You are on page 1of 12

‫مقدمة‬

‫يشكل ميدان القانون الدولي الخاص واحًدا من أكثر المجاالت تعقيًدا وحيوية في العالم الق انوني‪ ،‬حيث‬
‫يهدف إلى حل النزاعات التي تنش أ بين األش خاص ل دول مختلف ة ويتم يز ه ذا الن وع من الق انون ب التنوع‬
‫والتعقيد نظًرا الختالف القوانين واللوائح الوطني ة بين ال دول المختلف ة‪ ،‬إذ يتطلب لفهم ه ذا المي دان تحلياًل‬
‫دقيًقا للقوانين المحلية والعالقات الدولية‪ ،‬حيث يجمع بين التحديات القانونية والثقافية واللغوية‪.‬‬
‫ومن بين القضايا التي يعالجها هذا المجال هي قاعدة اإلسناد أو تنازع الق وانين وال تي تمث ل ج وهر العم ل‬
‫في القانون الدولي الخاص ‪ ،‬إذ تعُّد مسألة اإلسناد واحدة من القضايا المعقدة والمحورية في مي دان الق انون‬
‫الدولي الخاص‪ ،‬و إن تحديد القانون المعم ول ب ه في الح االت ال تي تنش أ تنازع ات بين الق وانين المختلف ة‬
‫للدول ُيَع ُّد أمًر ا ذو أهمية كبيرة‪ ،‬يسعى الب احثون والممارس ون في ه ذا المج ال إلى فهم قواع ده وتطبيقه ا‬
‫على واقع القضايا القانونية الدولية الخاصة‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬
‫يأتي أهمية هذا البحث من تزايد الحاجة إلى فهم عميق لإلسناد في س ياق الق انون ال دولي الخ اص‪ ،‬إذ‬
‫تعزز هذه القواعد من توجيه القانون المعمول به في حاالت التنازع القانوني بطريق ة تحاف ظ على النزاه ة‬
‫وتمنح كل طرف حقوقه بشكل عادل‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ُ ،‬تسهم قواعد اإلسناد في تعزي ز التف اهم والتع اون‬
‫الدولي‪ ،‬مما يعزز من العالق ات الدولي ة ويس هم في بن اء مجتم ع ع المي يس وده الع دل والمس اواة‪ .‬إن فهم‬
‫عمقي لهذه القواعد ُيمكن الدول واألفراد من التفاعل بفعالية وثق ة في األم ور القانوني ة ع بر الح دود‪ ،‬مم ا‬
‫يعزز من االستقرار القانوني واالقتصادي على الصعيدين الوطني والدولي‪.‬‬

‫إشكالية البحث‪:‬‬
‫في سياق القانون الدولي الخاص‪ ،‬تتجلى االشكالية في تعدد الق وانين المتزاحم ة ال تي ُيمكن أن تطب ق‬
‫على حاالت التنازع القانوني‪ ،‬مما يثير تساؤالت ح ول مفه وم اإلس ناد واحكام ه بص فة عام ة‪ .‬كي ف ُيفهم‬
‫مفهوم اإلسناد في سياق العالقات الدولية ؟ ومن جهة أخرى‪ ،‬ما هو مدى الزامي ة القاض ي بتط بيق قواع د‬
‫اإلسناد ؟ ُتشكل هذه التساؤالت القانونية أساًسا هاما لفهم قواعد اإلسناد‪.‬‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬
‫تم اإلعتم اد في ه ذا البحث على المنهج الوص في التحليلي في البحث وال ذي تجلى من خالل م ا يتم‬
‫جمعه من معلومات‪ ،‬باإلصافة إلى دراسة كل ما له عالقة بالموضوع والتط رق على أراء الفقه اء وأدلتهم‬
‫بخصوص مجموعة من اإلختالفات حول موضوع البحث‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫خطة البحث‬
‫مقدمة‬
‫المبحث األول ‪ :‬مفهوم قاعدة اإلسناد وبيان طبيعتها القانونية‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف قاعدة اإلسناد‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لإلسناد‬
‫الفرع األول‪ :‬قواعد اإلسناد قواعد غير مباشرة‬
‫الفرع الثاني‪ :‬قواعد اإلسناد قواعد مزدوجة‬
‫الفرع الثالث‪ :‬قواعد اإلسناد قواعد محايدة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬عناصر قاعدة اإلسناد وخصائصها‬


‫المطلب األول‪ :‬عناصر قاعدة اإلسناد‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص قاعدة اإلسناد‬

‫المبحث الثالث‪ :‬مدى إلزامية القاضي الوطني بتطبيق قاعدة اإلسناد‬


‫المطلب األول ‪:‬عدم إلزامية القاضي باإلعمال بقاعدة اإلسناد من تلقاء نفسه‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إلزامية القاضي باإلعمال بقاعدة اإلسناد من تلقاء نفسه‬
‫المطلب الثالث‪ :‬موقف المشرع الجزائري‬

‫خاتمة‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‬
‫مفهوم قاعدة اإلسناد وبيان طبيعتها القانونية‬
‫بإعتبار ان قاعدة اإلسناد أحد المفاهيم األساسية في القانون الدولي الخاص‪ ،‬حيث تلعب دورًا هامًا في‬
‫القرار الذي سيقوم القاضي بالحكم فيه أثناء نظره لنزاع محدد بطبيعته‪ ،‬فإن فهم مفهوم قاعدة اإلسناد وبيان‬
‫طبيعتها القانونية يمثل جزًء ا أساسًيا من دراستنا هذه‪ ،‬وعليه سيتم تقس يم ه ا المبحث إلى مطل بين‪ ،‬المطلب‬
‫األول سيتم تناول فيه تعريف قاعدة اإلسناد‪ ،‬والمطلب الثاني الطبيعة القانونية لقاعدة اإلسناد‪.‬‬

