Professional Documents
Culture Documents
أغراس البشير
اهداء
الى أساتذتنا األجالء بماستر القانون المدني المعمق بجامعة ابن
زهر كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكادير .
ص :صفحة
م.س :مرجع سابق.
ا
ل ق.ل.ع :قانون االلتزامات والعقود
س
ط :طبعة
ن
ة P : page
وقد اسند المشرع بصفة اصلية ممارسة هذه المهنة للموثق ،الذي يمكن تعريفه بانه ضابط
رسمي يعمل في إطار حر ،مفوض من طرف الدولة لتلقي العقود التي يستلزم القانون أو تريد
األطراف أن تضفي عليها الصبغة الرسمية التي تتمتع بها أحكام السلطة العمومية ،وإعطائها
تاريخا ثابتا واالحتفاظ بأصولها ،وتسليم النظائر التنفيذية والنسخ الرسمية و العادية منها.2
هذا وعرفت مؤسسة التوثيق العصري في المغرب تطورا مهما ،بحيث لم يكن لها وجود
قب ل عهد الحماية ،غير انه وبعد هذا التاريخ ( بعد الحماية الفرنسية على المغرب) اقر المشرع
الفرنسي هذه المؤسسة داخل التراب المغربي ،بداية عبر التنصيص على ضرورة إنشاء كتابة
خاصة في كل محكمة يعهد إليها القيام بمهام التوثيق.
بعد ذلك توالت مجموعة من المناشير الوزارية التي كانت تجسد حقيقة واحدة هي سعي
المستعمر آنذاك؛ إلى ترسيخ التوثيق الفرنسي بالمغرب بهدف االستيالء على أراضي المغاربة
بطريقة غير مباشرة.
ويعتبر ظهير 4ماي 1925المقتبس من قانون التوثيق الفرنسي 25فانتوز السنة الحادية
عشر الصادر بتاريخ 16ماي 1803نقطة االنطالق للتوثيق العصري بالمغرب .غير أنه وبسبب
اإلشكاالت التي أثارها هذا القانون؛ نتيجة اختالف البنية القانونية واالجتماعية واالقتصادية
الفرنسية عن مثيلتها المغربية ،كان البد من إصالح منظومة التوثيق العصري في بالدنا لتتالءم
والخصوصية المغربية في هذا المجال.
_ 1حيشي أحيدة ،حقوق وواجبات الموثق في لتشريع المغربي ،مقال منشور بمجلة منازعات األعمال اإللكترونية ،ص .3
_2جالل حكمت :تعريف الموثق ،مقال منشور بجريدة االتحاد االشتراكي ،العدد الصادر بتاريخ . 2011/06/01
وهكذا تعددت محاوالت إصالح مهنة التوثيق ،إلى أن صدر القانون رقم 332.09المنظم
لمهنة التوثيق .تم المرسوم رقم 2.12.125الصادر في 25من ربيع الثاني 1434الموافق ل 8
4
مارس ،2013المتعلق بتطبيق قانون 32.09
_ 3ظهير شريف رقم 1.11.179صادر في 25ذي الحجة 1432الموافق ل 22نوفمبر ،2011الجريدة الرسمية عدد 5989
مكرر بتاريخ 28ذو القعدة 26( 1432أكتوبر )2011ص.5228 :
_4المرسوم رقم 2.12.125الصادر في 25من ربيع الثاني 1434الموافق ل 8مارس ،2013الجريدة الرسمية عدد 6143
الصادرة بتاريخ 4جمادى اآلخرة 15( 1434أبريل )2013ص.3174 :
أهمية الموضوع:
ال يخفى على أي باحث في المجال القانوني األهمية الكبرى التي تحظى بها مهنة التوثيق
داخل المنظومة القانونية في بالدنا ،فهي مناط تحقيق األمن التعاقدي ،ووسيلة ناجعة للمحافظة
على استقرار المعامالت والحفاظ على المراكز القانونية للمتعاقدين .كما تعتبر من المهن القانونية
المساعدة للقضاء .
سنعمل على االلمام بمحاور هذا البحث المتواضع من خالل اعتماد منهج تحليلي واستنباطي
و استداللي و استقرائي وكذا التاريخي في بعض المواضع.
كل هذا تطلب منا تقسيم البحث وفق التصميم التالي :
الكتاب الثاني :اثار االخالل بأحد أسس صحة محرر الموثق العصري.
الكتاب األول :األساس القانوني لنظام التوثيق العصري
حتى يتم اعطاء نظرة شاملة للموضوع كان لزاما االحاطة بكل من كيفية وحقوق
وواجبات الموثقين في (الباب األول) على أن يتم االلمام بظوابط اعداد محررات الموثقين في
(الباب الثاني) وبعدها توثيق المعامالت المالية في (الباب الثالث) وأخيرا النظام القانوني
للمحرر العرفي الثابت التاريخ في (الباب الرابع).
_ .5ظهير شريف رقم 1.11.179صادر في 25من دي العجة 22 1432نوفبر 2011بتنفيذ القانون رقم 32.09المتعلق
بتنظيم مهنة التوثيق الجريدة الرسمية عدد 6208بتاريخ 29سبتمبر . 2011
_.6محمد الربيعي ،األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ،دراسة في ضوء مستجدات قانون 16.03المتعلق
بخطة العدالة وقانون 32.09المتعلق بالتوثيق ،مكتبة المعرفة مراكش ،الطبعة الثانية ،2015 ،ص.34:
ترتبط بشخصيته وهو ما سنحاول دراسته في مطلب أول ،على ان نخصص المطلب الثاني لدراسة
للشروط المتعلقة بالجانب العلمي للمترشح.
_.7العلمي الحراق ،الوثيق في شرح قانون التوثيق ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الطبعة :األولى ،الرباط ،سنة
،2014ص.9 :
أما النزاهة فتعني أن يكون الموثق مبتعدا عن كل قبيح ومكروه ،و باإلضافة إلى األمانة
والنزاهة فإن المشرع يشترط أيضا التجرد في الموثق وهو يعني الحياد والموضوعية والوقوف
على نفس المسافة من المتعاقدين.8
وتجدر اإلشارة الى أن الموثق يتعين عليه أن يستمر في التحلي بهذه األخالق والقيم طيلة
حياته المهنية وأن يجتهد في اكتسابها في درجاتها القصوى.9
وقد اثار البعض التساؤل بخصوص الموقع الحقيقي لمقتضيات المادة 2أعاله ،بحيث
اعتبروا أنه من األجدر أن يكون مكانها ضمن الباب الثالث المتعلق بالحقوق والواجبات.
لكن الحكومة ردت بأنه تم نهج نفس االختيار في قانون المحاماة وخطة العدالة ،ذلك أن
االلتزام باألمانة و النزاهة هي كنه المهنة ،ولذلك كان من األنسب استهالل القانون المنظم لمهنة
التوثيق بهذه المبادئ.10
أن يكون المترشح متمتعا بحقوقه الوطنية و المدنية و ذا مروءة وسلوك حسن.11 -
ومعنى أن يكون المترشح متمتعا بحقوقه الوطنية ،أن يكون غير مجرد من حقوقه إداريا او
قضائيا ،بحيث ال يكون ممنوعا قانونا أو قضاء من ولوج المهن العمومية.12
أما التمتع بحقوقه المدنية ،فمعناه ،أن يكون المترشح أهال لممارسة حقوقه العامة كحق
التجول و حق الحرية ،و حقوقه الشخصية ،كحق الزواج و النسب. 13..
أما عن كونه ذا مروءة و سلوك حسن ،فمعناه ،أن يكون المترشح محافظا على ترك ما يقدح
في شخصيته ،و يخدش مروءته بصفة عامة.14
_.8العلمي الحراق ،م.س ،ص.9:
_.9العلمي الحراق ،م.س ،ص.10:
.10محمد ليديدي ،مهنة التوثيق قراءة في القانون ،32.09منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية ،مطبعة إليت،
ديسمبر ،2012ص.13 :
_.11البند الرابع من المادة 3من قانون .32.09
_.12العلمي الحراق ،م.س ،ص.12:
_.13العلمي الحراق ،م.س ،ص.12:
-باإلضافة إلى ذلك ،يجب على المترشح أال يكون محكوما عليه من أجل جناية أو جنحة
باستثناء الجنح غير العمدية ولو رد اعتباره.15
والمالحظ بالنسبة لهذا الشرط ،أن المشرع قد تعسف في حق بعض األشخاص خاصة
مرتكب الجنح ،ذلك إذا ما اخدنا بعين االعتبار أن االنسان خطاء بطبعه ،فكيف لنا أن نحرمه من
ولوج مهنة التوثيق ولو رد اعتباره.
-أن ال يكون قد صدر في حقه في اطار الوظيفة العمومية أو المهن الحرة عقوبة نهائية
تأديبية أو ادارية باإلقالة أو التشطيب أو العزل أو االحالة على التقاعد أو سحب الإذن أو
الرخصة.16
-أن ال يكون محكوما عليه بإحدى العقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة المنصوص عليها
في القسم الخامس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة ولو رد اعتباره.17
-عدم اخالله بالتزام صحيح يربطه بإدارة أو مؤسسة عمومية لمدة معينة. 18
و في االخير يمكن القول أن سبب التنصيص على هذه المقتضيات ،هو أن هذه األفعال
تتنافى وما تتطلبه مهنة التوثيق من استقامة و نزاهة و انضباط و سلوك قويم.19
أن يكون عاقال :يجب أن تتوافر في الموثق األهلية الكاملة التي تمكنه من كتابة
الوثائق والسجالت بين الناس ،ويميز بين الصواب والخطأ ويفرق بين الصالح والفاسد ،بعيدا عن
20 السهو والغلط والغفلة.
أن يكون متيقظا :ومعناه أن يكون المترشح جيد الفطنة ،وقوي الذكاء ،ال يكون ضحية
21 الحيل والخداع فيلحق ضررا بنفسه والمتعاقدين.
أن يكون سليم الحواس كالسمع والبصر والنطق :تعد سالمة حواس الموثق المتمثلة
في السمع والبصر والنطق من الشروط الالزمة لممارسة الموثق عمله بكتابة المحررات بين الناس
وإضفاء الرسمية عليها ويتمكن من إثبات الحقوق وتوثيقها في السجالت المعدة لذلك ،ويسمع أقوال
المتعاقدين والشروط التي اتفقا عليها إتماما للعملية التعاقدية وليفرق بين الغالب والمغلوب ،ويميز
22 بين المقر والمنكر ،ويصيب الحاق بين الباطل والمشهود له والمشهود عليه.
ونصت المادة الثالثة المشار إليها أعاله إلى أن إثبات القدرة البدنية يتم بواسطة شهادة طبية
صادرة عن مصالح الصحة العمومية ،أي بواسطة شهادة طبيب يعمل في القطاع العام التابع
للدولة ،واستبعد المشرع كل شهادة طبيب يعمل بالقطاع الخاص.
_-20سعد سليمان الحامدي ،التوثيق و احكامه في الفقه االسالمي ،الطبعة :األولى ،دار السالم للطباعة و النشر و الترجمة،
القاهرة سنة ،2009ص .130
-21العلمي الحراق ،م ،س ،ص .14
-22سعد سليمان الحامدي .م ،س ،ص .128
بعد أن كان المشرع بمقتضى قانون 4ماي 1925يشترط من أجل الترشح لمهنة التوثيق
شروطا مجحفة ،من قبيل اشتراط الجنسية الفرنسية.
جاء المشرع بمقتضى القانون الجديد 32.09الشتراط الجنسية المغربية تماشيا مع ظهير 25
يناير 1965الذي ينص على التوحيد والتعريب ومغربة األطر ،نظرا لكون الجنسية تمثل في
األنظمة الوضعية شرطا لتولي الوظائف العامة باعتبارها رابطة سياسية و روحية تربط بين الفرد
والدولة التي يحمل جنسيتها.
باإلضافة إلى شرط الجنسية المغربية ،يشترط المشرع بمقتضى المادة 3من قانون 32.09
أن يكون المترشح بالغا من العمر ثالثة وعشرون سنة ميالدية على أن ال يتجاوز 45سنة باستثناء
الفئات المعفية من المباراة والمنصوص عليها في المادة 8من نفس القانون ،وذلك اعتبارا للمهام
الجسام المنوطة بالموثق ،وأشار المشرع إلى السنة الميالدية لكونها معدودة ومعلومة في أيامها
23
وفي إطارها يتم الحسم بسهولة في كل خالف ،على عكس السنة الهجرية.
وتجدر االشارة في هذا الصدد الى أن السن المشترط لولوج مهنة العدول يختلف عن السن
المقررة للموثق اذ ينص قانون خطة العدالة 16.03على ضرورة بلوغ المترشح لهذه المهنة سن
الخامسة والعشرين وأال يزيد عن خمس وأربعين سنة.
ي تبين مما ذكر أعاله أن المشرع اشترط بلوغ المترشح 23سنة من أجل ولوج مهنة التوثيق،
ويمكن أن ننتقد المشرع بخصوص هذا الشرط كونه يتنافى مع اشتراط الحصول على اإلجازة في
الحقوق ألن السن المعتدل الذي يحصل فيه الطالب على اإلجازة هو 21سنة ،لذا ليس من المعقول
أن ينتظر الطالب سنتين إضافيتين بعد حصوله على اإلجازة من أجل الترشح لمهنة التوثيق.
وما يالحظ في هذا الشرط أن المشرع لم يحدد تخصص اإلجازة إنما ذكره بشكل عام
بمعنى أن المترشح سواء حصل على اإلجازة في القانون الخاص أو القانون العام فإنه معني .في
حين ينبغي االقتصار على اإلجازة في الحقوق شعبة القانون الخاص 27.ألن طبيعة المواد المختبر
فيها تدخل في نطاق القانون الخاص ال العام .هذا من جهة ،ومن جهة ثانية كان من األفضل أن
يعبر باالسم الحالي لشهادة اإلجازة في الحقوق وهي شهادة اإلجازة في الدراسات القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،ألن اإلجازة في الحقوق لم يعد لها وجود بهذا االسم.28
._24ينص الفصل 8من ظهير 04ماي 1925المتعلق بتنظيم شؤون محرري الوثائق الفرنسيين الملغى "
مع مراعاة االستثناءات اآلتية بعده... ،
وتتحدد مدة التمرين في أربع سنوات ،منها سنة واحدة على األقل بصفة كاتب أول عند موثق إذا كان المرشح حائزا على شهادة
اإلجازة في الحقوق ،أو على شهادة الكفاءة المسلمة من طرف إحدى مدارس التوثيق المعترف بها من الدولة الفرنسية.".
_.25ظهير شريف مؤرخ في 10شوال ،1340موافق ل 04ماي 1925المتعلق بتنظيم شؤون محرري الواثائق الفرنسيين،
منشور بالجريدة الرسمية عدد ،661بتاريخ 23يونيو ،1925الصفحة .1050
_.26محمد الربيعي ،م.س ،ص.37.
_.27محمد الربيعي ،م.س ،ص.37.
_-28العلمي الحراق ،م،س ص.12.
الفقرة الثانية :مبـاراة االلتحـاق بمهنــة التوثيـق
إن ولوج مهنة التوثيق يتطلب ضرورة اجتياز مباراة يحدد كيفية اجراءها مرسوم صادر عن
وزير العدل ،29إال ان توفر المرشح على الكفاءة العلمية المطلوبة قد ال يخوله في بعض الحاالت
اجتياز المباراة و نقصد بذلك حاالت التنافي ،ثم هناك بعض الفئات التي اعفاها المشرع من هذه
المباراة.
أوال :كيفية اجتيــاز المبـاراة
يتم االعالن عن مكان المباراة للمترشحين العاديين وكيفية إجرائها والمناصب المتباري في
شأنها بقرار لوزير العدل والحريات.30
وتشتمل هذه المباراة على اختبار كتابي وشفوي.
يشمل االختبار الكتابي على موضوع في:
القانون المدني( :مدته ساعتان)
القانون التجاري وقانون الشركات (مدته ساعتان)
الحقوق العينية العقارية (مدته ساعتان)
الثقافة العامة (مدته ساعتان)
ويشمل االختبار الشفوي على موضوع يتعلق:
بالنصوص المنظمة لمهنة التوثيق.
31
بالتنظيم القضائي.
وتنص المادة 3من المرسوم الصادر بتطبيق قانون رقم 32.09المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق
على أنه " :
ويمكن للمترشح أن يحرر موضوعه سواء باللغة العربية أو الفرنسية حسب اختياره.
ويتم تقييم مواضيع االختبارين ،الكتابي والشفوي بدرجة تتراوح بين 0و 20نقطة ويعتبر
راسبا من حصل في أحد االختبارات على أقل من 5نقط.
وال يشارك في االختبار الشفوي إال من حصل في االختبار الكتابي على مجموع ما يقل عن
40نقطة.
_.29مرسوم رقم 2.12.725صادر في 25من ربيع اآلخر 8( 1434مارس )2013بتطبيق القانون رقم 32.09المتعلق
بتنظيم مهنة التوثيق.
_.30المادة 1من مرسوم أعاله.
_.31المادة 2من مرسوم 8مارس 2013الصادر بتطبيق القانون رقم 32.09المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.
ال يعتبر أي مترشح في الترتيب النهائي إن لم يحصل في االختبارين الكتابي و الشفوي ال
يقل عن 60نقطة.".
ويرتب المترشحون حسب االستحقاق في حدود المناصب المتبارى بشأنها ،و في حالة
تساوى المترشحون في النقط المحصل عليها اعتبر األكبر سنا.32
وهنا نالحظ أيضا أن المشرع وإن كان قد أعطى لهذه الفئات المعفية من المباراة الحق في
ولولج مهنة التوثيق دون اجتياز لمباراة ،فإنه يلزمه باجتياز مباراة اخرى من نوع خاص ،كأن ما
يعطيه المشرع باليد اليمنى يأخذه باليد اليسرى.
_.35المادة 9من مرسوم 8مارس 2013الصادر بتطبيق القانون رقم 32.09المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.
_.36البند األخير من المادة 9من المرسوم أعاله.
_.37المادة 11من المرسوم أعاله.
_.38المادة 12من المرسوم أعاله.
سن ة من التمرين بالنسبة للسنوات الثالث األولى ،وامتحان مهني في آخر السنة الرابعة من فترة
39
التمرين ،يمنح الذي اجتازه بنجاح من المتمرنين صفة موثق.
مدير الشؤون المدنية ممثال عن وزير العدل والحريات بصفته رئيسا.
مدير الشؤون الجنائية والعفو.
اثنين من الرؤساء األولين لمحاكم االستئناف.
اثنين من الوكالء العامين للملك لدى محاكم االستئناف.
قاضيين من الدرجة األولى على األقل.
رئيس المجلس الوطني للموثقين.
ستة موثقين يقترحهم رئيس المجلس الوطني للموثقين.
وفي حالة الرسوب في االمتحان المهني ،تنص المادة 7من قانون 32.09المنظم لمهنة
التوثيق على أنه يكمن أن تمدد فترة التمرين إلى غاية أربع سنوات تستغرق كل منها سنة واحدة،
يؤدي المتمرن في نهايتها االمتحان المهني.
ويتم تعين ناجح في االمتحان المهني موثقا حسب االستحقاق مع األخذ بعين االعتبار في
ذلك مجموع النقط المحصل عليها خالل االختبارات السنوية بنسبة ، ،%50وفي حالة التساوي
47
في الترتيب بين المتمرنين الناجحين اعتبر األكبر سنا.
وهذه الطريقة التي سلكها المشرع المغربي في تكوين المتمرنين ،ستمكنهم من الحصول
على الخبرة والتجربة الالزمتين لممارسة هذه المهنة ،وسيزيد هذا من ثقة األفراد في هذه
48
المؤسسة.
وبعد تعيينه يؤدي الموثق اليمين بالصيغة التالية «:أقسم باهلل العظيم أن أؤدي بأمانة و
اخالص المهام المنوطة بي ،وأن أحافظ على السر المهني ،وأحترم كل الواجبات التي تتطلبها
المهنة» ،وذلك أمام محكمة االستئناف المعين بدائرتها في جلسة خاصة يرأسها الرئيس األول
بحضور الوكيل العام للملك وكذا رئيس المجلس الجهوي للموثقين الذي يتولى تقديم المرشح،
وتحيل كتابة الضبط بمحكمة االستئناف فورا نسخة من محضر أداء اليمين يشهد رئيس كتابة
50
الضبط بمطابقتها لألصل إلى المحكمة االبتدائية التي يوجد مقر مكتبه بدائرة نفوذها.
ووفقا للمادة 14من قانون 32.09فإن "الموثق وبمجرد أداء يمينه يوقع توقيعا كامال بكتابة
الضبط لدى محكمة االستئناف المعين بدائرة نفوذها.
ويجب أن يكون لكل موثق خاتم يحمل اسمه وصفته وفق نموذج موحد يقترحه
_.56رسالة السيد وزير العدل تحت عدد 248د.ي بتاريخ 22غشت .2017
_.57تم إعداد مشروع تعريفة األتعاب بتنسيق مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة في إطار قانون حرية
األسعار والمنافسة ،وتم عرض هذه التعريفة على مجلس.
_.58نصت الفقرة األخيرة من المادة 4على أنه " تؤدى أتعاب الموثق عن العقود التي يتلقاها لفائدة أشخاص القانون العام
وفق قواعد قانون المحاسبة العمومية.
بوظائفهم او بسبب قيامهم بها ،"...بينما ينص الفصل 267من نفس القانون على انه "يعاقب
بالحبس من ثالثة اشهر الى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد من رجال القضاء أو
الموظفين العموميين او رؤساء او رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها"..
الفقرة ثالثة :حق الموثق في التوفر على موقع إلكتروني و تعليق لوحة باسمه
إن التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم منذ مطلع القرن العشرين كان له تأثير كبير في
العالقات التعاقدية وكيفية إبرامها ،وتبعا لذلك فقد تطور اإلشهار تطورا كبيرا ،إذ أصبح واحد من
سمات العصر الحالي ،وتعتبر وسائل االتصال االلكترونية السيما األنترنت ،الوسيلة الواسعة
واألكثر انتشارا لإلشهار.
وعليه فقد خول المشرع في المادة 91من قانون 32.09للموثق الحق في أن يتوفر على
موقع في وسائل االتصال اإللكترونية ،يشير فيه باقتضاب إلى نبذة عن حياته ومساره الدراسي
والمهني ،وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه ،شريطة الحصول على إذن مسبق من رئيس
المجلس الجهوي للموثقين بمضمون ذلك.،
وتنص ا لفقرة الثانية من نفس المادة على حق الموثق في أن يعلق لوحة بيانية خارج البناية
التي يوجد بها مكتبه أو بداخلها وذلك من أجل التعريف به والتدليل على مكان تواجده داخل
البناية ،ويجب أن تتضمن هذه اللوحة فقط اسمه الكامل ،وصفته كموثق ،وكذا لقب دكتور في
الحقوق عند االقتضاء وذلك تحت طائلة العقوبة بغرامة من 1.200إلى 5.000درهم؛
ونعتقد بأن هذا النص فيه ظلم وإجحاف كبير بالنسبة للموثقين كما هو الشأن بالنسبة
للمحامين ،ففي الوقت الذي يسمح فيه المشرع لمزاولي باقي المهن األخرى كاألطباء والمهندسين
وغيرهم من إشهار جميع أنواع شهاداتهم ،وأسماء جامعاتهم ،فإنه يحرم في اآلن نفسه ،فئة
الموثقين والمحامين من هذا الحق.
ونتساءل هنا حول الحكمة من حرمان حاملي الشهادات العلمية من إشهارها كأن يكون مثال
من حاملي اإلجازة أو ماستر في القانون.
وتنص نهاية الفقرة الثانية على أن شكل اللوحة يحدد بمقتضى قرار من وزير العدل ،وهو
ما تم إصداره فعال ،حيث جاء في مادته األولى بأن اللوحة التي يحق للموثق أن يعلقها خارج
البناية التي يوجد بها مكتبه ،أو داخلها ،يجب أن تكون على شكل مستطيل ،ال يتعدى طوله
50سنتمترا وعرضه 30سنتمترا ،تحمل اسمه الكامل ،وصفته كموثق ،وكذا لقب دكتور في
الحقوق عند االقتضاء.
المبحث الثاني :التزامات الموثق العصري
ال يختلف اثنان أن التوثيق العصري يساهم في استقرار المعامالت والحفاظ على المراكز
القانونية ألطراف العالقة التعاقدية ،ومن تم وضع المشرع على عاتق الموثقين مجموعة من
االلتزامات بالموازاة مع تحرير العقود وإضفاء الصفة الرسمية عليها .هذه االلتزامات منها ما
يتحمله الموثق قبل تحرير اتفاق األطراف (المطلب االول) ومنها اآلخر بعد تحريره(المطلب
الثاني).
فمن الفقهاء من ذهب إلى القول بان التزام الموثق بنصح الزبون يجد أساسه في طبيعة
مهنة التوثيق نفسها؛ باعتباره واجبا أخالقيا تفرضه ضوابط وقواعد المهنة .في حين ذهب البعض
األخر إلى أن أساس هذا االلتزام يتمثل في وجود عقد ضمني بين الموثق والزبون يلتزم بموجبه
األول بإسداء النصيحة في مقابل أتعاب يؤديها الطرف الثاني.
وبعيدا عن هذا النقاش ورغم عدم وجود نص صريح على ذلك لم يكن القضاء الفرنسي
يتردد في مساءلة كل موثق لم يقدم النصائح الالزمة لزبنائه ،معتمدا في ذلك على روح قانون 25
فانتوز ،واألسباب المذكورة في مقدمة مشروعه ،التي تجعل الموثق ناصحا محايدا لألطراف.59
أما عن المشرع المغربي فلم يترك مجاال للنقاش ،حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 37
60
صراحة على هذا االلتزام .مسايرا بذلك القضاء المغربي الدي لم يكن يتردد من قانون 32-09
بدوره في تحميل الموثق المسؤولية كلما تبين إخالله بواجب النصح للزبون؛ وهذا ماقضى به
61
المجلس االعلى في قراره الصادر بتاريخ 23فبراير .2005
وعليه وجب على الموثق أن يشعر األطراف بحقوق وواجبات كل منهما ،والتنبيه إلى
خطورة بعض الشروط التي يريدون إدراجها في عقودهم ،واإلشارة إلى الحلول الصادرة عن
القضاء في حال وجود مسالة محل خالف ،و توجيه النصائح الكافية المتعلقة بالمجال الضريبي
والمقتضيات الخاصة بواجبات التسجيل وخطورة التهرب والتملص من أدائها .
أما ب النسبة لحدود التزام الموثق بالنصح؛ فان القضاء الفرنسي في ظل غياب النص
الصريح تبنى المعيار الشخصي في تحديد األحوال التي يتحلل فيها الموثق من مسؤولية تقديم
النصح لألطراف.
وإذا كان الحال كذلك في فرنسا فان الموثق المغربي وفي ظل وجود النص الصريح
وارتباطه بالنظام العام؛ يبقى التزامه مطلقا ؛ كما يكون باطال كل اتفاق بينه وبين الزبون يضع
حدودا لهذا االلتزام.
وارتباطا بحديتنا يثار التساؤل حول كيفية إثبات التزام الموثق بإسداء النصح لألطراف،
خاصة في الحالة التي ينكر فيها هؤالء تلقيهم النصح من طرف الموثق؟
إجابة على التساؤل أعاله نجد أن قانون 32.09لم ينص على أي مقتضى يتعلق بمسألة
إثبات واجب إسداء النصح لألطراف .وبالتالي ،ومن وجهة نظرنا الخاصة؛ نقول بأن هذا
االلتزام يمكن إثباته بجميع وسائل اإلثبات لكونه يتعلق بأعمال مادية ،ويبقى للمحكمة السلطة
التقديرية في تحديد احترام الموثق لهذا الواجب من عدمه.
لكن بالرغم من ذلك ال يحق للموثق االمتناع عن تلقي المعامالت المتعلقة بالعقارات غير
المحفظة ،تطبيقا للمادة 29من قانون 32.09التي تنص على مايلي ":إذا امتنع الموثق عن القيام
بواجبه بدون سبب مشروع تحمل مسؤولية الضرر الناتج عن هذا االمتناع".
وعليه وجب على الموثق وهو بصدد هذا النوع من المعامالت التأكد من الرسوم المقدمة
إليه حتى يقف على أصل الملكية وجميع التصرفات التي خضع لها العقار.
إذن فقبل أن يتلقى الموثق أي عقد أو تصرف من المتعاقدين؛ يتعين عليه أن يتحقق – تحت
مسؤوليته – من األوراق المفيدة في التعرف على األطراف واثبات هويتهم؛ كالبطاقة الوطنية
للتعريف في مدة صالحيتها ورخصة السياقة أو جواز السفر ،كذلك الشأن بالنسبة للشهود في حال
_62محمد الربيعي:م.س ،ص.57 :
وجودهم .إضافة إلى التثبت من صفة الشخص وأهليته في إبرام االتفاق موضوع العالقة
63
التعاقدية
ويدخل في نطاق هذا االلتزام :التثبت من األوراق المثبتة للملكية أو أحقية اإلرث وحظوظ
الوارث ونصيبه من التركة ،والوثائق التي تعرف بهوية أطراف العقد بشكل دقيق ال يثير أي
التباس أو تشابه في األسماء ،ومدى مطابقة هذه األوراق والوثائق للقانون تفاديا ألي تزوير أو
غش.
ويجب أن يكون الموثق آخر من يضع توقيعه وخاتمه فور توقيع األطراف والشهود ،وهو
ما أكدته المادة 43من القانون أعاله حينما نصت على انه":تذيل أصول العقود -تحت طائلة
البطالن– باألسماء الكاملة وتوقيعات األطراف والترجمان والشهود إن وجدوا ،ثم الموثق
وخاتمه".
إذن يمكن القول بأن المشرع باإلضافة إلى االلتزامات التي حملها للموثق قصد حماية
أطراف العالقة التعاقدية ،الزمه بدور ضريبي؛ بهدف استيفاء الحقوق المستحقة لفائدة الدولة؛ من
خالل القيام بواجبات التسجيل لدى إدارة التسجيل و التمبر وأداء الرسوم المستحقة على العقود
التي يبرمها .
وفي هذه الحالة يكتفي الموثق باال دالء بنسخ مشهود بمطابقتها لألصل من طرفه مع القيام
65
بما يقتضيه النشر واالشهار والتقييد في السجالت الرسمية
ويبدو أن تحميل المشرع الموثق هذا االلتزام يجد مبرره في كون غالبية األفراد يجهلون
اآلثار المترتبة عن اإلغفال أو التماطل في القيام بإجراءات التقييد؛ والتي قد تصل في بعض
األحيان إلى حد عدم اكتساب الحق ،خاصة إذا علمنا أن مجرد الكتابة وإضفاء الصفة الرسمية
غير كافيين وحدهما لنفاد التصرف بين الطرفين بل البد من تقييده بالسجل العقاري .
الفقرة الثالثة :التزام الموثق بالمحافظة على أصول العقود وكتمان السر المهني
اوال-االلتزام بالمحافظة على أصول العقود
إن ما يميز المحررات الرسمية هو أن أصولها تبقى محفوظة لدى الموثق ويمنع تسليمها
لألطراف ،وهو ما يبعث نوعا من الطمأنينة لدى هؤالء على عدم ضياع أصولهم ،الشيء الذي
يغيب عن أصحاب المحررات العرفية.
في المقابل وجب تسليم نسخ وأصول العقود ونظائر أصول الوثائق الملحقة بها لألطراف
من طرف الموثق صاحب المكتب أو من ينوب عنه أو من طرف الموثق الذي يسير المكتب،66
كما يحق لورثتهم ولوكالئهم أن يتسلموا هذه األصول والنظائر ،أما بالنسبة للغير فال يحق له ذلك
إال بموجب مقرر قضائي .67ويجب على الموثق أن يشهد بمطابقتها لألصل وان تكون كل صفحة
من النظير أو النسخة حاملة لتوقيعه وخاتمه مع اإلشارة إلى التاريخ.
هذا ويكون الموثق مسؤوال متى تعرضت أصول العقود أو أصول الوثائق الملحقة بها أو
صور الوثائق التي تتبث هوية األطراف للضياع .68
وقد نصت على هذا االلتزام المادة 24من القانون رقم 32.09التي جاء فيها" :يلزم الموثق
بالمحافظة على السر المهني ،ما عدا إذا نص القانون على خالف ذلك ،ويقع نفس اإللزام على
المتمرنين عنده وأجراءه" .أما المادة 13من نفس القانون فقد ألزمت الموثقين بأداء اليمين على
عدم إفشاء السر المهني.69
ويعتبر هذا االلتزام فضفاضا يندرج تحته مجموعة من الواجبات ،أهمها المحافظة على
أسرار المتعاقدين واسرار كل األطراف التي تتعامل مع الموثق بما فيها المؤسسات العمومية
70
وأسرار المهنة بصفة عامة ؛ الن عبارة السر المهني عبارة عامة وشاملة
وإذا كانت االلتزامات السابقة ال يترتب عن مخالفتها سوى مسؤولية الموثق المدنية ،فان
إفشاء السر المهني اعتبره المشرع جريمة ،يعاقب عليها القانون الجنائي بالحبس من شهر إلى
ستة اشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم.71
_ 69تؤدى اليمين حسب ما نصت عليه الفقرة األولى من المادة 13على الشكل التالي:
"اقسم باهلل العظيم أن أؤدي بأمانة و إخالص المهام المنوطة بي وأن أحافظ على السر المهني ،واحترم كل الواجبات التي
تتطلبها المهنة".
_70العلمي الحراق :م.س ،ص 64:و .65
_ 71انظر المادة 446من القانون الجنائي.
الباب الثاني :ظوابط اعداد المحررات من طرف الموثق
حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق ظوابط اعداد المحررات من طرف الموثق استوجب
منا األمر تجزيئ هذا المقتضى الى قطبين .نستعرض في أوالهما الحديث عن الضوابط
الجوهرية إلعداد المحررات من قبل الموثق في (الفصل األول) على أن نخصص (الفصل
الثاني) لتناول مقتضى الضوابط الشكلية إلعداد المحرر من طرف الموثق.
لكي يكون المحرر صحيحا ،وحتى ال يتعرض للبطالن يجب على الموثق أن يشير فيه إلى
مجموعة من البيانات الجوهرية ،وأن يحترم عدة ضوابط قانونية أوجبها قانون .32.09
فلقد استلزم المشرع المغربي أوضاعا قانونية خاصة ،يجب على الموثقين احترامها لكي
72
تكون محرراتهم صحيحة وخالية من كل عيب ينال من حجيتها.
هذه الضوابط القانونية منها ما يتعلق باألطراف ومنها ما يتعلق بالشهود ،ومنها ما يتعلق
بتاريخ العقد لما له من دور مهم في حسم بعض المنازعات ،ومنها ما يخص مكان تلقي وتوقيع
العقد ،لمعرفة مدى احترام الموثقين للمقتضيات الواردة في بالمادة 12من القانون رقم .32.09
وعلى هذا األساس ،سنتناول بداية الضوابط الخاصة باألطراف والشهود (المبحث األول) ثم
نعرج على الضوابط القانونية الخاصة بتاريخ المحرر ومكانه (المبحث الثاني).
إن المحرر التوثيقي ،هو محرر رسمي باألساس ،وبالتالي له حجية مطلقة تجاه المتعاقدين
والغير على حد سواء ،غير أنه ال تكون له هذه الحجية إذ لم يكن في الوضعية القانونية الالزمة.
72
-محمد الربيعي ،األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ،مكتبة المعرفة ،مراكش الطبعة الثانية ،2015ص.69 :
وليكون في هذه الوضعية الصحيحة ،البد على الموثق أن يحترم الضوابط القانونية الالزمة
لتحرير هذا المحرر ،سواء الضوابط المتعلقة باألطراف (المطلب األول) أو تلك الخاصة بالشهود
(المطلب الثاني).
سنتناول في هذا المطلب ،تحديد هوية األطراف (الفقرة األولى) ،ثم سنتطرق إلى ضرورة
توقيع األطراف على المحرر التوثيقي (الفقرة الثانية).
لما كان المتعاقدان يشكالن طرفي العالقة التعاقدية ،فمن الضروري التعريف بهويتهما
تعريفا دقيقا رفعا ألي التباس أو تشابه في األسماء.
ولذلك نجد المشرع المغربي يلزم الموثق بذكر األسماء الكاملة لألطراف بما فيها األب
واألم وموطنهم ،وتاريخ ازديادهم ،وجنسيتهم ومهنتهم ،ونوع الوثيقة المعتمدة في إثبات هويتهم
73
ومراجعها والنظام المالي للزواج بالنسبة لألطراف عند االقتضاء.
وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع لم يشر إلى الحالة التي ال يملك فيها أحد األطراف وثيقة
إلثبات هويته ،حيث ال ينبغي حرمانه من التعاقد ،ويجب أن يسمح له بإثبات هويته بإحضار
74
شاهدين بالغين يملكان البطاقة الوطنية ويعرفان التوقيع ،وال تكون لهما أي مصلحة في العقد.
ونظرا ألهمية البيانات المتعلقة بهوية األطراف ،فما هو اذن الجزاء الذي سيترتب عن
غيابه؟.
73
-الفقرة األولى من المادة 36من القانون رقم 32.09
74
-محمد الربيعي م س ص .70
75
وفي معرض الجواب عن السؤال المذكور ،نصت المادة 37من القانون رقم 32.09
على كون الموثق ملزم تحت مسؤوليته بالتحقق من هوية األطراف ،وأي إخالل أو تقصير في
هذا الشأن سيعرضه للمسؤولية.
وفي حالة غياب البيانات المتعلقة بهوية باألطراف فان المحرر يصبح باطال باعتباره محرر
رسمي ،وهذا ما ورد في مقتضيات المادة .49
لقد تناول المشرع هذا اإلجراء في المادة 43من القانون ،32.09حيث اشترط تذييل أصول
العقود باألسماء الكاملة لألطراف وتوقيعاتهم ،وأن يوقع األطراف أيضا على كل صفحة من
صفحات العقد ،مع كتابة تاريخ وساعة توقيع كل طرف باألرقام والحروف.
وأشار المشرع كذلك ،وفي نفس المادة السالفة الذكر إلى األطراف الذين ال يحسنون التوقيع
والذين يتعذر عليهم التوقيع واإلبصام ووضع لكل حالة إجراءات خاصة بها.
فبالنسبة للذين يتعذر عليهم التوقيع ،يجوز لهم اإلبصام ،76أما األشخاص الذين يتعذر عليهم
اإلبصام كذلك ،فإن الموثق يشهد عليه بذلك بحضور شاهدين.
سنعالج هذه الضوابط في إطار مقاربة كرونولوجية من خالل ظهير 4ماي 1925الملغى
(الفقرة األولى) ثم سنقوم برصد ذلك من خالل قانون التوثيق الحالي رقم ( 32.09الفقرة الثانية).
75
-تنص المادة 37من القانون 32.09في الفقرة األولى "يتحقق الموثق تحت مسؤولية من هوية األطراف وأهليتهم للتصرف ومطابقة الوثائق
المدلى بها إليه للقانون".
76
-لم يكن ظهير 4ماي 1925يأخذ بالبصمة ،بل كان يشترط في هذه الحالة أن يكون الموثق معضدا.
الفقرة األولى :في ظهير 4ماي 1925
كان دور الشهود في ظل ظهير 4مايو 1925الملغى ،يرمي إلى حماية بعض األشخاص
وزيادة الضمانات لبعض التصرفات ذات األهمية ،حيث كان المشرع المغربي يشترط في هذه
الحاالت أال تتم عملية التوثيق بواسطة موثق فقط ،بل ال بد أن يكون معضدا بشهادتين اثنتين تأثرا
منه بما كان ينص عليه الفصل 9من قانون فانتوز المتعلق بنظام التوثيق الفرنسي الذي كان
77
يتطلب في بعض الحاالت موثقين أو موثق وشاهدين ،والذي كان يحيل عليه الظهير الملغى.
لقد كانت هذه الطريقة تقدم للمتعاقدين ضمانات مهمة ،وقد قال أحد الفقهاء الفرنسيين بهذا
الشأن "إن اإلنسان سرعان ما يستسلم لإلغراء إذا كان بمفرده .ولتقويته على مقاومة هذا اإلغراء
78
جعل المشرع بجانبه رقيبا ال يرضى أن يظهر أمامه بمظهر الضعف"
ال يخف على أحد ما لدور شهادة الشهود من اهمية في حفظ حقوق واعراض الناس من
الضياع ،والشاهد في الوثيقة أو العقد ،إما أن يكون كاتبها نفسه ،وإما أن يكون غيره. 79
فبخصوص دور الشهود فهو محصور في حماية بعض األشخاص الذين يتعذر عليهم
التوقيع واإلبصام في آن واحد وهذا ما نصت عليه المادة 43من قانون التوثيق ،وقد اشترطت
كذلك تحت طائلة البطالن أن يشار في آخرالمحرر إلى اإلسم الكامل للشاهد وتوقيعه.
80
وجدير بالذكر أن العقود التي يتلقاها الموثق ويحررها تقع صحيحة بدون شهادة أحد،
والحالة الوحيدة التي نص عليها المشرع التي تستلزم وجوب شهادة شاهدين في العقد المحرر هي
77
-محمد الربيعي ،م س ص .76
78
- Email Normand de la signature des actes authentiques et privé, thèse paris 1930 p 117.
79
-محمد جميل بن مبارك ،التوثيق واإلثبات بالكت ابة في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،ص
.15
80
-بخالف قانون خطة العدالة رقم 16.03الذي استوجب أن يتلقى عدالن الشهادة في مذكرة الحفظ و استثناء يتلقاها عدل واحد.
الحالة المشار إليها أعاله ،أي في حالة تعذر على أحد األطراف التوقيع واإلبصام ،حيث أن
الموثق يشهد عليه بذلك بمحضر شاهدين.81
غني عن البيان أن تاريخ المحرر ومكانه من البيانات األساسية التي يتسم بها المحرر
الرسمي ،وهذا ما تناوله المشرع من خالل بعض المواد في قانون 32.09المتعلق بالتوثيق،
وعليه سنتناول الضوابط المتعلقة بتاريخ المحرر (المطلب األول) ثم الضوابط المتعلق بمكانه
(المطلب الثاني).
سنتطرق في هذا المطلب لضرورة اإلشارة إلى تاريخ توقيع المحرر (الفقرة األولى)
والجزاء المترتب عن تخلف هذا البيان (الفقرة الثانية).
بالرجوع إلى مضمون المادة 43من قانون 32.09المتعلق بالتوثيق في فقرتيها الثانية
والثالثة فإن األطراف يوقعون على كل صفحة من صفحات المحرر ،ويكتب الموثق تاريخ توقيع
كل طرف باألرقام والحروف حسب الفقرة الثالثة من نفس المادة ،ليقوم بعد ذلك الموثق مباشرة
بالتوقيع بنفس الكيفية.
82
ويترتب عن هذا األمر أن المحرر يكتسب صفة الرسمية من تاريخ توقيع الموثق.
لكننا نتساءل حول الطبيعة القانونية للمحرر في حالة عدم اإلشارة إلى تاريخ هذا التوقيع؟.
81
-العلمي الحراق ،الوثيق في شرح قانون التوثيق ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع -الرباط ،الطبعة األولى ،2014ص .80
82
-تنص الفقرة الثانية من المادة " 44يكتسب العقد الصبغة الرسمية إبتداء من تاريخ توقيع الموثق".
وفي نفس السياق جاء في أحد قرارات المجلس األعلى " ...العقد المحرر والموقع من طرف الموثق يعتبر وثيقة رسمية "....عدد 84المؤرخ في
2003/01/09ملف مدني عدد / 2002/2/3/242منشور بسلسلة المعارف القانونية والقضائية ،قضايا المنازعات العقارية اإلصدار الثاني
والعشرون ،مطبعة دار المعارف الجديدة الرباط ،2014ص .477
الفقرة ا لثانية :الجزاء المترتب عن عدم اإلشارة إلى تاريخ المحرر
نظرا ألهمية تاريخ التوقيع ،حيث تظهر على مستوى معرفة تاريخ إكتساب المحرر صفة
الرسمية ،إلى جانب أن هذا التاريخ يلعب دورا هاما في معرفة المحررات التي تمت من قبل
83
الموثق رغم علمه بقرار العزل أو التوقيف النها تكون في هذه الحالة باطلة كمحررات رسمية.
وعليه فإن المشرع رتب عن تخلف هذا البيان بطالن المحرر الرسمي وذلك حسب
84
مقتضيات المادة .43
وتجدر اإلشارة أن المشرع تطرق للحالة التي يتوفى فيها الموثق قبل أن يقوم بالتوقيع في
المحرر،حيث نصت المادة " 45اذا توفي الموثق قبل أن يوقع على العقد الذي تلقاه وبعد توقيع
األطراف والترجمان والشهود إن وجدوا ،أمكن لرئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر
عمل الموثق أن يأمر بناء على طلب من المتعاقدين بتذييل العقد بتوقيع موثق آخر بحضورهم
وموافقتهم على مضمونه بعد قراءته عليهم من جديد".
القاعدة العامة هي أن الموثق يلقى العقود داخل مكتبه (الفقرة االولى) غير أنه يمكن إستثناء
تلقيها خارج مكتبه في حالة توفر مجموعة من الشروط (الفقرة الثانية).
إن المشرع المغربي سمح للموثق أن يمارس مهامه في مجموع التراب الوطني ،غير أنه
الزمه بتلقي العقود وتوقيعات األطراف داخل مكتبه المتواجد بدائرة محكمة االستئناف المعين
85
بها.
83
-أحمد نشأت ،رسالة اإلثبات ،دار الفكر العربي القاهرة 1972ط السابعة ج 2015 1ص 211:
84
-تنص الفقرة األخيرة من المادة 43على ما يلي :
" ...في حالة وجود صفحات غير مؤشر عليها من طرف الموثق أو غير موقعة من األطراف على العقد فإن البطالن ال يلحق إال هذه الصفحات.
85
-محمد الربيعي ،م س ،ص .80
ويجب على الموثق أن يضع بيانا في العقد يشير فيه إلى أن عملية التلقي قد تمت داخل
86
مكتبه ،للتأكد من كونه احترم المقتضيات الواردة في المادة 12من قانون رقم .32.09
تنص المادة 49في فقرتها الثانية على ما يلي "تسري نفس المقتضيات إذا تلقى الموثق عقدا
خارج مكتبه خالفا لمقتضيات المادة 12أعاله"...
وعليه فإنه حسب مضمون الفقرة الثانية من المادة ،49فإن المحرر الرسمي يصبح بمثابة
محرر عرفي إذا خالف الموثق مقتضيات المادة .12
غير انه استثناء يجوز للموثق أن يتلقى عقود وتوقيعات األطراف خارج مكتبه ،شريطة
الحصول على إذن من رئيس المجلس الجهوي للموثقين وإخبار الوكيل للملك لدى المحكمة
87
المعين بدائرتها.
86
-تنص الفقرة الثانية الفقرة المادة :12
" ...غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع األطراف خارج مقر مكتبه"...
87
-حسب مقتضيات المادة 12في فقرتها األخيرة " ...يمكن للموثق ألسباب إستثنائية تلقي تصريحات أطراف العقد والتوقيع على العقود خارج مكتبه
وذلك بإذن من رئيس المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى محكمته المعين بدائرتها".
