Professional Documents
Culture Documents
عبدالرزاق أيوب
ﻭﺃﺑﺤﺎﺙ ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ -ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ:
( )2الدستور املغريب الصادر بتاريخ فاتح يوليوز ،2011ج.ر عدد 5964مكرر ،ص .3600
15
مظاهر محاية املستهلك
يف بيع العقار يف طور اإلنجاز
عبدالرزاق أيوب
أستاذ باحث بكلية احلقوق
جامعة ابن زهر -أكادير
السكن هو ذلك املأوى الذي ينعم فيه اإلنسان باألمان والراحة واخلصوصية ،ويقيه من
الربد واملطر واحلر .ويمكن القول إن احلق يف السكن هو قرين احلق يف احلياة ،فالشخص الذي
ال مأوى له حيميه هو وأرسته يبقى مهددا يف حياته ويف ماله ويف صحته.
فاحلق يف السكن هو أحد أهم العنارص األساسية للكرامة اإلنسانية ،وهو حق لقي اعرتافا
واسعا يف عدد من الصكوك الدولية واإلقليمية((( والقوانني الوطنية .وقد أشار املرشع املغريب
من خالل الفصل 31من الدستور((( إىل استفادة املواطنني واملواطنات عىل قدم املساواة من
احلق يف السكن الالئق.
( )1تنص املادة 25من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف بندها األول عىل ما ييل« :لكل شخص احلق يف مستوى من املعيشة
كاف للمحافظة عىل الصحة والرفاهية له وألرسته ،ويتضمن ذلك التغذية وامللبس واملسكن والعناية الطبية وكذلك
اخلدمات االجتامعية الالزمة ،وله احلق يف تأمني معيشته يف حاالت البطالة واملرض والعجز والرتمل والشيخوخة وغري
ذلك من فقدان وسائل العيش بسبب ظروف خارجة عن إرادته ».
-وشكل إعالن فانكوفر للمستوطنات البرشية لعام )Vancouver déclaration on human settlements( 1976
مناسبة لتحديد الطبيعة القانونية اخلاصة هبذا احلق بكيفية مفصلة ،حيث حددت الفقرة الثانية من اجلزء الثالث ما ييل«:إن
السكن واخلدمات املناسبة حق أسايس لإلنسان ،يفرض عىل احلكومة واجب ضامن بلوغ مجيع الناس له».بينام نص
الفصل الثاين من اإلعالن عىل أنه «:جيب أال تستخدم اإليديولوجيات حلرمان الناس من بيوهتم وأراضيهم أو لرتسيخ
االمتيازات واالستغالل».
-وكذلك الشأن بالنسبة إلعالن اسطنبول لعام ،1996الذي نص يف ملحقه الثاين عىل أن« :املأوى املالئم ال يعني أكثر
من سقف فوق رأس اإلنسان ،بل يعني أيض ًا اخلصوصية املالئمة ،وإمكانية الوصول إليه ،واحليز املالئم ،واألمن املالئم،
واحلامية القانونية للسكان ،والصالبة واملتانة البنيوية ،واإلضاءة املالئمة ،والتدفئة ،والتهوية ،والبنية التحتية املالئمة».
-كام أكد العهد الدويل اخلاص باحلقوق االقتصادية االجتامعية والثقافية يف املادة 11عىل حق كل شخص يف مستوى
معييش كاف له وألرسته ليوفر ما يفي بحاجاهتم من الكساء والغذاء واملأوى.
( )2الدستور املغريب الصادر بتاريخ فاتح يوليوز ،2011ج.ر عدد 5964مكرر ،ص .3600
15
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
وقد شكل احلق يف السكن الالئق حمور سياسات احلكومات املغربية املتعاقبة يف القضاء
عىل دور الصفيح يف العقود األخرية ،وأهم التحديات الكربى التي واجهها املغرب يف سبيل
الدفع بعجلة االقتصاد والقضاء عىل الفوارق االجتامعية أو عىل األقل التخفيف من حدهتا.
وكان من نتائج هذه السياسة أن سجل سوق العقار انتعاشا غري مسبوق يف السنوات
األخرية ،بفضل التسهيالت واالمتيازات التي منحتها الدولة للمنعشني العقاريني ،وبالنظر
كذلك إىل الطلب املتزايد عىل السكن خصوصا االجتامعي منه ،مع ما صاحب ذلك من
ارتفاع يف وترية الطلبات عىل القروض العقارية((( .وقد أفرز هذا االنتعاش يف السوق العقارية
نوعا من االنحراف عن السياسة التي رسمتها الدولة بخصوص إنعاش ودعم جمال السكن
االقتصادي ،متثل يف املضاربة العقارية ،مع ما صاحب هذه املضاربة من االرتفاع املتزايد يف
ثمن األرض ،والغالء الفاحش ملواد البناء واستغالل وضعية مستهلك العقار ،سواء من حيث
تراجع الدور التفاويض هلذا األخري ،أو من حيث تأخر أطراف العقد يف تنفيذ االلتزامات
الواردة فيه ،مما يؤدي إىل تعطيل املرشوع.
وأمام عدم كفاية احلامية العادية التي تقررها النظرية التقليدية لعيوب الرضا والعيوب
اخلفية يف عقد البيع ،باعتبار أن املبادئ التقليدية التي يقوم عليها هذا األخري ،حتول دون
حتقيق العدالة العقدية ،بدا للمرشع أن ينسلخ تدرجييا عن هذه املبادئ هبدف إعادة التكافئ
يف العالقة التعاقدية بني البائع ومستهلك العقار ،نظرا الفتقاد هذا األخري ،يف الغالب األعم،
للخربة التي متكنه من استيعاب رشوط العقد وكذلك لضعف مركزه االقتصادي يف العالقة
التعاقدية ،التي عادة ما تكون يف صالح الطرف اآلخر الذي حيرتف هذا املجال .وقد حاول
املرشع إعادة النظر يف مفهوم مبدأ سلطان اإلرادة عن طريق وضع جمموعة من القوانني
تتضمن عددا من الضوابط تسمح بتكريس احلد األدنى من احلامية القانونية ملستهلك العقار،
ومن بينها :قانون رقم 51.00املتعلق باالجيار املفيض إىل متلك العقار((( ،وقانون رقم 18.00
املتعلق بامللكية املشرتكة للعقارات املبنية((( ،كام يندرج بيع العقار يف طور اإلنجاز ضمن
العقود التي حاول املرشع أن ينظمها بمقتضيات ذات طابع محائي ملستهلك العقار ،وذلك
( )3تعرف القروض العقارية عىل أهنا« :القروض التي تلتزم بمقتضاها مؤسسة اإلئتامن بتقديم مبلغ مايل للزبون املقرتض أو
لوكيله إما فورا أو عىل دفعات من أجل اقتناء أو بناء سكن أو جتهيز أرض معدة للسكن ،مقابل التزام هذا األخري برد ما
اقرتضه من مال عىل أقساط حتدد هلا تواريخ أدائها مع دفع فوائد عن ذلك» .
-عبد العزيز بوستي :اإلقراض البنكي يف جمال السكن ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة يف القانون اخلاص،
جامعة حممد اخلامس ،كلية احلقوق الرباط – أكدال 2003 – 2002 ،ص ، 16مشار إليه يف :
-عبد املهيمن محزة :النظام القانوين لقروض االستهالك -دراسة تأصيلية ،رسالة لنيل دبلوم املاسرت ،جامعة عبد املالك
السعدي كلية احلقوق بطنجة ،السنة اجلامعية ،2010/2009ص 7هامش .40
( )4ج.ر عدد 5172بتاريخ 25دجنرب ،2003ص .4375
( )5القانون رقم 18-00املتعلق بالعقارات املبنية أو القسمة إىل شقق أو طبقات أو حمالت ،ج.ر .عدد 5054بتاريخ 7نونرب
،2002ص .3175
16
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
من خالل قانون رقم 44.00الذي جاء ليتمم قانون االلتزامات والعقود ،خاصة الفصل 618
منه((( .وأخريا صدر القانون رقم 31.08املتعلق بتدابري محاية املستهلك((( .وقد نص هذا
األخري يف ديباجته عىل أن هذا القانون يعترب إطارا مكمال للمنظومة القانونية يف جمال محاية
املستهلك ،كام اعترب املرشع من خالل الفقرة األخرية من املادة األوىل من هذا القانون األخري
أن مجيع أحكام النصوص الترشيعية املتعلقة بنفس املوضوع تظل مطبقة إذا كانت أكثر فائدة
للمستهلك .وترتيبا عىل ذلك ،ارتأينا أن نتناول بالتحليل بيع العقار يف طور اإلنجاز باعتباره
نموذجا متعلقا بحامية املستهلك يف املجال العقاري ،بغية رصد خمتلف مظاهر احلامية املقررة
يف هذا النوع من البيوع.
وطبقا للفصل 1-618من ق.إ.ع((( ،فإنه«:يعترب بيعا لعقار يف طور اإلنجاز كل اتفاق
يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل حمدد ،كام يلتزم فيه املشرتي بأداء الثمن تبعا
لتقدم األشغال .حيتفظ البائع بحقوقه وصالحياته باعتباره صاحب املرشوع إىل غاية انتهاء
األشغال».
ويسمى هذا النوع من البيوع أيضا بالبيع عىل التصاميم أو عىل اخلريطة ،عىل اعتبار أن
املشرتي سوف يقوم برشاء العقار استنادا إىل تصميم هنديس ،وليس عىل حمل موجود ماديا،
فهو يرد أصال عىل مال مستقبيل غري حارض .وقد استحدث هذا النوع من البيوع حديثا يف
النظام القانوين املغريب مقارنة مع الترشيع الفرنيس الذي أقر بيع العقار يف طور اإلنجاز كعقد
من العقود املسامة منذ الستينيات من القرن املايض(((.
17
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
وتندرج عملية بيع العقار يف طور اإلنجاز ضمن الترصفات القانونية املركبة ،فهو ليس
جمرد وعد بالبيع كام أنه ليس بيعا مطلقا ،بل جيمع بني صورتني من صور التعاقد حيث يتم
بداية إبرام عقد بيع ابتدائي عىل أن يتم إبرام العقد النهائي عند إنجار العقار .كام أن اإلقدام عىل
هذه العقود يتسم بنوع من احلذر واحليطة من جانب املستهلك ،نظرا لقصور القواعد العامة
يف توفري احلامية الالزمة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز ،فإىل أي حد نجح املرشع من خالل
قانون رقم 44-00يف تكريس ضوابط قانونية تشكل احلد األدنى من احلامية الالزمة ملستهلك
العقار؟ لإلجابة عن هذا التساؤل ،ارتأينا تقسيم هذا املوضوع إىل:
الفقرة األوىل :االلتزام باإلعالم يف بيع العقار يف طور اإلنجاز؛
الفقرة الثانية :الضامنات املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز بالنسبة للثمن؛
الفقرة الثالثة :الضامنات اخلاصة املقررة حلامية مستهلك العقار يف طور اإلنجاز.
مقابل أداء الثمن من طرف املشرتي مع تقدم أشغال البناء (املادة .)3-1601الرتمجة للامدة األخرية لألستاذ:
-جياليل بوجبص :مقاالت يف القانون العقاري وقانون البناء ،دار القلم للطباعة والنرش والتوزيع ،الرباط ،2006ص .58
وعىل مستوى القضاء ذهبت حمكمة النقضة الفرنسية يف غرفتها املدنية الثالثة إىل أن االتفاقيىة التي تتضمن االلتزام بالبناء
لفائدة مالك قطعة أرضية مع تضمني االتفاقية بيانا بأن املالك حيتفظ بصالحيته كصاحب عمل وليس كمشرت ،وال
تتضمن أي التزام بنقل امللكية ،ال تعترب بيعا لعقار يف طور اإلنجار وإنام تكيف كعقد إجارة الصنعة.
- Civ,3ème, 9 mars 1977.J.C.P.éd N.1978.II.229.note Steinmetz.
( )10واجلدير بالتنبيه أن االلتزام بالتبصري من احلقوق اجلوهرية للمستهلك يف ظل الترشيعات احلديثة ،ذلك أنه كلام كان
هناك إعالم وتبصري قبل التعاقد إال وكان املستهلك عىل بينة مما سيقبل عليه من التزام .ويف هذا اإلطار جيب التمييز بني
االلتزام بالتبصري أو اإلعالم وتقديم االستشارة أو النصيحة ،ذلك أن االلتزام األول هو التزام قانوين مفروض ال حيتاج
إىل عقد يقرره ،يلتزم به املهني قبل إبرام العقد هدفه إعالم غري املهني بجوهر حمل العقد ومكوناته ومداه وبالعنارص
والرشوط اجلوهرية التي يتم عىل أساسها التعاقد .أما االلتزام بتقديم النصح أو املشورة فهو متعلق بتنفيذ عقد بعوض
أي أنه يستلزم وجود اتفاق خاص يقرره.
-خليفي مريم :االلتزام باإلعالم اإللكرتوين وشفافية التعامل يف جمال التجارة اإللكرتونية ،دفاتر السياسة والقانون،
العدد الرابع ،2011ص ،207هامش .31
وألخذ فكرة عن التمييز بني االلتزام باإلعالم وباقي املؤسسات املشاهبة ،كاملشورة والنصح وااللتزام باإلخبار..الخ،
راجع:
18
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
الرضورية إلمتام العقود ،وتشكل هذه الثقة معيارا حاسام ،ومطلبا رضوريا لتشجيع املعامالت
جتارية كانت أم مدنية( ،((1كام يرتبط بعامل الشفافية التي تشكل آلية من آليات التعامل و رشطا
من رشوط حرية االختيار (.((1
وقد عرف الفقه( ((1االلتزام باإلعالم بأنه احلالة التي يفرض فيها القانون عىل املهني أن
يشعر املتعاقد اآلخر بجوهر حمل العقد ومكوناته .ويمكن أن نعرفه من جانبنا بأنه :االلتزام
الذي يفرضه القانون أو طبيعة األمور ذاهتا ،والذي ينصب حمله عىل إحاطة املتعاقد اآلخر علام
ومعرفة بكل الوقائع واملعلومات التي تسمح له بتكوين فكرة واضحة ودقيقة بطبيعة العقد
وجوهره وااللتزامات املرتتبة عليه ،أو أي واقعة أو عنرص أسايس معروض عليه ،وذلك هبدف
تكوين قناعة تامة وشاملة وحرة ومنتجة يف إصدار رضاه(.((1
-حممد ساملي :عقد املشورة ،حماولة يف التأصيل الفقهي واملقاربة القانونية ألعامل تقديم خدمة االستشارة الفنية والقانونية،
رسالة املاسرت املتخصص يف االستشارة القانونية ،جامعة حممد اخلامس-السوييس -كلية احلقوق بسال،2010/2009 .
ص 23وما يليها.
- Nadège Reboul: Les Contrats de Conseil. Presses universitaires d’Aix-Marseille. 1999.
- M-F.Mialon:.Actualité des contrats de conseil. L’intervention législative et réglementaire en
matière d’ingénierie de travaux publics et d’architecture. RTD. Civ., 1976. p 20.
هذا وطبقا للامدة 173من القانون رقم 31.08املتعلق بتدابري محاية املستهلك فإنه يعاقب بغرامة من 2000اىل 5000
درهم عىل خمالفة حق التبصري.
( )11إن توفر الثقة بني املتعاملني يزيد بشكل إجيايب من عمليات التبادل وإبرام العقود ،وباملقابل قد يؤدي غياب هذا العنرص
إىل اختاذ احليطة واحلذر من جانب املتعاملني مما يقلص من فرضيات إبرام العقود ما مل تتوافر ضامنات كافية تعضد هذه
التقة .راجع يف هذا الصدد - :خليفي مريم :االلتزام باإلعالم االلكرتوين .....م.س ،ص.201
(12) J. Calais Auloy, Frank Steinmetz: Droit de la consommation, 4ème édition, Dalloz, 1996.
p.45.
