You are on page 1of 221

‫‪2018/2019‬‬

‫التوثيق العصري وفق ق انون‬


‫‪32.09‬‬

‫من اعداد الطالب الباحث بسلك ماستر الق انون المدني‬


‫المعمق ‪:‬‬

‫أغراس البشير‬
‫اهداء‬
‫الى أساتذتنا األجالء بماستر القانون المدني المعمق بجامعة ابن‬
‫زهر كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكادير ‪.‬‬

‫الى جميع الطلبة الباحثين بسلك ماستر القانون المدني المعمق‬


‫الذين بفضلهم تم هذا العمل‪.‬‬

‫لكل من مد يد العون من قريب أو بعيد‪.‬‬


‫الئحة فك الرموز‬

‫ص‪ :‬صفحة‬
‫م‪.‬س ‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬
‫ا‬
‫ل‬ ‫ق‪.‬ل‪.‬ع ‪ :‬قانون االلتزامات والعقود‬
‫س‬
‫ط ‪ :‬طبعة‬
‫ن‬
‫ة‬ ‫‪P : page‬‬

‫ا‬ ‫م ح ع ‪ :‬مدونة الحقوق العينية‬


‫ل‬
‫ق م م ‪ :‬قانون المسطرة المدنية‬
‫ج‬
‫ا‬ ‫دكتور‪.‬‬ ‫د‪:‬‬
‫م‬
‫س ‪ :‬السنة‬
‫ع‬
‫ي‬ ‫ق ج ‪ :‬القانون الجنائي‬
‫ة‬
‫‪:‬‬ ‫غ‪.‬م ‪ :‬غير مذكورة‬
‫‪2‬‬
‫‪0‬‬ ‫ع‪ :‬عدد‬
‫‪1‬‬
‫‪8‬‬ ‫م‪.‬ن ‪ :‬المرجع نفسه‬
‫‪-‬‬
‫‪2‬‬ ‫ق‪.‬م‪.‬ج ‪ :‬قانون المسطرة الجنائية‬
‫‪0‬‬
‫‪1‬‬
‫‪7‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫إن التوثيق العصري هو فن ينظم سير كل معاملة ويبين عناصر كل اتفاقية ويرشد إلى‬
‫القواعد المكملة التي تضمن استمرار أثر مفعولها‪ ،‬وتقطع النزاع بين أطرافها‪ ،‬فهو من أهم العلوم‬
‫التي تدور عليها عجلة الحياة في حماية الحقوق الشخصية واكتساب الحقوق العينية المختلفة‪.1‬‬

‫وقد اسند المشرع بصفة اصلية ممارسة هذه المهنة للموثق‪ ،‬الذي يمكن تعريفه بانه ضابط‬
‫رسمي يعمل في إطار حر‪ ،‬مفوض من طرف الدولة لتلقي العقود التي يستلزم القانون أو تريد‬
‫األطراف أن تضفي عليها الصبغة الرسمية التي تتمتع بها أحكام السلطة العمومية‪ ،‬وإعطائها‬
‫تاريخا ثابتا واالحتفاظ بأصولها‪ ،‬وتسليم النظائر التنفيذية والنسخ الرسمية و العادية منها‪.2‬‬

‫هذا وعرفت مؤسسة التوثيق العصري في المغرب تطورا مهما‪ ،‬بحيث لم يكن لها وجود‬
‫قب ل عهد الحماية‪ ،‬غير انه وبعد هذا التاريخ ( بعد الحماية الفرنسية على المغرب) اقر المشرع‬
‫الفرنسي هذه المؤسسة داخل التراب المغربي‪ ،‬بداية عبر التنصيص على ضرورة إنشاء كتابة‬
‫خاصة في كل محكمة يعهد إليها القيام بمهام التوثيق‪.‬‬

‫بعد ذلك توالت مجموعة من المناشير الوزارية التي كانت تجسد حقيقة واحدة هي سعي‬
‫المستعمر آنذاك؛ إلى ترسيخ التوثيق الفرنسي بالمغرب بهدف االستيالء على أراضي المغاربة‬
‫بطريقة غير مباشرة‪.‬‬

‫ويعتبر ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬المقتبس من قانون التوثيق الفرنسي ‪ 25‬فانتوز السنة الحادية‬
‫عشر الصادر بتاريخ ‪ 16‬ماي ‪ 1803‬نقطة االنطالق للتوثيق العصري بالمغرب‪ .‬غير أنه وبسبب‬
‫اإلشكاالت التي أثارها هذا القانون؛ نتيجة اختالف البنية القانونية واالجتماعية واالقتصادية‬
‫الفرنسية عن مثيلتها المغربية‪ ،‬كان البد من إصالح منظومة التوثيق العصري في بالدنا لتتالءم‬
‫والخصوصية المغربية في هذا المجال‪.‬‬

‫‪_ 1‬حيشي أحيدة‪ ،‬حقوق وواجبات الموثق في لتشريع المغربي‪ ،‬مقال منشور بمجلة منازعات األعمال اإللكترونية‪ ،‬ص ‪.3‬‬
‫‪ _2‬جالل حكمت ‪ :‬تعريف الموثق ‪ ،‬مقال منشور بجريدة االتحاد االشتراكي ‪ ،‬العدد الصادر بتاريخ ‪. 2011/06/01‬‬
‫وهكذا تعددت محاوالت إصالح مهنة التوثيق‪ ،‬إلى أن صدر القانون رقم ‪ 332.09‬المنظم‬
‫لمهنة التوثيق‪ .‬تم المرسوم رقم ‪ 2.12.125‬الصادر في ‪ 25‬من ربيع الثاني ‪ 1434‬الموافق ل ‪8‬‬
‫‪4‬‬
‫مارس ‪ ،2013‬المتعلق بتطبيق قانون ‪32.09‬‬

‫‪ _ 3‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.179‬صادر في ‪ 25‬ذي الحجة ‪ 1432‬الموافق ل ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،2011‬الجريدة الرسمية عدد ‪5989‬‬
‫مكرر بتاريخ ‪ 28‬ذو القعدة ‪ 26( 1432‬أكتوبر‪ )2011‬ص‪.5228 :‬‬
‫‪ _4‬المرسوم رقم ‪ 2.12.125‬الصادر في ‪ 25‬من ربيع الثاني ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 8‬مارس ‪،2013‬الجريدة الرسمية عدد ‪6143‬‬
‫الصادرة بتاريخ ‪ 4‬جمادى اآلخرة ‪ 15( 1434‬أبريل ‪ )2013‬ص‪.3174 :‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬

‫ال يخفى على أي باحث في المجال القانوني األهمية الكبرى التي تحظى بها مهنة التوثيق‬
‫داخل المنظومة القانونية في بالدنا‪ ،‬فهي مناط تحقيق األمن التعاقدي‪ ،‬ووسيلة ناجعة للمحافظة‬
‫على استقرار المعامالت والحفاظ على المراكز القانونية للمتعاقدين‪ .‬كما تعتبر من المهن القانونية‬
‫المساعدة للقضاء ‪.‬‬

‫المنهج المتبع ‪:‬‬

‫سنعمل على االلمام بمحاور هذا البحث المتواضع من خالل اعتماد منهج تحليلي واستنباطي‬
‫و استداللي و استقرائي وكذا التاريخي في بعض المواضع‪.‬‬

‫خطة البحث ‪:‬‬

‫كل هذا تطلب منا تقسيم البحث وفق التصميم التالي ‪:‬‬

‫الكتاب األول ‪ :‬األساس القانوني لنظام التوثيق العصري‪.‬‬

‫الكتاب الثاني ‪ :‬اثار االخالل بأحد أسس صحة محرر الموثق العصري‪.‬‬
‫الكتاب األول ‪ :‬األساس القانوني لنظام التوثيق العصري‬
‫حتى يتم اعطاء نظرة شاملة للموضوع كان لزاما االحاطة بكل من كيفية وحقوق‬
‫وواجبات الموثقين في (الباب األول) على أن يتم االلمام بظوابط اعداد محررات الموثقين في‬
‫(الباب الثاني) وبعدها توثيق المعامالت المالية في (الباب الثالث) وأخيرا النظام القانوني‬
‫للمحرر العرفي الثابت التاريخ في (الباب الرابع)‪.‬‬

‫الباب األول ‪ :‬شروط االنخراط في مهنة التوثيق‬


‫لتوضيح الرؤى حول هذه المهنة سنعمل في هذا الباب على االلمام بكل من شروط‬
‫االنخراط في مهنة التوثيق في الفصل األول على أن نعمل في الفصل الثاني على االحاطة‬
‫بحقوق وواجبات الموثقين‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬شروط االنخراط في مهنة التوثيق‬


‫اشترط المشرع في قانون ‪ 532.09‬مجموعة من الشروط التي يجب توفرها في الشخص من‬
‫أجل ولوج مهنة التوثيق‪ ،‬منها ما يتعلق بضرورة تحليه باالستقامة و النزاهة‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬
‫بإلمامه الواسع بالقانون‪ ،‬باإلضافة الى قضاءه تمرينا معقوال يمكنه من توظيف معلوماته النظرية‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫واطالعه على ميدان التوثيق قبل البدء في ممارسة نشاطه‪.‬‬
‫ومن خالل دراستنا لهذه الشروط‪ ،‬سنقسم هذا الفصل الى مبحثين ‪ ،‬األول سنتطرق فيه‬
‫لشروط المتعقلة بالجانب الذاتي والعلمي للمترشح‪ ،‬على أن نخصص المبحث الثاني لدراسة‬
‫الضوابط المرتبطة بالجانب العملي للمترشح‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشروط الذاتية و العلمية للمترشح‬


‫إن ولوج مهنة التوثيق رهين بتوفر مجموعة من الشروط منها ما هو مرتبط بالجانب الذاتي‬
‫للمترشح و يشتمل بدوره على مقتضيات ترتبط بالجانب األخالقي لهذا االخير‪ ،‬ومقتضيات اخرى‬

‫‪ _ .5‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11.179‬صادر في ‪ 25‬من دي العجة ‪ 22 1432‬نوفبر‪ 2011‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق‬
‫بتنظيم مهنة التوثيق الجريدة الرسمية عدد ‪ 6208‬بتاريخ ‪ 29‬سبتمبر ‪. 2011‬‬
‫‪ _.6‬محمد الربيعي‪ ،‬األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم‪ ،‬دراسة في ضوء مستجدات قانون ‪ 16.03‬المتعلق‬
‫بخطة العدالة وقانون ‪ 32.09‬المتعلق بالتوثيق‪ ،‬مكتبة المعرفة مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2015 ،‬ص‪.34:‬‬
‫ترتبط بشخصيته وهو ما سنحاول دراسته في مطلب أول‪ ،‬على ان نخصص المطلب الثاني لدراسة‬
‫للشروط المتعلقة بالجانب العلمي للمترشح‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الشروط ذات الصلة بالجانب األخالقي و الشخصي‬


‫للمترشح‬
‫سنحاول في هذا المطلب دراسة الشروط المتعقلة بالجانب االخالقي في فقرة أولى‪ ،‬على أن‬
‫نخصص الفقرة الثانية لدراسة بالشروط المرتبطة بشخصية المترشح‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬الشروط المرتبطة بالجانب األخالقي للمترشح‬


‫جاء المشرع في إطار قانون ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‪ ،‬بجملة من المقتضيات‬
‫التي يمكن إدراجها ضمن الجانب األخالقي للمترشح ‪ ،‬منها ما جاء في المادة ‪ 2‬من قانون ‪32.09‬‬
‫(أوال)‪ ،‬و منها ما هو منصوص عليه في المادة ‪ 3‬من نفس القانون (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 2‬من قانون ‪32.09‬‬


‫تنص المادة ‪ 2‬من قانون ‪ 32.09‬على وجوب "تقيد الموثق في سلوكه المهني بمبادئ األمانة‬
‫والنزاهة والتجرد والشرف وما تقتضيه األخالق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة‪".‬‬
‫بحيث أن النزاهة واألمانة صفتان مرتبطتان بالموثق في حياته العامة و الخاصة‪ ،‬السيما‬
‫صفة األمانة التي لها صلة مباشرة بحياته المهنية‪ ،‬حيث يتعين عليه أن يكون أمينا حتى يوفر‬
‫عنصر االئتمان للمتعاقدين‪ ،‬واألمانة ضد الخيانة و هي الصدق والمصداقية و األمين هو الصادق‬
‫الموثوق به‪.7‬‬

‫‪ _.7‬العلمي الحراق‪ ،‬الوثيق في شرح قانون التوثيق‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األولى‪ ،‬الرباط‪ ،‬سنة‬
‫‪ ،2014‬ص‪.9 :‬‬
‫أما النزاهة فتعني أن يكون الموثق مبتعدا عن كل قبيح ومكروه‪ ،‬و باإلضافة إلى األمانة‬
‫والنزاهة فإن المشرع يشترط أيضا التجرد في الموثق وهو يعني الحياد والموضوعية والوقوف‬
‫على نفس المسافة من المتعاقدين‪.8‬‬
‫وتجدر اإلشارة الى أن الموثق يتعين عليه أن يستمر في التحلي بهذه األخالق والقيم طيلة‬
‫حياته المهنية وأن يجتهد في اكتسابها في درجاتها القصوى‪.9‬‬
‫وقد اثار البعض التساؤل بخصوص الموقع الحقيقي لمقتضيات المادة ‪ 2‬أعاله‪ ،‬بحيث‬
‫اعتبروا أنه من األجدر أن يكون مكانها ضمن الباب الثالث المتعلق بالحقوق والواجبات‪.‬‬
‫لكن الحكومة ردت بأنه تم نهج نفس االختيار في قانون المحاماة وخطة العدالة‪ ،‬ذلك أن‬
‫االلتزام باألمانة و النزاهة هي كنه المهنة‪ ،‬ولذلك كان من األنسب استهالل القانون المنظم لمهنة‬
‫التوثيق بهذه المبادئ‪.10‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشروط المنصوص عليها في المادة ‪ 3‬من قانون ‪32.09‬‬


‫جاءت المادة ‪ 3‬من القانون ‪ 32.09‬أيضا بمجموعة من الشروط ذات الصلة بالجانب‬
‫األخالقي للمترشح وهي ‪:‬‬

‫أن يكون المترشح متمتعا بحقوقه الوطنية و المدنية و ذا مروءة وسلوك حسن‪.11‬‬ ‫‪-‬‬
‫ومعنى أن يكون المترشح متمتعا بحقوقه الوطنية‪ ،‬أن يكون غير مجرد من حقوقه إداريا او‬
‫قضائيا‪ ،‬بحيث ال يكون ممنوعا قانونا أو قضاء من ولوج المهن العمومية‪.12‬‬
‫أما التمتع بحقوقه المدنية‪ ،‬فمعناه‪ ،‬أن يكون المترشح أهال لممارسة حقوقه العامة كحق‬
‫التجول و حق الحرية‪ ،‬و حقوقه الشخصية‪ ،‬كحق الزواج و النسب‪. 13..‬‬
‫أما عن كونه ذا مروءة و سلوك حسن‪ ،‬فمعناه‪ ،‬أن يكون المترشح محافظا على ترك ما يقدح‬
‫في شخصيته‪ ،‬و يخدش مروءته بصفة عامة‪.14‬‬
‫‪ _.8‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.9:‬‬
‫‪ _.9‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.10:‬‬
‫‪ .10‬محمد ليديدي‪ ،‬مهنة التوثيق قراءة في القانون ‪،32.09‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية‪ ،‬مطبعة إليت‪،‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2012‬ص‪.13 :‬‬
‫‪ _.11‬البند الرابع من المادة ‪ 3‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫‪ _.12‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.12:‬‬
‫‪ _.13‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.12:‬‬
‫‪ -‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يجب على المترشح أال يكون محكوما عليه من أجل جناية أو جنحة‬
‫باستثناء الجنح غير العمدية ولو رد اعتباره‪.15‬‬
‫والمالحظ بالنسبة لهذا الشرط‪ ،‬أن المشرع قد تعسف في حق بعض األشخاص خاصة‬
‫مرتكب الجنح‪ ،‬ذلك إذا ما اخدنا بعين االعتبار أن االنسان خطاء بطبعه‪ ،‬فكيف لنا أن نحرمه من‬
‫ولوج مهنة التوثيق ولو رد اعتباره‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون قد صدر في حقه في اطار الوظيفة العمومية أو المهن الحرة عقوبة نهائية‬
‫تأديبية أو ادارية باإلقالة أو التشطيب أو العزل أو االحالة على التقاعد أو سحب الإذن أو‬
‫الرخصة‪.16‬‬
‫‪ -‬أن ال يكون محكوما عليه بإحدى العقوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة المنصوص عليها‬
‫في القسم الخامس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة ولو رد اعتباره‪.17‬‬
‫‪ -‬عدم اخالله بالتزام صحيح يربطه بإدارة أو مؤسسة عمومية لمدة معينة‪. 18‬‬
‫و في االخير يمكن القول أن سبب التنصيص على هذه المقتضيات‪ ،‬هو أن هذه األفعال‬
‫تتنافى وما تتطلبه مهنة التوثيق من استقامة و نزاهة و انضباط و سلوك قويم‪.19‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المقتضيات المتعقلة بالجانب الشخصي للمترشح‬


‫اشترط قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق مجموعة من الشروط المرتبطة بالجانب‬
‫الشخصي للمترشح‪ ،‬منها ما يتعلق بقدرته البدنية (أوال)‪ ،‬و اخرى متعقلة بأهلية المترشح و جنسيته‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪ _.14‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.13:‬‬


‫‪ _.15‬البند السادس من المادة ‪ 3‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫‪ _.16‬البند السابع من المادة ‪ 3‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫‪ _.17‬البند الثامن من المادة ‪ 3‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫‪ _.18‬البند التاسع من المادة ‪ 3‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫‪ _.19‬محمد الربيعي‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.36:‬‬
‫أوال ‪ :‬الشروط ذات الصلة بالقدرة البدنية‬
‫نص المشرع في البند الخامس من المادة الثالثة من القانون ‪ 32.09‬على أن الموثق يجب أن‬
‫يتمتع بالقدرة الالزمة لممارسة المهنة مثبتة بشهادة طبية صادرة عن مصالح الصحة التابعة للقطاع‬
‫العام‪.‬‬

‫وهذا الشرط ينطوي على مجموعة من الشروط المتفرعة عنه‪:‬‬

‫أن يكون عاقال‪ :‬يجب أن تتوافر في الموثق األهلية الكاملة التي تمكنه من كتابة‬ ‫‪‬‬
‫الوثائق والسجالت بين الناس‪ ،‬ويميز بين الصواب والخطأ ويفرق بين الصالح والفاسد‪ ،‬بعيدا عن‬
‫‪20‬‬ ‫السهو والغلط والغفلة‪.‬‬
‫أن يكون متيقظا‪ :‬ومعناه أن يكون المترشح جيد الفطنة‪ ،‬وقوي الذكاء‪ ،‬ال يكون ضحية‬ ‫‪‬‬
‫‪21‬‬ ‫الحيل والخداع فيلحق ضررا بنفسه والمتعاقدين‪.‬‬
‫أن يكون سليم الحواس كالسمع والبصر والنطق‪ :‬تعد سالمة حواس الموثق المتمثلة‬ ‫‪‬‬
‫في السمع والبصر والنطق من الشروط الالزمة لممارسة الموثق عمله بكتابة المحررات بين الناس‬
‫وإضفاء الرسمية عليها ويتمكن من إثبات الحقوق وتوثيقها في السجالت المعدة لذلك‪ ،‬ويسمع أقوال‬
‫المتعاقدين والشروط التي اتفقا عليها إتماما للعملية التعاقدية وليفرق بين الغالب والمغلوب‪ ،‬ويميز‬
‫‪22‬‬ ‫بين المقر والمنكر‪ ،‬ويصيب الحاق بين الباطل والمشهود له والمشهود عليه‪.‬‬

‫ونصت المادة الثالثة المشار إليها أعاله إلى أن إثبات القدرة البدنية يتم بواسطة شهادة طبية‬
‫صادرة عن مصالح الصحة العمومية‪ ،‬أي بواسطة شهادة طبيب يعمل في القطاع العام التابع‬
‫للدولة‪ ،‬واستبعد المشرع كل شهادة طبيب يعمل بالقطاع الخاص‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الشروط ذات الصلة بأهلية المترشح و جنسيته‬

‫‪ _-20‬سعد سليمان الحامدي‪ ،‬التوثيق و احكامه في الفقه االسالمي‪ ،‬الطبعة ‪ :‬األولى‪ ،‬دار السالم للطباعة و النشر و الترجمة‪،‬‬
‫القاهرة سنة ‪ ،2009‬ص ‪.130‬‬
‫‪ -21‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪ -22‬سعد سليمان الحامدي‪ .‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫بعد أن كان المشرع بمقتضى قانون ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬يشترط من أجل الترشح لمهنة التوثيق‬
‫شروطا مجحفة‪ ،‬من قبيل اشتراط الجنسية الفرنسية‪.‬‬

‫جاء المشرع بمقتضى القانون الجديد ‪ 32.09‬الشتراط الجنسية المغربية تماشيا مع ظهير ‪25‬‬
‫يناير ‪ 1965‬الذي ينص على التوحيد والتعريب ومغربة األطر‪ ،‬نظرا لكون الجنسية تمثل في‬
‫األنظمة الوضعية شرطا لتولي الوظائف العامة باعتبارها رابطة سياسية و روحية تربط بين الفرد‬
‫والدولة التي يحمل جنسيتها‪.‬‬

‫باإلضافة إلى شرط الجنسية المغربية‪ ،‬يشترط المشرع بمقتضى المادة ‪ 3‬من قانون ‪32.09‬‬
‫أن يكون المترشح بالغا من العمر ثالثة وعشرون سنة ميالدية على أن ال يتجاوز ‪ 45‬سنة باستثناء‬
‫الفئات المعفية من المباراة والمنصوص عليها في المادة ‪ 8‬من نفس القانون‪ ،‬وذلك اعتبارا للمهام‬
‫الجسام المنوطة بالموثق‪ ،‬وأشار المشرع إلى السنة الميالدية لكونها معدودة ومعلومة في أيامها‬
‫‪23‬‬
‫وفي إطارها يتم الحسم بسهولة في كل خالف‪ ،‬على عكس السنة الهجرية‪.‬‬

‫وتجدر االشارة في هذا الصدد الى أن السن المشترط لولوج مهنة العدول يختلف عن السن‬
‫المقررة للموثق اذ ينص قانون خطة العدالة ‪ 16.03‬على ضرورة بلوغ المترشح لهذه المهنة سن‬
‫الخامسة والعشرين وأال يزيد عن خمس وأربعين سنة‪.‬‬

‫ي تبين مما ذكر أعاله أن المشرع اشترط بلوغ المترشح ‪ 23‬سنة من أجل ولوج مهنة التوثيق‪،‬‬
‫ويمكن أن ننتقد المشرع بخصوص هذا الشرط كونه يتنافى مع اشتراط الحصول على اإلجازة في‬
‫الحقوق ألن السن المعتدل الذي يحصل فيه الطالب على اإلجازة هو ‪ 21‬سنة‪ ،‬لذا ليس من المعقول‬
‫أن ينتظر الطالب سنتين إضافيتين بعد حصوله على اإلجازة من أجل الترشح لمهنة التوثيق‪.‬‬

‫_ ‪ .23‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص ‪.12‬‬


‫المطلب الثاني ‪ :‬المقتضيات المتعلقة بالكفاءة العلمية للمترشح‬
‫سنعرض في هذا المطلب لدراسة الشروط العلمية المتطلبة في األشخاص المعنيين باجتياز‬
‫مباراة ولوج مهنة التوثيق (فقرة أولى)‪ ،‬على أن نعرض فيما بعد لكيفية تنظيم هذه المباراة (فقرة‬
‫ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة أولى ‪ :‬الشهادة المطلوبة لاللتحاق بمهنة التوثيق‬


‫بالرجوع الى الفصل ‪ 248‬من ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬الملغى‪ 25‬نجده كان يميز بين فئتين من‬
‫الذين يسمح لهم باجتياز تمرين مهنة التوثيق‪ ،‬الفئة األولى هي الحاصلة على اإلجازة في الحقوق‪،‬‬
‫او على شهادة األهلية التي تمنح من قبل إحدى مدارس التوثيق المعترف بها من طرف الدولة‬
‫الفرنسية‪ ،‬و هذه الفئة حدد لها المشرع مدة التمرين في أربع سنوات و الفئة الثانية التي ال تتوفر‬
‫على إحدى هاتين الشهادتين المذكورتين حدد لها تمرين مدته ستة سنوات‪.26‬‬
‫وبصدور قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‪ ،‬اشترط في مادته الثالثة على المترشح أن‬
‫يكون حاصال على شهادة اإلجازة في الحقوق من إحدى كليات الحقوق المغربية أو ما يعادلها‪.‬‬

‫وما يالحظ في هذا الشرط أن المشرع لم يحدد تخصص اإلجازة إنما ذكره بشكل عام‬
‫بمعنى أن المترشح سواء حصل على اإلجازة في القانون الخاص أو القانون العام فإنه معني‪ .‬في‬
‫حين ينبغي االقتصار على اإلجازة في الحقوق شعبة القانون الخاص‪ 27.‬ألن طبيعة المواد المختبر‬
‫فيها تدخل في نطاق القانون الخاص ال العام‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية كان من األفضل أن‬
‫يعبر باالسم الحالي لشهادة اإلجازة في الحقوق وهي شهادة اإلجازة في الدراسات القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬ألن اإلجازة في الحقوق لم يعد لها وجود بهذا االسم‪.28‬‬

‫‪ ._24‬ينص الفصل ‪ 8‬من ظهير ‪ 04‬ماي ‪ 1925‬المتعلق بتنظيم شؤون محرري الوثائق الفرنسيين الملغى "‬
‫مع مراعاة االستثناءات اآلتية بعده‪... ،‬‬
‫وتتحدد مدة التمرين في أربع سنوات‪ ،‬منها سنة واحدة على األقل بصفة كاتب أول عند موثق إذا كان المرشح حائزا على شهادة‬
‫اإلجازة في الحقوق‪ ،‬أو على شهادة الكفاءة المسلمة من طرف إحدى مدارس التوثيق المعترف بها من الدولة الفرنسية‪.".‬‬
‫‪ _.25‬ظهير شريف مؤرخ في ‪ 10‬شوال ‪ ،1340‬موافق ل ‪ 04‬ماي ‪ 1925‬المتعلق بتنظيم شؤون محرري الواثائق الفرنسيين‪،‬‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،661‬بتاريخ ‪ 23‬يونيو ‪ ،1925‬الصفحة ‪.1050‬‬
‫‪ _.26‬محمد الربيعي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.37.‬‬
‫‪ _.27‬محمد الربيعي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.37.‬‬
‫‪ _-28‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪،‬س ص‪.12.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبـاراة االلتحـاق بمهنــة التوثيـق‬
‫إن ولوج مهنة التوثيق يتطلب ضرورة اجتياز مباراة يحدد كيفية اجراءها مرسوم صادر عن‬
‫وزير العدل‪ ،29‬إال ان توفر المرشح على الكفاءة العلمية المطلوبة قد ال يخوله في بعض الحاالت‬
‫اجتياز المباراة و نقصد بذلك حاالت التنافي‪ ،‬ثم هناك بعض الفئات التي اعفاها المشرع من هذه‬
‫المباراة‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬كيفية اجتيــاز المبـاراة‬
‫يتم االعالن عن مكان المباراة للمترشحين العاديين وكيفية إجرائها والمناصب المتباري في‬
‫شأنها بقرار لوزير العدل والحريات‪.30‬‬
‫وتشتمل هذه المباراة على اختبار كتابي وشفوي‪.‬‬
‫يشمل االختبار الكتابي على موضوع في‪:‬‬
‫القانون المدني‪( :‬مدته ساعتان)‬ ‫‪‬‬
‫القانون التجاري وقانون الشركات (مدته ساعتان)‬ ‫‪‬‬
‫الحقوق العينية العقارية (مدته ساعتان)‬ ‫‪‬‬
‫الثقافة العامة (مدته ساعتان)‬ ‫‪‬‬
‫ويشمل االختبار الشفوي على موضوع يتعلق‪:‬‬
‫بالنصوص المنظمة لمهنة التوثيق‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫‪31‬‬
‫بالتنظيم القضائي‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وتنص المادة ‪ 3‬من المرسوم الصادر بتطبيق قانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‬
‫على أنه ‪" :‬‬
‫ويمكن للمترشح أن يحرر موضوعه سواء باللغة العربية أو الفرنسية حسب اختياره‪.‬‬
‫ويتم تقييم مواضيع االختبارين‪ ،‬الكتابي والشفوي بدرجة تتراوح بين ‪ 0‬و ‪ 20‬نقطة ويعتبر‬
‫راسبا من حصل في أحد االختبارات على أقل من ‪ 5‬نقط‪.‬‬
‫وال يشارك في االختبار الشفوي إال من حصل في االختبار الكتابي على مجموع ما يقل عن‬
‫‪ 40‬نقطة‪.‬‬

‫‪ _.29‬مرسوم رقم ‪ 2.12.725‬صادر في ‪ 25‬من ربيع اآلخر ‪ 8( 1434‬مارس ‪ )2013‬بتطبيق القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق‬
‫بتنظيم مهنة التوثيق‪.‬‬
‫‪ _.30‬المادة ‪ 1‬من مرسوم أعاله‪.‬‬
‫‪ _.31‬المادة ‪ 2‬من مرسوم ‪ 8‬مارس ‪ 2013‬الصادر بتطبيق القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‪.‬‬
‫ال يعتبر أي مترشح في الترتيب النهائي إن لم يحصل في االختبارين الكتابي و الشفوي ال‬
‫يقل عن ‪ 60‬نقطة‪.".‬‬

‫ويرتب المترشحون حسب االستحقاق في حدود المناصب المتبارى بشأنها‪ ،‬و في حالة‬
‫تساوى المترشحون في النقط المحصل عليها اعتبر األكبر سنا‪.32‬‬

‫ثانيا ‪ :‬األشخاص المعفـيين من اجتياز المباراة‬


‫تنص المادة ‪ 8‬من قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق على إعفاء مجموعة من األشخاص‬
‫من اجتياز المباراة‪.33‬‬
‫والمالحظ أن هذه المادة قد ادرجت فئة قدماء القضاة من الدرجة األولى على األقل‪ ،‬وقدماء‬
‫المحامين المقبولون للترافع أمام محكمة النقض‪ ،‬وهو ما يدفعنا لتساؤل عن طبيعة القدم الذي‬
‫اشترطه المشرع في هذه المادة على المحامي و كذا القاضي حتى يصبح قديما‪ ،‬هل هي مرور مدة‬
‫اخرى بعد أن يصبح المحامي مقبوال للترافع أمام محكمة النقض‪ ،‬إن كان كذلك فما هي هذه المدة ؟‬
‫لذلك كان على المشرع أن يكون دقيقا أثناء صياغته لهذه المادة و يحدد ما المقصود بعبارة القدم‪.‬‬
‫وما تجدر االشارة اليه في هذا الصدد أن المشرع المغربي وان نص على اعفاء هذه الفئات‬
‫من المباراة إال أنه اجبرهم على اجتياز اختبار تحدد كيفيته بنص تنظيمي‪ ،‬وبعدها تمرينا لمدة سنة‬
‫بأحد مكاتب التوثيق‪ ،‬بحيث جاء في المادة ‪ 8‬من قانون ‪..." 32.09‬يقضي كل هؤالء فترة تمرين‬

‫‪ _.32‬المادة ‪ 4‬من المرسوم أعاله‪.‬‬


‫‪ _.33‬يعفى من المباراة‪:‬‬
‫‪ -‬المحافظون على األمالك العقارية الحاصلون على اإلجازة في الحقوق والذين زاولوا مهامهم بهذه الصفة لمدة ال تقل عن‬
‫عشرة سنوات‪ ،‬بعد قبول استقالتهم‪ ،‬أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي‪.‬‬
‫‪ -‬مفتشو إدارة الضرائب الم كلفون بالتسجيل الحاصلون على اإلجازة في الحقوق والذين زاولوا مهامهم بهذه الصفة لمدة ال تقل‬
‫عن عشر سنوات بعد قبول استقالتهم‪ ،‬أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي‪.‬‬
‫‪ -‬قدماء القضاة من الدرجة األولى على األقل الحاصلون على اإلجازة في الحقوق بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد ما‬
‫لم يكن ذلك لسبب تأديبي‪.‬‬
‫‪ -‬قدماء المحامين المقبولون للترافع أمام محكمة النقض‪ ،‬الحاصلون على اإلجازة في الحقوق بعد قبول استقالتهم‪.‬‬
‫‪ -‬أساتذة التعليم العالي الحاصلون على شهادة الدكتوراه في الحقوق والذين مارسوا بهذه الصفة لمدة ال تقل عن ‪ 15‬سنة وذلك‬
‫بعد قبول استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي‪.‬‬
‫يشترط في كل المترشحين من الفئات المذكورة أعاله أن ال يتجاوز سنهم عند تقديم الطلب ‪ 55‬سنة‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫يقضي كل هؤالء فترة تمرين تطبيقي بأحد مكاتب التوثيق سنة كاملة‪ ،‬وذلك بعد اجتيازهم اختبارا تحدد كيفيته بنص تنظيمي‬
‫تطبيقي بأحد مكاتب التوثيق سنة كاملة‪ ،‬وذلك بعد اجتيازهم اختبارا تحدد كيفيته بنص تنظيمي‪ ".‬و‬
‫هو ما جاء به مرسوم ‪ 23‬مارس ‪ 2013‬المنظم لمهنة التوثيق في مواده من ‪ 28‬الى ‪.36‬‬

‫وهنا نالحظ أيضا أن المشرع وإن كان قد أعطى لهذه الفئات المعفية من المباراة الحق في‬
‫ولولج مهنة التوثيق دون اجتياز لمباراة‪ ،‬فإنه يلزمه باجتياز مباراة اخرى من نوع خاص‪ ،‬كأن ما‬
‫يعطيه المشرع باليد اليمنى يأخذه باليد اليسرى‪.‬‬

‫و إضافة لذلك‪ ، ،‬فالمادة ‪ 9‬من قانون ‪ 32.09‬تعفي من المباراة والتمرين واالختبارات‬


‫واالمتحان المهني الموثقين الذين انقطعوا عن ممارسة المهنة لمدة ال تتجاوز عشر سنوات‪ ،‬شرط‬
‫أن يكون هذا االنقطاع غير راجع ألسباب تمس بشرف المهنة‪ ،‬كالمرض أو اداء خدمة عمومية‪،‬‬
‫إال أنه إذا تجاوزت مدة االنقطاع ‪ 10‬سنوات كان لزاما على المعني باألمر قضاء فترة تمرين‬
‫لمدة سنة بأحد مكاتب التوثيق‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬حــاالت التنافي‬


‫نظرا ألهمية مهنة التوثيق و مكانتها‪ ،‬كان لزاما على الموثق أن يتفرغ إليها و أن يوليها‬
‫بالعناية الالزمة‪ ،‬وذلك بعدم اشتغاله بمهنة اخرى‪ ،34‬وضمانا لذلك نصت المادة ‪ 4‬من قانون‬
‫‪ 32.09‬على أن مهنة التوثيق تتعارض مع كل نشاط يمكن أن يمس بطبيعتها ‪ ،‬و خاصة ‪:‬‬
‫‪ -‬جميع الوظائف اإلدارية والقضائية‪.‬‬
‫‪ -‬مهن المحامي والعدل والخبير المحاسب والمفوض القضائي ووكيل األعمال والوكيل‬
‫العقاري‪.‬‬
‫‪ -‬مهام الخبرة القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬كل نوع من أنواع التجارة سواء زاولها الموثق مباشرة أو بصفة غير مباشرة‪.‬‬
‫غير أنه يمكن للموثق التوقيع على األوراق التجارية ألغراض مدنية‪:‬‬
‫‪ -‬مهام مدير شركة تجارية وحيد أو عضو مجلس إدارتها المنتدب أو مسيرها أو شريك في‬
‫شركة التضامن‪.‬‬
‫‪ -‬كل عمل يؤدى عنه أجر باستثناء النشاطات العلمية واألدبية والفنية‪.‬‬

‫‪ _.34‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.20 :‬‬


‫وإذا ما مارس الموثق إحدى األنشطة الواردة في المادة أعاله فإنه يتعرض لعقوبات تأديبية‪.‬‬
‫وإضافة لذلك‪ ،‬نصت المادة ‪ 5‬من قانون ‪ 32.09‬على أنه‪ '' :‬ال يحق للموثق مزاولة وظيفة‬
‫عمومية‪ ،‬أو مهمة سواء كانت بأجر أو بدونه‪ ،‬كأن يكون عضوا في الديوان الملكي‪ ،‬أو وزير أو‬
‫سفير أو مدير مؤسسة عامة‪ ،‬أو عضو في ديوان وزير‪ ،‬أو أي مهمة أخرى تكتسي نفس الصبغة‪،‬‬
‫باستثناء المهام االنتخابية على الصعيد المحلي أو اإلقليمي أو الجهوي أو الوطني"‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المقتضيات المتعلقة بالجانب العملي‬


‫إذا كان الجانب النظري مهما بالنسبة للمترشح لمهنة التوثيق‪ ،‬فالجانب العملي هو األخر ال‬
‫يقل أهمية عنه‪ ،‬ذلك أنه مهما بلغ المستوى العلمي للمترشح‪ ،‬فانه ال يستطيع ممارسة المهنة دون‬
‫أن يقضي فترة تمرين (المطلب األول)‪ ،‬يتعرف بمقتضاها عن الميدان الذي يريد الولج إليه‪،‬‬
‫ويكتسب من خالله مهارات ودعامات أساسية‪ ،‬وذلك باإلضافة الختبارات وامتحانات مهنية قبل‬
‫تعيينه‪( ،‬المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األولى ‪ :‬تنظيم وقضاء فترة التمرين‬


‫يقضي الناجحون في مباراة االلتحاق بمهنة التوثيق‪ ،‬تحت إشراف و مراقبة معهد التكوين‬
‫المهني للتوثيق‪ ،‬فترة تمرين تمر عبر مرحلتين ‪ ،‬وسنتطرق لكل مرحلة في فقرة مستلقة‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المرحلة األولى لتمرين‬


‫تكون هذه المرحلة عبارة عن دراسات تطبيقية لسنة واحدة‪ ،‬يقضيها الناجح في معهد التكوين‬
‫المهني للتوثيق‪ ،‬حيث يتم تأهيله لمزاوله مهنة التوثيق ويشمل على الخصوص‪:‬‬

‫المقتضيات القانونية المنظمة لمهنة التوثيق ؛‬ ‫‪-‬‬


‫قانون التعمير واألراضي الفالحية ؛‬ ‫‪-‬‬
‫القانون البنكي وقانون الشركات والبورصة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫كيفية تلقي وتحرير مختلف العقود ؛‬ ‫‪-‬‬
‫بعض المواضيع المتعلقة بمدونة األسرة‪ ،‬المرتبطة بعمله ؛‬ ‫‪-‬‬
‫القانون الدولي الخاص ؛‬ ‫‪-‬‬
‫قواعد المحاسبة و الخبرة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫اإلجراءات المتعلقة بإدارة التسجيل والتنمبر وإدارة الضرائب والمحافظة العقارية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪35‬‬
‫والعقود الخاصة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المرحلة الثانية لتمرين‬


‫تتعلق هذه المرحلة بتمرين بأحد مكاتب التوثيق‪ ،‬وحدد المشرع مدته في ثالث سنوات‪،36‬‬
‫وذلك نظرا لما له من دور في تكوين المتمرن‪.‬‬
‫ويتم تحديد مكتب التمرين من طرف الوكيل العام لدى محكمة االستئناف و باقتراح من رئيس‬
‫المجلس الجهوي للموثقين‪ ،‬ويمكن للمتمرن أن يغير المكتب خالل فترة التمرين بناء على طلب‬
‫يقدم إلى الوكيل العام للملك ‪ ،‬سواء تم تقديم هذا الطلب من طرف المتمرن شخصيا أو من طرف‬
‫‪37‬‬
‫الموثق المشرف على التمرين‪.‬‬
‫ويتعين على الموثق المشرف على التمرين‪ ،‬القيام بتدريب المتمرن تحت إشراف ومراقبة‬
‫الوكيل العام للملك ورئيس المجلس الجهوي للموثقين‪ ،‬وأن يرفع تقريرا في نهاية كل سنة إلى مدير‬
‫معهد التكوين المهني للتوثيق‪ ،‬ويقوم المتمرن بمساعدة الموثق في جميع اإلجراءات‪ ،‬وكذا‬
‫‪38‬‬
‫الحضور معه أثناء تلقي العقود وتحريرها واتخاذ اإلجراءات الضرورية إلتمامها‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬نظام االختبارات واالمتحان المهني‬


‫إذا كان ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬الملغى‪ ،‬أخضع المتمرنين المتحانين أحدهما في نهاية السنة‬
‫الثانية من فترة التمرين‪ ،‬وامتحان مهني في آخر السنة الرابعة من هذه الفترة‪ ،‬فإن قانون ‪32.09‬‬
‫جاء بمقتضيات جديدة تهدف إلى تكوين المتمرن والتأكد من ذلك بواسطة اختبارات في نهاية كل‬

‫‪ _.35‬المادة ‪ 9‬من مرسوم ‪ 8‬مارس ‪ 2013‬الصادر بتطبيق القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‪.‬‬
‫‪ _.36‬البند األخير من المادة ‪ 9‬من المرسوم أعاله‪.‬‬
‫‪ _.37‬المادة ‪ 11‬من المرسوم أعاله‪.‬‬
‫‪ _.38‬المادة ‪ 12‬من المرسوم أعاله‪.‬‬
‫سن ة من التمرين بالنسبة للسنوات الثالث األولى‪ ،‬وامتحان مهني في آخر السنة الرابعة من فترة‬
‫‪39‬‬
‫التمرين‪ ،‬يمنح الذي اجتازه بنجاح من المتمرنين صفة موثق‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬نظام االختبارات‬


‫جاء في المادة ‪ 17‬من مرسوم ‪ 8‬مارس ‪ 2013‬أن المتمرنين يخضعون في نهاية كل سنة‬
‫من فترة التمرين‪ ،‬وعلى مدى ثالث سنوات إلى اختبارين‪ ،‬أحدهما كتابي واألخر شفوي‪.‬‬

‫بالنسبة لالختبار الكتابي‪:‬‬


‫يكون في مواضيع المعامالت العقارية‪ ،‬والمعامالت التجارية والعقود الخاصة‪ ،‬أما االختبار‬
‫الشفوي فيختلف باختالف السنة التي تم قضاءها في التمرين وهي تتعلق بالمواضيع‬
‫في السنة األولى ‪:‬‬ ‫التالية‪:‬‬
‫تقنيات تلقي العقود واستكمال إجراءاتها والنصوص المنظمة لمهنة التوثيق؛‬ ‫‪-‬‬
‫قواعد المحاسبة ؛‬ ‫‪-‬‬
‫القانون البنكي وقانون االستثمار وقانون الصرف‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في السنة الثانية ‪:‬‬
‫تقنيات تلقي العقود واستكمال إجراءاتها والنصوص المنظمة لمهنة التوثيق ؛‬ ‫‪-‬‬
‫القانون الدولي الخاص؛‬ ‫‪-‬‬
‫أنظمة التأمين‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫في السنة الثالثة ‪:‬‬
‫تقنيات تلقي العقود واستكمال إجراءاتها والنصوص المنظمة لمهنة التوثيق؛‬ ‫‪-‬‬
‫التنظيم القضائي؛‬ ‫‪-‬‬
‫‪40‬‬
‫المادة الجبائية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إن النتائج النهائية لهذه االختبارات تعلن في كل سنة بمقر اجتيازها‪ ،‬ويؤخذ مجموع‬
‫‪41‬‬
‫الدرجات المحصل عليها بعين االعتبار من أجل التعيين‪.‬‬

‫‪ _-39‬محمد الربيعي‪ ، ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص‪.41‬‬


‫‪ _.40‬المادة ‪ 17‬من مرسوم ‪ 8‬مارس ‪ 2013‬الصادر بتطبيق القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‪.‬‬
‫‪ _.41‬المادة ‪ 18‬من المرسوم أعاله‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬نظام االمتحان المهني‬
‫استنادا لمقتضيات المادة ‪ 19‬من مرسوم ‪ 08‬مارس ‪ 2013‬فإن االمتحان المهني تضعه‬
‫لجنة مكونة من‪:‬‬

‫مدير الشؤون المدنية ممثال عن وزير العدل والحريات بصفته رئيسا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مدير الشؤون الجنائية والعفو‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اثنين من الرؤساء األولين لمحاكم االستئناف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اثنين من الوكالء العامين للملك لدى محاكم االستئناف‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قاضيين من الدرجة األولى على األقل‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رئيس المجلس الوطني للموثقين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ستة موثقين يقترحهم رئيس المجلس الوطني للموثقين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ويتم تعيين كل أعضاء اللجنة بقرار من وزير العدل والحريات‪.42‬‬

‫وتجتمع باستدعاء من رئيسها بالمكان والتاريخ المحددين من قبله‪ ،‬وتعتبر اجتماعاتها‬


‫صحيحة بحضور األغلبية المطلقة ألعضائها بمن فيهم الرئيس‪ ،‬وتتخذ اللجنة قراراتها بأغلبية‬
‫أصوات الحاضرين‪ ،‬ويرجح في حالة تعادل األصوات جانب الرئيس‪.43‬‬
‫ويعهد إلى رئيس اللجنة وضع األسئلة المتعلقة بمواضيع االختبارين الكتابي والشفوي‬
‫لمباراة االنخراط في مهنة التوثيق‪.44‬‬
‫ويشتمل االختبار الكتابي على‪:‬‬

‫تحرير عقد مع الجواب عن أسئلة تتعلق به (مدته ثالث ساعات)‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫تحرير استشارة قانونية أو تحرير محرر مع الجواب عن أسئلة تتعلق باختيار‬ ‫‪‬‬
‫المترشح (مدته ثالث ساعات)‪.‬‬
‫التعليق على عقد مع الجواب عن أسئلة تتعلق به (مدته ثالث ساعات)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يمكن تحرير االختبار الكتابي بالعربية أو الفرنسية بحسب اختيار المترشح‪.‬‬
‫أما االختبار الشفوي فيشمل على أسئلة نظرية وتطبيقية تتعلق ب‪:‬‬

‫‪ _.42‬المادة ‪ 5‬من المرسوم أعاله‪.‬‬


‫‪ _.43‬المادة ‪ 6‬من نفس المرسوم أعاله‪.‬‬
‫‪ _.44‬المادة ‪ 7‬من نفس المرسوم أعاله‬
‫مهنة التوثيق (مدة تهيئه ‪ 20‬دقيقة)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫تقنيات تلقي العقود واستكمال إجراءاتها (مدة تهيئه ‪ 20‬دقيقة)‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫موضوع يتعلق بالمادة الجبائية المرتبطة بمهنة التوثيق (مدة تهيئه ‪ 20‬دقيقة)‪.45‬‬ ‫‪‬‬
‫ال يشارك في االختبار الشفوي إال من حصل في االختبار الكتابي على مجموع ال يقل عن‬
‫‪ 30‬نقطة‪.‬‬
‫تفصل بين تاريخ اإلعالن عن نتائج االختبار الكتابي وتاريخ إجراء االختبار الشفوي مدة ال‬
‫‪46‬‬
‫تقل عن أسبوع‪ ،‬وال يعتبر ناجحا من حصل على مجموع يقل عن ‪ 60‬نقطة‪.‬‬

‫وفي حالة الرسوب في االمتحان المهني‪ ،‬تنص المادة ‪ 7‬من قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة‬
‫التوثيق على أنه يكمن أن تمدد فترة التمرين إلى غاية أربع سنوات تستغرق كل منها سنة واحدة‪،‬‬
‫يؤدي المتمرن في نهايتها االمتحان المهني‪.‬‬

‫ويتم تعين ناجح في االمتحان المهني موثقا حسب االستحقاق مع األخذ بعين االعتبار في‬
‫ذلك مجموع النقط المحصل عليها خالل االختبارات السنوية بنسبة ‪ ، ،%50‬وفي حالة التساوي‬
‫‪47‬‬
‫في الترتيب بين المتمرنين الناجحين اعتبر األكبر سنا‪.‬‬

‫وهذه الطريقة التي سلكها المشرع المغربي في تكوين المتمرنين‪ ،‬ستمكنهم من الحصول‬
‫على الخبرة والتجربة الالزمتين لممارسة هذه المهنة‪ ،‬وسيزيد هذا من ثقة األفراد في هذه‬
‫‪48‬‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التعيين‬


‫إن أمر تعيين ونقل وإعفاء أي موثق يتكلف به رئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل بعد‬
‫‪49‬‬
‫وتتكون هذه اللجنة حسب ما جاء في المادة ‪ 11‬من قانون‬ ‫إبداء اللجنة المختصة رأيها في ذلك‪،‬‬
‫‪ 32.09‬من ‪:‬‬

‫‪ _.45‬المادة ‪ 23‬من المرسوم أعاله‪.‬‬


‫‪ _.46‬المادة ‪ 24‬من مرسوم أعاله‪.‬‬
‫‪ _.47‬المادة ‪ 27‬من مرسوم أعاله‪.‬‬
‫‪ _.48‬محمد الربيعي‪ ،‬م‪.‬س ص‪.43‬‬
‫وزير العدل بصفته رئيسا أو من يمثله‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الوزير المكلف بقطاع المالية أو من يمثله‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫األمين العام للحكومة أو من يمثله‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رئيس أول لمحكمة استئناف أو نائبه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وكيل عام للملك لدى محكمة االستئناف أو نائبه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قاض باإلدارة المركزية لوزارة العدل من الدرجة األولى على األقل‪ ،‬بصفته مقررا‬ ‫‪‬‬
‫يعين كل من الرئيس األول والوكيل العام للملك ونائبيهما والقاضي باإلدارة المركزية من طرف‬
‫وزير العدل‪.‬‬
‫رئيس المجلس الوطني للموثقين أو من ينوب عنه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫رئيسي مجلسين جهويين ينتدبان من طرف رئيس المجلس الوطني‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وبعد تعيينه يؤدي الموثق اليمين بالصيغة التالية ‪«:‬أقسم باهلل العظيم أن أؤدي بأمانة و‬
‫اخالص المهام المنوطة بي ‪،‬وأن أحافظ على السر المهني ‪،‬وأحترم كل الواجبات التي تتطلبها‬
‫المهنة»‪ ،‬وذلك أمام محكمة االستئناف المعين بدائرتها في جلسة خاصة يرأسها الرئيس األول‬
‫بحضور الوكيل العام للملك وكذا رئيس المجلس الجهوي للموثقين الذي يتولى تقديم المرشح‪،‬‬
‫وتحيل كتابة الضبط بمحكمة االستئناف فورا نسخة من محضر أداء اليمين يشهد رئيس كتابة‬
‫‪50‬‬
‫الضبط بمطابقتها لألصل إلى المحكمة االبتدائية التي يوجد مقر مكتبه بدائرة نفوذها‪.‬‬

‫ووفقا للمادة ‪ 14‬من قانون ‪ 32.09‬فإن "الموثق وبمجرد أداء يمينه يوقع توقيعا كامال بكتابة‬
‫الضبط لدى محكمة االستئناف المعين بدائرة نفوذها‪.‬‬

‫ويجب أن يكون لكل موثق خاتم يحمل اسمه وصفته وفق نموذج موحد يقترحه‬

‫المجلس الوطني للموثقين ويعمل به بعد موافقة وزير العدل"‪.‬‬

‫‪ _-49‬المادة ‪ 10‬من قانون ‪.32.09‬‬


‫‪ _.50‬المادة ‪ 13‬من قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬حقـوق والتزامـات المـوثق‬
‫إذا كان التوثيق يلعب دورا مهما في حماية حقوق األفراد والحفاظ على ركائز األمن‬
‫التعاقدي‪ ،‬فإنه كان من الالزم على المشرع ان يهتم بهذه الفئة ويفرد لها عدة حقوق (المبحث‬
‫األول) تجعل العاملين في هذا القطاع يطمئنون لمهنتهم حتى يؤدون عملهم بكل مهنية وصدق‬
‫وهو ما سيأثر بشكل إيجابي في تعزيز األمن القانوني بصفة عامة واألمن التعاقدي بصفة خاصة‪.‬‬
‫وتمتع الموثقون بهذه حقوق يعني ذلك بداهة أن لهم واجبات أخرى يتعين االلتزام بها (المبحث‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حقوق الموثق‬


‫يتمتع الموثق بمجموعة من الحقوق التي تمكنه من أداء واجبات وظيفته‪ ،‬والمتمثلة أساسا‬
‫في اإلشهاد على رسوم األطراف‪ ،‬وضبط تصرفاتهم‪ ،‬وعقودهم‪ ،‬ومختلف تعامالتهم‪ ،‬وإضفاء‬
‫عليها طابع الرسمية‪ ،‬وهذه الحقوق منها ما هو مرتبط بالوضعية المهنية للموثق (المطلب األول)‪،‬‬
‫ومنها ما هو مرتبط بعالقته مع الغير (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬حقوق الموثق المرتبطة بوضعيته المهنية‬


‫كما هو الحال في أي قانون ينظم مهنة حرة أو وظيفة عمومية‪ ،‬نص المشرع المغربي في‬
‫قانون ‪ 32.09‬على مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الموثق‪ ،‬والتي ترتبط بوضعيته المهنية‪،‬‬
‫ومن هذه الحقوق تلك المتعلقة بحقه في طلب االنتقال كلما توفرت لديه الشروط التي حددها لذلك‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬والحق في التغيب الذي تم تقنينه‪ ،‬الرتباط هذه المهنة بحقوق وأموال‬
‫الناس(الفقرة الثانية)‪ ،‬والحق في اإلعفاء‪ ،‬سواء كان هذا اإلعفاء تلقائيا‪ ،‬أو بطلبه (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حق الموثق في االنتقال‬


‫نصت المادة ‪ 21‬على حق الموثق في االنتقال بقرار من رئيس الحكومة وباقتراح من وزير‬
‫العدل بعد إبداء اللجنة المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬رأيها في الموضوع‪ ،‬كما أنها نصت على‬
‫أن لالنتقال شروط ومعايير تحدد بناء على نص تنظيمي‪.‬‬
‫وجاء المرسوم التنظيمي رقم ‪ 2.12.725‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق في مادته ‪ 37‬على‬
‫أنه يشترط لقبول طلب االنتقال أن يكون الموثق قد مارس المهنة بصفة فعلية في مقر عمله‬
‫المعين به‪ ،‬وأن تتوفر فيه المعايير المنصوص عليها في هذا المرسوم‪ ،‬وأن يتوفر مكتب شاغر أو‬
‫محدث في المحل المراد االنتقال إليه‪ ،‬مع مراعاة المصلحة التوثيقية‪.51‬‬
‫أما في المواد الثالثة التي بعدها ‪-‬المادة ‪ -40 39 38‬فإنها قد نصت على تقسيم المدن إلى‬
‫أربع مجموعات أ – ب ‪ -‬ج ‪ -‬د واشترطت لالنتقال من مجموعة إلى أخرى‪ ،‬أقدمية في مقر‬
‫العمل تم تحديدها في سنة واحدة‪ ،‬أو خمس سنوات‪ ،‬بحسب أهمية كل مجموعة‪ ،‬ما لم يتعلق األمر‬
‫بطلب االنتقال من مقر في مجموعة أعلى إلى مقر في مجموعة أدنى‪ ،‬فأنه أنداك ال تراعى فيه‬
‫المدة المذكورة‪ ،‬وإذا فاقت طلبات االنتقال عدد األماكن الشاغرة المطلوبة‪ ،‬يراعى في الترجيح‬
‫بينهما مجموع النقط بحسب نقطة عن كل سنة بالنسبة إلى األقدمية في المهنة‪ ،‬ونقطة عن كل سنة‬
‫بالنسبة إلى األقدمية في المهنة‪ ،‬ونقطة عن كل سنة بالنسبة لألقدمية في مقر العمل المراد االنتقال‬
‫منه‪ ،‬وربع نقطة عن كل شهر بالنسبة إلى أقدمية الطلب‪ ،‬التي تحتسب من تاريخ تسجيله بمكتب‬
‫‪52‬‬
‫الضبط المركزي للوزارة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حق الموثق في التغيب‬


‫بالرغم من كون مهنة التوثيق مهنة حرة‪ ،‬فقد تدخل المشرع لتنظيم وتقنين تغيبات الموثق‬
‫لكونها ترتبط بحقوق المواطنين وأموالهم‪ ،‬وجعلها مقترنة بعدة شروط حتى يمارس الموثق هذا‬
‫الحق‪.‬‬
‫وحسب المادة ‪ 17‬من قانون ‪ 32.09‬يحق للموثق أن يتغيب عن مكتبه لمدة ال تتعدى ‪15‬‬
‫يوما على أن يقوم بإشعار رئيس المجلس الجهوي للموثقين والوكيل العام للملك لمحكمة‬
‫االستئناف المعين بدائرتها بهذا التغيب‪.‬‬
‫ويبدو أن األمر يتعلق بإجازة للراحة واالستجمام أو لقضاء مأرب خاصة أو أغراض‬
‫شخصية‪ ،‬والموثق في هذه الحالة مخير بين أن يشير في إشعاره إلى سبب تغيبه والمكان الذي‬
‫سيكون فيه خالل هذه المدة أو ال يبين شيئا من ذلك ألن حق التغيب للمدة المذكورة حق عام يتمتع‬
‫به كل موثق وال يرتبط بحالة اضطرارية أو استثنائية‪ ،‬ويجب أن يكون اإلشعار مكتوبا ومسجال‬

‫‪ _.51‬العلمي الحراق‪ ، ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪ _.52‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫بكامل مراجعه لدى كتابة النيابة العامة بمحكمة االستئناف المختصة وكتابة المجلس الجهوي‪ ،‬وال‬
‫يكتفي في ذلك باإلشعار الشفوي‪.53‬‬
‫وفي الحالة التي يكون فيها الموثق مضطرا للتغيب أكثر من ذلك‪ ،‬كأن يكون مضطر إلى‬
‫الذهاب للديار المقدسة ألداء فريضة الحج‪ ،‬أو الخلود إلى الراحة من أجل االستشفاء‪ ،‬أو أصبح‬
‫في وضعية حالة من حاالت التنافي المنصوص عليها في المادة ‪ ،545‬كلف الرئيس األول لمحكمة‬
‫االستئناف المعين بدائرة نفوذها بناء على ملتمسه موثقا أخر لتصريف أعماله والنيابة عنه‪.‬‬
‫أما في حالة مرض الموثق ألي سبب من األسباب كأن يصاب بمرض خطير يحتاج لوقت‬
‫طويل من أجل العالج‪ ،‬أو انتابه عارض ما كأن تكون زوجته أو أوالده مصابين بمرض ما‬
‫يحتاج للمواكبة والتتبع من طرفه والوقوف بجانبهم‪ ،‬فإن الموثق يلتمس حسب المادة ‪ 18‬من‬
‫الرئيس األول لمحكمة االستئناف المعين بدائرة نفوذها اعتباره في حالة انقطاع مؤقت عن‬
‫ممارسته المهنة‪ ،‬مع تعيين الرئيس األول لموثق أخر للنيابة عن الموثق المعني باألمر بعد أخد‬
‫رأي الوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة وكذا رئيس المجلس الجهوي‪.‬‬
‫ونصت المادة ‪ 20‬من نفس القانون على انه يجب على الوكيل العام للملك لدى محكمة‬
‫االستئناف أو رئيس المجلس الجهوي في حالة شغور مكتب للتوثيق‪ ،‬او إذا حال عائق دون قيام‬
‫الموثق بمهمه‪ ،‬أن يلتمس من الرئيس األول لمحكمة االستئناف المعين بدائرتها الموثق تعيين من‬
‫يسير المكتب مؤقتا من بين الموثقين العاملين بنفس الدائرة االستئنافية ويبلغ قرار التعيين إلى‬
‫الوكيل العام ورئيس المجلس الجهوي ‪.‬‬
‫وقد حسمت المادة ‪ 19‬الخالف الذي كان قد أثير حول المستحقات المالية للموثق النائب‬
‫خالل فترة تغيب الموثق األصلي وحصرتها في نسبة الثلث من األتعاب الواجبة عن العقود‬
‫والمحررات التي أنجزها أو تلقاها‪ ،‬وهذه المادة ليست من النظام العام إذ يجوز االتفاق على‬
‫مخالفتها من قبل الموثق المعين والموثق النائب وذلك بتحديد نسبة أخرى غير الثلث سواء برفعها‬
‫أو بخفضها‪.‬‬
‫ومن خالل هذه المواد نود أن نسجل مالحظتين‪ ،‬المالحظة األولى تتعلق بالتشابه بين المادة‬
‫‪ 18‬والمادة ‪ ، 20‬والفرق بينهما يكمن في أن مبادرة طلب التعيين النائب ال تكون في المادة ‪20‬‬
‫من الموثق المعني وإنما من طرف وكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف‪ ،‬أو من لدن رئيس‬
‫المجلس الجهوي على خالف المادة ‪ 18‬التي تكون فيها المبادرة من الموثق المعني‪.55‬‬

‫‪ _.53‬العلمي الحراق‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪ _.54‬العلمي الحراق‪ ، ،‬م‪.‬س ‪،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ _.55‬محمد ليديدي ‪،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.44‬‬
‫المالحظة الثانية‪ ،‬وهي استخدام المشرع لمصطلح التعيين في المواد ‪ 18‬و ‪ 20‬بالنسبة‬
‫للنائب المؤقت‪ ،‬وهو في نظرنا مصطلح غير صحيح‪ ،‬ألن التعيين يكون دائما نهائي على خالف‬
‫التكليف الذي يكون مؤقت‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬حق الموثق في اإلعفاء‬


‫جاء في المادة ‪ 22‬من قانون ‪ 32.09‬على أنه يمكن للموثق أن يعفى من مزاولة مهامه‬
‫بطلب منه سواء أدلى في ذلك سببا كأن يصبح عاجزا عن ممارسة مهامه أو كان ذلك بدون‬
‫سبب‪ ،‬ويعفى الموثق أيضا إذا لحقه عارض من العوارض المرضية التي قد تحول دون ممارسة‬
‫مهامه‪ ،‬ويعود إلى مهنته من جديد إذا زال العارض وذلك بعد إدالئه بشهادة طبية من المصالح‬
‫الطبية المختصة تثبت زواله‪.‬‬
‫كما أنه ينبغي على كل موثق بلغ سبعين سنة من العمر أن يدلي خالل ثالثة أشهر األولى‬
‫من كل سن ة بشهادة طبية تثبت قدرته على االستمرار في ممارسة المهنة بكيفية عادية توجه إلى‬
‫السيد وزير العدل تحت إشراف الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف المعين بدائرة نفوذها‪.‬‬
‫ويعفى الموثق بقرار لرئيس المحكمة باقتراح من وزير العدل بعد إبداء اللجنة المشار إليها‬
‫في المادة ‪ 11‬من هذا القانون رأيها في اإلعفاء‪ ،‬ويتم إرجاعه بنفس الكيفية‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬حقوق الموثق في عالقته مع الغير‬


‫سنتناول في هذا المطلب حقوق الموثق في عالقته مع الغير‪ ،‬وذلك بتقسيمه إلى ثالث فقرات‬
‫حيث سنتناول في (الفقرة األولى) حقه في الحصول على األتعاب‪ ،‬وسنتطرق في (الفقرة الثانية)‬
‫حقه في الحماية القانونية‪ ،‬على أن نخوض في (الفقرة الثالثة) في حقه في التوفر على موقع‬
‫إلكتروني‪ ،‬وتعليق لوحة باسمه (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حق الموثق في الحصول على األتعاب‬


‫نصت المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 32.09‬بصريح العبارة على حق الموثق في استيفاء أتعابه‬
‫مقابل الخدمات التي يقدمها للزبون‪ ،‬على أن تكون هاته األتعاب تتناسب وما قام به الموثق تحت‬
‫طائلة المتابعة التأديبية والزجرية كما نصت عليه المادة ‪ 16‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫وجاء في الفقرة األخيرة على أنه للموثق الحق في أتعاب يحدد مبلغها وطريقة استيفائها‬
‫بنص تنظيمي‪.‬‬
‫وتبعا لذلك فإنه من المستجدات التي عرفتها الساحة القانونية‪ ،‬تقديم مشروع مرسوم يتعلق‬
‫بتحديد أتعاب الموثقين وطريقة استيفائها بتاريخ ‪ 22‬غشت ‪ ،562017‬هذا المرسوم الذي جاء‬
‫للرقي بمهنة التوثيق وضمان استمرارية المرفق التوثيقي وترسيخ األمن التعاقدي وتعزيز ثقة‬
‫المواطن في المهنة‪ .‬وقد تم إعداد هذا المشروع من قبل وزارة العدل بعد التشاور مع الهيئة‬
‫الوطنية للموثقين‪ ،‬وتضمن هذا المشروع ستة مواد مقسمة إلى محورين اثنين‪ ،‬المحور األول‬
‫خاص باألحكام العامة والثاني يتعلق بتحديد أتعاب الموثقين‪ 57‬وطريقة استيفائها‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 1‬من هذا المشروع على أن الموثق ال يجوز له أن يتقاضى عن العقود‬
‫التي يتلقاها وعن استيفاء إجراءات التسجيل والمحافظة على األمالك العقارية أتعابا تتجاوز‬
‫التعر يفة الملحقة بهذا المرسوم أما بالنسبة للعقود غير المذكورة في التعريفة فإنها تحدد بناء على‬
‫اتفاق مكتوب مع الزبون‪.‬‬
‫كما أن المادة ‪ 4‬من نفس المشروع نصت على أنه يتعين على المتعاقد المعني‪ ،‬باستثناء‬
‫أشخاص القانون العام‪ ،58‬أن يؤدي بمجرد فتح الملف مسبق أتعاب ال يتجاوز ‪ %5‬من قيمة‬
‫األتعاب المحددة بمقتضى التعريفة الملحقة بهذا المرسوم على أن ال تقل عن ألف درهم‪ ،‬أما باقي‬
‫األتعاب فإن الموثق يستحقها بمجرد توقيع األطراف على العقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حق الموثق في الحماية القانونية‬


‫جاء في الفقرة األولى من المادة ‪ 92‬من قانون ‪ 32.09‬على أن الموثق يتمتع أثناء مزاولة‬
‫مهامه أو بسبب قيامه بها بالحماية التي تنص عليها مقتضيات الفصلين ‪ 263‬و ‪ 267‬من‬
‫مجموعة القانون الجنائي‪.‬‬
‫وبالرجوع الى الفصلين ‪ 263‬و‪ 267‬من القانون الجنائي نجد أن الفصل ‪ 263‬ينص على‬
‫أنه "يعاقب بالحبس من شهر الى سنة وغرامة من مائتين و خمسين الى خمسة أالف درهم من‬
‫أهان أحد رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم‬

‫‪ _.56‬رسالة السيد وزير العدل تحت عدد ‪ 248‬د‪.‬ي بتاريخ ‪ 22‬غشت ‪.2017‬‬
‫‪ _.57‬تم إعداد مشروع تعريفة األتعاب بتنسيق مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة في إطار قانون حرية‬
‫األسعار والمنافسة‪ ،‬وتم عرض هذه التعريفة على مجلس‪.‬‬
‫‪ _.58‬نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 4‬على أنه " تؤدى أتعاب الموثق عن العقود التي يتلقاها لفائدة أشخاص القانون العام‬
‫وفق قواعد قانون المحاسبة العمومية‪.‬‬
‫بوظائفهم او بسبب قيامهم بها ‪ ،"...‬بينما ينص الفصل ‪ 267‬من نفس القانون على انه "يعاقب‬
‫بالحبس من ثالثة اشهر الى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد من رجال القضاء أو‬
‫الموظفين العموميين او رؤساء او رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها‪"..‬‬

‫الفقرة ثالثة ‪ :‬حق الموثق في التوفر على موقع إلكتروني و تعليق لوحة باسمه‬
‫إن التطور التكنولوجي الذي عرفه العالم منذ مطلع القرن العشرين كان له تأثير كبير في‬
‫العالقات التعاقدية وكيفية إبرامها‪ ،‬وتبعا لذلك فقد تطور اإلشهار تطورا كبيرا‪ ،‬إذ أصبح واحد من‬
‫سمات العصر الحالي‪ ،‬وتعتبر وسائل االتصال االلكترونية السيما األنترنت‪ ،‬الوسيلة الواسعة‬
‫واألكثر انتشارا لإلشهار‪.‬‬
‫وعليه فقد خول المشرع في المادة ‪ 91‬من قانون ‪ 32.09‬للموثق الحق في أن يتوفر على‬
‫موقع في وسائل االتصال اإللكترونية‪ ،‬يشير فيه باقتضاب إلى نبذة عن حياته ومساره الدراسي‬
‫والمهني‪ ،‬وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه‪ ،‬شريطة الحصول على إذن مسبق من رئيس‬
‫المجلس الجهوي للموثقين بمضمون ذلك‪.،‬‬
‫وتنص ا لفقرة الثانية من نفس المادة على حق الموثق في أن يعلق لوحة بيانية خارج البناية‬
‫التي يوجد بها مكتبه أو بداخلها وذلك من أجل التعريف به والتدليل على مكان تواجده داخل‬
‫البناية‪ ،‬ويجب أن تتضمن هذه اللوحة فقط اسمه الكامل‪ ،‬وصفته كموثق‪ ،‬وكذا لقب دكتور في‬
‫الحقوق عند االقتضاء وذلك تحت طائلة العقوبة بغرامة من ‪ 1.200‬إلى ‪ 5.000‬درهم؛‬
‫ونعتقد بأن هذا النص فيه ظلم وإجحاف كبير بالنسبة للموثقين كما هو الشأن بالنسبة‬
‫للمحامين‪ ،‬ففي الوقت الذي يسمح فيه المشرع لمزاولي باقي المهن األخرى كاألطباء والمهندسين‬
‫وغيرهم من إشهار جميع أنواع شهاداتهم‪ ،‬وأسماء جامعاتهم‪ ،‬فإنه يحرم في اآلن نفسه‪ ،‬فئة‬
‫الموثقين والمحامين من هذا الحق‪.‬‬
‫ونتساءل هنا حول الحكمة من حرمان حاملي الشهادات العلمية من إشهارها كأن يكون مثال‬
‫من حاملي اإلجازة أو ماستر في القانون‪.‬‬
‫وتنص نهاية الفقرة الثانية على أن شكل اللوحة يحدد بمقتضى قرار من وزير العدل‪ ،‬وهو‬
‫ما تم إصداره فعال‪ ،‬حيث جاء في مادته األولى بأن اللوحة التي يحق للموثق أن يعلقها خارج‬
‫البناية التي يوجد بها مكتبه‪ ،‬أو داخلها‪ ،‬يجب أن تكون على شكل مستطيل‪ ،‬ال يتعدى طوله‬
‫‪ 50‬سنتمترا وعرضه ‪ 30‬سنتمترا‪ ،‬تحمل اسمه الكامل‪ ،‬وصفته كموثق‪ ،‬وكذا لقب دكتور في‬
‫الحقوق عند االقتضاء‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬التزامات الموثق العصري‬
‫ال يختلف اثنان أن التوثيق العصري يساهم في استقرار المعامالت والحفاظ على المراكز‬
‫القانونية ألطراف العالقة التعاقدية‪ ،‬ومن تم وضع المشرع على عاتق الموثقين مجموعة من‬
‫االلتزامات بالموازاة مع تحرير العقود وإضفاء الصفة الرسمية عليها‪ .‬هذه االلتزامات منها ما‬
‫يتحمله الموثق قبل تحرير اتفاق األطراف (المطلب االول) ومنها اآلخر بعد تحريره(المطلب‬
‫الثاني)‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬التزامات الموثق قبل تحرير اتفاق األطراف‬


‫يكون الموثق قبل تحرير اتفاق األطراف ملزما بتقديم كافة النصائح واإلرشادات ألطراف‬
‫التصرف المراد إبرامه(الفقرة االولى)‪ ،‬كما يتوجب عليه أن يقوم بالتحريات الالزمة للوقوف على‬
‫الوضعية القانونية للعقار(الفقرة الثانية)‪ ،‬وان يتحقق من هوية األطراف وأهليتهم ومدى مطابقة‬
‫الوثائق المدلى بها للقانون(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة أولى ‪ :‬االلتزام بالنصح‬


‫_ أساس االلتزام بنصح الزبون‬
‫نتيجة لغياب نص صريح في قانون التوثيق الفرنسي‪ ،‬يلزم الموثق بواجب النصح اتجاه‬
‫أطراف االتفاق‪ ،‬اختلف الفقه في تحديد أساس هذا االلتزام‪.‬‬

‫فمن الفقهاء من ذهب إلى القول بان التزام الموثق بنصح الزبون يجد أساسه في طبيعة‬
‫مهنة التوثيق نفسها؛ باعتباره واجبا أخالقيا تفرضه ضوابط وقواعد المهنة‪ .‬في حين ذهب البعض‬
‫األخر إلى أن أساس هذا االلتزام يتمثل في وجود عقد ضمني بين الموثق والزبون يلتزم بموجبه‬
‫األول بإسداء النصيحة في مقابل أتعاب يؤديها الطرف الثاني‪.‬‬
‫وبعيدا عن هذا النقاش ورغم عدم وجود نص صريح على ذلك لم يكن القضاء الفرنسي‬
‫يتردد في مساءلة كل موثق لم يقدم النصائح الالزمة لزبنائه‪ ،‬معتمدا في ذلك على روح قانون ‪25‬‬
‫فانتوز‪ ،‬واألسباب المذكورة في مقدمة مشروعه‪ ،‬التي تجعل الموثق ناصحا محايدا لألطراف‪.59‬‬

