل التعويض الذي يقدره القاضي طبقا لـنص املـادة ‪ 1/182‬ق‪.‬م‪ ،.‬علـى عنصـرين جـوهريني‬
‫و مها ‪ :‬اخلسارة اليت حلقت املضرور سواء مادية أو معنوية‪ ،‬و الكسب الذي فاته ( تفويت الفرصة)‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬وقت تقدير التعويض‬
‫يقدر التعويض حبسب جسامة الضرر‪ ،‬ولكن أحياانً قد تتغري حالة الضرر ابلزايدة والنقصان يف‬
‫الفرتة ما بني حدوث الضرر وبني احلكم ابلتعويض‪ ،‬فقد يكون الضرر جسيماً عند حدوثه مث يصبح‬
‫بسيط يف وقت احلكم ابلتعويض و العكس‪ ،‬ففي هذه احلالة يقدر القاضي التعويض على أساس ما آل‬
‫إليه الضرر وقت النطق ابحلكم ال ما كان عليه عند وقوعه و ال من اتريخ رفع الدعوى‪ ،‬مع األخذ بعني‬
‫االعتبار التغريات اليت وصل إليها الضرر سواء ابلزايدة أو النقصان‪ ،‬و كذلك ما تكبده املضرور من‬
‫نفقات يف سبيل إصالح الضرر الالحق به‪.‬‬
‫و إذا مل يتيسر للقاضي وقت احلكم‪ ،‬تقدير مدى التعويض بصفة هنائية‪ ،‬جاز له أن حيتفظ‬
‫للمضرور ابحلق يف أن يطالب خالل مدة معينة ابلنظر من جديد يف تقدير التعويض‪ ،‬إذا كانت هناك‬
‫دالئل على تطور الضرر مستقبالً‪ ،‬حىت يتسىن للمضرور املطالبة بتعويض ما طرأ عليه من أضرار‪.‬‬
‫كما جيوز للقاضي احلكم بتعويض مؤقت إذا ما طلبه املضرور لتغطية النفقات اليت حيتاجها من‬
‫أجل إصالح الضرر‪ ،‬كنفقات العالج و مصاريف التنقل‪...‬إخل‪ ،‬و ذلك إذا كان الضرر حيتاج إىل مدة‬
‫زمنية لتحديده‪ ،‬فيحكم القاضي هبذا التعويض مؤقتاً إىل حني حتديد الضرر بصفة هنائية‪ ،‬و عندئذ حيكم‬
‫بتعويض هنائي عنه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬اجلمع بني تعويضني من املسؤول و شركة التأمني‬
‫األصل أنه ال جيوز للمضرور احلصول على تعويضني عن ضرر واحد‪ ،‬لكن هناك حالة حيصل فيها‬
‫املضرور على تعويضني و ال يعد ذلك مجع بني تعويضني عن ضرر واحد‪ ،‬و ذلك يف حالة قيام املضرور‬
‫‪99‬‬
‫ابلتأمني على نفسه أو ماله لدى إحدى شركات التأمني عما قد يصيبه من ضرر‪ ،‬فإذا حتقق الضرر‬
‫املؤمن عليه‪ ،‬جاز للمضرور الرجوع على شركة التأمني للحصول على مبلغ التأمني‪.‬‬
‫و يف نفس الوقت‪ ،‬جيوز للمضرور الرجوع على املسؤول الذي سبب له الضرر خبطئه للحصول‬
‫على التعويض‪ ،‬و ال يعترب ذلك مجع بني تعويضني عن ضرر واحد‪ ،‬ألن املضرور مل يتقاضى يف حقيقة‬
‫األمر إال تعويض واحد من املسؤول عن الضرر الذي أحدثه خبطئه‪ ،‬أما مبلغ التأمني فليس له صفة‬
‫التعويض‪ ،‬بل هو مقابل أقساط التأمني اليت دفعها املضرور لشركة التأمني‪ ،‬و مصدر هذا املبلغ هو عقد‬
‫التأمني و ليس الفعل الضار‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬االتفاقات املتعلقة ابملسؤولية التقصريية‬
‫إن االتفــاق املســبق علــى اإلعفــاء الكلــي أو اجلزئــي مــن املســؤولية التقصــريية يقــع ابطـالً ألنــه ينطــوي‬
‫علــى خمالفــة للنظــام العــام‪ ،‬حســبما نصــت عليــه املــادة ‪ 3/178‬ق‪.‬م‪ .‬بقوهلــا‪ ":‬و يبطــل كــل شــرط يقضــى‬
‫ابإلعفاء من املسئولية النامجة عن العمل غري املشروع"‪.‬‬
‫ومبفهـوم املخالفـة هلـذا احلكـم فإنـه يعـد صـحيحاً كـل اتفـاق مسـبق علـى التشـديد مـن هـذه املسـؤولية‪،‬‬
‫ألنه ال خيالف النظام العام وحيقق مصلحة للمضرور‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬التأمني من املسؤولية التقصريية‬
‫التأمني من املسؤولية التقصريية أو التأمني من االلتزام ابلتعويض هو عقد يربم بني املؤمن (شركة‬
‫التأمني) و املؤمن له (الشخص الذي خيشى مطالبته ابلتعويض عن فعله الضار ابلغري) و الذي يلتزم‬
‫مبوجبه هذا األخري بدفع أقساط التأمني إىل شركة التأمني مقابل حصوله على مبلغ التأمني ( التعويض)‬
‫أو دفعه إىل املضرور عند حتقق اخلطر املؤمن منه أال و هو مطالبة املضرور للمؤمن له (املسؤول)‬
‫ابلتعويض‪.‬‬
‫إن جلوء الشخص إىل هذا النوع من التأمني ال يعـين أنـه أعفـى نفسـه مـن املسـؤولية و خطـر املطالبـة‬
‫ابلتعــويض عــن األضـرار الــيت تلحــق ابلغــري مــن فعلــه الضــار حمتمــل الوقــوع‪ ،‬بــل تظــل هــذه املســؤولية قائمــة‬
‫على عاتقه وفقاً للقواعد العامة للمسـؤولية التقصـريية‪ ،‬و إمنـا نقـل فقـط عـن عاتقـه عـبء الوفـاء ابلتعـويض‬
‫إىل عاتق املؤمن (شركة التأمني) مبوجب عقد التأمني من املسؤولية‪.‬‬
‫كما جيوز للمضرور مطالبة املؤمن (شركة التأمني) مببلغ التأمني عن طريق الدعوى غري املباشرة‬
‫ابعتباره دائناً للمؤمن له الذي أصبح بدوره دائناً للمؤمن بتحقق اخلطر املؤمـن منـه‪ ،‬وهـذه الدعـوى تعـد‬
‫‪100‬‬
‫مـن وسـائل احملافظة على الضمان العام للمـديـن‪ ،‬حيث خولت املادة ‪ 189‬ق‪.‬م‪ .‬للدائن (املضرور)‬
‫مبوجبها القيام نيابة عن مدينه (املسؤول) ابملطالبة حبقوقه لدى الغري (شركة التأمني)‪.‬‬
‫كذلك حيق للمضرور مطالبة املؤمن (شركة التأمني) بقيمة التعويض مباشرة‪ 1‬يف حالتني مها‪:‬‬

‫‪ −‬االشـ ـرتاط ملص ــلحته ‪ :‬إذا ك ــان هن ــاك ش ــرط يف عق ــد الت ــأمني يع ــني املضـ ـرور كمس ــتفيد وفقـ ـاً‬
‫ألحكام االشرتاط ملصلحة الغري‪.‬‬
‫‪ −‬النص القانوين ‪ :‬إذا وجد نص يف القانون خيول املضرور حقاً مباشراً قبل املؤمن (شركة‬
‫التأمني) كنص املادة ‪ 59‬من القانون ‪ 07-95‬املتعلق ابلتأمينات اليت تقضي أبنه‪ ":‬ال ينتفع‬
‫ابملبلغ الواجب على املؤمن أو جبزء منه‪ ،‬إال الغري املتضرر أو ذوو حقوقه مادام أن هذا الغري‬
‫مل يستويف حقه يف حدود املبلغ املذكور من النتائج املالية املرتتبة عن الفعل الضار الذي سبب‬
‫مسؤولية املؤمن له‪".‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬املسؤولية التقصريية عن فعل الغري‬
‫األصل أن الشخص ال يسأل إال عن فعله الشخصي الضار ابلغري‪ ،‬غري أنه استثناء عن هذه‬
‫القاعدة العامة يف املسؤولية التقصريية (املسؤولية عن األفعال الشخصية)‪ ،‬أقر املشرع املسؤولية عن فعل‬
‫الغري و حصرها يف حالتني مها ‪:‬‬
‫‪ −‬مسؤولية متويل الرقابة (املادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫‪ −‬مسؤولية املتبوع عن أفعال اتبعه (املادة ‪ 136‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬مسؤولية متويل الرقابة عن أفعال اخلاضع لرقابته‬
‫لقد تناول املشرع اجلزائري مسؤولية متويل الرقابة يف نص املادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪ ،.‬و ينبغي اإلشارة إىل‬
‫أن املشرع قد قام بعد التعديل مبوجب القانون ‪ 10-05‬املؤرخ يف ‪ 20‬جوان ‪ ،2005‬بدمج الفقرة ‪ 2‬من‬
‫املادة ‪ 135‬ق‪.‬م‪ .‬امللغاة يف املادة ‪ 134‬اليت أصبحت تنص على ما يلي ‪ ":‬كل من جيب عليـه قانوانً أو‬

‫‪ -1‬تتقادم دعوى املضرور املباشرة يف مواجهة املؤمن (شركة التأمني)‪ ،‬حسب نص املادة ‪ 624‬ق‪.‬م‪ .‬يف فقرهتا الثانية‪" :‬يف حالة وقوع‬
‫احلادث املؤمن منه إال من اليوم الذي علم فيه ذوو الشأن بوقوعه "‪ ،‬أي من اتريخ توافر العلم لدى املضرور بوقوع احلادث املؤمن منه‪،‬‬
‫و هذا ما أكدته أيضا املادة ‪ 1/27‬و ‪ 4‬من القانون ‪ 07-95‬املتعلق ابلتأمينات‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫إتفاقاً رقابة شخص يف حاجة إىل الرقابـة بسبب قصره أو بسبب حالته العقليـة أو اجلسميـة‪ ،‬يكون ملزماً‬
‫بتعويض الضرر الذي حيدثه ذلك الشخص للغري بفعله الضار‪.‬‬
‫ويستطيع املكلف ابلرقابـة أن يتخلص من املسؤوليـة إذا أثبت أنه قام بواجــب الرقابة‬
‫أو أثبت أن الضرر كان البد من حدوثـه ولو قام هبذا الواجب مبا ينبغي من العنايـة‪".‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام مسؤولية متويل الرقابة‬
‫اشـرتط املشــرع اجلزائــري‪ ،‬عــالوة علــى تـوافر الشــروط العامــة للمســؤولية التقصــريية (اخلطــأ و الضــرر و‬
‫العالقة السببية) توافر شرطان مها ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬تويل شخص الرقابة على آخر‬
‫إن هذا النوع من املسؤولية يتطلب وجود شخص يف حاجة لرقابة شخص آخر يكون ملزما ابلقيام‬
‫بواجب الرقابة قانوان أو اتفاقا‪ ،‬و عليه ينبغي حتديد مفهوم الرقابة‪.‬‬
‫‪ -1‬مفهوم الرقابة‪:‬‬
‫لقــد أقــام املشــرع اجلزائــري فكــرة الرقابــة أساســا اللت ـزام املكلــف ابلرقابــة بتعــويض الغــري عــن الضــرر‬
‫الناشئ عن الفعل الضار الصـادر مـن اخلاضـع لرقابتـه‪ ،‬و الرقابـة هـي ‪":‬واجـب أو التـزام يفرضـه القـانون أو‬
‫االتفــاق علــى شــخص‪ ،‬و يتمثــل يف اإلشـراف علــى اخلاضــع لرقابتــه و توجيهــه و حســن تربيتــه و رعايتــه و‬
‫منعه من اإلضرار ابلغري‪ ،‬و ذلك ابختاذ كل االحتياطات الالزمة اليت حتول دون أن يصدر عنه فعـال ضـارا‬
‫ابلغري"‪.‬‬
‫‪ -2‬الشخص املكلف ابلرقابة ‪:‬‬
‫مل حتدد املادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪ .‬األشخاص الذين يقع علـيهم واجـب رقابـة غـريهم‪ ،‬و إمنـا وضـعت قاعـدة‬
‫عامة تقضي أبن كل شخص يكون أهـال لـئن يلـزم بواجـب الرقابـة مبقتضـى القـانون أو االتفـاق‪ ،‬يعـد رقيبـا‬
‫على األشخاص اخلاضعني لرقابته مبوجب ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬مصدر االلتزام ابلرقابة ‪:‬‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪ .‬قد يكون مصدر االلتزام ابلرقابة إما القانون أو االتفـاق‪ ،‬و عليـه‪ ،‬قـد‬
‫ينشأ االلتزام ابلرقابة حبكم القانون كالتزام األب برقابة ابنه القاصر‪ ،‬كما قد ينشأ مبقتضى االتفاق‪ ،‬كالتزام‬

