You are on page 1of 32

‫‪DÉPARTEMENT DU DROIT PRIVÉ‬‬

‫‪MASTER : DROIT PRIVÉ ET SCIENCES CRIMINELLES‬‬


‫منازعات قانون األعمال ‪MODULE :‬‬

‫‪:‬عرض حول‬

‫الحماية الجنائية للشيك‬


‫‪:‬من إنجاز الطلبة‬
‫‪ -‬أميمة بــقـاص‬
‫‪ -‬كنزة رمـــــــلي‬
‫‪ -‬حسن أعبــيد‬
‫‪:‬تحت إشراف‬ ‫‪ -‬أمين كريــــن‬
‫د‪ .‬نـــاجــي أنــــــور‬ ‫‪ -‬طارق الخمسي‬

‫السنة الجامعية‪:‬‬

‫‪2021-2020‬‬
‫الفهــــــــرس‬
‫مقدمة ‪2‬‬
‫‪3‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬إشكاليات التجريم في جرائم الشيك‬
‫‪3‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الجرائم الخاصة بالساحب‬
‫الفقرة األولى‪ :‬عدم توفير مؤونة الشيك عند تقديمه للوفاء ‪3‬‬
‫‪7‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬ساحب الشيك المتعرض بصفة غير صحيحة على المسحوب عليه‬
‫‪9‬‬ ‫الفقرة الثالثة‪ :‬جريمة سحب شيك بدون تعيين مكان إصداره أو تاريخه‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الجرائم الخاصة بالمستفيد والمسحوب عليه ‪10‬‬
‫‪10‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬جرائم المستفيد‬
‫جريمة قبول أو تظهيرـ شيك على سبيل الضمان ‪10‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫جريمة قبول شيك بدون تعيين مكان إصداره أو تاريخه ‪11‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫‪12‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬جرائم المسحوب عليه‪ ‬‬
‫جريمة التصريح بمؤونة تقل عن المؤونة المتوفرة حقيقة ‪12‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪12‬‬ ‫جريمة عدم التصريح داخل اآلجال القانونية باإلخالالت بوفاء الشيك وبالمنعـ‬ ‫ب‪-‬‬
‫المنصوص عليها في الفقرة األولى من المادتين ‪ 271‬و‪309‬‬ ‫جريمة مخالفة المقتضيات‬ ‫ت‪-‬‬
‫من م‪.‬ت والمواد ‪ 312‬و‪ 313‬و‪ 317‬من م‪.‬ت ‪13‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬إقامة دعوى الشيك والعقوبات المترتبة عنها ‪14‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خصوصية المسطرة في جرائم الشيك ‪14‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬القواعد الخاصة بالدعوى العمومية ‪14‬‬
‫االختصاص في جرائم الشيك‪15 :‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫‪16‬‬ ‫تقادم الشيك‬ ‫ب‪-‬‬
‫ج‪-‬مدى توقف متابعة الساحب لشيك بدون رصيد على وجودـ محضر احتجاج ‪17‬‬
‫‪18‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬القواعد الخاصة بالدعوى المدنية التابعة‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جزاء مقترفيـ جرائم الشيك ‪20‬‬
‫‪20‬‬ ‫الفقرة األولى‪ :‬الجزاءات في القانون المغربي‪.‬ـ‬
‫‪ .1‬الجزاءات على جرائم الساحب‪21 .‬‬
‫‪ .2‬الجزاءات على جرائم المستفيد ‪22‬‬
‫‪ .3‬الجزاءات على جرائم المسحوب عليه ‪23‬‬
‫‪ .4‬جرائم التزييفـ والتزويرـ ‪24‬‬
‫‪ .5‬عقوبتا المنع البنكي والقضائي ‪24‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬موقفـ التشريعات المقارنة ‪26‬‬
‫‪26‬‬ ‫‪ .1‬المشرع الفرنسي‬
‫‪ .2‬دول االتحاد االقتصاديـ والمالي لغرب افريقيا ‪26‬‬
‫الفقرة الثالثة‪ :‬التجريم بين اإلبقاء واإللغاء ‪27‬‬
‫خاتمة ‪29‬‬
‫قائمة المراجع ‪30‬‬
‫مقـــدمــــة‬

‫‪1‬‬
‫يعد الشيك مصدرا للكثــير من المشــاكل والنزاعــات نظــرا للبس الــذي يعــتري اســتعماله لــدى‬
‫الكثير من األشخاص سواء كانوا ساحبين أم مستفيدين‪ .‬وقد حاول المشرع المغربي توفــير الحمايــة‬
‫القانونية لحامل الشيك وتأمين حقه في الحصول على الوفاء‪ ،‬على اعتبار أنــه يحـوز ورقـة تجاريـة‬
‫مسحوبة لفائدته أو مظهرة إليه‪ ،‬ويعد بذلك خاضعا لقواعـد قانون الصرف‪ ،‬ومحميا من قبلها‪.‬‬