‫المطلب األول‬
‫تعريف قاعدة اإلسناد‬
‫اإلسناد لغة وهو من مصدر أسند‪ ،‬ويقصد ب ه نس بة الش يء لص احبه‪ ،‬مث ال ذل ك أن ينس ب الش خص‬
‫‪1‬‬
‫الحديث لرواته‪.‬‬
‫اما في القانون فتعرف قاعد اإلسناد أو تنازع القوانين بأنها " الوسيلة الفنية األولى التي يتم بموجبها تحديد‬
‫القانون الواجب التطبيق على المنازعات ذات العنصر األجنبي "‪ ،‬أي أنها قاعدة قانوني ة يض عها المش رع‬
‫الوطني بهدف إرشاد القاضي إلى قانون واجب التطبيق على المراكز القانونية أثناء فصله ل نزاع متض من‬
‫‪2‬‬
‫عنصر أجنبي‪.‬‬
‫ومن خالل هذا التعريف نالحظ الهدف من إنشاء هذه القاعدة‪ ،‬انها تعمل على إرشاد القاض ي للق انون‬
‫الواجب التطبيق على المسألة المطروحة ذات العنص ر األجن بي‪ ،‬أي أنه ا تعم ل على إس ناد ه ذه األخ يرة‬
‫(العالقة القانونية ذات العنصر األجنبي) إلى قانون معين سواء كان قانون وطني أو أجن بي تتكف ل قواع ده‬
‫الموضوعية بالحكم على أط راف العالق ة في موض وع ال نزاع‪ ،‬فخالص ة قاع دة اإلس ناد أنه ا تعم ل على‬
‫تقرير مبدأ إخضاع العالقات القانونية لقانون تم تعيينه وفقا لضوابط محددة ‪.3‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫الطبيعة القانونية لإلسناد‬
‫هنالك إختالف حول موضوع " الطبيعة القانونية لقواعد اإلسناد‪ ،‬إذ إختلف بخصوص هذه األخيرة‬
‫إتجاهين‪ ،‬إتجاه يرى الضوابط التي تحكم قاعدة اإلسناد هي ضوابط تجمع بين ضوابط قانونية وأخى‬
‫واقعية‪ ،‬وفي اإلتجاه األخر يقول بأن ضابط اإلسناد يتمثل في كونه فكرة قانونية الغير‪.‬‬

‫‪ _ 1‬أحمد مختار عمر بمساعدة فريق العمل‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،2008 ،‬ص‪.1117‬‬
‫‪ _ 2‬محمد سعادي‪ ،‬القانون الدولي الخاص وتطبيقاته في النظام القانوني الجزائري‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪،2009 ،‬‬
‫ص ‪.35‬‬
‫‪ _ 3‬أمنة بوزينة محمدي‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي الخاص [تنازع القوانين] (مرفق بنم اذج وحل ول لقض ايا واستش ارات قانوني ة)‪ ،‬مطبوع ة‬
‫لطلبة المستوى الثالث ليسانس تخصص إدارة عامة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الش لف‪،2016-2015 ،‬‬
‫ص ‪.19‬‬