‫‪102‬‬
‫املعلــم برقابــة تالميــذه يف املدرســة أو املشــرف علــى احلرفــة علــى القاصــر الــذي يعلمــه حرفــة معينــة‪ ،‬أو مــدير‬
‫مستشفى األمراض العقلية الذي يتوىل رقابة مرضاه‪.‬‬
‫‪ -4‬الشخص اخلاضع للرقابة ‪:‬‬
‫مل حتدد املادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪ .‬األشخاص الذين يكونون يف حاجة إىل الرقابة‪ ،‬ولكنها نصت على‬
‫بعض احلاالت اليت يكون فيها الشخص يف حاجة للرقابة و هي ‪ :‬حالة القصر و حالة العقلية و‬
‫اجلسمية‪.‬‬
‫احلالة األوىل ‪ :‬اخلاضع للرقابة بسبب قصره‬
‫القاصر املشمول ابلرقابة هو كل شخص مل يبلغ سن الرشد و هي ‪ 19‬سنة كاملة‪ ،‬سواء كان عدمي‬
‫األهلية (أقل من ‪ 13‬سنة) أي غري مميز أو انقص األهلية أي مميز (‪ 13‬سنة)‪ ،‬و ينبغي التمييز هنا بني‬
‫الرقابة على القاصر املميز و غري املميز‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا كان القاصر مميز يكون مسؤول مسؤولية شخصية عن أفعاله الضارة ابلغري طبقا للمادة‬
‫‪ 125‬ق‪.‬م‪ ،.‬كما تقوم مسؤولية املكلف ابلرقابة طبقا للمادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪ .‬و للمضرور االختيار‬
‫بينهما‪ ،‬و يف الغالب يطالب املضرور الرقيب فهو الطريق األضمن حلصوله على التعويض‪ ،‬ألن‬
‫ذمة الرقيب املالية أكثر يسرا من القاصر املميز‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان القاصر غري مميز و سبب ضررا للغري تقوم مسؤولية الرقيب‪ ،‬و ال ميكن للمضرور‬
‫مطالبة هذا القاصر ابلتعويض‪.‬‬
‫و يف كلتا احلالتني‪ ،‬يعترب الرقيب مسؤول مسؤولية أصلية‪.‬‬
‫مع العلم‪ ،‬أن القاصر سواء كان مميز أو غري مميز فهو دائما حباجة إىل الرقابة‪ ،‬ألن إدراكه ال‬
‫يكتمل إىل ببلوغه سن الرشد‪ ،‬و لذلك قامت مسؤولية املكلف ابلرقابة‪ ،‬أما إذا بلغ القاصر سن الرشد‬
‫أصبح مسؤوال عن فعله الضار ابلغري مسؤولية شخصية‪.‬‬
‫احلالة الثانية ‪ :‬اخلاضع للرقابة بسبب حالته العقلية‬
‫إذا كان الشخص مصاب خبلل عقلي ( كاجملنون أو العتوه) سواء بلغ سن الرشد أم ال‪ ،‬فإنه يكون‬
‫يف حاجة إىل الرقابة لتدبري شؤونه و منعه من اإلضرار ابلغري‪ ،‬و خيضع يف ذلك للرقابة حبكم القانون‬
‫كاألب أو للرقابة حبكم االتفاق كمدير مستشفى األمراض العقلية‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫احلالة الثالثة ‪ :‬اخلاضع للرقابة بسبب حالته اجلسمية‬
‫قد يكون الشخص مشموال ابلرقابة بسبب مرض يؤثر على حالته اجلسمية كاملصاب ابلشلل أو‬
‫الذي فقد بصره‪ ،‬و ابلتايل يعترب متويل الرقابة هو املسؤول عن أفعاله الضارة ابلغري‪.‬‬
‫‪ -5‬انتقال االلتزام ابلرقابة ‪:‬‬
‫ميكن أن ينتقل واجب الرقابة و املسؤولية املرتتبة عليه من شخص آلخر‪ ،‬فمثال الشخص املسؤول‬
‫عن القاصر هو األب و بعد وفاته تنتقل الرقابة إىل األم‪ ،‬و بعد الطالق تنتقل إىل من أسندت إليه‬
‫احلضانة طبقا لنص املادة ‪ 87‬من قانون األسرة‪.‬‬
‫كما ينتقل االلتزام ابلرقابة على القاصر الذي يدرس يف املدرسة إىل املعلم يف فرتة الدراسة اليومية و‬
‫بعد انتهاء هذه الفرتة تعود الرقابة لألب‪.‬‬
‫‪ -6‬زوال االلتزام ابلرقابة ‪:‬‬
‫إن سبب تويل شخص الرقابة على اآلخر هو توافر حالة قصر سنه أو حالته العقلية أو اجلسمية‪،‬‬
‫فإذا زال هذا السبب ابلبلوغ أو الشفاء من األمراض العقلية أو اجلسمية‪ ،‬فإن واجب الرقابة يسقط و‬
‫تزول تبعا لذلك املسؤولية عن عاتق متويل الرقابة‪ ،‬و يصبح من كان خاضعا للرقابة مسؤوال عن فعله‬
‫الشخصي الضار ابلغري‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬صدور فعل ضار ابلغري من الشخص اخلاضع للرقابة‬
‫يلــزم لقيــام مســؤولية متــويل الرقابــة إضــافة إىل وجــود شــخص يتــوىل رقابــة شــخص آخــر‪ ،‬أن يقــع مــن‬
‫اخلاضع للرقابة فعل ضار ابلغري‪ ،‬و يشرتط يف هذا الفعل الضار ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكـون وقوعــه حــال قيــام واجــب الرقابــة علـى عــاتق الرقيــب‪ ،‬و لــيس بعــد زوالــه‪ ،‬و ال يشــرتط‬
‫تواجد الرقيب و اخلاضع للرقابة وقت وقوع الفعل الضار يف نفس املكان‪.‬‬
‫‪ -‬وقــوع خطــأ شخصــي مــن اخلاضــع للرقابــة إذا كــان مميــز‪ ،‬أمــا إذا كــان غــري مميــز فيعتــد بعنصــر‬
‫التعدي يف اخلطأ دون عنصر اإلدراك‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس مسؤولية متويل الرقابة‬
‫لقد فرض املشرع مبوجب املادة ‪ 134‬ق‪.‬م‪ .‬على الرقيب واجـب الرقابـة علـى األشـخاص الـذين يف‬
‫حاجــة للرقابــة‪ ،‬فــإذا وقــع مــن اخلاضــع للرقابــة فعــل ضــار افــرتض القــانون أن الرقيــب قصــر أو أخــل بواجــب‬
‫الرقابة‪ ،‬و عليه تقوم مسؤولية متويل الرقابة على خطأ مفرتض قابل إلثبات العكس‪.‬‬
‫و عليــه‪ ،‬يقــع علــى عــاتق املضــرور إثبــات وقــوع الفعــل الضــار مــن اخلاضــع للرقابــة و إثبــات الضــرر‬
‫الذي أصابه‪ ،‬و كذلك إثبات عالقة السببية بني الفعل الضار و الضرر‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬وسائل دفع مسؤولية متويل الرقابة‬
‫طبقا للمادة ‪ 2/134‬ق‪.‬م‪ .‬يستطيع الرقيب دفع املسؤولية عن نفسه بوسيلتني ‪:‬‬
‫‪ -‬إما بنفي اخلطأ املفرتض يف جانبه إبثبات أنه قام بواجب الرقابة كما ينبغي من العناية‪.‬‬
‫‪ -‬أو بنفي عالقة السببية عن طريق إثبات أن الضرر كان البد أن يقع و لو قام بواجب الرقابة‬
‫كما ينبغي من العناية‪ ،‬و ذلك من خالل إثبات السبب األجنيب ( القوة القاهرة أو احلادث‬
‫املفاجئ أو خطأ املضرور أو خطأ الغري)‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬حق متويل الرقابة يف الرجوع على اخلاضع لرقابته‬
‫لقد نصت املـادة ‪ 137‬ق‪.‬م‪ .‬قبـل التعـديل علـى أنـه ‪":‬للمسـؤول عـن عمـل الغـري حـق الرجـوع عليـه‬
‫يف احلــدود الــيت يكــون فيهــا هــذا الغــري مســؤوال عــن تعــويض الضــرر"‪ ،‬و طبقــا هلــذه املــادة كــان حيــق ملتــويل‬
‫الرقابــة الرجــوع علــى اخلاضــع للرقابــة الســرتداد التعــويض إذا كــان مميـزا‪ ،‬لكــن بعــد التعــديل أصــبحت املــادة‬
‫‪ 137‬ق‪.‬م‪ .‬تــنص علــى مــا يلــي ‪ ":‬للمتبــوع حــق الرجــوع علــى اتبعــه يف حالــة ارتكابــه خطــأ جســيما"‪ ،‬و‬
‫عليه أصبح غري ممكن للرقيب الرجوع على اخلاضع لرقابته سواء كان مميز أو غري مميـز‪ ،‬و بـذلك أصـبحت‬
‫مسؤولية الرقيب مسؤولية أصلية يف كلتا احلالتني‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬مسؤولية املتبوع عن أفعال التابع‬
‫تعتــرب مســؤولية املتبــوع عــن أفعــال التــابع النــوع الثــاين مــن املســؤولية عــن فعــل الغــري‪ ،‬و يقصــد هبــا‬
‫مسؤولية املتبوع عن أفعال اتبعه الضارة ابلغري‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام مسؤولية املتبوع عن أفعال التابع‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 136‬ق‪.‬م‪ .‬اليت تـنص علـى أنـه ‪ ":‬يكـون املتبـوع مسـؤوال عـن الضـرر الـذي حيدثـه‬
‫اتبعه بفعله الضار مىت كان واقعا منه يف حال أتدية الوظيفة أو بسببها أو مبناسبتها‪.‬‬
‫و تتحقــق عالقــة التبعيــة‪ ،‬ولــو مل يكــن املتبــوع ح ـرا يف اختيــار اتبعــه‪ ،‬مــىت كــان هــذا األخــري يعمــل‬
‫حلساب املتبوع"‪ ،1‬يتبني أن يشرتط لقيام مسؤولية املتبوع عن أفعال اتبعه‪ ،‬توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬حتقق عالقة التبعية بني املتبوع و التابع‬
‫طبقــا لــنص املــادة ‪ 2/136‬ق‪.‬م‪ .‬قبــل تعــديلها كــان املشــرع اجلزائــري يعتمــد لتحديــد عالقــة التبعيــة‬
‫علــى معيــار وجــود ســلطة فعليــة للمتبــوع يف رقابــة و توجيــه التــابع‪ ،‬أمــا بعــد التعــديل أخــذ املشــرع اجلزائــري‬
‫مبعيار العمل حلساب املتبوع بغض النظر عمـا إذا كـان للمتبـوع سـلطة توجيـه و رقابـة فعليـة علـى التـابع أو‬
‫ال و سواء مارس املتبوع هذه السلطة أم مل ميارسها‪.‬‬
‫و اســتنادا هلــذا املعيــار أصــبح كــل مــن يعمــل حلســاب املتبــوع (الغــري) اتبعــا لــه و يســأل عــن أفعالــه‬
‫الضار ابلغري حىت و لو مل يكن للمتبوع حرية يف إختيار اتبعه‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬صدور خطأ من التابع‬
‫ال تقــوم مســؤولية املتبــوع إال إذا حتققــت مســؤولية التــابع أبركاهنــا الثالثــة (اخلطــأ و الضــرر و العالقــة‬
‫السببية بينهما)‪ ،‬و عليه ينبغي على املضـرور للحصـول علـى التعـويض مـن املتبـوع أن يثبـت خطـأ التـابع و‬
‫الضرر الذي أحلقه به و العالقة السببية بينهما و ذلك ابستعمال كافة وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬ارتكاب التابع خطأ حال أتدية الوظيفة أو بسببها أو مبناسبتها‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 136‬من القانون املدين يتحقق خطأ التابع كشرط لقيام مسؤولية املتبوع عن أفعال‬
‫اتبعه يف احلاالت التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 136‬ق‪.‬م‪ .‬قبل التعديل ‪":‬يكون املتبوع مسؤوال عن الضرر الذي حيدثه اتبعه بعمله غري املشروع مىت كان واقعا منه يف‬
‫حال أتدية الوظيفة أو بسببها‪.‬‬
‫وتقوم رابطة التبعية‪ ،‬ولو مل يكن املتبوع حرا يف إختيار اتبعه‪ ،‬مىت كانت له عليه سلطة فعلية يف رقابته ويف توجهيه‪".‬‬
‫‪106‬‬
‫‪ -1‬خطأ التابع أثناء الوظيفة‪:‬‬
‫يلزم لقيام مسؤولية املتبوع وقوع خطأ من التابع حالة أتدية عمله الذي يدخل يف وظيفته‬
‫حلساب املتبوع‪ ،‬كالطبيب الذي يرتكب خطأ عند معاجلة املريض أثناء أتدية وظيفته‪ ،‬فتكون‬
‫املستشفى مسؤولة عن هذا اخلطأ‪.‬‬
‫‪ -2‬خطأ التابع بسبب الوظيفة‪:‬‬
‫يقصد بذلك أن تكون الوظيفة هي السبب يف ارتكابه هلذا اخلطأ حبيث ما كان يستطيع أن‬
‫يرتكبه أو يفكر يف ارتكابه لوال الوظيفة‪ ،‬مع العلم أنه إذا كان املضرور يعلم أن التابع قد جتاوز‬
‫حدود وظيفته و قبل بذلك فال مسؤولية على املتبوع‪.‬‬
‫‪ -3‬خطأ التابع مبناسبة الوظيفة ‪:‬‬
‫يقصد بذلك أن الوظيفة ليست هي السبب يف ارتكاب اخلطأ و لكنها عامل مسهل و مساعد‬
‫الرتكاب اخلطأ‪.‬‬
‫لقد كان خطأ التابع مبناسبة الوظيفة مستبعداً من مسؤولية املتبوع قبل التعديل‪ ،‬حيث كانت‬
‫املادة ‪ 136‬من القانون املدين تقتصر على اخلطأ أثناء أتدية الوظيفة أو بسببها‪ ،‬لكن بعد تعديل‬
‫هذه املادة مبوجب القانون ‪ ،10-05‬أضاف املشرع حالة خطأ التابع مبناسبة الوظيفة‪ ،‬و عليه‬
‫أصبح املتبوع مسؤوالً عن أفعال التابع إذا كانت الوظيفة قد هيأت الفرصة للتابع يف ارتكاب‬
‫اخلطأ‪ ،‬و حىت لو مل يكن هذا العمل من أعمال الوظيفة‪ ،‬و هبذا يكون املشرع اجلزائري قد وسع‬
‫من مسؤولية املتبوع ليشمل خطأ التابع مبناسبة الوظيفة محاية للمضرور لضمان حصوله على‬
‫التعويض من املتبوع‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس مسؤولية املتبوع عن أفعال التابع‬
‫لقـد اختلفــت اآلراء حــول أسـاس مســؤولية املتبــوع عـن أفعــال اتبعــه‪ ،‬و ظهـرت بــذلك عــدة نظـرايت‬
‫تعرضت مجيعها للنقد و هي ‪:‬‬
‫نظرية اخلطأ املفرتض ‪ :‬حسب هـذه النظريـة يقـوم يف جانـب املتبـوع خطـأ مفـرتض ال يقبـل إثبـات‬
‫العكــس يتمثــل يف تقصــريه يف اســتعمال ســلطته الفعليــة يف رقابــة و توجيــه اتبعــه‪ ،‬و هــذا حســب مضــمون‬
‫املادة ‪ 2/136‬قبل تعديلها‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫لكن بعد التعديل أصبحت هذه النظرية ال تصلح كأساس ملسؤولية املتبوع عن أفعـال اتبعـه‪ ،‬و الـيت‬
‫أصــبحت تســتند علــى وجــود عالقــة التبعيــة مبجــرد عمــل التــابع حلســب املتبــوع دون اش ـرتاط اســتعمال‬
‫املتبوع سلطة فعلية على التابع يف رقابته و توجيهه‪.‬‬
‫نظريــة حتمــل التبعــة‪ :‬طبقــا هلــذه النظريــة يســأل املتبــوع مســؤولية موضــوعية تقــوم علــى أســاس الضــرر‬
‫دون خطأ‪ ،‬ألن املتبوع ينتفع من نشاط اتبعه و من مث فهو يتحمل تبعة ذلك‪.‬‬
‫انتقدت هذه النظرية ألن املشرع قد اشرتط صدور خطأ من التابع لقيام مسؤولية املتبـوع‪ ،‬كمـا مـنح‬
‫املتبوع حق الرجوع على اتبعه يف حالة اخلطأ اجلسيم‪.‬‬
‫نظرية الكفالة‪ :‬حسب هذه النظرية فإن املتبوع يقوم بكفالة التابع إذا ارتكب خطأ سبب بـه ضـرر‬
‫للغري أثناء أتدية الوظيفة أو بسببها أو مبناسبتها‪.‬‬
‫انتقدت هذه النظرية ألن الكفالة مصدرها العقد و ليس القانون‪.‬‬
‫نظرية النيابة ‪ :‬طبقا هلذه النظرية يسأل املتبوع عن أفعال اتبع الضارة ابلغـري ابعتبـاره انئـب عنـه‪ ،‬و‬
‫قــد انتقــدت هــذه النظريــة ألن النيابــة ال تكــون إال يف التص ـرفات القانونيــة‪ ،‬أمــا الفعــل الضــار فهــو عمــل‬
‫مادي ال يتصور فيه النيابة‪.‬‬
‫نظريــة احللــول ‪ :‬وفقــا هلــذه النظريــة حيــل املتبــوع حمــل التــابع‪ ،‬و عليــه يعتــرب خطــأ التــابع كأنــه خطــأ‬
‫املتبوع نفسه‪ ،‬انتقدت هذه النظرية ألن للمتبوع حق الرجوع على التابع‪.‬‬
‫موقف املشرع اجلزائري حول أساس مسؤولية املتبوع عن أفعال اتبعه‪:‬‬
‫إن مسؤولية املتبوع ال ميكن أن تقوم على أساس اخلطأ املفرتض يف جانبـه‪ ،‬و ال علـى حتمـل التبعـة‪،‬‬
‫و ال كفالة أو نيابة أو حلـول‪ ،‬بـل هـي مسـؤولية عـن فعـل الغـري حبكـم القـانون‪ ،‬لصـان املضـرور ألن الذمـة‬
‫املالية للمتبوع أكثر يسرا من ذمة التابع‪ ،‬مما يضـمن للمضـرور حصـوله علـى التعـويض‪ ،‬مـع حـق املتبـوع يف‬
‫الرجوع على التابع يف حدود ما نص عليه القانون‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬إثبات مسؤولية املتبوع عن أفعال اتبعه و كيفية دفعها‬
‫يقع على عاتق املضرور عب إثبات مسؤولية التابع (اخلطأ و الضرر و العالقة السببية بينهما)‪ ،‬كما‬
‫يقع عليه عبء إثبات توافر عالقة التبعية بني التابع و املتبوع‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫و املتب ــوع ال يس ــتطيع نف ــي املس ــؤولية ع ــن نفس ــه إال بنف ــي مس ــؤولية الت ــابع م ــن خ ــالل نف ــي عالق ــة‬
‫السـببية بـني خطــأ التـابع و الضـرر الــذي حلـق املضـرور‪ ،‬و ذلــك إبثبـات السـبب األجنــيب( القـوة القــاهرة أو‬
‫احلادث املفاجئ أو خطأ املضرور أو خطأ الغري)‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬طبيعة مسؤولية املتبوع عن أفعال التابع‬
‫تعتــرب مســؤولية املتبــوع يف األصــل مســؤولية تبعيــة ال أصــلية‪ ،‬و هــذا مــا يعطيــه احلــق يف الرجــوع علــى‬
‫اتبعه مرتكب الفعل الضار ملطالبته بقيمة التعويض الذي وفاه للمضرور يف احلاالت اليت حددها القـانون‪،‬‬
‫أما فيما عداها فتعترب مسؤوليته أصلية‪.‬‬
‫الفرع اخلامس ‪ :‬حق املتبوع يف الرجوع على التابع‬
‫طبقــا لــنص املــادة ‪ 137‬ق‪.‬م‪ .‬قبــل التعــديل الــيت كانــت تــنص علــى أنــه ‪":‬للمســؤول عــن عمــل الغــري‬
‫حــق الرجــوع عليــه يف احلــدود الــيت يكــون فيهــا هــذا الغــري مســؤوال عــن تعــويض الضــرر"‪ ،‬إذا دفــع املتبــوع‬
‫التعــويض للمضــرور حيــق لــه الرجــوع علــى اتبعــه مبــا دفعــه الســرتداده‪ ،‬لكــن بعــد تعــديلها أصــبحت املــادة‬
‫‪ 137‬ق‪.‬م‪ .‬تــنص علــى مــا يلــي ‪ ":‬للمتبــوع حــق الرجــوع علــى اتبعــه يف حالــة ارتكابــه خطــأ جســيما"‪ ،‬و‬
‫عليــه ال حيــق للمتبــوع الرجــوع علــى اتبعــه إال يف حالــة كــان الضــرر الــذي أحدثــه التــابع للغــري قــد ارتكــب‬
‫نتيجة خطأ جسيم‪ ،‬و مسألة تقدير اخلطأ اجلسيم ختضع للسلطة التقديرية لقاضي املوضوع‪.‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬املسؤولية الناشئة عن األشياء‬
‫عالوة على مسؤولية الشخص عـن فعلـه الشخصـي كأصـل عـام و عـن فعـل الغـري اسـتثناءا‪ ،‬فإنـه قـد‬
‫يسأل كذلك عن فعل األشياء‪ ،‬و قد نص املشرع اجلزائري على ‪ 04‬أنواع للمسؤولية الناشـئة عـن األشـياء‬
‫تتمثل يف ‪:‬‬
‫‪ -1‬املسؤولية عن حراسة األشياء غري احلية (املادة ‪ 138‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫‪ -2‬املسؤولية عن حراسة األشياء احلية (احليوان) (املادة ‪ 139‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫‪ -3‬املسؤولية عن هتدم البناء (املادة ‪ 2 /140‬و ‪ 3‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -4‬املسؤولية عن احلريق (املادة ‪ 1/140‬ق‪.‬م‪.).‬‬
‫ع ــالوة عل ــى ذل ــك‪ ،‬أض ــاف املش ــرع مس ــؤولية املن ــتج مبوج ــب امل ــادة ‪ 140‬مك ــرر ق‪.‬م‪( .‬مس ــؤولية‬
‫املوضوعية على أساس الضرر)‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬املسؤولية عن حراسة األشياء غري احلية‬
‫تقوم هذه املسؤولية على فكرة اخلطأ يف حراسة األشياء غري احلية‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام مسؤولية حارس األشياء غري احلية‬
‫طبقا للمادة ‪ 1/138‬ق‪.‬م‪ .‬اليت تنص على أنه ‪ ":‬كـل مـن تـوىل حراسـة شـيء ولـه قـدرة االسـتعمال‬
‫والتســيري والرقابــة يعتــرب مســؤوال عــن الضــرر الــذي حيدثــه ذلــك الشــيء"‪ ،‬يتبــني أنــه يشــرتط لقيــام املســؤولية‬
‫عن حراسة األشياء غري احلية حتقق شرطان ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬تويل شخص حراسة شيء‬
‫يقص ــد ابحلراس ــة طبق ــا للم ــادة ‪ 1/138‬ق‪.‬م‪ .‬أن يك ــون للش ــخص س ــلطة فعلي ــة عل ــى الش ــيء و‬
‫التصرف فيه و تتمثل هذه السيطرة الفعلية يف االسـتعمال و التسـيري و الرقابـة سـواء كانـت هـذه السـلطة‬
‫مشروعة أو غري مشروعة‪.‬‬
‫و األصـل أن احلراســة تكــون ملالــك الشــيء و قــد تنتقــل لغــريه برضــاه كاملشــرتي الــذي يصــبح حــارس‬
‫للشيء من يوم تسلمه‪ ،‬أو بدون رضاه كالسارق الذي يصبح حارس للشيء املسروق‪.‬‬
‫و يقصد ابلشيء حمل احلراسة ‪ ":‬كل شيء غري حي سواء كان منقول أو عقـار ماعـدا هتـدم البنـاء‪،‬‬
‫و سواء كان جامد أو سائل أو غازي أو كهرابء و سواء كان خطري أو غري خطري‪.‬‬
‫هل ميكن جتزئة احلراسة يف حالة تعدد احلراس (احلراسة املشرتكة)؟‬
‫إن احل ــارس املس ــؤول ه ــو م ــن يك ــون ل ــه الس ــلطة الفعلي ــة عل ــى الش ــيء و املتمثل ــة يف االس ــتعمال و‬
‫التسيري و الرقابـة‪ ،‬و الـيت تتحقـق لـه مـىت إجتمعـت يف يـده السـلطات الـثالث الـيت تكمـل بعضـها الـبعض‪،‬‬
‫لــذلك‪ ،‬ال ميكــن جتزئــة احلراســة علــى شــيء واحــد بــني أكثــر مــن شــخص‪ ،‬فــالعربة ابلســلطة الفعليــة علــى‬
‫الشيء ال مبجرد حيازته املادية‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬إذا كـان للشـيء أكثـر مـن حـارس حبيـث يشـرتكون مجيعـاً يف ممارسـة سـلطات االسـتعمال و‬
‫التسيري و الرقابة على هذا الشيء‪ ،‬فيكونون يف هذه احلالـة متضـامنني فيمـا بيـنهم عـن الضـرر الـذي حيدثـه‬
‫الشيء للغري كل بنسبة حصته‪ ،‬كتعدد مالكي شاحنة أحـدثت ضـرر للغـري‪ ،‬أمـا إذا انتقلـت حيـازة الشـيء‬
‫للغـري كالتــابع و ظلــت الســلطة الفعليــة يف يــد احلــارس األصــلي (املالــك)‪ ،‬فــال يعــد هــذا التــابع الــذي يعمــل‬
‫حلساب املتبوع (احلارس األصلي) حارساً‪.‬‬
‫‪110‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬حدوث ضرر بفعل الشيء‬
‫ال تتحقق مسؤولية حارس الشيء إال إذا وقع ضـرر مـن فعـل الشـيء سـواء كـان هـذا الشـيء معيـب‬
‫أو غري معيب و سواء كان خطري أو غري خطري‪.‬‬
‫و ال يشرتط يف فعل الشيء حدوث احتكـاك مـادي مباشـر بينـه و بـني املضـرور‪ ،‬بـل يكفـي أن يـتم‬
‫االحتكاك بواسطة عنصر مادي كتطاير حصى من حتت عجلة سيارة فتكسـر زجـاج حمـل جتـاري‪ ،‬كمـا ال‬
‫يشــرتط أن يكــون الشــيء متحــرك أثنــاء احلــادث أو ســاكن‪ ،‬بــل يكفــي أن يكــون للشــيء تــدخل اجيــايب يف‬
‫إحداث الضرر‪ ،‬كالسيارة اليت تكون واقفة يف غري املكان املخصص هلا‪.‬‬
‫كيف يتم التمييز بني فعل الشيء و فعل الشخص؟‬
‫حىت نكون بصدد فعل الشيء جيب أن يفقد الشخص احلارس زمام السـيطرة الفعليـة علـى الشـيء‪،‬‬
‫أما إذا بقي الشيء بيده و تعمد إحداث الضرر ابلغري فنكون بصدد مسؤولية عن فعـل الشـخص و لـيس‬
‫عن حراسة الشيء‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس مسؤولية حارس األشياء غري احلية‬
‫تقــوم مســؤولية حــارس األشــياء غــري احليــة علــى أســاس خطــأ مفــرتض يف احلراســة غــري قابــل إلثبــات‬
‫العكس‪ ،‬و يقصد ابخلطأ يف احلراسة فقـد زمـام السـيطرة الفعليـة علـى الشـيء احملـروس‪ ،‬و يعتـرب هـذا اخلطـأ‬
‫املفــرتض غــري قابــل إلثبــات العكــس ألن احلــارس ال يســتطيع إثبــات عكســه أي أن يــدعي أنــه مل خيطــأ يف‬
‫احلراسة و أنه قام ابلعناية املطلوبة حىت ال يفقد السيطرة الفعلية على الشيء‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬دفع مسؤولية حارس األشياء غري احلية‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 2/138‬ق‪.‬م‪ .‬ال ميكن حلارس الشيء دفع املسؤولية عن نفسه إال بنفي عالقة السببية‬
‫عن طريق إثبات السبب األجنيب ( القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ أو خطأ املضرور أو خطأ الغري)‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬إثبات مسؤولية حارس األشياء غري احلية‬
‫يقــع علــى عــاتق املضــرور عــب إثبــات أن املــدعى عليــه هــو حــارس الشــيء الــذي أحــدث الضــرر‪ ،‬و‬
‫إثبات الضرر الذي وقع بفعل الشيء املوجود حتت حراسته‪ ،‬و إثبات عالقة السببية بـني التـدخل االجيـايب‬
‫للشيء و الضرر الذي أصابه‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬املسؤولية عن حراسة األشياء احلية (احليوان)‬
‫تقوم هذه املسؤولية على فكرة اخلطأ يف حراسة األشياء احلية (احليوان)‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام مسؤولية حارس األشياء احلية‬
‫طبقا للمادة ‪ 139‬ق‪.‬م‪ .‬اليت تـنص علـى أنـه ‪ ":‬حـارس احليـوان ولـو مل يكـن مالكـا لـه مسـؤول عمـا‬
‫حيدثه احليوان مـن ضـرر ولـو ضـل احليـوان أو تسـرب مـا مل يثبـت احلـارس أن وقـوع احلـادث كـان بسـبب ال‬
‫ينسب إليه"‪ ،‬يتبني أنه يشرتط لقيام املسؤولية عن حراسة األشياء احلية حتقق شرطان ‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬تويل شخص حراسة حيوان‬
‫ينبغي أن يكون احليوان حتت حراسة شـخص حـىت تتحقـق مسـؤولية حارسـه‪ ،‬و يقصـد ابحلراسـة أن‬
‫يكون للشخص سلطة فعلية علـى احليـوان و التصـرف فيـه و تتمثـل هـذه السـيطرة الفعليـة يف االسـتعمال‬
‫و التسيري و الرقابة سواء كانت هذه السلطة مشروعة أو غري مشروعة‪.‬‬
‫األصــل أن احلراســة تكــون ملالــك احلي ـوان و قــد تنتقــل لغــريه برضــاه كاملشــرتي الــذي يصــبح حــارس‬
‫للحيوان من يوم تسلمه‪ ،‬أو بدون رضاه كالسارق الذي يصبح حارس للحيوان املسروق‪.‬‬
‫و يقصــد ابحلي ـوان كــل أن ـواع احلي ـواانت األليفــة و غــري األليفــة‪ ،‬اخلطــرية و غــري اخلطــرية‪ ،‬و كــذلك‬
‫الطيور‪...‬إخل‪ ،‬و يشرتط يف احليوان أن يكون حي و مملوك لشخص و أن تكون حراسته ممكنة‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬إحداث احليوان ضرر ابلغري‬
‫تقـوم مسـؤولية حــارس احليـوان إذا وقــع ضـرر بفعــل احليـوان للغـري حــىت لـو ضــل أو تسـرب‪ ،‬و يقصــد‬
‫بفعــل احليـوان أن يكــون الضــرر حاصــل نتيجــة تــدخل اجيــايب للحيـوان‪ ،‬أي أنــه ال يشــرتط يف فعــل احليـوان‬
‫حــدوث احتكــاك مــادي مباشــر بينــه و بــني املضــرور‪ ،‬بــل يكفــي أن يكــون الضــرر نتيجــة تــدخل اجيــايب‬
‫للحيوان و لو عن بعد كمن يصاب بذعر نتيجة ظهور حيوان مفرتس فلت من فقصه‪.‬‬
‫و يعترب مالك احليوان من الغري إذا مل يكن هو احلارس و سبب له احليوان ضرر‪ ،‬و ابلنسبة للمتبـوع‬
‫األصل أنه هو احلارس و ليس التابع إال يف حالتني‪ :‬احلالة األوىل‪ :‬إذا خـرج التـابع عـن أوامـر و توجيهـات‬
‫املتبـوع أثنـاء حيازتـه للحيـوان و اسـتعمله ملصـلحته الشخصـية سـواء برضـا املتبـوع أو بـدون رضـاه‪ ،‬و احلالـة‬
‫الثانية‪ :‬إذا نقل املتبوع سلطات احلراسة للتابع‪.‬‬
‫كيف يتم التمييز بني فعل احليوان و فعل الشخص ؟‬
‫‪112‬‬
‫إذا تدخل فعل احليوان مع فعل الشخص يف إحداث الضرر ‪ ،‬كما يف حالة شخص ميتطي أو يقود‬
‫حيوان أثنـاء حـدوث ضـرر للغـري‪ ،‬فـإذا مل يتعمـد الراكـب اإلضـرار ابلغـري و فقـد زمـام السـيطرة الفعليـة علـى‬
‫احليوان‪ ،‬نكون بصدد فعل احليوان‪ ،‬أما إذا تعمد ذلك فنكون بصدد فعل الشخص‪.‬‬
‫هل ميكن أن تكون احلراسة املشرتكة بني عدة حراس؟‬
‫إذا اشــرتك أكثــر مــن شــخص يف حراســة حي ـوان كاحلصــان اململــوك لعــدة أشــخاص‪ ،‬و ســبب هــذا‬
‫احلصان ضرر للغري فيعتربون كلهم مسؤولني ابلتضامن عن تعويض املضرور‪.‬‬
‫و يف حالــة اش ـرتاك عــدة حي ـواانت يف إحــداث الضــرر‪ ،‬و كانــت مجيعهــا يف حراســة شــخص واحــد‬
‫فيعترب هو املسؤول‪ ،‬أما إذا كانت هذه احليواانت يف حراسة عدة أشخاص فريجـع املضـرور علـى أي مـنهم‬
‫ابلتعويض كامالً على أساس التضامن بينهم‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس مسؤولية حارس احليوان‬
‫تقــوم مســؤولية حــارس احليـوان علــى أســاس خطــأ مفــرتض يف احلراســة غــري قابــل إلثبــات العكــس‪ ،‬و‬
‫يقصد ابخلطأ يف احلراسة فقد زمام السيطرة الفعلية على احليوان احملروس‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬دفع مسؤولية حارس احليوان‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 139‬ق‪.‬م‪ .‬ال ميكن حلارس احليوان دفع املسؤولية عن نفسه إال ‪:‬‬
‫بنفي عالقة السببية عن طريق إثبات السبب األجنيب ( القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ أو خطأ‬
‫املضرور أو خطأ الغري)‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬إثبات مسؤولية حارس احليوان‬
‫يقــع علــى عــاتق املضــرور عــب إثبــات أن احليـوان الــذي ســبب لــه الضــرر كــان حتــت حراســة املــدعى‬
‫عليــه (احلــارس)‪ ،‬و إثبــات الضــرر الــذي أصــابه‪ ،‬و إثبــات عالقــة الســببية بــني التــدخل االجيــايب للحيـوان و‬
‫الضرر الذي حلق به‪.‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬املسؤولية عن هتدم البناء‬
‫تقوم املسؤولية عن هتدم البناء يف حق مالك البناء إذا سبب هتدم البناء ضرر للغري‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام املسؤولية عن هتدم البناء‬
‫طبقــا لــنص املــادة ‪ 2/140‬ق‪.‬م الــيت تــنص علــى أنــه ‪":‬مالــك البنــاء مســؤول عمــا حيدثــه البنــاء مــن‬
‫ضرر و لو كان اهنداما جزئيا‪ ،‬ما مل يثبت أن احلادث ال يرجع سببه إىل إمهال يف الصيانة أو قدم يف البناء‬
‫أو عيب فيه"‪ ،‬يتبني أنه جيب لقيام املسؤولية عن هتدم البناء أن يكون هناك مالـك للبنـاء و أن يقـع ضـرر‬
‫عن هتدم ذلك البناء‪.‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬وجود مالك للبناء‬
‫تقوم املسـؤولية عـن هتـدم البنـاء إذا كـان هنـاك مالـك للبنـاء‪ ،‬فاملالـك هـو املسـؤول عمـا حيدثـه إهنـدام‬
‫البناء من ضرر للغري‪ ،‬سواء كان هـذا االهنـدام كلـي أو جزئـي‪ ،‬فاملالـك هـو الـذي لـه السـيطرة الفعليـة علـى‬
‫البناء حىت و لو كان يف حيازة املستأجر‪.‬‬
‫يقصــد ابلبنــاء كــل مــا أنشــأه اإلنســان و كــان مشــيد حبجــارة أو خشــب أو حديــد‪ ،...‬و سـواء كــان‬
‫بناؤه مؤقـت أو مؤبـد ابسـتثناء العقـار ابلتخصـيص كاملصـعد الكهرابئـي‪ ،‬و يـدخل يف معـىن البنـاء املبـاين و‬
‫األعمدة و السدود و األنفاق و املخازن و املصانع‪ ...‬أي كل ما يكون متصل ابألرض‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬وقوع ضرر عن هتدم البناء‬
‫يشــرتط لقيــام املســؤولية عــن هتــدم البنــاء أن يرتتــب هــن هتــدم البنــاء ضــرر للغــري‪ ،‬و أن يكــون هــذا‬
‫التهــدم راجــع إىل البنــاء ذاتــه‪ ،‬كإمهــال يف الصــيانة أو قــدم يف البنــاء أو عيــب فيــه‪ ،‬و أن يقــع التهــدم فعــال‪،‬‬
‫سواء كان كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬الدعوى الوقائية‬
‫طبقا للفقرة ‪ 3‬من املادة ‪ 140‬ق‪.‬م‪ ،.‬أقر املشرع إىل جانب مسؤولية مالـك البنـاء عـن هتـدم البنـاء‪،‬‬
‫حق الشخص الذي يتهدده خطر هتدم البناء إختاذ تدابري وقائية‪ ،‬قصد جتنب خطر سقوط البنـاء و وقـوع‬
‫األضـرار املرتتبــة عــن ذلــك‪ ،‬و ذلــك مــن خــالل رفــع دعــوى وقائيــة أمــام القضــاء ملطالبــة مالــك البنــاء ابختــاذ‬
‫التـدابري الالزمـة لتفـادي اخلطـر الــذي يهـدده‪ ،‬و إذا امتنـع املالـك عـن القيــام هبـذه التـدابري‪ ،‬جـاز للشــخص‬
‫طلــب احلصــول علــى إذن مــن احملكمــة املختصــة للرتخــيص ابلقيــام هبــا و تكــون التكــاليف علــى حســاب‬
‫املالك‪ ،‬و مسألة تقدير وجود خطر يهدد الشخص مسألة موضوعية ختضع لتقدير قاضي املوضوع‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أساس املسؤولية عن هتدم البناء‬
‫تقوم مسؤولية مالك البنـاء علـى أسـاس خطـأ مفـرتض يف جانبـه يتمثـل يف إمهـال يف الصـيانة أو قـدم‬
‫يف البناء أو عيب فيه‪ ،‬و هذا اخلطأ املفرتض قابل إلثبات العكس‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬دفع املسؤولية عن هتدم البناء‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 2/140‬ق‪.‬م يستطيع مالك البناء أن يدفع املسؤولية عن نفسه بوسيلتني ‪:‬‬
‫‪ -‬إما بنفي اخلطأ املفرتض و ذلك إبثبات أن هتدم البناء مل يكن بسبب إمهال يف الصيانة و‬
‫اإلصالح أو عيب فيه أو قدمه‪ ،‬و أنه قام أبعمال الصيانة طبقا لألصول الفنية املتعارف‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ -‬أو بنفي عالقة السببية من خالل إثبات السبب األجنيب ( القوة القاهرة أو احلادث املفاجئ‬
‫أو خطأ املضرور أو خطأ الغري)‬
‫املطلب اخلامس ‪ :‬إثبات املسؤولية عن هتدم البناء‬
‫يقع على عاتق املضرور عـب إثبـات أن املـدعى عليـه هـو مالـك البنـاء الـذي هتـدم‪ ،‬و إثبـات الضـرر‬
‫الذي أصابه‪ ،‬و إثبات عالقة السببية بني هتدم البناء و الضرر الذي حلق به‪.‬‬
‫املطلب الرابع ‪ :‬املسؤولية الناشئة عن احلريق‬
‫لقد أقر املشرع اجلزائري ابملسؤولية الناشئة عن احلريق‪ ،‬و أخضعها للقواعد العامة للمسؤولية‬
‫التقصريية‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام املسؤولية الناشئة عن احلريق‬
‫يتبني من مضمون الفقرة ‪ 1‬من املـادة ‪ 140‬ق‪.‬م‪ .‬الـيت تـنص علـى أنـه ‪ ":‬مـن كـان حـائزا أبي وجـه‬
‫كــان لعقــار أو جــزء منــه ‪ ،‬أو منقــوالت حــدث فيهــا حريــق ال يكــون مســؤوالً حنــو الغــري عــن األضـرار الــيت‬
‫سببها هذا احلريق إال إذا أثبت أن احلريق ينسب إىل خطئه أو خطأ من هو مسؤول عـنهم"‪ ،‬أن املسـؤولية‬
‫الناشئة عن احلريق تستلزم حتقق شرطني مها ‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬حدوث ضرر بفعل احلريق‬
‫يشرتط لقيام املسؤولية الناشئة عن احلريق أن يكون الضرر انتج عن فعل احلريق الذي شب يف مال‬
‫حائز العقار أو جزء منه أو يف منقوالته سواء كان مالكا له أو غري مالك‪.‬‬
‫يقصــد ابحلريــق النــار الــيت تشــب يف املــال الــذي يكــون يف حيــازة صــاحبه‪ ،1‬حبيــث يفقــد الســيطرة يف‬
‫إمخــاده‪ ،‬فيحــدث ضــرر للغــري س ـواء كــان ســبب احلريــق حمــدد أو غــري حمــدد‪ ،‬و س ـواء كــان إبرادة احلــائز أو‬
‫بدون إرادته‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬صدور خطأ من جانب حائز العقار أو جزء منه أو املنقول أو مـن هـو مسـؤول‬
‫عنهم‬
‫يقصد ابحلائز كل من كان العقار أو جزء منه أو منقول يف حيازته‪ ،‬أي حتت سلطته الفعلية‪ ،‬سـواء‬
‫كان مصدر هذه احليازة مشروع كاملشرتي للعقـار أو املنقـول‪ ،‬أو غـري مشـروع كالسـارق للعقـار أو املنقـول‬
‫م ــىت نش ــب ب ــه حري ــق و س ــبب ض ــرر للغ ــري‪ ،‬أم ــا الغ ــري ال ــذين يس ــأل ع ــنهم احل ــائز ه ــم ع ــادة األش ــخاص‬
‫اخلاضعني لرقابته أو التابعني له‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس املسؤولية الناشئة عن احلريق‬
‫تقوم املسؤولية الناشئة عـن احلريـق علـى أسـاس خطـأ واجـب اإلثبـات‪ ،‬و ذلـك طبقـا للقواعـد العامـة‬
‫للمســؤولية التقصــريية حســب املــادة ‪ 124‬ق‪.‬م‪ ،.‬و عليــه تعتــرب هــذه املســؤولية اســتثناء عــن املســؤولية عــن‬
‫األشياء اليت تقوم على أساس خطأ مفرتض‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬دفع املسؤولية الناشئة عن احلريق‬
‫يســتطيع املســؤول (احلــائز لعقــار أو جــزء منــه أو ملنقــول أو مــن هــو مســؤول عــنهم)‪ ،‬املســؤولية يف‬
‫جانبه بوسيلتني ‪:‬‬
‫‪ −‬إما بنفي اخلطأ و ذلك إبثبات عدم وقوع خطأ تسبب يف نشوب احلريق‪.‬‬