‫ولم يرد في ظهير ‪ 19‬ينــاير ‪ 1939‬المنظم للشــيك المنســوخ‪ ،‬وال مدونــة التجــارة الحاليــة أي‬
‫تعريـــف للشــيك‪ ،‬ممــا يــدل على أن المشــرع المغــربي أحجم كمــا هــو الحــال بالنســبة للعديــد من‬
‫التشريعات المقارنة عـن وضع تعريف محدد للشيك‪ ،‬واكتفى فقط في إطـار المـادة ‪ 239‬من مدونــة‬
‫التجارة بذكر البيانات اإللزاميـة التي ينبغي أن يشتمل عليها الصك البنكي العتباره شيكا‪ .‬غــير أنــه‬
‫يمكن تعريــف الشــيك على أنــه صــك محــرر مـــن قبــل شــخص‪-‬الســاحب‪ -‬يــأمر فيــه مصــرفا هــو‬
‫المسحوب عليها بأن يدفع مبلغا من النقود عنـــد االطـــالع لمصــلحة شــخص ثــالث هــو المســتفيد أو‬
‫لمصلحة الشخص الذي سوف يعينه المستفيد أو للحامل‪ .‬يتضح من التعريف أن أطـراف الشـيك هم‬
‫‪1‬‬

‫ثالثة أشخاص وهم‪ :‬الساحب والمسحوب عليه والمستفيد‪.‬‬

‫تم وضع المقتضيات الخاصة بالشـيك في المغـرب أثنـاء فـترة الحمايـة الفرنسـية سـنة ‪1939‬‬
‫وتطرقت له مدونة التجارة لسنة ‪ 1995‬ضمن الكتاب الثالث المخصص لألوراق التجارية حيث إنه‬
‫أتى في الباب الثالث بعد الكمبيالة والسند ألمر‪.‬‬

‫ويعتبر الشيك إذا مستحقا األداء بمجرد االطالع بمعنى واجـب الدفع بمجرد تقديمه إلى البنــك‬
‫المسحوب عليه‪ .‬لكن‪ ،‬إلى أي حد استطاع المشرع حماية حامل الشيك وهل استطاع فعال من خالل‬
‫هذه الحماية تأمين وظيفة الشيك في الوفاء؟‬

‫سنحاول من خالل هذا البحث أن نجيب على هذا التساؤل وسيقوم على مبحثين إثــنين أو لهمــا‬
‫سنخصصه لمحاولة مقاربة إشكاليات التجريم في جرائم الشيك قبل أن نوضح أثار قيــام المســؤولية‬
‫الجنائية عن هذه الجرائم‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬إشكاليات التجريم في جرائم الشيك‬

‫‪ 1‬علي سلمان العبيدي – األوراق التجارية في التشريع المغربي – طبعة ‪ ،1970‬مكتبة التومي‪ ،‬الرباط‪ .‬ص‪432 :‬‬

‫‪2‬‬
‫يعتبر الشيك من أهم األوراق التجارية التي عرفت شيوعا كبيرا في مجــال الحيــاة المصــرفية‬
‫وهو يحل محال النقود في المعامالت بين األفراد سواء كانوا عاديين أو تجارا‪ ،‬ومما ال شك فيــه إن‬
‫أهمية الشيك أخذت تزداد في العقود األخيرة نظرا لتطور المعامالت التجارية ونظرا للشيك كورقة‬
‫تجاريــة يســتعاض بهــا عن النقــود فقــد أصــبحت محال لإلجــرام يتعــرض لعــدة أشــكال من إســاءة‬
‫االستعمال‪ ،‬كالتزوير‪ ،‬التزييف‪ ،‬الشيك بدون مؤونة والتعرض غير الصــحيح على دفــع قيمتــه عنــد‬
‫تقديمه لألداء‪ .‬وتنقسم هذه الجــرائم المتعلقــة بالشــيك إلى جــرائم خاصــة بالســاحب (المطلب األول)‬
‫وجرائم خاصة بالمستفيد والمسحوب عليه (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الجرائم الخاصة بالساحب‬

‫عندما يصدر الساحب الشيك يمكن أن يـرتكب مجموعـة من الجـرائم الـتي تسـتهدف الطـرف‬
‫األخر من اجل النصب عليه‪ .‬وتتعدد هذه الجرائم في حين تعتبر جريمة إصدار شــيك بــدون مؤونــة‬
‫من أبرز جرائم الشــيك في الحيــاة المليــة (الفقــرة األولى) إمــا عن قصــد أو عن إغفــال‪ .‬والتعــرض‬
‫بصف غير صحيحة على وفاء الشيك (الفقرة الثانية) كما يمكن آن يقوم بســحب شــيك بــدون تعــيين‬
‫مكان إصداره أو تاريخه (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬عدم توفير مؤونة الشيك عند تقديمهـ للوفاء‬