‫أما عن المشرع المغربي فلم يترك مجاال للنقاش‪ ،‬حيث نصت الفقرة الثانية من المادة ‪37‬‬
‫‪60‬‬
‫صراحة على هذا االلتزام ‪.‬مسايرا بذلك القضاء المغربي الدي لم يكن يتردد‬ ‫من قانون ‪32-09‬‬
‫بدوره في تحميل الموثق المسؤولية كلما تبين إخالله بواجب النصح للزبون؛ وهذا ماقضى به‬
‫‪61‬‬
‫المجلس االعلى في قراره الصادر بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2005‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬مضمون االلتزام بالنصح وحدوده‬


‫إن التزام الموثق بإسداء النصح للمتعاقدين كما جاء في سياق المادة ‪37‬هو أن يقوم‬
‫باطالعهم على مضمون العقد وكذا اآلثار واألبعاد التي سوف تترتب عن هذا التعاقد‪ ،‬بنوع من‬
‫الحياد‪.‬‬

‫وعليه وجب على الموثق أن يشعر األطراف بحقوق وواجبات كل منهما‪ ،‬والتنبيه إلى‬
‫خطورة بعض الشروط التي يريدون إدراجها في عقودهم ‪ ،‬واإلشارة إلى الحلول الصادرة عن‬
‫القضاء في حال وجود مسالة محل خالف‪ ،‬و توجيه النصائح الكافية المتعلقة بالمجال الضريبي‬
‫والمقتضيات الخاصة بواجبات التسجيل وخطورة التهرب والتملص من أدائها ‪.‬‬

‫أما ب النسبة لحدود التزام الموثق بالنصح؛ فان القضاء الفرنسي في ظل غياب النص‬
‫الصريح تبنى المعيار الشخصي في تحديد األحوال التي يتحلل فيها الموثق من مسؤولية تقديم‬
‫النصح لألطراف‪.‬‬

‫‪_ 59‬محمد الربيعي ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.51:‬‬


‫‪_ 60‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 37‬على ما يلي‪" :‬يجب على الموثق إسداء النصح لألطراف‪ ،‬كما يجب عليه أن يبين لهم‬
‫ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم ‪ ،‬وان يوضح لهم األبعاد واآلثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها‪".‬‬
‫‪_ 61‬قرار المجلس األعلى عدد ‪ 587‬صادر عن غرفتين ‪ ،‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪ ، 2005‬منشور بمجلة المجلس األعلى بغرفتين او‬
‫بجميع الغرف ‪،‬الجزء الرابع‪،‬ص‪.85:‬‬
‫وهكذا ال يكون الموثق ملزما بإسداء النصح للزبون كلما كان يتوفر على الخبرة الكافية في‬
‫المعامالت المالية؛ بغض النظر عن مستواه الثقافي‪ ،‬باستثناء األميين الذين ال يعرفون الكتابة‬
‫وكبار السن الذين أصبحوا غير قادرين على تقييم نتائج تصرفاتهم ‪.‬‬

‫وإذا كان الحال كذلك في فرنسا فان الموثق المغربي وفي ظل وجود النص الصريح‬
‫وارتباطه بالنظام العام؛ يبقى التزامه مطلقا ؛ كما يكون باطال كل اتفاق بينه وبين الزبون يضع‬
‫حدودا لهذا االلتزام‪.‬‬

‫وارتباطا بحديتنا يثار التساؤل حول كيفية إثبات التزام الموثق بإسداء النصح لألطراف‪،‬‬
‫خاصة في الحالة التي ينكر فيها هؤالء تلقيهم النصح من طرف الموثق؟‬

‫إجابة على التساؤل أعاله نجد أن قانون ‪32.09‬لم ينص على أي مقتضى يتعلق بمسألة‬
‫إثبات واجب إسداء النصح لألطراف ‪.‬وبالتالي‪ ،‬ومن وجهة نظرنا الخاصة؛ نقول بأن هذا‬
‫االلتزام يمكن إثباته بجميع وسائل اإلثبات لكونه يتعلق بأعمال مادية‪ ،‬ويبقى للمحكمة السلطة‬
‫التقديرية في تحديد احترام الموثق لهذا الواجب من عدمه‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التزام الموثق بالتأكد من الوضعية القانونية للعقار‬


‫سنعمل في هذا المطلب على االحاطة بكل من التأكد من وضعية العقار المحفظ في الفقرة‬
‫األولى على أن نعمل في الفقرة الثانية على االلمام بالتأكد من وضعية العقار غير المحفظ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التأكد من وضعية العقار المحفظ‬


‫متى كان محل المعاملة عقارا محفظا يتعين على الموثق أن يقوم بمجموعة من التحريات‬
‫حول وضعيته القانونية‪ ،‬وذلك للتأكد من أن الرسم العقاري ( رسم التملك ) الخاص بهذا العقار‬
‫غير مثقل بأي تكاليف أو رهون‪.‬‬
‫وفي الحالة التي يتبين للموثق أن العقار في وضعية غير سليمة كان يكون مرهونا أو ليس‬
‫في ملكية البائع؛ وجب عليه إعالم األطراف بذلك‪ ،‬وان يطلع المشتري بخطورة اآلثار المترتبة‬
‫في حال تمام البيع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬التأكد من وضعية العقار غير المحفظ‬


‫بالرجوع إلى الفقرة األولى من الفصل الخامس من ظهير ‪ 4‬مايو ‪ 1925‬الملغى نجدها‬
‫كانت تحدد اختصاص الموثق في ميدان العقار في العقارات المحفظة وتلك التي تكون في طور‬
‫التحفيظ ‪ .62‬أما قانون ‪ 09-32‬فلم يتطرق إلى هذا الموضوع بنص خاص‪.‬‬

‫لكن بالرغم من ذلك ال يحق للموثق االمتناع عن تلقي المعامالت المتعلقة بالعقارات غير‬
‫المحفظة‪ ،‬تطبيقا للمادة ‪ 29‬من قانون ‪ 32.09‬التي تنص على مايلي ‪":‬إذا امتنع الموثق عن القيام‬
‫بواجبه بدون سبب مشروع تحمل مسؤولية الضرر الناتج عن هذا االمتناع"‪.‬‬

‫وعليه وجب على الموثق وهو بصدد هذا النوع من المعامالت التأكد من الرسوم المقدمة‬
‫إليه حتى يقف على أصل الملكية وجميع التصرفات التي خضع لها العقار‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬التحقق من هوية األطراف وأهليتهم ومدى مطابقة الوثائق‬


‫المدلى بها للقانون‬
‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 37‬من القانون رقم ‪ 32.09‬على مايلي‪":‬يتحقق الموثق تحت‬
‫مسؤوليته من هوية األطراف وصفتهم وأهليتهم للتصرف ومطابقة الوثائق المدلى بها إليه‬
‫للقانون‪."...‬‬

‫إذن فقبل أن يتلقى الموثق أي عقد أو تصرف من المتعاقدين؛ يتعين عليه أن يتحقق – تحت‬
‫مسؤوليته – من األوراق المفيدة في التعرف على األطراف واثبات هويتهم؛ كالبطاقة الوطنية‬
‫للتعريف في مدة صالحيتها ورخصة السياقة أو جواز السفر‪ ،‬كذلك الشأن بالنسبة للشهود في حال‬
‫‪_62‬محمد الربيعي‪:‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.57 :‬‬
‫وجودهم‪ .‬إضافة إلى التثبت من صفة الشخص وأهليته في إبرام االتفاق موضوع العالقة‬
‫‪63‬‬
‫التعاقدية‬

‫ويدخل في نطاق هذا االلتزام‪ :‬التثبت من األوراق المثبتة للملكية أو أحقية اإلرث وحظوظ‬
‫الوارث ونصيبه من التركة‪ ،‬والوثائق التي تعرف بهوية أطراف العقد بشكل دقيق ال يثير أي‬
‫التباس أو تشابه في األسماء‪ ،‬ومدى مطابقة هذه األوراق والوثائق للقانون تفاديا ألي تزوير أو‬
‫غش‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬التزامات الموثق بعد تحرير اتفاق األطراف‬


‫بعد تحرير االتفاق وتذييله بتوقيع األطراف‪ ،‬يلتزم الموثق هو اآلخر بالتوقيع ووضع‬
‫خاتمه(الفقرة االولى)‪ ،‬قبل قيامه ببعض اإلجراءات الشكلية(الفقرة الثانية)‪ ،‬ليكتسب االتفاق صيغته‬
‫النهائية والرسمية‪ ،‬حيث يتوجب على الموثق المحافظة على أصلها وأصول الوثائق المصاحبة‬
‫لها وكتمان األسرار المتعلقة بها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬التزام الموثق بتوقيع المحرر ووضع خاتمه‬


‫يعتبر االلتزام بالتوقيع أهم االلتزامات الملقاة على عاتق الموثق؛ فالمحرر ال يكتسب الصفة‬
‫الرسمية إلى بعد هذا التوقيع ؛ حسب ما أشارت اليه المادة ‪ 44‬من قانون ‪.6432.09‬‬

‫ويجب أن يكون الموثق آخر من يضع توقيعه وخاتمه فور توقيع األطراف والشهود‪ ،‬وهو‬
‫ما أكدته المادة ‪ 43‬من القانون أعاله حينما نصت على انه‪":‬تذيل أصول العقود‪ -‬تحت طائلة‬
‫البطالن– باألسماء الكاملة وتوقيعات األطراف والترجمان والشهود إن وجدوا‪ ،‬ثم الموثق‬
‫وخاتمه"‪.‬‬

‫‪ _.63‬العلمي الحراق‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.97:‬‬


‫‪_ 64‬تنص المادة ‪ 44‬على مايلي‪":‬يجب على الموثق أن يوقع العقد فور أخر توقيع لألطراف‪.‬‬
‫يكتسب العقد الصبغة الرسمية ابتداء من تاريخ توقيع الموثق"‪.‬‬
‫هذا وقد تثار مسألة وفاة الموثق قبل توقيعه على المحرر وبعد توقيع باقي األطراف عليه‪.‬‬
‫الشيء الذي جعل المشرع يعالج هذه الحالة بموجب المادة ة ‪ 45‬من القانون رقم ‪ ،32.09‬حيث‬
‫أجاز لرئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق أن يأمر بناءا على طلب‬
‫المتعاقدين تذييل العقد بتوقيع موثق آخر بحضورهم وموافقتهم على مضمونه بعد قراءته عليهم‬
‫من جديد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التزام الموثق بالقيام ببعض اإلجراءات الشكلية‬


‫أوال‪ -‬دور الموثق في عملية التسجيل‬
‫تنص المادة ‪ 47‬من قانون ‪ 32.09‬على ما يلي‪":‬يجب على الموثق أن يقدم نسخا من‬
‫المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه‪ ،‬لمكتب التسجيل المختص الستيفاء‬
‫إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد له قانونا"‪.‬‬

‫إذن يمكن القول بأن المشرع باإلضافة إلى االلتزامات التي حملها للموثق قصد حماية‬
‫أطراف العالقة التعاقدية‪ ،‬الزمه بدور ضريبي؛ بهدف استيفاء الحقوق المستحقة لفائدة الدولة؛ من‬
‫خالل القيام بواجبات التسجيل لدى إدارة التسجيل و التمبر وأداء الرسوم المستحقة على العقود‬
‫التي يبرمها ‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة يكتفي الموثق باال دالء بنسخ مشهود بمطابقتها لألصل من طرفه مع القيام‬
‫‪65‬‬
‫بما يقتضيه النشر واالشهار والتقييد في السجالت الرسمية‬

‫ثانيا‪ -‬دور الموثق في تقييد العقود بالرسوم العقارية‬


‫تنص المادة ‪ 47‬من قانون ‪32.09‬على ما يلي ‪":‬يجب على الموثق أن يقدم نسخا من‬
‫المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه‪ ،‬لمكتب التسجيل المختص الستيفاء‬

‫‪_65‬محمد ليديدي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.77:‬‬


‫إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وانجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في‬
‫السجالت العقارية وغيرها لضمان فاعليتها ‪."...‬‬

‫ويبدو أن تحميل المشرع الموثق هذا االلتزام يجد مبرره في كون غالبية األفراد يجهلون‬
‫اآلثار المترتبة عن اإلغفال أو التماطل في القيام بإجراءات التقييد؛ والتي قد تصل في بعض‬
‫األحيان إلى حد عدم اكتساب الحق‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن مجرد الكتابة وإضفاء الصفة الرسمية‬
‫غير كافيين وحدهما لنفاد التصرف بين الطرفين بل البد من تقييده بالسجل العقاري ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬التزام الموثق بالمحافظة على أصول العقود وكتمان السر المهني‬
‫اوال‪-‬االلتزام بالمحافظة على أصول العقود‬
‫إن ما يميز المحررات الرسمية هو أن أصولها تبقى محفوظة لدى الموثق ويمنع تسليمها‬
‫لألطراف‪ ،‬وهو ما يبعث نوعا من الطمأنينة لدى هؤالء على عدم ضياع أصولهم‪ ،‬الشيء الذي‬
‫يغيب عن أصحاب المحررات العرفية‪.‬‬

‫في المقابل وجب تسليم نسخ وأصول العقود ونظائر أصول الوثائق الملحقة بها لألطراف‬
‫من طرف الموثق صاحب المكتب أو من ينوب عنه أو من طرف الموثق الذي يسير المكتب‪،66‬‬
‫كما يحق لورثتهم ولوكالئهم أن يتسلموا هذه األصول والنظائر‪ ،‬أما بالنسبة للغير فال يحق له ذلك‬
‫إال بموجب مقرر قضائي‪ .67‬ويجب على الموثق أن يشهد بمطابقتها لألصل وان تكون كل صفحة‬
‫من النظير أو النسخة حاملة لتوقيعه وخاتمه مع اإلشارة إلى التاريخ‪.‬‬

‫هذا ويكون الموثق مسؤوال متى تعرضت أصول العقود أو أصول الوثائق الملحقة بها أو‬
‫صور الوثائق التي تتبث هوية األطراف للضياع ‪.68‬‬

‫‪_66‬المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪.32.09‬‬


‫‪_67‬المادة ‪ 55‬من القانون رقم ‪.32.09‬‬
‫‪_68‬المادة ‪ 50‬من القانون رقم ‪.32.09‬‬
‫ثانيا‪ -‬التزام الموثق بكتمان السر المهني‬
‫يعتبر االلتزام بكتمان السر المهني من االلتزامات األخالقية التي انتقلت للمجال القانوني‪.‬‬
‫فنت يجة إطالع الموثقين على أحوال الناس‪ ،‬كان من الضروري إلزام هذه الفئة من المهنيين بعدم‬
‫إفشاء األسرار التي يتوصلون بها‪.‬‬

‫وقد نصت على هذا االلتزام المادة ‪24‬من القانون رقم ‪ 32.09‬التي جاء فيها‪" :‬يلزم الموثق‬
‫بالمحافظة على السر المهني‪ ،‬ما عدا إذا نص القانون على خالف ذلك‪ ،‬ويقع نفس اإللزام على‬
‫المتمرنين عنده وأجراءه"‪ .‬أما المادة ‪ 13‬من نفس القانون فقد ألزمت الموثقين بأداء اليمين على‬
‫عدم إفشاء السر المهني‪.69‬‬

‫ويعتبر هذا االلتزام فضفاضا يندرج تحته مجموعة من الواجبات‪ ،‬أهمها المحافظة على‬
‫أسرار المتعاقدين واسرار كل األطراف التي تتعامل مع الموثق بما فيها المؤسسات العمومية‬
‫‪70‬‬
‫وأسرار المهنة بصفة عامة ؛ الن عبارة السر المهني عبارة عامة وشاملة‬

‫وإذا كانت االلتزامات السابقة ال يترتب عن مخالفتها سوى مسؤولية الموثق المدنية‪ ،‬فان‬
‫إفشاء السر المهني اعتبره المشرع جريمة‪ ،‬يعاقب عليها القانون الجنائي بالحبس من شهر إلى‬
‫ستة اشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم‪.71‬‬

‫‪_ 69‬تؤدى اليمين حسب ما نصت عليه الفقرة األولى من المادة ‪ 13‬على الشكل التالي‪:‬‬
‫"اقسم باهلل العظيم أن أؤدي بأمانة و إخالص المهام المنوطة بي وأن أحافظ على السر المهني‪ ،‬واحترم كل الواجبات التي‬
‫تتطلبها المهنة"‪.‬‬
‫‪_70‬العلمي الحراق ‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 64:‬و ‪.65‬‬
‫‪_ 71‬انظر المادة ‪ 446‬من القانون الجنائي‪.‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬ظوابط اعداد المحررات من طرف الموثق‬

‫حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق ظوابط اعداد المحررات من طرف الموثق استوجب‬
‫منا األمر تجزيئ هذا المقتضى الى قطبين ‪.‬نستعرض في أوالهما الحديث عن الضوابط‬
‫الجوهرية إلعداد المحررات من قبل الموثق في (الفصل األول) على أن نخصص (الفصل‬
‫الثاني) لتناول مقتضى الضوابط الشكلية إلعداد المحرر من طرف الموثق‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬الضوابط الجوهرية إلعداد المحررات من قبل الموثق‬

‫لكي يكون المحرر صحيحا‪ ،‬وحتى ال يتعرض للبطالن يجب على الموثق أن يشير فيه إلى‬
‫مجموعة من البيانات الجوهرية‪ ،‬وأن يحترم عدة ضوابط قانونية أوجبها قانون ‪.32.09‬‬

‫فلقد استلزم المشرع المغربي أوضاعا قانونية خاصة‪ ،‬يجب على الموثقين احترامها لكي‬
‫‪72‬‬
‫تكون محرراتهم صحيحة وخالية من كل عيب ينال من حجيتها‪.‬‬

‫هذه الضوابط القانونية منها ما يتعلق باألطراف ومنها ما يتعلق بالشهود‪ ،‬ومنها ما يتعلق‬
‫بتاريخ العقد لما له من دور مهم في حسم بعض المنازعات‪ ،‬ومنها ما يخص مكان تلقي وتوقيع‬
‫العقد‪ ،‬لمعرفة مدى احترام الموثقين للمقتضيات الواردة في بالمادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪.32.09‬‬

‫وعلى هذا األساس‪ ،‬سنتناول بداية الضوابط الخاصة باألطراف والشهود (المبحث األول) ثم‬
‫نعرج على الضوابط القانونية الخاصة بتاريخ المحرر ومكانه (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الضوابط الخاصة باألطراف والشهود‬

‫إن المحرر التوثيقي‪ ،‬هو محرر رسمي باألساس‪ ،‬وبالتالي له حجية مطلقة تجاه المتعاقدين‬
‫والغير على حد سواء‪ ،‬غير أنه ال تكون له هذه الحجية إذ لم يكن في الوضعية القانونية الالزمة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم‪ ،‬مكتبة المعرفة‪ ،‬مراكش الطبعة الثانية ‪ ،2015‬ص‪.69 :‬‬
‫وليكون في هذه الوضعية الصحيحة‪ ،‬البد على الموثق أن يحترم الضوابط القانونية الالزمة‬
‫لتحرير هذا المحرر‪ ،‬سواء الضوابط المتعلقة باألطراف (المطلب األول) أو تلك الخاصة بالشهود‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الضوابط القانونية الخاصة باألطراف‬

‫سنتناول في هذا المطلب‪ ،‬تحديد هوية األطراف (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم سنتطرق إلى ضرورة‬
‫توقيع األطراف على المحرر التوثيقي (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تحديد هوية األطراف‬

‫لما كان المتعاقدان يشكالن طرفي العالقة التعاقدية‪ ،‬فمن الضروري التعريف بهويتهما‬
‫تعريفا دقيقا رفعا ألي التباس أو تشابه في األسماء‪.‬‬

‫ولذلك نجد المشرع المغربي يلزم الموثق بذكر األسماء الكاملة لألطراف بما فيها األب‬
‫واألم وموطنهم‪ ،‬وتاريخ ازديادهم‪ ،‬وجنسيتهم ومهنتهم‪ ،‬ونوع الوثيقة المعتمدة في إثبات هويتهم‬
‫‪73‬‬
‫ومراجعها والنظام المالي للزواج بالنسبة لألطراف عند االقتضاء‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع لم يشر إلى الحالة التي ال يملك فيها أحد األطراف وثيقة‬
‫إلثبات هويته‪ ،‬حيث ال ينبغي حرمانه من التعاقد‪ ،‬ويجب أن يسمح له بإثبات هويته بإحضار‬
‫‪74‬‬
‫شاهدين بالغين يملكان البطاقة الوطنية ويعرفان التوقيع‪ ،‬وال تكون لهما أي مصلحة في العقد‪.‬‬

‫ونظرا ألهمية البيانات المتعلقة بهوية األطراف‪ ،‬فما هو اذن الجزاء الذي سيترتب عن‬
‫غيابه؟‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ -‬الفقرة األولى من المادة ‪ 36‬من القانون رقم ‪32.09‬‬
‫‪74‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪.70‬‬
‫‪75‬‬
‫وفي معرض الجواب عن السؤال المذكور‪ ،‬نصت المادة ‪ 37‬من القانون رقم ‪32.09‬‬
‫على كون الموثق ملزم تحت مسؤوليته بالتحقق من هوية األطراف‪ ،‬وأي إخالل أو تقصير في‬
‫هذا الشأن سيعرضه للمسؤولية‪.‬‬

‫وفي حالة غياب البيانات المتعلقة بهوية باألطراف فان المحرر يصبح باطال باعتباره محرر‬
‫رسمي‪ ،‬وهذا ما ورد في مقتضيات المادة ‪.49‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ضرورة توقيع المحرر من قبل األطراف‬

‫لقد تناول المشرع هذا اإلجراء في المادة ‪ 43‬من القانون‪ ،32.09‬حيث اشترط تذييل أصول‬
‫العقود باألسماء الكاملة لألطراف وتوقيعاتهم‪ ،‬وأن يوقع األطراف أيضا على كل صفحة من‬
‫صفحات العقد‪ ،‬مع كتابة تاريخ وساعة توقيع كل طرف باألرقام والحروف‪.‬‬

‫وأشار المشرع كذلك‪ ،‬وفي نفس المادة السالفة الذكر إلى األطراف الذين ال يحسنون التوقيع‬
‫والذين يتعذر عليهم التوقيع واإلبصام ووضع لكل حالة إجراءات خاصة بها‪.‬‬

‫فبالنسبة للذين يتعذر عليهم التوقيع‪ ،‬يجوز لهم اإلبصام‪ ،76‬أما األشخاص الذين يتعذر عليهم‬
‫اإلبصام كذلك‪ ،‬فإن الموثق يشهد عليه بذلك بحضور شاهدين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الضوابط القانونية الخاصة بالشهود‬

‫سنعالج هذه الضوابط في إطار مقاربة كرونولوجية من خالل ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬الملغى‬
‫(الفقرة األولى) ثم سنقوم برصد ذلك من خالل قانون التوثيق الحالي رقم ‪( 32.09‬الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 37‬من القانون ‪ 32.09‬في الفقرة األولى "يتحقق الموثق تحت مسؤولية من هوية األطراف وأهليتهم للتصرف ومطابقة الوثائق‬
‫المدلى بها إليه للقانون"‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫‪ -‬لم يكن ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬يأخذ بالبصمة‪ ،‬بل كان يشترط في هذه الحالة أن يكون الموثق معضدا‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬في ظهير ‪ 4‬ماي ‪1925‬‬

‫كان دور الشهود في ظل ظهير ‪ 4‬مايو‪ 1925‬الملغى‪ ،‬يرمي إلى حماية بعض األشخاص‬
‫وزيادة الضمانات لبعض التصرفات ذات األهمية‪ ،‬حيث كان المشرع المغربي يشترط في هذه‬
‫الحاالت أال تتم عملية التوثيق بواسطة موثق فقط‪ ،‬بل ال بد أن يكون معضدا بشهادتين اثنتين تأثرا‬
‫منه بما كان ينص عليه الفصل ‪ 9‬من قانون فانتوز المتعلق بنظام التوثيق الفرنسي الذي كان‬
‫‪77‬‬
‫يتطلب في بعض الحاالت موثقين أو موثق وشاهدين‪ ،‬والذي كان يحيل عليه الظهير الملغى‪.‬‬

‫لقد كانت هذه الطريقة تقدم للمتعاقدين ضمانات مهمة‪ ،‬وقد قال أحد الفقهاء الفرنسيين بهذا‬
‫الشأن "إن اإلنسان سرعان ما يستسلم لإلغراء إذا كان بمفرده‪ .‬ولتقويته على مقاومة هذا اإلغراء‬
‫‪78‬‬
‫جعل المشرع بجانبه رقيبا ال يرضى أن يظهر أمامه بمظهر الضعف"‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬في قانون ‪32.09‬‬

‫ال يخف على أحد ما لدور شهادة الشهود من اهمية في حفظ حقوق واعراض الناس من‬
‫الضياع‪ ،‬والشاهد في الوثيقة أو العقد‪ ،‬إما أن يكون كاتبها نفسه‪ ،‬وإما أن يكون غيره‪. 79‬‬

‫فبخصوص دور الشهود فهو محصور في حماية بعض األشخاص الذين يتعذر عليهم‬
‫التوقيع واإلبصام في آن واحد وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 43‬من قانون التوثيق‪ ،‬وقد اشترطت‬
‫كذلك تحت طائلة البطالن أن يشار في آخرالمحرر إلى اإلسم الكامل للشاهد وتوقيعه‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫وجدير بالذكر أن العقود التي يتلقاها الموثق ويحررها تقع صحيحة بدون شهادة أحد‪،‬‬
‫والحالة الوحيدة التي نص عليها المشرع التي تستلزم وجوب شهادة شاهدين في العقد المحرر هي‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س ص ‪.76‬‬
‫‪78‬‬
‫‪- Email Normand de la signature des actes authentiques et privé, thèse paris 1930 p 117.‬‬
‫‪79‬‬
‫‪ -‬محمد جميل بن مبارك‪ ،‬التوثيق واإلثبات بالكت ابة في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬ص‬
‫‪.15‬‬
‫‪80‬‬
‫‪ -‬بخالف قانون خطة العدالة رقم ‪ 16.03‬الذي استوجب أن يتلقى عدالن الشهادة في مذكرة الحفظ و استثناء يتلقاها عدل واحد‪.‬‬
‫الحالة المشار إليها أعاله‪ ،‬أي في حالة تعذر على أحد األطراف التوقيع واإلبصام‪ ،‬حيث أن‬
‫الموثق يشهد عليه بذلك بمحضر شاهدين‪.81‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الضوابط القانونية الخاصة بتاريخ المحرر ومكانه‬

‫غني عن البيان أن تاريخ المحرر ومكانه من البيانات األساسية التي يتسم بها المحرر‬
‫الرسمي‪ ،‬وهذا ما تناوله المشرع من خالل بعض المواد في قانون ‪ 32.09‬المتعلق بالتوثيق‪،‬‬
‫وعليه سنتناول الضوابط المتعلقة بتاريخ المحرر (المطلب األول) ثم الضوابط المتعلق بمكانه‬
‫(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الضوابط القانونية الخاصة بتاريخ المحرر‬

‫سنتطرق في هذا المطلب لضرورة اإلشارة إلى تاريخ توقيع المحرر (الفقرة األولى)‬
‫والجزاء المترتب عن تخلف هذا البيان (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضرورة اإلشارة إلى تاريخ توقيع المحرر‬

‫بالرجوع إلى مضمون المادة ‪ 43‬من قانون ‪ 32.09‬المتعلق بالتوثيق في فقرتيها الثانية‬
‫والثالثة فإن األطراف يوقعون على كل صفحة من صفحات المحرر‪ ،‬ويكتب الموثق تاريخ توقيع‬
‫كل طرف باألرقام والحروف حسب الفقرة الثالثة من نفس المادة‪ ،‬ليقوم بعد ذلك الموثق مباشرة‬
‫بالتوقيع بنفس الكيفية‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫ويترتب عن هذا األمر أن المحرر يكتسب صفة الرسمية من تاريخ توقيع الموثق‪.‬‬

‫لكننا نتساءل حول الطبيعة القانونية للمحرر في حالة عدم اإلشارة إلى تاريخ هذا التوقيع؟‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫‪ -‬العلمي الحراق‪ ،‬الوثيق في شرح قانون التوثيق‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ -‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2014‬ص ‪.80‬‬
‫‪82‬‬
‫‪ -‬تنص الفقرة الثانية من المادة ‪" 44‬يكتسب العقد الصبغة الرسمية إبتداء من تاريخ توقيع الموثق"‪.‬‬
‫وفي نفس السياق جاء في أحد قرارات المجلس األعلى "‪ ...‬العقد المحرر والموقع من طرف الموثق يعتبر وثيقة رسمية ‪ "....‬عدد ‪ 84‬المؤرخ في‬
‫‪ 2003/01/09‬ملف مدني عدد ‪ / 2002/2/3/242‬منشور بسلسلة المعارف القانونية والقضائية‪ ،‬قضايا المنازعات العقارية اإلصدار الثاني‬
‫والعشرون‪ ،‬مطبعة دار المعارف الجديدة الرباط ‪ ،2014‬ص ‪.477‬‬
‫الفقرة ا لثانية‪ :‬الجزاء المترتب عن عدم اإلشارة إلى تاريخ المحرر‬

‫نظرا ألهمية تاريخ التوقيع‪ ،‬حيث تظهر على مستوى معرفة تاريخ إكتساب المحرر صفة‬
‫الرسمية‪ ،‬إلى جانب أن هذا التاريخ يلعب دورا هاما في معرفة المحررات التي تمت من قبل‬
‫‪83‬‬
‫الموثق رغم علمه بقرار العزل أو التوقيف النها تكون في هذه الحالة باطلة كمحررات رسمية‪.‬‬

‫وعليه فإن المشرع رتب عن تخلف هذا البيان بطالن المحرر الرسمي وذلك حسب‬
‫‪84‬‬
‫مقتضيات المادة ‪.43‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن المشرع تطرق للحالة التي يتوفى فيها الموثق قبل أن يقوم بالتوقيع في‬
‫المحرر‪،‬حيث نصت المادة ‪ " 45‬اذا توفي الموثق قبل أن يوقع على العقد الذي تلقاه وبعد توقيع‬
‫األطراف والترجمان والشهود إن وجدوا‪ ،‬أمكن لرئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر‬
‫عمل الموثق أن يأمر بناء على طلب من المتعاقدين بتذييل العقد بتوقيع موثق آخر بحضورهم‬
‫وموافقتهم على مضمونه بعد قراءته عليهم من جديد"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مكان تلقي وتوقيع المحرر‬

‫القاعدة العامة هي أن الموثق يلقى العقود داخل مكتبه (الفقرة االولى) غير أنه يمكن إستثناء‬
‫تلقيها خارج مكتبه في حالة توفر مجموعة من الشروط (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تلقي وتوقيع المحرر داخل المكتب‬

‫إن المشرع المغربي سمح للموثق أن يمارس مهامه في مجموع التراب الوطني‪ ،‬غير أنه‬
‫الزمه بتلقي العقود وتوقيعات األطراف داخل مكتبه المتواجد بدائرة محكمة االستئناف المعين‬
‫‪85‬‬
‫بها‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫‪ -‬أحمد نشأت‪ ،‬رسالة اإلثبات‪ ،‬دار الفكر العربي القاهرة ‪ 1972‬ط السابعة ج ‪ 2015 1‬ص ‪211:‬‬
‫‪84‬‬
‫‪ -‬تنص الفقرة األخيرة من المادة ‪43‬على ما يلي ‪:‬‬
‫"‪ ...‬في حالة وجود صفحات غير مؤشر عليها من طرف الموثق أو غير موقعة من األطراف على العقد فإن البطالن ال يلحق إال هذه الصفحات‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫ويجب على الموثق أن يضع بيانا في العقد يشير فيه إلى أن عملية التلقي قد تمت داخل‬
‫‪86‬‬
‫مكتبه‪ ،‬للتأكد من كونه احترم المقتضيات الواردة في المادة ‪ 12‬من قانون رقم ‪.32.09‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االستثناء الوارد على تلقي المحرر داخل المكتب‬

‫تنص المادة ‪ 49‬في فقرتها الثانية على ما يلي "تسري نفس المقتضيات إذا تلقى الموثق عقدا‬
‫خارج مكتبه خالفا لمقتضيات المادة ‪ 12‬أعاله‪"...‬‬

‫وعليه فإنه حسب مضمون الفقرة الثانية من المادة ‪ ،49‬فإن المحرر الرسمي يصبح بمثابة‬
‫محرر عرفي إذا خالف الموثق مقتضيات المادة ‪.12‬‬

‫غير انه استثناء يجوز للموثق أن يتلقى عقود وتوقيعات األطراف خارج مكتبه‪ ،‬شريطة‬
‫الحصول على إذن من رئيس المجلس الجهوي للموثقين وإخبار الوكيل للملك لدى المحكمة‬
‫‪87‬‬
‫المعين بدائرتها‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫‪ -‬تنص الفقرة الثانية الفقرة المادة ‪:12‬‬
‫"‪ ...‬غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع األطراف خارج مقر مكتبه‪"...‬‬
‫‪87‬‬
‫‪ -‬حسب مقتضيات المادة ‪ 12‬في فقرتها األخيرة "‪ ...‬يمكن للموثق ألسباب إستثنائية تلقي تصريحات أطراف العقد والتوقيع على العقود خارج مكتبه‬
‫وذلك بإذن من رئيس المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى محكمته المعين بدائرتها"‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الضوابط الشكلية إلعداد المحرر من طرف الموثق‬

‫استلزم المشرع المغربي أوضاعا قانونية خاصة‪ ،‬يجب على الموثق احترامها لكي تكون‬
‫المحررات خالية من كل شائبة تمس بحجيتها‪.‬‬

‫وإذا كان األمن التعاقدي والتوثيقي أكبر هاجس يروم تحقيقه فانه ال مناص من اتباع جملة‬
‫من القواعد الشكلية التي استلزمها المشرع لكي تأتي المحررات واضحة ال يشوبها أي لبس أو‬
‫التباس‪.‬‬

‫وهكذا اشترط المشرع أن تكون لغة العقد واضحة ومقروءة بشكل سليم‪ ،‬عالوة على ذلك‬
‫نظم المشرع أحكام اإلحاالت وبين شروطها كما بين األحكام المتعلقة باإلضافات والكلمات‬
‫المشطوبة‪.‬‬

‫وكل ذلك من أجل أن تكون المحررات الصادرة عن الموثق باعتباره ممارسا لمهنة حرة‬
‫ومسؤوال عن كل تقصير في أداء مهنته سليمة شكال ومضمونا‪.‬‬

‫وألجل اإلحاطة الشاملة بهذا الموضوع تستدع الضرورة المنهجية تقسيم هذا الفصل إلى‬
‫مبحثين وفق المنوال التالي ‪:‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬لغة المحرر و أحكام اإلحاالت واإلضافات والكلمات المشطوبة‬

‫البحث الثاني ‪ :‬إجراءات التسجيل والتقييد مع حفظ العقود وتسليم النظائر والنسخ‬
‫المبحث األول ‪ :‬لغة المحرر و أحكام اإلحاالت واإلضافات والكلمات‬
‫المشطوبة‬

‫سنتطرق في هذا المبحث الى الصيغة التي يتعين على الموثق االلتزام بها عند تحريره للعقد‬
‫‪،‬إلى جانب أحكام اإلحاالت التي قد يقوم بها الموثق عند نسيانه مثال لكلمة من الكلمات او عدم‬
‫وضوح إحداها عند قيام الموثق بعملية المراجعة (المطلب االول)‪.‬‬

‫ثم نعرج بعد ذلك على القواعد التي يتعين على الموثق احترامها عند قيامه بإضافات او‬
‫تشطيبات لكلمات في متن المحرر (المطلب الثاني)‬

‫المطلب االول ‪ :‬الضوابط الخاصة بلغة المحرر وأحكام اإلحاالت‬


‫بغية أن تكون المحررات الصادرة عن الموثق سليمة من الناحية الشكلية‪ ،‬نظم المشرع لغة‬
‫المحرر (الفقرة االولى ) عالوة على ذلك بين أحكام اإلحاالت والضوابط التي تؤطرها (الفقرة‬
‫الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬لغة المحرر‬


‫استوجب المشرع المغربي أن تحرر العقود مبدئيا باللغة العربية (اوال) و ما الحل في الحالة‬
‫التي ال يعرف فيها أحد المتعاقدين لغة العقد (ثانيا)‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬ضرورة تحرير العقد باللغة العربية‬


‫بالرجوع إلى ما جاء بصدر المادة ‪ 42‬من القانون المنظم بمهنة التوثيق ‪ 32.09‬نجدها‬
‫تنص على ما يلي‪" :‬تحرر العقود والمحررات باللغة العربية وجوبا إال اذا اختار األطراف‬
‫تحريرها بلغة أخرى‪.‬‬

‫تحرر أصول العقود والنسخ بكيفية مقروءة وغير قابلة للمحو على ورق يتميز بخاصية‬
‫الضمان الكامل للفظ"‪.‬‬
‫نستشف من هذه المادة ‪،‬أن المشرع المغربي نص صراحة على ضرورة تحرير العقد باللغة‬
‫العربية إال إذا اتفق األطراف على تحريرها بلغة أخرى‪ ،‬كما أن المشرع أشار إلى وجوب تحرير‬
‫العقود بشكل مقروء وغير قابل للمحو‪ ،‬اي خاليا من كل غموض أو إبهام مع ضرورة التحرير‬
‫على ورق يتميز بخاصية الضمان للحفاظ عليه‪.‬‬

‫بناء على ما سبق‪ ،‬إذا كنا قد تطرقنا إلى وجوبية تحرير العقد باللغة العربية مع جعل‬
‫المحرر مقروءا أو واضحا‪ ،‬فكيف تعامل المشرع مع الحالة التي يجهل فيها أحد األطراف لغة‬
‫العقد؟ هنا ما سنعالجه تباعا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬حالة جهل أحد األطراف لغة العقد‬


‫قد يحدث في أحاين كثيرة أن يكون أحد األطراف ال يعرف اللغة التي حرر بها العقد‪ ،‬لهذا‬
‫نجد القانون ‪ 32.09‬نظم هذه الحالة ووضع لها جملة من االجراءات لحماية هذا النوع من‬
‫‪88‬‬
‫المتعاقدين‪.‬‬

‫حيث اشترطت المادة ‪ 38‬من القانون أعاله ضرورة االستعانة بترجمان مقبول لدى‬
‫المحاكم‪ ،‬وفي حالة عدم وجود ترجمان يمكن للموثق االستعانة بأي شخص يراه آهال لهذه المهنة‬
‫‪89‬‬
‫شريطة أن يقبله الطرف المعني بالترجمة‪.‬‬

‫من خالل هذه المادة يمكن القول أن المشرع المغربي نص صراحة على ضرورة استعانة‬
‫الموثق بترجمان مقبول لدى المحاكم أو أي شخص يراه آهال لهذه المهمة مع شريطة قبول من‬
‫طرف المعني بالترجمة‪.‬‬

‫ومعلوم أن المقصود بالترجمة وفق هذه المادة هي الترجمة الفورية أو الشفوية وليست‬
‫‪90‬‬
‫الترجمة الرسمية المكتوبة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬
‫‪89‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 38‬من قانون ‪.32.09‬‬
‫‪90‬‬
‫‪ -‬للمزيد من اإلطالع‪ :‬انظر الدكتور العلمي الحراق‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬أحكام اإلحالة‬
‫لكي تأتي المحررات والعقود خالية من كل شائبة تمس قيمتها من الناحية الشكلية خول‬
‫المشرع المغربي بمقتضى القانون ‪ 32.09‬للموثق إمكانية جد مهمة تتحلى أساس في اإلحالة‪.‬‬

‫وبقصد سبر أغوار هذا الموضوع ال يسعنا إال أن نقوم بتعريف اإلحالة (اوال) ثم نعرج‬
‫على دراسة الشروط التي يجب توافرها لالعتداد باإلحالة (ثانيا)‪.‬‬

‫اوال‪ :‬تعريف اإلحالة‬


‫عرف بعض الفقه اإلحالة بأنها العالمة التي يضعها الموثق في المكان الذي حصل فيه‬
‫نقص أو تعبير غامض للرجوع إلى العالمة المشابهة لها الموجودة إما في الهامش أو في أسفل‬
‫المحرر‪.‬‬

‫فموضوع اإلحالة يكتسي أهمية بالغة‪ ،‬لذلك نجد المشرع المغربي خول للموثق إمكانية‬
‫وضع اإلحالة عندما ينسى كلمة من الكلمات أو يعبر وبطريقة غامضة وال يدرك ذلك إال بعد‬
‫االنتهاء من كتابة المحرر أو أثناء قراءته على األطراف‪ .‬لهذه الصلة منحه المشرع وسيلة قانونية‬
‫لتدارك ما شاب المحرر من نقص وما اعتراه من غموض‪ ،‬وذلك عن طريق اللجوء إلى‬
‫‪91‬‬
‫اإلحاالت‪.‬‬

‫وقد أشار المشرع إلى اإلحالة في المادة ‪ 41‬من قانون ‪ 32.09‬حيث جاء فيها "يجب‬
‫تصحيح األخطاء واإلغفالت بواسطة إحاالت تدون إما في الهامش أو في أسفل الصفحة‪.‬‬

‫يجب التنصيص في الصفحة األخيرة على الكلمات واألرقام الملغاة وعدد اإلحاالت‬
‫واإلشارة إلى الحيز الفارغ من الكتابة مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه ويذيل الموثق هذه‬
‫البيانات بتوقيعه وخاتمه مع توقيع باقي األطراف بعد اطالعهم على مضمون التصحيح‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬شروط االعتداء باإلحالة‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 41‬من قانون ‪ 32.09‬نجدها تحدد الشروط الالزمة لالعتداد باإلحالة‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -‬الدكتور محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫حيث أن المادة المشار إليها أعاله حددت مكان اإلحالة في الهامش أو أسفل الصفحة‪ ،‬لكن‬
‫المالحظ أنها لم تشترط أي توقيع أو تأشير من طرف الموثق واألطراف بخصوص هذه‬
‫‪92‬‬
‫اإلحالة‪.‬‬

‫كما أن المشرع اشترط أيضا لصحة اإلحالة أن يضع الموثق بيانا في آخر العقد يشير فيه‬
‫إلى عدد اإلحاالت والتوقيع عليه من طرف الموثق مع وضع خاتمة وتوقيع األطراف بعد‬
‫إطالعهم على مضمون التصحيح‪ ،‬لكنه في المقابل لم يشر إلى أي جزاء عن تخلف هذا اإلجراء‪.‬‬

‫أما في الحالة التي تكون فيها اإلحالة طويلة يتطلب األمر كتابتها في آخر المحرر فإنه ال‬
‫يكفي التوقيع أو التأشير عليها فقط مثل اإلحالة الواردة في الهامش بل ينبغي زيادة على ذلك‬
‫‪93‬‬
‫المصادقة عليها صراحة من قبل األطراف تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫وقمين بالذكر أن المشرع بمقتضى المادة ‪ 41‬من قانون ‪ 32.09‬حدد اإللغاء كجزاء في حالة‬
‫عدم اتباع الموثق لألجراء المنصوص عليها بخصوص الكلمات واألرقام التي وقع بشر أو‬
‫تشطيب‪ ،‬في حين لم يشر إلى الجزاء المطبق في حالة غياب اإلجراءات المتعلقة باإلحالة والذي‬
‫ينبغي أن يكون في نظرنا هو البطالن‪.‬‬

‫أما البعض اآلخر فيرى أنه إذا كان موضوع اإلحالة شرطا جوهريا في المحرر كما لو‬
‫تعلق األمر بثمن البيع ولم تتم هذه اإلحالة طبقا للشروط المقررة قانونا‪ ،‬فإن األمر ال يقتصر على‬
‫‪94‬‬
‫بطالن اإلحالة فحسب‪ ،‬بل يشمل المحرر برمته‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أحكام اإلضافات والكلمات المشطوبة في محرر الموثق‬


‫لمعالجة هذا المبحث نقترح أن نقسمه إلى مطلبين حيث سنتناول في األول أحكام اإلضافات‬
‫(الفقرة االولى ) ثم أحكام الكلمات المشطوبة في المحرر (الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫‪ -‬الدكتور محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪93‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪94‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫الفقرة االولى ‪ :‬أحكام اإلضافات‬
‫العتبار المحرر صحيحا‪ ،‬البد من أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط التي حددها قانون‬
‫‪( 32.09‬ثانيا) لكن قبل هذا البد أن نقف أوال على المقصود باإلضافات (اوال)‪.‬‬

‫اوال ‪ :‬المقصود باإلضافات في المحرر التوثيقي‬


‫إن األصل العام في المحررات‪ ،‬أن ال تتضمن أية إضافات أو تحشير أو كشط‪ ،‬وتكمن‬
‫الغاية من هذا أال تكون هذه المحررات موضوع أية شبهة لكن في بعض األحيان قد تستدعي‬
‫الضرورة أن يقوم الموثق بإضافات في مثن المحرر‪ ،‬غير أن الموثق إذا ما قام بهذه العملية‬
‫‪95‬‬
‫فيجب عليه ذكر ذلك في آخر المحرر موقعا عليه من لدنه ومن األطراف موضوع المحرر‪.‬‬

‫لكن لكي تعتبر اإلضافة صحيحة البد من أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط اإلعتداد باإلضافات في المحرر التوثيقي‬


‫إذا قام الموثق بإضافة كلمات في متن المحرر‪ ،‬فإنه العتداد بها قانونا البد أن تتوفر فيها‬
‫مجموعة الشروط التي حددها المشرع في قانون ‪ ،32.09‬حيث جاء في الفقرة األولى من المادة‬
‫‪ 41‬انه إذا حصل شيئ من ذلك ‪ -‬اي اإلضافات ‪ -‬فالبد من وضع بيان في الصفحة األخيرة من‬
‫المحرر يشار فيها إلى هذه الكلمات المضافة مع ضرورة توقيع األطراف والموثق وضع خاتمة‬
‫‪96‬‬
‫أيضا‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أحكام الكلمات المشطوبة في المحرر التوثيقي‬


‫لمعالجة هذا المطلب فإننا نقترح تنازله في فقرتين حيث سنتناول أوال اإلجراءات المتطلبة‬
‫للتشطيب (اوال) ثم مصير الكلمات المشطبة عند عدم احترام اإلجراءات المتطلبة (ثانيا )‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط ‪.‬الجزء الثاني‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.131‬‬
‫‪96‬‬
‫‪ -‬والمشرع المغربي حدد في نفس المادة الجزاء المت رتب عن عدم احترام هذه الشروط حيث تعتبر هذه الكلمات ملغاة وبالتالي فإن الموثق يتحمل‬
‫المسؤولية عن هذا التقصير‪.‬‬
‫اوال ‪ :‬اإلجراءات المتطلبة للتشطيب‬
‫الموثق كباقي األفراد معرض بدوره للخطأ والنسيان‪ ،‬فقد يخطأ أحيانا يخطئ احيانا و يكتب‬
‫كلمة او كلمات في المحرر لم يكن هناك داع لكتابتها‪ ،‬إما ألنها ال تمت إلى الموضوع بصلة‪ ،‬أو‬
‫أن ذكرها من شأنه أن يحرف موضوع المحرر‪ ،97‬لهذا سمح المشرع للموثق بتشطيب هذه‬
‫الكلمات شريطة القيام ببعض اإلجراءات‪ ،‬حيث على الموثق أن يتركها ظاهرة‪ ،‬وينبغي أيضا‬
‫‪98‬‬
‫وضع بيان في آخر المحرر‪ ،‬مع التصديق عليه من قبل الموثق وباقي الموقعين اآلخرين‪.‬‬

‫وفي ختام هذه الفقرة‪ ،‬فإننا نطرح تساؤل حول مصير هذه الكلمات إذا لم يحترم الموثق‬
‫اإلجراءات المذكورة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مصير الكلمات المشطوبة عند عدم إحترام اإلجراءات المتطلبة‬


‫بالرجوع إلى الفقرة األخيرة‪ 99‬من المادة ‪ 41‬من قانون ‪ ،39.09‬نجد المشرع حدد بشكل‬
‫صريح الجزاء المترتب عن عدم احترام الموثق إلجراءات التشطيب‪ ،‬حيث اعتبرها المشرع في‬
‫هذه الحالة ملغاة‪ ،‬وهو الشيء الذي رفضه بعض الفقه‪ 100.‬حيث يرى هذا الفقه أن من األجدر‬
‫ترك األمر للسلطة التقديرية للقاضي‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬إجراءات التسجيل والتقييد مع حفظ العقود‬


‫وتسليم النظائر والنسخ‬
‫بعد إعداد الموثق للمحرر‪ ،‬البد عليه من سلوك مجموعة من اإلجراءات الشكلية األخرى‬
‫لتكتمل مهمته في إعداد المحرر بكل معالمها و تفاصيلها ‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪98‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪99‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 41‬في الفقرة األخيرة "‪ ...‬تكون ملغاة كل الكلمات أو األرقام التي وقع فيها بشر أو تشطيب‪ ...‬في حالة عدم إحترام المقتضيات‬
‫المنصوص عليها في الفقرة السابقة"‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫ولما كانت تقع على عاتق مجموعة من االلتزامات القانونية‪ ،‬فان واجب التسجيل والتقييد هو‬
‫االلتزام اللصيق بعملية إعداد المحررات (المطلب األول )‪ ،‬وتنتهي عميلة تحرير العقود بحفظ‬
‫هذه األخير وبتسليم نظائر ونسخ المحرر لألطراف المتعاقدة (المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول ‪ :‬إجراءات التسجيل والتقييد‬


‫سنتطرق في هذا المطلب إلى إجراءات التسجيل (الفقرة األولى) ثم نعرج بعد ذلك على‬
‫إجراءات التقييد بالرسم العقاري(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬دور الموثق في عملية التسجيل‬


‫لقد حمل المشرع الموثق بدور ضريبي من اجل محاربة التهرب من اداء واجبات التسجيل‬
‫المستحقة للخزينة العامة‪.‬‬

‫فالمادة ‪101 47‬من قانون ‪ 32-09‬تنص على وجوب تقديم نسخة مطابقة لألصل لمكتب‬
‫التسجيل المختص الستيفاء إجراءات التسجيل و أداء الواجب في األجل المحدد قانونا ‪ ،‬وتختلف‬
‫المقتضيات الضريبة التي تسري على المحررات ما إذا كانت هذه األخير محررات رسمية او‬
‫عرفية‪ ،‬و بديهي ان الحاالت التي يكون فيها المحرر عرفيا هي المنصوص عليها في المادة ‪49‬‬
‫من قانون ‪. 32-09‬‬

‫و من خالل ما سبق ‪ ،‬إن للموثق دورا ضريبا يتجلى في المحافظة على حقوق الخزينة ‪،‬و‬
‫محاربة التهرب الضريبي‪.‬‬

‫‪-101‬تنص المادة ‪ " 47‬يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه‪ ،‬لمكتب التسجيل‬
‫المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية‬
‫وغيرها لضمان فعاليتها ويقوم بإجراءات النشر والتبليغ عند االقتضاء‪.‬‬
‫يمكن لألطراف المعنيين إعفاء الموثق من إجراءات النشر والت بليغ‪ ،‬وذلك تحت مسؤوليتهم ‪ ،‬ويشار إلى ذلك في صلب العقد أو في وثيقة‬
‫مستقلة ثابتة التاريخ يوقعها الطرف المعني"‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور الموثق في تقييد العقود بالرسوم العقارية‬
‫ال تنتقل ملكية عقار محفظ إال بعد تسجيله بالرسم العقاري‪ ،‬و بالرجوع الى القانون ‪32-09‬‬
‫الزم الموثق في المادة ‪ 47‬بانجاز اإلجراءات الضرورية للتقييد في السجالت العقارية ‪ ،‬و أخد‬
‫المشرع في ذلك اعتبارين اثنين ‪:‬‬
‫‪102‬‬
‫‪-‬األولى جهل غالبية اإلفراد اآلثار المنشاة للتقييد في الرسوم العقارية‬

‫‪ -‬الثانية تتعلق باآلثار الخطيرة التي تترتب عن اإلغفال و التماطل في القيام بهذا‬
‫اإلجراء‪.103‬‬

‫و لقد كان موقف المشرع صائبا الن الصفة الرسمية ال تكفي لوحدها النتقال الملكية بل البد‬
‫لالحتجاج بالحق المنتقل بتقييده بالرسم العقاري‪.‬‬

‫هذا االلتزام يلعب دورا مهما في ربط مؤسسة التوثيق بالمحافظة العقارية ة يساهم بطريق‬
‫فعالة في تيويم الرسوم العقارية ‪ ،‬وسيجنب هذا االلتزام المتعاقدين الغرامات المترتبة عن عدم‬
‫التقييد‪. 104‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حفظ أصول العقود و تسليم النظائر و النسخ‬


‫كما سلف الذكر‪ ،‬فان عملية تحرير العقود من قبل الموثق تنتهي بتسليم نظائر و نسخ‬
‫المحرر ألتوثيقي (الفقرة الثانية)‪ ،‬غير انه يمنع على الموثق تسليم أصول المحررات و بالتالي‬
‫حفظها في سجل التحصين (الفقرة األول)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضرورة حفظ أصول العقود‬


‫ان معالجة مسالة حفظ األصول عند الموثق ‪ ،‬تقتضي منا التطرق للقاعدة العامة و‬
‫االستثناء‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪103‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪63‬‬
‫‪104‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫أوال‪ :‬المبدأ العام‬
‫نصت المادة ‪ 50‬من قانون ‪ 32-09‬على تحميل الموثق مسؤولية حفظ أصول المحررات و‬
‫العقود و الوثائق المرتبطة بها ‪ ،‬و معلوم أن حفظ العقود و المحررات من أهم خصائص الورقة‬
‫الرسمية‪،‬بل ان ذلك يعد معيارا دوليا في تمييز الورقة الرسمية عن غيرها من األوراق ‪.‬‬

‫و يبدو أن مقتضيات المادة إنما تتحدث على الحفظ الورقي و ال تتكلم عن الحفظ االلكتروني‬
‫‪ ،‬و كان عليها ان تنص بالموازات مع الحفظ الورقي على وجوب الحفظ بواسطة وسائل‬
‫الكترونية لفعاليتها و نجاعتها في الوقت الراهن ‪ ،‬و ان يكون الحفظ االلكتروني له نسخ متعددة‬
‫محليا بمكاتب الموثقين و جهويا بالمجالس الجهوية للموثقين‪ ،‬و وطنيا بالمجلس الوطني للموثقين‬
‫‪ ،‬حتى ال يتعرض ألي تشويش أو قرصنة أو تعطيل ‪ ،‬مع العلم إن السادة الموثقين لهم الكفاءة‬
‫الالزمة لذلك ‪ ،‬و مؤهلون ثقنيا و ميدانيا إلى هذا الحفظ‪.105‬‬

‫و تجدر اإلشارة‪ ،‬إن الموثق يمسك سجال للتحصين يحدد شكله بقرار لوزير العدل‪ ،‬و يؤشر‬
‫على كل صفحاته رئيس المحكمة االبتدائية الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق او نائبه بطابع‬
‫المحكمة و توقيعه‪. 106‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ -‬د العلمي الحراق م س ص ‪.125‬‬
‫‪ -106‬تنص المادة ‪"51‬يمسك الموثق سجال للتحصين يحدد شكله بقرار لوزير العدل‪ ،‬ويؤشر على كل صفحاته رئيس المحكمة االبتدائية‬
‫الواقع بدائرتها مقر عمل الموثق أو نائبه بطابع المحكمة وتوقيعه‪.‬‬
‫يضمن الموثق في هذا السجل البيانات الموجزة للعقود التي يتلقاها‪ ،‬حسب األرقام التسلسلية‪ ،‬يوما فيوما بدون ترك بياض وال مسافة بين‬
‫السطور‪.‬‬
‫يجب أن يتضمن كل فصل خاص بكل عقد‪:‬‬
‫‪ -‬رقم العقد الترتيبي؛‬
‫‪ -‬تاريخه؛‬
‫‪-‬موضوعه؛‬
‫‪ -‬األسماء الكاملة لألطراف وجنسيتهم وموطنهم؛‬
‫‪-‬بيان األموال وتحديد موقعها وثمنها إذا كان األمر يتعلق بحق ملكية أو انتفاع واستغالل؛‬
‫‪ -‬مراجع التسجيل‪.‬‬
‫يتعين عل ى الموثق أن يقدم هذا السجل إلى مفتش الضرائب المكلف بالتسجيل المختص وذلك خالل عشرة أيام التي تلي نهاية كل شهر قصد‬
‫التأشير عليه وحصر عدد العقود المقيدة فيه‪.‬‬
‫يمسك الموثق أيضا سجال للوصايا يحدد شكله ومضمونه بقرار لوزير العدل‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االستثناء الوارد على قاعدة حفظ أصول العقود‬
‫منعت المادة ‪ 52‬من قانون ‪ 32-09‬الموثق من تسليم أصل العقد المحفوظ لديه‪ ،‬لكنه استثناء‬
‫يمكنه تسليم هذا األصل شريطة أن يكون ذلك بمقتضى مقرر قضائي ‪.‬‬

‫وقبل تسليم أصل العقد إلى الجهة التي لها الحق فيه بمقتضى المقرر القضائي ‪ ،‬يتعين على‬
‫الموثق أن ينجز نظيرا له ‪.‬‬

‫و المقصود بنظير العقد ‪ ،‬صورة من أصله يذيلها الموثق بتوقيعه و خاتمه و يشار فيها إلى‬
‫مطابقتها ألصلها من طرف رئيس المحكمة االبتدائية التي يمارس الموثق مهنته بدائرة‬
‫نفوذها‪.107‬‬

‫و يحل هذا النظير محل األصل و يقم مقامه إلى حين إرجاعه‪ ،‬و تسري نفس األحكام على‬
‫تسليم أصول الملحقات ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تسليم النظائر و النسخ‬


‫بالرجوع إلى مضمون المادة ‪108 53‬من قانون ‪ 32-09‬هو المختص في تسليم نظائر و‬
‫نسخ أصول العقود و نظائر أصول الوثائق الملحقة بها ‪.‬‬

‫و إذا كان النظير ‪ ،‬كما سلف الذكر‪ ،‬هو صورة من أصل العقد يذيلها الموثق بتوقيعه و‬
‫خاتمه و يشار فيها إلى مطابقتها ألصلها من طرف رئيس المحكمة االبتدائية التي يمارس الموثق‬
‫مهنته بدائرة نفوذها ‪ ،‬فان المقصود بالنسخة حسب البعض‪ ،‬إعادة تحرير أصل العقد في ورقة او‬
‫أوراق أخرى من طرف الموثق نفسه وفق مقتضيات الفقرة األولى من المادة ‪.51‬‬

‫بمعنى أن الموثق ملزم بتحرير النسخة و كأنه يحرر العقد نفسه‪ ،‬غير انه يتعين عليه‬
‫مراعاة ترتيب الفقرات كما هي واردة في أصل العقد ‪ ،‬و ترقيم صفحات النسخة و اإلشارة الى‬

‫‪107‬‬
‫‪ -‬د العلمي الحراق م س ص ‪.130‬‬
‫‪108‬‬
‫‪-‬تنص المادة ‪ "53‬يرجع تسليم نظائر ونسخ أصول العقود ونظائر أصول الوثائق الملحقة بها إلى الموثق صاحب المكتب أو إلى من ينوب عنه أو‬
‫إلى الموثق المسير للمكتب"‪.‬‬
‫عددها في اخر صفحة من النسخة ‪ ،‬مع وجوب توقيعه ‪ ،‬و يضع طابعه على كل صفحة من‬
‫صفحاتها ‪ ،‬ثم يشهد بمطابقتها ألصلها و يؤرخها‪.109‬‬

‫‪109‬‬
‫‪-‬د العلمي الحراق م س ص ‪.132‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬توثيق المعامالت المالية بين التشريع‬
‫العقاري والقوانين الخاصة‬

‫لالحاطة بمكامن الجزء المتعلق توثيق المعامالت المالية بين التشريع العقاري والقوانين‬
‫الخاصة تطلب األمر معالجة حرية األفراد في اختيار نوعية المحرر لتوثيق المعامالت المالية في‬
‫(فصل أول) وكذا القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المعامالت المالية (بالفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬حرية األفراد في اختيار نوعية المحرر لتوثيق‬


‫المعامالت المالية‬
‫تختلف المعامالت العقارية حسب موضوعاتها‪ ،‬فقد تتعلق بمنقول كما قد تتعلق بعقار‪ .‬هذه‬
‫األموال التي ال مناص من توثيقها لحمايتها‪.‬‬

‫غير أن المشرع قد منح لألفراد بعضا من الحرية وإن كانت نسبية فيما يتعلق بالعقار‬
‫(المبحث األول)‪ ،‬خالفا للمنقول الذي منح فيه المشرع مساحة شاسعة في اختيار شكل المحرر‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الحرية النسبية في توثيق المعامالت المالية‬


‫العقارية‬
‫بالنظر ألهمية العقار في التنمية باعتباره وعاءا رئيسا لتشجيع االستثمار‪ ،‬فقد أصدر المشرع‬
‫جملة من القوانين غايتها تنظيم جميع التصرفات الواقعة على ذلك العقار؛ ويتضح من خالل تلك‬
‫النصوص أن المشرع منح لألطراف هامشا من الحرية في اختيار نوعية المحرر وذلك سواء في‬
‫إطار مدونة الحقوق العينية (المطلب األول)‪ ،‬أو في إطار نصوص خاصة (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬توثيق المعامالت المالية العقارية في إطار مدونة‬
‫الح قوق العينية‬
‫سنتطرق في هذا المطلب إلى توثيق الحقوق العينية في إطار المادة الرابعة من القانون رقم‬
‫‪ 39.08‬وذلك في الفقرة األولى‪ ،‬على أن نخصص الفقرة الثانية للحديث عن توثيق الوكاالت‬
‫الخاصة بالتصرفات المنصبة على العقار باعتبارها من أبرز المستجدات‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬توثيق الحقوق العينية في إطار المادة الرابعة من مدونة الحقوق‬
‫العينية‬

‫حرص المشرع المغربي على تنظيم مجموعة من الحقوق العينية التي يمكنها أن ترد على‬
‫العقار‪ ،‬هذه األخيرة التي جيء بها على سبيل الحصر ال المثال‪ ،‬ذلك طبقا لمادة ‪ 11‬من القانون‬
‫رقم ‪ ، 39.8‬غير أنه قد تم التمييز بين نوعين من هذه الحقوق‪ :‬أصلية وتبعية‪ ،‬لذلك سنتحدث على‬
‫توثيق الحقوق األصلية (أوال) ثم بعد ذلك نشير لتوثيق الحقوق التبعية (ثانيا)‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫من القانون رقم ‪39.08‬‬ ‫أوال‪ :‬توثيق الحقوق األصلية في إطار المادة الرابعة‬

‫يقصد بالحقوق العينية األصلية ‪ ،‬تلك التي تقوم بذاتها وال تحتاج في قيامها إلى االرتكاز على‬
‫حق آخر‪ ،‬وتتميز هذه الحقوق بان لها وجود مستقل‪ ،‬وهي مقصودة بذاتها سميت بالحقوق العينية‬
‫ألنها سلطات مباشرة لشخص على شيء معين بالذات‪ ،‬وهي أصلية ألنها تقرر مستقلة بذاتها ال‬
‫تستند إلى حق آخر‪ 111‬وقد حددها المشرع في المادة ‪ 1129‬من القانون رقم ‪ 39.08‬؛ وجدير بالذكر‬

‫‪110‬‬
‫تنص المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ :39.08‬يجب أن يحرر تحت طائلة البطالن – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بانشاء الحقوق العينية‬
‫األخرى أونقلها او تعديلها أو اسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي‪ ،‬أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول‬
‫للترافع أمام محكمة النقض مالم ينص قانون خاص على خالف ذلك‪.‬‬
‫يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من األطراف والجهة التي حررته‬
‫يصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة‬
‫اإلبتدائية التي يمارس بها‪ ".‬ويطرح مشكل عل ى مستوى المصادقة على توقيعات المحامي واألطراف أيها األسبق هناك مذكرتين لوزير الداخلية‬
‫ووزير العدل‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫ادريس الفاخوري‪ ،‬الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،39.08‬دار النشر والمعرفة الرباط‪ ،‬ط‪ ،2016 :‬ص‪.56 :‬‬
‫‪112‬‬
‫تنص المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ :39.08‬الحق العيني األصلي هو الحق الذي يقوم بذاته من غير حاجة إلى أي حق آخر يستند إليه‪.‬‬
‫أن المشرع لم يشر إلى شكل المحرر المتطلب النعقاد التصرفات الواردة على هذه الحقوق‪،‬‬
‫وبالتالي تطبق عليها أحكام المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬أي تعقد إما في شكل محرر‬
‫رسمي‪ 113‬معد من طرف عدول أو موثق‪ ،‬أو محرر ثابت التاريخ‪ 114‬معد من طرف محامي مؤهل‬
‫لذلك‪ ،‬باستثناء حق العمرى وحق الحبس التي سنترك الحديث فيها إلى الفصل الثاني‪.‬‬

‫ما يفهم مما سبق ذكره‪ ،‬أن حق االنتفاع وحق االستعمال وحق السطحية كذلك ثم الكراء‬
‫الطويل األمد وحق الزينة وحق الهواء والتعلية وأيضا الحقوق العرفية المنشاة بوجه صحيح يبقون‬
‫تحت عباءة القاعدة العامة الواردة في المادة الرابعة في ظل غياب تحديد شكل المحرر الذي يجب‬
‫أن تفرغ فيه هذه الحقوق في المواد الخاصة بها‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬توثيق الحقوق العينية التبعية‪.‬‬

‫لم يحدد المشرع المغربي شكال معينا لتوثيق هذه الحقوق‪ - ،‬باستثناء الرهن الحيازي‬
‫والرهن الرسمي الجبري والذي سنؤجل الحديث عنه إلى فيما بعد‪ -‬مما يفهم منه خضوعها للشكلية‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫بخصوص الرهن الرسمي اإلتفاقي الضامن‬ ‫بل األكثر من ذلك‪ ،‬فقد صدر نص تنظيمي‬
‫لدين ال تتجاوز قيمته ‪ 250,000,00‬درهم‪ ،116‬حيث لم يشترط المشرع توثيقه من طرف عدول أو‬
‫موثقين أو محامين مقبولين للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬

‫فيكفي أن يحرر في وثيقة عرفية وفقا للقواعد العامة‪.‬‬

‫والحقوق العينية األصلية هي‪ :‬حق الملكية‪ ،‬حق االرتفاق والتحمالت العقارية‪ ،‬حق االنتفاع‪ ،‬حق العمرى‪ ،‬حق االستعمال‪ ،‬حق السطحية‪ ،‬حق الهواء‪،‬‬
‫حق الكراء الطويل األمد‪ ،‬حق الحبس‪،‬حق الزينة‪ ،‬حق الهواء والتعلية والحقوق العرفية المنشأة بوجه صحيح قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫‪ -‬عرف المشرع المغربي الورقة الرسمية في الفصل ‪ 418‬من ق ل ع‪ :‬بأنه " هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية التوثيق في‬
‫مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون"‬
‫‪114‬‬
‫‪ -‬نص المشرع في الفصل ‪ 424‬من ق ل ع على أن " الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف‬
‫بها منه‪ ،‬يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة األشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة‬
‫في الفصلين ‪ 419‬و‪ 420‬عدى ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد"‬
‫‪115‬‬
‫‪ -‬المرسوم رقم ‪ 881-14-2‬الصادر بتاريخ ‪ 27‬من جمادى اآلخرة ‪ 1436‬الموافق ل ‪ 17‬أبريل ‪ 2015‬بتطبيق المادة ‪ 174‬من قانون رقم ‪39.08‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية ‪ 6356‬بتاريخ ‪ 11‬رجب ‪ 30 .1438‬أغسطس ‪ ،2017‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6604‬بتاريخ ‪ 23‬دي الحجة ‪14( 1438‬‬
‫سبتمبر ‪ ،)2017‬ص ‪.5068‬‬
‫‪116‬‬
‫‪ -‬حليمة بن حفو‪ ،‬دراسة في القانون العقاري‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2017‬مطبعة قرطبة ص ‪.166‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬توثيق الوكاالت في إطار المادة ‪.4‬‬

‫عرف المشرع المغربي الوكالة بمقتضى الفصل ‪ 879‬الذي جاء فيه ‪:‬‬

‫" الوكالة عقد يكلف بمقتضاه شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه‪"...‬‬

‫والمشرع سابقا لم يكن يشترط أية شكلية‪ ،‬بحيث كان التعامل واردا بالوكاالت العرفية‪،‬‬
‫ذلك أنه يكفي لألطراف أن يوقعوا عليها دونما حاجة إلى اللجوء إلى أية جهة رسمية‪ ،‬لكن نظرا‬
‫النتشار التزوير وتنامي ظاهرة اإلستيالء العقارات‪ ،‬تدخل المشرع بموجب القانون ‪69.16117‬‬
‫المعدل للمادة‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫وطبقا لهذه المادة‪ ،‬اشترط المشرع أن ترد الوكاالت إما في محرر رسمي‪ ،‬من قبل موثق أو‬
‫عدول‪ ،‬أو في محرر تابث التاريخ من قبل محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬

‫استنتاجا لما سبق‪ ،‬يتضح أنه بالرغم من أن المشرع قيد حرية األطراف بمنع الوكاالت‬
‫العرفية إال أنه ترك لهم هامشا من الحرية لإلختيار بين المحرر الرسمي والمحرر الثابت التاريخ‬
‫حسب ما ورد في المادة‪.4‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬توثيق المعامالت المالية العقارية في إطار النصوص الخاصة‪.‬‬

‫للحديث عن توثيق المعامالت المالية في إطار القوانين الخاصة‪ ،‬البد من الوقوف من جهة‬
‫عند القانون رقم ‪ 44.00‬والقانون رقم ‪ 18.00‬في الفقرة األولى‪،‬على أن نخصص الثانية للحديث‬
‫عن التوثيق في كل من القانون رقم ‪ 51.00‬والقانون ‪.67.12‬‬

‫‪117‬‬
‫‪ 69.16 -‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 17.50‬بتاريخ ‪ 08‬ذي الحجة ‪ 1438‬الموافق ل ‪30‬أغسطس ‪ ،2017‬الجريدة الرسمية عدد ‪6604‬‬
‫بتاريخ ‪ 23‬ذو الحجة ‪. 1438‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬توثيق التصرفات العقارية في إطار القانون رقم ‪ 44.00‬والقانون‬
‫‪.18.00‬‬

‫في هذه الفقرة‪ ،‬سنحاول دراسة الشكل المتطلب لتوثيق المعامالت العقارية‪ ،‬في القانون‬
‫رقم ‪ - 44.00‬أوال‪ -‬والقانون رقم ‪ - 18.00‬ثانيا‪.-‬‬

‫أوال ‪ :‬توثيق المعامالت في إطار القانون رقم ‪. 44.00‬‬


‫‪118‬‬

‫عرف المشرع المغربي بيع العقار في طور اإلنجاز في الفصل ‪ 1-618‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫على أنه‪:‬‬

‫" كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد ونقل ملكيته إلى المشتري‬
‫مقابل ثمن يؤديه هذا األخير تبعا لتقدم األشغال‪".‬‬

‫وعلى هذا األساس يكون المشرع قد اقتبس هذا التعريف من القانون المدني الفرنسي‬
‫الذي عرف هذا العقد في الفصل ‪ 1601.3‬بأنه عقد بمقتضاه ينقل البائع فورا لفائدة المشتري حقوقه‬
‫على وكذلك ملكية البناءات الموجودة‪ ،‬وتنتقل المنجزات المستقبلية لفائدة المشتري مقابل ثمن‬
‫يدفعه هذا األخير تبعا لتقدم األشغال‪ ،‬ويحتفظ البائع بصالحيته كصاحب المشروع الى غاية ٱنتهاء‬
‫األشغال‪. 119‬‬

‫‪ -118‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.309‬صادر في ‪ 25‬من رجب ‪ 3( 1423‬أكتوبر ‪ )2002‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 44.00‬المتمم بموجبه الظهير الشريف‬
‫الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪ )1913‬بمثابة قانون لاللتزامات والعقود‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5054‬بتاريخ ‪2002/11/07‬‬
‫‪.3183‬‬ ‫الصفحة‬
‫‪119‬‬
‫‪-‬العربي محمد مياد‪ ،‬الموجز في العقود المدنية األكثر تداوال‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط سنة ‪ 2016‬ص ‪.11‬‬
‫ويصطلح عليه كذلك ‪ ،‬البيع على التصميم أو البيع في حالة االنتهاء من األشغال مستقبال‬
‫‪ ،‬إال ان كل هذه المصطلحات تفيد معنى وحدا ‪ ،‬وقد نظمه المشرع بموجب القانون ‪ 44.00‬والذي‬
‫عدل بموجب القانون رقم ‪.120107.12‬‬

‫توثيق عقد التخصيص‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫من بين المستجدات التي جاء بها القانون ‪ ،107.12‬عقد التخصيص الذي يعد خطوة‬
‫اختيارية يمكن اللجوء لها من عدمه ‪ ،‬وفي هذا الصدد عرفته الدكتورة نورة غزالن الشنيوي ‪ ،‬بأنه‬
‫‪ " :‬عقد بمقتضاه يتعهد البائع صاحب المشروع بحجز وتخصيص عقار لفائدة شخص يدعى‬
‫المستفيد مقابل إيداع هذا األخير ضمانا يمكنه من اقتناء العقار بصفة نهائية بعد استعمال‬
‫اإلجراءات القانونية‪".‬‬

‫وقد نص المشرع على الطابع االختياري لهذا العقد الفصل ‪ 3-618‬مكرر مرتين الذي‬
‫جاء فيه ‪:‬‬