‫‪ -1‬ابلنسبة ملسؤولية املستأجر يف حالة هالك أو تلف العني املؤجرة الناتج عن احلريق‪ ،‬فطبقا للمادة ‪ 496‬ق‪.‬م‪ .‬يعترب املستأجر‬
‫مسؤوالً عن حريق ا لعني املؤجرة‪ ،‬لكن مسؤوليته عقدية و ليست تقصريية‪ ،‬و ال يستطيع دفعها إال بنفي العالقة السببية و ذلك إبثبات‬
‫السبب األجنيب‪ .‬و إذا تعدد املستأجرون لعقار واحد اعترب كل واحد منهم مسؤوالً عن احلريق ابلنسبة للجزء الذي يشغله مبا فيهم‬
‫املؤجر إذا كان يسكن يف العقار‪ ،‬و ميكنه دفع املسؤولية عن نفسه إبثبات أن احلريق قد بدأ نشوبه يف اجلزء الذي يشغله أحد‬
‫املستأجرين فيكون هو وحده مسؤوالً عن احلريق‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫‪ −‬أو بنفي عالقة السببية من خالل إثبات السـبب األجنـيب ( القـوة القـاهرة أو احلـادث املفـاجئ أو‬
‫خطأ املضرور أو خطأ الغري)‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬إثبات املسؤولية الناشئة عن احلريق‬
‫تقوم مسؤولية حائز العقار أو جزء منه أو املنقول أو من هو مسؤول عنهم الناشئة عـن احلريـق علـى‬
‫أساس خطأ واجب اإلثبات طبقـا للمـادة ‪ 1/140‬ق‪.‬م‪ ،.‬و عليـه جيـب علـى املضـرور إثبـات خطـأ احلـائز‬
‫أو خطأ من هو مسؤول عنهم (املدعى عليـه) يف نشـوب احلريـق‪ ،‬و إثبـات الضـرر الـذي أصـابه‪ ،‬و إثبـات‬
‫عالقة السببية بني اخلطأ و الضرر الذي حلق به‪.‬‬
‫املطلب اخلامس‪ :‬املسؤولية املوضوعية على أساس الضرر (مسؤولية املنتج)‬
‫يف ظــل انتشــار الســلع و املنتوجــات املعروضــة يف الســوق و تنوعهــا‪ ،‬أصــبح املشــرتي أو املســتهلك‬
‫معرض ألخطار متعددة متس أمنه و سالمته‪ ،‬نظرا لعدم احرتام املنتجني مقاييس و مواصفات اإلنتاج مـن‬
‫جهة‪ ،‬و زايدة تدخل الوسائل التقنية و التكنولوجية يف اإلنتاج من جهة أخرى‪.‬‬
‫نتيجــة لــذلك‪ ،‬اســتحدث املشــرع اجلزائــري مبوجــب القــانون ‪ 10-05‬املــؤرخ يف ‪ 20‬ج ـوان ‪2005‬‬
‫املــادة ‪ 140‬مكــرر ق‪.‬م‪ ،.‬و الــيت كــرس مــن خالهلــا صـراحة مســؤولية املنــتج التقصــريية عــن األضـرار الناجتــة‬
‫عن منتوجاته املعيبة‪ ،‬كما استحدث مبدأ تكفل الدولة ابلتعويض عـن األضـرار اجلسـمانية يف حـال انعـدام‬
‫املسؤول من خالل املادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬مسؤولية املنتج‬
‫لقد أدرج املشرع اجلزائري مسؤولية املنتج ضمن املسؤولية الناشئة عن األشياء‪ ،‬و ذلك بغية توفري‬
‫محاية أكثر للمضرور‪ ،‬و ذلك طبقا للمادة ‪ 1/140‬مكرر ق‪.‬م‪ .‬اليت تنص على أنه‪ ":‬يكون املنتج‬
‫مسؤوال عن الضرر الناتج عن عيب يف منتوجه حىت و لو مل تربطه ابملتضرر عالقة تعاقدية"‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط قيام مسؤولية املنتج عن األضرار الناجتة عن عيب يف منتوجه‬
‫من خالل نص املادة ‪ 140‬مكرر ق‪.‬م‪ .‬يتضح أن مسؤولية املنتج تقوم على ثالثة شروط هي‪:‬‬