‫يقصد بالمؤونة " الدين النقــدي الــذي للســاحب على المؤسســة البنكيــة أو الهيئــة الــتي يخولهــا‬
‫القانون صالحية مسك حسابات يمكن أن تسحب عليها شــيكات وهــذا التعريــف يتماشــى مــع المــادة‬
‫‪ 2241‬من مدونة التجارة وتتكون المؤونـة بالنسـبة للشـيك بفعـل المـدفوعات الـتي تتم بحسـاب بنكي‬
‫يتعامل فيه بالشيكات وغالبا مـا تجـرى هـذه المـدفوعات إمـا عن تريـق إيـداع السـاحب نقـودا لـدى‬
‫المؤسســة البنكيــة وإمــا بواســطة دفــع أو راق تجاريــة للبنــك الــذي يمســك حســابه وذلــك من أجــل‬
‫اســتخالص هــذه األوراق وتقييـد المبـالغ ذلـك أن الجريمـة ال تتحقـق إال في الــوقت الــذي يقــدم فيـه‬
‫المستفيد الشيك إلى البنك المسحوب عليه ويمتنع هذا األخير عن الوفاء‪ ،‬اما النعدام المؤونة أو عدم‬
‫كفايتها ويشترط في المؤونة ثالث شروط‪:‬‬
‫‪ 2‬ال يجوز سحب شيك إال على مؤسسة بنكية يكون لديها وقت إنشاء السند نقود للساحب حق التصرف فيها بموجب شيك طبقا التفاق‬
‫صريح أو ضمني‪ .‬يقصد ب "المؤسسة البنكية" في مفهوم هذا القانون كل مؤسسة قرض وكل هيئة يخول لها القانون صالحية مسك‬
‫حسابات يمكن أن تسحب عليها الشيكات‪ .‬يلزم الساحب أو الشخص الذي يسحب الشيك لحســابه أن يــؤدي المؤونــة ومــع ذلــك يكــون‬
‫الساحب لحساب غيره مسؤوال شخصيا تجاه المظهرين والحامل دون غيرهم‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -‬الصفة النقدية للمؤونة‪:‬ـ يشترط في المؤونة أن تكون ملفا نقديا ألن محل الشــيك يكــون دائمــا هــو‬
‫أداء مبلغ معين من النقود‪ ،‬وليس دفع شيء آخر غير النقود على اعتبار أن الشــيك أداة وفــاء فهــو‬
‫يحل محل النقود في األداء‪.‬‬
‫‪ -‬قابلية مبلغ المؤونة للتصرف‪ :‬إن البنك المسحوب عليه يوفي مبلغ الشيك من رصــيد الســاحب ال‬
‫من نقوده هو‪ ،‬لذلك يشترط أن يكون مبلغ المؤونة قابال للتصرف فيــه بمــوجب الشــيك‪ ،‬ألنــه ليس‬
‫كل مبلغ مالي نقدي مودع لدى المسحوب عليه يكـون قـابال للتصــرف فيـه بمــوجب شـيك‪ ،‬بـل أن‬
‫يوجد اتفاق سابق صريح أو ضمني بين البنــك وزبونــه على جــواز التصــرف في الوديعــة النقديــة‬
‫بالشيك‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن تكون المؤونةـ مساوية على األقــل لمبلــغ الشــيك‪ :‬يجب أن تكـون المؤونـة مسـاوية على‬
‫األقل لمبلغ الشيك المسحوب على المؤسسة البنكية أما إذا كانت المؤونة أقل من قيمــة الشــيك فــإن‬
‫ذلك يعد في حكم المنعدم بالنية إلى الساحب ممــا يــترتب عليــه تعرضــه للعقوبــة المتعلقــة بجريمــة‬
‫إصدار شيك بدون مؤونة ألن المشرع في المادة ‪ 3316‬م ت عاقب أيضا على عدم توفير المؤونــة‬
‫الكافية له وقت تقديمه لألداء‪.‬‬

‫في التشريع الجنائي المغربي نميز بين جريمة إصدار الشيك بدون رصيد وعدم توفير مؤونة‬
‫شيك عند التقديم لألداء‪.‬‬

‫جريمة إصدار الشــيك بــدون رصــيد منصــوص عليهــا في الفصــل ‪ 543‬من القــانون الجنــائي‬
‫وتعني أن يقوم شخص بإصدار شيك (تحرير شيك لفائدة الغير الذي يسمى مستفيدا وهو يعلم أنــه ال‬
‫يتوفر على رصيد بحسابه البنكي وقت تحرير الشيك‪ ،‬وهذه الجريمـة ال تقـوم إال بإثبـات أن رصـيد‬
‫صاحب الحساب كان ال يتوفر على المبلغ المدون بالشيك وقت تحريره‪ ،‬وكذا يتعين إثبات سوء نية‬

‫‪ 3‬يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين ‪ 2.000‬و‪ 10.000‬درهم‪ ،‬دون أن تقل قيمتها عن خمسة وعشــرين‬
‫في المائة من مبلغ الشيك أومن الخصاص‪:‬‬
‫ساحب الشيك الذي أغفل أولم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه؛‬ ‫‪.1‬‬
‫ساحب الشيك المتعرض بصفة غير صحيحة لدى المسحوب عليه؛‬ ‫‪.2‬‬
‫من زيف أو زور شيكا؛‬ ‫‪.3‬‬
‫من قام عن علم بقبول تسلم شيك مزور أو مزيف أو بتظهيره أو ضمانه ضمانا احتياطيا؛‬ ‫‪.4‬‬
‫من استعمل عن علم أو حاول استعمال شيك مزيف أو مزور؛‬ ‫‪.5‬‬
‫كل شخص قام عن علم بقبول أو تظهير شيك شرط أال يستخلص فورا وأن يحتفظ به على سبيل الضمان‪.‬‬ ‫‪.6‬‬
‫تصادر الشيكات المزيفة أ والمزورة وتبدد‪ .‬ويتم مصادرة المواد واآلالت واألجهزة واألدوات التي اســتعملت أو كــانت معــدة إلنتــاج‬
‫هذه الشيكات‪ ،‬بأمر قضائي‪ ،‬إال إذا استعملت دون علم مالكها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الساحب‪ .‬وجريمة إصدار شيك بدون رصيد هي جريمــة عمديــة أي أنــه يتعين إثبــات تــوفر الــركن‬
‫المعنوي والمتمثل أساسا في توفر سوء النية‪.‬‬

