You are on page 1of 43

‫ماستر قانون العقار والتعمير‬

‫الفوج السادس‬

‫الفصل األول‬

‫وحدة قانون الحقوق العينية العقارية‬

‫عرض حول موضوع‬

‫حق االرتفاق والتحمالت العقارية‬

‫من انجاز الطلبة‪:‬‬


‫تحت تأطير فضيلة الدكتور‪:‬‬
‫➢ ياسين خونش‬
‫عدي البشير‬
‫➢ المهدي غيات‬
‫➢ جواد زيري‬

‫الموسم الجامعي‪:‬‬
‫‪2024/2023‬‬
‫‪1‬‬
‫الئحة المختصرات‬

‫ص‬ ‫الصفحة‬

‫مس‬ ‫مرجع سابق‬

‫محع‬ ‫مدونة الحقوق العينية‬

‫ط‬ ‫مطبعة‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬
‫يلعب العقار دورا أساسيا على الصعيد التنمية االقتصادية واالجتماعية والبشرية بمختلف‬
‫تجلياتها‪ ،‬لذلك فقط أحاطه المشرع المغربي بمجموعة من المقتضيات القانونية وارتقى‬
‫به الى مصاف الحماية الدستورية بموجب الفصل ‪ 35‬من الدستور ‪ ،2011‬والذي اعتبر‬
‫حق الملكية العقارية من أهم الحقوق الراجعة لألفراد التي ال يمكن المساس بها إال‬
‫بموجب القانون‪.1‬‬

‫إذا كان العقار يعد األرضية األساسية النطالق المشروعات االقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫فإن ذلك يتطلب أن يكون الرصيد العقاري مستقرا وثابتا وخاليا من النزعات‪ ،‬مما يتطلب‬
‫أن تكون الملكية العقارية تتوفر على قدر من الثبات واالستقرار‪.2‬‬

‫ليعلن بذلك اهتمامه (أي المشرع) الواضح بمجال العقار والحقوق العينية المرتبطة به‪،‬‬
‫راجعا بخصوص تأسيس قواعد هذه الحقوق الى الراجع والمشهور وما جرى به العمل‬
‫في الفقه المالكي ومحيال عليه‪ ،‬ليكشف صراحة تمسكه بالفقه اإلسالمي واالخذ من‬
‫مأخذه ‪ ,‬واالستقاء من مشاربه‪ ،‬متأثرا بما كرسه الشرع اإلسالمي من قواعد ‪ ,‬وحدده‬
‫من ضوابط وشرائط‪ ،‬في كون الملك ليس غاية في ذاته‪ ،‬وإنما وسيلة ركوبا لبلوغ‬
‫التأخي والتآزر‪ ،‬وحمل أحوال الناس على التعاون والتكافل‪ ،‬فقيد الملكية لتحقيق ذلك‪،‬‬
‫فجعلها ملكا ناقصا في أحوال متعددة‪ ،‬ومن صور ذلك خدمة عقار لعقار واستغالله‬
‫واالنتفاع به‪ ،‬وهذا هو مضمون حق االرتفاق والتحمالت ‪-‬موضوع بحثنا‪ -‬فجعلهم حقوقا‬
‫يبلغ به النفع العام‪ ،‬ويحقق به صالح الكل‪ ،‬فيخدم المالك ملك جاره‪ ،‬ويرفع عنه المشقة‬
‫والحرج‪ ،‬فيسقى ذلك من عين في عقار ذلك‪ ،‬ويمر هذا من عقار هذا لعقار المحصور‪،‬‬
‫ويطل وينير فالن بيته على حساب مطل في أرض فالن‪ ،‬وهذا هو جوهر الملكية في‬
‫طابعها االجتماعي المحض‪.3‬‬

‫‪ 1‬عبد اللطيف أكدي‪ ،‬الوجيز في القانون العقاري المغربي‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2024/2023‬ص ‪1‬‬
‫‪ 2‬عد اللطيف أكدي‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.1‬‬
‫‪ 3‬جابر التامري‪ ،‬اإلشكاالت المتعلقة بحقوق االرتفاق في ضوء مدونة الحقوق العينية والفقه اإلسالمي وعمل القضاء‪،‬‬
‫بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 2016/ 2015‬ص ‪.9‬‬
‫‪3‬‬
‫أهمية الموضوع‬

‫كشف نقاط اتصال ونقط االختالف بين االرتفاقات والتحمالت العقارية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -‬يشكل دورا مهما في خلق التوازن بين المالك العقارات وحماية حقوقهم‬
‫ومدى صالحية أحكام االرتفاق والتحمالت العقارية للتطبيق على أرض‬
‫الواقع‪.‬‬

‫اإلشكالية الموضوع‪:‬‬

‫يطرح هذا الموضوع إشكالية جوهرية تتمثل أساسا في مدى استطاعة المشرع‬
‫المغربي تنظيم حق االرتفاق والتحمالت العقارية بما يحقق ويضمن الحماية‬
‫القانونية لألطراف؟‬

‫وتتفرع عن هذه اإلشكالية مجموعة من التساؤالت يمكن أن نصوغها على شكل‬


‫التالي‪:‬‬

‫ما المقصود بحق االرتفاق؟ وما هي خصائصه؟‬ ‫‪-‬‬


‫ما هي أنواع االرتفاقات وطرق اكتسابها؟‬ ‫‪-‬‬
‫ما هي أسباب انقضاء االرتفاقات مدونة الحقوق العينية؟‬ ‫‪-‬‬
‫ما أحكام التحمالت العقارية؟‬ ‫‪-‬‬

‫مناهج البحث‬

‫اعتمدنا في هذه الدراسة على المنهج الوصفي والمنهج التحليلي‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل الوقوف على أحكام االرتفاقات والتحمالت العقارية وتحليل النصوص‬
‫القانونية المؤطرة لها‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫سنحاول أن نتناول موضوعنا وفق التقسيم التالي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الطبيعة القانونية لحق االرتفاق‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام االرتفاقات والتحمالت العقارية‬


‫‪4‬‬
‫الفصل األول‪ :‬الطبيعة القانونية لحق االرتفاق‬
‫سنحاول في هذا الفصل أن نتناول حق االرتفاق بنوع من التفصيل والتدقيق‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫الوقوف عند ماهيته (المبحث األول)‪ ،‬ثم بعد ذلك نتطرق ألهم أنواعه وطرق اكتسابه (المبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية حق االرتفاق‬


‫لدراسة أي موضوع من المواضيع القانونية‪ ،‬البد من التطرق في مستهله إلى مختلف‬
‫المقتضيات واالحكام المتعلقة بماهيته ومفهومه‪ ،‬وهذا هو نهجنا بخصوص دراسة حق‬
‫االرتفاق‪ ،‬فبحث الماهية في بداية الموضوع‪ ،‬يساعد بشكل جلي في فهم مختلف مقتضياته‪،‬‬
‫ويساهم في لم شتات جزئياته‪ ،‬وحق االرتفاق باعتباره من الحقوق العينية المنظمة ابتداء‬
‫بأحكام الفقه اإلسالمي قبل أن تتبنى هذه المقتضيات م ح ع من المواضيع الكثيرة الجزئيات‪،‬‬
‫المعقدة التفاصيل‪ ،‬ولعل دراسة ماهيته تفيد في تجاوز صعوباته ألجل بحث مقتضياته‪.‬‬

‫لذلك سنخصص المطلب األول للتطرق لمفهوم حق االرتفاق ومختلف شروطه‪ ،‬أما المطلب‬
‫الثاني فسيكون محطة للوقوف على خصائصه وتميزه عن غيره من الحقوق‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم حق االرتفاق وأركانه‬


‫قبل خوض في المقتضيات واالحكام حق االرتفاق‪ ،‬البد الوقوف ابتداء عل مفهومه وفق‬
‫الشريعة اإلسالمية والقضاء وكذا وفق القانون تم نعرج للحديث عن مختلف شروطه‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التعريف باالرتفاق وعناصره‬


‫إن الحديث عن حق االرتفاق يقتضي منا بداية التطرق إلى تعريفه (أوال)‪ ،‬ثم بيان عناصره‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫أوال تعريف حق االرتفاق‬

‫عرفت المادة ‪ 37‬م ح ع االرتفاق بأنه حق عيني قوامه تحمل مقرر على عقار من أجل‬
‫استعمال أو منفعة عقار يملكه شخص أخر‪ .‬ويعتبر هذا التعريف ترجمة حرفية للتعريف الذي‬
‫أخد به المشرع الفرنسي في المادة ‪ 637‬من القانون الفرنسي‪.4‬‬

‫ويفهم من هذا التعريف‪ ،‬أن حق االرتفاق حق من الحقوق العينية االصلية الذي يرد على حق‬
‫الملكية‪ ،‬ويجعلها ناقصة‪ ،‬ذلك بمسه بمدى إحدى سلطاته هو حق االستعمال أو حق االستغالل‪،‬‬
‫عن طريق التنازل جزئيا عنها للغير ليشارك المالك في الملكية العقارية‪ .‬وهذا يعني بأنه ال‬
‫يجوز أن يكون االرتفاق حق شخصي يخول مالك العقار المجاور الحق في التنزه أو ممارسة‬
‫رياضة الركض أو الصيد في عقار الجار أو شبه ذلك‪ ،‬وإنما ال بد من أن تكون المنفعة‬
‫المرجوة لمصلحة العقار ذاته وليس لصاحبه الشخصية‪ ،5‬ويفهم من ذلك أن حق االرتفاق ال‬
‫يتقرر على منقول‪ ،‬كما يفهم منه أيضا أال يكون عقارا بالتخصيص‪ ،‬بل عقارا بطبيعته‪.6‬‬

‫وفي الشريعة اإلسالمية لم يورد مصطلح االرتفاق في القرآن الكريم وال في السنة النبوية‬
‫الشريفة‪ ،‬وإنما كان اعتماد الفقهاء المسلمين في إقرار مشروعية هذا الحق‪ ،‬على المعنى‬
‫الحديث المروري عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال " ال‬
‫‪7‬‬
‫يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره"‪.‬‬

‫لم يبحث الفقهاء االرتفاق في باب مستقل‪ ،‬لذلك جاءت تعريفاتهم متفرقة ومتنوعة‪ ،‬وتبعا له‬
‫نجد الحنفية عرفوا حق االرتفاق بأنه حق مقرر على عقار لمنفعة عقار اخر‪ ،‬أما المالكية فقد‬

‫‪4‬‬ ‫‪L’article 637 du code civil français stipule que « une servitude est une charge imposée sur‬‬
‫‪un héritage pour l’usage et utilité d’un héritage appartenant à un autre propriétaire.‬‬
‫‪ 5‬العربي محمد مياد‪ ،‬الحقوق العينية االصلية والتبعية دراسة عملية مقارنة في التشريعات والعمل القضائي العربيين‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪1442‬ه‪2021‬م صفحة ‪318‬و ‪.319‬‬
‫‪ 6‬دكتور أحمد القصاب مادة الحقوق العينية للفصل الخامس‪ ،‬جامعة القرويين كلية الشريعة أيت ملول الموسم الدراسي‬
‫‪ 2015-2014‬ص ‪.50‬‬
‫‪ 7‬عبد رفيع أيت الحاج‪ ،‬حقوق االرتفاق على ضوء المستجدات والعمل القضائي‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص‬
‫العربي ماستر العقار والتنمية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪2013‬؛‪ 2014‬ص ‪.18‬‬
‫‪6‬‬
‫اعتبروه تحصيال لمنافع تتعلق بالعقار‪ ،‬فضال عن انتفاع العقار بالعقار‪ ،‬ونشير الى أن ما‬
‫أورده الشافعية والحنابلة في باب االرتفاق يتفق مع ما أورده المالكية فيه‪.8‬‬

‫ومن صور االرتفاق عند المالكية إعطاء الجار لجاره موضع لسقي حائطه أو شرب داره أو‬
‫يعطيه طريقا في أرضه توصله الى ملكه‪ ،‬وعموما هذه المنافع غالبا ما تتعلق بالجار مع‬
‫جاره‪.9‬‬

‫لم تخرج التعريفات التي أعطاها القضاء لحق االرتفاق عن التي صاغها الفقه القانوني‬
‫بخصوصه‪ ،‬وعليه نجد محكمة االستئناف بالرباط عرفت حق االرتفاق في قرار صادر عنها‬
‫في ‪ 8‬يناير ‪ 2015‬بما يلي‪ :‬وحيث إنه لما كان حق االرتفاق هو تكليف على عقار لمصلحة‬
‫اخر جار في ملكية شخص اخر غير مالك للعقار المرتفق‪ ،‬والغاية من إحداثه إتاحة الفرصة‬
‫لصاحب العقار المنحصر للمرور أو استغالل عقاره "‬

‫ثانيا عناصر حق االرتفاق‬

‫‪ -1‬وجود عقارين أحدهما مرتفق واألخر مرتفق به‪ :‬يستخلص من الفصل ‪ 108‬من ظهير‬
‫‪ 19‬رجب ‪ 1333‬أن حق االرتفاق ال يرد إال على عقار‪ ،‬وذلك عندما نص صراحة أن‬
‫هذا الحق هو " تكليف مقرر على عقار من أجل استعمال ومنفعة عقار‪." ...‬‬
‫أ‪ -‬وجود عقارين‪ :‬من الشروط الجوهرية لنشوء حق االرتفاق أن يوجد عقاران على‬
‫األقل‪ ،‬أحدهما عقار مرتفق واألخر عقار مرتفق به‪ ،‬وليس هناك ما يمنع من وجود عدة‬
‫عقارات مرتفقة‪ ،‬وعقار مرتفق به أو العكس‪ ،‬إال أن محل حق االرتفاق‪ ،‬كما هو في‬
‫صريح العبارة النص‪ ،‬البد ان يكون عقارا‪.10‬‬
‫ب‪ -‬أن يوجد عقار مرتفق وعقار مرتفق به‪ :‬وأما العقار المرتفق فهو الذي يعتمد على‬
‫عقار اخر في االستيفاء حاجة تتعلق باستعماله أو استغالله‪ ،‬أي العقار الذي تعود عليه‬