‫‪3‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ضابط اإلسناد ذو طبيعة مزدوجة‬
‫فقهاء هذا اإلتجاه يرون أن ضابط اإلسناد يتكون من ضوابط قانونية وواقعية‪ ،‬فالضوابط القانونية هي‬
‫تلك التي يحددها القانون وينظمها‪ ،‬مثل الموطن والجنسية ومحل انعق اد العق د ومح ل تنفي ذه ومح ل وق وع‬
‫الفعل المنشئ لاللتزام وإرادة المتعاقدين‪ ،‬أما الضوابط الواقعية فهي حق ائق ملموس ة ال يت دخل الق انون في‬
‫تحديدها أو تنظيمها‪ ،‬مثل موقع المال ومكان مباشرة اإلجراءات‪ .‬ال بد من ذكر أن تطبيق هذه الض وابط ال‬
‫يثير أي جدل قانوني يتعل ق بمع نى قاع دة اإلس ناد‪ .‬وق د تم انتق اد ه ذا ال رأي بس بب ع دم دقت ه في تقس يم‬
‫الضوابط‪ ،‬حيث لم يوضح األساس الذي يستند إليه هذا التقسيم‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬لم يتم ذك ر الم وطن بين‬
‫‪1‬‬
‫الضوابط الواقعية على الرغم من أنه يمتلك طابعًا ماديًا ويمثل الصلة الواقعية للفرد باإلقليم‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ضابط اإلسناد هو فكرة قانونية‬
‫وفًقا لهذا الرأي‪ُ ،‬يعتبر ضابط اإلسناد دائًم ا فكرة قانونية‪ ،‬إذ يستمد أصله من الواقع‪ ،‬ولكن يتم اعتماده‬
‫من قبل القانون لتحقيق غرض معين‪ ،‬مما يجعله يكتسب الطابع القانوني‪ .‬على سبيل المث ال‪ ،‬ف إن الجنس ية‬
‫ُتفهم كخاصية ت دل على االنتم اء إلى دول ة معين ة‪ ،‬وُيس تخدمها المش رع ليس لتحقي ق أه دافها في الف روع‬
‫القانونية التي تنتمي إليها‪ ،‬ولكن لتحقيق ه دف ف ني مختل ف يتف ق م ع وظيف ة قاع دة اإلس ناد‪ ،‬وهي تحدي د‬
‫القانون الذي يجب تطبيقه‪ .‬كما يؤكد الرأي على أن ضابط اإلسناد يتكون من عنصرين‪ ،‬األول هو العنصر‬
‫الواقعي والثاني هو العنصر القانوني‪ .‬على س بيل المث ال‪ ،‬في حال ة الجنس ية‪ ،‬العنص ر ال واقعي ه و تمت ع‬
‫الشخص بجنسية دولة معينة‪ ،‬أما العنصر القانوني فهو الجنسية نفسها كنظام قانوني يدل على االنتم اء إلى‬
‫الدولة‪ .‬وهكذا نجد نفس النمط في ضابط موقع المال وضابط الموطن‪ .‬ه ذا التفص يل يظه ر االختالف بين‬
‫العنصرين ويوضح أن العنصر الواقعي قاب ل للتغي ير من قب ل األط راف‪ ،‬فيمكن للش خص تغي ير جنس يته‬
‫وبالتالي يمكن تغيير القانون الذي يجب تطبيقه‪ .‬ومن ناحي ة أخ رى‪ ،‬العنص ر الق انوني يظ ل ثابًت ا كمفه وم‬
‫قانوني لعالقة الجنسية وال يمكن تغييره إال من قبل المشرع من خالل اس تبداله بفك رة الم وطن على س بيل‬
‫المثال‪ُ .‬يظهر هذا الرأي أن ضابط اإلسناد هو فكرة قانونية والقاضي عند تفسيره لض ابط اإلس ناد ليس في‬
‫حاجة إلى التحقق من ظروف أو عناصر مادية تتعلق بوقائع النزاع‪ ،‬لكون ذلك قد سبق حصوله في مرحلة‬
‫‪2‬‬
‫سابقة أال وهي التكييف‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫عناصر قاعدة اإلسناد وخصائصها‬
‫علمنا أن قاعدة اإلس ناد يتم من خالله ا تحدي د الق انون ال واجب التط بيق أم ام ن زاع يتض من عنص ر‬
‫أجنبي‪ ،‬وبطبيعة الحال فإن ألي قاعد مجموعة من العناصر والخصائص ال تي تق وم عليه ا‪ ،‬وبالت الي ومن‬
‫أجل فهم هذه القاعدة بشكل أفضل‪ ،‬يجب معرفة العناصر األساسية التي تتكون منها وهذا سيتم دراس ته في‬
‫المطلب األول والخصائص التي تميزها في المطلب الثاني‪.‬‬

‫‪ _ 1‬حمزة قتال‪ ،‬القانون الدولي الخاص تنازع القاونين القواعد العامة السنة الثالثة حقوق ‪ ،LMD‬دار هوم‪22‬ة للطباع‪22‬ة والنش‪22‬ر والتوزي‪22‬ع‪ ،‬الجزائ‪22‬ر‪،‬‬
‫‪ ،2018‬ص ‪ ،91‬ص‪. 92‬‬
‫‪ _ 2‬حمزة قتال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،92‬ص‪.93‬‬