‫أما جريمةـ عدم توفير مؤونةـ شيك عند التقديم لألداء فهي جريمة منصوص عليها في المادة‬
‫‪ 316‬من مدونة التجــارة‪ .‬وهــذه الجريمــة هي عكس الجريمــة األولى أي أنهــا جريمــة شــكلية يمكن‬
‫تحققها بمجرد قيام الفعل ولو لم تتوفر لدى الساحب نيــة ارتكابهــا‪ ،‬ألن المشــرع يتحــدث عن تحقــق‬
‫هذه الجريمة ولوفي حالة إغفال توفير المؤونة‪ .‬وتتحقق جريمة عدم توفير مؤونة شيك عنــد التقــديم‬
‫لألداء عندما يتقدم المستفيد للمؤسسة البنكية ولمــا يطــالب بصــرف مبلــغ الشــيك يخــبره البنكي بــأن‬
‫المؤونة غير متوفرة أو غير كافية لسداد مبلغ الشيك‪ ،‬عنــدها تقــوم المؤسســة البنكيــة بتســليم شــهادة‬
‫للمستفيد تفيد أن الحساب المســحوب عليــه الشــيك ال يتــوفر على المؤونــة أو أن تلــك المؤونــة غــير‬
‫كافية‪ ،‬وتعتبر هذه الشهادة وسيلة إثبات لجريمة عدم توفير مؤونــة شــيك عنــد التقــديم لألداء‪ .‬إال أن‬
‫هذه الجريمة ال تتحقق إذا تأخر المستفيد عن تقديم الشيك لألداء فتمكن الساحب من توفــير المؤونــة‬
‫أو من إتمـام الخصـاص خالل فـترة التـأخير‪ ،‬الن النص صــريح في كـون السـاحب يجب أن يــوفر‬
‫مؤونة الشيك لإلدالء عند تقديم الشيك‪.‬‬

‫‪ ‬لقيام جريمة إصدار الشيك بدون مؤونة ال بد من توفر ثالث أركان أساسية‪:‬‬
‫‪‬الركن القانوني‪ :‬يطرح الركن القانوني إشكالي‪ ‬مسألة النص الواجب التطبيق على هذه الجريمة‪ .‬إذا‬
‫جرم الفعل المرتكب كل من المادة ‪ 316‬م ت وأيضا الفصل ‪ 543‬ق ج‪ .‬وأمام هــذا الوضــع كــان ال‬
‫بد من الرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 733‬من مدونة التجــارة الــتي تقضــي صــراحة على أن أحكــام‬
‫هذا القانون‪ ‬تنسخ وتعوض األحكام المتعلقة بالموضوعات نفسها‪ ،‬حسب مــا وقــع تغيــيره أو تتميمــه‬
‫مع مراعاة مقتضـيات المـادة ‪ ،4 735‬وبعبـارة أخـرى فـإن كـل مـا يتعـارض مـع المـادة ‪ 316‬من م‬
‫ت‪ ‬يعتبر كأن لم يكن‪ ،‬ألنه في حالة تعارض نص خاص مــع نص عــام‪ ،‬فــإن أولويــة التطــبيق تمنح‬
‫للخاص‪.‬‬

‫‪ 4‬يمكن لألشخاص المعنيينـ أن يقدموا تعرض الغير الخارج عن الخصومة على المقررات الصادرة عن المحاكم المنصــوص عليهــا‬
‫في الفقرتين األولى والثالثة من المادة ‪ 731‬أعاله والمضمنة في قائمة الديون‪.‬‬
‫يمكن للدائنين أن يقدموا تعرضا على أي دين مسجل في القائمة المنصوص عليها في المادة ‪ 732‬أعاله‪.‬‬
‫يجب أن يقدم تعرض الغير الخ ارج عن الخص ومة والتع رض داخ ل أج ل أقص اه خمس ة عش ر يوم ا من ت اريخ النش ر بالجري دة‬
‫الرسمية المشار إليه في المادة ‪ 732‬أعاله‬

‫‪5‬‬
‫كما يمكن تطبيق القاعدة الثانية التي تقضي أن “القانون الالحق ينســخ ويلغي الســابق إذا كــان‬
‫مساويا له في القوة “‪ .‬هذا المبــدأ الــذي يقضــي أنــه إذا كــان القــانون الجديــد متعارضــا مــع القــانون‬
‫السابق أو منظما لكــل المواضــيع الــتي يضــمه فانــه يتم إلغــاء القــانون الســابق ويتم تفعيــل وتطــبيق‬
‫القانون الجديد‪:‬‬

‫‪ ” ‬إن النص التشريعي الجديد بتضمنه لعقوبة زجرية في المادة ‪ 316‬من م ت يكــون قــد ألغى‬
‫العقوبة المنصــوص عليهــا في الفصل‪ 543‬من ق ج‪ ،‬باعتبــار انــه من المبــادئ العامــة أن الالحــق‬
‫يلغى القــانون الســابق‪ ،‬إذا مــا كــان القــانون الجديــد متعارضــا مــع القــانون الســابق أو منظمــا لكــل‬
‫موضوعاته‪ ،‬طالما إن المادة ‪ 733‬من القانون الجديد تنص على أن أحكام هذا القانون الجديد تنســخ‬
‫وتعــوض باألحكــام المتعلقــة بالموضــوعات نفســها مســبقا‪ ،‬بمعــنى إن النســخ ال يبقى للمقتضــيات‬
‫القانونية القديمة‪ ،‬حيث انه يقتضي قانون م ت‪ ،‬فان الفصل ‪ 543‬من ق ج قــد ألغى وال يعــد لــه أثــر‬
‫قانوني في ميدان منح إصدار شيكات وقبولها كضمانة‪ .‬وان الم حكمة بتطبيقها‪ ‬لمقتضياته تكــون قــد‬
‫خرقت القانون وعرضت قرارها للنقض‪.‬‬

