You are on page 1of 28

‫ماستر القانون المدني والتجاري‬

‫الفوج السابع‬
‫وحدة‪ :‬نظرية االلتزام‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫تشتت نصوص القانون الخاص‬

‫من إعداد الطلبة‬


‫أميمة هدانة‬
‫تحت إشراف الدكـتور‬
‫حمزة السعدي‬
‫مصطفى فضالي‬ ‫وائل شاعر‬
‫الصديق طنفوحي‬

‫السنة الجامعية ‪2024 / 2023‬‬


‫مقدمة‬

‫يلعب التشريع دورا أساسيا في الحياة االجتماعية بحيث ينظمها ويحدد سلوك االفراد الذي‬
‫ينبغي اتيانه و الذي ال ينبغي القيام به ‪ ،‬ومع زيادة حاجيات االنسان اصبح اخراج النصوص‬
‫القانونية و إصدارها امر مهم من اجل مواكبة التطور ‪ ،‬و تطور المجتمع االقتصادي و‬
‫االجتماعي يفرض تدخل المشرع لمواكبة هذه التطورات ‪ ،‬اذ مما ال شك فيه تظهر كفاءة‬
‫التشريع بقدرته على التكييف و االستجابة لمتطلبات التطور للناس المعنيين بها‪.‬‬

‫ف إذا كان التدخل التشريعي ضروريا لمواكبة تطور العالقات داخل المجتمع ‪ ،‬وتأطير المراكز‬
‫القانونية المتولدة عن ذلك‪ ،‬فقد جاء بمجموعة من النصوص القانونية الخاصة المواكبة لهذا‬
‫التطور تنظم مجموعة من المعامالت سواء المدنية او التجارية او العقارية ‪ ، ...‬و غيرها كثير‬
‫يستحيل حصره ‪ ،‬مراهن بذلك على ربح رهان التناسبية القانونية المتمثلة في توفير الحماية‬
‫القانونية الفعالة‪.‬‬

‫فإن من بين المظاهر المنتقد ة لألنظمة القانونية ما يتعلق أساسا بتضخيم النصوص القانونية‬
‫أو عدم استقرار القوانين‪ ،‬نتيجة تغيرها المتكرر بعلة مقتضيات النظام العام‪ ،‬وهذا ما قد يؤدي‬
‫إلى زعزعة استقرار المعامالت والمراكز الناجمة عنها‪ ،‬خاصة عندما يتعلق األمر بتنظيم‬
‫بعض المجاالت الجديدة المرتبطة ‪ ،‬أو مواجهة مستجدات غير مؤطرة سلفا‪ ،‬أو ظروف‬
‫استثنائية عارضة وغيرها كثير ‪ ، ...‬و التضخم التشريعي يعني وجود عدد كبير من القوانين‬
‫المتشابهة غير محددة الصياغة والتي تختلف المحاكم في تفسيرها في قضايا متشابهة ‪ ،‬االمر‬
‫الذي يظهر نوع م ن التشتت في النصوص القانونية الذي يوحي على نصوص مكررة تتعارض‬
‫مع نصوص أخرى او وجود مجموعة من االستثناءات التشريعية على القاعدة القانونية بحيث‬
‫تطغى على األصل العام لهذه القاعدة‪ ،‬مما يجعل القضاء و من تسري عليهم هذه القوانين في‬
‫حيرة من امره في تطبيق النصوص ‪ ،‬و عدم تطبيق نص من النصوص القانونية مما يؤدي‬
‫الى جموده ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫والجدير بالذكر ان هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة في الساحة القانونية ألنه يعرض المشكل‬
‫او الخلط الذي يحصل لمهني المجال القضائي في تطبيق النصوص القانونية ‪ ،‬وكذلك بالنسبة‬
‫للمطبقة عليهم هذه النصوص في معرفة النصوص التي تؤطر معامالتهم واي اتجاه سيسلكونه‬
‫من اجل ضم ان الحماية القانونية لمعاملتهم و مصالحهم ‪.‬‬

‫فبناء على ما سبق يمكننا طرح االشكال التالي ‪ :‬ما مدى تأثير صناعة النصوص على تشتت‬
‫النصوص في القانون الخاص ؟‬

‫متفرع عنها مجموعة من األسئلة تتشكل أساسا في ‪:‬‬

‫ماهي مظاهر تشتت نصوص القانون القاص في كل من قانون االلتزامات والعقود وكذا المادة‬
‫التجارية ؟ وما اثار تشتت هذه النصوص القانونية ؟ و ما سبل مواجهة هذا التشتت ؟‬

‫ولمقاربة اإلشكالية المطروحة سنعتمد على منهجين تحليلي ووصفي وذلك بالوقوف على‬
‫الجانب التطبيقي وتحليل النص المقارن ‪ ،‬وكذا منهج مقارن بالوقوف على بعض النصوص‬
‫العامة و مقارنتها بما جاءت به النصوص الخاصة ‪ ،‬وذلك و فق التصميم التالي ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مظاهر تشتت نصوص القانون الخاص‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اثار تشتت النصوص القانونية وسبل معالجتها‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر تشتت نصوص القانون الخاص‬
‫إلى جانب القواعد العامة ارتأى المشرع المغربي ابتداع القوانين الخاصة وتنظيمها في مختلف‬
‫القوانين‪ ،‬وذلك تسهيال لعمل القضاء وحماية لألمن االجتماعي‪ ،‬وقد نظم بالتالي جملة عقود‬
‫في قوانين ونصوص خاصة على اختالفها منها ما هو مشتت بين قانون االلتزامات والعقود‬
‫وقوانين أخرى(المطلب األول) ومنها ما هو في المادة التجارية(المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬تجليات تشتت نصوص القانون الخاص في قانون االلتزامات والعقود‬
‫يعتبر قانون االلتزامات والعقود الشريعة العامة للقوانين كون مجمل العقود هي منظمة في‬
‫ثناياه‪ ،‬فكان بذلك أب القوانين‪ ،‬وبالرغم من ذلك لم يستطع هذا القانون تأطير جل هذه‬
‫المعامالت والعقود في كل جزئياتها فكان البد من اللجوء للقوانين الخاصة‪ ،‬وهذا ما سيجعلنا‬
‫نتحدث في (الفقرة األولى) عن عقد الكراء بين قانون االلتزامات والعقود والقوانين الخاصة‬
‫في حين سنخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن عقد البيع بين القواعد العامة والقوانين‬
‫الخاصة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عقد الكراء بين قانون االلتزامات والعقود وبعض القوانين الخاصه‬
‫إن المشرع المغربي إبان وضعه لقانون االلتزامات والعقود قسمه إلى كتابين إثنين األول‬
‫متعلق بالنظرية العامة لاللتزام‪ ،‬في حين أفرد الكتاب الثاني باسم العقود المسمات‪ ،‬هذه األخيرة‬
‫التي لم تأتي تسميتها عبثا وإنما لكثره انتشارها بين الناس وألهميتها االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫فارتأى بذلك المشرع تنظيمها واحاطتها بالحماية والعناية الالزمة‪ ،‬ومن بين هذه العقود‬
‫المسماة التي نظمها المشرع المغربي في قانون االلتزامات والعقود نجد عقد الكراء وذلك من‬
‫الفصول ‪ 626‬إلى الفصل ‪ 721‬فيعرف بذلك قانون االلتزامات والعقود عقد الكراء بانه عقد‬
‫يترتب عنه انتفاع الشخص بملك الغير لمدة محدده مقابل اجرة معينه وهو عقد ينصب على‬
‫‪1‬‬
‫منفعة الشيء وليس امتالكه‬

‫‪ 1‬ينص الفصل ‪ 627‬من قانون االلتزامات والعقود على أنه " الكراء عقد بمقتضاه يمنح احد طرفيه لألخر منفعة منقول أو عقار خالل مدة معينه‬
‫في مقابل أجرة محدده يلتزم اآلخر بدفعها له"‬

‫‪3‬‬
‫أ – خصائص عقد الكراء ‪ :‬يمتاز بعدة خصائص والمتمثلة في كون عقد الكراء يلزمه‬
‫تراضي عاقديه على العناصر الثالثة وهي منفعة الشيء المؤجر والذي يجب أن يمتاز بعدم‬
‫القابلية لالستهالك‪ ،‬وكذا المدة باإلضافة إلى األجرة‪ .‬كما أنه من عقود اإلدارة وهو ملزم‬
‫للجانبين‪ ،‬ثم يمتاز بكونه عقد شخصي أي ال ينشا إال لصالح المكتري اتجاه المكري كون‬
‫‪2‬‬
‫الحق الشخصي ال يتحول للعموم‬

‫ب – أركان عقد الكراء‪ :‬وعقد الكراء شأنه شأن العقود األخرى يمتاز بعدة أركان وهي الرضا‬
‫واألهلية والسبب والمحل‪.‬‬

‫‪-‬فالرضى يتجسد في اشتراط انعقاد هذا العقد صدور االيجاب والقبول من طرفيه بتراضيهما‬
‫عن الشيء المؤجر األجرة‪ ،‬وغيرها من شروط العقد األخرى‪ ،‬ومن شروط التراضي األهلية‬
‫فبالنسبة للمكتري يكفي أن تكون لديه أهلية اإلدارة بتمام ‪ 18‬سنة شمسية كاملة وكذلك تثبت‬
‫للبالغ ‪ 16‬سنة المرشد‪ ،‬وكذلك القاصر المأذون له بالتصرف في جزء من أمواله بقصد‬
‫التجربة‪ ،‬كذلك خلو اإلرادة من عيوب الغلط والتدليس واالكراه والغبن‪.‬‬

‫أما الركن الثاني وهو المحل والذي يحمل صورتين وهما الثمن والشيء المؤجر هذا االخي‪8‬‬
‫الذي يجب أن يكون موجودا أو قابال للوجود ومعينا أو قابال للتعيين‪ ،‬ثم أن يكون مشروعا‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عدم قابلية الشيء المؤجر لالستهالك‪ ،‬ثم األجرة والتي يجب أن تكون موجودة‪،‬‬
‫و تكون معينة أو قابلة للتعيين‪ ،‬وأن يكون التعامل فيها جائز قانونا‪ ،‬أما السبب فهو أيضا يجب‬
‫‪3‬‬
‫أن يكون مشروعا‬

‫وليس ببعيد عما ذكرنا فالفصل ‪ 629‬من قانون االلتزامات والعقود بين الوسيلة اإلثباتية‬
‫للعقارات والحقوق العقارية التي ال تتم إال بالكتابة إذا عقدت لمدة تفوق سنة وإال اعتبر الكراء‬
‫غير محدد المدة‪.4‬‬