‫‪4‬‬
‫المطلب األول‬
‫عناصر قاعدة اإلسناد‬
‫تتكون قاعدة اإلسناد من ثالثة عناصر‪ ،‬وهي‪ :‬موضوع قاعدة االس ناد أو م ا يس نده وض ابط اإلس ناد‪،‬‬
‫والقانون المسند إليه‪ .‬فمثال إذا أخذنا قاعدة اإلسناد التي تقض ى بإخض اع الوص ية(الش روط الموض وعية)‬
‫لقانون جنسية الموصى بتاريخ الوفاة‪ ،‬وجدنا أن موضوع قاعدة اإلسناد ه و الوص ية‪ ،‬وأن ض ابط اإلس ناد‬
‫هو الجنسية التي يحملها الموصى عند وفاته‪ ،‬وأن قانون المسند إليه (القانون الواجب التط بيق) ه و ق انون‬
‫‪1‬‬
‫الدولة التي يحمل الموصى جنسيتها وقت الوفاة‪ ،‬وتتمثل في‪:‬‬
‫العنصر األول‪ :‬موضوع قاعدة اإلسناد‬
‫إن الصعوبة في تحديد عناصر قاعدة اإلسناد تكمن في تحديد موضوع قاعدة اإلسناد أو ما يسند‪ ،‬وهو‬
‫ما آثار إختالفا في وجهات النظر لدى الفقهاء بشأن ما إذا كان مركزا واقعيا‪ ،‬أو عالق ة واقعي ة‪ ،‬أو عالق ة‬
‫قانونية‪ ،‬أو مسألة قانونية‪ .‬ولعل أصوب وجهات النظر هذه تلك التي تقض ي ب أن موض وع قاع دة اإلس ناد‬
‫هو"مسألة قانونية"يثيرها مركز واقعي‪ ،‬وينال أص حابها على ه ذا الق ول‪ :‬أن قاع دة اإلس ناد ال تي تخض ع‬
‫حكم األهلية الالزم توافرها إلبرام الزواج لقانون الجنسية ال تعتبر األهلية فيها‪ ،‬وهي موضوع هذه القاعدة‬
‫مسألة واقعية أو عالقة قانونية‪ ،‬وإنما تعت بر مس ألة قانوني ة ناتج ة عن رابط ة بين رج ل وإم رأة تس تدعى‬
‫البحث فيما إذا كانت تشكل زواجا صحيحا أو ال تشكله‪ ،‬وك ذلك الح ال بالنس بة لقاع دة اإلس ناد ال تي تنص‬
‫على إخضاع الوصية لقانون جنسية الموصى بتاريخ الوف اة‪ .‬ف إن الوص ية هي موض وع قاع دة اإلس ناد ال‬
‫تعتبر عالقة واقعية‪ ،‬أو عالقة قانونية‪ .‬وإنما هي مسالة قانونية ناتجة عن واقعة الوفاة (وفاة الموصى)‪.‬‬
‫_والمالحظ أن موضوع قاعدة اإلسناد قد يكون مسألة قانونية واحدة‪ ،‬كالقاعدة التي ت وجب إخض اع الم ال‬
‫لقانون موقعه‪ ،‬فموضوع هذه القاعدة كما هو واضح هو مسألة قانونية واحدة هي المال‪.‬‬
‫_وقد يكون موضوع القاعدة الواحدة أكثر من مسالة قانونية‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لقاع دة التن ازع‪ ،‬ال تي‬
‫تخضع الحالة المدنية للشخص وأهليته لقانون الجنس ية‪ ،‬فموض وع ه ذه القاع دة يت ألف من مس ألتين هم ا‪:‬‬
‫الحالة المدنية واألهلية‪ ،‬وقد تخصص أكثر من قاعدة إسناد لمسألة قانونية واح دة‪ ،‬كم ا ه و الح ال بالنس بة‬
‫للزواج في القانون الجزائري الذي تحكمه عدة قواعد‪ ،‬إحداهما خاصة بشروطه موضوعية(م ادة ‪ 11‬فق رة‬
‫‪ 2‬قانون مدني جزائري)‪ ،‬وثانيتهما تتعلق بآثاره الشخصية والمالية(مادة ‪ 12‬فقرة ‪ 1‬قانون مدني جزائري)‬
‫وثالثا تنظم إنحالله (مادة‪ 12‬فقرة ‪ 2‬قانون مدني جزائري)‪.‬‬
‫العنصر الثاني‪ :‬ضابط اإلسناد‬
‫ضابط اإلسناد هو وسيلة الوصل بين موضوع قاعدة اإلسناد والقانون الواجب التطبيق(القانون المسند‬
‫إلي ه)‪ ،‬مث ل الجنس ية والم وطن في مس ائل االح وال الشخص ية ومث ل موق ع وج ود الم ال ومح ل تنفي ذ‬
‫اإللتزامات التعاقدية في مسائل األحوال العينية‪ ،‬ومحل وقوع الفعل المنشئ لإلل تزام في اإللتزام ات الغ ير‬
‫تعاقدية‪ .‬فيمة يتعلق في الوصية مثال‪ ،‬وقد ورد النص عليها في قاعدة اإلسناد المودعة في المادة ‪ 16‬قانون‬
‫مدني جزائري‪ ،‬فإن المشرع جع ل"الجنس ية"هي الوس يلة أو األداة لتحدي د الق انون ال واجب التط بيق على‬
‫ش روطها الموض وعية وه و ق انون جنس ية الموص ى وقت وقات ه‪ ،‬ل ذا فهي تعت بر ض ابط إس ناد في ه ذه‬
‫المسألة‪ ،‬أي تسند حكم الوصية(الشروط الموضوعية فيها) لقانون جنسية الموصى وقت وفاته‪.‬‬
‫‪ _ 1‬عز الدين عبد هللا‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬جزء ‪ ،1‬طبعة ‪ ،11‬مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬القاهرة‪, 1986 ،‬ص ‪3‬‬