‫‪8‬جابر التامري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ 9‬جابر التامري‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 10‬محمد مومن‪ ،‬حقوق االرتفاق في القانون المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني‪،‬‬
‫جامعة قاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬سنة الجامعية ‪ 1997-1998‬ص‪.17‬‬
‫‪7‬‬
‫الفائدة من حق االرتفاق‪ ،‬لذلك فهو يزيد من قيمته أيا كان المالك لهذا العقار‪ .‬أما العقار‬
‫المرتفق به فهو العقار الذي ينشأ عليه حق االرتفاق ويتحمل عبثه فينتقص من منفعته‬
‫لفائدة العقار المرتفق‪.11‬‬
‫ت‪ -‬تحميل العقار المرتفق به بعبء أو تكليف عيني ‪.12‬‬
‫ث‪ -‬أن يكون التكليف مرتبا لمنفعة عقار معين‪ :‬وهي منفعة عينية محضة للعقار‪ 13‬المرتفق‬
‫تتعلق باستعماله واستغالله‪ ،‬وليست منفعة شخصية‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ج‪ -‬وجود عقارين مملوكين لشخصين مختفين‬
‫ح‪ -‬أال يكون الباعث منه مخالف لنظام العام‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬شروط حق االرتفاق‬


‫بالرجوع الى المادة ‪ 37‬من م ح ع نجدها تشترط في حق االرتفاق ما يلي‪:‬‬

‫• أن يكون مرتبا على عقارات بالطبيعة‪ :‬فاالرتفاق ال يهم المنقوالت وال العقارات‬
‫بالتخصيص‪ ،‬بل فقط العقارات بالطبيعة‪.‬‬
‫• أن يكون القصد منه استعمال العقار المرتفق أو جلب منفعة لصالحه‪.‬‬
‫• أن يحمل العقار المرتفق به بعبء أو تكليف عيني لصالح العقار االخر‪.‬‬
‫• أن يكون العقارين لمالكين مختلفين‪.‬‬
‫• يجب تكون من العقارات القابلة للتداول‪ :‬أما إذا كانت غير قابلة للتداول بأن كانت من‬
‫األمالك العامة مثال فالبد من التفريق بين الحالتين حسبما يكون االرتفاق متفقا أو غير‬
‫متفق مع تخصيص هذه األمالك للمنفعة العامة‪ ،‬ففي الحالة األخيرة كما في امتداد درج‬
‫في الشارع أو إقامة مجرى ماء تحت الطريق‪ ،‬ال يمكن للمالك الذي أحدث الدرج أو‬
‫المجرى أن يكتسب حق ارتفاق مهما مر من الزمن على استعماله هذه المنشأة‪ .‬أما في‬
‫الحالة األولى كما في فتح النوافذ واالبواب على الطريق العام فمن الممكن اكتساب حقوق‬

‫‪ 11‬محمد مومن‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪23‬‬


‫‪ 12‬عبد رفيع أيت الحاج‪ ،‬مرجع سابق ص ‪72‬‬
‫‪13‬عبرفيع ايت الحاج‪ ،‬نفس المرجع ص ‪24‬‬
‫‪ 14‬محمد العربي مياد‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫ارتفاقية وال يسوغ للسلطات اإلدارية أن تحرم العقار المستفيد من حقوق االرتفاق المكتسبة‬
‫ما لم تدفع الى المالك تعويضا عن األضرار‪.15‬‬
‫وهذا ما عبر عنه الفقه اإلسالمي باالرتفاق‪ ،‬بقوله بأن االرفاق هو إعطاء منافع للعقار‪،‬‬
‫يعني أنه يستحب للجار أن يمكن جاره من االنتفاع بما فضل عليه من ماله الخاص به ليسقي‬
‫به حائطه مثال أو يمكنه من أن يمر من أرضه حتى يصل الى بستانه مثال أو أن يمر من‬
‫طريق في أرضه الى داره او على غيرها‪.16‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص حق االرتفاق وتميزه عن الباقي الحقوق األخرى‬


‫إن المشرع المغربي قد ساير الفقه اإلسالمي وكذا مجموعة من القوانين المقارنة األخرى في‬
‫اعتبار حق االرتفاق من الحوق العينية االصلية‪ ،‬الشيء الذي جعله يتميز بعدة خصائص‬
‫تضفي عليه طابعه الخاص‪ ،‬وتميزه عن مجموعة من الحقوق األخرى‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خصائص حق االرتفاق‬


‫تمتاز حقوق االرتفاق بالخصائص التالية‪:‬‬

‫أوال‪ :‬أنها الحقوق العينية العقارية ألنها ال تترب إال على العقارات‪:‬‬

‫وهذا يمنح امتياز لصاحب حق االرتفاق يتمثل في إمكانية ممارسة التعرض باالستناد الى هذا‬
‫الحق متى تحققت موجباته‪.‬‬

‫غير أنه ح تى يكون التعرض صحيحا فإنه يشترط في االرتفاق أن يكون قائما على العقار‬
‫المراد تحفيظه‪ .‬وهكذا جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي‪:‬‬

‫لكن حيث إنه ردا على السببين معا لتداخلها فإن إجراء خبرة قضائية باعتباره من إجراءات‬
‫التحقيق ‪ ,‬ال تقوم به المحكمة إال إذا كان ضروريا للفصل في النزاع وأن المحكمة بما لها من‬
‫سلطة تقديرية في تقييم األدلة واألبحاث التي تقوم بها واستخالص قضائها منها ‪ ,‬فإن القرار‬
‫المطعون في ه حين علل بأنه " تبين لها أن المحكمة االبتدائية انتقلت الى عين المكان ‪ ,‬وتبين‬

‫‪ 15‬مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية االصلية والتبعية في ضوء التشريع المغربي ‪-‬الجزء الثاني‪ -‬العربية‬
‫لطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الرباط ‪ , 1987 ,‬ص‪254 :‬‬
‫‪ 16‬العربي محمد مياد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪319‬‬
‫‪9‬‬
‫لها عدم وجود أي حق ارتفاق بالمرور لفائدة المتعرض على الملك موضوع مطلب التحفيظ‬
‫كما تم االستماع الى مجموعة من الشهود بعين المكان بما فيهم الجيران أكدوا عدم وجود أي‬
‫ممر للمتعرض على ملك طالب التحفيظ‪ ,‬وموضحين أن ملك المتعرض كان يستغل عن‬
‫طريق المرور إليه من باب صغير يوجد جهة ملك ورثة المتعرض والذي ال يزال يقطنون‬
‫الى االن "فإنه نتيجة لذلك يكون القرار معلال تعليال كافيا وغير خارق لحقوق الدفاع والسببان‬
‫‪17‬‬
‫بتالي غير جديرين باالعتبار "‪.‬‬

‫ولما كان حق االرتفاق هو دائما حق عيني عقاري‪ ،‬فإن التصرف القانوني الذي ينشئه يجب‬
‫دائما تسجيله بالسجل العقاري إذا تعلق االمر بعقار محفظ‪ ،‬طبقا لفصول ‪ 65‬و‪ 66‬و‪ , 67‬فإن‬
‫الحقوق العينية ال تنشأ وال تنتقل بين األطراف‪ ،‬وال تسري في مواجهة الغير إال بتسجيلها في‬
‫السجل العقاري‪ ،‬وتسري جميع قواعد التسجيل المقرر في هذا الشأن‪.18‬‬

‫ثانيا خاصية الحجة على الكافة‬

‫إن قوة حق االرتفاق العينية تتجاوز االحتجاج به في مواجهة مالك العقار الخادم إلى االحتجاج‬
‫به في مواجهة الكافة‪.19‬‬

‫ثالثا‪ :‬خاصية االتحاد‪ :‬أي من الحقوق التابعة‬

‫معناه أن االرتفاق ال ينفك عن العقار؛ فينتقل معه ويجري عليه ما يجري على العقار من‬
‫تصرفات‪ ،‬إذ ال يجوز التصرف فيه مستقالً عن العقار بالبيع أو رهن أو غيرهما من‬
‫التصرفات الممكنة‪.20‬‬

‫رابعا االرتفاق حق من الحقوق التي يفترض ديمومتها‬

‫‪ 17‬حكم قضائي أشاره إليه إدريس الفاخوري‪ ،‬الوسيط في نطام الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية‬
‫والتشريعات العقارية الخاصة‪ ،‬أستاذ التعليم العالي كلية الحقوق ‪-‬وجدة‪ -‬الطبعة الثالثة ‪ 2019‬ص‪394‬‬
‫‪ 18‬محمد مومن ‪ ,‬مرجع سابق‪.‬ص ‪,39‬‬
‫‪ 19‬دكتور أحمد القصاب‪ ،‬مرجع سابق ص‪57‬‬
‫‪ 20‬دكتور أحمد القصاب‪ ،‬مرجع سابق ص ‪57‬‬
‫‪10‬‬
‫والحاصل‪ ،‬أنه يمكن تحديد لحق االرتفاق أجل معين أو حتى تعليقه على شرط فاسخ‪ ،‬كما لو‬
‫اشترط مالك العقار المرتفق عليه على المستفيد من حق االرتفاق أن يفسخ االرتفاق بمجرد‬
‫انتقال ملكية أحد العقاريين للغير‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬حق االرتفاق حق غير قابل للتجزئة‬

‫ولهذا المبدأ معنى مزدوج‪:‬‬

‫أوال أن االرتفاق يترتب لمنفعة كل جزء من أجزاء العقار المرتفق‪ ،‬وعلى كل جزء من أجزاء‬
‫العقار المرتفق به‪ ،‬وتنتج عن ذلك نتائج معينة هي‪:21‬‬

‫‪ -‬إنه ما لم يحدد االتفاق الجزء الذي يتحمل باالرتفاق أو يستفيد منه‪ ،‬فإن هذا الحق‬
‫األخير يعتبر شامال كل جزء من العقارين المكلف والمستفيد‪.‬‬
‫‪ -‬إنه إذا كان العقار المرتفق مملوكا على الشيوع‪ ،‬فما لم يقرر القانون حق ارتفاق على‬
‫هذه الملكية‪ ،‬فإنه أحد المالك في هذه الملكية الشائعة ال يملك بمفرده أن يتفق على حق‬
‫ارتفاق لصالح حصته الشائعة‪ ،‬ألن االرتفاق ال يتجزأ‪ ،‬وكذلك إذا كان العقار المرتفق‬
‫به مملوكا على الشياع ال يتجزأ ألحد مالكيه أن يتفق على إنشاء حق ارتفاق على هذا‬
‫العقار أو على حصته الشائعة فيه لنفس السبب‪ ،‬فالبد لترتيب ارتفاق على عقار شائع‬
‫من موافقة جميع الشركاء في الملكية الشائعة ألنه ينصب على العقار برمته‪ ،‬وكذا مثال‬
‫إذا كان االمر يعني حق المرور‪ ،‬فيكون جميع المالكين ملزمين باستعماله من نفس‬
‫المكان دون أن يزيد العبء للعقار المرتفق به‪.‬‬

‫سادسا حق االرتفاق حق يغلب عليه "التأبيد"‬

‫تجدر اإلشارة إلى إشكال الفقهي الدائر حول هذه الخصيصة‪ ،‬فإذا كان بعض الفقه يسلم‬
‫بديمومة حق االرتفاق‪ ،‬فإن جابا اخر يرى على أن صفة الدوام والتأبيد من الصفات اللصيقة‬
‫بحق الملكية فقط‪ ،‬وال تتصرف الى باقي الحقوق المتفرقة عنها‪.22‬‬

‫‪ 21‬محمد مومن‪ ،‬مرجع سابق ص ‪35‬‬


‫‪ 22‬جابر التامري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪11‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تميز حق االرتفاق عن باقي الحقوق األخرى‬
‫أوال حق االرتفاق وتمييزه عن القيود األخرى‬

‫يترتب على التمييز بين قيود الملكية وحق االرتفاق الفروق التالية‪:23‬‬

‫إن القيود القانونية باعتبارها تمثل الوضع العادي للملكية ال تزول بعدم االستعمال ألنها‬ ‫•‬
‫قيود دائمة ترد على حق الملكية‪ .‬أما حقوق االرتفاق فلكونها مجرد أعباء استثنائية فإنها‬
‫عرضة للسقوط بعدم االستعمال بالتقادم‪.‬‬
‫القيود القانونية للملكية مصدرها المباشر دائما فعل االنسان المادي أو االرادي‪.‬‬ ‫•‬

‫إن هدا المعيار في التفرقة أدى بالقوانين التي أخدت به الى إدراج في قيود الملكية‪ ،‬قيودا هي‬
‫في حقيقتها من قبيل حقوق االرتفاق كحق االرتفاق المتعلقة بحق الشرب وارتفاق حق المرور‬
‫الى غيرها من الحقوق ولم يتم االعتداد بطبيعة هذه الحقوق من حيث أنها تقرر تكاليف على‬
‫العقارات المقررة عليها لمصلحة العقارات األخرى‪.‬‬