‫‪ 2‬عبد الكريم شهبون‪ :‬الشافي في قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الكتاب الثاني العقود المسماة وما يشابهها‪ ،‬الجزء الثاني االجارة‪-‬والحراسة‪-‬‬
‫العارية‪ ،‬مطبعة النجاح الدار البيضاء‪ ،‬ط ‪ ،2018‬ص‪ 16‬و ‪15‬‬
‫‪ 3‬صباح بنقدور‪ :‬محاضرات في العقود المسماة‪ ،‬السنة الجامعية ‪2023 /2022‬‬
‫‪ 4‬أنظر الفصل ‪629‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ج – أما فيما يخص الحق في الكراء فقد أشار لذلك الفصل ‪ 630‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫فنص على أن المالك هو من له الحق في الكراء‪ ،‬إال أنه قد يكون أشخاص آخرون من قبيل‬
‫صاحب الحق في االنتفاع‪ ،‬والمالك على الشياع ألكثر من ثالث أرباع على األقل‪ ،‬كذلك‬
‫‪5‬‬
‫المكتري إذا لم يكن شرط مانع يمنعه من ذلك‪ ،‬ثم الدائن المرتهن رهنا حيازيا‬

‫ه – أما عن آثار عقد الكراء فهو ال شك يولد التزامات بين عاقديه‪ ،‬فإذا نظرنا إلى التزامات‬
‫المكري فتتمثل في االلتزام بتسليم العين وااللتزام بالصيانة‪ ،‬ثم بضمان التعرض وضمان‬
‫العيوب‪ ،‬أما االلتزامات الواقعة على عاتق المكتري فهي االلتزام بدفع الثمن واستعماله للعين‬
‫فيما أعدت له المحافظة على الشيء المكترى ثم رده على الحالة التي تسلمها عليها‪.‬‬

‫د – أما انتهاء عقد الكراء فينتهي بانتهاء مدته أو بإنجاز الغرض الذي أبرم من أجله دون‬
‫اعتبار المدة الزمنية كما ينتهي بالفسخ إذا تحقق الشرط الفاسخ أو ابطاله‪.6‬‬

‫هذه كمقتضيات عامة منظمة في قانون االلتزامات والعقود بحيث تبقى قاصرة في تحقيق‬
‫الغاية المنشود‪ ،‬بحيث أنها لم تحقق الحماية القانونية التي كان يبتغيها المشرع في هذا النوع‬
‫من العقود فارتأى بذلك تنظيمها في قوانين خاصة وذلك نظرا ألهمية عقد الكراء ونظرا‬
‫النتشاره في المجتمع‪ ،‬بالنظر لحاجة الناس إلى السكن واالستقرار في آن واحد‪ ،‬األمر الذي‬
‫دفع مختلف التشريعات إلى تنظيم العالقة بين المكري والمكتري على ضوء النظام‬
‫‪7‬‬
‫االقتصادي‪ ،‬واالجتماعي‪ ،‬والسياسي السائد في كل دولة‬

‫ومن ثم يمكن القول أن هذا االهتمام التشريعي بعقد الكراء يرجع الرتباطه الوثيق بسياسة‬
‫السكن في مختلف الدول وقد ابتدع المشرع المغربي مجموعة من القوانين الخاصة األخرى‬
‫المتعلقة بعقد الكراء والمتمثلة أساسا في القانون رقم ‪ 49.16‬المتعلق بالكراء التجاري‬
‫والقانون ‪ 67.12‬متعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت المعدة‬
‫السكنى واالستعمال المهني‪.‬‬

‫‪ 5‬صباح بنقدور‪ :‬محاضرات العقود المسماة‪ ،‬السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬


‫‪ 6‬المرجع نفسه‬
‫‪ 7‬فايز عبد هللا الكندري‪ :‬االمتداد القانوني لعقد االيجار في القانون الكويتي‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬مجلس النشر العلمي جامعة الكويت‪ ،‬العدد الثاني ‪،2000‬‬
‫ص ‪13‬‬

‫‪5‬‬
‫أوال ‪:‬القانون ‪ 67.12‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري و المكتري للمحالت‬
‫المعدة السكنى واالستعمال المهني‪ ،‬فتطبق مقتضيات هذا القانون على‪:‬‬

‫أكرية المحالت معدة للسكنى أو االستعمال المهني مؤثثة أو غير مؤثثة والتي تفوق مدة‬
‫‪8‬‬
‫كراءها ‪ 30‬يوما ومرافقها التي ال تخضع لتشريع خاص‬

‫حدد هذا القانون وسيلة إلثبات الكراء في حالة النزاع هي الكتابة على محرر ثابت التاريخ‬
‫‪9‬‬
‫سواء كان عرفيا أو رسميا مع وجوب أن يتضمن عدة بيانات‬

‫أما بالنسبة آلثار الكراء‪ ،‬فيولد بذلك عقد الكراء التزامات متبادلة بين كل من المكري‬
‫والمكتري وتتمثل التزامات المكري في اإللتزام بتسليم المحل‪ ،‬وااللتزام بالضمان‪ ،‬ثم تسليم‬
‫وصل موقع من طرفه أو وكيله‪ ،‬يتضمن تفصيال للمبالغ المؤداة من طرف المكتري مع‬
‫تمييزها عن التكاليف‪.‬‬

‫أما التزامات المكتري فتتمثل أساسا في دفع الواجبة الكرائية وكذلك التكاليف الكرائية المتفق‬
‫عليها بمقتضى العقد أو القانون‪.‬‬

‫وفيما يخص االنتهاء فال ينتهي إال بعد االشعار باإلفراغ وتصحيحه عند االقتضاء‪ ،‬ومن‬
‫أسباب إنهاء عقد الكراء هي باإلفراغ من أجل السكنى ومن أجل الهدم‪ ،‬ثم إدخال تغييرات‬
‫هامة عليه‪ ،‬باإلضافة إلى التماطل في األداء‪ ،‬مع احتفاظ المكتري بحق األسبقية في الرجوع‬
‫إلى المحل بعد افراغه‪ ،‬كما ينتهي عقد الكراء بالفسخ وحاالته فسخ الكراء بسبب الوفاه‪ ،‬فسخ‬
‫‪10‬‬
‫الكراء إلخالل المكتري بااللتزامات التي يرتبها العقد ثم فسخ الكراء لتولية المحل‬

‫أما عن امتداده فإنه يستمر بدون انقطاع لصالح المكتري‪ ،‬وال يحق للمكري المطالبة باإلفراغ‪،‬‬
‫باستثناء إذا لم يؤدي االلتزامات الملقاة على عاتقه أو تحقق للمكري أحد أسباب االنهاء والفسخ‪،‬‬
‫وفي حالة وفاة المكتري فإنه يستمر لفائدة زوج المتوفى وفروعه وأصوله المباشرين من‬
‫الدرجة األولى‪ ،‬والمكفول‪ ،‬و الوصي‪.‬‬

‫‪ 8‬أنظر المادة األولى من القانون ‪ 67.12‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري و المكتري للمحالت المعدة للسكنى واالستعمال المهني‬
‫‪ 9‬أنظر المادة الثالثة من القانون ‪ 67.12‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري و المكتري للمحالت المعدة للسكنى واالستعمال المهني‬
‫‪ 10‬صباح بنقدور‪ :‬محاضرات في العقود المسماة‪ ،‬السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬

‫‪6‬‬
‫أما عن مسطرة االفراغ فتتم وفقا لآلتي ‪:‬‬

‫اوال‪ :‬شمول االشعار لمجموع المحل المكترى بكل مرافقه‬

‫ثانيا‪ :‬بيان أسبابه واإلشارة إلى أجل الشهرين على األقل‬

‫أما إذا تبين للمكتري أن االفراغ بسبب غير صحيح فإن للمكتري مطالبة المكري بتعويض‬
‫يساوي الضرر الذي لحقه نتيجة ذلك على أن ال يقل عن الواجبة الكرائية لسنة‬

‫ثانيا‪ :‬القانون ‪ 49.16‬المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري‬


‫أو الصناعي أو الحرفي‪.‬‬

‫هذا القانون الذي تضمن ‪ 38‬مادة موزعة على عشر أبواب سنقتصر على بعضها بدءا بمجال‬
‫تطبيق هذا القانون الذي نصت عليه المادة األولى‪ ،‬فيطبق بذلك على‪:‬‬

‫‪ -‬عقود كراء العقارات أو المحالت التي يستغل فيها أصل تجاري في ملك تاجر أو حرفي‬
‫أو صانع‬

‫‪ -‬عقود كراء العقارات أو المحالت الملحقة بالمحل الذي يستغل فيه األصل التجاري وفي‬
‫حال تعدد المالكين فإن ضم استغالل المحل الملحق بالمحل األصلي يجب أن يكون بموافقة‬
‫مالكي العقار الملحق األصلي وفي هذا الصدد ذهب قرار لمحكمة النقض مفاده بأنه" لما كان‬
‫السبب الذي استند عليه الطاعنون في طلب افراغ المطلوبة كما هو مضمن باإلنذار الذي‬
‫وجهه إليها هو قيامها بتقسيم المحل إلى قسمين منفصلين بحيث أبقت على جزء منه للنشاط‬
‫األصلي ‪ -‬قاعة الرياضة‪ -‬والجزء الثاني المحدث عشوائيا لنشاط الطباعة والنسخ معتبرين‬
‫أنها أ حدثت بذلك أصال تجاريا في محل واحد وهو مخالف لبنود العقد‪ ،‬فإن محكمة االستئناف‬
‫مصدرة قرار محكمة النقض المطعون في محل واحد ومخالفة لبنود العقد فان محكمة‬
‫االستئناف مصدرة قرار محكمة النقض المطعون فيه لما تبين لها من عقد االتفاق المبرم‬

‫‪7‬‬
‫بين الطرفين بتاريخ ‪ 8‬أبريل ‪ 1985‬إنما قامت به المطلوبة ال يشكل مخالفة لالتفاق المذكور‬
‫ردت عن صواب دفوع الطاعنين ‪.11‬‬

‫‪-‬كذلك يسري هذا القانون على كراء األراضي العقارية التي شيدت عليها إما قبل الكراء أو‬
‫بعده بنايات الستغالل أصل تجاري بشرط الموافقة الكتابية‪.‬‬

‫‪ -‬عقود كراء العقارات والمحالت الخاصة باالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي‪ ،‬مع‬
‫‪12‬‬
‫مراعاه بعض االستثناءات الواردة في المادة الثانية من القانون ‪49.16‬‬

‫‪ -‬العقارات أو المحالت التي تمارس فيها مؤسسات التعليم الخصوصي نشاطها أو التي تمارس‬
‫فيها التعاونيات نشاطا تجاريا وكذا على العقارات أو المحالت التي تمارس فيها المصحات‬
‫والمؤسسات المماثلة لها نشاطها‪.‬‬

‫‪ -‬العقارات أو المحالت التي يمارس فيها النشاط الصيدلي والمختبرات الخاصة للتحاليل‬
‫البيولوجية الطبية وعيادات الفحص باألشعة‪.13‬‬