‫‪ -‬الركن المادي‪ :‬يمثل في هذه الجريمة في إصدار الشيك وفي انعدام المؤونة أو نقصانها‪.‬‬

‫أ) إصدار الشيك‪:‬‬


‫‪ ‬يعد اإلصدار الركن المادي األصيل والجوهري في جريمة المؤونة ويقصد به تخلي الساحب‬
‫عن حيازة الشيك ودخوله في حيازة المستفيد‪ ،‬ويتم ذلك أثناء تسليم الساحب الشيك للمستفيد‪ ،‬تسليما‬
‫مصحوب إلرادة التخلي عن حيازته نهائيا‪ ،‬بحيث يتم طــرح الشــيك للتــداول لتســري عليــه الحمايــة‬
‫القانونية التي أسبغها القانون على الشيك بالعقاب في حالة إصداره بدون مؤونة‪ .‬ويشترط أن يكــون‬
‫تخلي الساحب عن حيازة الشيك تخليا ماديا واختياريا وقانونيا‪.‬‬

‫ب) إغفال الحفاظ على المؤونة أو تكوينها‪:‬‬


‫‪ ‬يستنتج من خالل البند األول من الفقرة األولي من المادة ‪ 316‬من مدونة التجــارة أن إصــدار‬
‫الشيك لم يعد عنصرا كافيا لتحقيق جريمة الســاحب المتعلقــة بالمؤونــة وعــدم قيامــه بتوفــير مؤونــة‬
‫الشيك قصد أدائها عن تقديمــه وهومــا جعــل بعض الفقــه المغــربي يعتــبر هــذه الجريمــة من جــرائم‬
‫اإلهمال واإلغفال والتقصير‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬الركن المعنوي‪ :‬تتحقق هــذه الجريمــة بمجــرد إغفــال الســاحب تكــون المؤونــة وقت تقــديم الشــيك‬
‫لألداء ألي سبب من األسباب وبذلك أصبحت هذه الجريمة من الجرائم اإلهمال وليس من الجرائم‬
‫العمديــة‪ .‬ويســتفاد من المــادة ‪ 316‬م ت أن الجريمــة تتحقــق ســواء كــان الســبب في عــدم تكــوين‬
‫المؤونة بوجود أي إغفال الساحب أو سوء نيته‪ .‬بحيث أن مســألة ســوء أو حســن النيــة لم يعــد لهــا‬
‫دور في جريمة إصدار الشيك بدون مؤونة المرتكبة من قبل الساحب على اعتبار أن هذه الجريمة‬
‫تكون قائمة بمجرد انعدام المؤونة‪ ،‬ســواء كــان الســاحب حســن النيــة أو ســيئها وبغض النظــر عن‬
‫الظروف أو األسباب التي حـالت دون قيـام السـاحب بتكـوين مقابـل الوفـاء‪ .‬ألن جريمـة السـاحب‬
‫مرتبطة بالمؤونة جريمة اقتصادية وليس جريمة عمدية‪.‬‬

‫وبالتالي فان الساحب ملــزم بالحفــاظ على المؤونــة الالزمــة‪ ،‬وكــذا العمــل على تكوينهــا ألداء‬
‫الشيك عند تقديمه للوفاء إلى المؤسسة البنكية المسحوب عليها‪ ،‬كما يجب عليــه أن يــراقب حســاباته‬
‫وآن يضبطها‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬ـ ساحب الشيك المتعرض بصفة غير صحيحة على المسحوب عليه‬

‫األصـل أن الشـيك أداة وفـاء واجب الـدفع بمجـرد االطالع أي بمجـرد تقديمـه لألداء‪ ،‬إال انـه‬
‫استثناء من هذه القاعدة أجاز المشرع للساحب التعرض على أداء الشيك‪ ،‬وبعــدم صــرف قيمتــه في‬
‫أحوال محددة نصت عليهــا مدونــة التجــارة في الفقــرة ‪ 2‬من المــادة ‪ 271‬حيث جــاء فيهــا "ال يقبــل‬
‫تعرض الساحب على وفاء الشيك إال في حالــة فقدانــه أو ســرقته أو االســتعمال التدليســي للشــيك أو‬
‫تزويــره أو في حالــة التســوية أو التصــفية القضــائية للحامــل‪ .‬ويتعين على الســاحب أن يؤكــد كتابــة‬
‫تعرضه بصــفة فوريــة كيفمــا كــانت الوســيلة المســتعملة في تلــك الكتابــة‪ ،‬وان يــدعم ذلــك بالوثــائق‬
‫الضرورية"‪.‬ـ أي انـه شـرع التعـرض على الوفـاء بالشـيك بغيـة الحفـاظ على مـال السـاحب من أن‬
‫يستلبه غاصب‪ ،‬أو أن يقوم بتحصيله غير ذي صــفة‪ ،‬خصوصــا إذا كــان الشــيك لحاملــه‪ .‬وقــد حــدد‬
‫المشرع المغربي الحاالت التي يمكن فيها التعرض على الوفاء بالشيك‪ ،‬وذلــك بهــدف القضــاء على‬
‫بعض التصرفات التعسفية التي يمكن أن يقوم بها الساحب من أجل تعطيل الوفاء بالشيك‪ ،‬وال يقبــل‬
‫تعرض الساحب على أداء الشيك إال في حاالت حددها المشرع في المادة ‪ 271‬من مدونة التجارة‪،5‬‬