الفصل الثاني :الضوابط الشكلية إلعداد المحرر من طرف الموثق
استلزم المشرع المغربي أوضاعا قانونية خاصة ،يجب على الموثق احترامها لكي تكون
المحررات خالية من كل شائبة تمس بحجيتها.
وإذا كان األمن التعاقدي والتوثيقي أكبر هاجس يروم تحقيقه فانه ال مناص من اتباع جملة
من القواعد الشكلية التي استلزمها المشرع لكي تأتي المحررات واضحة ال يشوبها أي لبس أو
التباس.
وهكذا اشترط المشرع أن تكون لغة العقد واضحة ومقروءة بشكل سليم ،عالوة على ذلك
نظم المشرع أحكام اإلحاالت وبين شروطها كما بين األحكام المتعلقة باإلضافات والكلمات
المشطوبة.
وكل ذلك من أجل أن تكون المحررات الصادرة عن الموثق باعتباره ممارسا لمهنة حرة
ومسؤوال عن كل تقصير في أداء مهنته سليمة شكال ومضمونا.
وألجل اإلحاطة الشاملة بهذا الموضوع تستدع الضرورة المنهجية تقسيم هذا الفصل إلى
مبحثين وفق المنوال التالي :
البحث الثاني :إجراءات التسجيل والتقييد مع حفظ العقود وتسليم النظائر والنسخ
المبحث األول :لغة المحرر و أحكام اإلحاالت واإلضافات والكلمات
المشطوبة
سنتطرق في هذا المبحث الى الصيغة التي يتعين على الموثق االلتزام بها عند تحريره للعقد
،إلى جانب أحكام اإلحاالت التي قد يقوم بها الموثق عند نسيانه مثال لكلمة من الكلمات او عدم
وضوح إحداها عند قيام الموثق بعملية المراجعة (المطلب االول).
ثم نعرج بعد ذلك على القواعد التي يتعين على الموثق احترامها عند قيامه بإضافات او
تشطيبات لكلمات في متن المحرر (المطلب الثاني)
تحرر أصول العقود والنسخ بكيفية مقروءة وغير قابلة للمحو على ورق يتميز بخاصية
الضمان الكامل للفظ".
نستشف من هذه المادة ،أن المشرع المغربي نص صراحة على ضرورة تحرير العقد باللغة
العربية إال إذا اتفق األطراف على تحريرها بلغة أخرى ،كما أن المشرع أشار إلى وجوب تحرير
العقود بشكل مقروء وغير قابل للمحو ،اي خاليا من كل غموض أو إبهام مع ضرورة التحرير
على ورق يتميز بخاصية الضمان للحفاظ عليه.
بناء على ما سبق ،إذا كنا قد تطرقنا إلى وجوبية تحرير العقد باللغة العربية مع جعل
المحرر مقروءا أو واضحا ،فكيف تعامل المشرع مع الحالة التي يجهل فيها أحد األطراف لغة
العقد؟ هنا ما سنعالجه تباعا.
حيث اشترطت المادة 38من القانون أعاله ضرورة االستعانة بترجمان مقبول لدى
المحاكم ،وفي حالة عدم وجود ترجمان يمكن للموثق االستعانة بأي شخص يراه آهال لهذه المهنة
89
شريطة أن يقبله الطرف المعني بالترجمة.
من خالل هذه المادة يمكن القول أن المشرع المغربي نص صراحة على ضرورة استعانة
الموثق بترجمان مقبول لدى المحاكم أو أي شخص يراه آهال لهذه المهمة مع شريطة قبول من
طرف المعني بالترجمة.
ومعلوم أن المقصود بالترجمة وفق هذه المادة هي الترجمة الفورية أو الشفوية وليست
90
الترجمة الرسمية المكتوبة.
88
-محمد الربيعي ،مرجع سابق ،ص .73
89
-المادة 38من قانون .32.09
90
-للمزيد من اإلطالع :انظر الدكتور العلمي الحراق ،م س ،ص .100
الفقرة الثانية :أحكام اإلحالة
لكي تأتي المحررات والعقود خالية من كل شائبة تمس قيمتها من الناحية الشكلية خول
المشرع المغربي بمقتضى القانون 32.09للموثق إمكانية جد مهمة تتحلى أساس في اإلحالة.
وبقصد سبر أغوار هذا الموضوع ال يسعنا إال أن نقوم بتعريف اإلحالة (اوال) ثم نعرج
على دراسة الشروط التي يجب توافرها لالعتداد باإلحالة (ثانيا).
فموضوع اإلحالة يكتسي أهمية بالغة ،لذلك نجد المشرع المغربي خول للموثق إمكانية
وضع اإلحالة عندما ينسى كلمة من الكلمات أو يعبر وبطريقة غامضة وال يدرك ذلك إال بعد
االنتهاء من كتابة المحرر أو أثناء قراءته على األطراف .لهذه الصلة منحه المشرع وسيلة قانونية
لتدارك ما شاب المحرر من نقص وما اعتراه من غموض ،وذلك عن طريق اللجوء إلى
91
اإلحاالت.
وقد أشار المشرع إلى اإلحالة في المادة 41من قانون 32.09حيث جاء فيها "يجب
تصحيح األخطاء واإلغفالت بواسطة إحاالت تدون إما في الهامش أو في أسفل الصفحة.
يجب التنصيص في الصفحة األخيرة على الكلمات واألرقام الملغاة وعدد اإلحاالت
واإلشارة إلى الحيز الفارغ من الكتابة مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه ويذيل الموثق هذه
البيانات بتوقيعه وخاتمه مع توقيع باقي األطراف بعد اطالعهم على مضمون التصحيح.
91
-الدكتور محمد الربيعي ،م س ،ص .85
حيث أن المادة المشار إليها أعاله حددت مكان اإلحالة في الهامش أو أسفل الصفحة ،لكن
المالحظ أنها لم تشترط أي توقيع أو تأشير من طرف الموثق واألطراف بخصوص هذه
92
اإلحالة.
كما أن المشرع اشترط أيضا لصحة اإلحالة أن يضع الموثق بيانا في آخر العقد يشير فيه
إلى عدد اإلحاالت والتوقيع عليه من طرف الموثق مع وضع خاتمة وتوقيع األطراف بعد
إطالعهم على مضمون التصحيح ،لكنه في المقابل لم يشر إلى أي جزاء عن تخلف هذا اإلجراء.
أما في الحالة التي تكون فيها اإلحالة طويلة يتطلب األمر كتابتها في آخر المحرر فإنه ال
يكفي التوقيع أو التأشير عليها فقط مثل اإلحالة الواردة في الهامش بل ينبغي زيادة على ذلك
93
المصادقة عليها صراحة من قبل األطراف تحت طائلة البطالن.
وقمين بالذكر أن المشرع بمقتضى المادة 41من قانون 32.09حدد اإللغاء كجزاء في حالة
عدم اتباع الموثق لألجراء المنصوص عليها بخصوص الكلمات واألرقام التي وقع بشر أو
تشطيب ،في حين لم يشر إلى الجزاء المطبق في حالة غياب اإلجراءات المتعلقة باإلحالة والذي
ينبغي أن يكون في نظرنا هو البطالن.
أما البعض اآلخر فيرى أنه إذا كان موضوع اإلحالة شرطا جوهريا في المحرر كما لو
تعلق األمر بثمن البيع ولم تتم هذه اإلحالة طبقا للشروط المقررة قانونا ،فإن األمر ال يقتصر على
94
بطالن اإلحالة فحسب ،بل يشمل المحرر برمته.
92
-الدكتور محمد الربيعي ،م س ،ص .86
93
-محمد الربيعي ،م س ،ص .86
94
-محمد الربيعي ،م س ،ص .87
الفقرة االولى :أحكام اإلضافات
العتبار المحرر صحيحا ،البد من أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط التي حددها قانون
( 32.09ثانيا) لكن قبل هذا البد أن نقف أوال على المقصود باإلضافات (اوال).
لكن لكي تعتبر اإلضافة صحيحة البد من أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط.
95
-عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط .الجزء الثاني ،م س ،ص .131
96
-والمشرع المغربي حدد في نفس المادة الجزاء المت رتب عن عدم احترام هذه الشروط حيث تعتبر هذه الكلمات ملغاة وبالتالي فإن الموثق يتحمل
المسؤولية عن هذا التقصير.
اوال :اإلجراءات المتطلبة للتشطيب
الموثق كباقي األفراد معرض بدوره للخطأ والنسيان ،فقد يخطأ أحيانا يخطئ احيانا و يكتب
كلمة او كلمات في المحرر لم يكن هناك داع لكتابتها ،إما ألنها ال تمت إلى الموضوع بصلة ،أو
أن ذكرها من شأنه أن يحرف موضوع المحرر ،97لهذا سمح المشرع للموثق بتشطيب هذه
الكلمات شريطة القيام ببعض اإلجراءات ،حيث على الموثق أن يتركها ظاهرة ،وينبغي أيضا
98
وضع بيان في آخر المحرر ،مع التصديق عليه من قبل الموثق وباقي الموقعين اآلخرين.
وفي ختام هذه الفقرة ،فإننا نطرح تساؤل حول مصير هذه الكلمات إذا لم يحترم الموثق
اإلجراءات المذكورة.
97
-محمد الربيعي ،م س ،ص .84
98
-محمد الربيعي ،م س ،ص .85
99
-تنص المادة 41في الفقرة األخيرة " ...تكون ملغاة كل الكلمات أو األرقام التي وقع فيها بشر أو تشطيب ...في حالة عدم إحترام المقتضيات
المنصوص عليها في الفقرة السابقة".
100
-محمد الربيعي ،م س ،ص .85
ولما كانت تقع على عاتق مجموعة من االلتزامات القانونية ،فان واجب التسجيل والتقييد هو
االلتزام اللصيق بعملية إعداد المحررات (المطلب األول ) ،وتنتهي عميلة تحرير العقود بحفظ
هذه األخير وبتسليم نظائر ونسخ المحرر لألطراف المتعاقدة (المطلب الثاني)
فالمادة 101 47من قانون 32-09تنص على وجوب تقديم نسخة مطابقة لألصل لمكتب
التسجيل المختص الستيفاء إجراءات التسجيل و أداء الواجب في األجل المحدد قانونا ،وتختلف
المقتضيات الضريبة التي تسري على المحررات ما إذا كانت هذه األخير محررات رسمية او
عرفية ،و بديهي ان الحاالت التي يكون فيها المحرر عرفيا هي المنصوص عليها في المادة 49
من قانون . 32-09
و من خالل ما سبق ،إن للموثق دورا ضريبا يتجلى في المحافظة على حقوق الخزينة ،و
محاربة التهرب الضريبي.
-101تنص المادة " 47يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه ،لمكتب التسجيل
المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية
وغيرها لضمان فعاليتها ويقوم بإجراءات النشر والتبليغ عند االقتضاء.
يمكن لألطراف المعنيين إعفاء الموثق من إجراءات النشر والت بليغ ،وذلك تحت مسؤوليتهم ،ويشار إلى ذلك في صلب العقد أو في وثيقة
مستقلة ثابتة التاريخ يوقعها الطرف المعني".
الفقرة الثانية :دور الموثق في تقييد العقود بالرسوم العقارية
ال تنتقل ملكية عقار محفظ إال بعد تسجيله بالرسم العقاري ،و بالرجوع الى القانون 32-09
الزم الموثق في المادة 47بانجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية ،و أخد
المشرع في ذلك اعتبارين اثنين :
102
-األولى جهل غالبية اإلفراد اآلثار المنشاة للتقييد في الرسوم العقارية
-الثانية تتعلق باآلثار الخطيرة التي تترتب عن اإلغفال و التماطل في القيام بهذا
اإلجراء.103
و لقد كان موقف المشرع صائبا الن الصفة الرسمية ال تكفي لوحدها النتقال الملكية بل البد
لالحتجاج بالحق المنتقل بتقييده بالرسم العقاري.
هذا االلتزام يلعب دورا مهما في ربط مؤسسة التوثيق بالمحافظة العقارية ة يساهم بطريق
فعالة في تيويم الرسوم العقارية ،وسيجنب هذا االلتزام المتعاقدين الغرامات المترتبة عن عدم
التقييد. 104
102
-محمد الربيعي ،م س ،ص 63
103
-محمد الربيعي ،م س ،ص 63
104
-محمد الربيعي ،م س ،ص .64
أوال :المبدأ العام
نصت المادة 50من قانون 32-09على تحميل الموثق مسؤولية حفظ أصول المحررات و
العقود و الوثائق المرتبطة بها ،و معلوم أن حفظ العقود و المحررات من أهم خصائص الورقة
الرسمية،بل ان ذلك يعد معيارا دوليا في تمييز الورقة الرسمية عن غيرها من األوراق .
و يبدو أن مقتضيات المادة إنما تتحدث على الحفظ الورقي و ال تتكلم عن الحفظ االلكتروني
،و كان عليها ان تنص بالموازات مع الحفظ الورقي على وجوب الحفظ بواسطة وسائل
الكترونية لفعاليتها و نجاعتها في الوقت الراهن ،و ان يكون الحفظ االلكتروني له نسخ متعددة
محليا بمكاتب الموثقين و جهويا بالمجالس الجهوية للموثقين ،و وطنيا بالمجلس الوطني للموثقين
،حتى ال يتعرض ألي تشويش أو قرصنة أو تعطيل ،مع العلم إن السادة الموثقين لهم الكفاءة
الالزمة لذلك ،و مؤهلون ثقنيا و ميدانيا إلى هذا الحفظ.105
و تجدر اإلشارة ،إن الموثق يمسك سجال للتحصين يحدد شكله بقرار لوزير العدل ،و يؤشر
على كل صفحاته رئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق او نائبه بطابع
المحكمة و توقيعه. 106
105
-د العلمي الحراق م س ص .125
-106تنص المادة "51يمسك الموثق سجال للتحصين يحدد شكله بقرار لوزير العدل ،ويؤشر على كل صفحاته رئيس المحكمة االبتدائية
الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق أو نائبه بطابع المحكمة وتوقيعه.
يضمن الموثق في هذا السجل البيانات الموجزة للعقود التي يتلقاها ،حسب األرقام التسلسلية ،يوما فيوما بدون ترك بياض وال مسافة بين
السطور.
يجب أن يتضمن كل فصل خاص بكل عقد:
-رقم العقد الترتيبي؛
-تاريخه؛
-موضوعه؛
-األسماء الكاملة لألطراف وجنسيتهم وموطنهم؛
-بيان األموال وتحديد موقعها وثمنها إذا كان األمر يتعلق بحق ملكية أو انتفاع واستغالل؛
-مراجع التسجيل.
يتعين عل ى الموثق أن يقدم هذا السجل إلى مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل المختص وذلك خالل عشرة أيام التي تلي نهاية كل شهر قصد
التأشير عليه وحصر عدد العقود المقيدة فيه.
يمسك الموثق أيضا سجال للوصايا يحدد شكله ومضمونه بقرار لوزير العدل.
ثانيا :االستثناء الوارد على قاعدة حفظ أصول العقود
منعت المادة 52من قانون 32-09الموثق من تسليم أصل العقد المحفوظ لديه ،لكنه استثناء
يمكنه تسليم هذا األصل شريطة أن يكون ذلك بمقتضى مقرر قضائي .
وقبل تسليم أصل العقد إلى الجهة التي لها الحق فيه بمقتضى المقرر القضائي ،يتعين على
الموثق أن ينجز نظيرا له .
و المقصود بنظير العقد ،صورة من أصله يذيلها الموثق بتوقيعه و خاتمه و يشار فيها إلى
مطابقتها ألصلها من طرف رئيس المحكمة االبتدائية التي يمارس الموثق مهنته بدائرة
نفوذها.107
و يحل هذا النظير محل األصل و يقم مقامه إلى حين إرجاعه ،و تسري نفس األحكام على
تسليم أصول الملحقات .
و إذا كان النظير ،كما سلف الذكر ،هو صورة من أصل العقد يذيلها الموثق بتوقيعه و
خاتمه و يشار فيها إلى مطابقتها ألصلها من طرف رئيس المحكمة االبتدائية التي يمارس الموثق
مهنته بدائرة نفوذها ،فان المقصود بالنسخة حسب البعض ،إعادة تحرير أصل العقد في ورقة او
أوراق أخرى من طرف الموثق نفسه وفق مقتضيات الفقرة األولى من المادة .51
بمعنى أن الموثق ملزم بتحرير النسخة و كأنه يحرر العقد نفسه ،غير انه يتعين عليه
مراعاة ترتيب الفقرات كما هي واردة في أصل العقد ،و ترقيم صفحات النسخة و اإلشارة الى
107
-د العلمي الحراق م س ص .130
108
-تنص المادة "53يرجع تسليم نظائر ونسخ أصول العقود ونظائر أصول الوثائق الملحقة بها إلى الموثق صاحب المكتب أو إلى من ينوب عنه أو
إلى الموثق المسير للمكتب".
عددها في اخر صفحة من النسخة ،مع وجوب توقيعه ،و يضع طابعه على كل صفحة من
صفحاتها ،ثم يشهد بمطابقتها ألصلها و يؤرخها.109
109
-د العلمي الحراق م س ص .132
الباب الثالث :توثيق المعامالت المالية بين التشريع
العقاري والقوانين الخاصة
لالحاطة بمكامن الجزء المتعلق توثيق المعامالت المالية بين التشريع العقاري والقوانين
الخاصة تطلب األمر معالجة حرية األفراد في اختيار نوعية المحرر لتوثيق المعامالت المالية في
(فصل أول) وكذا القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المعامالت المالية (بالفصل الثاني).
غير أن المشرع قد منح لألفراد بعضا من الحرية وإن كانت نسبية فيما يتعلق بالعقار
(المبحث األول) ،خالفا للمنقول الذي منح فيه المشرع مساحة شاسعة في اختيار شكل المحرر
(المبحث الثاني).
الفقرة األولى :توثيق الحقوق العينية في إطار المادة الرابعة من مدونة الحقوق
العينية
حرص المشرع المغربي على تنظيم مجموعة من الحقوق العينية التي يمكنها أن ترد على
العقار ،هذه األخيرة التي جيء بها على سبيل الحصر ال المثال ،ذلك طبقا لمادة 11من القانون
رقم ، 39.8غير أنه قد تم التمييز بين نوعين من هذه الحقوق :أصلية وتبعية ،لذلك سنتحدث على
توثيق الحقوق األصلية (أوال) ثم بعد ذلك نشير لتوثيق الحقوق التبعية (ثانيا).
110
من القانون رقم 39.08 أوال :توثيق الحقوق األصلية في إطار المادة الرابعة
يقصد بالحقوق العينية األصلية ،تلك التي تقوم بذاتها وال تحتاج في قيامها إلى االرتكاز على
حق آخر ،وتتميز هذه الحقوق بان لها وجود مستقل ،وهي مقصودة بذاتها سميت بالحقوق العينية
ألنها سلطات مباشرة لشخص على شيء معين بالذات ،وهي أصلية ألنها تقرر مستقلة بذاتها ال
تستند إلى حق آخر 111وقد حددها المشرع في المادة 1129من القانون رقم 39.08؛ وجدير بالذكر
110
تنص المادة 4من القانون رقم :39.08يجب أن يحرر تحت طائلة البطالن – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بانشاء الحقوق العينية
األخرى أونقلها او تعديلها أو اسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي ،أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول
للترافع أمام محكمة النقض مالم ينص قانون خاص على خالف ذلك.
يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من األطراف والجهة التي حررته
يصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة
اإلبتدائية التي يمارس بها ".ويطرح مشكل عل ى مستوى المصادقة على توقيعات المحامي واألطراف أيها األسبق هناك مذكرتين لوزير الداخلية
ووزير العدل.
111
ادريس الفاخوري ،الحقوق العينية وفق القانون رقم ،39.08دار النشر والمعرفة الرباط ،ط ،2016 :ص.56 :
112
تنص المادة 9من القانون رقم :39.08الحق العيني األصلي هو الحق الذي يقوم بذاته من غير حاجة إلى أي حق آخر يستند إليه.
أن المشرع لم يشر إلى شكل المحرر المتطلب النعقاد التصرفات الواردة على هذه الحقوق،
وبالتالي تطبق عليها أحكام المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ،أي تعقد إما في شكل محرر
رسمي 113معد من طرف عدول أو موثق ،أو محرر ثابت التاريخ 114معد من طرف محامي مؤهل
لذلك ،باستثناء حق العمرى وحق الحبس التي سنترك الحديث فيها إلى الفصل الثاني.
ما يفهم مما سبق ذكره ،أن حق االنتفاع وحق االستعمال وحق السطحية كذلك ثم الكراء
الطويل األمد وحق الزينة وحق الهواء والتعلية وأيضا الحقوق العرفية المنشاة بوجه صحيح يبقون
تحت عباءة القاعدة العامة الواردة في المادة الرابعة في ظل غياب تحديد شكل المحرر الذي يجب
أن تفرغ فيه هذه الحقوق في المواد الخاصة بها.
لم يحدد المشرع المغربي شكال معينا لتوثيق هذه الحقوق - ،باستثناء الرهن الحيازي
والرهن الرسمي الجبري والذي سنؤجل الحديث عنه إلى فيما بعد -مما يفهم منه خضوعها للشكلية
المنصوص عليها في المادة 4من مدونة الحقوق العينية.
115
بخصوص الرهن الرسمي اإلتفاقي الضامن بل األكثر من ذلك ،فقد صدر نص تنظيمي
لدين ال تتجاوز قيمته 250,000,00درهم ،116حيث لم يشترط المشرع توثيقه من طرف عدول أو
موثقين أو محامين مقبولين للترافع أمام محكمة النقض.
والحقوق العينية األصلية هي :حق الملكية ،حق االرتفاق والتحمالت العقارية ،حق االنتفاع ،حق العمرى ،حق االستعمال ،حق السطحية ،حق الهواء،
حق الكراء الطويل األمد ،حق الحبس،حق الزينة ،حق الهواء والتعلية والحقوق العرفية المنشأة بوجه صحيح قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
113
-عرف المشرع المغربي الورقة الرسمية في الفصل 418من ق ل ع :بأنه " هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية التوثيق في
مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون"
114
-نص المشرع في الفصل 424من ق ل ع على أن " الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف
بها منه ،يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة األشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة
في الفصلين 419و 420عدى ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد"
115
-المرسوم رقم 881-14-2الصادر بتاريخ 27من جمادى اآلخرة 1436الموافق ل 17أبريل 2015بتطبيق المادة 174من قانون رقم 39.08
المنشور بالجريدة الرسمية 6356بتاريخ 11رجب 30 .1438أغسطس ،2017الجريدة الرسمية عدد 6604بتاريخ 23دي الحجة 14( 1438
سبتمبر ،)2017ص .5068
116
-حليمة بن حفو ،دراسة في القانون العقاري ،الطبعة األولى 2017مطبعة قرطبة ص .166
الفقرة الثانية :توثيق الوكاالت في إطار المادة .4
عرف المشرع المغربي الوكالة بمقتضى الفصل 879الذي جاء فيه :
" الوكالة عقد يكلف بمقتضاه شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه"...
والمشرع سابقا لم يكن يشترط أية شكلية ،بحيث كان التعامل واردا بالوكاالت العرفية،
ذلك أنه يكفي لألطراف أن يوقعوا عليها دونما حاجة إلى اللجوء إلى أية جهة رسمية ،لكن نظرا
النتشار التزوير وتنامي ظاهرة اإلستيالء العقارات ،تدخل المشرع بموجب القانون 69.16117
المعدل للمادة 4من مدونة الحقوق العينية.
وطبقا لهذه المادة ،اشترط المشرع أن ترد الوكاالت إما في محرر رسمي ،من قبل موثق أو
عدول ،أو في محرر تابث التاريخ من قبل محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض.
استنتاجا لما سبق ،يتضح أنه بالرغم من أن المشرع قيد حرية األطراف بمنع الوكاالت
العرفية إال أنه ترك لهم هامشا من الحرية لإلختيار بين المحرر الرسمي والمحرر الثابت التاريخ
حسب ما ورد في المادة.4
للحديث عن توثيق المعامالت المالية في إطار القوانين الخاصة ،البد من الوقوف من جهة
عند القانون رقم 44.00والقانون رقم 18.00في الفقرة األولى،على أن نخصص الثانية للحديث
عن التوثيق في كل من القانون رقم 51.00والقانون .67.12
117
69.16 -الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 17.50بتاريخ 08ذي الحجة 1438الموافق ل 30أغسطس ،2017الجريدة الرسمية عدد 6604
بتاريخ 23ذو الحجة . 1438
الفقرة األولى :توثيق التصرفات العقارية في إطار القانون رقم 44.00والقانون
.18.00
في هذه الفقرة ،سنحاول دراسة الشكل المتطلب لتوثيق المعامالت العقارية ،في القانون
رقم - 44.00أوال -والقانون رقم - 18.00ثانيا.-
عرف المشرع المغربي بيع العقار في طور اإلنجاز في الفصل 1-618من ق.ل.ع
على أنه:
" كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد ونقل ملكيته إلى المشتري
مقابل ثمن يؤديه هذا األخير تبعا لتقدم األشغال".
وعلى هذا األساس يكون المشرع قد اقتبس هذا التعريف من القانون المدني الفرنسي
الذي عرف هذا العقد في الفصل 1601.3بأنه عقد بمقتضاه ينقل البائع فورا لفائدة المشتري حقوقه
على وكذلك ملكية البناءات الموجودة ،وتنتقل المنجزات المستقبلية لفائدة المشتري مقابل ثمن
يدفعه هذا األخير تبعا لتقدم األشغال ،ويحتفظ البائع بصالحيته كصاحب المشروع الى غاية ٱنتهاء
األشغال. 119
-118ظهير شريف رقم 1.02.309صادر في 25من رجب 3( 1423أكتوبر )2002بتنفيذ القانون رقم 44.00المتمم بموجبه الظهير الشريف
الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1913بمثابة قانون لاللتزامات والعقود ،منشور بالجريدة الرسمية عدد 5054بتاريخ 2002/11/07
.3183 الصفحة
119
-العربي محمد مياد ،الموجز في العقود المدنية األكثر تداوال ،مطبعة األمنية الرباط سنة 2016ص .11
ويصطلح عليه كذلك ،البيع على التصميم أو البيع في حالة االنتهاء من األشغال مستقبال
،إال ان كل هذه المصطلحات تفيد معنى وحدا ،وقد نظمه المشرع بموجب القانون 44.00والذي
عدل بموجب القانون رقم .120107.12
من بين المستجدات التي جاء بها القانون ،107.12عقد التخصيص الذي يعد خطوة
اختيارية يمكن اللجوء لها من عدمه ،وفي هذا الصدد عرفته الدكتورة نورة غزالن الشنيوي ،بأنه
" :عقد بمقتضاه يتعهد البائع صاحب المشروع بحجز وتخصيص عقار لفائدة شخص يدعى
المستفيد مقابل إيداع هذا األخير ضمانا يمكنه من اقتناء العقار بصفة نهائية بعد استعمال
اإلجراءات القانونية".
وقد نص المشرع على الطابع االختياري لهذا العقد الفصل 3-618مكرر مرتين الذي
جاء فيه :
" يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير العقد اإلبتدائي ،إبرام عقد تخصيص من أجل
اقتناء عقار في طور اإلنجاز إما في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ وفقا للشكل المتفق عليه
من األطراف"...
وهذا العقد هو خطوة سابقة عن العقد اإلبتدائي ،وتعد هذه الخطوة فكرة من أفكار
المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي التي احتضنها المشرع وأحاطها بالكثير من العناية.121
وقد أعطى فيه المشرع لألطراف الحرية في اإلختيار بين التوثيق العرفي أو الرسمي،
حسب ما جاء في الفصل 3-618مكرر مرتين ،وبالتالي يمكنهم اللجوء إما لموثق أو عدل أو محام
أو هما معا ...حسب ما اتفقوا إال أنه يستحيل إبرام هذا العقد إال بعد الحصول على رخصة البناء.
120
-الصادر في 03فبراير 2016منشور بالجريدة الرسمية عدد 6440بتاريخ 18فبراير .2016
121
-عبد القادر العرعاري ،نظرية العقد ،الطبعة 5س 2016دار األمان الرباط ص .264
توثيق العقد اإلبتدائي والنهائي لبيع العقار في طور االنجاز. -2
"يجب أن يرد عقد البيع اإلبتدائي للعقار في طور االنجاز ،أما ففي محرر رسمي أو
محرر ثابت التاريخ ،يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ،ويخول لها
قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن"...
ذلك أنه مراعاة ألهمية االلتزامات التي يتضمنها العقد االبتدائي لبيع العقار في طور
االنجاز فإن القانون الجديد رقم 107.12المعدل لقانون 44.00سار على نفس نهج القانون القديم
رقم ، 44.00عندما أكد الطابع الشكلي الواجب توفره في عقد البيع االبتدائي .122وهو إما في
المحرر الرسمي أو المحرر الثابت التاريخ.
بناء على ما تقدم ،يتبين أن المشرع أعطى لألطراف حرية نسبية نوعا ما في اختيار أحد
المحررين ،وقد اشترط أن يتم توثيقه من طرف شخص ينتمي لمهنة قانونية منظمة ،وقد نص
الفصل 3-618على أن وزير العدل هو الذي يحدد الالئحة السنوية التي تتضمن أسماء المهنيين
المقبولين لتحرير هذه العقود بما في ذلك المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض.
إال أن باقي الشرائح التي يحق لها تولي هذه المهام البد من استصدار نص تنظيمي لتحديدها
وتطلب المشرع في العقد اإلبتدائي من خالل الفصل 3-618أن يكون موقعا ومؤشر على
جميع صفحاته من لدن األطراف وكذلك الجهة التي حررته كما يجب تصحيح جميع اإلمضاءات
123
لدى رئيس كتابة ضبط المحكمة اإلبتدائية التي بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي
يمارس المحامي بدائرتها مهامه في سجل خاص يحدد بمقتضى قرار صادر عن وزير العدل .
هذا بالنسبة للعقد اإلبتدائي ،أما العقد النهائي ،فقد أحال الفصل 618-16بخصوص إبرام
هذا العقد على مقتضيات الفصل 618-3وبالتالي المشرع خول لألطراف نفس مقدار الحرية
المخولة لهم في العقد اإلبتدائي إال أن هذا العقد ال يبرم إال بعد وضع البائع لدى محرر العقد شهادة
مسلمة المهندس المعمار ي تتبث نهاية األشغال ومطابقة البناء لدفتر التحمالت ويشترط لتحرير
122
-العرعاري م س ص .250
123
هناك مدكرة بخصوص المصادقة على توقيعات المحامي واألطراف.
هذا العقد كذلك اإلدالء برخصة السكن أو شهادة المطابقة وإستخراج الرسوم العقارية الفرعية
بالنسبة للعقارات المحفظة و بعد أداء المشتري لما تبقى من ثمن البيع.
لم يعرف المشرع الغربي الملكية المشتركة في إطار قانون ،18.00إال أنه استدرك األمر
بموجب المادة األولى من القانون المعدل له 124و عرفها بأنها " العقارات المقسمة إلى شقق أو
طبقات أو محالت و المشتركة ملكيتها بين عدة أشخاص و المقسمة إلى أجزاء يضم كل جزء منها
جزءا مفرزا و حصة من األجزاء المشتركة كما سترى هذه األحكام على المجموعات العقارية
المبنية المؤلفة من بنايات متالصقة أو منفصلة و بها أجزاء مشتركة مملوكة على الشيوع لمجموع
المالك"
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 12من قانون 18.00التي تم تغييرها بمقتضى قانون 106.12
من قانون الملكية المشتركة ،نجد على أن المشرع المغربي منح حرية التوثيق لألفراد لالختيار بين
الرسمية عن طريق العدول و الموثقين ،أو المحررات العرفية التابثة التاريخ الصادرة عن
125
المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض دون غيرهم من المحامين.
سنتناول في هذه الفقرة توثيق التصرفات العقارية في إطار قانون ( 51.00أوال) ،و عقد
الكراء ( ثانيا).
124
تم تعديل قانون 18.00بقانون 106.12الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.16.49بتاريخ 19رجب 27 ( 1437أبريل )2016المتعلق بنظام
الملكية المشتركة للعقارات المبينية ،الجريدة الرسمية عدد 6465بتاريخ شعبان 16( 1437ماي )2016ص .81-37
125
انظر المادة 12من قانون 18,00
أوال :توثيق عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار
عرفت المادة 2من قانون رقم 12651.00المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار ،بأنه
كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك ،بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة
االنتفاع به بعوض ،مقابل أداء الوجيبة باعتبارها مبلغا يؤدى على شكل دفعات و ذلك إلى حلول
تاريخ حق الخيار.
و قد نص المشرع على شكلية إبرام عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار في الفقرة األولى
من المادة 1274من القانون السالف الذكر ،بحيث أوجب أن يحرر العقد اإلبتدائي في محرر رسمي
أو ثابت التاريخ ،من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود،
و ذلك تحت طائلة البطالن.
و يبين في العقد االبتدائي ثمن البيع و مبلغ األقساط الواجبة ،و كذلك شروط المتعاقدين .و
ينتهي بعقد نهائي بعد أداء المبلغ المتبقى من ثمن البيع المتفق عليه مسبقا .و قد ألزم المشرع في
المادة 12816في فقرتها الثانية أن يبرم العقد وفق نفس الكيفية التي تم بها العقد االبتدائي.
و منه ،نستنتج أن المشرع في إطار قانون 51.00منح األفراد حرية الخيار بين المحررات
الرسمية و المحررات التابثة التاريخ.
يعتبر عق د الكراء من العقود التي عرفت تطورا قانونيا مهما في اآلونة األخيرة أدى إلى
بروز نظامين قانونيين يطبقان على عقد الكراء :النظام األول عبارة عن مقتضيات عامة وردت
في ق.ل.ع وثاني عبارة عن مقتضيات خاصة تتعلق أساسا ببعض األكرية ذات الطبيعة الخاصة،
لما لها من انعكا سات اقتصادية واجتماعية على أطرافها ،كما هو الشأن بالنسبة لكراء المحالت
126
قانون 51.00الصادر بمقتضى ظهير شريف رقم 202.03.1صادر في 16من رمضان 11 ( 1424فونبر )2011
127
" يجب أن يحرر عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر تابت التاريخ :يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة
قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود ،و ذلك تحت طائلة البطالن".
128
تنص المادة 16من قانون " 51.00ال يتم إبرام عقد البيع النهائي إال بعد أداء البلغ المتبقى من ثمن البيع المتفق عليه في عقد اإليجار المفضي إلى
تملك العقار.
يبرم هذا العقد وفق نفس الكيفية التي تم بها إبرام عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار ،كما هو مبين في المادة 4من هذا القانون".
المعدة للسكنى ولالستعمال المهني وأيضا تلك المتعلقة بكراء المحالت المعدة لالستعمال التجاري
أو الصناعي أو الحرفي.129
130
:توثيق التصرفات العقارية في إطار القانون رقم 67.12 1
من أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم ،67.12تأكيده على كتابة عقد كراء المحالت
131
منه ،غير أن المشرع لم يقيد المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني وذلك بمقتضى المادة الثالثة
حرية األطراف في اختيار نوع المحرر ،لعموم مصطلح الكتابة الواردة في المادة أعاله ؛ فقد
يكون رسمي محرر من طرف موثق أو عدول ،أو أيضا عرفي ثابت التاريخ.
وقد يبادر إلى الدهن تساؤل بشأن طبيعة هذه الكتابة ،هل هي بمثابة ركن لإلنعقاد أم مجرد
وسيلة لإلثبات؟
إن المشرع المغربي لم يرتب أي جزاء عن عدم كتابة العقد ،لكن بالرغم من ذلك يمكن القول
أن الكتابة هي بمثابة شكلية لالستفادة من مقتضيات القانون رقم 67.12
132
2ـ توثيق التصرفات العقارية في اطار القانون رقم 49.16
بالنظر للطبيعة الخاصة لهذا النوع من األكرية على غرار عقد الكراء السكني والمهني ،فإن
المشرع المغربي قد تدخل في العديد من المناسبات لوضع أحكام خاصة تتالئم مع طبيعة هذا النوع
من األكرية ،فصدرت مجموعة من الظهائر والقوانين آخرها القانون ،49.16هذا األخير الذي
ج اء بمستجدات جد هامة تكريسا لمجموعة من االجتهادات القضائية بغية تحقيق نوع من التوازن
بين مصلحتين :استقرار المكتري ،والحفاظ على الملكية العقارية وكل ما تخوله للمكري.
129
عبد الرحمن الشرقاوي ،قانون العقود الخاصة ،الكتاب الثاني ،مطبعة يادين الرباط ،طبعة نونبر .2016
130
القانون رقم 67.12الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.111بتاريخ 19نوفمبر 2013المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري
والمكتري للمحالت المعدة لالستعمال السكنى ولالستعمال المهني ،منشور ج .عدد 6208 :بتاريخ 28نوفمبر ،2013ص.7328 :
131
تنص المادة 3من القانون رقم : 67.12يبرم عقد الكراء وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ يتضمن بالخصوص ...
132
القانون رقم 49.16الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.99بتاريخ 18يوليو 2016المتعلق بكراء العقارات او المحالت المخصصة
لالستعمال التجاري أو الصناعي أوالحرفي.
ومن المستجدات المهمة التي جاء بها هذا الفانون هو ذلك المقتضى الذي أورده المشرع في
المادة الثالثة ،حيث استلزم ابرام العقد بمحرر كتابي ثابت التاريخ عرفيا كان أم رسميا .وجدير
بالذكر أن مصطلح الوجوب المنصوص عليه في المادة الثالثة أعاله قد يوحي إلى اعتبار الكتابة
بمثابة ركن لالنعقاد لكن في الحقيقة هي مجرد شكلية لالستفادة من مقتضيات القانون رقم 49.16
و ما يمنحه من ضمانات لألطراف على غرار القانون رقم 67.12؛ اما بالنسبة للعقود الشفوية
فإنها تبقى خاضعة لألحكام العامة المنصوص عليها في قانون االلتزامات و العقود.
يعتبر كل ما تدركه الحواس من األشياء المادية؛ ولتوثيقها ترك المشرع مجال واسعا إلرادة
األطراف في اختيار شكل المحرر مع بعض االستثناءات.
في اطار هذا المطلب سنعالج في الفقرة األولى بيع ورهن السفينة ،على أن نخصص الفقرة
الثانية لرهن الطائرة.
الفقرة األولى :بيع السفينة ورهنها
نضم المشرع المغربي بيع السفينة في الباب األول من القسم األول من مدونة التجارة البحرية
الصادر في 31مارس ،1999كما عدل و تمم بمقتضى القانون رقم 46.12الصادر في 27ابريل
،2016وبالرجوع للفصل 71من ذات القانون ،نجد المشرع المغربي قد خول لألطراف الحرية
في اختيار نوعية المحرر ،إذ بالرغم من كونه قد ألزم إبرامه كتابة ،لكن لم يشترط شكلية معينة،
فيقع العقد صحيح منتج الكافة آثاره القانونية ــ مع مراعاة إجراأت التسجيل – سواء تعلق األمر
بعقد عرفي مجرد أو ثابت التاريخ ،أو أيضا رسمي محرر من طرف عدول أو موثق ،وذلك خالفا
للق انون البحري المصري الذي استوجب اضفاء الرسمية على كافة التصرفات الواقعة على
السفينة وذلك بالنظر لقيمتها الباهظة.
نظم المشرع المغربي رهن السفينة في الباب الثاني من القسم األول في الفصول من 77إلى
109من القانون البحري ،وعلى غرار بيع السفينة ،فإن المشرع لم يقيد حرية األفراد في اختيار
133
من القانون المذكور ،حيث شكل المحرر بشأن رهن السفينة ،وهذا ما يستفاد من الفصل 83
يكفي أن يكون العقد مكتوب ،كيفما كانت نوعية هذه الكتابة.
133
-ينص الفصل 83من القانون البحري المغربي على :أن العقد الذي ينشا بمقتضاه الرهن البحري يجب أن يبرم كتابة.
الفقرة الثانية :رهن الطائرة
قبل أن نعرض لرهن الطائرة ،يتوجب أوال تحديد مفهوم الطائرة ،ألن في ذلك أهمية بالغة
باعتبار أنها محور التنظيم القانوني للطيران المدني؛ عرفت اتفاقية شيكاغو 1944في شأن
الطيران المدني الدولي الطائرة بأنها أي آلة باستطاعتها أن تستمد بقاءها في الحد من ردود فعل
الهواء ،غير المنعكسة عن سطح األرض ،وتشمل كافة المركبات الهوائية مثل الطائرات ذات
األجنحة الثابتة والطائرات العمومية والطائرات الشراعية والمناطيد والبالونات وما إلى ذلك.
وهو التعريف الذي قننته الكثير من التشريعات العربية منها ما جاء في المادة الثانية من مجلة
الطيران المدني التونسية لسنة ،1999وقانون الطيران المدني اإلماراتي رقم 20لسنة 1991في
مادته األولى ،وقانون الطيران المدني المصري رقم 28لسنة .1981
من التعريف السابق ،يتضح أن الطائرة منقول مادي تخضع لمجموعة من التصرفات
القانونية شأنها في ذلك شأن باقي المنقوالت ،ومن بينها البيع والرهن.
135 134
المتعلق بالطيران من القانون 40.13 فأما عن رهن الطائرة فبالرجوع للمادة 52
المدني ،يتضح أن المشرع لم يقيد من حرية األطراف في اختيار نوع المحرر ،صحيح نص على
وجوب كونه مكتوب ،إال أن هذه الكتابة تفيد كون المحرر عرفي مجرد أو ثابت التاريخ ،وقد تفيذ
كونه رسمي محرر من طرف عدل أو موثق.
سنقوم في دراستنا لهذا المطلب بتقسيمه إلى فقرتين ،الفقرة األولى سنخصصها للتصرفات
المنصبة على األصل التجاري ،في حين سنخصص الفقرة الثانية للحديث عن الزيادة في رأسمال
134
-تنص المادة 53من القانون رقم 40.13على أنه :يجب أن يحرر الرهن المقبول كتابة تحت طائلة البطالن ويمكن أن يكون عقدا رسميا.
135
-القانون 40.13المتعلق بالطيران المدني :الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ،1.16.61بتاريخ 24ماي ،2016منشور بالجريدة الرسمية عدد
6474بتاريخ 16يونيو ،2016ص.4734 :
شركة المساهمة ،ثم إبرام عقد التأمين في فقرة ثالثة ،وذلك إلبراز مدى حرية األفراد في هذه
المعامالت.
خص المشرع لألصل التجاري الكتاب الثاني من مدونة التجارة ،ويراد به حسب مضمون
المادة 79انه:
"مال منقول يشمل جميع األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة
تجارية".
ويعد حقا حقوق التاجر ،ويمكن لهذا الحق أن يكون محل تصرفات قانونية كأن يكون محل
بيع أو رهن -أوال -أو تسيير حر --ثانيا-
يخضع بيع األصل التجاري لألحكام العامة للبيع الواردة في ق.ل.ع ( من الفصل 478إلى
) 618باإلضافة إلى األحكام الخاصة الواردة في مدونة التجارة من المواد 21إلى .103
حيث اشترط المشرع في هذا البيع توفر األركان العامة من رضا و محل وسبب مع
ضرورة أن يأتي هذا البيع في عقد رسمي أو عرفي وأن يكون متوفرا على مجموعة من البيانات
أهمها اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته...
من خالل ما سبق ،وبالرجوع إلى نص المادة 136 81نجد أن المشرع أعطى لألطراف
هامشا كبيرا من الحرية وذلك إما باختيار المحرر العرفي أو باللجوء إلى موثق أو عدل إلضفاء
136
-تنص المادة 81على أنه " يتم بيع األصل التجاري أو تفويته وكذى تقديمه كحصة في شركة ..بعقد رسمي أو عرفي ،ويودع ثمن البيع لدى جهة
مؤهلة قانونا لإلحتفاظ بالودائع
ينص العقد على-..إسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات
-حالة تقييد اإلمثيازات والرهون المقامة على األصل
-وعند االقتضاء الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي وإسم وعنوان المكري
الرسمية على محرراتهم ،ذلك أن القانون تطلب أن ينظم هذا البيع في عقد مكتوب ،إال أن شرط
137
الكتابة هذا ليس شرط انعقاد وإنما شرط اتباث فقط.
إال أن المشرع في مدونة التجارة أوجب على البائع أن يقوم بشهر عقد البيع وهذا ال يتحقق
إال بالكتابة.
هذا بالنسبة لبيع األصل التجاري أما بالنسبة لرهن هذا األصل فإنه يشكل أداة مهمة
لإلئتمان بالنسبة للتاجر لكونه يمكنه من الحصول على ما يحتاج إليه من قروض عن طريق رهنه
لدى دائنيه ضمانا للوفاء بديونهم ،138وهو اآلخر يخضع لنفس الشروط الواجب توافرها في عقد
بيع األصل التجاري ،فقد أعطى فيه المشرع لألطراف الحرية في تضمين اتفاقاتهم في أي محرر.
كما قلنا سابقا فإن هذا الحق قد يكون محل تصرفات قانونية ،وبحيث يمكن لمالك هذا األصل
أن يؤجر حق إستغالله إلى الغير مع احتفاضه بملكيته وهذا ما يصطلح عليه بالتسيير الحر لألصل
التجاري و يخضع هذا التسيير الحر لألصل التجاري لألحكام العامة لإليجار الواردة في ق ل ع
من الفصل 627إلى الفصل 629باإلضافة إلى األحكام الخاصة بهذا العقد والتي وردت في مدونة
التجارة من المواد 152إلى .158
ورد تعريف عقد التسيير الحر في المادة 152بأنه " كل عقد يوافق بمقتضاه مالك األصل
التجاري أو مستغله على إكرائه كال أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته".
وباعتبار أن ليس كل ما سكت عنه الشارع قد منعه ،فإنه يفهم من سكوته أن لألفراد الحرية
في إبرام هذا العقد كتابة أو شفهيا ،ومع ذلك يبقى صحيحا إال أن التقييد بالسجل التجاري يستوجب
أن تكون المحررات مكتوبة.
يقصد برأسمال االشركة الحصص الي يمكن تقييمها بالنقود وتكون ضمانا لدائني الشركة
وقابلة لللتنفيذ الجبري.
ويقسم رأسمال شركة المساهمة الى أسهم قابلة للتداول بالطرق التجارية اال انه في بعض
األحيان ال يكفي الرأسمال للقيام بمشاريع ووسد االنقص الذي تعاني منه الشركة مما يحتم عليها
اللجوء الى االكتتاب للحصول على تمويل الستثمارات الشركة والزيادة رأسمالها.
وقد أعطى المشرع لألطراف الحرية فيما يخص توثيق االكتتابات واآلداءات وترك لهم
االختيار مابين المحرر العرفي أو الرسمي حسب ما جاء في المادة 23من قانون .13917.95
كما نص في المادة 187على انه يجب تحرير مبلغ رأس المال بكامله قبل كل إصدار ألسهم
جديدة تحرر نقدا وذلك تحت طائلة بطالن عملية االصدار ،فالمشرع هنا اشترط الكتابة فقط دون
أن يقيد أطراف المعاملة بضرورة التحرير وفقا لشكل معين.