‫‪5‬‬
‫والغالب أن تتضمن قاعدة اإلسناد ضابط إسناد واحد‪ ،‬يتح دد بموجب ه الق انون المختص بحكم العالق ة ذات‬
‫العنصر األجنبي‪ ،‬ولكن قد يحدث أن تشتمل على أكثر من ضابط‪ ،‬كما هو وضع قاعدة اإلسناد ال واردة في‬
‫الم ادة ‪ 18‬ق انون م دني جزائ ري ال تي تقض ي بإخض اع اإللتزام ات التعاقدي ة لق انون إرادة المتعاق دين‬
‫المشتركة‪ ،‬أو لقانون موطنهما المشترك‪ ،‬أو لقانون جنسيتها المشتركة‪.‬‬
‫العنصر الثالث‪ :‬القانون المسند إليه‬
‫إن القانون المسند إليه هو القانون الذي تحدده قاعدة اإلسناد من بين القوانين المتزاحمة لحكم العالقة‬
‫القانونية ذات العنصر األجنبي‪ ،‬والتي هي موضوع قاعدة اإلس ناد او م ا يس ند‪ ،‬فمثال الق انون المس ند إلي ه‬
‫حكم األهلية والحالة المدنية(القانون الواجب التطبيق) ه و ق انون جنس ية الش خص(م ادة ‪ 10‬ق انون م دني‬
‫جزائري) والقانون المسند إليه حكم الم ال ه و ق انون مك ان وج ود الم ال (م ادة ‪ 17‬فق رة ‪ 2‬ق انون م دني‬
‫جزائري)‪ ،‬والقانون المسند إليه حكم اإللتزامات التعاقدية هو قانون اإلرادة أو الق وانين األخ رى الم ذكورة‬
‫في نص(مادة ‪ 18‬قانون مدني جزائري) وهكذا‪.‬‬
‫ويجدر بنا في هذا المقام أن نشير إلى أن القانون المسند إليه(القانون الواجب التطبيق) عن دما يك ون ق انون‬
‫أجنبي‪ ،‬فإنه يثسر مسألتين‪:‬‬
‫المسألة االولى‪ :‬هي مسالة ما إذا كان يجب الرجوع إلى القواعد الموضوعية فيه‪ ،‬وتطبق أحكامها للفص ل‬
‫في النزاع‪ ،‬لم يتعين الرجوع إلى قواعد اإلسناد فيه وتطبيق القانون التي توضعه للفص ل في ال نزاع وه ذا‬
‫ما يعرف بتنازع قواعد اإلسناد‪.‬‬
‫المس‪II‬ألة الثاني‪II‬ة‪ :‬هي مس ألة كيفي ة تط بيق الق انون األجن بي‪ ،‬وعلى من يق ع عبء إثبات ه‪،‬وليس ه ذا ه و‬
‫الموضع المناسب إلستعراضهما‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫خصائص قاعدة اإلسناد‬
‫‪1‬‬
‫تتصف قواعد اإلسناد بإعتبارها قاعدة قانونية بكل ما تتصف وتتميز القاعدة القانونية من حيث‪:‬‬
‫‪ /1‬قواعد عامة مجردة‪:‬‬
‫بناءا على هذه الخاصية فهي تؤدي وظيفتها في اإلختيار بين القوانين بطريقة مجردة بالنظر إلى أن‬
‫كل القوانين تتساوى أمام مشرع قاعدة اإلسناد الذي ال يشغله سوى الوصول للقانون األقرب صلة بالعالق ة‬
‫محل النزاع‪ ،‬ومن ثم يضع قاعدة محاي دة او موض وعية تبحث عن الرابط ة الجدي ة بين العالق ة والق انون‬
‫دون مصلحة خاصة للدولة أو ألحد أطراف العالق ة ال تي تع رض للفص ل فيه ا‪ .‬كإخض اع العق ار لق انون‬
‫موقعه والعق د لق انون اإلرادة دون أن تتض من تحدي د ق انون دول ة معين ة ب ذاتها لحكم العالق ة ال تي يث ور‬
‫بصصده التنازع‪.‬‬
‫‪ /2‬قواعد ملزمة‪:‬‬

‫‪ _ 1‬مهند احمد الصانوري‪ ،‬دراسة مقارنة في تنازع القوانين‪ ،‬قسم القانون الخاص كلية الحقوق جامعة عمان‪ ،‬دار وائل للنشر‪ ،2011 ،‬ص ‪-62‬‬
‫‪.65‬‬

