You are on page 1of 36

‫مظاهر محاية املستهلك‬

‫اإلنجازﻓﻲ ﻃﻮﺭ ﺍﻻﻧﺠﺎﺯ‬ ‫ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚطور‬


‫ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭ‬ ‫العقار يف‬
‫بيعﺣﻤﺎﻳﺔ‬ ‫يف‬
‫ﻣﻈﺎﻫﺮ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫عبدالرزاق أيوب‬
‫ﻭﺃﺑﺤﺎﺙ‬ ‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻧﻲ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺩﺭﺍﺳﺎﺕ‬ ‫ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬

‫أستاذ باحث بكلية احلقوق‬ ‫ﺃﻳﻮﺏ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺯﺍﻕ‬ ‫ ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬


‫جامعة ابن زهر ‪ -‬أكادير‬ ‫ﻉ‪5‬‬ ‫ ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪2013‬الذي ينعم فيه اإلنسان باألمان والراحة واخلصوصية‪ ،‬ويقيه من‬
‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬ذلك املأوى‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦالسكن هو‬
‫احلق يف السكن هو قرين احلق يف احلياة‪ ،‬فالشخص الذي‬ ‫القول إن‬
‫ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﻱ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬واملطر واحلر‪ .‬ويمكن‬
‫ﺯﻛﺮﻳﺎﺀ‬ ‫الربد‬
‫يبقى مهددا يف حياته ويف ماله ويف صحته‪.‬‬
‫وأرسته‪15 -‬‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬له حيميه هو ‪49‬‬
‫ال مأوى‬
‫أهم العنارص األساسية للكرامة اإلنسانية‪ ،‬وهو حق لقي اعرتافا‬ ‫فاحلق يف السكن هو أحد‬
‫‪624054‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫واإلقليمية((( والقوانني الوطنية‪ .‬وقد أشار املرشع املغريب‬ ‫ﺑﺤﻮﺙالدولية‬
‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫عدد من الصكوك‬ ‫واسعا يف‬
‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬ ‫ﻧﻮﻉ‬
‫‪ IslamicInfo‬إىل استفادة املواطنني واملواطنات عىل قدم املساواة من‬
‫(((‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪ 31 :‬من الدستور‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪخالل الفصل‬
‫من‬
‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪ :‬السكن الالئق‪ .‬ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ‪ ،‬ﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ‪ ،‬ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ‪،‬‬‫احلق يف‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬
‫مستوى من املعيشة‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬تنص املادة ‪ 25‬من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف بندها األول عىل ما ييل‪« :‬لكل شخص احلق يف‬
‫‪https://search.mandumah.com/Record/624054‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫كاف للمحافظة عىل الصحة والرفاهية له وألرسته‪ ،‬ويتضمن ذلك التغذية وامللبس واملسكن والعناية الطبية وكذلك‬
‫اخلدمات االجتامعية الالزمة‪ ،‬وله احلق يف تأمني معيشته يف حاالت البطالة واملرض والعجز والرتمل والشيخوخة وغري‬
‫ذلك من فقدان وسائل العيش بسبب ظروف خارجة عن إرادته »‪.‬‬
‫‪ -‬وشكل إعالن فانكوفر للمستوطنات البرشية لعام ‪)Vancouver déclaration on human settlements( 1976‬‬
‫مناسبة لتحديد الطبيعة القانونية اخلاصة هبذا احلق بكيفية مفصلة‪ ،‬حيث حددت الفقرة الثانية من اجلزء الثالث ما ييل‪«:‬إن‬
‫السكن واخلدمات املناسبة حق أسايس لإلنسان‪ ،‬يفرض عىل احلكومة واجب ضامن بلوغ مجيع الناس له‪».‬بينام نص‬
‫الفصل الثاين من اإلعالن عىل أنه ‪«:‬جيب أال تستخدم اإليديولوجيات حلرمان الناس من بيوهتم وأراضيهم أو لرتسيخ‬
‫االمتيازات واالستغالل»‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك الشأن بالنسبة إلعالن اسطنبول لعام ‪ ،1996‬الذي نص يف ملحقه الثاين عىل أن‪« :‬املأوى املالئم ال يعني أكثر‬
‫من سقف فوق رأس اإلنسان‪ ،‬بل يعني أيض ًا اخلصوصية املالئمة‪ ،‬وإمكانية الوصول إليه‪ ،‬واحليز املالئم‪ ،‬واألمن املالئم‪،‬‬
‫البنيوية‪ ،‬واإلضاءة املالئمة‪ ،‬والتدفئة‪ ،‬والتهوية‪ ،‬والبنية التحتية املالئمة»‪.‬‬ ‫والصالبة واملتانة‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫للسكان‪،‬‬
‫ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ‬ ‫ﺩﺍﺭ القانونية‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬ ‫واحلامية‬
‫© ‪2018‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ‬
‫مستوىﻣﻮﺍﻗﻊ‬ ‫شخص يف‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ‬ ‫كل ﺃﻱ‬
‫حقﻋﺒﺮ‬ ‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ‪11‬ﺃﻭعىل‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‬ ‫والثقافيةﺃﻭيف املادة‬ ‫االجتامعية‬
‫ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ‬ ‫االقتصاديةﻓﻘﻂ‪،‬‬
‫باحلقوقﺍﻟﺸﺨﺼﻲ‬ ‫اخلاص‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫الدويل‬
‫ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬ ‫العهد‬
‫ﻫﺬﻩ‬ ‫‪-‬كامﺃﻭ أكد‬
‫ﻃﺒﺎﻋﺔ‬ ‫ﺗﺤﻤﻴﻞ‬
‫واملأوى‪.‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫معييش كاف له وألرسته ليوفر ما يفي بحاجاهتم من الكساء والغذاء‬
‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬ ‫ﻣﻦ‬ ‫ﺧﻄﻲ‬ ‫ﺗﺼﺮﻳﺢ‬ ‫ﺩﻭﻥ‬ ‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬ ‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ‬ ‫ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ‬

‫(‪ )2‬الدستور املغريب الصادر بتاريخ فاتح يوليوز ‪ ،2011‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5964‬مكرر‪ ،‬ص ‪.3600‬‬

‫‪15‬‬
‫مظاهر محاية املستهلك‬
‫يف بيع العقار يف طور اإلنجاز‬
‫عبدالرزاق أيوب‬ ‫ ‬
‫أستاذ باحث بكلية احلقوق‬ ‫ ‬
‫جامعة ابن زهر ‪ -‬أكادير‬ ‫ ‬

‫السكن هو ذلك املأوى الذي ينعم فيه اإلنسان باألمان والراحة واخلصوصية‪ ،‬ويقيه من‬
‫الربد واملطر واحلر‪ .‬ويمكن القول إن احلق يف السكن هو قرين احلق يف احلياة‪ ،‬فالشخص الذي‬
‫ال مأوى له حيميه هو وأرسته يبقى مهددا يف حياته ويف ماله ويف صحته‪.‬‬
‫فاحلق يف السكن هو أحد أهم العنارص األساسية للكرامة اإلنسانية‪ ،‬وهو حق لقي اعرتافا‬
‫واسعا يف عدد من الصكوك الدولية واإلقليمية((( والقوانني الوطنية‪ .‬وقد أشار املرشع املغريب‬
‫من خالل الفصل ‪ 31‬من الدستور((( إىل استفادة املواطنني واملواطنات عىل قدم املساواة من‬
‫احلق يف السكن الالئق‪.‬‬

‫(‪ )1‬تنص املادة ‪ 25‬من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف بندها األول عىل ما ييل‪« :‬لكل شخص احلق يف مستوى من املعيشة‬
‫كاف للمحافظة عىل الصحة والرفاهية له وألرسته‪ ،‬ويتضمن ذلك التغذية وامللبس واملسكن والعناية الطبية وكذلك‬
‫اخلدمات االجتامعية الالزمة‪ ،‬وله احلق يف تأمني معيشته يف حاالت البطالة واملرض والعجز والرتمل والشيخوخة وغري‬
‫ذلك من فقدان وسائل العيش بسبب ظروف خارجة عن إرادته »‪.‬‬
‫‪ -‬وشكل إعالن فانكوفر للمستوطنات البرشية لعام ‪)Vancouver déclaration on human settlements( 1976‬‬
‫مناسبة لتحديد الطبيعة القانونية اخلاصة هبذا احلق بكيفية مفصلة‪ ،‬حيث حددت الفقرة الثانية من اجلزء الثالث ما ييل‪«:‬إن‬
‫السكن واخلدمات املناسبة حق أسايس لإلنسان‪ ،‬يفرض عىل احلكومة واجب ضامن بلوغ مجيع الناس له‪».‬بينام نص‬
‫الفصل الثاين من اإلعالن عىل أنه ‪«:‬جيب أال تستخدم اإليديولوجيات حلرمان الناس من بيوهتم وأراضيهم أو لرتسيخ‬
‫االمتيازات واالستغالل»‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك الشأن بالنسبة إلعالن اسطنبول لعام ‪ ،1996‬الذي نص يف ملحقه الثاين عىل أن‪« :‬املأوى املالئم ال يعني أكثر‬
‫من سقف فوق رأس اإلنسان‪ ،‬بل يعني أيض ًا اخلصوصية املالئمة‪ ،‬وإمكانية الوصول إليه‪ ،‬واحليز املالئم‪ ،‬واألمن املالئم‪،‬‬
‫واحلامية القانونية للسكان‪ ،‬والصالبة واملتانة البنيوية‪ ،‬واإلضاءة املالئمة‪ ،‬والتدفئة‪ ،‬والتهوية‪ ،‬والبنية التحتية املالئمة»‪.‬‬
‫‪-‬كام أكد العهد الدويل اخلاص باحلقوق االقتصادية االجتامعية والثقافية يف املادة ‪ 11‬عىل حق كل شخص يف مستوى‬
‫معييش كاف له وألرسته ليوفر ما يفي بحاجاهتم من الكساء والغذاء واملأوى‪.‬‬
‫(‪ )2‬الدستور املغريب الصادر بتاريخ فاتح يوليوز ‪ ،2011‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5964‬مكرر‪ ،‬ص ‪.3600‬‬

‫‪15‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫وقد شكل احلق يف السكن الالئق حمور سياسات احلكومات املغربية املتعاقبة يف القضاء‬
‫عىل دور الصفيح يف العقود األخرية‪ ،‬وأهم التحديات الكربى التي واجهها املغرب يف سبيل‬
‫الدفع بعجلة االقتصاد والقضاء عىل الفوارق االجتامعية أو عىل األقل التخفيف من حدهتا‪.‬‬
‫وكان من نتائج هذه السياسة أن سجل سوق العقار انتعاشا غري مسبوق يف السنوات‬
‫األخرية‪ ،‬بفضل التسهيالت واالمتيازات التي منحتها الدولة للمنعشني العقاريني‪ ،‬وبالنظر‬
‫كذلك إىل الطلب املتزايد عىل السكن خصوصا االجتامعي منه‪ ،‬مع ما صاحب ذلك من‬
‫ارتفاع يف وترية الطلبات عىل القروض العقارية(((‪ .‬وقد أفرز هذا االنتعاش يف السوق العقارية‬
‫نوعا من االنحراف عن السياسة التي رسمتها الدولة بخصوص إنعاش ودعم جمال السكن‬
‫االقتصادي‪ ،‬متثل يف املضاربة العقارية‪ ،‬مع ما صاحب هذه املضاربة من االرتفاع املتزايد يف‬
‫ثمن األرض‪ ،‬والغالء الفاحش ملواد البناء واستغالل وضعية مستهلك العقار‪ ،‬سواء من حيث‬
‫تراجع الدور التفاويض هلذا األخري‪ ،‬أو من حيث تأخر أطراف العقد يف تنفيذ االلتزامات‬
‫الواردة فيه‪ ،‬مما يؤدي إىل تعطيل املرشوع‪.‬‬
‫وأمام عدم كفاية احلامية العادية التي تقررها النظرية التقليدية لعيوب الرضا والعيوب‬
‫اخلفية يف عقد البيع‪ ،‬باعتبار أن املبادئ التقليدية التي يقوم عليها هذا األخري‪ ،‬حتول دون‬
‫حتقيق العدالة العقدية‪ ،‬بدا للمرشع أن ينسلخ تدرجييا عن هذه املبادئ هبدف إعادة التكافئ‬
‫يف العالقة التعاقدية بني البائع ومستهلك العقار‪ ،‬نظرا الفتقاد هذا األخري‪ ،‬يف الغالب األعم‪،‬‬
‫للخربة التي متكنه من استيعاب رشوط العقد وكذلك لضعف مركزه االقتصادي يف العالقة‬
‫التعاقدية‪ ،‬التي عادة ما تكون يف صالح الطرف اآلخر الذي حيرتف هذا املجال‪ .‬وقد حاول‬
‫املرشع إعادة النظر يف مفهوم مبدأ سلطان اإلرادة عن طريق وضع جمموعة من القوانني‬
‫تتضمن عددا من الضوابط تسمح بتكريس احلد األدنى من احلامية القانونية ملستهلك العقار‪،‬‬
‫ومن بينها‪ :‬قانون رقم ‪ 51.00‬املتعلق باالجيار املفيض إىل متلك العقار(((‪ ،‬وقانون رقم ‪18.00‬‬
‫املتعلق بامللكية املشرتكة للعقارات املبنية(((‪ ،‬كام يندرج بيع العقار يف طور اإلنجاز ضمن‬
‫العقود التي حاول املرشع أن ينظمها بمقتضيات ذات طابع محائي ملستهلك العقار‪ ،‬وذلك‬

‫(‪ )3‬تعرف القروض العقارية عىل أهنا‪« :‬القروض التي تلتزم بمقتضاها مؤسسة اإلئتامن بتقديم مبلغ مايل للزبون املقرتض أو‬
‫لوكيله إما فورا أو عىل دفعات من أجل اقتناء أو بناء سكن أو جتهيز أرض معدة للسكن ‪ ،‬مقابل التزام هذا األخري برد ما‬
‫اقرتضه من مال عىل أقساط حتدد هلا تواريخ أدائها مع دفع فوائد عن ذلك» ‪.‬‬
‫‪ -‬عبد العزيز بوستي‪ :‬اإلقراض البنكي يف جمال السكن ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة يف القانون اخلاص‪،‬‬
‫جامعة حممد اخلامس‪ ،‬كلية احلقوق الرباط – أكدال‪ 2003 – 2002 ،‬ص ‪ ، 16‬مشار إليه يف ‪:‬‬
‫‪-‬عبد املهيمن محزة‪ :‬النظام القانوين لقروض االستهالك ‪ -‬دراسة تأصيلية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت‪ ،‬جامعة عبد املالك‬
‫السعدي كلية احلقوق بطنجة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،2010/2009‬ص ‪ 7‬هامش ‪.40‬‬
‫(‪ )4‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5172‬بتاريخ ‪ 25‬دجنرب ‪ ،2003‬ص ‪.4375‬‬
‫(‪ )5‬القانون رقم ‪ 18-00‬املتعلق بالعقارات املبنية أو القسمة إىل شقق أو طبقات أو حمالت‪ ،‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 5054‬بتاريخ ‪ 7‬نونرب‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.3175‬‬

‫‪16‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫من خالل قانون رقم ‪ 44.00‬الذي جاء ليتمم قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬خاصة الفصل ‪618‬‬
‫منه(((‪ .‬وأخريا صدر القانون رقم ‪ 31.08‬املتعلق بتدابري محاية املستهلك(((‪ .‬وقد نص هذا‬
‫األخري يف ديباجته عىل أن هذا القانون يعترب إطارا مكمال للمنظومة القانونية يف جمال محاية‬
‫املستهلك‪ ،‬كام اعترب املرشع من خالل الفقرة األخرية من املادة األوىل من هذا القانون األخري‬
‫أن مجيع أحكام النصوص الترشيعية املتعلقة بنفس املوضوع تظل مطبقة إذا كانت أكثر فائدة‬
‫للمستهلك‪ .‬وترتيبا عىل ذلك‪ ،‬ارتأينا أن نتناول بالتحليل بيع العقار يف طور اإلنجاز باعتباره‬
‫نموذجا متعلقا بحامية املستهلك يف املجال العقاري‪ ،‬بغية رصد خمتلف مظاهر احلامية املقررة‬
‫يف هذا النوع من البيوع‪.‬‬
‫وطبقا للفصل ‪ 1-618‬من ق‪.‬إ‪.‬ع(((‪ ،‬فإنه‪«:‬يعترب بيعا لعقار يف طور اإلنجاز كل اتفاق‬
‫يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل حمدد‪ ،‬كام يلتزم فيه املشرتي بأداء الثمن تبعا‬
‫لتقدم األشغال‪ .‬حيتفظ البائع بحقوقه وصالحياته باعتباره صاحب املرشوع إىل غاية انتهاء‬
‫األشغال»‪.‬‬
‫ويسمى هذا النوع من البيوع أيضا بالبيع عىل التصاميم أو عىل اخلريطة‪ ،‬عىل اعتبار أن‬
‫املشرتي سوف يقوم برشاء العقار استنادا إىل تصميم هنديس‪ ،‬وليس عىل حمل موجود ماديا‪،‬‬
‫فهو يرد أصال عىل مال مستقبيل غري حارض‪ .‬وقد استحدث هذا النوع من البيوع حديثا يف‬
‫النظام القانوين املغريب مقارنة مع الترشيع الفرنيس الذي أقر بيع العقار يف طور اإلنجاز كعقد‬
‫من العقود املسامة منذ الستينيات من القرن املايض(((‪.‬‬

‫(‪ )6‬ج‪.‬ر عدد ‪ 5054‬بتاريخ ‪ 07‬نونرب ‪ ،2002‬ص ‪.3183‬‬


‫(‪ )7‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 5932‬بتاريخ ‪ 7‬أبريل ‪ ،2011‬ص ‪.1072‬‬
‫(‪ )8‬سنستعمل هذا الرمز اختصار لعبارة قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫(‪ )9‬املادة ‪ 1-1601‬إىل املادة ‪ 4-1601‬من القانون رقم ‪ 03/67‬بتاريخ ‪ 3‬يناير ‪ 1967‬وعدل بالقانون رقم ‪ 547/67‬املؤرخ يف‬
‫‪ 7‬يوليوز ‪ 1967‬وبالقانون رقم ‪ 12/78‬بتاريخ ‪ 04‬يناير ‪.1978‬باالضافة إىل املواد من ‪ 9-L .261‬إىل املادة ‪22-L .261‬‬
‫من قانون البناء واالسكان‪ .‬وقد عرفته املادة ‪ 1-1601‬بأنه‪:‬‬
‫‪«La vente d’immeuble à construire est celle par laquelle le vendeur s’oblige à édifier un‬‬
‫‪immeuble dans un délai déterminé par le contrat.‬‬
‫»‪Elle peut être conclue à terme ou en l’état futur d’achèvement‬‬
‫‪ -‬للوقوف عىل النظام القانوين لبيع العقار يف طور اإلنجاز يف الترشيع الفرنيس‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪- M. Dagot: La vente d’immeuble à construire .Litec.1983.‬‬
‫‪-A. Roger: La vente d’immeuble et l’obligation de garantie à raison des vices de construire.‬‬
‫‪J.C.P.1968.n° 2146.‬‬
‫‪- D. Michel: La vente d’immeuble à construire.Litec.Paris.1983.‬‬
‫‪-‬واملالحظ من خالل املادة أعاله‪ ،‬أن املرشع الفرنيس ميز بني نوعني من البيوع ‪ :‬بيع ألجل وبيع عىل احلالة املستفبلة‪ ،‬فأما‬
‫البيع ألجل فهو العقد الذي بمقتضاه يلتزم البائع بتسليم العقار عند اإلنتهاء من إنجازه ويلتزم املشرتي بتسلمه وبأداء‬
‫الثمن يف تاريخ التسليم (املادة‪ .)2-1601‬أما البيع عىل احلالة املستقبلة فهو العقد الذي بمقتضاه يلتزم البائع بتحويل‬
‫حقوقه املرتتبة عىل األرض وكذلك ملكية البناء املوجود للمشرتي وتنتقل ملكية ما يتم إمتامه من البناء أوال بأول وذلك‬

‫‪17‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫وتندرج عملية بيع العقار يف طور اإلنجاز ضمن الترصفات القانونية املركبة‪ ،‬فهو ليس‬
‫جمرد وعد بالبيع كام أنه ليس بيعا مطلقا‪ ،‬بل جيمع بني صورتني من صور التعاقد حيث يتم‬
‫بداية إبرام عقد بيع ابتدائي عىل أن يتم إبرام العقد النهائي عند إنجار العقار‪ .‬كام أن اإلقدام عىل‬
‫هذه العقود يتسم بنوع من احلذر واحليطة من جانب املستهلك‪ ،‬نظرا لقصور القواعد العامة‬
‫يف توفري احلامية الالزمة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬فإىل أي حد نجح املرشع من خالل‬
‫قانون رقم ‪ 44-00‬يف تكريس ضوابط قانونية تشكل احلد األدنى من احلامية الالزمة ملستهلك‬
‫العقار؟ لإلجابة عن هذا التساؤل‪ ،‬ارتأينا تقسيم هذا املوضوع إىل‪:‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬االلتزام باإلعالم يف بيع العقار يف طور اإلنجاز؛‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الضامنات املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز بالنسبة للثمن؛‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الضامنات اخلاصة املقررة حلامية مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬االلتزام باإلعالم يف بيع العقار يف طور اإلنجاز‬


‫لعل القراءة املتأنية للفصول األوىل من النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز‪،‬‬
‫توضح بجالء أن املرشع يسعى إىل ضامن رضا حقيقي وواقعي ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪،‬‬
‫ينبني عىل إحاطة هذا األخري علام ومعرفة بكل تفاصيل عمليات البيع‪ ،‬وتنويره بكل جزئيات‬
‫التعاقد واملعلومات املتعلقة بااللتزامات املرتتبة عىل كل من البائع ومستهلك العقار‪ ،‬وهذا‬
‫ما يسمى بااللتزام باإلعالم(‪ .((1‬فاحلق يف اإلعالم أو التبصري يرتبط بشكل جيل بعامل الثقة‬