139
-القانون 95.17الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 01.96.124صادر في 14من ربيع اآلخر 1417الموافق ل 30أغسطس .1996
الفقرة الثالثة :توثيق عقد التأمين.
التأمين مؤسسة حديثة نسبيا ،يرجع ظهوره إلى أواخر العصر الوسيط ،ذلك على شكل
التأمين البحري ،نتيجة تطور التجارة في حوض البحر األبيض المتوسط ،ذلك أن البداية األولى
للتأمين كانت على شكل " القرض من أجل المغامرة الكبرى.140
بيد أن ،المغرب لم يعرف التأمين بمفهومه الحديث ،إال في أواخر القرن التاسع عشر ،و
يرجع ذلك إلى حاجة التجار و أصحاب السفن الكبيرة إلى التأمين على المخاطر التي يمكن أن
تلحقهم أثناء أداء أعمالهم .هذا التأمين الذي كان يتم عن طريق الشركات األجنبية بواسطة وكالءهم
في المدن الساحلية.
عرف المشرع المغربي عقد التأمين بموجب المادة األولى من مدونة التأمينات بأنه " اتفاق
بين المؤمن و المكتتب من أجل تغطية خطر ما .و يحدد هذا االتفاق التزاماتهما المتبادلة".
و لم يتطلب المشرع المغربي شكلية معينة إلبرام عقد التأمين ،حيث أنه يبرم بتوافق اإليجاب
و الق بول وفق القواعد العامة .يتقدم طالب التأمين إلى المؤمن أو أحد وسطاء التأمين ،طالبا التأمين
من خطر معين ،ثم يمأل مطبوع اقتراح التأمين و يترك للمؤمن فسحة من الوقت لفحص الطلب.
حيث جرى في الواقع العملي على تسليم طالب التأمين مذكرة تغطية الخطر عن هذه الفترة ،و قبل
ذلك يجب على المؤمن أن يتقدم لطالب قبل إبرام العقد بيانا للمعلومات.141
و يمكن لطرفا عقد التأمين ،االتفاق فيما بعد إبرامه ،على تعديل بعض بنوده ،و تحرير ذلك
في ملحق الوثيقة.142
140
الحسين بلوش ،شرح مدونة التأمينات ،الطبعة الثانية،مكتبة قرطبة حي السالم ،أكادير ،2013ص .1
141
الحسين بلوش ،م س ،ص 48
142
جاء في المادة األولى من مدونة التأمينات بتعريف لملحق على أنه " اتفاق بين المؤمن و المؤمن له يتمم أو يعدل عقد التأمين و يصبح جزءا ال
يتجزأ من بوليصة التأمين"
الفقرة الرابعة :الشكلية المتعلقة بعقد تأسيس الشركات التجارية
يعتبر عقد الشركة الميثاق الذي يترجم ارادة الشركاء في تشارك ؛ ناهيك انه يحدد طريقة
تأسيس الشركة ،و منهج تسيرها و حلها.143
فيعتبر عقد الشركة شريعة الشركاء و مرجعهم في ابرام التصرفات باسم الشركة طيلة مدة
قيامها
وهذا ما ذهب اليه قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس ،حيت جاء فيه "العقد شريعة
المتعاقدين ،و عليه يجب االحتكام الى قواعد القانون االساسي للشركة ،سواء منها المتعلقة
144
بالقرارات العادية او االستئنافية ما دامت ال تتعارض مع القواعد االمرة"
ولما كان عقد الشركة ينطوي على هذه االهمية ،بات من الضروري صياغته بكل دقة ،و
اخضاعه لقواعد خاضة ،تمر عبر مراحل اجرائية تنطلق من تحريره ،مرورا بتسجيله ،ثم انتهاء
اشهاره ،و قد تضمن كل من القانون رقم 17.95المتعلق بشركة المساهمة ،145و كذا القانون رقم
146
,االجرءات و البيانات التي يجب ان يتضمنها عقد 5.96المنظم لباقي الشركات التجارية
الشركة والذي يعبر عنه بالنظام االساسي.
فيما يخص شكلية الكتابة نجد المادة 11من القانون رقم 17.95المتعلق بشركات مساهمة
تنص على وجوب وضع النظام االساسي لهده الشركة في شكل مكتوب ،سواء كانت الكتابة
رسمية او عرفية ،و الغاية من اشتراط الكتابة كشكلية الزمة البرام عقد هي توفير الحماية للشركاء
،باعتبار العقد المكتوب يشكل الوثيقة الثي تحدد حقوق الشركاء و التزاماتهم و المرجع لفض
الخالفات و النزاعات الثي قد تتور بين الشركاء
143
د.لحسن بيهي ،اشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربية ،الطبعة الثانية ، 2007مطبعة دار السالم الرباط ،ص 39
144
قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس ،رقم ،734الصادر بتاريخ ، 2004/06/15ملف عدد ،04/383اشار اليه د.لحسن بيهي ،م.س ،ص 39
145
المادة 2و 11و ما بعدها في القانون رقم 17.95المنظم لشركات المساهمة
146
المادة 5و ما بعدها من القانون رقم 5.96بالنسبة لشركات التضامن و المادة 21بالنسبة لشركة التوصية باالسهم و المادة 50بالنسبة للشركة
دات المسؤولية محدودة و المادة 9والقانون رقم 13.97المتعلق بالمجموعات ذات النفع االقتصادي
و جدير بالذكر ان الكتابة باإلضافة الى كونها دليل على وجود الشركة ،فإنها تعتبر شرطا
لتكوينها.147
و مع ذلك فان عدم كتابة عقد الشركة ال يعتبر سببا لبطالن شركة االموال ،و شركات
االشخاص -باستثناء شركة المحاصة المعفية من كتابة عقدها التأسيسي -لعدم وجود نص قانوني
148
يقضي بذلك مما يتعين معه اعمال قاعدة "ال بطالن بدون نص "
غير انه الكتساب الشخصية المعنوية ،ينبغي تقييد الشركة بالسجل التجاري.
147
د.لحسن بيهي ،م.س ،ص 42
148
المادة 337من القانون رقم .17.96
الفصل الثاني :القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المعامالت
المالية.
بعد دراستنا للمعامالت المالية العقارية في التشريع العقاري و القوانين الخاصة ،و التي من
خاللها أعطى المشرع الحرية لألفراد حرية اختيار نوع المحررات المناسبة لهم ،محررات رسمية
أو محررات ثابتة التاريخ.
و عليه ،سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين ،القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق
المعامالت العقارية ( المبحث األول) ،ثم القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المنقوالت في
( المبحث الثاني)
سنعالج هذا المبحث في مطلبين ،القيود الواردة في إطار مدونة الحقوق العينية ( المطلب
األول) ،القيود الواردة في إطار قوانين خاصة ( المطلب الثاني).
سنتطرق في الفقرة األولى لتوثيق كل من عقد الرهن الحيازي و عقد الغارسة ،على أن
نخصص الفقرة الثانية لتوثيق التصرفات التبرعية.
الفقرة األولى :توثيق عقد الرهن الحيازي و عقد المغارسة.
سنعرض في هذه الفقرة كال من توثيق الرهن الحيازي – أوال -وتوثيق عقد المغرسة -ثانيا-
باعتبارهما قيدان واردان على حرية األطراف في التوثيق.
تناول المشرع المغربي الرهن الحيازي في الباب الثاني من القسم الثاني من الباب األول من
مدونة الحقوق العينية .و قد عرفه في المادة 145بأنه " حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين
أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين و يخول الدائن المرتهن حق الحيازة
المرهون و حق حبسه إلى أن يستوفي دينه".
و يبرم عقد الرهن الحيازي في محرر رسمي سواء قام بتوثيقه موثق أو عدول ،149و ذلك
حسب ما نصت عليه المادة 150147من مدونة الحقوق العينية ،كما يجب تضمين تحت طائلة
البطالن معاينة حوز الملك المرهون إذا كان غير محفظ ،و أن يتضمن البيانات المتعلقة باألطراف
و كذا العقار( بيان مساحته ،حدوده ،ما يشتمل عليه من أغراس و بنايات ،)...و بيان مبلغ الدين و
مدته.151
نظم المشرع المغربي عقد المغارسة في المواد من 265إلى ،272و عرفه بموجب المادة
265بأنه " عقد يعطي بموجبه مالك أرضه ألخر ليغرس فيها على نفقته شجرا مقابل حصة
معلومة من األرض و الشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام"
149
حليمة بنت المحجوب بن حفو " دراسة في القانون العقاري المغربي" الطبعة األولى ،2017قرطبة حي السالم -أكاادير -ص .163
150
" يشترط لصحة الرهن الحيازي أن يبرم في محرر رسمي و أن يكون لمدة معينة.
يجب أن يتضمن العقدىمعاينة حوز الملك المرهون اذا كان غير محفظ ،و ذلك تحت طائلة البطالن".
151
المادة 149من م.ح.ع.
و قد أوجب أن يبرم هذا العقد في محرر رسمي تحت طائلة البطالن ،و يشترط لصحته تعيين
152
نوع الشجر المراد غرسه و بيان حصة الغارس في األرض و في الشجر
يعتبر حق العمرى حقا عينيا قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض يقرر طول حياة المعطى
153
له أو المعطي أو لمدة محدودة.
و ليقع هذا العقد صحيحا يشترط أن تتوفر أركانه و شروطه ،بتطابق االيجاب بالقبول ،و كذا
إبرامه في محرر رسمي من طرف العدول أو الموثقين ،بحيث يقع باطال إذا لم يستوف الشكلية
المطلوبة قانونا.154
كما هو معلوم المشرع المغربي سوى بين أحكام الصدقة و الهبة باستثناء ما تعلق باالعتصار
155
و الرجوع عن الصدقة
و عليه ،فقد استلزم المشرع المغربي احترام شكلية الكتابة الرسمية في كل من عقد الهبة و
الصدقة و ذلك بموجب المادة 274تحت طائلة البطالن.
152
المادة 268من م.ح.ع.
153
المادة 105من م.ح.ع.
154
المادة 106من م.ح.ع.
155
تنص المادة 291من م.ح.ع على أنه " :تسري على الصدقة أحكام الهبة مع مراعاة ما يلي :
-ال يجوز االعتصار في الصدقة مطلقا
-ال يجوز ارتجاع الملك المتصدق به إال باإلرث"
المطلب الثاني :القيود الواردة في إطار نصوص خاصة
قيد المشرع المغربي توثيق بعض العقود في إطار قوانين خاصة ،كتوثيق الحبس في ضوء
مدونة األوقاف ( الفقرة األولى) ،و توثيق السكن االجتماعي ( الفقرة الثانية)
يقصد بالحبس حسب الفقرة األولى من المادة األولى من مدونة األوقاف " كل مال حبس
أصله بصفة مؤبدة أو مؤبدة أو مؤقتة ،وخصصت منفعة لفائدة جهة بر و إحسان عامة أو خاصة،
و يتم إنشاؤه بعد أو بوصية أو بقوة القانون.
و حسب المادة 24من مدونة األوقاف فإنه يشترط لصحة الوقف ،االشهاد عليه من طرف
عدلين مع األخد بعين االعتبار االستثناء الوارد في المادة 25من مدونة األوقاف و المتمثل في ما
اذا تعذر تلقي االشهاد من العدول االعتداد بوثيقة الوقف الموقعة من قبل الواقف ،بشرط أن يكون
مصادق على صحة توقيعها وفق ما يقتضيه القانون.156
و أضافت المادة المذكورة في الفقرة الثالثة أنه يجب على قاضي التوثيق أن يبعث نسخة من
المحرر المتضمن للوقف ،أيا كان نوعه ،عند مخاطبته عليه إلى إدارة األوقاف ،مصحوبة بالوثائق
المثبتة ،و على أبعد تقدير داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ المخاطبة.
فإذا كان يتوجب إلنشاء الوقف اإلشهاد عليه من قبل العدول ،فإن إلثباته أقره مشرع مدونة
األوقاف في المادة 48على أنه " يمكن إثبات الوقف بجميع وسائل اإلثبات .و تعتبر الحواالت
الحبسية حجة على أن األمالك المضمنة بها موقوفة إلى أن يثبت العكس"
156
تنص الفقرة الثانية من المادة 25من م.ح.ع أنه " اذا تعذر تلقي هذا االشهاد ،اكتفي استثناء بوثيقة الوقف الموقعة من قبل الواقف من قبل الواقف
مصادقا على صحة توقيعها طبقا للقانون"
الفقرة الثانية :توثيق السكن االجتماعي
157
كل سكن رئيسي تتراوح يقصد بالسكن االجتماعي في مفهوم قانون المالية لسنة 2013
مساحته المغطاة ما بين 50و 15880وال يتعدى ثمن بيعه 25مليون سنتيم دون احتساب الضريبة
على القيمة المضافة.
وبذلك فإنه ال يعتبر سكنا اجتماعيا متى كان سكنا ثانويا غير رئيسي ولمدة تقل عن 4سنوات
وكذلك إذا تجاوزت مساحته 80متر مربع أو قيمته المالية 25مليون سنتيم.
159
فأما عن الجهة المخول لها تحرير عقد السكن االجتماعي فإن القانون المالي لسنة 2010
جعل تحريرها من اختصاص الموثقين العصريين دون غيرهم من المهنيين سواء تعلق األمر
بالعدول او المحامين وباقي المهنيين وذلك طبقا لمقتضيات المادة 160 93من القانون المالي لسنة
، 2010فيكون المشرع قد قيد من حرية األطراف في اختيار نوعية المحرر المتعلق بالسكن
االجتماعي بتراض منهم.
وفي اعتقادنا المتواضع أن جعل تحرير عقود السكن االجتماعي حكرا على فئة الموثقين
العصريين راجع إلى أن المشرع يعتبر أن كل المحررات التي تنجزها هذه الطائفة محررات
رسمية كما لو أنها صادرة عن موظفين عموميين ،يضاف إلى ذلك المسؤوليات المفروضة على
الموثق ،والتي تغيب في باقي المهن.
لذلك ارتأى المشرع تخويل الموثقين هذه المهمة ،حتى يتحقق الهدف المنشود من وراء
السكن االجتماعي ،منعا ألي تحايل.
157
ظهير شريف رقم 1.12.57صادر في 28ديسمبر 2012بتنفيذ قانون المالية رقم 115.12للسنة المالية ،2013منشور بالجريدة الرسمية عدد
6113بتاريخ 31ديسمبر ،2012ص.6635 :
158
ينص البند 28من المادة 92من المدونة العا مة للضرائب على أن :تعفى من الضريبة على القيمة المضافة مع االستفادة من الحق في الخصم
المنصوص عليه في المادة 101أدناه:
– 28عمليات تفويت المساكن االجتماعية المعدة للسكن الرئيسي التي تتراوح مساحتها المغطاة ما بين خمسين وثمانين مترا مربعا وال يتعدى ثمن
بيعها مائتين وخمسين ألف درهم احتساب الضريبة على القيمة المضافة ....
159
ظهير شريف رقم 1.09.243بتاريخ بتاريخ 30ديسمبر 2009بتنفيذ القانون المالي رقم 48.09للسنة المالية ،2010منشور بالجريدة الرسمية
عدد 5800بتاريخ 31ديسمبر ،2009ص.6095 :
160
ينص البند 2من المادة 93من القانون المالي لسنة 2010على أن :انجاز الوعد بالبيع وعقد البيع النهائي من طرف موثق.
المبحث الثاني :القيود الواردة على حرية األطراف في توثيق المعامالت
المالية المنقولة.
بعد أن تناولنا في المبحث السابق مظاهر التدخل التشريعي في تحديد نوعية المحرر لتوثيق
المعامالت المالية العقارية ،سنتطرق من خالل هذا المبحث إلى مظاهر تدخل المشرع في تحديد
شكل بعض العقود أو اثباتها ،والتي تتعلق بمنقوالت من قبيل بيع الطائرة (المطلب األول) أو أيضا
بيع األصل التجارية للصيدلية (المطلب الثاني).
لقد كرس القانون رقم 40.13المتعلق بالطيران المدني تدخل المشرع في تحديد نوعية
المحرر الناقل لملكية الطائرة ،وهذا ما يستشف من المادة 16142من القانون المذكور أعاله ،حيث
أوجب المشرع أن يتم نقل ملكية الطائرة اإلرادي كتابة ،وأن يثبت بعقد رسمي ،غير أن الشكلية
المنصوص عليها في المادة أعاله هي لإلثبات لما يبدو من النص ،خصوصا وأن المشرع لم يرتب
أي جزاء عن عدم احترام مقتضيات المادة ،فيقيد المشرع من حرية األطراف في إثبات العقد، ،
وحسن فعل المشرع ،وذلك بالنظر للقيمة الباهظة للطائرة من جهة؛ يضاف إلى ذلك ان نقل ملكية
الطائرة ،يعتبر ال أثر له بالنسبة للغير إال من تاريخ تقييده في دفتر التسجيل طبقا لما جاء في المادة
162 9من القانون رقم 40.13ويقصد بدفتر التسجيل حسب المادة 4من ذات القانون دفتر تمسكه
السلطة المكلفة بالطيران المدني بغرض تقييد الطائرات المغربية الصالحة للمالحة والمتوفرة فيها
الشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقوانين األخرى الجاري بها العمل.
161
المادة 42من القانون رقم 40.13تنص :يجب أن يتم كل بيع ارادي لطائرة كاتبة وأن يثبت بعقد رسمي.
162
تنص المادة 9من القانون رقم : 40.13كل نقل لملكية طائرة بعقد بين أحياء أو على إثر وفاة مالكها وكل حكم ناقل أومنشئ أو مصرح بالملكية
وكل تاسيس لرهن او تجديده او شطبه وكل عقد استئجار او كتراء طائرة وكذا كل محضر حجز تحفظي او حجز تنفيذي ال يكون له أي أثر على الغير
إال بتنفيذه في دفتر التسجيل.
المطلب الثاني :توثيق بيع األصل التجاري للصيدلية
يقصد بالصيدلية ،المؤسسة المختصة بصفة حصرية أو ثانوية بعمليات تمت اإلشارة إليها في
المادة 30من القانون رقم 17.04بمثابة مدونة األدوية والصيدلية.
وبالرجوع للمادة 57من القانون المذكور أعاله ،نجد المشرع يحث على وجوب تحرير عقد
بيع األصل التجاري لصيدلية في محر ر رسمي فقط ،بل األكثر من ذلك جعل تحرير العقد يتم من
طرف موثق عصري دون غيره من عدول أو مهنيين آخرين.
وبذلك يكون المشرع قد قيد من حرية األطراف باختيا شكل المحرر؛ وأيضا الجهة المختصة
بتحريره باعتبار ان الصيدلية تعتبر مهنة انسانية يتسدعي المنطق حمايتها وحماية استقرارها
الرتباطها بالنظام العام.
الباب الرابع :النظام القانوني للمحررات العرفية والثابتة التاريخ
حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق انهاء عقد كراء المحالت المعدة للسكنى واالستعمال
المهني استوجب منا االمر تجزيئ هذا المقتضى الى قطبين .نستعرض في أوالهما الحديث عن
المحرر العرفي في (الفصل األول) على أن نخصص (الفصل الثاني) لتناول مقتضى المحرر
الثابت التاريخ.
وللحدي ث عن هذا النوع من المحررات يجدر بنا التطرق لماهيتها ( المبحث األول) ثم مدى
حجيتها وكيفية الطعن فيها ( المبحث الثاني).
لم يعرف المشرع المغربي المحرر العرفي مثل ما فعل مع نظيرها الرسمية وفي هذا اإلطار
163
إلى أن المحرر العرفي هو كل محرر يقوم بتحريره من لهم مصلحة فيها من ذهب بعض الفقه
غير تدخل الموظف العمومي أو من له مصلحة فيها من غير تدخل الموظف العمومي أو من له
صالحية التوثيق بهذه الصفة كما عرفه البعض اآلخر على أنه ذلك المحرر الذي يصدر من ذوي
الشأن بوصفهم أشخاصا عاديين ويوقع عليه أحدهم ألن يكون دليال كتابيا.164
أما بعض القوانين المقارنةـ كما هو األمر بالنسبة للقانون الجزائري عرفها على أنها تلك
المحررات الصادرة عن األفراد دون أن يتدخل في تحريرها موظف رئيسي أو شخص مكلف
بخدمة عامة أو ضابط عمومي.
وبمفهوم المخالفة للفصل 418من ق ل ع يمكن القول بأن المحرر العرفي هو ذلك الذي يقوم
بتحريره األفراد فيما بينهم دون تدخل موظف عمومي.
كما يضيف الفصل 423من ق ل ع حالة أخرى للمحرر العرفي ،بمعنى أنه إذا قام الموثق
أو العدل بتحرير وثيقة رسمية فإنها تفتقد صفتها الرسمية وتتحول إلى محرر عرفي شريطة أن
تكون موقعة من طرف الملزمين بها.
األوراق العرفية والرسمية على حد سواء تعتبر وسيلة من وسائل اإلثبات ال سيما بالنسبة
لل منازعة في حق معين أمام القضاء إال أن هناك مجموعة من الفوارق تميز بعضها البعض ،من
حيث الشكل والقوة الثبوتية ثم القوة التنفيذية.
163
-عبد الكريم شهبون ،الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الكتاب األول االلتزامات بوجه عام ،الجزء الثالث مطبعة النجاح الدار
البيضاء الطبعة األولى 1999ص .322
164
-ادريس العلوي العبدالوي ،وسائل اإلثبات في التشريع المدني المغربي ،المكتبة الثقافية وجدة ،الطبعة األولى 1977 ،ص .84
من حيث الشكل :يشترط في المحرر الرسمي تحريره من طرف مختص وفقا ألشكال معينة
بخالف المحرر العرفي الذي يكتبه الطرفان نفسهما وقد ينوب عنهما الغير في تلك الكتابة شريطة
أن تكون موقعة من الطرفين المعنيين.
من حيث القوة الثبوتية :الورقة الرسمية حجة على الكافة وال تسقط حجيتها إال عن طريق
الطعن بالزور .أما الورقة العرفية فيكفي لهدمها ودحضها إنكار الخط والتوقيع إضافة إلى ذلك فإن
تاريخ الورقة العرفية يكون حجة على أطرافها وكذلك حجة له في مواجهة الغير إال إذا كان ثابتا.
من الناحية التنفيذية :فاألوراق الرسمية تعتبر حجة حتى في التنفيذ ذلك من خالل األمر
باألداء الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائي بناء على سند رسمي ،الذي يكون مشموال بالتنفيذ
المعجل رغم الطعن فيه باالستئناف لكون أن أجل الطعن فيه ال يوقف تنفيذ األمر المذكور حسب
الفصل 162مكرر من ق م م.
وكذلك له دورا أساسيا في التنفيذ المعجل القضائي طبقا للفصل 147من ق م م.
يقصد بها تلك المحررات التي يغلب فيها أال تكون حجة موقعة ممن هي حجة عليه ،كونها
عند كتابتها لم تهيأ لالستخدام في اإلثبات أصال ولكن القانون جعلها حجة إلى مدى معين في
165
اإلثبات
165
-عبد المجيد بوكير ،التوثيق العصري المغربي ،الطبعة الثانية 2010ص .107
ويدخل في هذا اإلطار ما نص عليه الفصل 417من ق ل ع بقوله ... " :ويمكن أن ينتج
كذلك عن المراسالت والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقعة عليها من
الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات
أو رموز أخرى ذات داللة واضحة كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها"...
وكذلك الفصول من 433إلى 439من القانون نفسه ،حيث نصت على أن بعض األنواع
األخرى من المحررات غير المعدة لإلثبات جعلت لكل منها حجية.
يقصد بها المحررات التي يكتبها األفراد وتوقع ممن هي حجة عليه ويكون المقصود بها أن
تكون أداة إثبات فيما قد ينشا من منازعات حول مضمونها وعنذئد تكون وسيلة إثبات معدة سلفا.
ويتضح من هذا التعريف أن ما يشترط في الورقة العرفية المعدة لإلثبات هو الكتابة ( )1ثم
التوقيع ()2
الكتابة: -1
تعتبر الكتابة شرطا بديهيا في أي ورقة عرفية ،غير أنه ال يشترط في الكتابة أي شرط خاص
ال من حيث صيغتها وال من حيث طريقة تدوينها ،فكل عبارة دالة على المعنى المقصود تصلح بعد
توقيعها أن تكون دليال على موقعها ،بغض النظر عن الوسيلة المستعملة في تحريرها ( وسائل
الطبع المتنوعة أو مكتوبة على اآللة الكاتبة) وبالتالي فالمقصود هو أن توجد كتابة ينصب
مضمونها على الواقعة المراد إثباتها بالورقة.166
وتجدر اإلشارة إلى أنه ليس هناك تحديد لما يجب أن يرد في الورقة من بيانات وهذا األمر
يعطي ألصحاب الشأن كل الحرية في كيفية كتابة الورقة العرفية.
166
-إدريس العلوي العبدالوي ،مرجع سابق ص .84
التوقيع -2
التوقيع شرط جوهري في الورقة العرفية المعدة لإلثبات ألنه أساس نسبة الكتابة إلى موقعها
ولو لم تكن مكتوبة بخطه ،كما أنه هو الذي يدل على اعتماده إياها وإرادته االلتزام بمضمونها.
ولهذا فإن خلو الورقة من توقيع من تنسب إليه ال يجعلها دليال كتابيا كامال ولو كانت مكتوبة
بخطه فهي ال تعدو أن تكون مشروعا يحتمل االعتماد أو عدمه .ألن الكتابة بذاتها ال تفيد قبول
االلتزام بالمكتوب.167
ولما كانت داللة التوقيع الموافقة على ما هو ثابت بالورقة تقتضي أن يكون مكانه أسفل
الورقة ،كما يشترطك في التوقيع أن يكون بخط الموقع وان يشمل على اسمه ولقبه كاملين وال يقوم
168
الطابع أو الختم مقام التوقيع
167
-إدريس العلوي العبدالوي ،مرجع سابق ص .85
168
-ينص الفصل 426من ق ل ع على أنه ط يسوغ ان تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد غير الشخص الملتزم بها شرط ان تكون موقعة منه ،ويلزم
أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه وأن يرد في أسفل الوثيقة وال يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع ويعتبر وجوده"....
الفقرة األولى :حجية المحرر العرفي المعد لإلثبات
يقتضي منا الحديث عن حجية هدا النوع من المحررات التطرق إلى ما يأتي :
أوال :الورقة العرفية على خالف الورقة الرسمية ال تكون حجة بما ورد فيها إال باإلقرار
بها.
ولهذا فهي يعتد بها وتكون ذات قوة ثبوتية ما لم يبادر الشخص المنسوب إليه
إنكارها ويرجع ذلك إلى عدم تدخل شخص ذي صفة رسمية في تحريرها فقد نص الفصل 424من
ق ل ع بأنه " الورقة العرفية المعترف بها ممن يتمسك بها ضده أو المعتبر قانونا في حكم
المعترف بها منه يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة األشخاص على
التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419و 420عدا ما
يتعلق بالتاريخ"...
يتضح من هذا الفصل أن اعتراف المتمسك ضده بالورقة العرفية تصبح معه لهذه األخيرة
حجية الورقة الرسمية من حيث اإلثبات وال يجوز للغير نفي صدور هذه الورقة من المقر بها إال
عن طريق الطعن بالتزوي ر وكذلك ال يجوز لمن اعترف بصدور الورقة منه أن يطعن في سالمتها
المادية أي أن يدعي حصول تغيير في الكتابة المدونة وفق توقيعه أو إضافة أو إقحام ما لم يكن
169
موجود عند التوقيع إال عن طريق الطعن بالتزوير
إذا كان التاريخ الموضوع على الورقة الرسمية يعد تاريخا لها ويلحقه بدوره طابع الرسمية
أيضا ،فيعتبر من ثمة حجة على الطرفين وحجة على األغيار ،فإن المحررات العرفية ال يسري
تاريخها في مواجهة الغير إال إذا كان ثابتا.
169
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ص .86
وفي هذا اإلطار نجد الفصل 425من ق ل ع 170نظم حجية تاريخ الورقة العرفية من خالل
قاعدة ذات سطرين ،احدهما يفيد أن تاريخ الورقة العرفية حجية بين المتعاقدين وثانيهما أن هذا
التاريخ ال يكون حجة على الغير إال إذا كان ثابتا.
إن التاريخ الذي تحمله الكتابة العرفية المعترف بها التي تثبت صحتها بعد إنكارها ذو حجة
قوية بين المتعاقدين كما هو شأن باقي البيانات األخرى الموجودة التي تحملها هذه الورقة وال
يستطيع األطراف نقضه إال باعتماد الكتابة طبقا للقواعد العامة،ـ بحيث ال يجوز إثبات ما يخالف
كتابة طبقا للقواعد العامة ،بحيث ال يجوز إثبات ما يخالف كتابة أو ما يجاوزها ،إال بدليل كتابي،
إال إذا تعلق األمر بغش أو احتيال أو صورية أو شبهة فيجوز إثبات ذلك بكل وسائل اإلثبات
الممكنة.
وإذا كان المتعاقد نائبا عن األصيل فإن جميع التصرفات التي يجريها في حدود نيابته تنتج
آثارها مباشرة في حق األصيل ،ألن النائب ال يعتبر غيرا ما دام يمثل األصيل في التصرفات التي
171
ابرمها ويتصرف لحسابه فيكون تاريخ الوثائق العرفية ساريا في حقه ولو لم يكن ثابتا
حجية تاريخ المحرر العرفي المعد لإلثبات بالنسبة للخلف العام -2
يعد سريان التاريخ الموضوع على الورقة العرفية على الخلف العام مسألة بديهية ،ألن هذا
األخير يعد إمداد لسلفه ،بل يعتبر ممثال من جانب سلفه في كل العقود التي يبرمها هذا األخير وإن
كانت هذه القاعدة غير مطلقة 172فيما يتعلق بتاريخ تلك الورقة.
170
-نص الفصل 425من ق ل ع على أنه " المحررات العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين وورثتهم وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم
مدينه"...
171
-عبد المجيد بوكير ،م س ص .114
172
-وتطبيقا لذلك جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية أن التاريخ العرفي المعترف من الموروث يكون حجة على الوارث حثى يقيم الدليل على عدم
صحته فإذا كان الوارث لم يقدم الدليل على عدم صحة ذلك التاريخ ولم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بجميع الطرق القانونية صدور العقد في
تاريخ آخر ،فإن أخد المحكمة بالتاريخ الوارد في العقد ال تكون فيه مخالفة للقانون ،أشار إليه عبد المجيد بوكير ص .115
حجية تاريخ المحرر العرفي المعد لإلثبات بالنسبة للخلف الخاص -3
الخلف الخاص هو من يتلقى من سلفه ملكية شيء محدد بذاته أو أي حق عيني آخر على ذلك
الشيء ،وكذلك من ينتقل إليه حق شخصي كان سلفه دائنا به من قبل.
ومن المبادئ العامة التي تهيمن على هذا المجال أنه البد أن يكون العقد الذي أنشأ الحقوق
وااللتزامات التي يقع فيها االستخالف سابقا في تاريخه على انتقال الحق من السلف إلى الخلف.
الدائن العادي ال يعتبر من ا لغير وإن لم يكن خلفا عاما وال خلفا لمدينه ،لذلك يسري في حقه
التاريخ الموجود في الورقة العرفية وإن لم يكن ثابتا بالكيفية المقررة قانونا .أما الدائن الذي تصير
حقوقه متعلقة بأموال معينة بالذات من أموال المدين فإنه خالفا لألول ال يحتج عليه بتاريخ الوثيقة
العرفية إال إذا كان ثابتا 173ذلك أن ثبوت التاريخ إنما هو حكم يرمي باألساس إلى حماية هذا الغير
وهذا ما يستفاد صراحة من مقتضيات الفصل 425من ق ل ع.
نصت المواد من 425إلى 430والمواد من 429إلى 430من ق ل ع على بعض أنواع من
الكتابة غير الموقعة أو غير المعدة لإلثبات وجعلت لكل منهما حجية معينة وفقا لشروط خاصة،
وهذه األنواع من الكتابة تتمثل في ما يلي:
تنظم حجية الرسائل في اإلثبات الفقرة األولى من المادة 417من ق ل ع التي تقضي بأن
تكون الرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية من حيث اإلثبات.
173
-محمد الكشبور ،التوثيق المغربي واقع وآفاق ،أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف القانون الخاص بكلية متعددة التخصصات بتازة ،الطبعة
األولى 2010ص .16
والمشرع لم يضع شكال خاصا لكتابة الرسائل فهي تكتب بلغة البالد أو بلغة أجنبية أو بلهجة
محلية أو بلغة متعارف عليها ،وليس من الضروري أن تكون الرسائل مؤرخة أو مكتوبة بخط
صاحبها بل العبرة فيها بتوقيع صاحبها عليها ،فالتوقيع إذن هو الشرط الشكلي الوحيد الالزم التخاذ
الرسالة دليال كامال يحتج به ضد المرسل.174
ويعتبر تاريخ البرقية ثابتا لكون أصلها يختم بالختم ذي التاريخ لمكتب اإلرسال كما يختم
صورتها بختم مكت ب الوصول ،ويمكن التحقق من صحة تاريخها بالرجوع إلى الدفتر الذي تقيد فيه
175
البرقيات
تناولت حجية دفاتر التجار في اإلثبات في المسائل المدنية المواد من 433إلى 436من ق ل
ع وبالتالي ما يقيده في الدفاتر التجارية الكاتب المكلف بها أو المكلف بالحسابات يكون له نفس قوة
اإلثبات كما لو قيده نفس التاجر الدي كلفه( .الفصل 434من ق ل ع).
وهذا يعني أن الدفاتر حجية عليه ،سواء أكانت منتظمة أو غير منتظمة ألن ما دون فيها
176
يعتبر إقرارا صادرا منه
174
-إدريس العلوي العبدالوي م س ص .90
175
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ص .91
176
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ص .92
رابعا :حجية الدفاتر واألوراق المنزلية في اإلثبات
وبالتالي داللة هذه الدفاتر واألوراق المنزلية في الحالتين السابقتين ليست كداللة الكتابة
177
الكاملة بحيث يجوز اثباث ما يخالف داللة هذه األوراق بكل وسائل اإلثبات
بالرجوع لنص الفصل 440من ق ل ع نجده ينص على ما يلي":النسخ المأخوذة عن
أصول الوثائق الرسمية والوثائق العرفية لها نفس قوة اإلثبات التي ألصولها ،إدا شهد بمطابقتها
لها الموظفون الرسميون المختصون بدلك في البالد التي أحدت فيها النسخ.ويسري نفس الحكم
على النسخ المأخوذة عن األصول بالتصوير الفوتوغرافي".
178
(محكمة النقض حاليا) جاء فيه :إن نسخ الوثائق الرسمية وفي قرار للمجلس األعلى
المصادق عليها لها نفس قوة اإلثبات التي ألصولها ويسري نفس الحكم على نسخ الوثائق المضمنة
في سجالت قضاة التوثيق إدا شهدوا بمطابقتها ألصولها."...
ومن تم فإن الورقة العرفية بحكم تحريرها بين األفراد العاديين تكون دليال ناقصا بالنسبة
للتمسك بها نظرا لقلة ضمانتها وتحريف بياناتها ،فباألحرى النسخ المأخوذة عنها التي بدورها ال
تسلم من هدا الضعف في الحجية ،دلك أن هده الصور التي ينقلها فرد عادي دون تدخل موظف
عام مختص ال تكون لها قيمة في اإلثبات ولو ضاع أصلها ،ألن العبرة في المحررات العرفية
177
-إدريس العلوي العبدالوي م س ص .94
178
-قرار رقم 362صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1974\12\2في الملف االجتماعي عدد ،36317منشور بمجلة القضاء والقانون ،عدد ،128
ص 119وما يليها.
بتوقيعها من األشخاص الدين صدرت منهم ،والمفروض في هده الصور أنها ال تحمل هدا التوقيع
فال يعول عليها وال يكون لها قيمة مبدأ ثبوت بالكتابة ألنها ليست محررة بخط الشخص المنسوب
إليه توقيع الورقة العرفية األصلية.179
لكن المشرع المغربي أورد استثناء على هده القاعدة ،وهو ما يتضح من قرار المجلس
األعلى(180محكمة النقض حاليا) الذي جاء فيه :الصور الفوتوغرافية المأخوذة عن أصولها
والمشهود بمطابقتها لها من قبل الموظفين تكون لها نفس قوة تلك األصول تطبيقا للفصل 440من
قانون االلتزامات والعقود ."...
للحديث عن الزور الفرعي يقتضي منا األمر وضع تعريف له (أوال) والتطرق لشروطه (
ثانيا) ثم أثار حجية األحكام الصادر في الزور الفرعي (ثالثا)
179
سليمان مرقص ،الوافي في شرح القانون المدني ،أصول اإلثبات وإجراءاته في المواد المدنية ،المجاد األول ،األدلة المطلقة ،الطبعة الخامسة،
القاهرة ،طبعة ،1991ص.135 :
180
قرار رقم 1951صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 1\5\17في الملف عدد 97\2319منشور بالتقرير السنوي للمجلس األعلى لسنة ،2001ص
.77-76
أوال :تعريف الزور الفرعي:
نظرا لكون فعل التزوير في المحررات يعتبر جرما في القانون الجنائي المغربي إذا توافرت
أركان جريمة التزوير ،ولما كان األمر كذلك فإنه من الطبيعي أن يستند أمر تعريف الزور إلى
القانون الجنائي ،وعموما تكفل به الفصل 351منه.181
ويعرف بعض الفقه بأنه مجموع اإلجراءات التي يقتضي إتباعها إلثبات التزوير في األوراق
سواء أكانت رسمية أو عادية.182
في حين يعرف البعض اآلخر بحسب الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه قائال " تهدف هذه
الدعوى على خالف باقي الدعاوي إلى هدم دليال قائم بيد الخصم حيث يطعن أحد األطراف أثناء
سريان الدعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور الفرعي.183
وحسب ما يقضي به الفصل 92من ق م م فإن الطعن بالزور الفرعي هو ذلك الطعن الذي
يمارسه أحد األطراف أثناء سريان الدعوى األصلية من أجل استبعاد أحد المستندات المقدمة كدليل
لكونه مشوبا بالتزوير.184
ثانيا :شروط قبول دعوى الزور الفرعي في ثالثة شروط وفي حالة انتفائها ال تقبل دعوى
الزور الفرعي وهذه الشروط هي:
يراد بشرط الجدية أن يتمسك الطاعن بطعنه بالزور في صيغة صريحة وحازمة فال يكفي أن
يلمح الطاعن في دفاعه إال االحتفاظ بحقه في الطعن بالتزوير في المحرر موضوع الدعوى دون
إتباع المسطرة المنصوص عليها قانونا.185
181
-نص الفصل 35من ق ج أنه ":تزوير األوراق و تغيير الحقيقة فيها بسوء نية تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى
الوسائل المنصوص عليها في القانون"
182
-إدريس العلوي العبدالوي ،م س ص .78
183
-عبد العزيز حضري ،القانون الخاص ،طبعة 2002دار النشر الجسور ،وجدة ص .179
184
-محمد المنجي ،دعوى التزوير الفرعية في المواد المدنية من التقرير بالزور على الطعن بالنقض ط األولى 1992منشاة المعارف االسكندرية ص
.93
185
-نص الفصل 92من ق م م على أنه ":إذا طعن احد األطراف ـثنتء سريان دعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرفت المحكمة
النظر عن ذلك إذا رأت أن الفصل في الدعوى ال يتوقف على هذا المستند"...
أما شرط اإلنتاجية فقد نص عليه الفصل 92من ق م م وذلك حيث أشار على أن القاضي
يصرف الن ظر عن الزور الفرعي إذا كان البث في الدعوى ال يتوقف على المستند المطعون
186
فيه
أن ينصب الطعن بالزور على محرر مقدم في دعوى أصلية -2
يجب أن ينصب االدعاء بالزور الفرعي على مستند عرفي مقدم في دعوى قائمة ،ويمكن
دلك في أي حالة كانت عليها الدعوى ،إال أنه ال يمكن الطعن في محرر بالزور كان قد استعمل من
طرف محكمة الموضوع في نزاع ما ،وقد ورد النص على هذا الشرط في الفصل 92من قانون
المسطرة المدنية ،كما يجب أن يتم الطعن بالزور الفرعي قبل أن تقفل المحكمة باب المرافعة. 187
تتمثل هذه اآلثار وحجية األحكام الصادرة في إطار دعوى الزور الفرعي في ما يلي:
الحكم الصادر بخصوص الزور الفرعي يجب أن يستنفذ جميع طرق الطعن العادية أو غير
العادية وله آثار تختلف بحسب ما تنتهي إليه المحكمة.
وبالتالي الحكم الذي يقضي بوجود الزور يجرد المستند من كل قوة ثبوثية ،ولقد منح المشرع
المحكمة أن تأمر بالتدبير المناسب.188
وهكذا إذا ثبت تزوير أحد البيانات الموجودة بالمحرر العرفي فإنه يبعد من ملف الدعوى،
لكن إذا قررت المحكمة أن جزءا من المستند هو مزور فقط كتقرير تزوير التاريخ دون باقي
البيانات األخرى ،في هذا األمر يذهب البعض إلى القول أن البيانات التي تقرر المحكمة زوريتها
هي التي يلحقها هذا األثر وهذا االتجاه نؤيده ذلك انه ال يمكن حرمان المستدل بذلك المحرر من
186
-ينص الفصل 113من ق م م على أنه ":ال يمكن أن يؤخر لتدخل والطلبات العارضة األخرى الحكم في الطلب األصلي إذا كان جاهزا"
187
-ينص الفصل 113من ق م م على أنه " ال يمكن أن يؤخر لتدخل والطلبات العارضة األخرى الحكم في الطلب األصلي إذا كان جاهزا"
188
-ينص الفصل 99ع لى أنه ":يوقف تنفيذ الحكم الفاصل في الزور الفرعي بحذف أو تمزيق المستند كال أو بعضا أو تصحيحه أو إعادته إلى أصله
داخل أجل اإلستئناف أو إعادة النظر او النقض"...
وسيلة دفاعه خاصة إذا كانت هي الوحيدة ،في حالة ما إذا كان بيان من أحد البيانات هو المزور
فقط ويستشف ذلك من خالل الفصل 99من ق م م.
ويمكن لمدعي الزور أن يرفع دعوى تعويض ما لحقه من ضرر كما يتحمل المدعى عليه
مصاريف الدعوى.189
إذا كان الحكم الجنائي الفاصل في دعوى الزور الفرعية يكتسب حجيته بمجرد صدوره ،فإن
الحكم الصادر في دعوى الزور الفرعية المدنية ال يحوز هذه الحجية إال إذا أصبح باثا ،فإذا كان
األول يكتسب تلك الحجية نظرا لكونه ال يقبل الطعن باالستئناف أو النقض إال مع الحكم الصادر
في الدعوى الجنائية األصلية ،فإن الثاني يكتسب حجيته بعد استنفاذ جميع طرق الطعن أو انصرام
190
األجل الممنوح ،ذلك أنه يقبل الطعن باستقالل عن الحكم الصادر في الدعوى األصلية
وبعد أن يصبح الحكم الصادر في دعوى الزور الفرعي نهائيا فإن القاضي المدني الذي ينظر
191
في الدعوى األصلية يمكنه أن يعتمد عليه في الفصل في النزاع
ارتأينا في هذه الفقرة القيام بتحليل الدفوع المتعلقة بإنكار الخط أو التوقيع (أوال) وكذا الدفع
المتعلق باألمية ( ثانيا).
أعطى المشرع المغربي لكل شخص ال يريد االعتراف بالوثيقة العرفية المحتج بها ضده
بمناسبة إجراء معاملة من المعامالت القانونية واجب اإلنكار الصريح لما تضمنه تلك الوثيقة من
خطة وتوقيعه على أنه يستلزم توفر شروط القيام بهذا اإلجراء.
189
-ينص الفصل 124من ق م م على أن " يحكم بالمصاريف على كل طرف خسر الدعوى سواء كان من الخواص أو إدارة عمومية"....
190
-عبد الواحد العلمي ،حجية األحكام الجنائية أمام القضاء المدني ،دكتوراه الدولة في القانون الخاص سنة 1987جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء
ط األولى م النجاح الجديدة ص 270وما بعدها.
191
-محمد كبري حماية مستهلك العقار ،خالصة التوثيق نمو ذجا ،أطروحة لنيل الدكنوراه في القانون الخاص نوقشت بجامعة حسن األول بوجدة
2012-2011ص .318
تعريف مسطرة تحقيق الخطوط في األوراق العرفية -1
المقصود بت حقيق الخطوط إجراءات نظمها القانون إلثبات صحة المحررات العرفية التي
يجعل إنكارها لتكون حجة للتمسك بها في مواجهة المنكر.192
أو مجموعة من اإلجراءات التي نص عليها القانون إلثبات صحة المحررات العرفية التي يتم
إنكارها لتكون حجة يمكن التمسك بها من قبل صاحبها.193
وأيضا مسطرة وضعها المشرع للتأكد من صحة المحررات العرفية التي يقع إنكارها.194
حتى تقبل المحكمة سلوك مسطرة تحقيق الخطوط يشترط توفر ثالثة شروط وهي :
إنكار ورقة عرفية :من المعلوم أن الورقة الرسمية ال يسلك للطعن فيها مسطرة أ-
تحقيق الخطوط بل مسطرة الزور لهذا فاإلنكار ينصب على ورقة عرفية ،الن هذه المسطرة
خاصة باألوراق العرفية.
أن يكون اإلنكار صريحا :ورد النص على هذا الشرط في الفصل 431من ق ل ع ب-
حيث جاء فيه....":أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه .وفي هذه الحالة على من يحتج عليه بمحرر
عرفي أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه فإذا لم يفعل اعتبر معترفا به ،ألن سكوته يفسر على قبوله
به ،أما الورثة والخلفاء فيمكنهم التصريح بعدم معرفة توقيع أو خط من تلقوا الحق منه.
أن يكون المحرر العرفي الذي ثم إنكاره يتوقف عليه الفصل في النزاع ت-
ورد النص على هذا الشرط في الفصل 89من ق م م حيث جاء فيه.... ":أمكن للقاضي
صرف النظر عن ذلك إذا رأى أنه غير ذي فائدة في النزاع إذا كان األمر بخالف ذلك فإنه يؤشر
بتوقيعه على المستند ويٍأمر بتحقيق الخطوط"...
192
-عبد اللطيف البغيل ،المختصر في الدعوى المدنية إجراءاتها وفق قانون م م المغربي ط 2009ص .160
193
-الطيب الفصيلي ،الوجيز في القانون القاضي الخاص مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط ثانية 1993ص .92
194
-محمد كبوري ،م س ص .296
وبالتالي إذا أمكن للمحكمة أن تثبت في الدعوى دون أن تستند إلى الورقة المطعون فيها ،إما
لكفاية األولى وإما لتبنيها لوجه الحكم في الدعوى ،وجب عليها أن تستغني عن إجراءات تحقيق
الخطوط.