‫‪6‬‬
‫تتميز قواعد اإلسناد كغيرها من القواعد القانونية بأنها ملزمة فيجب على القاضي المطروح علي ه‬
‫النزاع ذو العنصر األجنبي أن يتقيد بالقانون الذي ستشير إلى تطبيقه قاع دة اإلس ناد‪ ،‬ف األمر ال يرج ع إلى‬
‫مشيئته وهواه؛ بل هو ملزم بذلك وإال كان منكرا للعدالة‪.‬‬
‫‪ /3‬قواعد وطنية‪:‬‬
‫ويقصد من وطنية قواعد اإلسناد أن المشرع الوطني يضعها بملء إرادته وإستقالله مراعيا في ذلك‬
‫طبيعة النزاع وسيادة الدولة على إقليمها وحاجة التعامل الدولي والمصلحة المشتركة للدول في وقت واحد‪.‬‬
‫كذلك تتميز قواعد اإلسناد بخاصيتين تضفي عليها طبيعة خاصة تميزه ا عن غيره ا من القواع د القانوني ة‬
‫الوطنية‪ ،‬وك ذلك من حيث مض مونها بكونه ا قواع د غ ير مباش رة‪ ،‬ومن حيث آث ار تطبيقه ا بأنه ا قواع د‬
‫مزدوجة الجانب‪.‬‬
‫‪ /4‬قواعد إرشادية أو تنظيمية غير مباشرة‪:‬‬
‫تتميز قواعد اإلسناد بأنها ال تنطبق على النزاع مباشرة وتضع حال موضوعيا للنزاع؛ بل وظيفتها‬
‫اإلرشاد فقط إلى القانون واجب التطبيق‪ .‬على النزاع المتضمن عنصرا أجنبيا‪ ،‬ال ذي يعطي الح ل النه ائي‬
‫والموضوعي للمسألة المثارة حول العالقة ذات الط ابع ال دولي‪ ،‬فمثال قاع دة اإلس ناد الخاص ة باألهلي ة ال‬
‫تحدد السن التي يكون فيها الشخص كامل األهلية لإللتزام؛ ب ل تعين الق انون ال ذي ال ذي يت ولى ه و بنفس ه‬
‫بيان هذه السن وفيما إذا كان المتعاقد أهال لإللتزام أم ال دون أن تتدخل مباشرة في موضوع النزاع‪ ،‬ك ذلك‬
‫قاعدة اإلسناد الخاصة بالزواج ال تحدد شروط صحة الزواج وال توضح فيم ا إذا ك ان ال زواج ص حيحا أو‬
‫باطال؛ بل تبين فقط القانون واجب التطبيق على هذا الزواج وتترك ألحكامه الموضوعية بيان هذه األم ور‬
‫والتفصيالت‪.‬‬
‫وما يميز قواعد اإلس ناد عن غيره ا من القواع د القانوني ة المنظم ة العالق ات الدولي ة الخاص ة‪ ،‬كالقواع د‬
‫المنظمة لمسائل أجنبية ومركز األجانب واإلختصاص القض ائي ال دولي للمح اكم الوطني ة‪ ،‬ال تي تتص ف‬
‫بأنها قواعد مباشرة؛ بمعنى أنها تتكفل بإعطاء الحل المباشر للمسألة المثارة‪.‬‬
‫‪ /5‬قواعد ثنائية أو مزدوجة الجانب‪:‬‬
‫من جهة أخرى فإن قواعد اإلسناد تتميز من حيث آثارها بأنها قواعد مزدوجة ذات جانبين؛ أي أنها قد‬
‫تشير إما إلى إختصاص القانون الوطني‪ ،‬وإما إلى تطبيق قانون أجنبي‪.‬‬
‫إال أن الطبيعة المزدوج ة ال تت وافر بالنس بة لس ائر قواع د الق انون ال دولي الخ اص‪ .‬فقواع د اإلختص اص‬
‫الوطني ة ال تق وم بتع يين المحكم ة األجنبي ة ال واجب رف ع ال نزاع إليه ا‪ ،‬إذ أن ذل ك يع د ت دخال في تحدي د‬
‫إختصاص مرفق القضاء في الدولة األجنبية فضال على أنه سيظل عديم األثر من الناحية العملية‪.‬‬
‫كذلك تقتصر قواعد الجنسية على تحديد الشروط الالزم ة إلكتس اب جنس ية الدول ة وفق دها‪ ،‬وإال إعت برت‬
‫منطوية على تجاوز لحدود إختصاص هذا المشرع وماسة س يادة الدول ة األجنبي ة ال تي تمل ك دون غيره ا‬
‫سلطة تحديد من يعتبر من رعاياها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫مدى إلزامية القاضي الوطني بتطبيق قاعدة اإلسناد‬
‫بإعتبار أنه النظام القانوني‪ُ ،‬تَع ُّد قاعدة اإلسناد أحد المفاهيم األساسية المعمول بها وال تي تنظم وتحمي‬
‫حقوق كال من أطراف النزاع‪ ،‬فإنه المهم لنا في هذه الدراسة فهم مدى إلزامية القاضي الوطني بتطبيق هذه‬
‫القاعدة في القضايا المطروحة أمامه والمتضمنة عنص را أجنبي ا‪ ،‬هن ا ظه ر إتج اهين‪ ،‬أح دهما يق ول ب أن‬
‫القاضي غير ملزم بها‪ ،‬واألخر يقول أنه ملزم به ا‪ ،‬س يتم دراس ة ك ل من ه ذين اإلتج اهين وبي ان حججهم‬
‫لنتوصل أخيرا إلى موقف المشرع الجزائري‪ ،‬وكل هذا سيتم وفقا للخطة التالية‪:‬‬
‫المطلب األول ‪:‬عدم إلزامية القاضي باإلعمال بقاعدة اإلسناد من تلقاء نفسه‬
‫المطلب الثاني‪ :‬إلزامية القاضي باإلعمال بقاعدة اإلسناد من تلقاء نفسه‬
‫المطلب الثالث‪ :‬موقف المشرع الجزائري‬

‫المطلب األول‬
‫عدم إلزامية القاضي باإلعمال بقاعدة اإلسناد من تلقاء نفسه‬
‫تبنت هذه النظرية قديما الفقه الفرنس ي الق ديم‪ ،‬والفق ه األنجلوسيكس وني‪ ،‬إذ ن ادى فقه اء ه ذا اإلتج اه‬
‫بالطبيعة اإلختيارية لقاعدة اإلسناد وأن ه ال يج وز للقاض ي تط بيق الق انون األجن بي من تلق اء نفس ه‪ ،‬وأن ه‬
‫يطبق إال في حالة ما إذا تمسك ب ه الخص وم أم ام القاض ي وأق اموا ال دليل على إختالف مض مون الق انون‬
‫األجنبي عن مضمون القانون الوطني في النزاع المرفوع أمام القاضي‪ ،‬وفي حالة عجزهم عن ذلك يطب ق‬
‫‪1‬‬
‫القاضي قانونه الوطني‪.‬‬
‫و إستند هذا اإلتجاه على مجموعة من الحجج أهمها أن إلتزام القاضي على تط بيق قاع دة اإلس ناد س يؤدي‬
‫إلى نتائج وخيمة في حالة ع دم قدرت ه على الكش ف عن مض مون الق انون األجن بي ال واجب التط بيق مم ا‬
‫سيؤدي ذلك على التأخير في الفصل في ال نزاع‪ ،‬حج ة أخ رى متمثل ة في أن القاض ي وبإعتب اره ص احب‬
‫اإلختصاص األصيل بحكم الروابط والعالقات القانونية فهو غير مل زم بتط بيق الق انون األجن بي من تلق اء‬
‫نفسه بإعتبار أن قواعد القانون الدولي الخاص ال تتعلق بالنظام العام عندما تشير قاعدة اإلسناد إلى تط بيق‬
‫القانون األجنبي‪ ،‬والحجة األخير هي تقوم على أنه يتم إفتراض تطابق أحك ام الق انون األجن بي م ع أحك ام‬
‫القانون الوطني‪ ،‬مما يعفي القاضي من عبء البحث عن مضمون القانون األجن بي‪ ،‬وفي حال ة م ا إذا أراد‬
‫أحد أطراف الخصومة إعمال أحكام القانون األجنبي عليه إثبات أن هناك تعارض في أحك ام ه ذا األخ ير‬
‫‪2‬‬
‫وأحكام القانون الوطني‪.‬‬
‫ويجب ذكر أن هذا اإلتجاه تعرض للنقد بإعتبار ان لكل ال دول قوانينه ا ال تي تختل ف عن بعض ها البعض‪،‬‬
‫فهي حجة غير واقعية‪ ،‬كما أن هذا اإلتجاه قد خلط بين التطبيق التلقائي لقاعدة اإلس ناد وبين إثب ات الق انون‬
‫‪3‬‬
‫األجنبي الذي يعد مسألة مغايرة له حلوله الخاصة‪.‬‬
‫‪ _ 1‬حمدان بن درويش الغامدي‪" ،‬دور القاضي في إعمال القانون األجنبي وإثباته"‪ ،‬مجلة كلي‪22‬ة الش‪22‬ريعة والق‪22‬انون بطنط‪22‬ا‪ ،‬الج‪22‬زء األول‪ ،‬الع‪22‬دد‬
‫الخامس والثالثون‪ ،‬قسم البحوث اإلدارية واإلنسانية معهد خادم الحرمين الشريفين ألبحاث الحج والعمرة ‪ -‬جامعة أم القرى‪ ،2020 ،‬ص ‪.752‬‬
‫‪ _ 2‬حمدان بن درويش الغامدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.753‬‬
‫‪ _ 3‬نرجس صفو‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬محاضرات ملقاة على طلبة السنة الثالثة (ليسانس) قسم القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد دباغين‪ ،‬سطيف ‪ ،2022-2021 ،2‬ص ‪.36‬‬