‫إن القراءة المتأنية للقانون ‪ 49.16‬تجعلنا نكشف عن مستجد جاء به المشرع والمتمثل في‬
‫فرض الكتابة من خالل تطلبه تحرير العقد بمحرر ثابت التاريخ كما جعل شرط المدة المتطلب‬
‫‪14‬‬
‫الستفادة المكتري من تجديد العقد موحد بالنسبة لكافه العقود‬

‫أما فيما يخص تحديد الواجبة الكرائية للعقارات المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي‬
‫أو الحرفي‪ ،‬فهي متروكة لتراضي األطراف عليها‪ ،‬إال أنه وضع قاعدة مكمله إلرادة طرفي‬
‫العقد بحيث افترض المشرع اعتبار التحمالت من مشموالت الواجبة الكرائية عند عدم‬
‫التنصيص على الطرف الملزم بها‪.‬‬

‫‪ 11‬قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪ 2008‬في الملف التجاري عدد ‪1096/3/2/2005‬‬
‫‪ 12‬أنظر المادة ‪ 2‬من القانون ‪. 49.16‬‬
‫‪ 13‬أنظر المادة األولى من القانون ‪ 49.16‬المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي‬
‫‪ 14‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ :‬قانون العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب الثاني العقود الواردة على منفعة الشيء‪ ،‬عقد الكراء وفق المبادئ العامة‪ ،‬مطبعه النجاح‪،‬‬
‫ط ‪ ،2020‬ص ‪209‬‬

‫‪8‬‬
‫وينتهي عقد الكراء كما هو الشأن للمحالت المعدة للسكنى واالستعمال المهني‪ ،‬ال بد من أن‬
‫يسبق االنتهاء‪ ،‬االشعار باإلفراغ ومن أسباب االفراغ التي خولها المشرع في هذا القانون‬
‫‪15‬‬
‫إمكانية طلب االفراغ بناء على أي سبب كان حتى ولو كان واهيا‬

‫أما عن حاالت الحق في الرجوع عند إنهاء العقد‪ ،‬فتتمثل في االفراغ من أجل الهدم واعاده‬
‫البناء‪ ،‬كذلك المحالت اآليلة للسقوط‪ ،‬ثم توسيع المحل أو تعليته‪ ،‬فالحاالت هذه يحتفظ المكتري‬
‫‪16‬‬
‫بحق الرجوع إليها بعد إجراء هذه التعديالت على المحل المكترى‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عقد البيع‬


‫عرف المشرع المغربي عقد البيع في الفصل ‪ 478‬من قانون االلتزامات والعقود بأنه "عقد‬
‫بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين لألخر ملكية شيء أو حق مقابل ثمن يلتزم االخر بدفعه"‬

‫ومن خالل التعريف الذي جاء به المشرع المغربي لعقد البيع يمكن القول بأنه يمتاز بعدة‬
‫خصائص والمتمثلة أساسا في أنه من العقود التي نبتت فيه بذرة رضائية العقود إذ العقد‬
‫شريعة المتعاقدين وفيه نمت وازدهرت‪.17‬‬

‫باإلضافة إلى أنه عقد ملزم للجانبين اي ينشئ التزامات متبادلة بين عاقديه ونتيجة لهذه‬
‫الخاصية يظهر أنه إذا بطل التزام أحدهما بطل معه التزام الطرف اآلخر‪ ،‬واذا انقضى التزام‬
‫أحدهما الستحالة الوفاء مثال انفسخ العقد‪ ،‬وانقضى التزام الطرف االخر‪ ،18‬كذلك هو من‬
‫عقود المعاوضة يتم مقابل ثمن نقدي‪ ،‬دون اغفال بأنه عقد ناقل للملكية‬

‫أما بالنسبة ألركانه فهو كسائر العقود يتطلب الرضا واستنادا على الفصلين ‪ 19‬و ‪ 488‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود فإن عقد البيع من العقود الرضائية حيث يتطلب توافق ارادتي البائع‬
‫والمشتري على العناصر الجوهرية المكونة للعقد اما العناصر الثانوية فيمكن ان تكون محل‬

‫‪ 15‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪219‬‬


‫‪ 16‬أنظر الباب الرابع من القانون ‪ 49.16‬المعنون بحاالت الحق في الرجوع وذلك من المادة ‪ 9‬إلى المادة ‪18‬‬
‫‪ 17‬عبد الرحمن بلعكيد‪ :‬وثيقة البيع بين النظر والعمل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة (الدار البيضاء)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،2000‬ص ‪19‬‬
‫‪ 18‬كما اذا امتنع احدهما عن تنفيذ التزامه جاز للطرف االخر ان يتوقف عن تنفيذ التزامه المقابل او المطالبة بفسخ العقد‬
‫راجع بهذا الخصوص‪:‬‬
‫سليمان مرقس‪ :‬العقود المسماة ‪ -‬عقد البيع‪ ،-‬دار الكتب القانونية الشتات‪ ،‬ط ‪ ،1990‬ص ‪23‬‬

‫‪9‬‬
‫اتفاق‪ ،‬كما يتطلب لصحة التراضي أن يكون الطرفان متمتعان بأهلية البيع والشراء وتكون‬
‫ارادتهما خالية من العيوب‪.‬‬

‫أما بالنسبة للمحل فيتخذ صورة المبيع بالنسبة للبائع والثمن بالنسبة للمشتري بحيث يشترط‬
‫في المبيع أن يكون موجودا أو قابال للوجود‪ ،‬وأن يكون معينا أو قابال للتعيين‪ ،‬وأن يكون في‬
‫دائرة التعامل‪ ،‬وأخيرا أن يكون مملوكا للبائع‪.‬‬

‫في حين أن الثمن فهو المبلغ النقدي الذي يلتزم المشتري بدفعه للبائع مقابل الشيء المشترى‬
‫إذ بدون الثمن ال وجود للبيع ‪ ،19‬إضافة إلى أنه يشترط فيه أن يكون نقديا وأن يكون محددا‬
‫أو قابال للتحديد‪ ،‬وأن يكون الثمن جديا‪.‬‬

‫أما بخصوص التزامات البائع والمشتري فاألول يلتزم بتسليم الشيء المبيع وضمانه والثاني‬
‫يلتزم بأداء الثمن وااللتزام بتسلم المبيع طبقا للفصل ‪ 576‬من القانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن هذه القواعد العامة المنظمة في قانون االلتزامات والعقود لم تكن كافية أمام‬
‫هذا التزايد الكبير لعقد البيع إذ أصبح يالمس كل مجاالت الحياة‪ ،‬فكان البد للمشرع من التدخل‬
‫وتنظيمه بنصوص قانونية خارجة عن قانون التزامات والعقود‪ ،‬ونمثل له بقانون حماية‬
‫المستهلك رقم ‪ ،31.08‬الذي تم التنصيص في مختلف نصوصه على عقد البيع‪.‬‬

‫فرجوعا إلى الباب الثالث منه فقد نظم فيه البيع خارج المحالت التجارية‪ ،‬فيجب بذلك أثناء‬
‫عملية البيع هذه أن يكون العقد مكتوبا ويسلم نظير منه إلى المستهلك وذلك لتسهيل ممارسة‬
‫حق التراجع‪ ،‬مع وجوب توقيع المستهلك بخط يديه جميع نظائر العقد ويؤرخها واستثناء من‬
‫الفصل ‪ 604‬من قانون االلتزامات والعقود فإنه يجوز للمستهلك التراجع داخل أجل اقصاه‬
‫سبعة أيام ابتداء من تاريخ الطلبية أو االلتزام بالشراء‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫وأي شرط يمنع المستهلك من ممارسة حق التراجع يعد باطال‬

‫‪ 19‬محمود جمال الدين زكي‪ :‬عقد البيع في القانون المدني‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬ط ‪ ،1975‬ص ‪131‬‬
‫‪ 20‬أنظر المادة ‪ 49‬من القانون رقم ‪ ،31.08‬المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك‬

‫‪10‬‬
‫وفي هذا القانون نفسه في الباب الرابع تم تخصيص للبيع بالتخفيض والذي عرفته الماده ‪53‬‬
‫منه بأنه يراد بالبيع بالتخفيض حسب مدلول هذا القانون" البيع المقترن أو المسبوق بإشهار‬
‫والمعلن عنه باعتباره يهدف إلى التصريف السريع للمنتوجات والسلع المخزونة عن طريق‬
‫تخفيض السعر‪،‬‬

‫وال يجوز أن يتم البيع بالتخفيض إال إذا كان مقترنا بإعالن واضح للفظة( تخفيض) مع‬
‫وجوب تضمين المورد في أماكن البيع لها ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬المنتوجات والسلع التي يشملها التخفيض‬

‫‪ -‬السعر الجديد المطبق والسعر القديم الواجب التشطيب عليه‬

‫‪ -‬مدة التخفيض مع تحديد بدايته ونهايته‪.21‬‬

‫وقد خصص هذا القانون الباب الخامس للحديث عن البيع أو الخدمة مع المكافأة حسب الماده‬
‫‪ 56‬من هذا القانون فإنه يمنع القيام ببيع منتوجات أو سلع أو عرضها للبيع او تقديم خدمة أو‬
‫عرضها على المستهلك إذا كانت تخول الحق في الحصول بالمجان على الفور أو ألجل على‬
‫مكافأة تتكون من منتوجات أو سلع أو خدمات ما عدا اذا كانت مماثلة للمنتوجات والسلع‬
‫والخدمات محل البيع أو الخدمة وال يطبق هذا المقتضى على األشياء البسيطة والخدمات‬
‫الزهيدة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬تجليات تشتت النصوص في المادة التجارية ‪:‬‬


‫سنتناول في هذا المطلب مدونة التجارة كأصل جامع للقوانين المتفرقة عنه بإعطاء نبذة عن‬
‫كتبها الخمسة و أقسام هذه الكتب و الحديث عن قانون الملكية الصناعية رقم ‪17.97‬‬
‫المتعلق بحماية الملكية الصناعية و تجليات انفصاله عن مدونة التجارة و أيضا الحديث عن‬
‫القانون البنكي رقم ‪ 103.12‬و أيضا قانون التأمين ‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬مدونة التجارة‬
‫تعتبر مدونة التجارة المغربية المكونة من خمس كتب‪ ،‬المحتضنة أو المنظمة في الكتاب‬
‫األول األحكام العامة ‪،‬فيما يتعلق بالقواعد المتعلقة باألعمال التجارية و المصادر التي يعود‬
‫القاضي إليها لفض النزاعات التي تقع بصدد المعامالت التجارية ‪،‬ثم القسم الثاني المتعلق‬
‫باكتساب الصفة التجارية للتاجر‪ ،‬ثم القسم الثالث المنظم لألهلية التجارية الذي نص في‬
‫‪ 21‬أنظر المادة ‪ 54‬من قانون حماية المستهلك‪ ،‬رقم ‪31.08‬‬