-دنيا مباركة :احلامية القانونية لرضا مستهلكي السلع واخلدمات ،املجلة املغربية لالقتصاد والقانون ،العدد الثالث يونيو
،2001ص .48
-حممد العرويص :االلتزام باإلعالم ضمن البيوعات الواردة عىل العقارات يف طور اإلنجاز ،املجلة املغربية لقانون
األعامل واملقاوالت ،العدد ،13ص 51وما بعدها.
( )13بوعبيد عبايس :االلتزام باإلعالم يف العقود دراسة يف محاية املتعاقد واملستهلك ،املطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش،
،2008ص .34
( )14هناك نوعان من االلتزام باإلعالم يف هذا الصدد :التزام عام باإلعالم وهو التزام جيد سنده يف جمموعة من القواعد العامة
والتزام خاص باإلعالم وتقتضيه القواعد اخلاصة .انظر يف تفصيل ذلك :
-مهدي منري :املظاهر القانونية حلامية املستهلك ،أطروحة دكتوراه يف القانون اخلاص من كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتامعية بوجدة ،2005-2004 ،ص 182و ما بعدها.
-وجيب التمييز بني اإلعالم واإلشهار فهذا األخري هو عبارة عن جمموعة من اإلعالنات والبيانات التي هتدف إىل ترويج
السلع واخلدمات عرب وسائل سمعية برصية أو مها معا هبدف جلب املستهلك ،أما االلتزام باإلعالم فيسعى إىل تأكيد أو
نفي ما يروجه االشهار بخصوص سلعة أو خدمة معينة ،فهو وسيلة ملقاومة خماطر اإلشهار والرتويج.
-جرعود الياقوت :عقد البيع ومحاية املستهلك يف الترشيع اجلزائري.رسالة لنيل املاجستري .جامعة اجلزائر.كلية احلقوق.
بن عكنون .2002/2001.ص.34،
19
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
( )15وهو نفس التعريف الذي تضمنته املادة الثالثة من من القانون رقم 24-09يتمم بموجبه قانون االلتزامات والعقود
ويتعلق بسالمة املنتوجات واخلدمات .ج.ر .عدد .5980ص.4678،
-وقد عرف املرشع املغريب مفهوم املنتوج من خالل الفصل 2-106من قانون االلتزامات والعقود( متم القسم األول
من الكتاب األول من قانون االلتزامات والعقود بموجب املادة 65من القانون رقم 24-09يتعلق بسالمة املنتوجات
واخلدمات وبتتميم قانون االلتزامات والعقود .ج.ر .عدد ،5980ص )4678كام ييل«:يراد بمصطلح «منتوج» كل يشء
تم عرضه يف السوق يف إطار نشاط مهني أو جتاري أو حريف ،بعوض أو بدون عوض ،سواء كان جديدا أو مستعمال،
وسواء كان قابال لالستهالك أو غري قابل له ،أو تم حتويله أو توضيبه وإن كان مدجما يف منقول أو عقار .تعد منتوجات
األرض وتربية املاشية واألسامك والقنص والصيد منتوجات .تعترب الكهرباء منتوجا كذلك».
ويستخلص من عموم هذه املادة ومن الفقرة الثانية من املادة الثانية من قانون رقم 31-08املتعلق بتحديد تدابري حلامية
املستهلك ،أن العقار يدخل يف مفهوم املنتوج.بمعنى أن مقتني العقار يعترب مستهلكا ،وهذه حقيقة قانونية مل ينكرها الفقه
بدليل أن املرشع نفسه أشار بكيفية رصحية إىل بعض املقتضيات التي هتم العقار من قانون رقم 31-08كام هو الشأن
بالنسبة للامدة 65التي تلزم رفع الدعوى بالنسبة للعيوب اخلفية خالل سنتني بالنسبة للعقارات وكذلك املادة 28التي
تستبع من أحكام الباب املتعلقة بالعقود املربمة عن بعد العقود املربمة ألجل بناء وبيع العقارات أو متعلقة بحقوق أخرى
خاصة بالعقارات.
( )16تباينت مواقف الفقه والقضاء بخصوص مفهوم املستهلك ،حيث انقسمت إزاء املوضوع إىل فريقني ،بني من يتبنى
املفهوم الضيق وبني من يتبنى املفهوم الواسع:
فأما االجتاه األول ،فريى أن املستهلك هو كل شخص يتعاقد من أجل إشباع حاجاته الشخصية أو العائلية دون أن يكون
هلذا التعاقد أي هدف مهني ،ومن ثم يستبعد من مفهوم املستهلك فئة التجار واملهنيني الذين يتعاقدون ألغراض جتارهتم
أو مهنتهم.بل إن جانبا من الفقه استبعد من هذا املفهوم من يتعاقد لغرض مزدوج ،كمن يشرتي سيارة لغرض مهني
ويستعملها يف نفس الوقت لغرض شخيص أو عائيل.
- Y. Picod, H .Davo: Droit de la consommation. Ed. Dalloz.Paris.2005. p.20.
- A. Chair:. Liberté des prix et concurrence. Ed. Maghrébines, Casablanca., 2000, p 49.
- J. Ghestin: Traité de droit civil, le contrat: la formation.LGDJ.1988 N°59 p.13.
-عمران السيد حممد السيد :محاية املستهلك أثناء تكوين العقد.منشأة املعارف .اإلسكندرية ،1986 ،ص.8،
-أمحد حممد الرفاعي :احلامية املدنية للمستهلك إزاء املضمون العقدي ،دار النهضة العربية.القاهرة.1994.ص.20،
وأما االجتاه الثاين فيأخذ باملفهوم املوسع للمستهلك معتمدا إما عىل معيار عدم التخصص أو معيار العالقة املبارشة .فعدم
التخصص يقيض بأن الشخص املتعاقد يعترب مستهلكا إذا ما تعاقد خارج نطاق اختصاصه ،أما املعيار الثاين فيعتمد عىل
العالقة املبارشة بني الترصف القانوين والنشاط املهني ،فالطبيب الذي يقتني آلة سكانري لتشخيص األمراض ،يعترب
20
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
أن هذا التحديد احلرصي للمستهلك ال ينطبق عىل مستهلك العقار يف طور اإلنجاز ،حيث أخذ
املرشع باملفهوم الواسع للمستهلك حسب عموم صياغة الفصل 2-618من ق.ا.ع( ،((1الذي
يستخلص منه بأن قانون رقم 44-00يطبق عىل البيوعات التي تنصب عىل العقار سواء معدا
للسكنى أو االستعامل املهني أو التجاري أو الصناعي أو احلريف ،وهو ما يعني أن املرشع ال يشرتط
صفة معينة يف مستهلك العقار ،فقد يكون مهنيا أو غري مهني ،متعاقدا مبارشا أو غري مبارش(.((1
أما املدين بااللتزام باإلعالم يف بيع العقار يف طور اإلنجار فهو البائع( .((1ومل يستلزم املرشع
املغريب يف البائع صفة املنعش العقاري ،بحيث يعترب بائعا للعقار يف طور اإلنجاز كل شخص
سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا خاضعا للقانون العام أو اخلاص ،يتوىل بنفسه أو بواسطة
غريه عملية بناء وبيع العقارات ،وسواء كان مكتسبا للصفة التجارية يف هذا املجال عن طريق
االعتياد أو االحرتاف هلذا النشاط الذي يزاوله أو مل يكن مكتسبا هلا( ،((2بحيث خيضع لألحكام
املتعلقة ببيع العقار يف طور اإلنجاز ولو مارس هذا النشاط مرة واحدة فقط(.((2
ويمتد هذا االلتزام ليشمل أشخاصا آخرين غري البائع ،يتدخلون بحكم عملهم يف عملية
بيع العقار يف طور اإلنجاز ،وذلك بطريق غري مبارش ،وهم األشخاص الذين يتولون حترير
عقد البيع االبتدائي أو االنتهائي للعقار يف طور اإلنجاز طبقا ملا أشار إليه الفصل 3-618من
مستهلكا ألنه يترصف خارج مؤهالته املهنية ويعترب عديم اخلربة يف مواجهة البائع املهني .راجع:
يوسف الزوجال :مفهوم املستهلك يف الترشيع والفقه والقضاء املغريب ،مقال منشور بموقع جملة االلكرتونية للدراسات
واألبحاث القانونية www.droit plus.net .أطلع عليه بتاريخ 27مايو .2012
-ليندة عبد اهلل :املستهلك واملهني :مفهومان متباينان ،مداخلة مقدمة للملتقى الوطني األول :محاية املستهلك يف ظل
االنفتاح االقتصادي ،معهد العلوم القانونية واإلدارية -املركز اجلامعي بالوادي -يومي 13و 14أبريل من سنة
،2008مطبعة مزواورا ،اجلزائر ( ،تاريخ غري مذكور) ،ص .20
( )17ينص الفصل 2-618من ق.ا.ع .عىل ما ييل:
«جيب أن يتم بيع العقار يف طور اإلنجاز سواء كان معدا للسكنى أو لالستعامل املهني أو التجاري أو الصناعي أو احلريف
من طرف األشخاص اخلاضعني للقانون العام أو اخلاص طبقا ألحكام هذا الفرع».
( )18حممد العرويص :م.س .ص.54،
( )19وقد أوجب املرشع الفرنيس هذا االلتزام كقاعدة يف مجيع عقود البيع بغض النظر عن طبيعتها ،وذلك من خالل املادة
1602من القانون املدين التي نصت عىل أن البائع ملزم بتحديد نطاق التزامه بكيفية واضحة ،وكل غموض أو التباس
يف هذا النطاق سيفرس ضده.
- Article 1602 du Droit civil :
«Le vendeur est tenu d’expliquer clairement ce à quoi il s’oblige.
Tout pacte obscur ou ambigu s’interprète contre le vendeur».
( )20املادة السادسة من مدونة التجارة ،وملزيد من اإليضاح راجع الكتب املتعلقة برشح القانون التجاري بخصوص الضوابط
التي يكتسب هبا الشخص الصفة التجارية.
( )21حممد العرويص :م.س ،ص .54
21
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
ق.ا.ع .كالعدول ،واملوثقني( ،((2واملحامني املقبولني( ((2للرتافع أمام حمكمة النقض( ،((2أو
املهنيني املقبولني لتحرير هذه العقود( .((2ودورهم يف هذا املجال هو تعضيد االلتزام باإلعالم
الذي يتحمل به البائع ،من خالل تقديم النصح واملشورة فيام خيص املسائل املتعلقة باجلوانب
القانونية وتوضيح مدى وطبيعة االلتزامات املفروضة عىل الطرفني .فإذا كان االلتزام باإلعالم
يقترص دوره عىل جمرد اإلدالء باملعلومات التي هتم املستهلك ،دون التأثري عليه بدفعه إىل اإلقدام
عىل أمر أو اإلعراض عنه( ،((2فإن االلتزام بالنصح أو تقديم املشورة يرومان تنبيه املستهلك
باملخاطر وتقديم الرأي بخصوص البديل حتى يستطيع املدين أن يكون رأيا واضحا واقتناعا
خاليا من شوائب الغموض عند إقدامه عىل التعاقد.
فضبط املعامالت الواردة عىل العقار يف طور اإلنجاز ومحاية مصالح املستهلك من الضياع
مهمة جسيمة ال يمكن أن يقوم هبا إال األشخاص املؤهلون الذين يتمتعون بالكفاءة القانونية
الكافية والتجربة املهنية الرضورية .فهم ملزمون بالكشف عن كل ما يتصل بموضوع التعاقد
املزمع إبرامه من حيث االلتزامات واحلقوق التي يرتبها العقد بحسب ما يفرضه الواجب
األخالقي أوال والواجب املهني ثانيا( .((2فإذا نص القانون عىل رضورة تضمني العقد بيانا
معينا ،فيجب عىل املكلف بتحرير العقد تنبيه مستهلك العقار يف طور اإلنجاز ،قبل إقدامه عىل
توقيع العقد ،إىل اآلثار املرتتبة عىل الرشوط التي ينوي البائع تضمينها يف العقد والتي من شأن
املوافقة عليها أن تعطل ذلك البيان اإللزامي.
( )22راجع - :عبد املجيد بوكري :التوثيق العرصي املغريب ،الطبعة الثانية .دار السالم .الرباط -/.2010 ،حممد الربيعي:
األحكام اخلاصة باملوثقني واملحررات الصادرة عنهم ،دراسة عىل ضوء التوثيق العديل والتوثيق العرصي ،املطبعة
والوراقة الوطنية ،مراكش .2008
( )23محزاوي موحى :مسؤولية املحامي يف الترشيع املغريب ،مطبعة إديال املغرب .1994
-حممد عبد الظاهر حنني :املسؤولية املدنية للمحامي جتاه العميل ،دار النهضة العربية ،القاهرة .1993
( )24حلت عبارة حمكمة النقض حمل عبارة املجلس األعىل يف مجيع النصوص الترشيعية والتنظيمية اجلاري هبا العمل ،وذلك
بمقتىض القانون رقم 58.11املتعلق بمحكمة النقض .ج.ر .عدد 5989مكرر بتاريخ 26أكتوبر ،2011ص .5228
( )25وقد صدر مرسوم رقم 2.03.853الصادر يف 7يونيو .2004ج.ر .عدد 5222بتاريخ 17يونيو .2004ص.2640،
حيث تنص املادة األوىل منه عىل ما ييل« :تطبيقا ألحكام الفصلني 3-618و 6-618أعاله ،يؤهل لتحرير عقود البيع
االبتدائية والنهائية اخلاصة ببيع العقار يف طور اإلنجاز املوثقون ،والعدول واملحامون املقبولون للرتافع أمام حمكمة
النقض .حتدد بقرار مشرتك لوزير العدل ووزير الفالحة والتنمية القروية والوزير املنتدب لدى الوزير األول املكلف
باإلسكان والتعمري الئحة املهن القانونية واملنظمة األخرى املقبولة لتحرير العقود املشار إليها يف الفقرة األوىل أعاله وكذا
رشوط تقييد أعضائها يف الالئحة االسمية املحددة سنويا.»...
( )26حممد ساملي :عقد املشورة.م.س ،ص.23
( )27راجع املادة 30من قانون املحاماة التي جتعل من مهام املحامي تقديم االستشارات القانونية.
وتفرض املادة 37من القانون رقم 32.09املتعلق بمهنة التوثيق عىل املوثق االلتزام بنصح األطراف املتعاقدة أي قيامه أثناء
عملية التعاقد بإطالعهم عىل مضمون العقد وآثاره ،وأن يبني هلم بوضوح التزاماهتم وحقوقهم ،حيث تنص الفقرة الثانية
من املادة السابقة عىل ما ييل« :جيب عىل املوثق إسداد النصح لألطراف ،كام جيب عليه أن يبني هلم ما يعلمه بخصوص
موضوع عقودهم ،وأن يوضح هلم األبعاد واآلثار التي قد ترتتب عن العقود التي يتلقاها ».
22
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
ولعل احلكمة من إسناد مهمة حترير عقد البيع االبتدائي أو النهائي للعقار يف طور اإلنجاز
حرصا لفئات معينة ،تكمن يف كون هذه الفئات منظمة تنظيام قانونيا يف إطار تنظيمي يضمن
تأطريهم وتأهيلهم وخيضعهم للمراقبة واإلرشاف ،وحيدد مسؤولياهتم املهنية واملدنية وحتى
اجلنائية منها( ،((2فيكون املرشع بذلك قد سعى إىل وضع املستهلك بني أيد أمينة تضمن من
خالل التزامهم بالنصح واملشورة احلد األدنى من احلامية.
ثانيا :النطاق املوضوعي لاللتزام باإلعالم
تتجىل مظاهر أو جتليات االلتزام باإلعالم بالنسبة لبيع العقار يف طور اإلنجاز ،يف حترير
العقد االبتدائي وإعداد دفرت التحمالت.