‫" يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير العقد اإلبتدائي‪ ،‬إبرام عقد تخصيص من أجل‬
‫اقتناء عقار في طور اإلنجاز إما في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ وفقا للشكل المتفق عليه‬
‫من األطراف‪"...‬‬

‫وهذا العقد هو خطوة سابقة عن العقد اإلبتدائي ‪ ،‬وتعد هذه الخطوة فكرة من أفكار‬
‫المجلس اإلقتصادي واإلجتماعي والبيئي التي احتضنها المشرع وأحاطها بالكثير من العناية‪.121‬‬

‫وقد أعطى فيه المشرع لألطراف الحرية في اإلختيار بين التوثيق العرفي أو الرسمي‪،‬‬
‫حسب ما جاء في الفصل‪ 3-618‬مكرر مرتين‪ ،‬وبالتالي يمكنهم اللجوء إما لموثق أو عدل أو محام‬
‫أو هما معا‪ ...‬حسب ما اتفقوا إال أنه يستحيل إبرام هذا العقد إال بعد الحصول على رخصة البناء‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ -‬الصادر في ‪ 03‬فبراير ‪ 2016‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6440‬بتاريخ ‪ 18‬فبراير ‪.2016‬‬
‫‪121‬‬
‫‪ -‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬الطبعة ‪ 5‬س ‪ 2016‬دار األمان الرباط ص ‪.264‬‬
‫توثيق العقد اإلبتدائي والنهائي لبيع العقار في طور االنجاز‪.‬‬ ‫‪-2‬‬

‫جاء في الفصل ‪ 3-618‬أنه ‪:‬‬

‫"يجب أن يرد عقد البيع اإلبتدائي للعقار في طور االنجاز ‪ ،‬أما ففي محرر رسمي أو‬
‫محرر ثابت التاريخ ‪ ،‬يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ‪ ،‬ويخول لها‬
‫قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن‪"...‬‬

‫ذلك أنه مراعاة ألهمية االلتزامات التي يتضمنها العقد االبتدائي لبيع العقار في طور‬
‫االنجاز فإن القانون الجديد رقم ‪ 107.12‬المعدل لقانون ‪ 44.00‬سار على نفس نهج القانون القديم‬
‫رقم ‪ ، 44.00‬عندما أكد الطابع الشكلي الواجب توفره في عقد البيع االبتدائي‪ .122‬وهو إما في‬
‫المحرر الرسمي أو المحرر الثابت التاريخ‪.‬‬

‫بناء على ما تقدم‪ ،‬يتبين أن المشرع أعطى لألطراف حرية نسبية نوعا ما في اختيار أحد‬
‫المحررين‪ ،‬وقد اشترط أن يتم توثيقه من طرف شخص ينتمي لمهنة قانونية منظمة ‪ ،‬وقد نص‬
‫الفصل ‪ 3-618‬على أن وزير العدل هو الذي يحدد الالئحة السنوية التي تتضمن أسماء المهنيين‬
‫المقبولين لتحرير هذه العقود بما في ذلك المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬

‫إال أن باقي الشرائح التي يحق لها تولي هذه المهام البد من استصدار نص تنظيمي لتحديدها‬

‫وتطلب المشرع في العقد اإلبتدائي من خالل الفصل ‪ 3-618‬أن يكون موقعا ومؤشر على‬
‫جميع صفحاته من لدن األطراف وكذلك الجهة التي حررته كما يجب تصحيح جميع اإلمضاءات‬
‫‪123‬‬
‫لدى رئيس كتابة ضبط المحكمة اإلبتدائية التي‬ ‫بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي‬
‫يمارس المحامي بدائرتها مهامه في سجل خاص يحدد بمقتضى قرار صادر عن وزير العدل ‪.‬‬

‫هذا بالنسبة للعقد اإلبتدائي ‪ ،‬أما العقد النهائي ‪ ،‬فقد أحال الفصل ‪ 618-16‬بخصوص إبرام‬
‫هذا العقد على مقتضيات الفصل ‪ 618-3‬وبالتالي المشرع خول لألطراف نفس مقدار الحرية‬
‫المخولة لهم في العقد اإلبتدائي إال أن هذا العقد ال يبرم إال بعد وضع البائع لدى محرر العقد شهادة‬
‫مسلمة المهندس المعمار ي تتبث نهاية األشغال ومطابقة البناء لدفتر التحمالت ويشترط لتحرير‬
‫‪122‬‬
‫‪ -‬العرعاري م س ص ‪.250‬‬
‫‪123‬‬
‫هناك مدكرة بخصوص المصادقة على توقيعات المحامي واألطراف‪.‬‬
‫هذا العقد كذلك اإلدالء برخصة السكن أو شهادة المطابقة وإستخراج الرسوم العقارية الفرعية‬
‫بالنسبة للعقارات المحفظة و بعد أداء المشتري لما تبقى من ثمن البيع‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬توثيق الملكية المشتركة للعقارات المبنية‬

‫لم يعرف المشرع الغربي الملكية المشتركة في إطار قانون ‪ ،18.00‬إال أنه استدرك األمر‬
‫بموجب المادة األولى من القانون المعدل له‪ 124‬و عرفها بأنها " العقارات المقسمة إلى شقق أو‬
‫طبقات أو محالت و المشتركة ملكيتها بين عدة أشخاص و المقسمة إلى أجزاء يضم كل جزء منها‬
‫جزءا مفرزا و حصة من األجزاء المشتركة كما سترى هذه األحكام على المجموعات العقارية‬
‫المبنية المؤلفة من بنايات متالصقة أو منفصلة و بها أجزاء مشتركة مملوكة على الشيوع لمجموع‬
‫المالك"‬

‫بالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪12‬من قانون ‪ 18.00‬التي تم تغييرها بمقتضى قانون ‪106.12‬‬
‫من قانون الملكية المشتركة‪ ،‬نجد على أن المشرع المغربي منح حرية التوثيق لألفراد لالختيار بين‬
‫الرسمية عن طريق العدول و الموثقين‪ ،‬أو المحررات العرفية التابثة التاريخ الصادرة عن‬
‫‪125‬‬
‫المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض دون غيرهم من المحامين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬توثيق المعامالت المالية العقارية في إطار القانون ‪ 51.00‬و‬


‫القانونين ‪ 67.12‬و ‪.49.16‬‬

‫سنتناول في هذه الفقرة توثيق التصرفات العقارية في إطار قانون ‪ ( 51.00‬أوال)‪ ،‬و عقد‬
‫الكراء ( ثانيا)‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫تم تعديل قانون ‪ 18.00‬بقانون ‪ 106.12‬الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.49‬بتاريخ ‪ 19‬رجب ‪ 27 ( 1437‬أبريل ‪ )2016‬المتعلق بنظام‬
‫الملكية المشتركة للعقارات المبينية‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6465‬بتاريخ شعبان ‪ 16( 1437‬ماي ‪ )2016‬ص ‪.81-37‬‬
‫‪125‬‬
‫انظر المادة ‪ 12‬من قانون ‪18,00‬‬
‫أوال‪ :‬توثيق عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار‬

‫عرفت المادة ‪ 2‬من قانون رقم ‪ 12651.00‬المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار‪ ،‬بأنه‬
‫كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك‪ ،‬بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة‬
‫االنتفاع به بعوض‪ ،‬مقابل أداء الوجيبة باعتبارها مبلغا يؤدى على شكل دفعات و ذلك إلى حلول‬
‫تاريخ حق الخيار‪.‬‬

‫و قد نص المشرع على شكلية إبرام عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار في الفقرة األولى‬
‫من المادة ‪ 1274‬من القانون السالف الذكر‪ ،‬بحيث أوجب أن يحرر العقد اإلبتدائي في محرر رسمي‬
‫أو ثابت التاريخ‪ ،‬من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود‪،‬‬
‫و ذلك تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫و يبين في العقد االبتدائي ثمن البيع و مبلغ األقساط الواجبة ‪ ،‬و كذلك شروط المتعاقدين‪ .‬و‬
‫ينتهي بعقد نهائي بعد أداء المبلغ المتبقى من ثمن البيع المتفق عليه مسبقا‪ .‬و قد ألزم المشرع في‬
‫المادة ‪ 12816‬في فقرتها الثانية أن يبرم العقد وفق نفس الكيفية التي تم بها العقد االبتدائي‪.‬‬

‫و منه‪ ،‬نستنتج أن المشرع في إطار قانون ‪ 51.00‬منح األفراد حرية الخيار بين المحررات‬
‫الرسمية و المحررات التابثة التاريخ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬توثيق عقد الكراء‬

‫يعتبر عق د الكراء من العقود التي عرفت تطورا قانونيا مهما في اآلونة األخيرة أدى إلى‬
‫بروز نظامين قانونيين يطبقان على عقد الكراء‪ :‬النظام األول عبارة عن مقتضيات عامة وردت‬
‫في ق‪.‬ل‪.‬ع وثاني عبارة عن مقتضيات خاصة تتعلق أساسا ببعض األكرية ذات الطبيعة الخاصة‪،‬‬
‫لما لها من انعكا سات اقتصادية واجتماعية على أطرافها‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة لكراء المحالت‬
‫‪126‬‬
‫قانون ‪ 51.00‬الصادر بمقتضى ظهير شريف رقم ‪ 202.03.1‬صادر في ‪ 16‬من رمضان ‪ 11 ( 1424‬فونبر ‪)2011‬‬
‫‪127‬‬
‫" يجب أن يحرر عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر تابت التاريخ‪ :‬يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة‬
‫قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود‪ ،‬و ذلك تحت طائلة البطالن"‪.‬‬
‫‪128‬‬
‫تنص المادة ‪ 16‬من قانون ‪ " 51.00‬ال يتم إبرام عقد البيع النهائي إال بعد أداء البلغ المتبقى من ثمن البيع المتفق عليه في عقد اإليجار المفضي إلى‬
‫تملك العقار‪.‬‬
‫يبرم هذا العقد وفق نفس الكيفية التي تم بها إبرام عقد اإليجار المفضي إلى تملك العقار‪ ،‬كما هو مبين في المادة ‪ 4‬من هذا القانون‪".‬‬
‫المعدة للسكنى ولالستعمال المهني وأيضا تلك المتعلقة بكراء المحالت المعدة لالستعمال التجاري‬
‫أو الصناعي أو الحرفي‪.129‬‬

‫‪130‬‬
‫‪ :‬توثيق التصرفات العقارية في إطار القانون رقم ‪67.12‬‬ ‫‪1‬‬

‫من أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم ‪ ،67.12‬تأكيده على كتابة عقد كراء المحالت‬
‫‪131‬‬
‫منه‪ ،‬غير أن المشرع لم يقيد‬ ‫المعدة للسكنى أو لالستعمال المهني وذلك بمقتضى المادة الثالثة‬
‫حرية األطراف في اختيار نوع المحرر‪ ،‬لعموم مصطلح الكتابة الواردة في المادة أعاله ؛ فقد‬
‫يكون رسمي محرر من طرف موثق أو عدول‪ ،‬أو أيضا عرفي ثابت التاريخ‪.‬‬

‫وقد يبادر إلى الدهن تساؤل بشأن طبيعة هذه الكتابة‪ ،‬هل هي بمثابة ركن لإلنعقاد أم مجرد‬
‫وسيلة لإلثبات؟‬

‫إن المشرع المغربي لم يرتب أي جزاء عن عدم كتابة العقد‪ ،‬لكن بالرغم من ذلك يمكن القول‬
‫أن الكتابة هي بمثابة شكلية لالستفادة من مقتضيات القانون رقم ‪67.12‬‬

‫‪132‬‬
‫‪2‬ـ توثيق التصرفات العقارية في اطار القانون رقم ‪49.16‬‬

‫بالنظر للطبيعة الخاصة لهذا النوع من األكرية على غرار عقد الكراء السكني والمهني‪ ،‬فإن‬
‫المشرع المغربي قد تدخل في العديد من المناسبات لوضع أحكام خاصة تتالئم مع طبيعة هذا النوع‬
‫من األكرية‪ ،‬فصدرت مجموعة من الظهائر والقوانين آخرها القانون ‪ ،49.16‬هذا األخير الذي‬
‫ج اء بمستجدات جد هامة تكريسا لمجموعة من االجتهادات القضائية بغية تحقيق نوع من التوازن‬
‫بين مصلحتين‪ :‬استقرار المكتري‪ ،‬والحفاظ على الملكية العقارية وكل ما تخوله للمكري‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫عبد الرحمن الشرقاوي‪ ،‬قانون العقود الخاصة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬مطبعة يادين الرباط‪ ،‬طبعة نونبر ‪.2016‬‬
‫‪130‬‬
‫القانون رقم ‪ 67.12‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.13.111‬بتاريخ ‪ 19‬نوفمبر ‪ 2013‬المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري‬
‫والمكتري للمحالت المعدة لالستعمال السكنى ولالستعمال المهني‪ ،‬منشور ج‪ .‬عدد‪ 6208 :‬بتاريخ ‪ 28‬نوفمبر ‪ ،2013‬ص‪.7328 :‬‬
‫‪131‬‬
‫تنص المادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ : 67.12‬يبرم عقد الكراء وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ يتضمن بالخصوص ‪...‬‬
‫‪132‬‬
‫القانون رقم ‪ 49.16‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.16.99‬بتاريخ ‪ 18‬يوليو ‪ 2016‬المتعلق بكراء العقارات او المحالت المخصصة‬
‫لالستعمال التجاري أو الصناعي أوالحرفي‪.‬‬
‫ومن المستجدات المهمة التي جاء بها هذا الفانون هو ذلك المقتضى الذي أورده المشرع في‬
‫المادة الثالثة ‪ ،‬حيث استلزم ابرام العقد بمحرر كتابي ثابت التاريخ عرفيا كان أم رسميا‪ .‬وجدير‬
‫بالذكر أن مصطلح الوجوب المنصوص عليه في المادة الثالثة أعاله قد يوحي إلى اعتبار الكتابة‬
‫بمثابة ركن لالنعقاد لكن في الحقيقة هي مجرد شكلية لالستفادة من مقتضيات القانون رقم ‪49.16‬‬
‫و ما يمنحه من ضمانات لألطراف على غرار القانون رقم ‪67.12‬؛ اما بالنسبة للعقود الشفوية‬
‫فإنها تبقى خاضعة لألحكام العامة المنصوص عليها في قانون االلتزامات و العقود‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حرية األفراد في توثيق المعامالت المالية المنقولة‬


‫بعد أن عرضنا في المبحث األول لتجليات حرية األفراد في اختيار نوعية المحرر للتوثيق‬
‫المعامالت العقارية‪ ،‬سنخصص هذا المبحث للحديث عن مدى حرية األفراد في توثيق التصرفات‬
‫المنصبة على المنقول‪ ،‬ويمكن تعريف هذا األخير بأنه كل شيء يمكن نقله من مكان ألخر دون‬
‫تلف شريطة أال يكون مخصص لخدمة العقار بالطبيعة‪ ،‬غير أن المنقوالت تنقسم إلى منقوالت‬
‫مادية (المطلب األول) وأخرى معنوية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حرية األفراد في توثيق المنقوالت المادية‬

‫يعتبر كل ما تدركه الحواس من األشياء المادية؛ ولتوثيقها ترك المشرع مجال واسعا إلرادة‬
‫األطراف في اختيار شكل المحرر مع بعض االستثناءات‪.‬‬

‫في اطار هذا المطلب سنعالج في الفقرة األولى بيع ورهن السفينة‪ ،‬على أن نخصص الفقرة‬
‫الثانية لرهن الطائرة‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬بيع السفينة ورهنها‬

‫سنتطرق لبيع السفينة (أوال)‪ ،‬ثم بعد ذلك لرهنها (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬بيع السفينة‬

‫نضم المشرع المغربي بيع السفينة في الباب األول من القسم األول من مدونة التجارة البحرية‬
‫الصادر في ‪ 31‬مارس ‪ ،1999‬كما عدل و تمم بمقتضى القانون رقم ‪ 46.12‬الصادر في ‪ 27‬ابريل‬
‫‪ ،2016‬وبالرجوع للفصل ‪ 71‬من ذات القانون‪ ،‬نجد المشرع المغربي قد خول لألطراف الحرية‬
‫في اختيار نوعية المحرر‪ ،‬إذ بالرغم من كونه قد ألزم إبرامه كتابة‪ ،‬لكن لم يشترط شكلية معينة‪،‬‬
‫فيقع العقد صحيح منتج الكافة آثاره القانونية ــ مع مراعاة إجراأت التسجيل – سواء تعلق األمر‬
‫بعقد عرفي مجرد أو ثابت التاريخ‪ ،‬أو أيضا رسمي محرر من طرف عدول أو موثق‪ ،‬وذلك خالفا‬
‫للق انون البحري المصري الذي استوجب اضفاء الرسمية على كافة التصرفات الواقعة على‬
‫السفينة وذلك بالنظر لقيمتها الباهظة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رهن السفينة‬

‫نظم المشرع المغربي رهن السفينة في الباب الثاني من القسم األول في الفصول من ‪ 77‬إلى‬
‫‪ 109‬من القانون البحري‪ ،‬وعلى غرار بيع السفينة‪ ،‬فإن المشرع لم يقيد حرية األفراد في اختيار‬
‫‪133‬‬
‫من القانون المذكور‪ ،‬حيث‬ ‫شكل المحرر بشأن رهن السفينة‪ ،‬وهذا ما يستفاد من الفصل ‪83‬‬
‫يكفي أن يكون العقد مكتوب‪ ،‬كيفما كانت نوعية هذه الكتابة‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 83‬من القانون البحري المغربي على‪ :‬أن العقد الذي ينشا بمقتضاه الرهن البحري يجب أن يبرم كتابة‪.‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬رهن الطائرة‬

‫قبل أن نعرض لرهن الطائرة‪ ،‬يتوجب أوال تحديد مفهوم الطائرة‪ ،‬ألن في ذلك أهمية بالغة‬
‫باعتبار أنها محور التنظيم القانوني للطيران المدني؛ عرفت اتفاقية شيكاغو ‪ 1944‬في شأن‬
‫الطيران المدني الدولي الطائرة بأنها أي آلة باستطاعتها أن تستمد بقاءها في الحد من ردود فعل‬
‫الهواء‪ ،‬غير المنعكسة عن سطح األرض‪ ،‬وتشمل كافة المركبات الهوائية مثل الطائرات ذات‬
‫األجنحة الثابتة والطائرات العمومية والطائرات الشراعية والمناطيد والبالونات وما إلى ذلك‪.‬‬

‫وهو التعريف الذي قننته الكثير من التشريعات العربية منها ما جاء في المادة الثانية من مجلة‬
‫الطيران المدني التونسية لسنة ‪ ،1999‬وقانون الطيران المدني اإلماراتي رقم ‪ 20‬لسنة ‪ 1991‬في‬
‫مادته األولى‪ ،‬وقانون الطيران المدني المصري رقم ‪ 28‬لسنة ‪.1981‬‬

‫من التعريف السابق‪ ،‬يتضح أن الطائرة منقول مادي تخضع لمجموعة من التصرفات‬
‫القانونية شأنها في ذلك شأن باقي المنقوالت‪ ،‬ومن بينها البيع والرهن‪.‬‬

‫‪135‬‬ ‫‪134‬‬
‫المتعلق بالطيران‬ ‫من القانون ‪40.13‬‬ ‫فأما عن رهن الطائرة فبالرجوع للمادة ‪52‬‬
‫المدني‪ ،‬يتضح أن المشرع لم يقيد من حرية األطراف في اختيار نوع المحرر‪ ،‬صحيح نص على‬
‫وجوب كونه مكتوب‪ ،‬إال أن هذه الكتابة تفيد كون المحرر عرفي مجرد أو ثابت التاريخ‪ ،‬وقد تفيذ‬
‫كونه رسمي محرر من طرف عدل أو موثق‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬حرية األفراد في توثيق المنقوالت المعنوية‬

‫سنقوم في دراستنا لهذا المطلب بتقسيمه إلى فقرتين‪ ،‬الفقرة األولى سنخصصها للتصرفات‬
‫المنصبة على األصل التجاري‪ ،‬في حين سنخصص الفقرة الثانية للحديث عن الزيادة في رأسمال‬

‫‪134‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 53‬من القانون رقم ‪ 40.13‬على أنه‪ :‬يجب أن يحرر الرهن المقبول كتابة تحت طائلة البطالن ويمكن أن يكون عقدا رسميا‪.‬‬
‫‪135‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 40.13‬المتعلق بالطيران المدني‪ :‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1.16.61‬بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪ ،2016‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6474‬بتاريخ ‪ 16‬يونيو ‪ ،2016‬ص‪.4734 :‬‬
‫شركة المساهمة‪ ،‬ثم إبرام عقد التأمين في فقرة ثالثة‪ ،‬وذلك إلبراز مدى حرية األفراد في هذه‬
‫المعامالت‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التصرفات المنصبة على األصل التجاري‬

‫خص المشرع لألصل التجاري الكتاب الثاني من مدونة التجارة ‪ ،‬ويراد به حسب مضمون‬
‫المادة ‪ 79‬انه‪:‬‬

‫"مال منقول يشمل جميع األموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة‬
‫تجارية"‪.‬‬

‫ويعد حقا حقوق التاجر ‪ ،‬ويمكن لهذا الحق أن يكون محل تصرفات قانونية كأن يكون محل‬
‫بيع أو رهن ‪ -‬أوال‪ -‬أو تسيير حر ‪--‬ثانيا‪-‬‬

‫أوال‪ :‬بيع األصل التجاري‬

‫يخضع بيع األصل التجاري لألحكام العامة للبيع الواردة في ق‪.‬ل‪.‬ع ( من الفصل ‪ 478‬إلى‬
‫‪ ) 618‬باإلضافة إلى األحكام الخاصة الواردة في مدونة التجارة من المواد ‪ 21‬إلى ‪.103‬‬

‫حيث اشترط المشرع في هذا البيع توفر األركان العامة من رضا و محل وسبب مع‬
‫ضرورة أن يأتي هذا البيع في عقد رسمي أو عرفي وأن يكون متوفرا على مجموعة من البيانات‬
‫أهمها اسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته‪...‬‬

‫من خالل ما سبق ‪ ،‬وبالرجوع إلى نص المادة ‪ 136 81‬نجد أن المشرع أعطى لألطراف‬
‫هامشا كبيرا من الحرية وذلك إما باختيار المحرر العرفي أو باللجوء إلى موثق أو عدل إلضفاء‬
‫‪136‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 81‬على أنه " يتم بيع األصل التجاري أو تفويته وكذى تقديمه كحصة في شركة ‪ ..‬بعقد رسمي أو عرفي‪ ،‬ويودع ثمن البيع لدى جهة‬
‫مؤهلة قانونا لإلحتفاظ بالودائع‬
‫ينص العقد على‪-..‬إسم البائع وتاريخ عقد التفويت ونوعيته وثمنه مع تمييز ثمن العناصر المعنوية والبضائع والمعدات‬
‫‪-‬حالة تقييد اإلمثيازات والرهون المقامة على األصل‬
‫‪-‬وعند االقتضاء الكراء وتاريخه ومدته ومبلغ الكراء الحالي وإسم وعنوان المكري‬
‫الرسمية على محرراتهم‪ ،‬ذلك أن القانون تطلب أن ينظم هذا البيع في عقد مكتوب‪ ،‬إال أن شرط‬
‫‪137‬‬
‫الكتابة هذا ليس شرط انعقاد وإنما شرط اتباث فقط‪.‬‬

‫إال أن المشرع في مدونة التجارة أوجب على البائع أن يقوم بشهر عقد البيع وهذا ال يتحقق‬
‫إال بالكتابة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬رهن األصل التجاري‪.‬‬

‫هذا بالنسبة لبيع األصل التجاري أما بالنسبة لرهن هذا األصل فإنه يشكل أداة مهمة‬
‫لإلئتمان بالنسبة للتاجر لكونه يمكنه من الحصول على ما يحتاج إليه من قروض عن طريق رهنه‬
‫لدى دائنيه ضمانا للوفاء بديونهم ‪ ،138‬وهو اآلخر يخضع لنفس الشروط الواجب توافرها في عقد‬
‫بيع األصل التجاري ‪ ،‬فقد أعطى فيه المشرع لألطراف الحرية في تضمين اتفاقاتهم في أي محرر‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التسيير الحر لألصل التجاري‬

‫كما قلنا سابقا فإن هذا الحق قد يكون محل تصرفات قانونية‪ ،‬وبحيث يمكن لمالك هذا األصل‬
‫أن يؤجر حق إستغالله إلى الغير مع احتفاضه بملكيته وهذا ما يصطلح عليه بالتسيير الحر لألصل‬
‫التجاري و يخضع هذا التسيير الحر لألصل التجاري لألحكام العامة لإليجار الواردة في ق ل ع‬
‫من الفصل ‪ 627‬إلى الفصل ‪ 629‬باإلضافة إلى األحكام الخاصة بهذا العقد والتي وردت في مدونة‬
‫التجارة من المواد ‪ 152‬إلى ‪.158‬‬

‫ورد تعريف عقد التسيير الحر في المادة ‪ 152‬بأنه " كل عقد يوافق بمقتضاه مالك األصل‬
‫التجاري أو مستغله على إكرائه كال أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته‪".‬‬

‫‪-‬مصدر ملكية األصل التجاري ‪"...‬‬


‫‪137‬‬
‫‪ -‬فؤاد مع الل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬ط ‪ 5‬س ‪ 2016‬دار اآلفاق المغر بية ص ‪.199‬‬
‫‪138‬‬
‫‪ -‬فؤاد معالل‪ ،‬م س ص ‪.208‬‬
‫لقيام هذا العقد يجب توفر مجموعة من الشروط و التي يجب توافرها في جميع العقود‬
‫كالرضى والسبب‪ ...‬لكن بالرجوع إلى المواد المنظمة لهذا العقد نجد أن المشرع ساكتا عن تحديد‬
‫الشكلية المتطلبة في العقد و عن نوعية المحرر الواجب‪.‬‬

‫وباعتبار أن ليس كل ما سكت عنه الشارع قد منعه‪ ،‬فإنه يفهم من سكوته أن لألفراد الحرية‬
‫في إبرام هذا العقد كتابة أو شفهيا ‪ ،‬ومع ذلك يبقى صحيحا إال أن التقييد بالسجل التجاري يستوجب‬
‫أن تكون المحررات مكتوبة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الزيادة في رأسمال شركة المساهمة‪.‬‬

‫يقصد برأسمال االشركة الحصص الي يمكن تقييمها بالنقود وتكون ضمانا لدائني الشركة‬
‫وقابلة لللتنفيذ الجبري‪.‬‬

‫ويقسم رأسمال شركة المساهمة الى أسهم قابلة للتداول بالطرق التجارية اال انه في بعض‬
‫األحيان ال يكفي الرأسمال للقيام بمشاريع ووسد االنقص الذي تعاني منه الشركة مما يحتم عليها‬
‫اللجوء الى االكتتاب للحصول على تمويل الستثمارات الشركة والزيادة رأسمالها‪.‬‬

‫وقد أعطى المشرع لألطراف الحرية فيما يخص توثيق االكتتابات واآلداءات وترك لهم‬
‫االختيار مابين المحرر العرفي أو الرسمي حسب ما جاء في المادة ‪ 23‬من قانون ‪.13917.95‬‬

‫كما نص في المادة ‪ 187‬على انه يجب تحرير مبلغ رأس المال بكامله قبل كل إصدار ألسهم‬
‫جديدة تحرر نقدا وذلك تحت طائلة بطالن عملية االصدار ‪ ،‬فالمشرع هنا اشترط الكتابة فقط دون‬
‫أن يقيد أطراف المعاملة بضرورة التحرير وفقا لشكل معين‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫‪ -‬القانون ‪ 95.17‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 01.96.124‬صادر في ‪ 14‬من ربيع اآلخر ‪ 1417‬الموافق ل ‪ 30‬أغسطس ‪.1996‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬توثيق عقد التأمين‪.‬‬

‫التأمين مؤسسة حديثة نسبيا‪ ،‬يرجع ظهوره إلى أواخر العصر الوسيط‪ ،‬ذلك على شكل‬
‫التأمين البحري‪ ،‬نتيجة تطور التجارة في حوض البحر األبيض المتوسط‪ ،‬ذلك أن البداية األولى‬
‫للتأمين كانت على شكل " القرض من أجل المغامرة الكبرى‪.140‬‬

‫بيد أن‪ ،‬المغرب لم يعرف التأمين بمفهومه الحديث‪ ،‬إال في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬و‬
‫يرجع ذلك إلى حاجة التجار و أصحاب السفن الكبيرة إلى التأمين على المخاطر التي يمكن أن‬
‫تلحقهم أثناء أداء أعمالهم‪ .‬هذا التأمين الذي كان يتم عن طريق الشركات األجنبية بواسطة وكالءهم‬
‫في المدن الساحلية‪.‬‬

‫عرف المشرع المغربي عقد التأمين بموجب المادة األولى من مدونة التأمينات بأنه " اتفاق‬
‫بين المؤمن و المكتتب من أجل تغطية خطر ما‪ .‬و يحدد هذا االتفاق التزاماتهما المتبادلة"‪.‬‬

‫و لم يتطلب المشرع المغربي شكلية معينة إلبرام عقد التأمين‪ ،‬حيث أنه يبرم بتوافق اإليجاب‬
‫و الق بول وفق القواعد العامة‪ .‬يتقدم طالب التأمين إلى المؤمن أو أحد وسطاء التأمين‪ ،‬طالبا التأمين‬
‫من خطر معين‪ ،‬ثم يمأل مطبوع اقتراح التأمين و يترك للمؤمن فسحة من الوقت لفحص الطلب‪.‬‬
‫حيث جرى في الواقع العملي على تسليم طالب التأمين مذكرة تغطية الخطر عن هذه الفترة‪ ،‬و قبل‬
‫ذلك يجب على المؤمن أن يتقدم لطالب قبل إبرام العقد بيانا للمعلومات‪.141‬‬

‫و يمكن لطرفا عقد التأمين‪ ،‬االتفاق فيما بعد إبرامه‪ ،‬على تعديل بعض بنوده‪ ،‬و تحرير ذلك‬
‫في ملحق الوثيقة‪.142‬‬

‫‪140‬‬
‫الحسين بلوش‪ ،‬شرح مدونة التأمينات‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬مكتبة قرطبة حي السالم‪ ،‬أكادير ‪ ،2013‬ص ‪.1‬‬
‫‪141‬‬
‫الحسين بلوش‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪48‬‬
‫‪142‬‬
‫جاء في المادة األولى من مدونة التأمينات بتعريف لملحق على أنه " اتفاق بين المؤمن و المؤمن له يتمم أو يعدل عقد التأمين و يصبح جزءا ال‬
‫يتجزأ من بوليصة التأمين"‬
‫الفقرة الرابعة ‪ :‬الشكلية المتعلقة بعقد تأسيس الشركات التجارية‬

‫يعتبر عقد الشركة الميثاق الذي يترجم ارادة الشركاء في تشارك ؛ ناهيك انه يحدد طريقة‬
‫تأسيس الشركة ‪ ،‬و منهج تسيرها و حلها‪.143‬‬

‫فيعتبر عقد الشركة شريعة الشركاء و مرجعهم في ابرام التصرفات باسم الشركة طيلة مدة‬
‫قيامها‬

‫وهذا ما ذهب اليه قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬حيت جاء فيه "العقد شريعة‬
‫المتعاقدين‪ ،‬و عليه يجب االحتكام الى قواعد القانون االساسي للشركة‪ ،‬سواء منها المتعلقة‬
‫‪144‬‬
‫بالقرارات العادية او االستئنافية ما دامت ال تتعارض مع القواعد االمرة"‬

‫ولما كان عقد الشركة ينطوي على هذه االهمية‪ ،‬بات من الضروري صياغته بكل دقة‪ ،‬و‬
‫اخضاعه لقواعد خاضة ‪ ،‬تمر عبر مراحل اجرائية تنطلق من تحريره‪ ،‬مرورا بتسجيله‪ ،‬ثم انتهاء‬
‫اشهاره ‪ ،‬و قد تضمن كل من القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركة المساهمة‪ ،145‬و كذا القانون رقم‬
‫‪146‬‬
‫‪ ,‬االجرءات و البيانات التي يجب ان يتضمنها عقد‬ ‫‪ 5.96‬المنظم لباقي الشركات التجارية‬
‫الشركة والذي يعبر عنه بالنظام االساسي‪.‬‬

‫فيما يخص شكلية الكتابة نجد المادة ‪ 11‬من القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات مساهمة‬
‫تنص على وجوب وضع النظام االساسي لهده الشركة في شكل مكتوب ‪ ،‬سواء كانت الكتابة‬
‫رسمية او عرفية‪ ،‬و الغاية من اشتراط الكتابة كشكلية الزمة البرام عقد هي توفير الحماية للشركاء‬
‫‪ ،‬باعتبار العقد المكتوب يشكل الوثيقة الثي تحدد حقوق الشركاء و التزاماتهم و المرجع لفض‬
‫الخالفات و النزاعات الثي قد تتور بين الشركاء‬

‫‪143‬‬
‫د‪.‬لحسن بيهي ‪،‬اشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية المغربية ‪،‬الطبعة الثانية ‪، 2007‬مطبعة دار السالم الرباط ‪،‬ص ‪39‬‬
‫‪144‬‬
‫قرار محكمة االستئناف التجارية بفاس‪ ،‬رقم ‪ ،734‬الصادر بتاريخ ‪ ، 2004/06/15‬ملف عدد ‪ ،04/383‬اشار اليه د‪.‬لحسن بيهي ‪،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪39‬‬
‫‪145‬‬
‫المادة ‪ 2‬و ‪ 11‬و ما بعدها في القانون رقم ‪ 17.95‬المنظم لشركات المساهمة‬
‫‪146‬‬
‫المادة ‪ 5‬و ما بعدها من القانون رقم ‪ 5.96‬بالنسبة لشركات التضامن و المادة ‪ 21‬بالنسبة لشركة التوصية باالسهم و المادة ‪ 50‬بالنسبة للشركة‬
‫دات المسؤولية محدودة و المادة ‪ 9‬والقانون رقم ‪ 13.97‬المتعلق بالمجموعات ذات النفع االقتصادي‬
‫و جدير بالذكر ان الكتابة باإلضافة الى كونها دليل على وجود الشركة ‪،‬فإنها تعتبر شرطا‬
‫لتكوينها‪.147‬‬

‫و مع ذلك فان عدم كتابة عقد الشركة ال يعتبر سببا لبطالن شركة االموال ‪ ،‬و شركات‬
‫االشخاص ‪-‬باستثناء شركة المحاصة المعفية من كتابة عقدها التأسيسي‪ -‬لعدم وجود نص قانوني‬
‫‪148‬‬
‫يقضي بذلك مما يتعين معه اعمال قاعدة "ال بطالن بدون نص "‬

‫غير انه الكتساب الشخصية المعنوية‪ ،‬ينبغي تقييد الشركة بالسجل التجاري‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫د‪.‬لحسن بيهي ‪ ،‬م‪.‬س ‪ ،‬ص ‪42‬‬
‫‪148‬‬
‫المادة ‪ 337‬من القانون رقم ‪.17.96‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المعامالت‬
‫المالية‪.‬‬

‫بعد دراستنا للمعامالت المالية العقارية في التشريع العقاري و القوانين الخاصة‪ ،‬و التي من‬
‫خاللها أعطى المشرع الحرية لألفراد حرية اختيار نوع المحررات المناسبة لهم‪ ،‬محررات رسمية‬
‫أو محررات ثابتة التاريخ‪.‬‬

‫و عليه‪ ،‬سنقسم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق‬
‫المعامالت العقارية ( المبحث األول)‪ ،‬ثم القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المنقوالت في‬
‫( المبحث الثاني)‬

‫المبحث األول‪ :‬القيود الواردة على حرية األفراد في توثيق المعامالت‬


‫العقارية‪.‬‬

‫سنعالج هذا المبحث في مطلبين‪ ،‬القيود الواردة في إطار مدونة الحقوق العينية ( المطلب‬
‫األول)‪ ،‬القيود الواردة في إطار قوانين خاصة ( المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬القيود الواردة في ضوء مدونة الحقوق العينية‪.‬‬

‫سنتطرق في الفقرة األولى لتوثيق كل من عقد الرهن الحيازي و عقد الغارسة‪ ،‬على أن‬
‫نخصص الفقرة الثانية لتوثيق التصرفات التبرعية‪.‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬توثيق عقد الرهن الحيازي و عقد المغارسة‪.‬‬

‫سنعرض في هذه الفقرة كال من توثيق الرهن الحيازي – أوال‪ -‬وتوثيق عقد المغرسة‪ -‬ثانيا‪-‬‬
‫باعتبارهما قيدان واردان على حرية األطراف في التوثيق‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬توثيق الرهن الحيازي‪.‬‬

‫تناول المشرع المغربي الرهن الحيازي في الباب الثاني من القسم الثاني من الباب األول من‬
‫مدونة الحقوق العينية‪ .‬و قد عرفه في المادة ‪ 145‬بأنه " حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين‬
‫أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين و يخول الدائن المرتهن حق الحيازة‬
‫المرهون و حق حبسه إلى أن يستوفي دينه"‪.‬‬

‫و يبرم عقد الرهن الحيازي في محرر رسمي سواء قام بتوثيقه موثق أو عدول‪ ،149‬و ذلك‬
‫حسب ما نصت عليه المادة ‪ 150147‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬كما يجب تضمين تحت طائلة‬
‫البطالن معاينة حوز الملك المرهون إذا كان غير محفظ‪ ،‬و أن يتضمن البيانات المتعلقة باألطراف‬
‫و كذا العقار( بيان مساحته‪ ،‬حدوده‪ ،‬ما يشتمل عليه من أغراس و بنايات‪ ،)...‬و بيان مبلغ الدين و‬
‫مدته‪.151‬‬

‫ثانيا‪ :‬توثيق عقد المغارسة‪.‬‬

‫نظم المشرع المغربي عقد المغارسة في المواد من ‪ 265‬إلى ‪ ،272‬و عرفه بموجب المادة‬
‫‪ 265‬بأنه " عقد يعطي بموجبه مالك أرضه ألخر ليغرس فيها على نفقته شجرا مقابل حصة‬
‫معلومة من األرض و الشجر يستحقها الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام"‬

‫‪149‬‬
‫حليمة بنت المحجوب بن حفو " دراسة في القانون العقاري المغربي" الطبعة األولى ‪ ،2017‬قرطبة حي السالم‪ -‬أكاادير‪ -‬ص ‪.163‬‬
‫‪150‬‬
‫" يشترط لصحة الرهن الحيازي أن يبرم في محرر رسمي و أن يكون لمدة معينة‪.‬‬
‫يجب أن يتضمن العقدىمعاينة حوز الملك المرهون اذا كان غير محفظ‪ ،‬و ذلك تحت طائلة البطالن‪".‬‬
‫‪151‬‬
‫المادة ‪ 149‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫و قد أوجب أن يبرم هذا العقد في محرر رسمي تحت طائلة البطالن‪ ،‬و يشترط لصحته تعيين‬
‫‪152‬‬
‫نوع الشجر المراد غرسه و بيان حصة الغارس في األرض و في الشجر‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬توثيق التصرفات التبرعية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬حق العمرى‬

‫يعتبر حق العمرى حقا عينيا قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض يقرر طول حياة المعطى‬
‫‪153‬‬
‫له أو المعطي أو لمدة محدودة‪.‬‬
‫و ليقع هذا العقد صحيحا يشترط أن تتوفر أركانه و شروطه‪ ،‬بتطابق االيجاب بالقبول‪ ،‬و كذا‬
‫إبرامه في محرر رسمي من طرف العدول أو الموثقين‪ ،‬بحيث يقع باطال إذا لم يستوف الشكلية‬
‫المطلوبة قانونا‪.154‬‬

‫ثانيا‪ :‬عقد الهبة و الصدقة‪.‬‬

‫كما هو معلوم المشرع المغربي سوى بين أحكام الصدقة و الهبة باستثناء ما تعلق باالعتصار‬
‫‪155‬‬
‫و الرجوع عن الصدقة‬
‫و عليه‪ ،‬فقد استلزم المشرع المغربي احترام شكلية الكتابة الرسمية في كل من عقد الهبة و‬
‫الصدقة و ذلك بموجب المادة ‪ 274‬تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫المادة ‪ 268‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫المادة ‪ 105‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫المادة ‪ 106‬من م‪.‬ح‪.‬ع‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫تنص المادة ‪ 291‬من م‪.‬ح‪.‬ع على أنه ‪" :‬تسري على الصدقة أحكام الهبة مع مراعاة ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬ال يجوز االعتصار في الصدقة مطلقا‬
‫‪ -‬ال يجوز ارتجاع الملك المتصدق به إال باإلرث"‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬القيود الواردة في إطار نصوص خاصة‬

‫قيد المشرع المغربي توثيق بعض العقود في إطار قوانين خاصة‪ ،‬كتوثيق الحبس في ضوء‬
‫مدونة األوقاف ( الفقرة األولى)‪ ،‬و توثيق السكن االجتماعي ( الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬توثيق الحبس في ضوء مدونة األوقاف‬

‫يقصد بالحبس حسب الفقرة األولى من المادة األولى من مدونة األوقاف " كل مال حبس‬
‫أصله بصفة مؤبدة أو مؤبدة أو مؤقتة‪ ،‬وخصصت منفعة لفائدة جهة بر و إحسان عامة أو خاصة‪،‬‬
‫و يتم إنشاؤه بعد أو بوصية أو بقوة القانون‪.‬‬
‫و حسب المادة ‪ 24‬من مدونة األوقاف فإنه يشترط لصحة الوقف‪ ،‬االشهاد عليه من طرف‬
‫عدلين مع األخد بعين االعتبار االستثناء الوارد في المادة ‪ 25‬من مدونة األوقاف و المتمثل في ما‬
‫اذا تعذر تلقي االشهاد من العدول االعتداد بوثيقة الوقف الموقعة من قبل الواقف‪ ،‬بشرط أن يكون‬
‫مصادق على صحة توقيعها وفق ما يقتضيه القانون‪.156‬‬
‫و أضافت المادة المذكورة في الفقرة الثالثة أنه يجب على قاضي التوثيق أن يبعث نسخة من‬
‫المحرر المتضمن للوقف‪ ،‬أيا كان نوعه‪ ،‬عند مخاطبته عليه إلى إدارة األوقاف‪ ،‬مصحوبة بالوثائق‬
‫المثبتة‪ ،‬و على أبعد تقدير داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ المخاطبة‪.‬‬
‫فإذا كان يتوجب إلنشاء الوقف اإلشهاد عليه من قبل العدول‪ ،‬فإن إلثباته أقره مشرع مدونة‬
‫األوقاف في المادة ‪ 48‬على أنه " يمكن إثبات الوقف بجميع وسائل اإلثبات‪ .‬و تعتبر الحواالت‬
‫الحبسية حجة على أن األمالك المضمنة بها موقوفة إلى أن يثبت العكس"‬

‫‪156‬‬
‫تنص الفقرة الثانية من المادة ‪ 25‬من م‪.‬ح‪.‬ع أنه " اذا تعذر تلقي هذا االشهاد‪ ،‬اكتفي استثناء بوثيقة الوقف الموقعة من قبل الواقف من قبل الواقف‬
‫مصادقا على صحة توقيعها طبقا للقانون"‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬توثيق السكن االجتماعي‬
‫‪157‬‬
‫كل سكن رئيسي تتراوح‬ ‫يقصد بالسكن االجتماعي في مفهوم قانون المالية لسنة ‪2013‬‬
‫مساحته المغطاة ما بين ‪ 50‬و ‪ 15880‬وال يتعدى ثمن بيعه ‪ 25‬مليون سنتيم دون احتساب الضريبة‬
‫على القيمة المضافة‪.‬‬

‫وبذلك فإنه ال يعتبر سكنا اجتماعيا متى كان سكنا ثانويا غير رئيسي ولمدة تقل عن ‪ 4‬سنوات‬
‫وكذلك إذا تجاوزت مساحته ‪ 80‬متر مربع أو قيمته المالية ‪ 25‬مليون سنتيم‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫فأما عن الجهة المخول لها تحرير عقد السكن االجتماعي فإن القانون المالي لسنة ‪2010‬‬
‫جعل تحريرها من اختصاص الموثقين العصريين دون غيرهم من المهنيين سواء تعلق األمر‬
‫بالعدول او المحامين وباقي المهنيين وذلك طبقا لمقتضيات المادة ‪ 160 93‬من القانون المالي لسنة‬
‫‪ ، 2010‬فيكون المشرع قد قيد من حرية األطراف في اختيار نوعية المحرر المتعلق بالسكن‬
‫االجتماعي بتراض منهم‪.‬‬

‫وفي اعتقادنا المتواضع أن جعل تحرير عقود السكن االجتماعي حكرا على فئة الموثقين‬
‫العصريين راجع إلى أن المشرع يعتبر أن كل المحررات التي تنجزها هذه الطائفة محررات‬
‫رسمية كما لو أنها صادرة عن موظفين عموميين‪ ،‬يضاف إلى ذلك المسؤوليات المفروضة على‬
‫الموثق‪ ،‬والتي تغيب في باقي المهن‪.‬‬

‫لذلك ارتأى المشرع تخويل الموثقين هذه المهمة‪ ،‬حتى يتحقق الهدف المنشود من وراء‬
‫السكن االجتماعي‪ ،‬منعا ألي تحايل‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.12.57‬صادر في ‪ 28‬ديسمبر ‪ 2012‬بتنفيذ قانون المالية رقم ‪ 115.12‬للسنة المالية ‪ ،2013‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 6113‬بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،2012‬ص‪.6635 :‬‬
‫‪158‬‬
‫ينص البند ‪ 28‬من المادة ‪ 92‬من المدونة العا مة للضرائب على أن‪ :‬تعفى من الضريبة على القيمة المضافة مع االستفادة من الحق في الخصم‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 101‬أدناه‪:‬‬
‫‪ – 28‬عمليات تفويت المساكن االجتماعية المعدة للسكن الرئيسي التي تتراوح مساحتها المغطاة ما بين خمسين وثمانين مترا مربعا وال يتعدى ثمن‬
‫بيعها مائتين وخمسين ألف درهم احتساب الضريبة على القيمة المضافة ‪....‬‬
‫‪159‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.09.243‬بتاريخ بتاريخ ‪ 30‬ديسمبر ‪ 2009‬بتنفيذ القانون المالي رقم ‪ 48.09‬للسنة المالية ‪ ،2010‬منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 5800‬بتاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪ ،2009‬ص‪.6095 :‬‬
‫‪160‬‬
‫ينص البند ‪ 2‬من المادة ‪ 93‬من القانون المالي لسنة ‪ 2010‬على أن‪ :‬انجاز الوعد بالبيع وعقد البيع النهائي من طرف موثق‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬القيود الواردة على حرية األطراف في توثيق المعامالت‬
‫المالية المنقولة‪.‬‬

‫بعد أن تناولنا في المبحث السابق مظاهر التدخل التشريعي في تحديد نوعية المحرر لتوثيق‬
‫المعامالت المالية العقارية‪ ،‬سنتطرق من خالل هذا المبحث إلى مظاهر تدخل المشرع في تحديد‬
‫شكل بعض العقود أو اثباتها‪ ،‬والتي تتعلق بمنقوالت من قبيل بيع الطائرة (المطلب األول) أو أيضا‬
‫بيع األصل التجارية للصيدلية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬شكلية اثبات عقد بيع الطائرة‬

‫لقد كرس القانون رقم ‪ 40.13‬المتعلق بالطيران المدني تدخل المشرع في تحديد نوعية‬
‫المحرر الناقل لملكية الطائرة‪ ،‬وهذا ما يستشف من المادة ‪ 16142‬من القانون المذكور أعاله‪ ،‬حيث‬
‫أوجب المشرع أن يتم نقل ملكية الطائرة اإلرادي كتابة‪ ،‬وأن يثبت بعقد رسمي‪ ،‬غير أن الشكلية‬
‫المنصوص عليها في المادة أعاله هي لإلثبات لما يبدو من النص‪ ،‬خصوصا وأن المشرع لم يرتب‬
‫أي جزاء عن عدم احترام مقتضيات المادة‪ ،‬فيقيد المشرع من حرية األطراف في إثبات العقد‪، ،‬‬
‫وحسن فعل المشرع‪ ،‬وذلك بالنظر للقيمة الباهظة للطائرة من جهة؛ يضاف إلى ذلك ان نقل ملكية‬
‫الطائرة‪ ،‬يعتبر ال أثر له بالنسبة للغير إال من تاريخ تقييده في دفتر التسجيل طبقا لما جاء في المادة‬
‫‪ 162 9‬من القانون رقم ‪ 40.13‬ويقصد بدفتر التسجيل حسب المادة ‪ 4‬من ذات القانون دفتر تمسكه‬
‫السلطة المكلفة بالطيران المدني بغرض تقييد الطائرات المغربية الصالحة للمالحة والمتوفرة فيها‬
‫الشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقوانين األخرى الجاري بها العمل‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫المادة ‪ 42‬من القانون رقم ‪ 40.13‬تنص‪ :‬يجب أن يتم كل بيع ارادي لطائرة كاتبة وأن يثبت بعقد رسمي‪.‬‬
‫‪162‬‬
‫تنص المادة ‪ 9‬من القانون رقم ‪ : 40.13‬كل نقل لملكية طائرة بعقد بين أحياء أو على إثر وفاة مالكها وكل حكم ناقل أومنشئ أو مصرح بالملكية‬
‫وكل تاسيس لرهن او تجديده او شطبه وكل عقد استئجار او كتراء طائرة وكذا كل محضر حجز تحفظي او حجز تنفيذي ال يكون له أي أثر على الغير‬
‫إال بتنفيذه في دفتر التسجيل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬توثيق بيع األصل التجاري للصيدلية‬

‫يقصد بالصيدلية‪ ،‬المؤسسة المختصة بصفة حصرية أو ثانوية بعمليات تمت اإلشارة إليها في‬
‫المادة ‪ 30‬من القانون رقم ‪ 17.04‬بمثابة مدونة األدوية والصيدلية‪.‬‬

‫وبالرجوع للمادة ‪ 57‬من القانون المذكور أعاله‪ ،‬نجد المشرع يحث على وجوب تحرير عقد‬
‫بيع األصل التجاري لصيدلية في محر ر رسمي فقط‪ ،‬بل األكثر من ذلك جعل تحرير العقد يتم من‬
‫طرف موثق عصري دون غيره من عدول أو مهنيين آخرين‪.‬‬

‫وبذلك يكون المشرع قد قيد من حرية األطراف باختيا شكل المحرر؛ وأيضا الجهة المختصة‬
‫بتحريره باعتبار ان الصيدلية تعتبر مهنة انسانية يتسدعي المنطق حمايتها وحماية استقرارها‬
‫الرتباطها بالنظام العام‪.‬‬
‫الباب الرابع ‪ :‬النظام القانوني للمحررات العرفية والثابتة التاريخ‬
‫حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق انهاء عقد كراء المحالت المعدة للسكنى واالستعمال‬
‫المهني استوجب منا االمر تجزيئ هذا المقتضى الى قطبين ‪.‬نستعرض في أوالهما الحديث عن‬
‫المحرر العرفي في (الفصل األول) على أن نخصص (الفصل الثاني) لتناول مقتضى المحرر‬
‫الثابت التاريخ‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬المحرر العرفي‬


‫تعرف المحررات العرفية انتشارا واسعا في مجال توثيق المعامالت عموما‪ ،‬كونها تحرر من‬
‫األطراف بأنفسهم أو قد ينوب عنهم الغير في تلك الكتابة كالكاتب العمومي‪ ،‬أو المحامي مثال‬
‫شريطة أن يتم توقيعها من قبل األطراف المعنيين باألمر مباشرة طبقا لألحكام الواردة في ق ل ع‬
‫الفصول من ‪ 424‬إلى ‪.439‬‬

‫وللحدي ث عن هذا النوع من المحررات يجدر بنا التطرق لماهيتها ( المبحث األول) ثم مدى‬
‫حجيتها وكيفية الطعن فيها ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية المحرر العرفي‬


‫يقتضي الحديث عن ماهية المحرر العرفي تحديد تعريفه وتمييزه عن الورقة الرسمية (‬
‫المطلب االول) ثم بيان أنواعه ( المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المحرر العرفي وتمييزه عن الورقة الرسمية‬


‫في هذا المطلب سيتم التطرق لتعريف المحرر العرفي ( الفقرة األولى) وتمييزه عن الورقة‬
‫الرسمية ( الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف المحرر العرفي‬

‫لم يعرف المشرع المغربي المحرر العرفي مثل ما فعل مع نظيرها الرسمية وفي هذا اإلطار‬
‫‪163‬‬
‫إلى أن المحرر العرفي هو كل محرر يقوم بتحريره من لهم مصلحة فيها من‬ ‫ذهب بعض الفقه‬
‫غير تدخل الموظف العمومي أو من له مصلحة فيها من غير تدخل الموظف العمومي أو من له‬
‫صالحية التوثيق بهذه الصفة كما عرفه البعض اآلخر على أنه ذلك المحرر الذي يصدر من ذوي‬
‫الشأن بوصفهم أشخاصا عاديين ويوقع عليه أحدهم ألن يكون دليال كتابيا‪.164‬‬

‫أما بعض القوانين المقارنةـ كما هو األمر بالنسبة للقانون الجزائري عرفها على أنها تلك‬
‫المحررات الصادرة عن األفراد دون أن يتدخل في تحريرها موظف رئيسي أو شخص مكلف‬
‫بخدمة عامة أو ضابط عمومي‪.‬‬

‫وبمفهوم المخالفة للفصل ‪ 418‬من ق ل ع يمكن القول بأن المحرر العرفي هو ذلك الذي يقوم‬
‫بتحريره األفراد فيما بينهم دون تدخل موظف عمومي‪.‬‬

‫كما يضيف الفصل ‪ 423‬من ق ل ع حالة أخرى للمحرر العرفي‪ ،‬بمعنى أنه إذا قام الموثق‬
‫أو العدل بتحرير وثيقة رسمية فإنها تفتقد صفتها الرسمية وتتحول إلى محرر عرفي شريطة أن‬
‫تكون موقعة من طرف الملزمين بها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تمييز الورقة العرفية عن الورقة الرسمية‬

‫األوراق العرفية والرسمية على حد سواء تعتبر وسيلة من وسائل اإلثبات ال سيما بالنسبة‬
‫لل منازعة في حق معين أمام القضاء إال أن هناك مجموعة من الفوارق تميز بعضها البعض‪ ،‬من‬
‫حيث الشكل والقوة الثبوتية ثم القوة التنفيذية‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في شرح قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الكتاب األول االلتزامات بوجه عام‪ ،‬الجزء الثالث مطبعة النجاح الدار‬
‫البيضاء الطبعة األولى ‪ 1999‬ص ‪.322‬‬
‫‪164‬‬
‫‪ -‬ادريس العلوي العبدالوي‪ ،‬وسائل اإلثبات في التشريع المدني المغربي‪ ،‬المكتبة الثقافية وجدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ 1977 ،‬ص ‪.84‬‬
‫من حيث الشكل ‪ :‬يشترط في المحرر الرسمي تحريره من طرف مختص وفقا ألشكال معينة‬
‫بخالف المحرر العرفي الذي يكتبه الطرفان نفسهما وقد ينوب عنهما الغير في تلك الكتابة شريطة‬
‫أن تكون موقعة من الطرفين المعنيين‪.‬‬

‫من حيث القوة الثبوتية ‪ :‬الورقة الرسمية حجة على الكافة وال تسقط حجيتها إال عن طريق‬
‫الطعن بالزور‪ .‬أما الورقة العرفية فيكفي لهدمها ودحضها إنكار الخط والتوقيع إضافة إلى ذلك فإن‬
‫تاريخ الورقة العرفية يكون حجة على أطرافها وكذلك حجة له في مواجهة الغير إال إذا كان ثابتا‪.‬‬

‫من الناحية التنفيذية ‪ :‬فاألوراق الرسمية تعتبر حجة حتى في التنفيذ ذلك من خالل األمر‬
‫باألداء الصادر عن رئيس المحكمة االبتدائي بناء على سند رسمي‪ ،‬الذي يكون مشموال بالتنفيذ‬
‫المعجل رغم الطعن فيه باالستئناف لكون أن أجل الطعن فيه ال يوقف تنفيذ األمر المذكور حسب‬
‫الفصل ‪ 162‬مكرر من ق م م‪.‬‬

‫وكذلك له دورا أساسيا في التنفيذ المعجل القضائي طبقا للفصل ‪ 147‬من ق م م‪.‬‬

‫أما األوراق العرفية فال حجية لها من الناحية التنفيذية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع المحرر العرفي‬


‫تتمظهر أنواع المحررات العرفية في محررات غير معدة لإلثبات وأخرى معدة لإلثبات‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬المحررات العرفية غير المعدة لإلثبات‬

‫يقصد بها تلك المحررات التي يغلب فيها أال تكون حجة موقعة ممن هي حجة عليه‪ ،‬كونها‬
‫عند كتابتها لم تهيأ لالستخدام في اإلثبات أصال ولكن القانون جعلها حجة إلى مدى معين في‬
‫‪165‬‬
‫اإلثبات‬

‫‪165‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد بوكير‪ ،‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 2010‬ص ‪.107‬‬
‫ويدخل في هذا اإلطار ما نص عليه الفصل ‪ 417‬من ق ل ع بقوله ‪... " :‬ويمكن أن ينتج‬
‫كذلك عن المراسالت والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقعة عليها من‬
‫الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات‬
‫أو رموز أخرى ذات داللة واضحة كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها‪"...‬‬

‫وكذلك الفصول من ‪ 433‬إلى ‪ 439‬من القانون نفسه‪ ،‬حيث نصت على أن بعض األنواع‬
‫األخرى من المحررات غير المعدة لإلثبات جعلت لكل منها حجية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المحررات العرفية المعدة لإلثبات‬

‫يقصد بها المحررات التي يكتبها األفراد وتوقع ممن هي حجة عليه ويكون المقصود بها أن‬
‫تكون أداة إثبات فيما قد ينشا من منازعات حول مضمونها وعنذئد تكون وسيلة إثبات معدة سلفا‪.‬‬

‫ويتضح من هذا التعريف أن ما يشترط في الورقة العرفية المعدة لإلثبات هو الكتابة (‪ )1‬ثم‬
‫التوقيع (‪)2‬‬

‫الكتابة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬

‫تعتبر الكتابة شرطا بديهيا في أي ورقة عرفية‪ ،‬غير أنه ال يشترط في الكتابة أي شرط خاص‬
‫ال من حيث صيغتها وال من حيث طريقة تدوينها‪ ،‬فكل عبارة دالة على المعنى المقصود تصلح بعد‬
‫توقيعها أن تكون دليال على موقعها‪ ،‬بغض النظر عن الوسيلة المستعملة في تحريرها ( وسائل‬
‫الطبع المتنوعة أو مكتوبة على اآللة الكاتبة) وبالتالي فالمقصود هو أن توجد كتابة ينصب‬
‫مضمونها على الواقعة المراد إثباتها بالورقة‪.166‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أنه ليس هناك تحديد لما يجب أن يرد في الورقة من بيانات وهذا األمر‬
‫يعطي ألصحاب الشأن كل الحرية في كيفية كتابة الورقة العرفية‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.84‬‬
‫التوقيع‬ ‫‪-2‬‬

‫التوقيع شرط جوهري في الورقة العرفية المعدة لإلثبات ألنه أساس نسبة الكتابة إلى موقعها‬
‫ولو لم تكن مكتوبة بخطه‪ ،‬كما أنه هو الذي يدل على اعتماده إياها وإرادته االلتزام بمضمونها‪.‬‬

‫ولهذا فإن خلو الورقة من توقيع من تنسب إليه ال يجعلها دليال كتابيا كامال ولو كانت مكتوبة‬
‫بخطه فهي ال تعدو أن تكون مشروعا يحتمل االعتماد أو عدمه‪ .‬ألن الكتابة بذاتها ال تفيد قبول‬
‫االلتزام بالمكتوب‪.167‬‬

‫ولما كانت داللة التوقيع الموافقة على ما هو ثابت بالورقة تقتضي أن يكون مكانه أسفل‬
‫الورقة‪ ،‬كما يشترطك في التوقيع أن يكون بخط الموقع وان يشمل على اسمه ولقبه كاملين وال يقوم‬
‫‪168‬‬
‫الطابع أو الختم مقام التوقيع‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حجية المحررات العرفية وكيفية الطعن فيها‬


‫تقتضي منا دراسة هذا المبحث التطرق لحجية المحررات العرفية المعدة لإلثبات وغير‬
‫المعدة لإلثبات ( المطلب األول) ثم بيان كيفية الطعن فيها ( المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬حجية المحررات العرفية‬


‫في هذا المطلب سنتناول حجية المحرر العرفي المعد لإلثبات في (الفقرة األولى)‪ ،‬ثم حجية‬
‫المحرر العرفي غير المعد لإلثبات في ( الفقرة الثانية)‪ ،‬وأخيرا حجية نسخ هده المحررات‬
‫العرفية(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.85‬‬
‫‪168‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 426‬من ق ل ع على أنه ط يسوغ ان تكون الورقة العرفية مكتوبة بيد غير الشخص الملتزم بها شرط ان تكون موقعة منه‪ ،‬ويلزم‬
‫أن يكون التوقيع بيد الملتزم نفسه وأن يرد في أسفل الوثيقة وال يقوم الطابع أو الختم مقام التوقيع ويعتبر وجوده‪"....‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حجية المحرر العرفي المعد لإلثبات‬

‫يقتضي منا الحديث عن حجية هدا النوع من المحررات التطرق إلى ما يأتي ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬الورقة العرفية على خالف الورقة الرسمية ال تكون حجة بما ورد فيها إال باإلقرار‬
‫بها‪.‬‬

‫ولهذا فهي يعتد بها وتكون ذات قوة ثبوتية ما لم يبادر الشخص المنسوب إليه‬
‫إنكارها ويرجع ذلك إلى عدم تدخل شخص ذي صفة رسمية في تحريرها فقد نص الفصل ‪424‬من‬
‫ق ل ع بأنه " الورقة العرفية المعترف بها ممن يتمسك بها ضده أو المعتبر قانونا في حكم‬
‫المعترف بها منه يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة األشخاص على‬
‫التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين ‪ 419‬و ‪ 420‬عدا ما‬
‫يتعلق بالتاريخ‪"...‬‬

‫يتضح من هذا الفصل أن اعتراف المتمسك ضده بالورقة العرفية تصبح معه لهذه األخيرة‬
‫حجية الورقة الرسمية من حيث اإلثبات وال يجوز للغير نفي صدور هذه الورقة من المقر بها إال‬
‫عن طريق الطعن بالتزوي ر وكذلك ال يجوز لمن اعترف بصدور الورقة منه أن يطعن في سالمتها‬
‫المادية أي أن يدعي حصول تغيير في الكتابة المدونة وفق توقيعه أو إضافة أو إقحام ما لم يكن‬
‫‪169‬‬
‫موجود عند التوقيع إال عن طريق الطعن بالتزوير‬

‫ثانيا‪ :‬حجية تاريخ المحرر العرفي المعد لإلثبات‬

‫إذا كان التاريخ الموضوع على الورقة الرسمية يعد تاريخا لها ويلحقه بدوره طابع الرسمية‬
‫أيضا‪ ،‬فيعتبر من ثمة حجة على الطرفين وحجة على األغيار‪ ،‬فإن المحررات العرفية ال يسري‬
‫تاريخها في مواجهة الغير إال إذا كان ثابتا‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س ص ‪.86‬‬
‫وفي هذا اإلطار نجد الفصل ‪ 425‬من ق ل ع ‪ 170‬نظم حجية تاريخ الورقة العرفية من خالل‬
‫قاعدة ذات سطرين‪ ،‬احدهما يفيد أن تاريخ الورقة العرفية حجية بين المتعاقدين وثانيهما أن هذا‬
‫التاريخ ال يكون حجة على الغير إال إذا كان ثابتا‪.‬‬

‫حجية تاريخ المحرر العرفي بالنسبة للمتعاقدين‬ ‫‪-1‬‬

‫إن التاريخ الذي تحمله الكتابة العرفية المعترف بها التي تثبت صحتها بعد إنكارها ذو حجة‬
‫قوية بين المتعاقدين كما هو شأن باقي البيانات األخرى الموجودة التي تحملها هذه الورقة وال‬
‫يستطيع األطراف نقضه إال باعتماد الكتابة طبقا للقواعد العامة‪،‬ـ بحيث ال يجوز إثبات ما يخالف‬
‫كتابة طبقا للقواعد العامة‪ ،‬بحيث ال يجوز إثبات ما يخالف كتابة أو ما يجاوزها‪ ،‬إال بدليل كتابي‪،‬‬
‫إال إذا تعلق األمر بغش أو احتيال أو صورية أو شبهة فيجوز إثبات ذلك بكل وسائل اإلثبات‬
‫الممكنة‪.‬‬

‫وإذا كان المتعاقد نائبا عن األصيل فإن جميع التصرفات التي يجريها في حدود نيابته تنتج‬
‫آثارها مباشرة في حق األصيل‪ ،‬ألن النائب ال يعتبر غيرا ما دام يمثل األصيل في التصرفات التي‬
‫‪171‬‬
‫ابرمها ويتصرف لحسابه فيكون تاريخ الوثائق العرفية ساريا في حقه ولو لم يكن ثابتا‬

‫حجية تاريخ المحرر العرفي المعد لإلثبات بالنسبة للخلف العام‬ ‫‪-2‬‬

‫يعد سريان التاريخ الموضوع على الورقة العرفية على الخلف العام مسألة بديهية‪ ،‬ألن هذا‬
‫األخير يعد إمداد لسلفه‪ ،‬بل يعتبر ممثال من جانب سلفه في كل العقود التي يبرمها هذا األخير وإن‬
‫كانت هذه القاعدة غير مطلقة‪ 172‬فيما يتعلق بتاريخ تلك الورقة‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ -‬نص الفصل ‪ 425‬من ق ل ع على أنه " المحررات العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين وورثتهم وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم‬
‫مدينه‪"...‬‬
‫‪171‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد بوكير‪ ،‬م س ص ‪.114‬‬
‫‪172‬‬
‫‪ -‬وتطبيقا لذلك جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية أن التاريخ العرفي المعترف من الموروث يكون حجة على الوارث حثى يقيم الدليل على عدم‬
‫صحته فإذا كان الوارث لم يقدم الدليل على عدم صحة ذلك التاريخ ولم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بجميع الطرق القانونية صدور العقد في‬
‫تاريخ آخر‪ ،‬فإن أخد المحكمة بالتاريخ الوارد في العقد ال تكون فيه مخالفة للقانون‪ ،‬أشار إليه عبد المجيد بوكير ص ‪.115‬‬
‫حجية تاريخ المحرر العرفي المعد لإلثبات بالنسبة للخلف الخاص‬ ‫‪-3‬‬

‫الخلف الخاص هو من يتلقى من سلفه ملكية شيء محدد بذاته أو أي حق عيني آخر على ذلك‬
‫الشيء‪ ،‬وكذلك من ينتقل إليه حق شخصي كان سلفه دائنا به من قبل‪.‬‬

‫ومن المبادئ العامة التي تهيمن على هذا المجال أنه البد أن يكون العقد الذي أنشأ الحقوق‬
‫وااللتزامات التي يقع فيها االستخالف سابقا في تاريخه على انتقال الحق من السلف إلى الخلف‪.‬‬

‫حجية تاريخ المحرر العرفي المعد لإلثبات بالنسبة للدائنين‬ ‫‪-4‬‬

‫الدائن العادي ال يعتبر من ا لغير وإن لم يكن خلفا عاما وال خلفا لمدينه‪ ،‬لذلك يسري في حقه‬
‫التاريخ الموجود في الورقة العرفية وإن لم يكن ثابتا بالكيفية المقررة قانونا‪ .‬أما الدائن الذي تصير‬
‫حقوقه متعلقة بأموال معينة بالذات من أموال المدين فإنه خالفا لألول ال يحتج عليه بتاريخ الوثيقة‬
‫العرفية إال إذا كان ثابتا‪ 173‬ذلك أن ثبوت التاريخ إنما هو حكم يرمي باألساس إلى حماية هذا الغير‬
‫وهذا ما يستفاد صراحة من مقتضيات الفصل ‪ 425‬من ق ل ع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬حجية المحررات العرفية غير المعدة لإلثبات‬

‫نصت المواد من ‪ 425‬إلى ‪ 430‬والمواد من ‪ 429‬إلى ‪ 430‬من ق ل ع على بعض أنواع من‬
‫الكتابة غير الموقعة أو غير المعدة لإلثبات وجعلت لكل منهما حجية معينة وفقا لشروط خاصة‪،‬‬
‫وهذه األنواع من الكتابة تتمثل في ما يلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬حجية الرسائل في اإلثبات‬

‫تنظم حجية الرسائل في اإلثبات الفقرة األولى من المادة ‪ 417‬من ق ل ع التي تقضي بأن‬
‫تكون الرسائل الموقع عليها قيمة الورقة العرفية من حيث اإلثبات‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫‪ -‬محمد الكشبور‪ ،‬التوثيق المغربي واقع وآفاق‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية المنظمة من طرف القانون الخاص بكلية متعددة التخصصات بتازة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ 2010‬ص ‪.16‬‬
‫والمشرع لم يضع شكال خاصا لكتابة الرسائل فهي تكتب بلغة البالد أو بلغة أجنبية أو بلهجة‬
‫محلية أو بلغة متعارف عليها‪ ،‬وليس من الضروري أن تكون الرسائل مؤرخة أو مكتوبة بخط‬
‫صاحبها بل العبرة فيها بتوقيع صاحبها عليها‪ ،‬فالتوقيع إذن هو الشرط الشكلي الوحيد الالزم التخاذ‬
‫الرسالة دليال كامال يحتج به ضد المرسل‪.174‬‬

‫ثانيا‪ :‬حجية البرقيات في اإلثبات‬

‫انطالقا من نص الفصل ‪ 428‬من ق ل ع يتضح أن البرقيات تكون لها حجية األوراق‬


‫العرفية إذا كان أصلها المودع في مكتب التقدير موقعا عليه من مرسلها وتعتبر البرقية مطابقة‬
‫ألصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك‪.‬‬

‫ويعتبر تاريخ البرقية ثابتا لكون أصلها يختم بالختم ذي التاريخ لمكتب اإلرسال كما يختم‬
‫صورتها بختم مكت ب الوصول‪ ،‬ويمكن التحقق من صحة تاريخها بالرجوع إلى الدفتر الذي تقيد فيه‬
‫‪175‬‬
‫البرقيات‬

‫ثالثا‪ :‬حجية دفاتر التجار في اإلثبات‬

‫تناولت حجية دفاتر التجار في اإلثبات في المسائل المدنية المواد من ‪ 433‬إلى ‪ 436‬من ق ل‬
‫ع وبالتالي ما يقيده في الدفاتر التجارية الكاتب المكلف بها أو المكلف بالحسابات يكون له نفس قوة‬
‫اإلثبات كما لو قيده نفس التاجر الدي كلفه‪( .‬الفصل ‪ 434‬من ق ل ع‪).‬‬

‫وهذا يعني أن الدفاتر حجية عليه‪ ،‬سواء أكانت منتظمة أو غير منتظمة ألن ما دون فيها‬
‫‪176‬‬
‫يعتبر إقرارا صادرا منه‬

‫‪174‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي م س ص ‪.90‬‬
‫‪175‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س ص ‪.91‬‬
‫‪176‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س ص ‪.92‬‬
‫رابعا ‪ :‬حجية الدفاتر واألوراق المنزلية في اإلثبات‬

‫يتضح من نص الفصل ‪ 438‬من ق ل ع أن المشرع قصد أن ال تكون الدفاتر واألوراق‬


‫المنزلية حجة لمن صدرت منه بأي حال من األحوال وثانيا أنه جعل لها حجية في حالتين اثنتين‬
‫ذكرهما على سبيل الحصر‪ .‬األولى حالة ما إذا ذكر الشخص صراحة في أوراقه أنه استوفى دينا‬
‫أي كان محل الدين مبلغا من النقود أو شيئا مثليا أو قيميا والثانية حالة ما إذا ذكر الشخص‬
‫صراحة انه قصد بما دونه في هذه األوراق أن تقوم مقام السند لمن أثبتت حقا لمصلحته‪.‬‬

‫وبالتالي داللة هذه الدفاتر واألوراق المنزلية في الحالتين السابقتين ليست كداللة الكتابة‬
‫‪177‬‬
‫الكاملة بحيث يجوز اثباث ما يخالف داللة هذه األوراق بكل وسائل اإلثبات‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬حجية نسخ المحررات العرفية‬

‫بالرجوع لنص الفصل ‪ 440‬من ق ل ع نجده ينص على ما يلي‪":‬النسخ المأخوذة عن‬
‫أصول الوثائق الرسمية والوثائق العرفية لها نفس قوة اإلثبات التي ألصولها‪ ،‬إدا شهد بمطابقتها‬
‫لها الموظفون الرسميون المختصون بدلك في البالد التي أحدت فيها النسخ‪.‬ويسري نفس الحكم‬
‫على النسخ المأخوذة عن األصول بالتصوير الفوتوغرافي"‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫(محكمة النقض حاليا) جاء فيه‪ :‬إن نسخ الوثائق الرسمية‬ ‫وفي قرار للمجلس األعلى‬
‫المصادق عليها لها نفس قوة اإلثبات التي ألصولها ويسري نفس الحكم على نسخ الوثائق المضمنة‬
‫في سجالت قضاة التوثيق إدا شهدوا بمطابقتها ألصولها‪."...‬‬