‫‪11‬‬
‫مضمونه على أن االهلية التجارية هي ‪ 18‬سنة شمسية كاملة طبقا لما جاء في مدونة األسرة‬
‫سيما المادة ‪ 209‬منها ‪ 22‬وهذا السن يسري على التجار سواء مغاربة أو أجانب رغم أن‬
‫هناك مسطرة معلومة يستفيد منها هذا األخير لمزاولة النجارة ولو لم يبلغ سن الرشد‬
‫القانوني‪ ،‬وما يتعلق بأهلية الصغير المميز المؤذون له و المرأة المتزوجة التي ال تحتاج في‬
‫ممارستها إلذن من زوجها ‪ ،‬باالنتقال الى القسم الرابع المتعلق بالتزامات التاجر من مسك‬
‫محاسبة و المحافظة على المراسالت و القيد في السجل التجاري ‪ ،‬ثم ننتقل للكتاب الثاني‬
‫المنضم لألصل التجاري ثم الكتاب الثالث المنظم لألوراق التجارية ‪ ،‬من كمبيالة و السند‬
‫ألمر ثم الشيك ‪ ،‬و بعد ذلك الكتاب الرابع المتضمن للعقود التجارية المتجلية في عقد الوكالة‬
‫التجارية مرورا بعقد السمسرة و الوكالة بالعمولة و االئتمان اإليجاري و عقد النقل و كذلك‬
‫ما يتعلق بالعقود البنكية وبذلك وصوال الى الكتاب الخامس المتعلق بمساطر صعوبات‬
‫المقاولة المتمحور حول مسطرة الوقاية الداخلية و الوقاية الخارجية ثم مسطرة اإلنقاذ و‬
‫كذلك ما يتعلق بمسطرة التسوية القضائية و بالتصفية القضائية ‪.‬‬
‫وهذا لنضع القارئ في الصورة إلنضاج تصوره‪ ،‬لنعالج في الفقرات االتية القوانين المتشتة‬
‫عن القانون التجاري ‪ ،‬و ذلك بقول األستاذ فؤاد معالل بأنه يشتمل القانون التجاري كافة‬
‫المواضيع المتعلقة بالعمل التجاري و بالتاجر ‪ ،‬غير أنه يالحظ أنه منذ حوالي أربعين سنة‬
‫عرفت دراسة هذا الفرع نوعا من التشتت ‪ ،‬إذ كان ينظر إليه كفرع واحد متجانس إلى‬
‫جانب فروع القانون األخرى أصبح ينطر اليه بمنظور تجزيئي ‪ ،‬ويمكن أن نجمع هذه‬
‫األجزاء التي تشتت إلها الدراسة القانونية التجارية في محورين ‪:‬‬
‫‪23‬‬
‫يتعلق أساسا بالمؤسسة التجارية ‪ ،‬والبعض االخر ينصب حول دراسة محيطها‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬قانون الملكية الصناعية‪:‬‬
‫قانون الملكية الصناعية هو القانون الذي ينظم الحقوق الواردة على براءات االختراع‪،‬‬
‫التصاميم التي تشكل الدوائر المندمجة‪ ،‬و الرسوم و النماذج الصناعية ‪ ،‬و عالمات الصنع‬
‫التجارية أو الخدمة ‪ ،‬واالسم التجاري ‪ ،‬وبيانات المصدر و تسميات المنشأ‪ ،‬ولكل حق من‬
‫هذه الحقوق نضامه القانوني الخاص‪. 24‬‬
‫وبالن ضر لألهمية الكبيرة لهذه الحقوق في الزمن المعاصر‪ ،‬حيث أن اإلنتاج و التجارة‬
‫أصبحا يعتمدان بشكل كبير على اإلبداع و االبتكار لهذه العالمات التجارية التي تعتبر‬
‫واجهة ترويجية في األسواق العالمية‪ ،‬لذلك كان من الضروري أن تعمل التشريعات على‬
‫وضع نظام حمائي يمنع التعدي عليها صونا للوقت و الجهد و األموال التي بدلت في‬
‫إنجازها‪ ،‬وبالتالي ضمانا لقيام مستوى من االبتكار و المنافسة داخل االقتصاد بما يكفل‬
‫تقدمه‪.‬‬
‫و علت عرضنا لهذه التوطئة أن العالمة التجارية أو االسم التجاري أو براءة االختراع هم‬

‫‪ 22‬طهير شريف رقم ‪ 1.96.83‬صادر في ‪ 15‬من ربيع األول ‪ 1417‬فاتح أغسطس ‪ 1996‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة ‪.‬‬
‫‪ 23‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد الجزء األول نظرية التاجر و النشاط التجاري ‪،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪،‬الطبعة الخامسة‬
‫‪،2016‬دار االفاق المغربية ص‪14:‬‬
‫‪ 24‬فؤاد معالل م س ص‪280:‬‬

‫‪12‬‬
‫من العناصر المعنوية لألصل التجاري‪ ،‬ولكن نجد القانون رقم ‪ 17.97‬المتعلق بحماية‬
‫الملكية الصناعية خو من يؤطرهم قانونا‪ ، 25‬السيما فيما يتعلق بحماية الحقوق التي تنصب‬
‫على المبتكرات‪ ،‬ومنها براءة االختراع‪ ،‬وهي سند ملكية صناعية تسلمها السلطة العمومية‬
‫المختصة للمخترع أو لذوي حقوقه فيخول صاحبها حقا استئثاريا الستغالل اختراعه‬
‫‪،‬وينضم كذلك تصاميم تشكل طبغرافيا الدوائرالمندمجة ‪ ،‬ومنها الرسوم و النماذج الصناعية‬
‫وهي مبتكرات جديدة‪ ،‬وينضم هذا األخير أيضا ما يتعلق بحماية الملكية الصناعية كعالمات‬
‫الصنع أو التاجر للسلعة التي يسوقها‪ ،‬أو صاحب الخدمة للخدمة التي يقدمها لتمييزها عن‬
‫غيرها ‪ ،‬بحيث تصبح مع مرور الوقت دليال على المنتج أو السلعة و الخدمات‪ ،‬وعلى‬
‫مستوى جودتها فتمكن من جلب الزبائن و الحفاظ عليهم {مثل‪ :‬داسيا‪ ،‬وينكسو ‪ }...‬وتنص‬
‫المادة ‪ 133‬من قانون الملكية الصناعية {‪ ...‬كل شارة قابلة للتجسد تمكن من تمييزمنتجات‬
‫أو خدمات شخص طبيعي أو معنوي} ‪ 26‬لهذا القانون رقم ‪ 17.95‬دور كبير في حماية‬
‫عناصر معنوية من األصل التجاري كبراءة االختراع و العالمات التجارية و االسم‬
‫التجاري ‪ ...‬من استعمال لغير أصحابها ‪ ،‬ومناط القول بأن عناصر األصل التجاري منظم‬
‫في مدونة التجارة كبنيان ولكن حمايته القانونية نجدها في قانون أخر و هو ‪ 17.95‬وخذه‬
‫أكبر دليل على تشتت النصوص في المادة التجارية‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون البنكي‪:‬‬
‫يلعب القانون البنكي دورا مهما في تحريك عجلة االقتصاد الوطني‪ ،‬التي تدور حول النقود‬
‫و االئتمان ‪ ،‬من خالل تنظيمه للمهنة البنكية‪ ،‬وكذا تحكمه في حركة النقود و الرساميل‬
‫داخل السوق الوطني ‪ ،‬وذلك من خالل مقتضيات قانونية تساهم في تخليق الحياة االقتصادية‬
‫‪27‬‬
‫للدولة‪.‬‬
‫والقانون البنكي تم تنظيمه بموجب القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان و‬
‫الهيئات المعتبرة في حكمها‪ 28‬بدأ بتعريف مؤسسات االئتمان التي تعتبر بكونها األشخاص‬
‫االعتبارية التي تزاول نشاطها في المغرب وتأخد شكل شركة المساهمة‪ ،‬أيا كان موقع‬
‫مقرها االجتماعي ‪،‬والتي تزاول بصفة اعتيادية نشاطا واحدا أو أكثر ‪ ، ...‬وقد حدد المشرع‬
‫المغربي مؤسسات االئتمان بموجب المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 103.12‬في صنفين من‬
‫المؤسسات وهي البنوك و شركات التمويل ‪.‬‬
‫و البنك كمصطلح تم التنصيص عليه في الفقرة السابعة من المادة السادسة بمدونة التجارة‬
‫باعتباره عمال تجاريا أصليا‪ ،‬وما تم التنصيص عليه كذلك في الباب األول من الكتاب‬
‫الرابع من مدونة التجارة فيما يخص الحساب البنكي في المادة ‪ 487‬من مدونة التجارة ‪،‬‬

‫‪ 25‬ظهير شريف رقم ‪ 1.00.19‬صادر بتاريخ ‪ 9‬ذي القعدة ‪ 15‬فبراير ‪ 2020‬بتنفيذ القانون ‪ 17.97‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية‬
‫‪ 26‬جان بول رازون‪ ،‬حماية العالمات في القانون المغربي‪،‬المجلة المغربية للقانون‪ ،‬العدد ‪ 1987،14‬ص‪195 :‬‬
‫‪ 27‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬المعين في فهم القانون البنكي المغربي‪ ،‬الطبعة األولى نونبر ‪ ،2015‬المطبعة طوب بريس ‪ .‬الرباط ص‪13:‬‬
‫‪ 28‬القانون رقم ‪ 103,12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها الصادر بتاريخ فاتح ربيع األول ‪ 24 1436‬ديسمبر ‪2014‬‬
‫الصادر بتنفيد الضهير الشريف رقم ‪193.14.1‬‬