‫‪8‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫إلزامية القاضي باإلعمال بقاعدة اإلسناد من تلقاء نفسه‬

‫هناك بعض النظم القانونية التي أخذت به ذا المب دأ‪ ،‬إذ إس تقر القض اء من ذ أواخ ر الق رن ‪ 19‬على أن‬
‫القاضي ملزم بتطبيق قاعدة اإلسناد واألخذ بها من تلقاء نفسه‪ ،1‬وال يعفى حتى ول و ك ان الق انون األجن بي‬
‫يتبنى نفس الحل للنزاع الذي يتبناه المشرع الوطني‪ ،‬ومن بين الدول التي أخذت به ذا اإلتج اه ألماني ا ال تي‬
‫أوجبت على القاضي العمل بهذه القاعدة (قاعدة اإلسناد) من تلقاء نفسه‪ ،‬في حال قام الخصوم بطلب ه أو ال‪،‬‬
‫فهو ملزم به‪.2‬‬
‫ويؤسس هذا اإلتجاه موقفه بإعتبار أن قاع دة اإلس ناد الوطني ة ذو طبيع ة آم رة‪ ،‬وتتعل ق بالنظ ام الع ام في‬
‫جميع الحاالت‪ ،‬عمل المشرع على وضعها بهدف تحقيق االستقرار في المعامالت الدولية الخاص ة بتحدي د‬
‫القانون األنسب ليحكم في هذه النزاعات‪ ،‬وحتى لو اتفق الخصوم صراحة على عدم العمل بقاعدة اإلسناد‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫القاضي يبقى ملزما باألخذ بها‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫موقف المشرع الجزائري‬
‫لم يتضمن القانون المدني الجزائري نصا صريحا بخصوص مدى إلتزام القاضي الجزائري ب التطبيق‬
‫التلقائي لقاعدة اإلسناد‪ .‬ومع ذلك يمكننا القول أنه على القاض ي الجزائ ري تط بيق قاع دة اإلس ناد الوطني ة‬
‫بشكل تلقائي كلما اشتملت العالقة القانونية محل النزاع على عنصر أجنبي‪ ،‬ألن قاع دة اإلس ناد تع د ج زءا‬
‫من النظام القانوني في دولة القاضي؛ وهذا م ا يمكن استخالص ه من ص ياغة نص وص قواع د اإلس ناد في‬
‫القانون الجزائري التي ال توحي أبدا أن تطبيقها يتوقف على إرادة االطراف‪.‬‬
‫كما أن في تطبيقها تحقيقا األنسب للقوانين واالكثر صلة لحكم العالقة القانونية محل ال نزاع س واء أش ارت‬
‫هذه القاعدة إلى تطبيق القانون األجنبي أو أشارت إلى تطبيق الق انون الوط ني أي ق انون القاض ي‪ ،‬وب ذلك‬
‫يتحقق التنسيق بين مختلف األنظمة القانوني ة ال تي هي دائم ا في احتك اك مس تمر ومتواص ل نظ را لتن وع‬
‫العالقات الفردية بين الوطنيين واألجانب‪.‬‬

‫‪ _ 1‬المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.30‬‬


‫‪ _2‬ليندة بالش‪" ،‬دور القواعد ذات التطبيق الضروري‪ :‬بين الزامية قواعد اإلس‪22‬ناد والتخفيض من مرتبته‪22‬ا"‪ ،‬المجل‪22‬ة األكاديمي‪22‬ة للبحث الق‪22‬انوني‪،‬‬
‫المجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،03‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬مخبر البحث حول فعلية القاعدة القانونية‪ ،‬جامعة بجاية‪ ،2019 ،‬ص ‪.493‬‬
‫‪ _ 3‬ليندة بالش‪ ،‬مرجع سابق‪.493 ،‬‬