- 1حترير العقد االبتدائي(:((2
لكي يكتمل الركن املادي لاللتزام باإلعالم الذي يتحمل به البائع يف بيع العقار يف طور
اإلنجاز ،استهل املرشع الفصل 3-618من ق.ا.ع يف فقرته األوىل بام ييل:
( )28نظم املرشع املغريب العقوبات التأديبية التي تطبق عىل املحامي يف املواد من 61إىل 72من قانون املحاماة رقم -08
.28وبالنسبة للعقوبات اجلنائية املواد 98و 100من نفس القانون .وبخصوص املوثقني فيخضعون للرقابة والتأديب
وللعقوبات اجلنائية واملسؤولية املدنية املنصوص عليها يف املواد من 65إىل 96من القانون رقم 32.09املتعلق بمهنة
التوثيق .أما بخصوص العدول فيخضعون للرقابة والتأديب طبقا للمواد 37و 38و 39من قانون رقم 16.03املتعلق
بخطة العدالة .وملزيد من التوسع ،انظر- :احلمزاوي :مسؤولية املحامي يف الترشيع املغريب ،مطبعة النجاح اجلديدة
بالدار البيضاء -.1994 .لبنى الوزاين :املسؤولية التأديبية للموثق عىل ضوء العمل القضائي ،دار السالم للطباعة والنرش
والتوزيع الرباط - .2011 ،نور الدين العمراين :املسؤولية اجلنائية للموثق والعدل عن تزوير املحررات ،جملة أمالك،
العدد األول ،ص -.191عبدالرزاق الصبيحي :مسؤولية العدول يف ضوء القانون اجلديد املنظم خلطة العدالة ،جملة
احلقوق املغربية ،العدد ،6ص .105
( )29وقد اختلف الفقه الفرنيس يف تكييف العقد االبتدائي املربم يف إطار بيع العقار يف طور اإلنجاز ،منهم من كيفه وعدا
بالبيع ،ومنهم من اعتربه عقد خيار ،ومنهم من حبذ هنج التكييف املتدرج بالنظر إىل عملية البناء ومستواها .فهو يعترب
وعدا بالبيع قبل بداية األشغال ،وعقد خيار بعد االنتهاء من البناء وقبل احلصول عىل شهادة املطابقة ،وعقد بيع بعد
التأكد من مطابقة العقار لدفرت التحمالت .وللوقوف عىل هذه التكييفات وغريها سواء عىل مستوى الفقه املغريب أو عىل
مستوى الفقه الفرنيس ،انظر :
-عبد القادر العرعاري :وجهة نظر خاصة يف مادة القانون املدين املعمق بني الفقه والقضاء ،دراسة مقارنة ،مطبعة األمنية.
الرباط ،2010ص .115
- PH. Malinvaud et PH. Jestaz: Droit de la promotion immobilière .Dalloz .6ème éd paris.1995.
n° 371./
- M. Dagot: la vente d’immeuble à construire .L.I.T.E.C.1988, n° 232 et suiv
- F. Collart Dutilleur: Les contrats préparatoires à la vente d’immeubles. Sirey 1988. n° 99 et suiv.
- G. Cornu: note .RTD CIV 1972. p 611.
- J.L Bergel: Les contrats préliminaires de réservation dans les ventes d’immeubles à construire
.J.C.P . 1974. I.2669
- D. Pouton-Grillet: Le contrat de réservation .D.1991. Chron.p.26
- P.H Antonmattei et J. Raynard: Droit Civil, contrat spéciaux.3ème éd. Litec.2002.. n° 47.
23
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
«جيب أن حيرر عقد البيع االبتدائي للعقار يف طور اإلنجاز إما يف حمرر رسمي وإما بموجب
عقد ثابت التاريخ يتم حتريره من طرف مهني ينتمي إىل مهنة قانونية منظمة وخيول هلا قانوهنا
حترير العقود وذلك حتت طائلة البطالن».
والظاهر من خالل هذا النص أن املرشع قد حسم يف مسألة شكلية البيوع العقارية يف طور
اإلنجاز ،إذ ال تقوم هلذا العقد قائمة إال إذا أفرغ يف شكل رسمي أو حمرر ثابت التاريخ .ولعل
غاية املرشع من هذا املسلك ،هي بلوغ أو إدراك حقيقتني متالزمتني:
احلقيقية القانونية :وبمقتضاها ال تشكل كتابة عقد بيع العقار يف طور اإلنجاز إال تكريسا
ملضمون الفصل 489من ق.ا.ع( ،((3الذي يتحدث عن رضورة كتابة البيع املنصب عىل عقار
أو حق عيني أو أي أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا يف حمرر ثابت التاريخ .وهبذه احلقيقة
يكون املرشع قد وضع حدا للجدال الفقهي واالجتهاد القضائي حول رضورة التمييز بني البيع
الوارد عىل عقار حمفظ من عدمه فيام خيص رشط الكتابة الوارد يف الفصل 489أعاله( .((3بل إن
24
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
املرشع سعى إىل التدرج يف تقريره هلذه احلقيقة من خالل إصدار قوانني توجب حترير العقود
كتابة بدءا من القانون رقم ،((3(25.90والقانون رقم ،((3(44.00والقانون رقم ،((3(18.00
والقانون رقم ،((3(51.00وصوال اىل القانون رقم ،((3(39.08الذي حسم املسألة بشكل هنائي
من خالل املادة الرابعة من مدونة احلقوق العينية( .((3ومن ثم فرشط الكتابة رشط لصحة عقد
بيع العقار يف طور اإلنجاز ،وجزاء اإلخالل به البطالن( ،((3هذا من جهة.
-قرار بتاريخ 2يوليوز ،1985منشور بمجلة القضاء والقانون ،ع ،138ص 212وما بعدها.
-قرار صادر بتاريخ 31يناير ،1984منشور بمجلة القضاء والقانون ،ع ،134/133ص 165 ،وما يليها.
-وباملقابل تتمسك الغرفة املدنية باملجلس األعىل(حمكمة النقض حاليا) بتطبيق قانون االلتزامات والعقود عىل العقار
غري املحفظ .انظر:
-قرار بتاريخ 27أبريل ،1983منشور بمجلة قضاء املجلس األعىل يف املادة املدنية .1991 1983- .ص 75وما يليها.
-قرار عدد 2251بتاريخ 8دجنرب ،1989ملف مدين .84/2296قرار غري منشور (.أورده أمحد أدريوش ،نطاق ظهري
االلتزامات والعقود،مطبعة األمنية بالرباط .1996 ،ص 208 ،وما بعدها).
( )32املادة 35من القانون رقم 25.90املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات .ج.ر .عدد
4159بتاريخ 15يوليوز .1992الصفحة .880
( )33القانون املتعلق ببيع العقار يف طور اإلنجاز حمل هذه الدراسة.
( )34املادة 12من القانون رقم 18-00املتعلق بالعقارات املبنية أو القسمة إىل شقق أو طبقات أو حمالت.راجع:
-حسن الزرداين :قراءة يف املادة 12من قانون 18-00املتعلق بنظام امللكية املشرتكة للعقارات املبنية .أشغال الندوة
املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات العقارية .يومي 11و 12فرباير .2005املطبعة والوراقة الوطنية .مراكش.
.2005ص 171،ومابعدها.
( )35املادة 4من القانون رقم 51-00املتعلق باإلجيار املفيض إىل متلك العقار.راجع:
-حممد شيلح :قراءة ميتودولوجية لصيغة الكراء املفيض إىل متلك الربع املبني لغرض السكنى يف ضوء القانون رقم -51
املتعلق باإلجيار املفيض إىل متلك العقار .أشغال الندوة املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات العقارية .يومي 11و12
فرباير .2005املطبعة والوراقة الوطنية .مراكش .2005 .ص 123،ومايليها.
-عبد الكريم الطالب :توثيق االجيار املفيض إىل متلك العقار .أشغال الندوة املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات
العقارية .يومي 11و 12فرباير .2005املطبعة والوراقة الوطنية .مراكش .2005 .ص 149،ومابعدها.
( )36القانون رقم 39.08املتعلق بمدونة احلقوق العينية .ج.ر .عدد 5998بتاريخ 24نونرب .2011ص.5587،
( )37جاء يف املادة الرابعة من مدونة احلقوق العينية ماييل« :جيب أن حترر-حتت طائلة طائلة البطالن-مجيع الترصفات املتعلقة
بنقل امللكية أو بإنشاء احلقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعدياها أو إسقاطها بموجب حمرر رسمي ،أو بمحرر ثابت
التاريخ يتم حتريره من طرف حمام مقبول للرتافع أمام حمكمة النقض ،ما مل ينص قانون خاص عىل خالف ذلك.
جيب أن يتم توقيع العقد املحرر من طرف املحامي والتأشري عىل مجيع صفحاته من األطراف ومن اجلهة التي حررته.
تصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطات املحلية املختصة ويتم التعريف بإمضاء املحامي املحرر للعقد من لدن
رئيس كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية التي متارس بدائرهتا ».
( )38للوقوف عىل رشوط الكتابة يف بيع العقار يف طور اإلنجاز ،انظر:
-حممد اخلرضاوي :رشط الكتابة يف بيع العقار يف طور اإلنجاز بني غايات الترشيع وإكراهات الواقع .أشغال الندوة
املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات العقارية .يومي 11و 12فرباير .2005املطبعة والوراقة الوطنية ،مراكش.
.2005ص 159وما يليها.
-حممد اخلرضاوي :إشكالية توثيق الترصفات العقارية ومتطلبات التنمية -قراءة يف قانون .44-00جملة البحوث.
العدد ،7ص .37منشور كذلك يف جملة حماكمة.العدد الثالث.ص 145 ،ومايليها.
25
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
ومن جهة أخرى ال يستطيع مستهلك العقار يف طور اإلنجاز االستفادة من بعض الضامنات
التي يقررها القانون إال إذا كان العقد كتابيا ،كام هو الشأن بالنسبة للتقييد االحتياطي لضامن
حقه يف تقييد البيع لدى املحافظة العقارية( ،((3أو تقييده هنائيا بعد االنتهاء من األشغال(،((4
ما دام أن إجراءات التقييد االحتياطي أو التقييد يف السجل العقاري تفرض بداهة أن يكون
العقد كتابيا.
احلقيقة الواقعية :تشكل كتابة العقد االبتدائي محاية ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز من
كل تعنت أو إنكار من جانب البائع لاللتزامات التي يتحمل هبا هذا األخري .كام أن الكتابة قد
تثبت احلق وتثبت مركز صاحبه ،وهي وسيلة ال غنى عنها اليوم أمام تطور املعرفة وانتقاهلا عرب
الشبكة املعلوماتية ،فيكون من التخلف املطلق احلديث عن إبرام عقود ذات قيمة مالية كربى
دون سلوك مسطرة الكتابة .بل إن كتابة العقد االبتدائي قد تساهم بكيفية أو بأخرى يف تسهيل
إمكانية احلصول عىل التمويل املايل من البنوك أو باقي املؤسسات االئتامنية األخرى التي تعتمد
يف إجراءات منح التسهيالت والقروض بام هو كتايب.
وعموما ،فقد أوجب املرشع من خالل الفصل 3-618من ق.ا.ع أن يتضمن العقد االبتدائي
عىل اخلصوص بيانات متعددة سوف تساهم يف تنوير املشرتي املستهلك بكل جزئيات التعاقد
واملعلومات املتعلقة بااللتزامات املرتتبة عىل كال الطرفني ،وهذه هي البيانات التالية:
أ -هوية املتعاقدين :وهو بيان يدخل يف باب البدهييات الشكلية التي تستلزم حتديد نطاق
العقد من حيث أشخاصه .وعليه ،يتعني حتديد األسامء العائلية والشخصية لألطراف املتعاقدة
وما إذا كان الطرفان أو كالمها شخصا طبيعيا أو اعتباريا ،وحتديد موطنهام وديانتهام ،وهل يربم
املتعاقد العقد أصالة عن نفسه أو نيابة عن غريه إىل غري ذلك من البيانات التي ترمي إىل حتديد
هوية أطراف العقد دفعا لكل جهالة(.((4
ب -رسم العقار املحفظ أو مراجع ملكية العقار غري املحفظ :مع حتديد احلقوق العينية
والتحمالت العقارية الواردة عىل العقار أو أي اتفاق آخر عند االقتضاء(.((4
وترجع أمهية هذا البيان يف إعالم املستهلك بطبيعة العقار الذي سوف يتم إنجاز البناء
عليه ،ومن ثم طبيعة النظام القانوين الذي خيضع له .وإذا كان هذا البيان يمكن الوقوف عىل
حقيقته بكل وضوح وشفافية إذا كان العقار حمفظا ،من خالل احلصول عىل شهادة من املحافظة
26
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
العقارية التي تبني الوضعية القانونية للعقار( ،((4فإن الوضع يغدو صعبا بالنسبة للعقار غري
املحفظ ،الذي تظل فيه احلقيقة القانونية للحقوق واملراكز القانونية املتعلقة به حقيقة نسبية
وحمفوفة بمخاطر املنازعة يف وجودها ،ألهنا حقيقة تتحكم فيها جمموعة من الضوابط أمهها
قواعد احليازة املكسبة للملكية( .((4لذلك إذا كانت احلكمة من إدخال هذا النوع من العقارات
ضمن بيع العقارات يف طور اإلنجاز هي إرشاكه يف خانة الدورة االقتصادية االستثامرية ،فإن
جانبا من الفقه املغريب يرفض هذا املسلك من املرشع دون أن يصاحبه سن سياسة التحفيظ
اإلجباري بالنسبة هلذا النوع من العقارات اخلاضعة للمقتضيات املطبقة عىل العقارات يف طور
اإلنجاز(.((4
ج -تاريخ ورقم رخصة البناء ووصف العقار حمل البيع :ويقصد برخصة البناء( ،((4القرار
اإلداري الذي تصدره اجلهة املختصة بتنظيم املباين ،وتأذن فيه بالبناء بعد أن تتحقق من احرتام
( )43تنص املادة الثانية يف فقرهتا األوىل من مدونة احلقوق العينية عىل ما ييل:
«إن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة إلنشائها حتفظ احلق الذي تنص عليه وتكون حجة يف مواجهة الغري
عىل أن الشخص املعني هبا هو فعال صاحب احلقوق املبينة فيها ».
وينص الفصل 58من ظهري التحفيظ العقاري عىل ما ييل:
«للاملك دون غريه ،احلق يف أخذ نظري من الرسم العقاري ومن التصميم امللحق به.يشهد املحافظ عىل األمالك العقارية
بصحتها بإمضائه ووضع خاتم املحافظة العقارية عليهام.
يف حالة الشياع ال يسلم إال نظري واحد للرشيك املفوض له ذلك .أما باقي أصحاب احلقوق العينية فيمكنكم احلصول
عىل شهادة خاصة بالتقييد».
( )44وفاء جوهر :بيع العقار يف طور اإلنجاز ،املجلة املغربية للدراسات القانونية والقضائية ،العدد األول ،ص .70
-حممد اخلرضاوي :رشط الكتابة يف بيع العقار يف طور اإلنجاز بني غايات الترشيع وإكراهات الواقع ،ص.165
وقد أقر املرشع هبذه احلقيقة من خالل الفقرة الثانية من املادة الثالثة من مدونة احلقوق العينية التي تقيض بام ييل:
«ال تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غري املحفظة إال إذا استندت عىل أصل التملك وحاز املفوت له العقار حيازة
متوفرة عىل الرشوط القانونية».