‫‪13‬‬
‫وتم ذكره كذلك في المادة ‪ 18‬من مدونة التجارة ‪ ، 29‬و كذلك هناك نصوص ظهير‬
‫االلتزامات و العقود المرتبطة بالفائدة البنكية كما جاء في الفصل ‪ 780‬منه على أنه {‬
‫اشتراط الفائدة بين المسلمين باطل و مبطل للعقد الذي نظمه‪ ، 30 }...‬وكذلك النصوص‬
‫المتعلقة بحماية المستهلك وأخذا على سبيل المثال المادة ‪ 69‬منه التي تنص على { مع‬
‫مراعات المادة ‪ 70‬أدناه تطبق أحكام هذا الفصل على كل قرض استهالكي باعتباره أي‬
‫عملية قرض ‪ ،‬ممنوح بعوض أو بالمجان ‪}...‬‬
‫و بعد ذكر بعض مظاهر تشتت النصوص المنضمة للمؤسسات البنكية سننتقل للحديث عن‬
‫قانون التأمين‬
‫الفقرة الرابعة‪ :‬قانون التأمين‪:‬‬
‫التأمين مصدر أمان من حيث أنه يهدف إلى جعل اإلنسان في مأمن من المخاطر و األفات‬
‫التي تهدده‪.‬‬
‫فاإلنسان يواجه في حياته اليومية عددا كبيرا من المخاطر غير المتوقعة ‪ ،‬منها ما يرتبط‬
‫‪31‬‬
‫بحياته العادية ونها ما يرتبط بنشاطه المهني تبعا لنوع ذلك النشاط‬
‫التأمين كمؤسسة تم تنظيمها في زمرة من القوانين بدأ من مدونة التجارة التي تم تنظيمه في‬
‫الفقرة الثامنة من المادة السادسة على أن عملية التأمين باألقساط الثابتة تعتبر عمال تجاريا‬
‫أصليا‪ ،‬وكذلك نجده منظم في مدونة التأمين بالقانون رقم ‪ 17.99‬المتعلق بمدونة التأمين‪،‬‬
‫الذي نظم التأمين ضد الحريق و تأمين األشخاص ‪...‬‬
‫و منظم في مدونة الشغل كالتأمين االجتماعي وهو الذي يهدف إلى حماية مصالح الطبقة‬
‫العاملة‪ ،‬فيحميها من أخطار العمل الذين هم بصدد القيام به‪ ،‬ومن المرض‪ ،‬تم العجز بسبب‬
‫الكبر في السن‪ ،...‬لذلك فهو يقوم التضامن االجتماعي ‪ ،‬إلى جانب العمال هنالك أرباب‬
‫العمل المعنيين باألمر مباشرة‪ ،‬الذين يساهمون في تمويله عن طريق تحميلهم نسبة من‬
‫اإلشتراكات‪ ،‬و الدولة التي تتولى أمرتنظيمه وإدارته ومراقبته‪ ،‬ويتواله في المغرب‬
‫الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‪ ،‬وهو من حيث نوع المخاطر التي يهتم بها‪ ،‬غالبا ما‬
‫يقتصر على تغطية المخاطر التي تهدد اإلنسان في شخصه‪{ ،‬مرض‪ ،‬عجز‪ }...،‬أي التأمين‬
‫على األشخاص‪ ،‬وهو ال يخضع ألحكام عقود التأمين الخاصة‪ ،‬واإلطار القانوني لدراسته‬
‫هو قانون الشغل‪ 32 ،‬وينظمه كذلك ظهير ‪ 1984.10.02‬بمثابة قانون يتعلق بتعويض‬
‫المصابين في حوادث السير تسببت فيها عربات ذات محرك‪ ،‬تكون خاضعة للتأمين‬
‫لإلجباري‪ ،‬ولكن مالكها لم يقوموا بتأمينها ‪ 33،‬وكذلك جائت به جائحة كورونا من تعميم‬

‫‪ 29‬عبد الرحيم المودن‪ ،‬الدليل القانوني و القضائي للعمل البنكي بالمغرب‪ ،‬منشورات مجلة أنفاس حقوقية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2022‬مطبعة األمنية ‪،‬‬
‫الرباط ص‪111:‬‬
‫‪ 30‬ظهير االلتزامات و العقود الصادر بتاريخ ‪ 9‬رمضان ‪ 12 1331‬أغسطس ‪1913‬‬
‫‪ 31‬فؤاد معالل ‪ ،‬الوسيط في قانون التأمين ‪ ،‬دار االفاق المغربية للنشر و التوزيع ‪ ،‬المطبعة الوطنية زنقة أبو عبيدة المحمدي ‪ ،‬الطبعة الثانية‪2020‬‬
‫ص‪5 :‬‬
‫‪ 32‬فؤاد معالل م س ص‪12:‬‬
‫‪ 33‬محمد خبمو‪ ،‬المرجع في شرح قانون التعويض و التأمين في حوادث السير‪ ،‬الشركة الوطنية لتوزيع الكتاب الممر الملكي حي األحباس الدار‬
‫البيضاء الطبعة الثانية ‪ ،2021‬ص‪13 :‬‬

‫‪14‬‬
‫للحماية االجتماعية عن طريق القانون اإلطار للحماية االجتماعية رقم ‪ ، 09.21‬ومن هنا‬
‫يتضح لنا مناط تشتت النصوص في مجال التأمين حيث نجد التأمين تتجاذبه عدة قوانين ألنه‬
‫ال يمكن تجميع هؤالء القوانين في مدونة جامعة ألن كل قانون له خصوصيته و سياقته‪،‬‬
‫وأسباب نزوله‪ ،‬ومدونة الشغل حملت بين جنبيها تأمين للطبقة العاملة جراء ما تتعرض له‬
‫من أضرار ‪ ،‬وظهير ‪ 1984.10.02‬جاء لتعويض األشخاص الذين أصابهم حادث بواسطة‬
‫عربة ذات محرك غير مؤمنة‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬اثار تشتت نصوص القانون الخاص و بعض الحلول لمعالجتها‬
‫مادام ان القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية فان واقع التطور يفرض عليها التكييف االنسجام‬
‫مع مختلف التغييرات و التحوالت التي يعرفها المجتمع الدولي عامة و المغربي خاصة ‪،‬‬
‫لذلك برزت الى الوجود قواعد قانونية تنظم مجموعة من المعامالت سواء المدنية او التجارية‬
‫او الع قارية ‪ ، ...‬مراهن بذلك على ربح رهان التناسبية القانونية المتمثلة في توفير الحماية‬
‫القانونية الفعالة ‪ ،‬و امام هذا الوضع اضطر المشرع المغربي على اصدار مجموعة من‬
‫النصوص من اجل التلطيف من حدة عدم التوازن التي أصبحت تطبع شتى او اغلب المعامالت‬
‫و المجاالت ‪ ،‬نذكر منها نصوص قانون العقود و االلتزامات وكذا بعض نصوص المادة‬
‫التجارية ‪ ،‬و غيرها كثير يستحيل حصره‪ ،‬بعضها كان شكل إصالحات جزئية و البعض‬
‫االخر حاول تشييده على شكل قوانين جديدة ‪ ،‬هذا التشتت في النصوص القانونية جاء‬
‫بمجموعة من االثار (المطلب األول ) ‪ ،‬التي تتطلب دراسة بعض الحلول لمعالجتها او الحد‬
‫من تأثيراتها السلبية (المطلب الثاني ) ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬اثار تشتت نصوص القانون الخاص‬


‫عرفت بعض نصوص القانون الخاص تراجعا ان لو يكن ركوضا ‪ ،‬وذلك بفعل التحوالت‬
‫االقتصادية و االجتماعية التي عرفها المجتمع ‪ ،‬مما استلزم على المشرع المغربي التدخل من‬
‫اجل اصدار نصوص خاصة ‪ ،‬في العديد من فروع القانون الخاص منها قانون اإللتزامات و‬
‫العقود و كذا المادة ا لتجارية ‪ ،‬الذي جعل منها منتجة لمجموعة من االثار التي سنحاول‬
‫التطرق اليها من خالل كل من قانون اإللتزامات و العقود (الفقرة األولى ) و المادة التجارية‬
‫(الفقرة الثانية )‬

‫‪15‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬اثار تشتت بعض نصوص قانون االلتزامات و العقود‬
‫صدر عن المشرع المغربي في نهاية القرن الماضي عدة قوانين شكلت تنظيمات خاصة‬
‫ألغلب العقود المسماة التي أصبحت تتطور خارج ق ل ع ‪ ،‬هذه القوانين التي جاءت نتيجة‬
‫أصوات نادت بتغيير و تحيين ق ل ع نظرا لتطور الذي يشهده المجتمع المغربي امال فيها‬
‫تحقيق االمن القانونية و استقرار المعامالت ‪ ،‬و يمكن تقسيم اهم هذه العقود الى عقود ناقلة‬
‫للملكية ـعقد البيع ـ ‪ ،‬و عقود واردة على المنفعة ـ عقد الكراء ـ‬

‫أوال ‪ :‬عقد البيع ‪ :‬تماشيا مع التحوالت االقتصادية و االجتماعية التي عرفها المجتمع فان‬
‫القواعد الواردة في ق ل ع لم نعد كفيلة بالحماية ‪ ،‬مما جعل المسرع يعمل على اصدار‬
‫مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم بيوع معينة ‪ ،‬مما ساهم ذلك في تشتت االحكام‬
‫المنظمة لعقد الب يع و اصبحنا نتحدث عن تنظيم عام لعقد البيع وارد في ق ل ع و تنظيم خاص‬
‫وارد في قوانين و نصوص متفرقة ‪ ،34‬هذا التشتت في تنظيم عقد البيع كان له اثر بارز على‬
‫مجموعة من المبادئ و القواعد و المكتسبات التي كانت مرسخة في ق ل ع‪ ، 35‬منها تقلص‬
‫دور مبدأ سلطان اإلرادة بوتيرة متزايدة تبعا لصدور خاصة متعددة وذات طبيعة امرة ترمي‬
‫الى بلوغ اهداف معينة ‪ ،‬وكذا مبدأ التراضي الذي تم الخروج عنه بمجموع من النصوص‬
‫الخاصة وفي مقدمتها القانون ‪ 44.00‬المعدل بالقانون ‪ 107.12‬المتعلق ببيع العقار في طور‬
‫اإلنجاز الذي استوجب بموجب المادة ‪ 618.3‬منه تدوين البيع االبتدائي للعقار قيد اإلنجاز اما‬
‫بموجب محرر رسمي او بموجب عقد ثابت التاريخ يجري اعداده من قبل مهني ينتسب الى‬
‫مهنة قانونية منظمة يخولها قانونها صالحية تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن مع ان‬
‫‪ ،‬اال هذا ال يعني ان ق ل ع لم‬ ‫‪36‬‬
‫العقد يجب ان يتم تضمينه بمجموعة من البيانات الشكلية‬
‫ينص على توثيق البيوع العقارية بل نص على ذلك في اطار الفصل ‪ 489‬ولكن لم يلتزم‬
‫توثيقها من قبل جهة محددة ‪ ،‬كما انه لم يحدد طبيعة المحرر الذي ينبغي ان تحرر فيه‬
‫التصرفات العقارية مما تسبب في انتشار المحررات العرفي الذي انعكس سلبا على المعامالت‬