‫مقابل أداء الثمن من طرف املشرتي مع تقدم أشغال البناء (املادة ‪ .)3-1601‬الرتمجة للامدة األخرية لألستاذ‪:‬‬
‫‪ -‬جياليل بوجبص‪ :‬مقاالت يف القانون العقاري وقانون البناء‪ ،‬دار القلم للطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬الرباط ‪ ،2006‬ص ‪.58‬‬
‫وعىل مستوى القضاء ذهبت حمكمة النقضة الفرنسية يف غرفتها املدنية الثالثة إىل أن االتفاقيىة التي تتضمن االلتزام بالبناء‬
‫لفائدة مالك قطعة أرضية مع تضمني االتفاقية بيانا بأن املالك حيتفظ بصالحيته كصاحب عمل وليس كمشرت‪ ،‬وال‬
‫تتضمن أي التزام بنقل امللكية‪ ،‬ال تعترب بيعا لعقار يف طور اإلنجار وإنام تكيف كعقد إجارة الصنعة‪.‬‬
‫‪- Civ,3ème, 9 mars 1977.J.C.P.éd N.1978.II.229.note Steinmetz.‬‬
‫(‪ )10‬واجلدير بالتنبيه أن االلتزام بالتبصري من احلقوق اجلوهرية للمستهلك يف ظل الترشيعات احلديثة‪ ،‬ذلك أنه كلام كان‬
‫هناك إعالم وتبصري قبل التعاقد إال وكان املستهلك عىل بينة مما سيقبل عليه من التزام‪ .‬ويف هذا اإلطار جيب التمييز بني‬
‫االلتزام بالتبصري أو اإلعالم وتقديم االستشارة أو النصيحة‪ ،‬ذلك أن االلتزام األول هو التزام قانوين مفروض ال حيتاج‬
‫إىل عقد يقرره‪ ،‬يلتزم به املهني قبل إبرام العقد هدفه إعالم غري املهني بجوهر حمل العقد ومكوناته ومداه وبالعنارص‬
‫والرشوط اجلوهرية التي يتم عىل أساسها التعاقد‪ .‬أما االلتزام بتقديم النصح أو املشورة فهو متعلق بتنفيذ عقد بعوض‬
‫أي أنه يستلزم وجود اتفاق خاص يقرره‪.‬‬
‫‪ -‬خليفي مريم‪ :‬االلتزام باإلعالم اإللكرتوين وشفافية التعامل يف جمال التجارة اإللكرتونية‪ ،‬دفاتر السياسة والقانون‪،‬‬
‫العدد الرابع ‪ ،2011‬ص ‪ ،207‬هامش ‪.31‬‬
‫وألخذ فكرة عن التمييز بني االلتزام باإلعالم وباقي املؤسسات املشاهبة‪ ،‬كاملشورة والنصح وااللتزام باإلخبار‪..‬الخ‪،‬‬
‫راجع‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫الرضورية إلمتام العقود‪ ،‬وتشكل هذه الثقة معيارا حاسام‪ ،‬ومطلبا رضوريا لتشجيع املعامالت‬
‫جتارية كانت أم مدنية(‪ ،((1‬كام يرتبط بعامل الشفافية التي تشكل آلية من آليات التعامل و رشطا‬
‫من رشوط حرية االختيار (‪.((1‬‬
‫وقد عرف الفقه(‪ ((1‬االلتزام باإلعالم بأنه احلالة التي يفرض فيها القانون عىل املهني أن‬
‫يشعر املتعاقد اآلخر بجوهر حمل العقد ومكوناته‪ .‬ويمكن أن نعرفه من جانبنا بأنه‪ :‬االلتزام‬
‫الذي يفرضه القانون أو طبيعة األمور ذاهتا‪ ،‬والذي ينصب حمله عىل إحاطة املتعاقد اآلخر علام‬
‫ومعرفة بكل الوقائع واملعلومات التي تسمح له بتكوين فكرة واضحة ودقيقة بطبيعة العقد‬
‫وجوهره وااللتزامات املرتتبة عليه‪ ،‬أو أي واقعة أو عنرص أسايس معروض عليه‪ ،‬وذلك هبدف‬
‫تكوين قناعة تامة وشاملة وحرة ومنتجة يف إصدار رضاه(‪.((1‬‬

‫‪ -‬حممد ساملي‪ :‬عقد املشورة‪ ،‬حماولة يف التأصيل الفقهي واملقاربة القانونية ألعامل تقديم خدمة االستشارة الفنية والقانونية‪،‬‬
‫رسالة املاسرت املتخصص يف االستشارة القانونية‪ ،‬جامعة حممد اخلامس‪-‬السوييس‪ -‬كلية احلقوق بسال‪،2010/2009 .‬‬
‫ص ‪ 23‬وما يليها‪.‬‬
‫‪- Nadège Reboul: Les Contrats de Conseil. Presses universitaires d’Aix-Marseille. 1999.‬‬
‫‪- M-F.Mialon:.Actualité des contrats de conseil. L’intervention législative et réglementaire en‬‬
‫‪matière d’ingénierie de travaux publics et d’architecture. RTD. Civ., 1976. p 20.‬‬
‫هذا وطبقا للامدة ‪ 173‬من القانون رقم ‪ 31.08‬املتعلق بتدابري محاية املستهلك فإنه يعاقب بغرامة من ‪ 2000‬اىل ‪5000‬‬
‫درهم عىل خمالفة حق التبصري‪.‬‬
‫(‪ )11‬إن توفر الثقة بني املتعاملني يزيد بشكل إجيايب من عمليات التبادل وإبرام العقود‪ ،‬وباملقابل قد يؤدي غياب هذا العنرص‬
‫إىل اختاذ احليطة واحلذر من جانب املتعاملني مما يقلص من فرضيات إبرام العقود ما مل تتوافر ضامنات كافية تعضد هذه‬
‫التقة‪ .‬راجع يف هذا الصدد‪ - :‬خليفي مريم‪ :‬االلتزام باإلعالم االلكرتوين‪ .....‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.201‬‬
‫‪(12) J. Calais Auloy, Frank Steinmetz: Droit de la consommation, 4ème édition, Dalloz, 1996.‬‬
‫‪p.45.‬‬
‫‪ -‬دنيا مباركة‪ :‬احلامية القانونية لرضا مستهلكي السلع واخلدمات‪ ،‬املجلة املغربية لالقتصاد والقانون‪ ،‬العدد الثالث يونيو‬
‫‪ ،2001‬ص ‪.48‬‬
‫‪ -‬حممد العرويص‪ :‬االلتزام باإلعالم ضمن البيوعات الواردة عىل العقارات يف طور اإلنجاز‪ ،‬املجلة املغربية لقانون‬
‫األعامل واملقاوالت‪ ،‬العدد ‪ ،13‬ص ‪ 51‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )13‬بوعبيد عبايس‪ :‬االلتزام باإلعالم يف العقود دراسة يف محاية املتعاقد واملستهلك‪ ،‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.34‬‬
‫(‪ )14‬هناك نوعان من االلتزام باإلعالم يف هذا الصدد‪ :‬التزام عام باإلعالم وهو التزام جيد سنده يف جمموعة من القواعد العامة‬
‫والتزام خاص باإلعالم وتقتضيه القواعد اخلاصة‪ .‬انظر يف تفصيل ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬مهدي منري‪ :‬املظاهر القانونية حلامية املستهلك‪ ،‬أطروحة دكتوراه يف القانون اخلاص من كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتامعية بوجدة‪ ،2005-2004 ،‬ص ‪ 182‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬وجيب التمييز بني اإلعالم واإلشهار فهذا األخري هو عبارة عن جمموعة من اإلعالنات والبيانات التي هتدف إىل ترويج‬
‫السلع واخلدمات عرب وسائل سمعية برصية أو مها معا هبدف جلب املستهلك‪ ،‬أما االلتزام باإلعالم فيسعى إىل تأكيد أو‬
‫نفي ما يروجه االشهار بخصوص سلعة أو خدمة معينة‪ ،‬فهو وسيلة ملقاومة خماطر اإلشهار والرتويج‪.‬‬
‫‪ -‬جرعود الياقوت‪ :‬عقد البيع ومحاية املستهلك يف الترشيع اجلزائري‪.‬رسالة لنيل املاجستري‪ .‬جامعة اجلزائر‪.‬كلية احلقوق‪.‬‬
‫بن عكنون‪ .2002/2001.‬ص‪.34،‬‬

‫‪19‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫أوال‪ :‬نطاق االلتزام باإلعالم من حيث االشخاص‬


‫لعل من اإلشكاالت التي تعرتض الباحث‪ ،‬وهو بصدد حتديد الدائن امللزم باإلعالم‬
‫يف بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬اإلشكال املتعلق بمفهوم املستهلك بداية‪ ،‬حيث تنص الفقرة‬
‫الثانية من املادة الثانية من قانون رقم ‪ 31-08‬املتعلق بتحديد تدابري حلامية املستهلك عىل ما ييل‪:‬‬
‫«يقصد باملستهلك كل شخص طبيعي أو معنوي يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غري املهنية‬
‫منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة الستعامله الشخيص أو العائيل»(‪.((1‬‬
‫والظاهر من القراءة املتأنية هلذه الفقرة أن مفهوم املستهلك ينرصف إىل كل شخص طبيعي‬
‫أو معنوي إذا كان الغرض من االستهالك هو سد حاجاته الشخصية وليست املهنية‪ ،‬إذ إن إشباع‬
‫هذه احلاجات الشخصية أو العائلية هي الفرق الفاصل بني املستهلك وغري املستهلك(‪ .((1‬بيد‬

‫(‪ )15‬وهو نفس التعريف الذي تضمنته املادة الثالثة من من القانون رقم ‪ 24-09‬يتمم بموجبه قانون االلتزامات والعقود‬
‫ويتعلق بسالمة املنتوجات واخلدمات‪ .‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪.5980‬ص‪.4678،‬‬
‫‪ -‬وقد عرف املرشع املغريب مفهوم املنتوج من خالل الفصل ‪ 2-106‬من قانون االلتزامات والعقود( متم القسم األول‬
‫من الكتاب األول من قانون االلتزامات والعقود بموجب املادة ‪ 65‬من القانون رقم ‪ 24-09‬يتعلق بسالمة املنتوجات‬
‫واخلدمات وبتتميم قانون االلتزامات والعقود‪ .‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ ،5980‬ص ‪ )4678‬كام ييل‪«:‬يراد بمصطلح «منتوج» كل يشء‬
‫تم عرضه يف السوق يف إطار نشاط مهني أو جتاري أو حريف‪ ،‬بعوض أو بدون عوض‪ ،‬سواء كان جديدا أو مستعمال‪،‬‬
‫وسواء كان قابال لالستهالك أو غري قابل له‪ ،‬أو تم حتويله أو توضيبه وإن كان مدجما يف منقول أو عقار‪ .‬تعد منتوجات‬
‫األرض وتربية املاشية واألسامك والقنص والصيد منتوجات‪ .‬تعترب الكهرباء منتوجا كذلك»‪.‬‬
‫ويستخلص من عموم هذه املادة ومن الفقرة الثانية من املادة الثانية من قانون رقم ‪ 31-08‬املتعلق بتحديد تدابري حلامية‬
‫املستهلك‪ ،‬أن العقار يدخل يف مفهوم املنتوج‪.‬بمعنى أن مقتني العقار يعترب مستهلكا‪ ،‬وهذه حقيقة قانونية مل ينكرها الفقه‬
‫بدليل أن املرشع نفسه أشار بكيفية رصحية إىل بعض املقتضيات التي هتم العقار من قانون رقم ‪ 31-08‬كام هو الشأن‬
‫بالنسبة للامدة ‪ 65‬التي تلزم رفع الدعوى بالنسبة للعيوب اخلفية خالل سنتني بالنسبة للعقارات وكذلك املادة ‪ 28‬التي‬
‫تستبع من أحكام الباب املتعلقة بالعقود املربمة عن بعد العقود املربمة ألجل بناء وبيع العقارات أو متعلقة بحقوق أخرى‬
‫خاصة بالعقارات‪.‬‬
‫(‪ )16‬تباينت مواقف الفقه والقضاء بخصوص مفهوم املستهلك‪ ،‬حيث انقسمت إزاء املوضوع إىل فريقني‪ ،‬بني من يتبنى‬
‫املفهوم الضيق وبني من يتبنى املفهوم الواسع‪:‬‬
‫فأما االجتاه األول‪ ،‬فريى أن املستهلك هو كل شخص يتعاقد من أجل إشباع حاجاته الشخصية أو العائلية دون أن يكون‬
‫هلذا التعاقد أي هدف مهني‪ ،‬ومن ثم يستبعد من مفهوم املستهلك فئة التجار واملهنيني الذين يتعاقدون ألغراض جتارهتم‬
‫أو مهنتهم‪.‬بل إن جانبا من الفقه استبعد من هذا املفهوم من يتعاقد لغرض مزدوج‪ ،‬كمن يشرتي سيارة لغرض مهني‬
‫ويستعملها يف نفس الوقت لغرض شخيص أو عائيل‪.‬‬
‫‪- Y. Picod, H .Davo: Droit de la consommation. Ed. Dalloz.Paris.2005. p.20.‬‬
‫‪- A. Chair:. Liberté des prix et concurrence. Ed. Maghrébines, Casablanca., 2000, p 49.‬‬
‫‪- J. Ghestin: Traité de droit civil, le contrat: la formation.LGDJ.1988 N°59 p.13.‬‬
‫‪-‬عمران السيد حممد السيد‪ :‬محاية املستهلك أثناء تكوين العقد‪.‬منشأة املعارف‪ .‬اإلسكندرية‪ ،1986 ،‬ص‪.8،‬‬
‫‪-‬أمحد حممد الرفاعي‪ :‬احلامية املدنية للمستهلك إزاء املضمون العقدي‪ ،‬دار النهضة العربية‪.‬القاهرة‪.1994.‬ص‪.20،‬‬
‫وأما االجتاه الثاين فيأخذ باملفهوم املوسع للمستهلك معتمدا إما عىل معيار عدم التخصص أو معيار العالقة املبارشة‪ .‬فعدم‬
‫التخصص يقيض بأن الشخص املتعاقد يعترب مستهلكا إذا ما تعاقد خارج نطاق اختصاصه‪ ،‬أما املعيار الثاين فيعتمد عىل‬
‫العالقة املبارشة بني الترصف القانوين والنشاط املهني‪ ،‬فالطبيب الذي يقتني آلة سكانري لتشخيص األمراض‪ ،‬يعترب‬

‫‪20‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫أن هذا التحديد احلرصي للمستهلك ال ينطبق عىل مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬حيث أخذ‬
‫املرشع باملفهوم الواسع للمستهلك حسب عموم صياغة الفصل ‪ 2-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع(‪ ،((1‬الذي‬
‫يستخلص منه بأن قانون رقم ‪ 44-00‬يطبق عىل البيوعات التي تنصب عىل العقار سواء معدا‬
‫للسكنى أو االستعامل املهني أو التجاري أو الصناعي أو احلريف‪ ،‬وهو ما يعني أن املرشع ال يشرتط‬
‫صفة معينة يف مستهلك العقار‪ ،‬فقد يكون مهنيا أو غري مهني‪ ،‬متعاقدا مبارشا أو غري مبارش(‪.((1‬‬
‫أما املدين بااللتزام باإلعالم يف بيع العقار يف طور اإلنجار فهو البائع(‪ .((1‬ومل يستلزم املرشع‬
‫املغريب يف البائع صفة املنعش العقاري‪ ،‬بحيث يعترب بائعا للعقار يف طور اإلنجاز كل شخص‬
‫سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا خاضعا للقانون العام أو اخلاص‪ ،‬يتوىل بنفسه أو بواسطة‬
‫غريه عملية بناء وبيع العقارات‪ ،‬وسواء كان مكتسبا للصفة التجارية يف هذا املجال عن طريق‬
‫االعتياد أو االحرتاف هلذا النشاط الذي يزاوله أو مل يكن مكتسبا هلا(‪ ،((2‬بحيث خيضع لألحكام‬
‫املتعلقة ببيع العقار يف طور اإلنجاز ولو مارس هذا النشاط مرة واحدة فقط(‪.((2‬‬
‫ويمتد هذا االلتزام ليشمل أشخاصا آخرين غري البائع‪ ،‬يتدخلون بحكم عملهم يف عملية‬
‫بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬وذلك بطريق غري مبارش‪ ،‬وهم األشخاص الذين يتولون حترير‬
‫عقد البيع االبتدائي أو االنتهائي للعقار يف طور اإلنجاز طبقا ملا أشار إليه الفصل ‪ 3-618‬من‬

‫مستهلكا ألنه يترصف خارج مؤهالته املهنية ويعترب عديم اخلربة يف مواجهة البائع املهني‪ .‬راجع‪:‬‬
‫يوسف الزوجال‪ :‬مفهوم املستهلك يف الترشيع والفقه والقضاء املغريب‪ ،‬مقال منشور بموقع جملة االلكرتونية للدراسات‬
‫واألبحاث القانونية‪ www.droit plus.net .‬أطلع عليه بتاريخ ‪ 27‬مايو ‪.2012‬‬
‫‪ -‬ليندة عبد اهلل‪ :‬املستهلك واملهني‪ :‬مفهومان متباينان‪ ،‬مداخلة مقدمة للملتقى الوطني األول‪ :‬محاية املستهلك يف ظل‬
‫االنفتاح االقتصادي‪ ،‬معهد العلوم القانونية واإلدارية ‪ -‬املركز اجلامعي بالوادي ‪ -‬يومي ‪ 13‬و‪ 14‬أبريل من سنة‬
‫‪ ،2008‬مطبعة مزواورا‪ ،‬اجلزائر‪ ( ،‬تاريخ غري مذكور)‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )17‬ينص الفصل ‪ 2-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬عىل ما ييل‪:‬‬
‫«جيب أن يتم بيع العقار يف طور اإلنجاز سواء كان معدا للسكنى أو لالستعامل املهني أو التجاري أو الصناعي أو احلريف‬
‫من طرف األشخاص اخلاضعني للقانون العام أو اخلاص طبقا ألحكام هذا الفرع»‪.‬‬
‫(‪ )18‬حممد العرويص‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.54،‬‬
‫(‪ )19‬وقد أوجب املرشع الفرنيس هذا االلتزام كقاعدة يف مجيع عقود البيع بغض النظر عن طبيعتها‪ ،‬وذلك من خالل املادة‬
‫‪ 1602‬من القانون املدين التي نصت عىل أن البائع ملزم بتحديد نطاق التزامه بكيفية واضحة‪ ،‬وكل غموض أو التباس‬
‫يف هذا النطاق سيفرس ضده‪.‬‬
‫‪- Article 1602 du Droit civil :‬‬
‫‪«Le vendeur est tenu d’expliquer clairement ce à quoi il s’oblige.‬‬
‫‪Tout pacte obscur ou ambigu s’interprète contre le vendeur».‬‬
‫(‪ )20‬املادة السادسة من مدونة التجارة‪ ،‬وملزيد من اإليضاح راجع الكتب املتعلقة برشح القانون التجاري بخصوص الضوابط‬
‫التي يكتسب هبا الشخص الصفة التجارية‪.‬‬
‫(‪ )21‬حممد العرويص‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.54‬‬

‫‪21‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬كالعدول‪ ،‬واملوثقني(‪ ،((2‬واملحامني املقبولني(‪ ((2‬للرتافع أمام حمكمة النقض(‪ ،((2‬أو‬
‫املهنيني املقبولني لتحرير هذه العقود(‪ .((2‬ودورهم يف هذا املجال هو تعضيد االلتزام باإلعالم‬
‫الذي يتحمل به البائع‪ ،‬من خالل تقديم النصح واملشورة فيام خيص املسائل املتعلقة باجلوانب‬
‫القانونية وتوضيح مدى وطبيعة االلتزامات املفروضة عىل الطرفني‪ .‬فإذا كان االلتزام باإلعالم‬
‫يقترص دوره عىل جمرد اإلدالء باملعلومات التي هتم املستهلك‪ ،‬دون التأثري عليه بدفعه إىل اإلقدام‬
‫عىل أمر أو اإلعراض عنه(‪ ،((2‬فإن االلتزام بالنصح أو تقديم املشورة يرومان تنبيه املستهلك‬
‫باملخاطر وتقديم الرأي بخصوص البديل حتى يستطيع املدين أن يكون رأيا واضحا واقتناعا‬
‫خاليا من شوائب الغموض عند إقدامه عىل التعاقد‪.‬‬
‫فضبط املعامالت الواردة عىل العقار يف طور اإلنجاز ومحاية مصالح املستهلك من الضياع‬
‫مهمة جسيمة ال يمكن أن يقوم هبا إال األشخاص املؤهلون الذين يتمتعون بالكفاءة القانونية‬
‫الكافية والتجربة املهنية الرضورية‪ .‬فهم ملزمون بالكشف عن كل ما يتصل بموضوع التعاقد‬
‫املزمع إبرامه من حيث االلتزامات واحلقوق التي يرتبها العقد بحسب ما يفرضه الواجب‬
‫األخالقي أوال والواجب املهني ثانيا(‪ .((2‬فإذا نص القانون عىل رضورة تضمني العقد بيانا‬
‫معينا‪ ،‬فيجب عىل املكلف بتحرير العقد تنبيه مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬قبل إقدامه عىل‬
‫توقيع العقد‪ ،‬إىل اآلثار املرتتبة عىل الرشوط التي ينوي البائع تضمينها يف العقد والتي من شأن‬
‫املوافقة عليها أن تعطل ذلك البيان اإللزامي‪.‬‬