( )45وفاء جوهر.م.س.ص.72،
-حممد اخلرضاوي :إدماج العقار غري املحفظ يف النظام القانوين لبيع العقار يف طور اإلنجاز ،الغايات واإلكراهات،
أشغال ندوة العقار املحفظ إىل أين؟ بمراكش يومي 28و 29فرباير ،2008منشورات مركز الدراسات القانونية املدنية
والعقارية بمراكش ص 101
( )46تنص املادة 40من قانون رقم 12-90املتعلق بالتعمري ،الصادر 17يونيو ،1992ج.ر عدد 4591بتاريخ 15يوليوز
،1992عىل ما ييل:
«يمنع القيام بالبناء دون احلصول عىل رخصة ملبارشة ذلك:
-داخل الدوائر املنصوص عليها يف املادة األوىل أعاله ويف املناطق املشار إليها يف ب) من املادة 18من هذا القانون التي
تكتيس صبغة خاصة تستوجب خضوع هتيئتها لرقابة إدارية؛
-خارج الدوائر املنصوص عليها يف البند السابق والتجمعات القروية املوضوع هلا تصميم تنمية :عىل طول السكك
احلديدية وطرق املواصالت غري الطرق اجلامعية إىل غاية عمق يبلغ كيلومرتا ابتداء من حمور السكك احلديدية والطرق
اآلنفة الذكر ،وعىل طول حدود امللك العام البحري إىل غاية عمق يبلغ مخسة كيلومرتات ؛
-داخل التجزئات املأذون يف إحداثها عمال بالترشيع املتعلق بتجزئة األرايض وتقسيمها وإقامة املجموعات السكنية.
27
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
اإلجراءات والقواعد التي تفرضها قوانني التعمري( .((4وغني عن البيان أنه يتعني الرجوع دائام
إىل مضمون هذه الرخصة لتحديد ما إذا كان نطاقها عاما يشمل بناء العقار ابتداء من األشغال
املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض إىل غاية االنتهاء الكامل من األشغال الكربى،
أم أن الرتخيص ينحرص يف األشغال املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض ،إذ أن
أمهية ذكر تاريخ ورقم رخصة البناء تبدو معدومة يف الفرضية األخرية ما دام العقد االبتدائي
أصال لن يتم إبرامه إال بعد االنتهاء من أشغال األساسات األرضية .ومن ثم فإن البيان املتعلق
بتاريخ ورقم رخصة البناء يشكل قرينة عىل تاريخ بدء البناء ،كام أنه يشكل آلية من شأهنا أن
تبث يف نفوس املستهلكني الثقة واآلمان يف مدى مطابقة املرشوع ألحكام التعمري(.((4
ويثار التساؤل حول الفرضية التي تنعدم فيها رخصة رصحية بالبناء ،وهي ما يعرف برخصة
البناء الضمنية التي تنظمها املادة 48من قانون رقم 12-90املتعلق بالتعمري ،حيث تقيض بأنه:
«يف حالة سكوت رئيس املجلس اجلامعي تعترب رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين
من تاريخ ايداع طلب احلصول عليها».
يذهب البعض إىل أنه يف هذه احلالة« ،يتعني ذكر مراجع إيداع طلب رخصة البناء لدي
رئيس املجلس اجلامعي ترابيا حتى يتم التأكد من انرصام أجل الشهرين املنصوص عليه يف
املادة ،48وذلك كي ال تكون أشغال البناء مهددة باإليقاف الفوري أو باهلدم»(.((4
ويتعني أن يتضمن العقد االبتدائي بيانا يصف العقار حمل البيع من حيث حتديد موقعه
ومميزاته ،وما إذا كان عىل زاوية الطريق العام أم له حدود مغلقة ومشتمالته من حيث مرافقه
وجيب احلصول عىل رخصة البناء كذلك يف حالة إدخال تغيريات عىل املباين القائمة إذا كانت التغيريات املزمع إدخاهلا
عليها تتعلق بالعنارص املنصوص عليها يف الضوابط املعمول هبا».
وللوقوف عىل املنازعات التي يمكن أن ترتتب عىل رخصة البناء ،راجع- :حاتم الرحاوي :منازعات رخصة البناء،
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،جامعة حممد اخلامس أكدال ،كلية احلقوق أكدال ،الرباط.2003/2002 .
( )47راجع بخصوص جمموعة من التعاريف:
-حممد بوجيدة :رخصة البناء ،اجلزء األول ،الطبعة األوىل ،1998منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية و التنمية،
سلسلة دالئل التسيري ،ص.7.
-أرشف توفيق شمس الدين :رشح قانون توجيه و تنظيم أعامل البناء ،دار الطبع ،1996 ،ص .15
-عبد النارص توفيق العطار :ترشيعات تنظيم املباين ،مطبعة السعادة ،197ص.80 .
( )48عبد احلق صايف :م.س.ص.143،
( )49عبد احلفيظ مشاميش :بيع العقار يف طور اإلنجاز ،مطبعة النجاح اجلديدة ،الدار البيضاء ،2012 ،ص .110
-واجلدير باإلشارة أن مرشوع قانون التعمري رقم 30-07يتضمن مقتضيات هتدف إىل تبسيط اإلجراءات ،إذ تم تقليص
أجل تسليم رخصة البناء من شهرين إىل شهر واحد مع التخيل عن الرتخيص الضمني ،حيث إن سكوت رئيس املجلس
اجلامعي أو عند االقتضاء رئيس املقاطعة – حسب املادة 104من قانون التنظيم اجلامعي -يعد بمثابة رفض هلا ،عكس ما
هو وارد يف املادة 48من القانون رقم .12.90
28
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
األصلية والثانوية وتصنيفه إىل غري ذلك من األوصاف( ،((5وهو بيان تقرر لصالح مستهلك
العقار يف طور اإلنجاز حتى يستطيع أن يقف عىل التصور احلقيقي للبناء الذي سوف يتم
تشييده عىل هذا العقار.
د -ثمن البيع النهائي وكيفية أدائه :ويشكل هذا البيان ضامنا هاما ملستهلك العقار يف طور
اإلنجاز .وقد وصفه املرشع بالثمن النهائي أي املبلغ اإلمجايل غري القابل للتعديل الذي سوف
يدفعه املستهلك حسب اتفاق الطرفني .وهو ما يعني أن البائع ال يملك احلق يف املطالبة بأداء
أقساط زائدة عىل هذا الثمن النهائي( .((5وترتيبا عىل ذلك ال يمكن للبائع التمسك بالظروف
املستجدة بعد إبرام العقد ،للمطالبة بتعديل الثمن النهائي .وكأننا يف واقع األمر أمام حسم
ترشيعي بخصوص رفض تطبيق نظرية الظروف الطارئة يف هذا املضامر( ،((5فالبائع يتعاقد
عىل ضوء التكلفة احلقيقية للمرشوع وهامش الربح والظروف املحتملة التي من شأهنا الرفع
من التكلفة(.((5
ويوجب القانون أن يتضمن العقد االبتدائي كذلك كيفية أداء الثمن املتفق عليه .واألصل
فيه أن يؤدى عىل أقساط حسب مراحل تقدم أشغال البناء( ،((5كام سوف نرى الحقا.
29
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
هـ -أجل التسليم :ويرتب اإلخالل هبذا األجل مسؤولية البائع( ،((5ويتحدد أجل التسليم
عمليا بعد االنتهاء من إنجاز العقار ،بل إن هذا األخري ال يعترب منجزا ولو تم االنتهاء من بنائه،
إال بعد احلصول عىل رخصة السكنى أو شهادة املطابقة(.((5
و -مراجع الضامنة البنكية :أو أي ضامنة أخرى أو التأمني عند االقتضاء ،وذلك حتى يسهل
عىل مستهلك العقار يف طور اإلنجاز ،يف حالة إخالل البائع بالتزامه بتنفيذ العقد ،الرجوع إىل
هذه املراجع من أجل املطالبة باسرتجاع األقساط التي دفعها(.((5
ويثار التساؤل حول اجلزاء الواجب إعامله بخصوص ختلف بيان من البيانات اإللزامية
التي نص عليها املرشع يف الفصل 3-618أعاله؟
جيمع الفقه عىل أنه يتعني التمييز بني البيانات اجلوهرية التي تشكل أركانا يف العقد كهوية
األطراف وحمل العقد ،والثمن ،حيث يرتتب عىل إغفاهلا البطالن املطلق ،وبني البيانات غري
اجلوهرية التي ال تشكل أركانا يف العقد بحيث ال يرتتب ،عىل عدم إدراجها يف العقد االبتدائي،
البطالن ( ،((5وإنام يعود للمشرتى املستهلك احلق يف املطالبة بإبطال العقد يف حالة ما إذا كان
غياب البيان قد أثر عىل رضاه ،وما كان ليربم العقد أو عىل األقل ما كان ليربمه بنفس الرشوط
لو احرتم البائع التزامه باإلعالم ،بحيث يكيف سكوت هذا األخري بالتدليس إذا توافرت باقي
الرشوط املنصوص عليها قانونا ،كأن يكون العقار مثقال بارتفاقات حتد من االنتفاع به عىل
الشكل املطلوب(.((5
ويف ختام هذه الفقرة ،نشري إىل أن املرشع استلزم أن يرفق العقد االبتدائي بنسخ مطابقة
ألصلها التي تتعلق بالتصاميم املعامرية ،وتصاميم اإلسمنت املسلح ،ونسخة من دفرت
التحمالت ،باإلضافة إىل شهادة مسلمة من لدن املهندس املختص تثبت االنتهاء من أشغال
األساسات األرضية للعقار ،ولعل استلزام تقديم هذه الشهادة األخرية من لدن املهندس
تشكل يف نظرنا نوعا من الرقابة القبلية عىل التطبيق السليم لألحكام املنظمة لبيع العقار يف طور
اإلنجاز ،وخاصة الفصل 5-618من ق.ا.ع .الذي يقيض بأنه ال يمكن إبرام العقد االبتدائي
إال بعد االنتهاء من أشغال األساسات عىل مستوى الطابق األريض .مما يكسب املستهلك ثقة
كربى يف جدية املرشوع.
30
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
- 2دفرت التحمالت:
ينص الفصل 4-618ق.ا.ع عىل أنه« :جيب عىل البائع أن يضع دفرتا للتحمالت يتعلق
بالبناء ويتضمن مكونات املرشوع وما أعد له ونوع اخلدمات والتجهيزات التي يتوجب
إنجازها وأجل اإلنجاز والتسليم .يوقع البائع واملشرتي عىل دفرت التحمالت وتسلم نسخة
للمشرتي مشهود بمطابقتها ألصلها وبصحة إمضائه عليها .إذا كان العقار حمفظا تودع نسخ
من هذا الدفرت ومن التصاميم املعامرية بدون تغيري وتصاميم اإلسمنت املسلح ومن نظام امللكية
املشرتكة عند االقتضاء باملحافظة عىل األمالك العقارية .وإذا كان العقار غري حمفظ تسجل
هذه النسخ بسجل خاص وتودع بكتابة الضبط لدى املحكمة االبتدائية التي يوجد بدائرهتا
العقار».
وقد عرف األستاذ جياليل بوحبص ،دفرت التحمالت بأنه« :وثيقة قانونية ذات طبيعة
مزدوجة تعاقدية ونظامية ترتب آثارا بالنسبة لألطراف سواء كانوا أشخاص القانون اخلاص
أو أشخاص القانون العام »(.((6
وتنتقد األستاذة املحرتمة وفاء جوهر هذا التعريف ،معتربة أن دفرت التحمالت ال جيسد
الطابع التعاقدي لكونه ال يشكل نقطة التقاء بني اجياب البائع وقبول املشرتي ،بل ال يعدو أن
يكون وثيقة تم إعدادها من قبل البائع تتضمن بيان مكونات املرشوع الذي يرسي عىل مجيع
املشرتين(.((6
وبالرغم من صحة هذا الرأي يف جزئه املتعلق بإعداد هذا الدفرت ،فإننا نرى أنه يتعني
التمييز بني وضعني خمتلفني:
ففي عالقة البائع باملستهلك ،يتم إعداد دفرت التحمالت ،باإلرادة املنفردة للبائع ،ولكنه
يأخذ طابعا تعاقديا عندما يوقع عليه البائع واملستهلك ،وتسلم نسخة منه هلذا األخري مشهود
بمطابقتها ألصلها وبصحة إمضائه عليها( .((6إذ هبذا التوقيع يقرتن اإلجياب املقدم من جانب
البائع بالقبول الصادر من املستهلك ،ويصبح مضمون وفحوى دفرت التحمالت ملزما للطرفني،
فإذا أخل البائع بأحد التعهدات املضمنة فيه ،حتققت مسؤوليته العقدية .كام أن املستهلك ال
يمكنه أن يطالب البائع بإنجاز العقار أو تسليمه قبل األجل املحدد يف دفرت التحمالت الذي
سبق أن وافق عليه عن طريق التوقيع.
( )60جياليل بوحبص :اإلشكاالت القانونية املتعلقة ببيع العقارات يف طور اإلنجاز ،جملة البحوث ،العدد ،7ص .50
-وقد استشهد األستاذ الفاضل يف موضع آخر هبذا الطابع التعاقدي لدفرت التحمالت بكون الوزارة املكلفة باإلسكان
تبنت هذا الطابع ،من خالل املناقشات التي دارت أمام جملس املستشارين.
-جياليل بوحبص :مقاالت يف القانون العقاري وقانون البناء ،دار القلم للنرش والتوزيع ،الرباط ،2006ص .68
( )61وفاء جوهر :م.س ،ص ،74هامش .2
( )62عبدا حلق صايف :م.س ،ص 154وما يليها.
31
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
أما يف عالقة البائع باملقاول املكلف بتنفيذ املرشوع ،فاألصل يف دفرت التحمالت أنه ذو
طابع تعاقدي وإن كانت له جوانب تقنية ،إذ الفرض أن مكونات املرشوع والتجهيزات ونوع
اخلدمات ترتبط بمسائل تقنية وتنظيمية ،وهي التي تتحكم يف حتديد أجل اإلنجاز وتاريخ
التسليم .وال يمكن أن ينفرد بتحديدها طرف دون آخر .وكأننا هبذا الوضع نكون أمام دفرت
التحمالت يتضمن التزامات املقاول جتاه البائع من جهة ،وتعهدات هذا األخري جتاه املستهلك
من جهة أخرى.
وجيسد وضع دفرت التحمالت من جانب البائع ،التنفيذ احلقيقي لاللتزام باإلعالم الذي
يتحمل به .لذلك يتعني أن يتضمن مجيع البيانات املتعلقة بمكونات العقار املزمع إنجازه،
كعدد الغرف وأصنافها ومساحتها ونوع اخلدمات والتجهيزات التي سوف حيتوي عليها
كالنوافذ واألبواب واملصعد واملرأب .ويتعني أيضا ذكر نوع السلع املستخدمة يف البناء وعدد
الطبقات التي سوف تتحملها األساسات األرضية ،وما إذا كان العقار سوف يتم إنجازه يف
منطقة صناعية أو سكنية ودرجة الرفاهية...إلخ.
وجيب أن تودع نسخة من هذا الدفرت ،ومن التصاميم املعامرية بدون تغيري ،وتصاميم
اإلسمنت املسلح ،ومن نظام امللكية املشرتكة عند االقتضاء( ،((6باملحافظة عىل األمالك
العقارية إذا كان العقار حمفظا .وتسجل هذه النسخ يف سجل خاص وتودع بكتابة الضبط لدى
املحكمة االبتدائية التي يوجد بدائرهتا العقار ،إذا كان هذا األخري غري حمفظا .إال أن املالحظ
هو أن املرشع استثنى العقد االبتدائي من هذا التقييد لدى املحافظة العقارية أو ذلك اإليداع
لدى كتابة الضبط بالرغم من كونه يشكل الوثيقة األصلية واألساسية يف هذه املضامر(.((6
ونعتقد أن السبب يكمن يف كون العقد االبتدائي ال يرتب إال حقا شخصيا ال خيضع للتقييد
يف السجل العقاري .كام أن أغلب البيانات التي يتضمنها هذا العقد هى بيانات مؤقتة تنتهي
أمهيتها بإنجاز العقار ،كرخصة البناء ،ومراجع الضامنات مثال .يف حني تشكل مرفقات العقد
االبتدائي ،من دفرت التحمالت والتصاميم املعامرية وتصاميم اإلسمنت املسلح ونظام امللكية
املشرتكة ،األساس الذي سوف يبنى عليه احلق العيني ،الذي يرسي أثره بني األطراف ويف
مواجهة الغري ،فيكون من الرضوري تقييدها لدى املحافظة العقارية أو إيداعها بكتابة الضبط
لدى املحكمة االبتدائية.