‫‪ 34‬عبد الحق الصافي ‪ :‬قانون العقود التنظيم العم و التنظيمات الخاصة الحصيلة و االفاق ‪ ،‬منشور في المجلة المغربية للقانون و االقتصاد ‪ ،‬عدد ‪53‬‬
‫‪ ،‬سنة ‪ 2016‬ص ‪77.76‬‬
‫‪35‬بظهير ‪ 9‬رمضان ‪ 12 ( 1331‬أغسطس ‪ . ) 1913‬الفصل ‪ 488‬من قانون االلتزامات و العقود الصادر‬
‫‪ 36‬عبد الحق الصافي ‪ :‬قانون ‪ 44.00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز و رهان تحقيق التوازن بين المصالح المعارضة ‪ ،‬مقال منشور بمجلة‬
‫بدائل للقانون و االقتصاد ‪ ،‬عدد ‪ ، 2‬سنة ‪ ، 2015‬ص ‪ 14‬وما يليها ‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫العقارية ‪ ، 37‬وفيما يخص ضمان العيوب الخفية ‪ ،‬فاذا كانت العقود العامة الواردة في اطار‬
‫ق ل ع تسمح باالتفاق على تعديل احكام ضمان العيوب البيع سواء بالتشديد او النقصان او‬
‫االعفاء ‪ ،‬مع توفر الشروط المعروفة ‪ ،‬فانه في اطار القانون ‪ 31.08‬المتعلق بحماية المستهلك‬
‫أي اتفاق ع لى اسقاط او تخفيف ضمان عيوب المبيع يعتبر باطال بالنسبة للبيوع االستهالكية‬
‫وذلك طبقا للمادة ‪ 65‬من القانون السالف الذكر ‪ ،‬اما التشديد فهو ممكن وذلك من خالل قراءة‬
‫المادة المذكورة بمفهوم مخالف ‪ ،‬الن المشرع لم يمنع التشديد صراحة ‪ ،‬ناهيك على ان النص‬
‫‪ .‬و بالتالي كل هذه اثار تشكل صعوبة و خلط في النصوص‬ ‫‪38‬‬
‫الخاص ال يسوغ التوسع فيه‬
‫القانونية التي تؤثر على العمل القضائي و االمن القانوني على حد السواء ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬عقد الكراء ‪ :‬ان التشتت في النصوص المنظمة لعقد الكراء وما نشأ عنه من تباعد بين‬
‫القواعد العمة و القواعد الخاصة كان له اثر كبير على القواعد العامة الواردة في ق ل ع ‪،‬‬
‫حيث تم التراجع عن مجموعة من المبادئ و المكتسبات التي كانت مقررة فيه ‪ ،‬وكما هو‬
‫االمر بالنسب ة لعقد البع فان مبدأ سلطان اإلرادة الذي كرسه المشرع المغربي في اطار الفصل‬
‫‪ 230‬من ق ل ع ‪ ،‬تم الفصل ‪ 628‬من نفس القانون ‪ ،‬تم تقييده مع صدور بعض النصوص‬
‫الخاصة ‪ ،‬و التي تظهر جليا في منع األطراف من االتفاق على رفع الوجيبة الكرائية خالل‬
‫مدة تقل عن ثالث سنوا ت من تاريخ ابرام عقد الكراء او من تاريخ اخر مطالبة قضائية‪، 39‬‬
‫مع ان الشرع لم يتوقف عند هذا الحد بل عمل على تحديد نسبة معينة للزيادة سواء في الحالة‬
‫العادية او االستثنائية ‪ ، 40‬و خالفا للقواعد العامة الواردة في ق ل ع التي تؤكد على ان الكراء‬
‫ينشأ من خالل تراضي األطراف تطبيقا للفصل ‪ 41 628‬منه ‪ ،‬فان المشرع في اطار القواعد‬
‫الخاصة تبنى شكلية الكتابة كوسيلة قانونية لتوثيق عد الكراء ‪ ،‬و نخص بالذكر هنا فانون‬
‫‪ 67.12‬المتعلق بكراء المحالت المعدة لالستعمال السكني و المهني ‪ ،‬مع ان عدم احترام هذه‬

‫‪ 37‬ادريس الفاخوري ‪ :‬الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء الحقوق العينية و التشريعات العقارية الخاصة ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ـالدار‬
‫البيضاء ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ، 2019 ،‬ص ‪ 115‬وما يليها ‪.‬‬
‫‪ 38‬عبد الحق الصافي ‪ :‬عقد البيع دراية في قانون االلتزامات و العقود و في القوانين األخرى ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ـ البيضاء ‪ ،‬الطبعة ‪2018 ، 2‬‬
‫‪ ،‬ص ‪ 527‬الى ‪. 532‬‬
‫‪ 39‬نزهة الخلدي ‪ :‬الوجيز في العقود المسماة ‪ ،‬مطبعة الهداية ـ تطوان ‪ ،‬الطبعة ‪ ، 2019 ، 3‬ص ‪. 195‬‬
‫‪ 40‬المادة ‪ 34‬من القانون ‪ 67.12‬المتعلق ب بكراء المحالت المعدة لالستعمال السكني و المهني ‪.‬‬
‫‪ 41‬ينص هذا الفصل على ان ‪ ":‬تم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى األجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من‬
‫شروط في العقد"‬
‫‪17‬‬
‫الشكلية يحرم المكتري من االستفادة من القواعد الواردة في هذا القانون ومنه تطبيق القواعد‬
‫ق ل ع ‪ ،‬و نفس االمر نجده في اطار القانون رقم ‪ 16 .49‬المتعلق‬ ‫العامة الواردة في‬
‫بكراء العقارات او المحالت المخصصة لالستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي بوجب‬
‫االدة الثالثة منه ‪ ،‬وأيضا من خالل بروز قوانين خاصة تنظم عقد الكراء ‪ ،‬ترتب عنها مليان‬
‫شروط جديدة تتعلق بمحل الكراء على غرار الشروط الواردة في ق ل ع ‪ ،‬والتي تتجسد من‬
‫خالل تنصيص المشرع في القانون ‪ 67.12‬المتعلق بكراء المحالت المعدة لالستعمال السكني‬
‫و المهني ‪ ،‬على ضرورة توفر المحل على مواصفات معينة ‪ ،42‬و التي تم تحديدها في اطار‬
‫المادة ‪ 5‬من هذا القانون ‪ ،‬و تجدر االشارة كذلك الى انه بموجب القانون ‪ 67.12‬تم التراخي‬
‫عن مكتسب كان يكرسه قانون االلتزامات و القعود وهو التزام المكري بضمان التعرضات‬
‫والتشويش الصادر عن الغير ‪ ،‬غير ان المكتري بموجب المادة ‪43 9‬من القانون المذكور‬
‫اصبح معفى من هذا الضمان حيث انه لو يعد يسأل اال على التشويش و العيوب الصادرة عنه‬
‫‪ ،‬وفيما يخص انهاء عقد الكراء لقد تم الراجع عن‬ ‫‪44‬‬
‫او عن احد من لتباعه او مستخدميه‬
‫القاعدة المقرر في اطار الفصل ‪ 687‬من ق ل ع ‪ ،45‬التي تقتضي بان عقد الكراء ينتهي‬
‫بانتهاء مدته وبدون سابق اشعار ‪،‬من خالل القانون ‪ 67.12‬بموجب المادة ‪ 44‬منه التي اقرت‬
‫على انه ال تنتهي عقود الكراء المحالت المهدة لالستعمال السكني و المهني ‪ ،‬اال بعد االشعار‬
‫باإلفراغ وتصحيحه عند االقتضاء طبقا للشروط المحددة في القانون‪. 46‬‬

‫وعليه فان هذا التشتت المحاط بقانون االلتزامات و لعقود جعل تخرج عن المبادئ العامة‬
‫التي كرسها هذا القانون ‪ ،‬وكذا أصبحت القواعد العامة لم يعد لها وجود من حيث التطبيق‬

‫‪ 42‬محمد زروال ‪ :‬التوازن بين المكري و المكتري في القانون رقم ‪ 67.12‬المتعلق بالكراء السكني و المهني ‪ ،‬مطبعة األمنية ـ الرباط ‪ ،‬ط األولى‬
‫‪ ، 2021 ،‬ص ‪. 38‬‬
‫‪ 43‬جاء في المادة ‪ 9‬من القانون ‪ 67.12‬ما يلي ‪" :‬يجب على المكري أن يضمن للمكتري تسلم المحل المكترى و اإلنتفاع الكامل والهادئ به‪ ،‬و أن‬
‫يضمن له العيوب التي تعرقل ذلك االنتفاع ما عدا تلك المحددة في البيان الوصفي أو التي تكون موضوع االتفاق الصريح المنصوص عليه في المادة‬
‫‪ 6‬أعاله‪ ،‬غير أن المكري ال يضمن سوى العيوب الناشئة عن فعله أو فعل األشخاص المسؤول عنهم‪ ،‬و ال يسأل عن العيوب التي يتسبب فيها الغير‪،‬‬
‫كما أنه ال يتحمل عيوب و نقائص المحل المكترى التي كان المكتري على علم بها و لم يتم تضمينها بالبيان الوصفي"‪.‬‬
‫‪ 44‬عبد القادر العرعاري ‪ :‬العقود الخاصة ‪ ،‬الكتاب الثاني ‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ، 2018 ،‬ص ‪. 25‬‬
‫‪ 45‬ينص هذا الفصل على ‪" :‬راء األشياء ينقضي بقوة القانون عند انتهاء المدة التي حددها له المتعاقدان من غير ضرورة إلعطاء تنبيه‬
‫باإلخالء"‬
‫‪46.‬‬ ‫عبد الرحمان الشرقاوي ‪ :‬قانون العقود الخاصة ‪ ،‬الكتاب الثاني ‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط ‪ ،‬طبعة ‪ ، 2020 ، 6‬ص ‪115.116‬‬

‫‪18‬‬
‫خاصة فيما يخص عقد الكراء ما عدى في الحالة التي ال يوجد بها نص في القواعد الخاصة‬
‫‪ ،‬حتى بالنسبة للنزاعات امام القضاء أصبحت تقتصر الى حد كبير على التنظيم الخاص‪. 47‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار تشتت نصوص المادة التجارية على االقتصاد‬


‫إن مدونة التجارة عامة تحمل في ثناياها مجموعة من النصوص القانونية والعقود التي حاولت‬
‫اإلحاطة بالتجارة والمعامالت التجارية وتنظيمها‪ ،‬إال أنه بفعل التطورات التي حصلت في‬
‫المجتمع على جميع المستويات االقتصادية واالجتماعية والسياسية‪ ،‬وبعد تزايد النزاعات‬
‫المعروضة على المحاكم بخصوص مسائل معينة فأصبح بذلك القاضي يعوزه النص القانوني‪،‬‬
‫فكان البد للمشرع من التدخل ووضع نصوص قانونية جديدة تشمل مجاالت معينة كقانون‬
‫الشركات والقانون البنكي والتأمين‪ ،‬فماذا تأثير تشتت هذه القوانين على االقتصاد؟؟‬

‫إنه وبالنظر للقانون البنكي سنجد أن المشرع نظمه في قانون مستقل عن مدونة التجارة فخصه‬
‫بذلك بالقانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬وجاء‬
‫هذا التقنين بعدما رأى المشرع تزايد أهمية البنوك‪ ،‬وما تقوم به من دور مهم في االقتصاد‬
‫بحيث يعد القانون البنكي هو الالبنة األساسية للرقي االقتصاد والسمو به‪ ،‬فالدولة التي يكون‬
‫لديها اطار بنكي قوي ال محال ستكون دولة قوية اقتصاديا الى جانب الدول الكبرى‪.‬‬