‫‪117‬‬
‫أوال‪ :‬وجود منتوج‬

‫عرفت املادة ‪ 140‬مكرر‪ 2/‬ق‪.‬م‪ .‬املنتوج أبنه‪ " :‬كل مال منقول ولو كان متصال بعقار‪ ،‬السيما‬
‫املنتوج الزراعي واملنتوج الصناعي وتربية احليواانت و الصناعة الغذائية و الصيد الربي والبحري و الطاقة‬
‫الكهرابئية‪".‬‬
‫و عليه ميكن القول‪ ،‬أن املنتوج يتمثل يف كل منقول مبا يف ذلك العقار ابلتخصيص( كاملصعد‬
‫الكهرابئي) كما يشمل املنتوج الزراعي (كالفواكه و اخلضر) و املنتوج الصناعي (كالسيارات) و الصناعة‬
‫الغذائية ( كاخلضر و الفواكه املعلبة)‪ ،‬و كذلك يشمل تربية احليواانت و األعالف الالزمة لرتبيتها‪ ،‬و‬
‫الصيد الربي و البحري و ما يلزم لصيدها و الطاقة الكهرابئية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬وجود عيب يف املنتوج يسبب ضرر‬

‫ابلرجوع ألحكام املادة ‪ 140‬مكرر‪ 1/‬ق‪.‬م‪ .‬يالحظ أن املشرع اجلزائري مل حيدد معىن العيب الذي‬
‫قصده يف هذه املادة‪ ،‬و عموماً يقصد ابلعيب يف مسؤولية املنتج ‪ :‬املخاطر اليت يتضمنها املنتوج واليت قد‬
‫تلحق أضراراً ابملستهلك حبيث يعرتي املنتوج اختالالً عند استعماله‪ ،‬و بسبب هذا االختالل يلحق‬
‫الضرر ابملستهلك الذي استعمل هذا املنتوج‪ ،‬و هذا التعريف يتوافق مع مضمون املادة ‪ 11/03‬من‬
‫القانون ‪ 03-09‬املتعلق حبماية املستهلك و قمع الغش‪ 1‬اليت عرفت املنتوج السليم أبنه ‪ " :‬كل منتوج‬
‫خال من أي نقص و ‪ /‬أو عيب خفي يضمن عدم اإلضرار بصحة و سالمة املستهلك و ‪ /‬أو‬
‫مصاحله املادية أو املعنوية‪".‬‬
‫و جتدر املالحظة‪ ،‬إىل أنه بتوافر هذا الشرط تتحقق العالقة السببية بني الضرر و العيب يف املنتوج‪،‬‬
‫و يتم إثبات هذه العالقة بكافة وسائل اإلثبات‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬وجود منتج‬

‫مل يعرف املشرع اجلزائري مصطلح املنتج الوارد ذكره يف فحوى املادة ‪ 140‬من ق‪.‬م‪ ،.‬لكن‬
‫ابلرجوع ملضمون املادة ‪ 7/3‬من القانون ‪ 03-09‬املذكور أعاله ميكن تعريفه أبنه‪ ":‬كل شخص طبيعي‬

‫‪ -1‬القانون رقم ‪ 03-09‬املؤرخ يف ‪ 25‬فرباير ‪ 2009‬يتعلق حبماية املستهلك و قمع الغش‪ ،‬ج‪ .‬ر‪ .‬العدد ‪ 08 ،15‬مارس‬
‫‪ ،2009‬ص‪.14 .‬‬
‫‪118‬‬
‫أو معنوي يتدخل يف عملية اإلنتاج"‪ ،‬و يشمل كل من منتج املواد األولية و املنتج ألجزاء من املنتوج و‬
‫املنتج للمنتوج يف شكله النهائي‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس مسؤولية املنتج‬
‫تعد مسؤولية املنتج مسؤولية موضوعية ال تقوم على أساس اخلطأ و إمنا على أساس الضرر الذي‬
‫يسببه العيب يف املنتوج‪ ،‬سواء كان هذا الضرر مادي أو معنوي‪ ،‬و بتبنيه هلذا النوع من املسؤولية يكون‬
‫املشرع اجلزائري قد أعفى املضرور من عبء إثبات خطأ املنتج‪ ،‬السيما يف ظل تزايد عرض املنتوجات‬
‫لالستهالك و تطور أساليب البيع‪ ،‬األمر الذي يعرض املستهلك ملخاطر يصعب عليه معرفتها و إثباهتا‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬دفع مسؤولية املنتج‬
‫طاملا أن مسؤولية املنتج تقوم على أساس الضرر ال اخلطأ‪ ،‬فإنه ال ميكن للمنتج دفع املسؤولية عن‬
‫نفسه إال بنفي عالقة السببية و ذلك من خالل إثبات السبب األجنيب ( القوة القاهرة أو احلادث‬
‫املفاجئ أو خطأ املضرور أو خطأ الغري)‪.‬‬
‫الفرع الرابع ‪ :‬إثبات مسؤولية املنتج‬
‫يلزم املتضرر حلصوله على التعويض إثبات الضرر الذي أصابه و إثبات العيب يف املنتوج و إثبات‬
‫العالقة السببية بينهما بكافة وسائل اإلثبات‪ ،‬و يتم التعويض طبقا لألحكام العامة يف املسؤولية التقصريية‬
‫حسب املواد ‪ 131‬و ‪ 132‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫املطلب السادس ‪ :‬تكفل الدولة بتعويض املضرور‬
‫لقد أقر املشرع اجلزائري مببدأ تكفل الدولة بتعويض املضرور طبقا لنص املادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫بقوهلا ‪ " :‬إذا انعدم املسؤول عن الضرر اجلسماين‪ ،‬و مل تكن للمضرور يد فيه تتكفل الدولة ابلتعويض‬
‫عن هذا الضرر"‪.‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬شروط تكفل الدولة ابلتعويض‬
‫طبقا للمادة ‪ 140‬مكرر‪ 1‬ق‪.‬م‪ .‬يتضح أن الدولة تتكفل ابلتعويض إذا توافرت الشروط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬انعدام املسؤول عن الضرر‬
‫اشرتط املشرع انعدام املسؤول حىت تتكفل الدولة ابلتعويض‪ ،‬سواء جهل املسؤول عن الضرر من‬
‫قبل املتضرر أو عدم وجوده‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫اثنيا‪ :‬وجود ضرر جسماين ال يد للمضرور فيه‬
‫يقصد ابلضرر اجلسماين ذلك الضرر املتعلق جبسم اإلنسان‪ ،‬و بذلك يالحظ أن املشرع قد‬
‫استبعد الضرر املادي الذي ميس مبال الشخص و كذا الضرر املعنوي‪ ،‬و يشرتط يف هذا الضرر أال يكون‬
‫للمضرور يد يف حصوله‪ ،‬كسوء استعمال املنتوج من قبل املتضرر‪.‬‬
‫الفرع الثاين ‪ :‬أساس تكفل الدولة ابلتعويض‬
‫لقد استحدث املشرع اجلزائري مبوجب املادة ‪ 140‬مكرر ‪ 1‬ق‪.‬م‪ .‬نظام جديد للتعويض عن‬
‫األضرار اجلسمانية خارج إطار املسؤولية‪ ،‬تبىن من خالهلا أساس جديد للتعويض يقضي بتكفل الدولة‬
‫بتعويض املضرور يف حالة انعدام املسؤول حىت ال يبقى بدون تعويض‪ ،‬و هذا ما يؤكد أن التعويض يعد‬
‫حق مقرر للمضرور إلصالح الضرر الذي أصابه‪.‬‬
‫الباب الثاين‪ :‬اإلثراء بال سبب (الفعل النافع)‬
‫اعترب املشرع اجلزائري اإلثراء بال سبب واقعة قانونية تشكل مصدراً من مصادر االلتزام غري‬
‫اإلرادية‪ ،‬و نص عليه يف املواد من ‪ 141‬إىل ‪ 159‬ق‪.‬م‪ .‬اليت تناولت القاعدة العامة لإلثراء بال سبب و‬
‫أهم تطبيقاته و هي الدفع غري املستحق و الفضالة‪.‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬القاعدة العامة يف اإلثراء بال سبب‬
‫يتحقق اإلثراء بال سبب عندما يتم افتقار شخص على حساب إثراء آخر دون سبب قانوين‬
‫لذلك‪ ،‬فتنشأ واقعة اإلثراء على عاتق املثرى التزام برد ما أثرى به إىل املفتقر يف حدود ما افتقر به هذا‬
‫األخري‪.‬‬
‫و عليه‪ ،‬ميكن تعريف اإلثراء بال سبب أبنه‪ " :‬كل واقعة أو فعل انفع يرتتب عنه إثراء شخص‬
‫يسمى املثرى (املدين) و افتقار شخص آخر يسمى املفتقر (الدائن) دون سبب مشروع‪ ،‬فينشأ بذلك‬
‫التزام على عاتق األول بتعويض الثاين بقدر قيمة اإلثراء أو االفتقار"‪.‬‬
‫املبحث األول‪ :‬شروط اإلثراء بال سبب‬
‫يلزم لتحقق واقعة اإلثراء بال سبب توافر الشروط التالية‪:‬‬