الدفع بإنكار الخط أو التوقيع ،أ ,التصريح يجهلهما القضاء إدا أبداه الخصم بصفة
شخصية بواسطة مذكرة مكتوبة يكون مآلها عدم القبول بخالف ما إدا أثاره شفويا أُثناء
جلسة البحت حيت يكون دفعه في هده الحالة مقبوال ،وهدا ما سار عليه المجلس األعلى
في أحد قراراته ،حيت جاء فيه"وحيت أن دفع نائب المدعى عليها بإنكار التوقيع دون
توفره على وكالة خاصة بدلك يعتبر دفعا مردودا وال ينتبه إليه".195
إن الدفع باألمية له خصوصيات تميزه عن باقي الدفوع في الورقة العرفية ال من حيث
الشخص المتمسك به أو من حيث عبء اإلدعاء.وقبل دلك يستحسن أن نعرف األمي أوال .
-1تعريف األمي
إن كل شخص بلغ سن الرشد يعتبر أهال لإللزام ما لم ينص قانون أحوال الشخصية بغير
دلك ،واألمي يتمتع بكامل أهليته فيكتسب الحقوق ويتحمل االلتزامات ،إال أ ،الحقوق المتضمنة
اللتزامات األشخاص األميين ال تكون لها قيمة قانونية إال إدا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون
مأذون لهم بدلك ،رغبة من المشرع المغربي في توفير الحماية القانونية لهده الفئة من المجتمع.
وهدا ما سار عليه القضاء في عدد من األحكام الصادرة عنه حيت جاء في قرار صادر عن
المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)ما يلي "االلتزامات الصادرة من األشخاص األميين الدين ال
195
-قرار صدر بتاريخ 1999\04\22في الملف عدد 99\207حكم غير منشور (أشار إليه إدريس ألشبلي ص .)106
يعترفون بمضمونها ال تكون لها قيمة إال إدا حررت بواسطة موثق أو موظف عمومي
مختص.196"....
وقد كان القضاء في وقت سابق مستقر على تعريف األمي المشمول بحماية الفصل 427من
ق ل ع بأنه الشخص الذي يجهل اللغة التي حرر بها العقد ،197وقتها تعرض هدا الموقف لعدة
مآخذ ترتب عن ها اجتهاد جديد يعتبر أن األمي هو الذي يجهل مضمون الوثيقة الموقع عليها.198
وهدا األخير هو التعريف الذي استقر عليه العمل اآلن .
الدفع باألمية دفع شخصي يخص المتعاقد نفسه وهذا بخالف إنكار الخط أو التوقيع وهذا ما
ذهب إليه المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) في إحدى قراراته حيث اقر " بأن الدفع باألمية
حق شخصي ال يجوز تقديمه إال من طرف الشخص األمي وحده ،والذي شرعت له هذه الحماية
الخاصة وبالتالي ال يحق لورثته أن يتمسكوا به".199
إن مثير الدف ع باألمية هو الذي يقع عليه إثبات أميته ،فإن أفلح في ذلك يتم انتقال عبئ اإلثبات
إلى الخصم المتمسك بالورقة ،وإن عجز عن ذلك ظلت الورقة نافذة في حقه ،وهذا ما أكده قرار
صادر عن المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) الذي جاء فيه " حيث أن المجلس األعلى في
قراراته ال حديثة عدل عن مفهوم األمية بالتفاسير المعطاة له سابقا إلى قاعدة أن مجرد اإلدعاء
باألمية دون إثبات ال يمكن الحكم بمقتضاه وألن مجرد التوقيع بالبصمة في حد ذاته ال يعتبر دليال
196
قرار رقم 394بتاريخ 1996\7\4في الملف المدني عدد 66\742منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى العدد 16دحنبر 2000ص .34
197
قرار المجلس األعلى بتاريخ 1981-11-11عد 2436في الملف المدني ( 3594أشار إليه عبدا لقادر مصادر اإللتزام الكتاب األول ص86
198
قرار المجلس األعلى عدد 1908بتاريخ 2006\06\\\07في الملف المدني عدد 4-2-1\1806مجلة قرارات المجلس األعلى الجزء األول .2008
199
-قرار عدد 2646بتاريخ 2002/07/24في الملف المدني عدد 1/ 828غير منشور
على األمية" 200وهو ما سارت عليه محكمة االستئناف بالرباط إذ اعتبرت" أن األمية هي األصل
وعبء اإلثبات ينعكس على مدعيه".201
وبالتالي فاألمية تؤدي إلى استبعاد الورقة المطعون فيها إذا ما أتبث األمي أميته.
200
-قرار رقم 177صادر بتاريخ 2011/5/18في الملف المدني عدد 2008/276غير منشور.
201
-قرار صادر بتاريخ 1999/4/15في الملف المدني عدد 89/196منشور بمجلة اإلشعاع عدد 20ص 147وما يليها.
الفصل الثاني :المحرر الثابت التاريخ
في محاولة بحثنا عن التنظيم القانوني للمحرر الثابت التاريخ الحظنا انه جاء متناثرا في
202
مجموعة من المواد وفي قوانين متفرقة ومشتتة وهي المادة 4من مدونة الحقوق العينية
وباستقرائنا المتواضع لمختلف هذه المواد القانونية وغيرها التي لها عالقة بالموضوع ومع
االستعانة بمواقف رجال الفقه وآراء الباحثين اتضح لنا بأن المحرر الثابت التاريخ هو محرر له
202
-تنص المادة 4من القانون رقم 39.08المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 178.11.1الصادر في 25من ذي
الحجة 28 ( 1432نونبر )2011المنشور بالجريدة الرسمية تحت عدد 5998بتاريخ 27ذو الحجة 24 ( 1432نونبر )2011ص 5587على أنه
يجب أن تحرر تحت طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو اسقاطها وكذى
الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى
203
-تنص المادة 12من القانون رقم 18.00المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية كما وقع تعديله بالقانون رقم 106.12الصادر بتنفيذ
الظهير الشريف رقم 1.1649بتاريخ 19من رجب 27 ( 1437ابريل )2016بالجريدة الرسمسة عدد 6465من شعبان 16 ( 1437ماي )2016
ص ، 3781بأنه يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو تقلها أو تعديلها أو اسقاطها بموجب
محرر رسمي أو محرر ثابت الثاريخ يتم تحريره مهني ينتم ي إلى مهنة قانونية مناظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن.
يحدد وزير العدل سنويا الئحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود.
يجب ان يتم توقيع العقد والتأشير على جميع صفحاته من األطراف ومن الجعة التي حررته.
يتم تصحيح اإلمضاءات بالن سبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة االبتدائية التي يمارس المحامي بدائراتها
تحدد بنص تنضيمي تعريفة إبرام هذا المحرر
يحق للمكتري المتملك االنتفاع من العقار بمجرد إبرام هذا العقد.
204
-ينص الفصل 618.3مكرر مرتين من قانون االلتزامات والعقود بأنه يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير اعقد االبتدائي إبرام عقد تخصيص من
أجل إقتناء عقار في طور اإلنجاز يحرر إما في محرر رسمي أو محرر عرفي ثابت التاريخ وفق الشكل المتفق عليه من األطراف
يجوز إبرام عقد التخصيص البيانات الواردة في البنوذ 1و2و3و4و5و6و 7المنصوص عليها في الفصل 3.618مكرر أعاله.
205
-تنص المادة 4من القانون 51.00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5172بتاريخ ذي القعدة 25 ( 1424
ديسمبر )2003ص 4375بأنه يجب أن يحرر عقد االيجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من
طجرف مهن ي ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود ،وذلك تحت طائلة البطالن
يحدد وزير العدل سنويا الئحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود يقيد بالالئحة المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض طبقا للفصل
34من الظهير الشريف رقم 162.93.1الصادر في 28من ربيع األول 10 ( 1414سبتمبر )1993المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنضيم مهنة
المحاماة
يحدد نص تنظيمي شروط باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود.
يجب ان يتم توقيع العقد والتاشير على جميع صفحاته من االطراف ومن الجهة التي حررته
يتم تصحيح االمضاء ات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئس كتابة الضبط للمحكمة االبتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها
تحدد بنص تنظيمي تعريفة ابرام هدا المحرر
يحق للمكتري المتملك االنتفاع من العقار بمجرد ابرام هدا العقد كتابتها.
206
تنص المادة 3من القانون : 46.19تبرم عقود الكراء العقارات او المحالت المخصصة لالستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي وجوبا بمحرر
كتابي ثابت التاريخ
عند تسليم المحل يجب تحرير بيان بوصف حالة االماكن يكون حجة بين االطراف .
207
تنص المادة ( 8الفقرة )1من القانون : 67.12يجب ان ينجز البيان الوصفي في محرر ثابت التاريخ وان يتضمن وصف المحل بكيفية مفصلة
ودقيقة مع تجنب استعمال الصيغ من نوع حالة جيدة او حالة متوسطة.
ضوابط قانونية دقيقة لنشأته وصحته قد يصدر عن جهات حددها المشرع المغربي في المعامالت
العقارية وقد يصدر من االطراف مباشرة دون الزامية تحريره من جهة معينة.
إال أن هذا األمر غير كافي باعتبار أن المحرر الثابت التاريخ مازال تنظيمه القانوني غامضا
ومشوبا بالعديد من الفراغات وهذا ما ولد العديد من اإلشكاالت العملية والقانونية التي ترتب عنها
خالف فقهي وقضائي خصوصا حول مسألة الطبيعة القانونية لهذا المحرر ومدى اعتباره محررا
رسميا أم محررا عرفيا أم محررا من نوع خاص.
هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه ومعالجته بما يستجيب ألداة بحثنا في المباحث اآلتية
محاولة منا للتعرف عن هذا المحرر الغامض من خالل تنظيمه القانوني.
وبعد الكشف عن هذه الضوابط القانونية ارتأينا الوقوف عند مسالة تمييز المحرر الثابت
التاريخ عن المحرر الرسمي والمحرر العرفي.
إن العلة في اشتراط المشرع المغربي ثبوت تاريخ المحرر هو الرغبة في حماية الغير من
كل تواطأ في تقديم التاريخ أو تأخيره.208
و مسألة ثبوت التاريخ في مواجهة الغير حدد حاالتها الفصل 425من ق ل ع وهي كاآلتي:
من يوم تسجيل المحرر سواء كان ذلك في المغرب أو في الخارج ويقصد بالتسجيل هنا تقديم
المحرر لإلدارة المكلفة باستخالص رسوم التسجيل وهي إدارة التسجيل والتمبر التابعة لوزارة
المالية.
من يوم إيداع الورقة بين يدي موظف رسمي ( كاإلدالء بالمحرر لدى مصلحة -
المحافظة العقارية)
من يوم الوفاة أو من يوم العجز الثابت ،إذا كان الذي وقع على الورقة بصفته متعاقدا -
أو شاهدا قد توفي أو أصبح عاجزا عن الكتابة عجزا بدنيا.
209
مثال نورده لتعميم االستفادة ولتبسيط هذه الحالة أورد األستاذ عبد الكريم شهبون
كاآلتي"
" إذا شل مرض يدي شخص بعد أن وقع أو حصل له حادث بسبب مصادمة قطار أو سيارة
او سقوط طائرة نشأ عنه ما استلزم بثر يديه أو حرقها ،فإنه في هذه الحالة وجب اعتبار الورقة
التي وقع عليها هذا الشخص قبل وقوع الحادث ثابتة التاريخ أما التوقيع بالختم فإنه ممكن بواسطة
الغير"...
208
-عادل الغنوبي ،تحقيق األمن القانوني لمركز الغير في ظل ثبوت تاريخ العقد وتقييده ،أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي 25و 26نونبر 2016
بعنوان العقار والتعمير واالستثمار ،تكريما لالستاذ الحسين بلحساين .الجزء األول مطبعة المعارف الجديدة الرباط ( 2017بدون ذكر الطبعة)
الصفح)ة .403
209
-عبد الكريم شهبون ،الشافي في قانون االلتزامات والعقود ،الكتاب األول ،االلتزامات بوجه عام ،الجزء الثالث انقضاء االلتزام ،إثبات االلتزام،
وإثبات االبراء منه ،ط 2002مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص .341
من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك أو من -
طرف قاض سواء في المغرب أو في الخارج.
إذا كان التاريخ ناتجا عن أدلة أخرى لها نفس القوة القاطعة -
إذا كان التاريخ ناتجا عن التوقيع المؤمن الذي يعرف بالوثيقة بموقعها وفق التشريع -
الجاري يه العمل -
بالرجوع إلى القوانين المشار إليها سابقا ،يتضح بشكل جلي على أن المشرع المغربي حدد
الجهة المختصة بتحرير المحررات الثابتة التاريخ وهم المهنيون المفوض لهم ذلك بموجب نص
تنظيمي (أوال)و المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض ( ثانيا) ويمكن كدالك تحريره من
االطراف مباشرة في غير المجال العقاري (ثالثا)
أوال :المهنيون المسموح لهم بتحرير المحررات الثابتة التاريخ بموجب نص تنظيمي
بالرجوع لكل من القانون 51.00المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز و القانون 18.00
المعدل والمتمم بالقانون 106.12المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية ،وكذلك القانون
44.00المعدل والمتمم بالقانون 107.12اتضح لنا بأن المشرع المغربي جاء بصيغة واحدة وهي
أن ا لمحرر الثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها
قانونها تحرير العقود تحت طائلة البطالن.
يحدد وزير العدل سنويا الئحة بأسماء المهنيين المقبولبن لتحرير هذه العقود وهذه الالئحة
المتعلقة بتحديد هؤالء المهنيين سيتم تحديدها بقرار مشترك بين وزير العدل ووزير الفالحة
والوزير المكلف بالتعمير.
يحدد نص تنظيمي شروط تقييد باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود.
وما تجدر اإلشارة إليه أن هذا النص التنظيمي والالئحة المشار إليهما أعاله لم يصدرا بعد
210
وهذا ما أثار خالف حادا بشأن المهنيين الذين يجب إدراجهم ضمن هذه الالئحة
بالرجوع إلى القوانين المشار إليها وخاصة المادة 4من مدونة الحقوق العينية يستشف أن
المشرع المغربي ميز بين المحامون حينما صرح بأن المؤهل لتحرير المحررات الثابتة التاريخ
هو المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض.
ويرى أحد الباحثين أن هذه التفرقة التي جاء بها المشرع المغربي ليست في محلها وال تقوم
على أي أساس منطقي ووصفها بأنها تخصيص بدون مخصص.211
وعموما ودون الخوض في هذا الصراع الفكري فالمحامي المقبول للترافع أمام محكمة
النقض طبقا للمادة 33من قانون المحاماة هو المحامي المسجل بالجدول منذ خمس عشرة سنة
كاملة وكذلك المحا مي الذي كان مستشارا أو المحامي العام بصفة نظامية في محكمة النقض
وقدماء القضاة وقدماء أساتذة التعليم العالي ،المعفون من شهادة األهلية ومن التمرين بعد خمس
سنوات من تاريخ تسجيلهم بالجدول.
وانطالقا من هذه المقتضيات يمكن القول بان المحرر الثابت التاريخ مستثنى من مقتضيات
المادة 30من قانون المحاماة عكس المحررات العرفية الخاضعة لهذه المادة األخيرة والتي يمكن
تحريرها من جميع المحامين دون اشتراط صفة معينة.
210
-للتوسع أكثر ،أنظر سهام الفرح ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء القوانين الخاصة ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،نوقشت
بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة في السنة الجامعية 2011-2010ص .53
211
-سهام الفرح ،م س ص .48
ثالثا :االطراف
يمكن لألطراف كدالك تحرير المحرر التابث التاريخ بمقتضى ارادتهم دون الزامية تحريره
من قبل جهة معينة وهدا ما يتضح من خالل التعمق في مقتضيات الفصل 425من قانون
االلتزامات والعقود وكدالك المادة 3من القانون 49.16والمادة 8من القانون 67.12المتعلق
بالمحالت المعدة للسكنى او لالستعمال المهني
أوجبت بعض القوانين الخاصة المتعلقة بالمحرر الثابت التاريخ وخاصة مقتضيات المادة 4
من مدونة الحقوق العينية لصحة هدا المحرر أن يتم توقيعه والتأشير على جميع صفحاته.
وباستقرائنا المتواضع لهذه المقتضيات اتضح بأن المشرع المغربي ألزم المحامي بالتوقيع
على العقد المحرر والتأشير على جميع صفحاته مع األطراف المتعاقدة إضافة إلى تصحيح
إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ،والتعريف بإمضاء المحامي للعقد من لدن
رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها
أما الجهات المهنية األخرى والتي سيصدر النص التنظيمي بتحديدها ،نجد أن المشرع
المغربي ألزمها فقط بالتوقيع والتأشير على الصفحات مع األطراف دون تصحيح اإلمضاءات أمام
رئيس كتابة الضبط.
وقد أثارت هذه المقتضيات أعاله جملة من االستفسارات والمالحظات 212نوردها كاآلتي:
المالحظة األولى :بالرجوع للمادة أعاله يتضح أنها ميزت في مسألة المصادقة على -
صحة اإلمضاءات بين إمضاءات األطراف التي سيتم المصادقة على صحتها لدى السلطة المحلية
المختصة.
212
-هذه المالحظات أشار إليها عبد الرحيم فريكر ،توثيق التصرفات العقارية على ضوء مقتضيات مدونة الحقوق العينية والظهير المتعلق بالتحفيظ
العقاري ،الندوة الوطنية في موضوع األمن العقاري عدد 26منشورات مركز النشر والتوثيق القضائي بمحكمة التقض .مطبعة األمنية الرباط ( دون
ذكر المطبعة) ص 169إلى .172
أما المحامي فالتعريف بإمضائه يتقرر لدى كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس
بدائرتها ،هدا خالف لما جاء في مقتضيات القوانين الخاصة ( القانون 18.00والمعدل و 44.00
و 51.00التي تنص على إمضاءات األطراف تصحح لدى كتابة الضبط المختصة ودون إقامة أي
تمييز بين أطراف العقد والمحامي.
وهنا يتبادر إلى أذهاننا عن الجدوى من وراء فرضية تصحيح إمضاء المحامي أمام كتابة
الضبط؟
أجاب على هذا السؤال السيد المحافظ العام في دوريته عدد 353الصادرة بتاريخ 17مارس
2006التي نص فيها أنه على المحامي تصحيح إمضاءه ومراقبة شكلية توفره على األقدمية التي
تؤهله للترافع أمام محكمة النقض.
المالحظة الثانية :وهي أن المشرع المغربي وفي إطار مقتضيات المادة 4ينص على أن
األطراف تصحح إمضاءاتها أمام السلطة المحلية المختصة؟ عكس مقتضيات الفصل 73من ظهير
التحفيظ العقاري التي استخدم فيها المشرع مصطلح السلطة المختصة ؟ فما مدلول السلطة المحلية
المختصة؟
أجابنا مجددا السيد المحافظ العام في دوريته عدد 353عندما صرح بان المقصود بعبارة
السلطة المحلية المختصة هو السلطة المحلية الموجودة داخل التراب الوطني وبالتالي يمكن
للمحافظ على األمالك العقارية أن يرفظ أي تقييد صادر عن محامي مقبول للترافع أمام محكمة
النقض تمت المصادقة على صحة إمضاء أحد أطرافه أو أكثر لدى السفارات أو القنصليات
بالخارج.
من حيث التعريف :المشرع المغربي عرف المحرر الرسمي في الفصل 418من ق -
ل ع عكس ما فعل مع المحرر الثابت التاريخ الذي لم يتولى المشرع المغربي تعريفه وذلك راجع
لغموضه.
من حيث الجهة :المحرر الرسمي حدد المشرع الجهة المؤهلة حصرا لتحريره وهم -
العدول والموثقين اما المحرر ثابت التاريخ فيمكن تحريره من قبل االطراف دون الزامهم بجهة
معينة؛ وفي المجال العقاري البد من تحريره من قبل المحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض
ا و المهنيين االخرين الدين سيصدر نص تنظيمي بشانهم في بعض النصوص الخاصة.
من حيث الحجية :مبدئيا يصعب الجزم بموقف واضح فيما يتعلق بحجية المحرر -
الثابت التاريخ في ظل الغموض الذي يكتنف الطبيعة القانونية لهذا المحرر هل هو رسمي ام
عرفي أو من نوع خاص ،لكن عموما وفي هدا الصدد يقول احد الباحثين أن المحرر الثابت
التاريخ الذي يحرره المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض له قوة ثبوتية تالمس القوة
الثبوتية للعقد الرسمي ألن إنكار خط اليد ال طائل منه مادام العقد محرر من طرف المحامي ،
213
وإنكار التوقيع كذلك ال طائل منه مادامت اإلمضاءات مصادق على صحتها
لكن المعول عليه هو ان المحرر الثابت التاريخ خصوصا المحرر من قبل المحامي -
المقبول للترافع امام محكمة النقض له الحجية الرسمية في مايتعلق بالتوقيع عند ما يتم المصادقة
عليه دون المضمون الذي يخضع لحجية المحرر العرفي
213
-سفيان إدريوش ،األمن القانوني في المجال العقاري ،أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي 25و 26نونبؤر 2016بعنوان العقار والتعمير
واالستثمار م س ص .205
من حيث المسؤولية :بالرجوع للقوانين المتعلقة بخطة العدالة وتنظيم مهنة التوثيق -
نالحظ أن المشرع المغربي حدد مسؤولية الموثقين والعدول حول المحررات الرسمية التي
يصدرونها ،وهذا ما ال نجده حقيقة في القانون المتعلق بمهنة المحاماة الذي لم ينظم مسؤولية
المحامي إزاء هذا النوع من المحررات ( أي المحررات الثابتة التاريخ)
و بقراءة متأنية لهذا التعريف يتضح أن الورقة العرفية تختلف في بعض االحيان عن المحرر
الثابت التاريخ في الجهة ،بمعنى انه في بعض القوانين الخاصة كالمادة 4مثال حدد المشرع الجهة
المسموح لها بتحرير هدا المحرر تحت طائلة البطالن وهم المحامون المقبولون للترافع امام
محكمة النقض ،لكن هدا يصدق فقط في المجال العقاري ،فمثال في المادة 3من القانون 49.16
والمادة 8من القانون 67.12نص المشرع على المحرر الثابت التاريخ دون الزامية تحريره من
قبل جهة معينة.
هذا الغموض راجع باألساس للنزاع التشريعي الذي نجم عنه العديد من التأويالت حول
طبيعة المحرر الثابت التاريخ في كل من أوساط الفقه والقضاء
214
-عبد الكريم شهبون ،الشافي في شرح قانون االلتزا مات والعقود ،الكتاب األول االلتزامات بوجه عام الجزء الثالث،انقضاء االلتزام وإثبات البراءة
منه .ط 2002مطبعة النجاح الجديدة ص .322
المطلب األول :االتجاهات الفقهية والقضائية حول طبيعة المحرر الثابت التاريخ
باستقرائنا البسيط للنقاش المتداول حول طبيعة المحرر الثابت التاريخ في كل من أوساط الفقه
والقضاء اتضح لنا بأن هذا األخير ( أي الفقه والقضاء) انقسم على نفسه إلى مجموعة من
اال تجاهات فمنهم من يعتبر المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام
محكمة النقض محررا رسميا ( الفقرة األولى) ومنهم من يعتبره محررا عرفيا (الفقرة الثانية) بين
هذا الرأي وداك ظهر اتجاهين األول :متذبذب بين االعتراف للمحرر الثابت التاريخ بالصفة
الرسمية أو العرفية (الفقرة الثالثة) واتجاه أخر يرى بأن المحرر الثابت التاريخ وسط بين المحرر
العرفي والمحرر الرسمي أي أنه محرر من نوع خاص ( الفقرة الرابعة)
وسنحاول قدر اإلمكان الوقوف على كل هذه اآلراء مع ابراز موقفنا الشخصي منها ( الفقرة
الخامسة) آملين في استجالء الغموض الذي يكتنف هذا النوع من المحررات.
ذهب اتجاه من الفقه المغربي 215إلى أن المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي المقبول
للترافع أمام محكمة النقض محرر رسمي ،باعتبار أن المحررات الصادرة عن هذا األخير ينطبق
عليها ما ورد في الفصل 419من ق ل ع
ونفس التوجه سارت عليه المحكمة االبتدائية ألكادير في أحد أحكامها 216الدي جاء فيه :حيث
أن الدعوى تهدف إلى الحكم بما هو مسطر في المقال االفتتاحي وحيث من الثابت من مقتضيات
المادة 274من م ح ع أنه يجب تحت طائلة البطالن أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي ،وحيث
أن المادة 4من نفس القانون أوجبت أن تحرر تحت طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل
الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى ،أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو
محرر ثابت التاريخ ،يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص
215
-محمد بلهاشمي التسولين المحامي وتحرير العقود ،سلسلة القانون في خدمة المجتمع 13المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ط األولى ،2006
الصفحة .67
216
-حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية بأكادير بتاريخ 2013 / 09 / 12عدد 32الملف رقم ( 12/ 266غير منشور)
قانون خاص على خالف ذلك ،...وحيث إن قانون االلتزامات والعقود قد حدد مفهوم الورقة
الرسمية في المادة 418منه باعتبارها ورقة يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية
التوثيق في مكان تحرير العقود وحيث أن المادة 4من م ح ع أوكلت للمحامي اسوة مع باقي
المخولين لهم حق التوثيق صالحية تحرير العقود كيف ما كان نوعها وتهدف إلى نقل الملكية أو
إنشاء حقوق عينية ،حيث أن المادة 418من ق ل ع حددت مفهوم وطبيعة الورقة الرسمية في
الورقة المحررة ممن وكل لهم المشرع صالحية التوثيق ،حيث أن ما اسماه المشرع في المادة
الرابعة المذكورة أعاله عند قوله ... ":أو محرر ثابت التاريخ محرر من طرف محامي"
وفق الشكليات المحددة في المادة أعاله فإنه لم ينزع عنه الصفة الرسمية من حيث قوتها
وحجيتها خاصة وأنه ثم التعريف بإمضاء المحامي محرر العقد من لدن رئيس كتابة الضبط
بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها فضال من ذلك فإن الرسمية هي ثابتة للمحرر المنجز لكل
ممن أوكل لهم صالحية توثيق العقود وإبرامها ،وحيث أنه وتأسيسا على التعليالت أعاله يبقى عقد
الهبة المنجز من طرف األستاذ ( )...بتاريخ 31 /07/ 2012والتي جاءت نظامية ووفق الشكليات
المقررة على المادة 4من م ح ع عقدا ومحررا رسميا ،وأن ما جنح إليه المدعى عليه في رفضه
تقييد عقد الهبة في سجالت المحافظة العقارية بأكادير غير مبني على أساس قانوني وتبقى بالتالي
دعوى المدعي مؤسسة تأسيسا صحيحا وقانوني ويتعين االستجابة له في جميع منطوقها".
يرى هذا االتجاه بأن المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام
محكمة النقض ال يخرج عن نطاق المحررات العرفية ،بعلة أن الرسمية تستلزم صفة موظف
عمومي مؤهل قانونا لتحرير مثل هذه العقود والمحامي ال يتوفر على هذه الصفة.
ونفس االتجاه صار عليه احد الباحثات التي عبرت قائلة :ان الصيغة العرفية تضل لصيقة
بالعقود المحررة من قبل المحامى مادام المشرع في الظهير المنظم للمهنة القديم ( يقصد مهنة
المحاماة) سماها عرفية وأن القانون الجديد سكت عن إضفاء الرسمية عن هذه والعقود وهو
الموقف الراجح في نظره ألن كتابة العقد بالنسبة للمحامي في اطار القوانين الخاصة مرهون
بتصحيح اإلمضاءات لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها
وهذه الصفة مرتبطة بالعقود العرفية ال الرسمية.
217
بان العلة التي تجعل المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي وتضيف نفس الباحثة
المقبول للترافع أمام محكمة النقض غير رسمي راجع لقانون المحاماة الذي لم يتولى تنظيم
الضوابط القانونية التي يجب مراعاتها عند تحرير العقود من طرف المحامي وعدم اإلشارات
للبيانات الضرورية كأسماء األطراف والشهود عكس ما نجده في التوثيق العدلي والعصري.
218
أن الدقة القانونية والسير مع وقريبا من هذا االتجاه يرى األستاذ عبد الكريم الطالب
المبادئ العامة تفرض التمييز بين المحرر الرسمي والعرفي وبالتالي فالمحرر الثابت التاريخ
الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض قصد به المشرع المغربي المحرر
العرفي لكن مع إضافة بعض الخصوصيات كضرورة كتابة العقد من قبل المحامي وتوقيعه
والتأشير عل جميع صفحاته ثم التعريف بإمضائه لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي
يمارس المحامي بدائرتها.
وفي هذا التوجه سارت محكمة االستئناف بأكادير في أحد قرارتها 219التي جاء فيها " وحيث
بذلك وأعمال منطق المقارنة القانونية على العقد المدلى به من طرف المستأنف عليهم ،فإن خلو
عقد الهبة موضوع الدعوى المنجز من قبل المحامي من هذه األوصاف والشروط يجعله محررا
عرفيا ثابت التاريخ بحسب تعريف المادة 4من م ح ع ويسري عليه ما يسري على األوراق
العرفية ا لتي أورد النص عليها في ق ل ع من حيث الطبيعة والحجية والقابلية للطعن بالزور
الفرعي ،ويكون بذلك ما تمسك به المستأنف عليهم لتسجيل عقد الهبة في الرسم العقاري إستنادا
على المادة 4من مدونة الحقوق العينية في غير محله ومخالف للقانون الواجب التطبيق على
النازلة والمستخلص من المادة 274من م ح ع والتي توجب تحرير عقد الهبة في محرر رسمي
220
ال غير"...
217
-سهام الفرح ،م س ص .52
218
-عبد الكريم الطالب .توثيق اإليجار المفضي غلى تملك العقار ،ندوة توثيق التصرفات العقارية ،منشورات كلية الحقوق ،مركز الدراسات القانونية
المدنية والعقارية ،مراكش .ط 2005 2ص .155
219
-قرار رقم 170/12صادر عن الغرفة العقارية بمحكمة االستئناف بأكادير بتاريخ 12/11/2013قرار غير منشور.
220
هدا القرار هو نقض للحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية الكادير وقد اشرنا اليه سابقا عند الحديث عن االتجاه المتشبت برسمية المحرر التابت
التاريخ المحرر من قبل المحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض
الفقرة الثالثة :المحرر الثابت التاريخ بين الرسمية والعرفية
هذا االتجاه يتزعمه األستاذ محمد الشيلح 221الذي عرف موقفه تذبذبا بين اعتبار المحرر
الثابت التاريخ محررا رسميا أو محررا عرفيا ،فقد عبر بأن المحرر الثابت التاريخ هو محرر
عرفي إذا ثم االستناد على مرجعية المنطق القانوني والمبادئ العامة ،وهو محرر رسمي إذا ثم
االستناد على مرجعية المصلحة سواء بالنسبة لألطراف المتعاقدة أو المهني المحرر للعقد وذلك
العتبار وجيه وهو تدخل الدولة في تحديد الجهات المكلفة بتحريرها.
222
الذي اعتبر المحرر الثابت التاريخ ونفس التذبذب نالحظه في موقف احد الباحثين
الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض هو محرر عرفي لكن بإجراءات وشكلية
خاصة ،باعتبار أن له قوة ثبوتية تقترب من القوة الثبوتية للعقد الرسمي ،بحجية أن إنكار خط اليد
ال ينفع هنا مادام العقد محررا من طرف محامي ،وإنكار التوقيع كذلك ال طائل منه مادامت
اإلمضاءات مصادق على صحتها .
221
محمد الشيلح :قراءة ميتودولوجية للكراء المفضي الى تملك الربع المبني في ضوء القانون رقم 51.00المتعلق بااليجار المفضي الى تملك العقار ،
منشور بمجلة االمالك العدد االول سنة 2006ص 44
222
-سفيان دريوش .األمن القانوني في المجال العقار ي أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي 26-25نونبر 2016بعنوان العقار والتعمير واالستثمار،
تكريما لألستاذ بلحساني الحسين الجزء االول مطبعة المعارف الجديدة الرباط 2017ص .205-204
223
-مداخلة ألستاذنا حسن اسكتي تحت عنوان
L’acte d’avocat l’emergence d’une nouvelle catégorie d’actes juridues dans le domaine immobilier
ضمن فعاليات الدورة الثانية أليام القانون المقارن المغربي البرتغالي ،حول موضوع النشاط التوثيقي في المغرب والبرتغال المنظم من قبل كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية – إبن زهر أكادير بتعون مع معهد مانويل تكسيرة بيورتيما والبرتغالية بقاعة الندوات بتاريخ الخميس 29ماي
.2014
224
الذي اعتبر أن محرر المحامي ليس ونفس التوجه تقريبا سار عليه بعض الفقه الفرنسي
بمحرر رسمي ألنه غير خاضع لرقابة السلطة العامة وليس بمحرر عرفي ألنه غير خاضع
لسلطان إلرادة األطراف في تحريره.
إن المحرر الثابت التاريخ في منظورنا الشخصي ليس بمحرر رسمي وال بمحرر من نوع
خاص ،ويمكن القول أننا نؤيد التوجه القائل بأن المحرر الثابت التاريخ سواء المحرر من قبل
المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض او المحرر من قبل االطراف هو محرر عرفي.
وحجتنا في أن المحرر ثابت التاريخ ليس بمحرر رسمي تستند على مدلول الورقة الرسمية
وفق منظور الفصل 418من ق ل بحيث يشترط فيها وفق هذا الفصل مجموعة من الشروط والتي
ال نجدها لدى المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض وهي كالتالي:
الورقة الرسمية تصدر عن موظف عمومي والمحامي ليس بموظف عمومي ولم -
تفوض له الدولة صراحة مهمة تحرير المحررات الرسمية كالعدول والموثقين.
أن يكون الموظف العمومي مختصا في تحرير الوثيقة الرسمية ،وبالرجوع للقانون -
المتعلق بمهنة المحاماة ،يتضح أن المشرع لم يخول للمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض
صالحية إضفاء الرسمية على العقود ،بل نجده سكت عن األمر لذلك ال يمكن التوسع في ظل هذه
المقتضيات في تفسير النص ألن األصل هو أن المحامي كيف ما كانت صفته ليست له صالحية
تحرير المحررات الرسمية.
أن تحرر الوثيقة وفق الشكل المحدد قانونا وإذا ما عدنا لقانون المحاماة سيتضح بأن -
هذا األخير لم ينظم كيفية ثوتيق المحررات من قبل المحامي كما هو الحال في إطار القانون
224
-intervention de patrik michaud. « nantes 21 octobre 2011. La nature juridique de l’acte d’avocat. Convention
de nantes octobre 2011.
16.03و 32.09وهذا ما يجعلنا نقول بأن تحرير العقود ليس إال من المهام العارضة للمحامي،
ألن مهامه األصلية تكمن في تمثيل موكليه ومؤازرتهم لدى المحاكم في مختلف الجهات اإلدارية.
إضافة إلى كل هذه االعتبارات فالمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض لم يتم تنظيم
مسؤوليته إزاء المحررات الثابتة التاريخ التي يحررها بمقتضى النصوص الخاصة كما هو الحال
بالنسبة للعدول والموثقين.
وفي منظورنا الشخصي فالمسؤولية هي أهم مبرر في عدم اضفاء الحجة الرسمية على
المحرر الثابت التاريخ (خصوصا عند الحديث عن المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي
المقبول للترافع امام محكمة النقض) وبالتالي يمكن الجزم بأن المحرر الثابت المحرر من قبل
المحامي المقبول أمام محكمة النقض ليس بمحرر رسمي.
اما انصار الرأي الدين صرحوا بان المحرر الثابت التاريخ هو محرر من نوع خاص ،ورغم
وجاهة رأيهم إال اننا ال نتفق معهم ،الن الدقة القانونية تقتضي اعتماد تقسيم تنائي للعقود المكتوبة
ــــ عقود رسمية او عرفية ـــ. 225
وبالتالي يمكن القول ان المحرر الثابت التاريخ المنصوص عليه سواء في قانون االلتزامات
والعقود او النصوص الخاصة ال يعتبر ال محرر رسمي وال من نوع خاص بل هو محرر عرفي .
وباستقرائنا للفصل 425من قانون االلتزامات والعقود وكدالك النصوص الخاصة المشار
اليها يمكن القول ان المحرر الثابت التاريخ ينقسم الى قسمين :
النوع االول :محرر عرفي تابت التاريخ مع الزامية تحريره لزوما من قبل جهة خاصة
كالمحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض
النوع الثاني :محرر عرفي تابت التاريخ خاضع لسلطان ارادة االطراف ،بمعنى انه يمكن
تحريره مباشرة من قبل االطراف طبقا لمقتضيات الفصل 3من القانون 12،49والمادة 8من
القانون 67.12او اخضاعه للفصل 425من ق ل ع .
225 225
-عبد الحق صافي ،بيع العقار في طور اإلنجاز وتحليل نصوص القانون 44.00الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص .129
ونظيف إلى أن الغاية الحقيقة التي دفعت المشرع المغربي في إطار القوانين الخاصة المشار
التنصيص على مصطلح المحرر الثابت التاريخ هو الرغبة في حماية إليها آنفا على
المعامالت والغير(الدائنين) وهذا توجه محمود من المشرع يسعى من خالله إلى استقرار
المعامالت العقارية بالخصوص وحماية المراكز القانونية في قالب شكلي آخر وهو المحرر الثابت
التاريخ في أفق تعميم الرسمية على جميع المعامالت العقارية بصفة خاصة والمالية بصفة عامة.
وقد جاء في إطار المادة 274من مدونة الحقوق العينية أن الهبة تنعقد باإليجاب والقبول،
ويجب تحت طائلة البطالن أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي.
وبالتالي يتضح ان المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض أو باقي
المهنيين الذي سيصدر نص تنظيمي بشأنهم ،في ما يتعلق بالهبة هو باطل ،ألن محرر المحامي
المقبول للترافع أمام محكمة النقض وال باقي المهنيين ليس بمحرر رسمي.
وحجتنا في ذلك أنه بموجب التعديل األخير و الذي جاءت به المادة 12من قانون الملكية
المشتركة للعقارات المبنية بمقتضى القانون 106.12في آخر هذه المادة
أنه تطبق مقتضيات هذه المادة مع مراعاة المقتضيات التي تنص على إلزامية تحرير بعض
العقود في شكل رسمي .وهذا في نظرنا دليل ضمني أن المشرع يميز بين المحرر الر سمي الذي
يقصد به المحرر الذي يحرره العدول والموثقين والمحرر الثابت التاريخ الذي يحرره المحامون
المقبولون للترافع أمام محكمة النقض وباقي المهنيين.
وكأن المشرع يقول بلسان حاله بأنه متى تعلق األمر بهبة تتعلق بالملكية المشتركة فيجب
استثناءا الخيار الموجود في المادة 12المتعلق بإمكانية تحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل
الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها في محرر رسمي أو
محرر ثابت التاريخ.
وقد عرفها المشرع المغربي بموجب المادة 265من م ح ع على أنه :عقد يعطي بموجبه
مالك أرضه آلخر ليغرس فيها على نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من األرض والشجر يستحقها
الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام.
226
-محمد بن معجوز :الحقوق العينية في الفقه االسالمي و التقنين المغربي ،طبعة 2015مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص .329
وقد جاء في إطار المادة 268من نفس القانون بأنه" يجب أن يبرم عقد المغارسة في محرر
رسمي ،ويشترط لصحته أن يعين نوع الشجر المراد غرسه ويبين حصة الغارس في األرض وفي
الشجر.
وقد جاء في إطار المادة 106من نفس القانون بأن العمرى تنعقد باإليجاب والقبول ويجب
أن تحرر تحت طائلة البطالن في محرر رسمي
وبالتالي يتضح مجددا بان المحرر الثابت التاريخ ال مكان له في هذه العقود عكس المحرر
الرسمي.
ومن بين الشروط األساسية لصحة الرهن الحيازي تحريره في محرر رسمي تطبيقا
لمقتضيات المادة 147من مدونة الحقوق العينية.
الكتاب الثاني :اثار االخالل بأحد أسس صحة المحرر
الرسمي للموث ق العصري.
يترتب عن االخالل بأحد الدعامات التي استوجبها المشرع لقيام المحرر الرسمي للموثق
على أكمل وجه عدة اثار تتنوع بتنوع مظهر ذلك االخالل .وترتيبا على ذلك فان األمر يؤدي
الى بطالن المحرر وفقدان حجيته أو انتقاصها على األقل (الباب األول) خصوصا اذا علمنا أن
المحرر الرسمي ال يطعن فيه اال بالزور (الباب الثاني) وترتيب المسؤولية على ذلك (الباب
الثالث).
وال يكون الموثق أهال لمزاولة مهامه ،إال بعد تعيينه ،ويتم ذلك بواسطة قرار لرئيس
الحكومة باقتراح من وزير العدل ،229،وعليه فإنه يجب أن يكون الموثق ،وهو يحرر العقد ،أهال
لمزاولة التوثيق ،فإذا تم اتخاد قرار بالتوثيق في حقه ،وبلغ به ،عليه ان يتخلى عن مزاولة أي
228
-محمد الربيعي :األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم ،الطبعة الثانية مكتبة المعرفة ،مراكش 2015 ،ص .45
229
-تنص المادة 10من القانون رقم 32.09على ما يلي :يعين الموثق ،ويحدد مقر عمله بقرار لرئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل ،بعد إبداء
اللجنة المنصوص عليها في المادة 11لرأيها،
عمل ،من أعمال المهنة ،وإذا صدر في حقه قرار بالعزل وجب عليه االمتناع عن ممارسة
230
التوثيق ،وعدم وصف نفسه بصفة موثق عند تبليغه بهذا القرار.
وفي حالة مخالفته لهذه المقتضيات فإن المحرر الذي يتم بواسطته يكون باطال كمحرر
رسمي مالم يضمن جميع توقيعات األطراف ،حيث تبقى له قيمة المحرر العرفي ،وهذا مانصت
عليه المادة 49من القانون رقم ، 32.09أما إذا تم في الفترة الفاصلة بين صدور القرار وتبليغه
إليه ،فال يكون لذلك أي أثر المحرر ،حيث يبقى صحيحا شريطة توافر حسن النية لدى االطراف
اي ال يكونوا عالمين بالقرار المتخد في حق الموثق والسالب لألهلية .231أي أنه ال يترتب عن
المحرر البطالن شريطة قيام حسن النية لدى األطراف.
وتبعا لما سلف ذكره نجد أن المادة 49نصت في فقرتها الثانية على البطالن المنصوص
عليه في الفقرة األولى من نفس المادة يسري على العقد الذي تلقاه الموثق الموقف والمعزول ،أي
الذي فقد أهليته لممارسة ذلك ،وفي هذا الصدد نجد المادة 73في فقرتها األولى قد أشارت إلى
السبب في التوقيف للموثق وعزله عندما نصت على انه" يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل
موثق خالف النصوص القانونية المنظمة للمهنة ،أو أخل بواجباته المهنية ،أو ارتكب أعماال تمس
بشرف المهنة أو اإلستقاللية أو التجرد او األخالق الحميدة أو اعراف وتقاليد المهنة" وبعدها نجد
ان المادة 232 75عرفت بالعقوبات التأديبية والتي يدخل ضمن نطاقها اإليقاف والعزل وتبعا لذلك
يمكن إدراج ضمن مخالفة النصوص القانونية المنظمة للمهنة أو اإلخالل بالواجبات المهنية ،أو
المس بشرف المهنة واإلستقامة والتجرد واألخالق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة كل من حاالت
التنافي المنصوص عليها في المادة 4من هذا القانون وكذا مخالفة احتفاضه ( الموثق) بالمبالغ
المالية المودعة لديه او هتكها كما نصت على ذلك المادة 33او تقاضيه اكثر من أتعابه وغير ذلك
فإنها كلها تعرض الموثق إلى إمكانية توقيفه أو عزله وبالتالي يترتب عن تحريره للعقود بعد ذلك
بطالنها.
230
--المادة 85من القانون رقم 32.09المنظم لمهنة التوثيق.
231
-سليمات مرقس ،الوافي في شرح القانون المدني ،أصول اإلثبات وإجراءاته في المواد المدنية ،المجلد األولن الطبعة الخامسة دار النشر للطباعات
المصرية القاهرة ،صفحة
232
-تنص اللمادة 75من القانون رقم 32.09أن العقوبات التأديبية هي :
-اإلندار
التوبيخ
اإليقاف
العزل
ومن االسباب التي تسلب الموثق أهليته كذلك ،ما نصت عليه المادة 30من القانون رقم
32.09حيث منعت على الموثق تلقي العقود في حالتين:
إذا كان للموثق أو لزوجه أو ألصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير
مباشرة في العقد.