‫ويمكن تميزهما من جهة أخرى وفق الفروق األخرى التالية‪:24‬‬

‫إن قيود الملكية عادة تكون تحيق مصلحة عامة واجبة الحماية‪ ،‬على عكس حقوق‬ ‫•‬
‫االرتفاق القانونية التي يمكن ان تقرر لمنفعة خاصة أو عامة‪.‬‬
‫إن قيود الملكية هي التي تكون مفروضة على عقار معين ال لخدمة عقار اخر‪ ،‬بينما‬ ‫•‬
‫االرتفاقات القانونية للمصلحة الخاصة هي التي تفرض على عقار معين لخدمة عقار اخر‪.‬‬
‫إن القيود القانونية ال تخضع للتقييد بالرسم العقاري متى تعلقت بعقار محفظ‪ ،‬ألنها‬ ‫•‬
‫ترسم الحدود العادية التي يضعها القانون لحق الملكية‪ ،‬على عكس بعض حقوق االرتفاق‬
‫القانونية التي يتوجب تقييدها بالرسم العقاري‪.‬‬

‫ثانيا الفرق بين حق االرتفاق والتحمالت العقارية‬

‫‪ 23‬عبد رفيع أيت الحاج‪ ،‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪15‬‬


‫‪ 24‬معاد الناجي ‪ ,‬أحكام االرتفاقات القانونية المكرسة في مدونة الحقوق العينية ‪ ,‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص ماستر قانون العقار والتعمير ‪ ,‬جامعة ابن زهر ‪ ,‬كلية الحقوق أكادير ‪ ,‬السنة الجامعية ‪ 2020_2021‬ص ‪-17‬‬
‫‪.18‬‬
‫‪12‬‬
‫والواقع أنه‪ ،‬حتى وإن كان المشرع المغربي قد ضمن تلك التحمالت العقارية ضمن الباب‬
‫الثاني من القسم األول من الكتاب األول تحت عنوان االتفاقات والتحمالت العقارية‪ ،‬فإنها‬
‫تستقل ببعض الخصائص‪ ،‬نذكر على الخصوص التالية‪:25‬‬

‫يكون مالك العقار موضوع التحمالت العقارية ملزما بالقيام بعمل إيجابي من قبيل‬ ‫‪-‬‬
‫إزالة المضار غير المألوف‪.‬‬
‫ال تؤدي التحمالت العقارية حتما الى إنقاص من قيمة العقار الخادم‪ ،‬عكس االتفاقات‬ ‫‪-‬‬
‫التي قد تنقص من القيمة المالية لهذا األخير‪.‬‬
‫يختص قاضي المستعجالت برفع الضرر أو اتخاد اإلجراءات االحتياطية لعدم وقوعه‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بينما النزعات المرتبطة باالتفاقات كقاعدة تخضع لمحكمة الموضوع‪.‬‬

‫وهذا‪ ،‬وقد اعتبر المشرع المصري بعض هاته التحمالت بصريح العبارة بمثابة قيود واردة‬
‫على حق الملكية‪ ،‬عندما نص في الفقرة ‪ 2‬من الفصل األول من الباب المخصص لحق الملكية‬
‫وال سيما المادة ‪ 806‬من القانون المدني‪.‬‬

‫ثالثا الفرق بين حق االرتفاق وحق االنتفاع‬

‫رغم أن المادة ‪ 9‬من م ح ع اعتبرت كال من حقي االرتفاق واالنتفاع من الحقوق العينية‬
‫االصلية‪ ،‬إال أنهما يختلفان من عدة جوانب‪ ،‬لعل أبرزها ما يلي‪:26‬‬

‫حق االرتفاق يتقرر لمنفعة عقار معين بينما حق االنتفاع يتقرر لمصلحة شخص‬ ‫•‬
‫بالذات‪.‬‬
‫حق االرتفاق حق دائم ال يزول بوفاة صاحب العقار المرتفق بل يبقى ما بقي هذا العقار‬ ‫•‬
‫إال إذا اشترط خالف ذلك‪ ،‬أما حق االنتفاع فهو بطبيعته مؤقت يزول بوفاة المنتفع‪.‬‬
‫حق االرتفاق متصل بالعقار المرتفق ال يجوز حجزه أو إجراء الرهن عليه بصورة‬ ‫•‬
‫منفردة بينما حق االنتفاع منفصل عن الشيء أو عن المال الواقع عليه ويصح رهنه وحجزه‬
‫بصورة مستقلة‪.‬‬

‫‪ 25‬العربي محمد مياد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪364‬‬


‫‪ 26‬مامون الكزبري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪256‬‬
‫‪13‬‬
‫أثر حق االرتفاق أضيق من أثر حق االنتفاع إذ هو ينحصر في استعمال العقار المرتفق‬ ‫•‬
‫به ضمن نطاق محدد يختلف من ارتفاق ألخر‪ :‬فصاحب حق الممر مثال ليس له أن يستعمل‬
‫العقار المرتفق به أكثر مما يتطلبه المرور إلى العقار المرتفق‪ ،‬وارتفاق تصريف المياه‬
‫الضارة المتجمعة في عقار عبر األراضي المجاورة ينحصر في إنشاء مجرى في األراضي‬
‫المرتفق بها ال سالة هذه المياه ليس إال‪ .‬أما أثر حق االنتفاع فهو أعم إذ يولي المنتفع حق‬
‫استعمال الشيء واستغالله كالمالك نفسه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع حقوق االرتفاق وطرق اكتسابها‬


‫سنعمل في هذا المبحث على بيان أنواع حقوق االرتفاق (المطلب األول)‪ ،‬ثم بعد ذلك نعرج‬
‫على طرق اكتساب حقوق االرتفاق (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع حقوق االرتفاق‬


‫عرف حق االرتفاق تقسيمات عديدة وأنواع مختلفة‪ ،‬وعموما فاالرتفاق إما أن ينتج عن‬
‫الوضعية الطبيعية لألماكن وإما عن التزامات مفروضة بالقانون‪ ،‬وإما عن اتفاقات معقودة‬
‫بين مالك العقارات‪ ،‬وعليه فإن حقوق االرتفاق يمكن أن تصنف بحسب مصدرها إلى حقوق‬
‫ارتفاق طبيعية‪ ،‬وحقوق ارتفاق قانونية‪ ،‬وحقوق ارتفاق إرادية (الفقرة االولى)‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫تصنف بحسب طبيعتها إلى ارتفاقات ايجابية وسلبية وظاهرة وخفية ومستمرة ومنقطعة‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬أنواع االرتفاقات بحسب مصدرها‬


‫تقسم االرتفاقات بحسب مصدرها إلى ارتفاقات طبيعية (أوال)‪ ،‬وارتفاقات قانونية (ثانيا)‪،‬‬
‫وارتفاقات ارادية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال االرتفاقات الطبيعية‬

‫عرف المشرع المغربي اإلرتفاقات الطبيعية في المادة ‪ 39‬من مدونة الحقوق العينية‪،‬‬
‫وبالرجوع إلى المادة المذكورة نجد بأن المشرع قد نص على أن "اإلرتفاقات الطبيعية تحمل‬
‫تفرضه الوضعية الطبيعية لألماكن على عقار لفائدة عقار مجاور"‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫وبناء على المادة أعاله فاالرتفاقات الطبيعية‪ ،‬وكما هو ظاهر من تسميتها‪ ،‬هي تلك االرتفاقات‬
‫التي تستدعيها الطبيعة وتنشىء عنها‪ ،‬ونمثل لذلك بالحالة التي نجد فيها أرض منخفضة‬
‫وأرض عالية‪ ،‬حيث تنشأ عن هذه الحالة تكليف األرض المنخفضة أو الواطئة بأن يجري‬
‫عليها الماء الذي يوجد في األرض العالية‪ ،‬وذلك لكون الطبيعة تقتضي بأن تتحمل األراضي‬
‫المنخفضة المياه التي تسيل من األراضي العالية‪ ،‬شريطة أن يكون هذا السيل طبيعيا ال يد‬
‫لإلنسان فيه‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لمياه األمطار وما يذوب من الثلوج ومياه العيون‬
‫وغيرها‪.27‬‬

‫هذا‪ ،‬ويمنع منعا كليا على صاحب األرض المنخفضة أن يتعرض لهذا السيالن أو أن يقوم‬
‫بما من شأنه أن يعرقل أو يمنع هذا السيل الطبيعي‪ ،‬كأن يقوم ببناء سد أو حاجز ليصرف‬
‫السيل ويبعده عن أرضه‪ ،‬وفي مقابل ذلك ال يحق لصاحب األرض العالية أن يقوم بما يزيد‬
‫في عبء اإلرتفاق الواقع على األرض المنخفضة‪ ،28‬ومن ذلك مثال أن يقوم بتشييد السد على‬
‫أرضه لكي تجتمع فيه األمطار‪ ،‬ثم بعد ذلك يتركها لتسيل دفعة واحدة على االرض المنخفضة‬
‫مما يسبب ضرر لصاحب األرض الواطئة‪ ،‬أو أن يقوم بتلويث المياه لتصل الى صاحب‬
‫االرض المنخفظة وهي ملوثة أو شيء من هذا القبيل‪.‬‬

‫وتجب اإلشارة في األخير إلى أنه إذا كانت الغاية التي يتوخاه صاحب األرض العالية من‬
‫فعله المتمثل في تجميع المياه وتحويلها من مكانها الطبيعي‪ ،‬غاية مشروعة كالسقي مثال‪ ،‬فإنه‬
‫ال يمنع من ذلك ولو كان ذلك سببا في زيادة عبء االرتفاق بالمسيل‪ ،‬ألن لكل مالك حق‬
‫استعمال مياه المطر الموجودة على أرضه‪ ،‬كما له الحق في التصرف فيها‪ ،‬غير أنه يجوز‬

‫‪ 27‬محمد ابن معجوز‪ ،‬الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي‪ ،‬طبعة ‪ ،2008‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬ص ‪.420‬‬
‫‪ 28‬المادة ‪ 60‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬والتي على أن "تتلقى األراضي المنخفضة المياه السائلة سيال طبيعيا من األراضي‬
‫التي تعلوها دون أن تساهم يد اإلنسان في إسالتها‪ ،‬وال يجوز لمالك األرض المنخفضة أن يقيم سدا لمنع هذا السيل‪ ،‬كما‬
‫ال يجوز لمالك األرض العالية أن يقوم بما من شأنه أن يزيد في عبء االرتفاق الواقع على األرض المنخفضة"‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫لصاحب األرض المنخفضة أن يطالب صاحب األرض العالية بالتعويض نظرا للضرر الذي‬
‫لحقه جراء فعله هذا المتمثل في إثقال عبء االرتفاق بالمسيل‪.29‬‬

‫ثانيا اإلرتفاقات القانونية‬

‫فإذا كانت اإلرتفاقات الطبيعية تفرضها الطبيعة وتقتضيها كما أكدنا على ذلك سابقا‪ ،‬فإنه في‬
‫المقابل نجد اإلرتفاقات القانونية التي هي االخرى يفرضها القانون‪ ،‬وفي هذا الصدد حاول‬
‫ا لمشرع المغربي أن يعرف هذا النوع من اإلرتفاقات‪ ،‬حيث نص في المادة ‪ 40‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية على أن "اإلرتفاق القانوني هو تحمل يفرضه القانون على عقار‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يقرر لمنفعة عامة أو خاصة"‪.‬‬

‫والعلة من فرض القانون هاته االرتفاقات على بعض العقارات كما يبدو من النص أعاله‪ ،‬هي‬
‫تحقيق مصلحتين‪ ،‬االولى تتمثل في مصلحة العقار المخدوم أو المصلحة الخاصة‪ ،‬والثانية‬
‫تتجلى في المصلحة العامة‪.‬‬

‫ومن أمثلة اإلرتفاقات التي فرضها القانون نجد اإلرتفاق بالمرور‪ ،‬حيث تنص المادة ‪ 64‬من‬
‫مدونة الحقوق العينية على أن "لكل مالك عقار ليس له منفذ إلى الطريق العمومي أو له منفذ‬
‫غير كاف الستغالل عقاره أن يحصل على ممر في أرض جاره نظير تعويض مناسب شرط‬
‫أن يقام هذا الممر في المكان الذي ال يسبب لألرض المرتفق بها إال أقل ضرر"‪ ،‬ما يعني أنه‬
‫يجوز للمالك الذي يملك عقارا ليس له منفذ إلى الطريق العمومي‪ ،‬أو كان له هذا المنفذ غير‬
‫أنه غير كاف الستغالل عقاره استغالال جيدا‪ ،‬أن يطالب بفتح ممرا في أرض جاره‪ ،‬شريطة‬
‫أن يؤدي له تعويضا مماثال للضرر الذي يمكن أن ينتج عنه هذا الفعل‪ ،‬وأال يسبب له ذلك‬
‫ضررا بالغا وجسيما‪.‬‬

‫‪ 29‬تنص المادة ‪ 61‬من مدونة الحقوق العينية على أنه "لكل مالك الحق في استعمال مياه المطر التي تنزل في أرضه‬
‫والتصرف فيها وإذا كان استعمال تلك المياه واالتجاه المعطى لها يزيد عبء االرتفاق الطبيعي لسيل المياه المبين في المادة‬
‫أعاله‪ ،‬فإن لصاحب األرض المنخفضة الحق في التعويض‪ ،‬وذلك مع مراعاة القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫بأنه "من المقرر أن المشرع‬ ‫‪30‬‬
‫وفي نفس الطرح‪ ،‬قضت محكمة النقض في أحد قراراتها‬
‫المغربي وإن أحاط حق الملكية بالحماية طبقا للمادة ‪ 35‬من الدستور‪ ،‬فإنه نص على إمكانية‬
‫الحد من نطاقه وممارسته بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية للبالد‪ ،‬ولما كان تصميم التهيئة موضوع النزاع يستمد مشروعيته من قانون‬
‫التعمير الذي صدر في إطاره‪ ،‬ويعد بمثابة إعالن عن المنفعة العامة‪ ،‬فإن المقرر المطعون‬
‫فيه قد صدر في إطار المصلحة العامة المتجلية في تهيئة المجال وتنظيمه وإخضاعه لضوابط‬
‫تكفل للمنطقة التي يتعلق بها نموا منسجما ومراعيا لحاجيات ومتطلبات الساكنة‪ ،‬والتي يندرج‬
‫ضمنها تخصيص جزء من عقار الطاعن كممر للراجلين‪ ،‬مما يجعله مطابقا للقانون‪،‬‬
‫ومشروعا"‪.‬‬