‫ولتوضيح عالقة مؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها باالقتصاد البد من إعطاء‬
‫مثال لذلك ونمثل له ( بقيام عمرو بفتح حساب ألجل لدى مؤسسة لدى مؤسسة بنكية ‪( X)،‬‬
‫فيتعاقد معها على استعمال أمواله التي قدرها ‪ 500‬مليون درهم‪ ،‬مع تحديد مجال إلستثمارها‬
‫محددا أيضا المدة في ثالث سنوات‪ ،‬وعائد الربح بذلك سيقتسمه كل من الزبون والبنك)‬
‫وانطالقا من هذا المثال يتبين بأن البنك من بين ادوارها القيام باالستثمار الذي بدوره يساعد‬
‫في االنتاج وبالتالي الرقي باالقتصاد والسمو به‪.‬‬

‫كذلك األمر بالنسبة لقانون الشركات الذي هو نتيجة التشتت نصوص القانون الخاص فنجد‬
‫أن المشرع نظم قانون شركات المساهمة في القانون رقم ‪ 17.95‬في حين خصص للشركات‬
‫التجارية األخرى القانون رقم ‪ ،5.96‬تعتبر بذلك الشركات التجارية احد اهم فروع القانون‬

‫‪ 47‬عبد الرحمان الشرقاوي ‪ :‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ‪. 13‬‬

‫‪19‬‬
‫التجاري التقليدية فهو يتعلق بممارسة التجارة في إطار آلية قانونية هي الشركة التجارية ذلك‬
‫ان التاجر يمكن ان يكون شخصا طبيعيا كما يمكن أن يكون معنويا‪.‬‬

‫إذا كان التاجر الشخص الطبيعي الذي استطاع خالل ممارسة األعمال التجارية بطبيعتها أن‬
‫ينشئ أصل تجاري‪ ،‬كان لزمن قريب أهم ما يميز القانون التجاري فإن تطور النشاط‬
‫االقتصادي ألقى بضالله على هذه السمة القانونية للقانون التجاري إذ بدأت الشركات التجارية‬
‫تحتل مكان الصدارة في االقتصاديات الحديثة‬

‫ولعل عولمة االقتصاد وما نتج عنها من بروز الفت المنظومة اقتصاد السوق سيكون ال‬
‫فقط مؤكدا ألهمية الشركات التجارية‪ ،‬بل فاتحا أيضا لمجاالت كبيرة ترتبط بطرق التمويل‬
‫‪48‬‬
‫المعتمدة على السوق المالية والمتطلبات األسواق التنافسية‬

‫إن المشرع المغربي وأمام هبوب رياح العولمة وتحرير االسواق وظهور الشركات العمالقة‬
‫عمل المشرع على‬ ‫‪49‬‬
‫متعددة الجنسيات والعابرة للقارات وأمام التطور االقتصادي السريع‬
‫تقرير قانون الشركات التجارية السالف ذكرها‪ ،‬إذن إن قانون الشركات يؤثر على االقتصاد‬
‫بكون هذه الشركات التجارية تمتلك وسائل االنتاج‪ ،‬وأدوات االستثمار الشيء الذي سيجعلها‬
‫تنتج وتسهم في انتعاش االقتصاد الوطني‪ ،‬كذلك هو الشأن بالنسبة لقانون التامين الذي له دور‬
‫مهم في االقتصاد‬

‫وعموما فقد أولى المشرع هذه األهمية لهذه القوانين المشتتة بين قوانين عامة وخاصة لما لها‬
‫من دور كبير ومهم في الحياة االقتصادية فهي القلب النابض لالقتصاد‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حلول تشتت نصوص القانون الخاص‪:‬‬


‫تعـاني المنظومة القانونية للدولة المغربية المعاصـرة مـن وثيـرة سريعة ومكثفـة لـسـن‬
‫القـوانين فـي كـافـة المجـاالت وهو مـا نـعتـه‪ ،‬أو بمفهـوم آخـر تشـتت النصـوص التشريعية‪،‬‬
‫االمر الذي جعلنا لتبيان مختلف الحلول التي نرى فيها النور لمعالجة هذه ‪l'inflation‬‬
‫‪législative‬الفقـه بالتضـخم التشريعي‬

‫‪ 48‬علي نني‪ :‬قانون الشركات التجارية‪ ،‬مجمع األطرش للنشر الكتاب المختص وتوزيعها‪ ،‬ط‪ ،2021‬ص ‪19‬‬
‫‪ 49‬عبد الجليل مهرار‪ :‬تأثير المبدأ التوجهي لالقتصاد على القانون الجنائي للشركات‪ ،‬دار القلم الرباط‪ ،‬ط ‪ ،2021‬ص ‪8‬‬

‫‪20‬‬
‫الظاهرة من خالل الفقرتين التاليتين‪:‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االعداد السليم للنصوص القانونية لتفادي التشتت‪:‬‬


‫تشـتت النصوص القانونيـة قـد ينـتـج عـن سـوء صـناعة الـنص القانوني وكذا السيولة والكثـرة‬
‫التي تعرفهـا هـذه النصوص‪ ،‬وبالتالي فتفـادي وقـوع التشـتت للنصـوص القانونيـة يمكـن‬
‫اعتمـاد ميكانيزمـات وطـرق لتحقيـق الغاية المنشـودة التـي هـي إيجـاد حـلـول للتشـتت الواقع‪،‬‬
‫ومـن بـيـن الطـرق التي نراهـا مالئمـة إلعـداد نـص قـانوني فعـال بالوجهـة التـي يمكن أن‬
‫تسـهم في تخفيض الكـم الـهـائـل مـن النصوص القانونيـة التـي تصـدر هـي‪:‬‬

‫———————————‪-‬توفر حالـة الضـرورة والحاجـة‪،‬‬

‫حيـث انـه البـد للـنص القانوني ان يـأتي مستجيبا لمتطلبـات أكبـر فـئـة مـن المـواطنين أو‬
‫المقاس أو نص انتقـائـي تصـاغ مقتضياته بشكل‬ ‫مـن الفئـة المعنيـة بـه‪ ،‬ال نص على‬
‫يجعـل منـه موجهـا لخدمـة فئـة معينـة او اشخاص ذاتيـين او اعتبـاريين محـددين‪ ،‬او لتحقيق‬
‫مصالحهم‪ ،‬الن ذلـك مـن شـأنه المسـاس الصـارخ بالطـابع العمـومي والمجـرد للقاعدة‬
‫القانونية‪ ،‬ويجعـل سـلبيات هـذا الـنص تتجـاوز بشكل كبيـر إيجابياتـه‪ ،‬بـل تفقـد الثقـة فيـه‬
‫وفـي صـانعيه فـي بعـض األحيـان مـن طـرف مجمـوع المواطنين‪ ،‬خاصـة متـى ترافـق ذلـك‬
‫مـع نيـة مبينـة لـدى صـائغه او لدى الجهات الموجهة له‪.50‬‬

‫——————————— االنطالق من خصوصيات الواقـع أو البيئـة التـي‬


‫سـيطبق فيهـا القـانون‪،‬‬

‫إذا كانت الحاجة والضرورة تعتبران شرطان أوليان وال غنى عنهما في اتخاذ مبادرات‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬فإن تلبية أو مواجهة هذه الحاجة يتعين أن يتم بنصوص مالئمة ومتوافقة‬
‫مع طبيعة وخصوصيات هذه الحاجة‪ ،‬بحيث ال يستقيم قانونيا وال وواقعيا وال منطقيا مواجهة‬
‫أو تأطير أوض بط ظاهرة معينة في دولة ما بحلول تم ابتداعها وتبنيها في دولة أخرى‪ ،‬خاصة‬

‫‪ 50.‬عالل الفالي‪ ،‬صناعة النصوص القانونية‪ ،‬إشكاالت االختصاص و الصياغة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2018‬مطبعة المعارف الجديدة_الرباط ‪2018‬‬
‫ص‪.325-324‬‬

‫‪21‬‬
‫إذا كان هناك اختالف في الوضعيات القانونية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ ،‬بل وحتى‬
‫النفسية للمعنيين بتطبيق أو باحترام وتنفيذ تلك النصوص‪.‬‬

‫القانون إذن إبن بيئته‪ ،‬وال يمكن له أن ينشأ أو يترعرع ويشب إال إذا انطلق من خصوصيات‬
‫الواقع أو البيئة التي سيطبق فيها‪ ،‬وإال إذا أخذ بعين االعتبار الحقائق التاريخية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية لهذه البيئة‪ ،‬وكذا المكونات الثقافية والسوسيوثقافية للمعنيين باحترامه وتنفيذه‪،‬‬
‫وذلك تحت طائلة عدم تطبيقه‪ ،‬وعدم االلتزام بأحكامه ورفضه من طرفهم‪ ،‬بل وبلورة وسائل‬
‫لعرقلته ومقاومته‪ ،‬وكذا تحت طائلة سقوطه أيضا في فخ التعديالت المتكررة بحثا عن‬
‫المالئمة‪ ،‬وبالتالي مزيد من مظاهر التعقيد والصعوبة في فهمه وتطبيقه‪.51‬‬

‫——————————‪ -‬بضـرورة تقليص حجـم التبعيـة القانونيـة للتشريع‬


‫الفرنسي‪،‬‬

‫فبالرغم من أهمية مراعاة الخصوصية في ضمان التشريع الجيد‪ ،‬فإن المتتبع للتطور الذي‬
‫تعرفه المنظومة القانونية لبالدنا سيالحظ حجم التبعية القانونية لهذها األخيرة للقانون الفرنسي‪،‬‬
‫لدرجة أصبح الحديث معها جائزا عن عمليات «االستيراد األعمى» للنصوص القانونية‪ ،‬أو‬
‫«الت قليد األعمى» للنصوص األجنبية‪ ،‬وذلك دون مراعاة الخصوصيات التي تتميز بها البيئة‬
‫المغربية‪ ،‬والتي تختلف في العديد من المعطيات عن نظيرتها األوروبية عموما‪ ،‬والفرنسية‬
‫على وجه الخصوص‪ ،‬بحيث يتم في العديد من األحيان ترجمة النصوص الفرنسية فقط إلى‬
‫اللغة العربية مع إدخ ال بعض الروتوشات والتعديالت الطفيفة الالزمة المتعلقة بحذف بعض‬
‫المفاهيم أو التسميات أو المحاكم الخاصة بالمنظومة القانونية والقضائية الفرنسية وتعويضها‬
‫بما يقابلها من المفاهيم في منظومتنا الوطنية ‪.52‬‬

‫————————— مراعـاة شـمولية النص القانوني‪،‬‬

‫بحيـث يتعـيـن الحـرص عنـد اعـداد النصـوص القانونيـة علـى ضـمان خاصية الشمولية فـي‬
‫الـنص المقتـرح‪ ،‬بحيث يتعين أن يـأتي شـامال لكـل العناصر الالزمة لتنفيذه وتحقيق الغايـات‬