‫‪ 5‬يجب على المسحوب عليه أن يقوم بالوفاء ولو بعد انقضاء أجل تقديم الشيك‪ ،‬كما يتعينـ عليه الوفاء إذا صــدر الشــيك خرقــا لألمــر‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 313‬أو المنع المنصوص عليه في المادة ‪.317‬‬

‫‪7‬‬
‫وتتمثل في فقدان الشيك أو سرقته أو االستعمال التدليســي للشــيك أو تزويــره أو الحكم على الحامــل‬
‫بالتسوية أو التصفية القضائية‪.‬‬

‫وقد اشترط المشرع الكتابة الفورية في التعرض كيفما كــانت الوســيلة المســتعملة في الكتابــة‪.‬‬
‫ويسلم الطلب المكتوب إلى البنك المسحوب عليه‪ ،‬ويمكن أن يهم التعرض دفتر الشــيكات برمتــه أو‬
‫أن يقتصر على شيك واحد‪.‬‬

‫وفي الغالب يكــون التعــرض على الشــيك المســروق أو المفقــود بواســطة طلب مكتــوب يســلم‬
‫للبنك‪ ،‬ويذكر فيه ظروف الضياع ورقم الشيك ومبلغه وأي بيــان آخــر يســاعد على التعــرف عليــه‪.‬‬
‫وكذلك اعتادت المؤسســة البنكيــة ملئ مطبــوع يتضــمن رقم الشــيك‪ ،‬ومبلغــه وتــاريخ ســحبه واســم‬
‫المستفيد إذا كان‪ .‬وفي حالة التعرض يقوم البنك بتجميد المؤونــة المقابلــة لمبلــغ الشــيك لديــه‪ ،‬ومنــع‬
‫الساحب من التصرفـ فيه إلى أن يحل المشكل‪.‬‬

‫وإذا كان المشــرع قــد نص صــراحة على حــق الســاحب في التعــرض مــع احترامــه للحــاالت‬
‫المنصــوص عليهــا قانونــا‪ ،‬فمن الممكن توســيع دائــرة األشــخاص المخــول لهم هــذا الحــق كوكيــل‬
‫الساحب إعماال لقواعد الوكالة‪ ،‬ويحق أيضا لورثته التعرض‪ ،‬والسنديك إن صدر في حق الســاحب‬
‫حكم بالتسوية أو التصفية القضائية‪.‬‬

‫وإجراءات التعرض أصــبحت بمقتضــى مدونــة التجــارة صــريحة ال لبس فيهــا‪ ،‬ومعــبرة عن‬
‫إرادة الساحب في منع الوفاء بقيمة الشيك‪ ،‬اما بواسطة تصريح يدلي بــه الســاحب للبنــك المســحوب‬
‫عليه تحت مسؤوليته وعهدتـه أو بواسـطة الـبرق أو الهـاتف‪ ،‬على أن يؤكـد كتابتـه ويكـون مسـتندا‬
‫إلحدى األسباب الواردة في المادة ‪ 271‬من مدونة التجارة وأن يدعم بالوثائق الضــرورية كــاإلدالء‬
‫بشهادة السرقة أو الضياع في شكل محضر محرر من طرف الضابطة القضائية‪.‬‬

‫ال يقبل تعرض الساحب على وفاء الشيك إال في حالة فقدانه أو سرقته أو االستعمال التدليسي للشيك أو تزويره أوفي حالة التسوية أو‬
‫التصفية القضائية للحامل‪ .‬يتعينـ على الساحب أن يؤكد كتابة تعرضه بصفة فورية كيفمــا كــانت الوســيلة المســتعملة في تلــك الكتابــة‬
‫وأن يدعم ذلك بالوثائق الضرورية‪.‬‬
‫يتعينـ على كل مؤسسة بنكية أن تضمن في صيغ الشـيكات المسـلمة ألصـحاب الحسـابات‪ ،‬العقوبـات الـتي يتعرضــون لهـا في حالــة‬
‫التعرض استنادا إلى سبب آخر غير تلك المنصوص عليها في هذه المادة‪.‬‬
‫إذا قام الساحب بالتعرض بالرغم من المنع المذكور وألسباب أخرى أمر رئيس المحكمة‪ ،‬بنــاء على طلب الحامــل‪ ،‬برفــع اليــد حــتى‬
‫ولو كانت هناك دعوى أصلية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫كمــا أن المشــرع في مدونــة التجــارة نص صــراحة على األســباب المــبررة لالعــتراض على‬
‫األداء والتي ذكرها على سبيل الحصر وحدد شكليات هــذا اإلجــراء‪ ،‬وكــان غرضــه من ذلــك قطــع‬
‫دابر االعتراض الجزافي الذي كــان يتم دون تــبرير وقوعــه بأيــة وثــائق معقولــة في إطــار العالقــة‬
‫الرابطة بين البنك والزبون‪ .‬والبنك المسحوب عليه في غياب الشروط المنوه عنها أعاله يمنع عليــه‬
‫قبول التعرض ويتعين عليه الوفاء بمبلغ الشيك لحامله أو المستفيد منه بل وإن المسحوب عليه وفي‬
‫حالة امتناعه في ظل الظروف المذكورة قــد يتعــرض للعقوبــة المقــررة في المــادة ‪ 319‬من مدونــة‬
‫التجارة‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬جريمة سحب شيك بدون تعيين مكان إصداره أو تاريخه‬