‫‪9‬‬
‫الخاتمة‬
‫في ختام هذا البحث المختص بقواعد اإلسناد في القانون الدولي الخاص‪ ،‬نجد أن مفهوم اإلس ناد يمث ل‬
‫جوهر العدالة والمساواة في حاالت التنازع القانوني‪ ،‬حيث يلعب دورًا حيوي ًا في تحدي د الق انون المناس ب‬
‫الذي يجب أن ُيطَّبق‪.‬‬
‫ومن بين النتائج المتوصل إليها نذكر‪:‬‬
‫_ قواعد اإلسناد في القانون الدولي الخاص ال تحل النزاع بذاتها‪ ،‬ولكنها تشير إلى الق انون المناس ب ال ذي‬
‫يجب تطبيقه لحل النزاع والذي ُيعتبر األفضل واألنسب‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫_ قواعد اإلسناد في القانون الدولي الخاص ال تق دم حًال مباش ًرا لل نزاع‪ ،‬ب ل تقتص ر دوره ا على تحدي د‬
‫القانون الذي يجب تطبيقه على المسألة المتمثلة في النزاع الذي يشمل عنصًرا أجنبًيا‪.‬‬
‫_ قواعد اإلسناد تشكل نهًج ا ثنائي الجوانب‪ ،‬حيث يمكن أن ُتوجه القاضي إلى تطبيق القانون الوط ني على‬
‫المنازعة المعروضة أمامه‪ ،‬أو تمنح االختصاص للقانون األجنبي‪ ،‬تعتمد على الظروف واألم ور المتعلق ة‬
‫بالنزاع المطروح‪.‬‬
‫_ عندما يتعامل القاضي مع ن زاع معين‪ ،‬يواج ه تح دًيا في معرف ة الحكم ال ذي يجب علي ه إص داره‪ .‬ه ذا‬
‫يعتمد على المضمون الدقيق للقوانين المعمول بها في القضية‪ ،‬سواء كانت تلك القوانين الوطني ة أو قواع د‬
‫القانون األجنبي‪ .‬لذلك‪ ،‬يجب على القاضي دراسة وفهم هذه القوانين بعمق التخاذ قرار صحيح وع ادل في‬
‫النزاع المطروح أمامه‪.‬‬
‫_ عدم إحتواء الق انون الم دني الجزائ ري على نص ص ريح بخص وص م دى إل تزام القاض ي الجزائ ري‬
‫بتطبيق قاعدة اإلسناد‪ .‬ومع ذلك‪ُ ،‬يمكن القول أنه من الممكن على القاضي الجزائري تطبيق قاع دة اإلس ناد‬
‫الوطنية بشكل تلقائي في حال اشتمال العالقة القانونية محل النزاع على عنصر أجنبي‪.‬‬

‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ /‬قائمة المصادر‬


‫القواميس‪:‬‬
‫_ أحمد مختار عمر بمساعدة فريق العمل‪ ،‬المجلد األول‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪.2008 ،‬‬

‫ثانيا‪ /‬قائمة المراجع‬


‫‪11‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫_ حمزة قتال‪ ،‬القانون الدولي الخاص تنازع القاونين القواعد العامة السنة الثالثة حقوق ‪ ،LMD‬دار هومة‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2018 ،‬‬
‫_ عز الدين عبد هللا‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬جزء ‪ ،1‬طبعة ‪ ،11‬مطابع الهيئة المص رية العام ة للكت اب‪،‬‬
‫القاهرة‪. 1986 ،‬‬
‫_ محمد سعادي‪ ،‬القانون ال دولي الخ اص وتطبيقات ه في النظ ام الق انوني الجزائ ري‪ ،‬الطبع ة األولى‪ ،‬دار‬
‫الخلدونية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2009 ،‬‬
‫_ مهند احمد الصانوري‪ ،‬دراسة مقارن ة في تن ازع الق وانين‪ ،‬قس م الق انون الخ اص كلي ة الحق وق جامع ة‬
‫عمان‪ ،‬دار وائل للنشر‪.2011 ،‬‬

‫المقاالت العلمية‪:‬‬
‫_ حمدان بن درويش الغامدي‪" ،‬دور القاضي في إعم ال الق انون األجن بي وإثبات ه"‪ ،‬مجل ة كلي ة الش ريعة‬
‫والقانون بطنطا‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬العدد الخ امس والثالث ون‪ ،‬قس م البح وث اإلداري ة واإلنس انية معه د خ ادم‬
‫الحرمين الشريفين ألبحاث الحج والعمرة ‪ -‬جامعة أم القرى‪.2020 ،‬‬
‫_ لين دة بالش‪" ،‬دور القواع د ذات التط بيق الض روري‪ :‬بين الزامي ة قواع د اإلس ناد والتخفيض من‬
‫مرتبتها"‪ ،‬المجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬المجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،03‬كلية الحقوق والعلوم السياس ية‪ ،‬مخ بر‬
‫البحث حول فعلية القاعدة القانونية‪ ،‬جامعة بجاية‪.2019 ،‬‬

‫المحاضرات‪:‬‬
‫_ أمنة بوزينة محمدي‪ ،‬محاضرات في القانون الدولي الخاص [تن ازع الق وانين] (مرف ق بنم اذج وحل ول‬
‫لقضايا واستشارات قانونية)‪ ،‬مطبوعة لطلبة المستوى الثالث ليسانس تخصص إدارة عام ة‪ ،‬كلي ة الحق وق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬قسم الحقوق‪ ،‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪.2016-2015 ،‬‬
‫_ نرجس صفو‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬محاضرات ملقاة على طلبة السنة الثالثة (ليسانس) قس م الق انون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة محمد دباغين‪ ،‬سطيف ‪.2022-2021 ،2‬‬

‫‪12‬‬

You might also like