( )63يقول األستاذ عبد احلق الصايف وهو بصدد حتديد أمهية هذه املرفقات« :فعىل املستوى النظري تتمثل أمهية املعلومات التي
تتضمنها املرفقات السالفة إىل احلد مبدئيا من خطر إبطال البيع االبتدائي باالستناد إىل عيوب الرضا وخصوصا التدليس،
حيث يتعذر عىل املقبل عىل الرشاء إثارة تكتم املنعش بخصوص حمتويات البناء ومميزاته املعامرية .لكن يشذ عن املبدأ
السالف حالة ختلف هذه الوثائق املرفقة أو قصورها عن تقديم معلومات كافية بخصوص وجهة الغرف أو موضعها...
بحيث يفاجأ املشرتي يف هناية املطاف بأنه مل يزود بمعلومات كافية أو أعلم بطريقة غري صحيحة بخصوص مميزات العقار
املبيع ،من ثم ال مانع من إثارة إبطال العقد سيام باالستناد إىل الغلط أو التدليس عند حتقق الرشوط املطلوبة».
م.س .ص.152 ،
( )64جياليل بوحبص :مقاالت يف القانون العقاري وقانون البناء.م.س.ص.68 ،
32
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
ويفرض هذا الدفرت أن ينجز البائع العقار حسب الرشوط واملواصفات التقنية التي تعهد
بتنفيذها ،فاألمر ال يتعلق فقط بإنجاز عقار أو الوصول يف هذا اإلنجاز إىل الغاية املرجوة فيام
أعد له العقار ،بل يتعدى التعهد إىل حتقيق النتيجة املطابقة للمواصفات والتجهيزات املضمنة
يف دفرت التحمالت.
ونشري يف اخلتام إىل أن املرشع مل يرتب أي جزاءات مدنية أو جنائية تسعف يف التنفيذ السليم
هلذا املقتىض ،مما قد يؤثر سلبا عىل احلامية املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز.
الفقرة الثانية :الضامنات املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز بالنسبة للثمن
كرس املرشع من خالل الفصل 3-618من ق.ا.ع الطابع النهائي لتعيني الثمن ،ويؤدي
هذا األخري عىل شكل أقساط ،بل إن طابع التقسيط هو الصورة الواقعية التي تتالءم مع هذا
النوع من البيوع .وقد حاول املرشع أن يضفي محاية أكرب عىل مستهلك العقار يف طور اإلنجاز
بالنسبة للثمن املؤدى عىل شكل أقساط وتتجىل هذه احلامية فيام ييل:
أوال :احلامية القبلية بالنسبة ألداء األقساط
يقيض الفصل 8-618من ق.ا.ع بام ييل« :يعد باطال كل طلب أو قبول ألي أداء كيفام كان
قبل التوقيع عىل عقد البيع االبتدائي».
وترتيبا عىل ذلك ،يعترب إبرام العقد االبتدائي املنطلق الوحيد يف التزام املستهلك بالوفاء
باألقساط ودفعات الثمن( .((6كام يالحظ أن املرشع مل يقرص جزاء البطالن عىل طلبات األداء
املقدمة من جانب البائع ،وهذا هو األصل ،بل مدده إىل قبول األداء املقدم من جانب املشرتي
أي مستهلك العقار يف طور اإلنجاز ،حيث استعمل املرشع تعبري «يعد باطال كل طلب أو
قبول .»...وهي صيغة تغطي كل فرضيات األداء املسبق قبل توقيع العقد االبتدائي ،سواء
كان طلب أداء األقساط قد ُق ِدم مبارشة من جانب البائع ،أو كان األداء قد ُع ِرض من جانب
املستهلك الذي قد يبادر من تلقاء نفسه أو حتت تأثري اإلغراءات إىل عرض األداء يف سبيل
احلصول عىل مزايا ومنافع إضافية ،كاختيار الطبقة التي ينوي رشاء الشقة فيها ،أو األفضلية
يف انتقاء الشقة ،أو األولوية يف التسليم ولو قبل االنتهاء الكامل من املرشوع .وقد أحسن
املرشع صنعا بإدراجه صياغة قانونية دقيقة وحمكمة تفاديا للتفسريات املحتملة التي قد تشوش
عىل ذهن القايض أو املحامي أو الباحث ،حيث اعترب البطالن ينرصف إىل كل طلب لألداء
من جانب البائع وكل قبول هلذا األداء من جانب هذا األخري .هذا األداء األخري يعترب إجيابا
صحيحا من جانب املستهلك ،لكنه سوف يظل حيمل هذا الوصف ألن القبول املفرتض الذي
سوف يقرتن به سيكون باطال طبقا للفصل أعاله .وبذلك يكون املرشع هبذا احلكم قد واجه
33
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
فرضية ادعاء البائع بأن املستهلك رغب عن حرية واختيار يف أداء قسط معني قبل التوقيع عىل
العقد االبتدائي.
ولعل احلكمة من تقرير هذا البطالن تكمن يف محاية مستهلك العقار يف طور اإلنجاز من
املخاطر الناجتة عن استعامل تلك األداءات يف غري األهداف التي رصدت هلا ،ناهيك أن فتح
الباب أمام األداء املسبق من شأنه أن يشجع عىل النصب واالحتيال( .((6ورغم جزاء البطالن
الذي أورده املرشع يف الفصل أعاله ،فإن احلامية املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز تظل
هشة ودون املستوى املطلوب ،ألن املرشع مل يقرن اجلزاء املدين بجزاء جنائي بشأن املخل هبذا
االلتزام(.((6
ثانيا :احلامية املرتبطة بأداء األقساط تبعا لتقدم األشغال
جاء يف الفصل 6-618من ق.ا.ع ما ييل:
«يؤدي املشرتي قسطا من الثمن تبعا لتقدم األشغال ما مل يتفق األطراف عىل خالف ذلك
حسب املراحل التالية:
-انتهاء األشغال املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض (السفيل)،
-انتهاء األشغال الكربى ملجموع العقار،
-انتهاء األشغال النهائية».
ويقصد باألشغال املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض (السفيل) ،تلك
األشغال التي تتعلق بالدعائم والركائز وأساسات البناء الذي سوف يتم إنجازه عليها،
كاألرضية اإلسمنتية والدعائم الكربى املصنوعة من اإلسمنت املسلح ،التي تتشكل عىل
مستوى الطابق السفيل سواء كان هذا الطابق حتت األرض أو عىل مستوى األرض.
والشك أن ربط أداء قسط من الثمن باالنتهاء من األشغال املتعلقة باألساسات عىل
مستوى الطابق األريض قد يكون له بعض األثر اإلجيايب عىل نفسية املستهلك للعقار يف طور
اإلنجاز ،إذ قد تتقوى ثقته بجدية املرشوع ويتبدد عنده هاجس اخلوف من فقد أمواله التي
ادخرها سنوات طوال ،كام أنه يمنح مصداقية نسبية يف االلتزامات التي حتمل هبا البائع من
خالل دفرت التحمالت.
أما بخصوص األشغال الكربى ملجموع العقار ،فقد ذهب بعض الفقه الفرنيس إىل أن
األشغال الكربى تتحقق عندما يصبح البناء حمصنا من مياه املطر .وباملقابل ،تفرض األشغال
34
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
النهائية أن يكون البناء حمصنا من اهلواء ومياه املطر( .((6وهو فرض لن يتحقق عمليا إال بعد
االنتهاء من مجيع العمليات التي جتعل العقار مهيأ الستعامله بحسب الغرض الذي أعد له،
أي بعد تبليطه وتركيب األبواب والنوافذ وتزويده بالكهرباء واملاء وطالئه .غري أن املرشع
الفرنيس ،وتفاديا لكل خالف يف هذا الصدد ،سعى إىل اعتامد معيار مرتبط بتقدم مراحل البناء
بنسب معينة(.((6
ولعل املرشع املغريب كان أكثر دقة حينام اعترب من خالل الفصل 15-618من ق.ا.ع ،أن
العقار املبيع ال يعد منجزا ولو بعد االنتهاء من بنائه إال بعد احلصول عىل رخصة السكنى أو
شهادة املطابقة وعند االقتضاء بتقديم البائع للمشرتي شهادة تثبت أن العقار مطابق لدفرت
التحمالت إذا طلب املشرتي ذلك .إذ هبذا املسلك يكون املرشع قد تبنى سياسة ارشاك الغري
يف مراقبة تنفيذ البائع اللتزاماته طبقا لدفرت التحمالت ،مما قد يزرع الطمأنينة يف نفس املستهلك
ويدفع البائع إىل بذل املجهود يف تنفيذ التزاماته ،ألنه مراقب من قبل من له احلق يف تقديم
رخصة السكنى أو شهادة املطابقة.
ويسمح أداء الثمن عىل دفعات للمستهلك -تبعا لتقدم األشغال -باحلصول عىل ملكية
العقار بأداء ثمنه مقسطا ،وهو وضع يناسب كثريا وضعية املستهلكني أصحاب الدخل
املحدود .ويسمح يف نفس الوقت للمنعش العقاري بترصيف منتوجه بكيفية سلسة بام يتفق
مع ميزانية املستهلك.
35
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
وكان بإمكان الباحث أن يبارك موقف املرشع هذا عىل اقراره محاية حقيقية ملستهلك العقار
يف طور اإلنجاز من خالل الفصل 6-618من ق.ا.ع أعاله ،غري أنه بإدراجه مقتىض يف نفس
الفصل ،يسمح من خالله لألطراف املتعاقدة بإمكانية االتفاق عىل ما خيالف الضوابط املشار
إليها سابقا ،يكون – أي املرشع -قد علق تطبيق هذا الفصل وأفرغه من حمتواه .وذلك باعتبار
أن مستهلك العقار يف طور اإلنجاز هو طرف ضعيف يف العالقة التعاقدية ،يرغب يف احلصول
عىل مسكن ُي ْؤ ِويه هو وأرسته بام يتامشى مع وضعيته املالية ،يف حني يرى املنعش العقاري أن
إدراج مثل هذه الضوابط وربط حتققها بأداء تلك األقساط من شأنه أن حيرمه من التمويل
الالزم الذي حيتاجه إلنجاز تلك األشغال(.((7
ثالثا :الضامنات املتعلقة باسرتجاع األقساط
من الضامنات التي قررها املرشع لصالح مستهلك العقار يف طور اإلنجاز ،ما نص عليه
الفصل 9-618من ق.ا.ع ،الذي يقيض بام ييل« :عىل البائع أن يقيم لفائدة املشرتي ضامنة
بنكية أو أية ضامنة أخرى مماثلة وعند االقتضاء تأمينا ،وذلك لتمكني املشرتي من اسرتجاع
األقساط عند عدم تطبيق العقد.ينتهي أجل هذه الضامنة بمجرد إبرام عقد البيع النهائي أو
تقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار حمفظا».
وتكمن احلكمة من إلزام البائع هبذه الضامنة ،يف كوهنا تواجه فرضية عجز هذا األخري عن
إرجاع أقساط الثمن إىل املشرتي يف حالة ما إذا أخل بتنفيذ التزامه املتمثل يف إنجاز العقار.
وحاالت اإلخالل ترجع إىل أسباب متعددة كوفاة البائع وعدم امتام إنجاز العقار من قبل
الورثة ،أو يف حالة فقدان أهليته أو سحب رخصة البناء من طرف السلطة املختصة أو يف حالة
النصب واالحتيال إىل غري ذلك من األسباب التي ال تعد وال حتىص.
وتتعدد الضامنات وتتنوع بحسب طبيعتها ،ويشرتط فيها أن هتدف إىل متكني املشرتي من
اسرتجاع األقساط التي دفعها يف حالة عدم تنفيذ البائع اللتزاماته ،ومن أهم صور الضامن
( )70الحظ أن املرشع الفرنيس ذهب إىل حد فرض جزاء جنائي عىل كل شخص قبل أو تلقى قسطا أو أكثر من الدفعات أو
الودائع واألوراق التجارية بمناسبة تطبيق القانون املتعلق ببيع العقار يف طور اإلنجاز .وذلك من خالل املادة 1-L241
و املادة 2-L241من قانون البناء واإلسكان :
- Article L241-1: «Toute personne qui aura exigé ou accepté un versement, un dépôt de fonds, une
souscription ou une acceptation d’effets de commerce en violation des dispositions des articles
L.212-10, L. 212-11, L. 213-9, L. 222-5 et du paragraphe II de l’article l. 231-4 sera punie d’un
emprisonnement de deux ans et d’une amende de 9000 euros ou de l’une de ces deux peines
seulement».
- Article L241-2: «Toute personne qui, ayant reçu ou accepté un ou plusieurs versements,
dépôts, souscriptions d’effets de commerce, à l’occasion d’un contrat de société ou de promotion
immobilière soumis aux dispositions des titres Ier et II du présent livre, aura détourné tout ou
partie de ces sommes sera punie des peines de l’abus de confiance prévues par lesartyicles 314-1
et 314-10 du code pénal».
36
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
البنكي الكفالة البنكية( ،((7وهي ضم ذمة الكفيل (البنك يف جمالنا هذا) إىل ذمة املدين (البائع)
يف الدين املكفول (أقساط الثمن) .وتعترب الكفالة البنكية الضامنة األكثر انتشارا مقارنة مع
باقي الضامنات األخرى( .((7واملالحظ أن املرشع مل حيرص نطاق الضامن يف الضامنات البنكية
وإنام سمح للبائع بإمكانية إنشاء أي ضامنة مماثلة( ،((7بمعنى أن تكون هلذه الضامنة املامثلة نفس
( )71وقد عرف املرشع الكفالة يف الفصل 1117من ق.ا.ع كام ييل:
«الكفالة عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام املدين ،إذا مل يؤده هذا األخري نفسه».
ويقابل هذا يف القانون الفرنيس املادة 2288من القانون املدين ،حيث تنص عىل ما ييل:
«Celui qui se rend caution d'une obligation se soumet envers le créancier à satisfaire à cette
obligation, si le débiteur n'y satisfait pas lui-même».
وألخذ فكرة عن املوضوع يف القانون املغريب ،راجع:
-حنان درويش :الكفالة البنكية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،جامعة احلسن الثاين عني الشق ،كلية
احلقوق ،الدار البيضاء .1999-1998
-نجاة برضاين :االئتامن املرصيف بطريق التوقيع ،أطروحة لنيل الدكتوراه ،كلية عني شمس ،القاهرة ،1987ص 273
وما يليها.
- Tahar Daoudi: Cautionnement bancaire. impr el Maârif el jadida. Rabat.2002.
وبالنسبة للقانون الفرنيس:
- A. Cerles: Cautionnement et banque . La Revue Banque; Édition. 31 janvier 2008.
- J.P. Wattiez: Le cautionnement bancaire. Revue internationale de Droit comparé. Vol.
.17.n° 1.Janvier-Mars 1965 . p.304.
( )72وحسب املادة 3من القانون رقم 34.03املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليئات املعتربة يف حكمها ،فإن الكفالة تعترب من
عمليات االئتامن ،حيث جاء فيها ما ييل:
«يعترب عملية ائتامن كل ترصف ،بعوض ،يقوم بمقتضاه شخص من األشخاص:
-بوضع أموال أو االلتزام بوضعها رهن ترصف شخص آخر يكون ملزما بإرجاعها؛
-أو االلتزام ملصلحة شخص آخر ،عن طريق التوقيع ،يف شكل ضامن احتياطي أو كفالة أو أي ضامن آخر.