‫إن تــاريخ ومكــان اإلنشــاء يــؤثر على أجــل تقــديم الشــيك للوفــاء‪ ،‬ويمكن من معرفــة القــانون‬
‫الواجب التطبيق‪ ،‬ويتخذ كنقطة لتقديم الشيك للوفاء‪ ،‬ونقطة ســريان أجــل حــق الرجــوع والمطالبــة‪،‬‬
‫إضافة إلى أن مكان اإلصدار يفيد في معرفة مكان اقتراف الفعل الجرمي‪ ،‬وتحديــد مكــان المحكمــة‬
‫المختصة‪.‬‬

‫‪ -‬الركن القانوني‪ :‬تنص المادة ‪ 307‬من م‪.‬ت على أنه‪“ :‬يعاقب الساحب الذي يصدر شيكا دون أن‬
‫يعين فيه مكان إصداره أو تاريخه وكذا من يضع له تـاريخ إنشـاء غـير حقيقي وكـذا من يسـحب‬
‫شيكا على غير مؤسسة بنكية بغرامة قــدرها ســتة في المائــة من مبلــغ الشــيك على أال يقــل مبلــغ‬
‫الغرامة على ‪ 100‬درهم”‪.‬‬
‫‪ -‬الركن المادي‪ :‬يتحقق في هذه الجريمة بمجرد إصدار الشيك‪ ،‬أي طرحــه للتــداول وإخراجــه من‬
‫حيازة الساحب القانونية‪ ،‬بمعنى آخر تسليم الشيك للمستفيد‪ ،‬أو من ينوب عنــه من أجــل تحصــيل‬
‫قيمته من المسحوب عليه‪ .‬وال يشترط لقيام هذه الجريمة انتفاء المؤونة‪ ،‬بل إنها تتحقق حتى ولــو‬
‫كان مقابل الوفاء موجودا مقابل للســحب ألن جريمـة ســحب الشـيك بـدون ذكـر مكــان أو تــاريخ‬
‫إصداره أو بتاريخ غير حقيقي مستقلة عن جريمة إغفال أو عدم القيام لتكوين مؤونة الشيك قصد‬
‫أدائه عند تقديمه‪ ،‬والعقوبة المنصوص عليهـا في المـادة ‪ 307‬ال تقتصـر فقـط على السـاحب بـل‬
‫تمتد لتشمل حتى المظهر األول أو الحامل‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ -‬الركن المعنوي‪ :‬تعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمديــة الــتي يجب تــوافر القصــد الجنــائي فيهــا‬
‫(القصد العام)‪ ،‬الذي يتحقق بمجرد علم الساحب أنه يصدر شيكا بــدون تعــيين مكــان إصــداره أو‬
‫تاريخه أو بتاريخ غير حقيقي‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الجرائم الخاصة بالمستفيد والمسحوب عليه‬

‫تعرض المشرع المغربي لهــذا النــوع من الجــرائم في المــادة ‪ 316‬من م ت الخاصــة بالمســتفيد من‬
‫الشيك (الفقرة األولى) وفي المادة ‪ 319‬جرائم الخاصة بالمسحوب عليه (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬جرائم المستفيد‬


‫المستفيد هــو بيت القصــيد إذ ال يهمــه ســوى الحصــول على قيمــة الشــيك يــوم تقديمــه لألداء‪ ،‬ولكي‬
‫يطمئن هذا األخير في حصوله على قيمة الشيك كان لزاما من وضع الحماية القانونية ‪6‬إال انه يمكن‬
‫أن يرتكب مجموعة من الجرائم بصفته طرفا في الشيك ومن أبرزها جريمة قبــول أو تظهــير شــيك‬
‫على سبيل الضمان‪.‬‬

‫ت‪ -‬جريمة قبول أو تظهير شيك على سبيلـ الضمان‪:‬‬


‫‪-‬الركن القانوني‪ :‬إن المشرع المغربي سبق له أن عـاقب ضــمن مقتضـيات المـادة ‪ 544‬من القــانون‬
‫الجنائي على إصدار أو قبول الشيك على أال يصرف فورا وأن يحتفظ به على سبيل الضمان وذلــك‬
‫بنفس العقوبة التي كانت مقررة إلصــدار شــيك بــدون مؤونــة‪ ،‬والمشــرع جعــل من الفعــل المــذكور‬
‫جريمة معاقب عليها ضمن مقتضيات المادة ‪ 316‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪-‬الركن المادي‪ :‬تعتبر هذه الجريمة مســتقلة عن غيرهــا من جــرائم الشــيك‪ ،‬ســواء كــان الشــيك دون‬
‫مؤونة عند التقديم‪ ،‬أو كانت المؤونة غير كافيــة‪ ،‬أو كــانت المؤونــة متــوفرة ســواء عنــد اإلنشــاء أو‬
‫اإلصدار أو التقديم‪ .‬ويتحقق ركنها المادي بمجرد تسلم المستفيد أو المظهر إليه الشيك مع علمه بأن‬
‫قبوله إياه مشروط بعدم استخالصه على الفور‪ ،‬وأن سيحتفظ به على سبيل الضمان‪.‬‬
‫‪-‬الركن المعنوي‪ :‬تعتبر هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يتوقف تحققها على سوء النية المتمثل‬
‫في قيام الفاعل عن علم بما يعتبر جريمة في نظر القانون‪.‬‬