‫(‪ )22‬راجع‪ - :‬عبد املجيد بوكري‪ :‬التوثيق العرصي املغريب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ .‬دار السالم ‪ .‬الرباط‪ -/.2010 ،‬حممد الربيعي‪:‬‬
‫األحكام اخلاصة باملوثقني واملحررات الصادرة عنهم‪ ،‬دراسة عىل ضوء التوثيق العديل والتوثيق العرصي‪ ،‬املطبعة‬
‫والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش ‪.2008‬‬
‫(‪ )23‬محزاوي موحى‪ :‬مسؤولية املحامي يف الترشيع املغريب‪ ،‬مطبعة إديال املغرب ‪.1994‬‬
‫‪ -‬حممد عبد الظاهر حنني‪ :‬املسؤولية املدنية للمحامي جتاه العميل‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.1993‬‬
‫(‪ )24‬حلت عبارة حمكمة النقض حمل عبارة املجلس األعىل يف مجيع النصوص الترشيعية والتنظيمية اجلاري هبا العمل‪ ،‬وذلك‬
‫بمقتىض القانون رقم ‪ 58.11‬املتعلق بمحكمة النقض‪ .‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 5989‬مكرر بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،2011‬ص ‪.5228‬‬
‫(‪ )25‬وقد صدر مرسوم رقم ‪ 2.03.853‬الصادر يف ‪ 7‬يونيو ‪ .2004‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 5222‬بتاريخ ‪ 17‬يونيو ‪ .2004‬ص‪.2640،‬‬
‫حيث تنص املادة األوىل منه عىل ما ييل‪« :‬تطبيقا ألحكام الفصلني ‪ 3-618‬و ‪ 6-618‬أعاله‪ ،‬يؤهل لتحرير عقود البيع‬
‫االبتدائية والنهائية اخلاصة ببيع العقار يف طور اإلنجاز املوثقون‪ ،‬والعدول واملحامون املقبولون للرتافع أمام حمكمة‬
‫النقض‪ .‬حتدد بقرار مشرتك لوزير العدل ووزير الفالحة والتنمية القروية والوزير املنتدب لدى الوزير األول املكلف‬
‫باإلسكان والتعمري الئحة املهن القانونية واملنظمة األخرى املقبولة لتحرير العقود املشار إليها يف الفقرة األوىل أعاله وكذا‬
‫رشوط تقييد أعضائها يف الالئحة االسمية املحددة سنويا‪.»...‬‬
‫(‪ )26‬حممد ساملي‪ :‬عقد املشورة‪.‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.23‬‬
‫(‪ )27‬راجع املادة ‪ 30‬من قانون املحاماة التي جتعل من مهام املحامي تقديم االستشارات القانونية‪.‬‬
‫وتفرض املادة ‪ 37‬من القانون رقم ‪ 32.09‬املتعلق بمهنة التوثيق عىل املوثق االلتزام بنصح األطراف املتعاقدة أي قيامه أثناء‬
‫عملية التعاقد بإطالعهم عىل مضمون العقد وآثاره‪ ،‬وأن يبني هلم بوضوح التزاماهتم وحقوقهم‪ ،‬حيث تنص الفقرة الثانية‬
‫من املادة السابقة عىل ما ييل‪« :‬جيب عىل املوثق إسداد النصح لألطراف‪ ،‬كام جيب عليه أن يبني هلم ما يعلمه بخصوص‬
‫موضوع عقودهم‪ ،‬وأن يوضح هلم األبعاد واآلثار التي قد ترتتب عن العقود التي يتلقاها »‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫ولعل احلكمة من إسناد مهمة حترير عقد البيع االبتدائي أو النهائي للعقار يف طور اإلنجاز‬
‫حرصا لفئات معينة‪ ،‬تكمن يف كون هذه الفئات منظمة تنظيام قانونيا يف إطار تنظيمي يضمن‬
‫تأطريهم وتأهيلهم وخيضعهم للمراقبة واإلرشاف‪ ،‬وحيدد مسؤولياهتم املهنية واملدنية وحتى‬
‫اجلنائية منها(‪ ،((2‬فيكون املرشع بذلك قد سعى إىل وضع املستهلك بني أيد أمينة تضمن من‬
‫خالل التزامهم بالنصح واملشورة احلد األدنى من احلامية‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬النطاق املوضوعي لاللتزام باإلعالم‬
‫تتجىل مظاهر أو جتليات االلتزام باإلعالم بالنسبة لبيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬يف حترير‬
‫العقد االبتدائي وإعداد دفرت التحمالت‪.‬‬
‫‪ - 1‬حترير العقد االبتدائي(‪:((2‬‬
‫لكي يكتمل الركن املادي لاللتزام باإلعالم الذي يتحمل به البائع يف بيع العقار يف طور‬
‫اإلنجاز‪ ،‬استهل املرشع الفصل ‪ 3-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع يف فقرته األوىل بام ييل‪:‬‬

‫(‪ )28‬نظم املرشع املغريب العقوبات التأديبية التي تطبق عىل املحامي يف املواد من ‪ 61‬إىل ‪ 72‬من قانون املحاماة رقم ‪-08‬‬
‫‪ .28‬وبالنسبة للعقوبات اجلنائية املواد ‪ 98‬و‪ 100‬من نفس القانون‪ .‬وبخصوص املوثقني فيخضعون للرقابة والتأديب‬
‫وللعقوبات اجلنائية واملسؤولية املدنية املنصوص عليها يف املواد من ‪ 65‬إىل ‪ 96‬من القانون رقم ‪ 32.09‬املتعلق بمهنة‬
‫التوثيق‪ .‬أما بخصوص العدول فيخضعون للرقابة والتأديب طبقا للمواد ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬من قانون رقم ‪ 16.03‬املتعلق‬
‫بخطة العدالة‪ .‬وملزيد من التوسع‪ ،‬انظر‪- :‬احلمزاوي‪ :‬مسؤولية املحامي يف الترشيع املغريب‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‬
‫بالدار البيضاء‪ -.1994 .‬لبنى الوزاين‪ :‬املسؤولية التأديبية للموثق عىل ضوء العمل القضائي‪ ،‬دار السالم للطباعة والنرش‬
‫والتوزيع الرباط‪ - .2011 ،‬نور الدين العمراين‪ :‬املسؤولية اجلنائية للموثق والعدل عن تزوير املحررات‪ ،‬جملة أمالك‪،‬‬
‫العدد األول‪ ،‬ص ‪ -.191‬عبدالرزاق الصبيحي‪ :‬مسؤولية العدول يف ضوء القانون اجلديد املنظم خلطة العدالة‪ ،‬جملة‬
‫احلقوق املغربية‪ ،‬العدد ‪ ،6‬ص ‪.105‬‬
‫(‪ )29‬وقد اختلف الفقه الفرنيس يف تكييف العقد االبتدائي املربم يف إطار بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬منهم من كيفه وعدا‬
‫بالبيع‪ ،‬ومنهم من اعتربه عقد خيار‪ ،‬ومنهم من حبذ هنج التكييف املتدرج بالنظر إىل عملية البناء ومستواها‪ .‬فهو يعترب‬
‫وعدا بالبيع قبل بداية األشغال‪ ،‬وعقد خيار بعد االنتهاء من البناء وقبل احلصول عىل شهادة املطابقة‪ ،‬وعقد بيع بعد‬
‫التأكد من مطابقة العقار لدفرت التحمالت ‪ .‬وللوقوف عىل هذه التكييفات وغريها سواء عىل مستوى الفقه املغريب أو عىل‬
‫مستوى الفقه الفرنيس‪ ،‬انظر ‪:‬‬
‫‪ -‬عبد القادر العرعاري‪ :‬وجهة نظر خاصة يف مادة القانون املدين املعمق بني الفقه والقضاء‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة األمنية‪.‬‬
‫الرباط ‪ ،2010‬ص ‪.115‬‬
‫‪- PH. Malinvaud et PH. Jestaz: Droit de la promotion immobilière .Dalloz .6ème éd paris.1995.‬‬
‫‪n° 371./‬‬
‫‪- M. Dagot: la vente d’immeuble à construire .L.I.T.E.C.1988, n° 232 et suiv‬‬
‫‪- F. Collart Dutilleur: Les contrats préparatoires à la vente d’immeubles. Sirey 1988. n° 99 et suiv.‬‬
‫‪- G. Cornu: note .RTD CIV 1972. p 611.‬‬
‫‪- J.L Bergel: Les contrats préliminaires de réservation dans les ventes d’immeubles à construire‬‬
‫‪.J.C.P . 1974. I.2669‬‬
‫‪- D. Pouton-Grillet: Le contrat de réservation .D.1991. Chron.p.26‬‬
‫‪- P.H Antonmattei et J. Raynard: Droit Civil, contrat spéciaux.3ème éd. Litec.2002.. n° 47.‬‬

‫‪23‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫«جيب أن حيرر عقد البيع االبتدائي للعقار يف طور اإلنجاز إما يف حمرر رسمي وإما بموجب‬
‫عقد ثابت التاريخ يتم حتريره من طرف مهني ينتمي إىل مهنة قانونية منظمة وخيول هلا قانوهنا‬
‫حترير العقود وذلك حتت طائلة البطالن»‪.‬‬
‫والظاهر من خالل هذا النص أن املرشع قد حسم يف مسألة شكلية البيوع العقارية يف طور‬
‫اإلنجاز‪ ،‬إذ ال تقوم هلذا العقد قائمة إال إذا أفرغ يف شكل رسمي أو حمرر ثابت التاريخ‪ .‬ولعل‬
‫غاية املرشع من هذا املسلك‪ ،‬هي بلوغ أو إدراك حقيقتني متالزمتني‪:‬‬
‫احلقيقية القانونية‪ :‬وبمقتضاها ال تشكل كتابة عقد بيع العقار يف طور اإلنجاز إال تكريسا‬
‫ملضمون الفصل ‪ 489‬من ق‪.‬ا‪.‬ع(‪ ،((3‬الذي يتحدث عن رضورة كتابة البيع املنصب عىل عقار‬
‫أو حق عيني أو أي أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا يف حمرر ثابت التاريخ‪ .‬وهبذه احلقيقة‬
‫يكون املرشع قد وضع حدا للجدال الفقهي واالجتهاد القضائي حول رضورة التمييز بني البيع‬
‫الوارد عىل عقار حمفظ من عدمه فيام خيص رشط الكتابة الوارد يف الفصل ‪ 489‬أعاله(‪ .((3‬بل إن‬

‫(‪ )30‬ينص الفصل ‪ 489‬من ق‪.‬ا‪.‬ع عىل ما ييل‪:‬‬


‫«إذا كان املبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا‪ ،‬وجب أن جيري البيع كتابة يف حمرر ثابت‬
‫التاريخ‪ ،‬وال يكون له أثر يف مواجهة الغري إال إذا سجل يف الشكل املحدد بمقتىض القانون‪«.‬‬
‫(‪ )31‬لقد ثار اخلالف بخصوص تطبيق قانون االلتزامات والعقود عىل العقار غري املحفظ خصوصا بالنسبة للحاالت املنظمة‬
‫واملقننة من طرف هذا القانون والفقه املالكي فيام خيص تدبري العقارات غري املحفظة‪.‬ففريق يرى أن أحكام الفقه املالكي‬
‫هي الواجبة التطبيق عىل العقار غري املحفظ‪ ،‬عىل اعتبار أن قانون االلتزامات والعقود ما كان ليطبق يف يوم من األيام عىل‬
‫العقارات العادية‪ ،‬باإلضافة إىل أن هذا الرأي ينسجم مع ما تواترت عليه الدساتري املغربية من كون اإلسالم دين الدولة‬
‫وأن الترشيع الصادر عن املؤسسات املعنية ال يمكن أن يكون مناقضا للرشيعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬حممد ابن معجوز‪ :‬احلقوق العينية يف الفقه اإلسالمي والتقني املدين‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء ‪،1990‬‬
‫ص ‪.8‬‬
‫وفريق ينارص تطبيق قانون االلتزامات والعقود عىل العقار غري املحفظ‪ ،‬عىل أساس أنه الرشيعة العامة لباقي فروع القانون‬
‫األخرى‪ ،‬كام أنه يتضمن جمموعة من القواعد ال تتعارض مع قواعد الفقه اإلسالمي‪ ،‬باإلضافة إىل أنه حيوي مقتضيات‬
‫رصحية وواضحة ويف املتناول‪ ،‬أما قواعد الفقه اإلسالمي فيتطلب التنقيب عنها وفهمها‪ ،‬جمهودا ماديا وعلميا ال يتوفر إال‬
‫فيمن كانت له الكفاءة العلمية والدراية هبذه القواعد الفقهية‪.‬‬
‫أستاذنا حممد الكشبور‪ ،‬بيع العقار بني الرضائية والشكلية‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية املعارصة العدد األول‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح اجلديدة بالدار البيضاء‪ ،2001 .‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ :‬مركز الفقه اإلسالمي يف القانون املغريب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا يف القانون اخلاص‪،‬‬
‫كلية احلقوق بمراكش ‪ ،1996 ،1995‬ص ‪.173‬‬
‫‪-‬وعىل مستوى العمل القضائي‪ ،‬تتمسك الغرفة الرشعية باملجلس األعىل (حمكمة النقض حاليا) بتطبيق قواعد الفقه‬
‫اإلسالمي عىل العقار غري املحفظ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬قرار بتاريخ ‪ 4‬ماي ‪ ،1985‬ملف عدد ‪ ،98092‬جملة رسالة املحاماة‪ ،‬ع‪ .5 ،‬ص ‪ 112‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار بتاريخ ‪ 11‬ماي ‪ ،1982‬منشور بمجلة قضاء املجلس األعىل ع‪ .31 ،‬ص ‪ 68‬وما بعدها‪.‬‬
‫قرار عدد ‪ 401‬بتاريخ ‪ 7‬يوليوز ‪ ،1976‬ملف عدد ‪ 43664‬جملة القضاء والقانون‪ ،‬العدد ‪ .126‬ص ‪ 102‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 1650‬بتاريخ ‪ 25‬يوليوز ‪ ،1990‬منشور بمجلة املعيار‪ .‬ع‪ .17 ،‬ص ‪.98‬‬
‫‪ -‬قرار بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪ ،1983‬منشور بمجلة قضاء املجلس األعىل‪ ،‬ع ‪ ،34/32‬ص‪ 52 ،‬وما يليها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫املرشع سعى إىل التدرج يف تقريره هلذه احلقيقة من خالل إصدار قوانني توجب حترير العقود‬
‫كتابة بدءا من القانون رقم ‪ ،((3(25.90‬والقانون رقم ‪ ،((3(44.00‬والقانون رقم ‪،((3(18.00‬‬
‫والقانون رقم ‪ ،((3(51.00‬وصوال اىل القانون رقم ‪ ،((3(39.08‬الذي حسم املسألة بشكل هنائي‬
‫من خالل املادة الرابعة من مدونة احلقوق العينية(‪ .((3‬ومن ثم فرشط الكتابة رشط لصحة عقد‬
‫بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬وجزاء اإلخالل به البطالن(‪ ،((3‬هذا من جهة‪.‬‬

‫‪ -‬قرار بتاريخ ‪ 2‬يوليوز ‪ ،1985‬منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬ع ‪ ،138‬ص ‪ 212‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار صادر بتاريخ ‪ 31‬يناير ‪ ،1984‬منشور بمجلة القضاء والقانون‪ ،‬ع ‪ ،134/133‬ص‪ 165 ،‬وما يليها‪.‬‬
‫‪-‬وباملقابل تتمسك الغرفة املدنية باملجلس األعىل(حمكمة النقض حاليا) بتطبيق قانون االلتزامات والعقود عىل العقار‬
‫غري املحفظ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬قرار بتاريخ ‪ 27‬أبريل ‪ ،1983‬منشور بمجلة قضاء املجلس األعىل يف املادة املدنية‪ .1991 1983- .‬ص ‪ 75‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬قرار عدد ‪ 2251‬بتاريخ ‪ 8‬دجنرب ‪ ،1989‬ملف مدين ‪ .84/2296‬قرار غري منشور‪ (.‬أورده أمحد أدريوش‪ ،‬نطاق ظهري‬
‫االلتزامات والعقود‪،‬مطبعة األمنية بالرباط‪ .1996 ،‬ص‪ 208 ،‬وما بعدها)‪.‬‬
‫(‪ )32‬املادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪ 25.90‬املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات ‪ .‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد‬
‫‪ 4159‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز ‪ .1992‬الصفحة ‪.880‬‬
‫(‪ )33‬القانون املتعلق ببيع العقار يف طور اإلنجاز حمل هذه الدراسة‪.‬‬
‫(‪ )34‬املادة ‪ 12‬من القانون رقم ‪ 18-00‬املتعلق بالعقارات املبنية أو القسمة إىل شقق أو طبقات أو حمالت‪.‬راجع‪:‬‬
‫‪-‬حسن الزرداين‪ :‬قراءة يف املادة ‪ 12‬من قانون ‪ 18-00‬املتعلق بنظام امللكية املشرتكة للعقارات املبنية‪ .‬أشغال الندوة‬
‫املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات العقارية‪ .‬يومي ‪ 11‬و‪ 12‬فرباير ‪.2005‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ .‬مراكش‪.‬‬
‫‪ .2005‬ص‪ 171،‬ومابعدها‪.‬‬
‫(‪ )35‬املادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 51-00‬املتعلق باإلجيار املفيض إىل متلك العقار‪.‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬حممد شيلح‪ :‬قراءة ميتودولوجية لصيغة الكراء املفيض إىل متلك الربع املبني لغرض السكنى يف ضوء القانون رقم ‪-51‬‬
‫املتعلق باإلجيار املفيض إىل متلك العقار‪ .‬أشغال الندوة املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات العقارية‪ .‬يومي ‪ 11‬و‪12‬‬
‫فرباير ‪.2005‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ .‬مراكش‪ .2005 .‬ص‪ 123،‬ومايليها‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الكريم الطالب‪ :‬توثيق االجيار املفيض إىل متلك العقار‪ .‬أشغال الندوة املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات‬
‫العقارية‪ .‬يومي ‪ 11‬و‪ 12‬فرباير ‪.2005‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ .‬مراكش‪ .2005 .‬ص‪ 149،‬ومابعدها‪.‬‬
‫(‪ )36‬القانون رقم ‪ 39.08‬املتعلق بمدونة احلقوق العينية‪ .‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 24‬نونرب ‪ .2011‬ص‪.5587،‬‬
‫(‪ )37‬جاء يف املادة الرابعة من مدونة احلقوق العينية ماييل‪« :‬جيب أن حترر‪-‬حتت طائلة طائلة البطالن‪-‬مجيع الترصفات املتعلقة‬
‫بنقل امللكية أو بإنشاء احلقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعدياها أو إسقاطها بموجب حمرر رسمي‪ ،‬أو بمحرر ثابت‬
‫التاريخ يتم حتريره من طرف حمام مقبول للرتافع أمام حمكمة النقض‪ ،‬ما مل ينص قانون خاص عىل خالف ذلك‪.‬‬
‫جيب أن يتم توقيع العقد املحرر من طرف املحامي والتأشري عىل مجيع صفحاته من األطراف ومن اجلهة التي حررته‪.‬‬
‫تصحح إمضاءات األطراف من لدن السلطات املحلية املختصة ويتم التعريف بإمضاء املحامي املحرر للعقد من لدن‬
‫رئيس كتابة الضبط باملحكمة االبتدائية التي متارس بدائرهتا »‪.‬‬
‫(‪ )38‬للوقوف عىل رشوط الكتابة يف بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬حممد اخلرضاوي‪ :‬رشط الكتابة يف بيع العقار يف طور اإلنجاز بني غايات الترشيع وإكراهات الواقع‪ .‬أشغال الندوة‬
‫املنظمة بمراكش حول توثيق الترصفات العقارية‪ .‬يومي ‪ 11‬و‪ 12‬فرباير ‪.2005‬املطبعة والوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪.‬‬
‫‪ .2005‬ص ‪ 159‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬حممد اخلرضاوي‪ :‬إشكالية توثيق الترصفات العقارية ومتطلبات التنمية‪ -‬قراءة يف قانون ‪.44-00‬جملة البحوث‪.‬‬
‫العدد‪ ،7‬ص ‪ .37‬منشور كذلك يف جملة حماكمة‪.‬العدد الثالث‪.‬ص‪ 145 ،‬ومايليها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫ومن جهة أخرى ال يستطيع مستهلك العقار يف طور اإلنجاز االستفادة من بعض الضامنات‬
‫التي يقررها القانون إال إذا كان العقد كتابيا‪ ،‬كام هو الشأن بالنسبة للتقييد االحتياطي لضامن‬
‫حقه يف تقييد البيع لدى املحافظة العقارية(‪ ،((3‬أو تقييده هنائيا بعد االنتهاء من األشغال(‪،((4‬‬
‫ما دام أن إجراءات التقييد االحتياطي أو التقييد يف السجل العقاري تفرض بداهة أن يكون‬
‫العقد كتابيا‪.‬‬
‫احلقيقة الواقعية‪ :‬تشكل كتابة العقد االبتدائي محاية ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز من‬
‫كل تعنت أو إنكار من جانب البائع لاللتزامات التي يتحمل هبا هذا األخري‪ .‬كام أن الكتابة قد‬
‫تثبت احلق وتثبت مركز صاحبه‪ ،‬وهي وسيلة ال غنى عنها اليوم أمام تطور املعرفة وانتقاهلا عرب‬
‫الشبكة املعلوماتية‪ ،‬فيكون من التخلف املطلق احلديث عن إبرام عقود ذات قيمة مالية كربى‬
‫دون سلوك مسطرة الكتابة‪ .‬بل إن كتابة العقد االبتدائي قد تساهم بكيفية أو بأخرى يف تسهيل‬
‫إمكانية احلصول عىل التمويل املايل من البنوك أو باقي املؤسسات االئتامنية األخرى التي تعتمد‬
‫يف إجراءات منح التسهيالت والقروض بام هو كتايب‪.‬‬
‫وعموما‪ ،‬فقد أوجب املرشع من خالل الفصل ‪ 3-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع أن يتضمن العقد االبتدائي‬
‫عىل اخلصوص بيانات متعددة سوف تساهم يف تنوير املشرتي املستهلك بكل جزئيات التعاقد‬
‫واملعلومات املتعلقة بااللتزامات املرتتبة عىل كال الطرفني ‪ ،‬وهذه هي البيانات التالية‪:‬‬
‫أ ‪ -‬هوية املتعاقدين‪ :‬وهو بيان يدخل يف باب البدهييات الشكلية التي تستلزم حتديد نطاق‬
‫العقد من حيث أشخاصه‪ .‬وعليه‪ ،‬يتعني حتديد األسامء العائلية والشخصية لألطراف املتعاقدة‬
‫وما إذا كان الطرفان أو كالمها شخصا طبيعيا أو اعتباريا‪ ،‬وحتديد موطنهام وديانتهام‪ ،‬وهل يربم‬
‫املتعاقد العقد أصالة عن نفسه أو نيابة عن غريه إىل غري ذلك من البيانات التي ترمي إىل حتديد‬
‫هوية أطراف العقد دفعا لكل جهالة(‪.((4‬‬
‫ب ‪ -‬رسم العقار املحفظ أو مراجع ملكية العقار غري املحفظ‪ :‬مع حتديد احلقوق العينية‬
‫والتحمالت العقارية الواردة عىل العقار أو أي اتفاق آخر عند االقتضاء(‪.((4‬‬
‫وترجع أمهية هذا البيان يف إعالم املستهلك بطبيعة العقار الذي سوف يتم إنجاز البناء‬
‫عليه‪ ،‬ومن ثم طبيعة النظام القانوين الذي خيضع له‪ .‬وإذا كان هذا البيان يمكن الوقوف عىل‬
‫حقيقته بكل وضوح وشفافية إذا كان العقار حمفظا‪ ،‬من خالل احلصول عىل شهادة من املحافظة‬