‫ثالثا اإلرتفاقات اإلرادية‬

‫أعطى المشرع المغربي لمالك العقارات إمكانية إحداث ارتفاقات لفائدة عقاراتهم أو عليها‪،‬‬
‫السيما في الحالة التي يحصل فيها اإلتفاق فيما بينهم‪ ،‬طبقا لحرفية المادة ‪ 41‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬حيث جاء فيها على أنه "يجوز لمالك العقارات إحداث ارتفاقات عليها أو‬
‫لفائدتها‪ ،‬وذلك بإتفاق فيما بينهم مع مراعاة أحكام القانون‪ ،‬ويجب أن يبين في العقد نطاق هذا‬
‫الحق وكيفية استعماله"‪.‬‬

‫وعليه فاالرتفاقات اإلرادية إذن هي تلك اإلرتفاقات التي يكون مصدرها إرادة اإلنسان عن‬
‫طريق اإلتفاق أو الوصية أو الحيازة‪ ،‬وذلك كأن يلتزم مالك عقار بأن ال يعلي بناءه أو غرسه‬
‫لكي ال يمنع الهواء أو الشمس عن عقار جاره‪ ،‬وكأن يسمح شخص لمالك دار بأن يفتح نوافذه‬
‫على عقاره المجاور‪ ،‬وكأن يوصي شخص بأن يسمح لقريبه أن يسقي بساقية تمر في عقار‬
‫الموصي‪.31‬‬

‫‪ 30‬القرار عدد ‪ 912‬صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 22‬يونيو ‪ 2017‬في الملف اإلداري عدد ‪ 2014/1/4/292‬منشور‬
‫بقضاء محكمة النقض عدد ‪ ،84‬ص ‪.170‬‬
‫‪ 31‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.426‬‬
‫‪17‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أنواع االرتفاقات بحسب طبيعتها‬
‫تنقسم االرتفاقات بحسب طبيعتها إلى ارتفاقات ايجابية وارتفاقات سلبية (أوال)‪ ،‬وارتفاقات‬
‫ظاهرة وارتفاقات خفية (ثانيا)‪ ،‬ثم إلى ارتفاقات مستمرة وارتفاقات منقطعة (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال اإلرتفاقات االيجابية واإلرتفاقات السلبية‬

‫اإلرتفاقات االيجابية على أنها تلك اإلرتفاقات التي تخول للمستفيد‬ ‫‪32‬‬
‫عرف بعض من الفقه‬
‫منها حق مباشرة عمل ما على العقار المرتفق به‪ ،‬أو بعبارة أخرى فاإلرتفاقات االيجابية هي‬
‫تلك اإلرتفاقات التي تخول لصاحبها صالحية القيام بتصرفات ايجابية‪ ،‬ونمثل لذلك بحق‬
‫المرور‪ ،‬حيث أن هذا الحق يخول لصاحبه القيام بتصرفات ايجابية‪ ،‬وذلك عن طريق استعمال‬
‫هذا الحق من قِبل صاحبه بما يخدم مصالحه الخاصة أو العامة‪.‬‬

‫أما اإلرتفاقات السلبية فهي عكس سابقتها‪ ،‬فإذا كانت اإلرتفاقات االيجابية تخول لصاحب حق‬
‫االرتفاق القيام بمجموعة من التصرفات والتي من شأنها أن تحقق له المنفعة العامة أو‬
‫الخاصة‪ ،‬فإن اإلرتفاقات السلبية تفرض على صاحبها اإلمتناع عن القيام بتصرفات معينة‬
‫كان من حقه القيام بها‪ ،33‬ومن األمثلة على ذلك نذكر االرتفاق الذي يقتضي عدم البناء على‬
‫األراضي المجاورة للمطارات‪.‬‬

‫ثانيا االرتفاقات الظاهرة واالرتفاقات الخفية‬

‫ي قصد باالرتفاقات الظاهرة تلك االرتفاقات التي يكون لها مظهر خارجي يدل على وجودها‬
‫كنافذة في حق المطل أو باب أو طريق في حق المرور أو خندق في حق اسالة المياه أو‬
‫تصريفها‪ ،34‬عكس االرتفاقات الخفية أو االرتفاقات غير الظاهرة التي ال يكون لها مظهر‬
‫خارجي يدل على وجودها‪ ،‬وإنما تعرف باآلثار التي تترتب عليها‪ ،‬وذلك كما هو الشأن في‬

‫‪ 32‬ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.432‬‬


‫‪ 33‬العربي محمد مياد‪ ،‬الحقوق العينية األصلية والتبعية دراسة عملية مقارنة في التشريعات والعمل القضائي العربيين‪،‬‬
‫الطبعة االولى‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪ ،2021 ،‬ص ‪.326‬‬
‫‪ 34‬مامون الكزبري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪18‬‬
‫االرتفاق القاضي بعدم البناء على علو معين‪ ،‬أو بعدم البناء في أرض معينة‪ ،‬وكما هو الشأن‬
‫في االرتفاق الذي يمنح صاحبه حق أخذ الحجارة من عقار لمصلحة عقار آخر‪.35‬‬

‫ثالثا االرتفاقات المستمرة واالرتفاقات المنقطعة‬

‫عندما نتحدث عن االرتفاقات المستمرة فإننا نقصد تلك االرتفاقات التي ال تتطلب من صاحب‬
‫العقار المخدوم إال إعدادها حتى تفي بالغرض المرجو منها‪ ،‬وبدون تدخل متتالي أو دوري‪،‬‬
‫ومن أمثلتها تشييد طريق غير مصنفة حتى يستفيد المارة من حق المرور‪.36‬‬

‫أما االرتفاقات غير المستمرة أو المنقطعة فهي تلك االرتفاقات التي تحتاج في استعمالها إلى‬
‫تدخل اإلنسان بفعله‪ ،‬أي قيام مالك العقار المرتفق بعمل ايجابي في العقار المرتفق به‪ ،37‬يعني‬
‫أن هذا النوع من االرتفاقات ال يؤدي وظيفته إال بتدخل صاحب العقار المخدوم وقيامه بمباشرة‬
‫حقه الذي يخوله له ذلك االرتفاق‪ ،‬ومن ذلك على سبيل المثال نذكر حق االرتفاق بالمرور‬
‫وكذلك حق الشرب وغيرها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق اكتساب حقوق االرتفاق‬


‫نص المشرع المغربي في المادة ‪ 38‬من مدونة الحقوق العينية على أنه "ينشأ االرتفاق إما‬
‫عن الوضعية الطبيعية لألماكن أو بحكم القانون أو باتفاق المالكين"‪.‬‬

‫وعليه فإن حقوق االرتفاق إما أن يكون مصدرها الطبيعة أو اإلرادة (الفقرة االولى)‪ ،‬وإما‬
‫أن يكون مصدرها القانون (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬االرتفاقات الطبيعية واالرتفاقات اإلرادية‬


‫بداية سنعمل في هذه الفقرة على بيان االرتفاقات الطبيعية (أوال)‪ ،‬ثم بعد ذلك نتطرق إلى‬
‫االرتفاقات االرادية (ثانيا)‪.‬‬

‫‪ 35‬ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.432‬‬


‫‪ 36‬العربي محمد مياد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.326‬‬
‫‪ 37‬حليمة بن حفو‪ ،‬شرح القانون العقاري المغربي‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬المطبعة والوارقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪.161 ،2022 ،‬‬
‫‪19‬‬
‫أوال االرتفاقات الطبيعية‬

‫أشرنا سابقا بأن االرتفاقات الطبيعية قد عرفها المشرع المغربي في المادة ‪ 39‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،38‬ويقصد بها تلك االرتفاقات التي تفرضها الطبيعة على عقار لفائدة عقار‬
‫آخر مجاور‪ ،‬ومن بين االرتفاقات الطبيعية نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬سيل المياه الطبيعية من األراضي العالية على األراضي المنخفضة‪ ،‬حيث كرس‬
‫المشرع المغربي هذا المقتضى في المادة ‪ 60‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬حيث جاء فيها‬
‫على أنه « تتلقى األراضي المنخفضة المياه السائلة سيال طبيعيا من األراضي التي تعلوها‬
‫دون أن تساهم يد اإلنسان في إسالتها‪ ،‬وال يجوز لمالك األرض المنخفضة أن يقيم سدا لمنع‬
‫هذا السيل‪ ،‬كما ال يجوز لمالك األرض العالية أن يقوم بما من شأنه أن يزيد في عبء‬
‫االرتفاق الواقع على األرض المنخفضة"‬
‫‪ -‬أحقية المالك في استعمال مياه المطر التي تنزل في أرضه والتصرف فيها‪ ،‬حيث‬
‫نصت المادة ‪ 61‬من مدونة الحقوق العينية على أنه "لكل مالك الحق في استعمال مياه‬
‫المطر التي تنزل في أرضه والتصرف فيها‪ ،‬وإذا كان استعمال تلك المياه واالتجاه المعطى‬
‫لها يزيد عبء االرتفاق الطبيعي لسيل المياه المبين في المادة أعاله‪ ،‬فإن لصاحب األرض‬
‫المنخفضة الحق في التعويض‪ ،‬وذلك مع مراعاة القوانين واألنظمة الجاري بها العمل"‪.‬‬

‫ثانيا االرتفاقات اإلرادية‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 41‬من مدونة الحقوق العينية نجد بأن المشرع قد نص على أنه "يجوز‬
‫لمالك العقارات إحداث ارتفاقات ع ليها أو لفائدتها‪ ،‬وذلك باتفاق فيما بينهم مع مراعاة أحكام‬
‫القانون‪ ،‬ويجب أن يبين في العقد نطاق هذا الحق وكيفية استعماله"‪.‬‬

‫وبناء على المادة أعاله‪ ،‬فإن المشرع المغربي قد سمح لكل مالك بأن يتفق مع مالك آخر على‬
‫إحداث أو إنشاء ارتفاق يتكلف بمقتضاه عقار أحدهما بما يخدم عقار الطرف اآلخر‪ ،‬وذلك‬

‫‪ 38‬تنص المادة ‪ 39‬من مدونة الحقوق العينية على أنه « االرتفاقات الطبيعية تحمل تفرضه الوضعية الطبيعية لألماكنعلى‬
‫عقار لفائدة عقار مجاور«‬
‫‪20‬‬
‫كأن يتفقا على إنشاء ممر في أحد العقارين لصالح العقار اآلخر‪ ،‬أو بإنشاء ممر في كل منهما‬
‫ليوصل بالجانب اآلخر‪.39‬‬

‫غير أنه ولكي يعتد من الناحية الشرعية والقانونية بصحة االرتفاقات المنشأة بإرادة اإلنسان‪،‬‬
‫البد من توافر جملة من الشروط وهي‪:40‬‬

‫‪ -‬ي جب أن يكون االرتفاق مشروعا‪ ،‬أي غير مخالف للقانون أو النظام العام‪ ،‬ومن ذلك‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬ال يجوز إنشاء حق ارتفاق بالمرور لتسهيل تهريب المخدرات‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون االرتفاق مقررا لمنفعة عقار ال لمنفعة شخص‪ ،‬ذلك أن التكليف الذي‬
‫يستفيذ منه شخص بصفته مالكا للعقار من غير أن يستفيذ منه العقار نفسه ال يعتبر ارتفاقا‬
‫وهو تكليف باطل‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون االرتفاق مقرر على عقار ال على شخص‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االرتفاقات القانونية‬


‫تناول المشرع المغربي االرتفاقات القانونية في المادة ‪ 40‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬حيث‬
‫نص على أن "االرتفاق القانوني هو تحمل يفرضه القانون على عقار‪ ،‬ويمكن أن يقرر لمنفعة‬
‫عامة أو خاصة"‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن االرتفاقات القانونية إما أن تكون ارتفاقات مقررة للمنفعة أو المصلحة العامة‬
‫(أوال)‪ ،‬وإما أن تكون مقررة للمصلحة الخاصة (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال حقوق االرتفاق المقررة للمنفعة العامة‬

‫كثيرة هي االرتفاقات التي أقرها القانون للمصلحة العامة‪ ،‬غير أنه سنكتفي بذكر البعض منها‬
‫وذلك على سبيل المثال فقط‪ ،‬ومن بينها ما يلي‪:‬‬

‫‪ 39‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.427‬‬


‫‪ 40‬ادريس الفاخوري‪ ،‬الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،39.08‬طبعة ‪ ،2013‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‬
‫‪.172‬‬
‫‪21‬‬
‫‪ -‬االرتفاقات من أجل حماية المباني التاريخية (الفصل ‪ 23‬من القانون رقم ‪22.80‬‬
‫المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية‬
‫والعاديات‪ ،‬والذي تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم ‪.)19.05‬‬
‫‪ -‬االرتفاقات القانونية المترتبة لفائدة الحرمات العسكرية (الفصل االول من ظهير ‪7‬‬
‫غشت ‪ 1934‬المتعلق بالحرمات العسكرية كما وقع تعديله تتميمه)‪.‬‬
‫‪ -‬االرتفاقات القانونية المترتبة لفائدة الطيران (القسم الثالث من القانون رقم ‪40.13‬‬
‫المتعلق بالطيران المدني)‪.‬‬
‫‪ -‬االرتفاقات من أجل حماية البيئة (المادة ‪ 13‬من القانون رقم ‪ 11.03‬المتعلق بحماية‬
‫واستصالح البيئة)‪.‬‬
‫‪ -‬االرتفاقات المخصصة للطرق (المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ 4.89‬المتعلق بالطرق‬
‫السيارة)‪.‬‬