‫‪120‬‬
‫الشرط األول‪ :‬إثراء املدين (املثرى)‬
‫يقصد إبثراء املدين حصوله على منفعة أو فائدة هلا قيمة مالية كنتيجة طبيعية للعمل الذي قام به‬
‫املفتقر‪ ،‬فإثراء العنصر اإلجيايب للذمة املالية للمثرى هو األساس الذي يقوم عليه التزامه ابلرد‪ ،‬و يتحقق‬
‫اإلثراء بكل عمل يؤدى إىل نقص يف اجلانب السليب أو زايدة يف اجلانب اإلجيايب للذمة املالية ملن مت‬
‫العمل لصاحله (املثرى)‪ ،‬وإىل زايدة يف اجلانب السليب أو نقص يف اجلانب اإلجيايب للذمة املالية ملن قام به‬
‫(املفتقر)‪.‬‬
‫بنــاء علــى ذلــك‪ ،‬تتعــدد صــور اإلثـراء بتعــدد صــور العمــل الــذي قــام بــه الــدائن (املفتقــر) علــى الذمــة‬
‫املالية للمدين (املثرى)‪ ،‬فمنها املادي واملعنوي‪ ،‬ومنها اإلجيايب والسليب‪ ،‬ومنها املباشر وغري املباشر‪.‬‬
‫أوال‪ :‬اإلثراء املادي واملعنوي‬
‫اإلثراء املادي هو إضافة قيمة مادية إىل الذمة املالية للمدين (املثرى) ابكتساب حق مايل جديد أو‬
‫زايدة يف قيمة حق مايل قائم كاكتساب شخص ملكية أشجار غرسها آخر يف أرضه‪ ،‬أما اإلثراء املعنوي‬
‫فهو زايدة يف قيمة أدبية ميكن تقوميها ابملال و اليت تعود على املدين مبنفعة معنوية‪ ،‬كتقدمي استشارة‬
‫قانونية أو طبية‪.‬‬
‫اثنيا‪ :‬اإلثراء اإلجيايب والسليب‬
‫يتمثل اإلثراء اإلجيايب يف كل زايدة يف اجلانب اإلجيايب للذمة املالية للمدين إبضافة قيمة مالية إىل‬
‫ذمته‪ ،‬أي اكتسابه حلقوق مالية‪ ،‬كاكتساب الشخص ملكية بناء أقامه الغري على أرضه‪ ،‬أما اإلثراء‬
‫السليب فهو نقص يف اجلانب السليب للذمة املالية للمدين‪ ،‬أي إنقاص ما عليه من التزامات‪ ،‬ومثاله وفاء‬
‫شخص بدين غريه‪.‬‬
‫اثلثا‪ :‬اإلثراء املباشر و غري املباشر‬
‫اإلثراء املباشر هو انتقال القيمة املالية املضافة من ذمة الدائن (املفتقر) إىل املدين (املثرى) مباشرة‬
‫دون تدخل شخص آخر‪ ،‬سواء أكان االنتقال بفعل املفتقر‪ ،‬كقيام املستأجر برتميمات واجبة على‬
‫املؤجر‪ ،‬أم كان االنتقال بفعل املثرى‪ ،‬كتسليم شخص منزل مملوك له لغريه لالنتفاع به دون عقد بينهما‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫أما اإلثراء غري املباشر فهو انتقال القيمة املالية املضافة من ذمة الدائن (املفتقر) إىل املدين (املثرى)‬
‫بتدخل شخص آخر‪ ،‬كقيام رابن السفينة إبلقاء بعض محولتها اململوكة للشاحن إلنقاذ السفينة حلساب‬
‫الناقل‪.‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬إفتقار الدائن (املفتقر)‬
‫يتمثل إفتقار الدائن يف املنفعة اليت تفوته أو اخلسارة الالحقة به‪ ،‬و يعترب االفتقار شرط ضروري‬
‫لتحقيق واقعة اإلثراء بال سبب و التزام املثرى ابلتعويض‪ ،‬فال يكفى لتحقق هذه الواقعة إثراء شخص‬
‫فحسب‪ ،‬بل جيب أن يتم ذلك على حساب افتقار آخر‪ ،‬فإذا حدث إثراء دون أن يقابله افتقار فال‬
‫تتحقق هذه الواقعة‪ ،‬كامتداح مفكر مشهور ملؤلف أديب ترتب عليه إقبال الغري على اقتنائه مما أدى إىل‬
‫إثراء صاحبه‪ ،‬فهذا اإلثراء مل يقرتن به افتقار املفكر‪.‬‬
‫واالفتقار كاإلثراء قد يكون مادايً أو معنوايً‪ ،‬كمن يقوم إبجراء ترميمات ملنزل غريه أثناء غيابه‪،‬‬
‫فقيمة هذا العمل خرجت من الذمة املالية للقائم به مما أدى إىل افتقاره مادايً‪ ،‬ومن صور االفتقار املعنوي‬
‫اجلهد الذي يبذله مدرب سابق يف تقدمي توجيهات و إرشادات لرايضي مما أدى إىل جناحه‪ ،‬فهذا اجلهد‬
‫أمر معنوي كان يف إمكان املدرب أن حيصل على أجر يف مقابله‪.‬‬
‫وقد يكون االفتقار إجيابياً كقيام املشرتى احلائز على العقار املرهون ابلوفاء ابلدين املضمون ابلرهن‪،‬‬
‫كما قد يكون سلبياً كفوات منفعة على الدائن كعمل شخص حلساب آخر دون أن يكون مرتبطاً معه‬
‫بعقد عمل‪.‬‬
‫وقد يكون االفتقار مباشراً إذا حتقق افتقار الدائن و إثراء املدين دون تدخل شخص آخر‪،‬‬
‫كاالنتفاع مبنقول لفرتة زمنية دون عقد إجيار‪ ،‬كما قد يكون االفتقار غري مباشر إذا تدخل شخص آخر‬
‫بعمل ترتب عليه افتقار الدائن وإثراء املدين‪ ،‬كقيام مقاول ابلبناء على أرض حلساب مشرتيها لكن قبل‬
‫إمتام البناء مت فسخ عقد البيع‪ ،‬فعمل املقاول ترتب عليه افتقار املشرتي على حساب إثراء البائع‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬عالقة السببية بني اإلثراء و االفتقار‬
‫ال يكفى لقيام االلتزام ابلتعويض على عاتق املدين (املثرى) أن تكون هناك واقعة إثراء لشخص‬
‫وافتقار آلخر‪ ،‬بل جيب أن يكون هناك عالقة أو رابطة مباشرة بينهما‪ ،‬مبعىن أن يكون إثراء املدين هو‬
‫السبب املباشر الذي أدى إىل إفتقار الدائن أو النتيجة الطبيعية له‪ ،‬وعلى العموم يعد كل من اإلثراء‬

‫‪122‬‬
‫واالفتقار‪ ،‬سبباً لآلخر ونتيجة طبيعية له و تنشأ بذلك عالقة السببية بينهما‪ ،‬إذا كان إثراء املدين مل يكن‬
‫ليتحقق لوال افتقار الدائن‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬إنعدام السبب القانوين‬
‫يقصد ابنعدام السبب القانوين بني اإلثراء و االفتقار‪ ،‬عدم وجود مصدر مشروع لإلثراء جييز‬
‫للمثرى االحتفاظ ابملنفعة اليت حصل عليها‪ ،‬و يف ذات الوقت ال يعط للمفتقر احلق يف الرجوع على‬
‫املثرى مبقتضى دعوى اإلثراء بال سبب‪ ،‬و يتحقق هذا االنعدام مىت كان اإلثراء غري انشي عن أحد‬
‫مصادر االلتزام (تصرف قانوين "عقد أو تصرف إبرادة منفردة" أو فعل ضار أو نص قانوين)‪ ،‬ألن وجود‬
‫أي مصدر من هذه املصادر الذي يربر اإلثراء‪ ،‬مينع من تطبيق أحكام اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫الشرط اخلامس‪ :‬حسن نية املثرى‬
‫لقد اشرتطت املادة ‪ 141‬ق‪.‬م‪ .‬حسن النية لدى املثرى‪ ،‬مما يعين أن اإلثراء كواقعة قانونية تتأثر‬
‫حبسن أو سوء نية املثرى يف نظر املشرع اجلزائري‪ ،‬فإذا كان املثرى سيء النية فال يعد ذلك إثراء بال‬
‫سبب و إمنا فعل غري مشروع يسأل عنه املثرى‪ ،‬و من مث وجب تطبيق أحكام املسؤولية التقصريية و‬
‫استبعاد قواعد اإلثراء بال سبب‪.‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬آاثر اإلثراء بال سبب‬
‫إذا توافرت شروط اإلثراء بال سبب ( وجود اإلثراء واالفتقار والصلة بينهما وانعدام السبب القانوين‬
‫و حسن نية املثرى)‪ ،‬وجب على املثرى تعويض املفتقر إما ودايً أو قضائياً عن طريق دعوى اإلثراء بال‬
‫سبب‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬دعوى اإلثراء بال سبب‬
‫تتمثل الدعوى القضائية اليت يرفعها املفتقر ضد املثرى يف دعوى اإلثراء بال سبب‪ ،‬و اليت تعد يف‬
‫الغالب وسيلة املفتقر إللزام املثرى برد ما انتفع به‪ ،‬ولدراسة هذه الدعوى سيتم التعرض ألطرافها و‬
‫األهلية املطلوبة فيهم‪ ،‬مث ملسأليت إثبات أركان اإلثراء بال سبب و تقادم هذه الدعوى‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫الفرع األول ‪ :‬أطراف دعوى اإلثراء بال سبب‬
‫يتمثل طريف دعوى اإلثراء بال سبب يف املدعي و هو املفتقر الذي حيق له املطالبة ابلتعويض عن‬
‫اإلثراء بال سبب‪ ،‬و يقوم مقامه انئبه أو خلفه العام أو اخلاص‪ ،‬و املدعى عليه و هو املثرى أو انئبه أو‬
‫خلفه العام‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬أهلية أطراف دعوى اإلثراء بال سبب‬
‫مل يشرتط املشرع اجلزائري مبقتضى املادة ‪ 141‬ق‪.‬م‪ .‬أهلية معينة يف طريف دعوى اإلثراء بال سبب‪،‬‬
‫مما يعين أنه جيوز أن يكون كل من املثرى و املفتقر عدميي األهلية أو أحدمها‪ ،‬و يف هذه احلالة حيل حمل‬
‫عدمي التمييز يف دعوى اإلثراء بال سبب من ينوب عنه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إثبات أركان اإلثراء بال سبب‬
‫يقع على عاتق املفتقر (املدعي) إثبات مجيع أركان أو شروط اإلثراء بال سبب‪ ،‬و يستطيع إثبات‬
‫هذا اإلثراء بكافة طرق اإلثبات ألنه واقعة مادية‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬تقادم دعوى اإلثراء بال سبب‬
‫تسقط دعوى اإلثراء بال سبب حسب نص املادة ‪ 142‬ق‪.‬م‪ .‬بـمضي ‪ 10‬سنوات من اليوم الذي‬
‫يعلم فيه من حلقته اخلسارة (املفتقر) حبقه يف التعويض أي من يوم علمه ابفتقاره و مبن أثري على‬
‫حسابه‪ ،‬و تسقط أيضا هذه الدعوى يف مجيع األحوال ابنقضاء ‪ 15‬سنة من اليوم الذي نشأ فيه هذا‬
‫احلق‪ ،‬أي من وقت نشوء االلتزام ابلتعويض و يتحدد ذلك من يوم حدوث واقعة اإلثراء بال سبب على‬
‫حساب الغري و لو مل يكن املفتقر قد علم ابفتقاره و مبن أثري على حسابه‪ ،‬و عليه تتقادم دعوى اإلثراء‬
‫بال سبب أبقرب هاتني املدتني‪.‬‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التعويض عن اإلثراء بال سبب‬
‫يتمثل اجلزاء املرتتب عن إثراء املدعى عليه (املثرى) بال سبب على حساب املدعي (املفتقر) يف‬
‫التعويض‪ ،‬و طاملا أن التعويض هو األثر املباشر لواقعة اإلثراء بال سبب فمىت ينشأ احلق فيه ؟ وكيف يتم‬
‫تقديره ؟ وما هو الوقت الذي يتم فيه التقدير ؟‬

‫‪124‬‬
‫الفرع األول‪ :‬وقت نشوء احلق يف التعويض عن اإلثراء بال سبب‬
‫إذا حتققت شروط اإلثراء بال سبب نشأ للمفتقر احلق يف التعويض و أصبح املثرى ملتزماً به‪،‬‬
‫وينشأ هذا احلق من الوقت الذي يتحقق فيه اإلثـراء و ليس من وقت احلكم يف دعوى اإلثراء بال سبب‪،‬‬
‫لذلك يعـد احلكـم يف هذه الدعوى مقرراً أو كاشفا للحق يف التعويض و ليس منشئاً له‪ ،‬و يبقى التزام‬
‫املثرى بدفع التعويض قائماً بعد حتقق اإلثراء حىت و لو زال اإلثراء فيما بعد‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬كيفية تقدير التعويض‬
‫يقدر القاضي التعويض ابعتباره حقاً للمفتقر (الدائن) والتزاماً على املثرى (املدين) على أساس‬
‫قيميت االفتقار واإلثراء‪ ،‬أي بقدر قيمة ما أثري به املدين و قيمة ما افتقر به الدائن‪ ،‬لذلك ال جيوز أن‬
‫يتجاوز التعويض احملكوم به مقدار اخلسارة اليت حلقت املفتقر و ال يفوق مقدار اإلثراء الذي عاد على‬
‫املثرى‪ ،‬ألن زايدة التعويض عن تلك اخلسارة يؤدي بدوره إىل إثراء املدعى (املفتقر) بال سبب‪ ،‬وزايدته‬
‫عن ذلك اإلثراء يؤدى إىل افتقار املدعى عليه (املثرى) بال سبب‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬وقت تقدير التعويض و مقداره‬
‫يقدر القاضي قيمة اإلثراء وقت وقوعه وليس وقت رفع الدعوى أو وقت صدور احلكم‪ ،‬لذلك ال‬
‫يشرتط أن يكون اإلثراء قائماً يف وقت رفع الدعوى أو وقت صدور احلكم‪ ،‬فالعربة بقيمته وقت وقوعه‬
‫وحتقق واقعة اإلثراء ولو زال بعد ذلك‪ ،‬أما قيمة االفتقار فتقدر يف وقت صدور احلكم‪ ،‬على أساس أن‬
‫االفتقار يف دعوى اإلثراء يقابل الضرر يف دعوى التعويض عن املسؤولية التقصريية‪ ،‬وملا كان الضرر يقدر‬
‫يف وقت صدور احلكم‪ ،‬فكذلك االفتقار‪.‬‬
‫و عموما‪ ،‬التعويض عن اإلثراء بال سبب قد يكون عيين إذا كان املال الذي دخل يف ذمة املثرى‬
‫ال يزال ابقيا بعينه يف ذمته‪ ،‬كما قد يكون نقدي‪ ،‬و يف هذه احلالة إذا كان االفتقار مبلغ من النقود‬
‫دخل يف ذمة املثرى كان اإلثراء مساواي لالفتقار‪ ،‬و إذا كان االفتقار عبارة عن منفعة حصل عليه املثرى‪،‬‬
‫كان االفتقار مساواي لقدر اإلثراء و هو أجر املنفعة‪ ،‬وإذا كان االفتقار يف صورة أعمال حتسينية أجراها‬
‫املفتقر يف ملك املثرى‪ ،‬فيقدر االفتقار مبا أنفقه املفتقر‪ ،‬و اإلثراء مبا زاد يف مال املثرى بسبب هذه‬
‫التحسينات وقت إجرائها‪ ،‬و إذا كان االفتقار يف صورة خدمة أو عمل قدر االفتقار بقيمة تلك اخلدمة‬
‫أو العمل‪ ،‬و اإلثراء مبقدار ما استفاد منه املثرى من تلك اخلدمة أو العمل‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫الفصل الثاين ‪ :‬تطبيقات اإلثراء بال سبب‬
‫لقد وضع املشرع اجلزائري املبدأ العام لإلثراء بال سبب الذي يوجب على كل من حصل على إثراء‬
‫بال سبب أن يرد إىل املفتقر ما انتفع به‪ ،‬مث أورد تطبيقا هلذا املبدأ صورتني و مها‪ :‬الدفع غري املستحق و‬
‫الفضالة‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬الدفع غري املستحق‬
‫يعترب الدفع غري املستحق أحد تطبيقات املبدأ العام لإلثراء بال سبب‪ ،‬ومضمون هذا التطبيق هو‬
‫قيام شخص ابلوفاء بدين غري مستحق عليه ( غري ملزم ابلوفاء به ) لشخص آخر‪ ،‬فيرتتب يف ذمة من‬
‫تلقى هذا الوفاء (املوىف له) التزام برد ما أخذه دون حق إىل من وىف به‪ ،‬ألن يف االحتفاظ به إثراء بال‬
‫سبب على حساب املويف‪ ،‬و قد نظم املشرع اجلزائري الدفع غري املستحق يف املواد من ‪ 143‬إىل ‪149‬‬
‫ق‪.‬م‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬شروط الدفع غري املستحق‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 143‬ق‪.‬م‪ .‬تتمثل شروط الدفع غري املستحق يف‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬تسليم شيء على سبيل الوفاء‬
‫يقصد ابلوفاء كل تصرف قانوين تتجه فيه إرادة املويف إىل الوفاء بدين اثبت يف ذمته‪ ،‬و أيخذ‬
‫الوفاء عدة صور‪ :‬فقد يكون مباشراً أبن يقوم املويف بتسليم حمل االلتزام إىل املوىف له مباشرة‪ ،‬كتقدمي‬
‫عقـار أو منقول أو مبلغ من النقود أو أداء عمل‪ ،‬وقد يكون غري مباشر كالوفاء مبقابل أو جتديد الدين‬
‫أو اإلانبة أو املقاصة أو ترتيب أتمني خاص يضمن الوفاء ابلدين أو غري ذلك من طرق الوفاء األخرى‪.‬‬
‫و يشرتط يف الدفع غري املستحق أن يقوم املويف بتسليم شيء (عقـار أو منقول أو مبلغ من النقود)‬
‫إىل املوىف له على سبيل الوفاء ابلتزام عليه‪ ،‬و يقع عبء إثبات الوفاء على عاتق املويف‪ ،‬و خيضع يف ذلك‬
‫للقواعد العامة املتعلقة إبثبات التصرف القانوين‪ ،‬ابعتبار الوفاء تصرفاً قانونياً‪ ،‬حيث يلزم ابإلثبات‬
‫ابلكتابة إذا كان هذا التصرف تزيد قيمته عن ‪ 100.000‬د‪.‬ج‪ .‬أو كان غري حمدد القيمة‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬أن يرد الوفاء على دين أو التزام غري مستحق‬
‫ال يكفى إللزام املوىف له برد الشيء غري املستحق له‪ ،‬أن يتم تسليمه على سبيل الوفاء‪ ،‬بل جيب‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬أن يكون املويف غري ملزم هبذا الوفاء‪ ،‬مبعىن أن ينصب هذا الوفاء على دين أو التزام‬
‫غري مستحق‪ ،‬و يتحقق عدم استحقاق الدين يف حالتني هي‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬عدم حتقق سبب االلتزام املوىف به (دين غري موجود)‬
‫يف هذه احلالة يعترب االلتزام املوىف به مل ينشأ أصالً يف ذمة املويف أو ذمة املوىف عنه‪ ،‬مما جييز للمويف‬
‫طلب االسرتداد من املوىف له مبقتضى نص املادة ‪ 144‬ق‪.‬م‪ .‬بقوهلا‪ " :‬يصح اسرتداد غري املستحق إذا‬
‫كان الوفاء قد مت تنفيذاً اللتزام مل يتحقق سببه‪ ،"...‬كالوارث الذي يقوم بتنفيذ وصية مث يتضح له أن‬
‫مورثه رجع عن هذه الوصية قبل وفاته‪ ،‬أو كالكفيل الذي يويف اباللتزام املكفول ظناً منه أن املدين مل‬
‫يوف به‪.‬‬
‫كما تتحقق هذه احلالة عند الوفاء ابلتزام معلق على شرط واقف مل يتحقق‪ ،‬فإذا قام املويف ابلوفاء‬
‫ابلتزام قبل حتقق الشرط كان له احلق يف املطالبة ابسرتداده ألن التزامه هذا غري مستحق األداء‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬زوال سبب االلتزام بعد حتققه و الوفاء به‬
‫يفرتض يف هذه احلالة أن االلتزام كان قائماً وصحيحاً وقت الوفاء به مث زال سبب هذا الوفاء‬
‫أبثر رجعى‪ ،‬فيعترب كأن مل يكن و من مث يعاد أطراف االلتزام إىل احلالة اليت كاان عليها قبل االلتزام‪،‬‬
‫كااللتزام املرتتب عن عقد قابل لإلبطال مت الوفاء به‪ ،‬مث قضي إببطال العقد فزال أبثر رجعى و زال‬
‫ابلتبعية سبب الوفاء اباللتزام املرتتب عنه‪.‬‬
‫كذلك‪ ،‬تتحقق هذه احلالة إذا كان االلتزام موجوداً مث انقضى قبل الوفاء به أبي سبب من أسباب‬
‫االنقضاء (الوفاء أو مقابل الوفاء أو بدون الوفاء)‪ ،‬و قام شخص ابلوفاء هبذا االلتزام‪ ،‬عد الوفاء يف هذه‬
‫احلالة دفع دين غري مستحق ألن االلتزام قد انقضى قبل الوفاء به‪ ،‬كمن يويف بدين كان على مورثه مث‬
‫اكتشف أن املورث قد وىف به قبل وفاته‪ ،‬أو كمن وىف بدين انقضى قبل الوفاء به ابإلبراء أو املقاصة أو‬
‫التجديد‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫و يعد الوفاء يف هذه احلالة دفع غري املستحق ألن سبب االلتزام قد زال بعد أن حتقق‪ ،‬مما يعطي‬
‫للمويف احلق يف طلب االسرتداد من املوىف له‪ ،‬مبوجب نص املادة ‪ 144‬ق‪.‬م‪ .‬بقوهلا‪ " :‬يصح اسرتداد غري‬
‫املستحق إذا كان الوفاء قد مت تنفيذاً‪...‬اللتزام زال سببه‪".‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬اعتقاد املويف أنه ملزم ابلوفاء‬
‫يشرتط أن يتوافر لدى املويف اعتقاد أبنه يويف مبا ليس ملزماً به‪ ،‬أي أنه وقع يف غلط دفعه إىل‬
‫التوهم أبنه ملزم هبذا الوفاء‪ ،‬لكنه يف احلقيقة غري ملزم بذلك‪ ،‬فإذا كان الوفاء انجتاً عن الوقوع يف غلط‪،‬‬
‫جاز للموىف طلب اسرتداد ما وىف به من املوىف له‪ ،‬و يعد وفاء الشخص غري امللزم قرينة على وقوعه يف‬
‫الغلط لكنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس من املوىف له‪ ،‬و ذلك إبثبات أن املويف قد وىف و هو يعلم‬
‫أنه غري ملزم ابلدين‪ ،‬كأن يثبت أنه وىف متربعا أو وىف ابلتزام طبيعي عليه‪.‬‬
‫أما إذا كان املويف يعلم أبنه غري ملزم مبا وفاه فال حمل لطلب االسرتداد‪ ،‬إال يف حالتني‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬إذا كان املويف انقص األهلية‪ :‬أي قاصر مميز (‪ 13‬سنة) مل يكتمل رشده من الناحية‬
‫القانونية (‪ 19‬سنة) و نظرا لصغر سنه منحه القانون محاية خاصة عند الوفاء بدين غري مستحق عليه‬
‫حىت ولو قام ابلوفاء وهو يعلم أنه غري ملزم به‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬إذا قام املويف ابلوفاء حتت أتثري اإلكراه‪ :‬ألن اإلكراه ابعتباره أحد عيوب اإلرادة‪،‬‬
‫املكره دون أن يؤثر على علمه‪ ،‬فبالرغم من علم املويف املكره أبنه غري‬
‫يؤثر على حرية اختيار الشخص َ‬
‫ملزم ابلوفاء‪ ،‬إال أن هذا العلم ال يعتد به ألن الوفاء كان حتت اإلكراه‪.‬‬
‫و يف كلتا احلالتني‪ ،‬ابلرغم من علم املويف انقص األهلية أو املكره أبنه غري ملزم ابلدين الذي وفاه‪،‬‬
‫إال أن القانون أوجب على املوىف له أن يرد إىل هذا املويف ما حصل عليه منه‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬أحكام الدفع غري املستحق‬
‫استنادا إىل نص املادة ‪ 147‬ق‪.‬م‪ .‬ينبغي التفرقة يف أحكام الدفع غري املستحق بني ما إذا كان‬
‫املوىف له حسن النية أو سيء النية‪ ،‬كما تستدعي دراسة أحكام الدفع غري املستحق حتديد احلاالت‬
‫االستثنائية اليت مينع فيها على املويف املطالبة حبقه يف االسرتداد أو يقيد فيها حقه‪ ،‬مث تقادم دعوى‬
‫اسرتداد الدفع غري املستحق‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫الفرع األول‪ :‬املوىف له حسن النية‬
‫يقصد حبسن نية املوىف له‪ ،‬أن يتوافر لديه االعتقاد يف أن الوفاء الذي تلقاه من املويف هو حق له‪،‬‬
‫أي أنه جيهل وقت استيفائه للدين أن ما قبضه ليس مستحق له‪ ،‬مع األخذ يف االعتبار أبن حسن النية‬
‫مفرتض‪ ،‬ألنه هو األصل وعلى من يدعى خالفه أن يقيم الدليل على ما يدعيه‪ ،‬فإذا ادعى املويف توافر‬
‫سوء النية لدى املوىف له عليه أن يثبت دعواه‪ ،‬وله أن يستخدم يف إثبات ذلك كافة طرق اإلثبات ألنه‬
‫يثبت واقعة مادية وليس تصرفاً قانونياً‪.‬‬
‫فإذا كان املوىف له حسن النية أي أنه كان يعتقد يف أحقيته يف هذا الوفاء‪ ،‬يلتزم فقط برد مقدار ما‬
‫تسلمه على سبيل الوفاء مبا ليس حقاً له دون زايدة وال نقصان سواء كان الشيء املوىف به نقدا أو عينا‪،‬‬
‫كما ال يلزم برد ما هلك أو تلف من الشيء املوىف به دون خطأ منه‪ ،‬أما الثمار املنتجة اليت قبضها فال‬
‫يلتزم بردها إال من يوم رفع دعوى االسرتداد‪ ،‬وإذا أنفق املوىف له حسن النية نفقات ضرورية يف حفظ‬
‫الشيء املوىف به جاز له املطالبة هبا‪.‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬املوىف له سيء النية‬
‫يقصد بسوء النية املوىف له علمه أبن الوفاء ابلدين الذي تلقاه غري مستحق له‪ ،‬و قد يتحقق سوء‬
‫نية املوىف له منذ بداية الوفاء‪ ،‬كما قد يتحقق بعد الوفاء و قبل رفع الدعوى أبن كان املوىف له حسن النية‬
‫عند الوفاء مث علم أنه تلقى شيء غري مستحق له بعد الوفاء و سكت عن رده فيتحول إىل سيء النية‪ ،‬و‬
‫يقع عبء إثبات هذا التحول يف نية املوىف له على عاتق املويف بكافة طرق اإلثبات‪.‬‬
‫استنادا إىل نص املادة ‪ 147‬ق‪.‬م‪ .‬مىت أقام املوىف (املدعى) الدليل على سوء نية املوىف له (املدعى‬
‫عليه)‪ ،‬إبثبات علمه أبن الوفاء الذي مت مل يكن له حق فيه‪ ،‬يلزم املوىف له سيء النية برد الشيء املوىف به‬
‫كما تسلمه‪ ،‬و كذا برد فوائده أو أرابحه اليت جناها أو اليت قصر يف جنيها‪ ،‬و ذلك من يوم الوفاء أي‬
‫من وقت تسلمه للشيء املوىف به أو من الوقت الذي أصبح فيه املوىف له سيء النية أي من اتريخ حتقق‬
‫سوء نيته‪ ،‬كما يلزم برد مثار الشيء املوىف به اليت أنتجها أو رد قيمتها إذا كان قد استهلكها من يوم رفع‬
‫‪1‬‬
‫الدعوى للمطالبة ابالسرتداد‪.‬‬