‫(‪ )39‬الفصل ‪ 10-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬


‫(‪ )40‬الفصل ‪ 20-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫(‪ )41‬راجع يف تفصيل ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬عبد احلق صايف‪ :‬بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪ ،2011 .‬ص ‪ 131‬ومايليها‪.‬‬
‫(‪ )42‬راجع املواد من ‪ 70‬إىل ‪ 78‬من مدونة احلقوق العينية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫العقارية التي تبني الوضعية القانونية للعقار(‪ ،((4‬فإن الوضع يغدو صعبا بالنسبة للعقار غري‬
‫املحفظ‪ ،‬الذي تظل فيه احلقيقة القانونية للحقوق واملراكز القانونية املتعلقة به حقيقة نسبية‬
‫وحمفوفة بمخاطر املنازعة يف وجودها‪ ،‬ألهنا حقيقة تتحكم فيها جمموعة من الضوابط أمهها‬
‫قواعد احليازة املكسبة للملكية(‪ .((4‬لذلك إذا كانت احلكمة من إدخال هذا النوع من العقارات‬
‫ضمن بيع العقارات يف طور اإلنجاز هي إرشاكه يف خانة الدورة االقتصادية االستثامرية‪ ،‬فإن‬
‫جانبا من الفقه املغريب يرفض هذا املسلك من املرشع دون أن يصاحبه سن سياسة التحفيظ‬
‫اإلجباري بالنسبة هلذا النوع من العقارات اخلاضعة للمقتضيات املطبقة عىل العقارات يف طور‬
‫اإلنجاز(‪.((4‬‬
‫ج ‪ -‬تاريخ ورقم رخصة البناء ووصف العقار حمل البيع‪ :‬ويقصد برخصة البناء(‪ ،((4‬القرار‬
‫اإلداري الذي تصدره اجلهة املختصة بتنظيم املباين‪ ،‬وتأذن فيه بالبناء بعد أن تتحقق من احرتام‬

‫(‪ )43‬تنص املادة الثانية يف فقرهتا األوىل من مدونة احلقوق العينية عىل ما ييل‪:‬‬
‫«إن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة إلنشائها حتفظ احلق الذي تنص عليه وتكون حجة يف مواجهة الغري‬
‫عىل أن الشخص املعني هبا هو فعال صاحب احلقوق املبينة فيها »‪.‬‬
‫وينص الفصل ‪ 58‬من ظهري التحفيظ العقاري عىل ما ييل‪:‬‬
‫«للاملك دون غريه‪ ،‬احلق يف أخذ نظري من الرسم العقاري ومن التصميم امللحق به‪.‬يشهد املحافظ عىل األمالك العقارية‬
‫بصحتها بإمضائه ووضع خاتم املحافظة العقارية عليهام‪.‬‬
‫يف حالة الشياع ال يسلم إال نظري واحد للرشيك املفوض له ذلك‪ .‬أما باقي أصحاب احلقوق العينية فيمكنكم احلصول‬
‫عىل شهادة خاصة بالتقييد»‪.‬‬
‫(‪ )44‬وفاء جوهر‪ :‬بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬املجلة املغربية للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬ص ‪.70‬‬
‫‪ -‬حممد اخلرضاوي‪ :‬رشط الكتابة يف بيع العقار يف طور اإلنجاز بني غايات الترشيع وإكراهات الواقع‪ ،‬ص‪.165‬‬
‫وقد أقر املرشع هبذه احلقيقة من خالل الفقرة الثانية من املادة الثالثة من مدونة احلقوق العينية التي تقيض بام ييل‪:‬‬
‫«ال تفيد عقود التفويت ملكية العقارات غري املحفظة إال إذا استندت عىل أصل التملك وحاز املفوت له العقار حيازة‬
‫متوفرة عىل الرشوط القانونية»‪.‬‬
‫(‪ )45‬وفاء جوهر‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪.72،‬‬
‫‪ -‬حممد اخلرضاوي‪ :‬إدماج العقار غري املحفظ يف النظام القانوين لبيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬الغايات واإلكراهات‪،‬‬
‫أشغال ندوة العقار املحفظ إىل أين؟ بمراكش يومي ‪ 28‬و‪ 29‬فرباير ‪ ،2008‬منشورات مركز الدراسات القانونية املدنية‬
‫والعقارية بمراكش ص ‪101‬‬
‫(‪ )46‬تنص املادة ‪ 40‬من قانون رقم ‪ 12-90‬املتعلق بالتعمري‪ ،‬الصادر ‪ 17‬يونيو ‪ ،1992‬ج‪.‬ر عدد ‪ 4591‬بتاريخ ‪ 15‬يوليوز‬
‫‪ ،1992‬عىل ما ييل‪:‬‬
‫«يمنع القيام بالبناء دون احلصول عىل رخصة ملبارشة ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬داخل الدوائر املنصوص عليها يف املادة األوىل أعاله ويف املناطق املشار إليها يف ب) من املادة ‪ 18‬من هذا القانون التي‬
‫تكتيس صبغة خاصة تستوجب خضوع هتيئتها لرقابة إدارية؛‬
‫‪ -‬خارج الدوائر املنصوص عليها يف البند السابق والتجمعات القروية املوضوع هلا تصميم تنمية ‪ :‬عىل طول السكك‬
‫احلديدية وطرق املواصالت غري الطرق اجلامعية إىل غاية عمق يبلغ كيلومرتا ابتداء من حمور السكك احلديدية والطرق‬
‫اآلنفة الذكر‪ ،‬وعىل طول حدود امللك العام البحري إىل غاية عمق يبلغ مخسة كيلومرتات ؛‬
‫‪ -‬داخل التجزئات املأذون يف إحداثها عمال بالترشيع املتعلق بتجزئة األرايض وتقسيمها وإقامة املجموعات السكنية‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫اإلجراءات والقواعد التي تفرضها قوانني التعمري(‪ .((4‬وغني عن البيان أنه يتعني الرجوع دائام‬
‫إىل مضمون هذه الرخصة لتحديد ما إذا كان نطاقها عاما يشمل بناء العقار ابتداء من األشغال‬
‫املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض إىل غاية االنتهاء الكامل من األشغال الكربى‪،‬‬
‫أم أن الرتخيص ينحرص يف األشغال املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض‪ ،‬إذ أن‬
‫أمهية ذكر تاريخ ورقم رخصة البناء تبدو معدومة يف الفرضية األخرية ما دام العقد االبتدائي‬
‫أصال لن يتم إبرامه إال بعد االنتهاء من أشغال األساسات األرضية‪ .‬ومن ثم فإن البيان املتعلق‬
‫بتاريخ ورقم رخصة البناء يشكل قرينة عىل تاريخ بدء البناء‪ ،‬كام أنه يشكل آلية من شأهنا أن‬
‫تبث يف نفوس املستهلكني الثقة واآلمان يف مدى مطابقة املرشوع ألحكام التعمري(‪.((4‬‬
‫ويثار التساؤل حول الفرضية التي تنعدم فيها رخصة رصحية بالبناء‪ ،‬وهي ما يعرف برخصة‬
‫البناء الضمنية التي تنظمها املادة ‪ 48‬من قانون رقم ‪ 12-90‬املتعلق بالتعمري‪ ،‬حيث تقيض بأنه‪:‬‬
‫«يف حالة سكوت رئيس املجلس اجلامعي تعترب رخصة البناء مسلمة عند انقضاء شهرين‬
‫من تاريخ ايداع طلب احلصول عليها»‪.‬‬
‫يذهب البعض إىل أنه يف هذه احلالة‪« ،‬يتعني ذكر مراجع إيداع طلب رخصة البناء لدي‬
‫رئيس املجلس اجلامعي ترابيا حتى يتم التأكد من انرصام أجل الشهرين املنصوص عليه يف‬
‫املادة ‪ ،48‬وذلك كي ال تكون أشغال البناء مهددة باإليقاف الفوري أو باهلدم»(‪.((4‬‬
‫ويتعني أن يتضمن العقد االبتدائي بيانا يصف العقار حمل البيع من حيث حتديد موقعه‬
‫ومميزاته‪ ،‬وما إذا كان عىل زاوية الطريق العام أم له حدود مغلقة ومشتمالته من حيث مرافقه‬

‫وجيب احلصول عىل رخصة البناء كذلك يف حالة إدخال تغيريات عىل املباين القائمة إذا كانت التغيريات املزمع إدخاهلا‬
‫عليها تتعلق بالعنارص املنصوص عليها يف الضوابط املعمول هبا»‪.‬‬
‫وللوقوف عىل املنازعات التي يمكن أن ترتتب عىل رخصة البناء‪ ،‬راجع‪- :‬حاتم الرحاوي‪ :‬منازعات رخصة البناء‪،‬‬
‫رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬جامعة حممد اخلامس أكدال‪ ،‬كلية احلقوق أكدال‪ ،‬الرباط‪.2003/2002 .‬‬
‫(‪ )47‬راجع بخصوص جمموعة من التعاريف‪:‬‬
‫‪ -‬حممد بوجيدة‪ :‬رخصة البناء‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،1998‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية و التنمية‪،‬‬
‫سلسلة دالئل التسيري‪ ،‬ص‪.7.‬‬
‫‪ -‬أرشف توفيق شمس الدين‪ :‬رشح قانون توجيه و تنظيم أعامل البناء‪ ،‬دار الطبع‪ ،1996 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -‬عبد النارص توفيق العطار‪ :‬ترشيعات تنظيم املباين‪ ،‬مطبعة السعادة ‪ ،197‬ص‪.80 .‬‬
‫(‪ )48‬عبد احلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪.‬ص‪.143،‬‬
‫(‪ )49‬عبد احلفيظ مشاميش‪ :‬بيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2012 ،‬ص ‪.110‬‬
‫‪ -‬واجلدير باإلشارة أن مرشوع قانون التعمري رقم ‪ 30-07‬يتضمن مقتضيات هتدف إىل تبسيط اإلجراءات‪ ،‬إذ تم تقليص‬
‫أجل تسليم رخصة البناء من شهرين إىل شهر واحد مع التخيل عن الرتخيص الضمني‪ ،‬حيث إن سكوت رئيس املجلس‬
‫اجلامعي أو عند االقتضاء رئيس املقاطعة – حسب املادة ‪ 104‬من قانون التنظيم اجلامعي‪ -‬يعد بمثابة رفض هلا‪ ،‬عكس ما‬
‫هو وارد يف املادة ‪ 48‬من القانون رقم ‪.12.90‬‬

‫‪28‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫األصلية والثانوية وتصنيفه إىل غري ذلك من األوصاف(‪ ،((5‬وهو بيان تقرر لصالح مستهلك‬
‫العقار يف طور اإلنجاز حتى يستطيع أن يقف عىل التصور احلقيقي للبناء الذي سوف يتم‬
‫تشييده عىل هذا العقار‪.‬‬
‫د ‪ -‬ثمن البيع النهائي وكيفية أدائه‪ :‬ويشكل هذا البيان ضامنا هاما ملستهلك العقار يف طور‬
‫اإلنجاز‪ .‬وقد وصفه املرشع بالثمن النهائي أي املبلغ اإلمجايل غري القابل للتعديل الذي سوف‬
‫يدفعه املستهلك حسب اتفاق الطرفني‪ .‬وهو ما يعني أن البائع ال يملك احلق يف املطالبة بأداء‬
‫أقساط زائدة عىل هذا الثمن النهائي(‪ .((5‬وترتيبا عىل ذلك ال يمكن للبائع التمسك بالظروف‬
‫املستجدة بعد إبرام العقد‪ ،‬للمطالبة بتعديل الثمن النهائي‪ .‬وكأننا يف واقع األمر أمام حسم‬
‫ترشيعي بخصوص رفض تطبيق نظرية الظروف الطارئة يف هذا املضامر(‪ ،((5‬فالبائع يتعاقد‬
‫عىل ضوء التكلفة احلقيقية للمرشوع وهامش الربح والظروف املحتملة التي من شأهنا الرفع‬
‫من التكلفة(‪.((5‬‬
‫ويوجب القانون أن يتضمن العقد االبتدائي كذلك كيفية أداء الثمن املتفق عليه‪ .‬واألصل‬
‫فيه أن يؤدى عىل أقساط حسب مراحل تقدم أشغال البناء(‪ ،((5‬كام سوف نرى الحقا‪.‬‬

‫(‪ )50‬عبد احلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.144‬‬


‫(‪ )51‬عبد احلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 166،‬وما يليها‪.‬‬
‫(‪ )52‬األصل أن نظرية الظروف الطارئة جتد مرتعها اخلصب يف القانون اإلداري‪ ،‬ويستلزم توافر عدة رشوط لألخذ هبذه‬
‫النظرية وهي كالتايل ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن يكون العقد مرتاخي التنفيذ ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن يكون احلادث طارئ ًا عند تنفيذ العقد غري متوقع واستثنائي‪.‬‬
‫ج ‪ -‬أن جيعل احلادث الطارئ تنفيذ العقد مرهقا‪.‬‬
‫فإذا توافرت هذه الرشوط فإن القايض يرد االلتزام املرهق إىل احلد املعقول الذي يطيقه املدين وال حيدث رضرا كبريا‬
‫للدائن‪.‬‬
‫وال يأخذ املرشع املغريب يف القانون اخلاص ‪ -‬من حيث املبدأ‪ -‬بنظرية الظروف الطارئة‪ .‬وإن كانت ثمة تطبيقات خاصة‬
‫لفلسفة هذه النظرية أو آلتارها ( وليس النظرية يف ذاهتا) يف نصوص خاصة كام هو الشأن بالنسبة لفصل األجراء ألسباب‬
‫اقتصادية أو هيكلية ( املواد من ‪ 66‬إىل ‪ 72‬من مدونة الشغل)‪ ،‬ونظام صعوبات املقاولة التي يضحي باملصالح اخلاصة‬
‫( جدولة الديون‪ ،‬اسقاط الديون التي مل يتم الترصيح هبا‪ ،‬اإلعفاء من الفوائد‪..‬فصل األجراء كليا أو جزئيا) يف سبيل‬
‫استمرار هذه املقاولة‪.‬‬
‫وللتوسع أكثر حول نظرية الظروف الطارئة يف الترشيع املغريب واملقارن‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬أستاذنا حممد الكشبور‪ :‬نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫‪.1993‬‬
‫(‪ )53‬وعىل مستوى الواقع املعيش غالبا ما يتمسك املنعش العقاري باألزمة االقتصادية العاملية ومدى تأثريها عىل ارتفاع أثمنة‬
‫مواد البناء وثمن األرض كحجة للمطالبة بأداء أقساط زائدة عىل الثمن املتفق عليه‪.‬‬
‫(‪ )54‬انظر الفصل‪ 6-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫هـ ‪ -‬أجل التسليم‪ :‬ويرتب اإلخالل هبذا األجل مسؤولية البائع(‪ ،((5‬ويتحدد أجل التسليم‬
‫عمليا بعد االنتهاء من إنجاز العقار‪ ،‬بل إن هذا األخري ال يعترب منجزا ولو تم االنتهاء من بنائه‪،‬‬
‫إال بعد احلصول عىل رخصة السكنى أو شهادة املطابقة(‪.((5‬‬
‫و‪ -‬مراجع الضامنة البنكية‪ :‬أو أي ضامنة أخرى أو التأمني عند االقتضاء‪ ،‬وذلك حتى يسهل‬
‫عىل مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬يف حالة إخالل البائع بالتزامه بتنفيذ العقد‪ ،‬الرجوع إىل‬
‫هذه املراجع من أجل املطالبة باسرتجاع األقساط التي دفعها(‪.((5‬‬
‫ويثار التساؤل حول اجلزاء الواجب إعامله بخصوص ختلف بيان من البيانات اإللزامية‬
‫التي نص عليها املرشع يف الفصل ‪ 3-618‬أعاله؟‬
‫جيمع الفقه عىل أنه يتعني التمييز بني البيانات اجلوهرية التي تشكل أركانا يف العقد كهوية‬
‫األطراف وحمل العقد‪ ،‬والثمن‪ ،‬حيث يرتتب عىل إغفاهلا البطالن املطلق‪ ،‬وبني البيانات غري‬
‫اجلوهرية التي ال تشكل أركانا يف العقد بحيث ال يرتتب‪ ،‬عىل عدم إدراجها يف العقد االبتدائي‪،‬‬
‫البطالن (‪ ،((5‬وإنام يعود للمشرتى املستهلك احلق يف املطالبة بإبطال العقد يف حالة ما إذا كان‬
‫غياب البيان قد أثر عىل رضاه‪ ،‬وما كان ليربم العقد أو عىل األقل ما كان ليربمه بنفس الرشوط‬
‫لو احرتم البائع التزامه باإلعالم‪ ،‬بحيث يكيف سكوت هذا األخري بالتدليس إذا توافرت باقي‬
‫الرشوط املنصوص عليها قانونا‪ ،‬كأن يكون العقار مثقال بارتفاقات حتد من االنتفاع به عىل‬
‫الشكل املطلوب(‪.((5‬‬
‫ويف ختام هذه الفقرة‪ ،‬نشري إىل أن املرشع استلزم أن يرفق العقد االبتدائي بنسخ مطابقة‬
‫ألصلها التي تتعلق بالتصاميم املعامرية‪ ،‬وتصاميم اإلسمنت املسلح‪ ،‬ونسخة من دفرت‬
‫التحمالت‪ ،‬باإلضافة إىل شهادة مسلمة من لدن املهندس املختص تثبت االنتهاء من أشغال‬
‫األساسات األرضية للعقار‪ ،‬ولعل استلزام تقديم هذه الشهادة األخرية من لدن املهندس‬
‫تشكل يف نظرنا نوعا من الرقابة القبلية عىل التطبيق السليم لألحكام املنظمة لبيع العقار يف طور‬
‫اإلنجاز‪ ،‬وخاصة الفصل ‪ 5-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬الذي يقيض بأنه ال يمكن إبرام العقد االبتدائي‬
‫إال بعد االنتهاء من أشغال األساسات عىل مستوى الطابق األريض‪ .‬مما يكسب املستهلك ثقة‬
‫كربى يف جدية املرشوع‪.‬‬

‫(‪ )55‬الفصالن ‪ 7-618‬و ‪ 12-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬


‫(‪ )56‬الفصل ‪ 15-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫(‪ )57‬الفصل ‪ 9-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫(‪ )58‬عبد احلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 148‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ -‬وفاء جوهر‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫(‪ )59‬عبد احلفيظ مشاميش‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 124‬وما يليها‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫‪ - 2‬دفرت التحمالت‪:‬‬
‫ينص الفصل ‪ 4-618‬ق‪.‬ا‪.‬ع عىل أنه‪« :‬جيب عىل البائع أن يضع دفرتا للتحمالت يتعلق‬
‫بالبناء ويتضمن مكونات املرشوع وما أعد له ونوع اخلدمات والتجهيزات التي يتوجب‬
‫إنجازها وأجل اإلنجاز والتسليم‪ .‬يوقع البائع واملشرتي عىل دفرت التحمالت وتسلم نسخة‬
‫للمشرتي مشهود بمطابقتها ألصلها وبصحة إمضائه عليها‪ .‬إذا كان العقار حمفظا تودع نسخ‬
‫من هذا الدفرت ومن التصاميم املعامرية بدون تغيري وتصاميم اإلسمنت املسلح ومن نظام امللكية‬
‫املشرتكة عند االقتضاء باملحافظة عىل األمالك العقارية‪ .‬وإذا كان العقار غري حمفظ تسجل‬
‫هذه النسخ بسجل خاص وتودع بكتابة الضبط لدى املحكمة االبتدائية التي يوجد بدائرهتا‬
‫العقار»‪.‬‬
‫وقد عرف األستاذ جياليل بوحبص‪ ،‬دفرت التحمالت بأنه‪« :‬وثيقة قانونية ذات طبيعة‬
‫مزدوجة تعاقدية ونظامية ترتب آثارا بالنسبة لألطراف سواء كانوا أشخاص القانون اخلاص‬
‫أو أشخاص القانون العام »(‪.((6‬‬
‫وتنتقد األستاذة املحرتمة وفاء جوهر هذا التعريف‪ ،‬معتربة أن دفرت التحمالت ال جيسد‬
‫الطابع التعاقدي لكونه ال يشكل نقطة التقاء بني اجياب البائع وقبول املشرتي‪ ،‬بل ال يعدو أن‬
‫يكون وثيقة تم إعدادها من قبل البائع تتضمن بيان مكونات املرشوع الذي يرسي عىل مجيع‬
‫املشرتين(‪.((6‬‬
‫وبالرغم من صحة هذا الرأي يف جزئه املتعلق بإعداد هذا الدفرت‪ ،‬فإننا نرى أنه يتعني‬
‫التمييز بني وضعني خمتلفني‪:‬‬
‫ففي عالقة البائع باملستهلك‪ ،‬يتم إعداد دفرت التحمالت‪ ،‬باإلرادة املنفردة للبائع‪ ،‬ولكنه‬
‫يأخذ طابعا تعاقديا عندما يوقع عليه البائع واملستهلك‪ ،‬وتسلم نسخة منه هلذا األخري مشهود‬
‫بمطابقتها ألصلها وبصحة إمضائه عليها(‪ .((6‬إذ هبذا التوقيع يقرتن اإلجياب املقدم من جانب‬
‫البائع بالقبول الصادر من املستهلك‪ ،‬ويصبح مضمون وفحوى دفرت التحمالت ملزما للطرفني‪،‬‬
‫فإذا أخل البائع بأحد التعهدات املضمنة فيه‪ ،‬حتققت مسؤوليته العقدية‪ .‬كام أن املستهلك ال‬
‫يمكنه أن يطالب البائع بإنجاز العقار أو تسليمه قبل األجل املحدد يف دفرت التحمالت الذي‬
‫سبق أن وافق عليه عن طريق التوقيع‪.‬‬

‫(‪ )60‬جياليل بوحبص‪ :‬اإلشكاالت القانونية املتعلقة ببيع العقارات يف طور اإلنجاز‪ ،‬جملة البحوث‪ ،‬العدد ‪ ،7‬ص ‪.50‬‬
‫‪-‬وقد استشهد األستاذ الفاضل يف موضع آخر هبذا الطابع التعاقدي لدفرت التحمالت بكون الوزارة املكلفة باإلسكان‬
‫تبنت هذا الطابع‪ ،‬من خالل املناقشات التي دارت أمام جملس املستشارين‪.‬‬
‫‪ -‬جياليل بوحبص‪ :‬مقاالت يف القانون العقاري وقانون البناء‪ ،‬دار القلم للنرش والتوزيع‪ ،‬الرباط ‪ ،2006‬ص ‪.68‬‬
‫(‪ )61‬وفاء جوهر‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ ،74‬هامش ‪.2‬‬
‫(‪ )62‬عبدا حلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 154‬وما يليها‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫أما يف عالقة البائع باملقاول املكلف بتنفيذ املرشوع‪ ،‬فاألصل يف دفرت التحمالت أنه ذو‬
‫طابع تعاقدي وإن كانت له جوانب تقنية‪ ،‬إذ الفرض أن مكونات املرشوع والتجهيزات ونوع‬
‫اخلدمات ترتبط بمسائل تقنية وتنظيمية‪ ،‬وهي التي تتحكم يف حتديد أجل اإلنجاز وتاريخ‬
‫التسليم‪ .‬وال يمكن أن ينفرد بتحديدها طرف دون آخر‪ .‬وكأننا هبذا الوضع نكون أمام دفرت‬
‫التحمالت يتضمن التزامات املقاول جتاه البائع من جهة‪ ،‬وتعهدات هذا األخري جتاه املستهلك‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬
‫وجيسد وضع دفرت التحمالت من جانب البائع‪ ،‬التنفيذ احلقيقي لاللتزام باإلعالم الذي‬
‫يتحمل به‪ .‬لذلك يتعني أن يتضمن مجيع البيانات املتعلقة بمكونات العقار املزمع إنجازه‪،‬‬
‫كعدد الغرف وأصنافها ومساحتها ونوع اخلدمات والتجهيزات التي سوف حيتوي عليها‬
‫كالنوافذ واألبواب واملصعد واملرأب‪ .‬ويتعني أيضا ذكر نوع السلع املستخدمة يف البناء وعدد‬
‫الطبقات التي سوف تتحملها األساسات األرضية‪ ،‬وما إذا كان العقار سوف يتم إنجازه يف‬
‫منطقة صناعية أو سكنية ودرجة الرفاهية‪...‬إلخ‪.‬‬
‫وجيب أن تودع نسخة من هذا الدفرت‪ ،‬ومن التصاميم املعامرية بدون تغيري‪ ،‬وتصاميم‬
‫اإلسمنت املسلح‪ ،‬ومن نظام امللكية املشرتكة عند االقتضاء(‪ ،((6‬باملحافظة عىل األمالك‬
‫العقارية إذا كان العقار حمفظا‪ .‬وتسجل هذه النسخ يف سجل خاص وتودع بكتابة الضبط لدى‬
‫املحكمة االبتدائية التي يوجد بدائرهتا العقار‪ ،‬إذا كان هذا األخري غري حمفظا‪ .‬إال أن املالحظ‬
‫هو أن املرشع استثنى العقد االبتدائي من هذا التقييد لدى املحافظة العقارية أو ذلك اإليداع‬
‫لدى كتابة الضبط بالرغم من كونه يشكل الوثيقة األصلية واألساسية يف هذه املضامر(‪.((6‬‬
‫ونعتقد أن السبب يكمن يف كون العقد االبتدائي ال يرتب إال حقا شخصيا ال خيضع للتقييد‬
‫يف السجل العقاري‪ .‬كام أن أغلب البيانات التي يتضمنها هذا العقد هى بيانات مؤقتة تنتهي‬
‫أمهيتها بإنجاز العقار‪ ،‬كرخصة البناء‪ ،‬ومراجع الضامنات مثال‪ .‬يف حني تشكل مرفقات العقد‬
‫االبتدائي‪ ،‬من دفرت التحمالت والتصاميم املعامرية وتصاميم اإلسمنت املسلح ونظام امللكية‬
‫املشرتكة‪ ،‬األساس الذي سوف يبنى عليه احلق العيني‪ ،‬الذي يرسي أثره بني األطراف ويف‬
‫مواجهة الغري‪ ،‬فيكون من الرضوري تقييدها لدى املحافظة العقارية أو إيداعها بكتابة الضبط‬
‫لدى املحكمة االبتدائية‪.‬‬

‫(‪ )63‬يقول األستاذ عبد احلق الصايف وهو بصدد حتديد أمهية هذه املرفقات‪« :‬فعىل املستوى النظري تتمثل أمهية املعلومات التي‬
‫تتضمنها املرفقات السالفة إىل احلد مبدئيا من خطر إبطال البيع االبتدائي باالستناد إىل عيوب الرضا وخصوصا التدليس‪،‬‬
‫حيث يتعذر عىل املقبل عىل الرشاء إثارة تكتم املنعش بخصوص حمتويات البناء ومميزاته املعامرية‪ .‬لكن يشذ عن املبدأ‬
‫السالف حالة ختلف هذه الوثائق املرفقة أو قصورها عن تقديم معلومات كافية بخصوص وجهة الغرف أو موضعها‪...‬‬
‫بحيث يفاجأ املشرتي يف هناية املطاف بأنه مل يزود بمعلومات كافية أو أعلم بطريقة غري صحيحة بخصوص مميزات العقار‬
‫املبيع‪ ،‬من ثم ال مانع من إثارة إبطال العقد سيام باالستناد إىل الغلط أو التدليس عند حتقق الرشوط املطلوبة»‪.‬‬
‫م‪.‬س‪ .‬ص‪.152 ،‬‬
‫(‪ )64‬جياليل بوحبص‪ :‬مقاالت يف القانون العقاري وقانون البناء‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪.68 ،‬‬

‫‪32‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫ويفرض هذا الدفرت أن ينجز البائع العقار حسب الرشوط واملواصفات التقنية التي تعهد‬
‫بتنفيذها‪ ،‬فاألمر ال يتعلق فقط بإنجاز عقار أو الوصول يف هذا اإلنجاز إىل الغاية املرجوة فيام‬
‫أعد له العقار‪ ،‬بل يتعدى التعهد إىل حتقيق النتيجة املطابقة للمواصفات والتجهيزات املضمنة‬
‫يف دفرت التحمالت‪.‬‬
‫ونشري يف اخلتام إىل أن املرشع مل يرتب أي جزاءات مدنية أو جنائية تسعف يف التنفيذ السليم‬
‫هلذا املقتىض‪ ،‬مما قد يؤثر سلبا عىل احلامية املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬الضامنات املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز بالنسبة للثمن‬
‫كرس املرشع من خالل الفصل ‪ 3-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع الطابع النهائي لتعيني الثمن‪ ،‬ويؤدي‬
‫هذا األخري عىل شكل أقساط‪ ،‬بل إن طابع التقسيط هو الصورة الواقعية التي تتالءم مع هذا‬
‫النوع من البيوع‪ .‬وقد حاول املرشع أن يضفي محاية أكرب عىل مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‬
‫بالنسبة للثمن املؤدى عىل شكل أقساط وتتجىل هذه احلامية فيام ييل‪:‬‬
‫أوال‪ :‬احلامية القبلية بالنسبة ألداء األقساط‬
‫يقيض الفصل‪ 8-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع بام ييل‪« :‬يعد باطال كل طلب أو قبول ألي أداء كيفام كان‬
‫قبل التوقيع عىل عقد البيع االبتدائي»‪.‬‬
‫وترتيبا عىل ذلك‪ ،‬يعترب إبرام العقد االبتدائي املنطلق الوحيد يف التزام املستهلك بالوفاء‬
‫باألقساط ودفعات الثمن(‪ .((6‬كام يالحظ أن املرشع مل يقرص جزاء البطالن عىل طلبات األداء‬
‫املقدمة من جانب البائع‪ ،‬وهذا هو األصل‪ ،‬بل مدده إىل قبول األداء املقدم من جانب املشرتي‬
‫أي مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬حيث استعمل املرشع تعبري «يعد باطال كل طلب أو‬
‫قبول‪ .»...‬وهي صيغة تغطي كل فرضيات األداء املسبق قبل توقيع العقد االبتدائي‪ ،‬سواء‬
‫كان طلب أداء األقساط قد ُق ِدم مبارشة من جانب البائع‪ ،‬أو كان األداء قد ُع ِرض من جانب‬
‫املستهلك الذي قد يبادر من تلقاء نفسه أو حتت تأثري اإلغراءات إىل عرض األداء يف سبيل‬
‫احلصول عىل مزايا ومنافع إضافية‪ ،‬كاختيار الطبقة التي ينوي رشاء الشقة فيها‪ ،‬أو األفضلية‬
‫يف انتقاء الشقة‪ ،‬أو األولوية يف التسليم ولو قبل االنتهاء الكامل من املرشوع‪ .‬وقد أحسن‬
‫املرشع صنعا بإدراجه صياغة قانونية دقيقة وحمكمة تفاديا للتفسريات املحتملة التي قد تشوش‬
‫عىل ذهن القايض أو املحامي أو الباحث‪ ،‬حيث اعترب البطالن ينرصف إىل كل طلب لألداء‬
‫من جانب البائع وكل قبول هلذا األداء من جانب هذا األخري‪ .‬هذا األداء األخري يعترب إجيابا‬
‫صحيحا من جانب املستهلك‪ ،‬لكنه سوف يظل حيمل هذا الوصف ألن القبول املفرتض الذي‬
‫سوف يقرتن به سيكون باطال طبقا للفصل أعاله‪ .‬وبذلك يكون املرشع هبذا احلكم قد واجه‬

‫(‪ )65‬عبداحلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪. 202‬‬

‫‪33‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫فرضية ادعاء البائع بأن املستهلك رغب عن حرية واختيار يف أداء قسط معني قبل التوقيع عىل‬
‫العقد االبتدائي‪.‬‬
‫ولعل احلكمة من تقرير هذا البطالن تكمن يف محاية مستهلك العقار يف طور اإلنجاز من‬
‫املخاطر الناجتة عن استعامل تلك األداءات يف غري األهداف التي رصدت هلا‪ ،‬ناهيك أن فتح‬
‫الباب أمام األداء املسبق من شأنه أن يشجع عىل النصب واالحتيال(‪ .((6‬ورغم جزاء البطالن‬
‫الذي أورده املرشع يف الفصل أعاله‪ ،‬فإن احلامية املقررة ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز تظل‬
‫هشة ودون املستوى املطلوب‪ ،‬ألن املرشع مل يقرن اجلزاء املدين بجزاء جنائي بشأن املخل هبذا‬
‫االلتزام(‪.((6‬‬
‫ثانيا‪ :‬احلامية املرتبطة بأداء األقساط تبعا لتقدم األشغال‬
‫جاء يف الفصل ‪ 6-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ما ييل‪:‬‬
‫«يؤدي املشرتي قسطا من الثمن تبعا لتقدم األشغال ما مل يتفق األطراف عىل خالف ذلك‬
‫حسب املراحل التالية‪:‬‬
‫‪ -‬انتهاء األشغال املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض (السفيل)‪،‬‬
‫‪ -‬انتهاء األشغال الكربى ملجموع العقار‪،‬‬
‫‪ -‬انتهاء األشغال النهائية»‪.‬‬
‫ويقصد باألشغال املتعلقة باألساسات عىل مستوى الطابق األريض (السفيل)‪ ،‬تلك‬
‫األشغال التي تتعلق بالدعائم والركائز وأساسات البناء الذي سوف يتم إنجازه عليها‪،‬‬
‫كاألرضية اإلسمنتية والدعائم الكربى املصنوعة من اإلسمنت املسلح‪ ،‬التي تتشكل عىل‬
‫مستوى الطابق السفيل سواء كان هذا الطابق حتت األرض أو عىل مستوى األرض‪.‬‬
‫والشك أن ربط أداء قسط من الثمن باالنتهاء من األشغال املتعلقة باألساسات عىل‬
‫مستوى الطابق األريض قد يكون له بعض األثر اإلجيايب عىل نفسية املستهلك للعقار يف طور‬
‫اإلنجاز‪ ،‬إذ قد تتقوى ثقته بجدية املرشوع ويتبدد عنده هاجس اخلوف من فقد أمواله التي‬
‫ادخرها سنوات طوال‪ ،‬كام أنه يمنح مصداقية نسبية يف االلتزامات التي حتمل هبا البائع من‬
‫خالل دفرت التحمالت‪.‬‬
‫أما بخصوص األشغال الكربى ملجموع العقار‪ ،‬فقد ذهب بعض الفقه الفرنيس إىل أن‬
‫األشغال الكربى تتحقق عندما يصبح البناء حمصنا من مياه املطر‪ .‬وباملقابل‪ ،‬تفرض األشغال‬

‫(‪ )66‬عبداحلق صايف ‪.‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.204‬‬


‫(‪ )67‬عبداحلق صايف ‪.‬م‪.‬س‪ ،‬ص بنفس املوضع‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫النهائية أن يكون البناء حمصنا من اهلواء ومياه املطر(‪ .((6‬وهو فرض لن يتحقق عمليا إال بعد‬
‫االنتهاء من مجيع العمليات التي جتعل العقار مهيأ الستعامله بحسب الغرض الذي أعد له‪،‬‬
‫أي بعد تبليطه وتركيب األبواب والنوافذ وتزويده بالكهرباء واملاء وطالئه‪ .‬غري أن املرشع‬
‫الفرنيس‪ ،‬وتفاديا لكل خالف يف هذا الصدد‪ ،‬سعى إىل اعتامد معيار مرتبط بتقدم مراحل البناء‬
‫بنسب معينة(‪.((6‬‬
‫ولعل املرشع املغريب كان أكثر دقة حينام اعترب من خالل الفصل ‪ 15-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ ،‬أن‬
‫العقار املبيع ال يعد منجزا ولو بعد االنتهاء من بنائه إال بعد احلصول عىل رخصة السكنى أو‬
‫شهادة املطابقة وعند االقتضاء بتقديم البائع للمشرتي شهادة تثبت أن العقار مطابق لدفرت‬
‫التحمالت إذا طلب املشرتي ذلك‪ .‬إذ هبذا املسلك يكون املرشع قد تبنى سياسة ارشاك الغري‬
‫يف مراقبة تنفيذ البائع اللتزاماته طبقا لدفرت التحمالت‪ ،‬مما قد يزرع الطمأنينة يف نفس املستهلك‬
‫ويدفع البائع إىل بذل املجهود يف تنفيذ التزاماته‪ ،‬ألنه مراقب من قبل من له احلق يف تقديم‬
‫رخصة السكنى أو شهادة املطابقة‪.‬‬
‫ويسمح أداء الثمن عىل دفعات للمستهلك ‪ -‬تبعا لتقدم األشغال‪ -‬باحلصول عىل ملكية‬
‫العقار بأداء ثمنه مقسطا‪ ،‬وهو وضع يناسب كثريا وضعية املستهلكني أصحاب الدخل‬
‫املحدود‪ .‬ويسمح يف نفس الوقت للمنعش العقاري بترصيف منتوجه بكيفية سلسة بام يتفق‬
‫مع ميزانية املستهلك‪.‬‬

‫(‪ )68‬راجع يف هذا الفقه‪:‬‬


‫‪ -‬مصطفى السيد اجلارحي‪ :‬ملكية الشقق والطبقات‪ ،‬دراسة علمية فقهية مقارنة‪ ،‬موسوعة القضاء والفقه للدول العربية‪،‬‬
‫ج ‪ ،1‬ص ‪.224‬‬
‫‪(69) Article R 261-14 du Code de la construction et de l’habitation:‬‬
‫‪«Les paiements ou dépôts ne peuvent excéder au total :‬‬
‫; ‪35 % du prix à l'achèvement des fondations‬‬
‫; ‪70 % à la mise hors d'eau‬‬
‫‪95 % à l'achèvement de l'immeuble.‬‬
‫‪Le solde est payable lors de la mise du local à la disposition de l'acquéreur ; toutefois il peut‬‬
‫‪être consigné en cas de contestation sur la conformité avec les prévisions du contrat.‬‬
‫‪Si la vente est conclue sous condition suspensive, aucun versement ni dépôt ne peut être‬‬
‫‪effectué avant la réalisation de cette condition.‬‬
‫‪Dans les limites ci-dessus, les sommes à payer ou à déposer en cours d'exécution des travaux‬‬
‫‪sont exigibles :‬‬
‫; ‪- soit par versements périodiques constants‬‬
‫‪- soit par versements successifs dont le montant est déterminé en fonction de l'avancement‬‬
‫‪des travaux.‬‬
‫‪Si le contrat prévoit une pénalité de retard dans les paiements ou les versements, le taux de‬‬
‫‪celle-ci ne peut excéder 1% par mois».‬‬

‫‪35‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫وكان بإمكان الباحث أن يبارك موقف املرشع هذا عىل اقراره محاية حقيقية ملستهلك العقار‬
‫يف طور اإلنجاز من خالل الفصل ‪ 6-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع أعاله‪ ،‬غري أنه بإدراجه مقتىض يف نفس‬
‫الفصل‪ ،‬يسمح من خالله لألطراف املتعاقدة بإمكانية االتفاق عىل ما خيالف الضوابط املشار‬
‫إليها سابقا‪ ،‬يكون – أي املرشع‪ -‬قد علق تطبيق هذا الفصل وأفرغه من حمتواه‪ .‬وذلك باعتبار‬
‫أن مستهلك العقار يف طور اإلنجاز هو طرف ضعيف يف العالقة التعاقدية‪ ،‬يرغب يف احلصول‬
‫عىل مسكن ُي ْؤ ِويه هو وأرسته بام يتامشى مع وضعيته املالية‪ ،‬يف حني يرى املنعش العقاري أن‬
‫إدراج مثل هذه الضوابط وربط حتققها بأداء تلك األقساط من شأنه أن حيرمه من التمويل‬
‫الالزم الذي حيتاجه إلنجاز تلك األشغال(‪.((7‬‬
‫ثالثا‪ :‬الضامنات املتعلقة باسرتجاع األقساط‬
‫من الضامنات التي قررها املرشع لصالح مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬ما نص عليه‬
‫الفصل ‪ 9-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ ،‬الذي يقيض بام ييل‪« :‬عىل البائع أن يقيم لفائدة املشرتي ضامنة‬
‫بنكية أو أية ضامنة أخرى مماثلة وعند االقتضاء تأمينا‪ ،‬وذلك لتمكني املشرتي من اسرتجاع‬
‫األقساط عند عدم تطبيق العقد‪.‬ينتهي أجل هذه الضامنة بمجرد إبرام عقد البيع النهائي أو‬
‫تقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار حمفظا»‪.‬‬
‫وتكمن احلكمة من إلزام البائع هبذه الضامنة‪ ،‬يف كوهنا تواجه فرضية عجز هذا األخري عن‬
‫إرجاع أقساط الثمن إىل املشرتي يف حالة ما إذا أخل بتنفيذ التزامه املتمثل يف إنجاز العقار‪.‬‬
‫وحاالت اإلخالل ترجع إىل أسباب متعددة كوفاة البائع وعدم امتام إنجاز العقار من قبل‬
‫الورثة‪ ،‬أو يف حالة فقدان أهليته أو سحب رخصة البناء من طرف السلطة املختصة أو يف حالة‬
‫النصب واالحتيال إىل غري ذلك من األسباب التي ال تعد وال حتىص‪.‬‬
‫وتتعدد الضامنات وتتنوع بحسب طبيعتها‪ ،‬ويشرتط فيها أن هتدف إىل متكني املشرتي من‬
‫اسرتجاع األقساط التي دفعها يف حالة عدم تنفيذ البائع اللتزاماته‪ ،‬ومن أهم صور الضامن‬