إذا كانت هناك قرابة أو مصاهرة بين الموثق لو بين زوجه أو ألصوله أو لفروعه مع
أحد األطراف إلى الدرجة الرابعة .بإدخال الغاية وفي هذا الصدد نجد محكمة النقض الفرنسية في
قرارها الصادر بتاريخ 3ماي 1978قضت بعدم أهلية الموثق للقيام برهن لمصلحة شركة لكون
233
أحد شركائها من أقاربه
كما منعت المادة 31من نفس القانون على الموثقين المشاركين اللذين يزاولون عمهم في
نفس المكتب أن يتلقوا العقود التي يكون أحدهم او زوجه أو أحد اقاربهم او أصهارهم إلى الدرجة
الرابعة بإدخال الغاية طرفا فيها .وعليه في حالة مخالفة الموثق للمقتضيات الواردة في المادتين 30
و 31المذكورتين ،فإن العقد الذي حرره يعد باطال في حدود رسميته ،لتبقى له حجة المحرر
العرفي بتضمين االطراف توقيعاتهم به .كما أضافت المادة 32أنه ال يجوز أن يكون شاهدا في
العقود التي يتلقاها الموثق زوجه أو أقاربه أو زوج أو أقارب أطراف العقود إلى الدرجة المذكورة
في المادة 30وكذا المتمرنون بمكتبه وأجراؤه ،ومن باب أولى ال يجوز للموثق أن يكون طرفا في
العقد الذي يتلقاه سواء نفسه أو بواسطة وكيل ففي تلك األحوال فإن الموثق يفقد أهليته للتوثيق وذلك
دفعا لفطنة المحاباة والتأثير وتحقيقا لمبادئ النزاهة والتجرد ويكون كل عقد تم تلقيه وفقا للشكل
234
الرسمي باطال
233
-قرار محكمة النقض الفرنسية رقم 137الصادر بتاريخ 3ماي 1978بالغرفة المدنية االولى ،أشار إليه محمد ربيعي مرجع سابق ص .45
234
اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للثوتيق على ضوء القانون رقم 32.09والعمل القضائي التي احتضنتها مدينة مراكش يومي
2و 3نونبر - 2017بوشعيب البوعمري :مذاخلة في موضوع البطالن في الممارسة التوثيقية
1925الملغى نجد أنه أعطى للدولة مطلق الصالحية لتعيين مقر الممارسة والعمل بالنسبة للموثق
العصري ويتجلى ذلك بوضوح عند تصريحها" يعين أيضا محل إقامتهم بظهير شريف " ويتبين
من سياق هذا الفصل أن الموثق العصري يضطلع بمهامه إما في دائرة محكمة اإلستئناف أو في
نطاق نفوذ المحكمة اإلبتدائية حسب المحكمة المتواجد فيها مقر عمله ،غير أنه قد تنبه واضعوا
القانون رقم 32.09للقصور الذي يمس جانب اإلختصاص المكاني للموثق ،فتولت المادة 12حسم
235
بالقول " يمارس الموثق مهامه بمجموع التراب المسألة في إتجاه إقرار مبدأ إستئنافية اإلشهاد
الوطنيي غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع األطراف خارجا عن مكتبه واستثناءا يمكن
للموثق تلقي تصريحات أطراف العقد والتوقيع على العقود خارج مقر مكتبه ،وذلك بإذن من رئيس
المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين بدائرتها" واستناذا لذلك فإن
العقود التي يتلقاها الموثق وكذا توقيعات األطراف خارج مقر مكتبه ،دون إذن من رئيس المجلس
الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين بدائرتها يعرض هذا العقد أو المحرر
للبطالن وهذا استنادا لما جاء في مستهل الفقرة الثانية من الفصل 49والذي تدلي بأنه تسري نفس
مقتضيات البطالن المنصوص عليه في القفقرة األولى من المادة 49نفسها في حالة تلقي موثق
عقدا خارج مكتبه خالفا للمادة 12ومقتضياتها وعليه فإنه إذا خالف الموثق هذه المقتضيات ولم
يحترم اختصاصه المكاني المحدد له ،وتلقى إتفاقات وتوقيعات لألطراف خارج مكتبه فإن العقد
الذي تلقاه سيكون باطال كعقد رسمي وال تبقى له إال قيمة العقد العرفي ،إذا تضمن فعال توقيعات
جميع األطراف.236
غير أنه يبقى السؤال المطروح ما مصير العقد عند مخالفة الموثق للفقرة الثانية من المادة
37التي توجب على الموثق اسداء النصح لألطراف علما بأن المادة 49أحالت على إمكانية
بطالن المحرر الرسمي للموثق في حالة مخالفة مقتضيات المادة ،37والتي يوجد بها إلى جانب
التؤكد من هوية االطراف إسداء النصح؟
لإلجابة على هذا السؤال فإنه البد من الرجوع إلى أن النصح يعتبر من النظام العام حيث ال
يجوز مخالفته والمالحظ على أن بعض الموثقين المغاربة يحاولون بدورهم التحلل من واجب
235
-عبد المجيد بوكيرـ الثوثيق العصري المغربي دراسة في مشروع قانون رقم 32.09وباقي القوانين ذات الصلةن الطبعة الثانية 1430ه الموافق
2010طبعة مزيدة ومحينة ص .84-86
236
-محمد ربيعي ،مرجع سابق ص 48
إسداء النصح وذلك يجعل عقودهم تتضمن بنودا تعفيهم من ذلك غير مدركين أن مصيرها
البطالن.237
237
-محمد ربيعي م س ص .55
238
-محمد ربيعي مرجع سابق ص 69
239
-الفقرة األولى من المادة 36من القانون رقم 32.09
240
-محمد ربيعي م س ص 70
241
-بوشعيب البوعمري م س
37بشأن بطالن المحرر الرسمي هذه األخيرة التي جاء بها يتحقق الموثق تحت مسؤوليته من
هوية االطراف كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم وأن يوضح لهم
األبعاد واآلثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها" وعليه فإنه يترتب عن مخالفة هذه
المقتضيات بطالن المحرر الرسمي ،ألن ما تضمنته المادة 36من أسماء كاملة لألطراف بما فيها
األب واألم وباقي الموقعين على العقد ،هي في حد ذاتها هوية لألطراف ،ومن البيانات الجوهرية،
242
أما اذا ما تخلفت بيانات وهذا البطالن يمس رسمية العقد بحيث تبقى له قيمة العقد العرفي.
ثانوية فقط فان ال يطاله البطالن.
إضافة إلى شكلية التؤكد من هوية األطراف تحت طائلة البطالن للمحرر الرسمي ،نجد إلى
جانبها الشكلية المتعلقة بلغة العاقدين ،وبالرجوع للمادة 49من القانون 32.09نجدها أحالت إلى
أن مخالفة مقتضيات المادة 40يوجب البطالن ،حيث جاء في هذه األخيرة من خالل فقرتها
الثانية" إذا كان أحد األطراف يجهل اللغة التي حرر بها العقد يشهد عليه الموثق بذلك ويجب عليه
في هذه الحالة تطبيق أحكام المادة ،" 38فقد يحدث أحيانا أن يكون أحد األطراف ال يعرف اللغة
التي حرر بها العقد ،ولهذا فإن القانون 32.09قد اشار إلى هذه الحالة ووضع لها جملة من
243
حيث اشترطت المادة 38من القانون المذكور اإلجراءات لحماية مثل هؤالء األشخاص.
ضرورة اإلستعانة بترجمان مقبول لدى المحاكم ،وفي حالة عدم وجود ترجمان يمكن للموثق
اإلستعانة بكل شخص يراه أهال بهذه المهمة ،شريطة أن يحضى هذا االخير بموافقة المعني
بالترجمة.
242
-محمد ربيعي م س ص .73
243
-محمد ربيعي م س ص .73
شريكه او زوج أو أقارب أطراف العقود إلى الدرجة المحظورة في المادة 30وكذا المتمرنون
بمكتبه وأجرائه"
وعليه فإنه تجدر اإلشارة إلى أن مخالفة المقتضيات الواردة في المادة 32و 39من القانون
المذكور تجعل العقد باطال كمحرر رسمي .وتبقى له قيمة العقد العرفي إذا كان يحمل توقيعات
االطراف ،244وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 49من قانون .32.09
أما بخصوص البيانات المتعلقة بالشهود ،والواجب ذكرها في العقد ،فهي أسماءهم،
245
وقد اشترط المشرع تحت ومحل إقامتهم ،ومهنتهم والمعلومات الخاصة ببطاقتهم الوطنية
طائلة البطالن ان يشار في آخر العقد إلى االسم الكامل للشاهد مع توقيعه .ويشير الفقيه ،أحمد
نشأت في هذا الشأن إلى ان الهدف من وجود الشاهدين هو اإلشهاد على موافقة األطراف على ما
246
تضمنه المحرر من بيانات وشروطه.
اما فيما يخص األوضاع الخاصة بالترجمان والتي يجب تواجدها تحت طائلة البطالن ،فإننا
نجد صداها في المادة 38من القانون 32.09التي احالت عليها المادة 49من فقرتها الرابعة،
والتي جاء بها (المادة )38بفقرتها الثانية "يشترط في الترجمان أو الشخص المستعان به أال
يكون شاهدا او له مصلحة في العقد"
وعليه فإنه عند انتهاء الترجمان ،من مهمته ،عليه ان يشير إلى اسمه ،ويوقع العقد ،الذي
شارك في إنشاءه ،وذلك تحت طائلة البطالن 247تطبيقا لمقتضيات المادة .43
ونفس التوجه سار عليه القضاء المغربي في اعتبار العقد الذي تنقصه توقيعات أحد
األطراف باطل وهو ما أكده القرار االستئنافي الصادر عن استئنافية الرباط والذي ادان الموثق
من اجل المخالفة لكونه أقدم على تحرير عقد بيع بخصوص شقتين رقم 9و 10وتسلم من
المشتري اتعابه ومصاريف التسجيل والتحفيظ بالنسبة للشقتين معا قبل ان يتأكد من توقيع البائع
249
على العقد الخاص بالشقة رقم 10بإقراره.
وعليه فإن المشرع المغربي رتب على تخلف األسماء الكاملة وتوقيعات األطراف إزاء
البطالن احتفاظه فقط بصفته كمحرر عرفي إذا تضمن توقيع األطراف.
وإذا كان الموثق ملزما بالتحقق من هوية األطراف إال انه قد يحدث احيانا ان يكون احد
األطراف ال يعرف اللغة التي حرر بها العقد مما يتعذر معه عملية التلقي لذا فإن قانون 32.09
أشار إلى هذه الحالة ووضع لها جملة من اإلجراءات لحماية مثل هؤالء األشخاص حيث ألزم
المشرع الموثق لالستعانة بترجمان مقبول لدى المحاكم أما إذا تعذر وجوده فإنه يمكنه االستعانة
248
-محمد الربيعي م س ص 74
249
-محكمة االستئناف الرباط قرار بتاريخ 2009/11/19تحت عدد 128في الملف رقم 114/2008/ 3منشور بمجلة القانون واألعمال.
بكل شخص يراه أهال لهذه المهمة شريطة أن يحظى هذا األخير بموافقة الطرف المعني
بالترجمة ،250وعند انتهاء الترجمان من مهمته عليه ان يشير إلى اسمه ويوقع العقد الذي شارك
في إنشائه تحت طائلة بطالن هذا العقد ،وبالتالي يفقد هذا األخير الصبغة الرسمية وتبقى له إال
قيمة العقد العرفي إذا كان يتضمن توقيع األطراف.
أما فيما يتعلق بالشهود فإن المشرع المغربي اشترط في هؤالء أن يتم ذكر أسمائهم والتاكد
من هويتهم ،ويترتب على عدم اإلشارة إلى االسم الكامل للشاهد وتوقيعه بطالن العقد.
إلى جانب توقيع األطراف والترجمان والشهود يوقع الموثق فور آخر توقيع مع خاتمه.
وعموما يمكن القول بان إغفال تذييل أصول العقود باألسماء الكاملة وتوقيعات األطراف
والترجمان والشهود ثم الموثق وخاتمه يترتب عليه بطالن العقد.
يكتب تاريخ وساعة توقيع األطراف والموثق باألرقام والحروف والمالحظ أن الفصل 14
من القانون 25فانتوز من القانون الملغى لم يكن يشير إلى المكان الذي ينبغي ان يرد فيه توقيع
251
األطراف بخالف القانون الجديد الذي حدد ذلك في كل صفحة من صفحات العقد.
250
-محمد الربيعي م س ص 74
251
-محمد الربيعي م س ص .75
وعليه فإن البيان المتعلق بتاريخ التوقيع يعتبر من البيانات الجوهرية لكونه يحدد الوقت
الذي وضع فيه كل طرف توقيعه وكذا تاريخ توقيع الموثق االمر الذي يؤدي الى فض الكثير من
252
المنازعات لذلك يجب ذكره بكل دقة باالرقام والحروف وبالسنة واليوم والساعة وعدم إغفاله
ويلعب تاريخ التوقيع دورا هاما في معرفة محررات التي تمت من قبل الموثق رغم علمه
بقرار العزل أو التوقيف وكذلك معرفة متى أصبح العقد رسميا والهمية تاريخ التوقيع رتب
المشرع على التخلف هذا البيان بطالن محرر رسمي مع احتفاظه بحجية المحرر العرفي إذا
تضمن توقيعات األطراف.
"إذا كان أحد األطرف ال يحسن التوقيع فإنه يضع بصمته على العقد ويشهد عليه الموثق
بذلك وإذا تعذر عليه التوقيع واإلبصار فإن الموثق يشهد عليه بذلك بمحضر شاهدين".
يتبين من هذه المادة اآللية الواجبة االتباع في حالة إذا أحد األطرف ال يحسن التوقيع حيث
يضع بصمته على العقد ويشهد عليه الموثق بذلك أما إذا تعذر على أحد األطرف التوقيع
واإلبصام فان الموثق في هذه الحالة يشهد بذلك بمحضر شاهدين ،وقد كان دور الشهود في ظل
ظهير 4مايو 1925الملغى يرمي إلى حماية بعض األشخاص وزيادة الضمانات لبعض
التصرفات ذات األهمية حيث كان المشرع المغربي يشترط في هذه الحاالت أال تتم عملية التوقيع
بواسطة موثق فقط بل البد ان يكون معضدا بشاهدين اثنين.
252
-محمد الربيعي م س ص 80
أما بخصوص القانون 32.09فقد حصر دور الشهود في حماية بعض األشخاص الذين
يتعذر عليهم في آن واحد التوقيع واإلبصام.253 ،
253
-محمد الربيعي م س ص.76
الفصل الثاني :البطالن الضمي الوارد في القانون 32.09
إذا كان المشرع المغربي نص صراحة في المادتين 43و 49من القانون رقم 32.09على
حاالت البطالن فإنه نص في المواد 34و 35و 36و 42و 44على مجموعة من المقتضيات
التي يتعين على الموثق اإللتزام بها عند تحرير المحررات إال أنه لم ينص صراحة على جزاء
عدم احترامها لذلك نتساءل عن الجزاء المترتب في حالة عدم احترام هذه المقتضيات؟
سنتناول في المطلب االول بطالن المحرر الرسمي كجزاء لخرق اإلختصاص النوعي وفي
المطلب الثاني حالة البطالن المنصوص عليها في المادتين 34و. 36
يتضح لنا جليا من خالل نص المادة أعاله أن الموثق يختص طبقا للنصوص المعمول بها
بتلقي العقود التي يحتم القانون إضفاء الصبغة الرسمية عليها المرتبطة بأعمال السلطة العمومية
كالبيوعات الواردة على العقارات أو الحقوق العينية المرتبطة بها أو تلك التي يرغب األطراف
في رسميتها وهي جميع العقود التي لم يتطلب القانون ضرورة إضفاء الطابع الرسمي عليها إال
أن األطراف إرتأو جعلها رسمية وبالتالي يقوم الموثق بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وكذا
تسليم نسخ منها .بالموازات مع ذلك ال يسوغ للموثق أن يقوم بكتابة محرر يتعلق بالحالة المدنية
ألن هذا النوع من المحررات يدخل في اختصاص ضباط الحالة المدنية وكذلك الشأن في ما
254
يخص عقود زواج التي حملها المشرع المغربي من إختصاص العدول المنتصبين لإلشهاد
يتضح من هذا الفصل أن من بين شروط صحة الوثيقة الرسمية أن يكون الموثق مختصا
نوعيا لتحرير الوثيقة الرسمية وبالتالي فإن اصدار الموثق لمحرر رسمي بخصوص تصرف ال
يدخل ضمن اختصاصاته يترتب عليه بطالن الوثيقة الرسمية .
254
-المادة 65من مدونة األسرة
المطلب الثاني :حاالت البطالن المنصوص عليها في المادتين 34و 35
سنتناول في هذا المطلب للحديث عن حاالت عدم احترام مقتضيات المادة ( 34الفقرة
األولى) وحاالت عدم ذكر البيانات الواردة في المادة ( 36الفقرة الثانية)
وتعتبر المادة 34بمثابة القائمة بجرد ما يمنع على الموثق القيام به وما جاء فيها
يمنع على الموثق أن يقبل توقيعا على األوراق تتضمن التزامات أو اعترافات مع ترك
بياض في متن الوثيقة وال سيما في مكان اسم المستفيد أو الدائن أو المبلغ والمراد من هذه الحالة
هو منع الموثق من توقيع على أوراق تتعلق بالتزامات أو اعترافات لفائدة شخص لم يتم تسميته
255
أو ترك بياض سواء كان بالنسبة للمستفيد أو الدائن كما ال يمكن ترك البياض بالنسبة للمبلغ
والحالة الثانية هي منع الموثق من أن يستعير لشؤونه الخاصة اسم الغير في العقود التي
يتلقاها .أي أن يتعامل باسم الغير في معامالته لفائدته شخصيا بحيث إذا فعل ذلك فإنه يكون قد
تلقى عقد وهو طرف فيه فتزول عنه بذلك اهليته وبالتالي بطالن العقد .كما يمنع الموثق أن
يعرض نفسه ضامنا أو كفيال بأي صفة كانت في العقود التي قد يطلب منه اثباتها بعقد والمراد
256
كما من ذلك هو الحفاض على الحياد والتجرد حتى ال يكون معنيا بالمعاملة والتي يشهد عليها
يمنع على الموثق أن يبرم عقودا تنصب على أموال يعلم أنها غير قابلة للتفويت أو أن تفويتها
يتوقف على إجراءات غير مستوفاة ،ويترتب عن مخالفة هذا المنع بطالن العقد ألن المفروض
257
. في الموثق أن يعين ويشهد بالممكن ال بتصرف مستحيل أو غير ممكن في الراهن
255
-محمد لديدي م س ص .59
256
-محمد ليديدي م س ص .59
257
-بوشعيب البوعميري م س ص 5
وباإلضافة إلى ذلك منع المشرع المغربي من تضمين العقد بمقتضيات من شأنها أن تخل
258
بالنظام العام كأن يضمن عبارات مخلة بالحياء أو احتقار األطراف بعضهم لبعض أو لغيرهم
وعليه إذا خالف الموثق هذا المنع فإن المحرر يعتبر باطال طبقا للقواعد العامة التي تعتبر كل
التزام مخالف للنظام العام واآلداب الحميدة باطال.
وكما يمنع على الموثق أن يبرم عقودا لحساب موثق وقف عن عمله أو أن يحل محله بأي
صفة كانت ما عدا إذا تم تعينه بمقتضى المادة 20من هذا القانون ،فالموثق عند عزله يفقد اهليته
طبقا لمقتضيات المادة 49من قانون 32.09وعليه ال يحق لموثق آخر أن يبرم عقدا لحساب
الموثق الموقوف عن عمله وبالتالي فإن أي عقد حرره الموثق لحساب موثق آخر يقع باطال
إضافة إلى أن المشرع منع الموثق من أن يضمن مقتضيات يترتب عنها منفعة شخصية أو
لزوجه او أقاربه وهذه الحالة مماثلة للمادة 30من القانون 32.9وبالتالي فإن مخالفة هذا المنع
يترتب عنه بطالن المحرر الرسمي ،أما بخصوص السمسرة فالمشرع منع الموثق من استعمال
وسائل تجلب الزبناء وقد اثير نقاش حول ظهور موثقين في برامج تلفزية هل يعتبر هذا من مهام
259
وفي ما يخص اإلحتفاض باألصول والوثائق في غير الموثق الذي يطلب منه توثيق عملية ما
مقر عمله فيمكن للموثق في حالة الضرورة نقل المستندات حفاظا عليها إلكراهات تظطره إلى
ذلك بعد إذن من طرف الرئيس األول لمحكمة اإلستئناف وابالغ الوكيل العام للملك لديها ورئيس
المجلس الجهوي وفي حالة مخالفة هذه المقتضيات فإن مصير المحرر هو البطالن.
األسما ء الكاملة لألطراف بما فيها إسم األب واألم وباقي الموقعين على العقد وال يسمح
باختصارها إال إذا سبق في العقد ما يوضحه مرة واحدة على األقل وبيان موطنهم وتاريخ وزمان
258
-العلمي الحراق م س ص .90
259
-محمد ليديدي م س ص 60
والدته وجنسيته ومهنتهم ونوع الوثيقة الرسمية التي تثبث هويتهم ومراجعها وحاالتهم العائلية
والنظام المالي للزواج بالنسبة لالطراف عند اإلقتضاء
وبيان اركان و شروط العقد مع تعيين محله تعيينا كافيا وبيان المراجع الكاملة للوثائق التي
استند عليها في إبرام العقد وكتابة المبالغ المالية بالحروف واألرقام.
إذا هذه المادة جاءت للتأكيد على ضرورة تضمين بعض مقتضيات في العقود التي يتلقاها
الموثق إال انها لم تنص على جزاء تخلف أحد البيانات.
وبالرجوع إلى المادة 49نجدها لم تضم حاالت مخالفة لمقتضيات المادة 36ولهذا فإن
الجزاء هنا سيكون بطالن العقد ألن البيان المتعلق بأسماء األطراف يعتبر من البيانات الجوهرية
ال ينبغي على الموثق إغفاله الن بواسطته يتم التعرف على المتعاقدين ويعتبر نسيانه خطأ جسيما
260
يحمل الموثق تبعية ما سيترتب عن ذلك من أضرار بالنسبة لألطراف.
وقد ذهب العلمي الحراق إلى القول بان مخالفة مقتضيات المادة 36يترتب عليه البطالن إذا
لم يوقع األطراف أما إذا وقع عليها األطراف فإن العقود ال تكون لها قيمة رسمية وال عرفية
وذلك عمال بقاعدة مفهوم المخالفة ويمكن إسناد النظر في ذلك إلى المحكمة التي قد تصرح
261
بالبطالن وقد ال تصرح به
260
-محمد الربيعي م س ص .71
261
-العلمي الحراك م س ص .123-122
المطلب األول :البطالن المترتب عن مخالفة المواد 41و 44
لتقسيم العمل بهذا المطلب سنعمل على تحليل كل من المادة 41من (الفقرة األولى) ،في
حين سنعمد إلى معالجة المادة 44في (الفقرة الثانية) ،والكل ما بيان ترتيب البطالن الضمني
كأثر لخرق كل منهما.
يجب تصحيح األخطاء واإلغفاالت بواسطة إحاالت ،واألرقام الملغاة ،وعدد اإلحاالت
واإلشارة إلى الغير الفارغ من الكتابة ،مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه ،ويذيل الموثق
هذه البيانات بتوقيعه وخاتمه ،مع توقيع باقي األطراف بعد إطالعهم على مضمون التصحيح.
تكون مل غاة كل الكلمات أو األرقام التي وضع بشر أو إصالح او تشطيب أو أقحمت أو
ألحقت أو كتب بين السطور ،في حالة عدم احترام المقتضيات المنصوص عليها في الفقرة
السابقة.
ومن خالل هذه المادة يتضح أنها تمنع أوال أي إضافات في صلب العقد ،وذلك بإقحام
الكلمات أو كتابتها بين السطور ،وعليه فإذا حصل أن ثمة أي إضافات في صلب العقد ،فيجب
وضع بيان في الصفحة األخيرة ،من العقد يشار فيه إلى الكلمات المضافة ،وتوقيعها من طرف
األطراف ،والموثق مع وضع خاتمه أيضا ،واال كان مصير هذه الكلمات اإللغاء حسب الفقرة
األخيرة من المادة .اال أن السؤال يثار في حالة ما إذا تم إلغاء الكلمات المضافة ،فما أثر ذلك على
صحة العقد؟
في الحقيقة لم يتطرق المشرع المغربي لألثر المترتب على العقد في هذه الحالة ،وعليه فإن
الفقه في إطار إجابته عن هذا السؤال ميز بين اإلضافة التي تتعلق ببيانات جوهرية أو تلك التي
ليست جوه رية ،فإذا وردت اإلضافة على النوع األول ،فإن ذلك سيؤدي إلى بطالن العقد بكامله،
أما إذا وردت اإلضافة على النوع الثاني ،فإن البطالن يقتصر على البيان الملغى فقط دون
262
المساس بصحة العقد ككل.
باإلضافة إلى ذلك نالحظ أن المشرع أجاز للموثق اعتماد اإلحالة لتدارك ما شاب المحرر
من نقص أو ما اعتراه من غموض ،حيث جاء في الفقرة الثالثة والرابعة من المادة 41من
القانون رقم 32.09انه "يجب تصحيح األخطاء واإلغفاالت بواسطة إحاالت تدون إما في
الهامش ،أو في أسفل الصفحة ،ويجب التنصيص في الصفحة األخيرة على األرقام الملغاة وعدد
اإلح االت واإلشارة إلى الحيز الفارغ مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه ويذيل الموثق هذه
البيانات بتوقيعه وخاتمه ،مع توقيع باقي األطراف بعد اطالعهم على مضمون التصحيح.
فالظاهر من خالل الفقرة األخيرة أنها حددت اإللغاء كجزاء في حالة عدم اتباع الموثق
اإلجراء المنصوص عليه بخصوص الكلمات واألرقام التي وقع فيها بشر أو إصالح او تشطيب
او أقحمت او ألحقت أو كتبت بين السطور ،إال أنها لم تشر إلى الجزء المطبق في حالة غياب
اإلجراءات المتعلقة باإلحالة أو الذي ينبغي أن يكون هو البطالن ،263خصوصا وان النظام
السابق للتوثيق كان ينص على البطالن كجزاء على هذا اإلخالل في الفصل 15منه.
وعليه فانه إذا كان مصير هذه اإلحاالت هو البطالن،ا فما أثره على المحرر؟
على غرار البيانات السابقة الذكر ،لم ينص المشرع على أثر بطالن اإلحاالت لعدم احترام
إجرءاتها ،وعلى هذا سنعرض رأي الفقه ،بهذا الخصوص بحيث يرى جانب من الفقه أن
البطالن ،يلحق اإلحالة دون المحرر ،في حين يرى البعض االخر أنه إذا كان موضوع اإلحالة
262
-محمد الربيعي م س ص .83
263
-محمد الربيعي م س ص 87
شرطا جوهريا ،في المحرر ،كما لو تعلق األمر بثمن البيع ،ولم تتم هذه اإلحالة طبقا للشروط
264
المطلوبة ،فان األمر ال يقتصر على بطالن اإلحالة ،فحسب ،بل يشمل المحرر بكامله.
ويقول السيد روالند دوفيالغك ،ان آخر من يضع توقيعه على المحرر هو الموثق ،وإال كنا
أمام تزوير معنوي من طرفه ،ألنه سيشهد على توقيعات لم تتم بعد 265.غير أنه يطرح السؤال ما
مصير المحرر إذا ما يكن توقيع المحرر آخر توقيع األطراف ،هنا نجد انه قد يتوفى الموثق قبل
توقيعه ،فإن هذا األمر ال يترتب عنه البطالن ،بحيث يمكن لرئيس المحكمة تطبيقا للمادة 45من
هذا القانون ،الواقع بدائرة نفوذه عمل الموثق أن يأمر بناء على طلب المتعاقدين بتذييل العقد
بتوقيع موثق آخر ،بحضورهم وموافقتهم على مضمونه بعد قرائته عليه من جديد" ،أما ان خرق
الموثق هذا المقتضى دون وفاته ،فإن المشرع لم يشر إلى إمكانية تصحيحه ،بحيث يبقى البطالن
هو المصير ،المفترض في المحرر الرسمي ،لتبق له حجية المحرر العرفي فقط.
264
.-إشار إليه محمد الربيعي م س ص 87
265
-إشار إليه محمد الربيعي م س ص 59
المطلب الثاني :البطالن الذي يمكن استقاءه من المواد 42و 48
باستحضار المادتين 42و 48قيد التحليل ،يظهر أنه يمكن استيقاء قيام بطالن ضمني من
خاللهم ،وتبعا لذلك سنقوم بتقسيم المطلب الثاني إلى شقين ،نتناول في األول أحكام المادة 42
(الفقرة األولى) ،في حين سنتطرق في (الفقرة الثانية) إلى أحكام المادة ،48تطلعا في استنباط
اوجه البطالن من خاللها.
جاءت الفقرة األولى من المادة . 42لتنص على "تحرر العقود والمحررات باللغة العربية
وجوبا إال إذا اختار األصل تحريرها بلغة أخرى"
أثارت هذه المادة نقاشا متميزا ارتبط بسيادة الدولة وبلغتها الرسمية ،إذ أن الصيغة التي
اقترحتها الحكومة انطلقت من الدافع ،وهو أن التوثيق الحالي ،كله يمارس ،وتحرره مضامينه
استنادا للقانون الحالي ،الذي صدر في العشرينات من القرن السابق .وإذا كانت القناعة هي ان
العربية أصبحت تفرض نفسها ويجب أن تكون هي لغة التوثيق ،فإن فرضها بالشكل الذي ال
يراعي الشرح وسياسية المراحل للتهيئ ،والتغير الذي يعتبر جدريا ،ستكون له انعكاسات سلبية
لذلك تم التفكير في أن تكون العربية اللغة األصلية والرسمية التي يجب أن تحرر الوثيقة بها ،ما
لم يرغب أطراف العقد في أن يحرر بلغة أخرى ،266فبعد أن كان ظهير 1925السابق يفرض
في لغة العقد الفرنسية ،وإال االستعانة بترجمان محلف في المدينة التي يباشر فيها الموثق أعماله،
جاءت المادة 42لترد االعتبار للغة العربية اما في حالة ،تم مخالفة مقتضيات هذه المادة فإن
المشرع لم يشر صراحة إلى الجزاء المترتب عن ذلك إال أنه يمكن استيقاء ان البطالن هو
الجزاء المصيري المحتمل ،سيما وإن سلمنا بان ذلك سيعرض الموثق للمساءلة ،في حالة وجود
سوء نية منه ،وبالتالي تطبيق العقوبات بما فيها التوقيف والعزل اللذان سبق أن أشرنا إليهما في
المبحث األول من الفصل األول.
266
-محمد ليديدي :قراءة في القانون رقم 32.09المنظم لمهنة التوثيق منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية شارع النور الرباط توزيع
دار القلم مطبعة اليث ديسمبر 2012ص .45
الفقرة ال ثانية :البطالن المستقى من المادة 48
أشارت المادة 48بشكل صريح بأنه "تكون العقود والمحررات التي ينجزها الموثق وفقا
لمقتضيات هذا القانون الصبغة الرسمية المقررة في قانون االلتزامات والعقود ويالحظ من خالل
ما جاء في هذه المادة أنها أحالت على قانون االلتزامات والعقود عندما يتعلق األمر بالرسمية
وعل يه فانه يمكن استيقاء جزاء البطالن من هذا األخير( ،قانون االلتزامات والعقود) ،فبما ان
المشرع من خالل المادة 48من قانون 32.09ذكر بان محررات الموثق تكون لها صبغة
الرسمية ،كتلك المقررة في قانون االلتزامات والعقود ،فمصير البطالن الذي أشار إليه بهذا
األخير يك ون هو اآلخر بطالنا لمحرر الموثق ،وذلك استنادا للشريعة العامة المتمثلة في قانون
االلتزامات والعقود وبالرجوع إلى المادة 422من ق ل ع ،نجد أنها صرحت بأن "الورقة
الرسمية التي تتضمن الشهادة المسماة "شهادة االستغفال" تكون باطلة بحكم القانون وال تكون
حتى بداية حجة ".
في حين نصت في فقرتها الثانية "وتعتبر أيضا باطلة ،وكان لم تكن الورقة الرسمية التي
تتضمن تحفظا او استرعاء".
الباب الثاني :حجية محررات الموثق في االثبات
حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق حجية محررات الموثق في االثبات استوجب منا االمر
تجزيئ هذا المقتضى الى قطبين .نستعرض في أوالهما الحديث عن المحررات الرسمية وحجيتها
في اإلثبات في (الفصل األول) على أن نخصص (الفصل الثاني) للطرق القانونية للطعن في
المحررات الرسمية.
عمل المشرع المغربي على تنظيم الورقة الرسمية بحيث حدد لها مجموعة من الضوابط
والشروط وجعلها من اختصاص جهتين هما الموثق والعدول ،فمتى احترمت هذه الورقة تلك
الضوابط والشروط أنتجت كافة آثارها واكتسبت حجيتها في اإلثبات.
في دراسة هذا المطلب سنعمد لتقسيمه إلى فقرتين ،األولى سنتناول فيها مفهوم المحرر
الرسمي وشروطه والثانية سنتطرق لخصائص المحرر الرسمي وانواعه.
لقد عرف المشرع المغربي الورقة الرسمية من خالل مقتضيات الفصل 418من ق ل ع .إذ
نص على ما يلي ":الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية
التوثيق في مكان تحرير العقد ،وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.
وتكون رسمية أيضا:
األحكام الصادرة من المحاكم المغربية واألجنبية ،بمعنى أن هذه األحكام يمكنها حتى •
قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوثائق التي تثبتها"
ويتضح من خالل هذا النص أن وصف الورقة بالرسمية هو نتيجة لتحريرها بمعرفة شخص
له صفة رسمية .موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة له صالحية التوثيق.
وليس من الضروري أن تكون مكتوبة بخط يده ،بل يكفي أن يكون تحريرها صادرا باسمه
بشرط أن يوقعها بإمضائه.
يشترط لكي تكتسب الورقة الرسمية طبقا للفصل 418من ق ل ع المشار إليه في الفقرة
األولى ثالث شروط هي:
أن يقوم بكتابة الورقة موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة: •
وال يشترط أن يكون من موظفي الدولة بالذات ،بل يكفي أن يكون موظفا بإحدى الهيئات
التابعة لها ،كما هو الحال بالنسبة لموظفي المجالس البلدية والمؤسسات العمومية ذات الشخصية
المستقلة ،ويتنوع الموظفون العامون بتنوع األوراق الرسمية ،فالموظف الذي يقوم بكتابة األحكام
هو القاضي في مهمته هو كاتب الضبط.
أن يكون الموظف الذي قام بتحرير الورقة مختصا بتحريرها وله صالحية التوثيق: •
إذا لم يكفي لصحة الورقة الرسمية أن يقوم بتحريرها موظف عمومي ،بل يجب فوق ذلك أن
يكون هذا الموظف مختصا بكتابتها وله صالحية التوثيق .ويكون الموظف مختصا بكتابة الورقة
الرسمية إذا كان ذلك مما يدخل في عمله من حيث طبيعة الورقة ومن حيث مكانها.
وال يوجد مانع قانوني يحول دون مباشرته لعمله ،بحيث إذا نزع منه اإلختصاص وقت
تحرير الورقة وهو علم بذلك كانت الورقة المحررة باطلة والعكس صحيح.
أما فيما يتعلق بطبيعة الورقة ،فيجب أن يكون الموظف العام أو الشخص الذي له صالحية
التوثيق مختصا بتحرير الورقة وأن يكون هذا التحرير مما يدخل في عمله من حيث نوع الورقة .
ذلك أن كل نوع من األوراق الرسمية إنما يختص بتوثيق طائفة معينة من األشخاص والموظفين،
فاألحكام يصدرها القضاة واألوراق الرسمية الخاصة بالمعامالت والتصرفات المدنية والتجارية
يختص بتحريرها الموثقون والعدول.
أن يراعي الموظف الشكل الذي حدده القانون في تحرير الورقة •
وهو يختلف بحسب أنواع األوراق الرسمية وطبيعتها ،ومؤدى ذلك أن تكون الورقة مستكملة
لكل البيانات واألشكال التي أوجب القانون توفرها فيها ،وتظهر أهمية هذا الشرط بصفة خاصة في
األوراق التي يقضي القانون بتوثيقها أمام الموثق إذ يتطلب شكال خاصا وتدون فيها بيانات معينة،
حتى تترتب عليها اآلثار القانونية ،ويصبح حجة على الناس كافة.
ونجد القانون يستلزم أوضاعا يجب مراعاتها في تحرير األوراق الموثقة أو العقود الرسمية،
ومنها أن تكون الورقة مكتوبة بلغة معينة وبخط واضح دون إضافة أو كشط.
يتميز المحرر الصادر عن الموثق بمجموعة من الخصائص( اوال كما ينقسم إلى عدة أنواع
حسب الفقه ثانيا.
يتميز المحرر الرسمي الصادر عن الموثق بعدة خصائص يمكن إجمالها في النقط التالية :
يعطي ضمانة قوية للمتعاقدين ،مثال في حالة التأكد من الوضعية القانونية والهندسية •
للعقار والتأكد كذلك من هوية األطراف من طرف الموثق الذي حرره.
تنقسم المحررات الرسمية إلى أقسام وأنواع ال حصر لها ويمكن تبيانها في ما يلي:
محررات ذات طابع إداري :وهي التي تصدر عن موظف مختص كما هو الحال •
بالنسبة للوالة ورؤساء الدوائر والبلديات في إطار ممارسة الصالحيات في دائرة االختصاص
والعقود المسجلة في سجالت عمومية كسجل الحالة المدنية .
السندات القضائية والشبه قضائية :وهي المحررات الصادرة من القضاة في إطار •
مزاولتهم وظائفهم وهي األحكام والقرارات والمحاضر المختلفة والمتعلقة باإلجراءات ،باإلضافة
إلى ما يصدره المحضرون القضائيون وما يصدر عن كاتب الضبط أثناء ممارستهم لمهامهم ،فهي
أوراق رسمية .
األوراق والمحررات التوثيقية :وهي السندات الصادرة عن الموثق بطلب من •
األطراف وكذلك المحررات الصادرة عن موظفي السلك الديبلوماسي ،فكلها وثائق ومحررات
رسمية .
كما سبق االشارة فان الورقة الرسمية المستجمعة لكافة الضوابط والشروط التي حددها
المشرع ،تكتسب اثر ذلك حجة قوية االثبات سواء المحررات الورقية او االلكترونية.
وسنعالج هذا المطلب في فقرتين بحيث سنتطرق في الفقرة االولى الى حجية المحررات
الورقية ،وسنخصص الثانية لحجية المحررات االلكترونية.
تظهر اهمية الكتابة عندما يكون االفراد في طور ابرام تصرف قانوني يفرض التزامات بين
االطراف وحجة على الكافة سواء االطراف اوالغير وهذا ماسيكون موضوع تحليلنا لهذه المطلب
حيث سنتناول حجية المحرر الرسمي لالثبات بين االطراف في الفقرة األولى وحجية المحرر
الرسمي لالثبات في مواجهة الغير في الفقرة الثانية.
بالرجوع الى الفصل 420من ق.ل.ع يؤكد على ان الورقة الرسمية حجة ودليال قاطعا على
التعاقد الحاصل بين االطراف بحيث انه ال يستطيع احد االطراف تكذيب ما ورد بالمحرر من
ناحية التوقيعات أو المحتويات اال بادعاء الزور في البيانات التي قام بها الموثق في حدود مهمته،
267
أو التي وقعت من دوي الشأن في حضوره
وبمفهوم المخالفة فان البيانات التي ضمنت في العقد وبدون حضور الموثق ال
تكتسب الحجية الرسمية وإنما تبقى حجية عادية ويمكن إثبات مخالفتها بجميع وسائل
اإلثبات .
وبالتالي ،فان الموثق العصري عندما يحرر الوثيقة الرسمية فإنها تتضمن نوعين من
البيانات :
-البيانات التي دونها محرر الورقية فيما يخص األمور التي قام بها في حدود مهمته وتمت
اإلشارة إليها في الورقة مثل:
267
-عبد المجيد" ،التوثيق العصرية المغربي " .الطبعة الثانية ،مكتبة دار السالم 2010ص.103.
-حضور األطراف..
-يثبت ما حصل أمامه وبلغ إلى عمله من أمور صادرة من ذوي الشأن
كل هذه البيانات تدخل ضمن اختصاص الموثق الذي يحرر الورقة بحيث يدركها بالسمع أو
البصر ويضمنها بالوثيقة وعندئذ تجوز الورقة حجية مطلقة ال يمكن دحضها إال بمسطرة ادعاء
الزور (الفصل 419من ق.ل.ع).
كذلك فاألحكام القضائية التي يضمن فيه القاضي كل الوقائع التي حصلت أمامه تكتسب
الحجية الرسمية .وهذا ما ورد في قرار لمحكمة النقض بأنه "إذا كان الحكم االجنبي ال يقبل التنفيذ
اال بعد تذييله بالصيغة التنفيذية ،فانه يعتبر حجة في اثبات الوقائع التي اثبتها ،والمحكمة لما اخذت
269
الحكم االجنبي بعين االعتبار ...تكون قد طبقت القانون تطبيقا سليما"
268
-خالد سعيد االثبات في المنازعات المدنية ،دراسة علمية على ضوء القانون الغربي واالجتهاد القضائي لمحكمة النقض .الطبعة االولى 2014
.ص.157.
269
-قرار عدد 270صادر بتاريخ 2008/05/14في الملف عدد 07/341منشور بالتقرير السنوي للمجلس االعلى لسنة . 2008ص 199.ورد هذا
القرار بكتاب خالد سعيد ".االثبات في المنازعات المدنية "...نفس المرجع.
الفقرة ال ثاني ة :حجية المحررات الرسمية لالثبات في مواجهة الغير
يجب اوال االشارة الى ان الغير هو الشخص الذي التربطه ايه عالقة بالطرفين معا ويستتنى
من الغير الورثة اي الخلف العام الن هؤالء يحلون محل مورثهم في حقوقهم وحتى في التزاماته
فيسري عليهم حكم المورث.
اما الغير المقصود في دراستنا هاته هو الذي يدخل ضمن الخلف الخاص للمتعاقدين.
هذا الغير الذي اجاز له المشرع حق الطعن في حجية الورقة الرسمية ويتضح هذا انطالقا
من الفصل 4/9من ق.ل.ع حيث جاء في اطار مقتضات الفقرة االولى منه على ان " :الورقة
الرسمية حجة قاطعة ،حتى على الغير في الوقائع واالتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي
حررها بحصولها في محضره وذلك الى ان يطعن فيها بالزور".
فالغير بذلك ال يمكنه انكار ما قام به الموثق من امور تدخل في اطار مهمته او ما اثبته من
تقريرات او افعال صدرت من ذوي الشان في حضوره اال عن طريق وحيد وهو الطعن بالزور.
ألن قيام الغير بانكار البيانات التي حررها الموثق هذا االخير الذي اوكل له المشرع تحرير
االور اق الرسمية هو في واقع الحال يعتبر طعن في امانة الموثق وكرامته التي تعتبر من اهم
االسس التي تقوم عليها هذه المهنة.
اما كون الوقائع والتقريرات التي اثبتها الموثق على لسان ذوي الشأن مطابقةاو غير مطابقة
للحقيقة فهذه المسألة ال تدخل في مهمة الموثق الن المشارع لم يخول له سلطة التحقق من صحة
270
التقريرات التي تصدر من ذوي الشأن
ومما تجدر االشارة اليه ان ليس كل الوقائع التي يشمل عليها المحرر الرسمي يمكن الطعن
فيها بالزور .وهنا يجب التمييز بين الوقائع التي يمكن الطعن فيها بالزور والوقائع التي يطعن فيها
بكل وسائل االثبات.
270
-مصطفى مجدي هرجة ":قانون االثبات في المواد المدنية والتجارية" ط .2.دار الكتب القانونية ،مصر .1991ص.160.
ان الوقائع التي يطعن فيها بالزور هي التي يقوم الموثق باثباتها او بمباشرتها في حدود
الوظيفة الموكولة اليه باعتبار انه رآها او سمعها ،وتكذيب الغير تلك الوقائع باتباع مسطرة الزور
الفرعي شأنهم في ذلك شأن االطراف.
وفي حال وقوع الطعن في الورقة الرسمية بسبب اكراه او احتيال او تدليس ...فيمكن اثباتها
بكل وسائل االثبات(مثال :شهادة الشهود ،القرائن القوية )...دون الحاجة لسلك مسطوة الزور.
فمن خالل الفصل 4/9من ق.ل.ع السابق الذكر ال يوجد فرق فيما يخص حجية الورقة
الرسمية بين المتعاقدين واالطراف.
ولعل الفرق الذي يمكن ذكره يكمن في طريقة اثبات ما يخالف المحرر الرسمي.
فاالطراف ال يمكن بالنسبة اليهم اثبات ما يخالف الثابت بواسطة الكتابة اال بالكتابة ،وبمعنى
آخر يجب ان تكون الحجة من نفس جنس الورقة المراد دحض مكوناتها.
اما فيما يخص الغير فان مسالة اثبات ما يخالف الكتابة اال بالكتابة ،كما هو الشأن بالنسبة
لالطراف ،ال تسري عليه ،لوجود وسيلة اخرى وهي الطعن في محتوى هذه الورقة وهذا ما
يستفاد من الفصل 444من ق.ل.ع.
يمكن أن يتصور المحررر الرسمي في أي صورة .فقد يأتي على صورة محرر رسمي
مكتوب وقد يأتي على شكل الكتروني .وهذا األخير هو محط اهتمامنا والذي سنحصص له
فقرتين .نتناول في الفقرة األولى مفهوم المحرر االلكتروني في حين سنخصص االفقرة الثانية
للحديث عن حجية الورقة الرسمية االلكترونية في االثبات.
لقد نصت المادة االولى من قانون االونسترال النمودجي بشأن التجارة االلكترونية على
تعريف رسالة البيانات بانها ":المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او استالمها او تخزينها
بوسائل الكترونية او ضوئية او برسائل مشابهة ،بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر تبادر
البيانات االلكترونية ،او البريد االلكتروني ،او البرق او التلكس او النسيج البرقي"
ونجد قانون االونسترال عرف المحرر االلكتروني من خالل تعريفه لرسالة البيانات ،خالفا
لقانون المعامالت االلكترونية االردني الذي عرف المحرر االلكتروني في المادة األولى منه وذلك
من خالل تعريفه لرسالة المعلومات والذي جاء مطابقا للتعريف الذي جاء به قانون االونسترال
271
النمودجي
وعرف قانون التوقيع المصري المحرر االلكتروني بانه ":رسالة بيانات تضمن معلومات
تنشأ كليا او جزئيا بوسيلة الكترونية أو رقمية ،او ضوئية او اية وسيلة اخرى مشابهة كما اضاف
المشرع الفرنسي في المادة 1316من القانون المدني الفرنسي بشأن االثبات عن طريق الوسائل
االلكترونية في تعريفه للمحرر المستخدم في االثبات بانه " :كل تتابع للحروف او الرموز او
272
االرقام او اشارات اخرى تدل على المقصود منها ويستطيع الغير ان يفهمها...
وفي المقابل المشرع المغربي لم يعرف المحرر االلكتروني في حين المشرع التونسي الذي
عرف المحرر االلكتروني في الفصل 455مكرر من ق.ل.ع على الشكل التالي ":الوثيقة
االلكترونية هي الوثيقة المتكونة من مجموعة احرف وارقام او اية اشارات رقمية اخرى بما في
ذلك من تلك المتبادلة عبر وسائل االتصال تكون ذات محتوى يمكن فهمه ومحفوظة على حامل
273
الكتروني يؤمن قراءتها والرجوع اليها عند الحاجة"
بناء على مسابق يمكننا ان نعرف المحرر االلكتروني بانه مجموعة من االرقام واالشارات
او الرموز االخرى ذات داللة واضحة محررة على دعامة الكترونية او مرسلة بطريقة الكترونية.
يكون باالمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه ،وتكون معدة
ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها وسالمتها.
271
-عرفت المادة 2من قانون المعامالت االلكترونية االرد في رسالة المعلومات بانها ":المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او تسلمها او تخزينها
بوسائل الكترونية او بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات االلكترونية او البريد االكتروني او البرق او التلكس او النسخ البرقي"
272
-يمكن الرجوع للمادة 1316من القانون المدني الفرنسي.
273
-د.احد ادرويش " :تامالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية .منشورات سلسلة المعرفة القانونية.سنة .2009ص.59.
الفقرة ال ثاني ة :حجية الورقة الرسمية االلكترونية في االثبات
اذا كان قانون 53.05المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية قد اعترف بالكتابة
االلكترونية النعقاد التصرفات القانونية في حدود معينة ،فانه قد احال الفصل 1-2من ق.ل.ع
بشأنها على المقتضيات التي خص بها الوثيقة االلكترونية كوسيلة لالثبات والتي ضمنها في
الفصول 417وما بعدها من ق.ل.ع .حيث جعلها مساوية للوثيقة المحررة على الورق سواء كانت
274
مطلوبة لالنعقاد او لالثبات فقط.
كما ان المشرع المصري قد منح المحررات الناتجة عن الفاكس والتلكس والميكرو وفيلم
واي وسيلة الكترونية مماثلة ،نفس القوة القانونية للمحررات التقليدية سواء اكانت اصل المستند او
صورته ،ذلك بشرط ان يتم اصدار قرار من وزير العدل يحدد القواعد والظوابط الخاصة بمثل
هذه المحررات ،اضافة الى ضرورة شرط االستعجال ليتم اسباغ الحجية عليها .وفي حال عدم
توافر هذا االخير فان للمحررات التي تتم بالوسائل التي حددها المشرع في قانون التجارة التكون
لها حجية المحررات التقليدية في االثبات .وهو نفس المقتضى الذي ياخد به في مجال التحكيم حيث
منح حجية قانونية للوسائل االلكترونية ،واشترط توافر الكتابة لتحقيق ذلك ،باالضافة الى اتفاق
275
ارادة طرفي التحكيم المسبقة لمثل هذه الوسائل ومخرجاتها.