‫ثانيا حقوق االرتفاق المقررة للمنفعة الخاصة‬

‫فكما هو الشأن بالنسبة لالرتفاقات المقررة للمصلحة العامة‪ ،‬فإن القانون أقر ارتفاقات اخرى‪،‬‬
‫غير أن ما يميز هاته األخيرة أنها عائدة ومقررة للمنفعة الخاصة‪ ،‬ومن أمثلتها نذكر ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬االرتفاق بالمرور‪ :‬حيث إذا كان العقار محصورا عن الطريق العام‪ ،‬فيحق لصاحبه‬
‫أن يطلب تعيين ممر في األرض المجاورة لتكون صلة وصل بين ذلك العقار والطريق‬
‫العام‪ ،41‬وقد نص المشرع المغربي على هذا المقتضى في المادة ‪ 64‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬حيث جاء فيها على أن "لكل مالك عقار ليس له منفذ إلى الطريق العمومي أو له‬
‫منفذ غير كاف الستغالل عقاره استغالال زراعيا أو صناعيا‪ ،‬أن يحصل على ممر في‬
‫أرض جاره نظير تعويض مناسب شرط أن يقام هذا الممر في المكان الذي ال يسبب‬
‫لألرض المرتفق بها إال أقل ضرر"‪.‬‬

‫‪ 41‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.423‬‬


‫‪22‬‬
‫‪ -‬االرتفاق بالمجرى‪ :‬وهو الذي تناول المشرع المغربي تعريفه في المادة ‪ 56‬من مدونة‬
‫الحقوق العينية‪ ،‬حيث نص على أن حق المجرى هو الحق في تمرير ماء الري من مورده‬
‫بأرض الغير للوصول به إلى األرض المراد سقيها به وذلك عبر مجرى أو مواسير"‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فحق المجرى إذن هو حق خوله القانون لصاحب األرض البعيدة من مجرى الماء‪،‬‬
‫حيث أعطى له المشرع في هاته الحالة إمكانية تمرير الماء من مورده الطبيعي ومرورا به‬
‫على أرض الغير ليصل به إلى المكان المراد سقيه‪ ،‬وليس للجار أو الغير أن يمنع مرور الماء‬
‫بدعوى أنه يمر من أرضه‪ ،‬ألن القانون هو الذي أعطى هذه المكنة لصاحب حق المجرى‪،‬‬
‫بل أكثر من ذلك يمكن لهذا األخير إجراؤه جبرا عنهم‪ ،‬دفعا للضرر عنه‪ ،‬لكن شريطة أدائه‬
‫تعويضا مناسبا عن االنتفاع من مرور الماء لسقي أرضه بهذا الماء عبر المجرى‪.42‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام االرتفاقات والتحمالت العقارية‬


‫بعدما تطرقنا في الفصل األول لمفهوم حق االرتفاق بصفة عامة بتحديد تعريفه وبيان شروطه‬
‫وخصائصه التي تميزه كحق عيني عن غيره من الحقوق األخرى‪ ،‬سننتقل إلى الفصل الثاني‬
‫لتناول أهم أحكام وآثار حق االرتفاق والتحمالت العقارية‪ ،‬وذلك من خالل تقسيمه إلى مبحثين‪،‬‬
‫حيث سنخصص المبحث األول ألحكام حق االرتفاق‪ ،‬والتي سنقسمها إلى آثار حق االرتفاق‬
‫ف ي المطلب األول‪ ،‬ثم إلى طرق انقضائه في المطلب الثاني‪ ،‬أما المبحث الثاني فتناولنا فيه‬
‫أحكام التحمالت العقارية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام االرتفاقات‬


‫إن حقوق االرتفاق المنشأة على وجه صحيح ترتب مجموعة من اآلثار القانونية سواء على‬
‫مستوى العقار المرتفق أو على مستوى العقار المرتفق به (الفقرة االولى)‪ ،‬كما أن هناك‬
‫مجموعة من األسباب تؤدي إلى انهاء هاته الحقوق (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪ 42‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم ‪ ،39.08‬الطبعة الثالثة‪ ،‬المطبعة‬
‫غير مذكورة‪ ،‬السنة ‪ ،2018‬ص ‪.160‬‬
‫‪23‬‬
‫المطلب األول‪ :‬آثار حق االرتفاق‬
‫سنعمد في هذا المطلب إلى دراسة أهم اآلثار المترتبة عن حقوق االرتفاق‪ ،‬غير أنه في البداية‬
‫سنحاول أن نصنف هاته اآلثار‪ ،‬وذلك عن طريق تناول حقوق والتزامات مالك العقار المرتفق‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬ثم بعد ذلك نتطرق إلى حقوق والتزامات مالك العقار المرتفق به (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬حقوق والتزامات مالك العقار المرتفق‬


‫إن حق االرتفاق يخول لمالك العقار المرتفق مجموعة من الحقوق (أوال)‪ ،‬كما أنه يحمله عدة‬
‫التزامات (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال حقوق مالك العقار المرتفق‬

‫خول المشرع المغربي لمالك العقار المرتفق مجموعة من الحقوق‪ ،‬كما خول له جملة من‬
‫الضمانات في إطار عالقته بمالك العقار المرتفق به‪ ،‬وسنحاول أن نتطرق ألهم الحقوق‪،‬‬
‫وذلك على النحو اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬استعمال حق االرتفاق القانوني‪ :‬حيث إن مالك العقار المرتفق يحق له أن يمارس جميع‬
‫األعمال التي تمكنه من استعمال حق االرتفاق المقرر بمقتضى القانون لصالحه على‬
‫العقار المرتفق به‪ ،43‬وذلك بحسب ما كان محدد ومقرر بمقتضى القانون‪ ،‬وهذا ما أكدته‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 43‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬حيث جاء فيها على أنه "إذا تقرر‬
‫حق االرتفاق لفائدة عقار معين‪ ،‬فإنه يخول صاحبه كل ما هو الزم الستعمال هذا الحق"‪.‬‬
‫‪ -‬إجراء األعمال الالزمة الستعمال حق االرتفاق القانوني وصيانته‪ :‬حيث نصت المادة‬
‫‪ 44‬من مدونة الحقوق العينية على أنه "يحق لصاحب حق االرتفاق أن يقوم بجميع األعمال‬
‫الضرورية الستعمال حقه وصيانته شرط أن يستعمله بالقدر الذي ال يلحق بالعقار المرتفق‬
‫به إال أقل ضرر"‪ ،‬ويهدف المشرع المغربي من هذا المقتضى تدعيم فعالية حق االرتفاق‬
‫بصفة عامة واإلرتفاق القانوني بصفة خاصة‪ ،‬وذلك بإعطاء مالك العقار المرتفق الوسائل‬

‫‪ 43‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.436‬‬


‫‪24‬‬
‫الالزمة الستعمال حقه‪ ،‬إذ قد يتطلب هذا االستعمال القيام ببعض األعمال كإنشاء الطريق‬
‫التي يمر منها‪ ،‬وبناء الساقية التي يجري فيها الماء ألرضه‪ ،‬أو إجراء أعمال تتطلبها‬
‫المحافظة على حق االرتفاق القانوني‪ ،‬أو القيام باإلصالحات الالزمة التي تقتضيها صيانته‬
‫كسد الثغرات التي تحدث في الساقية‪.44‬‬
‫‪ -‬حماية حق استعمال االرتفاق القانوني‪ :‬أقر المشرع المغربي لمالك العقار المرتفق‬
‫مجموعة من السبل كفيلة بحماية حقه من أي اعتداء‪ ،‬ومن أهم هذه السبل نجد دعوى‬
‫اإلقرار بحق االرتفاق القانوني ودعوى الحيازة‪ ،‬فبالنسبة لدعوى اإلقرار بحق االرتفاق‬
‫القانوني فهي دعوى عينية تهدف إلى االعتراف بحق االرتفاق القانوني أو الدفاع عنه‪،‬‬
‫حيث إن مالك العقار المرتفق يحق له أن يرفع الدعوى العينية التي يحمي بها حق االرتفاق‬
‫القانوني ذاته‪ ،‬وهي دعوى اإلقرار‪ ،‬حيث بموجبها يستطيع أن يطالب ممن ينازعه في‬
‫حقه سواء كان مالك العقار المرتفق به أو أي حائز لهذا العقار‪ ،‬ويقدم كإثبات لدعواه كيفية‬
‫اكتسابه لهذا الحق‪ ،‬أما دعوى الحيازة فهي االخرى تعتبر وسيلة أقرها المشرع لمالك‬
‫العقار المرتفق قصد حماية حقه‪ ،‬غير أنه ليس بإمكانه أن يمارس جميع دعاوى الحيازة‪،‬‬
‫حيث يحق له فقط إقامة دعوى منع التعرض ودعوى وقف األعمال الجديدة‪ ،‬وهذا راجع‬
‫لخصوصية االرتفاق القانوني‪ ،‬في حين يمتنع عليه ممارسة دعوى استرداد الحيازة‪ ،‬ألن‬
‫هذه األخيرة تعطى فقط لمن غصبت حيازته للعقار حيازة مادية‪.45‬‬

‫ثانيا التزامات مالك العقار المرتفق‬

‫فإذا كان المشرع المغربي قد أقر لمالك العقار المرتفق مجموعة من الحقوق‪ ،‬فإنه وفي مقابل‬
‫ذلك ألقى على عاتقه جملة من االلتزامات المنصوص عليها في القانون‪ ،‬وتتمثل هذه‬
‫االلتزامات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ 44‬معاد الناجي‪ ،‬أحكام االتفاقات القانونية المكرسة في مدونة الحقوق العينية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬ماستر قانون العقار والتعمير‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ،2021/2020‬ص ‪.63‬‬
‫‪ 45‬معاد الناجي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.66 – 65‬‬
‫‪25‬‬
‫‪ -‬االلتزام بنفقات الصيانة واالستعمال‪ :‬وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 46‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬حيث جاء فيها على أنه "نفقة إقامة المنشأة واألعمال األخرى الالزمة الستعمال‬
‫حق االرتفاق وصيانته تقع على عاتق مالك العقار المقرر هذا الحق لفائدته ما لم ينص‬
‫العقد على خالف ذلك"‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإذا كان المشرع قد خول لمالك العقار المرتفق حق القيام بجميع األعمال الالزمة‬
‫الستعمال حق االرتفاق القانوني وصيانته‪ ،‬فإن المشرع ألزمه في مقابل ذلك بأداء كل النفقات‬
‫التي تلزم الستعمال االرتفاق أو صيانته‪ ،‬وذلك ما لم يتفق األطراف على أن تلك النفقات‬
‫يتحملها مالك العقار المرتفق به‪.‬‬

‫‪ -‬االلتزام بعدم تجاوز حدود االرتفاق القانوني‪ :‬أي أن مالك العقار المرتفق ال يجوز له أن‬
‫يستعمل حق االرتفاق القانوني إال وفق الحدود التي رسمها القانون‪ ،‬حيث يمنع عليه منعا‬
‫كليا إجراء أي تعديل أو تغيير في حق االرتفاق ذاته‪ ،‬ومن ذلك مثال أن يكون له حق‬
‫المرور فيبادر إلى استعمال الطريق كمجرى أو لوضع أنابيب توصل المياه إلى منزله‪،‬‬
‫أو أن يستعمل حق االرتفاق القانوني لفائدة عقار آخر غير العقار المرتفق‪.‬‬
‫‪ -‬االلتزام بعدم الزيادة في عبء االرتفاق القانوني‪ :‬حيث ال يجوز لمالك العقار المرتفق أن‬
‫يقوم بكل ما من شأنه أن يؤدي إلى إثقال كاهل العقار المخدوم‪ ،‬كأن يوسع الممر المخصص‬
‫لمرور األشخاص ليستعمله لمرور الحافالت‪ ،‬وبالتالي فإن استعمال حق االرتفاق على‬
‫وجه يضر بالعقار المرتفق به ضررا كان يمكن تجنبه لو أنه استعمله على وجه آخر يعود‬
‫عليه بالفائدة المستحقة‪ ،‬تحققت مسؤوليته‪ ،‬ويرجع ذلك إلى قاضي الموضوع لما له من‬
‫سلطة تقديرية في هذا الباب‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حقوق والتزامات مالك العقار المرتفق به‬


‫فكما هو الشأن بالنسبة لمالك العقار المرتفق‪ ،‬فإن المشرع نظم أيضا آثار حقوق االرتفاق‬
‫بالنسبة لمالك العقار المرتفق به‪ ،‬فهو اآلخر خول له المشرع مجموعة من الحقوق (أوال)‪،‬‬
‫وفي مقابل ذلك فرض عليه جملة من االلتزامات (ثانيا)‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أوال حقوق مالك العقار المرتفق به‬

‫خول المشرع المغربي لمالك العقار المرتفق به كافة الحقوق التي للمالك على ملكه من انتفاع‬
‫واستغالل وتصرف‪ ،‬إال أن حقوقه هذه تصبح بمقتضى االرتفاق مقيدة بعدم استعمالها فيما‬
‫من شأنه أن يمنع صاحب العقار المرتفق من استعمال ارتفاقه فيما أعد له أو أن يقوم بما من‬
‫شأنه أن يضر به‪ ،‬كأن يضيق عليه الطريق التي يمر منها‪ ،‬أو يحدد له وقتا معينا للمرور‪.46‬‬