‫(‪ )70‬الحظ أن املرشع الفرنيس ذهب إىل حد فرض جزاء جنائي عىل كل شخص قبل أو تلقى قسطا أو أكثر من الدفعات أو‬
‫الودائع واألوراق التجارية بمناسبة تطبيق القانون املتعلق ببيع العقار يف طور اإلنجاز‪ .‬وذلك من خالل املادة ‪1-L241‬‬
‫و املادة ‪ 2-L241‬من قانون البناء واإلسكان ‪:‬‬
‫‪- Article L241-1: «Toute personne qui aura exigé ou accepté un versement, un dépôt de fonds, une‬‬
‫‪souscription ou une acceptation d’effets de commerce en violation des dispositions des articles‬‬
‫‪L.212-10, L. 212-11, L. 213-9, L. 222-5 et du paragraphe II de l’article l. 231-4 sera punie d’un‬‬
‫‪emprisonnement de deux ans et d’une amende de 9000 euros ou de l’une de ces deux peines‬‬
‫‪seulement».‬‬
‫‪- Article L241-2: «Toute personne qui, ayant reçu ou accepté un ou plusieurs versements,‬‬
‫‪dépôts, souscriptions d’effets de commerce, à l’occasion d’un contrat de société ou de promotion‬‬
‫‪immobilière soumis aux dispositions des titres Ier et II du présent livre, aura détourné tout ou‬‬
‫‪partie de ces sommes sera punie des peines de l’abus de confiance prévues par lesartyicles 314-1‬‬
‫‪et 314-10 du code pénal».‬‬

‫‪36‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫البنكي الكفالة البنكية(‪ ،((7‬وهي ضم ذمة الكفيل (البنك يف جمالنا هذا) إىل ذمة املدين (البائع)‬
‫يف الدين املكفول (أقساط الثمن)‪ .‬وتعترب الكفالة البنكية الضامنة األكثر انتشارا مقارنة مع‬
‫باقي الضامنات األخرى(‪ .((7‬واملالحظ أن املرشع مل حيرص نطاق الضامن يف الضامنات البنكية‬
‫وإنام سمح للبائع بإمكانية إنشاء أي ضامنة مماثلة(‪ ،((7‬بمعنى أن تكون هلذه الضامنة املامثلة نفس‬

‫(‪ )71‬وقد عرف املرشع الكفالة يف الفصل ‪ 1117‬من ق‪.‬ا‪.‬ع كام ييل‪:‬‬
‫«الكفالة عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام املدين‪ ،‬إذا مل يؤده هذا األخري نفسه»‪.‬‬
‫ويقابل هذا يف القانون الفرنيس املادة ‪ 2288‬من القانون املدين ‪ ،‬حيث تنص عىل ما ييل‪:‬‬
‫‪«Celui qui se rend caution d'une obligation se soumet envers le créancier à satisfaire à cette‬‬
‫‪obligation, si le débiteur n'y satisfait pas lui-même».‬‬
‫وألخذ فكرة عن املوضوع يف القانون املغريب‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬حنان درويش‪ :‬الكفالة البنكية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬جامعة احلسن الثاين عني الشق‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق‪ ،‬الدار البيضاء ‪.1999-1998‬‬
‫‪ -‬نجاة برضاين‪ :‬االئتامن املرصيف بطريق التوقيع‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه‪ ،‬كلية عني شمس‪ ،‬القاهرة ‪ ،1987‬ص ‪273‬‬
‫وما يليها‪.‬‬
‫‪- Tahar Daoudi: Cautionnement bancaire. impr el Maârif el jadida. Rabat.2002.‬‬
‫وبالنسبة للقانون الفرنيس‪:‬‬
‫‪- A. Cerles: Cautionnement et banque . La Revue Banque; Édition. 31 janvier 2008.‬‬
‫‪- J.P. Wattiez: Le cautionnement bancaire. Revue internationale de Droit comparé. Vol.‬‬
‫‪.17.n° 1.Janvier-Mars 1965 . p.304.‬‬
‫(‪ )72‬وحسب املادة ‪ 3‬من القانون رقم ‪ 34.03‬املتعلق بمؤسسات االئتامن واهليئات املعتربة يف حكمها‪ ،‬فإن الكفالة تعترب من‬
‫عمليات االئتامن‪ ،‬حيث جاء فيها ما ييل‪:‬‬
‫«يعترب عملية ائتامن كل ترصف‪ ،‬بعوض‪ ،‬يقوم بمقتضاه شخص من األشخاص‪:‬‬
‫‪ -‬بوضع أموال أو االلتزام بوضعها رهن ترصف شخص آخر يكون ملزما بإرجاعها؛‬
‫‪ -‬أو االلتزام ملصلحة شخص آخر‪ ،‬عن طريق التوقيع‪ ،‬يف شكل ضامن احتياطي أو كفالة أو أي ضامن آخر‪.‬‬
‫تعترب يف حكم عمليات االئتامن‪:‬‬
‫‪ -‬عملية االئتامن اإلجياري واإلجيار التي يكون فيها للمستأجر خيار رشاء العني املؤجرة والعمليات املعتربة يف حكمها؛‬
‫‪ -‬عمليات رشاء الفاتورات؛‬
‫‪ -‬عمليات البيع االسرتدادي فيام يتعلق باألوراق والقيم املنقولة وعمليات االستحفاظ كام هو منصوص عليها يف‬
‫الترشيع اجلاري به العمل»‪.‬‬
‫(‪ )73‬كالرهن احليازي‪ .‬والرهن الرسمي مثال‪ .‬وحسب القصل ‪ 1170‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ‪:‬‬
‫«الرهن احليازي عقد بمقتضاه خيصص املدين أو أحد من الغري يعمل ملصلحته شيئا منقوال أو عقاريا أو حقا معنويا‪،‬‬
‫لضامن االلتزام‪ .‬وهو يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هذا اليشء باألسبقية عىل مجيع الدائنني اآلخرين‪ ،‬إذا مل يف له به‬
‫املدين»‪.‬‬
‫وتنص املادة ‪ 145‬من مدونة احلقوق العينية عىل أن‪:‬‬
‫«الرهن احليازي حق عيني يتقرر عىل ملك يعطيه املدين او كفيله العيني إىل الدائن املرهتن لضامن الوفاء بدبن وخيول‬
‫الدائن املرهتن حق حيازة املرهون وحق حبسه إىل أن يستويف دينه‪.‬‬
‫ترسي عىل الرهن احليازي أحكام الرهن الرسمي إذا تعلق بملك حمفظ»‪.‬‬
‫ويسمى الرهن احليازي يف الترشيع الفرنيس ‪ Nantissement‬فإذا ورد عىل عقار يسمى ‪ Antichrèse‬وإذا ورد عىل‬
‫منقول يسمى ‪ ،Gage‬حيث تنص املادة ‪ 7220‬من القانون املدين الفرنيس‪ ،‬عىل ماييل‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫النتيجة التي للضامنات البنكية‪ ،‬وإن كانت ختتلف عن هذه األخرية من حيث الطبيعة(‪.((7‬‬
‫كام يمكن للبائع أن يربم عقد تأمني ملصلحة املستهلك ضد املخاطر التي قد هتدد العقار يف‬
‫طور اإلنجاز كالتأمني عىل الكوارث الطبيعية أو احلرائق أو ضد العجز عن الوفاء بالتزاماته‪..‬‬
‫الخ(‪.((7‬‬

‫‪«Le Nantissement d’une chose mobilière s’appelle gage, celui d’une chose immobilière s’appelle‬‬
‫» ‪antichrèse‬‬
‫‪-‬وقد حاول األستاذ املحرتم عبداحلق صايف االستناد إىل الفصل ‪ 1174‬من ق‪.‬ا‪.‬ع الستخالص أن العقار يف طور اإلنجاز‬
‫يمكن أن يكون حمال للرهن احليازي كضامنة مقدمة للمشرتي املستهلك‪ ،‬حيث ينص هذا الفصل عىل ماييل‪« :‬كل ما جيوز‬
‫بيعه بيعا صحيحا جيوز رهنه‪ .‬ومع ذلك يقع صحيحا رهن اليشء املستقبل أو غري املحقق أو الذي مل تقع حيازته بعد‪.‬‬
‫ولكن هذا الرهن‪ ،‬ال خيول الدائن إال احلق يف أن يطلب تسلم األشياء حمل العقد حينام يصبح تسليمها ممكنا »‪.‬‬
‫‪-‬ونرى‪ -‬حسب ما يقوم لدينا من اعتقاد‪ -‬أن املقصود بالعقار كمحل للرهن احليازي يف موضوعنا هذا ليس العقار‬
‫موضوع عقد بيع العقار يف طور اإلنجاز ‪ ،‬إذ الفرض أن الرهن احليازي ينقل احليازة إىل الدائن ( املشرتي املستهلك)‬
‫‪،‬فكيف يمكن للبائع تنفيذ التزامه بإنجاز العقار واحلال أن العقار مرهون حيازة لدى املستهلك؟ وباملقابل ال يشء يمنع‬
‫البائع من تقديم رهن حيازي عىل منقول أو عقار آخر غري العقار موضوع عقد بيع العقار يف طور االنجاز‪ .‬أما الفصل‬
‫‪ 1174‬فال يرتب إال حقا شخصيا خيول الدائن احلق يف أن يطلب تسلم األشياء حمل العقد حينام يصبح تسليمها ممكنا‬
‫وذلك برصيح النص نفسه‪ ،‬يف حني يعترب الرهن احليازي ضامنة عينية إذا ورد عىل عقار ‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية‪،‬‬
‫إذا قبلنا هبذا الرهن احليازي بخصوص العقار غري املحفظ‪ ،‬فإن فرضية تطبيقه عىل العقار املحفظ تبدو مستبعدة‪ ،‬ألن‬
‫احليازة ال ترتب أي أثر بالنسبة العقارات املحفظة التي يعتمد فيها انتقال احلق العيني أو تعديله أو انقضائه عىل نظام القيد‬
‫يف السجل العقاري‪ .‬ومن جهة ثالثة‪ ،‬فقد ذهب املرشع من خالل املادة ‪ 154‬من مدونة احلقوق العينية إىل تقرير حقيقة‬
‫ختالف ما نص عليه الفصل ‪ 1170‬من ق‪.‬ا‪.‬ع بالنسبة للحقوق العينية‪ ،‬فقد قضت هذه املادة بام ييل‪« :‬ال جيوز رهن األمالك‬
‫التي قد حيصل عليها استقباال»‪.‬‬
‫وال تثريب عىل األستاذ الفاضل بخصوص حتليله للفصل ‪ 1170‬أعاله بحكم أن هذا التحليل ضمن يف كتابه الصادر قبل‬
‫صدور مدونة احلقوق العينية‪.‬‬
‫‪ -‬عبد احلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪.‬ص‪ 214،‬ومايليها‪.‬‬
‫وللتوسع أكثر حول أحكام الرهن احليازي يف القانون املغريب‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬عمر النافعي‪ :‬التزامات الدائن املرهتن رهن حيازة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا يف القانون اخلاص‪ ،‬نوقشت‬
‫بجامعة حممد اخلامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتامعية‪ ،‬الرباط ‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.1982‬‬
‫أما الرهن الرسمي فقد عرفت املادة ‪ 165‬من مدونة احلقوق العينية كالتايل‪« :‬الرهن الرسمي حق عيني تبعي يتقرر عىل‬
‫ملك حمفظ أو يف طور التحفيظ وخيصص لضامن أداء دين»‪.‬‬
‫‪ -‬وللوقوف عىل ماهية الرهن الرسمي واالثار املرتتبة عليه‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪-‬عبد الواحد شعري‪ :‬إشكالية الرهن العقاري الرسمي كضامن بنكي يف ضوء الترشيع املغريب بني النظرية والتطبيق»‬
‫ص ‪ ،53‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة يف القانون اخلاص حتت إرشاف حممد خريي‪ ،‬نوقشت بكلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتامعية بالدار البيضاء‪ ،‬جامعة احلسن الثاين‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.1995‬‬
‫‪ -‬مصطفى جدوع كريم السعد‪ :‬أثر الرهن الرسمي بالنسبة للدائن املرهتن وللغري احلائز‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫املعمقة يف القانون اخلاص‪ ،‬نوقشت جامعة حممد اخلامس بالرباط السنة اجلامعية‪.1986 .‬‬
‫(‪ )74‬عبداحلق صايف ‪.‬م‪.‬س‪.‬ص‪ 214،‬ومايليها‪.‬‬
‫(‪ )75‬راجع حول أمهية هذه الضامنات وأسباهبا‪:‬‬
‫‪ -‬عيل الرام‪ :‬بيع العقار يف طور البناء عىل ضوء أحكام القانون املغريب‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة حممد األول‪ ,‬كلية احلقوق‬
‫بوجدة السنة اجلامعية ‪ ،2005/2004‬ص‪.130‬‬

‫‪38‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫واجلدير باإلشارة أن املرشع حدد نطاق هذه الضامنات يف ضامن حق املستهلك يف اسرتجاع‬
‫أقساط الثمن‪ .‬ومن ثم‪ ،‬خيرج من هذا النطاق غرامات التأخري التي قد حيكم هبا عىل البائع يف‬
‫حالة عدم إنجاز العقار يف األجل املتفق عليه‪ ،‬واملحددة يف واحد يف املائة (‪ )٪1‬يف الشهر دون‬
‫أن تتجاوز عرشة يف املائة (‪ )٪10‬يف السنة(‪ .((7‬كام خيرج من هذا النطاق أيضا التعويضات التي‬
‫قد حيكم هبا عىل البائع يف حالة فسخ عقد البيع واملحددة يف عرشة يف املائة (‪ )٪10‬من ثمن‬
‫البيع(‪ ،((7‬وكذا كل تعويض قضائي أو اتفاقي(‪ .((7‬وترتيبا عىل ذلك‪ ،‬تغطي الضامنات املقدمة‬
‫من جانب البائع أقساط الثمن املدفوعة‪ .‬غري أن هذا ال يمنع البائع من إقامة ضامنات أخرى‪،‬‬
‫بنكية أو غري بنكية أو تأمينا لصالح املستهلك ألداء التعويضات االتفاقية املفروضة عىل البائع‬
‫يف حاالت اإلخالل املتفق عليها أو غرامات التأخري أو تعويضات الفسخ‪.‬‬
‫ومما يسرتعي االنتباه‪ ،‬أن املرشع أشار من خالل الفصل ‪ 9-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع إىل أن اهلدف من‬
‫تلك الضامنات هو متكني مستهلك العقار يف طور اإلنجاز من اسرتجاع األقساط املدفوعة‪« :‬يف‬
‫حالة عدم تطبيق العقد »‪ ،‬وهو تعبري وإن بدا غري مألوف يف الصياغة القانونية التي يستعملها‬
‫املرشع عادة‪ ،‬إال أنه تعبري جيب أن يؤخذ عىل إطالقه‪ ،‬استنادا إىل ما هو مقرر يف القواعد األصولية‬
‫يف تفسري النصوص التي تقيض بأن النص العام يؤخذ عىل عمومه حتى يرد ما خيصصه‪ .‬وترتيبا‬
‫عىل ذلك‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬إن املعنى ينرصف إىل كل حاالت اإلخالل بتنفيذ االلتزام الذي يتحمل‬
‫به البائع يف مواجهة املستهلك واملرتبط بإنجاز العقار طبقا للرشوط املتفق عليها وللمواصفات‬
‫املقننة يف دفرت التحمالت‪ ،‬وسواء كان هذا اإلخالل كليا أو جزئيا‪ ،‬كام يشمل مجيع احلاالت‬
‫التي مل يعد فيها للعقد وجود بسبب إبطاله أو بطالنه(‪ ،((7‬كأن يتضح أن البائع كان وقت ابرام‬
‫العقد االبتدائي فاقدا لألهلية أو عديمها‪ .‬غري أنه يشرتط يف هذه احلالة أن ال يكون العقد الذي‬
‫أسس للضامنة البنكية أو عقد التأمني باطال أو قابال لإلبطال وتقرر إبطاله‪ .‬ألن البطالن املطلق‬
‫أو النسبي ال يمكن أن يرتب أي أثر باستثناء اسرتداد ما دفع بغري حق تنفيذا للعقد(‪ ،((8‬وهو‬
‫اسرتداد أساسه القانون وغري مضمون بالضامنات البنكية أو غريها‪.‬‬
‫وقد ذيل املرشع الفصل ‪ 9-618‬أعاله بمقتىض يتعلق بأجل انتهاء هذه الضامنة‪ ،‬حيث نص‬
‫عىل أهنا تنتهي بمجرد إبرام عقد البيع النهائي‪ ،‬وهو وصف خيتص به العقار غري املحفظ دون‬
‫العقار املحفظ الذي ال ينتهى أجل الضامنة بشأنه إال بتقييده بالسجل العقاري‪.‬‬

‫(‪ )76‬الفقرة الثانية من الفصل ‪ 12-1618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬


‫(‪ )77‬الفصل ‪ 14-1618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫(‪ )78‬للتوسع أكثر حول أحكام التعويض االتفاقي أو ما يسمى بالرشط اجلزائي‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪ -‬أيوب عبد الرزاق‪ :‬سلطة القايض يف تعديل التعويض االتفاقي‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪.2003‬‬
‫(‪ )79‬عبد احلق صايف‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪ 214‬ومايليها‪.‬‬
‫يف رأي خمالف‪ ،‬انظر‪ :‬عبد احلفيظ مشاميش‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص ‪ 160‬ومايليها‪.‬‬
‫(‪ )80‬ينص الفصل ‪ 306‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ ،‬يف فقرته األوىل عىل ما ييل‪« :‬االلتزام الباطل بقوة القانون ال يمكن أن ينتج أي أثر‪ ،‬إال‬
‫اسرتداد ما دفع بغري حق تنفيذا له»‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫والالفت لالنتباه‪ ،‬أن املرشع استثنى من أحكام الفصل ‪ 9-618‬أعاله‪ ،‬املؤسسات العمومية‬
‫والرشكات التي يعود جمموع رأسامهلا للدولة أو ألي شخص معنوي آخر خاضع للقانون‬
‫العام(‪ ،((8‬وكأن هذه املؤسسات العمومية ومن يف حكمها حممولة يف تعامالهتا عىل الثقة‬
‫وج ٍّبلت عىل التنفيذ املحكم إللتزاماهتا‪ ،‬فالواقع العميل يؤكد غري ما مرة أن الويالت‬
‫املطلقة‪ُ ،‬‬
‫ال تأيت إال من املؤسسات العمومية ومن يف حكمها‪ ،‬واملكلفة بإنجاز العقارات بكيفية مبارشة‬
‫أو غري مبارشة‪ ،‬سواء عىل مستوى إنجاز العقار الذي قد يستغرق سنوات عدة أو عىل مستوى‬
‫خمالفة األحكام املتعلقة بالعمران‪ ،‬ال فيام خيص زيادة عدد الطوابق عىل القدر املسموح به وال‬
‫من حيث الغش يف مواد البناء‪ .‬كام أن مسلك املرشع هذا فيه إقصاء ملبدإ املساواة الذي يتعني أن‬
‫يسود بني خمتلف املتدخلني يف جمال بناء العقارات(‪ .((8‬ونعتقد أنه كان من املفروض يف املرشع‬
‫أن يلجأ إىل خلق صندوق للضامنات تنخرط فيه مثل هذه املؤسسات العمومية والرشكات التي‬
‫يعود جمموع رأسامهلا للدولة‪ ،‬وتكون مهمته إدارية ومالية‪ ،‬فمن جهة يراقب مجيع مراحل البناء‬
‫الذي يقوم بإنجازه املنعش العقاري العمومي ومن جهة أخرى يكون ضامنا إلرجاع األقساط‬
‫التي دفعها املستهلك يف حالة عدم تنفيذ العقد‪.‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬الضامنات اخلاصة املقررة حلامية مستهلك العقار يف طور اإلنجاز‬
‫ال خيول العقد االبتدائي للمشرتي من حيث األصل‪ ،‬إال حقا شخصيا وال تثبت له‬
‫بموجب ذلك إال دعوى شخصية بفسخ العقد واملطالبة بالتعويض يف مواجهة البائع إذا أخل‬
‫هذا األخري بالتزامه يف إنجاز العقار‪ ،‬ومن ثم ال يملك املستهلك أي حق عيني يمكن أن حيتج‬
‫به يف مواجهة الكافة قبل إبرام عقد البيع النهائي أو تقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار‬
‫حمفظا‪ .‬وتبعا لذلك‪ ،‬أعطى املرشع للمستهلك إمكانية تقييد العقد االبتدائي تقييدا احتياطيا‬
‫وذلك للحفاظ املؤقت عىل حقوقه إذا كان العقار حمفظا‪ .‬كام سمح للمستهلك بالتخيل أو‬
‫التنازل عن حقوقه والتزاماته املرتتبة عن العقد االبتدائي للغري‪ .‬غري أن التساؤل يبقى مطروحا‬
‫حول ما إذا كان البائع يضمن عيوب البناء يف إطار الضامن العرشي الذي يتحمل به املقاول‬
‫واملهندس املعامري ومن يف حكمهام أم يف إطار ضامن البائع للعيوب اخلفية؟‬
‫أوال‪ :‬التقييد االحتياطي للعقد االبتدائي‬
‫تفاديا ملخاطر حرمان مستهلك العقار يف طور اإلنجاز من حقوقه يف املستقبل‪ ،‬أوجد‬
‫املرشع تقنية قانونية تساهم يف احلفاظ املؤقت عىل حقوقه ضمنها يف الفصل ‪ 10-618‬من‬
‫ق‪.‬ا‪.‬ع‪ ،‬الذي جاء فيه ما ييل‪« :‬يمكن للمشرتي بموافقة البائع إذا كان العقار حمفظا أن يطلب‬
‫من املحافظ عىل األمالك العقارية إجراء تقييد احتياطي بناء عىل عقد البيع االبتدائي وذلك‬
‫للحفاظ املؤقت عىل حقوقه‪ .‬يبقى التقييد االحتياطي ساري املفعول إىل غاية تقييد عقد البيع‬