‫ومن تم فإن الورقة العرفية بحكم تحريرها بين األفراد العاديين تكون دليال ناقصا بالنسبة‬
‫للتمسك بها نظرا لقلة ضمانتها وتحريف بياناتها‪ ،‬فباألحرى النسخ المأخوذة عنها التي بدورها ال‬
‫تسلم من هدا الضعف في الحجية‪ ،‬دلك أن هده الصور التي ينقلها فرد عادي دون تدخل موظف‬
‫عام مختص ال تكون لها قيمة في اإلثبات ولو ضاع أصلها‪ ،‬ألن العبرة في المحررات العرفية‬

‫‪177‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي م س ص ‪.94‬‬
‫‪178‬‬
‫‪-‬قرار رقم ‪ 362‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1974\12\2‬في الملف االجتماعي عدد ‪،36317‬منشور بمجلة القضاء والقانون ‪،‬عدد ‪،128‬‬
‫ص ‪ 119‬وما يليها‪.‬‬
‫بتوقيعها من األشخاص الدين صدرت منهم‪ ،‬والمفروض في هده الصور أنها ال تحمل هدا التوقيع‬
‫فال يعول عليها وال يكون لها قيمة مبدأ ثبوت بالكتابة ألنها ليست محررة بخط الشخص المنسوب‬
‫إليه توقيع الورقة العرفية األصلية‪.179‬‬

‫لكن المشرع المغربي أورد استثناء على هده القاعدة‪ ،‬وهو ما يتضح من قرار المجلس‬
‫األعلى‪(180‬محكمة النقض حاليا) الذي جاء فيه‪ :‬الصور الفوتوغرافية المأخوذة عن أصولها‬
‫والمشهود بمطابقتها لها من قبل الموظفين تكون لها نفس قوة تلك األصول تطبيقا للفصل ‪ 440‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود ‪."...‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الطعن في المحررات العرفية والدفوع المثارة بشأنها‬


‫في هذا المطلب سنتطرق لكل من الطعن بالزور الفرعي في الورقة العرفية ( الفقرة األولى)‬
‫ثم الدفوع المثارة بشأنها ( الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬الطعن بالزور الفرعي في الورقة العرفية‬

‫للحديث عن الزور الفرعي يقتضي منا األمر وضع تعريف له (أوال) والتطرق لشروطه (‬
‫ثانيا) ثم أثار حجية األحكام الصادر في الزور الفرعي (ثالثا)‬

‫‪179‬‬
‫سليمان مرقص‪ ،‬الوافي في شرح القانون المدني ‪ ،‬أصول اإلثبات وإجراءاته في المواد المدنية‪ ،‬المجاد األول‪ ،‬األدلة المطلقة‪ ،‬الطبعة الخامسة‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬طبعة ‪ ،1991‬ص‪.135 :‬‬
‫‪180‬‬
‫قرار رقم ‪ 1951‬صادر عن المجلس األعلى بتاريخ‪ 1\5\17‬في الملف عدد ‪ 97\2319‬منشور بالتقرير السنوي للمجلس األعلى لسنة ‪ ،2001‬ص‬
‫‪.77-76‬‬
‫أوال‪ :‬تعريف الزور الفرعي‪:‬‬

‫نظرا لكون فعل التزوير في المحررات يعتبر جرما في القانون الجنائي المغربي إذا توافرت‬
‫أركان جريمة التزوير‪ ،‬ولما كان األمر كذلك فإنه من الطبيعي أن يستند أمر تعريف الزور إلى‬
‫القانون الجنائي‪ ،‬وعموما تكفل به الفصل ‪ 351‬منه‪.181‬‬

‫ويعرف بعض الفقه بأنه مجموع اإلجراءات التي يقتضي إتباعها إلثبات التزوير في األوراق‬
‫سواء أكانت رسمية أو عادية‪.182‬‬

‫في حين يعرف البعض اآلخر بحسب الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه قائال " تهدف هذه‬
‫الدعوى على خالف باقي الدعاوي إلى هدم دليال قائم بيد الخصم حيث يطعن أحد األطراف أثناء‬
‫سريان الدعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور الفرعي‪.183‬‬

‫وحسب ما يقضي به الفصل ‪ 92‬من ق م م فإن الطعن بالزور الفرعي هو ذلك الطعن الذي‬
‫يمارسه أحد األطراف أثناء سريان الدعوى األصلية من أجل استبعاد أحد المستندات المقدمة كدليل‬
‫لكونه مشوبا بالتزوير‪.184‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط قبول دعوى الزور الفرعي في ثالثة شروط وفي حالة انتفائها ال تقبل دعوى‬
‫الزور الفرعي وهذه الشروط هي‪:‬‬

‫شرط الجدية واإلنتاجية‬ ‫‪-1‬‬

‫يراد بشرط الجدية أن يتمسك الطاعن بطعنه بالزور في صيغة صريحة وحازمة فال يكفي أن‬
‫يلمح الطاعن في دفاعه إال االحتفاظ بحقه في الطعن بالتزوير في المحرر موضوع الدعوى دون‬
‫إتباع المسطرة المنصوص عليها قانونا‪.185‬‬

‫‪181‬‬
‫‪ -‬نص الفصل ‪ 35‬من ق ج أنه ‪ ":‬تزوير األوراق و تغيير الحقيقة فيها بسوء نية تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى‬
‫الوسائل المنصوص عليها في القانون"‬
‫‪182‬‬
‫‪ -‬إدريس العلوي العبدالوي‪ ،‬م س ص ‪.78‬‬
‫‪183‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز حضري‪ ،‬القانون الخاص‪ ،‬طبعة ‪ 2002‬دار النشر الجسور‪ ،‬وجدة ص ‪.179‬‬
‫‪184‬‬
‫‪ -‬محمد المنجي‪ ،‬دعوى التزوير الفرعية في المواد المدنية من التقرير بالزور على الطعن بالنقض ط األولى ‪ 1992‬منشاة المعارف االسكندرية ص‬
‫‪.93‬‬
‫‪185‬‬
‫‪ -‬نص الفصل ‪ 92‬من ق م م على أنه ‪ ":‬إذا طعن احد األطراف ـثنتء سريان دعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرفت المحكمة‬
‫النظر عن ذلك إذا رأت أن الفصل في الدعوى ال يتوقف على هذا المستند‪"...‬‬
‫أما شرط اإلنتاجية فقد نص عليه الفصل ‪ 92‬من ق م م وذلك حيث أشار على أن القاضي‬
‫يصرف الن ظر عن الزور الفرعي إذا كان البث في الدعوى ال يتوقف على المستند المطعون‬
‫‪186‬‬
‫فيه‬

‫أن ينصب الطعن بالزور على محرر مقدم في دعوى أصلية‬ ‫‪-2‬‬

‫يجب أن ينصب االدعاء بالزور الفرعي على مستند عرفي مقدم في دعوى قائمة‪ ،‬ويمكن‬
‫دلك في أي حالة كانت عليها الدعوى‪ ،‬إال أنه ال يمكن الطعن في محرر بالزور كان قد استعمل من‬
‫طرف محكمة الموضوع في نزاع ما‪ ،‬وقد ورد النص على هذا الشرط في الفصل ‪ 92‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية‪ ،‬كما يجب أن يتم الطعن بالزور الفرعي قبل أن تقفل المحكمة باب المرافعة‪. 187‬‬

‫ثالثا‪ :‬آثار وحجية األحكام الصادرة في الزور الفرعي ‪:‬‬

‫تتمثل هذه اآلثار وحجية األحكام الصادرة في إطار دعوى الزور الفرعي في ما يلي‪:‬‬

‫آثار الحكم القاضي بوجود الزور وبعدم وجوده‬ ‫‪-1‬‬

‫الحكم الصادر بخصوص الزور الفرعي يجب أن يستنفذ جميع طرق الطعن العادية أو غير‬
‫العادية وله آثار تختلف بحسب ما تنتهي إليه المحكمة‪.‬‬

‫وبالتالي الحكم الذي يقضي بوجود الزور يجرد المستند من كل قوة ثبوثية‪ ،‬ولقد منح المشرع‬
‫المحكمة أن تأمر بالتدبير المناسب‪.188‬‬

‫وهكذا إذا ثبت تزوير أحد البيانات الموجودة بالمحرر العرفي فإنه يبعد من ملف الدعوى‪،‬‬
‫لكن إذا قررت المحكمة أن جزءا من المستند هو مزور فقط كتقرير تزوير التاريخ دون باقي‬
‫البيانات األخرى‪ ،‬في هذا األمر يذهب البعض إلى القول أن البيانات التي تقرر المحكمة زوريتها‬
‫هي التي يلحقها هذا األثر وهذا االتجاه نؤيده ذلك انه ال يمكن حرمان المستدل بذلك المحرر من‬

‫‪186‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 113‬من ق م م على أنه ‪ ":‬ال يمكن أن يؤخر لتدخل والطلبات العارضة األخرى الحكم في الطلب األصلي إذا كان جاهزا"‬
‫‪187‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 113‬من ق م م على أنه " ال يمكن أن يؤخر لتدخل والطلبات العارضة األخرى الحكم في الطلب األصلي إذا كان جاهزا"‬
‫‪188‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 99‬ع لى أنه ‪ ":‬يوقف تنفيذ الحكم الفاصل في الزور الفرعي بحذف أو تمزيق المستند كال أو بعضا أو تصحيحه أو إعادته إلى أصله‬
‫داخل أجل اإلستئناف أو إعادة النظر او النقض‪"...‬‬
‫وسيلة دفاعه خاصة إذا كانت هي الوحيدة‪ ،‬في حالة ما إذا كان بيان من أحد البيانات هو المزور‬
‫فقط ويستشف ذلك من خالل الفصل ‪ 99‬من ق م م‪.‬‬

‫ويمكن لمدعي الزور أن يرفع دعوى تعويض ما لحقه من ضرر كما يتحمل المدعى عليه‬
‫مصاريف الدعوى‪.189‬‬

‫حجية الحكم الفاصل في دعوى الزور الفرعي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫إذا كان الحكم الجنائي الفاصل في دعوى الزور الفرعية يكتسب حجيته بمجرد صدوره‪ ،‬فإن‬
‫الحكم الصادر في دعوى الزور الفرعية المدنية ال يحوز هذه الحجية إال إذا أصبح باثا‪ ،‬فإذا كان‬
‫األول يكتسب تلك الحجية نظرا لكونه ال يقبل الطعن باالستئناف أو النقض إال مع الحكم الصادر‬
‫في الدعوى الجنائية األصلية‪ ،‬فإن الثاني يكتسب حجيته بعد استنفاذ جميع طرق الطعن أو انصرام‬
‫‪190‬‬
‫األجل الممنوح ‪ ،‬ذلك أنه يقبل الطعن باستقالل عن الحكم الصادر في الدعوى األصلية‬

‫وبعد أن يصبح الحكم الصادر في دعوى الزور الفرعي نهائيا فإن القاضي المدني الذي ينظر‬
‫‪191‬‬
‫في الدعوى األصلية يمكنه أن يعتمد عليه في الفصل في النزاع‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الدفوع المثارة بشأن الورقة العرفية‬

‫ارتأينا في هذه الفقرة القيام بتحليل الدفوع المتعلقة بإنكار الخط أو التوقيع (أوال) وكذا الدفع‬
‫المتعلق باألمية ( ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬دعوى تحقيق الخطوط‬

‫أعطى المشرع المغربي لكل شخص ال يريد االعتراف بالوثيقة العرفية المحتج بها ضده‬
‫بمناسبة إجراء معاملة من المعامالت القانونية واجب اإلنكار الصريح لما تضمنه تلك الوثيقة من‬
‫خطة وتوقيعه على أنه يستلزم توفر شروط القيام بهذا اإلجراء‪.‬‬
‫‪189‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 124‬من ق م م على أن " يحكم بالمصاريف على كل طرف خسر الدعوى سواء كان من الخواص أو إدارة عمومية‪"....‬‬
‫‪190‬‬
‫‪ -‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬حجية األحكام الجنائية أمام القضاء المدني‪ ،‬دكتوراه الدولة في القانون الخاص سنة ‪ 1987‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‬
‫ط األولى م النجاح الجديدة ص ‪ 270‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪191‬‬
‫‪ -‬محمد كبري حماية مستهلك العقار ‪ ،‬خالصة التوثيق نمو ذجا‪ ،‬أطروحة لنيل الدكنوراه في القانون الخاص نوقشت بجامعة حسن األول بوجدة‬
‫‪ 2012-2011‬ص ‪.318‬‬
‫تعريف مسطرة تحقيق الخطوط في األوراق العرفية‬ ‫‪-1‬‬

‫المقصود بت حقيق الخطوط إجراءات نظمها القانون إلثبات صحة المحررات العرفية التي‬
‫يجعل إنكارها لتكون حجة للتمسك بها في مواجهة المنكر‪.192‬‬

‫أو مجموعة من اإلجراءات التي نص عليها القانون إلثبات صحة المحررات العرفية التي يتم‬
‫إنكارها لتكون حجة يمكن التمسك بها من قبل صاحبها‪.193‬‬

‫وأيضا مسطرة وضعها المشرع للتأكد من صحة المحررات العرفية التي يقع إنكارها‪.194‬‬

‫شروط ممارسة دعوى تحقيق الخطوط في األوراق العرفية‬ ‫‪-2‬‬

‫حتى تقبل المحكمة سلوك مسطرة تحقيق الخطوط يشترط توفر ثالثة شروط وهي ‪:‬‬

‫إنكار ورقة عرفية‪ :‬من المعلوم أن الورقة الرسمية ال يسلك للطعن فيها مسطرة‬ ‫أ‪-‬‬
‫تحقيق الخطوط بل مسطرة الزور لهذا فاإلنكار ينصب على ورقة عرفية‪ ،‬الن هذه المسطرة‬
‫خاصة باألوراق العرفية‪.‬‬
‫أن يكون اإلنكار صريحا‪ :‬ورد النص على هذا الشرط في الفصل ‪ 431‬من ق ل ع‬ ‫ب‪-‬‬
‫حيث جاء فيه‪....":‬أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه ‪.‬وفي هذه الحالة على من يحتج عليه بمحرر‬
‫عرفي أن ينكر صراحة خطه أو توقيعه فإذا لم يفعل اعتبر معترفا به‪ ،‬ألن سكوته يفسر على قبوله‬
‫به‪ ،‬أما الورثة والخلفاء فيمكنهم التصريح بعدم معرفة توقيع أو خط من تلقوا الحق منه‪.‬‬
‫أن يكون المحرر العرفي الذي ثم إنكاره يتوقف عليه الفصل في النزاع‬ ‫ت‪-‬‬

‫ورد النص على هذا الشرط في الفصل ‪ 89‬من ق م م حيث جاء فيه‪.... ":‬أمكن للقاضي‬
‫صرف النظر عن ذلك إذا رأى أنه غير ذي فائدة في النزاع إذا كان األمر بخالف ذلك فإنه يؤشر‬
‫بتوقيعه على المستند ويٍأمر بتحقيق الخطوط‪"...‬‬

‫‪192‬‬
‫‪ -‬عبد اللطيف البغيل‪ ،‬المختصر في الدعوى المدنية إجراءاتها وفق قانون م م المغربي ط ‪ 2009‬ص ‪.160‬‬
‫‪193‬‬
‫‪ -‬الطيب الفصيلي‪ ،‬الوجيز في القانون القاضي الخاص مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط ثانية ‪ 1993‬ص ‪.92‬‬
‫‪194‬‬
‫‪ -‬محمد كبوري‪ ،‬م س ص ‪.296‬‬
‫وبالتالي إذا أمكن للمحكمة أن تثبت في الدعوى دون أن تستند إلى الورقة المطعون فيها‪ ،‬إما‬
‫لكفاية األولى وإما لتبنيها لوجه الحكم في الدعوى‪ ،‬وجب عليها أن تستغني عن إجراءات تحقيق‬
‫الخطوط‪.‬‬

‫ج‪-‬اإلدالء بوكالة خاصة إدا كان الخصم ممثال في الدعوى‬

‫الدفع بإنكار الخط أو التوقيع ‪،‬أ‪ ,‬التصريح يجهلهما القضاء إدا أبداه الخصم بصفة‬
‫شخصية بواسطة مذكرة مكتوبة يكون مآلها عدم القبول بخالف ما إدا أثاره شفويا أُثناء‬
‫جلسة البحت حيت يكون دفعه في هده الحالة مقبوال‪ ،‬وهدا ما سار عليه المجلس األعلى‬
‫في أحد قراراته‪ ،‬حيت جاء فيه"وحيت أن دفع نائب المدعى عليها بإنكار التوقيع دون‬
‫توفره على وكالة خاصة بدلك يعتبر دفعا مردودا وال ينتبه إليه"‪.195‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدفع باألمية‬

‫إن الدفع باألمية له خصوصيات تميزه عن باقي الدفوع في الورقة العرفية ال من حيث‬
‫الشخص المتمسك به أو من حيث عبء اإلدعاء‪.‬وقبل دلك يستحسن أن نعرف األمي أوال ‪.‬‬

‫‪-1‬تعريف األمي‬

‫إن كل شخص بلغ سن الرشد يعتبر أهال لإللزام ما لم ينص قانون أحوال الشخصية بغير‬
‫دلك‪ ،‬واألمي يتمتع بكامل أهليته فيكتسب الحقوق ويتحمل االلتزامات ‪ ،‬إال أ‪ ،‬الحقوق المتضمنة‬
‫اللتزامات األشخاص األميين ال تكون لها قيمة قانونية إال إدا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون‬
‫مأذون لهم بدلك‪ ،‬رغبة من المشرع المغربي في توفير الحماية القانونية لهده الفئة من المجتمع‪.‬‬
‫وهدا ما سار عليه القضاء في عدد من األحكام الصادرة عنه حيت جاء في قرار صادر عن‬
‫المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا)ما يلي "االلتزامات الصادرة من األشخاص األميين الدين ال‬

‫‪195‬‬
‫‪-‬قرار صدر بتاريخ ‪ 1999\04\22‬في الملف عدد ‪ 99\207‬حكم غير منشور (أشار إليه إدريس ألشبلي ص ‪.)106‬‬
‫يعترفون بمضمونها ال تكون لها قيمة إال إدا حررت بواسطة موثق أو موظف عمومي‬
‫مختص‪.196"....‬‬

‫وقد كان القضاء في وقت سابق مستقر على تعريف األمي المشمول بحماية الفصل ‪ 427‬من‬
‫ق ل ع بأنه الشخص الذي يجهل اللغة التي حرر بها العقد‪ ،197‬وقتها تعرض هدا الموقف لعدة‬
‫مآخذ ترتب عن ها اجتهاد جديد يعتبر أن األمي هو الذي يجهل مضمون الوثيقة الموقع عليها‪.198‬‬
‫وهدا األخير هو التعريف الذي استقر عليه العمل اآلن ‪.‬‬

‫‪-2‬من حيث من له الحق في إثارة الدفع باألمية‬

‫الدفع باألمية دفع شخصي يخص المتعاقد نفسه وهذا بخالف إنكار الخط أو التوقيع وهذا ما‬
‫ذهب إليه المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) في إحدى قراراته حيث اقر " بأن الدفع باألمية‬
‫حق شخصي ال يجوز تقديمه إال من طرف الشخص األمي وحده‪ ،‬والذي شرعت له هذه الحماية‬
‫الخاصة وبالتالي ال يحق لورثته أن يتمسكوا به"‪.199‬‬

‫‪-3‬من حيث عبء إثبات الدفع باألمية‪:‬‬

‫إن مثير الدف ع باألمية هو الذي يقع عليه إثبات أميته‪ ،‬فإن أفلح في ذلك يتم انتقال عبئ اإلثبات‬
‫إلى الخصم المتمسك بالورقة‪ ،‬وإن عجز عن ذلك ظلت الورقة نافذة في حقه‪ ،‬وهذا ما أكده قرار‬
‫صادر عن المجلس األعلى ( محكمة النقض حاليا) الذي جاء فيه " حيث أن المجلس األعلى في‬
‫قراراته ال حديثة عدل عن مفهوم األمية بالتفاسير المعطاة له سابقا إلى قاعدة أن مجرد اإلدعاء‬
‫باألمية دون إثبات ال يمكن الحكم بمقتضاه وألن مجرد التوقيع بالبصمة في حد ذاته ال يعتبر دليال‬

‫‪196‬‬
‫قرار رقم ‪ 394‬بتاريخ ‪ 1996\7\4‬في الملف المدني عدد ‪ 66\742‬منشور بمجلة قضاء المجلس األعلى العدد ‪ 16‬دحنبر ‪ 2000‬ص ‪.34‬‬
‫‪197‬‬
‫قرار المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1981-11-11‬عد ‪ 2436‬في الملف المدني ‪( 3594‬أشار إليه عبدا لقادر مصادر اإللتزام الكتاب األول ص‪86‬‬
‫‪198‬‬
‫قرار المجلس األعلى عدد ‪ 1908‬بتاريخ‪ 2006\06\\\07‬في الملف المدني عدد ‪ 4-2-1\1806‬مجلة قرارات المجلس األعلى الجزء األول ‪.2008‬‬
‫‪199‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 2646‬بتاريخ ‪ 2002/07/24‬في الملف المدني عدد ‪ 1/ 828‬غير منشور‬
‫على األمية"‪ 200‬وهو ما سارت عليه محكمة االستئناف بالرباط إذ اعتبرت" أن األمية هي األصل‬
‫وعبء اإلثبات ينعكس على مدعيه"‪.201‬‬

‫وبالتالي فاألمية تؤدي إلى استبعاد الورقة المطعون فيها إذا ما أتبث األمي أميته‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 177‬صادر بتاريخ ‪ 2011/5/18‬في الملف المدني عدد ‪ 2008/276‬غير منشور‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫‪ -‬قرار صادر بتاريخ ‪ 1999/4/15‬في الملف المدني عدد ‪ 89/196‬منشور بمجلة اإلشعاع عدد ‪ 20‬ص ‪ 147‬وما يليها‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬المحرر الثابت التاريخ‬
‫في محاولة بحثنا عن التنظيم القانوني للمحرر الثابت التاريخ الحظنا انه جاء متناثرا في‬
‫‪202‬‬
‫مجموعة من المواد وفي قوانين متفرقة ومشتتة وهي المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية‬

‫والمادة ‪ 12‬من القانون ‪ 20318.00‬والمادة ‪ 2043.618‬من قانون االلتزامات والعقود والمادة‬


‫‪ 4‬من القانون ‪ 51.00‬المتعلق باإليجار المفضي إلى تملك العقار‪ ( 205‬مكرر مرتين) والمادة ‪ 3‬من‬
‫القانون ‪206 49.16‬المتعلق بكراء العقارات و المحالت المخصصة لالستعمال التجاري او‬
‫الصناعي او الحرفي والمادة ‪ 8‬من القانون ‪ 67.12‬المتعلق بالمحالت المعدة للسكنى او لالستعمال‬
‫المهني‪. 207‬اضافة للنص العام وهو الفصل ‪ 425‬من قانون االلتزامات و العقود‪.‬‬

‫وباستقرائنا المتواضع لمختلف هذه المواد القانونية وغيرها التي لها عالقة بالموضوع ومع‬
‫االستعانة بمواقف رجال الفقه وآراء الباحثين اتضح لنا بأن المحرر الثابت التاريخ هو محرر له‬
‫‪202‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 178.11.1‬الصادر في ‪ 25‬من ذي‬
‫الحجة ‪ 28 ( 1432‬نونبر ‪ )2011‬المنشور بالجريدة الرسمية تحت عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 27‬ذو الحجة ‪ 24 ( 1432‬نونبر ‪ )2011‬ص ‪ 5587‬على أنه‬
‫يجب أن تحرر تحت طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو اسقاطها وكذى‬
‫الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى‬
‫‪203‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 18.00‬المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية كما وقع تعديله بالقانون رقم ‪ 106.12‬الصادر بتنفيذ‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.1649‬بتاريخ ‪ 19‬من رجب ‪ 27 ( 1437‬ابريل ‪ )2016‬بالجريدة الرسمسة عدد ‪ 6465‬من شعبان ‪ 16 ( 1437‬ماي ‪)2016‬‬
‫ص ‪ ، 3781‬بأنه يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو تقلها أو تعديلها أو اسقاطها بموجب‬
‫محرر رسمي أو محرر ثابت الثاريخ يتم تحريره مهني ينتم ي إلى مهنة قانونية مناظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطالن‪.‬‬
‫يحدد وزير العدل سنويا الئحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود‪.‬‬
‫يجب ان يتم توقيع العقد والتأشير على جميع صفحاته من األطراف ومن الجعة التي حررته‪.‬‬
‫يتم تصحيح اإلمضاءات بالن سبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة االبتدائية التي يمارس المحامي بدائراتها‬
‫تحدد بنص تنضيمي تعريفة إبرام هذا المحرر‬
‫يحق للمكتري المتملك االنتفاع من العقار بمجرد إبرام هذا العقد‪.‬‬
‫‪204‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪ 618.3‬مكرر مرتين من قانون االلتزامات والعقود بأنه يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير اعقد االبتدائي إبرام عقد تخصيص من‬
‫أجل إقتناء عقار في طور اإلنجاز يحرر إما في محرر رسمي أو محرر عرفي ثابت التاريخ وفق الشكل المتفق عليه من األطراف‬
‫يجوز إبرام عقد التخصيص البيانات الواردة في البنوذ ‪1‬و‪2‬و‪3‬و‪4‬و‪5‬و‪6‬و‪ 7‬المنصوص عليها في الفصل ‪ 3.618‬مكرر أعاله‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫‪-‬تنص المادة ‪ 4‬من القانون ‪ 51.00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز والمنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5172‬بتاريخ ذي القعدة ‪25 ( 1424‬‬
‫ديسمبر ‪ )2003‬ص ‪ 4375‬بأنه يجب أن يحرر عقد االيجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من‬
‫طجرف مهن ي ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود‪ ،‬وذلك تحت طائلة البطالن‬
‫يحدد وزير العدل سنويا الئحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود يقيد بالالئحة المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض طبقا للفصل‬
‫‪ 34‬من الظهير الشريف رقم ‪ 162.93.1‬الصادر في ‪ 28‬من ربيع األول ‪ 10 ( 1414‬سبتمبر ‪ )1993‬المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنضيم مهنة‬
‫المحاماة‬
‫يحدد نص تنظيمي شروط باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود‪.‬‬
‫يجب ان يتم توقيع العقد والتاشير على جميع صفحاته من االطراف ومن الجهة التي حررته‬
‫يتم تصحيح االمضاء ات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئس كتابة الضبط للمحكمة االبتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها‬
‫تحدد بنص تنظيمي تعريفة ابرام هدا المحرر‬
‫يحق للمكتري المتملك االنتفاع من العقار بمجرد ابرام هدا العقد كتابتها‪.‬‬
‫‪206‬‬
‫تنص المادة ‪ 3‬من القانون ‪ : 46.19‬تبرم عقود الكراء العقارات او المحالت المخصصة لالستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي وجوبا بمحرر‬
‫كتابي ثابت التاريخ‬
‫عند تسليم المحل يجب تحرير بيان بوصف حالة االماكن يكون حجة بين االطراف ‪.‬‬
‫‪207‬‬
‫تنص المادة ‪( 8‬الفقرة ‪ )1‬من القانون ‪ : 67.12‬يجب ان ينجز البيان الوصفي في محرر ثابت التاريخ وان يتضمن وصف المحل بكيفية مفصلة‬
‫ودقيقة مع تجنب استعمال الصيغ من نوع حالة جيدة او حالة متوسطة‪.‬‬
‫ضوابط قانونية دقيقة لنشأته وصحته قد يصدر عن جهات حددها المشرع المغربي في المعامالت‬
‫العقارية وقد يصدر من االطراف مباشرة دون الزامية تحريره من جهة معينة‪.‬‬

‫إال أن هذا األمر غير كافي باعتبار أن المحرر الثابت التاريخ مازال تنظيمه القانوني غامضا‬
‫ومشوبا بالعديد من الفراغات وهذا ما ولد العديد من اإلشكاالت العملية والقانونية التي ترتب عنها‬
‫خالف فقهي وقضائي خصوصا حول مسألة الطبيعة القانونية لهذا المحرر ومدى اعتباره محررا‬
‫رسميا أم محررا عرفيا أم محررا من نوع خاص‪.‬‬

‫هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه ومعالجته بما يستجيب ألداة بحثنا في المباحث اآلتية‬
‫محاولة منا للتعرف عن هذا المحرر الغامض من خالل تنظيمه القانوني‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الضوابط القانونية لصحة المحرر الثابت التاريخ وتمييزه‬


‫عن باقي المحررات‬
‫تطلب القانون لصحة المحرر الثابت التاريخ مجموعة من الضوابط القانونية المتعلقة‬
‫باألساس بثبوت التاريخ والجهة المحررة له‪ ،‬ومسألة التوقيع وتصحيح اإلمضاءات‪.‬‬

‫وبعد الكشف عن هذه الضوابط القانونية ارتأينا الوقوف عند مسالة تمييز المحرر الثابت‬
‫التاريخ عن المحرر الرسمي والمحرر العرفي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الضوابط القانونية لصحة المحررات الثابتة التاريخ‬


‫باستقرائنا لمجموعة من الفصول والمواد القانونية المتعلقة بالمحرر الثابت التاريخ اتضح لنا‬
‫بان هذا األخير ال بد له من استجماع مجموعة من الشروط لصحته واالعتداد به وأول هذه‬
‫الشروط هو أن يكون المحرر ثابت التاريخ ( الفقرة األولى) وصادرا عن جهة مسموح لها‬
‫بتحريره او من االطراف مباشرة في حاالت خاصة ( الفقرة الثانية) وأن يكون موقعا ومصحح‬
‫اإلمضاء ( الفقرة الثالثة) ‪.‬‬
‫هذه هي الشروط التي سنحاول قدر اإلمكان الوقوف عندها لرسم المعالم الحقيقة لهذا المحرر‬
‫المسمى بالمحرر الثابت التاريخ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسألة ثبوت التاريخ‬

‫إن العلة في اشتراط المشرع المغربي ثبوت تاريخ المحرر هو الرغبة في حماية الغير من‬
‫كل تواطأ في تقديم التاريخ أو تأخيره‪.208‬‬

‫و مسألة ثبوت التاريخ في مواجهة الغير حدد حاالتها الفصل ‪ 425‬من ق ل ع وهي كاآلتي‪:‬‬

‫من يوم تسجيل المحرر سواء كان ذلك في المغرب أو في الخارج ويقصد بالتسجيل هنا تقديم‬
‫المحرر لإلدارة المكلفة باستخالص رسوم التسجيل وهي إدارة التسجيل والتمبر التابعة لوزارة‬
‫المالية‪.‬‬

‫من يوم إيداع الورقة بين يدي موظف رسمي ( كاإلدالء بالمحرر لدى مصلحة‬ ‫‪-‬‬
‫المحافظة العقارية)‬
‫من يوم الوفاة أو من يوم العجز الثابت‪ ،‬إذا كان الذي وقع على الورقة بصفته متعاقدا‬ ‫‪-‬‬
‫أو شاهدا قد توفي أو أصبح عاجزا عن الكتابة عجزا بدنيا‪.‬‬
‫‪209‬‬
‫مثال نورده لتعميم االستفادة‬ ‫ولتبسيط هذه الحالة أورد األستاذ عبد الكريم شهبون‬
‫كاآلتي"‬
‫" إذا شل مرض يدي شخص بعد أن وقع أو حصل له حادث بسبب مصادمة قطار أو سيارة‬
‫او سقوط طائرة نشأ عنه ما استلزم بثر يديه أو حرقها‪ ،‬فإنه في هذه الحالة وجب اعتبار الورقة‬
‫التي وقع عليها هذا الشخص قبل وقوع الحادث ثابتة التاريخ أما التوقيع بالختم فإنه ممكن بواسطة‬
‫الغير‪"...‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ -‬عادل الغنوبي‪ ،‬تحقيق األمن القانوني لمركز الغير في ظل ثبوت تاريخ العقد وتقييده‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي ‪ 25‬و‪ 26‬نونبر ‪2016‬‬
‫بعنوان العقار والتعمير واالستثمار‪ ،‬تكريما لالستاذ الحسين بلحساين‪ .‬الجزء األول مطبعة المعارف الجديدة الرباط ‪ ( 2017‬بدون ذكر الطبعة)‬
‫الصفح)ة ‪.403‬‬
‫‪209‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬االلتزامات بوجه عام‪ ،‬الجزء الثالث انقضاء االلتزام‪ ،‬إثبات االلتزام‪،‬‬
‫وإثبات االبراء منه‪ ،‬ط ‪ 2002‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص ‪.341‬‬
‫من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك أو من‬ ‫‪-‬‬
‫طرف قاض سواء في المغرب أو في الخارج‪.‬‬
‫إذا كان التاريخ ناتجا عن أدلة أخرى لها نفس القوة القاطعة‬ ‫‪-‬‬
‫إذا كان التاريخ ناتجا عن التوقيع المؤمن الذي يعرف بالوثيقة بموقعها وفق التشريع‬ ‫‪-‬‬
‫الجاري يه العمل‬ ‫‪-‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أن يتم تحرير المحرر من الجهة المؤهلة‬

‫بالرجوع إلى القوانين المشار إليها سابقا‪ ،‬يتضح بشكل جلي على أن المشرع المغربي حدد‬
‫الجهة المختصة بتحرير المحررات الثابتة التاريخ وهم المهنيون المفوض لهم ذلك بموجب نص‬
‫تنظيمي (أوال)و المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض ( ثانيا) ويمكن كدالك تحريره من‬
‫االطراف مباشرة في غير المجال العقاري (ثالثا)‬

‫أوال ‪ :‬المهنيون المسموح لهم بتحرير المحررات الثابتة التاريخ بموجب نص تنظيمي‬

‫بالرجوع لكل من القانون ‪ 51.00‬المتعلق ببيع العقار في طور اإلنجاز و القانون ‪18.00‬‬
‫المعدل والمتمم بالقانون ‪ 106.12‬المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية‪ ،‬وكذلك القانون‬
‫‪ 44.00‬المعدل والمتمم بالقانون ‪ 107.12‬اتضح لنا بأن المشرع المغربي جاء بصيغة واحدة وهي‬
‫أن ا لمحرر الثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها‬
‫قانونها تحرير العقود تحت طائلة البطالن‪.‬‬

‫يحدد وزير العدل سنويا الئحة بأسماء المهنيين المقبولبن لتحرير هذه العقود وهذه الالئحة‬
‫المتعلقة بتحديد هؤالء المهنيين سيتم تحديدها بقرار مشترك بين وزير العدل ووزير الفالحة‬
‫والوزير المكلف بالتعمير‪.‬‬

‫يحدد نص تنظيمي شروط تقييد باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود‪.‬‬
‫وما تجدر اإلشارة إليه أن هذا النص التنظيمي والالئحة المشار إليهما أعاله لم يصدرا بعد‬
‫‪210‬‬
‫وهذا ما أثار خالف حادا بشأن المهنيين الذين يجب إدراجهم ضمن هذه الالئحة‬

‫ثانيا ‪ :‬المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض‬

‫بالرجوع إلى القوانين المشار إليها وخاصة المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية يستشف أن‬
‫المشرع المغربي ميز بين المحامون حينما صرح بأن المؤهل لتحرير المحررات الثابتة التاريخ‬
‫هو المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬

‫ويرى أحد الباحثين أن هذه التفرقة التي جاء بها المشرع المغربي ليست في محلها وال تقوم‬
‫على أي أساس منطقي ووصفها بأنها تخصيص بدون مخصص‪.211‬‬

‫وعموما ودون الخوض في هذا الصراع الفكري فالمحامي المقبول للترافع أمام محكمة‬
‫النقض طبقا للمادة ‪ 33‬من قانون المحاماة هو المحامي المسجل بالجدول منذ خمس عشرة سنة‬
‫كاملة وكذلك المحا مي الذي كان مستشارا أو المحامي العام بصفة نظامية في محكمة النقض‬
‫وقدماء القضاة وقدماء أساتذة التعليم العالي‪ ،‬المعفون من شهادة األهلية ومن التمرين بعد خمس‬
‫سنوات من تاريخ تسجيلهم بالجدول‪.‬‬

‫وانطالقا من هذه المقتضيات يمكن القول بان المحرر الثابت التاريخ مستثنى من مقتضيات‬
‫المادة ‪ 30‬من قانون المحاماة عكس المحررات العرفية الخاضعة لهذه المادة األخيرة والتي يمكن‬
‫تحريرها من جميع المحامين دون اشتراط صفة معينة‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ -‬للتوسع أكثر‪ ،‬أنظر سهام الفرح‪ ،‬توثيق التصرفات العقارية على ضوء القوانين الخاصة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬نوقشت‬
‫بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة في السنة الجامعية ‪ 2011-2010‬ص ‪.53‬‬
‫‪211‬‬
‫‪ -‬سهام الفرح‪ ،‬م س ص ‪.48‬‬
‫ثالثا ‪ :‬االطراف‬

‫يمكن لألطراف كدالك تحرير المحرر التابث التاريخ بمقتضى ارادتهم دون الزامية تحريره‬
‫من قبل جهة معينة وهدا ما يتضح من خالل التعمق في مقتضيات الفصل ‪ 425‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود وكدالك المادة ‪ 3‬من القانون ‪ 49.16‬والمادة ‪ 8‬من القانون ‪ 67.12‬المتعلق‬
‫بالمحالت المعدة للسكنى او لالستعمال المهني‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬التوقيع وتصحيح اإلمضاء‬

‫أوجبت بعض القوانين الخاصة المتعلقة بالمحرر الثابت التاريخ وخاصة مقتضيات المادة ‪4‬‬
‫من مدونة الحقوق العينية لصحة هدا المحرر أن يتم توقيعه والتأشير على جميع صفحاته‪.‬‬

‫وباستقرائنا المتواضع لهذه المقتضيات اتضح بأن المشرع المغربي ألزم المحامي بالتوقيع‬
‫على العقد المحرر والتأشير على جميع صفحاته مع األطراف المتعاقدة إضافة إلى تصحيح‬
‫إمضاءات األطراف من لدن السلطات المحلية المختصة‪ ،‬والتعريف بإمضاء المحامي للعقد من لدن‬
‫رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها‬

‫أما الجهات المهنية األخرى والتي سيصدر النص التنظيمي بتحديدها‪ ،‬نجد أن المشرع‬
‫المغربي ألزمها فقط بالتوقيع والتأشير على الصفحات مع األطراف دون تصحيح اإلمضاءات أمام‬
‫رئيس كتابة الضبط‪.‬‬

‫وقد أثارت هذه المقتضيات أعاله جملة من االستفسارات والمالحظات‪ 212‬نوردها كاآلتي‪:‬‬

‫المالحظة األولى‪ :‬بالرجوع للمادة أعاله يتضح أنها ميزت في مسألة المصادقة على‬ ‫‪-‬‬
‫صحة اإلمضاءات بين إمضاءات األطراف التي سيتم المصادقة على صحتها لدى السلطة المحلية‬
‫المختصة‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -‬هذه المالحظات أشار إليها عبد الرحيم فريكر‪ ،‬توثيق التصرفات العقارية على ضوء مقتضيات مدونة الحقوق العينية والظهير المتعلق بالتحفيظ‬
‫العقاري‪ ،‬الندوة الوطنية في موضوع األمن العقاري عدد ‪ 26‬منشورات مركز النشر والتوثيق القضائي بمحكمة التقض‪ .‬مطبعة األمنية الرباط ( دون‬
‫ذكر المطبعة) ص ‪ 169‬إلى ‪.172‬‬
‫أما المحامي فالتعريف بإمضائه يتقرر لدى كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس‬
‫بدائرتها ‪،‬هدا خالف لما جاء في مقتضيات القوانين الخاصة ( القانون ‪ 18.00‬والمعدل و ‪44.00‬‬
‫و ‪ 51.00‬التي تنص على إمضاءات األطراف تصحح لدى كتابة الضبط المختصة ودون إقامة أي‬
‫تمييز بين أطراف العقد والمحامي‪.‬‬

‫وهنا يتبادر إلى أذهاننا عن الجدوى من وراء فرضية تصحيح إمضاء المحامي أمام كتابة‬
‫الضبط؟‬

‫أجاب على هذا السؤال السيد المحافظ العام في دوريته عدد ‪ 353‬الصادرة بتاريخ ‪ 17‬مارس‬
‫‪ 2006‬التي نص فيها أنه على المحامي تصحيح إمضاءه ومراقبة شكلية توفره على األقدمية التي‬
‫تؤهله للترافع أمام محكمة النقض‪.‬‬

‫المالحظة الثانية ‪ :‬وهي أن المشرع المغربي وفي إطار مقتضيات المادة ‪ 4‬ينص على أن‬
‫األطراف تصحح إمضاءاتها أمام السلطة المحلية المختصة؟ عكس مقتضيات الفصل ‪ 73‬من ظهير‬
‫التحفيظ العقاري التي استخدم فيها المشرع مصطلح السلطة المختصة ؟ فما مدلول السلطة المحلية‬
‫المختصة؟‬

‫أجابنا مجددا السيد المحافظ العام في دوريته عدد ‪ 353‬عندما صرح بان المقصود بعبارة‬
‫السلطة المحلية المختصة هو السلطة المحلية الموجودة داخل التراب الوطني وبالتالي يمكن‬
‫للمحافظ على األمالك العقارية أن يرفظ أي تقييد صادر عن محامي مقبول للترافع أمام محكمة‬
‫النقض تمت المصادقة على صحة إمضاء أحد أطرافه أو أكثر لدى السفارات أو القنصليات‬
‫بالخارج‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬التمييز بين المحرر الثابت التاريخ وباقي المحررات‬

‫يمتاز المحرر الثابت التاريخ عن كل من المحررالرسمي والمحرر العرفي بعدة خصائص‬


‫سنحاول في هدا المطلب رصدها وستناول اوال معايير التمييز والتالقي بين المحرر الثابت التاريخ‬
‫و بين المحرر الرسمي (الفقرة االولى) وبعد دالك ننتقل لدراسة الفرق بين المحرر التابث التاريخ‬
‫والمحرر العرفي (الفقرة التانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تمييز المحرر الرسمي عن المحرر الثابت التاريخ‬


‫إن المحرر الثابت التاريخ موضوع دراستنا يختلف مع المحرر الرسمي في بعض النقاط‬
‫التي نوردها كاآلتي‪:‬‬

‫من حيث التعريف‪ :‬المشرع المغربي عرف المحرر الرسمي في الفصل ‪ 418‬من ق‬ ‫‪-‬‬
‫ل ع عكس ما فعل مع المحرر الثابت التاريخ الذي لم يتولى المشرع المغربي تعريفه وذلك راجع‬
‫لغموضه‪.‬‬
‫من حيث الجهة‪ :‬المحرر الرسمي حدد المشرع الجهة المؤهلة حصرا لتحريره وهم‬ ‫‪-‬‬
‫العدول والموثقين اما المحرر ثابت التاريخ فيمكن تحريره من قبل االطراف دون الزامهم بجهة‬
‫معينة؛ وفي المجال العقاري البد من تحريره من قبل المحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض‬
‫ا و المهنيين االخرين الدين سيصدر نص تنظيمي بشانهم في بعض النصوص الخاصة‪.‬‬
‫من حيث الحجية‪ :‬مبدئيا يصعب الجزم بموقف واضح فيما يتعلق بحجية المحرر‬ ‫‪-‬‬
‫الثابت التاريخ في ظل الغموض الذي يكتنف الطبيعة القانونية لهذا المحرر هل هو رسمي ام‬
‫عرفي أو من نوع خاص‪ ،‬لكن عموما وفي هدا الصدد يقول احد الباحثين أن المحرر الثابت‬
‫التاريخ الذي يحرره المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض له قوة ثبوتية تالمس القوة‬
‫الثبوتية للعقد الرسمي ألن إنكار خط اليد ال طائل منه مادام العقد محرر من طرف المحامي ‪،‬‬
‫‪213‬‬
‫وإنكار التوقيع كذلك ال طائل منه مادامت اإلمضاءات مصادق على صحتها‬
‫لكن المعول عليه هو ان المحرر الثابت التاريخ خصوصا المحرر من قبل المحامي‬ ‫‪-‬‬
‫المقبول للترافع امام محكمة النقض له الحجية الرسمية في مايتعلق بالتوقيع عند ما يتم المصادقة‬
‫عليه دون المضمون الذي يخضع لحجية المحرر العرفي‬

‫‪213‬‬
‫‪ -‬سفيان إدريوش‪ ،‬األمن القانوني في المجال العقاري‪ ،‬أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي ‪ 25‬و ‪ 26‬نونبؤر ‪ 2016‬بعنوان العقار والتعمير‬
‫واالستثمار م س ص ‪.205‬‬
‫من حيث المسؤولية‪ :‬بالرجوع للقوانين المتعلقة بخطة العدالة وتنظيم مهنة التوثيق‬ ‫‪-‬‬
‫نالحظ أن المشرع المغربي حدد مسؤولية الموثقين والعدول حول المحررات الرسمية التي‬
‫يصدرونها‪ ،‬وهذا ما ال نجده حقيقة في القانون المتعلق بمهنة المحاماة الذي لم ينظم مسؤولية‬
‫المحامي إزاء هذا النوع من المحررات ( أي المحررات الثابتة التاريخ)‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تمييز المحرر الثابت التاريخ عن المحرر العرفي‬


‫عرف الفقيه المغربي عبد الكريم شهبون ‪ ، 214‬الورقة العرفية بأنها التي يقوم بتحريرها من‬
‫له مصلحة فيها بغير تدخل موظف عمومي ‪ ،‬بمعنى أن العقد العرفي عقد غير مسمى لم يتدخل في‬
‫تحريره موظف ما بحكم وظيفته ( إذ ال مانع من أن يحرره موظف بصفته الشخصية كأي شخص‬
‫يطلب إليه تحرير عقد)‪.‬‬

‫و بقراءة متأنية لهذا التعريف يتضح أن الورقة العرفية تختلف في بعض االحيان عن المحرر‬
‫الثابت التاريخ في الجهة ‪ ،‬بمعنى انه في بعض القوانين الخاصة كالمادة ‪ 4‬مثال حدد المشرع الجهة‬
‫المسموح لها بتحرير هدا المحرر تحت طائلة البطالن وهم المحامون المقبولون للترافع امام‬
‫محكمة النقض ‪ ،‬لكن هدا يصدق فقط في المجال العقاري ‪ ،‬فمثال في المادة ‪ 3‬من القانون ‪49.16‬‬
‫والمادة ‪ 8‬من القانون ‪ 67.12‬نص المشرع على المحرر الثابت التاريخ دون الزامية تحريره من‬
‫قبل جهة معينة‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الطبيعة القانونية للمحرر الثابت التاريخ‬


‫أثار المحرر الثابت التاريخ العديد من اإلشكاالت القانونية والعملية‪ ،‬خصوصا في مسالة‬
‫الطبيعة القانونية ومدى اعتباره محررا رسميا أم محررا عرفيا ام محررا من نوع خاص‬

‫هذا الغموض راجع باألساس للنزاع التشريعي الذي نجم عنه العديد من التأويالت حول‬
‫طبيعة المحرر الثابت التاريخ في كل من أوساط الفقه والقضاء‬

‫‪214‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم شهبون‪ ،‬الشافي في شرح قانون االلتزا مات والعقود‪ ،‬الكتاب األول االلتزامات بوجه عام الجزء الثالث‪،‬انقضاء االلتزام وإثبات البراءة‬
‫منه‪ .‬ط ‪ 2002‬مطبعة النجاح الجديدة ص ‪.322‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬االتجاهات الفقهية والقضائية حول طبيعة المحرر الثابت التاريخ‬

‫باستقرائنا البسيط للنقاش المتداول حول طبيعة المحرر الثابت التاريخ في كل من أوساط الفقه‬
‫والقضاء اتضح لنا بأن هذا األخير ( أي الفقه والقضاء) انقسم على نفسه إلى مجموعة من‬
‫اال تجاهات فمنهم من يعتبر المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام‬
‫محكمة النقض محررا رسميا ( الفقرة األولى) ومنهم من يعتبره محررا عرفيا (الفقرة الثانية) بين‬
‫هذا الرأي وداك ظهر اتجاهين األول‪ :‬متذبذب بين االعتراف للمحرر الثابت التاريخ بالصفة‬
‫الرسمية أو العرفية (الفقرة الثالثة) واتجاه أخر يرى بأن المحرر الثابت التاريخ وسط بين المحرر‬
‫العرفي والمحرر الرسمي أي أنه محرر من نوع خاص ( الفقرة الرابعة)‬

‫وسنحاول قدر اإلمكان الوقوف على كل هذه اآلراء مع ابراز موقفنا الشخصي منها ( الفقرة‬
‫الخامسة) آملين في استجالء الغموض الذي يكتنف هذا النوع من المحررات‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬المحرر الثابت التاريخ محرر رسمي‬

‫ذهب اتجاه من الفقه المغربي‪ 215‬إلى أن المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي المقبول‬
‫للترافع أمام محكمة النقض محرر رسمي ‪ ،‬باعتبار أن المحررات الصادرة عن هذا األخير ينطبق‬
‫عليها ما ورد في الفصل ‪ 419‬من ق ل ع‬

‫ونفس التوجه سارت عليه المحكمة االبتدائية ألكادير في أحد أحكامها‪ 216‬الدي جاء فيه ‪:‬حيث‬
‫أن الدعوى تهدف إلى الحكم بما هو مسطر في المقال االفتتاحي وحيث من الثابت من مقتضيات‬
‫المادة ‪ 274‬من م ح ع أنه يجب تحت طائلة البطالن أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي‪ ،‬وحيث‬
‫أن المادة ‪ 4‬من نفس القانون أوجبت أن تحرر تحت طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل‬
‫الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية األخرى‪ ،‬أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو‬
‫محرر ثابت التاريخ‪ ،‬يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص‬

‫‪215‬‬
‫‪ -‬محمد بلهاشمي التسولين المحامي وتحرير العقود‪ ،‬سلسلة القانون في خدمة المجتمع ‪ 13‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ط األولى ‪،2006‬‬
‫الصفحة ‪.67‬‬
‫‪216‬‬
‫‪ -‬حكم صادر عن المحكمة اإلبتدائية بأكادير بتاريخ ‪ 2013 / 09 / 12‬عدد ‪ 32‬الملف رقم ‪ ( 12/ 266‬غير منشور)‬
‫قانون خاص على خالف ذلك‪ ،...‬وحيث إن قانون االلتزامات والعقود قد حدد مفهوم الورقة‬
‫الرسمية في المادة ‪ 418‬منه باعتبارها ورقة يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية‬
‫التوثيق في مكان تحرير العقود وحيث أن المادة ‪ 4‬من م ح ع أوكلت للمحامي اسوة مع باقي‬
‫المخولين لهم حق التوثيق صالحية تحرير العقود كيف ما كان نوعها وتهدف إلى نقل الملكية أو‬
‫إنشاء حقوق عينية‪ ،‬حيث أن المادة ‪ 418‬من ق ل ع حددت مفهوم وطبيعة الورقة الرسمية في‬
‫الورقة المحررة ممن وكل لهم المشرع صالحية التوثيق ‪ ،‬حيث أن ما اسماه المشرع في المادة‬
‫الرابعة المذكورة أعاله عند قوله‪ ... ":‬أو محرر ثابت التاريخ محرر من طرف محامي"‬

‫وفق الشكليات المحددة في المادة أعاله فإنه لم ينزع عنه الصفة الرسمية من حيث قوتها‬
‫وحجيتها خاصة وأنه ثم التعريف بإمضاء المحامي محرر العقد من لدن رئيس كتابة الضبط‬
‫بالمحكمة االبتدائية التي يمارس بدائرتها فضال من ذلك فإن الرسمية هي ثابتة للمحرر المنجز لكل‬
‫ممن أوكل لهم صالحية توثيق العقود وإبرامها‪ ،‬وحيث أنه وتأسيسا على التعليالت أعاله يبقى عقد‬
‫الهبة المنجز من طرف األستاذ (‪ )...‬بتاريخ ‪ 31 /07/ 2012‬والتي جاءت نظامية ووفق الشكليات‬
‫المقررة على المادة ‪ 4‬من م ح ع عقدا ومحررا رسميا‪ ،‬وأن ما جنح إليه المدعى عليه في رفضه‬
‫تقييد عقد الهبة في سجالت المحافظة العقارية بأكادير غير مبني على أساس قانوني وتبقى بالتالي‬
‫دعوى المدعي مؤسسة تأسيسا صحيحا وقانوني ويتعين االستجابة له في جميع منطوقها‪".‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المحرر الثابت التاريخ هو محرر عرفي‬

‫يرى هذا االتجاه بأن المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام‬
‫محكمة النقض ال يخرج عن نطاق المحررات العرفية‪ ،‬بعلة أن الرسمية تستلزم صفة موظف‬
‫عمومي مؤهل قانونا لتحرير مثل هذه العقود والمحامي ال يتوفر على هذه الصفة‪.‬‬

‫ونفس االتجاه صار عليه احد الباحثات التي عبرت قائلة‪ :‬ان الصيغة العرفية تضل لصيقة‬
‫بالعقود المحررة من قبل المحامى مادام المشرع في الظهير المنظم للمهنة القديم ( يقصد مهنة‬
‫المحاماة) سماها عرفية وأن القانون الجديد سكت عن إضفاء الرسمية عن هذه والعقود وهو‬
‫الموقف الراجح في نظره ألن كتابة العقد بالنسبة للمحامي في اطار القوانين الخاصة مرهون‬
‫بتصحيح اإلمضاءات لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها‬
‫وهذه الصفة مرتبطة بالعقود العرفية ال الرسمية‪.‬‬
‫‪217‬‬
‫بان العلة التي تجعل المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي‬ ‫وتضيف نفس الباحثة‬
‫المقبول للترافع أمام محكمة النقض غير رسمي راجع لقانون المحاماة الذي لم يتولى تنظيم‬
‫الضوابط القانونية التي يجب مراعاتها عند تحرير العقود من طرف المحامي وعدم اإلشارات‬
‫للبيانات الضرورية كأسماء األطراف والشهود عكس ما نجده في التوثيق العدلي والعصري‪.‬‬
‫‪218‬‬
‫أن الدقة القانونية والسير مع‬ ‫وقريبا من هذا االتجاه يرى األستاذ عبد الكريم الطالب‬
‫المبادئ العامة تفرض التمييز بين المحرر الرسمي والعرفي وبالتالي فالمحرر الثابت التاريخ‬
‫الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض قصد به المشرع المغربي المحرر‬
‫العرفي لكن مع إضافة بعض الخصوصيات كضرورة كتابة العقد من قبل المحامي وتوقيعه‬
‫والتأشير عل جميع صفحاته ثم التعريف بإمضائه لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة االبتدائية التي‬
‫يمارس المحامي بدائرتها‪.‬‬

‫وفي هذا التوجه سارت محكمة االستئناف بأكادير في أحد قرارتها‪ 219‬التي جاء فيها " وحيث‬
‫بذلك وأعمال منطق المقارنة القانونية على العقد المدلى به من طرف المستأنف عليهم‪ ،‬فإن خلو‬
‫عقد الهبة موضوع الدعوى المنجز من قبل المحامي من هذه األوصاف والشروط يجعله محررا‬
‫عرفيا ثابت التاريخ بحسب تعريف المادة ‪ 4‬من م ح ع ويسري عليه ما يسري على األوراق‬
‫العرفية ا لتي أورد النص عليها في ق ل ع من حيث الطبيعة والحجية والقابلية للطعن بالزور‬
‫الفرعي‪ ،‬ويكون بذلك ما تمسك به المستأنف عليهم لتسجيل عقد الهبة في الرسم العقاري إستنادا‬
‫على المادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية في غير محله ومخالف للقانون الواجب التطبيق على‬
‫النازلة والمستخلص من المادة ‪ 274‬من م ح ع والتي توجب تحرير عقد الهبة في محرر رسمي‬
‫‪220‬‬
‫ال غير‪"...‬‬

‫‪217‬‬
‫‪ -‬سهام الفرح‪ ،‬م س ص ‪.52‬‬
‫‪218‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ .‬توثيق اإليجار المفضي غلى تملك العقار‪ ،‬ندوة توثيق التصرفات العقارية‪ ،‬منشورات كلية الحقوق‪ ،‬مركز الدراسات القانونية‬
‫المدنية والعقارية‪ ،‬مراكش‪ .‬ط ‪ 2005 2‬ص ‪.155‬‬
‫‪219‬‬
‫‪ -‬قرار رقم ‪ 170/12‬صادر عن الغرفة العقارية بمحكمة االستئناف بأكادير بتاريخ ‪ 12/11/2013‬قرار غير منشور‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫هدا القرار هو نقض للحكم الصادر عن المحكمة االبتدائية الكادير وقد اشرنا اليه سابقا عند الحديث عن االتجاه المتشبت برسمية المحرر التابت‬
‫التاريخ المحرر من قبل المحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬المحرر الثابت التاريخ بين الرسمية والعرفية‬

‫هذا االتجاه يتزعمه األستاذ محمد الشيلح ‪221‬الذي عرف موقفه تذبذبا بين اعتبار المحرر‬
‫الثابت التاريخ محررا رسميا أو محررا عرفيا‪ ،‬فقد عبر بأن المحرر الثابت التاريخ هو محرر‬
‫عرفي إذا ثم االستناد على مرجعية المنطق القانوني والمبادئ العامة‪ ،‬وهو محرر رسمي إذا ثم‬
‫االستناد على مرجعية المصلحة سواء بالنسبة لألطراف المتعاقدة أو المهني المحرر للعقد وذلك‬
‫العتبار وجيه وهو تدخل الدولة في تحديد الجهات المكلفة بتحريرها‪.‬‬
‫‪222‬‬
‫الذي اعتبر المحرر الثابت التاريخ‬ ‫ونفس التذبذب نالحظه في موقف احد الباحثين‬
‫الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض هو محرر عرفي لكن بإجراءات وشكلية‬
‫خاصة‪ ،‬باعتبار أن له قوة ثبوتية تقترب من القوة الثبوتية للعقد الرسمي‪ ،‬بحجية أن إنكار خط اليد‬
‫ال ينفع هنا مادام العقد محررا من طرف محامي‪ ،‬وإنكار التوقيع كذلك ال طائل منه مادامت‬
‫اإلمضاءات مصادق على صحتها ‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة ‪ :‬المحرر الثابت التاريخ محرر من نوع خاص‬


‫‪223‬‬
‫الذي عبر عن موقفه من طبيعة‬ ‫هذا التوجه سلكه أحد أساتذتنا وهو األستاذ حسن اسكتي‬
‫المحرر ثابت التاريخ‪ ،‬واعتبر أنه ال يدخل في زمرة المحررات الرسمية ألن المحامي ليس بموثق‬
‫وال بعدل‪ ،‬وفي اآلن نفسه أخرجه من دائرة المحررات العرفية باعتبار أن هذه األخيرة انقرضت‬
‫في مجال العقارات‪ ،‬وبين هذا الرأي وداك صرح قائال بان المحرر الثابت التاريخ الصادر عن‬
‫المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض في المعامالت العقارية هو محرر وسط ما بين‬
‫المحرر العرفي و المحرر الرسمي فهو إذن ذو طبيعة خاصة‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫محمد الشيلح ‪ :‬قراءة ميتودولوجية للكراء المفضي الى تملك الربع المبني في ضوء القانون رقم ‪ 51.00‬المتعلق بااليجار المفضي الى تملك العقار ‪،‬‬
‫منشور بمجلة االمالك العدد االول سنة ‪ 2006‬ص ‪44‬‬
‫‪222‬‬
‫‪ -‬سفيان دريوش ‪ .‬األمن القانوني في المجال العقار ي أشغال الندوة الوطنية المنظمة يومي ‪ 26-25‬نونبر ‪ 2016‬بعنوان العقار والتعمير واالستثمار‪،‬‬
‫تكريما لألستاذ بلحساني الحسين الجزء االول مطبعة المعارف الجديدة الرباط ‪ 2017‬ص ‪.205-204‬‬
‫‪223‬‬
‫‪ -‬مداخلة ألستاذنا حسن اسكتي تحت عنوان‬
‫‪L’acte d’avocat l’emergence d’une nouvelle catégorie d’actes juridues dans le domaine immobilier‬‬
‫ضمن فعاليات الدورة الثانية أليام القانون المقارن المغربي البرتغالي ‪ ،‬حول موضوع النشاط التوثيقي في المغرب والبرتغال المنظم من قبل كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية – إبن زهر أكادير بتعون مع معهد مانويل تكسيرة بيورتيما والبرتغالية بقاعة الندوات بتاريخ الخميس ‪ 29‬ماي‬
‫‪.2014‬‬
‫‪224‬‬
‫الذي اعتبر أن محرر المحامي ليس‬ ‫ونفس التوجه تقريبا سار عليه بعض الفقه الفرنسي‬
‫بمحرر رسمي ألنه غير خاضع لرقابة السلطة العامة وليس بمحرر عرفي ألنه غير خاضع‬
‫لسلطان إلرادة األطراف في تحريره‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة ‪ :‬الموقف الشخصي من اآلراء الفقهية والقضائية حول المحرر‬


‫الثابت التاريخ ( الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض)‬

‫إن المحرر الثابت التاريخ في منظورنا الشخصي ليس بمحرر رسمي وال بمحرر من نوع‬
‫خاص ‪ ،‬ويمكن القول أننا نؤيد التوجه القائل بأن المحرر الثابت التاريخ سواء المحرر من قبل‬
‫المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض او المحرر من قبل االطراف هو محرر عرفي‪.‬‬

‫وحجتنا في أن المحرر ثابت التاريخ ليس بمحرر رسمي تستند على مدلول الورقة الرسمية‬
‫وفق منظور الفصل ‪ 418‬من ق ل بحيث يشترط فيها وفق هذا الفصل مجموعة من الشروط والتي‬
‫ال نجدها لدى المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض وهي كالتالي‪:‬‬

‫الورقة الرسمية تصدر عن موظف عمومي والمحامي ليس بموظف عمومي ولم‬ ‫‪-‬‬
‫تفوض له الدولة صراحة مهمة تحرير المحررات الرسمية كالعدول والموثقين‪.‬‬
‫أن يكون الموظف العمومي مختصا في تحرير الوثيقة الرسمية‪ ،‬وبالرجوع للقانون‬ ‫‪-‬‬
‫المتعلق بمهنة المحاماة‪ ،‬يتضح أن المشرع لم يخول للمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض‬
‫صالحية إضفاء الرسمية على العقود‪ ،‬بل نجده سكت عن األمر لذلك ال يمكن التوسع في ظل هذه‬
‫المقتضيات في تفسير النص ألن األصل هو أن المحامي كيف ما كانت صفته ليست له صالحية‬
‫تحرير المحررات الرسمية‪.‬‬
‫أن تحرر الوثيقة وفق الشكل المحدد قانونا وإذا ما عدنا لقانون المحاماة سيتضح بأن‬ ‫‪-‬‬
‫هذا األخير لم ينظم كيفية ثوتيق المحررات من قبل المحامي كما هو الحال في إطار القانون‬

‫‪224‬‬
‫‪-intervention de patrik michaud. « nantes 21 octobre 2011. La nature juridique de l’acte d’avocat. Convention‬‬
‫‪de nantes octobre 2011.‬‬
‫‪ 16.03‬و ‪ 32.09‬وهذا ما يجعلنا نقول بأن تحرير العقود ليس إال من المهام العارضة للمحامي‪،‬‬
‫ألن مهامه األصلية تكمن في تمثيل موكليه ومؤازرتهم لدى المحاكم في مختلف الجهات اإلدارية‪.‬‬

‫إضافة إلى كل هذه االعتبارات فالمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض لم يتم تنظيم‬
‫مسؤوليته إزاء المحررات الثابتة التاريخ التي يحررها بمقتضى النصوص الخاصة كما هو الحال‬
‫بالنسبة للعدول والموثقين‪.‬‬

‫وفي منظورنا الشخصي فالمسؤولية هي أهم مبرر في عدم اضفاء الحجة الرسمية على‬
‫المحرر الثابت التاريخ (خصوصا عند الحديث عن المحرر الثابت التاريخ الصادر عن المحامي‬
‫المقبول للترافع امام محكمة النقض) وبالتالي يمكن الجزم بأن المحرر الثابت المحرر من قبل‬
‫المحامي المقبول أمام محكمة النقض ليس بمحرر رسمي‪.‬‬

‫اما انصار الرأي الدين صرحوا بان المحرر الثابت التاريخ هو محرر من نوع خاص ‪،‬ورغم‬
‫وجاهة رأيهم إال اننا ال نتفق معهم ‪ ،‬الن الدقة القانونية تقتضي اعتماد تقسيم تنائي للعقود المكتوبة‬
‫ــــ عقود رسمية او عرفية ـــ‪. 225‬‬

‫وبالتالي يمكن القول ان المحرر الثابت التاريخ المنصوص عليه سواء في قانون االلتزامات‬
‫والعقود او النصوص الخاصة ال يعتبر ال محرر رسمي وال من نوع خاص بل هو محرر عرفي ‪.‬‬

‫وباستقرائنا للفصل ‪ 425‬من قانون االلتزامات والعقود وكدالك النصوص الخاصة المشار‬
‫اليها يمكن القول ان المحرر الثابت التاريخ ينقسم الى قسمين ‪:‬‬

‫النوع االول ‪ :‬محرر عرفي تابت التاريخ مع الزامية تحريره لزوما من قبل جهة خاصة‬
‫كالمحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض‬

‫النوع الثاني ‪ :‬محرر عرفي تابت التاريخ خاضع لسلطان ارادة االطراف ‪ ،‬بمعنى انه يمكن‬
‫تحريره مباشرة من قبل االطراف طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 3‬من القانون ‪ 12،49‬والمادة ‪ 8‬من‬
‫القانون ‪ 67.12‬او اخضاعه للفصل ‪ 425‬من ق ل ع ‪.‬‬

‫‪225 225‬‬
‫‪ -‬عبد الحق صافي ‪ ،‬بيع العقار في طور اإلنجاز وتحليل نصوص القانون ‪ 44.00‬الطبعة األولى مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص ‪.129‬‬
‫ونظيف إلى أن الغاية الحقيقة التي دفعت المشرع المغربي في إطار القوانين الخاصة المشار‬
‫التنصيص على مصطلح المحرر الثابت التاريخ هو الرغبة في حماية‬ ‫إليها آنفا على‬
‫المعامالت والغير(الدائنين) وهذا توجه محمود من المشرع يسعى من خالله إلى استقرار‬
‫المعامالت العقارية بالخصوص وحماية المراكز القانونية في قالب شكلي آخر وهو المحرر الثابت‬
‫التاريخ في أفق تعميم الرسمية على جميع المعامالت العقارية بصفة خاصة والمالية بصفة عامة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬حدود المحرر الثابت التاريخ‬


‫بالرجوع للمادة ‪ 4‬من مدونة الحقوق العينية‪ ،‬يتضح أنها منحت الخيار لألطراف في ثوثيق‬
‫التصرفات العقارية اما في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ إال أنه باستقرائنا لبعض‬
‫النصوص الخاصة يتضح بشكل جلي أن المحررات الثابتة التاريخ تستثنى من العديد من‬
‫التصرفات منها ‪ :‬عقد الهبة ( الفقرة األولى) وعقد المغارسة ( الفقرة الثانية) وعقد العمرى ( الفقرة‬
‫الثالثة) والرهن الحيازي ( الفقرة الرابعة)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عقد الهبة أو ثوتيق عقد الهبة‬


‫عرف المشرع المغربي الهبة في المادة ‪ 273‬من م ح ع بقوله ‪ :‬تمليك عقار أو حق عيني‬
‫عقاري لوجه الموهوب له في حياة الواهب بدون عوض‪.‬‬

‫وقد جاء في إطار المادة ‪ 274‬من مدونة الحقوق العينية أن الهبة تنعقد باإليجاب والقبول‪،‬‬
‫ويجب تحت طائلة البطالن أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي‪.‬‬

‫وبالتالي يتضح ان المحرر الصادر عن المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض أو باقي‬
‫المهنيين الذي سيصدر نص تنظيمي بشأنهم‪ ،‬في ما يتعلق بالهبة هو باطل‪ ،‬ألن محرر المحامي‬
‫المقبول للترافع أمام محكمة النقض وال باقي المهنيين ليس بمحرر رسمي‪.‬‬
‫وحجتنا في ذلك أنه بموجب التعديل األخير و الذي جاءت به المادة ‪ 12‬من قانون الملكية‬
‫المشتركة للعقارات المبنية بمقتضى القانون ‪ 106.12‬في آخر هذه المادة‬

‫أنه تطبق مقتضيات هذه المادة مع مراعاة المقتضيات التي تنص على إلزامية تحرير بعض‬
‫العقود في شكل رسمي‪ .‬وهذا في نظرنا دليل ضمني أن المشرع يميز بين المحرر الر سمي الذي‬
‫يقصد به المحرر الذي يحرره العدول والموثقين والمحرر الثابت التاريخ الذي يحرره المحامون‬
‫المقبولون للترافع أمام محكمة النقض وباقي المهنيين‪.‬‬

‫وكأن المشرع يقول بلسان حاله بأنه متى تعلق األمر بهبة تتعلق بالملكية المشتركة فيجب‬
‫استثناءا الخيار الموجود في المادة ‪ 12‬المتعلق بإمكانية تحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل‬
‫الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها في محرر رسمي أو‬
‫محرر ثابت التاريخ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عقد المغارسة‬


‫عقد المغارسة يقضي أن يتفق مالك األرض مع شخص على أن يتولى هذا األخير غرس تلك‬
‫األرض بأشجار معينة مثل الزيتون والنخل والكرم وغيرها‪ ،‬ويلزم بان يتعهدها وعندما تنبث تلك‬
‫األشجار أو تطعم تلك األشجار خالل المدة المعنية فال شيء له على صاحب األرض‪. 226‬‬

‫وقد عرفها المشرع المغربي بموجب المادة ‪ 265‬من م ح ع على أنه‪ :‬عقد يعطي بموجبه‬
‫مالك أرضه آلخر ليغرس فيها على نفقته شجرا مقابل حصة معلومة من األرض والشجر يستحقها‬
‫الغارس عند بلوغ الشجر حد اإلطعام‪.‬‬

‫‪226‬‬
‫‪ -‬محمد بن معجوز‪ :‬الحقوق العينية في الفقه االسالمي و التقنين المغربي ‪ ،‬طبعة ‪ 2015‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص ‪.329‬‬
‫وقد جاء في إطار المادة ‪ 268‬من نفس القانون بأنه" يجب أن يبرم عقد المغارسة في محرر‬
‫رسمي‪ ،‬ويشترط لصحته أن يعين نوع الشجر المراد غرسه ويبين حصة الغارس في األرض وفي‬
‫الشجر‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬ثوتيق عقد العمرى‬


‫عرفت المادة ‪ 105‬من م ح ع العمرى بأنها حق عيني قوامه تمليك منفعة عقار بغير عوض‬
‫يقرر طوال حياة المعطى له أو المعطي أو لمدة معلومة‬

‫وقد جاء في إطار المادة ‪ 106‬من نفس القانون بأن العمرى تنعقد باإليجاب والقبول ويجب‬
‫أن تحرر تحت طائلة البطالن في محرر رسمي‬

‫وبالتالي يتضح مجددا بان المحرر الثابت التاريخ ال مكان له في هذه العقود عكس المحرر‬
‫الرسمي‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬توثيق الرهن الحيازي‬


‫الرهن الحيازي حسب مقتضيات المادة ‪ 145‬من م ح ع ‪ :‬هو حق عيني يتقرر على ملك‬
‫يعطيه المدين أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين ويخول الدائن المرتهن حق‬
‫حيازة المرهون وحق حبسه إلى أن يستوفي دينه‪.‬‬

‫ومن بين الشروط األساسية لصحة الرهن الحيازي تحريره في محرر رسمي تطبيقا‬
‫لمقتضيات المادة ‪ 147‬من مدونة الحقوق العينية‪.‬‬
‫الكتاب الثاني ‪ :‬اثار االخالل بأحد أسس صحة المحرر‬
‫الرسمي للموث ق العصري‪.‬‬
‫يترتب عن االخالل بأحد الدعامات التي استوجبها المشرع لقيام المحرر الرسمي للموثق‬
‫على أكمل وجه عدة اثار تتنوع بتنوع مظهر ذلك االخالل‪ .‬وترتيبا على ذلك فان األمر يؤدي‬
‫الى بطالن المحرر وفقدان حجيته أو انتقاصها على األقل (الباب األول) خصوصا اذا علمنا أن‬
‫المحرر الرسمي ال يطعن فيه اال بالزور (الباب الثاني) وترتيب المسؤولية على ذلك (الباب‬
‫الثالث)‪.‬‬

‫الباب األول ‪ :‬بطالن محررات الموثقين‬


‫لالحاطة بمكامن الجزء المتعلق بطالن محررات الموثقين تطلب األمر معالجة البطالن‬
‫الصريح الوارد في القانون رقم ‪ 32.09‬في (الفصل األول) على أن يتم معالجة الشق المتعلق‬
‫بالبطالن الضمي الوارد في القانون ‪( 32.09‬بالفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬البطالن الصريح الوارد في القانون رقم ‪32.09‬‬


‫‪227‬‬
‫عدة مقتضيات تنص على بطالن‬ ‫أورد المشرع من خالل القانون رقم ‪32.09‬‬
‫المحررات الرسمية التي يحررها الموثق العصري‪ ،‬هذا األخير‪( ،‬البطالن)‪ ،‬الذي قد يأتي على‬
‫هيئة بطالن موضوعي أو شكلي‪ ،‬وهو ما سنتناوله من خالل دراسة المادة ‪ 49‬من القانون رقم‬
‫‪( 32.09‬المبحث األول)‪ ،‬وفي حين سنتناول في شق ثان البطالن الصريح المنصوص عليه في‬
‫المادة ‪ 43‬من نفس القانون في (المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬البطالن الشكلي والموضوعي من خالل المادة ‪49‬‬