‫وبما أن مالك العقار المرتفق يتقرر لفائدته حق االرتفاق القانوني الستعمال واستغالل عقاره‪،‬‬
‫فإن مالك العقار المرتفق به له الحق في الحصول على مقابل يتجلى في استيفاء تعويض‬
‫مناسب عما لحقه من ضرر‪ ،‬وهدف المشرع من تكريس هذا المقتضى هو خلق نوع من‬
‫التوازن بين ما يجنيه مالك العقار المرتفق وما يتحمله مالك العقار المرتفق به‪.47‬‬

‫ثانيا التزامات مالك العقار المرتفق به‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 47‬من مدونة الحقوق العينية نجد بأن المشرع قد نص على أهم االلتزامات‬
‫الملقاة على عاتق مالك العقار المرتفق به‪ ،‬حيث جاء فيها على أنه "إن صاحب الملك المرتفق‬
‫به ال يمكن له القيام بأي شيء يرمي إلى إنقاص استعمال حق االرتفاق أو جعله أكثر مشقة‪،‬‬
‫ويلتزم على وجه الخصوص بعدم تغيير حالة األماكن أو نقل استعمال االرتفاق إلى محل‬
‫أخير غير المكان الذي وضع فيه أول مرة"‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فمالك العقار المرتفق به يمنع عنه منعا كليا القيام بأي شيء يمكنه أن يؤدي إلى إنقاص‬
‫استعمال حق االرتفاق أو أن يجعله أكثر مشقة‪ ،‬وبهذا يتعين عليه أال يعمل شيئا يعوق استعمال‬
‫حق االرتفاق على الن حو الطبيعي‪ ،‬مثل تضييق الممر في حالة االرتفاق بالمرور أو القيام‬
‫بغرس مزروعات أو أشجار تعوق المرور لمالك العقار المرتفق أو على األقل تجعله أكثر‬
‫مشقة‪ ،‬وفي حالة االرتفاق بالشرب من بئر معينة‪ ،‬ال يجوز لصاحب العقار المرتفق به أي‬
‫تلك الموجودة فيه البئر أن يسحب الماء منه على نحو يقلل المياه‪ ،‬وبالتالي يصبح االغتراف‬
‫منها أكثر مشقة وصعوبة‪ ،‬كما ال يجوز له رمي النفايات في القناة المخصصة لمجرى الماء‪،‬‬

‫‪ 46‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.435‬‬


‫‪ 47‬معاد الناجي‪ ،‬م س‪.84 ،‬‬
‫‪27‬‬
‫بل وال يحق له أن يستعمل هذه القناة إذا كان هذا االستعمال يؤثر على صاحب الحق في‬
‫استعمال حقه‪.48‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق انقضاء حق االرتفاق‬


‫تناول المشرع المغربي طرق انقضاء حقوق االرتفاق في المادة ‪ 69‬من مدونة الحقوق العينية‪،‬‬
‫حيث بالرجوع إلى هذه المادة نجد المشرع قد نص على أنه "ينقضي حق االرتفاق بأحد‬
‫األسباب اآلتية؛ بانتهاء األجل المحدد له أو بالتنازل عن حق االرتفاق ممن له الحق فيه‪ ،‬أو‬
‫باجتماع ا لعقارين في يد مالك واحد أو بصيرورة العقار المرتفق أو العقار المرتفق به في‬
‫وضعية ال يمكن معها استعمال هذا الحق أو بهالك العقار المرتفق أو العقار المرتفق به هالكا‬
‫كليا أو بزوال الغرض الذي أحدث من أجله"‪.‬‬

‫ويظهر من خالل المادة أعاله أن طرق انتهاء حق االرتفاق ال تختلف كثيرا عن طرق انتهاء‬
‫الحقوق وااللتزامات بصفة عامة‪ ،‬وهذا األمر حقيقة يعتبر بديهيا ما دام أن حق االرتفاق ال‬
‫يعدو أن يكون مجرد حق من الحقوق العينية العقارية‪ ،‬غير أن وبالرغم من ذلك فإن حق‬
‫االرتفاق له أسباب أخرى تحد من استمراريته‪ ،‬وترجع أساسا إلى الطبيعة الخاصة لحق‬
‫االرتفاق‪ ،‬ولهذا سنحاول في هذا المطلب أن نتطرق إلى األسباب العامة النقضاء حق االرتفاق‬
‫(الفقرة االولى)‪ ،‬ثم بعد ذلك نعرج على أسباب االنتهاء المتعلقة بالطبيعة الخاصة لحق‬
‫االرتفاق (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬انقضاء حق االرتفاق وفق المبادئ العامة‬


‫تتجلى األسباب العامة النقضاء حق االرتفاق فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬انقضاء حق االرتفاق بانتهاء أجله‪ :‬فإذا كان حق االرتفاق ‪-‬مبدئيا‪ -‬يتسم بالتأبيد‪ ،‬إال أنه‬
‫ليس هناك ما يمنع أطراف هذا الحق أن يتفقوا على تحديد أجل لحق االرتفاق‪ ،‬فإذا ما تم‬
‫االتفاق على تحديد األجل‪ ،‬فإنه بمجرد حلول هذا األجل المتفق عليه ينقضي حق االرتفاق‪.‬‬

‫‪ 48‬معاد الناجي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫‪28‬‬
‫‪ -‬انتهاء حق االرتفاق بالتنازل عنه‪ :‬يجوز لصاحب العقار المرتفق أن يتنازل عن حقه في‬
‫االرتفاق ما دام يتمتع بأهلية األداء التي تخول له صالحية ممارسة جميع التصرفات‬
‫القانونية بما في ذلك التنازل‪ ،‬سواء كان هذا التنازل بعوض أو بغير عوض‪ ،‬غير أنه في‬
‫الحالة التي يكون فيها العقار المرتفق به مشاعا بين عدة أشخاص‪ ،‬فإنه والحالة هذه البد‬
‫أن يصدر التنازل عن الشركاء جميعا لكي يعتد به‪ ،‬نظرا لكون االرتفاق ال يتجزأ‪.49‬‬
‫‪ -‬انقضاء حق االرتفاق بالتقادم‪ :‬لم يتناول المشرع المغربي هذا السبب ضمن أسباب‬
‫انقضاء حق االرتفاق المنصوص عليها في المادة ‪ 69‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬غير أن‬
‫ما يجب االنتباه إليه أن هذا السبب ال يسري على كافة العقارات‪ ،‬كما ال يسري على جميع‬
‫االتفاقات‪ ،‬حيث ال يمكن تصور التقادم في العقارات المحفظة‪ ،‬وهذا بصريح الفصل ‪63‬‬
‫من ظهير التحفيظ العقاري‪ ،50‬كما أنه ال يسري على االتفاقات القانونية‪ ،‬بل يبقى نطاقه‬
‫محصورا في العقارات غير المحفظة واالتفاقات التي تنشأ بإرادة األطراف‪.‬‬

‫ويختلف الوقت الذي يبدأ في سريان مدة التقادم بحسب نوع االرتفاق‪ ،‬ففي االرتفاق غير‬
‫المستمر يبدأ سريان المدة من الوقت الذي يقع فيه آخر عمل من أعمال االستعمال‪ ،‬ويقع عبء‬
‫اثبات االستعمال على عاتق مالك العقار المرتفق‪ ،‬وفي االرتفاق المستمر يبدأ سريان المدة‬
‫من الوقت الذي يقع فيه عمل يتعارض مع حق االرتفاق‪ ،‬وإذا اكتملت مدة التقادم سقط حق‬
‫االرتفاق بعدم االستعمال‪ ،‬وال يمنع من سقوطه أن يعود مالك العقار المرتفق إلى استعمال‬
‫حق االرتفاق بعد اكتمال مدة التقادم‪ ،‬إال إذا لم يعترض مالك العقار المرتفق به على ذلك‪،‬‬
‫وفسر عدم اعتراضه على أنه نزول منه عن حقه في التمسك بالتقادم‪.51‬‬

‫‪ 49‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.177‬‬


‫‪ 50‬ينص الفصل ‪ 63‬من ظهير التحفيظ العقاري على أنه "إن التقادم ال يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة‬
‫المالك المقيد‪ ،‬وال يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم العقاري"‪.‬‬
‫‪ 51‬محمد مومن‪ ،‬حق االرتفاق‪ ،‬مقال منشور بالموقع االلكتروني ‪ ، www.anibrass.blogsport.com‬تم االطالع‬
‫عليه بتاريخ ‪ 2024/01/07‬على الساعة ‪.12:40‬‬
‫‪29‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أسباب االنقضاء المرتبطة بالطبيعة الخاصة لحق االرتفاق‬
‫ف بعدما تطرقنا في الفقرة السابقة إلى األسباب العامة النقضاء حق االرتفاق‪ ،‬والتي يشترك‬
‫فيها هذا األخير مع جميع الحقوق وااللتزامات بشكل عام‪ ،‬سنحاول اآلن أن نقف عند األسباب‬
‫الخاصة المرتبطة بطبيعة حق االرتفاق نفسه‪ ،‬وتتجلى هذه األسباب فيما سيتم بيانه كاآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬انقضاء حق االرتفاق بزوال منفعته‪ :‬يعد هذا السبب من بين األسباب المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 69‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬وقد أكدنا سابقا على أن حق االرتفاق يتكون من‬
‫ثالثة عناصر‪ ،‬أولها العقار المرتفق وثانيها العقار المرتفق به وثالثها المنفعة التي يقدمها‬
‫العقار المرتفق به للعقار المرتفق‪ ،‬وبزوال هذا العنصر األخير ينقضي حق االرتفاق‪،‬‬
‫وهذا االمر بديهي ما دام أن الغاية المرجوة من وراء حق االرتفاق لم تعد قائمة‪ ،‬فإنه وفي‬
‫نفس المنوال ال فائدة من استمرار حق االرتفاق المجرد من منفعته‪.‬‬
‫‪ -‬انقضاء حق االرتفاق بالهالك الكلي‪ :‬فحق االرتفاق وكما هو منصوص عليه في المادة‬
‫‪ 69‬من مدونة الحقوق العينية ينتهي بهالك العقار المرتفق أو العقار المرتفق به‪ ،‬ألن هذا‬
‫األمر يحول دون تحقيق المنفعة المتوخاة من حق االرتفاق‪ ،‬وهذا يعني أنه إذا هلك العقار‬
‫المرتفق أو العقار المرتفق به‪ ،‬فإن هذا الهالك يكون سببا أيضا في انقضاء حق االرتفاق‪،‬‬
‫ونمثل لذلك بحق المرور المعد لخدمة منزل معين‪ ،‬فإذا هلك هذا المنزل بانهياره وسقوطه‬
‫مثال‪ ،‬فإن هذا األمر يحد من استمرارية حق االرتفاق‪ ،‬وبالتالي ينتهي هذا األخير ويزول‪.‬‬
‫‪ -‬انقضاء حق االرتفاق باستحالة استعماله‪ :‬فمن بين أسباب انتهاء حق االرتفاق حينما‬
‫يصبح من المستحيل استعمال االرتفاق‪ ،‬بحيث يتبين أنه أصبح من المستحيل بصفة مطلقة‬
‫ودائمة استعمال االرتفاق‪ ،‬سواء كانت هذه االستحالة آتية من العقار المرتفق‪ ،‬كما إذا كان‬
‫هناك ارتفاق بسقي أرض زراعية فتحولت إلى حي سكني‪ ،‬وكما لو هدم العقار الذي له‬
‫حق المطل وحول إلى مزرعة‪ ،‬أو كانت آتية من العقار المرتفق به‪ ،‬كما لو غاضت مياه‬
‫العين التي يسقي منها صاحب العقار المخدوم‪.52‬‬

‫‪ 52‬محمد ابن معجوز‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.438‬‬


‫‪30‬‬
‫‪ -‬انقضاء حق االرتفاق باتحاد الذمة‪ :‬البد أن نشير بداية إلى أن مشرع مدونة الحقوق‬
‫العينية لم يستعمل مصطلح "اتحاد الذمة" كسبب يؤدي إلى انقضاء حق االرتفاق‪ ،‬وإنما‬
‫عبر عن ذلك بالعبارة التالية "اجتماع العقارين في يد مالك واحد‪ ،‬وذلك راجع في اعتقادنا‬
‫إلى عدم الخلط بين اتحاد الذمة المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود والتي نص‬
‫عليها في مدونة الحقوق العينية‪ ،‬نظرا لكون اتحاد الذمة المنصوص عليها في قانون‬
‫االلت زامات والعقود تنصرف إلى الحق الشخصي بينما في إطار مدونة الحقوق العينية‬
‫تنصرف إلى الحق العيني‪ ،‬وال مجال للحديث عن الفرق بين الحق الشخصي والحق‬
‫العيني‪.‬‬

‫وعموما يمكن القول بأنه إذا اجتمع عقارين في يد شخص واحد فإن حق االرتفاق ينتهي‬
‫وينقضي‪ ،‬فلو كان مثال لشخص حق االرتفاق على عقار معين‪ ،‬وقام هذا الشخص باقتناء ذلك‬
‫العقار‪ ،‬فإن حق االرتفاق في هذه الحالة ينتهي‪ ،‬ألن العقار المرتفق والعقار المرتفق به في يد‬
‫شخص واحد‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التحمالت العقارية‬