‫(‪ )81‬الفصل‪ 11-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬


‫(‪ )82‬حممد اخلرضاوي‪ :‬إشكالية توثيق الترصفات العقارية ومتطلبات التنمية‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.162 ،‬‬

‫‪40‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫النهائي بالرسم العقاري اخلاص باملبيع‪ .‬بمجرد إجراء التقييد االحتياطي‪ ،‬يمنع عىل املحافظ‬
‫عىل األمالك العقارية تسليم نظري الرسم العقاري إىل البائع‪ .‬يتم تعيني رتبة تقييد العقد النهائي‬
‫بناء عىل تاريخ التقييد االحتياطي»‪.‬‬
‫والتقييد االحتياطي هو اإلجراء الذي يقوم به صاحب حق تعذر عليه تقييده تقييدا هنائيا‬
‫لسبب من األسباب‪ ،‬ليضمن لنفسه يف املستقبل إمكانية هذا التقييد عند زوال املانع(‪،((8‬‬
‫وبعبارة أكثر توسعا‪ ،‬التقييد االحتياطي هو مكنة خيوهلا القانون لكل من يدعي حقا عينيا أو‬
‫حقا شخصيا قابال ألن يتحول إىل حق عيني عىل عقار حمفظ بغية االحتفاظ املؤقت هبذا احلق‬
‫وتقييده مؤقتا بالرسم العقاري‪ ،‬فهو عىل هذا النحو إجراء حتفظي يقيد بالرسم العقاري يف‬
‫انتظار اختاذ التقييد النهائي قصد املحافظة عىل احلق الذي يطالب به املستفيد من التقييد(‪.((8‬‬

‫(‪ )83‬مأمون الكزبري‪ :‬التحفيظ العقاري واحلقوق العينية األصلية والتبعية يف ضوء الترشيع املغريب‪ .‬اجلزء األول‪ .‬مطبعة‬
‫رشكة اهلالل العربية للطباعة والنرش‪ .‬الرباط‪ .1987 .‬ص‪.126 ،‬‬
‫(‪ )84‬حممد خريي‪ :‬قضايا التحفيظ العقاري يف الترشيع املغريب‪ ،‬الطبعة اخلامسة‪ ،‬دار نرش املعرفة‪ ،‬الرباط ‪ ،2009‬ص ‪.454‬‬
‫‪- Paul Decroux: Droit foncier Marocain, éd la porte .1977.p.188.‬‬
‫‪ -‬حممد ابن احلاج السلمي‪ :‬التقييد االحتياطي يف الترشيع العقاري‪ .‬املطبعة الرئيسية أكادير‪.1984 .‬‬
‫‪ -‬حممد العلمي‪ :‬التقييد االحتياطي يف الترشيع العقاري والقوانني اخلاصة‪ .‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة يف‬
‫القانون اخلاص‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة حممد األول وجدة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪.2005-2004‬‬
‫ويتعني التنبيه إىل أن التقييد االحتياطي ال يشكل تقييدا باملعنى القانوين هلذه الكلمة‪.‬يقول األستاذ حممد العلمي يف هذا‬
‫الصدد‪...« :‬فالتقييد االحتياطي ليس تقييدا باملعنى احلقيقي املنشئ للحق أي املعنى املخصوص يف نظام السجالت‬
‫العقارية‪ ،‬بل خيتلف عنه متام االختالف سواء من حيث الطبيعة القانونية أو من حيث اآلثار‪ ،‬وهلذا يتعني التمييز بني هاتني‬
‫املؤسستني‪ .‬فالتقييد ‪ L’inscription‬هو تدوين كتابة عىل الرسم العقاري هبدف تأسيس حق عقاري أو نقله إىل الغري‪ ،‬أو‬
‫تغيريه أو إسقاطه طبقا ملا جاء يف الفصل ‪ 67‬من ظهري التحفيظ العقاري‪ ،‬فالتقييد هبذا املعنى يتمتع باألثر التأسييس‪ ،‬وهو‬
‫هبذه الصفة يظل قائام وحيافظ عىل احلقوق التي يتضمنها ما مل تقع أسباب قانونية تستدعي إلغاء تلك احلقوق أو انقضائها‬
‫كأن تتغري بتقييد جديد أو يصدر بصددها حكم قضائي اكتسب قوة اليشء املقيض به يرصح بانقضاء أو بطالن احلق الذي‬
‫يتعلق به‪ .‬أما التقييد االحتياطي‪ ،‬فهو جمرد بيان ‪ mention‬أي إشارة بالتسجيل توضع عىل السجل العقاري بصفة مؤقتة‪،‬‬
‫وال يتمتع هذا البيان بأية قوة ثبوتية وال أية حجية بمعنى أن التقييد االحتياطي ال ينشئ احلق املقيد احتياطيا وال يقرره‬
‫وال يغريه وال يسقطه وإنام ينبئ باحتامل وجوده وإمكانية استكامل رشوطه القانونية مستقبال‪.‬‬
‫والتقييد االحتياطي خالفا للتقييد‪ ،‬ينقيض بنهاية املدة املحددة له إذا مل ينجز التقييد النهائي خالل مدته‪ ،‬أو مل يدعم بفتح‬
‫النزاع أمام القضاء‪ ،‬أما إذا تم إنجاز التقييد النهائي خالل املدة املحددة بصفة قانونية فإنه يعود بأثر رجعي إىل تاريخ‬
‫التقييد االحتياطي الذي يعني رتبة التقييدات الالحقة له‪ .‬إضافة إىل ذلك يتميز التقييد بالرسوم العقارية بخضوعه ملبدإ‬
‫املرشوعة ومفاده أنه ال تقييد إال بالنسبة للحقوق الثابتة واملستندة عىل سبب صحيح‪ ،‬وأن ال يكون مشكوكا فيها‪ ،‬لذلك‬
‫كان البد من مراقبة مدى رشعية احلقوق املراد تقييدها من قبل املحافظ عىل األمالك العقارية‪ ،‬ما دامت ستتمتع بقوة‬
‫ثبوتية وستعترب حجة يف مواجهة األطراف والغري بعد تسجيلها‪.‬‬
‫أما بخصوص التقييد االحتياطي فإن املحافظ عىل امللكية العقارية ليست له أية سلطة يف مراقبة طلبات التقييد االحتياطي‬
‫اللهم إال ما يتعلق بالتحقق من أن الوثائق املستند إليها يف طلب التقييد االحتياطي (السند ‪ -‬األمر القضائي ‪ -‬مقال‬
‫الدعوى) وكذا التحقق من أن احلقوق املراد صيانتها قابلة للتقييد النهائي»‪.‬‬
‫‪ -‬حممد العلمي‪ :‬م‪.‬س‪.‬ص‪.13 ،‬‬
‫‪-‬حممد خريي‪ :‬م س‪.‬ص‪.455،‬‬

‫‪41‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫وترتيبا عىل ذلك‪ ،‬يشكل التقييد االحتياطي وسيلة وضامنة أساسية من شأهنا أن تؤمن‬
‫ملستهلك العقار املحفظ يف طور اإلنجاز حقه العيني مستقبال‪ ،‬تفاديا لبعض املامرسات التي‬
‫درج املنعشون العقاريون عىل سلوكها واملتمثلة يف بيع العقار عدة مرات(‪.((8‬‬
‫غري أن الرشوط التي استلزمها املرشع قد ختلق نوعا من التشويش يف الذهن حول فعالية‬
‫هذا التقييد االحتياطي‪ .‬بحيث يتعني إلجراء هذا التقييد‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن نكون بصدد عقار حمفظ‪ :‬فالنص رصيح بخصوص حرص التقييد االحتياطي ‪-‬‬
‫بالنسبة لتطبيق الفصل أعاله‪ -‬يف العقار املحفظ دون العقار يف طور التحفيظ‪ ،‬وما هذا احلكم‬
‫إال تطبيقا للقواعد العامة املعروفة يف نظام التحفيظ العقاري املنصوص عليها يف الفصل ‪ 85‬من‬
‫ظهري التحفيظ العقاري (‪.((8‬‬
‫‪ - 2‬موافقة البائع عىل قيام املشرتي بإجراء التقييد االحتياطي‪ :‬إن االستنتاج الذي يمكن‬
‫رصده من خالل الوقوف عىل عمق هذا الرشط ‪ ،‬هو أن الضامنة املرتبطة بالتقييد االحتياطي‬
‫هي ضامنة موقوفة التنفيذ ال يتجاوز نطاقها اجلانب النظري فقط‪ ،‬أو بعبارة أوضح إهنا ضامنة‬
‫ولدت ميتة‪ .‬فعىل مستوى الواقع‪ ،‬ال يمكن احلصول عىل موافقة البائع إال نادرا إن مل نقل‬
‫إهنا تدخل يف باب املستحيالت‪ .‬ذلك أن احلصول عىل هذه املوافقة من أجل إجراء التقييد‬
‫االحتياطي‪ ،‬معناه حرمان البائع من تسلم نظري الرسم العقاري بالنسبة للمرشوع إىل غاية‬
‫تقييد عقود البيع النهائي بالنسبة املستهلكني الذين يتوفرون عىل إجراء تقييد احتياطي‪ ،‬مما ينتج‬
‫عنه استحالة تسويق باقي العقارات التي تم إنجازها‪ ،‬بحكم توفر املرشوع ككل عىل رسم‬
‫عقاري واحد وهو احلالة الغالبة‪ .‬كام أن هذا التقييد االحتياطي قد يوحي للغري بوجود مشاكل‬

‫‪ -‬حممد املهدي اجلم‪ :‬التحفيظ العقاري باملغرب‪.‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ .‬الدارالبيضاء‪ .1986.‬ص‪.250،‬‬
‫‪ -‬سعاد عاشور‪ :‬حجية التسجيل وفق نظام التحفيظ العقاري املغريب‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا يف القانون‬
‫اخلاص‪ ،‬جامعة القايض عياض بمراكش‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ ،1996-1995‬ص ‪.298‬‬
‫(‪ )85‬عبد احلفيظ مشاميش‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫(‪ )86‬استهل الفصل ‪ 85‬من ظهري التحفيظ العقاري يف فقرته األوىل كام وقع تعديله بمقتىض قانون ‪ ،14.07‬ج‪.‬ر‪ .‬عدد‬
‫‪ 5998‬بتاريخ ‪ 24‬نونرب ‪ ،2011‬ص ‪ ،5575‬بامييل‪« :‬يمكن لكل من يدعى حقا عىل عقار حمفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا‬
‫لالحتفاظ به مؤقتا »‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر أنه ال يمكن االستناد إىل الفصل ‪ 84‬من ظهري التحفيظ العقاري‪ ،‬كام وقع تعديله بمقتىض قانون ‪.14.07‬‬
‫الذي يقيض بام ييل‪« :‬إذا نشأ عىل عقار يف طور التحفيظ حق خاضع لإلشهار أمكن لصاحبه‪ ،‬من أجل ترتيبه والتمسك‬
‫به يف مواجهة الغري‪ ،‬أن يودع باملحافظة العقارية الوثائق الالزمة لذلك‪ .‬ويقيد هذا اإليداع بسجل التعرضات‪ .‬يقيد احلق‬
‫املذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري يف الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات املسطرة بذلك»‪.‬‬
‫‪-‬ويرجع السبب يف استبعاد الفصل ‪ 84‬من ظهري التحفيظ العقاري بالرغم من أنه قد يشكل تقنية تساعد عىل محاية‬
‫وضامن احلق لصاحبه‪ ،‬يف كون العقد االبتدائي ال يرتب إال حقا شخصيا وليس حقا عينيا كام أن هذا احلق الشخيص غري‬
‫خاضع لإلشهار طبقا للترشيع اجلاري به العمل يف نظام التحفيظ العقاري املغريب‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫ونزاعات(‪ ((8‬قد تؤثر ال شك عىل ذمة البائع مما يضعف مركزه املايل ويقف حجر عثرة أمام‬
‫حصوله عىل التمويالت من البنوك(‪.((8‬‬
‫ويعتقد البعض(‪ ((8‬أنه يمكن للمستهلك‪ ،‬يف حالة رفض البائع منحه املوافقة بإجراء التقييد‬
‫االحتياطي‪ ،‬املطالبة بإجراء التقييد االحتياطي بناء عىل الفصل ‪ 85‬من ظهري التحفيظ العقاري(‪.((9‬‬
‫ومع احرتامنا هلذا الرأي‪ ،‬إال أنه يصعب القبول به كمخرج ملواجهة تعنت البائع وكضامنة حلق‬
‫املستهلك‪ .‬فالتقييد االحتياطي يف إطار الفصل ‪ 10-618‬أعاله‪ ،‬يتوقف عىل إرادة املالك (البائع)‬
‫املسجل بالرسم العقاري خالفا للقاعدة املقننة يف الفصل ‪ 85‬من ظهري التحفيظ العقاري ‪ ،‬والقول‬
‫بغري ذلك يعترب يف نظرنا التفافا عىل إرادة املرشع املدرجة يف الفصل ‪ 10-618‬أعاله‪ ،‬بحيث سوف‬
‫ُي ْفرغ هذا األخري من حمتواه(‪ .((9‬هذا باإلضافة إىل أن احلاالت التي أشار إليها الفصل ‪ 85‬أعاله‬
‫ترتبط باحلقوق القابلة للتقييد يف السجل العقاري‪ ،‬يف حني أن العقد االبتدائي ال يرتب إال حقا‬
‫شخصيا غري قابل للتقييد خارج نطاق الفصل ‪ 10-618‬أعاله‪.‬‬

‫(‪ )87‬حممد اخلرضاوي‪ :‬إشكالية توثيق الترصفات العقارية ومتطلبات التنمية‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫(‪ )88‬عبد احلفيظ مشاميش‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.138 ،‬‬
‫(‪ )89‬عبد احلفيظ مشاميش‪ :‬م‪.‬س‪ .‬ص‪.139 ،‬‬
‫(‪ )90‬ينص الفصل ‪ 85‬من ظهري التحفيظ العقاري كام وقع تغيريه وتتميمه عىل ماييل‪:‬‬
‫«يمكن لكل من يدعى حقا عىل عقار حمفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا لالحتفاظ به مؤقتا‪.‬‬
‫يضمن طلب التقييد االحتياطي من طرف املحافظ بالرسم العقاري إما‪:‬‬
‫‪ -‬بناء عىل عىل سند يثبت حقا عىل عقار ويتعذر عىل املحافظ تقييده عىل حالته؛‬
‫‪ -‬بناء عىل عىل أمر قضائي صادر عن رئيس املحكمة االبتدائية التي يقع بيع العقار يف دائرة نفوذها؛‬
‫‪ -‬بناء عىل نسخة من مقال دعوى يف املوضوع مرفوعة أمام القضاء‪.‬‬
‫إن تاريخ التقييد االحتياطي هو الذي حيدد رتبة التقييد الالحق للحق املطلوب االحتفاظ به‪.‬‬
‫تبقي التقييدات االحتياطية الواردة يف نصوص ترشيعية خاصة خاضعة ألحكام هذه النصوص »‪.‬‬
‫ويقصد بالتقييد االحتياطي بناء عىل سند بأنه التقييد الذي يقوم به املحافظ عىل األمالك العقارية بناء عىل سند يثبت‬
‫حقا عىل عقار أي بناء عىل سند يربره‪ .،‬ومل حيدد املرشع املغريب طبيعة هذه السندات‪ ،‬غري أهنا ال خترج عن األفعال‬
‫اإلرادية واالتفاقات والعقود الرامية إىل تأسيس حق عيني أو نقله إىل الغري أو االعرتاف به أو تغيريه أو إسقاطه‪.،‬‬
‫فيشمل بالتايل كل سند يتعلق بحق من احلقوق القابلة للتسجيل يف السجل العقاري‪ .‬أما االسباب التي قد متنع من قيد‬
‫هذا احلق مبارشة فهي متعددة‪ ،‬فقد يكون هناك خلل بسيط يف السند كعدم املصادقة عىل صحة توقيع أحد األطراف‬
‫من طرف السلطات املحلية‪ ،‬أو نقصان املعلومات اخلاصة باحلالة املدنية ألحد األطراف مما يصعب إنجاز التقييد أو‬
‫استكامله أو تصحيحه عىل الفور‪.‬‬
‫‪ -‬للمزيد من التوسع حول التقييد االحتياطي بناء عىل سند‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬العريب حممد مياد‪ :‬مستجدات التقييد االحتياطي عىل ضوء القانون رقم ‪ 14-07‬املغري واملتمم لقانون التحفيظ العقاري‪.‬‬
‫سلسلة األنظمة واملنازعات العقارية‪ -‬العدد السادس‪ -‬نظام التحفيظ العقاري يف ضوء القانون رقم ‪ ،14-07‬منشورات‬
‫جملة احلقوق‪ ،‬مطبعة املعارف اجلديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2012‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )91‬يتناقض هذا الرأي مع املنهج الفني املتبع يف صياغة النصوص القانونية‪ ،‬فال يمكن للمرشع أن يضع قيدا أو رشطا يف‬
‫نص ويضع إمكانية التخلص منه يف نص آخر‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫‪ - 3‬إجراء التقييد االحتياطي بناء عىل عقد بيع ابتدائي صحيح‪ :‬أي أن يكون مستوفيا‬
‫جلميع أركانه ورشوط صحته وأن يتم حتريره طبقا ألحكام الفصل ‪ 3-618‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫وفاصل القول‪ ،‬إذا حدث أن تم هذا التقييد االحتياطي‪ ،‬فإنه يمنع عىل املحافظ عىل‬
‫األمالك العقارية تسليم نظري الرسم العقاري إىل البائع‪ .‬أما عن أثر هذا التقييد فقد عني املرشع‬
‫رتبة تقييد العقد النهائي بتاريخ إجراء التقييد االحتياطي‪.‬‬
‫وإذا كان املرشع قد أعطى إمكانية التقييد االحتياطي بالنسبة للعقار املحفظ‪ ،‬فإن مستهلك‬
‫العقار غري املحفظ أو الذي هو يف طور التحفيظ سيظل حمروما من أي مكنة أو ضامنة حتمي‬
‫حقه مستقبال‪ ،‬مما يعيد التساؤل إىل األذهان حول الفائدة العملية بالنسبة للمستهلك من إدراج‬
‫هذين النوعني من العقارات يف املعامالت اخلاضعة لقانون ‪.44-00‬‬
‫ثانيا‪ :‬حق املستهلك يف التخىل عن حقوقه املرتتبة عن بيع العقار يف طور اإلنجاز‬
‫مل يشأ املرشع أن يرتك العقار يف طور اإلنجاز خارج دائرة التداول إىل أن يتم االنتهاء من‬
‫إنجازه‪ ،‬بل أقر رصاحة حق املستهلك يف التخيل عن حقوقه املرتتبة عىل بيع العقار يف طور‬
‫اإلنجاز لشخص آخر‪ ،‬وذلك من خالل الفصل ‪ ،618-13‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ ،‬الذي جاء فيه ما ييل‪:‬‬
‫«ال يمكن للمشرتي التخيل عن حقوقه املرتتبة عن بيع العقار يف طور اإلنجاز لشخص‬
‫آخر إال بعد توجيه إعالم بذلك إىل البائع برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل وبرشط أن‬
‫يتم التخيل وفق الكيفية وضمن الرشوط التي تم هبا إبرام العقد االبتدائي‪.‬‬
‫تنتقل بقوة القانون حقوق والتزامات البائع إىل املشرتي اجلديد»(‪.((9‬‬
‫ونستنتج من هذا النص‪ ،‬أن حق املستهلك يف التخيل عن حقوقه املرتتبة عن بيع العقار يف‬
‫طور اإلنجاز لشخص آخر مرشوط بتوجيه إعالم هبذا التخىل إىل البائع‪ ،‬وهو إعالم يكفي أن‬
‫يتم بالكيفية املنصوص عليها يف الفصل أعاله‪ .‬وقد أحسن املرشع املغريب صنعا حينام مل يقرن‬
‫هذا التخيل بموافقة البائع بل اشرتط فقط إعالمه برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪.‬‬
‫ويرتتب عىل هذا اإلعالم أن البائع قد جيد نفسه طرفا يف عقد يتضمن مجيع مكونات العقد‬
‫السابق باستثناء شخصية املتعاقد‪ ،‬وكأن املرشع هبذا املسلك يكون قد استبعد شخصية املتعاقد‬
‫ودورها يف التعاقد‪ .‬فقد يلتزم البائع بإنجاز العقار يف طور اإلنجاز لصالح مستهلك معني‪،‬‬
‫نظرا العتبارات خاصة كان هلا تأثري يف هذا االلتزام‪ ،‬كأن يكون املستهلك ابن صديق عزيز‬
‫له أو كونه تكلف بإنجاز عقار املستهلك بالنظر لوضعية هذا األخري املزرية أو ضعف حالته‬

‫(‪ )92‬ويكيف هذا التخيل من جانب املستهلك املشرتي بحوالة العقد‪.‬‬


‫وملزيد من التعمق بخصوص حوالة العقد‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪ -‬مصطفى مالك‪ :‬حوالة العقد‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬مطبعة النجاح اجلديدة‪ ،‬الدارالبيضاء‪.2001‬‬