‫يظهر أن المشرع اشترط ان تتضمن العقود التوثيقية العصرية عدة إجراءات شكلية وأخرى‬
‫موضوعية‪ ،‬لتفادي أي لبس أو غموض قد ينال من حجيتها أو يعرضها بذلك للطعن‪ ،‬والبطالن‪،‬‬
‫هو ما يؤكد نية المشرع في تحقيق نوع من التوازن التعاقدي‪ ،‬بين الموثق واألطراف‪ ،‬وتبعا‬
‫‪227‬‬
‫‪ -‬الظهير الشريف رقم ‪ 1.11.179‬الصادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 1432‬تنفيذ القانون رقم ‪ 32.09‬المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق‪ ،‬نشر بالجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ ،2011/11/24‬ص‪.6511 :‬‬
‫لذلك‪ ،‬فإننا سنحاول من خالل هذا المبحث اإللمام بالبطالن الموضوعي من خالل (المطلب‬
‫األول) في حين سنخصص (المطلب الثاني) للحديث عن البطالن الشكلي‪ ،‬والكل من خالل المادة‬
‫‪ 49‬من القانون رقم ‪.32.09‬‬

‫المطلب األول‪ :‬البطالن الموضوعي‬


‫تضمنت المادة ‪ 49‬عدة مقتضيات تخص البطالن الموضوعي عبر إشارتها إلى بعض‬
‫المواد المصاحبة للبطالن‪ ،‬بحيث نصت على أنه "يكون باطال كل عقد تم تلقيه‪ ،‬وفقا للشكل‬
‫الرسمي‪ ،‬وأنجز خالفا ألحكام المواد ‪ 30‬و ‪ 31‬و ‪ 32‬و ‪ 37‬و ‪ 39‬و ‪ 40‬من هذا القانون "في‬
‫حين نصت نفس المادة في فقرتها الثانية أنه "تسري نفس المقتضيات‪ ،‬إذا تلقى موثق عقدا خارج‬
‫مكتبه‪ ،‬خالفا لمقتضيات المادة ‪ ،12‬أو إذا تلقاه موثق موقف أو معزول"‪،‬وعليه فإننا سنحاول‬
‫الوقوف عند بعض المواد التي تشكل جانب البطالن الموضوعي‪ ،‬استنباطا من المادة ‪،49‬‬
‫ونخص باألمر المادة ‪ 30‬و ‪ 31‬والمادة ‪ ،75‬المتعلقة بأهلية الموثق (الفقرة األولى)‪ ،‬في حين‬
‫سنخصص (الفقرة الثانية) لدراسة المادة ‪ 12‬المتعلقة باالختصاص المكاني للموثق‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬عدم أهلية الموثق‬


‫ينبغي لكي يكتسي المحرر صفة الرسمية‪ ،‬أن يكون الموثق الذي حرره‪ ،‬أهال واألهلية ال‬
‫يقصد بها تلك التي مناطها اإلدراك والتمييز‪ ،‬بل إن األمر ينصرف إلى جملة من الموانع القانونية‬
‫‪228‬‬
‫إذا ما تحقق أحدها جعل الموثق غير أهل لتحرير االتفاق‪.‬‬

‫وال يكون الموثق أهال لمزاولة مهامه‪ ،‬إال بعد تعيينه‪ ،‬ويتم ذلك بواسطة قرار لرئيس‬
‫الحكومة باقتراح من وزير العدل‪ ،229،‬وعليه فإنه يجب أن يكون الموثق‪ ،‬وهو يحرر العقد‪ ،‬أهال‬
‫لمزاولة التوثيق‪ ،‬فإذا تم اتخاد قرار بالتوثيق في حقه‪ ،‬وبلغ به‪ ،‬عليه ان يتخلى عن مزاولة أي‬

‫‪228‬‬
‫‪-‬محمد الربيعي‪ :‬األحكام الخاصة بالموثقين والمحررات الصادرة عنهم‪ ،‬الطبعة الثانية مكتبة المعرفة‪ ،‬مراكش‪ 2015 ،‬ص ‪.45‬‬
‫‪229‬‬
‫‪-‬تنص المادة ‪ 10‬من القانون رقم ‪ 32.09‬على ما يلي‪ :‬يعين الموثق‪ ،‬ويحدد مقر عمله بقرار لرئيس الحكومة باقتراح من وزير العدل‪ ،‬بعد إبداء‬
‫اللجنة المنصوص عليها في المادة ‪ 11‬لرأيها‪،‬‬
‫عمل‪ ،‬من أعمال المهنة‪ ،‬وإذا صدر في حقه قرار بالعزل وجب عليه االمتناع عن ممارسة‬
‫‪230‬‬
‫التوثيق‪ ،‬وعدم وصف نفسه بصفة موثق عند تبليغه بهذا القرار‪.‬‬

‫وفي حالة مخالفته لهذه المقتضيات فإن المحرر الذي يتم بواسطته يكون باطال كمحرر‬
‫رسمي مالم يضمن جميع توقيعات األطراف‪ ،‬حيث تبقى له قيمة المحرر العرفي‪ ،‬وهذا مانصت‬
‫عليه المادة ‪ 49‬من القانون رقم ‪ ، 32.09‬أما إذا تم في الفترة الفاصلة بين صدور القرار وتبليغه‬
‫إليه‪ ،‬فال يكون لذلك أي أثر المحرر‪ ،‬حيث يبقى صحيحا شريطة توافر حسن النية لدى االطراف‬
‫اي ال يكونوا عالمين بالقرار المتخد في حق الموثق والسالب لألهلية‪ .231‬أي أنه ال يترتب عن‬
‫المحرر البطالن شريطة قيام حسن النية لدى األطراف‪.‬‬

‫وتبعا لما سلف ذكره نجد أن المادة ‪ 49‬نصت في فقرتها الثانية على البطالن المنصوص‬
‫عليه في الفقرة األولى من نفس المادة يسري على العقد الذي تلقاه الموثق الموقف والمعزول‪ ،‬أي‬
‫الذي فقد أهليته لممارسة ذلك‪ ،‬وفي هذا الصدد نجد المادة ‪ 73‬في فقرتها األولى قد أشارت إلى‬
‫السبب في التوقيف للموثق وعزله عندما نصت على انه" يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل‬
‫موثق خالف النصوص القانونية المنظمة للمهنة‪ ،‬أو أخل بواجباته المهنية‪ ،‬أو ارتكب أعماال تمس‬
‫بشرف المهنة أو اإلستقاللية أو التجرد او األخالق الحميدة أو اعراف وتقاليد المهنة" وبعدها نجد‬
‫ان المادة ‪ 232 75‬عرفت بالعقوبات التأديبية والتي يدخل ضمن نطاقها اإليقاف والعزل وتبعا لذلك‬
‫يمكن إدراج ضمن مخالفة النصوص القانونية المنظمة للمهنة أو اإلخالل بالواجبات المهنية‪ ،‬أو‬
‫المس بشرف المهنة واإلستقامة والتجرد واألخالق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة كل من حاالت‬
‫التنافي المنصوص عليها في المادة ‪ 4‬من هذا القانون وكذا مخالفة احتفاضه ( الموثق) بالمبالغ‬
‫المالية المودعة لديه او هتكها كما نصت على ذلك المادة ‪ 33‬او تقاضيه اكثر من أتعابه وغير ذلك‬
‫فإنها كلها تعرض الموثق إلى إمكانية توقيفه أو عزله وبالتالي يترتب عن تحريره للعقود بعد ذلك‬
‫بطالنها‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫‪ --‬المادة ‪ 85‬من القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق‪.‬‬
‫‪231‬‬
‫‪ -‬سليمات مرقس‪ ،‬الوافي في شرح القانون المدني‪ ،‬أصول اإلثبات وإجراءاته في المواد المدنية‪ ،‬المجلد األولن الطبعة الخامسة دار النشر للطباعات‬
‫المصرية القاهرة‪ ،‬صفحة‬
‫‪232‬‬
‫‪ -‬تنص اللمادة ‪ 75‬من القانون رقم ‪ 32.09‬أن العقوبات التأديبية هي ‪:‬‬
‫‪ -‬اإلندار‬
‫التوبيخ‬
‫اإليقاف‬
‫العزل‬
‫ومن االسباب التي تسلب الموثق أهليته كذلك‪ ،‬ما نصت عليه المادة ‪ 30‬من القانون رقم‬
‫‪ 32.09‬حيث منعت على الموثق تلقي العقود في حالتين‪:‬‬

‫إذا كان للموثق أو لزوجه أو ألصوله أو لفروعه مصلحة شخصية مباشرة أو غير‬ ‫‪‬‬
‫مباشرة في العقد‪.‬‬
‫إذا كانت هناك قرابة أو مصاهرة بين الموثق لو بين زوجه أو ألصوله أو لفروعه مع‬ ‫‪‬‬
‫أحد األطراف إلى الدرجة الرابعة‪ .‬بإدخال الغاية وفي هذا الصدد نجد محكمة النقض الفرنسية في‬
‫قرارها الصادر بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪ 1978‬قضت بعدم أهلية الموثق للقيام برهن لمصلحة شركة لكون‬
‫‪233‬‬
‫أحد شركائها من أقاربه‬
‫كما منعت المادة ‪ 31‬من نفس القانون على الموثقين المشاركين اللذين يزاولون عمهم في‬
‫نفس المكتب أن يتلقوا العقود التي يكون أحدهم او زوجه أو أحد اقاربهم او أصهارهم إلى الدرجة‬
‫الرابعة بإدخال الغاية طرفا فيها‪ .‬وعليه في حالة مخالفة الموثق للمقتضيات الواردة في المادتين ‪30‬‬
‫و ‪ 31‬المذكورتين‪ ،‬فإن العقد الذي حرره يعد باطال في حدود رسميته‪ ،‬لتبقى له حجة المحرر‬
‫العرفي بتضمين االطراف توقيعاتهم به‪ .‬كما أضافت المادة ‪ 32‬أنه ال يجوز أن يكون شاهدا في‬
‫العقود التي يتلقاها الموثق زوجه أو أقاربه أو زوج أو أقارب أطراف العقود إلى الدرجة المذكورة‬
‫في المادة ‪ 30‬وكذا المتمرنون بمكتبه وأجراؤه‪ ،‬ومن باب أولى ال يجوز للموثق أن يكون طرفا في‬
‫العقد الذي يتلقاه سواء نفسه أو بواسطة وكيل ففي تلك األحوال فإن الموثق يفقد أهليته للتوثيق وذلك‬
‫دفعا لفطنة المحاباة والتأثير وتحقيقا لمبادئ النزاهة والتجرد ويكون كل عقد تم تلقيه وفقا للشكل‬
‫‪234‬‬
‫الرسمي باطال‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عدم احترام اإلختصاص المكاني للموثق‬


‫يختص الموثق العصري بتلقي اإلشهادات وإضفاء الرسمية على عقود األطراف وتعامالتهم‬
‫في نطاق مكاني محدد بحكم القانون‪ ،‬وال يحق له مجاوزته‪ ،‬بحيث يزاول مهامه في حدود‬
‫إختصاصه وبالرجوع إلى الفقرة الثانية من الفصل السادس من ظهير التوثيق العصري ‪ 4‬ماي‬

‫‪233‬‬
‫‪ -‬قرار محكمة النقض الفرنسية رقم ‪ 137‬الصادر بتاريخ ‪ 3‬ماي ‪ 1978‬بالغرفة المدنية االولى‪ ،‬أشار إليه محمد ربيعي مرجع سابق ص ‪.45‬‬
‫‪234‬‬
‫اللقاء الوطني األول بين محكمة النقض والغرفة الوطنية للثوتيق على ضوء القانون رقم ‪ 32.09‬والعمل القضائي التي احتضنتها مدينة مراكش يومي‬
‫‪ 2‬و ‪ 3‬نونبر ‪ - 2017‬بوشعيب البوعمري‪ :‬مذاخلة في موضوع البطالن في الممارسة التوثيقية‬
‫‪ 1925‬الملغى نجد أنه أعطى للدولة مطلق الصالحية لتعيين مقر الممارسة والعمل بالنسبة للموثق‬
‫العصري ويتجلى ذلك بوضوح عند تصريحها" يعين أيضا محل إقامتهم بظهير شريف " ويتبين‬
‫من سياق هذا الفصل أن الموثق العصري يضطلع بمهامه إما في دائرة محكمة اإلستئناف أو في‬
‫نطاق نفوذ المحكمة اإلبتدائية حسب المحكمة المتواجد فيها مقر عمله‪ ،‬غير أنه قد تنبه واضعوا‬
‫القانون رقم ‪ 32.09‬للقصور الذي يمس جانب اإلختصاص المكاني للموثق‪ ،‬فتولت المادة ‪ 12‬حسم‬
‫‪235‬‬
‫بالقول " يمارس الموثق مهامه بمجموع التراب‬ ‫المسألة في إتجاه إقرار مبدأ إستئنافية اإلشهاد‬
‫الوطنيي غير أنه يمنع عليه تلقي العقود وتوقيع األطراف خارجا عن مكتبه واستثناءا يمكن‬
‫للموثق تلقي تصريحات أطراف العقد والتوقيع على العقود خارج مقر مكتبه‪ ،‬وذلك بإذن من رئيس‬
‫المجلس الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين بدائرتها" واستناذا لذلك فإن‬
‫العقود التي يتلقاها الموثق وكذا توقيعات األطراف خارج مقر مكتبه‪ ،‬دون إذن من رئيس المجلس‬
‫الجهوي وإخبار الوكيل العام للملك لدى المحكمة المعين بدائرتها يعرض هذا العقد أو المحرر‬
‫للبطالن وهذا استنادا لما جاء في مستهل الفقرة الثانية من الفصل ‪ 49‬والذي تدلي بأنه تسري نفس‬
‫مقتضيات البطالن المنصوص عليه في القفقرة األولى من المادة ‪ 49‬نفسها في حالة تلقي موثق‬
‫عقدا خارج مكتبه خالفا للمادة ‪ 12‬ومقتضياتها وعليه فإنه إذا خالف الموثق هذه المقتضيات ولم‬
‫يحترم اختصاصه المكاني المحدد له‪ ،‬وتلقى إتفاقات وتوقيعات لألطراف خارج مكتبه فإن العقد‬
‫الذي تلقاه سيكون باطال كعقد رسمي وال تبقى له إال قيمة العقد العرفي‪ ،‬إذا تضمن فعال توقيعات‬
‫جميع األطراف‪.236‬‬
‫غير أنه يبقى السؤال المطروح ما مصير العقد عند مخالفة الموثق للفقرة الثانية من المادة‬
‫‪ 37‬التي توجب على الموثق اسداء النصح لألطراف علما بأن المادة ‪ 49‬أحالت على إمكانية‬
‫بطالن المحرر الرسمي للموثق في حالة مخالفة مقتضيات المادة ‪ ،37‬والتي يوجد بها إلى جانب‬
‫التؤكد من هوية االطراف إسداء النصح؟‬
‫لإلجابة على هذا السؤال فإنه البد من الرجوع إلى أن النصح يعتبر من النظام العام حيث ال‬
‫يجوز مخالفته والمالحظ على أن بعض الموثقين المغاربة يحاولون بدورهم التحلل من واجب‬

‫‪235‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد بوكيرـ الثوثيق العصري المغربي دراسة في مشروع قانون رقم ‪ 32.09‬وباقي القوانين ذات الصلةن الطبعة الثانية ‪ 1430‬ه الموافق‬
‫‪ 2010‬طبعة مزيدة ومحينة ص ‪.84-86‬‬
‫‪236‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪48‬‬
‫إسداء النصح وذلك يجعل عقودهم تتضمن بنودا تعفيهم من ذلك غير مدركين أن مصيرها‬
‫البطالن‪.237‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬البطالن الشكلي‬


‫لكي يكون المحرر صحيحا وحتى ال يتعرض للبطالن يجب على الموثق أن يشير فيه إلى‬
‫مجموعة من األوضاع التي أوجب قانون رقم ‪ 32.09‬ذكرها وهذه األوضاع منها ما يتعلق‬
‫باألطراف ومنها ما يتعلق بالشهود‪ ،238‬إضافة إلى أنه منها ما يتعلق بالترجمان هاذين االخيرين‬
‫اللذان يمكن إدراجهما ضمن خانة األغيار‪ ،‬وعليه فإننا سنتناول من خالل هذا المطلب األوضاع‬
‫الخاصة باألطراف من خالل (الفقرة األولى) واألوضاع الخاصة باألغيار (الشهود والترجمان)‬
‫من خالل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬األوضاع الخاصة باألطراف‬


‫لما كان المتعاقدان يشكالن طرفي العالقة التعاقدية فمن الضروري التعريف بهويتهما تعريفا‬
‫دقيقا‪ ،‬رفعا ألي التباس او تشابه في األسماء ولهذا نجد المشرع يلزم الموثق بذكر األسماء الكاملة‬
‫لألطراف بما فيها إسم األب واالم وموطنهم وتاريخ ومكان إزديادهم وجنسيتهم ومهنتهم ونوع‬
‫الوثيقة المعتمدة في إثبات هويتهم ومراجعها والنظام المالي للزواج بالنسبة لألطراف عند‬
‫اإلقتضاء‪ .239‬وتجدر اإلشارة الى ان النص لم يشر إلى الحالة التي ال يملك فيها احد األطراف‬
‫وثيقة إلثبات هويته حيث ال ينبغي حرمانه من التعاقد ويجب ان يسمح له بإثبات هويته بإحضار‬
‫‪240‬‬
‫وإال‬ ‫شاهدين بالغين يملكان البطاقة الوطني ة ويعرفان التوقيع واال تكون لهما مصلحة في العقد‬
‫فإن إثبات الهوية يتم باإلدالء بالمستندات الرسمية والتلغرافية إذا إقتضى الحال كبطاقة التعريف‬
‫‪241‬‬
‫وتبعا لذلك فإن المادة ‪ 49‬قد أحالت على المادة‬ ‫الوطنية أو عقد اإلزدياد أو الوكالة او اإلراثة‬

‫‪237‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي م س ص ‪.55‬‬
‫‪238‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي مرجع سابق ص ‪69‬‬
‫‪239‬‬
‫‪ -‬الفقرة األولى من المادة ‪ 36‬من القانون رقم ‪32.09‬‬
‫‪240‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي م س ص ‪70‬‬
‫‪241‬‬
‫‪ -‬بوشعيب البوعمري م س‬
‫‪ 37‬بشأن بطالن المحرر الرسمي هذه األخيرة التي جاء بها يتحقق الموثق تحت مسؤوليته من‬
‫هوية االطراف كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم وأن يوضح لهم‬
‫األبعاد واآلثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها" وعليه فإنه يترتب عن مخالفة هذه‬
‫المقتضيات بطالن المحرر الرسمي‪ ،‬ألن ما تضمنته المادة ‪ 36‬من أسماء كاملة لألطراف بما فيها‬
‫األب واألم وباقي الموقعين على العقد‪ ،‬هي في حد ذاتها هوية لألطراف‪ ،‬ومن البيانات الجوهرية‪،‬‬
‫‪242‬‬
‫أما اذا ما تخلفت بيانات‬ ‫وهذا البطالن يمس رسمية العقد بحيث تبقى له قيمة العقد العرفي‪.‬‬
‫ثانوية فقط فان ال يطاله البطالن‪.‬‬
‫إضافة إلى شكلية التؤكد من هوية األطراف تحت طائلة البطالن للمحرر الرسمي‪ ،‬نجد إلى‬
‫جانبها الشكلية المتعلقة بلغة العاقدين‪ ،‬وبالرجوع للمادة ‪ 49‬من القانون ‪ 32.09‬نجدها أحالت إلى‬
‫أن مخالفة مقتضيات المادة ‪ 40‬يوجب البطالن‪ ،‬حيث جاء في هذه األخيرة من خالل فقرتها‬
‫الثانية" إذا كان أحد األطراف يجهل اللغة التي حرر بها العقد يشهد عليه الموثق بذلك ويجب عليه‬
‫في هذه الحالة تطبيق أحكام المادة ‪ ،" 38‬فقد يحدث أحيانا أن يكون أحد األطراف ال يعرف اللغة‬
‫التي حرر بها العقد‪ ،‬ولهذا فإن القانون ‪ 32.09‬قد اشار إلى هذه الحالة ووضع لها جملة من‬
‫‪243‬‬
‫حيث اشترطت المادة ‪ 38‬من القانون المذكور‬ ‫اإلجراءات لحماية مثل هؤالء األشخاص‪.‬‬
‫ضرورة اإلستعانة بترجمان مقبول لدى المحاكم‪ ،‬وفي حالة عدم وجود ترجمان يمكن للموثق‬
‫اإلستعانة بكل شخص يراه أهال بهذه المهمة‪ ،‬شريطة أن يحضى هذا االخير بموافقة المعني‬
‫بالترجمة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األوضاع الخاصة باألغيار( الشهود والترجمان)‬


‫بالعودة للمادة ‪ 49‬من القانون ‪ 32.09‬نجدها قد أشارت في فقرتها األولى إلى البطالن‬
‫المترتب عن مخالفة مقتضيات المادة ‪ ،39‬هذه األخيرة التي جاء فيها" يجب أن يكون الشاهد في‬
‫العقد راشدا أو تم تر شيده‪ ،‬ومتمتعا بحقوقه المدنية‪ ،‬ويمنع على الزوج أن يشهد في نفس العقد الذي‬
‫شهد فيه زوجه أو ولده" في حين نصت المادة ‪ 32‬هي األخرى‪ ،‬والتي أحالت عليها المادة ‪ 49‬على‬
‫أنه" ال يجوز أن يكون شاهدا في العقود التي يتلقاها الموثق‪ ،‬زوجه أو أقاربه او زوج أو أقارب‬

‫‪242‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي م س ص ‪.73‬‬
‫‪243‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي م س ص ‪.73‬‬
‫شريكه او زوج أو أقارب أطراف العقود إلى الدرجة المحظورة في المادة ‪ 30‬وكذا المتمرنون‬
‫بمكتبه وأجرائه"‬
‫وعليه فإنه تجدر اإلشارة إلى أن مخالفة المقتضيات الواردة في المادة ‪ 32‬و‪ 39‬من القانون‬
‫المذكور تجعل العقد باطال كمحرر رسمي‪ .‬وتبقى له قيمة العقد العرفي إذا كان يحمل توقيعات‬
‫االطراف‪ ،244‬وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 49‬من قانون ‪.32.09‬‬

‫أما بخصوص البيانات المتعلقة بالشهود‪ ،‬والواجب ذكرها في العقد‪ ،‬فهي أسماءهم‪،‬‬
‫‪245‬‬
‫وقد اشترط المشرع تحت‬ ‫ومحل إقامتهم‪ ،‬ومهنتهم والمعلومات الخاصة ببطاقتهم الوطنية‬
‫طائلة البطالن ان يشار في آخر العقد إلى االسم الكامل للشاهد مع توقيعه‪ .‬ويشير الفقيه‪ ،‬أحمد‬
‫نشأت في هذا الشأن إلى ان الهدف من وجود الشاهدين هو اإلشهاد على موافقة األطراف على ما‬
‫‪246‬‬
‫تضمنه المحرر من بيانات وشروطه‪.‬‬

‫اما فيما يخص األوضاع الخاصة بالترجمان والتي يجب تواجدها تحت طائلة البطالن‪ ،‬فإننا‬
‫نجد صداها في المادة ‪ 38‬من القانون ‪ 32.09‬التي احالت عليها المادة ‪ 49‬من فقرتها الرابعة‪،‬‬
‫والتي جاء بها (المادة ‪ )38‬بفقرتها الثانية "يشترط في الترجمان أو الشخص المستعان به أال‬
‫يكون شاهدا او له مصلحة في العقد"‬

‫وعليه فإنه عند انتهاء الترجمان‪ ،‬من مهمته‪ ،‬عليه ان يشير إلى اسمه‪ ،‬ويوقع العقد‪ ،‬الذي‬
‫شارك في إنشاءه‪ ،‬وذلك تحت طائلة البطالن‪ 247‬تطبيقا لمقتضيات المادة ‪.43‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حاالت البطالن الواردة في المادة ‪43‬‬


‫فقد استلزم المشرع المغربي ان تتضمن العقود التوثيقية البيانات والشكليات وذلك لتفادي أي‬
‫لبس أو غموض قد ينال من حجيتها ويعرضها بذلك للبطالن وبالرجوع إلى المادة ‪ 43‬من القانون‬
‫‪ 32.09‬نجدها تنص على شكليات توقيع على أصول العقود وتاريخه (المطلب األول) وكذلك‬
‫البيانات المتعلقة بتاريخ التوقيع (المطلب الثاني)‬
‫‪244‬‬
‫‪ -‬محمد ربيعي م س ص ‪.77‬‬
‫‪245‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫‪-‬احمد نشات رسالة اإلثبات الطبعة ‪ 1972‬يدار الفطر القاهرة ص ‪.205‬‬
‫‪247‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 43‬من قانون ‪32.09‬‬
‫المطلب األول‪ :‬شكليات توقيع على أصول العقود وتاريخه‬
‫سنتناول في هذا المطلب شكليات التوقيع على أصول العقود (الفقرة األولى) ثم البيان‬
‫المتعلق بتاريخ التوقيع (الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شكليات التوقيع على أصول العقود‬


‫تنص المادة ‪ 43‬على انه تذيل أصول العقود تحت طائلة البطالن باألسماء الكاملة وتوقيعات‬
‫األطراف والترجمان والشهود إن وجدوا‪ ،‬ثم الموثق مع خاتمه‪ ،‬يتضح من هذه المادة أن المشرع‬
‫المغربي الزم الموثق بعد أن يتأكد من هوية األطراف بإدراج أسمائهم الكاملة الشخصية والعائلية‬
‫وتوقيعاتهم على أ صول العقود وفي هذا الجانب وفي قضية عرضت على انظار محكمة النقض‬
‫الفرنسية تتلخص في كون احد الواهبين وقع المحرر في حين رفض اآلخر التوقيع حيث اعتبرت‬
‫‪248‬‬
‫غياب توقيع هذا األخر عيبا شكليا وقضت ببطالن المحرر‬

‫ونفس التوجه سار عليه القضاء المغربي في اعتبار العقد الذي تنقصه توقيعات أحد‬
‫األطراف باطل وهو ما أكده القرار االستئنافي الصادر عن استئنافية الرباط والذي ادان الموثق‬
‫من اجل المخالفة لكونه أقدم على تحرير عقد بيع بخصوص شقتين رقم ‪ 9‬و ‪ 10‬وتسلم من‬
‫المشتري اتعابه ومصاريف التسجيل والتحفيظ بالنسبة للشقتين معا قبل ان يتأكد من توقيع البائع‬
‫‪249‬‬
‫على العقد الخاص بالشقة رقم ‪ 10‬بإقراره‪.‬‬

‫وعليه فإن المشرع المغربي رتب على تخلف األسماء الكاملة وتوقيعات األطراف إزاء‬
‫البطالن احتفاظه فقط بصفته كمحرر عرفي إذا تضمن توقيع األطراف‪.‬‬

‫وإذا كان الموثق ملزما بالتحقق من هوية األطراف إال انه قد يحدث احيانا ان يكون احد‬
‫األطراف ال يعرف اللغة التي حرر بها العقد مما يتعذر معه عملية التلقي لذا فإن قانون ‪32.09‬‬
‫أشار إلى هذه الحالة ووضع لها جملة من اإلجراءات لحماية مثل هؤالء األشخاص حيث ألزم‬
‫المشرع الموثق لالستعانة بترجمان مقبول لدى المحاكم أما إذا تعذر وجوده فإنه يمكنه االستعانة‬

‫‪248‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪74‬‬
‫‪249‬‬
‫‪ -‬محكمة االستئناف الرباط قرار بتاريخ ‪ 2009/11/19‬تحت عدد ‪ 128‬في الملف رقم ‪ 114/2008/ 3‬منشور بمجلة القانون واألعمال‪.‬‬
‫بكل شخص يراه أهال لهذه المهمة شريطة أن يحظى هذا األخير بموافقة الطرف المعني‬
‫بالترجمة‪ ،250‬وعند انتهاء الترجمان من مهمته عليه ان يشير إلى اسمه ويوقع العقد الذي شارك‬
‫في إنشائه تحت طائلة بطالن هذا العقد‪ ،‬وبالتالي يفقد هذا األخير الصبغة الرسمية وتبقى له إال‬
‫قيمة العقد العرفي إذا كان يتضمن توقيع األطراف‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بالشهود فإن المشرع المغربي اشترط في هؤالء أن يتم ذكر أسمائهم والتاكد‬
‫من هويتهم‪ ،‬ويترتب على عدم اإلشارة إلى االسم الكامل للشاهد وتوقيعه بطالن العقد‪.‬‬

‫إلى جانب توقيع األطراف والترجمان والشهود يوقع الموثق فور آخر توقيع مع خاتمه‪.‬‬

‫وعموما يمكن القول بان إغفال تذييل أصول العقود باألسماء الكاملة وتوقيعات األطراف‬
‫والترجمان والشهود ثم الموثق وخاتمه يترتب عليه بطالن العقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬البيان المتعلق بتاريخ التوقيع‬


‫لم يكن ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬يشترط ذكرى تاريخ وتوقيعات األطراف وتاريخ توقيع الموثق‬
‫بل اقتصر على اشتراط ذكر تاريخ تحرير العقد‪ ،‬اما القانون ‪ 32.09‬فقد سلك طريقا آخر حيث‬
‫تنبه إلى اهمية اإلشارة إلى تاريخ توقيع كل طرف من األطراف وتاريخ توقيع الموثق وهذا ما‬
‫جاء في الفقرة الثانية والثالثة من المادة ‪ ،43‬حيث يوقع األطراف على كل صفحة من صفحات‬
‫العقد ويكتب تاريخ توقيع كل طرف كما يؤشر الموثق على كل صفحة‪.‬‬

‫يكتب تاريخ وساعة توقيع األطراف والموثق باألرقام والحروف والمالحظ أن الفصل ‪14‬‬
‫من القانون ‪ 25‬فانتوز من القانون الملغى لم يكن يشير إلى المكان الذي ينبغي ان يرد فيه توقيع‬
‫‪251‬‬
‫األطراف بخالف القانون الجديد الذي حدد ذلك في كل صفحة من صفحات العقد‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪74‬‬
‫‪251‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪.75‬‬
‫وعليه فإن البيان المتعلق بتاريخ التوقيع يعتبر من البيانات الجوهرية لكونه يحدد الوقت‬
‫الذي وضع فيه كل طرف توقيعه وكذا تاريخ توقيع الموثق االمر الذي يؤدي الى فض الكثير من‬
‫‪252‬‬
‫المنازعات لذلك يجب ذكره بكل دقة باالرقام والحروف وبالسنة واليوم والساعة وعدم إغفاله‬

‫ويلعب تاريخ التوقيع دورا هاما في معرفة محررات التي تمت من قبل الموثق رغم علمه‬
‫بقرار العزل أو التوقيف وكذلك معرفة متى أصبح العقد رسميا والهمية تاريخ التوقيع رتب‬
‫المشرع على التخلف هذا البيان بطالن محرر رسمي مع احتفاظه بحجية المحرر العرفي إذا‬
‫تضمن توقيعات األطراف‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬األحكام الخاصة بالفئات التي ال تحسن التوقيع‬


‫سنحاول في هذا المطلب ان نتطرق في (الفقرة األولى) لألحكام الخاصة بالفئات التي ال‬
‫تحسن التوقيع على ان نخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن أثر تخلف التوقيع‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬األحكام الخاصة بالفئات التي ال تحسن التوقيع‬


‫تنص الفقرة الرابعة من المادة ‪ 43‬من القانون ‪:32.09‬‬

‫"إذا كان أحد األطرف ال يحسن التوقيع فإنه يضع بصمته على العقد ويشهد عليه الموثق‬
‫بذلك وإذا تعذر عليه التوقيع واإلبصار فإن الموثق يشهد عليه بذلك بمحضر شاهدين"‪.‬‬

‫يتبين من هذه المادة اآللية الواجبة االتباع في حالة إذا أحد األطرف ال يحسن التوقيع حيث‬
‫يضع بصمته على العقد ويشهد عليه الموثق بذلك أما إذا تعذر على أحد األطرف التوقيع‬
‫واإلبصام فان الموثق في هذه الحالة يشهد بذلك بمحضر شاهدين‪ ،‬وقد كان دور الشهود في ظل‬
‫ظهير ‪ 4‬مايو ‪ 1925‬الملغى يرمي إلى حماية بعض األشخاص وزيادة الضمانات لبعض‬
‫التصرفات ذات األهمية حيث كان المشرع المغربي يشترط في هذه الحاالت أال تتم عملية التوقيع‬
‫بواسطة موثق فقط بل البد ان يكون معضدا بشاهدين اثنين‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪80‬‬
‫أما بخصوص القانون ‪ 32.09‬فقد حصر دور الشهود في حماية بعض األشخاص الذين‬
‫يتعذر عليهم في آن واحد التوقيع واإلبصام‪.253 ،‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬أثر تخلف التو قيع‬


‫إذا كان التوقيع يعتبر من الشكليات البالغة األهمية النه يعتبر بمثابة التعبير المادي لألطراف‬
‫عن قبولهم في مضمون العقد فإن المشرع المغربي أكد على ان البطالن هو مصير كل صفحة لم‬
‫يتم التوقيع عليها‪ ،‬وهو ما تطرقت إليه الفقرة األخيرة من المادة ‪ 43‬حيث جاء فيها في حالة وجود‬
‫صفحات غير مؤشر عليها من طرف الموثق أو غير موقعة من األطراف على العقد فان البطالن‬
‫ال يلحق اال هذه الصفحات‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص‪.76‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬البطالن الضمي الوارد في القانون ‪32.09‬‬
‫إذا كان المشرع المغربي نص صراحة في المادتين ‪ 43‬و‪ 49‬من القانون رقم ‪ 32.09‬على‬
‫حاالت البطالن فإنه نص في المواد ‪ 34‬و‪ 35‬و‪ 36‬و ‪ 42‬و ‪ 44‬على مجموعة من المقتضيات‬
‫التي يتعين على الموثق اإللتزام بها عند تحرير المحررات إال أنه لم ينص صراحة على جزاء‬
‫عدم احترامها لذلك نتساءل عن الجزاء المترتب في حالة عدم احترام هذه المقتضيات؟‬

‫وسنحاول اإلجابة عن هذا اإلشكال من خالل تقسيم الفصل إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬بطالن المحرر الرسمي‬


‫إلضفاء الصبغة الرسمية على المحرر يتعين على الموثق احترام مجموعة من الشكليات‬
‫والبيانات األساسية إال أن المشرع في المواد ‪ 34‬و‪ 36‬لم ينص صراحة على الجزاء المترتب عن‬
‫مخا لفته لذلك سنحاول الرجوع إلى القواعد العامة المنضمة للوثيقة الرسمية‪ ،‬وعليه ستحاول تقسيم‬
‫هذا المبحث إلى مطلبين‬

‫سنتناول في المطلب االول بطالن المحرر الرسمي كجزاء لخرق اإلختصاص النوعي وفي‬
‫المطلب الثاني حالة البطالن المنصوص عليها في المادتين ‪ 34‬و‪. 36‬‬

‫المطلب األ ول‪ :‬بطالن المحرر الرسمي كجزاء لخرق االختصاص‬


‫النوعي‬
‫سنتناول في هذا المطلب اإلختصاص النوعي للموثق (الفقرة األولى) ثم البطالن كجزاء‬
‫لخرق االختصاص النوعي ( الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلختصاص النوعي للموثق‬


‫جاء في المادة ‪ 35‬من القانون ‪ 32.09‬ما يلي‬
‫يتلقى الموثق مالم ينص على خالف ذلك العقود التي يفرض القانون إعطائها صبغة‬
‫الرسمية المرتبطة بأعمال السلطة العمومية أو التي يرغب األطراف في إضفاء هذا الطابع عليها‬
‫ويقوم بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وبتسليم نظائر ونسخ منها‬

‫يتضح لنا جليا من خالل نص المادة أعاله أن الموثق يختص طبقا للنصوص المعمول بها‬
‫بتلقي العقود التي يحتم القانون إضفاء الصبغة الرسمية عليها المرتبطة بأعمال السلطة العمومية‬
‫كالبيوعات الواردة على العقارات أو الحقوق العينية المرتبطة بها أو تلك التي يرغب األطراف‬
‫في رسميتها وهي جميع العقود التي لم يتطلب القانون ضرورة إضفاء الطابع الرسمي عليها إال‬
‫أن األطراف إرتأو جعلها رسمية وبالتالي يقوم الموثق بإثبات تاريخها وضمان حفظ أصولها وكذا‬
‫تسليم نسخ منها‪ .‬بالموازات مع ذلك ال يسوغ للموثق أن يقوم بكتابة محرر يتعلق بالحالة المدنية‬
‫ألن هذا النوع من المحررات يدخل في اختصاص ضباط الحالة المدنية وكذلك الشأن في ما‬
‫‪254‬‬
‫يخص عقود زواج التي حملها المشرع المغربي من إختصاص العدول المنتصبين لإلشهاد‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬البطالن كجزاء لخرق اإلختصاص النوعي للموثق‬


‫باستقراء المادة ‪ 35‬من القانون ‪ 32.09‬نجد أن المشرع لم ينص على عدم احترام‬
‫اإلخت صاص النوعي إال أنه بالرجوع إلى القواعد العامة المنظمة للورقة الرسمية في القانون‬
‫اإللتزامات والعقود حيث جاء في الفصل ‪ 423‬منه أن الورقة التي ال تصلح لتكون رسمية بسبب‬
‫عدم اختصاص أو عدم أهلية الموظف أو بسبب عيب في الشكل تصلح باعتبارها محررا عرفيا‬
‫إذا كان موقعا عليها من األطراف الذين يلزم رضاهم لصحة الورقة‪.‬‬

‫يتضح من هذا الفصل أن من بين شروط صحة الوثيقة الرسمية أن يكون الموثق مختصا‬
‫نوعيا لتحرير الوثيقة الرسمية وبالتالي فإن اصدار الموثق لمحرر رسمي بخصوص تصرف ال‬
‫يدخل ضمن اختصاصاته يترتب عليه بطالن الوثيقة الرسمية ‪.‬‬

‫‪254‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 65‬من مدونة األسرة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حاالت البطالن المنصوص عليها في المادتين ‪ 34‬و ‪35‬‬
‫سنتناول في هذا المطلب للحديث عن حاالت عدم احترام مقتضيات المادة ‪( 34‬الفقرة‬
‫األولى) وحاالت عدم ذكر البيانات الواردة في المادة ‪( 36‬الفقرة الثانية)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حالة عدم احترام مقتضيات المادة ‪34‬‬


‫المادة ‪ 34‬من القانون ‪ 32.09‬نصت على مجموعة من الحاالت التي يمنع على الموثق‬
‫القيام بها إال أن المشرع لم ينص على جزاء عدم احترامها وعليه سنحاول البحث في هذه‬
‫الحاالت وجزاء اإلخالل بها‪.‬‬

‫وتعتبر المادة ‪ 34‬بمثابة القائمة بجرد ما يمنع على الموثق القيام به وما جاء فيها‬

‫يمنع على الموثق أن يقبل توقيعا على األوراق تتضمن التزامات أو اعترافات مع ترك‬
‫بياض في متن الوثيقة وال سيما في مكان اسم المستفيد أو الدائن أو المبلغ والمراد من هذه الحالة‬
‫هو منع الموثق من توقيع على أوراق تتعلق بالتزامات أو اعترافات لفائدة شخص لم يتم تسميته‬
‫‪255‬‬
‫أو ترك بياض سواء كان بالنسبة للمستفيد أو الدائن كما ال يمكن ترك البياض بالنسبة للمبلغ‬

‫والحالة الثانية هي منع الموثق من أن يستعير لشؤونه الخاصة اسم الغير في العقود التي‬
‫يتلقاها‪ .‬أي أن يتعامل باسم الغير في معامالته لفائدته شخصيا بحيث إذا فعل ذلك فإنه يكون قد‬
‫تلقى عقد وهو طرف فيه فتزول عنه بذلك اهليته وبالتالي بطالن العقد‪ .‬كما يمنع الموثق أن‬
‫يعرض نفسه ضامنا أو كفيال بأي صفة كانت في العقود التي قد يطلب منه اثباتها بعقد والمراد‬
‫‪256‬‬
‫كما‬ ‫من ذلك هو الحفاض على الحياد والتجرد حتى ال يكون معنيا بالمعاملة والتي يشهد عليها‬
‫يمنع على الموثق أن يبرم عقودا تنصب على أموال يعلم أنها غير قابلة للتفويت أو أن تفويتها‬
‫يتوقف على إجراءات غير مستوفاة‪ ،‬ويترتب عن مخالفة هذا المنع بطالن العقد ألن المفروض‬
‫‪257‬‬
‫‪.‬‬ ‫في الموثق أن يعين ويشهد بالممكن ال بتصرف مستحيل أو غير ممكن في الراهن‬

‫‪255‬‬
‫‪ -‬محمد لديدي م س ص ‪.59‬‬
‫‪256‬‬
‫‪ -‬محمد ليديدي م س ص ‪.59‬‬
‫‪257‬‬
‫‪ -‬بوشعيب البوعميري م س ص ‪5‬‬
‫وباإلضافة إلى ذلك منع المشرع المغربي من تضمين العقد بمقتضيات من شأنها أن تخل‬
‫‪258‬‬
‫بالنظام العام كأن يضمن عبارات مخلة بالحياء أو احتقار األطراف بعضهم لبعض أو لغيرهم‬
‫وعليه إذا خالف الموثق هذا المنع فإن المحرر يعتبر باطال طبقا للقواعد العامة التي تعتبر كل‬
‫التزام مخالف للنظام العام واآلداب الحميدة باطال‪.‬‬

‫وكما يمنع على الموثق أن يبرم عقودا لحساب موثق وقف عن عمله أو أن يحل محله بأي‬
‫صفة كانت ما عدا إذا تم تعينه بمقتضى المادة ‪ 20‬من هذا القانون‪ ،‬فالموثق عند عزله يفقد اهليته‬
‫طبقا لمقتضيات المادة ‪ 49‬من قانون ‪ 32.09‬وعليه ال يحق لموثق آخر أن يبرم عقدا لحساب‬
‫الموثق الموقوف عن عمله وبالتالي فإن أي عقد حرره الموثق لحساب موثق آخر يقع باطال‬
‫إضافة إلى أن المشرع منع الموثق من أن يضمن مقتضيات يترتب عنها منفعة شخصية أو‬
‫لزوجه او أقاربه وهذه الحالة مماثلة للمادة ‪ 30‬من القانون ‪ 32.9‬وبالتالي فإن مخالفة هذا المنع‬
‫يترتب عنه بطالن المحرر الرسمي‪ ،‬أما بخصوص السمسرة فالمشرع منع الموثق من استعمال‬
‫وسائل تجلب الزبناء وقد اثير نقاش حول ظهور موثقين في برامج تلفزية هل يعتبر هذا من مهام‬
‫‪259‬‬
‫وفي ما يخص اإلحتفاض باألصول والوثائق في غير‬ ‫الموثق الذي يطلب منه توثيق عملية ما‬
‫مقر عمله فيمكن للموثق في حالة الضرورة نقل المستندات حفاظا عليها إلكراهات تظطره إلى‬
‫ذلك بعد إذن من طرف الرئيس األول لمحكمة اإلستئناف وابالغ الوكيل العام للملك لديها ورئيس‬
‫المجلس الجهوي وفي حالة مخالفة هذه المقتضيات فإن مصير المحرر هو البطالن‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عدم احترام مقتضياة المادة ‪36‬‬


‫تنص المادة ‪ 36‬من القانون ‪ 32.09‬على أن العقود التي يتلقاها الموثق يجب ان تتضمن‬
‫على الخصوص ‪:‬‬

‫األسما ء الكاملة لألطراف بما فيها إسم األب واألم وباقي الموقعين على العقد وال يسمح‬
‫باختصارها إال إذا سبق في العقد ما يوضحه مرة واحدة على األقل وبيان موطنهم وتاريخ وزمان‬
‫‪258‬‬
‫‪ -‬العلمي الحراق م س ص ‪.90‬‬
‫‪259‬‬
‫‪ -‬محمد ليديدي م س ص ‪60‬‬
‫والدته وجنسيته ومهنتهم ونوع الوثيقة الرسمية التي تثبث هويتهم ومراجعها وحاالتهم العائلية‬
‫والنظام المالي للزواج بالنسبة لالطراف عند اإلقتضاء‬

‫وبيان اركان و شروط العقد مع تعيين محله تعيينا كافيا وبيان المراجع الكاملة للوثائق التي‬
‫استند عليها في إبرام العقد وكتابة المبالغ المالية بالحروف واألرقام‪.‬‬

‫إذا هذه المادة جاءت للتأكيد على ضرورة تضمين بعض مقتضيات في العقود التي يتلقاها‬
‫الموثق إال انها لم تنص على جزاء تخلف أحد البيانات‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى المادة‪ 49‬نجدها لم تضم حاالت مخالفة لمقتضيات المادة ‪ 36‬ولهذا فإن‬
‫الجزاء هنا سيكون بطالن العقد ألن البيان المتعلق بأسماء األطراف يعتبر من البيانات الجوهرية‬
‫ال ينبغي على الموثق إغفاله الن بواسطته يتم التعرف على المتعاقدين ويعتبر نسيانه خطأ جسيما‬
‫‪260‬‬
‫يحمل الموثق تبعية ما سيترتب عن ذلك من أضرار بالنسبة لألطراف‪.‬‬

‫وقد ذهب العلمي الحراق إلى القول بان مخالفة مقتضيات المادة ‪ 36‬يترتب عليه البطالن إذا‬
‫لم يوقع األطراف أما إذا وقع عليها األطراف فإن العقود ال تكون لها قيمة رسمية وال عرفية‬
‫وذلك عمال بقاعدة مفهوم المخالفة ويمكن إسناد النظر في ذلك إلى المحكمة التي قد تصرح‬
‫‪261‬‬
‫بالبطالن وقد ال تصرح به‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حاالت البطالن األخرى في المحرر الرسمي‬


‫سنستعرض من خالل هذا المبحث بعض حاالت البطالن الضمني األخرى التي لم يتم‬
‫التطرق إليها‪ ،‬سالفا وعليه سنخص مطلبين لهذا األمر‪ ،‬سنستعرض من خالل (المطلب األول)‬
‫البطالن المترتب عن مخالفة المواد ‪ 41‬و ‪ ،44‬في حين سنتطرق في (المطلب الثاني) إلى‬
‫الحديث عن البطالن المستقى من المواد ‪ 42‬و ‪.48‬‬

‫‪260‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪.71‬‬
‫‪261‬‬
‫‪ -‬العلمي الحراك م س ص ‪.123-122‬‬
‫المطلب األول‪ :‬البطالن المترتب عن مخالفة المواد ‪ 41‬و ‪44‬‬
‫لتقسيم العمل بهذا المطلب سنعمل على تحليل كل من المادة ‪ 41‬من (الفقرة األولى)‪ ،‬في‬
‫حين سنعمد إلى معالجة المادة ‪ 44‬في (الفقرة الثانية)‪ ،‬والكل ما بيان ترتيب البطالن الضمني‬
‫كأثر لخرق كل منهما‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬البطالن المترتب عن مخالفة المادة ‪41‬‬


‫نص المشرع المغربي في المادة ‪ 41‬من القانون رقم ‪ 32.09‬على انه يجب تحرير العقد من‬
‫طرف الموثق بوضوح‪ ،‬دون انقطاع أو بشر أو إصالح في صلبه أو إقحام أو كتابة‪ ،‬بين السطور‬
‫أو إلحاق تشطيب أو ترك بياض باستثناء ما يفصل بين الفقرات والبنود وفي هذه الحالة يوضع‬
‫خط على بياض‪ ،‬ترقم جميع الصفحات‪ ،‬ويشار إلى عددها في العقد‪.‬‬

‫يجب تصحيح األخطاء واإلغفاالت بواسطة إحاالت‪ ،‬واألرقام الملغاة‪ ،‬وعدد اإلحاالت‬
‫واإلشارة إلى الغير الفارغ من الكتابة‪ ،‬مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه‪ ،‬ويذيل الموثق‬
‫هذه البيانات بتوقيعه وخاتمه‪ ،‬مع توقيع باقي األطراف بعد إطالعهم على مضمون التصحيح‪.‬‬

‫تكون مل غاة كل الكلمات أو األرقام التي وضع بشر أو إصالح او تشطيب أو أقحمت أو‬
‫ألحقت أو كتب بين السطور‪ ،‬في حالة عدم احترام المقتضيات المنصوص عليها في الفقرة‬
‫السابقة‪.‬‬

‫ومن خالل هذه المادة يتضح أنها تمنع أوال أي إضافات في صلب العقد‪ ،‬وذلك بإقحام‬
‫الكلمات أو كتابتها بين السطور‪ ،‬وعليه فإذا حصل أن ثمة أي إضافات في صلب العقد‪ ،‬فيجب‬
‫وضع بيان في الصفحة األخيرة‪ ،‬من العقد يشار فيه إلى الكلمات المضافة‪ ،‬وتوقيعها من طرف‬
‫األطراف‪ ،‬والموثق مع وضع خاتمه أيضا‪ ،‬واال كان مصير هذه الكلمات اإللغاء حسب الفقرة‬
‫األخيرة من المادة‪ .‬اال أن السؤال يثار في حالة ما إذا تم إلغاء الكلمات المضافة‪ ،‬فما أثر ذلك على‬
‫صحة العقد؟‬
‫في الحقيقة لم يتطرق المشرع المغربي لألثر المترتب على العقد في هذه الحالة‪ ،‬وعليه فإن‬
‫الفقه في إطار إجابته عن هذا السؤال ميز بين اإلضافة التي تتعلق ببيانات جوهرية أو تلك التي‬
‫ليست جوه رية‪ ،‬فإذا وردت اإلضافة على النوع األول‪ ،‬فإن ذلك سيؤدي إلى بطالن العقد بكامله‪،‬‬
‫أما إذا وردت اإلضافة على النوع الثاني‪ ،‬فإن البطالن يقتصر على البيان الملغى فقط دون‬
‫‪262‬‬
‫المساس بصحة العقد ككل‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك نالحظ أن المشرع أجاز للموثق اعتماد اإلحالة لتدارك ما شاب المحرر‬
‫من نقص أو ما اعتراه من غموض‪ ،‬حيث جاء في الفقرة الثالثة والرابعة من المادة ‪ 41‬من‬
‫القانون رقم ‪ 32.09‬انه "يجب تصحيح األخطاء واإلغفاالت بواسطة إحاالت تدون إما في‬
‫الهامش‪ ،‬أو في أسفل الصفحة‪ ،‬ويجب التنصيص في الصفحة األخيرة على األرقام الملغاة وعدد‬
‫اإلح االت واإلشارة إلى الحيز الفارغ مع بيان عدد الخطوط التي وضعت عليه ويذيل الموثق هذه‬
‫البيانات بتوقيعه وخاتمه‪ ،‬مع توقيع باقي األطراف بعد اطالعهم على مضمون التصحيح‪.‬‬

‫فالظاهر من خالل الفقرة األخيرة أنها حددت اإللغاء كجزاء في حالة عدم اتباع الموثق‬
‫اإلجراء المنصوص عليه بخصوص الكلمات واألرقام التي وقع فيها بشر أو إصالح او تشطيب‬
‫او أقحمت او ألحقت أو كتبت بين السطور‪ ،‬إال أنها لم تشر إلى الجزء المطبق في حالة غياب‬
‫اإلجراءات المتعلقة باإلحالة أو الذي ينبغي أن يكون هو البطالن‪ ،263‬خصوصا وان النظام‬
‫السابق للتوثيق كان ينص على البطالن كجزاء على هذا اإلخالل في الفصل ‪ 15‬منه‪.‬‬

‫وعليه فانه إذا كان مصير هذه اإلحاالت هو البطالن‪،‬ا فما أثره على المحرر؟‬

‫على غرار البيانات السابقة الذكر‪ ،‬لم ينص المشرع على أثر بطالن اإلحاالت لعدم احترام‬
‫إجرءاتها‪ ،‬وعلى هذا سنعرض رأي الفقه‪ ،‬بهذا الخصوص بحيث يرى جانب من الفقه أن‬
‫البطالن‪ ،‬يلحق اإلحالة دون المحرر‪ ،‬في حين يرى البعض االخر أنه إذا كان موضوع اإلحالة‬

‫‪262‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪.83‬‬
‫‪263‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي م س ص ‪87‬‬
‫شرطا جوهريا‪ ،‬في المحرر‪ ،‬كما لو تعلق األمر بثمن البيع‪ ،‬ولم تتم هذه اإلحالة طبقا للشروط‬
‫‪264‬‬
‫المطلوبة‪ ،‬فان األمر ال يقتصر على بطالن اإلحالة‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل يشمل المحرر بكامله‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬البطالن الناتج عن مخالفة المادة ‪. 44‬‬


‫من بين االلتزامات المهنية للموثق‪ ،‬التزامه بتوقيع المحرر ليكتسب الصفة الرسمية‪ ،‬وهذا ما‬
‫نص عليه الفقرة الثانية من المادة ‪ 44‬من القانون ‪ .32.09‬ولما كان التوقيع يعتبر بمثابة شهادة‬
‫على أن المحرر تم بطريقة قانونية‪ ،‬واستوفى كافة الشروط المطلوبة فإن المشرع جعل الموثق‬
‫هو آخر من يوقع و هذا ما نصت عليه الفقرة األولى من المادة ‪ ،43‬من القانون المذكور‪ ،‬والتي‬
‫جاء فيها‪ ،‬تذيل أصول العقود تحت طائلة البطالن باألسماء الكاملة وتوقيعات األطراف‪،‬‬
‫والترجمان والشهود إن وجدوا‪ ،‬ثم الموثق وخاتمه" مما يجعل آخر الفقرة يصرح بنفس ما جاءت‬
‫به المادة ‪ ، 44‬المتمثل في وجوب أن يكون توقيع الموثق آخر ما يكون‪.‬‬

‫ويقول السيد روالند دوفيالغك‪ ،‬ان آخر من يضع توقيعه على المحرر هو الموثق‪ ،‬وإال كنا‬
‫أمام تزوير معنوي من طرفه‪ ،‬ألنه سيشهد على توقيعات لم تتم بعد‪ 265.‬غير أنه يطرح السؤال ما‬
‫مصير المحرر إذا ما يكن توقيع المحرر آخر توقيع األطراف‪ ،‬هنا نجد انه قد يتوفى الموثق قبل‬
‫توقيعه‪ ،‬فإن هذا األمر ال يترتب عنه البطالن‪ ،‬بحيث يمكن لرئيس المحكمة تطبيقا للمادة ‪ 45‬من‬
‫هذا القانون‪ ،‬الواقع بدائرة نفوذه عمل الموثق أن يأمر بناء على طلب المتعاقدين بتذييل العقد‬
‫بتوقيع موثق آخر‪ ،‬بحضورهم وموافقتهم على مضمونه بعد قرائته عليه من جديد‪" ،‬أما ان خرق‬
‫الموثق هذا المقتضى دون وفاته‪ ،‬فإن المشرع لم يشر إلى إمكانية تصحيحه‪ ،‬بحيث يبقى البطالن‬
‫هو المصير‪ ،‬المفترض في المحرر الرسمي‪ ،‬لتبق له حجية المحرر العرفي فقط‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫‪ .-‬إشار إليه محمد الربيعي م س ص ‪87‬‬
‫‪265‬‬
‫‪ -‬إشار إليه محمد الربيعي م س ص ‪59‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬البطالن الذي يمكن استقاءه من المواد ‪ 42‬و ‪48‬‬
‫باستحضار المادتين ‪ 42‬و ‪ 48‬قيد التحليل‪ ،‬يظهر أنه يمكن استيقاء قيام بطالن ضمني من‬
‫خاللهم‪ ،‬وتبعا لذلك سنقوم بتقسيم المطلب الثاني إلى شقين‪ ،‬نتناول في األول أحكام المادة ‪42‬‬
‫(الفقرة األولى)‪ ،‬في حين سنتطرق في (الفقرة الثانية) إلى أحكام المادة ‪ ،48‬تطلعا في استنباط‬
‫اوجه البطالن من خاللها‪.‬‬

‫الفقرة األولى البطالن المستقى من ا لمادة ‪. 42‬‬

‫جاءت الفقرة األولى من المادة ‪ . 42‬لتنص على "تحرر العقود والمحررات باللغة العربية‬
‫وجوبا إال إذا اختار األصل تحريرها بلغة أخرى"‬

‫أثارت هذه المادة نقاشا متميزا ارتبط بسيادة الدولة وبلغتها الرسمية‪ ،‬إذ أن الصيغة التي‬
‫اقترحتها الحكومة انطلقت من الدافع‪ ،‬وهو أن التوثيق الحالي‪ ،‬كله يمارس‪ ،‬وتحرره مضامينه‬
‫استنادا للقانون الحالي‪ ،‬الذي صدر في العشرينات من القرن السابق‪ .‬وإذا كانت القناعة هي ان‬
‫العربية أصبحت تفرض نفسها ويجب أن تكون هي لغة التوثيق‪ ،‬فإن فرضها بالشكل الذي ال‬
‫يراعي الشرح وسياسية المراحل للتهيئ‪ ،‬والتغير الذي يعتبر جدريا‪ ،‬ستكون له انعكاسات سلبية‬
‫لذلك تم التفكير في أن تكون العربية اللغة األصلية والرسمية التي يجب أن تحرر الوثيقة بها‪ ،‬ما‬
‫لم يرغب أطراف العقد في أن يحرر بلغة أخرى‪ ،266‬فبعد أن كان ظهير ‪ 1925‬السابق يفرض‬
‫في لغة العقد الفرنسية‪ ،‬وإال االستعانة بترجمان محلف في المدينة التي يباشر فيها الموثق أعماله‪،‬‬
‫جاءت المادة ‪ 42‬لترد االعتبار للغة العربية اما في حالة‪ ،‬تم مخالفة مقتضيات هذه المادة فإن‬
‫المشرع لم يشر صراحة إلى الجزاء المترتب عن ذلك إال أنه يمكن استيقاء ان البطالن هو‬
‫الجزاء المصيري المحتمل‪ ،‬سيما وإن سلمنا بان ذلك سيعرض الموثق للمساءلة‪ ،‬في حالة وجود‬
‫سوء نية منه‪ ،‬وبالتالي تطبيق العقوبات بما فيها التوقيف والعزل اللذان سبق أن أشرنا إليهما في‬
‫المبحث األول من الفصل األول‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫‪-‬محمد ليديدي‪ :‬قراءة في القانون رقم ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية شارع النور الرباط توزيع‬
‫دار القلم مطبعة اليث ديسمبر ‪ 2012‬ص ‪.45‬‬
‫الفقرة ال ثانية ‪ :‬البطالن المستقى من المادة ‪48‬‬
‫أشارت المادة ‪ 48‬بشكل صريح بأنه "تكون العقود والمحررات التي ينجزها الموثق وفقا‬
‫لمقتضيات هذا القانون الصبغة الرسمية المقررة في قانون االلتزامات والعقود ويالحظ من خالل‬
‫ما جاء في هذه المادة أنها أحالت على قانون االلتزامات والعقود عندما يتعلق األمر بالرسمية‬
‫وعل يه فانه يمكن استيقاء جزاء البطالن من هذا األخير‪( ،‬قانون االلتزامات والعقود)‪ ،‬فبما ان‬
‫المشرع من خالل المادة ‪ 48‬من قانون ‪ 32.09‬ذكر بان محررات الموثق تكون لها صبغة‬
‫الرسمية‪ ،‬كتلك المقررة في قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فمصير البطالن الذي أشار إليه بهذا‬
‫األخير يك ون هو اآلخر بطالنا لمحرر الموثق‪ ،‬وذلك استنادا للشريعة العامة المتمثلة في قانون‬
‫االلتزامات والعقود وبالرجوع إلى المادة ‪ 422‬من ق ل ع‪ ،‬نجد أنها صرحت بأن "الورقة‬
‫الرسمية التي تتضمن الشهادة المسماة "شهادة االستغفال" تكون باطلة بحكم القانون وال تكون‬
‫حتى بداية حجة "‪.‬‬

‫في حين نصت في فقرتها الثانية "وتعتبر أيضا باطلة‪ ،‬وكان لم تكن الورقة الرسمية التي‬
‫تتضمن تحفظا او استرعاء"‪.‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬حجية محررات الموثق في االثبات‬
‫حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق حجية محررات الموثق في االثبات استوجب منا االمر‬
‫تجزيئ هذا المقتضى الى قطبين ‪.‬نستعرض في أوالهما الحديث عن المحررات الرسمية وحجيتها‬
‫في اإلثبات في (الفصل األول) على أن نخصص (الفصل الثاني) للطرق القانونية للطعن في‬
‫المحررات الرسمية‪.‬‬

‫ال فصل األ ول ‪ :‬المحررات الرسمية وحجيتها في اإلثبات‬

‫عمل المشرع المغربي على تنظيم الورقة الرسمية بحيث حدد لها مجموعة من الضوابط‬
‫والشروط وجعلها من اختصاص جهتين هما الموثق والعدول ‪ ،‬فمتى احترمت هذه الورقة تلك‬
‫الضوابط والشروط أنتجت كافة آثارها واكتسبت حجيتها في اإلثبات‪.‬‬

‫الم بحث األول ‪ :‬ماهية المحررات الرسمية‬

‫في دراسة هذا المطلب سنعمد لتقسيمه إلى فقرتين ‪ ،‬األولى سنتناول فيها مفهوم المحرر‬
‫الرسمي وشروطه والثانية سنتطرق لخصائص المحرر الرسمي وانواعه‪.‬‬

‫ال مطلب األولى ‪ :‬مفهوم المحرر الرسمي وشروطه ‪:‬‬


‫سنتناول في هذه الفقرة مفهوم (المحرر الرسمي( أوال )ثم شروطه( ثانيا‪.‬‬

‫الفقرة اال ول ى ‪ :‬مفهوم المحرر الرسمي‬

‫لقد عرف المشرع المغربي الورقة الرسمية من خالل مقتضيات الفصل ‪ 418‬من ق ل ع ‪.‬إذ‬
‫نص على ما يلي "‪:‬الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صالحية‬
‫التوثيق في مكان تحرير العقد‪ ،‬وذلك في الشكل الذي يحدده القانون‪.‬‬
‫وتكون رسمية أيضا‪:‬‬

‫األوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم‪.‬‬ ‫•‬

‫األحكام الصادرة من المحاكم المغربية واألجنبية‪ ،‬بمعنى أن هذه األحكام يمكنها حتى‬ ‫•‬
‫قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوثائق التي تثبتها"‬

‫ويتضح من خالل هذا النص أن وصف الورقة بالرسمية هو نتيجة لتحريرها بمعرفة شخص‬
‫له صفة رسمية‪ .‬موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة له صالحية التوثيق‪.‬‬

‫وليس من الضروري أن تكون مكتوبة بخط يده‪ ،‬بل يكفي أن يكون تحريرها صادرا باسمه‬
‫بشرط أن يوقعها بإمضائه‪.‬‬

‫الفقرة ال ثاني ة ‪ :‬شروط المحرر الرسمي‬

‫يشترط لكي تكتسب الورقة الرسمية طبقا للفصل ‪ 418‬من ق ل ع المشار إليه في الفقرة‬
‫األولى ثالث شروط هي‪:‬‬

‫أن يقوم بكتابة الورقة موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة‪:‬‬ ‫•‬

‫وال يشترط أن يكون من موظفي الدولة بالذات‪ ،‬بل يكفي أن يكون موظفا بإحدى الهيئات‬
‫التابعة لها‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لموظفي المجالس البلدية والمؤسسات العمومية ذات الشخصية‬
‫المستقلة‪ ،‬ويتنوع الموظفون العامون بتنوع األوراق الرسمية‪ ،‬فالموظف الذي يقوم بكتابة األحكام‬
‫هو القاضي في مهمته هو كاتب الضبط‪.‬‬

‫أن يكون الموظف الذي قام بتحرير الورقة مختصا بتحريرها وله صالحية التوثيق‪:‬‬ ‫•‬

‫إذا لم يكفي لصحة الورقة الرسمية أن يقوم بتحريرها موظف عمومي‪ ،‬بل يجب فوق ذلك أن‬
‫يكون هذا الموظف مختصا بكتابتها وله صالحية التوثيق ‪.‬ويكون الموظف مختصا بكتابة الورقة‬
‫الرسمية إذا كان ذلك مما يدخل في عمله من حيث طبيعة الورقة ومن حيث مكانها‪.‬‬
‫وال يوجد مانع قانوني يحول دون مباشرته لعمله‪ ،‬بحيث إذا نزع منه اإلختصاص وقت‬
‫تحرير الورقة وهو علم بذلك كانت الورقة المحررة باطلة والعكس صحيح‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بطبيعة الورقة‪ ،‬فيجب أن يكون الموظف العام أو الشخص الذي له صالحية‬
‫التوثيق مختصا بتحرير الورقة وأن يكون هذا التحرير مما يدخل في عمله من حيث نوع الورقة ‪.‬‬
‫ذلك أن كل نوع من األوراق الرسمية إنما يختص بتوثيق طائفة معينة من األشخاص والموظفين‪،‬‬
‫فاألحكام يصدرها القضاة واألوراق الرسمية الخاصة بالمعامالت والتصرفات المدنية والتجارية‬
‫يختص بتحريرها الموثقون والعدول‪.‬‬

‫أن يراعي الموظف الشكل الذي حدده القانون في تحرير الورقة‬ ‫•‬

‫وهو يختلف بحسب أنواع األوراق الرسمية وطبيعتها‪ ،‬ومؤدى ذلك أن تكون الورقة مستكملة‬
‫لكل البيانات واألشكال التي أوجب القانون توفرها فيها‪ ،‬وتظهر أهمية هذا الشرط بصفة خاصة في‬
‫األوراق التي يقضي القانون بتوثيقها أمام الموثق إذ يتطلب شكال خاصا وتدون فيها بيانات معينة‪،‬‬
‫حتى تترتب عليها اآلثار القانونية‪ ،‬ويصبح حجة على الناس كافة‪.‬‬

‫ونجد القانون يستلزم أوضاعا يجب مراعاتها في تحرير األوراق الموثقة أو العقود الرسمية‪،‬‬
‫ومنها أن تكون الورقة مكتوبة بلغة معينة وبخط واضح دون إضافة أو كشط‪.‬‬

‫ال مطلب الثاني ‪ :‬خصائص المحرر الرسمي وأنواعه‬

‫يتميز المحرر الصادر عن الموثق بمجموعة من الخصائص( اوال كما ينقسم إلى عدة أنواع‬
‫حسب الفقه ثانيا‪.‬‬

‫الفقرة اال ول ى ‪ :‬خصائص المحرر الرسمي‬

‫يتميز المحرر الرسمي الصادر عن الموثق بعدة خصائص يمكن إجمالها في النقط التالية ‪:‬‬

‫يعتبر حجة مطلقة بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير‪.‬‬ ‫•‬


‫يكون خالي من األخطاء والعيوب ‪:‬باعتبار الموثق عارف بالنصوص القانونية‬ ‫•‬
‫المختلفة التي تلتقي بمهنة التوثيق‪.‬‬

‫يعطي ضمانة قوية للمتعاقدين‪ ،‬مثال في حالة التأكد من الوضعية القانونية والهندسية‬ ‫•‬
‫للعقار والتأكد كذلك من هوية األطراف من طرف الموثق الذي حرره‪.‬‬

‫يعتبر سند تنفيذي ورسمي ال يطعن فيه إال بالزور‪.‬‬ ‫•‬

‫الفقرة ال ثاني ة ‪ :‬أنواع المحررات الرسمية‬

‫تنقسم المحررات الرسمية إلى أقسام وأنواع ال حصر لها ويمكن تبيانها في ما يلي‪:‬‬

‫محررات ذات طابع إداري ‪:‬وهي التي تصدر عن موظف مختص كما هو الحال‬ ‫•‬
‫بالنسبة للوالة ورؤساء الدوائر والبلديات في إطار ممارسة الصالحيات في دائرة االختصاص‬
‫والعقود المسجلة في سجالت عمومية كسجل الحالة المدنية ‪.‬‬

‫السندات القضائية والشبه قضائية ‪:‬وهي المحررات الصادرة من القضاة في إطار‬ ‫•‬
‫مزاولتهم وظائفهم وهي األحكام والقرارات والمحاضر المختلفة والمتعلقة باإلجراءات‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى ما يصدره المحضرون القضائيون وما يصدر عن كاتب الضبط أثناء ممارستهم لمهامهم‪ ،‬فهي‬
‫أوراق رسمية ‪.‬‬

‫األوراق والمحررات التوثيقية ‪:‬وهي السندات الصادرة عن الموثق بطلب من‬ ‫•‬
‫األطراف وكذلك المحررات الصادرة عن موظفي السلك الديبلوماسي‪ ،‬فكلها وثائق ومحررات‬
‫رسمية ‪.‬‬

‫الم بحث الثاني ‪ :‬حجية الورقة الرسمية في االثبات‬

‫كما سبق االشارة فان الورقة الرسمية المستجمعة لكافة الضوابط والشروط التي حددها‬
‫المشرع ‪ ،‬تكتسب اثر ذلك حجة قوية االثبات سواء المحررات الورقية او االلكترونية‪.‬‬
‫وسنعالج هذا المطلب في فقرتين بحيث سنتطرق في الفقرة االولى الى حجية المحررات‬
‫الورقية‪ ،‬وسنخصص الثانية لحجية المحررات االلكترونية‪.‬‬

‫ال مطلب االول ‪ :‬حجية المحررات الورقية في االثبات‬

‫تظهر اهمية الكتابة عندما يكون االفراد في طور ابرام تصرف قانوني يفرض التزامات بين‬
‫االطراف وحجة على الكافة سواء االطراف اوالغير وهذا ماسيكون موضوع تحليلنا لهذه المطلب‬
‫حيث سنتناول حجية المحرر الرسمي لالثبات بين االطراف في الفقرة األولى وحجية المحرر‬
‫الرسمي لالثبات في مواجهة الغير في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة اال ول ى ‪ :‬حجية المحررات الرسمية الورقية بين االطراف‬

‫بالرجوع الى الفصل ‪ 420‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يؤكد على ان الورقة الرسمية حجة ودليال قاطعا على‬
‫التعاقد الحاصل بين االطراف بحيث انه ال يستطيع احد االطراف تكذيب ما ورد بالمحرر من‬
‫ناحية التوقيعات أو المحتويات اال بادعاء الزور في البيانات التي قام بها الموثق في حدود مهمته‪،‬‬
‫‪267‬‬
‫أو التي وقعت من دوي الشأن في حضوره‬

‫وبمفهوم المخالفة فان البيانات التي ضمنت في العقد وبدون حضور الموثق ال‬
‫تكتسب الحجية الرسمية وإنما تبقى حجية عادية ويمكن إثبات مخالفتها بجميع وسائل‬
‫اإلثبات ‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فان الموثق العصري عندما يحرر الوثيقة الرسمية فإنها تتضمن نوعين من‬
‫البيانات ‪:‬‬

‫‪-‬البيانات التي دونها محرر الورقية فيما يخص األمور التي قام بها في حدود مهمته وتمت‬
‫اإلشارة إليها في الورقة مثل‪:‬‬

‫‪-‬تاريخ تحرير الورقة‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد‪" ،‬التوثيق العصرية المغربي "‪ .‬الطبعة الثانية ‪ ،‬مكتبة دار السالم ‪ 2010‬ص‪.103.‬‬
‫‪-‬حضور األطراف‪..‬‬

‫‪-‬التأكد من هوية األطراف‪ ،‬وأهليتهما للتعاقد‪.‬‬

‫‪-‬الوثائق التي تلقاها منها للتثبيت من ذلك‪.‬‬

‫‪-‬التوقيعات التي تحملها الورقة‪.‬‬

‫‪-‬البيانات التي يدونها محرر الورقة ‪:‬‬

‫‪ -‬يثبت ما حصل أمامه وبلغ إلى عمله من أمور صادرة من ذوي الشأن‬

‫‪ -‬تراضي الطرفين على التعاقد‪.‬‬

‫‪ -‬المحل والشروط واآلجال التي اتفق األطراف عليها‪.‬‬


‫‪268‬‬
‫‪ -‬إذا كان البائع قد تسلم الثمن أمامه أو اقره يتسلم الثمن أو جزء منه‬

‫كل هذه البيانات تدخل ضمن اختصاص الموثق الذي يحرر الورقة بحيث يدركها بالسمع أو‬
‫البصر ويضمنها بالوثيقة وعندئذ تجوز الورقة حجية مطلقة ال يمكن دحضها إال بمسطرة ادعاء‬
‫الزور (الفصل ‪ 419‬من ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.‬‬

‫كذلك فاألحكام القضائية التي يضمن فيه القاضي كل الوقائع التي حصلت أمامه تكتسب‬
‫الحجية الرسمية ‪ .‬وهذا ما ورد في قرار لمحكمة النقض بأنه "إذا كان الحكم االجنبي ال يقبل التنفيذ‬
‫اال بعد تذييله بالصيغة التنفيذية‪ ،‬فانه يعتبر حجة في اثبات الوقائع التي اثبتها ‪ ،‬والمحكمة لما اخذت‬
‫‪269‬‬
‫الحكم االجنبي بعين االعتبار ‪ ...‬تكون قد طبقت القانون تطبيقا سليما"‬