تعترب يف حكم عمليات االئتامن:
-عملية االئتامن اإلجياري واإلجيار التي يكون فيها للمستأجر خيار رشاء العني املؤجرة والعمليات املعتربة يف حكمها؛
-عمليات رشاء الفاتورات؛
-عمليات البيع االسرتدادي فيام يتعلق باألوراق والقيم املنقولة وعمليات االستحفاظ كام هو منصوص عليها يف
الترشيع اجلاري به العمل».
( )73كالرهن احليازي .والرهن الرسمي مثال .وحسب القصل 1170من ق.ا.ع :
«الرهن احليازي عقد بمقتضاه خيصص املدين أو أحد من الغري يعمل ملصلحته شيئا منقوال أو عقاريا أو حقا معنويا،
لضامن االلتزام .وهو يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هذا اليشء باألسبقية عىل مجيع الدائنني اآلخرين ،إذا مل يف له به
املدين».
وتنص املادة 145من مدونة احلقوق العينية عىل أن:
«الرهن احليازي حق عيني يتقرر عىل ملك يعطيه املدين او كفيله العيني إىل الدائن املرهتن لضامن الوفاء بدبن وخيول
الدائن املرهتن حق حيازة املرهون وحق حبسه إىل أن يستويف دينه.
ترسي عىل الرهن احليازي أحكام الرهن الرسمي إذا تعلق بملك حمفظ».
ويسمى الرهن احليازي يف الترشيع الفرنيس Nantissementفإذا ورد عىل عقار يسمى Antichrèseوإذا ورد عىل
منقول يسمى ،Gageحيث تنص املادة 7220من القانون املدين الفرنيس ،عىل ماييل:
37
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
النتيجة التي للضامنات البنكية ،وإن كانت ختتلف عن هذه األخرية من حيث الطبيعة(.((7
كام يمكن للبائع أن يربم عقد تأمني ملصلحة املستهلك ضد املخاطر التي قد هتدد العقار يف
طور اإلنجاز كالتأمني عىل الكوارث الطبيعية أو احلرائق أو ضد العجز عن الوفاء بالتزاماته..
الخ(.((7
«Le Nantissement d’une chose mobilière s’appelle gage, celui d’une chose immobilière s’appelle
» antichrèse
-وقد حاول األستاذ املحرتم عبداحلق صايف االستناد إىل الفصل 1174من ق.ا.ع الستخالص أن العقار يف طور اإلنجاز
يمكن أن يكون حمال للرهن احليازي كضامنة مقدمة للمشرتي املستهلك ،حيث ينص هذا الفصل عىل ماييل« :كل ما جيوز
بيعه بيعا صحيحا جيوز رهنه .ومع ذلك يقع صحيحا رهن اليشء املستقبل أو غري املحقق أو الذي مل تقع حيازته بعد.
ولكن هذا الرهن ،ال خيول الدائن إال احلق يف أن يطلب تسلم األشياء حمل العقد حينام يصبح تسليمها ممكنا ».
-ونرى -حسب ما يقوم لدينا من اعتقاد -أن املقصود بالعقار كمحل للرهن احليازي يف موضوعنا هذا ليس العقار
موضوع عقد بيع العقار يف طور اإلنجاز ،إذ الفرض أن الرهن احليازي ينقل احليازة إىل الدائن ( املشرتي املستهلك)
،فكيف يمكن للبائع تنفيذ التزامه بإنجاز العقار واحلال أن العقار مرهون حيازة لدى املستهلك؟ وباملقابل ال يشء يمنع
البائع من تقديم رهن حيازي عىل منقول أو عقار آخر غري العقار موضوع عقد بيع العقار يف طور االنجاز .أما الفصل
1174فال يرتب إال حقا شخصيا خيول الدائن احلق يف أن يطلب تسلم األشياء حمل العقد حينام يصبح تسليمها ممكنا
وذلك برصيح النص نفسه ،يف حني يعترب الرهن احليازي ضامنة عينية إذا ورد عىل عقار ،هذا من جهة ،ومن جهة ثانية،
إذا قبلنا هبذا الرهن احليازي بخصوص العقار غري املحفظ ،فإن فرضية تطبيقه عىل العقار املحفظ تبدو مستبعدة ،ألن
احليازة ال ترتب أي أثر بالنسبة العقارات املحفظة التي يعتمد فيها انتقال احلق العيني أو تعديله أو انقضائه عىل نظام القيد
يف السجل العقاري .ومن جهة ثالثة ،فقد ذهب املرشع من خالل املادة 154من مدونة احلقوق العينية إىل تقرير حقيقة
ختالف ما نص عليه الفصل 1170من ق.ا.ع بالنسبة للحقوق العينية ،فقد قضت هذه املادة بام ييل« :ال جيوز رهن األمالك
التي قد حيصل عليها استقباال».
وال تثريب عىل األستاذ الفاضل بخصوص حتليله للفصل 1170أعاله بحكم أن هذا التحليل ضمن يف كتابه الصادر قبل
صدور مدونة احلقوق العينية.
-عبد احلق صايف :م.س.ص 214،ومايليها.
وللتوسع أكثر حول أحكام الرهن احليازي يف القانون املغريب ،راجع:
-عمر النافعي :التزامات الدائن املرهتن رهن حيازة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا يف القانون اخلاص ،نوقشت
بجامعة حممد اخلامس ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتامعية ،الرباط ،السنة اجلامعية .1982
أما الرهن الرسمي فقد عرفت املادة 165من مدونة احلقوق العينية كالتايل« :الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر عىل
ملك حمفظ أو يف طور التحفيظ وخيصص لضامن أداء دين».
-وللوقوف عىل ماهية الرهن الرسمي واالثار املرتتبة عليه ،راجع:
-عبد الواحد شعري :إشكالية الرهن العقاري الرسمي كضامن بنكي يف ضوء الترشيع املغريب بني النظرية والتطبيق»
ص ،53أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون اخلاص حتت إرشاف حممد خريي ،نوقشت بكلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتامعية بالدار البيضاء ،جامعة احلسن الثاين ،السنة اجلامعية .1995
-مصطفى جدوع كريم السعد :أثر الرهن الرسمي بالنسبة للدائن املرهتن وللغري احلائز ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات
املعمقة يف القانون اخلاص ،نوقشت جامعة حممد اخلامس بالرباط السنة اجلامعية.1986 .
( )74عبداحلق صايف .م.س.ص 214،ومايليها.
( )75راجع حول أمهية هذه الضامنات وأسباهبا:
-عيل الرام :بيع العقار يف طور البناء عىل ضوء أحكام القانون املغريب ،أطروحة دكتوراه ،جامعة حممد األول ,كلية احلقوق
بوجدة السنة اجلامعية ،2005/2004ص.130
38
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
واجلدير باإلشارة أن املرشع حدد نطاق هذه الضامنات يف ضامن حق املستهلك يف اسرتجاع
أقساط الثمن .ومن ثم ،خيرج من هذا النطاق غرامات التأخري التي قد حيكم هبا عىل البائع يف
حالة عدم إنجاز العقار يف األجل املتفق عليه ،واملحددة يف واحد يف املائة ( )٪1يف الشهر دون
أن تتجاوز عرشة يف املائة ( )٪10يف السنة( .((7كام خيرج من هذا النطاق أيضا التعويضات التي
قد حيكم هبا عىل البائع يف حالة فسخ عقد البيع واملحددة يف عرشة يف املائة ( )٪10من ثمن
البيع( ،((7وكذا كل تعويض قضائي أو اتفاقي( .((7وترتيبا عىل ذلك ،تغطي الضامنات املقدمة
من جانب البائع أقساط الثمن املدفوعة .غري أن هذا ال يمنع البائع من إقامة ضامنات أخرى،
بنكية أو غري بنكية أو تأمينا لصالح املستهلك ألداء التعويضات االتفاقية املفروضة عىل البائع
يف حاالت اإلخالل املتفق عليها أو غرامات التأخري أو تعويضات الفسخ.
ومما يسرتعي االنتباه ،أن املرشع أشار من خالل الفصل 9-618من ق.ا.ع إىل أن اهلدف من
تلك الضامنات هو متكني مستهلك العقار يف طور اإلنجاز من اسرتجاع األقساط املدفوعة« :يف
حالة عدم تطبيق العقد » ،وهو تعبري وإن بدا غري مألوف يف الصياغة القانونية التي يستعملها
املرشع عادة ،إال أنه تعبري جيب أن يؤخذ عىل إطالقه ،استنادا إىل ما هو مقرر يف القواعد األصولية
يف تفسري النصوص التي تقيض بأن النص العام يؤخذ عىل عمومه حتى يرد ما خيصصه .وترتيبا
عىل ذلك ،يمكن القول ،إن املعنى ينرصف إىل كل حاالت اإلخالل بتنفيذ االلتزام الذي يتحمل
به البائع يف مواجهة املستهلك واملرتبط بإنجاز العقار طبقا للرشوط املتفق عليها وللمواصفات
املقننة يف دفرت التحمالت ،وسواء كان هذا اإلخالل كليا أو جزئيا ،كام يشمل مجيع احلاالت
التي مل يعد فيها للعقد وجود بسبب إبطاله أو بطالنه( ،((7كأن يتضح أن البائع كان وقت ابرام
العقد االبتدائي فاقدا لألهلية أو عديمها .غري أنه يشرتط يف هذه احلالة أن ال يكون العقد الذي
أسس للضامنة البنكية أو عقد التأمني باطال أو قابال لإلبطال وتقرر إبطاله .ألن البطالن املطلق
أو النسبي ال يمكن أن يرتب أي أثر باستثناء اسرتداد ما دفع بغري حق تنفيذا للعقد( ،((8وهو
اسرتداد أساسه القانون وغري مضمون بالضامنات البنكية أو غريها.
وقد ذيل املرشع الفصل 9-618أعاله بمقتىض يتعلق بأجل انتهاء هذه الضامنة ،حيث نص
عىل أهنا تنتهي بمجرد إبرام عقد البيع النهائي ،وهو وصف خيتص به العقار غري املحفظ دون
العقار املحفظ الذي ال ينتهى أجل الضامنة بشأنه إال بتقييده بالسجل العقاري.
39
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
والالفت لالنتباه ،أن املرشع استثنى من أحكام الفصل 9-618أعاله ،املؤسسات العمومية
والرشكات التي يعود جمموع رأسامهلا للدولة أو ألي شخص معنوي آخر خاضع للقانون
العام( ،((8وكأن هذه املؤسسات العمومية ومن يف حكمها حممولة يف تعامالهتا عىل الثقة
وج ٍّبلت عىل التنفيذ املحكم إللتزاماهتا ،فالواقع العميل يؤكد غري ما مرة أن الويالت
املطلقةُ ،
ال تأيت إال من املؤسسات العمومية ومن يف حكمها ،واملكلفة بإنجاز العقارات بكيفية مبارشة
أو غري مبارشة ،سواء عىل مستوى إنجاز العقار الذي قد يستغرق سنوات عدة أو عىل مستوى
خمالفة األحكام املتعلقة بالعمران ،ال فيام خيص زيادة عدد الطوابق عىل القدر املسموح به وال
من حيث الغش يف مواد البناء .كام أن مسلك املرشع هذا فيه إقصاء ملبدإ املساواة الذي يتعني أن
يسود بني خمتلف املتدخلني يف جمال بناء العقارات( .((8ونعتقد أنه كان من املفروض يف املرشع
أن يلجأ إىل خلق صندوق للضامنات تنخرط فيه مثل هذه املؤسسات العمومية والرشكات التي
يعود جمموع رأسامهلا للدولة ،وتكون مهمته إدارية ومالية ،فمن جهة يراقب مجيع مراحل البناء
الذي يقوم بإنجازه املنعش العقاري العمومي ومن جهة أخرى يكون ضامنا إلرجاع األقساط
التي دفعها املستهلك يف حالة عدم تنفيذ العقد.
الفقرة الثالثة :الضامنات اخلاصة املقررة حلامية مستهلك العقار يف طور اإلنجاز
ال خيول العقد االبتدائي للمشرتي من حيث األصل ،إال حقا شخصيا وال تثبت له
بموجب ذلك إال دعوى شخصية بفسخ العقد واملطالبة بالتعويض يف مواجهة البائع إذا أخل
هذا األخري بالتزامه يف إنجاز العقار ،ومن ثم ال يملك املستهلك أي حق عيني يمكن أن حيتج
به يف مواجهة الكافة قبل إبرام عقد البيع النهائي أو تقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار
حمفظا .وتبعا لذلك ،أعطى املرشع للمستهلك إمكانية تقييد العقد االبتدائي تقييدا احتياطيا
وذلك للحفاظ املؤقت عىل حقوقه إذا كان العقار حمفظا .كام سمح للمستهلك بالتخيل أو
التنازل عن حقوقه والتزاماته املرتتبة عن العقد االبتدائي للغري .غري أن التساؤل يبقى مطروحا
حول ما إذا كان البائع يضمن عيوب البناء يف إطار الضامن العرشي الذي يتحمل به املقاول
واملهندس املعامري ومن يف حكمهام أم يف إطار ضامن البائع للعيوب اخلفية؟
أوال :التقييد االحتياطي للعقد االبتدائي
تفاديا ملخاطر حرمان مستهلك العقار يف طور اإلنجاز من حقوقه يف املستقبل ،أوجد
املرشع تقنية قانونية تساهم يف احلفاظ املؤقت عىل حقوقه ضمنها يف الفصل 10-618من
ق.ا.ع ،الذي جاء فيه ما ييل« :يمكن للمشرتي بموافقة البائع إذا كان العقار حمفظا أن يطلب
من املحافظ عىل األمالك العقارية إجراء تقييد احتياطي بناء عىل عقد البيع االبتدائي وذلك
للحفاظ املؤقت عىل حقوقه .يبقى التقييد االحتياطي ساري املفعول إىل غاية تقييد عقد البيع
40
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
النهائي بالرسم العقاري اخلاص باملبيع .بمجرد إجراء التقييد االحتياطي ،يمنع عىل املحافظ
عىل األمالك العقارية تسليم نظري الرسم العقاري إىل البائع .يتم تعيني رتبة تقييد العقد النهائي
بناء عىل تاريخ التقييد االحتياطي».
والتقييد االحتياطي هو اإلجراء الذي يقوم به صاحب حق تعذر عليه تقييده تقييدا هنائيا
لسبب من األسباب ،ليضمن لنفسه يف املستقبل إمكانية هذا التقييد عند زوال املانع(،((8
وبعبارة أكثر توسعا ،التقييد االحتياطي هو مكنة خيوهلا القانون لكل من يدعي حقا عينيا أو
حقا شخصيا قابال ألن يتحول إىل حق عيني عىل عقار حمفظ بغية االحتفاظ املؤقت هبذا احلق
وتقييده مؤقتا بالرسم العقاري ،فهو عىل هذا النحو إجراء حتفظي يقيد بالرسم العقاري يف
انتظار اختاذ التقييد النهائي قصد املحافظة عىل احلق الذي يطالب به املستفيد من التقييد(.((8
( )83مأمون الكزبري :التحفيظ العقاري واحلقوق العينية األصلية والتبعية يف ضوء الترشيع املغريب .اجلزء األول .مطبعة
رشكة اهلالل العربية للطباعة والنرش .الرباط .1987 .ص.126 ،
( )84حممد خريي :قضايا التحفيظ العقاري يف الترشيع املغريب ،الطبعة اخلامسة ،دار نرش املعرفة ،الرباط ،2009ص .454
- Paul Decroux: Droit foncier Marocain, éd la porte .1977.p.188.