‫تعد التحمالت من بين المستجدات التي جاء بها المشرع المغربي في مدونة الحقوق‬
‫العينية‪ ،‬حيت خصص لها مواد من ‪ 70‬إلى ‪ 78‬من هذا القانون‪ ،‬وتأتي هذه التحمالت في‬
‫صورة قيود ترد على سلطات المالك أثناء إدارة والتصرف في ملكه‪ ،‬وذلك للحفاظ على‬
‫مختلف االرتفاقات المتعلقة بالعقارات‪ ،‬من خالل قيود تحد من حرية المالك في استعمال‬
‫واستغالل عقاره باعتبار أن حق الملكية ليس مطلق بل هو مقيد بمقتضى القانون واألنظمة‬
‫طبقا لنص المادة ‪ 19‬من قانون ‪.39.08‬‬

‫والقيود التي ترد على حق الملكية ترد في شكل تحمالت لحماية المصلحة العامة والخاصة‬
‫ترجع كلها إلى الجوار بين المالك في إطار المفهوم العيني لهذه التحمالت التي تتعدد أنواعها‬
‫(المطلب األول)‪ ،‬لرفع مضار الجوار في إطار الحد من التعسف في استعمال الحق‪ ،‬وذلك‬
‫على نحو يحافظ على نية الجوار ويسمح بالعيش في إطار رحب تحقيقا في نهاية المطاف‬
‫لمصلحة عامة وجماعية‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫المطلب االول‪ :‬المفهوم العيني للتحمالت العقارية‬
‫إن التحمالت العقارية باعتبارها قيودا قانونية على حق الملكية يرسم بها المشرع الحدود التي‬
‫يجب على المالك مراعاتها في ممارسة حقه التي ترتبط باألمالك المالصقة من جهة (الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬ومن جهة أخرى تلك التي تتعلق باألمالك المتجاورة (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التحمالت المرتبطة باألمالك المتالصقة‬


‫فمن خالل تصفح واستقراء مقتضيات مدونة الحقوق العينية خاصة الشق المتعلق بالتحمالت‬
‫العقارية‪ ،‬نجد على أن المشرع نص على مجموعة من التحمالت التي تأخذ طابع يرجع إلى‬
‫التالصق مع الجوار‪ ،‬والتي تتمثل في تعيين الحدود لألمالك المتالصقة وتسويرها‪ ،‬فضال عن‬
‫حكم االغراس وامتداد االغصان واالشجار‪:53‬‬

‫أوال التحمالت العقارية المرتبطة برسم حدود االمالك وتسويرها‬

‫إن المشرع ووعيا منه بالنزاعات التي تنشأ بين المالك المتجاورين بسبب الحدود‪ ،‬فقد عمد‬
‫المشرع إلى تقنين هذه النقطة من خالل التنصيص على إمكانية إجبار الجار على تعيين حدود‬
‫االمالك المتالصقة بين عقارين كل ذلك بهدف الحفاظ ورفع مضار الجوار‪.‬‬

‫فبالرجوع إلى المادة ‪ 70‬من قانون ‪ ،39.08‬التي تنص على أن للجار ان يجبر جاره على‬
‫تعيين حدود ألمالكهما المتالصقة‪ ،‬وتكون نفقة التحديد مشتركة بينهما‪.‬‬

‫وباستقراء هذا النص‪ ،‬يتبين أنه إدا كان هناك أرضين متالصقين غير مبينين ويعودان‬
‫لمالكين مختلفين‪ ،‬ويريد أحد المالكين إقامة حدود فاصلة على أرضهما حتى تتميز كل أرض‬
‫عن االخرى‪ ،‬فإن كل مالك يجبر على المساهمة في هذا العمل‪ ،‬وبذلك تتقيد حريته في ملكه‬
‫بعد أن كان حرا في تحديد هذا الملك من عدمه‪ ،‬وذلك مالم يتفق المالكان وديا على وضع‬
‫الحدود‪ ،‬فإدا تعذر هذا االتفاق ألي سبب من االسباب جاز لمالك االخر أن يرفع على المالك‬
‫الممتنع دعوى تعيين الحدود‪ ،‬بمعنى أن المشرع أقر هذا الحق استنادا إلى واقعة عينية وهي‬
‫التالصق بين ملكين متجاورين وهو ما يجعله حقا قائما بقوة القانون بمجرد قيام حالة التالصق‬

‫‪ 53‬المصطفى الخطيب التحمالت العقارية‪ :‬أي حماية لبيئة الجوار في ضوء مدونة الحقوق العينية‪ ,‬مقال منشور في مجلة‬
‫المحاك‬
‫‪32‬‬
‫بين ملكيتين‪ ،‬غير أنه إدا كان للجار أن يجبر جاره على تعيين حدود امالكهما المتالصقة‪،‬‬
‫فإنه ليس له أن يجبره على تصوير أرضه إال إدا تضرر من ذلك نص المادة ‪ 76‬م‪ .‬ح‪ .‬ع‪.‬‬
‫غير أن االشكال المطروح هنا‪ ،‬هل تقتصر المطالبة بتعيين الحدود على المالك فقط كما يؤخذ‬
‫من ظاهر المادة ‪ 70‬من م‪ .‬ح‪ .‬ع؟‬

‫بل يثبت كذلك أيضا لكل من له حق عيني على عقار كالمنتفع وصاحب حق االستعمال باعتبار‬
‫حقوقهما تنصب مباشرة على العقار‪.54‬‬

‫وغني عن البيان أن االلتزامات التي تعود إلى وضع الحدود ال تتحقق في حقل العقارات‬
‫المحفظة مادامت تخض ع لعملية التحديد الدقيق قبل انشاء وتأسيس الرسم العقاري‪ ،‬لذلك ال‬
‫يمكن تصور وجود هذا النوع من التحمالت على العقارات المحفظة‪ ،‬إد يكفي الرجوع إلى‬
‫الرسم العقاري والخريطة الطبوغرافية لتبيان الحدود‪.‬‬

‫تانيا‪ :‬التحمالت العقارية المرتبطة بعملية غرس االشجار واالغراس‬

‫إن النظر إلى طبيعة حق الملكية وما يخوله لصاحبه من عناصر وسلطات واسعة في‬
‫استعمال والتصرف في أرضه‪ ،‬وبالتالي ارتباطا بهذا‪،‬فإن له أن يغرس أرضه بم شاء من‬
‫االغراس واالشجار لكن دائما عليه استحضار قاعدة جوهرية التي تتجلى في عدم التعسف‬
‫في استعمال الحق التي تجد سندها في القانون واالتفاق‪ ،‬لما هو مقرر في المادة ‪ 14‬من م‪.‬‬
‫ح‪ .‬وعليه التقيد بقيود تحد من األضرار التي يمكن أن تلحق جاره من هذه االغراس‪ ،‬والتي‬
‫عمل المشرع على تنظيمها في مجموعة من المقتضيات في مدونة الحقوق العينية‪:‬‬

‫فإذا كانت هذه االشجار تتجاوز مترين‪ ،‬على المالك أن يترك بين الحائط الفاصل بين أرض‬
‫الجار واالرض التي سيقام الغرس عليها‪ ،‬وإدا كانت ال تتجاوز المترين يتعين أن يترك مسافة‬
‫نصف متر فقط مع وجود استثناء لهذه القاعدة عندما يكون علوا االشجار ال يتجاور قمة‬
‫الحائط‪ ،‬المادة ‪ 72‬من م‪ .‬ح‪ .‬ع‪.‬‬

‫‪ 54‬المصطفى الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪264‬‬


‫‪33‬‬
‫وإدا قام المالك بغرس أرضه دون احترام هذه المسافة المحددة قانونا فإنه من حق الجار أن‬
‫يطالب بقلعها‪ ،‬ورفع ما قد تسببه من ضرر‪ ،‬وكتب الفقه تزخر بالعديد من األمثلة التي تؤكد‬
‫هذا المبدأ‪ ،‬قال ابن العاصم‪:‬‬

‫ومحدث ما فيه للجار ضرر محقق من غير نظر‬

‫فمن أحدت شيئا فيه ضرر للجار محقق ال محتمل يمنع من إحداثه ويزال‪ ،‬وهذا ما أخدت‬
‫به الشريعة االسالمية لقوله صلى هللا عليه وسلم "ال ضرر وال ضرار"‬

‫ونفس االمر عند امتداد جدور االشجار وأعضناها‪ ،‬قال بن العاصم‪:‬‬

‫ومن تكن له بملك شجرة أغضانها عالية منتشرة‬

‫فال كالم عند ذا لجارها ال في ارتفاعها وال انتشارها‬

‫وكل ما خرج عن الهواء صاحبها يقطع باستواء‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التحمالت المرتبطة باألمالك المتجاورة‬


‫إلى جانب التحمالت العقارية التي ترجع إلى التالصق في الجوار‪ ،‬اعتمدت أيضا مدونة‬
‫الحقوق‬

‫العينية في إطار الملكيات المتجاورة‪ ،‬وما يتولد عنها من مضار الجوار الغير المألوفة‪ ،‬وهو‬
‫ما أقره المشرع في المادة ‪ 21‬من م‪ .‬ح‪ .‬ع‪ .‬والضرر هو كل من يستعمل ملكيته بطريقة غير‬
‫مألوفة على نحو يخل التوازن الطبيعي للملكيات المتجاورة‪.‬‬

‫وهو ما أكدت عليه المادة ‪ 71‬هذه األخيرة التي وسعت من النطاق الجغرافي‪ ،‬إد لم يعد مقابال‬
‫لاللتصاق‪ ،‬مما يعني أن المشرع جعل المجال الجغرافي للجوار يتحقق بالقرب أيضا دون‬
‫اشتراط االلتصاق‪ ،55‬فالمادة ‪ 71‬خولت للجيران المطالبة بإزالة المضار التي تتحاوز المألوف‬
‫مع مراعاة طبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة لآلخر‪.‬‬

‫‪ 55‬المصطفى الخطيب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪266‬‬


‫‪34‬‬
‫إال أن االشكال الذي يمكن طرحه في هذا اإلطار‪ ،‬من الذي له صفة الجار‪ ،‬هل االمر يتعلق‬
‫بالمالكين أم ينطبق على كل من له حق عيني على عقار كالمنتفع وصاحب حق االستعمال أو‬
‫حتى حق شخصي كالمكتري؟‬

‫وبتصفح المادة ‪ 71‬من م‪ .‬ح‪ .‬ع نجد أن لفظ الجيران جاء مطلق‪ ،‬وبالتالي لم تحدد لنا من‬
‫له صفة الجار‪ ،‬وبالتالي يستدعي منا االمر التمييز بين الجار الضحية والجار المسؤول عن‬
‫الضرر‪.‬‬

‫صفة الجار الضحية‪ :‬فما دام االمر مفتوح في المادة ‪ 71‬من نفس القانون‪ ،‬فهي ال تعني فقط‬
‫المالكين المتجاورين وأصحاب الحقوق العينية‪ ،‬إذ يشمل أيضا أصحاب الحقوق الشخصية‬
‫على االمالك ال متجاورة‪ ،‬إد أن للجار المكتري بهذه الصفة مقاضاة جاره وليس المكري عن‬
‫االذايات الدي سببها له‪ ،‬وهذا ما تم التنصيص عليه في الفصل ‪ 649‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‪ ،‬فوجود‬
‫رابطة فعلية بين الشخص والملك الذي يشغله أو يستغله‪ ،‬إد بهذه الصفة تخول له االدعاء متى‬
‫لحقه الضرر‬

‫صفة الجار المسؤول عن المضار‪ :‬فهذه الصفة كذلك مرتبطة بالمالك المتسبب للضرر وكل‬
‫صاحب حق عيني على عقار أو شخصي‪ ،‬ألن مسؤوليتهم تقوم متى كانوا متسببين في الضرر‬
‫سواء باعتبارهم مالكين‪ ،‬مكترين‪،‬‬

‫وبشكل عام طبقا لما جاء في إحدى قرارات محكمة النقض‪ ،‬أنه ال تشترط الملكية لطلب رفع‬
‫مضار الجوار‪ ،‬فيكفي أن يكون جارا المتسبب في الضرر عمال بالمادة ‪ 71‬من مدونة الحقوق‬
‫العينية‪.56‬‬

‫‪ 56‬قرار محكمة النقض‪ ،‬عدد‪ 4941‬الصادر في ‪ 21‬أبريل "ليس للجريان أن يطالبوا بإزالة مضار الجوار المألوفة التي ال‬
‫يمكن تجنبها وإنما لهم أن يطالبوا بإزالة المضار التي تتجاوز الحد المألوف على أن يراعي في ذلك العرف وطبيعة‬
‫العقارات وموقع كل منها بالنسبة لالخر والغرض الذي خصصت له‪ .‬ومؤدى ذلك أنه ال تشترط امللكية لطلب رفع الضرر‬
‫فيكفي أن يكون جارا للمتسبب في الضرر عمال بمقتضيات المادة ‪ 71‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬رفع مضار الجوار‬
‫إن المشرع في مدونة الحقوق العينية عمل على تقييد حق الملكية بمجموعة من القيود لكي‬
‫تؤدي وظيفتها االجتماعية حتى ال يخرج حق الملكية عن غايته وال يساء استعماله‪ ،‬إما في‬
‫سبيل تحقيق النفع العام أو ما هو مقرر لرفع مضار الجوار‪.‬‬