‫‪ 51.‬عالل الفالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.336_333‬‬


‫‪ 52.‬عالل الفالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪334‬‬

‫‪22‬‬
‫المرجـوة منـه‪ .‬ومثـال ذلـك ضـرورة اشتمال مشروع القانون على االحكـام التـي تخاطـب‬
‫كـل المعنيـين بموضـوعه‪ ،‬والجهـاز المنـوط بتنفيـذه والجزاءات في حالة مخالفة أحكامه‪،‬‬
‫وغير ذلك من العناصر األخرى‪.53‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دراسة األثر‪:‬‬


‫تعتبر هذه الدراسة ذات أهمية كبرى في تحديد التوجهات العامة لمشاريع أو مقترحات‬
‫النصوص القانونية‪ ،‬وفي تسطير األهداف المتوخاة من اقتراحها‪ ،‬وتندرج في إطار ما يسمى‬
‫بالتوقع القانوني الذي يعتبر ركيزة أساسية لألمن القانوني‪ ،‬وبالتالي تحقيق األمن‬

‫القضائي‪ .‬فكلما تمت اإلحاطة بمختلف اآلثار والنتائج التي يمكن أن تترتب عن تطبيق النص‬
‫المقترح‪ ،‬كلما جاء هذا األخير مجيبا عن كل اإلشكاالت التي يمكن أن يطرحها تطبيقه على‬
‫جميع المستويات‪ ،‬وكلما جاء متجنبا ومتفاديا للعديد من الصعوبات واإلشكاالت التي يمكن أن‬
‫تطرح ع لى صعيد التطبيق العملي أو اإلداري أو القضائي‪ ،‬كما تتيح هذه الدراسة االنتباه إلى‬
‫العديد من النقاط التي لم يتم التنصيص عليها في النص المقترح أو التي يتعين‪ ،‬في المقابل‪،‬‬
‫التخلي عنها وحذفها من هذا النص‪ ،‬أو فقط تغييرها أو تتميمها‪.‬‬

‫يتعين أن تأتي دراسة األثر‪ ،‬باإلضافة إلى هذا‪ ،‬مجيبة أوال على مدى وجود حاجة أو ضرورة‬
‫تفرض تبني مبادرة اقتراح النص‪ ،‬وثانيا‪ ،‬في ضمان تدخل تشريعي لمواجهة هذه الحاجة‬
‫يراعي خصوصيات المجال الذي سيطبق فيه؛ وثالثا‪ ،‬في إشراك جميع المعنيين في صناعة‬
‫النص‪ ،‬ورابعا‪ ،‬في ضمان الطابع الشمولي للمبادرة‪.54‬‬

‫‪ 53.‬محمود محمد علي صبره‪ ،‬االتجاهات الحديثة في إعداد وصياغة مشروعات القوانين‪ .‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،2010 ،‬ص‪ .57 :‬أحال عليه‬
‫عالل الفالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.339‬‬
‫‪ 54.‬عالل الفالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.341-340‬‬

‫‪23‬‬
‫خاتمة‬
‫وختاما لما سبق فقد حاولنا في عرضنا هذا اإلحاطة بالنصوص التي شابها التشتت‬
‫على مستوى مختلق المجاالت ‪ ،‬ولو انه ال يمكن اإلحاطة بها جميعها لكثرتها ‪ ،‬اذ‬
‫ان تشتت النصوص القانونية عامة و نصوص القانون الخاص خاصة بالمغرب له‬
‫عدة تجليات و أسباب محاولين بيان هذا التشتت و تأثيره و كذا مبرراته المؤدية‬
‫لهذا التدافع بين النصوص القانونية والوقائع المستحدثة ‪ ،‬و كذا اثاره الذي يمكن‬
‫ان يستخلص منه انه من شأنه جعل حصر النصوص القانونية والعلم بأحكامها‬
‫أمرا في غاية الصعوبة‪ ،‬لكثرتها وتناثرها‪ ،‬إذ يفضي إلى تضخم تشريعي ظاهر ‪،‬‬
‫بكل ما يحمله ذلك من آثار سلبية على إدارة العدالة برمتها والذي قد يشكل عقبة‬
‫للوصول إليها واإلحاطة بها عند تطبيقها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع‬

‫‪ 1‬عبد الكريم شهبون‪ :‬الشافي في قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الكتاب الثاني العقود‬
‫المسماة وما يشابهها‪ ،‬الجزء الثاني االجارة‪-‬والحراسة‪ -‬العارية‪ ،‬مطبعة النجاح الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ط ‪.2018‬‬
‫‪ 1‬صباح بنقدور‪ :‬محاضرات في العقود المسماة‪ ،‬السنة الجامعية ‪2023/2022‬‬

‫‪ 1‬فايز عبد هللا الكندري‪ :‬االمتداد القانوني لعقد االيجار في القانون الكويتي‪ ،‬مجلة الحقوق‪،‬‬
‫مجلس النشر العلمي جامعة الكويت‪ ،‬العدد الثاني ‪.2000‬‬
‫‪ 1‬قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ ‪ 3‬دجنبر ‪ 2008‬في الملف التجاري عدد‬
‫‪1096/3/2/2005‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ :‬قانون العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب الثاني العقود الواردة على منفعة‬
‫الشيء‪ ،‬عقد الكراء وفق المبادئ العامة‪ ،‬مطبعه النجاح‪ ،‬ط ‪.2020‬‬
‫‪ 1‬عبد الرحمن بلعكيد‪ :‬وثيقة البيع بين النظر والعمل‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة (الدار‬
‫البيضاء)‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.2000‬‬

‫سليمان مرقس‪ :‬العقود المسماة ‪ -‬عقد البيع‪ ،-‬دار الكتب القانونية الشتات‪ ،‬ط ‪.1990‬‬
‫‪ 1‬محمود جمال الدين زكي‪ :‬عقد البيع في القانون المدني‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬ط ‪.1975‬‬
‫‪ 1‬عبد الحق الصافي ‪ :‬قانون العقود التنظيم العم و التنظيمات الخاصة الحصيلة و االفاق ‪،‬‬
‫منشور في المجلة المغربية للقانون و االقتصاد ‪ ،‬عدد ‪ ، 53‬سنة ‪.2016‬‬

‫‪ 1‬عبد الحق الصافي ‪ :‬قانون ‪ 44.00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز و رهان تحقيق‬
‫التوازن بين المصالح المعارضة ‪ ،‬مقال منشور بمجلة بدائل للقانون و االقتصاد ‪ ،‬عدد ‪، 2‬‬
‫سنة ‪.2015‬‬
‫‪ 1‬ادريس الفاخوري ‪ :‬الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء الحقوق العينية و‬
‫التشريعات العقارية الخاصة ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ـالدار البيضاء ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪،‬‬
‫‪.2019‬‬
‫‪ 1‬عبد الحق الصافي ‪ :‬عقد البيع دراية في قانون االلتزامات و العقود و في القوانين األخرى‬
‫‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة ـ البيضاء ‪ ،‬الطبعة ‪.2018 ، 2‬‬
‫‪ 1‬نزهة الخلدي ‪ :‬الوجيز في العقود المسماة ‪ ،‬مطبعة الهداية ـ تطوان ‪ ،‬الطبعة ‪.2019 ، 3‬‬
‫‪ 1‬محمد زروال ‪ :‬التوازن بين المكري و المكتري في القانون رقم ‪ 67.12‬المتعلق بالكراء‬
‫السكني و المهني ‪ ،‬مطبعة األمنية ـ الرباط ‪ ،‬ط األولى ‪. 2021 ،‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ 1‬عبد القادر العرعاري ‪ :‬العقود الخاصة ‪ ،‬الكتاب الثاني ‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط ‪ ،‬الطبعة‬
‫الرابعة ‪.2018 ،‬‬

‫‪ 1‬علي نني‪ :‬قانون الشركات التجارية‪ ،‬مجمع األطرش للنشر الكتاب المختص وتوزيعها‪،‬‬
‫‪.2021‬‬
‫‪ 1‬عبد الجليل مهرار‪ :‬تأثير المبدأ التوجهي لالقتصاد على القانون الجنائي للشركات‪ ،‬دار‬
‫القلم الرباط‪ ،‬ط ‪.2021‬‬
‫‪1.‬عالل الفالي‪ ،‬صناعة النصوص القانونية‪ ،‬إشكاالت االختصاص و الصياغة‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2018‬مطبعة المعارف الجديدة_الرباط‪.‬‬
‫‪ .‬محمود محمد علي صبره‪ ،‬االتجاهات الحديثة في إعداد وصياغة مشروعات القوانين‪ .‬دار‬
‫الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.2010 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫فهرس المحتوى‪:‬‬
‫مقدمة ‪1..............................................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬مظاهر تشتت نصوص القانون الخاص ‪3....................................................‬‬
‫ز‬ ‫ز‬
‫االلتامات والعقود‪3 ......................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تجليات تشتت نصوص القانون الخاص يف قانون‬
‫ز‬
‫القواني الخاصه ‪3......................................‬‬ ‫االلتامات والعقود وبعض‬ ‫ز‬ ‫بي قانون‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬عقد الكراء ز‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬عقد البيع ‪9.............................................................................................................‬‬
‫ز‬ ‫المطلب ز‬
‫الثان‪ :‬تجليات تشتت النصوص يف المادة التجارية‪11 ................................................. :‬‬
‫ي‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬مدونة التجارة ‪12.....................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬قانون الملكية الصناعية‪13....................................................................................... :‬‬
‫البنك‪14..................................................................................................... :‬‬
‫ي‬ ‫الفقرة الثالثة‪ :‬القانون‬
‫ز‬
‫التأمي‪15..................................................................................................... :‬‬ ‫الفقرة الرابعة‪ :‬قانون‬
‫المبحث ز‬
‫الثان ‪ :‬اثار تشتت نصوص القانون الخاص و بعض الحلول لمعالجتها ‪11.....................‬‬
‫ي‬
‫المطلب األول ‪ :‬اثار تشتت نصوص القانون الخاص ‪15 ...........................................................‬‬
‫ز‬
‫االلتامات و العقود ‪16....................................................‬‬ ‫الفقرة األوىل ‪ :‬اثار تشتت بعض نصوص قانون‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬آثار تشتت نصوص المادة التجارية عىل االقتصاد ‪19........................................................‬‬
‫المطلب ز‬
‫الثان‪ :‬حلول تشتت نصوص القانون الخاص‪20 ........................................................ :‬‬
‫ي‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬االعداد السليم للنصوص القانونية لتفادي التشتت‪21..................................................... :‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دراسة األثر‪23........................................................................................................ :‬‬

‫خاتمة ‪24.............................................................................................................‬‬
‫الئحة المصادر والمراجع ‪25......................................................................................‬‬
‫فهرس المحتوى‪27................................................................................................ :‬‬

‫‪27‬‬

You might also like