‫‪44‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫املعيشة‪ .‬كام تثار أيضا إشكالية مالءة ذمة املتخىل له وقدرته عىل تنفيذ االلتزامات املرتتبة عن‬
‫العقد األصيل‪.‬‬
‫وعموما‪ ،‬إذا كان املرشع قد راعى اعتبارات خاصة قد تقع بعد إبرام العقد االبتدائي‪،‬‬
‫وجتعل املستهلك مضطرا إىل التخيل وحتويل حقوقه والتزاماته املرتتبة عىل العقد االبتدائي إىل‬
‫شخص آخر‪ ،‬كالعجز عن تسديد باقي األقساط أو التنقل إىل مدينة أخرى‪ ،...‬فإنه من جهة‬
‫أخرى ال يشء يمنع األطراف من االتفاق عىل تقييد هذا احلق املقرر لصالح املستهلك‪ ،‬كأن‬
‫يشرتط البائع موافقته القبلية عىل املتخىل له‪ ،‬فهذا احلق ال يتعلق بالنظام العام حسب ما يستفاد‬
‫من الصياغة القانونية هلذا الفصل‪.‬‬
‫وقد مدد املرشع احلامية بكيفية مبارشة إىل املتخىل له الذي سيصبح مستهلك العقار يف طور‬
‫اإلنجاز‪ ،‬عن طريق اشرتاطه أن يتم التخيل وفق نفس الكيفية وضمن الرشوط التي تم هبا إبرام‬
‫العقد االبتدائي‪ ،‬أي أن حيرر هذا التخيل إما يف حمرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ‪ ،‬يتم‬
‫حتريره من قبل مهني ينتمي إىل مهنة قانونية منظمة وخيول هلا قانوهنا حترير العقود حتت طائلة‬
‫البطالن وذلك تطبيقا لقاعدة توازي األشكال(‪.((9‬‬
‫ثالثا‪ :‬محاية املستهلك يف نطاق الضامن العرشي‬
‫بالقراءة املتأنية للفصول املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬يتضح أن املرشع املغريب قد‬
‫غلب عنرص عقد البيع وتبنى تكييفا موحدا يف عقود البيع الواردة عىل عقارات يف طور اإلنجاز‪.‬‬
‫لكن موقف املرشع املغريب يظل متسام مع ذلك بالغموض حول طبيعة االلتزامات املرتتبة عىل‬
‫الطرفني‪ .‬وبالتايل يثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه االلتزامات التبادلية ترتبط كلها بعقد‬
‫البيع ارتباطا يظهر بشكل مطلق الالنقسامية املوجودة بينها حيث تشكل هذه األخرية معيارا‬
‫للتكييف املوحد(‪ ،((9‬أم أن الالنقسامية ال متتد إىل تلك الناجتة عن خصوصية االلتزامات التي‬
‫يتحمل هبا البائع‪ ،‬باعتباره أوال وقبل كل يشء‪ ،‬ملتزما بإنجاز البناء‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬لعل‬
‫حجم اإللتزامات التي يتحمل هبا املستهلك واملتمثلة يف دفع الثمن عىل شكل أقساط‪ ،‬وطبيعة‬
‫هذا النوع من البيوع باعتباره يتعلق ببناء عقار‪ ،‬ومركز البائع كطرف قوي يف العالقة التعاقدية‪،‬‬
‫جتعل التساؤل مرشوعا حول الضامن الذي سوف يتحمل به البائع بعد ابرام العقد النهائي أو‬
‫تقييده يف السجل العقاري إذا كان العقار حمفظا‪ ،‬يف حالة ما إذا ظهر بالبناء عيب من العيوب‬

‫(‪ )93‬قاعدة معروفة يف جمال القانون اإلداري مفادها رضورة اتباع اإلجراءات والشكليات ذاهتا املتبعة يف اإلصدار عند‬
‫اإللغاء أو التعديل بالنسبة للقرارات اإلدارية ما مل ينص عىل اتباع إجراءات وشكليات أخرى‪.‬‬
‫(‪ )94‬حول أسس التكييف القانوين يف الترشيع املغريب واملقارن‪ ،‬راجع أطروحتنا‪:‬‬
‫‪ -‬التكييف القانوين‪ :‬األسس النظرية واجلوانب العملية‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة احلسن الثاين‪ ,‬كلية احلقوق – عني‬
‫الشق ‪ -‬الدار البيضاء ‪.2004‬‬

‫‪45‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫املؤثرة‪ ،‬هل ينحرص فقط يف الضامن العادي الذي يتحمل به البائع عادة واملتعلق بضامن العيوب‬
‫اخلفية(‪ ،((9‬أم يتعني تطبيق أحكام ضامن املقاول بالنسبة لبيع العقار يف طور اإلنجاز؟‬
‫بالرجوع إىل القانون الفرنيس‪ ،‬نجد أن املرشع قد نص يف املادة ‪ 1646-1‬من القانون املدين‬
‫الفرنيس‪ ،‬عىل أن البائع يتحمل بنفس االلتزامات التي يتحمل هبا كل من املهندسيني املعامريني‬
‫واملقاولني وكل من ارتبط برب العمل بمقتىض عقد املقاولة‪.((9(.‬‬
‫أما يف املغرب فال تسعفنا النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز يف القول بأن البائع‬
‫يتحمل بالضامن العرشي املنصوص عليه بالفصل ‪ 769‬من ق‪.‬ا‪.‬ع(‪ .((9‬فاملرشع‪ ،‬وعىل امتداد‬
‫النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز‪ ،‬استعمل فقط مصطلحي البائع واملشرتي ومل‬
‫يستعمل قط مصطلح املقاول‪ ،‬بل إنه مل يميز بني البائع كمنعش عقاري والبائع كمقاول حينام‬
‫يتوىل إنجاز العقار بنفسه‪ ،‬مما يعطي انطباعا بأن املرشع املغريب يميل إىل تبني تكييفا موحدا‬
‫للعقد الذي يتم إبرامه يف ظل قانون ‪ ،44.00‬وهو عقد البيع‪ ،‬ومن ثم فالضامن الذي يتحمل‬
‫به بائع العقار يف طور اإلنجاز هو الضامن اخلاص بالعيوب اخلفية وليس الضامن العرشي‪،‬‬
‫النعدام األساس القانوين للقول هبذا الضامن األخري‪.‬‬
‫ولعل مسلك املرشع له ما يربره من حيث الظاهر‪ ،‬ذلك أن االلتزامات التي رتبها القانون‬
‫عىل عاتق البائع‪ ،‬واملتمثلة بداية يف البيانات التي يتعني أن يتضمنها العقد االبتدائي باإلضافة إىل‬
‫دفرت التحمالت التي حيوي مكونات املرشوع ونوع اخلدمات والتجهيزات الواجب إنجازها‪،‬‬

‫(‪ )95‬الفصول من ‪ 549‬إىل ‪ 575‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬


‫‪ -‬مصطفى حتيتي‪ :‬بعض الضامنات القانونية ملشرتي العقار يف طور اإلنجاز عىل ضوء القانون رقم ‪ 44.00‬والقواعد‬
‫العامة‪ ،‬أشغال ندوة العقار واالستثامر املنظمة من قبل كلية احلقوق بوجدة يومي ‪ 19‬و‪ 20‬ماي ‪ ،2006‬ص ‪.151-137‬‬
‫‪(96) Art 1646-1 (L, n°78-12 du 4 jan 1978):‬‬
‫‪«Le vendeur d’un immeuble à construire est tenu compter de la réception des travaux, des‬‬
‫‪obligations dont les architectes, entrepreneurs et autres personnes liées au maître de l’ouvrage‬‬
‫‪par un contrat de louage d’ouvrage sont eux-mêmes tenus en application des articles 1792,‬‬
‫‪1792-1,1792-2 et 1792-3 du présent code.‬‬
‫‪Ces garanties bénéficient aux propriétaires successifs de l’immeuble.‬‬
‫‪Il n’y aura pas lieu à résolution de la vente ou à diminution du prix si le vendeur s’oblige à‬‬
‫‪réparer les dommages définis aux articles 1792,1792-1 et 1792-2 du présent code et à assumer‬‬
‫‪la garantie prévue à l’article 1792-3 ».‬‬
‫(‪ )97‬يقيض الفصل ‪ 769‬من ق‪.‬ا‪.‬ع بام ييل‪:‬‬
‫«املهندس املعامري أو املهندس واملقاول املكلفان مبارشة من رب العمل يتحمالن املسؤولية إذا حدث خالل العرش‬
‫سنوات التالية إلمتام البناء أو غريه من األعامل التي نفذاها أو أرشفا عىل تنفيذها إن اهنار البناء كليا أو جزئيا‪ ،‬أو هدده‬
‫خطر واضح باالهنيار بسبب نقص املواد أو عيب يف طريقة البناء أو عيب يف األرض‪.‬‬
‫املهندس املعامري الذي أجري تصميم البناء ومل يرشف عىل تنفيذ عملياته‪ ،‬ال يضمن إال عيوب تصميمه‪.‬‬
‫تبدأ مدة العرش سنوات من يوم تسلم املصنوع‪ .‬ويلزم رفع الدعوى خالل الثالثني يوما التالية ليوم ظهور الواقعة املوجبة‬
‫للضامن‪ ،‬وإال كانت غري مقبولة»‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫باإلضافة إىل ما نص عليه الفصل ‪ 15-618‬من نفس القانون من كون العقار ال يعترب منجزا ولو‬
‫تم االنتهاء من بنائه‪ ،‬إال بعد احلصول عىل رخصة السكنى أو شهادة املطابقة وعند االقتضاء‬
‫بتقديم البائع للمشرتي شهادة تثبت أن العقار مطابق لدفرت التحمالت إذا طالب املشرتي‬
‫بذلك‪ ،‬تشكل هذه االلتزامات محاية قبلية للمشرتي وضامنا ضد أي انحراف أو تالعب‪،‬‬
‫وبالتايل فإن أية مسؤولية يمكن أن ترتتب يف هذا الصدد يكون أساسها اإلخالل بااللتزامات‬
‫الناشئة عن عقد البيع الذي يشكل أساس االتفاق وليس عقد املقاولة‪.‬‬
‫ونعتقد أنه من البدهيي جدا أن يتحمل بائع العقار يف طور اإلنجاز بالضامن العرشي حينام‬
‫يتوىل هذا األخري بنفسه أو حتت إمرته مهمة البناء والتشييد أو اهلندسة‪ ،‬إذ جيمع يف هذه احلالة‬
‫بني صفتني‪ ،‬صفة البائع وصفة املقاولة أو املهندس‪ ،‬مما يسمح بالقول بتحمله بالضامن العرشي‬
‫الوارد يف الفصل ‪ 769‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬لكنه خارج نطاق هذه احلالة‪ ،‬يظل بائع العقار يف طور اإلنجاز‬
‫ضامنا للعيوب اخلفية يف البناء وليس ضامنا لعيوب الصنع‪ .‬بيد أن هذا ال يعني حتام حرمان‬
‫املشرتي املستهلك من االستفادة من الضامن العرشي‪ ،‬فيمكن يف هذه احلالة الرجوع إىل القواعد‬
‫العامة املتعلقة بأحكام رسيان آثار االلتزامات‪ .‬فإذا كانت القاعدة تقيض بأن الذي يستفيد من‬
‫الضامن العرشي هو البائع ( رب العمل) يف مواجهة املقاول وليس املشرتي املستهلك باعتبار‬
‫أن اطراف عقد املقاولة مها رب العمل واملقاول‪ ،‬فإنه استنادا إىل نفس القواعد ينتقل الضامن‬
‫العرشي من السلف (البائع‪ -‬رب العمل) إىل اخللف اخلاص (املشرتي املستهلك) الذي تؤول‬
‫إليه ملكية البناء طبقا للفصل ‪ 229‬من ق‪.‬ا‪.‬ع(‪ .((9‬و تكمن العلة يف ذلك ‪ -‬يف رأينا املتواضع‪-‬‬
‫يف كون الضامن العرشي هو محاية قانونية مرتبطة بالبناء وليس بشخص صاحب العمل‪ ،‬إذ‬
‫يظل املقاول ضامنا للبناء طلية مدة عرش سنوات من انتهائه سواء ظل هذا البناء يف ملكية مالكه‬
‫األصيل (رب العمل) أو انتقل إىل ملكية أشخاص آخرين‪ ،‬فهذا الضامن هو من ملحقات البناء‬
‫ينتقل معه يف أي يد انتقل إليه(‪ .((9‬وقد تنبه املرشع الفرنيس إىل هذه احلقيقة بعد تعديله املادة‬
‫‪ 1792‬من القانون املدين معتربا أن كل مشيد للبناء هو مسؤول بقوة القانون جتاه رب العمل أو‬
‫مشرتي البناء بالبيع(‪. ((10‬‬

‫(‪ )98‬ينص الفصل ‪ 229‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬عىل ما ييل‪« :‬تنتج االلتزامات أثرها ال بني املتعاقدين فحسب‪ ،‬ولكن أيضا بني ورثتهام‬
‫وخلفائهام ما مل يكن العكس مرصحا به أو ناجتا عن طبيعة االلتزام أو عن القانون‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فالورثة ال يلتزمون إال يف‬
‫حدود أموال الرتكة‪ ،‬وبنسبة مناب كل واحد منهم »‬
‫‪(99) Civ. 3e ch., 23 mars 1968 : Bull. civ. 1968, III, n° 131 ; D. 1970, jurisprudence. p. 663, note‬‬
‫‪Jestaz.‬‬
‫‪- Civ. 3e ch., 12 juin 1991 : JCP G 1991, IV, 317 ; Bull. civ. 1991, III, n° 166 ; Gaz. Pal. 1992,‬‬
‫‪1, somm. p. 2 et note M. Peisse.‬‬
‫)‪(100) Art 1792 (L, n° 78-12 du 4 jan 1978‬‬
‫‪«Tout constructeur d’un ouvrage est responsable de plein droit, envers le maître ou l’acquéreur‬‬
‫‪de l’ouvrage, des dommages, même résultant d’un vice du sol , qui compromettent la solidarité‬‬
‫‪de l’ouvrage ou qui l’affectant dans l’un de ses élément constitutifs ou l’un de ses éléments‬‬
‫‪d’équipement, le rendent impropre à sa destination .‬‬

‫‪47‬‬
‫سلسلة دراسات وأبحاث ‪ -‬العدد ‪ - 5‬املنازعات العقارية‪ :‬اجلزء الأول‬

‫وعليه‪ ،‬فإن القول باستبعاد املشرتي املستهلك من االستفادة من الضامن العرشي فيه‬
‫تعطيل ألحكام الفصل ‪ 769‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬ألن فلسفة هذا الفصل واحلكمة التي سعى املرشع‬
‫إىل حتقيقها من خالله‪ ،‬هي حث املهندس واملقاول وكل من يتوىل تشييد بناء‪ ،‬بالعمل عىل بدل‬
‫العناية القصوى واختاذ االحتياطات الالزمة وحتقيق النتيجة املرجوة يف البناء بدون عيوب‪،‬‬
‫فاألمر ال يرتبط بأموال قد تترضر ويمكن التعويض عنها بل يتعلق األمر بأرواح قد تزهق‪.‬‬
‫فمن غري العدل أن نحرم املشرتي املستهلك من االستفادة من الضامن العرشي ومدته عرش‬
‫سنوات ونقيده بأحكام ضامن العيوب اخلفية التي ال تتجاوز مدة تقادم الدعوى بشأنه سنة أو‬
‫سنتان يف أقىص األحوال(‪ ،((10‬يف حني أن عيوب البناء قد يتطلب الكشف عنها مدة أطول ‪.‬‬
‫خامتة‪:‬‬
‫لعل الضامنات التي تضمنتها النصوص القانونية املنظمة لبيع العقار يف طور اإلنجاز‪،‬‬
‫تشكل محاية بالنسبة ملستهلك العقار‪ ،‬حاول املرشع من خالهلا أن يضع قطيعة مع كل ما يمت‬
‫إىل املايض الذي اتسم باستغالل مستهلكي العقارات يف طور اإلنجاز وبالنصب واالحتيال‪.‬‬
‫غري أن خطوات املرشع يف هذا املضامر مل تكن موفقة يف أغلبها‪ ،‬مما يفرض عىل املرشع التدخل‬
‫من أجل إعادة تنظيم العالقة التعاقدية بني املنعش العقاري واملستهلك عىل نحو حيافظ عىل‬
‫حقوق املنعش العقاري ويعضد مركز املستهلك يف هذه العالقة‪ .‬وال نملك ‪-‬كباحثني ‪ -‬سوى‬
‫أن ننبه املرشع إىل بعض العيوب والنواقص التي احتواها هذا القانون والتي متس الطابع احلامئي‬
‫الذي سعى املرشع إىل تكريسه يف قانون رقم ‪ .44-00‬ومن هذه العيوب‪:‬‬
‫‪ - 1‬إن كثريا من الضامنات التي ورد النص عليها يف قانون ‪ 44-00‬لصالح املستهلك ال‬
‫يمكن أن حتقق احلامية املطلوبة لصالح هذا األخري بحكم أن املرشع مل يقرهنا بجزاءات‬

‫‪Un telle responsabilité n’a point lieu si le constructeur prouve que les dommages proviennent‬‬
‫‪d’une cause étrangère ».‬‬
‫وملزيد من اإليضاح ‪ ،‬انظر ‪:‬‬
‫‪- J. L. Costa: la responsabilité de constructeurs d’après la loi du 4 jan 1978 .D.1979.35.‬‬
‫‪- Andre Roussel, Responsabilités et assurance des constructeurs, Technique et documentation,‬‬
‫‪Paris. 1978.‬‬
‫‪ -‬واجلدير بالذكر أن القضاء الفرنيس اعترب انتقال الضامن العرشي للمشرتي ال حيرم البائع من ممارسته عندما يمثل‬
‫بالنسبة له مصلحة مبارشة وحقيقية‪ ،‬رشيطة أن يثبت الرضر اخلاص الذي حلق به‪:‬‬
‫‪- Civ. 3e ch., 31 mai 1995 : Bull. civ. 1995, III, n° 133 ; D. 1995, inf. rap. p. 159 ; RD imm.‬‬
‫‪1995, p. 753.‬‬
‫‪- Civ. 3e ch., 3 juill. 1996 : Juris-Data n° 1996-002921 ; Resp. civ. et assur. 1996, comm. n°‬‬
‫‪393.‬‬
‫‪- Civ. 3e ch .3 mai 2001 : RD imm. 2001, p. 389 et 390.‬‬
‫‪- Civ. 3e ch., 28 nov. 2001 : Mon. TP 1er févr. 2002, p. 79.‬‬
‫(‪ )101‬األصل أن مدة تقادم دعوى ضامن العيوب اخلفية الذي يتحمل به البائع هي سنة من تاريخ التسليم طبقا للفصل ‪573‬‬
‫من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ .‬أما يف إطار املادة ‪ 35‬من قانون رقم ‪ 31-08‬املحدد لتدابري محاية املستهلك فهي سنتني‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫مظاهر حماية امل�ستهلك فـي بيع العقار فـي طور الإجناز‬

‫مدنية أو جزائية وبالتايل ينعدم الطابع الردعي يف هذه النصوص‪ ،‬وهذا ما جيعلها‬
‫نصوصا موقوفة التنفيذ‪.‬‬
‫‪ - 2‬إن مسلك املرشع يف إجازته ورود البيع يف طور اإلنجار عىل عقار غري حمفظ هو‬
‫مسلك ال يمكنه أن يوفر احلامية املطلوبة ملستهلكي العقارات يف طور اإلنجاز نظرا‬
‫ملا حيف هذا النوع من العقار من خماطر ال ختفى عىل أحد‪ .‬وبعبارة أوضح كلام كان‬
‫حمل البيع عقار غري حمفظ كلام كان حظ املستهلك من احلامية ضعيفا‪ ،‬فهو ال يمكنه‬
‫إجراء التقييد االحتياطي بخالف العقار املحفظ مثال‪ ،‬ناهيك عن ارتباط هذا النوع‬
‫من العقارات باملنازعات يف ملكيتها‪.‬‬
‫‪ - 3‬عىل مستوى الضامنات البنكية‪ ،‬من املالحظ أن أمهتها جد حمدودة‪ ،‬إذ يقترص‬
‫دورها عىل اسرتجاع أقساط الثمن املدفوعة من قبل املستهلك‪ ،‬وال متتد إىل غريها‬
‫كالتعويضات واجلزاءات املالية املفروضة عىل البائع‪ .‬كام أن املرشع مل يكن موفقا حينام‬
‫استبعد من نطاق توفري هذه الضامنات املؤسسات العمومية ومن يف حكمها حسب‬
‫التحديد الوارد يف قانون ‪.44-00‬‬
‫‪ - 4‬عىل مستوى ضامن عيوب البناء‪ ،‬يتعني عىل املرشع أن يسعى إىل تقرير محاية أفضل‬
‫ملستهلك العقار يف طور اإلنجاز والنص عىل اعتبار كل مشيد للبناء خيضع ألحكام‬
‫الفصل ‪ 769‬من قانون االلتزامات والعقود جتاه رب العمل أو مشرتي البناء بالبيع‪.‬‬
‫ونتمنى من املرشع إعادة النظر يف النصوص املنظمة لبيع العقار يف طور االنجاز عىل نحو‬
‫يكرس محاية حقيقية للمشرتي املستهلك يف إطار خلق عالقة تعاقدية متوازنة‪ ،‬ولن يتأتى هذا‬
‫مبدئيا إال من خالل تنظيم مهنة املنعشني العقاريني عن طريق حتديد الرشوط االساسية لولوج‬
‫هذه احلرفة وااللتزامات التي يتحمل هبا املنعش العقاري‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like