‫‪ -1‬طبقا لنص املادتني ‪ 839‬و ‪ 843‬ق‪.‬م‪ .‬يلزم املوىف له سيء النية برد ما هلك أو تلف من الشيء املوىف به من يوم حتقق سوء نيته‬
‫حىت و لو كان ذلك راجع حلادث مفاجئ‪ ،‬إال إذا أثبت أن الشيء كان سيهلك أو يتلف حىت و لو بقي يف يد من يستحقه (املويف)‪،‬‬
‫‪129‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬احلاالت اخلاصة مبنع املويف من املطالبة حبقه يف االسرتداد أو تقييده‬
‫تقضي القاعدة العامة يف الدفع غري املستحق ابلتزام املوىف له برد ما تسلمه على سبيل الوفاء بغري‬
‫حق إىل املوىف‪ ،‬و أبن مقدار الرد يتأثر حبسن نية املوىف له وسوءها‪ ،‬غري أن املشرع اجلزائري قد أورد على‬
‫هذه القاعدة استثناءات متنع املويف من املطالبة حبقه يف االسرتداد أو تقييده مىت توافرت شروط هذا املنع‬
‫أو التقييد‪ ،‬وذلك يف ثالث حاالت هي ‪:‬‬
‫احلالة األوىل‪ :‬حصول الوفاء من الغري مع جترد الدائن حسن النية من وسائل اقتضاء حقه‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 146‬ق‪.‬م‪ .‬إذا حصل الوفاء من غري املدين فال يكون هلذا الغري املويف احلق يف‬
‫اسرتداد قيمة الوفاء الذي قام به للدائن (املوىف له)‪ ،‬وإن كان له احلق يف مطالبة املدين احلقيقي ابلتعويض‬
‫عن هذا الوفاء بدعوى اإلثراء بال سبب ألنه أثري على حسابه بدون سبب‪.‬‬
‫و مبقتضى هذه املادة مينع على املويف (الغري) الرجوع على املوىف له (الدائن) ملطالبته ابلرد‪ ،‬إذا‬
‫توافرت الشروط التالية‪:‬‬
‫الشرط األول ‪ :‬قيام الغري ابلوفاء ابلدين مبعىن أن يتم الوفاء ابلدين من قبل شخص آخر غري‬
‫املدين به أو ممثله القانوين‪.‬‬
‫الشرط الثاين ‪ :‬جترد الدائن من وسائل اقتضاء حقه و املتمثلة يف‪:‬‬
‫‪ −‬جترده من سند الدين املثبت حلقه عند تلقيه الوفاء غري املستحق‪ ،‬إما بتسليم هذا السند للمدين‬
‫احلقيقي أو املويف (الغري)‪ ،‬و إما إبتالفه أو التخلص منه أبية طريقة‪.‬‬
‫‪ −‬جترده من التأمينات الضامنة للوفاء حبقه (الكفالة أو الرهن الرمسي أو احليارى أو حق االختصاص‬
‫أو حق االمتياز‪ ..‬اخل) بعد تلقيه الوفاء غري املستحق‪ ،‬كالتنازل عن التأمني املخصص له أو عدم‬
‫قيد الرهن الذي يضمن له سداد دينه‪.‬‬
‫‪ −‬ترك دعواه يف مطالبة املدين احلقيقي ابلوفاء تسقط مبضي مدة التقادم بسبب هذا الوفاء الذي‬
‫قام به الغري‪.‬‬