-حممد ابن احلاج السلمي :التقييد االحتياطي يف الترشيع العقاري .املطبعة الرئيسية أكادير.1984 .
-حممد العلمي :التقييد االحتياطي يف الترشيع العقاري والقوانني اخلاصة .رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة يف
القانون اخلاص ،كلية احلقوق ،جامعة حممد األول وجدة ،السنة اجلامعية .2005-2004
ويتعني التنبيه إىل أن التقييد االحتياطي ال يشكل تقييدا باملعنى القانوين هلذه الكلمة.يقول األستاذ حممد العلمي يف هذا
الصدد...« :فالتقييد االحتياطي ليس تقييدا باملعنى احلقيقي املنشئ للحق أي املعنى املخصوص يف نظام السجالت
العقارية ،بل خيتلف عنه متام االختالف سواء من حيث الطبيعة القانونية أو من حيث اآلثار ،وهلذا يتعني التمييز بني هاتني
املؤسستني .فالتقييد L’inscriptionهو تدوين كتابة عىل الرسم العقاري هبدف تأسيس حق عقاري أو نقله إىل الغري ،أو
تغيريه أو إسقاطه طبقا ملا جاء يف الفصل 67من ظهري التحفيظ العقاري ،فالتقييد هبذا املعنى يتمتع باألثر التأسييس ،وهو
هبذه الصفة يظل قائام وحيافظ عىل احلقوق التي يتضمنها ما مل تقع أسباب قانونية تستدعي إلغاء تلك احلقوق أو انقضائها
كأن تتغري بتقييد جديد أو يصدر بصددها حكم قضائي اكتسب قوة اليشء املقيض به يرصح بانقضاء أو بطالن احلق الذي
يتعلق به .أما التقييد االحتياطي ،فهو جمرد بيان mentionأي إشارة بالتسجيل توضع عىل السجل العقاري بصفة مؤقتة،
وال يتمتع هذا البيان بأية قوة ثبوتية وال أية حجية بمعنى أن التقييد االحتياطي ال ينشئ احلق املقيد احتياطيا وال يقرره
وال يغريه وال يسقطه وإنام ينبئ باحتامل وجوده وإمكانية استكامل رشوطه القانونية مستقبال.
والتقييد االحتياطي خالفا للتقييد ،ينقيض بنهاية املدة املحددة له إذا مل ينجز التقييد النهائي خالل مدته ،أو مل يدعم بفتح
النزاع أمام القضاء ،أما إذا تم إنجاز التقييد النهائي خالل املدة املحددة بصفة قانونية فإنه يعود بأثر رجعي إىل تاريخ
التقييد االحتياطي الذي يعني رتبة التقييدات الالحقة له .إضافة إىل ذلك يتميز التقييد بالرسوم العقارية بخضوعه ملبدإ
املرشوعة ومفاده أنه ال تقييد إال بالنسبة للحقوق الثابتة واملستندة عىل سبب صحيح ،وأن ال يكون مشكوكا فيها ،لذلك
كان البد من مراقبة مدى رشعية احلقوق املراد تقييدها من قبل املحافظ عىل األمالك العقارية ،ما دامت ستتمتع بقوة
ثبوتية وستعترب حجة يف مواجهة األطراف والغري بعد تسجيلها.
أما بخصوص التقييد االحتياطي فإن املحافظ عىل امللكية العقارية ليست له أية سلطة يف مراقبة طلبات التقييد االحتياطي
اللهم إال ما يتعلق بالتحقق من أن الوثائق املستند إليها يف طلب التقييد االحتياطي (السند -األمر القضائي -مقال
الدعوى) وكذا التحقق من أن احلقوق املراد صيانتها قابلة للتقييد النهائي».
-حممد العلمي :م.س.ص.13 ،
-حممد خريي :م س.ص.455،
41
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
وترتيبا عىل ذلك ،يشكل التقييد االحتياطي وسيلة وضامنة أساسية من شأهنا أن تؤمن
ملستهلك العقار املحفظ يف طور اإلنجاز حقه العيني مستقبال ،تفاديا لبعض املامرسات التي
درج املنعشون العقاريون عىل سلوكها واملتمثلة يف بيع العقار عدة مرات(.((8
غري أن الرشوط التي استلزمها املرشع قد ختلق نوعا من التشويش يف الذهن حول فعالية
هذا التقييد االحتياطي .بحيث يتعني إلجراء هذا التقييد:
- 1أن نكون بصدد عقار حمفظ :فالنص رصيح بخصوص حرص التقييد االحتياطي -
بالنسبة لتطبيق الفصل أعاله -يف العقار املحفظ دون العقار يف طور التحفيظ ،وما هذا احلكم
إال تطبيقا للقواعد العامة املعروفة يف نظام التحفيظ العقاري املنصوص عليها يف الفصل 85من
ظهري التحفيظ العقاري (.((8
- 2موافقة البائع عىل قيام املشرتي بإجراء التقييد االحتياطي :إن االستنتاج الذي يمكن
رصده من خالل الوقوف عىل عمق هذا الرشط ،هو أن الضامنة املرتبطة بالتقييد االحتياطي
هي ضامنة موقوفة التنفيذ ال يتجاوز نطاقها اجلانب النظري فقط ،أو بعبارة أوضح إهنا ضامنة
ولدت ميتة .فعىل مستوى الواقع ،ال يمكن احلصول عىل موافقة البائع إال نادرا إن مل نقل
إهنا تدخل يف باب املستحيالت .ذلك أن احلصول عىل هذه املوافقة من أجل إجراء التقييد
االحتياطي ،معناه حرمان البائع من تسلم نظري الرسم العقاري بالنسبة للمرشوع إىل غاية
تقييد عقود البيع النهائي بالنسبة املستهلكني الذين يتوفرون عىل إجراء تقييد احتياطي ،مما ينتج
عنه استحالة تسويق باقي العقارات التي تم إنجازها ،بحكم توفر املرشوع ككل عىل رسم
عقاري واحد وهو احلالة الغالبة .كام أن هذا التقييد االحتياطي قد يوحي للغري بوجود مشاكل
-حممد املهدي اجلم :التحفيظ العقاري باملغرب.مطبعة النجاح اجلديدة .الدارالبيضاء .1986.ص.250،
-سعاد عاشور :حجية التسجيل وفق نظام التحفيظ العقاري املغريب ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا يف القانون
اخلاص ،جامعة القايض عياض بمراكش ،السنة اجلامعية ،1996-1995ص .298
( )85عبد احلفيظ مشاميش :م.س ،ص .138
( )86استهل الفصل 85من ظهري التحفيظ العقاري يف فقرته األوىل كام وقع تعديله بمقتىض قانون ،14.07ج.ر .عدد
5998بتاريخ 24نونرب ،2011ص ،5575بامييل« :يمكن لكل من يدعى حقا عىل عقار حمفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا
لالحتفاظ به مؤقتا ».
واجلدير بالذكر أنه ال يمكن االستناد إىل الفصل 84من ظهري التحفيظ العقاري ،كام وقع تعديله بمقتىض قانون .14.07
الذي يقيض بام ييل« :إذا نشأ عىل عقار يف طور التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه ،من أجل ترتيبه والتمسك
به يف مواجهة الغري ،أن يودع باملحافظة العقارية الوثائق الالزمة لذلك .ويقيد هذا اإليداع بسجل التعرضات .يقيد احلق
املذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري يف الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات املسطرة بذلك».
-ويرجع السبب يف استبعاد الفصل 84من ظهري التحفيظ العقاري بالرغم من أنه قد يشكل تقنية تساعد عىل محاية
وضامن احلق لصاحبه ،يف كون العقد االبتدائي ال يرتب إال حقا شخصيا وليس حقا عينيا كام أن هذا احلق الشخيص غري
خاضع لإلشهار طبقا للترشيع اجلاري به العمل يف نظام التحفيظ العقاري املغريب.
42
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
ونزاعات( ((8قد تؤثر ال شك عىل ذمة البائع مما يضعف مركزه املايل ويقف حجر عثرة أمام
حصوله عىل التمويالت من البنوك(.((8
ويعتقد البعض( ((8أنه يمكن للمستهلك ،يف حالة رفض البائع منحه املوافقة بإجراء التقييد
االحتياطي ،املطالبة بإجراء التقييد االحتياطي بناء عىل الفصل 85من ظهري التحفيظ العقاري(.((9
ومع احرتامنا هلذا الرأي ،إال أنه يصعب القبول به كمخرج ملواجهة تعنت البائع وكضامنة حلق
املستهلك .فالتقييد االحتياطي يف إطار الفصل 10-618أعاله ،يتوقف عىل إرادة املالك (البائع)
املسجل بالرسم العقاري خالفا للقاعدة املقننة يف الفصل 85من ظهري التحفيظ العقاري ،والقول
بغري ذلك يعترب يف نظرنا التفافا عىل إرادة املرشع املدرجة يف الفصل 10-618أعاله ،بحيث سوف
ُي ْفرغ هذا األخري من حمتواه( .((9هذا باإلضافة إىل أن احلاالت التي أشار إليها الفصل 85أعاله
ترتبط باحلقوق القابلة للتقييد يف السجل العقاري ،يف حني أن العقد االبتدائي ال يرتب إال حقا
شخصيا غري قابل للتقييد خارج نطاق الفصل 10-618أعاله.
( )87حممد اخلرضاوي :إشكالية توثيق الترصفات العقارية ومتطلبات التنمية ،م .س ،ص .164
( )88عبد احلفيظ مشاميش :م.س .ص.138 ،
( )89عبد احلفيظ مشاميش :م.س .ص.139 ،
( )90ينص الفصل 85من ظهري التحفيظ العقاري كام وقع تغيريه وتتميمه عىل ماييل:
«يمكن لكل من يدعى حقا عىل عقار حمفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا.
يضمن طلب التقييد االحتياطي من طرف املحافظ بالرسم العقاري إما:
-بناء عىل عىل سند يثبت حقا عىل عقار ويتعذر عىل املحافظ تقييده عىل حالته؛
-بناء عىل عىل أمر قضائي صادر عن رئيس املحكمة االبتدائية التي يقع بيع العقار يف دائرة نفوذها؛
-بناء عىل نسخة من مقال دعوى يف املوضوع مرفوعة أمام القضاء.
إن تاريخ التقييد االحتياطي هو الذي حيدد رتبة التقييد الالحق للحق املطلوب االحتفاظ به.
تبقي التقييدات االحتياطية الواردة يف نصوص ترشيعية خاصة خاضعة ألحكام هذه النصوص ».
ويقصد بالتقييد االحتياطي بناء عىل سند بأنه التقييد الذي يقوم به املحافظ عىل األمالك العقارية بناء عىل سند يثبت
حقا عىل عقار أي بناء عىل سند يربره .،ومل حيدد املرشع املغريب طبيعة هذه السندات ،غري أهنا ال خترج عن األفعال
اإلرادية واالتفاقات والعقود الرامية إىل تأسيس حق عيني أو نقله إىل الغري أو االعرتاف به أو تغيريه أو إسقاطه.،
فيشمل بالتايل كل سند يتعلق بحق من احلقوق القابلة للتسجيل يف السجل العقاري .أما االسباب التي قد متنع من قيد
هذا احلق مبارشة فهي متعددة ،فقد يكون هناك خلل بسيط يف السند كعدم املصادقة عىل صحة توقيع أحد األطراف
من طرف السلطات املحلية ،أو نقصان املعلومات اخلاصة باحلالة املدنية ألحد األطراف مما يصعب إنجاز التقييد أو
استكامله أو تصحيحه عىل الفور.
-للمزيد من التوسع حول التقييد االحتياطي بناء عىل سند ،راجع:
-العريب حممد مياد :مستجدات التقييد االحتياطي عىل ضوء القانون رقم 14-07املغري واملتمم لقانون التحفيظ العقاري.
سلسلة األنظمة واملنازعات العقارية -العدد السادس -نظام التحفيظ العقاري يف ضوء القانون رقم ،14-07منشورات
جملة احلقوق ،مطبعة املعارف اجلديدة ،الرباط ،2012ص.28
( )91يتناقض هذا الرأي مع املنهج الفني املتبع يف صياغة النصوص القانونية ،فال يمكن للمرشع أن يضع قيدا أو رشطا يف
نص ويضع إمكانية التخلص منه يف نص آخر.
43
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
- 3إجراء التقييد االحتياطي بناء عىل عقد بيع ابتدائي صحيح :أي أن يكون مستوفيا
جلميع أركانه ورشوط صحته وأن يتم حتريره طبقا ألحكام الفصل 3-618من ق.ا.ع.
وفاصل القول ،إذا حدث أن تم هذا التقييد االحتياطي ،فإنه يمنع عىل املحافظ عىل
األمالك العقارية تسليم نظري الرسم العقاري إىل البائع .أما عن أثر هذا التقييد فقد عني املرشع
رتبة تقييد العقد النهائي بتاريخ إجراء التقييد االحتياطي.
وإذا كان املرشع قد أعطى إمكانية التقييد االحتياطي بالنسبة للعقار املحفظ ،فإن مستهلك
العقار غري املحفظ أو الذي هو يف طور التحفيظ سيظل حمروما من أي مكنة أو ضامنة حتمي
حقه مستقبال ،مما يعيد التساؤل إىل األذهان حول الفائدة العملية بالنسبة للمستهلك من إدراج
هذين النوعني من العقارات يف املعامالت اخلاضعة لقانون .44-00
ثانيا :حق املستهلك يف التخىل عن حقوقه املرتتبة عن بيع العقار يف طور اإلنجاز
مل يشأ املرشع أن يرتك العقار يف طور اإلنجاز خارج دائرة التداول إىل أن يتم االنتهاء من
إنجازه ،بل أقر رصاحة حق املستهلك يف التخيل عن حقوقه املرتتبة عىل بيع العقار يف طور
اإلنجاز لشخص آخر ،وذلك من خالل الفصل ،618-13من ق.ا.ع ،الذي جاء فيه ما ييل:
«ال يمكن للمشرتي التخيل عن حقوقه املرتتبة عن بيع العقار يف طور اإلنجاز لشخص
آخر إال بعد توجيه إعالم بذلك إىل البائع برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل وبرشط أن
يتم التخيل وفق الكيفية وضمن الرشوط التي تم هبا إبرام العقد االبتدائي.
تنتقل بقوة القانون حقوق والتزامات البائع إىل املشرتي اجلديد»(.((9
ونستنتج من هذا النص ،أن حق املستهلك يف التخيل عن حقوقه املرتتبة عن بيع العقار يف
طور اإلنجاز لشخص آخر مرشوط بتوجيه إعالم هبذا التخىل إىل البائع ،وهو إعالم يكفي أن
يتم بالكيفية املنصوص عليها يف الفصل أعاله .وقد أحسن املرشع املغريب صنعا حينام مل يقرن
هذا التخيل بموافقة البائع بل اشرتط فقط إعالمه برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل.
ويرتتب عىل هذا اإلعالم أن البائع قد جيد نفسه طرفا يف عقد يتضمن مجيع مكونات العقد
السابق باستثناء شخصية املتعاقد ،وكأن املرشع هبذا املسلك يكون قد استبعد شخصية املتعاقد
ودورها يف التعاقد .فقد يلتزم البائع بإنجاز العقار يف طور اإلنجاز لصالح مستهلك معني،
نظرا العتبارات خاصة كان هلا تأثري يف هذا االلتزام ،كأن يكون املستهلك ابن صديق عزيز
له أو كونه تكلف بإنجاز عقار املستهلك بالنظر لوضعية هذا األخري املزرية أو ضعف حالته
44
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
املعيشة .كام تثار أيضا إشكالية مالءة ذمة املتخىل له وقدرته عىل تنفيذ االلتزامات املرتتبة عن
العقد األصيل.