‫‪268‬‬
‫‪ -‬خالد سعيد االثبات في المنازعات المدنية ‪ ،‬دراسة علمية على ضوء القانون الغربي واالجتهاد القضائي لمحكمة النقض ‪ .‬الطبعة االولى ‪2014‬‬
‫‪.‬ص‪.157.‬‬
‫‪269‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 270‬صادر بتاريخ ‪ 2008/05/14‬في الملف عدد ‪ 07/341‬منشور بالتقرير السنوي للمجلس االعلى لسنة ‪. 2008‬ص‪ 199.‬ورد هذا‬
‫القرار بكتاب خالد سعيد‪ ".‬االثبات في المنازعات المدنية‪ "...‬نفس المرجع‪.‬‬
‫الفقرة ال ثاني ة ‪ :‬حجية المحررات الرسمية لالثبات في مواجهة الغير‬

‫يجب اوال االشارة الى ان الغير هو الشخص الذي التربطه ايه عالقة بالطرفين معا ويستتنى‬
‫من الغير الورثة اي الخلف العام الن هؤالء يحلون محل مورثهم في حقوقهم وحتى في التزاماته‬
‫فيسري عليهم حكم المورث‪.‬‬

‫اما الغير المقصود في دراستنا هاته هو الذي يدخل ضمن الخلف الخاص للمتعاقدين‪.‬‬

‫هذا الغير الذي اجاز له المشرع حق الطعن في حجية الورقة الرسمية ويتضح هذا انطالقا‬
‫من الفصل ‪ 4/9‬من ق‪.‬ل‪.‬ع حيث جاء في اطار مقتضات الفقرة االولى منه على ان ‪" :‬الورقة‬
‫الرسمية حجة قاطعة ‪ ،‬حتى على الغير في الوقائع واالتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي‬
‫حررها بحصولها في محضره وذلك الى ان يطعن فيها بالزور"‪.‬‬

‫فالغير بذلك ال يمكنه انكار ما قام به الموثق من امور تدخل في اطار مهمته او ما اثبته من‬
‫تقريرات او افعال صدرت من ذوي الشان في حضوره اال عن طريق وحيد وهو الطعن بالزور‪.‬‬
‫ألن قيام الغير بانكار البيانات التي حررها الموثق هذا االخير الذي اوكل له المشرع تحرير‬
‫االور اق الرسمية هو في واقع الحال يعتبر طعن في امانة الموثق وكرامته التي تعتبر من اهم‬
‫االسس التي تقوم عليها هذه المهنة‪.‬‬

‫اما كون الوقائع والتقريرات التي اثبتها الموثق على لسان ذوي الشأن مطابقةاو غير مطابقة‬
‫للحقيقة فهذه المسألة ال تدخل في مهمة الموثق الن المشارع لم يخول له سلطة التحقق من صحة‬
‫‪270‬‬
‫التقريرات التي تصدر من ذوي الشأن‬

‫ومما تجدر االشارة اليه ان ليس كل الوقائع التي يشمل عليها المحرر الرسمي يمكن الطعن‬
‫فيها بالزور‪ .‬وهنا يجب التمييز بين الوقائع التي يمكن الطعن فيها بالزور والوقائع التي يطعن فيها‬
‫بكل وسائل االثبات‪.‬‬

‫‪270‬‬
‫‪ -‬مصطفى مجدي هرجة ‪ ":‬قانون االثبات في المواد المدنية والتجارية" ط‪ .2.‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر ‪.1991‬ص‪.160.‬‬
‫ان الوقائع التي يطعن فيها بالزور هي التي يقوم الموثق باثباتها او بمباشرتها في حدود‬
‫الوظيفة الموكولة اليه باعتبار انه رآها او سمعها ‪ ،‬وتكذيب الغير تلك الوقائع باتباع مسطرة الزور‬
‫الفرعي شأنهم في ذلك شأن االطراف‪.‬‬

‫وفي حال وقوع الطعن في الورقة الرسمية بسبب اكراه او احتيال او تدليس‪ ...‬فيمكن اثباتها‬
‫بكل وسائل االثبات(مثال ‪ :‬شهادة الشهود‪ ،‬القرائن القوية‪ )...‬دون الحاجة لسلك مسطوة الزور‪.‬‬

‫فمن خالل الفصل ‪ 4/9‬من ق‪.‬ل‪.‬ع السابق الذكر ال يوجد فرق فيما يخص حجية الورقة‬
‫الرسمية بين المتعاقدين واالطراف‪.‬‬

‫ولعل الفرق الذي يمكن ذكره يكمن في طريقة اثبات ما يخالف المحرر الرسمي‪.‬‬

‫فاالطراف ال يمكن بالنسبة اليهم اثبات ما يخالف الثابت بواسطة الكتابة اال بالكتابة‪ ،‬وبمعنى‬
‫آخر يجب ان تكون الحجة من نفس جنس الورقة المراد دحض مكوناتها‪.‬‬

‫اما فيما يخص الغير فان مسالة اثبات ما يخالف الكتابة اال بالكتابة ‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة‬
‫لالطراف‪ ،‬ال تسري عليه ‪ ،‬لوجود وسيلة اخرى وهي الطعن في محتوى هذه الورقة وهذا ما‬
‫يستفاد من الفصل ‪ 444‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬

‫ال مطلب الثاني ‪ :‬حجية المحررات الرسمية االلكترونية في اإلثبات‬

‫يمكن أن يتصور المحررر الرسمي في أي صورة ‪.‬فقد يأتي على صورة محرر رسمي‬
‫مكتوب وقد يأتي على شكل الكتروني‪ .‬وهذا األخير هو محط اهتمامنا والذي سنحصص له‬
‫فقرتين ‪.‬نتناول في الفقرة األولى مفهوم المحرر االلكتروني في حين سنخصص االفقرة الثانية‬
‫للحديث عن حجية الورقة الرسمية االلكترونية في االثبات‪.‬‬

‫الفقرة اال ول ى ‪ :‬مفهوم المحرر االلكتروني‬

‫لقد نصت المادة االولى من قانون االونسترال النمودجي بشأن التجارة االلكترونية على‬
‫تعريف رسالة البيانات بانها‪ ":‬المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او استالمها او تخزينها‬
‫بوسائل الكترونية او ضوئية او برسائل مشابهة ‪ ،‬بما في ذلك على سبيل المثال ال الحصر تبادر‬
‫البيانات االلكترونية ‪ ،‬او البريد االلكتروني ‪ ،‬او البرق او التلكس او النسيج البرقي"‬

‫ونجد قانون االونسترال عرف المحرر االلكتروني من خالل تعريفه لرسالة البيانات‪ ،‬خالفا‬
‫لقانون المعامالت االلكترونية االردني الذي عرف المحرر االلكتروني في المادة األولى منه وذلك‬
‫من خالل تعريفه لرسالة المعلومات والذي جاء مطابقا للتعريف الذي جاء به قانون االونسترال‬
‫‪271‬‬
‫النمودجي‬

‫وعرف قانون التوقيع المصري المحرر االلكتروني بانه ‪ ":‬رسالة بيانات تضمن معلومات‬
‫تنشأ كليا او جزئيا بوسيلة الكترونية أو رقمية ‪ ،‬او ضوئية او اية وسيلة اخرى مشابهة كما اضاف‬
‫المشرع الفرنسي في المادة ‪ 1316‬من القانون المدني الفرنسي بشأن االثبات عن طريق الوسائل‬
‫االلكترونية في تعريفه للمحرر المستخدم في االثبات بانه ‪ " :‬كل تتابع للحروف او الرموز او‬
‫‪272‬‬
‫االرقام او اشارات اخرى تدل على المقصود منها ويستطيع الغير ان يفهمها‪...‬‬

‫وفي المقابل المشرع المغربي لم يعرف المحرر االلكتروني في حين المشرع التونسي الذي‬
‫عرف المحرر االلكتروني في الفصل ‪ 455‬مكرر من ق‪.‬ل‪.‬ع على الشكل التالي ‪ ":‬الوثيقة‬
‫االلكترونية هي الوثيقة المتكونة من مجموعة احرف وارقام او اية اشارات رقمية اخرى بما في‬
‫ذلك من تلك المتبادلة عبر وسائل االتصال تكون ذات محتوى يمكن فهمه ومحفوظة على حامل‬
‫‪273‬‬
‫الكتروني يؤمن قراءتها والرجوع اليها عند الحاجة"‬

‫بناء على مسابق يمكننا ان نعرف المحرر االلكتروني بانه مجموعة من االرقام واالشارات‬
‫او الرموز االخرى ذات داللة واضحة محررة على دعامة الكترونية او مرسلة بطريقة الكترونية‪.‬‬

‫يكون باالمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه‪ ،‬وتكون معدة‬
‫ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها وسالمتها‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫‪ -‬عرفت المادة ‪ 2‬من قانون المعامالت االلكترونية االرد في رسالة المعلومات بانها ‪ ":‬المعلومات التي يتم انشاؤها او ارسالها او تسلمها او تخزينها‬
‫بوسائل الكترونية او بوسائل مشابهة بما في ذلك تبادل البيانات االلكترونية او البريد االكتروني او البرق او التلكس او النسخ البرقي"‬
‫‪272‬‬
‫‪ -‬يمكن الرجوع للمادة ‪ 1316‬من القانون المدني الفرنسي‪.‬‬
‫‪273‬‬
‫‪ -‬د‪.‬احد ادرويش‪ " :‬تامالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪ .‬منشورات سلسلة المعرفة القانونية‪.‬سنة ‪.2009‬ص‪.59.‬‬
‫الفقرة ال ثاني ة ‪ :‬حجية الورقة الرسمية االلكترونية في االثبات‬

‫اذا كان قانون ‪ 53.05‬المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية قد اعترف بالكتابة‬
‫االلكترونية النعقاد التصرفات القانونية في حدود معينة ‪ ،‬فانه قد احال الفصل ‪ 1-2‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫بشأنها على المقتضيات التي خص بها الوثيقة االلكترونية كوسيلة لالثبات والتي ضمنها في‬
‫الفصول ‪ 417‬وما بعدها من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ .‬حيث جعلها مساوية للوثيقة المحررة على الورق سواء كانت‬
‫‪274‬‬
‫مطلوبة لالنعقاد او لالثبات فقط‪.‬‬

‫كما ان المشرع المصري قد منح المحررات الناتجة عن الفاكس والتلكس والميكرو وفيلم‬
‫واي وسيلة الكترونية مماثلة‪ ،‬نفس القوة القانونية للمحررات التقليدية سواء اكانت اصل المستند او‬
‫صورته‪ ،‬ذلك بشرط ان يتم اصدار قرار من وزير العدل يحدد القواعد والظوابط الخاصة بمثل‬
‫هذه المحررات ‪ ،‬اضافة الى ضرورة شرط االستعجال ليتم اسباغ الحجية عليها ‪ .‬وفي حال عدم‬
‫توافر هذا االخير فان للمحررات التي تتم بالوسائل التي حددها المشرع في قانون التجارة التكون‬
‫لها حجية المحررات التقليدية في االثبات‪ .‬وهو نفس المقتضى الذي ياخد به في مجال التحكيم حيث‬
‫منح حجية قانونية للوسائل االلكترونية ‪ ،‬واشترط توافر الكتابة لتحقيق ذلك ‪ ،‬باالضافة الى اتفاق‬
‫‪275‬‬
‫ارادة طرفي التحكيم المسبقة لمثل هذه الوسائل ومخرجاتها‪.‬‬

‫اما المشرع الفرنسي فقد اكد هذه الحجية بطريقة اخرى ‪ ،‬فبعد ان منح هذه السندات الحجية‬
‫القانونية الكاملة في المادة ‪ 1316-1‬من القانون المدني الفرنسي المعدل بموجب القانون رقم ‪230‬‬
‫لسنة ‪ 2000‬الصادر في ‪ 13‬مارس ‪ ، 2000‬عاد واكد في الفقرة الثانية من هذه المادة على انه عند‬
‫قيام التعارض بين سند الكتروني وسند تقليدي ‪ ،‬فيجب على القاضي ان يفاضل بينهما دون ان‬
‫يعتمد على الوسيلة التي عقد بها هذا السند ‪ ،‬او بعبارة اخرى ال يجوز للقاضي في هذه الحالة ان‬
‫‪276‬‬
‫يقدم السند التقليدي على السند االلكتروني كون هذا االخير اعد على ركيزة الكترونية‪.‬‬

‫وبناء عليه نستنتج بان انتشار تقنيات االتصال الحديثة في التفاوض على العقود وابرامها‬
‫وتنفيذها ‪ ،‬ادى الى صدور العديد من القوانين سواء على المستوى الدولي او االقليمي او في العديد‬
‫‪274‬‬
‫احمد ادريوش ‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪.59.‬‬
‫‪275‬‬
‫محمد فواز المطالقة‪".‬الوجيز في عقود التجارة االلكترونية"‪ .‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬سنة ‪.2008‬ص‪.241.242.‬‬
‫‪276‬‬
‫‪ -‬مصطفى موسى العجارمة‪ " :‬التنظيم القانوني للتعاقد عبر شبكة االنترنت"‪ .‬دالر الكتب القانونية مصر‪ ،‬طبعة ‪.2010‬ص‪.134.‬‬
‫من دول العالم المختلفة ‪ ،‬وذلك بهدف االعتراف بالمحررات االلكترونية ومنحها نفس الحجية‬
‫القانونية المقررة للمحررات الكتابية القليدية‪.‬‬
‫الرسمية ‪.‬‬ ‫ال فصل الثاني ‪ :‬الطرق القانونية للطعن في المحررات‬

‫يعتبر الموثق موظفا عموميا‪ ،‬تعينه الدولة لتوثيق اتفاقات االطراف وتصرفاتهم ‪ ،‬ويفترض‬
‫فيه و هو يقوم بهذه المهمة‪ ،‬النزاهة واالستقامة ‪ ،‬وهذا ما جعل المشرع يضفي وصف الرسمية‬
‫على البيانات والتصريحات الصادرة عنه ‪ ،‬بصد وقائع تحت بمحضره ‪ ،‬ومن تم تعتبر حجة‬
‫قاطعة‪ .‬اليسوغ اثبات ما يخالفها اال بدعوى التزوير ‪ ،‬الن الطعن فيها يقتبس مما بشرى هذا‬
‫الموثق وبكرامته‪.‬‬

‫وبالتالي يكون على من يريد دحض حجية الورقة الرسمية المعدة من طرف الموثق التي‬
‫خاطب عليها قاضي التوثيق ان يطعن فيها بالزور‪.‬‬

‫الم بحث االول ‪ :‬ماهية دعوى الزور الفرعي المدني‬

‫تحظى مسطرة الزور الفرعي بتنظيم خاص في اطار مقتضيات ‪ ،‬حيث افرد لها المشرع ‪11‬‬
‫فصال ( الفصول من ‪ 92‬الى ‪ 102‬ق‪.‬م‪.‬م) اضافة الى الفصلين ‪ 387‬سنة ق‪.‬م‪.‬م المتعلق بدعوى‬
‫الزور الفرعي امام محكمة النقض ‪ ،‬كما تطلب المشرع مجموعة من الشروط لقبول هذه الدعوى ‪.‬‬
‫وسنقسم هذا المطلب لفقرتين حيث سنتناول في االولى تعريف دعوى الزور الفرعي ويتميز عما‬
‫يشبهها بحيث سنخصص الفقرة الثانية لشروط قبول هذه الدعوى‪.‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬تعريف دعوى الزور الفرعي وشروطها وتمييزها عما‬


‫يشبهها‬

‫سنتطرق في هذه الفقرة الى تعريف دعوى الزور الفرعي (اوال) ثم سنعرض شروط قبولها‬
‫(ثانيا) ثم تمييزها عن ما يشبهها(ثالثا)‬
‫الفقرة اال ول ى ‪ :‬تعريف دعوى الزور الفرعي‬

‫بداية يجب ان نتطرف لتعريف التزوير‪ ،‬بحيث عرفه الدكتور احمد فتحي‬
‫سرور ‪ ،‬بكونه " تغييرا للحقيقة باحدى الطرق المقررة في القانون ‪ ،‬بقصد الغش في‬
‫محرر يحمية القانون "‪.‬‬
‫وعرفه المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 351‬من القنون الجنائي فيما يخص‬
‫التزوير المحررات بحيث نصت على مايلي ‪ ":‬تزوير االوراق هو تغيير الحقيقة فيها‬
‫بسوء نية ‪ ،‬تغييرا من شأنه ان بسبب ضررا متى وقع في محرر باحدى الوسائل‬
‫المنصوص عليها في القانون "‬
‫وينضح مما سبق ان الزور هو اخفاء للحقيقة احداث تغيير فيها عن سوء نية بقصد الحاق‬
‫الضرر بالغير‪ ،‬ويستعمل في غالب االحيان الخفاء حقيقة محرر رسمي او عرفي‪.‬‬

‫اما بخصوص تعريف دعوى الزور الفرعية فهي ادعاء يدلي به الخصم على صورة طلب‬
‫عارض في د عوى اصلية فهو وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى كمنازعة عارضة يحتاج‬
‫‪277‬‬
‫اثباتها الى تحقيق ويتوقف عليها الحكم ويترتب عليها وقف الفصل في الطلب االصلي‬

‫وبالتالي فهي دعوى ترتبط بالدعوى االصلية وجودا وعدما‪.‬‬

‫الفقرة ال ثا نية ‪ :‬شروط قبول دعوى الزور الفرعي‬

‫لقبول أي دعوى تتعلق بالطعن بالزور في مستند أدلى به احد أطراف الدعوى يستوجب توفر‬
‫شروط معينة‪:‬‬

‫‪ -1‬أن يكون طلب الطعن بالزور الفرعي جديا‪:‬‬

‫إن إثارة الطعن بالزور الفرعي ال يجب أن ينبني على احتماالت ‪ ،‬بل يجب أن ينصب‬
‫موضوعه عل مستند أدلى به احد أطراف النزاع ‪ ،‬إذ ال يمكن الطعن بالزور في مستند ينوي احد‬
‫األطراف اإلدالء به ‪ ،‬وعليه فان الطلب يجب ان يكون جديا من خالل المنازعة في زورية المستند‬

‫‪277‬‬
‫‪ -‬جواد بوكالطة االدريسي ‪ ،‬جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن"‪ .‬ط‪ .2.‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ‪،‬‬
‫ص‪.298.‬‬
‫المدلى به للمحكمة ‪ ،‬إضافة إلى أن جدية الطعن بالزور الفرعي يسد الباب أمام المتقاضين بسوء‬
‫نية بحيث يكون هدفهم استغالل هذه اإلمكانية القانونية لتعطيل إجراءات الدعوى وعرقلة سير‬
‫العدالة ‪ ،‬وقد انتبه المشرع المغربي ورتب عن سوء استعمال هذه االمكانية القانونية جزاء وهو ما‬
‫اورده في الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 98‬من ق‪.‬م‪.‬م "يحكم على مدعي الزور المرفوض طلبه بغرامة‬
‫تتراوح بين خمسمائة والف وخمسمائة درهم دون مساس بالتعويض والمتابعات الجنائية"‬

‫كما تطرق المشرع المغربي لهذا الشرط ‪ ،‬بصفة ضمنية في مقتضيات الفصل ‪ 92‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫وتعتبر جدية االدعاء بالزو الفرعي مسالة موضوعية تدخل في سلطة محكمة الموضوع ‪ ،‬فال‬
‫‪278‬‬
‫رقابة للمجلس األعلى عليها اال من حيث سالمة التعليل‪.‬‬

‫‪ -2‬ان يكون المستند المطعون فيه بالزور الفرعي منتجا وغير مستعمل في دعوى معينة ‪:‬‬

‫ان الطعن بالزور الفرعي يجب ان ينصب على مستند منتج في الدعوى‪ ،‬ويؤثر في‬
‫مصيرها‪ .‬اما اذا كانت المحكمة في غنى عن المستند المطعون فيه بالزور فانه ال يمكن لها‬
‫االستجابة للطلب على اعتبار الدعوى غير متوقفة عليه ‪ ،‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 92‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫‪ ،‬واكدته محكمة النقض في قراراتها منها ‪ " :‬اذا طعن احد االطراف اثناء سريان الدعوى في احد‬
‫المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك اذا راى ان الفصل في الدعوى‬
‫اليتوقف على هذا المستند ‪ ،‬حيث ان الدفع بالزور الفرعي في عقد النكاح قد تجاوزته المحكمة‬
‫لوجود احكام سابقة في الموضوع ولوجود عقد الطالق اوقعه الطاعن المدعية االمر الذي جعل‬
‫المحكمة تستغني عن النظر في الدفع لعدم جدواه وال يتوقف عليه الفصل في الدعوى خصوصا‬
‫وان الطاعن يعترف بالطالق وال طالق بدون زواج‪ ،279‬وبمفهوم المخالفة لهذا الشرط فانه اذا كان‬
‫الدفع بزورية المستند منتجا وان الفصل في الدعوى يتوقف عليه للفصل في النزاع ‪ ،‬فان المحكمة‬
‫ملزمة باالستجابة لطلب الطعن والقيام باالجراءات التي يفرضها القانون ‪ ،‬تحت طائلة خرق قاعدة‬
‫مسطرية جوهرية‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫‪ -‬خالد الغزاوي ص‪57 .‬‬
‫‪279‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 11/07/2002‬تحت عدد ‪ 715‬الملف العقاري ‪ 5779/88‬اورده محمد بفقير في ق‪.‬م‪.‬م والعمل القضائي‬
‫المغربي ص ‪.192‬‬
‫وقد جاء في قرار لمحكمة النقض ‪ ":‬مصادقة المحكمة على عقد الهبة دون اجراء مسطرة‬
‫الزور الفرعي والحال ان الفصل في الدعوى يتوقف على المستند المذكور يجعل القرار خارقا‬
‫‪280‬‬
‫لقاعدة مسطرية جوهرية"‬

‫اضافة الى ان المستند ال يجوز الدفع بزوريته اذا كان قد استعمل من قبل وسبق للمحكمة ان‬
‫اعتمدته في اصدار حكم معين ‪ ،‬بل يجب ان يكون المستند قد ادلي به الول مرة امام المحكمة وهذا‬
‫ما يستشف من القرار الصادر عن محكمة النقض بمناسبة‪.‬‬

‫تطبيق مسطرة الزور الفرعي الواردة في الفصل ‪ 386‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪ ،‬حيث جاء فيه " ال يجوز‬
‫االلتجاء الى المسطرة المنصوص عليها في الفصل ‪ 386‬من ق‪.‬م‪.‬م المتعلقة بدعوى الزور الفرعي‬
‫امام المجلس االعلى اال اذا كانت الوثيقة المطعون في سالمتها لم يسبق االدالء بها امام قضاة‬
‫‪281‬‬
‫الموضوع وادلي بها الول مرة امام المجلس االعلى"‬

‫ويمكن القول ان المستند اذا استعمل في محكمة ادنى درجة واعتمدت عليه هذه االخيرة في‬
‫اصدار الحكم ال يبقى لالطراف حتى اثارة الدفع في المرحلة الموالية للتقاضي (االستئناف) مادام‬
‫انهم سكتوا عن اثارته في المرحلة االبتدائية‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬تمييز دعوى الزور الفرعي عما يشبهها‬

‫أوال ‪ :‬تمييز دعوى الزور الفرعي عن دعوى تحقيق الخطوط‬

‫دعوى الزور الفرعي تشترك مع دعوى تحقيق الخطوط في وحدة الهدف والتي تتمثل في‬
‫بلوغ الحقيقة المجسدة في اثبات صحة او عدم صحة المحرر المطعون فيه ‪ ،‬فاذا ماثبت عدم صحة‬
‫هذا االخير فان ذلك يؤدي الى اسقاط وتضييع حجية الدليل ‪ ،‬فالتواجد على مستوى الهدف يمتد الى‬
‫طرق االثبات وهي التحقيق بالسندات او بشهادة الشهود او بواسطة الخبرة ‪ ،‬اثباتا او نفيا للخط‬
‫والتوقيع محل االنكار في المحرر العرفي او للزور المدعى به في المحرر الرسمي‬

‫‪280‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 11/07/2002‬تحت عدد ‪ 537‬ملف شرعي ‪ 75/2001‬اورده محمد بفقير‪ .‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.194‬‬
‫‪281‬‬
‫‪ -‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 28/08/1980‬تحت عدد ‪ ، 150‬اورده محمد بفقير ‪.‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪.501‬‬
‫ومع ذلك فاذا كانت دعوى الزور الفرعي تتشابه مع مسطرة تحقيق الخطوط في جوانب‬
‫مهمة – كما راينا – فانها تختلف عنها في جوانب اخرى‪ ،‬حيث ان نطاق مسطرة الزور الفرعي‬
‫‪282‬‬
‫يشمل المنازعات في صحة المحررات الرسمية والمحررات العرفية تتفاوت في القوة الثبوتية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تمييز دعوى الزور الفرعي عن دعوى الزور االصلي ‪:‬‬

‫تختلف دعوى الزور الفرعي عن دعوى الزور األصلي أوال من حيث موضوعها وثانيا من‬
‫حيث شروط اقامتها‪.‬‬

‫فاذا كانت دعوى الزور االصلية الجنائية الرفوعة من طرف الدعي ‪ ،‬تهدف الى درئ‬
‫االحتجاج بمستند مزور في المستقبل في مواجهة وبغير انتظار مطالبته او المسك قبل المستند‬
‫المزور في دعوى قائمة فعال ‪ ،‬فان دعى الزور الفرعية المدنية ترمي إلى إثبات عدم صحة‬
‫المحرر المقدم في دعوى قائمة فعال بغية هدم حجية الدليل ورد دعوى الخصم وذلك بغض النظر‬
‫إذا كان التزوير المرتكب معاقب عليه أم ال‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بشروط إقامة الدعوى فال يثار أي إشكال بالنسبة لشروط إقامة دعوى الزور‬
‫األصلية الجنائية ‪ ،‬فهي ترفع وفقا للشروط العادية إلقامة الدعاوى عموما ‪ ،‬فال تقبل من المحكمة‬
‫إال إذا وفرت الشروط األساسية فيها ‪ ،‬إما دعوى الزور الفرعية فال تكون مقبولة إال إذا توافرت‬
‫على شروط تتفق وطبيعتها فهي ترفع أثناء سريان دعوى قائمة ألنها غير مستقلة وإنما مرتبطة‬
‫بالدعوى األصلية المرفوعة ابتداء ‪ ،‬لذلك يشترط لقبولها أن تنصب على مستند مقدم في دعوى‬
‫‪283‬‬
‫أصلية قائمة ‪ ،‬وان تكون جدية ومنتجة فيها‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫‪ -‬خالد الغزاوي ‪":‬دعوى الزور الفرعي " ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القوانين االجرائية المدنية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2010/2009‬جامعة القاضي‬
‫عياض ‪ ،‬مراكش ص‪.35.‬‬
‫‪283‬‬
‫‪ -‬جواد امهول‪ ".‬الوجيز في المسطرة المدنية" ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬مطبعة االمنية الرباط‪ ،‬السنة ‪ 2015‬ص‪.110.‬‬
‫ال مطلب الثاني ‪ :‬أنواع الزور‬

‫التزوير في المحررات هو في واقع األمر تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي‬
‫يراد إبقاؤها بمستند رغبة في االحتجاج به تجاه الغير ‪ ،‬فهو إما أن يحدث ضررا مادي او معنوي ‪،‬‬
‫وبهذا فالتزوير نوعان اما مادي(اوال) او معنوي(ثانيا)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التزوير المادي‬

‫التزوير المادي هو الذي يقع بوسيلة مادية تترك آثارا ملموسة تدل على العبث بالمحرر‬
‫والتغيير الذي حصل فيه ‪ ،‬ويتم إدراكه بالعين المجردة أو بواسطة الخبرة‪.‬‬

‫أورد المشرع المغربي طرف التزوير المادي من خالل الفصل ‪ 352‬من القانون الجنائي‬
‫وهي طرف جاءت عل سبيل الحصر‪ .‬وهذه الطرق تتمثل في التوقيع المزور‪ ،‬وهو تلك اإلشارة أو‬
‫العالمة التي توضع غالبا في أسفل األوراق المحررة من الصادرة عن محررها‪.‬‬

‫إلى جانب التوقيع المزور نجد طريقة أخرى وهي وضع أشخاص وهميين أو استبدال‬
‫أشخاص بآخرين ‪ ،‬ويقصد بوضع أشخاص وهميين إيراد اسم وهمي في المحرر ‪ ،‬اما بالنسبة‬
‫الستبدال أشخاص بآخرين فهو إيراد اسم لشخص معين حقيقي وموجود فعال بدل آخر‪ .‬والطريقة‬
‫ثالثة من طرق التزوير التي أوردها المشرع في المادة السابقة الذكر (م‪ )352.‬فتتمثل في وضع‬
‫إضافات في سجالت قد تم تحريرها أو افتتاحها‪.‬‬

‫الفقرة ال ث اني ة ‪ :‬التزوير المعنوي‬

‫يراد بالتزوير المعنوي تغيير الحقيقة بطريقة معنوية تؤدي الى تحريف في مضمون المحرر‬
‫‪ ،‬وهذا التغيير يلحق بالظروف والمالبسات دون شكله ومادته لكون ذلك يصيب المعنى‪ .‬فهو ال‬
‫يترك أثرا ماديا ظاهرا على الورقة الرسمية يدل عليه ‪ ،‬ويتم إدراكه بالحواس‪.‬‬

‫ومن بين اهم طرق التزوير المعنوي هناك تغيير اتفاقات الطرفين والتي يقصد بها ‪ ،‬ان‬
‫الشخص المحرر للوثيقة ضمن فيها بيانات تختلف مع البيانات التي طلب منه احد االطراف تدوينها‬
‫واثباتها ‪ ،‬وعلى سبيل المثال كان يقوم المظف باثبات ان العقد عقد صدقة ‪ ،‬مع ان الطرفين صرحا‬
‫امامه بان العقد عقد الهبة‪.‬‬

‫فضال عن طريقة تغيير اتفاقات االطراف نجد طريقة اخرى وهي طريقة اثبات صحة وقائع‬
‫يعلم المحرر انها صحيحة‪.‬‬

‫الم بحث الثاني ‪ :‬مسطرة النظر في دعوى الزور الفرعي المدني‬

‫اشترط المشرع المغربي توافر مجموعة من الشروط لممارسة دعوى الزور الفرعي المدني‬
‫باالضافة الى اتباع مجموعة من االجراءات ‪.‬‬

‫ال مطلب االول ‪ :‬شروط ممارسة دعوى الزور الفرعي المدني‬

‫يجب توافر شروط معينة (اوال)‪.‬‬


‫واتباع اجراءات محددة (ثانيا)‪.‬‬

‫الفقرة اال ول ى ‪ :‬شروط ممارسة دعوى الزور الفرعي المدني‬

‫‪-‬أ‪ -‬تقديم طلب عارض بالزور في مستند مقدم في الدعوى ‪:‬‬

‫ان الطعن بالزور الفرعي يمارسه طرفي الدعوى القائمة امام المحكمة ‪ ،‬كما يمكن ممارسة‬
‫كذلك من طرف الورثة وذلك عندما يحلون كل احد طرفي الدعوى‪.‬‬

‫ويمكن ان يمارس هذه الدعوى حتى الشخص الذي قدم المستند‪ ،‬اذ يمكنه التمسك بزوريته ‪،‬‬
‫بل يمكن حتى ان يتقدم به الشخص الذي يتدخل او يدخل في الدعوى‪ ،‬اما من حيث الصيغة التي‬
‫يقدم بها الطعن بالزور الفرعي ‪ ،‬فقد نص عليها المشرع من خالل الفصل ‪ 94‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪ ،‬والتي‬
‫هي عبارة عن طلب عارض‪.‬‬

‫والطلبات العارضة من طبيعتها انها تقدم بواسطة مقال يسجل ويؤدى عنه الرسوم القضائية‪.‬‬
‫وتجدر االشارة الى ان اشارة الفصل ‪ 94‬من ق‪.‬م‪.‬م الى الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي ال‬
‫يعني وجوب تقديمة بمقال مؤادة عنه رسوم قضائية‪.‬‬

‫ولكي تقبل المحكمة الطلب العارضي عليها اوال ان تتاكد من كون الدعوى االصلية مقبولة‬
‫شكال النه في حالة ما اذا كان الطلب االصلي باطل فال فائدة من النظر في الطلب العارض ‪ ،‬وذلك‬
‫راجع الى ان الزور الفرعي متفرع عن الدعوى االصلية‪.‬‬

‫وذلك ما لم يكن قبولها من عدمه متوقف على البث في الطلب العارض كما في الطلب الرامي‬
‫الى الطعن بالزور في شهادة التوصل ‪ .‬فمحكمة االستئناف ال يمكنها ان تبث في قبول االستئناف او‬
‫‪284‬‬
‫عدم قبوله‪ ،‬اال بعد تاكيدها من صحة شهادة التوصل اوزوريتها‪.‬‬

‫‪-‬ب‪ -‬وجوب تقديم االدعاء بالزور الفرعي قبل قفل باب المناقشة‪:‬‬

‫يعتبر قفل باب المناقشة القيد الوحيد الذي يرد على رفع دعوى الزور الفرعي في نطاق‬
‫القانون المغربي ‪ ،‬ويعد باب المناقشة مفعوال اذا اصدرت المحكمة قرارا صريحا بذلك او بصورة‬
‫‪285‬‬
‫ضمنية اذا بدأت المحكمة في المداولة‪.‬‬

‫وحسب الفصل ‪ 335‬من ق‪.‬م‪.‬م ‪ ،‬يعتبر باب المناقشة مقفوال باصدار القاضي المقرر األمر‬
‫بالتخلي وبالتالي ال تعتبر المحكمة اية مذكرة وال مستند قدم من االطراف بعد هذا التخلي ‪.‬‬

‫وان عدم اصدار القاضي للقرار بالتخلي يترك الباب مفتوحا لالطراف باالدالء بحجيتهم الى‬
‫حين حجز القضية في المداولة وال مصلحة حينئذ في اثارة هذه الوسيلة مما يجعلها غير مقبولة‪.286‬‬

‫‪284‬‬
‫‪ -‬خالد سعيد‪ " ،‬االثبات في المنازعات المدنية دراسة علمية وعملية على ضوء القانون المغربي‪ "،‬دار السالم للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪ ، 1.‬سنة‬
‫‪ 2014‬ص‪.165.‬‬
‫‪285‬‬
‫‪ -‬خالد العزاوي‪.‬م‪.‬س ص‪50.‬‬
‫‪286‬‬
‫‪ -‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬عدد ‪ 160‬بتاريخ ‪ 17‬فبراير ‪ ،1982‬منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪.30‬‬
‫ال مطلب الثاني ‪ :‬شكليات االدعاء بالزور الفرعي والمحكمة‬
‫المختصة للبث في دعوى الزور الفرعي‬

‫ال يمكن قبول إجراء االدعاء بالزور الفرعي إال إذا توفرت مجموعة من الشكليات (أوال)‬
‫إمام المحكمة المدنية المختصة قانونا (ثانيا)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬شكليات االدعاء بالزور الفرعي‬

‫‪-‬أ‪ -‬تقديم الطلب العارض بالزور ‪:‬‬

‫باستقراء مجموعة من النصوص المنظمة للزور الفرعي خاصة ما يتعلق بقانون المسطرة‬
‫المدنية‪ ،‬يتضح بان الزور الفرعي يعتبر طلبا عارضا يتم تقديمه في صورة دفع تتم إشارته اثناء‬
‫سريان الدعوى‪ ،‬وبناء عليه يجب ان يقدم هذا الطلب بنفس االجراءات المتتبعة لتقديم الدعوى‬
‫االصلية كما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 31‬من ق‪.‬م‪.‬م‪.‬‬

‫فال يجوز ان يؤخر الطلب العارض البث في الطلب االصلي متى كان هذا االخير جاهزا‬
‫للحكم‪ ،‬وانه اليمكن فصل الطلب العارض عن الطلب االصلي ال في حالة وحيدة وهي التي يكون‬
‫فيها الطلب االصلي جاهزا للحكم ويكون من شأن الطلب العارض ان يؤخر البث في الطلب‬
‫‪287‬‬
‫االصلي‬

‫ان مقال االدعاء بالزور الفرعي اشترط فيه المشرع المغربي ان يتضمن مجموعة من‬
‫البيانات وهي المنصوص عليها في الفصل ‪ 32‬من ق‪.‬م‪.‬م بالنسبة للمقال المقدم امام المحكمة‬
‫االبتدائية‪ ،‬وكذلك النصوص عليها في الفصل ‪ 142‬من نفس القانون اذا ما تم تقديمه امام المحكمة‬
‫االستئناف‪.‬‬

‫‪-‬ب‪ -‬توجيه انذار الى الطرف المتمسك بالمستند المدعى فيه بالزور ‪:‬‬

‫ياتي هذا االجراء بعد تقديم الطلب العارض بالزور‪ ،‬فهو يفتح المجال امام االنطالق الفعلي‬
‫لمسطرة الزور الفرعي الذي يتجلى في ضرورة توجيه انذار الى الطرف المتمسك بالمستند‬

‫‪287‬‬
‫حليمة المغاري‪ ،‬محاضرات في مادة المسطرة المدنية ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ .2014/2013‬ص‪.48.‬‬
‫المدعل فيه بالزور وذلك حتى تتاكد المحكمة من جدية الدفع وكذلك من اجل اختبار نواياه في ما اذا‬
‫كان ينوي استعمال ذلك المستند ام ال‪ .‬وقد نص المشرع من خالل الفصل ‪ 92‬في فقرته الثالثة‬
‫‪288‬على اجل التصريح باعتماد المستند في الدعوى والذي حدده المشرع في اجل ثمانية ايام‪.‬‬

‫وبالتالي فإذا لم يتم ذلك داخل األجل المذكور اعتبر الخصم الذي قدم المستند المدعى فيه‬
‫‪289‬‬
‫بالزور كأنه تنازل عن استعماله‪.‬‬

‫وفي حالة التصريح من طرف الخصم بنيته في استعمال المستند المدعى فيه بالزور فان‬
‫المحكمة تأمر أوال بإيداع أصل المستند بكتابة ضبط المحكمة ‪ ،‬اخل األجل المذكور أعاله ‪.‬‬

‫واذا تم وضع المستند داخل األجل المحدد تشريع المحكمة في التحقيق في الطلب العارض‬
‫المتعلق بالزور الفرعي وهذا ما نص عليه الفصل ‪.94‬‬

‫ج‪ -‬اصل المستند المدعى فيه بالزور لدى كتابة ظبط المحكمة‪:‬‬

‫يعتبر هذا االجراء النطالق دعوى الزور الفرعي ‪.‬ويهدف الى المحافظة على أصل المستند‬
‫‪290‬‬
‫من الضياع وحتى ال يصل إلى يد بعض العابثين إلى أن يتم إجراء تحقيق في أمر تزويره‬

‫ومباشرة بعد إيداع أصل المستند بالكل المتطلب قانونا يقوم القاضي خالل ثمانية أيام الموالية‬
‫بالتأشير على المستند أو األصل وتحرير محضر يبين فيه حالة المستند أو األصل ويمكن كذلك‬
‫تحرير محضر بحالة نسخة المستند دون انتظار وضع األصل الذي يحرر بحالته محضر مستقل‬

‫هذا المحضر الذي يجب ان يتضمن بيان ووصف الشطب أو اإلقحام أو الكتابة بين السطور‬
‫وما شابه ذلك ويوقع عليه بعد ذلك القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية وممثل النيابة‬
‫‪291‬‬
‫العامة واألطراف الحاضرون أو وكالئهم‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫‪ -‬نصت الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 92‬من ق‪.‬م‪.‬م على انه ‪ ":‬اذا صرح الطرف الذي وقع انذاره انه يتخلى عن استعمال المستند المطعون فيه بالزور‬
‫الفرعي او لم يصرح بشيء بعد ثمانية ايام نحي المستند من الدعوى"‬
‫‪289‬‬
‫‪ -‬انظر الفصالن ‪ 93‬و ‪ 95‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫‪290‬‬
‫‪ -‬خالد الغزاوي ‪ ،‬م‪.‬س‪.‬ص‪.66.‬‬
‫‪291‬‬
‫‪ -‬انظر الفصل ‪ 97‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫الفقرة ال ثاني ة ‪ :‬المحكمة المخ ت صة للبث في دعوى الزور الفرعي‬

‫إن المحكمة التي لها حق النظر في دعوى الزور الفرعي هي المحكمة التي تنظر في الدعوى‬
‫األصلية‪.‬‬

‫والثابت أن الطعن بالزور الفرعي يجب أن يقدم كد عوى يؤدى عنها ال كدفع حيث جاء في‬
‫قرار صادر عن محكمة النقض انه ‪ ":‬يتعين أن يقدم الطعن بالزور الفرعي إلى المحكمة كدعوى‬
‫يؤدى عنها ال كدفع‪ ،‬وبالتالي فان اإلعالن عن الرغبة في مباشرة هذا الطعن دون ا ن يأتي ذلك في‬
‫‪292‬‬
‫شكل طلب قضائي ال يرقى إلى الطعن بالزور"‬

‫تجدر اإلشارة إن قانون المسطرة المدنية الملغى كان يجعل دعوى الزور العارضة من‬
‫اختصاص المحكمة اإلقليمية ‪ ،‬فإذا قام احد الخصوم بالطعن بالزور الفرعي في إحدى األوراق‬
‫المدلى بها أمام القاضي هذا األخير الذي يوقف الفصل في الطلب ويحيل الخصوم إلى المحكمة‬
‫اإلقليمية وفق أحكام الفصلين ‪201‬و‪ 116‬من القانون الذي سبق ذكره‬

‫ومما تجدر اإلشارة له كذلك أن القضاء المستعجل ال يختص بالفصل في دعوى التزوير‬
‫الفرعي لكون هذا الفصل من شانه يمس أصل الحق وهذا يتماشى مع حدود اختصاصات القضاء‬
‫أالستعجالي الذي ال يبث في جوهر القضية وإنما يقتصر دوره في الحفاظ على األوضاع الظاهرة‪.‬‬

‫‪292‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 224‬صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2007/02/21‬في الملف التجاري رقم ‪2006/1/3/36‬‬
‫الباب الثالث ‪ :‬الطعن بالزور المدني في المحررات الرسمية‬

‫لالحاطة بمكامن الجزء المتعلق بالطعن بالزور المدني في المحررات الرسمية تطلب األمر‬
‫معالجة األحكام العامة لدعوى الزور الفرعية المدنية في (الفصل أولى) على أن يتم معالجة الشق‬
‫المتعلق بمسطرة الطعن بالزور و أثاره (بالفصل الثاني)‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬األحكام العامة لدعوى الزور الفرعية المدنية‬


‫لقد جعل المشرع المغربي دعوى الزور الفرعية السبيل الوحيد للطعن في حجية المحرر ‪،‬‬
‫وكان ذلك تكرسا لمختلف الضمانات التي منحها للمحررات الرسمية ‪ ،‬حتى ال تبقى عرضة‬
‫للتشويش والطعن في مصداقيتها كل حين ‪ .‬كما تعرف كذلك بكونها سلسلة اإلجراءات المتبعة‬
‫إلثبات تزوير مستند مقدم إلى هيئة الحكم سواء كان المستند رسميا أو عرفيا ‪ ،‬وبالرجوع إلى‬
‫قانون المسطرة المدنية نجد المشرع خصص الفصول من ‪ 92‬إلى ‪ 102‬لتنظيم مختلف‬
‫المقتضيات المتعلقة بدعوى الزور الفرعية المدنية‪ .‬ولإلحاطة بمختلف جوانب الموضوع وكذا‬
‫جعله منسجما شكال ومضمونا ‪ ،‬فقد ارتأينا تقسيم هدا الفصل إلى مبحثين ‪ ،‬سنتناول في األول‬
‫"ماهية الطعن بالزور الفرعي " ‪ ،‬بينما سنخصص المبحث الثاني "أنواع وتمييز دعوى الزور‬
‫الفرعي عن ما يشابهها‬

‫المبحث األول‪ :‬ماهية دعوى الزور الفرعي المدني‬


‫تمارس دعوى الزور الفرعي المدني أمام القضاء المدني وسميت بدعوى الزور الفرعي ألنه‬
‫ال يمكن أن توجد إال بوجود دعوى أصلية ينظر فيها القضاء المدني و يجوز اإلدعاء بالزور‬
‫الفرعي في أية حالة تكون عليها الدعوى األصلية أمم القضاء المدني‪293‬ن شريطة أن يحصل على‬
‫هذا االدعاء قبل إقفال باب المناقشة لكي يكون مقبوال ولعل السبب في اشتراط هذا التقييد هو‬
‫ضمان جدية االدعاء بالزور الفرعي‪ ،‬ومنع مدعيه من اتخاذه طريقا للمماطلة وإطالة أمد التقاضي‬
‫بهدف تأخير الفصل في الدعوى األصلية‪.‬‬

‫‪293‬‬
‫‪ -‬المشرع المصري في المادة ‪ 295‬من ق م م على جواز الطعن بالتزوير في أية حالة تكون عليها الدعوى‪ ،‬سواء أثناء التحفيظ أو أثناء نظر‬
‫القضية أمام المحكمة‪.‬‬
‫ولإلشارة فهناك بعض التشريعات التي تأخذ بدعوى الزور األصلية المدنية كالتشريع‬
‫‪294‬‬
‫أما المشرع المغربي فال يأخذ بهذه الدعوى األصلية المدنية‪ ،‬ومع ذلك وبالرغم من‬ ‫الفرنسي‬
‫غياب النص يمكن للقضاء المغ ربي أن يقبل النظر في دعوى الزور األصلية المدنية‪ ،‬كلما توافرت‬
‫فيها الشروط األساسية إلقامة الدعوى عموما‪.295‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق سنقوم‪ ،‬بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬سنتناول في المطلب األول‬
‫مفهوم دعوى الزور المدني الفرعي‪ ،‬لننتقل إلى تحديد طبيعة الزور في مطلب ثاني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم دعوى الزور المدني الفرعي‬


‫سوف نقوم في هذا المطلب‪ ،‬بإعطاء تعريف للزور في فقرة أولى‪ ،‬ثم تعريف دعوى الزور‬
‫المدني في فقرة ثانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف دعوى الزور‬


‫إن تحديد المفهوم القانوني لدعوى الزور الفرعي يتطلب أوال التعريف بفعل الزور باعتباره‬
‫السبب الرئيسي الذي من أجله تقام دعوى الزور الفرعي‪.‬‬

‫ويقصد بالزور لغة‪ ،‬الكذب وعدم الصحة‪ ،‬فهو إلباس الحق بالباطل إليهام الناس بصحة أمر‬
‫ال يطابق الواقع وال ينسجم مع الحقيقة ‪ ،‬لدى جرى إطالق لفظ الزور على تزيين الكذب‬
‫وتحسينه‪.296‬‬

‫‪294‬‬
‫‪ -‬نص المشرع الفرنسي على دعوى الزور األصلية المدنية » ‪ « faux principal civil‬في الفصول ‪ 300‬إلى ‪ 302‬من ق م م الجديد وكذلك نص‬
‫عليها المشرع المصري في المادة ‪ 59‬من ق اإلثبات رقم ‪ 25‬لسنة ‪.1968‬‬
‫‪295‬‬
‫‪ -‬حاول المشرع المغربي إغالق هذه الثغرة القانونية عندما نص علي هذه الدعوى في مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية في نسخة مؤقتة‬
‫يوم االثنين ‪ 12‬يناير ‪ .2015‬حيث نص في الفرع السادس في الجزء الفرعي الثاني‬
‫ادعاء الزور الفرعي األصلي‪:‬‬
‫المادة ‪101-1‬‬
‫يمكن لمن يخشى االحتجاج عليه بمستند مزور أن ينازع من بيده ذلك المستند لسماع الحكم بتزويره وذلك بدعوى أصلية‪.‬‬
‫يتضمن المقال بيان الوسائل التي يعتمد عليه مدعي الزور‬
‫المادة ‪101-2‬‬
‫تطبق في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها القواعد المنصوص عليها في هذا الفرع‬
‫المادة ‪102‬‬
‫يوقف النظر في دعوى الزور المدنية إلى حين البث في دعوى الزور الزجرية إن وجدت‪.‬‬
‫‪ -296‬ابن منظور‪" ،‬لسان العرب" المجلد الرابع‪ ،‬دار بيروت صفحة ‪ .337 – 336‬وأنظر سعيدي أبو حبيب ‪ ":‬القاموس الفقهي لغة‬
‫واصطالحا" دار الفكر – دمشق سوريا الطبعة األولى‪ ، 140 / 1982 ،‬ص ‪.161‬‬
‫وفي االصطالح القانوني‪ ،‬فالزور هو تغيير الحقيقة قوال أو فعال أو كتابة‪. 297‬‬

‫ومفهوم التزوير في المحررات سواء الرسمية أو العرفية حدده الفصل ‪ 351‬من القانون‬
‫الجنائي في تغيير الحقيقة بسوء نية تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى‬
‫الوسائل المنصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫وه كذا فالتزوير يعني تغيير الحقيقة من أجل مخادعة الغير بوقائع كاذبة استغالال للثقة بهدف‬
‫إحداث ضرر مادي أو معنوي‬

‫يظهر مما سبق أن التزوير في المحررات الرسمية‪ 298‬هو تعريف مفتعل للحقيقة في الوقائع‬
‫والبيانات التي يراد بقائها بمستند يحتج به تجاه الغير‪ ،‬فإذا وقع االحتجاج بمحرر رسمي في نزاع‬
‫قائم‪ ،‬أي في دعوى قائمة أصال‪ ،‬فإنه يتعين على من احتج عليه بذلك المحرر أن تدعى بأنه مزور‬
‫‪299‬‬
‫أو أن يسلك ما بدعوى الزور الفرعي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف دعوى الزور المدني‬


‫نجد المشرع المغربي لم يعرف دعوى الزور الفرعية المدنية‪ ،‬بل نظمها في الفصل ‪ 92‬إلى‬
‫الفصل ‪.102‬‬

‫‪ -297‬جواد بوكالطة االدريسي " الطبيعة القانونية لدعوى الزور الفرعية " الطبعة األولى – مكتبة الرشاد سنة ‪ 2005‬ساحة محمد‬
‫الخامس سطات ص ‪.27‬‬
‫‪ - 298‬عرف المشرع المغربي المحرر الرسمي في الفصل ‪ 418‬من ق ل ع إذ نص على ما يلي‪ ":‬الورقة الرسمية هي التي يتلقاها‬
‫الموظفون العموميون في مكان تحرير العقد‪ ،‬وذلك في الشكل الذي يحدده القانون وتكون رسمية أيضا‪.‬‬
‫‪ -1‬األوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم‬
‫‪ -2‬األحكام الصادرة من المحاكم المغربية واألجنبية بمعنى أن هذه األحكام يمنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على‬
‫الوثائق التي يثبتها"‬
‫ويشترط الكتساب الوثيقة الرسمية طبقا للفصل ‪ 418‬من ق ل ع ثالثة شروط هي‪:‬‬
‫أن يقوم بكتابة الورقة موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة‬ ‫‪-1‬‬
‫أن يكون الموظف الذي قام بتحرير الورقة مختصا بتحريرها وله صالحية التوثيق‬ ‫‪-2‬‬
‫أن تكون الورقة في الشكل الذي حدده القانون‬ ‫‪-3‬‬
‫لمزيد من التفصيل أنظر ادريس الشبلي مسطرة تحقيق الخطوط في القانون المغربي دراسة مقارنة – الطبعة األولى ‪ 2016‬المطبعة‬
‫والوراقة الوطنية مراكش ص ‪.61-60-59‬‬
‫‪299‬‬
‫‪ -‬خالد الغزاوي‪ ،‬دعوى الزور الفرعي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية مراكش السنة الجامعية ‪ 2010-2009‬ص ‪ 15‬و‪.16‬‬
‫وقد عرفها بعض الفقه‪ 300‬بأنها دعوى عارضة ترفع أثناء سريان دعوى أصلية قائمة أصال‪،‬‬
‫وبمناسبة النظر فيها‪ ،‬في ألحد المستندات المقدمة فيها بهدف إثبات عدم صحته‪ ،‬وبالتالي عدم‬
‫اعتماد المحكمة عليه كجهة أو دليل إثبات للفعل في الدعوى األصلية‪.‬‬

‫يعرف الق ضاء اإلدعاء بالزور الفرعي بأنه مجموعة من اإلجراءات التي يجب إتباعها‬
‫إلثبات الزور أي عدم صحة األوراق الرسمية وبعض حاالت األوراق العرفية وهو بهذه المثابة ال‬
‫يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى األصلية بقصد جني منفعة ومصلحة في‬
‫ردود فعل دعوى الخصم‪.‬‬

‫واستنادا على ما سبق‪ ،‬فإن دعوى الزور الفرعي هي دعوى غير مستقلة ترفع بمناسبة‬
‫جريان دعوى قائمة أصال‪ ،‬ما لم يقفل باب المناقشة فيها أمام المحكمة‪ ،‬وأيا كانت درجة التقاضي‬
‫وذلك بإثبات عدم صحة مستند من المستندات المدلى بها في الدعوى األصلية‪ .‬وبالتالي اعتماد‬
‫‪301‬‬
‫المحكمة عليه كحجة أو دليل إثبات للفصل في الدعوى األصلية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬طبيعة دعوى الزور الفرعي‬


‫لقد اختلف كل من الفقه والقانون ‪ ،‬سواء المغربي أو المقارن حول طبيعة هذه الدعوى‪،‬‬
‫فهناك من اعتبرها طلبا عارضا وهناك من اعتبرها دفعا موضوعيا ‪ ،‬لذلك سنتناول في ( الفقرة‬
‫األولى ) دعوى الزور الفرعي كطلب عارض ‪ ،‬بينما سنتطرق في (الفقرة الثانية) إلى دعوى‬
‫الزور الفرعي كدفع موضوعي‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬دعوى الزور الفرعي طلب عارض‬


‫لقد عرف األستاذ محمد منجي ‪302‬دعوى الزور الفرعية بأنها دعوى عارضة يتم رفعها‬
‫أثناء سريان دعوى أصلية قائمة ‪ ،‬في احد المستندات المقدمة فيها بهدف الطعن في صحتها ‪،‬‬
‫وبالتالي عدم اعتمادها من المحكمة كدليل اإلثبات في الدعوى األصلية ‪ ،‬كما تعرف كذلك بكونها‬

‫‪300‬‬
‫‪ -‬محمد المنجي‪ ،‬دعوى الزور الفرعية في المواد المدنية ‪ ،‬الطبعة األولى منشأة المعارف سنة ‪ 1992‬االسكندرية ص ‪.105‬‬
‫‪301‬‬
‫‪ -‬خالد الغزاوي م س ص ‪.16‬‬
‫‪302‬‬
‫محمد منجي "دعوى الزور الفرعية في المواد المدنية" الطبعة األولى – منشاة المعارف ‪ ،‬سنة ‪– 1992‬اإلسكندرية ‪ ،‬ص ‪105‬‬
‫‪303‬‬
‫حيث اعتبر‬ ‫سلسلة اإلجراءات المتبعة عرفيا ‪ ،‬وفي نفس االتجاه نجد عبد السالم حادوش‬
‫دعوى الزور الفرعي دعوى عارضة تقدم في شكل طلب عارض‪.‬‬

‫كما نجد الفقه والقضاء الفرنسي يرى انه تقدم هذه الدعوى في شكل طلب عارض ضمن أي‬
‫حالة من حاالت اإلجراءات ولو كانت الدعوى في مرحلة االستئناف لكن بشرط تقديم هذا الطلب‬
‫قبل إغالق باب المناقشات‪ .‬بالرغم من أن المشرع الفرنسي لم يقم صراحة بتحديد طبيعة الزور‬
‫الفرعي سوا ء في القانون المدني أو الجنائي ‪ ،‬لكنه ردد عبارة " مطعون فيه بالزور" ( المادة‬
‫‪ 306‬من القانون المدني الفرنسي )‪ ،‬حيث اعتبره بمثابة ادعاء ‪،‬وهذا األخير يتخذ صورة طلب ‪،‬‬
‫ونفس الشيء نجده عند المشرع المصري في قانون المرافعات الحالي حيث استعمل عبارة "‬
‫االدعاء بالتزو ير "‪ ،‬بدل عبارة " الطعن بالتزوير" تنافيا لكل تشويش على اعتبار الزور الفرعي‬
‫‪304‬‬
‫بمثابة دعوى‪.‬‬

‫ونفس الشيء عند القضاء المغربي كذلك ‪ ،‬حيث جاء في إحدى قرارات محكمة النقض‬
‫‪305‬‬
‫وجعل‬ ‫"يتعين ان يقدم الطعن بالزور الفرعي إلى المحكمة كدعوى مؤدى عنه ال كدفع "‬
‫الطعن بالزور الفرعي الوارد في مذكرات جوابية أو مستنتجات غير ناتجة ‪ ،‬ال يحظى حتى بالرد‬
‫من قبل المحكمة ويفسر ذلك بالرفض الضمني ‪ ،‬نظرا الن الزور الفرعي لم يقدم بصفة قانونية‬
‫وبالتالي فالمحكمة غير ملزمة بتتبع الخصوم في جميع مناحي أقوالهم التي ال تأثير لها على‬
‫اتجاهها وهذا ما جاء في قرار صادر عن المجلس األعلى " يشكل الطعن بالزور الفرعي دعوى‬
‫عارضة يتعين تقديمها بموجب مقال مؤدى عنه الرسوم القضائية وان اكتفاء طرف الخصومة انه‬
‫عازم على مباشرة مسطرة الطعن بالزور الفرعي دون ممارستها في شكل دعوى وعدم جواب‬
‫المحكمة عنه تكون قد وردت عن هذا الملتبس ورفضته ضمنيا "‪.306‬‬

‫أو‬ ‫الخط‬ ‫إنكار‬ ‫حدود‬ ‫عند‬ ‫يقف‬ ‫ال‬ ‫الفرعي‬ ‫بالزور‬ ‫الطعن‬ ‫طلب‬ ‫إن‬
‫التوقيع ‪ ،‬بل الطعن في الوثيقة المحتج بها نفسها ‪ ،‬كان يطعن في العقد المحتج به مثال ‪ ،‬وعلى‬
‫اعتبار انه هذا الطعن يثار أثناء النظر في دعوى مدنية ‪ ،‬فهو طلب عارض يمكن التقدم به في‬

‫‪303‬‬
‫عبد السالم حادوش كان قاضيا بالمحكمة اإلقليمية بالناطور في بداية السبعينات‬
‫‪304‬‬
‫جواد بوكالطة اإلدريسي م س ص ‪62‬‬
‫‪305‬‬
‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ ، 21/02/ 2007‬تحت عدد ‪ 224‬ملف تجاري ‪ 36/ 2006‬محمد بفقير ص ‪ 196‬المرجع نفسه‬
‫‪306‬‬
‫قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 2007/02/21‬تحت عدد ‪ ، 224‬ملف تجاري ‪ ، 36/2006‬محمد بفقير ص ‪196‬‬
‫أي مرحلة من مراحل الدعوى ولو ألول مرة أمام محكمة االستئناف ‪ ،‬وهذا المقال يشكل طلبا‬
‫متميزا عن الطلب األصلي ‪ ،‬وينظر في موضوع الدعوى وال يمكن اعتباره دفعا ‪ .‬فهو قد يطعن‬
‫‪307‬‬
‫في أهم سند يحتج به كالعقد نفسه ‪ ،‬أي الوثيقة ذاتها بمعنى انه يخترق عمق الدعوى ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬دعوى الزور الفرعي دفع موضوعي‬


‫يمكن إثارة الطعن بالزور الفرعي كدفع موضوعي في مذكرة جوابية أو مستنتجات‬
‫عادية‪،‬دون اعتباره دعوى فرعية أو عارضة‪ ،‬ودون أن تؤدى عنه الرسوم القضائية ‪ ،‬والمالحظ‬
‫أن القضاء تبنى هذا االتجاه حيث جاء قرار صادر عن محكمة النقض "قواعد المسطرة المدنية ال‬
‫توجب إثارة الزور الفرعي بمقتضى مقال طبقا لفصلها ‪ 31‬وال بمقتضى مقال عارض مودى عنه‬
‫الرسوم القضائية وان إشارة الفصل ‪ 94‬من ق‪.‬م‪.‬م إلى الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي ال‬
‫يستوجب تقديمه بمقال مودى عنه رسوم قضائية"‪.308‬كما نجد مميزات أخرى لهذا االتجاه ‪ ،‬وهي‬
‫ان التقادم يرد على الطلب سواء كان أصليا أو عارضا ‪ ،‬أما االدعاء بالزور فال يسقط بالتقادم إذ‬
‫تصح مباشرته أثناء نظر الدعوى األصلية ولو اتضح أن التزوير قد مضى عليه أمد التقادم‬
‫‪309‬‬
‫الطويل مما يدل على ان طبيعته من صنف الدفوع الموضوعية ‪.‬‬

‫و في االخير يمكن القول أن دعوى الزور الفرعية ‪ ،‬هي دفع موضوعي يثار أثناء سير‬
‫الدعوى األصلية و ينصب على أحد المستندات المقدمة فيها ‪ ،‬فضال عن كونها طلبا عارضا‬
‫يكون منطلقا لقيام المحكمة المدنية بإجراءات الزور المنصوص عليها في القانون بهدف إثبات‬
‫عدم صحة المستند المحتج به على مدعى الزور و بالتالي هدم حجيته توصال إلى خسران دعوى‬
‫خصمه‪ .‬وبالتالي فهي ذات طبيعة مزدوجة‪.‬‬

‫‪307‬‬
‫الدكتور محمد األزهر "الدعوى المدنية " الطبعة الثالثة ‪ 2016‬ص ‪428‬‬
‫‪308‬‬
‫قرار صادر بتاريخ ‪ 23/1/2008‬تحت عدد ‪ – 311‬محمد بفقير ص ‪ ، 198‬نفس المرجع‬
‫‪309‬‬
‫جواد بوكالطة ‪ ،‬جريمة التزوير في المحررات في نطاق التشريع المغربي والمقارن "الطبعة الثانية ‪ ،‬مكتبة الرشاد ‪ 6‬قسارية الهرادي ‪، 2009،‬‬
‫ص‪78‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع الزور وتمييز دعوى الزور الفرعي عن ما‬
‫يشابهها‪.‬‬
‫يعتبر التزوير الذي يصيب المحررات وينال من حجيتها في اإلثبات تحريف مفتعل للحقيقة‬
‫التي يراد إلقاؤها بمستند يحتج به تجاه الغير من شأنه إحداث ضرر مادي أو معنوي‪ ،‬إذا ما وقع‬
‫االحتجاج بالمحرر في نزاع قائم أي في دعوى قائمة أصال‪ ،‬فإنه يتعين على من احتج عليه بذلك‬
‫محررات ادعى انه مزور ان يسلك دعوى الزور الفرعي المدني‪.‬‬

‫كما تتشابه وتختلف دعوى الزور الفرعي المدني مع دعاوى أخرى كدعوى تحقيق الخطوط‬
‫التي عالجها المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية في الفصول ‪ 91- 90-89‬هدفها إثبات‬
‫صحة المحررات العرفية التي يقع إنكارها لتنهض حجة التمسك بها في مواجهة من انكرها‪ .‬وبين‬
‫دعوى الزور الجنائية التي تعتبر دعوى مستقلة عن دعوى الزور المدني من حيث الموضوع‬
‫واإلجراءات‪.‬‬

‫وأخيرا بين دعوى الزور المدنية األصلية الغير التابعة لدعوى أخرى التي نظمها المشرع‬
‫المغربي ألول مرة في مسودة المسطرة المدنية‪.‬‬

‫عموما قبل التطرق لمظاهر التمييز بين دعوى الزور المدني الفرعي عن ما يشابهها من‬
‫األنظمة‪ ،‬سندرس أوال أنواع الزور سواء المادي أو المدني أو المعنوي وذلك وفق التصميم‬
‫التالي‪:‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬أنواع الزور‬


‫المطلب الثاني‪ :‬تمييز دعوى الزور الفرعي عن مايشابهها‬
‫المطلب األول ‪ :‬أنواع الزور‬
‫باعتبار التزوير في المحررات الرسمية تحريف مفتعل للحقيقة في الواقع والبيانات التي يراد‬
‫إبقاؤها بمستند يحتج به تجاه الغير‪ ،‬ومن شأنه إحداث ضرر مادي أو معنوي‪ ،‬فالتزوير بهذا‬
‫المعنى على نوعين‪ ،‬تزوير مادي (الفقرة األولى) وتزوير معنوي ( فقرة ثانية)‬

‫‪LE FAUX MATERIEL‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬التزوير المادي‬


‫هو الذي يقع بوسيلة مادية تترك أثرا ملموسا يدل على العبث بالمحرر والتغيير الذي حصل‬
‫فيه‪ ،‬ويمكن إدراكه بالعين المجردة أو بواسطة الخبرة الفنية‪ ،‬سواء سمت في المحرر ذاته او‬
‫بإنشاء محرر آخر وياخذ الزور المادي صورتين‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التقليد‬

‫هو اصطناع شيء مماثل لالصل أي ان يتم اصطناع أوراق مماثلة للمحررات الرسمية‬
‫وإسنادها إلى موظف عمومي وهذا بوضع التوقيعات واالختام المقلدة عليها‪ .‬وهي في حقيقة األمر‬
‫ان هذه الورقة ال وجود لها أصال ‪ ،‬ولم تصدر عن الموظف العمومي‪.310‬‬

‫ثانيا‪ :‬التزييف‪:‬‬

‫هي تلك التغييرات غير الحقيقية والتي تتم عن ذات المحرر المراد تزويره إما عن طريق‬
‫التشطيب‪ ،‬اإلضافة‪ ،‬اإلقحام‪ ،‬الحذف‪.‬‬

‫مثال ذلك‪ ،‬إلحاق تحريف لمحرر بعد إنشاء محرر مصطنع عن طريق تشطيبات ‪،ratures‬‬
‫إضافات ‪ ،additions‬إقحامات ‪ ، sur charges‬او حذف فقرة او مقطع منه ‪suppression de‬‬
‫‪311‬‬
‫‪. certain passage‬‬

‫وقد عرفه األستاذ عبد الواحد العلمي بأنه‪" :‬تغيير الحقيقة إما في محرر قائم فعال‪ ،‬وذلك عن‬
‫طريق حذف بعض البنود منه بالمحو أو الكشط مثال او تعديل بعض هذه البنود منه كأن يضاف‬
‫حرف األلف للواو ليصبح الحكم في تعريف ما على سبيل الخيار بعد ان كان على سبيل البت‪ ،‬أو‬
‫‪310‬‬
‫‪ -‬معوش ريمة‪ ،‬م س ص ‪62‬‬
‫‪311‬‬
‫جواد بوكالطة اإلدريسي م س ط ‪ 2005‬ص ‪27‬‬
‫بزيادة كتابة في محرر ال يتضمن هذه الزيادة أصال‪ ،‬كما يعتبر تزوير ماديا باألحرى خلق محرر‬
‫‪312‬‬
‫لم يكن موجود من قبل بالمرة ونسبة ما جاء به إلى الغير‪"...‬‬

‫عموما فالمحرر يكون مزورا متى قام به الموظف العمومي او الموثق أو العدل أثناء‬
‫مزاولتهم لمهامهم باستعمال وسيلة واحدة على األقل من وسائل التزوير اآلتية‪:‬‬

‫وضع توقيعات مزورة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تغيير المحرر او الكتابة أو التوقيع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫وضع اشخاص موهومين او استبدال أشخاص بآخرين‬ ‫‪-‬‬
‫كتابة إضافية أو مقحمة في السجالت او المحررات العمومية بعد تمام تحريرها أو‬ ‫‪-‬‬
‫‪313‬‬
‫اختتامها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التزوير المعنوي‬


‫‪314‬‬
‫يراد بالتزوير المعنوي تغيير الحقيقة في موضوع المحرر أو في ظروفه أثناء التحرير‬
‫وبمعنى آخر فهو تغير في الحقيقة بطريقة معنوية تؤدي إلى تحريف في مضمون المحرر‪ ،‬وفي‬
‫ظروفه ومالبساته ال في مادته وشكله‪ ،‬فهو بذلك يصيب المعنى ال المبنى‪ ،‬وال يترك أثرا ماديا‬
‫ظاهرا على المحرر يدل عليه‪ ،‬ويمكن للحواس إدراكه‪. 315‬‬

‫وطرق التزوير المعنوي حسب الفصل ‪ 353‬من ق ج المرتكبة من طرف موظف عمومي أو‬
‫قاض أو عدل أو موثق ‪..‬إلخ أثناء مزاولة وظيفته وهي‪:‬‬

‫تغيير اتفاقات الطرفين‬ ‫‪-1‬‬


‫يعني المشرع بهذه الطريقة أن من عهد إليه تدوين المحرر الرسمي‪ ،‬قد اثبت فيه بيانات‬
‫تختلف عن تلك التي طلب دون الشأن منه إثباتها‪ ،‬كأن يثبت الموظف أن العقد عقد عارية مع أن‬
‫الطرفين صرحا أمامه بأنه عقد رهن والتزوير بهذه الطريقة معنوي‪ ،‬ال يستيسر اكتشافه إال‬

‫‪312‬‬
‫‪ -‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص ط ‪ 6‬مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ‪ 2013‬ص ‪.172‬‬
‫‪313‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 352‬من القانون الجنائي‬
‫‪314‬‬
‫‪ -‬محمد نجيب حسني‪ :‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص ‪ ":‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،1995‬ص ‪.228‬‬
‫‪315‬‬
‫‪ -‬جواد بوكالطة اإلدريسي‪ ،‬ط ‪ 2009‬م س ص ‪.28‬‬
‫بالرجوع إلى صاحب الشأن‪ ،‬ويعتبر تزويرا معنويا كذلك تغيير اتفاقات الطرفين التغيير المعتمد‬
‫في المعنى عندما يرتكبه مترجم كلف بترجمة محرر رسمي من لغة إلى أخرى‪.316‬‬
‫إثبات صحة وقائع يعلم المحرر أنها غير صحيحة‬ ‫‪-2‬‬

‫وتعتبر هذه الطريقة أوسع طرق التزوير المعنوي وأكثرها وقوعا في الحياة العملية‪ ،‬ويعني‬
‫المشرع بهذه الطريقة كل إثبات لواقعة على غير حقيقتها‪ ،‬ومثاله أن يدعي المحتج عليه بمحرر‬
‫رسمي ان البيانات المتبثة به ال تنقل بامانة التصريحات التي تلقاها الموظف الذي دون المحرر‬
‫‪317‬‬
‫تكره للحقيقة وتحريفه لها عن طريق جعل واقعة غير صحيحة في صورة واقعة صحيحة‪.‬‬

‫اتباث الفاعل لوقائع على أنه ا اعترف بها لديه أو حدث أمامه بالرغم من عدم‬ ‫‪-3‬‬
‫حصول ذلك‪.‬‬
‫وهذه الحالة تشبه الحالة السابقة ومثالها أن يذكر الموثق في العقد أن البائع للعقار قد اعترف‬
‫أمامه بأنه تسلم الثمن من المشتري في حين أن الواقعة لم تحدث قط‪.‬‬
‫حذف أو تغيير عمدي في التصريحات الملقاة‬ ‫‪-4‬‬
‫هذه الوسيل ة من وسائل التزوير المعنوي تنصب على تغيير التصريحات ومثاله أن يغير‬
‫ضابط الشرطة القضائية في التصريحات التي أفاد بها أحد الشهود أمامه فينسب إليه أنه صرح‬
‫بكذا‪ ،‬في حين انه لم يصدر عنه ذلك ويجب أن يكون الهدف‪ ،318‬الذي يسعى إليه المزور هو‬
‫إضفاء طابع ومظهر الحقيقة على واقعة كاذبة‪.‬‬
‫نستنتج مما سبق أن التمييز بين التزوير المادي والمعنوي يكتسي أهمية بالغة في الواقع‬
‫العملي‪ ،‬حيث أن التزوير المادي يمكن إثباته بحكم طبيعته بخالف التزوير المعنوي‪ ،‬قال يتيسر‬
‫إثباته من ذات المحرر وإنما من أمور أخرى‪ .‬تتيسر أحيانا وقد تتعذر أحيانا اخرى‪ .‬كما يرى الفقه‬
‫سو اء في فرنسا او مصر أن المحررات الرسمية تقبل اإلدعاء بالتزوير‪ ،‬ماديا كان أو معنويا‪ ،‬بينما‬
‫‪319‬‬
‫ال تقبل المحررات العرفية سوى االدعاء بالتزوير المادي‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫‪ -‬أحمد بنعجية‪ ،‬م س ص ‪.13‬‬
‫‪317‬‬
‫‪ -‬جواد بوكالطة اإلدريسي‪ ،‬ط ‪ 2009‬م س ص ‪.28‬‬
‫‪318‬‬
‫‪ -‬أحمد بنعجيبة‪ ،‬التزوير في المحررات‪ ،‬مجلة اإلشعاع عدد ‪ 23‬ص ‪.71‬‬
‫‪319‬‬
‫‪ -‬جواد بوكالطة اإلدريسي‪ ،‬ط ‪ 2009‬م س ص ‪.28‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تمييز دعوى الزور الفرعي عن مايشابهها‬
‫تتقاطع دعوى الزور الفرعي مع بعض الدعاوى األخرى في مجموعة من المميزات ‪ ،‬لكن‬
‫بالرغم من وجود نقط االلتقاء إال انه هناك نقط االختالف لدلك سنخصص ( الفقرة األولى )‪،‬‬
‫لتمييز دعوى الزور الفرعي عن تحقيق الخطوط ‪ ،‬بينما سنخصص ( الفقرة الثانية )‪ ،‬لتمييزها‬
‫عن دعوى الزور األصلية ‪ ،‬أما (الفقرة الثالثة ) ‪ ،‬لتمييز دعوى الزور الجنائية عن دعوى الزور‬
‫المدنية ‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تمييز دعوى الزور الفرعي عن تحقيق الخطوط‬