‫أما ابلنسبة للنفقات اليت أنفقها املوىف له سيء النية‪ ،‬فليس له احلق يف مطالبة املوىف هبا‪ ،‬إال إذا كانت نفقات ضرورية حلفظ الشيء‬
‫املوىف به‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون الدائن (املوىف له) حسن النية أي أن يعتقد أن املويف (الغري) ملزم بوفاء‬
‫الدين‪ ،‬فإذا كان الدائن سيء النية أبن كان يعلم أن الغري (املوىف) قد وقع يف غلط و أنه غري ملزم‬
‫ابلوفاء‪ ،‬أو كان جترد الدائن من وسائل اقتضاء حقه بناء على تواطؤ و غش منه‪ ،‬فال تسري على الدائن‬
‫أحكام املادة ‪ 146‬ق‪.‬م‪ ،.‬و من مث‪ ،‬جاز للغري املويف املطالبة ابسرتداد قيمة الوفاء الذي قام به للدائن‬
‫(املوىف له)‪.‬‬
‫احلالة الثانية‪ :‬تعجيل الوفاء بدين مؤجل‬
‫األجل هو أحد األوصاف املعدلة ألثر االلتزام‪ ،‬و يعد االلتزام املؤجل التزام موجود يف ذمة املدين‬
‫إال أنه غري مستحق الوفاء‪ ،‬و ال يستحق الوفاء به إال إذا سقط األجل أو حل ميعاده‪ ،‬فإذا قام املدين‬
‫(املويف) قبل حلول أجل االلتزام ابلوفاء به معجالً‪ ،‬اعترب وفاؤه هذا صحيحاً و ال حيق له مطالبة الدائن‬
‫(املوىف له) برد ما وفـاه طبقا لنص املادة ‪ 145‬ق‪.‬م‪ ،‬و ذلك سواء كان املدين (املويف) يعلم أنه يويف‬
‫ابلتزام مل حيل أجله فيعد عندئذ مبثابة تنازل عن األجل‪ ،‬أو كان جيهل وقت حلول أجل الوفاء‪ ،‬و لكن‬
‫جيوز له يف هذه احلالة أن يطالب الدائن (املوىف له) برد مبلغ اإلثراء الذي حصل عليه من هذا الوفاء‬
‫املعجل‪ ،‬أي رد الفائدة اليت حصل عليها عن املدة الباقية حللول األجل‪ ،‬و ذلك يف حدود ما حلق املدين‬
‫(املوىف) من ضرر‪.‬‬
‫و تعترب هذه احلالة املتعلقة بتعجيل الوفاء بدين مؤجل استثناء عن قاعدة وجوب رد الوفاء غري‬
‫املستحق األداء‪ ،‬و مبقتضى هذا االستثناء‪ ،‬فضل املشرع اجلزائري تقرير عدم جواز اسرتداد املويف ما دفعه‪،‬‬
‫بدال من إلزام املوىف له برد الدين إىل املويف مث يعود الستيفائه منه اثنية عند حلول األجل‪ ،‬ألن يف ذلك‬
‫مضيعة للوقت و اجلهد ال مربر له‪.‬‬
‫احلالة الثالثة‪ :‬الوفاء لناقص األهلية‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 148‬ق‪.‬م‪ .‬إذا كان املوىف له قد تلقى الوفاء و هو انقص األهلية‪ ،‬فال يلزم برد‬
‫إال ما أثري به و عاد عليه ابملنفعة‪ ،‬مهما كانت درجة افتقار املويف‪ ،‬أما ما هلك أو تلف من الشيء‬
‫املوىف به فال يلتزم انقص األهلية برده حىت و لو كان سيء النية‪ ،‬إال إذا كان اهلالك أو التلف راجع إىل‬
‫خطئه فيسأل مسؤولية تقصريية‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬تقادم دعوى اسرتداد الدفع غري املستحق‬
‫تنص املادة ‪ 149‬ق‪.‬م‪ .‬على أن حق املدين (املويف) يف مباشرة دعوى اسرتداد الدفع غري املستحق‬
‫يسقط ابنقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه حبقه يف االسرتداد‪ ،‬كما يسقط يف مجيع األحوال‬
‫مبضي مخس عشرة سنة من اليوم الذي ينشأ فيه احلق يف االسرتداد‪ ،‬أي من يوم الوفاء‪ ،‬مما يعين أن‬
‫دعوى اسرتداد الدفع غري املستحق تتقادم أبقرب هاتني املدتني‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬الفضالة‬
‫تعترب الفضالة أحد تطبيقات اإلثراء بال سبب نصت عليها املواد من ‪ 150‬إىل ‪ 159‬ق‪.‬م‪ ،.‬و‬
‫يتضح من مضمون هذه النصوص أن شخص يتفضل على آخر دون أن يتطفل عليه‪ ،‬أبن يقوم بشأن‬
‫عاجل له دون أن يكون ملزماً ابلقيام به‪ ،‬فهو بذلك حيافظ على شأن من شؤون غريه وال يعبث هبا‪،‬‬
‫ولذلك ألزم القانون رب العمل بتعويضه عما تكبده من جهد أو نفقات‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬ميكن تعريف الفضالة أبهنا‪ ":‬تويل شخص عن قصد يسمى الفضويل القيام بعمل‬
‫عاجل حلساب شخص آخر يسمى رب العمل‪ ،‬دون أن يكون ملزماً بذلك"‪.‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬شروط الفضالة‬
‫يتضح من نص املادة ‪ 150‬ق‪.‬م‪ .‬أن الفضالة تتطلب توافر ثالثة شروط هي ‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬قيام الفضويل بشأن عاجل حلساب رب العمل‬
‫ينبغي لتتحقق الفضالة أن يتوىل الفضويل القيام بعمل ضروري ملصلحة رب العمل‪ ،‬و العمل الضروري‬
‫هو ذلك العمل الذي ما كان رب العمل ليتقاعس عن القيام به لو كان قادراً على ذلك‪ ،‬ألن يف إرجائه‬
‫حتقق خسارة معنوية أو مادية‪ ،‬سواء أكان عمالً مادايً كإقامة جدار يوشك أن ينقض‪ ،‬إطفاء حريق‬
‫شب يف أموال رب العمل ‪ ...‬اخل‪ ،‬أم كان عمالً قانونياً كإجراء تصرفاً قانونياً حلساب رب العمل‪ ،‬كأن‬
‫يؤجر له ماالً أو يدفع دين مستحق على رب العمل‪.‬‬
‫مع العلم أنه ميكن أن ينقلب الفضويل إىل و ٍ‬
‫كيل عن رب العمل مىت قام بعمل انفع ملصلحه مث علم‬
‫بقيامه ابلعمل و أجازه‪ ،‬ومن مث ختضع العالقة فيما بينهما ألحكام الوكالة وليس لقواعد الفضالة طبقا‬
‫لنص املادة ‪ 152‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫الشرط الثاين‪ :‬قصد الفضويل العمل ملصلحة رب العمل‬
‫البد أن تتجه نية الفضويل إىل القيام بعمل ملصلحة رب العمل‪ ،‬أي يكون على علم ودراية أنه‬
‫يسعى لتحقيق مصلحة لغريه متعمداً ذلك‪ ،‬و هذا الشرط ميثل الركن املعنوي للفضالة‪ ،‬لذلك إذا كان‬
‫الشخص يعتقد أنه يعمل حلساب نفسه و هو يعمل حلساب آخر‪ ،‬كأن يقوم برتميم جدار معتقداً أنه له‬
‫مث تبني له أنه مملوك لغريه‪ ،‬فالقائم هبذا العمل ال يعد فضولياً وليس له احلق يف الرجوع على صاحب‬
‫اجلدار بدعوى الفضالة‪ ،‬وإن كان ميكنه الرجوع عليه بدعوى اإلثراء بال سبب مىت توافرت شروطها‪.‬‬
‫و يتوافر هذا القصد الذي تتحقق به الفضالة طبقا لنص املادة ‪ 151‬ق‪.‬م‪ .‬حىت و لو كان‬
‫الفضويل يتوىل هذا العمل حتقيقاً ملصلحته اخلاصة ومصلحة رب العمل يف الوقت ذاته‪ ،‬ألن العربة هنا‬
‫ابنصراف نية الفضويل إىل العمل ملصلحة الغري‪ ،‬مىت وجد نوع من االرتباط بني املصلحتني يستحيل معه‬
‫حتقيق إحداها منفصلة عن األخرى‪ ،‬مثال ذلك قيام الشريك برتميم املال اململوك على الشيوع‪ ،‬فيعترب‬
‫فضولياً ابلنسبة لباقي املالك على الشيوع‪ ،‬ألنه وإن كان الرتميم حيقق مصلحته اخلاصة‪ ،‬فهو حيقق‬
‫مصلحة ابقي شركائه‪.‬‬
‫كما تتحقق الفضالة حىت يف احلالة اليت يقصد فيها الفضويل القيام ابلعمل حلساب شخص معني‬
‫مث يتبني أنه قام به حلساب غريه‪ ،‬فالغلط يف شخص رب العمل ال حيول دون قيام الفضالة‪ ،‬ألن املطلوب‬
‫هو انصراف نية الفضويل إىل العمل ملصلحة الغري‪ ،‬ال ملصلحة شخص معني‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أال يكون الفضويل ملتزما هبذا العمل‬
‫يشرتط لقيام الفضالة أال يكون الشخص ملزماً ابلعمل حلساب رب العمل مبوجب عقد بينهما أو‬
‫بنص قانوين أو حكم قضائي‪ ،‬لذلك ال يعترب فضولياً املقاول الذي أقام بناء لرب العمل بناء على عقد‬
‫مقاولة‪ ،‬والنائب القانوين إذا قام بعمل يف حدود نيابته حلساب األصيل‪ ،‬ألن القائم هبذا العمل يعد ملزماً‬
‫ابلقيام به ال متفضالً دفعته الضرورة للعمل ملصلحة غريه‪.‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬أحكام الفضالة‬
‫مىت توافرت الشروط املذكورة أعاله تنشأ الفضالة و يرتتب عنها التزامات على عاتق كل من‬
‫الفضويل ورب العمل‪ ،‬عالوة على ذلك سيتم بيان أهلية طريف الفضالة وأثر املوت على هذه االلتزامات‬
‫مث تقادم الدعوى الناشئة عن الفضالة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التزامات الفضويل‬
‫طاملا أن الفضويل شخص تدفعه الضرورة للتدخل يف شؤون غريه‪ ،‬فحىت ال يكون هذا التدخل نوع‬
‫من العبث و االستهتار مبصان اآلخرين‪ ،‬ألقى املشرع على عاتقه عدة التزامات تتمثل يف‪:‬‬
‫‪ -1‬املضي يف العمل الذي بدأه إىل أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه‪ ،‬إال إذا كان‬
‫استمراره فيه يعرضه خلطر جسيم يستحيل عليه أن يتوقاه‪( .‬املادة ‪ 153‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -2‬بذل عناية الرجل العادي يف القيام ابلعمل‪ ،‬فإذا احنرف الفضويل يف قيامه ابلعمل عن سلوك‬
‫الرجل املعتاد اعترب خمال هبذا االلتزام‪ ،‬و من مث مسؤوال عن خطئه الذي سبب به ضرر لرب‬
‫العمل و يلتزم بتعويضه‪ ،‬و جيوز للقاضي يف هذه احلالة إنقاص التعويض إىل احلد الذي يراه‬
‫مناسباً‪ ،‬مىت وجدت ظروف تربر ذلك‪.‬‬
‫و إذا أانب الفضويل غريه يف القيام أبعمال الفضالة كان مسؤوال عن أعمال انئبه‪ ،‬و ينشأ‬
‫لرب العمل دعوى مباشرة متكنه من الرجوع على انئب الفضويل‪ ،‬و إذا تعدد الفضوليون كانوا‬
‫متضامنني فيما بينهم يف املسؤولية إذا قاموا بنفس العمل‪( .‬املادة ‪ 154‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -3‬إخطار رب العمل بتدخله يف القيام بعمل ملصلحته مىت استطاع ذلك‪ ،‬وال يشرتط يف‬
‫اإلخطار شكل معني ويقع على عاتق الفضويل إثباته‪ ،‬ألنه التزاماً عليه‪ ،‬وله أن يثبته بكافة‬
‫طرق اإلثبات‪( .‬املادة ‪ 153‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫‪ -4‬تقدمي حساب لرب العمل عما قام به حىت يستطيع رب العمل تقدير تعويض مالئم له نظري‬
‫قيامه للعمل ملصلحته‪ ،‬و رد ما استوىل عليه من مال بسبب الفضالة‪( .‬املادة ‪ 155‬ق‪.‬م‪).‬‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التزامات رب العمل‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 157‬ق‪.‬م‪ .‬يلتزم رب العمل بـ‪:‬‬
‫‪ -1‬تنفيذ التعهدات اليت أبرمها الفضويل نيابة عنه‪ ،‬أي ابسم رب العمل و حلسابه‪.‬‬
‫‪ -2‬تعويض الفضويل عن التعهدات اليت أبرمها ابمسه الشخصي و حلساب رب العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬رد النفقات الضرورية و النافعة اليت أنفقها الفضويل أثناء قيامه ابلعمل ملصلحة رب العمل‪ ،‬و‬
‫دفع األجر له إذا كان هذا العمل من أعمال مهتنه‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫‪ -4‬تعويض الفضويل عن الضرر الذي حلق به بسبب قيامه ابلعمل ملصلحة رب العمل‪ ،‬طبقا‬
‫ألحكام املسؤولية التقصريية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬أهلية الفضويل و رب العمل‬
‫يشرتط يف الفضويل أهلية التعاقد إذا أبرم تصرف قانوين ابمسه الشخصي و حلساب رب العمل‪،‬‬
‫لكن إذا أبرمه و هو انقص األهلية فال يكون مسؤوال عن إدارته إال ابلقدر الذي أثري به‪ ،‬أما إذا أبرم‬
‫التصرف ابسم رب العمل و حلسابه فيصح تصرفه إذا كان مميزاً‪.‬‬
‫ابلنسبة لرب العمل فلم يتطلب فيه القانون توافر درجة معينة من األهلية ألن مصدر التزامه‬
‫ابلتعويض هو الفضالة ابعتبارها فعالً انفعاً‪ ،‬و هي واقعة مادية ابلنسبة إليه وليست تصرف قانوين‪ ،‬وبناء‬
‫على ذلك فإن مسؤوليته عن عدم تنفيذ التزاماته تقوم حىت ولو مل يكن أهالً للتعاقد‪ ،‬و من مث يستطيع‬
‫الفضويل مطالبته ابلتنفيذ أو التعويض‪.‬‬
‫الفرع الرابع‪ :‬أثر موت الفضويل أو رب العمل على الفضالة‬
‫قياساً على األحكام اخلاصة ابلوكالة السيما املادة ‪ 2/589‬ق‪.‬م‪ ،.‬إذا مات الفضويل انقضت‬
‫الفضالة مبوته و التزم الورثة إذا كانوا كاملي األهلية وعلى علم ابلفضالة‪ ،‬إبخطار رب العمل مبوت‬
‫مورثهم‪ ،‬وأن يتخذوا التدابري الالزمة للحفاظ على األعمال اليت أجنزها الفضويل‪ ،‬إىل أن يتمكن رب‬
‫العمل من التدخل ملباشرة العمل بنفسه‪.‬‬
‫أما إذا مات رب العمل فال يرتتب عن ذلك إنقضاء الفضالة‪ ،‬بل يظل الفضويل ملتزماً حنو الورثة‬
‫مبا كان ملتزماً به حنو مورثهم يف حدود تركته‪ ،‬فالتزامات الفضويل ال تتأثر مبوت رب العمل‪ ،‬و جيب عليه‬
‫الوفاء هبا لورثته‪.‬‬
‫الفرع اخلامس‪ :‬تقادم دعوى الفضالة‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 159‬ق‪.‬م‪ .‬تسقط دعوى الفضالة ابنقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم‬
‫فيه الفضويل أو رب العمل حبقه قبل اآلخر‪ ،‬كما تسقط يف مجيع األحوال مبضي مخس عشرة سنة من‬
‫اليوم الذي ينشأ فيه احلق يف مباشرة دعوى الفضالة يف مواجهة امللتزم به‪ ،‬بناء على ذلك تتقادم دعوى‬
‫الفضالة أبقرب هاتني املدتني‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬القانون‬
‫استنادا إىل نص املادة ‪ 53‬ق‪.‬م‪ .‬بقوهلا‪ ":‬تسري على االلتزامات النامجة مباشرة عن القانون دون‬
‫غريها النصوص القانونية اليت قررهتا"‪ ،‬يتبني أن القانون يعترب مصدراً غري مباشر لكافة االلتزامات الناشئة‬
‫عن التصرف القانوين أو الواقعة القانونية‪ ،‬حيث يعد كل من العقد و التصرف ابإلرادة املنفردة و‬
‫املسؤولية التقصريية و اإلثراء بال سبب‪ ،‬مصدراً مباشراً لاللتزامات اليت تنشئها‪ ،‬و يكون القانون هو‬
‫املصدر غري املباشر هلذه االلتزامات‪ ،‬ألنه هو الذي يرتب عليها أثرها القانوين و يضفي عليها محايته‬
‫حبيث يفرض على امللتزم الوفاء هبا طواعية أو جرباً عنه‪ ،‬ويكفل للدائن اقتضاء حقه‪.‬‬
‫كمــا يعــد القــانون مصــدر مباشــر لــبعض االلتزامــات الــيت ال جتــد مصــدرها يف التصــرف القــانوين و‬
‫الواقع ــة القانوني ــة‪ ،‬ك ــااللتزام ابلنفق ــة عل ــى الزوج ــة و األوالد امللق ــى عل ــى ع ــاتق ال ــزوج‪ ،‬و االلت ـ ـزام ب ــدفع‬
‫الض ـرائب‪...‬إخل‪ ،‬ألن القــانون هــو الــذي حيــدد نطاقهــا ومضــموهنا‪ ،‬لــذا وجــب الرجــوع إىل الــنص القــانوين‬
‫املنشئ هلذه االلتزامات ملعرفة نطاقه وشروط تطبيقه‪.‬‬

‫‪136‬‬
137
‫تتمثل مصادر االلتزام يف القانون املدين اجلزائري يف مخس مصادر ميكن تقسيمها إىل صنفني و‬
‫مها‪ :‬التصرف القانوين و الواقعة القانونية‪ ،‬و يعد التصرف القانوين املصدر اإلرادي لاللتزام و يشمل كل‬
‫من العقد و اإلرادة املنفردة‪.‬‬
‫طبقا ألحكام العقد كأهم مصدر إرادي لاللتزام يستلزم القانون لنشوه صحيحا توافر ركن الرتاضي‬
‫من خالل توافق إرادتني فأكثر يف شكل إجياب و قبول على إنشاء حقوق و التزامات مع ضرورة توافر‬
‫أهلية التعاقد لدي املتعاقدين و خلو إرادهتما من عيوب اإلرادة و إال كان العقد قابل لإلبطال ملصلحة‬
‫املتعاقد انقص األهلية أو الذي شاب رضاه أحد عيوب اإلرادة‪.‬‬
‫إن وجود هذا الركن ال يكفي الستكمال العقد وجوده القانوين بل ينبغي أيضا توافر ركين احملل و‬
‫السبب و كذا ركن الشكل يف حالة نص القانون على ذلك‪ ،‬أو اتفق املتعاقدين عليه‪ ،‬أما إذا ختلف أحد‬
‫هذه األركان فيعترب العقد ابطال بطالن مطلق‪.‬‬
‫يرتتب على إنعقاد العقد صحيحاً بتوافر أركانه و شروط صحته آاثر قانونية من حقوق و التزامات‬
‫تسري على طرفيه و خلفهما العام و أما اخللف اخلاص فتنصرف إليه آاثر العقد وفق شروط حمددة‪.‬‬
‫ابلنسبة للغري فكقاعدة عامة ال تنصرف إليه آاثر العقد السيما التزامات‪ ،‬و قد أكد املشرع‬
‫اجلزائري على ذلك يف صورة التعهد عن الغري‪ ،‬ولكن استثناء جيوز أن يكتسب الغري حقاً من العقد يف‬
‫حالتني استثنائيتني إما يف حالة وجود نص قانوين يقضي بسراين آاثر العقد على الغري بصفة مباشرة‪ ،‬أو‬
‫يف حالة اتفاق املتعاقدين على ذلك‪ ،‬و قد نظم املشرع اجلزائري صورة تطبيقية هلذه احلالة و هي‬
‫االشرتاط ملصلحة الغري‪.‬‬
‫فضال عن ذلك‪ ،‬يلتزم املتعاقدان بتنفيذ مضمون العقد حسبما اتفقا عليه و حبسن نية‪ ،‬و ال جيوز‬
‫ألحدمها حله أو تعديله إبرادته املنفردة‪ ،‬و هذا ما يعرب عنه بقاعدة " العقد شريعة املتعاقدين"‪ ،‬و هذا ما‬
‫مل تطرأ ظروف استثنائية جتعل تنفيذه مرهقاً‪.‬‬
‫بناء على ذلك‪ ،‬إذا أخل أحد املتعاقد ابلتزامه العقدي سواء ابالمتناع عن تنفيذه أو التأخري فيه أو‬
‫تنفيذه تنفيذاً معيباً (سوء تنفيذ االلتزام) جاز للمتعاقد اآلخر‪:‬‬
‫‪ -‬طلب التعويض عن الضرر الذي حلق به مىت توافرت أركان املسؤولية من خطأ عقدي و ضرر‬
‫و عالقة سببية‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -‬إذا كان العقد ملزم جلانبني جاز له طلب فسخ العقد قضائياً‪ ،‬و هذا ما مل يتفق الطرفان على‬
‫اعتبار العقد مفسوخ ابتفاقهما‪ ،‬أما إذا استحال على أحد املتعاقدين تنفيذ التزامه لسبب‬
‫أجنيب ال يد له فيه فينفسخ العقد بقوة القانون‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان العقد ملزم جلانبني جاز له الدفع بعدم التنفيذ من خالل التوقف عن تنفيذ التزامه‬
‫كوسيلة للضغط على املتعاقد اآلخر لتنفيذ التزامه‪.‬‬
‫ابإلضافة إىل العقد‪ ،‬اعرتف املشرع اجلزائري ابإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام حبيث ميكنها إنشاء‬
‫التزامات بصفة منفردة على عاتق صاحبها‪ ،‬مبوجب املادة ‪ 123‬مكرر من ق‪.‬م‪ .‬كما نظم صورة تطبيقية‬
‫هلا و هي الوعد ابجلائزة‪.‬‬
‫أما ابلنسبة للواقعة القانونية ابعتبارها مصدر غري إرادي لاللتزام فتتمثل يف الفعل الضار (املسؤولية‬
‫التقصريية) و الفعل النافع (اإلثراء بال سبب) و القانون‪.‬‬
‫طبقا ألحكام املسؤولية التقصريية أقر املشرع اجلزائري ابملسؤولية عن الفعل الشخصي كقاعدة‬
‫عامة‪ ،‬غري أنه استثناءً يسأل الشخص عن فعل الغري يف حالتني و مها مسؤولية متويل الرقابة و مسؤولية‬
‫املتبوع عن أفعال اتبعه‪ ،‬كذلك قد يسأل الشخص استثناءً عن األشياء اليت حتت حراسته سواء كانت‬
‫غري حية أو حية (احليوان) و كذلك عن هتدم البناء و عن احلريق‪.‬‬
‫كذلك تبىن املشرع اجلزائري املسؤولية املوضوعية للمنتج كآلية لتعويض املتضررين من املنتجات‬
‫املعيبة‪ ،‬و ذلك ابستحداثه لنص املادة ‪ 140‬مكرر يف القانون املدين مبوجب القانون ‪ ،10-05‬كما أقر‬
‫بنظام جديد للتعويض خارج إطار املسؤولية املدنية يتمثل يف تكفل الدولة ابلتعويض عن الضرر‬
‫اجلسماين عند إنعدام املسؤول مبوجب املادة ‪ 140‬مكر ‪ 1‬ق‪.‬م‪.‬‬
‫ميثل اإلثراء بال سبب كواقعة قانونية مصدراً من مصادر االلتزام غري اإلرادية‪ ،‬لذلك نظم املشرع‬
‫القاعدة العامة له و نص على أهم تطبيقاته و هي الدفع غري املستحق و الفضالة‪.‬‬
‫و ابإلضافة إىل كل هذه املصادر‪ ،‬يعترب القانون يف حد ذاته مصدر مباشر لبعض االلتزامات اليت‬
‫تنشأ عنه مباشرة‪ ،‬هذا فضال عن كونه مصدراً غري مباشر لكافة االلتزامات الناشئة عن التصرف القانوين‬
‫أو الواقعة القانونية‪.‬‬