وعموما ،إذا كان املرشع قد راعى اعتبارات خاصة قد تقع بعد إبرام العقد االبتدائي،
وجتعل املستهلك مضطرا إىل التخيل وحتويل حقوقه والتزاماته املرتتبة عىل العقد االبتدائي إىل
شخص آخر ،كالعجز عن تسديد باقي األقساط أو التنقل إىل مدينة أخرى ،...فإنه من جهة
أخرى ال يشء يمنع األطراف من االتفاق عىل تقييد هذا احلق املقرر لصالح املستهلك ،كأن
يشرتط البائع موافقته القبلية عىل املتخىل له ،فهذا احلق ال يتعلق بالنظام العام حسب ما يستفاد
من الصياغة القانونية هلذا الفصل.
وقد مدد املرشع احلامية بكيفية مبارشة إىل املتخىل له الذي سيصبح مستهلك العقار يف طور
اإلنجاز ،عن طريق اشرتاطه أن يتم التخيل وفق نفس الكيفية وضمن الرشوط التي تم هبا إبرام
العقد االبتدائي ،أي أن حيرر هذا التخيل إما يف حمرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ ،يتم
حتريره من قبل مهني ينتمي إىل مهنة قانونية منظمة وخيول هلا قانوهنا حترير العقود حتت طائلة
البطالن وذلك تطبيقا لقاعدة توازي األشكال(.((9
ثالثا :محاية املستهلك يف نطاق الضامن العرشي
بالقراءة املتأنية للفصول املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز ،يتضح أن املرشع املغريب قد
غلب عنرص عقد البيع وتبنى تكييفا موحدا يف عقود البيع الواردة عىل عقارات يف طور اإلنجاز.
لكن موقف املرشع املغريب يظل متسام مع ذلك بالغموض حول طبيعة االلتزامات املرتتبة عىل
الطرفني .وبالتايل يثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه االلتزامات التبادلية ترتبط كلها بعقد
البيع ارتباطا يظهر بشكل مطلق الالنقسامية املوجودة بينها حيث تشكل هذه األخرية معيارا
للتكييف املوحد( ،((9أم أن الالنقسامية ال متتد إىل تلك الناجتة عن خصوصية االلتزامات التي
يتحمل هبا البائع ،باعتباره أوال وقبل كل يشء ،ملتزما بإنجاز البناء .وبعبارة أخرى ،لعل
حجم اإللتزامات التي يتحمل هبا املستهلك واملتمثلة يف دفع الثمن عىل شكل أقساط ،وطبيعة
هذا النوع من البيوع باعتباره يتعلق ببناء عقار ،ومركز البائع كطرف قوي يف العالقة التعاقدية،
جتعل التساؤل مرشوعا حول الضامن الذي سوف يتحمل به البائع بعد ابرام العقد النهائي أو
تقييده يف السجل العقاري إذا كان العقار حمفظا ،يف حالة ما إذا ظهر بالبناء عيب من العيوب
( )93قاعدة معروفة يف جمال القانون اإلداري مفادها رضورة اتباع اإلجراءات والشكليات ذاهتا املتبعة يف اإلصدار عند
اإللغاء أو التعديل بالنسبة للقرارات اإلدارية ما مل ينص عىل اتباع إجراءات وشكليات أخرى.
( )94حول أسس التكييف القانوين يف الترشيع املغريب واملقارن ،راجع أطروحتنا:
-التكييف القانوين :األسس النظرية واجلوانب العملية ،أطروحة دكتوراه ،جامعة احلسن الثاين ,كلية احلقوق – عني
الشق -الدار البيضاء .2004
45
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
املؤثرة ،هل ينحرص فقط يف الضامن العادي الذي يتحمل به البائع عادة واملتعلق بضامن العيوب
اخلفية( ،((9أم يتعني تطبيق أحكام ضامن املقاول بالنسبة لبيع العقار يف طور اإلنجاز؟
بالرجوع إىل القانون الفرنيس ،نجد أن املرشع قد نص يف املادة 1646-1من القانون املدين
الفرنيس ،عىل أن البائع يتحمل بنفس االلتزامات التي يتحمل هبا كل من املهندسيني املعامريني
واملقاولني وكل من ارتبط برب العمل بمقتىض عقد املقاولة.((9(.
أما يف املغرب فال تسعفنا النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز يف القول بأن البائع
يتحمل بالضامن العرشي املنصوص عليه بالفصل 769من ق.ا.ع( .((9فاملرشع ،وعىل امتداد
النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز ،استعمل فقط مصطلحي البائع واملشرتي ومل
يستعمل قط مصطلح املقاول ،بل إنه مل يميز بني البائع كمنعش عقاري والبائع كمقاول حينام
يتوىل إنجاز العقار بنفسه ،مما يعطي انطباعا بأن املرشع املغريب يميل إىل تبني تكييفا موحدا
للعقد الذي يتم إبرامه يف ظل قانون ،44.00وهو عقد البيع ،ومن ثم فالضامن الذي يتحمل
به بائع العقار يف طور اإلنجاز هو الضامن اخلاص بالعيوب اخلفية وليس الضامن العرشي،
النعدام األساس القانوين للقول هبذا الضامن األخري.
ولعل مسلك املرشع له ما يربره من حيث الظاهر ،ذلك أن االلتزامات التي رتبها القانون
عىل عاتق البائع ،واملتمثلة بداية يف البيانات التي يتعني أن يتضمنها العقد االبتدائي باإلضافة إىل
دفرت التحمالت التي حيوي مكونات املرشوع ونوع اخلدمات والتجهيزات الواجب إنجازها،
46
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
باإلضافة إىل ما نص عليه الفصل 15-618من نفس القانون من كون العقار ال يعترب منجزا ولو
تم االنتهاء من بنائه ،إال بعد احلصول عىل رخصة السكنى أو شهادة املطابقة وعند االقتضاء
بتقديم البائع للمشرتي شهادة تثبت أن العقار مطابق لدفرت التحمالت إذا طالب املشرتي
بذلك ،تشكل هذه االلتزامات محاية قبلية للمشرتي وضامنا ضد أي انحراف أو تالعب،
وبالتايل فإن أية مسؤولية يمكن أن ترتتب يف هذا الصدد يكون أساسها اإلخالل بااللتزامات
الناشئة عن عقد البيع الذي يشكل أساس االتفاق وليس عقد املقاولة.
ونعتقد أنه من البدهيي جدا أن يتحمل بائع العقار يف طور اإلنجاز بالضامن العرشي حينام
يتوىل هذا األخري بنفسه أو حتت إمرته مهمة البناء والتشييد أو اهلندسة ،إذ جيمع يف هذه احلالة
بني صفتني ،صفة البائع وصفة املقاولة أو املهندس ،مما يسمح بالقول بتحمله بالضامن العرشي
الوارد يف الفصل 769من ق.ا.ع .لكنه خارج نطاق هذه احلالة ،يظل بائع العقار يف طور اإلنجاز
ضامنا للعيوب اخلفية يف البناء وليس ضامنا لعيوب الصنع .بيد أن هذا ال يعني حتام حرمان
املشرتي املستهلك من االستفادة من الضامن العرشي ،فيمكن يف هذه احلالة الرجوع إىل القواعد
العامة املتعلقة بأحكام رسيان آثار االلتزامات .فإذا كانت القاعدة تقيض بأن الذي يستفيد من
الضامن العرشي هو البائع ( رب العمل) يف مواجهة املقاول وليس املشرتي املستهلك باعتبار
أن اطراف عقد املقاولة مها رب العمل واملقاول ،فإنه استنادا إىل نفس القواعد ينتقل الضامن
العرشي من السلف (البائع -رب العمل) إىل اخللف اخلاص (املشرتي املستهلك) الذي تؤول
إليه ملكية البناء طبقا للفصل 229من ق.ا.ع( .((9و تكمن العلة يف ذلك -يف رأينا املتواضع-
يف كون الضامن العرشي هو محاية قانونية مرتبطة بالبناء وليس بشخص صاحب العمل ،إذ
يظل املقاول ضامنا للبناء طلية مدة عرش سنوات من انتهائه سواء ظل هذا البناء يف ملكية مالكه
األصيل (رب العمل) أو انتقل إىل ملكية أشخاص آخرين ،فهذا الضامن هو من ملحقات البناء
ينتقل معه يف أي يد انتقل إليه( .((9وقد تنبه املرشع الفرنيس إىل هذه احلقيقة بعد تعديله املادة
1792من القانون املدين معتربا أن كل مشيد للبناء هو مسؤول بقوة القانون جتاه رب العمل أو
مشرتي البناء بالبيع(. ((10
( )98ينص الفصل 229من ق.ا.ع .عىل ما ييل« :تنتج االلتزامات أثرها ال بني املتعاقدين فحسب ،ولكن أيضا بني ورثتهام
وخلفائهام ما مل يكن العكس مرصحا به أو ناجتا عن طبيعة االلتزام أو عن القانون .ومع ذلك ،فالورثة ال يلتزمون إال يف
حدود أموال الرتكة ،وبنسبة مناب كل واحد منهم »
(99) Civ. 3e ch., 23 mars 1968 : Bull. civ. 1968, III, n° 131 ; D. 1970, jurisprudence. p. 663, note
Jestaz.
- Civ. 3e ch., 12 juin 1991 : JCP G 1991, IV, 317 ; Bull. civ. 1991, III, n° 166 ; Gaz. Pal. 1992,
1, somm. p. 2 et note M. Peisse.
)(100) Art 1792 (L, n° 78-12 du 4 jan 1978
«Tout constructeur d’un ouvrage est responsable de plein droit, envers le maître ou l’acquéreur
de l’ouvrage, des dommages, même résultant d’un vice du sol , qui compromettent la solidarité
de l’ouvrage ou qui l’affectant dans l’un de ses élément constitutifs ou l’un de ses éléments
d’équipement, le rendent impropre à sa destination .
47
سلسلة دراسات وأبحاث -العدد - 5املنازعات العقارية :اجلزء الأول
وعليه ،فإن القول باستبعاد املشرتي املستهلك من االستفادة من الضامن العرشي فيه
تعطيل ألحكام الفصل 769من ق.ا.ع .ألن فلسفة هذا الفصل واحلكمة التي سعى املرشع
إىل حتقيقها من خالله ،هي حث املهندس واملقاول وكل من يتوىل تشييد بناء ،بالعمل عىل بدل
العناية القصوى واختاذ االحتياطات الالزمة وحتقيق النتيجة املرجوة يف البناء بدون عيوب،
فاألمر ال يرتبط بأموال قد تترضر ويمكن التعويض عنها بل يتعلق األمر بأرواح قد تزهق.
فمن غري العدل أن نحرم املشرتي املستهلك من االستفادة من الضامن العرشي ومدته عرش
سنوات ونقيده بأحكام ضامن العيوب اخلفية التي ال تتجاوز مدة تقادم الدعوى بشأنه سنة أو
سنتان يف أقىص األحوال( ،((10يف حني أن عيوب البناء قد يتطلب الكشف عنها مدة أطول .
خامتة:
لعل الضامنات التي تضمنتها النصوص القانونية املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز،
تشكل محاية بالنسبة ملستهلك العقار ،حاول املرشع من خالهلا أن يضع قطيعة مع كل ما يمت
إىل املايض الذي اتسم باستغالل مستهلكي العقارات يف طور اإلنجاز وبالنصب واالحتيال.
غري أن خطوات املرشع يف هذا املضامر مل تكن موفقة يف أغلبها ،مما يفرض عىل املرشع التدخل
من أجل إعادة تنظيم العالقة التعاقدية بني املنعش العقاري واملستهلك عىل نحو حيافظ عىل
حقوق املنعش العقاري ويعضد مركز املستهلك يف هذه العالقة .وال نملك -كباحثني -سوى
أن ننبه املرشع إىل بعض العيوب والنواقص التي احتواها هذا القانون والتي متس الطابع احلامئي
الذي سعى املرشع إىل تكريسه يف قانون رقم .44-00ومن هذه العيوب:
- 1إن كثريا من الضامنات التي ورد النص عليها يف قانون 44-00لصالح املستهلك ال
يمكن أن حتقق احلامية املطلوبة لصالح هذا األخري بحكم أن املرشع مل يقرهنا بجزاءات
Un telle responsabilité n’a point lieu si le constructeur prouve que les dommages proviennent
d’une cause étrangère ».
وملزيد من اإليضاح ،انظر :
- J. L. Costa: la responsabilité de constructeurs d’après la loi du 4 jan 1978 .D.1979.35.
- Andre Roussel, Responsabilités et assurance des constructeurs, Technique et documentation,
Paris. 1978.
-واجلدير بالذكر أن القضاء الفرنيس اعترب انتقال الضامن العرشي للمشرتي ال حيرم البائع من ممارسته عندما يمثل
بالنسبة له مصلحة مبارشة وحقيقية ،رشيطة أن يثبت الرضر اخلاص الذي حلق به:
- Civ. 3e ch., 31 mai 1995 : Bull. civ. 1995, III, n° 133 ; D. 1995, inf. rap. p. 159 ; RD imm.
1995, p. 753.
- Civ. 3e ch., 3 juill. 1996 : Juris-Data n° 1996-002921 ; Resp. civ. et assur. 1996, comm. n°
393.
- Civ. 3e ch .3 mai 2001 : RD imm. 2001, p. 389 et 390.
- Civ. 3e ch., 28 nov. 2001 : Mon. TP 1er févr. 2002, p. 79.
( )101األصل أن مدة تقادم دعوى ضامن العيوب اخلفية الذي يتحمل به البائع هي سنة من تاريخ التسليم طبقا للفصل 573
من ق.ا.ع .أما يف إطار املادة 35من قانون رقم 31-08املحدد لتدابري محاية املستهلك فهي سنتني.
48
مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز
مدنية أو جزائية وبالتايل ينعدم الطابع الردعي يف هذه النصوص ،وهذا ما جيعلها
نصوصا موقوفة التنفيذ.
- 2إن مسلك املرشع يف إجازته ورود البيع يف طور اإلنجار عىل عقار غري حمفظ هو
مسلك ال يمكنه أن يوفر احلامية املطلوبة ملستهلكي العقارات يف طور اإلنجاز نظرا
ملا حيف هذا النوع من العقار من خماطر ال ختفى عىل أحد .وبعبارة أوضح كلام كان
حمل البيع عقار غري حمفظ كلام كان حظ املستهلك من احلامية ضعيفا ،فهو ال يمكنه
إجراء التقييد االحتياطي بخالف العقار املحفظ مثال ،ناهيك عن ارتباط هذا النوع
من العقارات باملنازعات يف ملكيتها.
- 3عىل مستوى الضامنات البنكية ،من املالحظ أن أمهتها جد حمدودة ،إذ يقترص
دورها عىل اسرتجاع أقساط الثمن املدفوعة من قبل املستهلك ،وال متتد إىل غريها
كالتعويضات واجلزاءات املالية املفروضة عىل البائع .كام أن املرشع مل يكن موفقا حينام
استبعد من نطاق توفري هذه الضامنات املؤسسات العمومية ومن يف حكمها حسب
التحديد الوارد يف قانون .44-00
- 4عىل مستوى ضامن عيوب البناء ،يتعني عىل املرشع أن يسعى إىل تقرير محاية أفضل
ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز والنص عىل اعتبار كل مشيد للبناء خيضع ألحكام
الفصل 769من قانون االلتزامات والعقود جتاه رب العمل أو مشرتي البناء بالبيع.
ونتمنى من املرشع إعادة النظر يف النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور االنجاز عىل نحو
يكرس محاية حقيقية للمشرتي املستهلك يف إطار خلق عالقة تعاقدية متوازنة ،ولن يتأتى هذا
مبدئيا إال من خالل تنظيم مهنة املنعشني العقاريني عن طريق حتديد الرشوط االساسية لولوج
هذه احلرفة وااللتزامات التي يتحمل هبا املنعش العقاري.
49