اما المشرع الفرنسي فقد اكد هذه الحجية بطريقة اخرى ،فبعد ان منح هذه السندات الحجية
القانونية الكاملة في المادة 1316-1من القانون المدني الفرنسي المعدل بموجب القانون رقم 230
لسنة 2000الصادر في 13مارس ، 2000عاد واكد في الفقرة الثانية من هذه المادة على انه عند
قيام التعارض بين سند الكتروني وسند تقليدي ،فيجب على القاضي ان يفاضل بينهما دون ان
يعتمد على الوسيلة التي عقد بها هذا السند ،او بعبارة اخرى ال يجوز للقاضي في هذه الحالة ان
276
يقدم السند التقليدي على السند االلكتروني كون هذا االخير اعد على ركيزة الكترونية.
وبناء عليه نستنتج بان انتشار تقنيات االتصال الحديثة في التفاوض على العقود وابرامها
وتنفيذها ،ادى الى صدور العديد من القوانين سواء على المستوى الدولي او االقليمي او في العديد
274
احمد ادريوش .م.س.ص.59.
275
محمد فواز المطالقة".الوجيز في عقود التجارة االلكترونية" .دار الثقافة للنشر والتوزيع ،سنة .2008ص.241.242.
276
-مصطفى موسى العجارمة " :التنظيم القانوني للتعاقد عبر شبكة االنترنت" .دالر الكتب القانونية مصر ،طبعة .2010ص.134.
من دول العالم المختلفة ،وذلك بهدف االعتراف بالمحررات االلكترونية ومنحها نفس الحجية
القانونية المقررة للمحررات الكتابية القليدية.
الرسمية . ال فصل الثاني :الطرق القانونية للطعن في المحررات
يعتبر الموثق موظفا عموميا ،تعينه الدولة لتوثيق اتفاقات االطراف وتصرفاتهم ،ويفترض
فيه و هو يقوم بهذه المهمة ،النزاهة واالستقامة ،وهذا ما جعل المشرع يضفي وصف الرسمية
على البيانات والتصريحات الصادرة عنه ،بصد وقائع تحت بمحضره ،ومن تم تعتبر حجة
قاطعة .اليسوغ اثبات ما يخالفها اال بدعوى التزوير ،الن الطعن فيها يقتبس مما بشرى هذا
الموثق وبكرامته.
وبالتالي يكون على من يريد دحض حجية الورقة الرسمية المعدة من طرف الموثق التي
خاطب عليها قاضي التوثيق ان يطعن فيها بالزور.
تحظى مسطرة الزور الفرعي بتنظيم خاص في اطار مقتضيات ،حيث افرد لها المشرع 11
فصال ( الفصول من 92الى 102ق.م.م) اضافة الى الفصلين 387سنة ق.م.م المتعلق بدعوى
الزور الفرعي امام محكمة النقض ،كما تطلب المشرع مجموعة من الشروط لقبول هذه الدعوى .
وسنقسم هذا المطلب لفقرتين حيث سنتناول في االولى تعريف دعوى الزور الفرعي ويتميز عما
يشبهها بحيث سنخصص الفقرة الثانية لشروط قبول هذه الدعوى.
سنتطرق في هذه الفقرة الى تعريف دعوى الزور الفرعي (اوال) ثم سنعرض شروط قبولها
(ثانيا) ثم تمييزها عن ما يشبهها(ثالثا)
الفقرة اال ول ى :تعريف دعوى الزور الفرعي
بداية يجب ان نتطرف لتعريف التزوير ،بحيث عرفه الدكتور احمد فتحي
سرور ،بكونه " تغييرا للحقيقة باحدى الطرق المقررة في القانون ،بقصد الغش في
محرر يحمية القانون ".
وعرفه المشرع المغربي من خالل المادة 351من القنون الجنائي فيما يخص
التزوير المحررات بحيث نصت على مايلي ":تزوير االوراق هو تغيير الحقيقة فيها
بسوء نية ،تغييرا من شأنه ان بسبب ضررا متى وقع في محرر باحدى الوسائل
المنصوص عليها في القانون "
وينضح مما سبق ان الزور هو اخفاء للحقيقة احداث تغيير فيها عن سوء نية بقصد الحاق
الضرر بالغير ،ويستعمل في غالب االحيان الخفاء حقيقة محرر رسمي او عرفي.
اما بخصوص تعريف دعوى الزور الفرعية فهي ادعاء يدلي به الخصم على صورة طلب
عارض في د عوى اصلية فهو وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى كمنازعة عارضة يحتاج
277
اثباتها الى تحقيق ويتوقف عليها الحكم ويترتب عليها وقف الفصل في الطلب االصلي
لقبول أي دعوى تتعلق بالطعن بالزور في مستند أدلى به احد أطراف الدعوى يستوجب توفر
شروط معينة:
إن إثارة الطعن بالزور الفرعي ال يجب أن ينبني على احتماالت ،بل يجب أن ينصب
موضوعه عل مستند أدلى به احد أطراف النزاع ،إذ ال يمكن الطعن بالزور في مستند ينوي احد
األطراف اإلدالء به ،وعليه فان الطلب يجب ان يكون جديا من خالل المنازعة في زورية المستند
277
-جواد بوكالطة االدريسي ،جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن" .ط .2.مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،
ص.298.
المدلى به للمحكمة ،إضافة إلى أن جدية الطعن بالزور الفرعي يسد الباب أمام المتقاضين بسوء
نية بحيث يكون هدفهم استغالل هذه اإلمكانية القانونية لتعطيل إجراءات الدعوى وعرقلة سير
العدالة ،وقد انتبه المشرع المغربي ورتب عن سوء استعمال هذه االمكانية القانونية جزاء وهو ما
اورده في الفقرة الثالثة من الفصل 98من ق.م.م "يحكم على مدعي الزور المرفوض طلبه بغرامة
تتراوح بين خمسمائة والف وخمسمائة درهم دون مساس بالتعويض والمتابعات الجنائية"
كما تطرق المشرع المغربي لهذا الشرط ،بصفة ضمنية في مقتضيات الفصل 92من ق.م.م
وتعتبر جدية االدعاء بالزو الفرعي مسالة موضوعية تدخل في سلطة محكمة الموضوع ،فال
278
رقابة للمجلس األعلى عليها اال من حيث سالمة التعليل.
-2ان يكون المستند المطعون فيه بالزور الفرعي منتجا وغير مستعمل في دعوى معينة :
ان الطعن بالزور الفرعي يجب ان ينصب على مستند منتج في الدعوى ،ويؤثر في
مصيرها .اما اذا كانت المحكمة في غنى عن المستند المطعون فيه بالزور فانه ال يمكن لها
االستجابة للطلب على اعتبار الدعوى غير متوقفة عليه ،وهذا ما نص عليه الفصل 92من ق.م.م
،واكدته محكمة النقض في قراراتها منها " :اذا طعن احد االطراف اثناء سريان الدعوى في احد
المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك اذا راى ان الفصل في الدعوى
اليتوقف على هذا المستند ،حيث ان الدفع بالزور الفرعي في عقد النكاح قد تجاوزته المحكمة
لوجود احكام سابقة في الموضوع ولوجود عقد الطالق اوقعه الطاعن المدعية االمر الذي جعل
المحكمة تستغني عن النظر في الدفع لعدم جدواه وال يتوقف عليه الفصل في الدعوى خصوصا
وان الطاعن يعترف بالطالق وال طالق بدون زواج ،279وبمفهوم المخالفة لهذا الشرط فانه اذا كان
الدفع بزورية المستند منتجا وان الفصل في الدعوى يتوقف عليه للفصل في النزاع ،فان المحكمة
ملزمة باالستجابة لطلب الطعن والقيام باالجراءات التي يفرضها القانون ،تحت طائلة خرق قاعدة
مسطرية جوهرية.
278
-خالد الغزاوي ص57 .
279
-قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 11/07/2002تحت عدد 715الملف العقاري 5779/88اورده محمد بفقير في ق.م.م والعمل القضائي
المغربي ص .192
وقد جاء في قرار لمحكمة النقض ":مصادقة المحكمة على عقد الهبة دون اجراء مسطرة
الزور الفرعي والحال ان الفصل في الدعوى يتوقف على المستند المذكور يجعل القرار خارقا
280
لقاعدة مسطرية جوهرية"
اضافة الى ان المستند ال يجوز الدفع بزوريته اذا كان قد استعمل من قبل وسبق للمحكمة ان
اعتمدته في اصدار حكم معين ،بل يجب ان يكون المستند قد ادلي به الول مرة امام المحكمة وهذا
ما يستشف من القرار الصادر عن محكمة النقض بمناسبة.
تطبيق مسطرة الزور الفرعي الواردة في الفصل 386من ق.م.م ،حيث جاء فيه " ال يجوز
االلتجاء الى المسطرة المنصوص عليها في الفصل 386من ق.م.م المتعلقة بدعوى الزور الفرعي
امام المجلس االعلى اال اذا كانت الوثيقة المطعون في سالمتها لم يسبق االدالء بها امام قضاة
281
الموضوع وادلي بها الول مرة امام المجلس االعلى"
ويمكن القول ان المستند اذا استعمل في محكمة ادنى درجة واعتمدت عليه هذه االخيرة في
اصدار الحكم ال يبقى لالطراف حتى اثارة الدفع في المرحلة الموالية للتقاضي (االستئناف) مادام
انهم سكتوا عن اثارته في المرحلة االبتدائية.
دعوى الزور الفرعي تشترك مع دعوى تحقيق الخطوط في وحدة الهدف والتي تتمثل في
بلوغ الحقيقة المجسدة في اثبات صحة او عدم صحة المحرر المطعون فيه ،فاذا ماثبت عدم صحة
هذا االخير فان ذلك يؤدي الى اسقاط وتضييع حجية الدليل ،فالتواجد على مستوى الهدف يمتد الى
طرق االثبات وهي التحقيق بالسندات او بشهادة الشهود او بواسطة الخبرة ،اثباتا او نفيا للخط
والتوقيع محل االنكار في المحرر العرفي او للزور المدعى به في المحرر الرسمي
280
-قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 11/07/2002تحت عدد 537ملف شرعي 75/2001اورده محمد بفقير .م.س .ص .194
281
-قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 28/08/1980تحت عدد ، 150اورده محمد بفقير .م.س .ص .501
ومع ذلك فاذا كانت دعوى الزور الفرعي تتشابه مع مسطرة تحقيق الخطوط في جوانب
مهمة – كما راينا – فانها تختلف عنها في جوانب اخرى ،حيث ان نطاق مسطرة الزور الفرعي
282
يشمل المنازعات في صحة المحررات الرسمية والمحررات العرفية تتفاوت في القوة الثبوتية.
تختلف دعوى الزور الفرعي عن دعوى الزور األصلي أوال من حيث موضوعها وثانيا من
حيث شروط اقامتها.
فاذا كانت دعوى الزور االصلية الجنائية الرفوعة من طرف الدعي ،تهدف الى درئ
االحتجاج بمستند مزور في المستقبل في مواجهة وبغير انتظار مطالبته او المسك قبل المستند
المزور في دعوى قائمة فعال ،فان دعى الزور الفرعية المدنية ترمي إلى إثبات عدم صحة
المحرر المقدم في دعوى قائمة فعال بغية هدم حجية الدليل ورد دعوى الخصم وذلك بغض النظر
إذا كان التزوير المرتكب معاقب عليه أم ال.
أما فيما يتعلق بشروط إقامة الدعوى فال يثار أي إشكال بالنسبة لشروط إقامة دعوى الزور
األصلية الجنائية ،فهي ترفع وفقا للشروط العادية إلقامة الدعاوى عموما ،فال تقبل من المحكمة
إال إذا وفرت الشروط األساسية فيها ،إما دعوى الزور الفرعية فال تكون مقبولة إال إذا توافرت
على شروط تتفق وطبيعتها فهي ترفع أثناء سريان دعوى قائمة ألنها غير مستقلة وإنما مرتبطة
بالدعوى األصلية المرفوعة ابتداء ،لذلك يشترط لقبولها أن تنصب على مستند مقدم في دعوى
283
أصلية قائمة ،وان تكون جدية ومنتجة فيها.
282
-خالد الغزاوي ":دعوى الزور الفرعي " ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القوانين االجرائية المدنية ،السنة الجامعية .2010/2009جامعة القاضي
عياض ،مراكش ص.35.
283
-جواد امهول ".الوجيز في المسطرة المدنية" ،الطبعة االولى ،مطبعة االمنية الرباط ،السنة 2015ص.110.
ال مطلب الثاني :أنواع الزور
التزوير في المحررات هو في واقع األمر تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي
يراد إبقاؤها بمستند رغبة في االحتجاج به تجاه الغير ،فهو إما أن يحدث ضررا مادي او معنوي ،
وبهذا فالتزوير نوعان اما مادي(اوال) او معنوي(ثانيا).
التزوير المادي هو الذي يقع بوسيلة مادية تترك آثارا ملموسة تدل على العبث بالمحرر
والتغيير الذي حصل فيه ،ويتم إدراكه بالعين المجردة أو بواسطة الخبرة.
أورد المشرع المغربي طرف التزوير المادي من خالل الفصل 352من القانون الجنائي
وهي طرف جاءت عل سبيل الحصر .وهذه الطرق تتمثل في التوقيع المزور ،وهو تلك اإلشارة أو
العالمة التي توضع غالبا في أسفل األوراق المحررة من الصادرة عن محررها.
إلى جانب التوقيع المزور نجد طريقة أخرى وهي وضع أشخاص وهميين أو استبدال
أشخاص بآخرين ،ويقصد بوضع أشخاص وهميين إيراد اسم وهمي في المحرر ،اما بالنسبة
الستبدال أشخاص بآخرين فهو إيراد اسم لشخص معين حقيقي وموجود فعال بدل آخر .والطريقة
ثالثة من طرق التزوير التي أوردها المشرع في المادة السابقة الذكر (م )352.فتتمثل في وضع
إضافات في سجالت قد تم تحريرها أو افتتاحها.
يراد بالتزوير المعنوي تغيير الحقيقة بطريقة معنوية تؤدي الى تحريف في مضمون المحرر
،وهذا التغيير يلحق بالظروف والمالبسات دون شكله ومادته لكون ذلك يصيب المعنى .فهو ال
يترك أثرا ماديا ظاهرا على الورقة الرسمية يدل عليه ،ويتم إدراكه بالحواس.
ومن بين اهم طرق التزوير المعنوي هناك تغيير اتفاقات الطرفين والتي يقصد بها ،ان
الشخص المحرر للوثيقة ضمن فيها بيانات تختلف مع البيانات التي طلب منه احد االطراف تدوينها
واثباتها ،وعلى سبيل المثال كان يقوم المظف باثبات ان العقد عقد صدقة ،مع ان الطرفين صرحا
امامه بان العقد عقد الهبة.
فضال عن طريقة تغيير اتفاقات االطراف نجد طريقة اخرى وهي طريقة اثبات صحة وقائع
يعلم المحرر انها صحيحة.
اشترط المشرع المغربي توافر مجموعة من الشروط لممارسة دعوى الزور الفرعي المدني
باالضافة الى اتباع مجموعة من االجراءات .
ان الطعن بالزور الفرعي يمارسه طرفي الدعوى القائمة امام المحكمة ،كما يمكن ممارسة
كذلك من طرف الورثة وذلك عندما يحلون كل احد طرفي الدعوى.
ويمكن ان يمارس هذه الدعوى حتى الشخص الذي قدم المستند ،اذ يمكنه التمسك بزوريته ،
بل يمكن حتى ان يتقدم به الشخص الذي يتدخل او يدخل في الدعوى ،اما من حيث الصيغة التي
يقدم بها الطعن بالزور الفرعي ،فقد نص عليها المشرع من خالل الفصل 94من ق.م.م ،والتي
هي عبارة عن طلب عارض.
والطلبات العارضة من طبيعتها انها تقدم بواسطة مقال يسجل ويؤدى عنه الرسوم القضائية.
وتجدر االشارة الى ان اشارة الفصل 94من ق.م.م الى الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي ال
يعني وجوب تقديمة بمقال مؤادة عنه رسوم قضائية.
ولكي تقبل المحكمة الطلب العارضي عليها اوال ان تتاكد من كون الدعوى االصلية مقبولة
شكال النه في حالة ما اذا كان الطلب االصلي باطل فال فائدة من النظر في الطلب العارض ،وذلك
راجع الى ان الزور الفرعي متفرع عن الدعوى االصلية.
وذلك ما لم يكن قبولها من عدمه متوقف على البث في الطلب العارض كما في الطلب الرامي
الى الطعن بالزور في شهادة التوصل .فمحكمة االستئناف ال يمكنها ان تبث في قبول االستئناف او
284
عدم قبوله ،اال بعد تاكيدها من صحة شهادة التوصل اوزوريتها.
-ب -وجوب تقديم االدعاء بالزور الفرعي قبل قفل باب المناقشة:
يعتبر قفل باب المناقشة القيد الوحيد الذي يرد على رفع دعوى الزور الفرعي في نطاق
القانون المغربي ،ويعد باب المناقشة مفعوال اذا اصدرت المحكمة قرارا صريحا بذلك او بصورة
285
ضمنية اذا بدأت المحكمة في المداولة.
وحسب الفصل 335من ق.م.م ،يعتبر باب المناقشة مقفوال باصدار القاضي المقرر األمر
بالتخلي وبالتالي ال تعتبر المحكمة اية مذكرة وال مستند قدم من االطراف بعد هذا التخلي .
وان عدم اصدار القاضي للقرار بالتخلي يترك الباب مفتوحا لالطراف باالدالء بحجيتهم الى
حين حجز القضية في المداولة وال مصلحة حينئذ في اثارة هذه الوسيلة مما يجعلها غير مقبولة.286
284
-خالد سعيد " ،االثبات في المنازعات المدنية دراسة علمية وعملية على ضوء القانون المغربي "،دار السالم للطباعة والنشر ،الرباط ،ط ، 1.سنة
2014ص.165.
285
-خالد العزاوي.م.س ص50.
286
-صادر عن محكمة النقض ،عدد 160بتاريخ 17فبراير ،1982منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد .30
ال مطلب الثاني :شكليات االدعاء بالزور الفرعي والمحكمة
المختصة للبث في دعوى الزور الفرعي
ال يمكن قبول إجراء االدعاء بالزور الفرعي إال إذا توفرت مجموعة من الشكليات (أوال)
إمام المحكمة المدنية المختصة قانونا (ثانيا).
باستقراء مجموعة من النصوص المنظمة للزور الفرعي خاصة ما يتعلق بقانون المسطرة
المدنية ،يتضح بان الزور الفرعي يعتبر طلبا عارضا يتم تقديمه في صورة دفع تتم إشارته اثناء
سريان الدعوى ،وبناء عليه يجب ان يقدم هذا الطلب بنفس االجراءات المتتبعة لتقديم الدعوى
االصلية كما هو منصوص عليه في الفصل 31من ق.م.م.
فال يجوز ان يؤخر الطلب العارض البث في الطلب االصلي متى كان هذا االخير جاهزا
للحكم ،وانه اليمكن فصل الطلب العارض عن الطلب االصلي ال في حالة وحيدة وهي التي يكون
فيها الطلب االصلي جاهزا للحكم ويكون من شأن الطلب العارض ان يؤخر البث في الطلب
287
االصلي
ان مقال االدعاء بالزور الفرعي اشترط فيه المشرع المغربي ان يتضمن مجموعة من
البيانات وهي المنصوص عليها في الفصل 32من ق.م.م بالنسبة للمقال المقدم امام المحكمة
االبتدائية ،وكذلك النصوص عليها في الفصل 142من نفس القانون اذا ما تم تقديمه امام المحكمة
االستئناف.
-ب -توجيه انذار الى الطرف المتمسك بالمستند المدعى فيه بالزور :
ياتي هذا االجراء بعد تقديم الطلب العارض بالزور ،فهو يفتح المجال امام االنطالق الفعلي
لمسطرة الزور الفرعي الذي يتجلى في ضرورة توجيه انذار الى الطرف المتمسك بالمستند
287
حليمة المغاري ،محاضرات في مادة المسطرة المدنية ،السنة الجامعية .2014/2013ص.48.
المدعل فيه بالزور وذلك حتى تتاكد المحكمة من جدية الدفع وكذلك من اجل اختبار نواياه في ما اذا
كان ينوي استعمال ذلك المستند ام ال .وقد نص المشرع من خالل الفصل 92في فقرته الثالثة
288على اجل التصريح باعتماد المستند في الدعوى والذي حدده المشرع في اجل ثمانية ايام.
وبالتالي فإذا لم يتم ذلك داخل األجل المذكور اعتبر الخصم الذي قدم المستند المدعى فيه
289
بالزور كأنه تنازل عن استعماله.
وفي حالة التصريح من طرف الخصم بنيته في استعمال المستند المدعى فيه بالزور فان
المحكمة تأمر أوال بإيداع أصل المستند بكتابة ضبط المحكمة ،اخل األجل المذكور أعاله .
واذا تم وضع المستند داخل األجل المحدد تشريع المحكمة في التحقيق في الطلب العارض
المتعلق بالزور الفرعي وهذا ما نص عليه الفصل .94
ج -اصل المستند المدعى فيه بالزور لدى كتابة ظبط المحكمة:
يعتبر هذا االجراء النطالق دعوى الزور الفرعي .ويهدف الى المحافظة على أصل المستند
290
من الضياع وحتى ال يصل إلى يد بعض العابثين إلى أن يتم إجراء تحقيق في أمر تزويره
ومباشرة بعد إيداع أصل المستند بالكل المتطلب قانونا يقوم القاضي خالل ثمانية أيام الموالية
بالتأشير على المستند أو األصل وتحرير محضر يبين فيه حالة المستند أو األصل ويمكن كذلك
تحرير محضر بحالة نسخة المستند دون انتظار وضع األصل الذي يحرر بحالته محضر مستقل
هذا المحضر الذي يجب ان يتضمن بيان ووصف الشطب أو اإلقحام أو الكتابة بين السطور
وما شابه ذلك ويوقع عليه بعد ذلك القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية وممثل النيابة
291
العامة واألطراف الحاضرون أو وكالئهم.
288
-نصت الفقرة الثالثة من الفصل 92من ق.م.م على انه ":اذا صرح الطرف الذي وقع انذاره انه يتخلى عن استعمال المستند المطعون فيه بالزور
الفرعي او لم يصرح بشيء بعد ثمانية ايام نحي المستند من الدعوى"
289
-انظر الفصالن 93و 95من ق.م.م
290
-خالد الغزاوي ،م.س.ص.66.
291
-انظر الفصل 97من ق.ل.ع.
الفقرة ال ثاني ة :المحكمة المخ ت صة للبث في دعوى الزور الفرعي
إن المحكمة التي لها حق النظر في دعوى الزور الفرعي هي المحكمة التي تنظر في الدعوى
األصلية.
والثابت أن الطعن بالزور الفرعي يجب أن يقدم كد عوى يؤدى عنها ال كدفع حيث جاء في
قرار صادر عن محكمة النقض انه ":يتعين أن يقدم الطعن بالزور الفرعي إلى المحكمة كدعوى
يؤدى عنها ال كدفع ،وبالتالي فان اإلعالن عن الرغبة في مباشرة هذا الطعن دون ا ن يأتي ذلك في
292
شكل طلب قضائي ال يرقى إلى الطعن بالزور"
تجدر اإلشارة إن قانون المسطرة المدنية الملغى كان يجعل دعوى الزور العارضة من
اختصاص المحكمة اإلقليمية ،فإذا قام احد الخصوم بالطعن بالزور الفرعي في إحدى األوراق
المدلى بها أمام القاضي هذا األخير الذي يوقف الفصل في الطلب ويحيل الخصوم إلى المحكمة
اإلقليمية وفق أحكام الفصلين 201و 116من القانون الذي سبق ذكره
ومما تجدر اإلشارة له كذلك أن القضاء المستعجل ال يختص بالفصل في دعوى التزوير
الفرعي لكون هذا الفصل من شانه يمس أصل الحق وهذا يتماشى مع حدود اختصاصات القضاء
أالستعجالي الذي ال يبث في جوهر القضية وإنما يقتصر دوره في الحفاظ على األوضاع الظاهرة.
292
-قرار عدد 224صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2007/02/21في الملف التجاري رقم 2006/1/3/36
الباب الثالث :الطعن بالزور المدني في المحررات الرسمية
لالحاطة بمكامن الجزء المتعلق بالطعن بالزور المدني في المحررات الرسمية تطلب األمر
معالجة األحكام العامة لدعوى الزور الفرعية المدنية في (الفصل أولى) على أن يتم معالجة الشق
المتعلق بمسطرة الطعن بالزور و أثاره (بالفصل الثاني).
293
-المشرع المصري في المادة 295من ق م م على جواز الطعن بالتزوير في أية حالة تكون عليها الدعوى ،سواء أثناء التحفيظ أو أثناء نظر
القضية أمام المحكمة.
ولإلشارة فهناك بعض التشريعات التي تأخذ بدعوى الزور األصلية المدنية كالتشريع
294
أما المشرع المغربي فال يأخذ بهذه الدعوى األصلية المدنية ،ومع ذلك وبالرغم من الفرنسي
غياب النص يمكن للقضاء المغ ربي أن يقبل النظر في دعوى الزور األصلية المدنية ،كلما توافرت
فيها الشروط األساسية إلقامة الدعوى عموما.295
وتأسيسا على ما سبق سنقوم ،بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ،سنتناول في المطلب األول
مفهوم دعوى الزور المدني الفرعي ،لننتقل إلى تحديد طبيعة الزور في مطلب ثاني.
ويقصد بالزور لغة ،الكذب وعدم الصحة ،فهو إلباس الحق بالباطل إليهام الناس بصحة أمر
ال يطابق الواقع وال ينسجم مع الحقيقة ،لدى جرى إطالق لفظ الزور على تزيين الكذب
وتحسينه.296
294
-نص المشرع الفرنسي على دعوى الزور األصلية المدنية » « faux principal civilفي الفصول 300إلى 302من ق م م الجديد وكذلك نص
عليها المشرع المصري في المادة 59من ق اإلثبات رقم 25لسنة .1968
295
-حاول المشرع المغربي إغالق هذه الثغرة القانونية عندما نص علي هذه الدعوى في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية في نسخة مؤقتة
يوم االثنين 12يناير .2015حيث نص في الفرع السادس في الجزء الفرعي الثاني
ادعاء الزور الفرعي األصلي:
المادة 101-1
يمكن لمن يخشى االحتجاج عليه بمستند مزور أن ينازع من بيده ذلك المستند لسماع الحكم بتزويره وذلك بدعوى أصلية.
يتضمن المقال بيان الوسائل التي يعتمد عليه مدعي الزور
المادة 101-2
تطبق في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها القواعد المنصوص عليها في هذا الفرع
المادة 102
يوقف النظر في دعوى الزور المدنية إلى حين البث في دعوى الزور الزجرية إن وجدت.
-296ابن منظور" ،لسان العرب" المجلد الرابع ،دار بيروت صفحة .337 – 336وأنظر سعيدي أبو حبيب ":القاموس الفقهي لغة
واصطالحا" دار الفكر – دمشق سوريا الطبعة األولى ، 140 / 1982 ،ص .161
وفي االصطالح القانوني ،فالزور هو تغيير الحقيقة قوال أو فعال أو كتابة. 297
ومفهوم التزوير في المحررات سواء الرسمية أو العرفية حدده الفصل 351من القانون
الجنائي في تغيير الحقيقة بسوء نية تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى
الوسائل المنصوص عليها في القانون.
وه كذا فالتزوير يعني تغيير الحقيقة من أجل مخادعة الغير بوقائع كاذبة استغالال للثقة بهدف
إحداث ضرر مادي أو معنوي
يظهر مما سبق أن التزوير في المحررات الرسمية 298هو تعريف مفتعل للحقيقة في الوقائع
والبيانات التي يراد بقائها بمستند يحتج به تجاه الغير ،فإذا وقع االحتجاج بمحرر رسمي في نزاع
قائم ،أي في دعوى قائمة أصال ،فإنه يتعين على من احتج عليه بذلك المحرر أن تدعى بأنه مزور
299
أو أن يسلك ما بدعوى الزور الفرعي
-297جواد بوكالطة االدريسي " الطبيعة القانونية لدعوى الزور الفرعية " الطبعة األولى – مكتبة الرشاد سنة 2005ساحة محمد
الخامس سطات ص .27
- 298عرف المشرع المغربي المحرر الرسمي في الفصل 418من ق ل ع إذ نص على ما يلي ":الورقة الرسمية هي التي يتلقاها
الموظفون العموميون في مكان تحرير العقد ،وذلك في الشكل الذي يحدده القانون وتكون رسمية أيضا.
-1األوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم
-2األحكام الصادرة من المحاكم المغربية واألجنبية بمعنى أن هذه األحكام يمنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على
الوثائق التي يثبتها"
ويشترط الكتساب الوثيقة الرسمية طبقا للفصل 418من ق ل ع ثالثة شروط هي:
أن يقوم بكتابة الورقة موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة -1
أن يكون الموظف الذي قام بتحرير الورقة مختصا بتحريرها وله صالحية التوثيق -2
أن تكون الورقة في الشكل الذي حدده القانون -3
لمزيد من التفصيل أنظر ادريس الشبلي مسطرة تحقيق الخطوط في القانون المغربي دراسة مقارنة – الطبعة األولى 2016المطبعة
والوراقة الوطنية مراكش ص .61-60-59
299
-خالد الغزاوي ،دعوى الزور الفرعي ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية مراكش السنة الجامعية 2010-2009ص 15و.16
وقد عرفها بعض الفقه 300بأنها دعوى عارضة ترفع أثناء سريان دعوى أصلية قائمة أصال،
وبمناسبة النظر فيها ،في ألحد المستندات المقدمة فيها بهدف إثبات عدم صحته ،وبالتالي عدم
اعتماد المحكمة عليه كجهة أو دليل إثبات للفعل في الدعوى األصلية.
يعرف الق ضاء اإلدعاء بالزور الفرعي بأنه مجموعة من اإلجراءات التي يجب إتباعها
إلثبات الزور أي عدم صحة األوراق الرسمية وبعض حاالت األوراق العرفية وهو بهذه المثابة ال
يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى األصلية بقصد جني منفعة ومصلحة في
ردود فعل دعوى الخصم.
واستنادا على ما سبق ،فإن دعوى الزور الفرعي هي دعوى غير مستقلة ترفع بمناسبة
جريان دعوى قائمة أصال ،ما لم يقفل باب المناقشة فيها أمام المحكمة ،وأيا كانت درجة التقاضي
وذلك بإثبات عدم صحة مستند من المستندات المدلى بها في الدعوى األصلية .وبالتالي اعتماد
301
المحكمة عليه كحجة أو دليل إثبات للفصل في الدعوى األصلية.
300
-محمد المنجي ،دعوى الزور الفرعية في المواد المدنية ،الطبعة األولى منشأة المعارف سنة 1992االسكندرية ص .105
301
-خالد الغزاوي م س ص .16
302
محمد منجي "دعوى الزور الفرعية في المواد المدنية" الطبعة األولى – منشاة المعارف ،سنة – 1992اإلسكندرية ،ص 105
303
حيث اعتبر سلسلة اإلجراءات المتبعة عرفيا ،وفي نفس االتجاه نجد عبد السالم حادوش
دعوى الزور الفرعي دعوى عارضة تقدم في شكل طلب عارض.
كما نجد الفقه والقضاء الفرنسي يرى انه تقدم هذه الدعوى في شكل طلب عارض ضمن أي
حالة من حاالت اإلجراءات ولو كانت الدعوى في مرحلة االستئناف لكن بشرط تقديم هذا الطلب
قبل إغالق باب المناقشات .بالرغم من أن المشرع الفرنسي لم يقم صراحة بتحديد طبيعة الزور
الفرعي سوا ء في القانون المدني أو الجنائي ،لكنه ردد عبارة " مطعون فيه بالزور" ( المادة
306من القانون المدني الفرنسي ) ،حيث اعتبره بمثابة ادعاء ،وهذا األخير يتخذ صورة طلب ،
ونفس الشيء نجده عند المشرع المصري في قانون المرافعات الحالي حيث استعمل عبارة "
االدعاء بالتزو ير " ،بدل عبارة " الطعن بالتزوير" تنافيا لكل تشويش على اعتبار الزور الفرعي
304
بمثابة دعوى.
ونفس الشيء عند القضاء المغربي كذلك ،حيث جاء في إحدى قرارات محكمة النقض
305
وجعل "يتعين ان يقدم الطعن بالزور الفرعي إلى المحكمة كدعوى مؤدى عنه ال كدفع "
الطعن بالزور الفرعي الوارد في مذكرات جوابية أو مستنتجات غير ناتجة ،ال يحظى حتى بالرد
من قبل المحكمة ويفسر ذلك بالرفض الضمني ،نظرا الن الزور الفرعي لم يقدم بصفة قانونية
وبالتالي فالمحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم التي ال تأثير لها على
اتجاهها وهذا ما جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى " يشكل الطعن بالزور الفرعي دعوى
عارضة يتعين تقديمها بموجب مقال مؤدى عنه الرسوم القضائية وان اكتفاء طرف الخصومة انه
عازم على مباشرة مسطرة الطعن بالزور الفرعي دون ممارستها في شكل دعوى وعدم جواب
المحكمة عنه تكون قد وردت عن هذا الملتبس ورفضته ضمنيا ".306
أو الخط إنكار حدود عند يقف ال الفرعي بالزور الطعن طلب إن
التوقيع ،بل الطعن في الوثيقة المحتج بها نفسها ،كان يطعن في العقد المحتج به مثال ،وعلى
اعتبار انه هذا الطعن يثار أثناء النظر في دعوى مدنية ،فهو طلب عارض يمكن التقدم به في
303
عبد السالم حادوش كان قاضيا بالمحكمة اإلقليمية بالناطور في بداية السبعينات
304
جواد بوكالطة اإلدريسي م س ص 62
305
قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ، 21/02/ 2007تحت عدد 224ملف تجاري 36/ 2006محمد بفقير ص 196المرجع نفسه
306
قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 2007/02/21تحت عدد ، 224ملف تجاري ، 36/2006محمد بفقير ص 196
أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو ألول مرة أمام محكمة االستئناف ،وهذا المقال يشكل طلبا
متميزا عن الطلب األصلي ،وينظر في موضوع الدعوى وال يمكن اعتباره دفعا .فهو قد يطعن
307
في أهم سند يحتج به كالعقد نفسه ،أي الوثيقة ذاتها بمعنى انه يخترق عمق الدعوى .
و في االخير يمكن القول أن دعوى الزور الفرعية ،هي دفع موضوعي يثار أثناء سير
الدعوى األصلية و ينصب على أحد المستندات المقدمة فيها ،فضال عن كونها طلبا عارضا
يكون منطلقا لقيام المحكمة المدنية بإجراءات الزور المنصوص عليها في القانون بهدف إثبات
عدم صحة المستند المحتج به على مدعى الزور و بالتالي هدم حجيته توصال إلى خسران دعوى
خصمه .وبالتالي فهي ذات طبيعة مزدوجة.
307
الدكتور محمد األزهر "الدعوى المدنية " الطبعة الثالثة 2016ص 428
308
قرار صادر بتاريخ 23/1/2008تحت عدد – 311محمد بفقير ص ، 198نفس المرجع
309
جواد بوكالطة ،جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن "الطبعة الثانية ،مكتبة الرشاد 6قسارية الهرادي ، 2009،
ص78
المبحث الثاني :أنواع الزور وتمييز دعوى الزور الفرعي عن ما
يشابهها.
يعتبر التزوير الذي يصيب المحررات وينال من حجيتها في اإلثبات تحريف مفتعل للحقيقة
التي يراد إلقاؤها بمستند يحتج به تجاه الغير من شأنه إحداث ضرر مادي أو معنوي ،إذا ما وقع
االحتجاج بالمحرر في نزاع قائم أي في دعوى قائمة أصال ،فإنه يتعين على من احتج عليه بذلك
محررات ادعى انه مزور ان يسلك دعوى الزور الفرعي المدني.
كما تتشابه وتختلف دعوى الزور الفرعي المدني مع دعاوى أخرى كدعوى تحقيق الخطوط
التي عالجها المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية في الفصول 91- 90-89هدفها إثبات
صحة المحررات العرفية التي يقع إنكارها لتنهض حجة التمسك بها في مواجهة من انكرها .وبين
دعوى الزور الجنائية التي تعتبر دعوى مستقلة عن دعوى الزور المدني من حيث الموضوع
واإلجراءات.
وأخيرا بين دعوى الزور المدنية األصلية الغير التابعة لدعوى أخرى التي نظمها المشرع
المغربي ألول مرة في مسودة المسطرة المدنية.
عموما قبل التطرق لمظاهر التمييز بين دعوى الزور المدني الفرعي عن ما يشابهها من
األنظمة ،سندرس أوال أنواع الزور سواء المادي أو المدني أو المعنوي وذلك وفق التصميم
التالي:
أوال :التقليد
هو اصطناع شيء مماثل لالصل أي ان يتم اصطناع أوراق مماثلة للمحررات الرسمية
وإسنادها إلى موظف عمومي وهذا بوضع التوقيعات واالختام المقلدة عليها .وهي في حقيقة األمر
ان هذه الورقة ال وجود لها أصال ،ولم تصدر عن الموظف العمومي.310
ثانيا :التزييف:
هي تلك التغييرات غير الحقيقية والتي تتم عن ذات المحرر المراد تزويره إما عن طريق
التشطيب ،اإلضافة ،اإلقحام ،الحذف.
مثال ذلك ،إلحاق تحريف لمحرر بعد إنشاء محرر مصطنع عن طريق تشطيبات ،ratures
إضافات ،additionsإقحامات ، sur chargesاو حذف فقرة او مقطع منه suppression de
311
. certain passage
وقد عرفه األستاذ عبد الواحد العلمي بأنه" :تغيير الحقيقة إما في محرر قائم فعال ،وذلك عن
طريق حذف بعض البنود منه بالمحو أو الكشط مثال او تعديل بعض هذه البنود منه كأن يضاف
حرف األلف للواو ليصبح الحكم في تعريف ما على سبيل الخيار بعد ان كان على سبيل البت ،أو
310
-معوش ريمة ،م س ص 62
311
جواد بوكالطة اإلدريسي م س ط 2005ص 27
بزيادة كتابة في محرر ال يتضمن هذه الزيادة أصال ،كما يعتبر تزوير ماديا باألحرى خلق محرر
312
لم يكن موجود من قبل بالمرة ونسبة ما جاء به إلى الغير"...
عموما فالمحرر يكون مزورا متى قام به الموظف العمومي او الموثق أو العدل أثناء
مزاولتهم لمهامهم باستعمال وسيلة واحدة على األقل من وسائل التزوير اآلتية:
وطرق التزوير المعنوي حسب الفصل 353من ق ج المرتكبة من طرف موظف عمومي أو
قاض أو عدل أو موثق ..إلخ أثناء مزاولة وظيفته وهي:
312
-عبد الواحد العلمي ،شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص ط 6مطبعة النجاح الجديدة البيضاء 2013ص .172
313
-الفصل 352من القانون الجنائي
314
-محمد نجيب حسني :شرح قانون العقوبات القسم الخاص ":دار النهضة العربية ،القاهرة ،1995ص .228
315
-جواد بوكالطة اإلدريسي ،ط 2009م س ص .28
بالرجوع إلى صاحب الشأن ،ويعتبر تزويرا معنويا كذلك تغيير اتفاقات الطرفين التغيير المعتمد
في المعنى عندما يرتكبه مترجم كلف بترجمة محرر رسمي من لغة إلى أخرى.316
إثبات صحة وقائع يعلم المحرر أنها غير صحيحة -2
وتعتبر هذه الطريقة أوسع طرق التزوير المعنوي وأكثرها وقوعا في الحياة العملية ،ويعني
المشرع بهذه الطريقة كل إثبات لواقعة على غير حقيقتها ،ومثاله أن يدعي المحتج عليه بمحرر
رسمي ان البيانات المتبثة به ال تنقل بامانة التصريحات التي تلقاها الموظف الذي دون المحرر
317
تكره للحقيقة وتحريفه لها عن طريق جعل واقعة غير صحيحة في صورة واقعة صحيحة.
اتباث الفاعل لوقائع على أنه ا اعترف بها لديه أو حدث أمامه بالرغم من عدم -3
حصول ذلك.
وهذه الحالة تشبه الحالة السابقة ومثالها أن يذكر الموثق في العقد أن البائع للعقار قد اعترف
أمامه بأنه تسلم الثمن من المشتري في حين أن الواقعة لم تحدث قط.
حذف أو تغيير عمدي في التصريحات الملقاة -4
هذه الوسيل ة من وسائل التزوير المعنوي تنصب على تغيير التصريحات ومثاله أن يغير
ضابط الشرطة القضائية في التصريحات التي أفاد بها أحد الشهود أمامه فينسب إليه أنه صرح
بكذا ،في حين انه لم يصدر عنه ذلك ويجب أن يكون الهدف ،318الذي يسعى إليه المزور هو
إضفاء طابع ومظهر الحقيقة على واقعة كاذبة.
نستنتج مما سبق أن التمييز بين التزوير المادي والمعنوي يكتسي أهمية بالغة في الواقع
العملي ،حيث أن التزوير المادي يمكن إثباته بحكم طبيعته بخالف التزوير المعنوي ،قال يتيسر
إثباته من ذات المحرر وإنما من أمور أخرى .تتيسر أحيانا وقد تتعذر أحيانا اخرى .كما يرى الفقه
سو اء في فرنسا او مصر أن المحررات الرسمية تقبل اإلدعاء بالتزوير ،ماديا كان أو معنويا ،بينما
319
ال تقبل المحررات العرفية سوى االدعاء بالتزوير المادي.
316
-أحمد بنعجية ،م س ص .13
317
-جواد بوكالطة اإلدريسي ،ط 2009م س ص .28
318
-أحمد بنعجيبة ،التزوير في المحررات ،مجلة اإلشعاع عدد 23ص .71
319
-جواد بوكالطة اإلدريسي ،ط 2009م س ص .28
المطلب الثاني :تمييز دعوى الزور الفرعي عن مايشابهها
تتقاطع دعوى الزور الفرعي مع بعض الدعاوى األخرى في مجموعة من المميزات ،لكن
بالرغم من وجود نقط االلتقاء إال انه هناك نقط االختالف لدلك سنخصص ( الفقرة األولى )،
لتمييز دعوى الزور الفرعي عن تحقيق الخطوط ،بينما سنخصص ( الفقرة الثانية ) ،لتمييزها
عن دعوى الزور األصلية ،أما (الفقرة الثالثة ) ،لتمييز دعوى الزور الجنائية عن دعوى الزور
المدنية .
323
-نفس المرجع ص .71
324
-خالد الغزاوي ،م س ص .27
325
-جواد بوكالطة االدريسي ط 2005م س ص .51
326
-محمد لمعكشاوي ،أحكام إجراءات االثبات بالحجية الكتابية في المواد المدنية والتجارية علي ضوء التشريع والقضاء المغربي مطبعة النجاح
الجديدة ،البيضاء طبعة أولى 2013 ،ص .86
327
-جواد بوكالطة االدريسي ،ط 2005م س ص .52
328
-إدريس الشبلي ،م س ص .74
إضافة إلى دور الخصم يختلف في دعوى تحقيق الخطوط ودعوى الزور الفرعي ،بحيث
يكون له دور سلبي في دعوى تحقيق الخطوط إذ يكفيه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من
خط أو توقيع وارد على المحرر عبء إثبات صحته ،في المقابل دور الخصم في دعوى الزور
الفرعي دور إيجابي ،إذ يقع عليه عبء إثبات عدم صحة المحرر عرفيا كان أم رسميا ال على
التمسك به.329
وإذا كان الدفع باإلنكار في دعوى تحقيق الخطوط يؤدي إلى فقدان المستند لقوته التنفيذية
بصفة مؤقتة إلى أن يثبت من يتمسك به بصحته ،فإن دعوى الزور الفرعي المدني ال يترتب عليه
مثل هذا الفقدان إال عندما يصدر الحكم بالتحقيق في واقعة التزوير المدعى به.330
كما أن إخفاق الخصم في الدفع بإنكار الخط أو التوقيع في نطاق مسطرة تحقيق الخطوط
يجعل المحرر صادرا منه وحجة عليهن وال يجوز له أن يتنصل بعد ذلك من نسبته هذا المحرر
إليه إال بادعاء الزور فيه .331وعلى عكس ذلك ،فإنه عند إخفاق الخصم في دعوى الزور ال يجعل
المحرر صادرا منه أو حجة عليه بما فيه ،إذ ليس في القانون ما يمنعه بعد ذلك من إثارة بطالن
االلتزام المثبت بالمحرر أو التمسك بصور يته.332
وأخيرا فكال النظامين كذلك يختلفان فيما يتعلق بالغرامة ،ذلك أنه إذا اثبت من تحقيق
الخطوط صحة المحرر العرفي أمكن الحكم على من أنكره بغرامة مدنية من مائة إلى ثالثمائة
333
من ق م من أما إذا درهم دون مساس بالتعرضات والمصاريف طبقا لما يقضي به الفصل 91
قضت المحكمة برفض طلب المتمسك بالمحرر محل اإلنكار فإنه ال يتعرض ألي جزاء ،وذلك
عكس مدعي الزور الفرعي المرفوض طلبه الذي يحكم عليه بغرامة تتراوح بين خمسمائة درهم
دون مساس بالتعويضات و المتابعات الجنائية طبقا للفصل 98من قانون المسطرة المدنية. 334
329
-عبد الوهاب العشماري ،م س ص .64
330
-خالد غزاوي ،م س ص .28
331
-إدريس الشبلي م س ص 75.3
332
-محمد المنجي ،م س ص .152
333
-جاء في الفصل 91من ق م م إذا ثبت من تحقيق الخطوط أن المستند أو موقع ممن أنكره أمكن الحكم عليه بغرامة مدنية من 100إلى 300درهم
دون المساس بالتعويضات والمصاريف.
334
-تنص المادة 98من ق م م على ما ياي " :يقع الشروع فور تحرير المحظر في إثبات الزور بنفس الطريقة المشار إليها في الفصلين 98و .90
يبث القاضي بعد ذلك في وجود الزور.
يحكم على مدهي الزور المرفوض طلبه بغرامة تتراوح بين خمسمائة وألف وخمسمائة درهم دون المساس بالتعويضات والمتابعات الجنائية.
إذا ثبت الزور وجود الزور وظهرت عناصر تسمح بمعرفة مرتكبه أحيلت المستندات على النيابة العامة طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية.
يظهر مما سبق أن نطاق مسطرة تحقيق الخطوط ينحصر في إثبات صحة أو عدم صحة
المحررات العرفية فقط ،بينما يتسع نطاق مسطرة الزور الفرعي ليشمل المنازعة في صحة
المحرر ات الرسمية والمحررات العرفية على كل حد سواء ،وهذا التمييز يجد مميزه في كون
335
المحررات الرسمية والعرفية تتفاوت في القوة الثبوتية.