‫والتحمالت العقارية اعتبرها المشرع المصري بصريح العبارة بمثابة قيود واردة على حق‬
‫الملكية‪ ،‬عندما نص في المادة ‪ 806‬من القانون المدني بأنه على المالك أن يراعي في استعمال‬
‫حقه ما تقتدي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو المصلحة الخاصة‪،‬‬
‫وعليه ايضا مراعاة االحكام الواردة في المادة الموالية من قبيل التعسف في استعمال الحق‬
‫ومضار الجوار الغير المألوفة‪، 57‬وهو االمر الذي كانت الشريعة اإلسالمية سباقة باألخذ به‪،‬‬
‫وبالتالي فعلى المالك إزالة مضار الجوار الغير المألوفة‪ .‬والتساؤل الذي يمكن طرحه هنا‬
‫طبيعة الضرر الذي يزال؟‬

‫وبالقراءة المتأنية للباب الثاني من الفصل الثاني المخصص للتحمالت العقارية‪ ،‬نجد أنه‬
‫يعالج مسالة الضرر من خالل أمرين‪ :‬إزالة الضرر القائم (الفقرة االولى) وكذلك ازالة‬
‫الضرر المستقبلي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى إزالة الضرر القائم‬


‫من المعلوم أن الشريعة اإلسالمية اقرت مبدأ منع المالك في التعسف في استعمال حق‪،‬‬
‫وهذا المبدأ يقضي بأنه ال يجوز ألي مالك أن يستعمل ملكه استعماال يضر بغيره ولو لم تتجه‬
‫نيه المالك إلى إحداث ذلك الضرر‪ ،‬أي ولم تكن مقترنة بأي قصد جرمي‪ ، 58‬فكل تصرف‬
‫من شأنه إلحاق الضرر بالغير لزم إزالته‪ ،‬ويشترط في الضرر الموجب إلزالته أن يكون غير‬
‫مألوف‪ ،‬وأما الضرر المألوف فال يلزم إزالته‪ ،‬ويقصد بمضار الجوار الضرر الغير المألوف‬

‫‪ 57‬العربي مياد‪ ،‬الحقوق العينية االصلية والتبعية‪ ،‬دراسة عملية مقارنة في التشريعات والعمل القضائي العربيين‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2021‬مطبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص‪.364‬‬
‫‪ 58‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق قامون ‪ ،39.08‬الطبعة الثالتة ‪ ،2018‬مطبعة‬
‫غير مذكورة‪ ،‬ص ‪182‬‬
‫‪36‬‬
‫الذي ال يكون مصدره الطبيعة‪ ،‬وإنما فعل االنسان‪ ،‬واذا كان مما ال يعتاد المرء على تحمله‬
‫والتسامح بشأنه‪.59‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة ‪ 71‬من مدونة الحقوق العينية ‪،‬نجدها قد نصت على معايير تحديد‬
‫الضرر الغير المألوف‪ ،‬حيث جاء فيها ليس للجيران أن يطالبوا بإزالة مدار الجوار التي ال‬
‫يمكن تجنبها‪ ،‬وإنما لهم أن يطالبوا بإزالة التي تتجاوز الحد المألوف‪ ،‬على أن يراعي في ذلك‬
‫العرف وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة لألخر والغرض التي خصصت له‪ ،‬وقد جاء‬
‫في إحدى قرارات محكمه النقض‪ ،‬ال يجوز للجيران المطالبة بإزالة االضرار الناشئة عن‬
‫االلتزامات العادية للجوار كالدخان وغيره من المضار التي ال يمكن تجنبها والتي ال تتجاوز‬
‫الحد المألوف‪ .60‬كما جاء كذلك في قرار آخر لمحكمة النقض بأنه يحق المطالبة بإزالة أضرار‬
‫الجوار التي تتجاوز الحد المألوف عمال بالمادتين ‪21‬و‪ 71‬من مدونة الحقوق العينية‪.61‬‬

‫على أنه في حالة كان هناك ترخيص للجار الذي يضر جاره‪ ،‬فال يحول ذلك الترخيص‬
‫الصادر من السلطات المختصة من بلدية أو جماعة قروية دون استعمال الحق بالمطالبة بإزالة‬
‫الضرر‪ ،‬عمال بالقاعدة الفقهية "الضرر يزال‪"62‬‬

‫ومما تجدر االشارة إليه‪ ،‬إال أن إزالة الضرر القائم ليس محصورا في الضرر الخاص‪ ،‬بل‬
‫يمتد إلى الضرر العام‪ ،‬وذلك ما نصت عليه المادة ‪ 77‬من مدونة حقوق العينية‪ ،‬من خالل‬
‫الحديث عن شروط إقامة المصانع والمحالت المضرة بالصحة والبيئة‪ ،‬وهوما أكدت عليه‬
‫المواد‪ 74 /73،‬مدونة الحقوق العينية‪ ،‬حيث تنص على أن للجار أو من له مصلحة في‬
‫المطالبة بدفع ا لضرر سواء عن امتداد أغصان االشجار فوق أرض الجوار‪ ،‬أو على جنبات‬
‫الطريق بقطعها أو المطالبة بقطعها فقال ابن العاصم‪:‬‬

‫وكل ما خرج عن الهواء صاحبها بقطع باستواء‬

‫‪ 59‬العربي مياد‪ ،‬مرجع سابق ص‪365،‬‬


‫‪ 60‬قرار لمحكمة النقض‪ ،‬عدد ‪ 2139‬الصادر في ‪ 10‬ماي‪2011‬‬
‫‪ 61‬قرار لمحكمة النقض‪ ،‬عدد رقم ‪ 5394‬الصادر في ‪ 14‬أبريل‪2022‬ال يسوغ لمالك العقار ان يستعمله استعماال مضرا‬
‫بجاره‪ ،‬ويحق لهذا األخير أن يطالب بإزالة أضرار الجوار التي تتجاوز الحد المألوف عمال بمقتضيات المادتين ‪21‬و‪71‬‬
‫من مدونة الحقوق العينية‬
‫‪ 62‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬مرجع سابق ص ‪183‬‬
‫‪37‬‬
‫والحكم في الطريق حكم الجار في قطع ما يؤذي الجاري‬

‫هذا عالوة على أن الضرر القديم ال يجوز االدعاء به طبقا لمقتضيات المادة ‪ 75‬من م ح ع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬منع الضرر المستقبلي‬


‫يقول ابن عاصم‬

‫محقق يمنع من غير نظر‬ ‫ومحدث ما فيه للجار ضرر‬

‫فالضرر يمنع سواء كان قائما أو محقق الوقوع فيلزم التوقي منه ودفع أسبابه‪ ،‬وجلبا لألمن‬
‫واالستقرار وتماشيا مع قاعدة سد الذرائع‪ ،‬نجد المادة ‪ 71‬السالفة الذكر تحدد طبيعة الضرر‬
‫الذي تجوز المطالبة بزواله‪.‬‬

‫أما ما يرتبط بمجال الغرس فنجد المادة ‪ 72‬تقيد المالك بعدم غرس أشجار أو شجيرات أو‬
‫أغراس على حدود أرضه دون مراعاة المسافة التي تحددها األنظمة في حال وجوده‪ ،‬أما في‬
‫عدم وجودها فقد نص على تحديد المسافة بحسب نوع المغروسات‪ ،‬فإذا كانت المغروسات‬
‫مما يفوق علوها مترين لزم غرسها على مسافة مترين من الحد‪ ،‬ونصف متر إذا كانت دون‬
‫ذلك‪ ،‬وهذه المسافة ال يلزم الغارس بالتقيد بها في حالة وجود حائط على الحدود‪ ،‬شريطة أال‬
‫تعلو األغراس قمة الحائط م ‪.72‬‬

‫كما أجازت المادة ‪ 78‬لمالك العقار الذي يخشى ألسباب واقعية كحدوث شقوق في البيت نتيجة‬
‫األعمال المجاورة للعقار أن يطالب من مالك العقار باتخاذ ما يلزم لمنع حدوث الضرر‪ ،‬كما‬
‫له الحق في المطالبة بوقف األشغال ودلك عن طريق رفع دعوى لدى القضاء االستعجالي‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫خاتمة‬
‫وختاما يمكن القول بأن حق االرتفاق والتحمالت العقارية تلعب دورا كبيرا في الحياة العملية‪،‬‬
‫لما لها من أهمية كبيرة والتي تظهر من حيث تمكينها من استغالل العقارات وتيسير االنتفاع‬
‫بها واستثمارها في مختلف األوجه‪ ،‬وهي بدونها تكون ضعيفة المنفعة قليلة القيمة‪ ،‬ومن حيث‬
‫مساهمتها في تنظيم عالقات الجوار وتمكين حق الملكية من أداء وظيفته االقتصادية‪ ،‬وقد‬
‫ازدادت أهمية حقوق االرتفاق بفعل التطورات التي عرفتها المجتمعات البشرية وما فرضته‬
‫تلبية حاجاتها األساسية من انشاء لوسائل المواصالت البرية والبحرية والجوية‪ ،‬وإحداث‬
‫لشبكات تو زيع الماء والكهرباء واالتصاالت‪ ،‬وتصريف المياه المستعملة وغير ذلك من‬
‫مظاهر االرتفاقات الجديدة‪ ،‬ومع ذلك فإن المشرع المغربي اقتصر في تنظيمه لحقوق‬
‫االرتفاقات على االرتفاقات التقليدية دون االرتفاقات العصرية رغم أن مدونة الحقوق العينية‬
‫لم تصدر إال مؤخرا‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫الئحة المراجع‬

‫❖ الكتب‬
‫✓ م حمد ابن معجوز‪ ،‬الحقوق العينية في الفقه اإلسالمي والتقنين المغربي‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ،2008‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫✓ ا لعربي محمد مياد‪ ،‬الحقوق العينية األصلية والتبعية دراسة عملية مقارنة في‬
‫التشريعات والعمل القضائي العربيين‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬مطبعة دار السالم‪ ،‬الرباط‪.2021 ،‬‬

‫✓ حليمة بن حفو‪ ،‬شرح القانون العقاري المغربي‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬المطبعة والوارقة‬
‫الوطنية‪ ،‬مراكش‪.2022 ،‬‬
‫✓ ادريس الفاخوري‪ ،‬الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،39.08‬طبعة ‪ ،2013‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫✓ عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون‬
‫رقم ‪ ،39.08‬الطبعة الثالثة‪ ،‬المطبعة غير مذكورة‪ ،‬السنة ‪.2018‬‬
‫✓ مأمون الكزبري‪ ،‬التحفيظ العقاري والحقوق العينية االصلية والتبعية في ضوء‬
‫التشريع المغربي ‪-‬الجزء الثاني‪ -‬العربية لطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة‬
‫‪.1987‬‬

‫✓ عبد اللطيف أكدي‪ ،‬الوجيز في القانون العقاري المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‬


‫‪ ،2024/2023‬المطبعة غير مذكورة‪.‬‬
‫✓ أحمد القصاب مادة الحقوق العينية للفصل الخامس‪ ،‬جامعة القرويين كلية الشريعة‬
‫أيت ملول الموسم الدراسي ‪.2015-2014‬‬
‫❖ الرسائل‬

‫جابر التامري‪ ،‬اإلشكاالت المتعلقة بحقوق االرتفاق في ضوء مدونة الحقوق‬ ‫✓‬
‫العينية والفقه اإلسالمي وعمل القضاء‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني‪،‬‬
‫جامعة ابن زهر‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2016/ 2015‬‬
‫‪40‬‬
‫عبد رفيع أيت الحاج‪ ،‬حقوق االرتفاق على ضوء المستجدات والعمل‬ ‫✓‬
‫القضائي‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص العربي ماستر العقار والتنمية‪،‬‬
‫جامعة عبد المالك السعدي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية طنجة‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪2013‬؛‪.2014‬‬
‫محمد مومن‪ ،‬حقوق االرتفاق في القانون المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬ ‫✓‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني‪ ،‬جامعة قاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬سنة الجامعية ‪.1997-1998‬‬
‫معاد الناجي‪ ،‬أحكام االتفاقات القانونية المكرسة في مدونة الحقوق العينية‪،‬‬ ‫✓‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬ماستر قانون العقار والتعمير‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة ابن زهر‪ ،‬أكادير‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2021/2020‬‬
‫❖ المقاالت‬
‫محمد مومن‪ ،‬حق االرتفاق‪ ،‬مقال منشور بالموقع االلكتروني‬ ‫✓‬
‫‪ ، www.anibrass.blogsport.com‬تم االطالع عليه بتاريخ ‪2024/01/07‬‬
‫على الساعة ‪.12:40‬‬
‫المصطفى الخطيب التحمالت العقارية‪ :‬أي حماية لبيئة الجوار في ضوء‬ ‫✓‬
‫مدونة الحقوق العينية‪ ،‬مقال منشور في مجلة المحاك‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الفهرس‬

‫مقدمة‪3 .....................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬الطبيعة القانونية لحق االرتفاق ‪5 ....................................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية حق االرتفاق ‪5 ...............................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم حق االرتفاق وأركانه ‪5 .................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص حق االرتفاق وتميزه عن الباقي الحقوق األخرى ‪9 ...........‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع حقوق االرتفاق وطرق اكتسابها ‪14 .....................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬أنواع حقوق االرتفاق‪14 ........................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق اكتساب حقوق االرتفاق ‪19 .............................................‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام االتفاقات والتحمالت العقارية ‪23 ............................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أحكام االتفاقات ‪23 ..................................................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آثار حق االرتفاق ‪24 .............................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طرق انقضاء حق االرتفاق ‪28 ................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التحمالت العقارية ‪31 ..............................................................‬‬

‫المطلب االول‪ :‬المفهوم العيني للتحمالت العقارية ‪32 ........................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬رفع مضار الجوار ‪36 ...........................................................‬‬

‫خاتمة ‪39 ...................................................................................................‬‬

‫الئحة المراجع ‪40 ........................................................................................‬‬

‫‪42‬‬
43

You might also like