‫نجد المشرع المغربي في ق م م الحالي جمع بين دعوى تحقيق الخطوط والزور الفرعي‪ ،‬في‬
‫الفرع السادس تحت عنوان " تحقيق الخطوط والزور الفرعي" حيث عالج دعوى تحقيق الخطوط‬
‫في الفصول ‪ 89‬و‪ 90‬و‪ 91‬بينما أفرد لدعوى الزور الفرعي الفصول ‪ 92‬إلى ‪ 102‬كما أجازت‬
‫االدعاء بالزور الفرعي ألول مرة أمام المجلس األعلى وفق شروط ومسطرة خاصة نظمتها في‬
‫الفصلين ‪ 386‬و‪ 387‬ويقصد بدعوى تحقيق الخطوط مجموعة من اإلجراءات التي رسمها القانون‬
‫إلثبات صحة المحررات العرفية التي يقع إنكارها لتنهض حجة للتمسك بها في مواجهة من‬
‫أنكرها‪ 320‬وهي تختلف في مناحي كثيرة عن الطعن بالزور لدى البد لنا في البداية من تحديد أوجه‬
‫التشابه بين دعوى تحقيق الخطوط ودعوى الزور الفرعي (أوال) ثم بعد ذلك ننتقل للحديث عن‬
‫مناحي االختالف الموجود بينهما (ثانيا)‬
‫أوال‪ :‬أوجه التشابه بين دعوى تحقيق الخطوط ودعوى الزور الفرعي‬
‫تتشابه دعوى تحقيق الخطوط الفرعية مع دعوى الزور الفرعي في بعض المناحي‪ ،‬ذلك أن‬
‫دعوى تحقيق الخطوط ‪ 321‬يقابل الزور الفرعي‪.322‬‬
‫إضافة إلى وحدة الهدف في النظامين معا‪ ،‬الذي هو الوصول إلى الحقيقة مجسمة في إثبات‬
‫أو عدم صحة المحرر المطعون فيه ومن ثم فإن ثبت عدم صحة المحرر نتج عن ذلك إهدار الدليل‬
‫‪320‬‬
‫‪ -‬إدريس الشبلي‪ ،‬مسط رة تحقيق الخطوط في القانون المغربي دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ‪ ،2016‬ص ‪.68‬‬
‫‪321‬‬
‫‪ -‬تحقيق الخطرط يمكن أن يكون في دعوى اصلية كما يمكن أن يكون في دعوى فرعية‪ ،‬فتحقيق الخطرط األصلي الذي أجازه القانون المصري على‬
‫خالف القانون المغربي يتمثل في أنه يحق لكل من بيده غير رسمي أن يختصم من يشهد عليه المحرر ليقرر بانه يخطه أو بإمضائه أو بختمه أو‬
‫بصمة أصابعه حتى لو كان االلتزام الوارد به غير مستحق اآلداء يكون ذلك بدعوى أصلية باإلجراءات المعتادة‪ .‬عبد الوهاب الحشماوي " إجراءات‬
‫االثبات في المواد المدنية والتجارية دار الجيل الطابعة‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،1985‬ص ‪.52‬‬
‫‪322‬‬
‫‪ -‬إدريس الشبلي م س ص ‪.71‬‬
‫المستهدف منه وإسقاط حج يته وبالتالي عدم استفادة من يتمسك منه سواء في الدعوى القائمة أو في‬
‫دعوى محتملة‪.323‬‬
‫كما أن طرق اإلثبات في النظامين معا واحدة‪ ،‬وهي التحقيق باسندات أو بشهادة الشهود أو‬
‫بواسطة خبرة خطية إثباتها أو نفيها للخط أو التوقيع محل اإلنكار في نحرر عرفي أو للزور‬
‫المدعى به في المحرر الرسمي‪.324‬‬
‫ومن المالحظ في هذا الصدد أنه يتعين عدم جواز الحكم في االدعاء بالزور الفرعي أو‬
‫بتحقيق الخطوط وموضوع الدعوى األصلية معا‪ ،‬بل يجب أن يكون الحكم في االدعاء سابق على‬
‫الحكم في موضوع هذه الدعوى‪ ،‬والحكمة من ذلك إال يحرم الخصم الذي أخفق في إدعائه من تقديم‬
‫ما لديه من أدلة اثباتية أخرى تدعم مركزه القانوني‪ ،‬وتؤيد موقفه في الدعوى األصلية‪.325‬‬
‫ثانيا‪ :‬أوجه االختالف بين دعوى الزور الفرعي ودعوى تحقيق الخطوط‬
‫طبيعة المحرر المنازع فيه‪ ،‬المعيار األساسي لمعرفة أي من المسطرتين ينبغي سلوكها‪ ،‬هل‬
‫مسطرة تحقيق الخطوط أو مسطرة االدعاء بالزور؟‬
‫وهكذا إذا كان موضوع المنازعة منصبا على محرر عرفي فإن المسطرة المتبعة هي تحقيق‬
‫الخطوط‪ ،‬أما إذا كان موضوع المنازعة محررا رسميا فإن القانون يستلزم من مدعي الزور سلوك‬
‫مسطرة أكثر صرامة ودقة‪ ،‬وهي مسطرة الزور الفرعي‪ ،‬ألن مصداقية الموظف العمومي الذي‬
‫أنجزه هي التي محل المنازعة تمس بأمانته وتطعن في صدقه وهما أمران مفترضان فيه‪.326‬‬
‫واختالف آخر من حيث الطبيعة القانونية لهما‪ ،‬ذلك أن تحقيق الخطوط تعتبر بإجماع الفقه‬
‫دفع موضوع‪ ،‬يهدف إلى إثبات صحة صدور المحرر العرفي ممن هو منسوب إليه والذي دفع‬
‫بأفكاره‪ ،327‬أما دعوى الزور الفرعي تعتبر دعوى عارضة ذات طبيعة مزدوجة إذ تبدأ في صورة‬
‫دفع موضوعي للدعوى األصلية‪ ،‬ويقدم فيها على شكل طلب عارض يكون منطلقا لقيام المحكمة‬
‫بإجراءات الزور الفرعي المنصوص عليه في القانون‪.328‬‬

‫‪323‬‬
‫‪ -‬نفس المرجع ص ‪.71‬‬
‫‪324‬‬
‫‪ -‬خالد الغزاوي‪ ،‬م س ص ‪.27‬‬
‫‪325‬‬
‫‪ -‬جواد بوكالطة االدريسي ط ‪ 2005‬م س ص ‪.51‬‬
‫‪326‬‬
‫‪ -‬محمد لمعكشاوي‪ ،‬أحكام إجراءات االثبات بالحجية الكتابية في المواد المدنية والتجارية علي ضوء التشريع والقضاء المغربي مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬البيضاء طبعة أولى‪ 2013 ،‬ص ‪.86‬‬
‫‪327‬‬
‫‪ -‬جواد بوكالطة االدريسي ‪،‬ط‪ 2005‬م س ص ‪.52‬‬
‫‪328‬‬
‫‪ -‬إدريس الشبلي‪ ،‬م س ص ‪.74‬‬
‫إضافة إلى دور الخصم يختلف في دعوى تحقيق الخطوط ودعوى الزور الفرعي‪ ،‬بحيث‬
‫يكون له دور سلبي في دعوى تحقيق الخطوط إذ يكفيه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من‬
‫خط أو توقيع وارد على المحرر عبء إثبات صحته‪ ،‬في المقابل دور الخصم في دعوى الزور‬
‫الفرعي دور إيجابي‪ ،‬إذ يقع عليه عبء إثبات عدم صحة المحرر عرفيا كان أم رسميا ال على‬
‫التمسك به‪.329‬‬
‫وإذا كان الدفع باإلنكار في دعوى تحقيق الخطوط يؤدي إلى فقدان المستند لقوته التنفيذية‬
‫بصفة مؤقتة إلى أن يثبت من يتمسك به بصحته‪ ،‬فإن دعوى الزور الفرعي المدني ال يترتب عليه‬
‫مثل هذا الفقدان إال عندما يصدر الحكم بالتحقيق في واقعة التزوير المدعى به‪.330‬‬
‫كما أن إخفاق الخصم في الدفع بإنكار الخط أو التوقيع في نطاق مسطرة تحقيق الخطوط‬
‫يجعل المحرر صادرا منه وحجة عليهن وال يجوز له أن يتنصل بعد ذلك من نسبته هذا المحرر‬
‫إليه إال بادعاء الزور فيه‪ .331‬وعلى عكس ذلك‪ ،‬فإنه عند إخفاق الخصم في دعوى الزور ال يجعل‬
‫المحرر صادرا منه أو حجة عليه بما فيه‪ ،‬إذ ليس في القانون ما يمنعه بعد ذلك من إثارة بطالن‬
‫االلتزام المثبت بالمحرر أو التمسك بصور يته‪.332‬‬
‫وأخيرا فكال النظامين كذلك يختلفان فيما يتعلق بالغرامة‪ ،‬ذلك أنه إذا اثبت من تحقيق‬
‫الخطوط صحة المحرر العرفي أمكن الحكم على من أنكره بغرامة مدنية من مائة إلى ثالثمائة‬
‫‪333‬‬
‫من ق م من أما إذا‬ ‫درهم دون مساس بالتعرضات والمصاريف طبقا لما يقضي به الفصل ‪91‬‬
‫قضت المحكمة برفض طلب المتمسك بالمحرر محل اإلنكار فإنه ال يتعرض ألي جزاء‪ ،‬وذلك‬
‫عكس مدعي الزور الفرعي المرفوض طلبه الذي يحكم عليه بغرامة تتراوح بين خمسمائة درهم‬
‫دون مساس بالتعويضات و المتابعات الجنائية طبقا للفصل ‪ 98‬من قانون المسطرة المدنية‪. 334‬‬

‫‪329‬‬
‫‪ -‬عبد الوهاب العشماري‪ ،‬م س ص ‪.64‬‬
‫‪330‬‬
‫‪ -‬خالد غزاوي‪ ،‬م س ص ‪.28‬‬
‫‪331‬‬
‫‪ -‬إدريس الشبلي م س ص ‪75.3‬‬
‫‪332‬‬
‫‪ -‬محمد المنجي‪ ،‬م س ص ‪.152‬‬
‫‪333‬‬
‫‪ -‬جاء في الفصل ‪ 91‬من ق م م إذا ثبت من تحقيق الخطوط أن المستند أو موقع ممن أنكره أمكن الحكم عليه بغرامة مدنية من ‪ 100‬إلى ‪ 300‬درهم‬
‫دون المساس بالتعويضات والمصاريف‪.‬‬
‫‪334‬‬
‫‪ -‬تنص المادة ‪ 98‬من ق م م على ما ياي‪ " :‬يقع الشروع فور تحرير المحظر في إثبات الزور بنفس الطريقة المشار إليها في الفصلين ‪ 98‬و ‪.90‬‬
‫يبث القاضي بعد ذلك في وجود الزور‪.‬‬
‫يحكم على مدهي الزور المرفوض طلبه بغرامة تتراوح بين خمسمائة وألف وخمسمائة درهم دون المساس بالتعويضات والمتابعات الجنائية‪.‬‬
‫إذا ثبت الزور وجود الزور وظهرت عناصر تسمح بمعرفة مرتكبه أحيلت المستندات على النيابة العامة طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫يظهر مما سبق أن نطاق مسطرة تحقيق الخطوط ينحصر في إثبات صحة أو عدم صحة‬
‫المحررات العرفية فقط‪ ،‬بينما يتسع نطاق مسطرة الزور الفرعي ليشمل المنازعة في صحة‬
‫المحرر ات الرسمية والمحررات العرفية على كل حد سواء‪ ،‬وهذا التمييز يجد مميزه في كون‬
‫‪335‬‬
‫المحررات الرسمية والعرفية تتفاوت في القوة الثبوتية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تمييز دعوى الزور الجنائية عن دعوى الزور المدنية‬


‫يتبن من نصوص القانون إن دعوى الزور الجنائية مستقلة عن دعوى الزور المدنية من‬
‫حيث الموضوع واإلجراءات ‪ ،‬لذلك فان هذه األخيرة ال تتوقف في وجودها على األولى‪ ،‬فقد‬
‫تسقط دعوى الزور الجنائية لسبب من األسباب الواردة في المادة ‪ 3‬من قانون المسطرة الجنائية‬
‫ومع ذلك تبقى دعوى الزور المدنية قائمة ومستمرة الجريان إال ان هذا االستقالل ليس تاما لما‬
‫هو معروف من تأثير الدعوى العمومية على الدعوى المدنية عمال بالمبدأ القائل" الجنائي أو‬
‫الجزائي يعقل أو يوقف المدني "‪،‬ويطهر هذا التأثير بالنسبة لدعوى الزور في أمرين ‪:‬‬

‫‪ -‬إذا رفعت دوى الزور الحنائية األصلية ‪ ،‬فعلى المحكمة أن توقف البث في دعوى الزور‬
‫الفرعية إلى ما بعد الفصل في الدعوى الجنائية تطبيقا للمادة ‪ 421‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والفقرة الثانية من‬
‫المادة ‪ 633‬من ق‪.‬م‪.‬ج ‪،‬وال يتم هذا اإليقاف إال إذا تأكدت المحكمة المدنية من ان دعوى التزوير‬
‫الجنائية قد وقع تحريكها فعال ‪ ،‬فال يكفي أن يدلي مدعي الزور بنسخة من شكاية مباشرة بالزور‬
‫سبق أن تقدم بها قاضي التحقيق وموقع عليها من طرفه ‪ ،‬بل حتى وان كان مؤدى عنها لدى‬
‫صندوق المحكمة السالفة التي يحددها هذا القاضي كما يجري عليه العمل حاليا خرقا للقانون ‪،‬‬
‫وإنما يتعين على مدعي الزور اإلدالء أمام القضاء المدني بقرار فتح تحقيق ‪ ،‬الن مثل هذا القرار‬
‫هو الذي يدل على انه جاد في ادعائه ‪ ،‬وال يروم فقط إلى عرقلة السير العادي للدعوى المدنية‬
‫عن طريق المماطلة والدعاوي الكيدية ‪ ،‬كما انه ال يكفي مدعي الزور من اجل إيقاف البث في‬
‫‪335‬‬
‫‪ -‬تستمد الورقة الرسمية قوتها الثبوتية من الثقة التي منحها المشرع لتلك الفئة من األشخاص سواء كانوا موظفون يعملون بمصلحة عامة‬
‫وموثقين‪ ،‬وهذه الثقة مصدرها الضمير اال نساني وجسامة المسؤولية المنوطة بهم‪ ،‬لذلك فالمحررات الرسمية تعتبر حجة قاطعة بما تتضمنه وأما‬
‫المحررات العرفية فهي تستمد قوثها الثبوثية من االعتراف المتمسك به عليه‪ ،‬ومجرد إنكارها منه يفقدها قوتها وآثارها القانونية‪ .‬كما أن القوة‬
‫الثبوتية للمحرر العرفي على فرض صحته تكون منحصرة في االلتزام الحاصل بين الطرفين‪.‬‬
‫للمزيد من االيضاح أنظر‪ :‬قرار المجلس األعلى رقم ‪ 1020‬ملف مدني‪ ،‬صادر بتاريخ ‪ 12/04/1989‬منشور بمجلة االشعاع – عدد ‪ 2‬ص ‪.81‬‬
‫أنظر أيضا‪ :‬أحمد بشأن رسالة االثبات " الجزء األول " ص ‪183‬‬
‫الدعوى المدنية األصلية اإلدالء بنسخة من الشكاية التي سبق له أن تقدم بها إلى النيابة العامة ‪،‬‬
‫بل البد من إدالئه بان المتابعة قد أثيرت فعال ‪ ،‬أو ان قرارا بفتح تحقيق قد اتخذ‪ ،‬إذا تعلق األمر‬
‫بجناية التزوير‪ ،‬كما سبق القول ‪ ،‬فال يمكن فهم عبارة قرار االتهام الواردة بالمادة ‪ 421‬إال على‬
‫أساس ان المشرع قصد بها إثارة المتابعة من لدن النيابة العامة ‪.‬‬

‫‪ -‬إذا قضت المحكمة الزجرية بإدانة المزور أو قضت ببراءته ‪ ،‬فان هذا الحكم الجنائي تكون‬
‫له حجية أمام المحاكم المدنية بان السند مزور الحالة األولى وانه صحيح في الحالة الثانية ‪ ،‬لكن‬
‫شريطة ان يكون هذا الحكم قد اكتسب قوة الشيء المقضي به ‪ ،‬بمعنى أن يكون قد أصبح نهائيا‬
‫غير قابل لطرق الطعن العادية ( التعرض واالستئناف و ال للطعن بالنقض ) تطبيقا للمادة ‪644‬‬
‫من ق‪،‬م‪.‬ج السابق ‪ /‬م ‪ 597‬من ق‪.‬م‪.‬ج الحالي و تنص هذه األخيرة في فقرتها الثانية على ما‬
‫يلي "يقع التنفيذ بطلب من النيابة العامة عندما يصبح المقرر غير قابل ألي طريقة من طرق‬
‫الطعن العادية ‪ ،‬أو الطعن بالنقض لمصلحة األطراف" ‪ ،‬غيران الحكم الجنائي ال يقيد القاضي‬
‫المدني في شيء إذا قضى ببراءة المتهم من تهمة التزوير لعدم كفاية األدلة أو لعدم توافر احد‬
‫أركان الجريمة أو قضى بسقوط الدعوى العمومية الجارية بشان هذه الجريمة لقيام سبب من‬
‫أسباب السقوط على أساس ان دعوى الزور الجنائية ترمي إلى توقيع الجزاء الجنائي على‬
‫مرتكب التزوير أو المشارك فيه بينما ترمي دعوى الزور المدنية إلى الطعن في صحة السند‬
‫المستدل به في الدعوى األصلية ‪ ،‬فقد يحدث أن يكون السند الذي يتمسك به في الدعوى المدنية‬
‫مزورا ‪ ،‬لكن إذا كان الحكم الجنائي قد قضى بالبراءة على أساس اقتناع المحكمة‪ .‬التي أصدرته‬
‫بثبوت حجة السند المطعون فيه بالزور وسالمته فانه يقيد القاضي المدني ويلزم الخصوم وال‬
‫‪336‬‬
‫يجوز الطعن في السند مجددا بادعاء زوريته‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫جواد بوكالطة "م س ط ‪ ، 2009‬ص‪. 305-304-303 .‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬تمييز دع وى الزور الفرعي عن دعوى الزور األصلي‬
‫‪337‬‬
‫قائمة عندما ترفع دعوى مبتدئة وألول مرة في محرر‬ ‫تكون دعوى الزور األصلية‬
‫رسمي يهدف الطعن فيه بغية منع الشخص الذي يجوزه من استعماله فيما يرجع بالضرر على‬
‫المدعي وسميت بدعوى الزور األصلية ألنها ليست متفرقة أو تابعة ألي دعوى أخرى وهي‬
‫تخضع بذلك إلجراءات المنصوص عليها في ق‪.‬م‪،‬م وكذا المواد ( ‪584‬الى ‪ ) 586‬من ق‪،‬م‪،‬ج ‪،‬‬
‫والجدير بالذكر أن دعوى الزور األصلية إما أن تكون مدنية أو جنائية وهذه األخيرة يتم تحريك‬
‫الدعوى العمومية بالزور فيها من طرف النيابة العامة بحكم اختصاصها كسلطة إمام ‪ ،‬ومن‬
‫طرف المطالب بالحق المدني عن طريق االدعاء المباشر أمام القضاء الجنائي ‪ ،‬حيث أجاز‬
‫المشرع لكل شخص ادعى انه تضرر من الجريمة أن ينصب نفسه مطالبا بالحق المدني ويترتب‬
‫‪338‬‬
‫عن هذا التنصيب تحريك الدعوى العمومية والمدنية معا ‪.‬‬

‫وعليه فمتى كنا بصدد تزوير في محرر رسمي فالدعوى تقام ضد مرتكب التزوير أو‬
‫مشاركته أو ضد مستعمل الزور وذلك بهدف إنزال العقاب الجنائي بالفاعل والدفع بتزوير‬
‫المحرر وتجريده من كل اثر ‪.‬‬

‫أما دعوى الزور الفرعية تسعى إلى إبطال مفعول مستند في دعوى قائمة فعال أمام المحكمة‬
‫‪ .‬وهذا الطلب ال يأخذ شكل دفع يثيره المحتج ضده بهذا المستند بل هو طعن يجب أن يقدم في‬
‫صورة دعوى عرضية وهذا ما أكده المجلس األعلى بقوله " االدعاء بالزور ليس دفعا حتى‬
‫يستدعي المحكمة إلى القيام بأي إجراء بل هو طعن يجب أن يقدم في صورة عارضة أو أصلية‬
‫‪339‬‬
‫يكون منطلقا للقيام باإلجراءات المنصوص عليها قانونا ‪".‬‬

‫‪337‬‬
‫هناك مسودة حول دعوى الزور األصلية في المحررات المدنية حيث تضمنت المادة ‪ " 1-101‬يمكن لمن يخشى االحتجاج عليه بمستند مزور ان‬
‫ينازع بيده ذلك المستند لسماع الحكم بالتزوير وذلك بدعوى أصلية ‪ :‬يتضمن المقال بيان الوسائل التي يعتمد عليها مدعي الزور "‪ ،‬كما جاء في المادة‬
‫‪ " 2-101‬تطبق في تحقيق هذه الدعوى والحكم فيها القواعد المنصوص عليها في هذا الفرع "‪,‬‬
‫‪338‬‬
‫د الحبيب بيهي "شرح قانون المسطرة الجنائية الجديدة " الجزء األول ‪ ،‬الطبعة األولى ‪، 2004‬ص ‪189‬‬
‫‪339‬‬
‫قرار عدد ‪ 56‬ت ‪ 9/2/82‬قضاء المجلس األعلى ‪ 302‬أكتوبر ‪ 83‬ص ‪ 77‬ورد في مؤلف د ‪ /‬المعطي الحبوبي "القواعد الموضوعية والشكلية‬
‫لالتباث وأسباب الترجيح بين الحجج " ط‪ ،‬األولى ‪ 2002‬ص‪89 ،‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬مسطرة الطعن بزور و أثاره‬
‫لقبول طلب الطعن بالزور الفرعي باعتباره طلبا عارضا ‪ -‬يمكن التقدم به في أي مرحلة‬
‫‪340‬‬
‫‪ ،‬يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط الموضوعية في الدعوى ‪ ،‬كما‬ ‫من مراحل الدعوى‪-‬‬
‫يجب إتباع مجموعة من المساطر (المبحث األول ) ‪ ،‬و في حالة قبول طلب دعوى الزور‬
‫الفرعي فإن ذلك يرتب جملة من اآلثار ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬شروط قبول دعوى الزور الفرعي و مسطرة‬


‫سلوكها‬
‫يعتبر الزور الفرعي دعوى غير مستقلة ‪ ،‬ترفع تبعا لدعوى قائمة أصال و بمناسبة النظر‬
‫فيها أمام المحكمة المدنية‪ ،341‬و تبتدئ إجراءاتها بطلب القاضي بتسليم األصل ‪ ،‬كأول إجراء‬
‫مسطري الفتتاح مسطرة الزور الفرعي ( المطلب الثاني ) ‪ .‬و ال تكون دعوى الزور الفرعي‬
‫مقبولة ‪ ،‬إال إذا توافرت شروط معينة ( المطلب األول )‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الشروط الخاصة لدعوى الزور الفرعي‬


‫تعتبر دعوى الزور الفرعي عارضة ترفع تبعا لدعوى أصلية قائمة ‪ .‬ومن أجل قبولها يجب‬
‫أن تتوافر فيها باإلضافة إلى الشروط العامة‪ 342‬مجموعة من الشروط الخاصة ‪.‬‬

‫‪340‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر " م س ص ‪428‬‬
‫‪ : 48‬إن المحكمة التي لها حق النظر في دعوى الزور ال فرعية هي المحكمة التي تنظر في الدعوى االصلية ‪ ،‬لذا فإن المحكمة األصل هي المحكمة الفرع‬
‫‪،‬و يمكن التقدم به في أي مرحلة من مراحل الدعوى ‪ ،‬ولو ألول مرة أمام محكمة االستئناف ‪ .‬كما تجر االشارة إلى أن الدعوى الفرعية للطعن بالزور‬
‫غير قابلة للتقادم ‪ .‬وهذا ما أكدته محكمة النقض من خالل قرارها عدد ‪ 171‬بتاريخ ابريل ‪ 1970‬منشور بمجلة القضاء و القانون عدد ‪ 117‬مشار‬
‫اليه في مجلة الحدث القانوني العدد‪ "10‬دعوى تحقيق الخطوط والزور الفرعي" ص‪7‬‬
‫‪ : 49‬ينص الفصل ‪ 1‬من ق‪ .‬م‪ .‬م " ال يصح التقاضي إال ممن له الصفة و األهلية و المصلحة إلثبات حقوقه "‬
‫الصفة‪ :‬هي سلطة مباشرة من طرف صاحب الق المعتدى عليه أو المهدد باالعتداء‪.‬‬
‫األهلية‪ :‬حددت مدونة االسرة في المادة ‪ 209‬سن الرشد القانوني ببلوغ ‪ 18‬سنة شمسية كاملة مع مراعات االستثناءات الواردة في هذا الباب‪.‬‬
‫المصلحة‪ :‬هي المنفعة أو الفائدة العملية و الواقعية التي تعود على المدعي من الحكم له بطلباته قضائيا‪.‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬أن يكون االدعاء بالزور في دعوى أصلية قائمة‬
‫لقيام دعوى الزور الفرعي يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط من بينها ‪ ،‬أن تكون‬
‫دعوى أصلية قائمة قيد النظر و لم يفصل فيها بعد بحكم حائز لقوة الشيء المقضي ‪343‬فقد نص‬
‫الفصل ‪ 92‬من ق‪.‬م ‪.‬م على أنه { إذا طعن أحد األطراف أثناء سريان الدعوى في أ حد‬
‫المستندات المقدمة بالزور الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك إذا رأى أن الفصل في الدعوى‬
‫ال يتوقف على هذا المستند ‪.}....‬‬

‫و الدعوى هنا يقصد بها الدعوى األصلية التي تنظر فيها المحكمة‪ .‬كما نص الفصل‪93‬من‬
‫ق‪.‬م ‪.‬م على أنه { إذا صرح الطرف الذي و قع إنذاره أنه ينوي استعمال المستند أوقف القاضي‬
‫الفصل في الطلب األصلي‪.}....‬‬
‫‪344‬‬
‫وبذلك فال مجال للقول بوجود دعوى الزور األصلية أمام القضاء المدني المغربي ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪:‬أن يكون االدعاء بالزور الفرعي منتجا في الدعوى‬


‫األصلية‬
‫من شروط قبول دعوى الطعن بالزور الفرعي ‪ ،‬أن يكون االدعاء منتجا في الدعوى‬
‫األصلية ‪ ،‬فإذا كان االدعاء غير منتج في النزاع ‪ ،‬أي كان عديم األثر في موضوع الدعوى‬
‫األصلية تعين على المحكمة أن تقضي بعد القبول ‪.‬‬

‫وفي جميع األحوال فإن للقاضي قبول الطعن بالزور أو صرف النظر عنه واستبعاده ‪ ،‬إذا‬
‫ما اعتبر أن العناصر المتوفرة بين يديه غير كافية لتكوين قناعته‪ 345.‬أو أن الفصل في الدعوى ال‬
‫‪346‬‬
‫يتوقف على المحرر المطعون فيه بالزور ‪.‬‬

‫‪ :50‬ذهبت محكمة النقض إلى ما يلي " ال تقبل أمام المجاس االعلى دعوى الزور الموجهة ضد وثيقة سبق عرضها أمام محكمة الموضوع و لم يطعن‬
‫فيها أمامها ‪ ،‬وأن الطعن بالنقض في حكم انتهائي ال يفتح المجال لدعوى الزور امام المجاس في مستند استعمل كأساس لصدور القرار المطعون فيه‬
‫" القرار عدد ‪ 375‬بتاريخ ‪ 1984/02/27‬منشور بمجلة قضاء المجلس العددان ‪ 35/36‬ص‪ . 6‬مشار له عند د محمد االزهر م‪ .‬س ص ‪425‬‬
‫‪344‬‬
‫‪ :‬مجلة الحدث القانوني م ‪ .‬س ‪/‬ص ‪7‬‬
‫‪345‬‬
‫‪:‬د محمد األزهر م ‪ .‬س ‪ /‬ص ‪425‬‬
‫‪ : 55‬ذ هبت محكمة النقض في القرار عدد ‪ 715‬بتاريخ ‪ 1982/04/25‬الى انه " إذا طعن االطراف أثناء سير الدعوى في أحد المستندات المقدمة بالزور‬
‫الفرعي صرف القاضي النظر عن ذلك إذا رأى أن الفصل في الدعوى ال يتوقف على هذا المستند" مجلة قضاء المجاس االعلى بعدد ‪ 43/42‬نونبر‬
‫‪ 1989‬ص ‪ 125‬مشار له عند د محمد االزهر م ‪ .‬س ص ‪425‬‬
‫أما إذا رأى القاضي أهمية المستند في الدعوى و أن الطعن بالزور منتج فيها و متوقف على‬
‫هذا السند للفصل فيها‪ ،‬تكون المحكمة ملزمة لالستجابة لطلب الطعن بالزور الفرعي و إال‬
‫‪347‬‬
‫اعتبر حكمها قابال للنقض‪.‬‬

‫بعد أن يتأكد القاضي من جدية دعوى الزور الفرعي و كذا أهميته في النزاع المعروض‬
‫‪348‬‬
‫عليه ينذر الطرف الذي يحتج بالمستند هل ينوي استعماله أم ال‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬أن يكون االدعاء بالزور الفرعي جديا‬


‫يعتبر شرط الجدية من بين الشروط األساسية التي تتوقف عليها األعمال اإلجرائية بصفة‬
‫عامة‪ .‬لذلك يجب أال يأتي في صيغة مبهمة و غير واضحة ‪ ،‬ويقصد بشرط الجدية هنا أن يكون‬
‫‪349‬‬
‫و ليس هدفه إطالة أمد التقاضي و استغباء‬ ‫االدعاء بالزور يشهد له الواقع و يسانده الدليل‬
‫القضاء‪.‬‬

‫و شرط ال جدية يستلزم من المدعي بالزور الفرعي التمسك بادعائه في صيغة صريحة و‬
‫حازمة ‪ ،‬فال يمكن أن يكون في صيغة مبهمة غير مقطوع فيها بالشك‪.‬‬

‫و أخيرا تجدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى هذه الشروط وجب لقيام دعوى الزور الفرعي‬
‫أن يتم تقديم طلب عارض بالزور الفرعي يرمي الستبعاد الوثيقة المحتج بها‪350.‬كما يشترط أن‬
‫‪351‬‬
‫يكون التزوير معاقبا عليه و أن يكون منطويا على قصد الغش ‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪426‬‬
‫‪ : 57‬الطعن بزورية مستند ليس دفعا يمكن إثارته دون اتخاد أي إجراء ‪ ،‬بل طلب عارض يجب أن يستوفي جميع الشروط القانونية للطلبات العارضة‪،‬‬
‫= وهكذا ‪ ،‬فإن القاضي يوجه انذارا للطرف الذي أدلى بالمستند ليسأله هل ينوي استعمال الوثيقة أم ال ‪ ،‬و هو ملزم باإلجابة في أجل حدده في ثمانية‬
‫أيام‪.‬‬
‫إذا صرح بعد إنذاره أنه تخلى عن استعمال المستند المطعون فبه بالزور الفرعي أو لم يصرح بشيء بعد ثمانية أيام نحى القاضي المستند عن الدعوى‪.‬‬
‫أما إذا صرح أنه ينوي استعماله أوقف القاضي النظر في الدعوى االصلية وأمر بإيداع أصل الطعن‪.‬‬
‫‪349‬‬
‫‪ :‬الطالب الباحث خالد العزاوي رسالة لنيل دبلوم الماستر "دعوى الزور الفرعي" س ‪ 2010‬مراكش ‪/‬ص ‪57‬‬
‫‪350‬‬
‫‪:‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪424‬‬
‫‪351‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصا بلي " الوجيز في القانون القضائي الخاص" الجزء الثاني ط الثانية سنة ‪ /1999‬ص ‪84‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مراحل مسطرة دعوى الزور الفرعي‬
‫إن مجرد االدعاء بالزور ال يستدعي من المحكمة القيام بأية إجراءات ‪ ،‬ذلك أن االدعاء‬
‫المذكور ليس دفعا تقتضي إثارته اتخاذه أي إجراء ‪ .‬و إنما هو طعن يجب أن يقدم في شكل طلب‬
‫‪352‬‬
‫العارض ‪ ،‬يكون منطلقا للقيام باإلجراءات المنصوص عليها في القانون‪.‬‬

‫و تمر مسطرة دعوى الزور الطعن بالزور الفرعي من مرحلتين و هو أمر القاضي بتسليم‬
‫األصل ( الفقرة األولى ) و الشروع في تحقيق الزور ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬أمر القاضي بتسليم األصل‬


‫قد يكون أصل المستند موضوع دعوى الزور الفرعي في حوزة المحتج به ‪ ،‬لكن يمكن‬
‫الحصول عليه من أحدى المصالح العمومية ‪ ،‬ففي هذه الحالة فإن القاضي يصدر أمرا ألمين‬
‫‪353‬‬
‫المستودع بتسليم هذا األصل إلى كاتبة الضبط‪.‬‬

‫و بعد ثمانية أيام من وضع المستند المطعون فيه بالزور أو أصله بكتابة الضبط ‪ ،‬يقوم‬
‫القاضي بالتأشير على المستند أو األصل و تحرير محضر يبين فيه حالة المستند أو األصل‬
‫‪354‬‬
‫بحضور األطراف أو بعد استدعائهم بصفة قانونية لذلك ‪.‬‬

‫لكن قد يصعب الحصول على هذه النسخة بسهولة داخل المحفوظات‪ .‬و حتى ال يتوقف‬
‫سير إجراءات الدعوى يمكن للقاضي المقرر‪ .‬أو القاضي المكلف بالقضية حسب الحاالت‪ ،‬أن‬
‫يأمر بتحرير محضر بحالة نسخة المستند دون انتظار و ضع األصل الذي يحرر بحالته محضر‬
‫‪355‬‬
‫مستقل‪.‬‬

‫‪352‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصايلي‪ .‬م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪86‬‬
‫‪ : 62‬ينص الفصل ‪ 96‬من ق ‪ .‬م‪ .‬م { إذا كان أصل المستند المطعون فيه بالزور محفوظا في مستودع عمومي أمر القاضي أمرا ألمين المستودع بتسليم‬
‫هذا االصل الى كاتبة ضبط المحكمة "‬
‫‪354‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصايلي م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪87‬‬
‫‪ : 64‬ينص الفصل ‪ 2/97‬من ق‪ .‬م ‪.‬م { يمكن للقاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية حسب الحاالت أن يأمر بتحرير محضر بحالة نسخة المستند‬
‫دون انتار وضع االصل الذي يحرر بحالته محضر مستقل}‬
‫وإذا لم يتم وضع المستند داخل ثمانية أيام بكتابة الضبط اعتبر الطرف الذي أثار زورية‬
‫‪356‬‬
‫المستند قد تخلى عن استعماله‪.‬‬

‫و بالتالي فإن هذه اإلجراءات تبتدئ بمجرد وضع المستند موضوع الدعوى بكتابة الضبط ‪،‬‬
‫حتى يقوم ا لقاضي بالتحقيق في الطلب العارض المتعلق بالزور الفرعي‪ .‬و وضع المستند يكون‬
‫من طرف من بحوزته و غالبا الطرف الذي يحتج به‪.‬‬

‫وفي الغالب ال يجازف الطرف بوضعه إذا كان عالما بزوريته ‪ -‬قد يضعه إذا كان جاهال‬
‫بذلك‪ -‬أما إذا كان عالما بزوريته قد يمتنع و ربما يصرح بعدم استعماله أو يضعه و هو مطمئن‬
‫‪357‬‬
‫لصعوبة اكتشاف معالم الزور‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الشروع في تحقيق الزور‬


‫إذا وضع أصل المستند بكتابة الضبط أو نسخة منه في انتظار األصل يقوم القاض‬
‫المقرر أو القاضي المكلف بالقضية حسب الحاالت‪ ،‬بالتأشير على المسند خالل الثمانية أيام‬
‫األولى لوضعه‪ ،‬و هي مدة كافية لالطالع على المستند و تقرير إجراء التحقيق ‪ ،‬ثم يحرر‬
‫محضر بحالته المادية ‪ ،‬يتضمن بيان ووصف الشطب أو اإلقحام أو الكتابة بين السطور و ما‬
‫شبه ذلك ‪ ،‬و يحرر المحضر بحضور النيابة العامة و يؤشر عليه القاضي المقرر أو المكلف‬
‫بالقضية حسب الحاالت ‪ ،‬و كذا ممثل النيابة العامة و األطراف و الحاضرون و وكالئهم ‪،‬و يشار‬
‫‪358‬‬
‫في المحضر امتناع األطراف أو أحدهم من التوقيع أو إلى أنهم يجهلونه‪.‬‬

‫و بعد تحرير المحضر يتم الشروع في التحقيق من وجود الزور الفرعي أو عدمه ‪ ،‬و‬
‫لتحقيق في هذه الحالة يكون وفق األحكام الفصلين ‪ 89‬و ‪ 90‬من ق ‪ .‬م ‪ .‬م ‪ ،‬أي أن يتم‬
‫بالسندات أو بشهادات الشهود أو من خالل خبرة‪.‬‬

‫‪ : 65‬ينص الفصل ‪ 93‬من ق م ‪.‬م { إذا صرح الطرف الذي و قع إنذاره أنه ينوي استعمال المستند أوقف القاضي الفصل في الطلب االصلي و أمر بإيداع‬
‫أصل المستند داخل أجل ثمانية أيام بكتابة الضبط ‪ ،‬و إال اعتبر الطرف الذي إثارته ا زورية المستند قد تخلى عن استعماله }‬
‫‪357‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م ‪ .‬س ‪ /‬ص ‪431‬‬
‫‪358‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ / 97‬ف ‪ 3‬من ق ‪ ..‬م‪ .‬م‬
‫و بعد االنتهاء من إجراءات التحقيق ‪ ،‬فعلى القاضي أن يفحص نتيجة التحقيق الذي أجري‬
‫في االدعاء بالزور ‪ ،‬و يسمع دفاع الخصوم ثم يصدر حكمه إما برفض دعوى الزور و صحة‬
‫‪359‬‬
‫الوثيقة المطعون فيها ‪ ،‬إما بتزوير المحرر‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة إلى أن الفصل ‪ 587‬من قانون المسطرة الجنائية يجيز للمحكمة أو ممثل‬
‫النيابة العامة توجيه الوثائق إلى النيابة العامة في حالة ما تبين لها وجود معالم زور في نزاع‬
‫‪360‬‬
‫مطروح عليها‪.‬‬

‫كما أن الحكم بزورية المستند تحتم على المحكمة إحالة المستندات على النيابة العامة ‪ ،‬طبقا‬
‫‪361‬‬
‫للقانون المسطرة المدنية‪ ،‬إذا ظهرت عناصر تسمح بمعرفة مرتكبيه‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬إثبات الزور الفرعي و أثار الحكم به‬


‫إن أساس دعوى الطعن بالزور الفرعي هو نزاع حول مدى حجية وثيقة من الوثائق التي تم‬
‫اعتمادها من طر ف أحد األطراف إلثبات واقعة ما ‪.‬و للفصل في الدعوى يجب التأكد من صحة‬
‫االدعاء من خالل إثباته ( المطلب األول ) ‪ ،‬و بعد االنتهاء من إجراءات التحقيق على القاضي أن‬
‫يفحص نتيجة التحقيق الذي أجري في االدعاء بالتزوير ‪ ،‬ثم يصدر حكمه إما برفض دعوة‬
‫التزوير و صحة الوثيقة المطعون فيها ‪ ،‬و إما بتزوير المحرر ( المطلب الثاني) ‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬اإلثبات في دعوى الطعن بالزور الفرعي‬


‫اإلثبات في معناه القانوني هو تقديم الدليل أمام القاضي بالطرق الجائزة على وجود واقعة‬
‫‪362‬‬
‫قانونية متنازع فيها بين الخصوم ‪.‬‬

‫و قد نص الفصل ‪ 98‬من ق‪ .‬م‪ .‬م في فقرته األولى على أنه يقع الشروع فور تحرير‬
‫المحضر في إثبات الزور الفرعي بنفس الطريقة المشار إليها في الفصلين ‪ 89‬و ‪ .363 90‬أي‬

‫‪359‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصايلي م ‪ .‬س ‪ /‬ص ‪87‬‬
‫‪: 69‬ينص الفصل ‪ 587‬من ق‪ .‬م‪ .‬ج { إذا اكتشف المحكمة أثناء اليث في النزاع ‪،‬ولو كان مدنيا‪ ،‬عالمات تكشف عن وجود زور ومن شأنها أن تسمح‬
‫بمعرفة مرتكبه ‪ ،‬تعين على رئيس المحكمة أو ممثل النيابة العامة توجيه الوثائق الى النيابة العامة بالمكان الذي يظهر أن الجريمة ارتكبت فيه أو‬
‫بالمكان الذي يمكن أن يلقى القبض فيه على المتهم }‬
‫‪361‬‬
‫‪:‬الفصل ‪ / 98‬ف ‪ 3‬من ق‪ .‬م‪ .‬م‬
‫‪362‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصايلي م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪59‬‬
‫أن يتم بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة الخبرة ‪.364‬لكن قبل ذلك تجدر اإلشارة إلى وجوب‬
‫‪365‬‬
‫صدور حكم تمهيدي بنفس الطريقة الواجب إتباعها إلجراء التحقيق‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬التحقيق بالسندات و شهادات الشهود‬


‫من بين وسائل اإلثبات التي نص عليها الفصل ‪ 89‬من ق‪ .‬م ‪ .‬م في فقرته األخيرة‬
‫التحقيق بالسندات ( أوال ) و شهادة الشهود ( ثانيا) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التحقيق بالسندات‬


‫التحقيق بالسندات معناه مقارنة المحكمة للخطوط و التواقيع بنفسها ‪ ،‬فمن حق المحكمة إن‬
‫تبني أحكامها على ما تشاهده و تعاينه بنفسها ‪ ،‬خاصة و أن لها كامل الصالحية للتحري عن‬
‫‪366‬‬
‫الحقيقة بنفسها و بدون مساعدة أحد ‪.‬‬

‫و المستندات الني يمكن قبولها للمقارنة هي التوقيعات على السندات الرسمية‪.‬‬

‫_ الكتابة أو التوقيعات التي سبق اإلقرار بها‬


‫‪367‬‬
‫_ القسم الذي لم ينكر في المسند موضوع التحقيق ‪.‬‬

‫وهكذا يتم مضاهاة الوثيقة موضوع النزع في صحتها بالمستندات السالفة الذكر‪ ،‬للوقوف‬
‫‪368‬‬
‫عل أوجه التشابه و االختالف‪.‬‬

‫‪ : 72‬ينص الفصل ‪ 89‬من ق م‪ .‬م { إذا أنكر خصم ما نسب إليه من كتابة أو توقيع أو صرح بأنه ال يعترف بما ينسب إلى الغير أمكن للقاضي صرف‬
‫النظر عن ذلك إن رأى أنه غير ذي فائدة في الفصل في النزاع‪.‬‬
‫إذا كان األمر بخالف ذلك فإنه يؤشر بتوقيعه على المستند ويأمر بتحقيق الخطوط بالسندات أو بشهادة الشهود أو بواسطة خبير عند االقتضاء‪.‬‬
‫تطبق القواعد المقررة بالنسبة إلى األبحاث والخبرة في تحقيق الخطوط‪}.‬‬
‫الفصل ‪ { 90‬إن المستندات التي يمكن قبولها للمقارنة هي بصفة خاصة‪:‬‬
‫‪ -‬التوقيعات على سندات رسمية؛‬
‫‪ -‬الكتابة أو التوقيعات التي سبق اإلقرار بها؛‬
‫‪ -‬القسم الذي لم ينكر من المستند موضوع التحقيق‪.‬‬
‫يؤشر القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية حسب األحوال على مستندات المقارنة‪} .‬‬
‫‪364‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪432‬‬
‫‪365‬‬
‫‪ :‬قرار عن المجلس االعلى بتاريخ ‪ 1987/6/3‬تحت عدد ‪ 1279‬في الملف عدد ‪ 583/87‬مشار له عند د محمد بفقيه ص ‪253‬‬
‫‪366‬‬
‫‪ :‬مجلة نشرت قرارات محكمة النقض ‪ ،‬الغرفة المدنية عدد ‪ 9‬سنة ‪ 2012‬ص ‪90‬‬
‫‪ : 76‬الفصل ‪ 90‬من ق م‪ .‬م‬
‫و في هذا اإلطار جاء القرار الصادر في المجلس األعلى تاريخ ‪ 82011/9‬تحت عدد ‪ 3217‬في الملف عدد‪ " 08/3290‬أن السندات التي يمكن قبولها‬
‫للمقارنة في مسطرة الزور الفرعي هي بصفة خاصة التوقيعات على سندات رسمية ‪ ،‬ومن بينها األوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم"‬
‫مشار له عند د محمد بفقيه م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪255‬‬
‫‪368‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪19‬‬
‫ثانيا ‪ :‬شهادة الشهود‬
‫يمكن للقاضي بناء على طلب األطراف أو أحدهم ‪،‬أو تلقائيا األمر بإثبات الوقائع‬
‫باالستماع إلى الشهود ‪ .‬و يقصد الشهادة إخبار اإلنسان في مجلس القضاء بواقعة صدرت عن‬
‫غيره يترتب عليها حق لغيره ‪ ،‬على أن يكون الشاهد قد أدرك شخصيا بحواسه الواقعة التي يشهد‬
‫بها ‪،‬بحيث يكون قد رآها أو سمعها بنفسه‪.369‬‬

‫و قد أجاز المشرع أن تثبت الكتابة بشهادة الشهود ‪ ،‬حيت تنصب أساسا على الكتابة أو‬
‫التوقيع ‪ ،‬ل على أي موضوع أخر كشروط أو كيفية التعاقد ‪ .‬و مهمة الشهود تنحصر أساسا على‬
‫‪370‬‬
‫الواقعة المادية ‪ ،‬أي أنهم شاهدوا عملية التوقيع أو الكتابة على الورقة محل النزاع ‪.‬‬

‫و يتم أخد تصريح الشاهد الذي عاين عملية الكتابة أو التوقيع موضوع النزاع ‪ ،‬وفق‬
‫‪371‬‬
‫القواعد المسطرية لإلثبات شهادة الشهود‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التحقيق بالخبرة‬


‫تعد الخبرة من بين الوسائل اإلثباتية المعتمدة في دعوى الطعن بالزور الفرعي ‪ ،‬و التي‬
‫نص عليها الفصل ‪ 89‬من ق‪ .‬م ‪.‬م ‪ ،‬بحيث للمحكمة أن تستعين بالخبرة في المنازعات القضائية‬
‫‪372‬‬
‫‪ ،‬أو بناء على طلب أحد األطراف أو هما معا ‪ .‬وذلك بعد صور حكم‬ ‫سواء ن تلقاء نفسها‬
‫‪373‬‬
‫تمهيدي يبلغ لألطراف‪.‬‬

‫‪369‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصايلي م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪68‬‬
‫‪370‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س‪ /‬ص ‪420‬‬
‫‪371‬‬
‫‪ :‬د الطيب الفصايلي م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪82‬‬
‫‪ : 81‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 363‬بتاريخ ‪ 1975/07/02‬جاء فيه" من حق المحكمة أن تقرر إجراء خرة بدون طلب األطراف" مشار له عند د محمد‬
‫االزهر م ‪ .‬س ‪ /‬ص ‪333‬‬
‫‪ : 82‬د حليمة بنت المحجوب بن حفو " دراسة موجزة في قانون المسطرة المدنية" المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش ‪ /‬ط االولى ‪ /‬س ‪ / 2017‬ص‬
‫‪63 ، 62‬‬
‫و يتم تعين خبير من بين الخبراء المنظمين بقانون ‪ 45.00‬المتعلق بالخبراء القضائيين ‪ ،‬و‬
‫حالة لم يكن مدرجا بجدول الخبراء القضائيين فعليه أن يؤدي اليمين أمام السلطة التي يعينها‬
‫‪374‬‬
‫القاضي لذلك ‪.‬‬

‫و مهمة الخبير هي الوقوف على حقيقة إنكار الخطوط و التوقيعات من عدمه ‪ ،‬من خالل‬
‫‪375‬‬
‫و‬ ‫تقن يات المضاهاة و المقارنات و المميزات الشخصية الخطية التي ولدتها عادات الكتابة ‪،‬‬
‫الوقوف على مدى التطابق علما أن التام ال يعني صحة الوثيقة ‪ ،‬كما أن التباين ال يعني التزوير‬
‫‪ ،‬ألن الشخص قد يتحايل أو يحاول تضليل الخبير الذي يكون على دراية بهذه األمور و له عدة‬
‫طرق للوقوف على الحقيقة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أثار الحكم في دعوى الطعن بالزور الفرعي‬


‫المحكمة قد تحكم بصحة المستند إذا لم تثبت زوريته أو العكس إذا تبين لها يقينا بزورية‬
‫المستند ‪ ، .‬وفي جميع األحوال يترتب على هذا الحكم أثار سواء في حالة صحته أو زوريته‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬في حالة صحة المستند‬


‫إذا تبثت صحة المستند فإن مدعي الزور المرفوض طلبه ‪ ،‬يحكم عليه بغرامة مالية‬
‫تتراوح بين خمسمائة و ألف و خمسمائة درهم ‪ .‬دون المساس بالتعويضات و المتابعات‬
‫‪376‬‬
‫الجنائية‪.‬‬

‫و مناط هذه العقوبة على مدعي الزور الفرعي هو قصد إساءة استعمال حق التقاضي‪ ،‬و‬
‫‪377‬‬
‫إطالة أمد التقاضي و استغباء القضاء ‪.‬‬

‫و الحالة التي يكون فيها الشك صارخ في زورية المستند دون يقين‪ ،‬يمكن للقاضي أن يأخذ‬
‫‪378‬‬
‫ذلك بعين االعتبار حين تحديد مبلغ الغرامة ‪ ،‬والشيء نفسه إذا تعلق األمر بالتعويضات ‪.‬‬

‫‪374‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪420‬‬
‫‪375‬‬
‫‪ :‬قرار محكمة النقض عدد ‪ 2962‬بتاريخ ‪ 2001/07/26‬مشار له عند الدكتور محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪420‬‬
‫‪376‬‬
‫‪ :‬الفصل ‪ 3/ 98‬من ق‪ .‬م‪ .‬م‬
‫‪377‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪435‬‬
‫‪ : 87‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪435‬‬
‫و المالحظ أن النص جاء حازما في الحكم بالغرامة على مدعي الزور المرفوض و لم‬
‫‪379‬‬
‫يطلبه األطراف ‪ ،‬فالمحكمة يجب تحكم من تلقاء نفسها ألن ذلك يدخل في النظام العام‪.‬‬

‫أما الطرف المتضرر فيمكنه المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من دعوى الزور‬
‫الفرعي ماديا كان أو معنويا ‪ ،‬كأن تلحقه أضرار من تأخير الفصل في الدعوى األصلية و تأثرت‬
‫مصالحه المادية من هذا التأخير ‪ ،‬وقد تفوت عليه فرص‪ ،‬خصوصا في المجال التجاري ‪.‬‬

‫باإلضافة للضرر المعنوي الذي يتمثل في األضرار المعنوية من إيالم النفس و الحط من‬
‫االعتبار جراء االتهام بالتزوير ‪.‬‬

‫و إذا كانت دعوى الطعن بالزور الفرعي عن سوء نية يستهدف منها المدعي التحايل على‬
‫القضاء ‪ ،‬وتغير مجرى الدعوى األصلية ‪ ،‬أو التأثير على القضاء ‪ ،‬فهذا فيه نوع من إهانة‬
‫للمحكمة ‪ ،‬بواسطة الدعوى الكيدية التي يعلم مسبقا أنها تجانب الحقيقة‪ ،‬و بالتالي فيمكن أن يعاقب‬
‫‪380‬‬
‫صاحبها وفق ما هو منصوص عليه في الفصل ‪ 266‬من القانون الجنائي ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬في حالة تزوير المستند‬


‫نص الفصل ‪ 99‬من ق‪ .‬م‪ .‬م على أنه { يوقف تنفيذ الحكم الفاصل في الزور الفرعي بحذف‬
‫أو تمزيق المستند كال أو بعضا أو تصحيحه أو إعادته إلى أصله داخل أجل االستئناف أو إعادة‬
‫النظر أو النقض وكذا أثناء سريان هذه المساطر عدا إذا وقع التصريح بقبول الحكم أو بالتنازل‬
‫عن استعمال طرق الطعن‪}.‬‬

‫‪ : 88‬د جواد بو كالطة االدريسي م س ط ‪ / 2005‬ص ‪230‬‬


‫‪ :89‬ينص الفصل ‪ 266‬من ق‪ .‬ج " يعاقب بالعقوبات المقررة في الفقرتين األولى و الثالثة من الفصل ‪ 263‬من القانون الجنائي على‪:‬‬
‫االفعال و األقوال و الكتابات العلنية‪ ،‬التي يقصد بها التأثير على قرارات رجال القضاء قبل صدور الحكم غير القابل للطعن في قضية ما‪.‬‬
‫االفعال و األقوال و الكتابات العلنية‪ ،‬التي يقصد منها التحقير من المقررات القضائية‪ ،‬و يكون من شأنها المساس بسلطة القضاء و استقالله‪".‬‬

‫العقوبات المقررة في الفصل ‪ 263‬من الجنائي هي ‪ ( :‬الفقرة االولى) الحبس من شهر الى سنة ‪ /‬غرامة من ‪ 250‬الى ‪ 5000‬درهم ‪.‬‬
‫( الفقرة الثانية) الحبس من سنة الى سنتين ‪.‬‬
‫بالتالي فالحكم الرامي إلى زور المستند يؤدي إلى إبعاده و اعتباره كأن لم يكن ‪ .‬ال حجية له‬
‫في اإلثبات جزئيا أو كليا ‪ ،‬ولو تعلق األمر بحسن النية‪ ،381‬متى أصبح الحكم باتا أي بعد استنفاذ‬
‫‪382‬‬
‫جميع طرق الطعن بما في ذلك النقض ‪.‬‬

‫و قد استعمال المشرع كلمة حذف و تمزيق ‪ ،‬بمعنى عدم اعتماده كوسيلة إثباتيه في جزء‬
‫منه أو كله‪.‬‬

‫وتمضي المحكمة في النظر في الدعوى األصلية دون االستناد إلى المستند الزور ‪ ،‬ألنه ال‬
‫يصح الحكم بتزوير الورقة أو صحتها و في الموضوع في وقت واحد‪.‬‬

‫‪ : 90‬جاء بقرار محكمة النقض عدد ‪ 2681‬بتاريخ ‪ 09/05/2012‬ما يلي " ثبوت زورية عقد البيع تجعله منعدما و غير منتج ألي أثر و إن كان مسجال‬
‫في الرسم العقاري و كان المشتري حسن النية" مشار له عند محمد االزهر م‪ .‬س ‪/‬ص ‪463‬‬
‫‪382‬‬
‫‪ :‬د محمد االزهر م‪ .‬س ‪ /‬ص ‪436‬‬
‫الباب الرابع ‪ :‬النظام القانوني لمسؤولية الموثق‪.‬‬
‫حتى يتم اعطاء نظرة شاملة لمنطلق النظام القانوني لمسؤولية الموثق‪ .‬استوجب منا االمر‬
‫تجزيئ هذا المقتضى هو االخر الى قطبين ‪.‬نستعرض في أوالهما الحديث عن المسؤولية المدنية‬
‫للموثق في (مطلب األول) على أن نخصص (المطب الثاني) لتناول مقتضى المسؤولية التأديبية و‬
‫الجنائية للموثق‪.‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬المسؤولية المدنية للموثق‬


‫تتحقق المسؤولية المدنية بإخالل أحد األشخاص بالتزام يقع عليه‪ ،‬وهي نوعان‪ :‬عقدية أو‬
‫تقصيرية‪ ،‬بحسب مصدرها فتكون عقدية إدا كان مصدرها العقد‪ ،‬وتقصيرية إدا كان مصدرها‬
‫القانون‪.383‬‬

‫ويقصد بها أيضا '' تحمل الشخص لنتائج وعواقب التقصير الصادر عنه أو عمن يتولى‬
‫الرقابة واإلشراف عليه ''‪.384‬‬

‫أما المسؤولية المدنية للموثق فتقوم على إخالله بأحد االلتزامات المهنية الملقاة على عاتقه‬
‫تجاه المتعاقدين‪ ،‬فيتضررون على إثر هذا اإلخالل‪ ،‬فيقوم في هذه الحالة حقهم في المطالبة‬
‫بالتعويض على ما لحقهم من خسارة وما فاتهم من ربح‪ ،‬وأحكام المسؤولية في هذه الحالة تخضع‬
‫من حيث تطبيقها للقواعد العامة‪ ،‬مع تقييدها بالقواعد المنصوص عليها في قانون التوثيق‪.‬‬

‫ويعتبر تحديد الطبيعة القانونية لمسؤولية الموثق المدنية من أدق وأصعب المسائل التي‬
‫يواجهها رجال القانون والفقهاء وكافة القضاة‪ ،‬فهي غامضة سيما أن المشرع سكت عن تحديد‬
‫طبيعتها في قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬عموما والقانون المنظم لمهنة التوثيق على وجه‬
‫الخصوص‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫_مأمون الكوزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء‪ ،‬قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول‪.‬مصادر االلتزامات‪ ،‬مطابع القلم‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬س‪،1972.‬ص‪.367.‬‬
‫‪384‬‬
‫_أستاذنا محمد العلمي‪ ،‬المسؤولية المدنية‪ :‬العقدية والتقصيرية‪ ،‬مطبعة قرطبة‪،‬ط الثالثة‪ ،‬اكادير‪ ،2016 ،‬ص‪.4‬‬
‫ثم إذا كانت المسؤولية في القواعد العامة تحتاج إلى أركان لتقوم‪ ،‬فهي أيضا بالنسبة للموثق‬
‫تحتاج إلى عدة أركان و شروط لتتحقق‪ ،‬ثم فبعد قيامها فإنها تنتج عدة أثار‪ ،‬لكن قبل ذلك ال بد من‬
‫تحديد أساسها‪.‬‬

‫لمعالجة كل هذه اإلشكاالت وأخرى سنقسم هدا الفصل إلى مبحثين‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬طبيعة المسؤولية المدنية للموثق و أساسها‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أركان المسؤولية المدنية للموثق وآثرها‬
‫المبحث األول‪ :‬طبيعة المسؤولية المدنية للموثق و أساسها‬

‫يعد التكييف القانوني ألي وضع مسألة في غاية الدقة‪ ،385‬ولقد أثارت مسؤولية الموثق جدال‬
‫كبيرا حول تكييفها‪ ،‬فهناك من يعتبرها مسؤولية عقدية وهناك من يعتبرها تقصيرية‪ ،‬ويرجع هذا‬
‫االختالف إلى ازدواجية المسؤولية في القانون المدني المغربي بين عقدية وتقصيرية‪ ،‬وكما هو‬
‫معلوم فالمسؤولية المدنية للموثق ال تخرج عن القواعد العامة المنظمة للمسؤولية المدنية بشكل عام‬
‫( مطلب أول ) كما أن مسألة أساسها القانوني كذلك فيه نقاش ( مطلب ثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬طبيعة المسؤولية المدنية للموثق‬

‫انقسم الفقه في تحديد طبيعة مسؤولية الموثقين إلى قسمين‪ :‬األول يرى أن مسؤولية الموثق‬
‫هي مسؤولية عقدية‪ ،‬في حين أن الثاني يرى بأنها تقصيرية‪.386‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬االتجاه القائل بالمسؤولية التقصيرية‬

‫بالطبيعة العقدية لمسؤولية الموثق المدنية‪ ،‬كالدكتور محمد‬ ‫يقول أنصار هذا االتجاه‬
‫خيري‪ ،387‬الذ ي يقول أن عالقة الموثق العصري كمحرر للعقد بزبونه‪ ،‬تخضع لقواعد المسؤولية‬
‫التقصيرية‪ ،‬فهذه المسؤولية تنشأ عندما يصدر عنه خطأ تقصيري منصوص عليه قانونا‪ ،‬حيث تتم‬
‫مساءلته في إطار الفصلين ‪ 77‬و‪ 78‬ـ من ق‪ .‬إ‪ .‬ع‪ ،‬الذي يوجب المتسبب في الضرر تعويض‬
‫المتضرر‪.‬‬

‫‪385‬‬
‫_أستاذنا عبد الرزاق أيوب‪ :‬التكييف القانوني األسس النظرية والجوانب العملية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الحسن الثاني‪ ،2005 ،‬ص‪.5‬‬
‫‪386‬‬
‫_ إبراهيم أوسعيد االلتزام بالنصح وأثره على المسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية مراكش‪ ،‬ص‪.58‬‬
‫‪387‬‬
‫_محمد خيري‪ ،‬مهنة تحرير العقود بين التنظيم واإلطالق‪،‬ص‪91 .‬‬
‫أشار إليه عبد المجيد بوكبير‪:‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬مكتبة السالم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬س‪،2010‬ص‪. 214.‬‬
‫وا ستدل هؤالء بانتفاء العالقة التعاقدية بين الموثق و الزبون‪ ،‬فمسؤوليته تؤسس على إخالله‬
‫بواجب قانوني‪ ،388‬وبناء عليه فمسؤولية الموثق تقوم على الخطأ التقصيري وفقا لمقتضيات‬
‫‪389‬‬
‫الفصل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬

‫ويقصد بالخطأ في المسؤولية التقصيرية إخالل شخص بالتزام قانوني مع إدراكه لهذا‬
‫اإلخالل وبالرجوع إلى الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 78‬من ق‪.‬ل‪.‬ع فإن '' الخطأ هو ترك ما كان يجب‬
‫فعله‪ ،‬أو فعل ما كان يجب اإلمساك عنه‪ ،‬وذلك من غير قصد إلحداث الضرر ''‬

‫كما أنه بالرجوع إلى المادة ‪ 29‬من القانون رقم ‪ 32-09‬نجدها تنص على انه "إذا امتنع‬
‫الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع تحمل مسؤولية الضرر المترتب عن هذا االمتناع"‬
‫الشيء الذي يؤكد أن القول بأن الزبون تربطه بالموثق عالقة تعاقدية أمر ال يصح التسليم به‬
‫باعتبار أن الموثق حسب ما نص عليه الفصل المذكور ال يملك حرية التعاقد مع الزبون‪ ،‬ومن تم‬
‫وبالرجوع إلى‬ ‫فالموثقون رهن إشارة زبنائهم ألداء خدمة عامة مصدرها التزام قانوني‪.‬‬
‫المادتين‪ 15‬و‪ 16‬من الباب الثالث المتعلق بحقوق وواجبات الموثق من القانون رقم ‪،32-09‬‬
‫نستنتج أن الموثق ليس حر في تحديد أتعابه بل القانون هو من يتولى تحديدها وال يحق له أن‬
‫يتجاوزها تحت طائلة التأدي ب أو الزجر‪ ،‬مما يفيد أن التحديد القانوني ألتعاب الموثق يجعل الزبون‬
‫على علم بالتزامه‪ ،‬ومجرد لجوئه للموثق في هذه الحالة يجعله موافقا على االرتباط معه وفقا‬
‫للشكل الذي حدده القانون وهو الشيء الذي يؤكد انتفاء الرابطة العقدية بين الزبون والموثق‪.‬‬
‫‪390‬‬
‫من القانون ‪ 32.09‬نجدها تقر بأن مسؤولية الموثق ال تنتج‬ ‫ثم بالرجوع إلى المادة ‪26‬‬
‫عن فعله فقط بل تمتد إلى فعل مساعديه‪ ،‬ودون أن تحدد طبيعة هذه المسؤولية‪ ،‬وفقا لقاعدة‬
‫مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع‪ ،391‬وعليه فإن الموثق يمكن أن يسأل اتجاه زبنائه خارج دائرة‬

‫‪388‬‬
‫_تنص المادة ‪ 28‬من قانون‪ ''32 .09.‬يسأل الموثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزه بسبب خطئه المهني‪ ،‬ونتج عن هذا البطالن ضرر‬
‫ألحد األطراف''‬
‫‪389‬‬
‫_نص الفصل ‪ '' 77‬كل فعل ارتكبه اإلنسان عن بينة واختيار‪ ،‬ومن غير أن يسمح له به القانون‪ ،‬فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير‪ ،‬ألزم مرتكبه‬
‫بتعويض هذا الضرر‪ ،‬إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر‪.‬‬
‫وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم األثر''‬
‫‪390‬‬
‫_تنص المادة ‪ 26‬من القانون ‪ '' 32.09‬يتحمل الموثق مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية‪ ،‬واألخطاء المهنية للمتمرنين لديه‪،‬‬
‫وأجرائه‪ ،‬وفق قواعد المسؤولية المدنية''‪...‬‬
‫‪391‬‬
‫_ينص الفصل ‪ 85‬على '' ال يكون الشخص مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب‪ ،‬لكن يكون مسؤوال أيضا عن الضرر الذي يحدثه‬
‫األشخاص الذين هم في عهدته‪...‬‬
‫التعاقد‪ ،‬ومن تم فإن ا لقانون هو الذي نظم االلتزامات الملقاة على عاتق الموثق‪ ،‬وأن العالقة التي‬
‫تربطه بزبنائه ما هي إال تطبيق لهذه المقتضيات وال دخل لإلرادة فيها‪.‬‬

‫بناء على هاته االستدالالت قال هؤالء بأن للمسؤولية طبيعة عقدية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬االتجاه القائل بالمسؤولية العقدية‬

‫بعكس االتجاه األول‪ ،‬هدا االتجاه يقول بأن مسؤولية الموثق ذات طبيعة عقدية‪ ،‬تستمد أساسها‬
‫من العقد واالتفاق‪ ،392‬فالموثق عندما يفتح مكتبا للتوثيق ويضع لوحة إشهاري خارج مكتبه وداخله‬
‫فإن ذلك يعتبر إيجابا‪ ،‬لمن يرغب في إضفاء الرسمية على العقود‪ ،‬ولجوء الشخص إلى الموثق هو‬
‫بمناسبة قبول إليجاب الموثق‪ ،‬ثم بذلك فإن أركان العقد األساسية قائمة‪.393‬‬

‫بهذا فمقتضيات العقد هي التي تقرر مسؤولية الموثق‪ ،‬فيكون التزامه غالبا التزاما بتحقيق‬
‫نتيجة‪ ،394‬والمتمثلة في صحة المحرر الرسمي من الناحية الشكلية على األقل‪ ،‬وفي هدا الصدد‬
‫قضى المجلس األعل ى ـمحكمة النقض حالياـ في قرار له '' لما كان الباعث في اإلشهاد بواسطة‬
‫الموثق هو ضمان نتيجة من المعاملة المشهود بها‪ ،‬ودلك بحفض الحقوق القانونية وكل ما يترتب‬
‫على دلك من نتائج‪ ،‬وهو باعث مشروع لحماية حقوقه‪ ،‬يوجب على اتخاذ الموثق جميع اإلجراءات‬
‫الضامنة لنقل المل كية‪ ،‬وأن نية المتعاقدين في اللجوء إلى الموثق تنصرف إلى تحرير عقد تام‬
‫صحيح وقابل للتنفيذ‪ ،‬والتزامه إزاءهم بهذا العمل هو التزام بتحقيق غاية يستوجب اتخاذ الحيطة‬
‫تنفيذه‪ ،‬حيث تبلغ مقدار العناية المطلوبة في ذلك الدرجة القصوى‪ ،‬إذ يطلب دائما تحقيق هذه الغاية‬
‫من عمله ‪.''395‬‬

‫‪392‬‬
‫_ العلمي الحراق‪" ،‬الوثيق في شرح قانون التوثيق" مطبعة دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع – الرباط – الطبعة األول ص ‪.67‬‬
‫‪393‬‬
‫_المهدي بوي‪ ،‬المسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬دراسة على ضوء القانون ‪ ،32.09‬مقال منشور بالموقع االلكتروني ‪www.droitentreprise.com‬‬
‫بتاريخ ‪.2016/11/14‬‬

‫‪394‬‬
‫_قرار صادر عن المجلس األعلى بتاريخ ‪ 20‬يوليوز ‪ 2006‬تحت عدد ‪ ،21114‬منشور بجريدة محكمة االستئناف بالدار البيضاء‪ ،‬العدد الثاني‪،‬‬
‫‪.2012‬‬
‫‪395‬‬
‫_قرار ذكرته لطيفة أمهضون‪ ،‬العمل القضائي المرتبط بمسؤولية الموثق والعدول ومحرري العقود‪ ،‬مجلة محكمة االستئناف بالدار البيضاء العدد‬
‫الثاني‪ ،‬س‪ ،2012.‬ص‪.52.‬‬
‫لكن في ما يخص التزامه بالنصح واإلرشاد تجاه زبنائه‪ ،‬فهو ملتزم ببدل عناية فقط‪ ،‬كما أنه‬
‫ملزم بالقيام باإلجراءات الشكلية الواجبة إلتمام العقد‪ ،‬سواء تعلق األمر بالتسجيل لدى إدارة‬
‫التسجيل والتمبر‪ ،‬أو تطهير العقار من الضرائب‪ ،396‬أو تقييد العقد لدى مصالح المحافظة العقارية‪.‬‬

‫ثم من تطبيقات هذا االتجاه كذلك‪ :‬كون العقد الذي يجمع بين الموثق والزبون هو عقد وكالة‪،‬‬
‫لكن هذه الوكالة هي من نوع خاص‪ ،‬حيث تخول للموثق تمثيل الزبون أمام اإلدارات العمومية‬
‫والخاصة والقيام بجميع اإلجراءات‪ ،‬فهو يهتم بإدارة جميع المصالح المرتبطة باألطراف‪،397‬‬
‫بحيث أوجبت المادة ‪ 47‬من قانون التوثيق ‪ 32.09‬على الموثق تمثيل زبونه أمام إدارة التسجيل‬
‫والمحافظة العقارية و قيامه بإجراءاتها دون لزوم توكيل كتابي إذ تعتبر نيابته قانونية و‬
‫وجوبية‪.398‬‬

‫ويرى هذا االتجاه كذلك‪ :‬ان العقد الذي يجمع بين المهني وزبونه هو إجارة صنعة‪،399‬‬
‫والسبب هو ان هذا العقد يتناسب أكثر مع وضعية الموثق والزبون‪ ،400‬حيث أن الموثق يبذل جهدا‬
‫في تحرير عقد رسمي‪ ،‬وتقديم كافة النصائح و التوضيحات‪ ،‬في مقابل اتعاب محددة دون أن تكون‬
‫هناك رابطة تبعية بين الطرفين‪ ،‬على اعتبار أن المشرع اعتبر مهنة التوثيق مهنة حرة‪ ،‬وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 1‬من القانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق والتي جاء فيها "إن التوثيق مهنة‬
‫حرة تمارس وفق الشروط وحسب االختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص‬
‫الخاصة"‬

‫قدم هذا ا التجاه استدالالت‪ ،‬وتطبيقات كثيرة للقول بطبيعة مسؤولية الموثق العقدية‪ ،‬عرضنا‬
‫بعضها على أن نعرض خرى في المطلب الثاني المتعلق بأساس المسؤولية‪ ،‬الرتباط الموضوعين‪.‬‬

‫‪396‬‬
‫_تنص المادة من مدونة تحصيل الديون العمومية ‪ '' 95‬في حالة انتقال ملكية عقار أو تفويته‪ ،‬يتعين على العدول أو الموثقين أو كل شخص آخر‬
‫يمارس مهام توثيقية‪ ،‬أن يطالبوا باإلدالء لهم بشهادة مسلمة من مصالح التحصيل تثبت أداء حصص الضرائب والرسوم المثقل بها العقار برسم السنة‬
‫التي تم فيها انتقال ملكية أو تفويته‪ ،‬وكذا السنوات السابقة‪ ،‬وذلك تحت طائلة إلزامهم بأدائها على وجه التضامن مع الملزم‪'' ٠٠٠‬‬
‫‪397‬‬
‫‪ -‬سيدي محمد كمال المشيشي‪ ،‬االلتزامات المهنية للموثق العصري والمسؤوليات الناتجة في حالة االخالل بها‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش السنة الجامعية ‪ ،2012/2011‬ص ‪.5‬‬
‫‪398‬‬
‫‪ -‬جاء في المادة ‪ 47‬من قانون رقم ‪" ، 32.09‬يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه لمكتب‬
‫التسجيل المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقيد في السجالت العقارية وغيرها‬
‫لضمان فعاليتها ويقوم بإجراءات التبليغ والنشر عند اإلقتضاء"‪.‬‬
‫‪ _399‬نظم المشرع إجارة الصنع في الفصول من ‪ 723‬إلى ‪ 727‬ثم الفصول من ‪780‬إلى‪ 759‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫‪400‬‬
‫_عبد المجيد بوكبير‪:‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬م‪.‬س ‪،‬ص‪.215.‬‬
‫من خالل ما سبق وفي غياب تنصيص صريح على طبيعة المسؤولية المدنية للموثق نرجح‬
‫كقاعدة الرأي القائل بأن مسؤولية الموثق مسؤولية عقدية‪ ،‬وذلك لعدة اعتبارات منها أن المشرع‬
‫المغربي نظم العالقة بين أرباب المهن الحرة والزبائن على أساس العقد‪ ،‬كما أن الموثق عند فتحه‬
‫لمكتبه يعتبر إيجابا منه وبقبول الطرف اآلخر لهذا اإليجاب ينعقد العقد‪.‬‬