-إذا رفعت دوى الزور الحنائية األصلية ،فعلى المحكمة أن توقف البث في دعوى الزور
الفرعية إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجنائية تطبيقا للمادة 421من ق.ل.ع والفقرة الثانية من
المادة 633من ق.م.ج ،وال يتم هذا اإليقاف إال إذا تأكدت المحكمة المدنية من ان دعوى التزوير
الجنائية قد وقع تحريكها فعال ،فال يكفي أن يدلي مدعي الزور بنسخة من شكاية مباشرة بالزور
سبق أن تقدم بها قاضي التحقيق وموقع عليها من طرفه ،بل حتى وان كان مؤدى عنها لدى
صندوق المحكمة السالفة التي يحددها هذا القاضي كما يجري عليه العمل حاليا خرقا للقانون ،
وإنما يتعين على مدعي الزور اإلدالء أمام القضاء المدني بقرار فتح تحقيق ،الن مثل هذا القرار
هو الذي يدل على انه جاد في ادعائه ،وال يروم فقط إلى عرقلة السير العادي للدعوى المدنية
عن طريق المماطلة والدعاوي الكيدية ،كما انه ال يكفي مدعي الزور من اجل إيقاف البث في
335
-تستمد الورقة الرسمية قوتها الثبوتية من الثقة التي منحها المشرع لتلك الفئة من األشخاص سواء كانوا موظفون يعملون بمصلحة عامة
وموثقين ،وهذه الثقة مصدرها الضمير اال نساني وجسامة المسؤولية المنوطة بهم ،لذلك فالمحررات الرسمية تعتبر حجة قاطعة بما تتضمنه وأما
المحررات العرفية فهي تستمد قوثها الثبوثية من االعتراف المتمسك به عليه ،ومجرد إنكارها منه يفقدها قوتها وآثارها القانونية .كما أن القوة
الثبوتية للمحرر العرفي على فرض صحته تكون منحصرة في االلتزام الحاصل بين الطرفين.
للمزيد من االيضاح أنظر :قرار المجلس األعلى رقم 1020ملف مدني ،صادر بتاريخ 12/04/1989منشور بمجلة االشعاع – عدد 2ص .81
أنظر أيضا :أحمد بشأن رسالة االثبات " الجزء األول " ص 183
الدعوى المدنية األصلية اإلدالء بنسخة من الشكاية التي سبق له أن تقدم بها إلى النيابة العامة ،
بل البد من إدالئه بان المتابعة قد أثيرت فعال ،أو ان قرارا بفتح تحقيق قد اتخذ ،إذا تعلق األمر
بجناية التزوير ،كما سبق القول ،فال يمكن فهم عبارة قرار االتهام الواردة بالمادة 421إال على
أساس ان المشرع قصد بها إثارة المتابعة من لدن النيابة العامة .
-إذا قضت المحكمة الزجرية بإدانة المزور أو قضت ببراءته ،فان هذا الحكم الجنائي تكون
له حجية أمام المحاكم المدنية بان السند مزور الحالة األولى وانه صحيح في الحالة الثانية ،لكن
شريطة ان يكون هذا الحكم قد اكتسب قوة الشيء المقضي به ،بمعنى أن يكون قد أصبح نهائيا
غير قابل لطرق الطعن العادية ( التعرض واالستئناف و ال للطعن بالنقض ) تطبيقا للمادة 644
من ق،م.ج السابق /م 597من ق.م.ج الحالي و تنص هذه األخيرة في فقرتها الثانية على ما
يلي "يقع التنفيذ بطلب من النيابة العامة عندما يصبح المقرر غير قابل ألي طريقة من طرق
الطعن العادية ،أو الطعن بالنقض لمصلحة األطراف" ،غيران الحكم الجنائي ال يقيد القاضي
المدني في شيء إذا قضى ببراءة المتهم من تهمة التزوير لعدم كفاية األدلة أو لعدم توافر احد
أركان الجريمة أو قضى بسقوط الدعوى العمومية الجارية بشان هذه الجريمة لقيام سبب من
أسباب السقوط على أساس ان دعوى الزور الجنائية ترمي إلى توقيع الجزاء الجنائي على
مرتكب التزوير أو المشارك فيه بينما ترمي دعوى الزور المدنية إلى الطعن في صحة السند
المستدل به في الدعوى األصلية ،فقد يحدث أن يكون السند الذي يتمسك به في الدعوى المدنية
مزورا ،لكن إذا كان الحكم الجنائي قد قضى بالبراءة على أساس اقتناع المحكمة .التي أصدرته
بثبوت حجة السند المطعون فيه بالزور وسالمته فانه يقيد القاضي المدني ويلزم الخصوم وال
336
يجوز الطعن في السند مجددا بادعاء زوريته.
336
جواد بوكالطة "م س ط ، 2009ص. 305-304-303 .
الفقرة الثالثة :تمييز دع وى الزور الفرعي عن دعوى الزور األصلي
337
قائمة عندما ترفع دعوى مبتدئة وألول مرة في محرر تكون دعوى الزور األصلية
رسمي يهدف الطعن فيه بغية منع الشخص الذي يجوزه من استعماله فيما يرجع بالضرر على
المدعي وسميت بدعوى الزور األصلية ألنها ليست متفرقة أو تابعة ألي دعوى أخرى وهي
تخضع بذلك إلجراءات المنصوص عليها في ق.م،م وكذا المواد ( 584الى ) 586من ق،م،ج ،
والجدير بالذكر أن دعوى الزور األصلية إما أن تكون مدنية أو جنائية وهذه األخيرة يتم تحريك
الدعوى العمومية بالزور فيها من طرف النيابة العامة بحكم اختصاصها كسلطة إمام ،ومن
طرف المطالب بالحق المدني عن طريق االدعاء المباشر أمام القضاء الجنائي ،حيث أجاز
المشرع لكل شخص ادعى انه تضرر من الجريمة أن ينصب نفسه مطالبا بالحق المدني ويترتب
338
عن هذا التنصيب تحريك الدعوى العمومية والمدنية معا .
وعليه فمتى كنا بصدد تزوير في محرر رسمي فالدعوى تقام ضد مرتكب التزوير أو
مشاركته أو ضد مستعمل الزور وذلك بهدف إنزال العقاب الجنائي بالفاعل والدفع بتزوير
المحرر وتجريده من كل اثر .
أما دعوى الزور الفرعية تسعى إلى إبطال مفعول مستند في دعوى قائمة فعال أمام المحكمة
.وهذا الطلب ال يأخذ شكل دفع يثيره المحتج ضده بهذا المستند بل هو طعن يجب أن يقدم في
صورة دعوى عرضية وهذا ما أكده المجلس األعلى بقوله " االدعاء بالزور ليس دفعا حتى
يستدعي المحكمة إلى القيام بأي إجراء بل هو طعن يجب أن يقدم في صورة عارضة أو أصلية
339
يكون منطلقا للقيام باإلجراءات المنصوص عليها قانونا ".
337
هناك مسودة حول دعوى الزور األصلية في المحررات المدنية حيث تضمنت المادة " 1-101يمكن لمن يخشى االحتجاج عليه بمستند مزور ان
ينازع بيده ذلك المستند لسماع الحكم بالتزوير وذلك بدعوى أصلية :يتضمن المقال بيان الوسائل التي يعتمد عليها مدعي الزور " ،كما جاء في المادة
" 2-101تطبق في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها القواعد المنصوص عليها في هذا الفرع ",
338
د الحبيب بيهي "شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدة " الجزء األول ،الطبعة األولى ، 2004ص 189
339
قرار عدد 56ت 9/2/82قضاء المجلس األعلى 302أكتوبر 83ص 77ورد في مؤلف د /المعطي الحبوبي "القواعد الموضوعية والشكلية
لالتباث وأسباب الترجيح بين الحجج " ط ،األولى 2002ص89 ،
الفصل الثاني :مسطرة الطعن بزور و أثاره
لقبول طلب الطعن بالزور الفرعي باعتباره طلبا عارضا -يمكن التقدم به في أي مرحلة
340
،يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط الموضوعية في الدعوى ،كما من مراحل الدعوى-
يجب إتباع مجموعة من المساطر (المبحث األول ) ،و في حالة قبول طلب دعوى الزور
الفرعي فإن ذلك يرتب جملة من اآلثار ( المبحث الثاني).
340
:د محمد االزهر " م س ص 428
: 48إن المحكمة التي لها حق النظر في دعوى الزور ال فرعية هي المحكمة التي تنظر في الدعوى االصلية ،لذا فإن المحكمة األصل هي المحكمة الفرع
،و يمكن التقدم به في أي مرحلة من مراحل الدعوى ،ولو ألول مرة أمام محكمة االستئناف .كما تجر االشارة إلى أن الدعوى الفرعية للطعن بالزور
غير قابلة للتقادم .وهذا ما أكدته محكمة النقض من خالل قرارها عدد 171بتاريخ ابريل 1970منشور بمجلة القضاء و القانون عدد 117مشار
اليه في مجلة الحدث القانوني العدد "10دعوى تحقيق الخطوط والزور الفرعي" ص7
: 49ينص الفصل 1من ق .م .م " ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة و األهلية و المصلحة إلثبات حقوقه "
الصفة :هي سلطة مباشرة من طرف صاحب الق المعتدى عليه أو المهدد باالعتداء.
األهلية :حددت مدونة االسرة في المادة 209سن الرشد القانوني ببلوغ 18سنة شمسية كاملة مع مراعات االستثناءات الواردة في هذا الباب.
المصلحة :هي المنفعة أو الفائدة العملية و الواقعية التي تعود على المدعي من الحكم له بطلباته قضائيا.
الفقرة األولى :أن يكون االدعاء بالزور في دعوى أصلية قائمة
لقيام دعوى الزور الفرعي يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط من بينها ،أن تكون
دعوى أصلية قائمة قيد النظر و لم يفصل فيها بعد بحكم حائز لقوة الشيء المقضي 343فقد نص
الفصل 92من ق.م .م على أنه { إذا طعن أحد األطراف أثناء سريان الدعوى في أ حد
المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك إذا رأى أن الفصل في الدعوى
ال يتوقف على هذا المستند .}....
و الدعوى هنا يقصد بها الدعوى األصلية التي تنظر فيها المحكمة .كما نص الفصل93من
ق.م .م على أنه { إذا صرح الطرف الذي و قع إنذاره أنه ينوي استعمال المستند أوقف القاضي
الفصل في الطلب األصلي.}....
344
وبذلك فال مجال للقول بوجود دعوى الزور األصلية أمام القضاء المدني المغربي .
وفي جميع األحوال فإن للقاضي قبول الطعن بالزور أو صرف النظر عنه واستبعاده ،إذا
ما اعتبر أن العناصر المتوفرة بين يديه غير كافية لتكوين قناعته 345.أو أن الفصل في الدعوى ال
346
يتوقف على المحرر المطعون فيه بالزور .
:50ذهبت محكمة النقض إلى ما يلي " ال تقبل أمام المجاس االعلى دعوى الزور الموجهة ضد وثيقة سبق عرضها أمام محكمة الموضوع و لم يطعن
فيها أمامها ،وأن الطعن بالنقض في حكم انتهائي ال يفتح المجال لدعوى الزور امام المجاس في مستند استعمل كأساس لصدور القرار المطعون فيه
" القرار عدد 375بتاريخ 1984/02/27منشور بمجلة قضاء المجلس العددان 35/36ص . 6مشار له عند د محمد االزهر م .س ص 425
344
:مجلة الحدث القانوني م .س /ص 7
345
:د محمد األزهر م .س /ص 425
: 55ذ هبت محكمة النقض في القرار عدد 715بتاريخ 1982/04/25الى انه " إذا طعن االطراف أثناء سير الدعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور
الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك إذا رأى أن الفصل في الدعوى ال يتوقف على هذا المستند" مجلة قضاء المجاس االعلى بعدد 43/42نونبر
1989ص 125مشار له عند د محمد االزهر م .س ص 425
أما إذا رأى القاضي أهمية المستند في الدعوى و أن الطعن بالزور منتج فيها و متوقف على
هذا السند للفصل فيها ،تكون المحكمة ملزمة لالستجابة لطلب الطعن بالزور الفرعي و إال
347
اعتبر حكمها قابال للنقض.
بعد أن يتأكد القاضي من جدية دعوى الزور الفرعي و كذا أهميته في النزاع المعروض
348
عليه ينذر الطرف الذي يحتج بالمستند هل ينوي استعماله أم ال.
و شرط ال جدية يستلزم من المدعي بالزور الفرعي التمسك بادعائه في صيغة صريحة و
حازمة ،فال يمكن أن يكون في صيغة مبهمة غير مقطوع فيها بالشك.
و أخيرا تجدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى هذه الشروط وجب لقيام دعوى الزور الفرعي
أن يتم تقديم طلب عارض بالزور الفرعي يرمي الستبعاد الوثيقة المحتج بها350.كما يشترط أن
351
يكون التزوير معاقبا عليه و أن يكون منطويا على قصد الغش .
347
:د محمد االزهر م .س /ص 426
: 57الطعن بزورية مستند ليس دفعا يمكن إثارته دون اتخاد أي إجراء ،بل طلب عارض يجب أن يستوفي جميع الشروط القانونية للطلبات العارضة،
= وهكذا ،فإن القاضي يوجه انذارا للطرف الذي أدلى بالمستند ليسأله هل ينوي استعمال الوثيقة أم ال ،و هو ملزم باإلجابة في أجل حدده في ثمانية
أيام.
إذا صرح بعد إنذاره أنه تخلى عن استعمال المستند المطعون فبه بالزور الفرعي أو لم يصرح بشيء بعد ثمانية أيام نحى القاضي المستند عن الدعوى.
أما إذا صرح أنه ينوي استعماله أوقف القاضي النظر في الدعوى االصلية وأمر بإيداع أصل الطعن.
349
:الطالب الباحث خالد العزاوي رسالة لنيل دبلوم الماستر "دعوى الزور الفرعي" س 2010مراكش /ص 57
350
:د محمد االزهر م .س /ص 424
351
:د الطيب الفصا بلي " الوجيز في القانون القضائي الخاص" الجزء الثاني ط الثانية سنة /1999ص 84
المطلب الثاني :مراحل مسطرة دعوى الزور الفرعي
إن مجرد االدعاء بالزور ال يستدعي من المحكمة القيام بأية إجراءات ،ذلك أن االدعاء
المذكور ليس دفعا تقتضي إثارته اتخاذه أي إجراء .و إنما هو طعن يجب أن يقدم في شكل طلب
352
العارض ،يكون منطلقا للقيام باإلجراءات المنصوص عليها في القانون.
و تمر مسطرة دعوى الزور الطعن بالزور الفرعي من مرحلتين و هو أمر القاضي بتسليم
األصل ( الفقرة األولى ) و الشروع في تحقيق الزور ( الفقرة الثانية ).
و بعد ثمانية أيام من وضع المستند المطعون فيه بالزور أو أصله بكتابة الضبط ،يقوم
القاضي بالتأشير على المستند أو األصل و تحرير محضر يبين فيه حالة المستند أو األصل
354
بحضور األطراف أو بعد استدعائهم بصفة قانونية لذلك .
لكن قد يصعب الحصول على هذه النسخة بسهولة داخل المحفوظات .و حتى ال يتوقف
سير إجراءات الدعوى يمكن للقاضي المقرر .أو القاضي المكلف بالقضية حسب الحاالت ،أن
يأمر بتحرير محضر بحالة نسخة المستند دون انتظار و ضع األصل الذي يحرر بحالته محضر
355
مستقل.
352
:د الطيب الفصايلي .م .س /ص 86
: 62ينص الفصل 96من ق .م .م { إذا كان أصل المستند المطعون فيه بالزور محفوظا في مستودع عمومي أمر القاضي أمرا ألمين المستودع بتسليم
هذا االصل الى كاتبة ضبط المحكمة "
354
:د الطيب الفصايلي م .س /ص 87
: 64ينص الفصل 2/97من ق .م .م { يمكن للقاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية حسب الحاالت أن يأمر بتحرير محضر بحالة نسخة المستند
دون انتار وضع االصل الذي يحرر بحالته محضر مستقل}
وإذا لم يتم وضع المستند داخل ثمانية أيام بكتابة الضبط اعتبر الطرف الذي أثار زورية
356
المستند قد تخلى عن استعماله.
و بالتالي فإن هذه اإلجراءات تبتدئ بمجرد وضع المستند موضوع الدعوى بكتابة الضبط ،
حتى يقوم ا لقاضي بالتحقيق في الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي .و وضع المستند يكون
من طرف من بحوزته و غالبا الطرف الذي يحتج به.
وفي الغالب ال يجازف الطرف بوضعه إذا كان عالما بزوريته -قد يضعه إذا كان جاهال
بذلك -أما إذا كان عالما بزوريته قد يمتنع و ربما يصرح بعدم استعماله أو يضعه و هو مطمئن
357
لصعوبة اكتشاف معالم الزور.
و بعد تحرير المحضر يتم الشروع في التحقيق من وجود الزور الفرعي أو عدمه ،و
لتحقيق في هذه الحالة يكون وفق األحكام الفصلين 89و 90من ق .م .م ،أي أن يتم
بالسندات أو بشهادات الشهود أو من خالل خبرة.
: 65ينص الفصل 93من ق م .م { إذا صرح الطرف الذي و قع إنذاره أنه ينوي استعمال المستند أوقف القاضي الفصل في الطلب االصلي و أمر بإيداع
أصل المستند داخل أجل ثمانية أيام بكتابة الضبط ،و إال اعتبر الطرف الذي إثارته ا زورية المستند قد تخلى عن استعماله }
357
:د محمد االزهر م .س /ص 431
358
:الفصل / 97ف 3من ق ..م .م
و بعد االنتهاء من إجراءات التحقيق ،فعلى القاضي أن يفحص نتيجة التحقيق الذي أجري
في االدعاء بالزور ،و يسمع دفاع الخصوم ثم يصدر حكمه إما برفض دعوى الزور و صحة
359
الوثيقة المطعون فيها ،إما بتزوير المحرر.
و تجدر اإلشارة إلى أن الفصل 587من قانون المسطرة الجنائية يجيز للمحكمة أو ممثل
النيابة العامة توجيه الوثائق إلى النيابة العامة في حالة ما تبين لها وجود معالم زور في نزاع
360
مطروح عليها.
كما أن الحكم بزورية المستند تحتم على المحكمة إحالة المستندات على النيابة العامة ،طبقا
361
للقانون المسطرة المدنية ،إذا ظهرت عناصر تسمح بمعرفة مرتكبيه.
و قد نص الفصل 98من ق .م .م في فقرته األولى على أنه يقع الشروع فور تحرير
المحضر في إثبات الزور الفرعي بنفس الطريقة المشار إليها في الفصلين 89و .363 90أي
359
:د الطيب الفصايلي م .س /ص 87
: 69ينص الفصل 587من ق .م .ج { إذا اكتشف المحكمة أثناء اليث في النزاع ،ولو كان مدنيا ،عالمات تكشف عن وجود زور ومن شأنها أن تسمح
بمعرفة مرتكبه ،تعين على رئيس المحكمة أو ممثل النيابة العامة توجيه الوثائق الى النيابة العامة بالمكان الذي يظهر أن الجريمة ارتكبت فيه أو
بالمكان الذي يمكن أن يلقى القبض فيه على المتهم }
361
:الفصل / 98ف 3من ق .م .م
362
:د الطيب الفصايلي م .س /ص 59
أن يتم بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة الخبرة .364لكن قبل ذلك تجدر اإلشارة إلى وجوب
365
صدور حكم تمهيدي بنفس الطريقة الواجب إتباعها إلجراء التحقيق.
وهكذا يتم مضاهاة الوثيقة موضوع النزع في صحتها بالمستندات السالفة الذكر ،للوقوف
368
عل أوجه التشابه و االختالف.
: 72ينص الفصل 89من ق م .م { إذا أنكر خصم ما نسب إليه من كتابة أو توقيع أو صرح بأنه ال يعترف بما ينسب إلى الغير أمكن للقاضي صرف
النظر عن ذلك إن رأى أنه غير ذي فائدة في الفصل في النزاع.
إذا كان األمر بخالف ذلك فإنه يؤشر بتوقيعه على المستند ويأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة خبير عند االقتضاء.
تطبق القواعد المقررة بالنسبة إلى األبحاث والخبرة في تحقيق الخطوط}.
الفصل { 90إن المستندات التي يمكن قبولها للمقارنة هي بصفة خاصة:
-التوقيعات على سندات رسمية؛
-الكتابة أو التوقيعات التي سبق اإلقرار بها؛
-القسم الذي لم ينكر من المستند موضوع التحقيق.
يؤشر القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية حسب األحوال على مستندات المقارنة} .
364
:د محمد االزهر م .س /ص 432
365
:قرار عن المجلس االعلى بتاريخ 1987/6/3تحت عدد 1279في الملف عدد 583/87مشار له عند د محمد بفقيه ص 253
366
:مجلة نشرت قرارات محكمة النقض ،الغرفة المدنية عدد 9سنة 2012ص 90
: 76الفصل 90من ق م .م
و في هذا اإلطار جاء القرار الصادر في المجلس األعلى تاريخ 82011/9تحت عدد 3217في الملف عدد " 08/3290أن السندات التي يمكن قبولها
للمقارنة في مسطرة الزور الفرعي هي بصفة خاصة التوقيعات على سندات رسمية ،ومن بينها األوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم"
مشار له عند د محمد بفقيه م .س /ص 255
368
:د محمد االزهر م .س /ص 19
ثانيا :شهادة الشهود
يمكن للقاضي بناء على طلب األطراف أو أحدهم ،أو تلقائيا األمر بإثبات الوقائع
باالستماع إلى الشهود .و يقصد الشهادة إخبار اإلنسان في مجلس القضاء بواقعة صدرت عن
غيره يترتب عليها حق لغيره ،على أن يكون الشاهد قد أدرك شخصيا بحواسه الواقعة التي يشهد
بها ،بحيث يكون قد رآها أو سمعها بنفسه.369
و قد أجاز المشرع أن تثبت الكتابة بشهادة الشهود ،حيت تنصب أساسا على الكتابة أو
التوقيع ،ل على أي موضوع أخر كشروط أو كيفية التعاقد .و مهمة الشهود تنحصر أساسا على
370
الواقعة المادية ،أي أنهم شاهدوا عملية التوقيع أو الكتابة على الورقة محل النزاع .
و يتم أخد تصريح الشاهد الذي عاين عملية الكتابة أو التوقيع موضوع النزاع ،وفق
371
القواعد المسطرية لإلثبات شهادة الشهود.
369
:د الطيب الفصايلي م .س /ص 68
370
:د محمد االزهر م .س /ص 420
371
:د الطيب الفصايلي م .س /ص 82
: 81قرار محكمة النقض عدد 363بتاريخ 1975/07/02جاء فيه" من حق المحكمة أن تقرر إجراء خرة بدون طلب األطراف" مشار له عند د محمد
االزهر م .س /ص 333
: 82د حليمة بنت المحجوب بن حفو " دراسة موجزة في قانون المسطرة المدنية" المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش /ط االولى /س / 2017ص
63 ، 62
و يتم تعين خبير من بين الخبراء المنظمين بقانون 45.00المتعلق بالخبراء القضائيين ،و
حالة لم يكن مدرجا بجدول الخبراء القضائيين فعليه أن يؤدي اليمين أمام السلطة التي يعينها
374
القاضي لذلك .
و مهمة الخبير هي الوقوف على حقيقة إنكار الخطوط و التوقيعات من عدمه ،من خالل
375
و تقن يات المضاهاة و المقارنات و المميزات الشخصية الخطية التي ولدتها عادات الكتابة ،
الوقوف على مدى التطابق علما أن التام ال يعني صحة الوثيقة ،كما أن التباين ال يعني التزوير
،ألن الشخص قد يتحايل أو يحاول تضليل الخبير الذي يكون على دراية بهذه األمور و له عدة
طرق للوقوف على الحقيقة.
و مناط هذه العقوبة على مدعي الزور الفرعي هو قصد إساءة استعمال حق التقاضي ،و
377
إطالة أمد التقاضي و استغباء القضاء .
و الحالة التي يكون فيها الشك صارخ في زورية المستند دون يقين ،يمكن للقاضي أن يأخذ
378
ذلك بعين االعتبار حين تحديد مبلغ الغرامة ،والشيء نفسه إذا تعلق األمر بالتعويضات .
374
:د محمد االزهر م .س /ص 420
375
:قرار محكمة النقض عدد 2962بتاريخ 2001/07/26مشار له عند الدكتور محمد االزهر م .س /ص 420
376
:الفصل 3/ 98من ق .م .م
377
:د محمد االزهر م .س /ص 435
: 87د محمد االزهر م .س /ص 435
و المالحظ أن النص جاء حازما في الحكم بالغرامة على مدعي الزور المرفوض و لم
379
يطلبه األطراف ،فالمحكمة يجب تحكم من تلقاء نفسها ألن ذلك يدخل في النظام العام.
أما الطرف المتضرر فيمكنه المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من دعوى الزور
الفرعي ماديا كان أو معنويا ،كأن تلحقه أضرار من تأخير الفصل في الدعوى األصلية و تأثرت
مصالحه المادية من هذا التأخير ،وقد تفوت عليه فرص ،خصوصا في المجال التجاري .
باإلضافة للضرر المعنوي الذي يتمثل في األضرار المعنوية من إيالم النفس و الحط من
االعتبار جراء االتهام بالتزوير .
و إذا كانت دعوى الطعن بالزور الفرعي عن سوء نية يستهدف منها المدعي التحايل على
القضاء ،وتغير مجرى الدعوى األصلية ،أو التأثير على القضاء ،فهذا فيه نوع من إهانة
للمحكمة ،بواسطة الدعوى الكيدية التي يعلم مسبقا أنها تجانب الحقيقة ،و بالتالي فيمكن أن يعاقب
380
صاحبها وفق ما هو منصوص عليه في الفصل 266من القانون الجنائي .
العقوبات المقررة في الفصل 263من الجنائي هي ( :الفقرة االولى) الحبس من شهر الى سنة /غرامة من 250الى 5000درهم .
( الفقرة الثانية) الحبس من سنة الى سنتين .
بالتالي فالحكم الرامي إلى زور المستند يؤدي إلى إبعاده و اعتباره كأن لم يكن .ال حجية له
في اإلثبات جزئيا أو كليا ،ولو تعلق األمر بحسن النية ،381متى أصبح الحكم باتا أي بعد استنفاذ
382
جميع طرق الطعن بما في ذلك النقض .
و قد استعمال المشرع كلمة حذف و تمزيق ،بمعنى عدم اعتماده كوسيلة إثباتيه في جزء
منه أو كله.
وتمضي المحكمة في النظر في الدعوى األصلية دون االستناد إلى المستند الزور ،ألنه ال
يصح الحكم بتزوير الورقة أو صحتها و في الموضوع في وقت واحد.
: 90جاء بقرار محكمة النقض عدد 2681بتاريخ 09/05/2012ما يلي " ثبوت زورية عقد البيع تجعله منعدما و غير منتج ألي أثر و إن كان مسجال
في الرسم العقاري و كان المشتري حسن النية" مشار له عند محمد االزهر م .س /ص 463
382
:د محمد االزهر م .س /ص 436
الباب الرابع :النظام القانوني لمسؤولية الموثق.
حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق النظام القانوني لمسؤولية الموثق .استوجب منا االمر
تجزيئ هذا المقتضى هو االخر الى قطبين .نستعرض في أوالهما الحديث عن المسؤولية المدنية
للموثق في (مطلب األول) على أن نخصص (المطب الثاني) لتناول مقتضى المسؤولية التأديبية و
الجنائية للموثق.
ويقصد بها أيضا '' تحمل الشخص لنتائج وعواقب التقصير الصادر عنه أو عمن يتولى
الرقابة واإلشراف عليه ''.384
أما المسؤولية المدنية للموثق فتقوم على إخالله بأحد االلتزامات المهنية الملقاة على عاتقه
تجاه المتعاقدين ،فيتضررون على إثر هذا اإلخالل ،فيقوم في هذه الحالة حقهم في المطالبة
بالتعويض على ما لحقهم من خسارة وما فاتهم من ربح ،وأحكام المسؤولية في هذه الحالة تخضع
من حيث تطبيقها للقواعد العامة ،مع تقييدها بالقواعد المنصوص عليها في قانون التوثيق.
ويعتبر تحديد الطبيعة القانونية لمسؤولية الموثق المدنية من أدق وأصعب المسائل التي
يواجهها رجال القانون والفقهاء وكافة القضاة ،فهي غامضة سيما أن المشرع سكت عن تحديد
طبيعتها في قانون االلتزامات والعقود ،عموما والقانون المنظم لمهنة التوثيق على وجه
الخصوص.
383
_مأمون الكوزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء ،قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول.مصادر االلتزامات ،مطابع القلم ،بيروت ،الطبعة
الثانية ،س،1972.ص.367.
384
_أستاذنا محمد العلمي ،المسؤولية المدنية :العقدية والتقصيرية ،مطبعة قرطبة،ط الثالثة ،اكادير ،2016 ،ص.4
ثم إذا كانت المسؤولية في القواعد العامة تحتاج إلى أركان لتقوم ،فهي أيضا بالنسبة للموثق
تحتاج إلى عدة أركان و شروط لتتحقق ،ثم فبعد قيامها فإنها تنتج عدة أثار ،لكن قبل ذلك ال بد من
تحديد أساسها.
يعد التكييف القانوني ألي وضع مسألة في غاية الدقة ،385ولقد أثارت مسؤولية الموثق جدال
كبيرا حول تكييفها ،فهناك من يعتبرها مسؤولية عقدية وهناك من يعتبرها تقصيرية ،ويرجع هذا
االختالف إلى ازدواجية المسؤولية في القانون المدني المغربي بين عقدية وتقصيرية ،وكما هو
معلوم فالمسؤولية المدنية للموثق ال تخرج عن القواعد العامة المنظمة للمسؤولية المدنية بشكل عام
( مطلب أول ) كما أن مسألة أساسها القانوني كذلك فيه نقاش ( مطلب ثاني ).
انقسم الفقه في تحديد طبيعة مسؤولية الموثقين إلى قسمين :األول يرى أن مسؤولية الموثق
هي مسؤولية عقدية ،في حين أن الثاني يرى بأنها تقصيرية.386
بالطبيعة العقدية لمسؤولية الموثق المدنية ،كالدكتور محمد يقول أنصار هذا االتجاه
خيري ،387الذ ي يقول أن عالقة الموثق العصري كمحرر للعقد بزبونه ،تخضع لقواعد المسؤولية
التقصيرية ،فهذه المسؤولية تنشأ عندما يصدر عنه خطأ تقصيري منصوص عليه قانونا ،حيث تتم
مساءلته في إطار الفصلين 77و 78ـ من ق .إ .ع ،الذي يوجب المتسبب في الضرر تعويض
المتضرر.
385
_أستاذنا عبد الرزاق أيوب :التكييف القانوني األسس النظرية والجوانب العملية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الحسن الثاني
الدار البيضاء ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الحسن الثاني ،2005 ،ص.5
386
_ إبراهيم أوسعيد االلتزام بالنصح وأثره على المسؤولية المدنية للموثق ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،جامعة
القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش ،ص.58
387
_محمد خيري ،مهنة تحرير العقود بين التنظيم واإلطالق،ص91 .
أشار إليه عبد المجيد بوكبير:التوثيق العصري المغربي ،مكتبة السالم ،الطبعة الثانية ،س،2010ص. 214.
وا ستدل هؤالء بانتفاء العالقة التعاقدية بين الموثق و الزبون ،فمسؤوليته تؤسس على إخالله
بواجب قانوني ،388وبناء عليه فمسؤولية الموثق تقوم على الخطأ التقصيري وفقا لمقتضيات
389
الفصل 77من ق.ل.ع
ويقصد بالخطأ في المسؤولية التقصيرية إخالل شخص بالتزام قانوني مع إدراكه لهذا
اإلخالل وبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من الفصل 78من ق.ل.ع فإن '' الخطأ هو ترك ما كان يجب
فعله ،أو فعل ما كان يجب اإلمساك عنه ،وذلك من غير قصد إلحداث الضرر ''
كما أنه بالرجوع إلى المادة 29من القانون رقم 32-09نجدها تنص على انه "إذا امتنع
الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع تحمل مسؤولية الضرر المترتب عن هذا االمتناع"
الشيء الذي يؤكد أن القول بأن الزبون تربطه بالموثق عالقة تعاقدية أمر ال يصح التسليم به
باعتبار أن الموثق حسب ما نص عليه الفصل المذكور ال يملك حرية التعاقد مع الزبون ،ومن تم
وبالرجوع إلى فالموثقون رهن إشارة زبنائهم ألداء خدمة عامة مصدرها التزام قانوني.
المادتين 15و 16من الباب الثالث المتعلق بحقوق وواجبات الموثق من القانون رقم ،32-09
نستنتج أن الموثق ليس حر في تحديد أتعابه بل القانون هو من يتولى تحديدها وال يحق له أن
يتجاوزها تحت طائلة التأدي ب أو الزجر ،مما يفيد أن التحديد القانوني ألتعاب الموثق يجعل الزبون
على علم بالتزامه ،ومجرد لجوئه للموثق في هذه الحالة يجعله موافقا على االرتباط معه وفقا
للشكل الذي حدده القانون وهو الشيء الذي يؤكد انتفاء الرابطة العقدية بين الزبون والموثق.
390
من القانون 32.09نجدها تقر بأن مسؤولية الموثق ال تنتج ثم بالرجوع إلى المادة 26
عن فعله فقط بل تمتد إلى فعل مساعديه ،ودون أن تحدد طبيعة هذه المسؤولية ،وفقا لقاعدة
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع ،391وعليه فإن الموثق يمكن أن يسأل اتجاه زبنائه خارج دائرة
388
_تنص المادة 28من قانون ''32 .09.يسأل الموثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزه بسبب خطئه المهني ،ونتج عن هذا البطالن ضرر
ألحد األطراف''
389
_نص الفصل '' 77كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بينة واختيار ،ومن غير أن يسمح له به القانون ،فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ،ألزم مرتكبه
بتعويض هذا الضرر ،إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر.
وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم األثر''
390
_تنص المادة 26من القانون '' 32.09يتحمل الموثق مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية ،واألخطاء المهنية للمتمرنين لديه،
وأجرائه ،وفق قواعد المسؤولية المدنية''...
391
_ينص الفصل 85على '' ال يكون الشخص مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب ،لكن يكون مسؤوال أيضا عن الضرر الذي يحدثه
األشخاص الذين هم في عهدته...
التعاقد ،ومن تم فإن ا لقانون هو الذي نظم االلتزامات الملقاة على عاتق الموثق ،وأن العالقة التي
تربطه بزبنائه ما هي إال تطبيق لهذه المقتضيات وال دخل لإلرادة فيها.
بناء على هاته االستدالالت قال هؤالء بأن للمسؤولية طبيعة عقدية.
بعكس االتجاه األول ،هدا االتجاه يقول بأن مسؤولية الموثق ذات طبيعة عقدية ،تستمد أساسها
من العقد واالتفاق ،392فالموثق عندما يفتح مكتبا للتوثيق ويضع لوحة إشهاري خارج مكتبه وداخله
فإن ذلك يعتبر إيجابا ،لمن يرغب في إضفاء الرسمية على العقود ،ولجوء الشخص إلى الموثق هو
بمناسبة قبول إليجاب الموثق ،ثم بذلك فإن أركان العقد األساسية قائمة.393
بهذا فمقتضيات العقد هي التي تقرر مسؤولية الموثق ،فيكون التزامه غالبا التزاما بتحقيق
نتيجة ،394والمتمثلة في صحة المحرر الرسمي من الناحية الشكلية على األقل ،وفي هدا الصدد
قضى المجلس األعل ى ـمحكمة النقض حالياـ في قرار له '' لما كان الباعث في اإلشهاد بواسطة
الموثق هو ضمان نتيجة من المعاملة المشهود بها ،ودلك بحفض الحقوق القانونية وكل ما يترتب
على دلك من نتائج ،وهو باعث مشروع لحماية حقوقه ،يوجب على اتخاذ الموثق جميع اإلجراءات
الضامنة لنقل المل كية ،وأن نية المتعاقدين في اللجوء إلى الموثق تنصرف إلى تحرير عقد تام
صحيح وقابل للتنفيذ ،والتزامه إزاءهم بهذا العمل هو التزام بتحقيق غاية يستوجب اتخاذ الحيطة
تنفيذه ،حيث تبلغ مقدار العناية المطلوبة في ذلك الدرجة القصوى ،إذ يطلب دائما تحقيق هذه الغاية
من عمله .''395
392
_ العلمي الحراق" ،الوثيق في شرح قانون التوثيق" مطبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع – الرباط – الطبعة األول ص .67
393
_المهدي بوي ،المسؤولية المدنية للموثق ،دراسة على ضوء القانون ،32.09مقال منشور بالموقع االلكتروني www.droitentreprise.com
بتاريخ .2016/11/14
394
_قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ 20يوليوز 2006تحت عدد ،21114منشور بجريدة محكمة االستئناف بالدار البيضاء ،العدد الثاني،
.2012
395
_قرار ذكرته لطيفة أمهضون ،العمل القضائي المرتبط بمسؤولية الموثق والعدول ومحرري العقود ،مجلة محكمة االستئناف بالدار البيضاء العدد
الثاني ،س ،2012.ص.52.
لكن في ما يخص التزامه بالنصح واإلرشاد تجاه زبنائه ،فهو ملتزم ببدل عناية فقط ،كما أنه
ملزم بالقيام باإلجراءات الشكلية الواجبة إلتمام العقد ،سواء تعلق األمر بالتسجيل لدى إدارة
التسجيل والتمبر ،أو تطهير العقار من الضرائب ،396أو تقييد العقد لدى مصالح المحافظة العقارية.
ثم من تطبيقات هذا االتجاه كذلك :كون العقد الذي يجمع بين الموثق والزبون هو عقد وكالة،
لكن هذه الوكالة هي من نوع خاص ،حيث تخول للموثق تمثيل الزبون أمام اإلدارات العمومية
والخاصة والقيام بجميع اإلجراءات ،فهو يهتم بإدارة جميع المصالح المرتبطة باألطراف،397
بحيث أوجبت المادة 47من قانون التوثيق 32.09على الموثق تمثيل زبونه أمام إدارة التسجيل
والمحافظة العقارية و قيامه بإجراءاتها دون لزوم توكيل كتابي إذ تعتبر نيابته قانونية و
وجوبية.398
ويرى هذا االتجاه كذلك :ان العقد الذي يجمع بين المهني وزبونه هو إجارة صنعة،399
والسبب هو ان هذا العقد يتناسب أكثر مع وضعية الموثق والزبون ،400حيث أن الموثق يبذل جهدا
في تحرير عقد رسمي ،وتقديم كافة النصائح و التوضيحات ،في مقابل اتعاب محددة دون أن تكون
هناك رابطة تبعية بين الطرفين ،على اعتبار أن المشرع اعتبر مهنة التوثيق مهنة حرة ،وهذا ما
نصت عليه المادة 1من القانون 32.09المنظم لمهنة التوثيق والتي جاء فيها "إن التوثيق مهنة
حرة تمارس وفق الشروط وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص
الخاصة"
قدم هذا ا التجاه استدالالت ،وتطبيقات كثيرة للقول بطبيعة مسؤولية الموثق العقدية ،عرضنا
بعضها على أن نعرض خرى في المطلب الثاني المتعلق بأساس المسؤولية ،الرتباط الموضوعين.
396
_تنص المادة من مدونة تحصيل الديون العمومية '' 95في حالة انتقال ملكية عقار أو تفويته ،يتعين على العدول أو الموثقين أو كل شخص آخر
يمارس مهام توثيقية ،أن يطالبوا باإلدالء لهم بشهادة مسلمة من مصالح التحصيل تثبت أداء حصص الضرائب والرسوم المثقل بها العقار برسم السنة
التي تم فيها انتقال ملكية أو تفويته ،وكذا السنوات السابقة ،وذلك تحت طائلة إلزامهم بأدائها على وجه التضامن مع الملزم'' ٠٠٠
397
-سيدي محمد كمال المشيشي ،االلتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة في حالة االخالل بها ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش السنة الجامعية ،2012/2011ص .5
398
-جاء في المادة 47من قانون رقم " ، 32.09يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه لمكتب
التسجيل المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقيد في السجالت العقارية وغيرها
لضمان فعاليتها ويقوم بإجراءات التبليغ والنشر عند اإلقتضاء".
_399نظم المشرع إجارة الصنع في الفصول من 723إلى 727ثم الفصول من 780إلى 759من ق.ل.ع
400
_عبد المجيد بوكبير:التوثيق العصري المغربي ،م.س ،ص.215.
من خالل ما سبق وفي غياب تنصيص صريح على طبيعة المسؤولية المدنية للموثق نرجح
كقاعدة الرأي القائل بأن مسؤولية الموثق مسؤولية عقدية ،وذلك لعدة اعتبارات منها أن المشرع
المغربي نظم العالقة بين أرباب المهن الحرة والزبائن على أساس العقد ،كما أن الموثق عند فتحه
لمكتبه يعتبر إيجابا منه وبقبول الطرف اآلخر لهذا اإليجاب ينعقد العقد.
و هذا ما قضت به المحكمة االبتدائية بالرباط في احد أحكامها ،حيث جاء في حيثياته:401
حيث يهدف الطلب إلى الحكم على المدعى عليه الموثق بإرجاعه للمدعي (المشتري) مبلغ
( 55000.00درهم) الذي تسلمه منه ،وأدائه تعويضا عن الضرر الذي لحقه ،والحكم على
صندوق مال الضمان المالي للموثقين باألداء بصفته كفيال للموثقين ،وتحميل المدعى عليهم الموثق
وصندوق مال الضمان المالي للموثقين والدولة المغربية والعون القضائي للمملكة ،الصائر.
وحيث إن العالقة التعاقدية ثابتة بين الطرفين ،بمقتضاها أشرف المدعى عليه على كتابة وعد
بالبيع ،وتسلم أثره مبلغ 155000.00درهم دون إتمام العقد النهائي ،وأمام عدم وجود ما يفيد
إرجاع هذا المبلغ ،ويجب الحكم عليه باألداء.
وخلص الحكم في منطوقه إلى الحكم على المدعى عليه الموثق بأدائه للمدعي مبلغ
( 155000.00درهم) ثمن البيع ،مع تحميله الصائر ،والحكم على صندوق الضمان المالي
للموثقين بأداء نفس المبلغ بعد ثبوت إعسار المدعى عليه الموثق.
وهو الحكم الذي أيد استئنافيا بمقتضى القرار الصادر عن استئنافية الرباط.402
ويعد الط عن بالنقض في القرار المذكور من طرف الوكيل القضائي للمملكة ،وكذا صندوق
التأمينات للموثقين ،قضى المجلس األعلى برفض طلب النقض بناء على التعليل التالي:
لكن لئن كانت مقتضيات الفقرة الخامسة من الفصل 39من ظهير ماي 1925ال تجير رفع
الدعاوي بشأن التعويضات ضد صندوق التأمينات ،إال إذا بحث المدعي عن أمالك الموثق
401
_حكم ابتدائي صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط رقم 360ملف عدد ( )99/44/1بتاريخ 4/5/2000منشور بمؤلف لبنى الوزاني " المسؤولية
التأديبية على ضوء العمل القضائي'' ,ص 7و8.
402
-حكم استئنافي صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ 2001/6/27رقم ( )351في الملف عدد .27/00/5100منشور بمؤلف لبنى الوزاني
" المسؤولية التأديبية على ضوء العمل القضائي'' ,ص 10.
المسؤول بقصد بيعها ،وكان عجزه أو عجز نوابه ثابتا ،وذلك تحت طائلة عدم قبولها ،فإن
المطلوب في النقض لما أرفق مقاله بشهادة صادرة عن المحافظ العام تفيد أن المدعى عليه الموثق
ال يوجد ضمن الئحة مالكي العقارات المحفظة ،أو التي في طور التحفيظ ،ومحضر عدم كفاية
األشياء المحجوزة إثر صدور حكم ضده بأداء مبالغ مالية ،وذلك إلثبات قيامه بحث عن أمالكه،
يكون بذلك قد احترم المقتضيات المحتج بها ،وإن المحكمة لما قضت في الموضوع بصفة أصلية
على الموثق ،وبإحالل صندوق التأمينات محله في األداء بعد ثبوت إعساره مطبقة بذلك أحكام
الكفالة ،كان قرارها معلال تعليال سليما ،ومرتكزا على أساس ،ولم تخرق أي مقتضى قانوني ،مما
يبقى معه ما بالوسيلة على غير أساس.
سنتناول في هذا المطلب األساس الذي تقوم عليه المسؤولية المدنية للموثق ،ودلك في
فقرتين :نخصص األولى لألساس القانوني في المسؤولية العقدية ،على ان نخصص الثانية لألساس
القانوني في المسؤولية التقصيرية.
يرى بعض الفقه ،403والقضاء المغرب ،404والفرنسي ان مسؤولية الموثق المدنية على
اخطائه المهنية ،مسؤولية عقدية تقوم على االخالل بالتزام عقدي ،بالرغم من ان التزامات الموثق
تجد تتحدد في القانون 32,09المنظم لمهنة التوثيق ،وال دخل لألطراف في تقريرها.
بحيث تتم مساءلته وفق مقتضيات الفصل 230من ق.ل.ع ،405الذي يؤطر طبيعة العالقة
التي تجمع بين المتعاقدين ،حيث تعتبر االتفاقات المبرمة بينهما على وجه صحيح بمثابة القانون،
403
_عبد المجيد بوكبير:التوثيق العصري المغربي ،مكتبة السالم ،الطبعة الثانية ،س،2010ص. 201.202..
404
_حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط رقم 360ملف عدد 99\44\1بتاريخ 4ماي 2000منشور بكتاب لبنى الوزاني :المسؤولية التأديبية
للموثق في ضوء العمل القضائي ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط ،ط٠االولى ،ص٠8٠7٠
405
_تنص المادة 230على '' االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ،وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا
أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون''.
وفي هذه الحالة فالموثق ملزم باحترام التزاماته التعاقدية حتى ال يكون عرضة للمساءلة بناء على
مقتضيات الفصل السالف ويكون أيضا ملزما بتنفيذ االلتزامات بحسن نية طبقا لمقتضيات الفصل
406
وقد تكون مسؤولية الموثق تقصيرية ناتجة عن اإلخالل بالتزام قانوني ال 231من ق .ا .ع
407
من ق.ل .ع إضافة إلى مسؤوليته عن األشخاص تعاقدي تجد أساسها في الفصلين 77و78
التابعين له وفق الفصل 85من ق ل.ع ،408غير انهم اختلفوا حول اساس المسؤولية ،حيث
توزعت اآلراء الى نظرتين :نظرية العقد المسمى ،و نظرية العقد غير المسمى.