‫‪139‬‬
140
‫أوال‪ :‬املؤلفات‬
‫‪ −‬أمين سعد‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دراسة موازنة بني القانون املدين املصري و مشروع مقرتح للقانون‬
‫املدين املصري طبقا ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪.2015 ،‬‬
‫‪ −‬بشار ملكاوي و فيصل العمري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬دار وائل‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫األردن‪.2006 ،‬‬
‫‪ −‬بلحــاج العــريب‪ ،‬احلقــوق العينيــة يف القــانون املــدين اجلزائــري يف ضــوء أحــدث االجتهــادات القضــائية‬
‫املشهورة للمحكمة العليا‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬اجلزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ −‬بلحاج العريب‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام يف القانون املدين اجلزائري‪ ،‬اجلزء الثاين‪ ،‬الواقعة القانونية‪،‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلزائر‪.1999 ،‬‬
‫‪ −‬بلحاج العريب‪ ،‬مصادر االلتزام يف ضوء قواعد الفقه اإلسالمي واألنظمة السعودية و االجتهادات‬
‫القضائية العربية و الفرنسية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬املصادر اإلرادية العقد و اإلرادة املنفردة‪ ،‬دار الثقافة‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪.2015 ،‬‬
‫‪ −‬بن شويخ الرشيد‪ ،‬دروس يف النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دار اخللدونية‪ ،‬اجلزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ −‬جابر حمجوب علي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬املصادر اإلرادية‪ ،‬العقد و اإلرادة‬
‫املنفردة‪ ،‬دراسة يف القانون القطري مقارنة ابلقانون املصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬الطبعة األوىل‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مصر‪.2015 ،‬‬
‫‪ −‬حبار أمال‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬املصادر اإلرادية و املصادر غري اإلرادية يف القانون املدين اجلزائري‪،‬‬
‫مكتبة الرشاد‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اجلزائر‪.2013 ،‬‬
‫‪ −‬درع محاد‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬القسم األول مصادر االلتزام‪ ،‬دار السنهوري‪ ،‬بريوت لبنان‪،‬‬
‫‪.2016‬‬
‫‪ −‬سليمان مرقس‪ ،‬الوايف يف شرح القانون املدين‪ ،‬اجلزء األول يف االلتزامات‪ ،‬اجمللد األول يف الفعل‬
‫الضار واملسؤولية املدنية‪ ،‬القسم األول يف األحكام العامة‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬الطبعة اخلامسة‬
‫نقحها حبيب إبراهيم اخلليلي سنة ‪.1992‬‬

‫‪141‬‬
‫‪ −‬سليمان مرقس‪ ،‬الوايف يف شرح القانون املدين‪ ،‬اجلزء الثاين يف االلتزامات‪ ،‬اجمللد الثاين يف الفعل‬
‫الضار واملسؤولية املدنية‪ ،‬القسم الثاين يف املسؤوليات املفرتضة‪ ،‬بدون دار نشر‪ ،‬الطبعة اخلامسة‬
‫نقحها حبيب إبراهيم اخلليلي سنة ‪.1992‬‬
‫‪ −‬الشهايب إبراهيم الشرقاوي‪ ،‬مصادر االلتزام اإلرادية يف قانون املعامالت املدنية اإلمارايت‪ ،‬العقد و‬
‫التصرف االنفرادي‪ ،‬مكتبة اجلامعة و دار إثراء للنشر و التوزيع‪ ،‬الطبعة األوىل‪.2008 ،‬‬

‫‪ −‬عبد الرمحان الشرقاوي‪ ،‬القانون املدين‪ ،‬دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام على ضوء أتثرها‬
‫ابملفاهيم اجلديدة للقانون االقتصادي‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬التصرف‬
‫القانوين‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اململكة املغربية‪.2014 ،‬‬
‫‪ −‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬جزء ‪ ،3‬دار إحياء‬
‫الرتاث العريب‪ ،‬لبنان‪ ،‬بدون سنة نشر‪.‬‬
‫‪ −‬عبد السالم ذيب‪ ،‬قانون اإلجراءات املادية و اإلدارية اجلديد‪ ،‬ترمجة للمحاكمة العادلة‪ ،‬موفم‬
‫للنشر‪ ،‬الطبعة الثالثة منقحة‪ ،‬اجلزائر‪.2012 ،‬‬

‫‪ −‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزامات‪ ،‬الكتاب الثاين‪ ،‬املسؤولية املدنية‪ ،‬دراسة مقارنة على‬
‫ضوء النصوص التشريعية اجلديدة‪ ،‬دار األمان‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬الرابط‪ ،‬اململكة املغربية‪.2014 ،‬‬
‫‪ −‬علي فياليل‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬الفعل املستحق للتعويض‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬اجلزائر‪.2012 ،‬‬
‫‪ −‬علي فياليل‪ ،‬االلتزامات‪ ،‬النظرية العامة للعقد‪ ،‬موفم للنشر‪ ،‬طبعة منقحة و معدلة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2008‬‬
‫‪ −‬علي فياليل‪ ،‬نظرية احلق‪ ،‬دار موفم للنشر‪ ،‬اجلزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ −‬فاضلي إدريس‪ ،‬الوجيز يف النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬العقد – اإلرادة املنفردة – الفعل املستحق‬
‫للتعويض – اإلثراء بال سبب – القانون‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪.2015‬‬
‫‪ −‬الفصايلي الطيب‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اململكة املغربية‪.1997 ،‬‬

‫‪142‬‬
‫‪ −‬لبين خمتار‪ ،‬وجود اإلرادة و أتثري الغلط عليها يف القانون املدين‪ ،‬ديوان املطبعات اجلامعية‪،‬‬
‫اجلزائر‪.1984 ،‬‬
‫‪ −‬حممد حسن قاسم‪ ،‬الوجيز يف نظرية االلتزام‪ ،‬املصادر ‪ -‬األحكام‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1994 ،‬‬
‫‪ −‬حممد حسني منصور‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬الفعل الضار‪ ،‬الفعل النافع‪ ،‬القانون‪ ،‬الدار اجلامعية‪،‬‬
‫مصر‪.2000 ،‬‬
‫‪ −‬حممد صربي السعدي‪ ،‬الواضح يف شرح القانون املدين اجلزائري‪ ،‬اجلزاء األول‪ ،‬النظرية العامة‬
‫لاللتزامات‪ ،‬مصادر االلتزام (العقد و اإلرادة املنفردة)‪ ،‬دراسة مقارنة يف القوانني العربية‪ ،‬دار‬
‫اهلدى‪ ،‬اجلزائر‪.2007 ،‬‬
‫‪ −‬حممد صربي السعدي‪ ،‬الواضح يف شرح القانون املدين اجلزائري‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪،‬‬
‫مصادر االلتزام (املسؤولية التقصريية‪ :‬الفعل املستحق للتعويض)‪ ،‬دراسة مقارنة يف القوانني‬
‫العربية‪ ،‬دار اهلدى‪ ،‬اجلزائر‪.2011 ،‬‬
‫‪ −‬خمتار رمحاين حممد‪ ،‬املسؤولية املدنية عن فعل املنتجات املعيبة‪ ،‬دار هومه‪ ،‬اجلزائر‪.2016 ،‬‬
‫‪ −‬مصطفى بوبكر‪ ،‬املسؤولية التقصريية بني اخلطأ و الضرر يف القانون املدين اجلزائري‪ ،‬دار اجلامعة‬
‫اجلديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.2015 ،‬‬
‫‪ −‬هدى عبد هللا‪ ،‬القانون املدين‪ ،‬األموال‪ ،‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بـريوت‪ ،‬لبنـان‪ ،‬الطبعـة األوىل‪،‬‬
‫‪.2016‬‬

‫اثنيا‪ :‬املذكرات‬
‫‪ −‬مخيس سناء‪ ،‬املسؤولية املوضوعية للمنتج كآلية تعويضية لضحااي حوادث املنتجات املعيبة‬
‫(دراسة مقارنة)‪ ،‬مذكرة ماجستري يف القانون‪ ،‬فرع قانون العقود‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪.2015 ،‬‬
‫‪ −‬قنطرة سارة‪ ،‬املسؤولية املدنية للمنتج و أثرها يف محاية املستهلك‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة‬
‫املاجستري يف القانون اخلاص‪ ،‬ختصص قانون األعمال‪ ،‬كلية احلقوق و العلوم السياسية‪،‬‬
‫جامعة حممد ملني دابغني سطيف ‪.2017 – 2016 ،-2 -‬‬

‫‪143‬‬
‫‪ −‬مامش اندية‪ ،‬مسؤولية املنتج‪ ،‬دراسة مقارنة مع القانون الفرنسي‪ ،‬مذكرة ماجستري يف القانون‪،‬‬
‫ختصص قانون األعمال‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة مولود معمري تيزي وزو‪،‬‬
‫‪.2012 -2011‬‬

‫اثلثا‪ :‬املقاالت‬
‫‪ −‬قاشي عالل‪ ،‬حاالت انتفاء مسؤولية املنتج‪ ،‬جملة البحوث و الدراسات القانونية و السياسية‪،‬‬
‫جملة كلية احلقوق جامعة سعد دحلب البليدة‪ ،‬العدد الثاين‪ ،2012 ،‬ص‪.147 - 124 .‬‬
‫‪ −‬مسعودي يوسف و أرجيلوس رحاب‪ ،‬اإلجتاه املوضوعي ملسؤولية املنتج يف التشريع اجلزائري‪ ،‬جملة‬
‫القانون و اجملتمع‪ ،‬اجمللد ‪ ،5‬العدد ‪ ،2017 ،1‬ص‪.109 – 84 .‬‬
‫‪ −‬انئل علي املساعدة‪ ،‬الضرر يف الفعل الضار وفقاً للقانون األردين‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬جملة املنارة‪،‬‬
‫اجمللد ‪ ،12‬العدد ‪ ،2006 ،3‬ص‪.410 – 391 .‬‬

‫رابعا‪ :‬النصوص القانونية‬


‫‪ −‬األمر رقم ‪ 58-75‬املؤرخ يف ‪ 26‬سبتمرب ‪ 1975‬يتضمن القانون املدين املعدل و املتمم‪.‬‬
‫‪ −‬القــانون رقــم ‪ 09-08‬املــؤرخ يف ‪ 25‬فربايــر ‪ 2008‬املتضــمن قــانون اإلج ـراءات املدنيــة و اإلداريــة‬
‫ج‪.‬ر‪ 23 .‬أفريل ‪ ،2008‬العدد ‪ ،21‬ص‪.95 - 03 .‬‬

‫‪ −‬القانون رقم ‪ 03-09‬املـؤرخ يف ‪ 25‬فربايـر ‪ 2009‬يتعلـق حبمايـة املسـتهلك و قمـع الغـش‪ ،‬ج‪ .‬ر‪.‬‬
‫العدد ‪ 08 ،15‬مارس ‪ ،2009‬ص‪.23 – 12 .‬‬

‫‪144‬‬
145
‫املقدمة ‪01 ..............................................................................................‬‬
‫القسم األول‪ :‬التصرف القانوين ‪05 .....................................................................‬‬
‫الباب األول‪ :‬العقد‪06 ...............................................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم العقد و تقسيماته ‪06 ..........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬مفهوم العقــد ‪06 ....................................................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬تعريف العقد ‪06 ..................................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬نطاق العقد ‪06 ...................................................................‬‬


‫املطلب الثالث‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة ‪07 ..........................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬تقسيمات العقــود ‪08 ................................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬تقسيم العقود من حيث تنظيمها القانوين ‪08 .....................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬تقسيم العقود من حيث تكوينها ‪09 ..............................................‬‬


‫املطلب الثالث ‪ :‬تقسيم العقود من حيث آاثرها‪10 ...............................................‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬تقسيم العقود من حيث طبيعتها ‪12 ..............................................‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬أركان العقد ‪13 ........................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬ركن الرتاضي ‪13 ....................................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬وجود الرتاضي ‪13 ................................................................‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬صحة الرتاضي‪27 .................................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬ركن احملل ‪35 ........................................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬تعريف احملل ‪35 ..................................................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬شروط احملل ‪35 ..................................................................‬‬

‫‪146‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬ركن السبب ‪36 ....................................................................‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬تعريف السبب ‪36 ...............................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬شروط السبب ‪37 ...............................................................‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬ركن الشكل ‪38 .....................................................................‬‬


‫الفصل الثالث‪ :‬بطالن العقد ‪38 .....................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬أنواع البطالن ‪38 ...................................................................‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬البطالن املطلق ‪38 ...............................................................‬‬


‫املطلب الثاين ‪ :‬البطالن النسيب ‪39 ...............................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬آاثر البطالن ‪41 ....................................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬آاثر البطالن بني املتعاقدين ‪41 ...................................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬آاثر البطالن ابلنسبة للغري ‪42 ....................................................‬‬


‫املطلب الثالث ‪ :‬اآلاثر العرضية املرتتبة عن البطالن ‪42 ...........................................‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬آاثر العقد ‪43 .........................................................................‬‬


‫املبحث األول‪ :‬مبدأ نسبية أثر العقد من حيث األشخاص‪43 .......................................‬‬
‫املطلب األول ‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للمتعاقدين و خلفهما العام و اخلاص ‪44 .......................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬أثر العقد ابلنسبة للغري ‪45 ........................................................‬‬


‫املبحث الثاين‪ :‬أثر العقد من حيث املوضوع ‪47 .....................................................‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬طرق حتديد آاثر العقد ‪47 .......................................................‬‬


‫املطلب الثاين ‪ :‬التزام املتعاقدين بتنفيذ العقد (القوة امللزمة للعقد) ‪48 ..............................‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬املسؤولية العقدية ‪50 ............................................................‬‬

‫‪147‬‬
‫الفصل اخلامس‪ :‬زوال العقد ‪52 ......................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬انقضاء العقد ‪52 ...................................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬احنالل العقد ‪52 ....................................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬احنالل العقد إرادايً ‪52 ...........................................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬احنالل العقد لعدم تنفيذ أحد املتعاقدين اللتزامه ‪53 ...............................‬‬
‫املطلب الثالث ‪ :‬احنالل العقد ابالنفساخ الستحالة تنفيذ التزاماته ‪57 .............................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬الدفع بعدم التنفيذ ‪58 .............................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬شروط الدفع بعدم التنفيذ ‪58 ....................................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬كيفية استعمال الدفع بعدم التنفيذ ‪58 ............................................‬‬


‫املطلب الثالث ‪ :‬األثر املرتتب على الدفع بعدم التنفيذ ‪59 ........................................‬‬

‫الباب الثاين‪ :‬االرادة املنفردة ‪59 ......................................................................‬‬


‫الفصل األول‪ :‬مفهوم اإلرادة املنفردة ‪59 ..............................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬حاالت اإلرادة املنفردة ‪60 ..........................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬موقف املشرع اجلزائري من اإلرادة املنفردة كمصدر لاللتزام ‪61 ........................‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬أركان التصرف ابإلرادة املنفردة ‪61 ..................................................‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬الوعد ابجلائزة ‪62 ......................................................................‬‬


‫املبحث األول‪ :‬تعريف الوعد ابجلائزة ‪62 ............................................................‬‬
‫املبحث الثاين‪ :‬شروط الوعد ابجلائزة ‪62 ............................................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬آاثر الوعد ابجلائزة ‪63 .............................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬الوعد احملدد املدة ‪63 ............................................................‬‬

‫‪148‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬الوعد غري حمدد املدة ‪63 .........................................................‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬كيفية استحقاق اجلائزة ‪64 ...........................................................‬‬


‫القسم األول‪ :‬الواقعة القانونية ‪65 ......................................................................‬‬
‫الباب األول‪ :‬املسؤولية التقصريية ‪66 ..................................................................‬‬
‫الفصل التمهيدي‪ :‬مفهوم املسؤولية التقصريية‪66 ......................................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أحكام املسؤولية التقصريية يف القانون اجلزائري ‪70 ......................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية‪70 ........................................‬‬
‫املطلب األول‪ :‬أركان املسؤولية عن األفعال الشخصية ‪70 .........................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬آاثر املسؤولية التقصريية عن األفعال الشخصية ‪92 .................................‬‬


‫املبحث الثاين‪ :‬املسؤولية التقصريية عن فعل الغري ‪101 ..............................................‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬مسؤولية متويل الرقابة عن أفعال اخلاضع لرقابته ‪101 ..............................‬‬
‫املطلب الثاين ‪ :‬مسؤولية املتبوع عن أفعال التابع‪105 .............................................‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬املسؤولية الناشئة عن األشياء ‪109 .................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬املسؤولية عن حراسة األشياء غري احلية ‪110 ......................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬املسؤولية عن حراسة األشياء احلية (احليوان) ‪112 .................................‬‬


‫املطلب الثالث ‪ :‬املسؤولية عن هتدم البناء ‪113 ...................................................‬‬

‫املطلب الرابع ‪ :‬املسؤولية الناشئة عن احلريق ‪115 .................................................‬‬


‫املطلب اخلامس ‪ :‬املسؤولية املوضوعية على أساس الضرر (مسؤولية املنتج) ‪117 ...................‬‬

‫املطلب السادس ‪ :‬تكفل الدولة بتعويض املضرور‪119 ............................................‬‬


‫الباب الثاين‪ :‬اإلثراء بال سبب (الفعل النافع) ‪120 ....................................................‬‬

‫‪149‬‬
‫الفصل األول‪ :‬القاعدة العامة يف اإلثراء بال سبب ‪120 ...............................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬شروط اإلثراء بال سبب ‪120 .......................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬آاثر اإلثراء بال سبب ‪123 ..........................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬دعوى اإلثراء بال سبب ‪123 ....................................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬التعويض عن اإلثراء بال سبب ‪124 ..............................................‬‬


‫الفصل الثاين‪ :‬تطبيقات اإلثراء بال سبب ‪126 ........................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬الدفع غري املستحق ‪126 ............................................................‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬شروط الدفع غري املستحق ‪126 .................................................‬‬


‫املطلب الثاين ‪ :‬أحكام الدفع غري املستحق ‪128 .................................................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬الفضالة ‪132 .......................................................................‬‬


‫املطلب األول ‪ :‬شروط الفضالة ‪132 .............................................................‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬أحكام الفضالة ‪133 .............................................................‬‬


‫الباب الثاين‪ :‬القانون ‪136 ...........................................................................‬‬
‫خامتة ‪137 .............................................................................................‬‬
‫قائمة املراجع ‪140 ......................................................................................‬‬
‫الفهرس ‪145 ...........................................................................................‬‬

‫‪150‬‬

You might also like