‫و هذا ما قضت به المحكمة االبتدائية بالرباط في احد أحكامها‪ ،‬حيث جاء في حيثياته‪:401‬‬

‫حيث يهدف الطلب إلى الحكم على المدعى عليه الموثق بإرجاعه للمدعي (المشتري) مبلغ‬
‫(‪ 55000.00‬درهم) الذي تسلمه منه‪ ،‬وأدائه تعويضا عن الضرر الذي لحقه‪ ،‬والحكم على‬
‫صندوق مال الضمان المالي للموثقين باألداء بصفته كفيال للموثقين‪ ،‬وتحميل المدعى عليهم الموثق‬
‫وصندوق مال الضمان المالي للموثقين والدولة المغربية والعون القضائي للمملكة‪ ،‬الصائر‪.‬‬

‫وحيث إن العالقة التعاقدية ثابتة بين الطرفين‪ ،‬بمقتضاها أشرف المدعى عليه على كتابة وعد‬
‫بالبيع‪ ،‬وتسلم أثره مبلغ ‪ 155000.00‬درهم دون إتمام العقد النهائي‪ ،‬وأمام عدم وجود ما يفيد‬
‫إرجاع هذا المبلغ‪ ،‬ويجب الحكم عليه باألداء‪.‬‬

‫وخلص الحكم في منطوقه إلى الحكم على المدعى عليه الموثق بأدائه للمدعي مبلغ‬
‫(‪ 155000.00‬درهم) ثمن البيع‪ ،‬مع تحميله الصائر‪ ،‬والحكم على صندوق الضمان المالي‬
‫للموثقين بأداء نفس المبلغ بعد ثبوت إعسار المدعى عليه الموثق‪.‬‬

‫وهو الحكم الذي أيد استئنافيا بمقتضى القرار الصادر عن استئنافية الرباط‪.402‬‬

‫ويعد الط عن بالنقض في القرار المذكور من طرف الوكيل القضائي للمملكة‪ ،‬وكذا صندوق‬
‫التأمينات للموثقين‪ ،‬قضى المجلس األعلى برفض طلب النقض بناء على التعليل التالي‪:‬‬

‫لكن لئن كانت مقتضيات الفقرة الخامسة من الفصل ‪ 39‬من ظهير ماي ‪ 1925‬ال تجير رفع‬
‫الدعاوي بشأن التعويضات ضد صندوق التأمينات‪ ،‬إال إذا بحث المدعي عن أمالك الموثق‬

‫‪401‬‬
‫_حكم ابتدائي صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط رقم ‪ 360‬ملف عدد (‪ )99/44/1‬بتاريخ ‪ 4/5/2000‬منشور بمؤلف لبنى الوزاني " المسؤولية‬
‫التأديبية على ضوء العمل القضائي''‪ ,‬ص ‪7‬و‪8.‬‬
‫‪402‬‬
‫‪ -‬حكم استئنافي صادر عن محكمة االستئناف بالرباط بتاريخ ‪ 2001/6/27‬رقم (‪ )351‬في الملف عدد ‪ .27/00/5100‬منشور بمؤلف لبنى الوزاني‬
‫" المسؤولية التأديبية على ضوء العمل القضائي''‪ ,‬ص ‪10.‬‬
‫المسؤول بقصد بيعها‪ ،‬وكان عجزه أو عجز نوابه ثابتا‪ ،‬وذلك تحت طائلة عدم قبولها‪ ،‬فإن‬
‫المطلوب في النقض لما أرفق مقاله بشهادة صادرة عن المحافظ العام تفيد أن المدعى عليه الموثق‬
‫ال يوجد ضمن الئحة مالكي العقارات المحفظة‪ ،‬أو التي في طور التحفيظ‪ ،‬ومحضر عدم كفاية‬
‫األشياء المحجوزة إثر صدور حكم ضده بأداء مبالغ مالية‪ ،‬وذلك إلثبات قيامه بحث عن أمالكه‪،‬‬
‫يكون بذلك قد احترم المقتضيات المحتج بها‪ ،‬وإن المحكمة لما قضت في الموضوع بصفة أصلية‬
‫على الموثق‪ ،‬وبإحالل صندوق التأمينات محله في األداء بعد ثبوت إعساره مطبقة بذلك أحكام‬
‫الكفالة‪ ،‬كان قرارها معلال تعليال سليما‪ ،‬ومرتكزا على أساس‪ ،‬ولم تخرق أي مقتضى قانوني‪ ،‬مما‬
‫يبقى معه ما بالوسيلة على غير أساس‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أساس المسؤولية المدنية للموثق‬

‫سنتناول في هذا المطلب األساس الذي تقوم عليه المسؤولية المدنية للموثق‪ ،‬ودلك في‬
‫فقرتين‪ :‬نخصص األولى لألساس القانوني في المسؤولية العقدية‪ ،‬على ان نخصص الثانية لألساس‬
‫القانوني في المسؤولية التقصيرية‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬أساس المسؤولية العقدية‬

‫يرى بعض الفقه‪ ،403‬والقضاء المغرب‪ ،404‬والفرنسي ان مسؤولية الموثق المدنية على‬
‫اخطائه المهنية‪ ،‬مسؤولية عقدية تقوم على االخالل بالتزام عقدي‪ ،‬بالرغم من ان التزامات الموثق‬
‫تجد تتحدد في القانون ‪ 32,09‬المنظم لمهنة التوثيق‪ ،‬وال دخل لألطراف في تقريرها‪.‬‬

‫بحيث تتم مساءلته وفق مقتضيات الفصل ‪ 230‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،405‬الذي يؤطر طبيعة العالقة‬
‫التي تجمع بين المتعاقدين‪ ،‬حيث تعتبر االتفاقات المبرمة بينهما على وجه صحيح بمثابة القانون‪،‬‬

‫‪403‬‬
‫_عبد المجيد بوكبير‪:‬التوثيق العصري المغربي‪ ،‬مكتبة السالم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬س‪،2010‬ص‪. 201.202..‬‬
‫‪404‬‬
‫_حكم صادر عن المحكمة االبتدائية بالرباط رقم‪ 360‬ملف عدد ‪ 99\44\1‬بتاريخ ‪ 4‬ماي‪ 2000‬منشور بكتاب لبنى الوزاني ‪ :‬المسؤولية التأديبية‬
‫للموثق في ضوء العمل القضائي‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ط‪٠‬االولى‪ ،‬ص‪٠8٠7٠‬‬
‫‪405‬‬
‫_تنص المادة ‪ 230‬على '' االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا‬
‫أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون''‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة فالموثق ملزم باحترام التزاماته التعاقدية حتى ال يكون عرضة للمساءلة بناء على‬
‫مقتضيات الفصل السالف ويكون أيضا ملزما بتنفيذ االلتزامات بحسن نية طبقا لمقتضيات الفصل‬
‫‪406‬‬
‫وقد تكون مسؤولية الموثق تقصيرية ناتجة عن اإلخالل بالتزام قانوني ال‬ ‫‪ 231‬من ق‪ .‬ا‪ .‬ع‬
‫‪407‬‬
‫من ق‪.‬ل‪ .‬ع إضافة إلى مسؤوليته عن األشخاص‬ ‫تعاقدي تجد أساسها في الفصلين ‪ 77‬و‪78‬‬
‫التابعين له وفق الفصل ‪ 85‬من ق ل‪.‬ع‪ ،408‬غير انهم اختلفوا حول اساس المسؤولية‪ ،‬حيث‬
‫توزعت اآلراء الى نظرتين‪ :‬نظرية العقد المسمى‪ ،‬و نظرية العقد غير المسمى‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬نظرية العقد المسمى‬

‫تقوم هده النظرية على ان العالقة بين الزبون و الموثق اساسها عقد مسمى‪ ،‬وأورد هؤالء‬
‫عدة عقود‪:‬‬

‫عقد الوكالة‪ :‬سبقت االشارة الى هذا في المطلب السابق‪ ،‬إال أن هذا الرأي في نظرنا جانب‬
‫الصواب وذلك لعدم انسجام أحكام عقد الوكالة مع الدور الخطير الذي يضطلع به الموثق في‬
‫المجتمع‪ ،‬وعدم انطباق أحكامها مع جميع التزامات الموثق‪ ،‬كما أن المادة ‪ 47‬من قانون التوثيق‬
‫‪ 32.09‬قد أوجبت على الموثق تمثيل زبونه أمام إدارة التسجيل والمحافظة العقارية و قيامه‬
‫بإجراءاتها دون لزوم توكيل كتابي إذ تعتبر نيابته قانونية و وجوبيه‪.409‬‬

‫وتجدر اإلشارة ان في الجانب العملي درج الموثقون على تضمين عقودهم بسند يتضمن‬
‫تفويضا لهم‪ ،‬والذي غالبا ما يكون على الشكل التالي‪:‬‬

‫'' يفوض الطرفان لألستاذ الموثق‪ ...‬الموقع أسفله السلطات الكاملة لتنفيذ العقد وأداء كافة‬
‫الرسوم والمستحقات والضرائب وطلب جميع الوثائق والرخص اإلدارية‪'' 410.‬‬

‫‪406‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 231‬من ق‪ .‬ا‪ .‬ع بنص ‪ :‬كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية‪ ،‬وهو ال يلزم بما وقع التصريح به فحسب بل أيضا بكل ملحقات االلتزام التي‬
‫يقررها القانون أو العرف أو اإلنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته"‪.‬‬
‫‪407‬‬
‫‪ -‬ينص الفصل ‪" 78‬كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه ال بفعله فقط ولكن بخطئه أيضا وذلك عندما يثبت أن الخطأ هو‬
‫السبب المباشر في ذلك الضرر‪."...‬‬
‫‪408‬‬
‫‪ -‬الفصل ‪ 85‬من ق‪ .‬ل ع (ظهير ‪ 19‬يوليوز ‪ ) 1937‬ينص ‪ ":‬ال يكون الشخص مسؤوال عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب لكن يكون مسؤوال‬
‫أيضا عن الضرر الذي يحدثه األشخاص الذين هم في عهدته‪"...‬‬
‫‪409‬‬
‫‪ -‬جاء في المادة ‪ 47‬من قانون رقم ‪" ، 32.09‬يجب على الموثق أن يقدم نسخا من المحررات والعقود بعد اإلشهاد بمطابقتها لألصل من طرفه لمكتب‬
‫التسجيل المختص الستيفاء إجراء التسجيل وأداء الواجب في األجل المحدد قانونا وإنجاز اإلجراءات الضرورية للتقيد في السجالت العقارية وغيرها‬
‫لضمان فعاليتها ويقوم بإجراءات التبليغ والنشر عند اإلقتضاء"‪.‬‬
‫‪410‬‬
‫‪ -‬سيدي محمد كمال المشيشي‪ ,‬م س‪ ,‬ص ‪.88‬‬
‫عقد الوديعة ‪ :‬ويتجلى عقد الوديعة في عالقة الموثق بالمتعاقدين في نقطتين أساسيتين ‪:‬‬

‫النقطة األولى تتجلى في تسلم الموثق للمبالغ المالية المتعلقة بثمن البيع من طرف المشتري‬
‫وحفظها الى غاية استكمال اجراءات التوثيق وتسليمها الى البائع‬

‫النقطة الثانية تتجلى في حفظ اصول الوثائق وكدا مختلف الوثائق والرسوم التي يدلي بها‬
‫الطرفان للموثق بمناسبة ابرام العقد‬

‫عقد إجارة الصنعة ‪ :‬كما سبق ذكره ففحوى هذا العقد التزام األشخاص الذين يباشرون الفنون‬
‫والمهن الحرة بتقديم خدماتهم لزبنائهم وال شك ان عالقة الموثق بالزبون تحكمها نفس المقتضيات‬
‫فالموثق يسخر طاقته وقوت ه وكفاءاته العملية و المهنية من اجل القيام بالمهمة الموكولة إليه من‬
‫طرف زبونه‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬نظرية العقد غير المسمى‬

‫على عكس النظرية السابقة‪ ،‬فهذه تقول بان عالقة الموثق بزبونه تقوم على اساس عقد‪ ،‬لكنه‬
‫ليس عقد معروف في القانون‪ ،‬اال انه عقد معترف بصحته قانونا تنشا عنه التزامات تعاقدية‬
‫صراحة وضمنا‪ ،‬كما تنشا عنه االثار التي يقرها العرف والعدالة بالتالي فعالقة الموثق بالطرفين‬
‫هي عالقة خاصة‪ ،‬فهو ليس مقاوال لديه وال اجيرا‪ ،‬عنده بل ان عالقتهم تخضع لعقد خاص غير‬
‫مسمى‪ ،‬انطالقا من طبيعة مهنة التوثيق الخاصة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أ ساس المسؤولية التقصيرية‬

‫لقد نصص المشرع في الباب الثالث من القانون رقم ‪ ، 32.09‬وفي ق‪.‬ل‪.‬ع كذلك خصوصا‬
‫الفصول ‪ 77-78-230-231‬وفي مدونة تحصيل الديون العمومية المادة ‪ 95‬على مجموعة من‬
‫الواجبات على الموثق احترامها تحت طائلة المسؤولية‪.‬‬
‫بالتالي فمسؤولية الموثق التقصيرية تقوم على اساس عدم احترام التزام قانوني‪ ،‬ولتحقق‬
‫المسؤولية التقصيرية ال بد من اكتمال اركانها ) الخطأ‪ ،‬الضرر‪ ،‬العالقة السببية ‪(411.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اركان قيام المسؤولية المدنية للموثق وآثرها‬

‫إن المسؤولية المدنية للموثق ال تتحقق إال إذا توافرت شروطها القانونية‪ ،‬طبقا ألحكام قواعد‬
‫القانون المدني وقواعد القانون المنظم لمهنة التوثيق‪ ،‬وهي الخطأ والضرر‪ ،‬ثم العالقة السببية ‪)412‬‬
‫المطلب االول ( ولما تكتمل اركانها فهي تنتج عدة اثار) المطلب الثاني (‬

‫المطلب االول ‪ :‬اركان قيام المسؤولية المدنية للموثق‬

‫كما ذكر من قبل فالمسؤولية المدنية للموثق تخضع للقواعد العامة مع احترام القانون المنظم‬
‫لمهنة التوثيق العصري ‪ 32,09‬ببهذا فهي تتحقق بثالثة اركان اساسية ‪:‬‬

‫الفقرة االول ى ‪ :‬الخطأ‬

‫الخطأ في المسؤولية التقصيرية هو إخالل بالتزام قانوني‪ ،413‬أما الخطأ في المسؤولية‬


‫‪414‬‬
‫والموثق يعد مرتكبا لخطأ مهني إذا لم يراعي أثناء أداته‬ ‫العقدية هو اإلخالل بالتزام عقدي‬
‫لمهامه لإلجراءات الضرورية لتفادي مخالفة النصوص القانونية والتنظيمية والقواعد المهنية‬
‫المنظمة لعمل الموثقين العصريين‪.‬‬

‫والمشرع المغربي لم يحصر االخطاء التي تعتبر مهنية في القانون في القانون ‪ 09-32‬انما‬
‫جاء بصياغة عامة تدخل فضمنها كل االخطاء التي تمس االلتزامات الملقاة على عاتقه‬

‫‪411‬‬
‫_سوف نفصل في االركان في ما سياتي‬
‫‪_412‬مأمون الكوزباري ‪ :‬م‪.‬س‪،‬ص‪.374‬‬
‫‪413‬‬
‫‪ -‬في هذا الصدد انظر الفصل ‪ 78‬من ق‪ .‬ل‪ .‬ع‬
‫‪414‬‬
‫‪ -‬الخطأ العقدي هو عدم تنفيذ وااللتزام الناشئ عن العقد‬
‫ونميز بين نوعين من الخطأ المهني‪ :‬الخطأ المضر بالغير بصفة عامة والخطأ المضر‬
‫بأطراف العقد بصفة خاصة‪:‬‬

‫فالخطأ المضر بالغير بصفة عامة ال يمس مصلحة المتعاقدين‪ ،‬فقد ينصب التعاقد على عقار‬
‫ليس في ملكية المتعاقدين وليس لهما الحق في التحريف فيه سواء عن طريق الخطأ والتدليس أو‬
‫التواطؤ وهو ما يحدث ضرر مصالح مالك العقار وهنا فالموثق يتحمل مسؤولية خطئه وتكون‬
‫مسؤولية تق صيرية‪ ،‬ونعتقد أن هذا ما قصده المشرع في المادة ‪ 27‬لما نص أن "يتحمل الموثق‬
‫مسؤولية كل ما يضمنه في العقود والمحررات من تصريحات وبيانات يعلم مخالفتها للحقيقة أو‬
‫كان بإمكانه معرفتها أو العلم بها"‪.‬‬
‫‪415‬‬
‫من‬ ‫أما الخطأ المضر بأطراف العقد هو الخطأ الذي نص عليه المشرع في المادة ‪28‬‬
‫قانون المنظم لمهنة التوثيق‪ ،‬أي الخطأ المهني المنتج لبطالن العقد‪ ،‬ويسبب ضررا ألحد أطراف‬
‫العقد‪ ،‬وتعتبر مسؤولية الموثق هنا مسؤولية عقدية‪ ،‬تنجم عن إخالل الموثق بالتزامه بالتأكد من‬
‫عدم وجود ما يبطل العقد أو يجعله قابال لإلبطال كأن يالحظ من خالل مجلس العقد أن أحد‬
‫المتعاقدين يريد التدليس على الطرف اآلخر أو أن أحد األطراف في وضعية إكراه‪ ،‬لكنه لم يرشده‬
‫ولم ينبهه وتمادى في تلقي العقد وتحريره وعلى كل فإن المحكمة إذا قضت بإبطال العقد فمن حق‬
‫المتعاقد المتضرر مطالبة الموثق بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب الخطأ المهني الذي‬
‫ارتكبه الموثق‪.416‬‬

‫لن نتناول اركان الضرر الن هذا سوف يجعلنا نطيل في العرض‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الضرر‬

‫يراد بالضرر األذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه ومصلحة مشروعة له‪ ،‬سواء‬
‫كانت هذه المصالح مادية أو كانت معنوية‪ ،417‬ويعتبر الضرر شرط لقيام المسؤولية المدنية للموثق‬
‫عقدية كانت أو تقصيرية‪ ،‬إذ ال يكفي لقيام مسؤولية الموثق المدنية بثبوت خطئه‪ ،‬بل يجب أن ينجم‬
‫‪415‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 28‬من قانون رقم ‪ 32.09‬تنص على "يسأل الموثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزه بسبب خطته المهني‪ ،‬ونتج عن هذا البطالن‬
‫ضرر ألحد األطراف"‪.‬‬
‫‪416‬‬
‫‪ -‬العلمي الحراق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ -417‬مأمون الكوزباري ‪ :‬م‪.‬س‪،‬ص‪.396‬‬
‫عن هذا الخطأ ضرر يصيب الزبون أو الغير في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة وإال انتفت‬
‫مصلحة المتضرر في ممارسة دعوى المسؤولية‪ ،‬والضرر كما هو معلوم نوعان ضرر معنوي‬
‫وضرر مادي‪.418‬‬

‫وبالنسبة للعمل التوثيقي نجد مهمة الموثق تتمثل في إضفاء الرسمية على العقود وبالتالي قد‬
‫يمس المعامالت العقارية والتجارية والمالية لألفراد‪ ،‬الشيء الذي يفيد أن الضرر الذي يمكن أن‬
‫يتسبب فيه خطأ الموثق هو ضرر مادي وبالتالي يكون من المستبعد حصول ضرر معنوي في‬
‫مجال التوثيق‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬العالقة السببية‬

‫إن العالقة السببية كركن ثالث لقيام المسؤولية المدنية للموثق هي الرابطة التي تجمع بين‬
‫الخطأ الذي ارتكبه الموثق والضرر الناتج عنه بمعنى أن يكون خطأ الموثق هو الذي سبب الضرر‬
‫للزبون المضرور‪ ،‬وبالتالي فإن مسؤولية الموثق مقرونة بصدور خطأ عنه‪ ،‬وحدوث ضرر كأن‬
‫يكون الضرر ناشئا بشكل مباشر عن الخطأ‪ ،‬ففي الحالة التي يكون فيها الخطأ قد أضر بالغير الذي‬
‫ليس طرفا في العقد فالضرر يكون ناتجا مباشرة عن الخطأ ويخضع للقواعد العامة طبقا‬
‫‪419‬‬
‫(مسؤولية تقصيرية) أما في الحالة التي يكون‬ ‫لمقتضيات المادة ‪ 26‬من قانون رقم ‪32.09‬‬
‫فيها الخطأ قد أضر بالمتعاقد‪ ،‬فإن الضرر هنا ال يكون ناتجا عن الخطأ مباشرة‪ ،‬بل ناتجا عن‬
‫‪421‬‬ ‫‪420‬‬
‫من نفس القانون مع التأكيد على االستثناء الوارد بالمادة ‪29‬‬ ‫بطالن العقد طبقا للمادة ‪28‬‬
‫من القانون المذكور المتعلق بحالة امتناع الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫‪ -‬فالضرر المادي هو الذي يصيب اإلنسان في ذمته المالية أو في جسمه وهو إما ضرر مالي أو جسماني أما الضرر المعنوي هو الذي يصيب‬
‫اإلنسان في ناحية غير مالية‪.‬‬
‫‪419‬‬
‫‪ -‬وقد جاء في الفقرة األولى من هذه المادة‪" :‬يتحمل الموثق مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية واألخطاء المهنية للمتمرنين لديه وفقا‬
‫لقواعد المسؤولية المدنية‪.‬‬
‫‪420‬‬
‫‪ -‬التي تنص على أنه‪" :‬يسأل الموثق مدنيا إذا قضت المحكمة ببطالن عقد أنجزت الموثق بسبب خطئه المهني وينتج عن هذا البطالن ضرر ألحد‬
‫األطراف"‪.‬‬
‫‪421‬‬
‫‪ -‬الذي نص‪ " :‬إذا امتنع الموثق عن القيام بواجبه بدون سبب مشروع تحمل مسؤولية الضرر المترتب عن هذا االمتناع"‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬اثار قيام المسؤولية المدنية للموثق‬

‫لما تقوم مسؤولية الموثق مستجمعة لكافة اثارها يمكن للمتضرر رفع دعوى امام المحكمة‬
‫المختصة إال ان هذا مرتبط بعدم تقادم هده الدعوى ) الفقرة االولى ( وعندما يدعي المتضرر‬
‫مسؤولية الموثق فعليه ان يتبثها بكافة ارانها من اجل استحقاق التعويض ) الفقرة الثانية (‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬دعوى مسؤولية الموثق المدنية والتقادم فيها‬


‫اوال ‪ :‬دعوى مسؤولية الموثق المدنية‬

‫يمكن ألي شخص يدعي أنه تضرر من فعل الموثق أو خطاه ان يقوم بتحريك دعوى في‬
‫مواجهة هذا الموثق على أساس المسؤولية المدنية لكن لتكون دعوى هذا االخير مقبولة ال بد من‬
‫احترام الشروط المحددة في القانون‬

‫االختصاص‪ :‬المحكمة االبتدائية هي صاحبة الوالية العامة بمقتضى الفصل ‪ 18‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫وبالتالي فالمحكمة االبتدائية هي صاحبة االختصاص في قضايا مسؤولية الموثق المدنية هذا من‬
‫ناحية االختصاص النوعي اما االختصاص المكاني فهو للمحكمة التي يوجد بدائرتها موقع مكتب‬
‫الموثق مع احترام االستثناءات الخاصة بإمكانية تلقي الموثق خارج مكتبه‬

‫األطراف‪ :‬هما المدعي والمدعي عليه و في اطار مسؤولية الموثق المدنية فالمدعي يكون‬
‫فيها هو الزبون الذي تضرر من خطا الموثق اما هذا االخير فهو المدعى عليه‬

‫ثانيا ‪ :‬التقادم في دعوى مسؤولية الموثق المدنية‬

‫ان الدعوى مسؤولية الموثق المدنية ليست مؤبدة بل لها اجل يجب على الزبون المتضرر أال‬
‫يفوته تحت طائلة ضياع حقوقه تجاه الموثق المخل بالتزاماته المحددة في القانون‬

‫ففي حالة مسؤولية الموثق تجاه احد االطراف فان التقادم يخضع لمقتضيات الفصل ‪ 387‬من‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫اما اذا ك انت دعوى مسؤولية الموثق المدنية تجاه الغير الذي ليس طرفا في العقد فان التقادم‬
‫يخضع لمقتضيات الفصل ‪ 106‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي ينص على '' إن دعوى التعويض من جراء‬
‫جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق‬
‫المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه‪ .‬وتتقادم في جميع األحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من‬
‫وقت حدوث الضرر ''‬

‫اما فيما يخص دعوى الضمان التي ترفع ضد صندوق ضمان الموثقين فهي تتقادم بمرور‬
‫خمس سنوات‪.422‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االثبات في مسؤولية الموثق المدنية والتعويض فيها‬


‫اوال ‪ :‬االثبات في مسؤولية الموثق المدنية‬
‫‪424‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع يظهر لنا ان‬ ‫بالرجوع الى القواعد العامة و تحديدا الفصول ‪ 423399‬و‪400‬‬
‫القواعد العامة تضع عبء االثبات على المدعي أي الزبون المتضرر ‪.‬‬

‫فعلى المتضرر ان يثبت الخطأ و الضرر و العالقة السببية بين الخطأ و الضرر لكن اليس‬
‫في هذا بعض الحيف وعدم العدالة ضد المضرور الذي غالبا لن يجد ما يثبت خطا الموثق هذا‬
‫االخير الذي يعرف خبايا التوثيق و الدعاوى العقارية بعكس االول الذي غالبا ما يكون اميا في هده‬
‫االمور‬

‫ثانيا ‪ :‬التعويض في دعوى مسؤولية الموثق المدنية‬

‫إذا ثبتت مسؤولية الموثق عن الضرر يكون ملزما بأداء التعويض لفائدة المتضرر‪ ،‬مع العلم‬
‫بأن المحكمة ثبت في دعوى التعويض وفقا للقواعد العامة ولها السلطة التقديرية في تقدير‬

‫‪422‬‬
‫_تنص المادة ‪ 95‬القانون القانون ‪ ‘’ 32-09‬تتقادم دعاوى الضمان بمرور خمس سنوات على يوم التصريح بثبوت مسؤولية الموثق أو نائبه بحكم‬
‫نهائي‪‘’ .‬‬
‫‪423‬‬
‫_الفصل ‪ '' 399‬إثبات االلتزام على مدعيه ''‬
‫‪424‬‬
‫الفصل ‪ '' 400‬ال يلزم‪ ،‬إلثبات االلتزامات‪ ،‬أي شكل خاص‪ ،‬إال في األحوال التي يقرر القانون فيها شكال معينا‪.‬‬

‫إذا قرر القانون شكال معينا‪ ،‬لم يسغ إجراء إثبات االلتزام أو التصرف بشكل آخر يخالفه‪ ،‬إال في األحوال التي يستثنيها القانون‪.‬‬

‫إذا قرر القانون أن يكون العقد مكتوبا اعتبر نفس الشكل مطلوبا في كل التعديالت التي يراد إدخالها على هذا العقد ''‬
‫التعويض المستحق حسب الظروف الخاصة بكل حالة وجسامة الضرر الحاصل وال تخضع في‬
‫ذلك لرقابة محكم ة النقض إال من حيث العناصر التي اعتمدتها في تكييف الضرر‪ .‬والجهة التي‬
‫تضمن هذا التعويض هي صندوق التأمين وصندوق الضمان للموثقين‪.‬‬

‫وبموجب المادة ‪ 94‬من القانون ‪ 32-09‬احدث صندوق لتأمين وضمان الموثقين وهدف‬
‫صندوق الضمان للموثقين هو الحلول محل الموثقين في أداء المبالغ المحكوم بها عليهم لفائدة‬
‫األطراف المتضررة‪ .‬ومن الطبيعي أن المقصود بذلك هو الضرر الحاصل لألغيار من كل عمل‬
‫قام به الموثقون في النطاق المهني‪.‬‬

‫والحلول في األداء ليس مطبقا وآليا‪ ،‬بل يكون في حالة عجز الموثق عن األداء‪ ،‬أو في حالة‬
‫عدم كفاية المبالغ التي يجب أن يؤديها الجانب المؤمن للموثق‪ ،‬والسيما عندما يكون هناك تحديد‬
‫لسقف المبالغ التي يمكن أن تحل فيها شركة التأمين محل المؤمنين لديها لألداء‪ ،‬وكذلك في حالة‬
‫انعدام التأمين‪.‬‬

‫وبالرجوع إلى قانون ‪ 32.09‬يتبين أن المشرع لم يتحدث عن التعويض من حيث شروط‬


‫استحقاقه وانقضائه ما عدا ما نص عليه بمناسبة الحديث عن صندوق الضمان وفقا لما نصت عليه‬
‫المادة ‪ 94‬من القانون المذكور‪ ،‬وفي نفس اإلطار ألزمت المادة ‪ 26‬من نفس القانون بالتامين على‬
‫مسؤوليته المدنية ومسؤولية التابعين له‪ ،‬وقد تبنى المشرع إجبارية التامين حماية لحقوق الزبناء‬
‫في حالة ثبوت المسؤولية المدنية للموثق ومن هم في عهدته وزيادة في الضمان احتفظ المشرع‬
‫بصندوق الموثقين الذي كان منظما في إطار الفصل ‪ 39‬من ظهير ‪ 04‬ماي ‪ 1925‬الملغى حيث‬
‫أفرد له القسم السادس من القانون ‪ ،32.09‬والذي تمثل في دورة أداء المبالغ المحكوم بها لفائدة‬
‫األطراف المتضررة في حالة عجز الموثق عن األداء‪ ،‬أو في حالة عدم كفاية المبالغ التي يجب أن‬
‫تؤديها شركة التأمين محل الموثق‪ ،‬لكن مع العلم أن هذا الصندوق يؤدي التعويض في حدود المبالغ‬
‫المتوفرة لديه حسب ما أشارت إليه المادة ‪ 96‬من القانون أعاله‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬المسؤولية التأديبية و الجنائية للموثق‬

‫يترتب عن إخالل الموثق بما يلزم مهنته من نزاهة و شرف و وقار وأمانة ‪ ،‬وغيرها من‬
‫الصفات التي تفرضها ممارسة المهنة و تفرضها النصوص القانونية أيضا ‪،‬مسؤولية تأديبية قد‬
‫تصل الى العزل أو التوقيف عن ممارسة المهنة لمدة معينة وقد تصاحبها عقوبات أخرى ‪ ،‬و‬
‫مسؤولية جنائية عند ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون المنظم للمهنة أو تلك‬
‫التي نص عليها القانون الجنائي ‪،‬و للوقوف بشكل مفصل عند هاته المسؤوليات سنقسم هذا الفصل‬
‫الى مبحثين (األول) سنخصصه للمسؤولية التأديبية في حين سنتطرق للمسؤولية الجنائية في‬
‫(المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المسؤولية التأديبية للموثق‬

‫ال يترتب عن اإلخالل بااللتزامات المنوطة للموثق قيام مسؤوليته المدنية أو الجنائية فقط‪،‬بل‬
‫هناك ما يسمى بالمسؤولية التأديبية والتي تتجلى عموما في مخالفة القواعد و االلتزامات المهنية‬
‫التي يفرضها القانون المنظم للمهنة أو التوجهات المهنية‪.‬‬

‫وهذا ما سنتناوله بالدراسة والتحليل في مطلبين‪،‬حيث سنعرج على تبيان اإلطار القانوني‬
‫للتأديب في (المطلب األول)‪،‬على أن نخصص(المطلب الثاني) لدراسة مسطرة المتابعة والمحاكمة‬
‫و طرق الطعن في المقررات التأديبية ‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬اإلطار القانوني لتأديب الموثقين‬

‫لإلحاطة باإلطار القانوني للمسؤولية التأديبية للموثق‪،‬البد من اإلشارة إلى المخالفات التأديبية‬
‫(الفقرة األولى) وذكر العقوبات المقررة لهده المخالفات (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقر ة األولى‪:‬المخالفات التأديبية‬

‫حدد المشرع من خالل القانون المتعلق بالتوثيق العصري ‪ ،32-09‬العديد من العديد من‬
‫االلتزامات الواجب على الموثق مراعاتها أثناء ممارسته لمهنته‪ ،‬و ايضا على أمور يمنع عليه‬
‫إتيانها تحت طائلة قيام المسؤولية التأديبية المهنية‪.425‬‬

‫بناء على ذلك سنحاول ان نقف عند أهم المخالفات التي تم التنصيص عليها من خالل قانون‬
‫‪ 32-09‬المنظم لمهنة التوثيق العصري‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المخالفات المتعلقة بواجب النصح و شرف المهنة و الثقة‬

‫ال ينحصر دور الموثق في تحرير عقد اإلشهاد على االتفاقات بين الطرفين المتعاقدين و‬
‫إضفاء صفة الرسمية عليها‪ ،‬بل أيضا يعتبر ملزما بتحقيق النتيجة المتوخاة من العقد‪ ،‬و التزامه في‬
‫هذا الشأن هو إلتزام تعدى بذل عناية إلى تحقيق الغاية‪ ،‬و هذا ما أقرته المادة ‪ 2‬من القانون ‪-09‬‬
‫‪ ، 32‬والتي جاء في حيثياتها أنه "يتقيد الموثق في سلوكه المهني بمباذيء األمانة والنزاهة و‬
‫التجرد و الشرف و ما تقتضيه األخالق الحميدة و أعراف و تقاليد المهنة"‪.426‬‬

‫وفي نفس السياق نجد المادة ‪ 26‬من نفس القانون و التي أقرت على أن الموثق يتحمل‬
‫مسؤولية األضرار المترتبة عن أخطائه المهنية‪ ،‬و األخطاء المهنية للمتمرنين لديه و أجرائه ‪ ،‬وفق‬
‫قواعد المسؤولية المدنية‪.427‬‬

‫وفي هذا اإلطار أقر الدكتور حفيظ بن محمد لحمادي صافي أنه من الجائز القول بكون‬
‫المسؤولية التأديبية للموثق العصري أساسا لمسؤوليته المدنية أيضا شرط توفر اركان هاته األخيرة‬
‫‪.428‬‬

‫كما تنص المادة ‪ 73‬من القانون ‪ 32-09‬على أنه إدا تبت في حق كل موثق ممارس لمهنته‬
‫مخالفة للنصوص القانونية المنظمة للمهنة‪ ،‬أو أخل بواجباته المهنية‪ ،‬أو أرتكب أعماال تمس‬

‫‪425‬‬
‫‪ _-‬لبنى الوزاني‪،‬المسؤولية التأديبية للموثق على ضوء العمل القضائي‪،‬مكتبة دار السالم‪،‬الرباط‪،2011،‬ط األولى‪،‬ص‬
‫‪426‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 2‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪427‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 26‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪428‬‬
‫‪-‬حفيظ بن محمد لحمادي صافي‪،‬المسؤولية المدنية للموثق على ضوء العمل القضائي‪،‬مطبعة الهداية‪،‬ط األولى‪،‬تطوان‪ ، 2017‬ص ‪.19‬‬
‫بشرف المهنة أو االستقامة‪ ،‬أو األخالق ‪ ،‬فإنه يتعرض لمتابعة تأديبية أمام اللجنة المختصة التي‬
‫تصدر عقوبات تأديبية ضده‪.429‬‬

‫وال معنى لمخالفة النصوص القانونية المنظمة للمهنة وحدها بل بل قد يتعرض الموثق الى‬
‫هذه العقوبات حتى لو خالف النصوص القانونية األخرى ‪ ،‬و ال سيما تلك التي لها عالقة بممارسة‬
‫مهنة التوثيق ‪.430‬‬

‫وقد نصت المادة األولى من قانون ‪ 32-09‬أن المهنة تمارس وفق الشروط و االختصاصات‬
‫المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة‪.‬‬

‫و بالتالي فكل مخالفة لهذا القانون أو للنصوص الخاصة توجب التعرض للمساءلة و‬
‫المتابعة‪.431‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مخالفة االحتفاظ بالمبالغ المالية المودعة لذى ال موثق‬

‫الموثق ملزم بتأمين المبالغ المودعة لديه‪،‬عن طريق إيداعها بصندوق اإليداع و التدبير فور‬
‫تسلمها‪ ،‬وفق مانصت عليه المادة ‪ 33‬من القانون ‪ 32-09‬حيث أغلقت هذه المادة المجال أمام‬
‫احتفاظ الموثق بالمبالغ المودعة لديه بأي مبرر كان‪.432‬‬

‫تالثا ‪ :‬مخالفات أخرى‬

‫أدرج المشرع مجموعة من المخالفات في إطار الباب الثالث المتعلق بحقوق و واجبات‬
‫الموثق ومن هذه المخالفات نجد أنه ال يحق للموثق تحت طائلة المتابعة التأديبية و الجزرية أن‬
‫يتقاضى أكثر من أتعابه ومما أداه عن األطراف بصفة مثبتة‪.433‬‬

‫كما نجد أن على الموثق المحافظة على السر المهني و يقع نفس االلتزام على المتمرنين لديه‬
‫و أجرائه‪.434‬‬

‫‪429‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 73‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪430‬‬
‫‪-‬الدكتور العلمي الحراق‪ ،‬الوثيق في شرح قانون التوثيق‪ ،‬دار السالم‪ ،‬ط ‪،1‬الرباط ‪ ،2014،‬ص ‪.158‬‬
‫‪431‬‬
‫‪-‬الدكتور العلمي الحراق‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪432‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 33‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪433‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 16‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫كما نص المشرع في المادة ‪ 25‬على أنه "يمنع على الموثق تسليم مستندات أو ملخص منها‬
‫لغير من له الحق فيها طبقا للقانون "‪.435‬‬

‫باإلضافة الى أنه يتحمل مسؤولية كل ما يضمنه في العقود والمحررات من تصريحات‬


‫وبيانات يعلم مخالفتها للحقيقة أو كان بإمكانه معرفتها أو العلم بها ‪436‬ومما تجدر اإلشارة إليه في‬
‫هذا اإلطار أن المتمرن بدوره يتعرض كلما أخل بواجباته التدريبية ‪ ،‬او إرتكب فعال مخال بشرف‬
‫المهنة لعقوبات تأديبية‪.437‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬العقوبات التأديبية‬


‫أوال ‪ :‬العقوبات التأديبية من خالل ظهير ‪ 4‬ماي ‪1925‬‬

‫في حالة ثبوت المخالفة في حق الموثق تستوجب هذه المخالفة إصدار عقوبات تأديبية‪ ،‬وقد‬
‫أجملها المشرع في عقوبات من الدرجة األولى و تشمل اإلنذار و المالم‪ ،‬و عقوبات من الدرجة‬
‫الثانية و تشمل التوقيف المؤقت عن العمل و العزل ‪.438‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العقوبات التأديبية في ظل قانون ‪32 - 09‬‬

‫حصر المشرع العقوبات التأديبية التي يمكن للجنة أن تحكم بها على كل موثق وقع في‬
‫المخالفات في ‪ :‬اإلنذار‪ ،‬التوبيخ‪ ،‬أو اإليقاف عن ممارسة المهنة لمدة ال تتجاوز سنة‪ ،‬أو العزل‪.439‬‬

‫و يسوغ لهذه اللجنة أن تصدر العقوبات التأديبية الثالث األولى مقرونة بعقوبات إضافية كأن‬
‫تحكم باإلنذار مع الحرمان من الحق في الترشيح لعضوية المجلس الوطني ‪ ،‬أو بالتوبيخ و‬
‫الحرمان من الحق في الترشيح لعضوية المجالس الجهوية للموثقين‪.440‬‬

‫‪434‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 24‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪435‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 25‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪436‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 27‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪437‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 72‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪438‬‬
‫‪-‬الفصل ‪ 30‬من ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬الملغى‪.‬‬
‫‪439‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 75‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫‪440‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 73‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫ويمكن أن تكون العقوبات المذكورة مقرونة بعقوبات إضافية أخرى غير تلك التي ذكرت في‬
‫المادة التي أوردت ذلك على سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬

‫وليس في المادة ما يوجب التقيد في الحكم بالعقوبات المذكورة بالترتيب الوارد فيها‪ ،‬بل‬
‫يجوز الحكم في المتابعة األولى بالعزل من المهنة أو باإليقاف عن ممارسة المهنة للمدة المذكورة ‪،‬‬
‫وذلك تبعا لجسامة المخالفة‪.441‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬مسطرة التأديب و طرق الطعن في المقررات‬


‫التأديبية‬

‫يتم تحريك مسطرة تأديب الموثق في حالة إخالله بأحد الواجبات القانونية و كذا أعراف و‬
‫أخالقيات المهنة‪.‬‬

‫وهذا ما سنعالجه في هذا المطلب من خالل التطرق إلى الجهة المخالفة بتحريك مسطرة‬
‫المتابعة(الفقرة األولى) و طرق الطعن في المقررات التأديبية في (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪:‬الجهة المكلفة بتحريك مسطرة التأديب‬


‫أوال‪:‬مسطرة المتابعة‬

‫إذا كان ظهير ‪ 4‬ماي ‪ 1925‬لم يشر إلى الجهة المحركة لمسطرة تأديب الموثقين ومن تم يتم‬
‫الرجوع للقواعد العامة‪ ،‬فإن قانون ‪ 32-09‬نص على الجهة التي بإمكانها تحريك مسطرة المتابعة‬
‫التأديبية من خالل المادة ‪ 79‬من القانون نفسه‪.442‬‬

‫ويمكن القول أن المشرع حدد الجهة التي لها حق تحريك المتابعة التأديبية ‪:‬‬

‫أوال‪-‬من خالل الوكيل العام للملك إما من تلقاء نفسه و إما عن طريق المتضرر من أعمال‬
‫الموثق‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫‪-‬الدكتور العلمي الحراق‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪.161‬‬
‫‪442‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 79‬من قانون ‪.32-09‬‬
‫ثانيا‪-‬عن طريق المجلس الجهوي للموثقين إذا أحيلت عليه الشكاية بصفة مباشرة شرط تقديمه‬
‫تقريرا حول موضوع الشكاية و تقديمه إلى الوكيل العام للملك‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مسطرة المحاكمة‬

‫تضمنت المادة ‪ 82‬من القانون ‪ 32-09‬كل ما يمكن اعتباره في المسطرة و اإلجراءات‬


‫القضائية التي بمقتضاها يحاكم الموثق تأديبيا أمام اللجنة المشار إليها في المادة ‪ 11‬من القانون‬
‫نفسه‪ ،‬وهي مسطرة تضمنت كافة ضمانات المحاكمة العادلة‪443‬من إجراءات إستدعاء الموثق و‬
‫كيفيته و أجله و ما يتضمنه بما فيه اإلشارة إلى الوقائع المتابع من أجلها و مكان و يوم و ساعة‬
‫اجتماع اللجنة مع إشعاره بإمكانية اختيار موثق أو محام للدفاع عنه و حقه في اإلطالع على جميع‬
‫وثائق الملف و الحصول على نسخ منها‪ ،‬و وجوب مثوله شخصيا أمام اللجنة تحت طائلة بث‬
‫اللجنة ‪ -‬في غيبته ‪ -‬في المتابعة بمقرر معلل إذا لم يحضر رغم استدعائه بصفة قانونية و لم يذل‬
‫بعذر مقبول ‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى أن اللجنة المذكورة في المادة ‪ 11‬من القانون ‪ 32-09‬هي المكلفة بالبث‬
‫في المتابعات التأديبية للموثقين أو المتمرنين‪.444‬‬

‫أما في حالة إذا كان الموثق المتابع عضوا في هذه اللجة‪ ،‬فيتعين عليه االنسحاب من عضوية‬
‫اللجنة و يحل محله موثق أخر‪.445‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬طرق الطعن في المقررات التأديبية‬

‫بعد إصدار اللجنة المقرر التأديبي في مواجهة الموثق المتابع يوجهه رئيسها فور تحريره و‬
‫التوقيع عل يه إلى الوكيل العام للملك المختص الذي يجب عليه أن يبلغه إلى وزارة العدل‪،‬و نسخة‬

‫‪443‬‬
‫‪-‬الدكتور العلمي الحراق‪،‬م س ‪،‬ص ‪.180‬‬
‫‪444‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 11‬من القانون ‪.32-09‬‬
‫‪445‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 81‬من القانون ‪.32-09‬‬
‫منه ومن المقرر و من محضر التسليم إلى المجلس الوطني والمجلس الجهوي للموثقين المختص‬
‫ترابيا‪.446‬‬

‫هذه اإلجراءات يجب أن تتم وفق المقتضيات المذكورة سواء تعلق األمر بصدور عقوبة أو‬
‫بالبراءة‪ ،‬و سواء كانت العقوبة إنذارا أو توبيخا‪.447‬‬

‫أما إذا كانت العقوبة إيقافا عن ممارسة المهنة لمدة ال تتجاوز سنة أو عزال فإن رئيس اللجنة‬
‫يشعر كذلك كل من الوزير المكلف بالمالية و المحافظ على األمالك العقارية لوضعهما في الصورة‬
‫‪ ،‬و حتى يتم التعامل مع المعني باألمر على هذا األساس‪.‬‬

‫أما فيما يخص الطعن في مقررات ألتأديب فقد أجازت المادة ‪ 84‬من القانون ‪ 32-09‬الطعن‬
‫في هذه المقررات ‪ ،‬غير أنه ليس لهذا الطعن أثر واقف ‪،‬بمعنى أن هذا الطعن ال يوقف التنفيذ‬
‫للمقرر مبدئيا إال إذا قرر القضاء المختص إيقاف تنفيذه طبق لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة‬
‫نفسها‪.448‬‬

‫ويقدم الطعن في مقررات التأديب و كذا المطالبة بإيقاف تنفيذها طبقا للقواعد و اإلجراءات‬
‫المنصوص عليها في القانون رقم ‪ 41-90‬المحدث بموجب المحاكم اإلدارية‪.‬‬

‫والطعن في مقررات التأديب أمام المحاكم اإلدارية يعني أنها ستخضع – عند االقتضاء –‬
‫ل لطعن فيها باالستئناف اإلدارية ثم الطعن فيها بالنقض أمام محكمة النقض (الغرفة اإلدارية)‪.449‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المسؤولية الجنائية للموثق‬

‫إن المسؤولية الجنائية لها عالقة كبيرة بالنظام العام‪،‬وتجدر االشارة ان مفهوم النظام العام‬
‫يختلف من بلد ألخر ‪ ،‬إذ إن مخالفته تستتبع توقيع الجزاء‪،‬الذي قد يكون عقوبة حبسية أو سجنية أو‬
‫تدبير وقائي ال تقوم إال بحصول ضرر للمجتمع والذي ينتج عن عمل أو االمتناع عن عمل مخالف‬
‫للقانون‪ ،‬والموثق العصري بحكم مهنته قد يكون معرض للمسائلة الجنائية نتيجة ارتكابه لجرم أثناء‬

‫‪446‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 83‬من القانون ‪.32-09‬‬
‫‪447‬‬
‫‪-‬الدكتور العلمي الحراق‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪448‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 84‬من القانون ‪.32-09‬‬
‫‪449‬‬
‫‪ -‬الدكتور العلمي الحراق‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫ممارسته لعمله بالتزوير لوثيقة قانونية وجزاؤها العقوبة الثابتة كحق للمجتمع والتي تتمثل في‬
‫الغالب في المساس بحريته كحبسه أو سجنه أو مصادرة أمواله‪ ،‬وربما اجتمع بعض هذه العقوبات‬
‫أو كلها في آن واحد‪.‬‬

‫وبالتالي إذا كان الهدف من المسؤولية التأديبية هو إنذار الموثقين أو توبيخهم‪ ،‬أو حتى‬
‫إيقافهم أو عزلهم‪ ،‬وكذا من المسؤولية المدنية تعويض المتضررين من أخطاء الموثقين‪ ،‬فإن‬
‫المسؤولية الجنائية تهدف إلى حماية المجتمع من خالل حماية المصلحة العامة وذلك بإلحاق‬
‫العقوبة بكل من تسول له نفسه االعتداء على الثقة وشرف المهنة‪.‬‬

‫ولإلحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بالمسؤولية الجنائية للموثق قسمنا هدا المبحث إلى‬
‫مطلبين‪ ،‬خصصنا األول للمسؤولية الجنائية للموثق على ضوء قانون ‪ 32.09‬في حين أفردنا‬
‫الثاني لمسؤولية الموثق الجنائية على ضوء القانون الجنائي‬

‫المطلب األول‪ :‬مسؤولية الموثق على ضوء القانون ‪32.09‬‬

‫لقد نص القانون المنظم لمهنة التوثيق على مقتضيات زجرية في قسمه الخامس تحت عنوان‬
‫المقتضيات الزجرية‪ ،‬وقد خصصنا هذا المطلب لمعالجة بعض هذه المقتضيات‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫ثالث فقرات‪ (،‬الفقرة األولى) جريمة سمسرة الزبناء‪( ،‬الفقرة الثانية) المخالفة المتعلقة باإلشهار‪،‬‬
‫(الفقرة الثالثة) امتناع الموثق عن تسليم الوثائق بعد صدور قرار العزل‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬سمسرة الزبناء‬

‫نظم المشرع هذه النقطة في المادة ‪ 90‬من قانون التوثيق ‪ ،32.09‬التي تنص على أن‪" :‬‬
‫المادة ‪ 90‬من قانون ‪ : 32.09‬يمنع على الموثق القيام مباشرة أو بواسطة الغير بأي إشهار أو‬
‫اللجوء إلى أي عمل يدخل في نطاق سمسرة الزبناء أو جلبهم‪.‬‬
‫يعاقب على المخالفة مقتضيات الفقرة بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات والغرامة من‬
‫‪ 20000‬إلى ‪ 40000‬درهم مع مراعاة العقوبات التأديبية التي قد تطبق على الموثق سواء كان‬
‫فاعال أصليا أومساهما أو مشاركا"‪ .‬وتندرج هذه األخيرة ضمن المقتضيات الزجرية التي تطرق‬
‫لها المشرع في نطاق الحرص على كرامة وعز ورفعة الهيئة‪ ،‬والحفاظ على المنافسة الشريفة‪.‬‬

‫فاللجوء إلى االستقطاب الغير المشروع للزبناء هو تصرف ال يليق بهذه المهنة‪ ،‬ويؤثر على‬
‫حرية األفراد في اختيار من يشهد على إبرام وعقد معامالتهم فضال على أنه يؤثر على العالقة بين‬
‫الموثقين‪.450‬‬

‫والعقوبة التي أفردها المشرع قاسية‪ ،‬حددها في مدة تتراوح بين سنتين وأربع سنوات سواء‬
‫كان الموثق فاعال أصليا أو مساهما أو مشاركا‪ ،‬فضال عن تعرضه للمتابعة التأديبية‪.‬‬

‫فضال عن تعرضه للمتابعة التأديبية التي نجد سندها في المواد من ‪ 72‬إلى ‪ 89‬من القانون‬
‫‪ 32.09‬حيث تنص المادة ‪ 73‬على أنه "يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل موثق خالف‬
‫النصوص القانونية المنظمة للمهنة‪ ،‬أو أخل بواجباته المهنية‪ ،‬أو ارتكب أعماال تمس بشرف المهنة‬
‫أو االستقامة أو التجرد أو األخالق الحميدة أو أعراف وتقاليد المهنة" وتتمثل هذه العقوبات حسب‬
‫المادة ‪ 75‬فيما يلي‪" :‬اإلنذار‪ ،‬التوبيخ‪ ،‬اإليقاف عن ممارسة المهنة ال تتجاوز سنة أو عزل‪."...‬‬

‫الفقرة الثاني ة ‪ :‬المخالفة المتعلقة باإلشهار‬

‫هذه المخالفة نصت عليه الماد ‪ 91‬من قانون التوثيق ‪ 32.09‬التي تنص على أنه‪ " :‬يمنع‬
‫على الموثق القيام بعمليات اإلشهار شخصيا أو بواسطة الغير‪ ،‬غير أنه يحق للموثق أن يتوفر على‬
‫موقع في وسائل االتصال االلكترونية يشير فيه باقتضاب إلى نبذة عن حياته ومساره الدراسي‬
‫والمهني‪ ،‬وميادين اهتماماته القانونية وأبحاثه‪ ،‬شريطة الحصول على إذن مسبق من رئيس‬
‫المجلس الجهوي للموثقين بمضمون ذلك‪.‬‬

‫‪450‬‬
‫‪ -‬محمد ليديدي‪ :‬مهنة التوثيق‪ .‬قراءة في قانون ‪ 32.09‬المنظم لمهنة التوثيق ص ‪.132‬‬
‫يجوز للموثق أن يضمن في اللوحة البيانية الموضوعية البيانية الموضوعة خارج البناية التي‬
‫بها مكتبه أو بداخلها اسمه الكامل وصفته كموثق وكذا لقب الدكتور في الحقوق عند االقتضاء‪،‬‬
‫ويحدد شكل اللوحة بقرار لوزير العدل‪.‬‬

‫يعاقب على مخالفة األحكام المتعلقة باللوحة بغرامة من ‪ 1200‬إلى ‪ 5000‬درهم ويعاقب‬
‫على مخالفة األحكام المتعلقة باللوحة بإحداث الموقع االلكتروني بغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪10000‬‬
‫درهم"‪ .‬التي منعت قيام الموثق باإلشهار اللهم إذا تعلق األمر بإنشاء موقع في وسائل االتصال‬
‫االلكترونية يشير فيها باقتضاب إلى نبدة عن حياته ومساره الدراسي والمهني‪ ،‬ويقوم الموثق بنشر‬
‫وبث هذه المعلومات وإعطائها االنطالقة في موقعه بعد استئذان رئيس المجلس الجهوي للموثقين‬
‫وإطالعه عن فحوى ومضمون ما يحمله الموقع‪.‬‬

‫كما حدد المشرع البيانات التي يجب أن تتوفر في اللوحة دون سواها‪ ،‬إذ يجب أن يكتب فيها‬
‫االسم الكامل والصفة واللقب ودكتور في الحقوق عند االقتضاء‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬جنحة عدم تسليم الوثائق بعد صدور عقوبة العزل‬

‫بمجرد أن يتم توقيف الموثق سواء مؤقتا أو نهائيا‪ ،‬يجب أن يسلم للموثق المعين مكانه داخل‬
‫أجل حدده المشرع في ‪ 15‬يوم من تاريخ التبليغ‪ ،‬أصول العقود وسجالت المحاسبة وكافة‬
‫المحفوظات وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة ‪ 23‬من هذا القانون‪ 451‬على أساس أن ترجع‬
‫إلى الموثق الموقوف مؤقتا أو تسلم للموثق الذي عين خلفا له‪.452‬‬

‫وقد رتبت المادة ‪ 87‬من هذا القانون‪ 453‬جزاء االمتناع عن تسليم الوثائق وهي عقوبة‬
‫زجرية قد تصل إلى الحبس و الغرامة أو إحداهما‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 23‬من ق ‪ : 32.09‬يجب على الموثق المعفى تسليم خلفه كل أصول العقود وملحقاتها والسجالت والوثائق المحفوظة لديه والقيم المودعة‬
‫بمحضر يوقع من طرفه ومن طرف خلفه بحضور الوكيل العام للملك لدى محكمة االستئناف أو من ينوب عنه وممثل عن الوزير الكلف بالمالية‬
‫ورئيس المجلس الجهوي للموثقين أو من ينوب عنه‪ .‬إذا تعذر حضور الموثق المعفى أو امتنع عن ذلك ناب عنه رئيس المجلس الجهوي‪.‬‬
‫‪452‬‬
‫‪ -‬محمد ليديدي م س ص ‪.128‬‬
‫‪453‬‬
‫‪ -‬المادة ‪ 87‬من ق ‪ 32.09‬يجب على الموثق الذي صدرت في حقه عقوبة العزل أو اإليقاف أن يسلم للموثق المعين في محله داخل أجل ‪ 15‬يوما‬
‫من تاريخ تبليغه بالمقرر أصول العقود ومجالت المعاينة وكافة المحفوظات وفق الكيفية المنصوص عليها في المادة ‪ 23‬من هذا القانون‪.‬‬
‫يعاقب الموثق الذي امتنع من تسيليم الوثائق طبقا لمقتضيات الفقرة السابقة بالحبس من ‪ 3‬أشهر إلى سنة وغرامة من ‪ 20.00‬إلى ‪ 40.000‬درهم أو‬
‫بإحدى هاتين العقوبتين‪.‬‬
‫ترجع الوثائق إلى المعني باألمر بعد انتهاء مدة اإليقاف أو في حالة إلغا ء قرار العزل أو تسلم إلى خلف الموثق المعزول في حالة العزل وفق الكيفيات‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 23‬من هذا القانون‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المسؤولية الجنائية للموثق على ضوء القانون الجنائي‬

‫إن قيام المسؤولي ة الجنائية يستوجب ارتكاب الموثق لخطا أثناء ممارسته لمهنته يعاقب عليه‬
‫بمقتضى القانون الجنائي فضال عن قانون التوثيق السالف الذكر‪ ،‬وسنحاول جرد بعض الجرائم‬
‫المتعلقة بالموثق والموجبة للمسائلة الجنائية له‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬جريمة االختالس‬

‫نص المشرع على هذه الجريمة في الفصل ‪ 241‬من ق‪.‬ج‪ ،‬حيث أكد على أنه يعاقب‬
‫كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أمواال عامة أو خاصة أو‬
‫سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته أو‬
‫بسببها‪.454‬‬

‫وبتمعن هذا الفصل يتضح أن المشرع لم يعرف االختالس‪ ،‬وإنما عمد فقط إلى ذكر صور‬
‫االختالس ووصف األشخاص المرتكبين له‪،‬وكدا طبيعة المال المختلس‪.455‬‬

‫ويهدف المشرع من تجريم اختالس المال العام إلي حماية األموال الخاصة باإلدارة‬
‫العامة التي توجد بين يد القائمين بأعباء ال وظيفة العامة بسبب هذه الوظيفة‪ ،‬كما أن فعل الموظف‬
‫ينطوي على خيانته لألمانة التي حملتها الدولة للموظف بعبثه بما عهد إليه بحفظه ‪.‬‬

‫ولقيام هذه الجريمة ال بد من توفر أركان منها الركن القانون الذي ذكرناه سابقا‪:‬‬

‫الصفة ‪:‬‬

‫‪ -454‬الفصل ‪241‬من ق‪.‬ج" يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو‬
‫اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أمواال عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقوالت موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته‬
‫أو بسببها‪.‬‬

‫فإذا كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة تقل قيمتها عن مائة ألف درهم‪ ،‬فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات‪،‬‬
‫وبغرامة من ألفين إلى خمسين ألف درهم"‪.‬‬
‫‪455‬‬
‫‪ -‬مجلة القبس المغربية للدراسات القنوننية والقضائية ‪،‬العدد الخامس ‪،‬يونيو ‪،2013‬ص‪37‬‬
‫ونقصد بها صفة الجاني أي كونه موظف عمومي وفق المفهوم الذي حدده الفصل ‪224‬‬
‫من ق‪.‬ج‪ .‬فال تقوم الجريمة إذا أنتفت عن الفاعل صفة الموظف العمومي أومن في حكمه‬
‫كالموثق‪،‬و أن يكون المال قد دخل في حوزته بدون أن يكون لوظيفته شأن في تلك الحيازة ‪.‬‬

‫الركن المادي‬ ‫‪.2‬‬

‫أن يقع اختالس أو تبذير أو احتجاز أمواال بدون وجه حق سواء كانت عامة أو خاصة‪ .‬و‬
‫يقصد باالختالس أو السرقة انتزاع حيازة المال من المجني عليه دون رضاه خلسة أو بالعنف و‬
‫التصرف فيه تصرف المالك بملكه‪ ،‬و يقصد بالتبذير التصرف في المال بأي وجه من أوجه‬
‫التصرفات سواء كان تصرفا قانونيا تصرفا ماديا باستهالك المال أو بإتالفه‪ .‬أما االحتجاز فهو أن‬
‫يتم إبقاء الشيء المؤمن عليه تحت يد الموظف مع وجود نية اختالسه أو تبديده‪.‬‬

‫‪ .3‬الركن المعنوي‬

‫تعتبر جريمة االختالس جريمة عمدية في جميع صورها ‪ ،‬و من ثم يجب أن يكون‬
‫الموظف على علم بأ ّن المال عام أو خاص و مع ذلك اتجهت إرادته إلى اختالسه و حجزه أو‬
‫بتبذيره‪.456‬‬

‫أما فيما يخص عقوبة جريمة االختالس فالمشرع تدرج في تحديدها على أساس القيمة‬
‫المادية للمال المختلس‪.457‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬جريمة الغدر‬

‫تعرض المشرع لهذه الجريمة في الفصل ‪ 242‬و‪.458243‬وهذه الجريمة تنطوي على‬


‫عبت الموظف العمومي ومن في حكمه كالموثق وإخالله بالثقة واالعتداء على واجباته الوظيفية‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫‪ -‬العلمي عبد الواحد‪ ،‬شرح القانون الجنائي المغربي‪ ،‬مطبعة لم تذكر‪ :‬الطبعة الثانية ‪ ،2009‬ص ‪.351‬‬

‫‪457‬‬
‫‪-‬نص الفصل ‪ 241‬ق‪.‬ج على هذه العقوبات ‪:‬‬
‫‪ -‬السجن من خمس سنوات إلى ‪ 20‬سنة و غرامة من ‪ 5000‬إلى ‪ 100.000‬درهم اذا كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخفاة‬
‫تساوي أو تزيد قيمتها عن مائة ألف درهم‪.‬‬
‫‪-‬الحبس من سنتين إلى خمس سنوات و غرامة من ‪ 2000‬إلى ‪50000‬درهم اذا كانت األشياء المبددة أو المختلسة أو المحتجزة أو المخافة تقل قيمتها‬
‫عن مائة ألف درهم‪.‬‬
‫ويقصد بجريمة الغدر يتلقى الموظف العمومي بطريقة غير شرعية مبلغا من المال يعلم أنه غير‬
‫مستحق أو أنه يتجاوز المستحق‪ .‬اثر قيامه بوظيفة تحصيل الرسوم أو الغرامات أو الضرائب و‬
‫غيرها‪.‬‬

‫وأساس تجريم الغدر هو الحفاظ على أموال اإلفراد و حمايتها من بعض الموظفين‬
‫العاملين باسم الدولة و الذين ال يتورعون في إلزام المواطنين على أداء غرامات أو رسوم بدون أي‬
‫موجب قانوني‪.‬أو أداء أكثر مما يطلبه القانون ‪ .‬و كذا الحفاظ على ثقة األفراد في الدولة ‪.‬‬

‫وبالنظر إلى أن من مهام الموثق تستوجب تلقي أجرة عن هذه المهام‪ ،‬فإن هده الجريمة‬
‫تعتبر مرتكبة عندما يقوم الموثق بالمطالبة برسوم غير تلك التي يفرضها القانون أو بأتعاب تفوق‬
‫تلك التي يقررها القانون‪. 459‬‬

‫ولقيام هذه الجريمة البد لها من أركان‪:‬‬

‫‪ .1‬الصفة ‪:‬‬

‫يصنف القانون الجنائي جريمة الغدر أيضا ضمن الجرائم التي تشترط توافر صفة‬
‫الموظف العمومي أو من في حكمه في شخص الفاعل الرئيسي لجريمة الغدر‪ .‬وذلك طبقا للفصل‬
‫‪ 224‬ق‪.‬ج ‪.460‬‬

‫الركن المادي ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫ويتحقق هذا الركن بأخذ الجاني أو طلبه أو تحصيله ما ليس مستحق أو ما يزيد علي‬
‫المستحق من الرسوم أو الغرامات أو العوائد أو الضرائب أو نحوها ‪ .‬سواء كانت لفائدته‬
‫الشخصية أو لشخص آخر أو لإلدارة العامة‪.‬‬

‫‪-458‬الفصل ‪243‬من ق‪.‬ج"ي عد مرتكبا للغدر‪ ،‬ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس وبغرامة من خمسة آالف إلى مائة ألف درهم‪ ،‬كل قاض أو موظف‬
‫عمومي طلب أو تلقى أو فرض أوامر بتحصيل ما يعلم أنه غير مستحق أو أنه يتجاوز المستحق‪ ،‬سواء لإلدارة العامة أو األفراد الذين يحصل لحسابهم‬
‫أو لنفسه خاصة‪.‬تضاعف العقوبة إذا كان المبلغ يفوق مائة ألف درهم"‬
‫‪459‬‬
‫‪-‬مجلة القبس المغربية‪،‬م س‪،‬ص‪.38‬‬
‫‪460‬‬
‫‪" -‬يعد موظفا عموميا‪ ،‬في تطبيق أحكام التشريع الجنائي كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معاينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو‬
‫مؤقتة بأجر أو بدون أجر ويساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية او المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام‬
‫وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته‪ ،‬إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب‬
‫الجريمة أو مكنته من تنفيذها‪.‬‬
‫الركن المعنوي‬ ‫‪.3‬‬

‫يتوافر القصد بانصراف إرادة الجاني إلى فعل األخذ أو الطلب مع علمه بأن ما يأخذه أو‬
‫يطلبه من غرامات أو ضرائب أو نحوها غير مستحق أو يزيد على المستحق‪ .‬وال عبرة بالبواعث‬
‫على الجريمة ‪ ،‬فتقوم هذه الجريمة ولو كان الجاني ال يتعدى تحقيق مصلحة الدولة في زيادة‬
‫حصيلتها ‪ .‬وبناء على ذلك‪ ،‬تقوم جريمة الغدر ويسأل الموظف العام متى قام بتحصيل غير‬
‫المستحق‪.‬‬

‫وفيما يخص عقوبة جريمة الغدر فقد نص عليها المشرع في الفصل ‪ 243‬من ق‪.‬ج‪،‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن القانون الجديد المتعلقة بالتوثيق فيه إشارة إلى هذه الجريمة‪ .‬حيث أكد‬
‫المشرع على أن الموثق ال يحق له أن يتقاضى أكتر من أتعابه أو مما أداه عن األفراد من صوائر‬
‫وفي حالة مخالفته لهذا األمر فإنه سيتابع تأديبيا وزجريا‪ ،461‬لكن السؤال المطروح هو كيف يمكن‬
‫إثبات هذا خاصة و أن الواقع العملي ال يسلم الموثقين أي وصل حول المبالغ التي تدفع لهم؟‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪:‬جريمة التزوير‬

‫عرف المشرع المغربي جريمة تزوير المحررات في الفصل ‪351‬ق‪.‬ج‪ . 462‬بأنها تغيير‬
‫الحقيقة محرر بسوء نية‪ ،‬تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا‪ ،‬و يكون هذا التزوير بإحدى الوسائل‬
‫المنصوص عليها في القانون وينبغي أن يكون هذا التغيير واقعا في محرر من المحررات سواء‬
‫كانت رسمية او عرفية‪.463‬‬

‫‪461‬‬
‫‪-‬المادة ‪ 16‬من قانون التوثيق‬
‫‪462‬‬
‫‪-‬الفصل‪ 351‬من ق‪.‬ج"تزوير األوراق هو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية‪ ،‬تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل‬
‫المنصوص عليها في القانون"‪.‬‬
‫‪463‬‬
‫‪ -‬العلمي عبد الواحد‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.187‬‬
‫والهدف من تجريم التزوير الذي يقوم به الموثق ليس فقط الحيلولة دون تغير الحقيقة‬
‫كفكرة مجردة بل إن الهدف أسمى من ذلك ‪،‬فهو تحقيق األمن التعاقدي عن طريق حماية أدلة‬
‫اإلثبات المتمثلة في العقود ومختلف المحررات التي ينجزها الموثقون‪.464‬‬

‫أما أركان هذه الجريمة فهي‪:‬‬

‫‪ .1‬الصفة‪:‬‬

‫فلكي تطبق فصول القانون الجنائي على جريمة التزوير يجب أن يكون الفاعل موظفا‬
‫عموميا أو قاضيا أو موثقا أو من العدول وذلك أتناء قيامه بوظيفته ‪ ،‬وهو ما يتضح من الفصلين‬
‫‪352‬و‪.353‬‬

‫الركن المادي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫طبقا للفصل ‪ 531‬من ق‪.‬ج فالتزوير هو تغيير حقيقة المحرر بسوء نية بإحدى الطرق‬
‫التي نص عليها القانون‪ .‬وال يكفي لقيام جريمة التزوير قانونا ومعاقبة مرتكبها تغيير الحقيقية في‬
‫محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا ‪.‬بل يستلزم باإلضافة إلى ذلك ان يكون من شان هذا‬
‫التغيير أن يسبب ضررا وقد نص الفصل ‪ 351‬ق‪.‬ج صراحة على هذا العنصر‪ ،‬والتزوير الذي‬
‫يهمنا هنا هو التزوير الذي يقوم به الموثق أثناء مزاولته لمهنته التوثيق‪ .‬والذي يكون إما تزويرا‬
‫ماديا بإحدى الوسائل المنصوص عليها قانونا ‪ 465‬أو معنويا‪.466‬‬

‫‪464‬‬
‫‪-‬مجلة القبس المغربية‪،‬م س‪،‬ص‪.45‬‬

‫‪-465‬الفصل ‪ 352‬من ق‪.‬ج" يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي وكل موثق أو عدل ارتكب‪ ،‬أثناء قيامه بوظيفته‪ ،‬تزويرا بإحدى الوسائل‬
‫اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬وضع توقيعات مزورة؛‬

‫‪ -‬تغيير المحرر أو الكتابة أو التوقيع؛‬

‫‪ -‬وضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين؛‬

‫‪ -‬كتابة إضافية أو مقحمة في السجالت أو المحررات العمومية‪ ،‬بعد تمام تحريرها أو اختتامها"‪.‬‬

‫‪-466‬الفصل‪353‬من ق‪.‬ج" يعاقب بالسجن المؤبد كل واحد من رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو الموثق ين أو العدول ارتكب‪،‬بسوء نية‪ ،‬أثناء تحريره ورقة متعلقة بوظيفته‪،‬‬
‫تغييرا في جوهرها أو في ظروف تحريرها‪ ،‬وذلك إما بكتابة اتفاقات تخالف ما رسمه أو أماله األطراف المعنيون‪ ،‬وإما بإثبات صحة وقائع يعلم أنها غير صحيحة‪ ،‬وإما بإثبات‬
‫وقائع على أنها اعترف بها لديه‪ ،‬أو حد ثت أمامه بالرغم من عدم حصول ذلك‪ ،‬وإما بحذف أو تغيير عمدي في التصريحات التي يتلقاها"‪.‬‬
‫‪ .3‬الركن المعنوي ‪:‬‬

‫تعتبر جريمة التزوير بطبيعة الحال من الجرائم العمدية فهي تقتضي تغير الحقيقة بسوء‬
‫نية كما نص على ذلك المشرع في الفصل ‪ .351‬وبالتالي فهي تستوجب توافر القصد الجنائي‪.‬‬

‫وبخصوص عقوبة جريمة التزوير ونظرا لألهمية التي تكتسيها المحررات‪ ،‬فإن المشرع‬
‫شدد من عقوبة هذه الجريمة التي قد يرتكبها الموظف العمومي‪ 467‬بشكل عام ونص عليها في‬
‫الفصلين ‪ 352‬و‪،353‬أو غيره بشكل خاص في الفصل ‪. 354‬‬

‫وتجدر اإلشارة الى أن الجرائم التي تطرقنا لها تبقى على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬فهناك‬
‫جرائم أخرى يمكن أن يرتكبها الموثق بسبب وظيفته ومنها جريمة الرشوة التي يمن ان يكون فيها‬
‫راشيا او مرتشيا او وسيطا‪.‬‬

‫كما يمكن ايضا للموثق ان يرتكب جريمة إفشاء السر المهني ويتابع على اثرها جنائيا‪،‬‬
‫باإلضافة الى هذه الجرائم هناك جريمة خيانة األمانة‪...‬‬

‫‪467‬‬
‫‪-‬مجلة القبس المغربية‪،‬م س‪،‬ص‪.46‬‬
‫خاتمة ‪:‬‬

‫ختاما لما سلف االلمام به من خالل نظرة شاملة على موضوع التوثيق العصري‬
‫بدءا بتنظيم مهنة التوثيق وصوال الى مسؤولية الموثق يتضح جليا رغبة المشرع‬
‫الحازمة في سد كل الثغرات التي من شأنها التأثير على اسقرار المعامالت عموما‬
‫واألمن التعاقدي على وجه الخصوص‪.‬‬
‫فرغم الضوابط التي أتى بها المشرع في تنظيمه لمهنة التوثيق‪ ،‬والمنظمة‬
‫للمحرر تحديدا‪ ،‬فالواقع مع ذلك قد يفرز ممارسات احتيالية وغير قانونية يجب معها‬
‫على المشرع العمل من أجل الحد من هذه الممارسات‪ .‬سيما ما أصبح االن يسمى‬
‫بظاهرة االستيالء على عقارات الغير‪ .‬وذلك بتحوير القاعدة القانونية وجعلها تعمل‬
‫على تأمين حقوق األفراد الشيء الذي يتولد عنه احساس الفرد باألمان‪.‬‬
‫وحسنا فعل المشرع اذ تدارك عدة ثغرات كانت بقانون فانتوز القديم ‪1925‬‬
‫جاعال من ذلك قطعة الفلين التي تسد منفذ التحايل على بعض النصوص القانونية رغم‬
‫أن بعضها ال يزال تحتاج في حقيقة األمر الى توضيح من قبيل هل فعال يوجد مناسب‬
‫بين األمر القاضي ببطالن المحرر في رسميته مع واقع اسداء النصح‪ .‬؟‬

You might also like