تقوم هده النظرية على ان العالقة بين الزبون و الموثق اساسها عقد مسمى ،وأورد هؤالء
عدة عقود:
عقد الوكالة :سبقت االشارة الى هذا في المطلب السابق ،إال أن هذا الرأي في نظرنا جانب
الصواب وذلك لعدم انسجام أحكام عقد الوكالة مع الدور الخطير الذي يضطلع به الموثق في
المجتمع ،وعدم انطباق أحكامها مع جميع التزامات الموثق ،كما أن المادة 47من قانون التوثيق
32.09قد أوجبت على الموثق تمثيل زبونه أمام إدارة التسجيل والمحافظة العقارية و قيامه
بإجراءاتها دون لزوم توكيل كتابي إذ تعتبر نيابته قانونية و وجوبيه.409
وتجدر اإلشارة ان في الجانب العملي درج الموثقون على تضمين عقودهم بسند يتضمن
تفويضا لهم ،والذي غالبا ما يكون على الشكل التالي:
'' يفوض الطرفان لألستاذ الموثق ...الموقع أسفله السلطات الكاملة لتنفيذ العقد وأداء كافة
الرسوم والمستحقات والضرائب وطلب جميع الوثائق والرخص اإلدارية'' 410.
406
-الفصل 231من ق .ا .ع بنص :كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ،وهو ال يلزم بما وقع التصريح به فحسب بل أيضا بكل ملحقات االلتزام التي
يقررها القانون أو العرف أو اإلنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته".
407
-ينص الفصل " 78كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه ال بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا وذلك عندما يثبت أن الخطأ هو
السبب المباشر في ذلك الضرر."...
408
-الفصل 85من ق .ل ع (ظهير 19يوليوز ) 1937ينص ":ال يكون الشخص مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب لكن يكون مسؤوال
أيضا عن الضرر الذي يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته"...
409
-جاء في المادة 47من قانون رقم " ، 32.09يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه لمكتب
التسجيل المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقيد في السجالت العقارية وغيرها
لضمان فعاليتها ويقوم بإجراءات التبليغ والنشر عند اإلقتضاء".
410
-سيدي محمد كمال المشيشي ,م س ,ص .88
عقد الوديعة :ويتجلى عقد الوديعة في عالقة الموثق بالمتعاقدين في نقطتين أساسيتين :
النقطة األولى تتجلى في تسلم الموثق للمبالغ المالية المتعلقة بثمن البيع من طرف المشتري
وحفظها الى غاية استكمال اجراءات التوثيق وتسليمها الى البائع
النقطة الثانية تتجلى في حفظ اصول الوثائق وكدا مختلف الوثائق والرسوم التي يدلي بها
الطرفان للموثق بمناسبة ابرام العقد
عقد إجارة الصنعة :كما سبق ذكره ففحوى هذا العقد التزام األشخاص الذين يباشرون الفنون
والمهن الحرة بتقديم خدماتهم لزبنائهم وال شك ان عالقة الموثق بالزبون تحكمها نفس المقتضيات
فالموثق يسخر طاقته وقوت ه وكفاءاته العملية و المهنية من اجل القيام بالمهمة الموكولة إليه من
طرف زبونه.
على عكس النظرية السابقة ،فهذه تقول بان عالقة الموثق بزبونه تقوم على اساس عقد ،لكنه
ليس عقد معروف في القانون ،اال انه عقد معترف بصحته قانونا تنشا عنه التزامات تعاقدية
صراحة وضمنا ،كما تنشا عنه االثار التي يقرها العرف والعدالة بالتالي فعالقة الموثق بالطرفين
هي عالقة خاصة ،فهو ليس مقاوال لديه وال اجيرا ،عنده بل ان عالقتهم تخضع لعقد خاص غير
مسمى ،انطالقا من طبيعة مهنة التوثيق الخاصة.
لقد نصص المشرع في الباب الثالث من القانون رقم ، 32.09وفي ق.ل.ع كذلك خصوصا
الفصول 77-78-230-231وفي مدونة تحصيل الديون العمومية المادة 95على مجموعة من
الواجبات على الموثق احترامها تحت طائلة المسؤولية.
بالتالي فمسؤولية الموثق التقصيرية تقوم على اساس عدم احترام التزام قانوني ،ولتحقق
المسؤولية التقصيرية ال بد من اكتمال اركانها ) الخطأ ،الضرر ،العالقة السببية (411.
إن المسؤولية المدنية للموثق ال تتحقق إال إذا توافرت شروطها القانونية ،طبقا ألحكام قواعد
القانون المدني وقواعد القانون المنظم لمهنة التوثيق ،وهي الخطأ والضرر ،ثم العالقة السببية )412
المطلب االول ( ولما تكتمل اركانها فهي تنتج عدة اثار) المطلب الثاني (
كما ذكر من قبل فالمسؤولية المدنية للموثق تخضع للقواعد العامة مع احترام القانون المنظم
لمهنة التوثيق العصري 32,09ببهذا فهي تتحقق بثالثة اركان اساسية :
والمشرع المغربي لم يحصر االخطاء التي تعتبر مهنية في القانون في القانون 09-32انما
جاء بصياغة عامة تدخل فضمنها كل االخطاء التي تمس االلتزامات الملقاة على عاتقه
411
_سوف نفصل في االركان في ما سياتي
_412مأمون الكوزباري :م.س،ص.374
413
-في هذا الصدد انظر الفصل 78من ق .ل .ع
414
-الخطأ العقدي هو عدم تنفيذ وااللتزام الناشئ عن العقد
ونميز بين نوعين من الخطأ المهني :الخطأ المضر بالغير بصفة عامة والخطأ المضر
بأطراف العقد بصفة خاصة:
فالخطأ المضر بالغير بصفة عامة ال يمس مصلحة المتعاقدين ،فقد ينصب التعاقد على عقار
ليس في ملكية المتعاقدين وليس لهما الحق في التحريف فيه سواء عن طريق الخطأ والتدليس أو
التواطؤ وهو ما يحدث ضرر مصالح مالك العقار وهنا فالموثق يتحمل مسؤولية خطئه وتكون
مسؤولية تق صيرية ،ونعتقد أن هذا ما قصده المشرع في المادة 27لما نص أن "يتحمل الموثق
مسؤولية كل ما يضمنه في العقود والمحررات من تصريحات وبيانات يعلم مخالفتها للحقيقة أو
كان بإمكانه معرفتها أو العلم بها".
415
من أما الخطأ المضر بأطراف العقد هو الخطأ الذي نص عليه المشرع في المادة 28
قانون المنظم لمهنة التوثيق ،أي الخطأ المهني المنتج لبطالن العقد ،ويسبب ضررا ألحد أطراف
العقد ،وتعتبر مسؤولية الموثق هنا مسؤولية عقدية ،تنجم عن إخالل الموثق بالتزامه بالتأكد من
عدم وجود ما يبطل العقد أو يجعله قابال لإلبطال كأن يالحظ من خالل مجلس العقد أن أحد
المتعاقدين يريد التدليس على الطرف اآلخر أو أن أحد األطراف في وضعية إكراه ،لكنه لم يرشده
ولم ينبهه وتمادى في تلقي العقد وتحريره وعلى كل فإن المحكمة إذا قضت بإبطال العقد فمن حق
المتعاقد المتضرر مطالبة الموثق بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب الخطأ المهني الذي
ارتكبه الموثق.416
لن نتناول اركان الضرر الن هذا سوف يجعلنا نطيل في العرض
يراد بالضرر األذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه ومصلحة مشروعة له ،سواء
كانت هذه المصالح مادية أو كانت معنوية ،417ويعتبر الضرر شرط لقيام المسؤولية المدنية للموثق
عقدية كانت أو تقصيرية ،إذ ال يكفي لقيام مسؤولية الموثق المدنية بثبوت خطئه ،بل يجب أن ينجم
415
-المادة 28من قانون رقم 32.09تنص على "يسأل الموثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزه بسبب خطته المهني ،ونتج عن هذا البطالن
ضرر ألحد األطراف".
416
-العلمي الحراق ،مرجع سابق ،ص .75
-417مأمون الكوزباري :م.س،ص.396
عن هذا الخطأ ضرر يصيب الزبون أو الغير في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة وإال انتفت
مصلحة المتضرر في ممارسة دعوى المسؤولية ،والضرر كما هو معلوم نوعان ضرر معنوي
وضرر مادي.418
وبالنسبة للعمل التوثيقي نجد مهمة الموثق تتمثل في إضفاء الرسمية على العقود وبالتالي قد
يمس المعامالت العقارية والتجارية والمالية لألفراد ،الشيء الذي يفيد أن الضرر الذي يمكن أن
يتسبب فيه خطأ الموثق هو ضرر مادي وبالتالي يكون من المستبعد حصول ضرر معنوي في
مجال التوثيق.
إن العالقة السببية كركن ثالث لقيام المسؤولية المدنية للموثق هي الرابطة التي تجمع بين
الخطأ الذي ارتكبه الموثق والضرر الناتج عنه بمعنى أن يكون خطأ الموثق هو الذي سبب الضرر
للزبون المضرور ،وبالتالي فإن مسؤولية الموثق مقرونة بصدور خطأ عنه ،وحدوث ضرر كأن
يكون الضرر ناشئا بشكل مباشر عن الخطأ ،ففي الحالة التي يكون فيها الخطأ قد أضر بالغير الذي
ليس طرفا في العقد فالضرر يكون ناتجا مباشرة عن الخطأ ويخضع للقواعد العامة طبقا
419
(مسؤولية تقصيرية) أما في الحالة التي يكون لمقتضيات المادة 26من قانون رقم 32.09
فيها الخطأ قد أضر بالمتعاقد ،فإن الضرر هنا ال يكون ناتجا عن الخطأ مباشرة ،بل ناتجا عن
421 420
من نفس القانون مع التأكيد على االستثناء الوارد بالمادة 29 بطالن العقد طبقا للمادة 28
من القانون المذكور المتعلق بحالة امتناع الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع.
418
-فالضرر المادي هو الذي يصيب اإلنسان في ذمته المالية أو في جسمه وهو إما ضرر مالي أو جسماني أما الضرر المعنوي هو الذي يصيب
اإلنسان في ناحية غير مالية.
419
-وقد جاء في الفقرة األولى من هذه المادة" :يتحمل الموثق مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية واألخطاء المهنية للمتمرنين لديه وفقا
لقواعد المسؤولية المدنية.
420
-التي تنص على أنه" :يسأل الموثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزت الموثق بسبب خطئه المهني وينتج عن هذا البطالن ضرر ألحد
األطراف".
421
-الذي نص " :إذا امتنع الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع تحمل مسؤولية الضرر المترتب عن هذا االمتناع".
المطلب الثاني :اثار قيام المسؤولية المدنية للموثق
لما تقوم مسؤولية الموثق مستجمعة لكافة اثارها يمكن للمتضرر رفع دعوى امام المحكمة
المختصة إال ان هذا مرتبط بعدم تقادم هده الدعوى ) الفقرة االولى ( وعندما يدعي المتضرر
مسؤولية الموثق فعليه ان يتبثها بكافة ارانها من اجل استحقاق التعويض ) الفقرة الثانية (
يمكن ألي شخص يدعي أنه تضرر من فعل الموثق أو خطاه ان يقوم بتحريك دعوى في
مواجهة هذا الموثق على أساس المسؤولية المدنية لكن لتكون دعوى هذا االخير مقبولة ال بد من
احترام الشروط المحددة في القانون
االختصاص :المحكمة االبتدائية هي صاحبة الوالية العامة بمقتضى الفصل 18من ق.م.م
وبالتالي فالمحكمة االبتدائية هي صاحبة االختصاص في قضايا مسؤولية الموثق المدنية هذا من
ناحية االختصاص النوعي اما االختصاص المكاني فهو للمحكمة التي يوجد بدائرتها موقع مكتب
الموثق مع احترام االستثناءات الخاصة بإمكانية تلقي الموثق خارج مكتبه
األطراف :هما المدعي والمدعي عليه و في اطار مسؤولية الموثق المدنية فالمدعي يكون
فيها هو الزبون الذي تضرر من خطا الموثق اما هذا االخير فهو المدعى عليه
ان الدعوى مسؤولية الموثق المدنية ليست مؤبدة بل لها اجل يجب على الزبون المتضرر أال
يفوته تحت طائلة ضياع حقوقه تجاه الموثق المخل بالتزاماته المحددة في القانون
ففي حالة مسؤولية الموثق تجاه احد االطراف فان التقادم يخضع لمقتضيات الفصل 387من
من ق.ل.ع
اما اذا ك انت دعوى مسؤولية الموثق المدنية تجاه الغير الذي ليس طرفا في العقد فان التقادم
يخضع لمقتضيات الفصل 106من ق.ل.ع الذي ينص على '' إن دعوى التعويض من جراء
جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق
المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه .وتتقادم في جميع األحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من
وقت حدوث الضرر ''
اما فيما يخص دعوى الضمان التي ترفع ضد صندوق ضمان الموثقين فهي تتقادم بمرور
خمس سنوات.422
فعلى المتضرر ان يثبت الخطأ و الضرر و العالقة السببية بين الخطأ و الضرر لكن اليس
في هذا بعض الحيف وعدم العدالة ضد المضرور الذي غالبا لن يجد ما يثبت خطا الموثق هذا
االخير الذي يعرف خبايا التوثيق و الدعاوى العقارية بعكس االول الذي غالبا ما يكون اميا في هده
االمور
إذا ثبتت مسؤولية الموثق عن الضرر يكون ملزما بأداء التعويض لفائدة المتضرر ،مع العلم
بأن المحكمة ثبت في دعوى التعويض وفقا للقواعد العامة ولها السلطة التقديرية في تقدير
422
_تنص المادة 95القانون القانون ‘’ 32-09تتقادم دعاوى الضمان بمرور خمس سنوات على يوم التصريح بثبوت مسؤولية الموثق أو نائبه بحكم
نهائي‘’ .
423
_الفصل '' 399إثبات االلتزام على مدعيه ''
424
الفصل '' 400ال يلزم ،إلثبات االلتزامات ،أي شكل خاص ،إال في األحوال التي يقرر القانون فيها شكال معينا.
إذا قرر القانون شكال معينا ،لم يسغ إجراء إثبات االلتزام أو التصرف بشكل آخر يخالفه ،إال في األحوال التي يستثنيها القانون.
إذا قرر القانون أن يكون العقد مكتوبا اعتبر نفس الشكل مطلوبا في كل التعديالت التي يراد إدخالها على هذا العقد ''
التعويض المستحق حسب الظروف الخاصة بكل حالة وجسامة الضرر الحاصل وال تخضع في
ذلك لرقابة محكم ة النقض إال من حيث العناصر التي اعتمدتها في تكييف الضرر .والجهة التي
تضمن هذا التعويض هي صندوق التأمين وصندوق الضمان للموثقين.
وبموجب المادة 94من القانون 32-09احدث صندوق لتأمين وضمان الموثقين وهدف
صندوق الضمان للموثقين هو الحلول محل الموثقين في أداء المبالغ المحكوم بها عليهم لفائدة
األطراف المتضررة .ومن الطبيعي أن المقصود بذلك هو الضرر الحاصل لألغيار من كل عمل
قام به الموثقون في النطاق المهني.
والحلول في األداء ليس مطبقا وآليا ،بل يكون في حالة عجز الموثق عن األداء ،أو في حالة
عدم كفاية المبالغ التي يجب أن يؤديها الجانب المؤمن للموثق ،والسيما عندما يكون هناك تحديد
لسقف المبالغ التي يمكن أن تحل فيها شركة التأمين محل المؤمنين لديها لألداء ،وكذلك في حالة
انعدام التأمين.
يترتب عن إخالل الموثق بما يلزم مهنته من نزاهة و شرف و وقار وأمانة ،وغيرها من
الصفات التي تفرضها ممارسة المهنة و تفرضها النصوص القانونية أيضا ،مسؤولية تأديبية قد
تصل الى العزل أو التوقيف عن ممارسة المهنة لمدة معينة وقد تصاحبها عقوبات أخرى ،و
مسؤولية جنائية عند ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون المنظم للمهنة أو تلك
التي نص عليها القانون الجنائي ،و للوقوف بشكل مفصل عند هاته المسؤوليات سنقسم هذا الفصل
الى مبحثين (األول) سنخصصه للمسؤولية التأديبية في حين سنتطرق للمسؤولية الجنائية في
(المبحث الثاني).
ال يترتب عن اإلخالل بااللتزامات المنوطة للموثق قيام مسؤوليته المدنية أو الجنائية فقط،بل
هناك ما يسمى بالمسؤولية التأديبية والتي تتجلى عموما في مخالفة القواعد و االلتزامات المهنية
التي يفرضها القانون المنظم للمهنة أو التوجهات المهنية.
وهذا ما سنتناوله بالدراسة والتحليل في مطلبين،حيث سنعرج على تبيان اإلطار القانوني
للتأديب في (المطلب األول)،على أن نخصص(المطلب الثاني) لدراسة مسطرة المتابعة والمحاكمة
و طرق الطعن في المقررات التأديبية .
لإلحاطة باإلطار القانوني للمسؤولية التأديبية للموثق،البد من اإلشارة إلى المخالفات التأديبية
(الفقرة األولى) وذكر العقوبات المقررة لهده المخالفات (الفقرة الثانية).
الفقر ة األولى:المخالفات التأديبية
حدد المشرع من خالل القانون المتعلق بالتوثيق العصري ،32-09العديد من العديد من
االلتزامات الواجب على الموثق مراعاتها أثناء ممارسته لمهنته ،و ايضا على أمور يمنع عليه
إتيانها تحت طائلة قيام المسؤولية التأديبية المهنية.425
بناء على ذلك سنحاول ان نقف عند أهم المخالفات التي تم التنصيص عليها من خالل قانون
32-09المنظم لمهنة التوثيق العصري.
ال ينحصر دور الموثق في تحرير عقد اإلشهاد على االتفاقات بين الطرفين المتعاقدين و
إضفاء صفة الرسمية عليها ،بل أيضا يعتبر ملزما بتحقيق النتيجة المتوخاة من العقد ،و التزامه في
هذا الشأن هو إلتزام تعدى بذل عناية إلى تحقيق الغاية ،و هذا ما أقرته المادة 2من القانون -09
، 32والتي جاء في حيثياتها أنه "يتقيد الموثق في سلوكه المهني بمباذيء األمانة والنزاهة و
التجرد و الشرف و ما تقتضيه األخالق الحميدة و أعراف و تقاليد المهنة".426
وفي نفس السياق نجد المادة 26من نفس القانون و التي أقرت على أن الموثق يتحمل
مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية ،و األخطاء المهنية للمتمرنين لديه و أجرائه ،وفق
قواعد المسؤولية المدنية.427
وفي هذا اإلطار أقر الدكتور حفيظ بن محمد لحمادي صافي أنه من الجائز القول بكون
المسؤولية التأديبية للموثق العصري أساسا لمسؤوليته المدنية أيضا شرط توفر اركان هاته األخيرة
.428
كما تنص المادة 73من القانون 32-09على أنه إدا تبت في حق كل موثق ممارس لمهنته
مخالفة للنصوص القانونية المنظمة للمهنة ،أو أخل بواجباته المهنية ،أو أرتكب أعماال تمس
425
_-لبنى الوزاني،المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء العمل القضائي،مكتبة دار السالم،الرباط،2011،ط األولى،ص
426
-المادة 2من قانون .32-09
427
-المادة 26من قانون .32-09
428
-حفيظ بن محمد لحمادي صافي،المسؤولية المدنية للموثق على ضوء العمل القضائي،مطبعة الهداية،ط األولى،تطوان ، 2017ص .19
بشرف المهنة أو االستقامة ،أو األخالق ،فإنه يتعرض لمتابعة تأديبية أمام اللجنة المختصة التي
تصدر عقوبات تأديبية ضده.429
وال معنى لمخالفة النصوص القانونية المنظمة للمهنة وحدها بل بل قد يتعرض الموثق الى
هذه العقوبات حتى لو خالف النصوص القانونية األخرى ،و ال سيما تلك التي لها عالقة بممارسة
مهنة التوثيق .430
وقد نصت المادة األولى من قانون 32-09أن المهنة تمارس وفق الشروط و االختصاصات
المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة.
و بالتالي فكل مخالفة لهذا القانون أو للنصوص الخاصة توجب التعرض للمساءلة و
المتابعة.431
الموثق ملزم بتأمين المبالغ المودعة لديه،عن طريق إيداعها بصندوق اإليداع و التدبير فور
تسلمها ،وفق مانصت عليه المادة 33من القانون 32-09حيث أغلقت هذه المادة المجال أمام
احتفاظ الموثق بالمبالغ المودعة لديه بأي مبرر كان.432
أدرج المشرع مجموعة من المخالفات في إطار الباب الثالث المتعلق بحقوق و واجبات
الموثق ومن هذه المخالفات نجد أنه ال يحق للموثق تحت طائلة المتابعة التأديبية و الجزرية أن
يتقاضى أكثر من أتعابه ومما أداه عن األطراف بصفة مثبتة.433
كما نجد أن على الموثق المحافظة على السر المهني و يقع نفس االلتزام على المتمرنين لديه
و أجرائه.434
429
-المادة 73من قانون .32-09
430
-الدكتور العلمي الحراق ،الوثيق في شرح قانون التوثيق ،دار السالم ،ط ،1الرباط ،2014،ص .158
431
-الدكتور العلمي الحراق ،م س ،ص .158
432
-المادة 33من قانون .32-09
433
-المادة 16من قانون .32-09
كما نص المشرع في المادة 25على أنه "يمنع على الموثق تسليم مستندات أو ملخص منها
لغير من له الحق فيها طبقا للقانون ".435
في حالة ثبوت المخالفة في حق الموثق تستوجب هذه المخالفة إصدار عقوبات تأديبية ،وقد
أجملها المشرع في عقوبات من الدرجة األولى و تشمل اإلنذار و المالم ،و عقوبات من الدرجة
الثانية و تشمل التوقيف المؤقت عن العمل و العزل .438
حصر المشرع العقوبات التأديبية التي يمكن للجنة أن تحكم بها على كل موثق وقع في
المخالفات في :اإلنذار ،التوبيخ ،أو اإليقاف عن ممارسة المهنة لمدة ال تتجاوز سنة ،أو العزل.439
و يسوغ لهذه اللجنة أن تصدر العقوبات التأديبية الثالث األولى مقرونة بعقوبات إضافية كأن
تحكم باإلنذار مع الحرمان من الحق في الترشيح لعضوية المجلس الوطني ،أو بالتوبيخ و
الحرمان من الحق في الترشيح لعضوية المجالس الجهوية للموثقين.440
434
-المادة 24من قانون .32-09
435
-المادة 25من قانون .32-09
436
-المادة 27من قانون .32-09
437
-المادة 72من قانون .32-09
438
-الفصل 30من ظهير 4ماي 1925الملغى.
439
-المادة 75من قانون .32-09
440
-المادة 73من قانون .32-09
ويمكن أن تكون العقوبات المذكورة مقرونة بعقوبات إضافية أخرى غير تلك التي ذكرت في
المادة التي أوردت ذلك على سبيل المثال ال الحصر.
وليس في المادة ما يوجب التقيد في الحكم بالعقوبات المذكورة بالترتيب الوارد فيها ،بل
يجوز الحكم في المتابعة األولى بالعزل من المهنة أو باإليقاف عن ممارسة المهنة للمدة المذكورة ،
وذلك تبعا لجسامة المخالفة.441
يتم تحريك مسطرة تأديب الموثق في حالة إخالله بأحد الواجبات القانونية و كذا أعراف و
أخالقيات المهنة.
وهذا ما سنعالجه في هذا المطلب من خالل التطرق إلى الجهة المخالفة بتحريك مسطرة
المتابعة(الفقرة األولى) و طرق الطعن في المقررات التأديبية في (الفقرة الثانية).
إذا كان ظهير 4ماي 1925لم يشر إلى الجهة المحركة لمسطرة تأديب الموثقين ومن تم يتم
الرجوع للقواعد العامة ،فإن قانون 32-09نص على الجهة التي بإمكانها تحريك مسطرة المتابعة
التأديبية من خالل المادة 79من القانون نفسه.442
ويمكن القول أن المشرع حدد الجهة التي لها حق تحريك المتابعة التأديبية :
أوال-من خالل الوكيل العام للملك إما من تلقاء نفسه و إما عن طريق المتضرر من أعمال
الموثق.
441
-الدكتور العلمي الحراق ،م س ،ص .161
442
-المادة 79من قانون .32-09
ثانيا-عن طريق المجلس الجهوي للموثقين إذا أحيلت عليه الشكاية بصفة مباشرة شرط تقديمه
تقريرا حول موضوع الشكاية و تقديمه إلى الوكيل العام للملك.
وتجدر اإلشارة إلى أن اللجنة المذكورة في المادة 11من القانون 32-09هي المكلفة بالبث
في المتابعات التأديبية للموثقين أو المتمرنين.444
أما في حالة إذا كان الموثق المتابع عضوا في هذه اللجة ،فيتعين عليه االنسحاب من عضوية
اللجنة و يحل محله موثق أخر.445
بعد إصدار اللجنة المقرر التأديبي في مواجهة الموثق المتابع يوجهه رئيسها فور تحريره و
التوقيع عل يه إلى الوكيل العام للملك المختص الذي يجب عليه أن يبلغه إلى وزارة العدل،و نسخة
443
-الدكتور العلمي الحراق،م س ،ص .180
444
-المادة 11من القانون .32-09
445
-المادة 81من القانون .32-09
منه ومن المقرر و من محضر التسليم إلى المجلس الوطني والمجلس الجهوي للموثقين المختص
ترابيا.446
هذه اإلجراءات يجب أن تتم وفق المقتضيات المذكورة سواء تعلق األمر بصدور عقوبة أو
بالبراءة ،و سواء كانت العقوبة إنذارا أو توبيخا.447
أما إذا كانت العقوبة إيقافا عن ممارسة المهنة لمدة ال تتجاوز سنة أو عزال فإن رئيس اللجنة
يشعر كذلك كل من الوزير المكلف بالمالية و المحافظ على األمالك العقارية لوضعهما في الصورة
،و حتى يتم التعامل مع المعني باألمر على هذا األساس.
أما فيما يخص الطعن في مقررات ألتأديب فقد أجازت المادة 84من القانون 32-09الطعن
في هذه المقررات ،غير أنه ليس لهذا الطعن أثر واقف ،بمعنى أن هذا الطعن ال يوقف التنفيذ
للمقرر مبدئيا إال إذا قرر القضاء المختص إيقاف تنفيذه طبق لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة
نفسها.448
ويقدم الطعن في مقررات التأديب و كذا المطالبة بإيقاف تنفيذها طبقا للقواعد و اإلجراءات
المنصوص عليها في القانون رقم 41-90المحدث بموجب المحاكم اإلدارية.
والطعن في مقررات التأديب أمام المحاكم اإلدارية يعني أنها ستخضع – عند االقتضاء –
ل لطعن فيها باالستئناف اإلدارية ثم الطعن فيها بالنقض أمام محكمة النقض (الغرفة اإلدارية).449
إن المسؤولية الجنائية لها عالقة كبيرة بالنظام العام،وتجدر االشارة ان مفهوم النظام العام
يختلف من بلد ألخر ،إذ إن مخالفته تستتبع توقيع الجزاء،الذي قد يكون عقوبة حبسية أو سجنية أو
تدبير وقائي ال تقوم إال بحصول ضرر للمجتمع والذي ينتج عن عمل أو االمتناع عن عمل مخالف
للقانون ،والموثق العصري بحكم مهنته قد يكون معرض للمسائلة الجنائية نتيجة ارتكابه لجرم أثناء
446
-المادة 83من القانون .32-09
447
-الدكتور العلمي الحراق ،م س ،ص .181
448
-المادة 84من القانون .32-09
449
-الدكتور العلمي الحراق ،م س ،ص .182
ممارسته لعمله بالتزوير لوثيقة قانونية وجزاؤها العقوبة الثابتة كحق للمجتمع والتي تتمثل في
الغالب في المساس بحريته كحبسه أو سجنه أو مصادرة أمواله ،وربما اجتمع بعض هذه العقوبات
أو كلها في آن واحد.
وبالتالي إذا كان الهدف من المسؤولية التأديبية هو إنذار الموثقين أو توبيخهم ،أو حتى
إيقافهم أو عزلهم ،وكذا من المسؤولية المدنية تعويض المتضررين من أخطاء الموثقين ،فإن
المسؤولية الجنائية تهدف إلى حماية المجتمع من خالل حماية المصلحة العامة وذلك بإلحاق
العقوبة بكل من تسول له نفسه االعتداء على الثقة وشرف المهنة.
ولإلحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بالمسؤولية الجنائية للموثق قسمنا هدا المبحث إلى
مطلبين ،خصصنا األول للمسؤولية الجنائية للموثق على ضوء قانون 32.09في حين أفردنا
الثاني لمسؤولية الموثق الجنائية على ضوء القانون الجنائي
لقد نص القانون المنظم لمهنة التوثيق على مقتضيات زجرية في قسمه الخامس تحت عنوان
المقتضيات الزجرية ،وقد خصصنا هذا المطلب لمعالجة بعض هذه المقتضيات ،وذلك من خالل
ثالث فقرات (،الفقرة األولى) جريمة سمسرة الزبناء( ،الفقرة الثانية) المخالفة المتعلقة باإلشهار،
(الفقرة الثالثة) امتناع الموثق عن تسليم الوثائق بعد صدور قرار العزل.
نظم المشرع هذه النقطة في المادة 90من قانون التوثيق ،32.09التي تنص على أن" :
المادة 90من قانون : 32.09يمنع على الموثق القيام مباشرة أو بواسطة الغير بأي إشهار أو
اللجوء إلى أي عمل يدخل في نطاق سمسرة الزبناء أو جلبهم.
يعاقب على المخالفة مقتضيات الفقرة بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات والغرامة من
20000إلى 40000درهم مع مراعاة العقوبات التأديبية التي قد تطبق على الموثق سواء كان
فاعال أصليا أومساهما أو مشاركا" .وتندرج هذه األخيرة ضمن المقتضيات الزجرية التي تطرق
لها المشرع في نطاق الحرص على كرامة وعز ورفعة الهيئة ،والحفاظ على المنافسة الشريفة.
فاللجوء إلى االستقطاب الغير المشروع للزبناء هو تصرف ال يليق بهذه المهنة ،ويؤثر على
حرية األفراد في اختيار من يشهد على إبرام وعقد معامالتهم فضال على أنه يؤثر على العالقة بين
الموثقين.450
والعقوبة التي أفردها المشرع قاسية ،حددها في مدة تتراوح بين سنتين وأربع سنوات سواء
كان الموثق فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا ،فضال عن تعرضه للمتابعة التأديبية.
فضال عن تعرضه للمتابعة التأديبية التي نجد سندها في المواد من 72إلى 89من القانون
32.09حيث تنص المادة 73على أنه "يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل موثق خالف
النصوص القانونية المنظمة للمهنة ،أو أخل بواجباته المهنية ،أو ارتكب أعماال تمس بشرف المهنة
أو االستقامة أو التجرد أو األخالق الحميدة أو أعراف وتقاليد المهنة" وتتمثل هذه العقوبات حسب
المادة 75فيما يلي" :اإلنذار ،التوبيخ ،اإليقاف عن ممارسة المهنة ال تتجاوز سنة أو عزل."...
هذه المخالفة نصت عليه الماد 91من قانون التوثيق 32.09التي تنص على أنه " :يمنع
على الموثق القيام بعمليات اإلشهار شخصيا أو بواسطة الغير ،غير أنه يحق للموثق أن يتوفر على
موقع في وسائل االتصال االلكترونية يشير فيه باقتضاب إلى نبذة عن حياته ومساره الدراسي
والمهني ،وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه ،شريطة الحصول على إذن مسبق من رئيس
المجلس الجهوي للموثقين بمضمون ذلك.
450
-محمد ليديدي :مهنة التوثيق .قراءة في قانون 32.09المنظم لمهنة التوثيق ص .132
يجوز للموثق أن يضمن في اللوحة البيانية الموضوعية البيانية الموضوعة خارج البناية التي
بها مكتبه أو بداخلها اسمه الكامل وصفته كموثق وكذا لقب الدكتور في الحقوق عند االقتضاء،
ويحدد شكل اللوحة بقرار لوزير العدل.
يعاقب على مخالفة األحكام المتعلقة باللوحة بغرامة من 1200إلى 5000درهم ويعاقب
على مخالفة األحكام المتعلقة باللوحة بإحداث الموقع االلكتروني بغرامة من 2000إلى 10000
درهم" .التي منعت قيام الموثق باإلشهار اللهم إذا تعلق األمر بإنشاء موقع في وسائل االتصال
االلكترونية يشير فيها باقتضاب إلى نبدة عن حياته ومساره الدراسي والمهني ،ويقوم الموثق بنشر
وبث هذه المعلومات وإعطائها االنطالقة في موقعه بعد استئذان رئيس المجلس الجهوي للموثقين
وإطالعه عن فحوى ومضمون ما يحمله الموقع.
كما حدد المشرع البيانات التي يجب أن تتوفر في اللوحة دون سواها ،إذ يجب أن يكتب فيها
االسم الكامل والصفة واللقب ودكتور في الحقوق عند االقتضاء.
الفقرة الثالثة :جنحة عدم تسليم الوثائق بعد صدور عقوبة العزل
بمجرد أن يتم توقيف الموثق سواء مؤقتا أو نهائيا ،يجب أن يسلم للموثق المعين مكانه داخل
أجل حدده المشرع في 15يوم من تاريخ التبليغ ،أصول العقود وسجالت المحاسبة وكافة
المحفوظات وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 23من هذا القانون 451على أساس أن ترجع
إلى الموثق الموقوف مؤقتا أو تسلم للموثق الذي عين خلفا له.452
وقد رتبت المادة 87من هذا القانون 453جزاء االمتناع عن تسليم الوثائق وهي عقوبة
زجرية قد تصل إلى الحبس و الغرامة أو إحداهما.
451
-المادة 23من ق : 32.09يجب على الموثق المعفى تسليم خلفه كل أصول العقود وملحقاتها والسجالت والوثائق المحفوظة لديه والقيم المودعة
بمحضر يوقع من طرفه ومن طرف خلفه بحضور الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف أو من ينوب عنه وممثل عن الوزير الكلف بالمالية
ورئيس المجلس الجهوي للموثقين أو من ينوب عنه .إذا تعذر حضور الموثق المعفى أو امتنع عن ذلك ناب عنه رئيس المجلس الجهوي.
452
-محمد ليديدي م س ص .128
453
-المادة 87من ق 32.09يجب على الموثق الذي صدرت في حقه عقوبة العزل أو اإليقاف أن يسلم للموثق المعين في محله داخل أجل 15يوما
من تاريخ تبليغه بالمقرر أصول العقود ومجالت المعاينة وكافة المحفوظات وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة 23من هذا القانون.
يعاقب الموثق الذي امتنع من تسيليم الوثائق طبقا لمقتضيات الفقرة السابقة بالحبس من 3أشهر إلى سنة وغرامة من 20.00إلى 40.000درهم أو
بإحدى هاتين العقوبتين.
ترجع الوثائق إلى المعني باألمر بعد انتهاء مدة اإليقاف أو في حالة إلغا ء قرار العزل أو تسلم إلى خلف الموثق المعزول في حالة العزل وفق الكيفيات
المنصوص عليها في المادة 23من هذا القانون.
المطلب الثاني :المسؤولية الجنائية للموثق على ضوء القانون الجنائي
إن قيام المسؤولي ة الجنائية يستوجب ارتكاب الموثق لخطا أثناء ممارسته لمهنته يعاقب عليه
بمقتضى القانون الجنائي فضال عن قانون التوثيق السالف الذكر ،وسنحاول جرد بعض الجرائم
المتعلقة بالموثق والموجبة للمسائلة الجنائية له.
نص المشرع على هذه الجريمة في الفصل 241من ق.ج ،حيث أكد على أنه يعاقب
كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أمواال عامة أو خاصة أو
سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو
بسببها.454
وبتمعن هذا الفصل يتضح أن المشرع لم يعرف االختالس ،وإنما عمد فقط إلى ذكر صور
االختالس ووصف األشخاص المرتكبين له،وكدا طبيعة المال المختلس.455
ويهدف المشرع من تجريم اختالس المال العام إلي حماية األموال الخاصة باإلدارة
العامة التي توجد بين يد القائمين بأعباء ال وظيفة العامة بسبب هذه الوظيفة ،كما أن فعل الموظف
ينطوي على خيانته لألمانة التي حملتها الدولة للموظف بعبثه بما عهد إليه بحفظه .
ولقيام هذه الجريمة ال بد من توفر أركان منها الركن القانون الذي ذكرناه سابقا:
الصفة :
-454الفصل 241من ق.ج" يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو
اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أمواال عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته
أو بسببها.
فإذا كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن مائة ألف درهم ،فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات،
وبغرامة من ألفين إلى خمسين ألف درهم".
455
-مجلة القبس المغربية للدراسات القنوننية والقضائية ،العدد الخامس ،يونيو ،2013ص37
ونقصد بها صفة الجاني أي كونه موظف عمومي وفق المفهوم الذي حدده الفصل 224
من ق.ج .فال تقوم الجريمة إذا أنتفت عن الفاعل صفة الموظف العمومي أومن في حكمه
كالموثق،و أن يكون المال قد دخل في حوزته بدون أن يكون لوظيفته شأن في تلك الحيازة .
أن يقع اختالس أو تبذير أو احتجاز أمواال بدون وجه حق سواء كانت عامة أو خاصة .و
يقصد باالختالس أو السرقة انتزاع حيازة المال من المجني عليه دون رضاه خلسة أو بالعنف و
التصرف فيه تصرف المالك بملكه ،و يقصد بالتبذير التصرف في المال بأي وجه من أوجه
التصرفات سواء كان تصرفا قانونيا تصرفا ماديا باستهالك المال أو بإتالفه .أما االحتجاز فهو أن
يتم إبقاء الشيء المؤمن عليه تحت يد الموظف مع وجود نية اختالسه أو تبديده.
.3الركن المعنوي
تعتبر جريمة االختالس جريمة عمدية في جميع صورها ،و من ثم يجب أن يكون
الموظف على علم بأ ّن المال عام أو خاص و مع ذلك اتجهت إرادته إلى اختالسه و حجزه أو
بتبذيره.456
أما فيما يخص عقوبة جريمة االختالس فالمشرع تدرج في تحديدها على أساس القيمة
المادية للمال المختلس.457
456
-العلمي عبد الواحد ،شرح القانون الجنائي المغربي ،مطبعة لم تذكر :الطبعة الثانية ،2009ص .351
457
-نص الفصل 241ق.ج على هذه العقوبات :
-السجن من خمس سنوات إلى 20سنة و غرامة من 5000إلى 100.000درهم اذا كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة
تساوي أو تزيد قيمتها عن مائة ألف درهم.
-الحبس من سنتين إلى خمس سنوات و غرامة من 2000إلى 50000درهم اذا كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخافة تقل قيمتها
عن مائة ألف درهم.
ويقصد بجريمة الغدر يتلقى الموظف العمومي بطريقة غير شرعية مبلغا من المال يعلم أنه غير
مستحق أو أنه يتجاوز المستحق .اثر قيامه بوظيفة تحصيل الرسوم أو الغرامات أو الضرائب و
غيرها.
وأساس تجريم الغدر هو الحفاظ على أموال اإلفراد و حمايتها من بعض الموظفين
العاملين باسم الدولة و الذين ال يتورعون في إلزام المواطنين على أداء غرامات أو رسوم بدون أي
موجب قانوني.أو أداء أكثر مما يطلبه القانون .و كذا الحفاظ على ثقة األفراد في الدولة .
وبالنظر إلى أن من مهام الموثق تستوجب تلقي أجرة عن هذه المهام ،فإن هده الجريمة
تعتبر مرتكبة عندما يقوم الموثق بالمطالبة برسوم غير تلك التي يفرضها القانون أو بأتعاب تفوق
تلك التي يقررها القانون. 459
.1الصفة :
يصنف القانون الجنائي جريمة الغدر أيضا ضمن الجرائم التي تشترط توافر صفة
الموظف العمومي أو من في حكمه في شخص الفاعل الرئيسي لجريمة الغدر .وذلك طبقا للفصل
224ق.ج .460
ويتحقق هذا الركن بأخذ الجاني أو طلبه أو تحصيله ما ليس مستحق أو ما يزيد علي
المستحق من الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوها .سواء كانت لفائدته
الشخصية أو لشخص آخر أو لإلدارة العامة.
-458الفصل 243من ق.ج"ي عد مرتكبا للغدر ،ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم ،كل قاض أو موظف
عمومي طلب أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق ،سواء لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل لحسابهم
أو لنفسه خاصة.تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم"
459
-مجلة القبس المغربية،م س،ص.38
460
" -يعد موظفا عموميا ،في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معاينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو
مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية او المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام
وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته ،إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب
الجريمة أو مكنته من تنفيذها.
الركن المعنوي .3
يتوافر القصد بانصراف إرادة الجاني إلى فعل األخذ أو الطلب مع علمه بأن ما يأخذه أو
يطلبه من غرامات أو ضرائب أو نحوها غير مستحق أو يزيد على المستحق .وال عبرة بالبواعث
على الجريمة ،فتقوم هذه الجريمة ولو كان الجاني ال يتعدى تحقيق مصلحة الدولة في زيادة
حصيلتها .وبناء على ذلك ،تقوم جريمة الغدر ويسأل الموظف العام متى قام بتحصيل غير
المستحق.
وفيما يخص عقوبة جريمة الغدر فقد نص عليها المشرع في الفصل 243من ق.ج،
تجدر اإلشارة إلى أن القانون الجديد المتعلقة بالتوثيق فيه إشارة إلى هذه الجريمة .حيث أكد
المشرع على أن الموثق ال يحق له أن يتقاضى أكتر من أتعابه أو مما أداه عن األفراد من صوائر
وفي حالة مخالفته لهذا األمر فإنه سيتابع تأديبيا وزجريا ،461لكن السؤال المطروح هو كيف يمكن
إثبات هذا خاصة و أن الواقع العملي ال يسلم الموثقين أي وصل حول المبالغ التي تدفع لهم؟.
عرف المشرع المغربي جريمة تزوير المحررات في الفصل 351ق.ج . 462بأنها تغيير
الحقيقة محرر بسوء نية ،تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا ،و يكون هذا التزوير بإحدى الوسائل
المنصوص عليها في القانون وينبغي أن يكون هذا التغيير واقعا في محرر من المحررات سواء
كانت رسمية او عرفية.463
461
-المادة 16من قانون التوثيق
462
-الفصل 351من ق.ج"تزوير األوراق هو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية ،تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل
المنصوص عليها في القانون".
463
-العلمي عبد الواحد ،م س ،ص .187
والهدف من تجريم التزوير الذي يقوم به الموثق ليس فقط الحيلولة دون تغير الحقيقة
كفكرة مجردة بل إن الهدف أسمى من ذلك ،فهو تحقيق األمن التعاقدي عن طريق حماية أدلة
اإلثبات المتمثلة في العقود ومختلف المحررات التي ينجزها الموثقون.464
.1الصفة:
فلكي تطبق فصول القانون الجنائي على جريمة التزوير يجب أن يكون الفاعل موظفا
عموميا أو قاضيا أو موثقا أو من العدول وذلك أتناء قيامه بوظيفته ،وهو ما يتضح من الفصلين
352و.353
طبقا للفصل 531من ق.ج فالتزوير هو تغيير حقيقة المحرر بسوء نية بإحدى الطرق
التي نص عليها القانون .وال يكفي لقيام جريمة التزوير قانونا ومعاقبة مرتكبها تغيير الحقيقية في
محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا .بل يستلزم باإلضافة إلى ذلك ان يكون من شان هذا
التغيير أن يسبب ضررا وقد نص الفصل 351ق.ج صراحة على هذا العنصر ،والتزوير الذي
يهمنا هنا هو التزوير الذي يقوم به الموثق أثناء مزاولته لمهنته التوثيق .والذي يكون إما تزويرا
ماديا بإحدى الوسائل المنصوص عليها قانونا 465أو معنويا.466
464
-مجلة القبس المغربية،م س،ص.45
-465الفصل 352من ق.ج" يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل ارتكب ،أثناء قيامه بوظيفته ،تزويرا بإحدى الوسائل
اآلتية:
-كتابة إضافية أو مقحمة في السجالت أو المحررات العمومية ،بعد تمام تحريرها أو اختتامها".
-466الفصل353من ق.ج" يعاقب بالسجن المؤبد كل واحد من رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو الموثق ين أو العدول ارتكب،بسوء نية ،أثناء تحريره ورقة متعلقة بوظيفته،
تغييرا في جوهرها أو في ظروف تحريرها ،وذلك إما بكتابة اتفاقات تخالف ما رسمه أو أماله األطراف المعنيون ،وإما بإثبات صحة وقائع يعلم أنها غير صحيحة ،وإما بإثبات
وقائع على أنها اعترف بها لديه ،أو حد ثت أمامه بالرغم من عدم حصول ذلك ،وإما بحذف أو تغيير عمدي في التصريحات التي يتلقاها".
.3الركن المعنوي :
تعتبر جريمة التزوير بطبيعة الحال من الجرائم العمدية فهي تقتضي تغير الحقيقة بسوء
نية كما نص على ذلك المشرع في الفصل .351وبالتالي فهي تستوجب توافر القصد الجنائي.
وبخصوص عقوبة جريمة التزوير ونظرا لألهمية التي تكتسيها المحررات ،فإن المشرع
شدد من عقوبة هذه الجريمة التي قد يرتكبها الموظف العمومي 467بشكل عام ونص عليها في
الفصلين 352و،353أو غيره بشكل خاص في الفصل . 354
وتجدر اإلشارة الى أن الجرائم التي تطرقنا لها تبقى على سبيل المثال ال الحصر ،فهناك
جرائم أخرى يمكن أن يرتكبها الموثق بسبب وظيفته ومنها جريمة الرشوة التي يمن ان يكون فيها
راشيا او مرتشيا او وسيطا.
كما يمكن ايضا للموثق ان يرتكب جريمة إفشاء السر المهني ويتابع على اثرها جنائيا،
باإلضافة الى هذه الجرائم هناك جريمة خيانة األمانة...
467
-مجلة القبس المغربية،م س،ص.46
خاتمة :
ختاما لما سلف االلمام به من خالل نظرة شاملة على موضوع التوثيق العصري
بدءا بتنظيم مهنة التوثيق وصوال الى مسؤولية الموثق يتضح جليا رغبة المشرع
الحازمة في سد كل الثغرات التي من شأنها التأثير على اسقرار المعامالت عموما
واألمن التعاقدي على وجه الخصوص.
فرغم الضوابط التي أتى بها المشرع في تنظيمه لمهنة التوثيق ،والمنظمة
للمحرر تحديدا ،فالواقع مع ذلك قد يفرز ممارسات احتيالية وغير قانونية يجب معها
على المشرع العمل من أجل الحد من هذه الممارسات .سيما ما أصبح االن يسمى
بظاهرة االستيالء على عقارات الغير .وذلك بتحوير القاعدة القانونية وجعلها تعمل
على تأمين حقوق األفراد الشيء الذي يتولد عنه احساس الفرد باألمان.
وحسنا فعل المشرع اذ تدارك عدة ثغرات كانت بقانون فانتوز القديم 1925
جاعال من ذلك قطعة الفلين التي تسد منفذ التحايل على بعض النصوص القانونية رغم
أن بعضها ال يزال تحتاج في حقيقة األمر الى توضيح من قبيل هل فعال يوجد مناسب
بين األمر القاضي ببطالن المحرر في رسميته مع واقع اسداء النصح .؟