‫‪  6‬الشيك‪ :‬الحوالة المالية‪ .‬منجد الطالب‪ .‬مادة شك‪ ،‬ص‪378 .‬‬

‫‪10‬‬
‫وتعد هذه الجريمة من الجرائم الصعبة اإلثبات والتي أصبحت تشــكل واقعــا مقبــوال اجتماعيــا‬
‫واقتصاديا بالنظر إلى محدوديتها وكذا نذرتها في الحياة العملية‬

‫ولهذا قرر المشرع في ظل مدونة التجارة الجديدة تجريم هذا الفعل من جديــد‪ .‬وعلــة التجــريم‬
‫هذه كانت ناتجة باألساس عن التواطؤ بين كل من الساحب والمستفيد على تحويل الطبيعة القانونيــة‬
‫للشيك كأداة وفاء وجعله مجرد وثيقة لالئتمان‪ .‬هذه العلـة بقيت أيضـا مهيمنـة على التشـريع الجديـد‬
‫من حيث مبدأ التجريم مع تعديل طفيف شمل أحد طرفي العالقة‪ ،‬والمشرع بعد أن كــان يعــاقب كال‬
‫من المصدر والقابل لشيك الضمان أصبح يقتصر فقط على معاقبة القابـل باعتبــاره الطــرف األكــثر‬
‫استجابة لتعطيل وتأخير صرف قيمة الشيك‪.‬‬

‫وعلى الرغم من كون جريمة قبول أو تظهير شيك على ســبيل الضــمان تعتــبر مســتقلة بــذاتها‬
‫وقائمة سواء كــانت المؤونــة موجــودة عنــد اإلصــدار إن لم تكن كــذلك‪ ،‬فــان الواقــع العملي يكشــف‬
‫ارتباطها العضويـ بجريمة إصدار شيك بدون مؤونة؛ إذ اإلجابة تجعل المستفيد يقبــل شــيكا بشــرط‬
‫أال يصرفه فورا؛ إال إذا كانت المؤونة غير موجودة لديه‪.‬‬

‫جريمة قبول شيك بدون تعيين مكان إصداره أو تاريخه‪:‬‬ ‫ث‪-‬‬


‫‪-‬الركن القانوني‪:‬ـ عرض المشرع لهــذه الجريمــة في الفقــرة الثانيــة من المــادة ‪ 307‬من م‪.‬ت ملزمــا‬
‫المظهر األول أو حامل الشيك شخصيا بأداء غرامة ما سنتطرق له في المبحث الثاني‪.‬‬
‫‪-‬الركن المادي‪ :‬يتحقق بمجرد قبول المظهر األول أو الحامــل شــيك خــالي من التــاريخ أو من مكــان‬
‫إصداره نفس األمر ينطبق على من يتلقى شيك على ســبيل المقاصــة لم يــبين فيــه مكــان إصــدار أو‬
‫تاريخه‪.‬‬
‫‪-‬الركن المعنــوي‪ :‬تحقق بتــوافر عنصــرين العلم واإلرادة (القصــد الجنــائي العــام) بمعــنى أن يكــون‬
‫المتسلم للشيك على علم بخلوه من التاريخ أو مكان اإلصدار أو قبوله على الرغم من ذلك‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬ـ جرائم المسحوب عليه‪ ‬‬


‫ث‪ -‬جريمةـ التصريحـ بمؤونةـ تقل عن المؤونة المتوفرة حقيقة‬

‫‪11‬‬
‫‪ -‬الركن القانوني‪:‬ـ تنص المادة ‪ 319‬من م‪.‬ت على أنــه‪" :‬يعــاقب بغرامــة من ‪ 5000‬إلى ‪ 50000‬د‬
‫المسحوب عليه الذي يصرح بمؤونة تقل عن المؤونة الموجودة والقابلة للتصرف‪".‬‬
‫‪ -‬الركن المادي‪ :‬تتحقق هذه الجريمة بمجرد تصريح المسحوب عليــه بــأن المؤونــة الموجــودة لديــه‬
‫والقابلة للتصرف هي أقل من المبلغ المحدد في الشيك مع أن الحقيقة خالف ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬الركن المعنوي‪ :‬ويتميز هذا الركن في هذه الجريمة بكونه ال يتطلب إال القصــد العــام‪ ،‬وهــو العلم‬
‫بوجود مؤونة كافية دون القصد الخاص المتمثل في اإلضرارـ بالمستفيد وال عبرة آنذاك بالدافع أو‬
‫الباعث على مثل هذا التصريح الكاذب‪.‬‬
‫جريمــةـ عــدم التصــريحـ داخــل اآلجــال القانونيــةـ بــاإلخالالت بوفــاء الشــيك وبــالمنع البنكي‬ ‫ج‪-‬‬
‫والقضائي‬
‫‪-‬الــركن القــانوني‪:‬ـ ورد التنصــيص على هــذه الجريمــة في الفقــرة الثانيــة من المــادة ‪ 319‬من م‪.‬ت‪:‬‬
‫"يعــاقب بغرامــة من ‪ 5000‬إلى ‪ 50000‬درهم جريمــة عــدم التصــريح داخــل اآلجــال القانونيــة‬
‫باإلخالالت بوفاء الشيكات واإلخالل الساحب بالمنع المصرفي والقضائي‪.‬‬
‫‪-‬الركن المادي‪ :‬يتحقق بمخالفة المســحوب عليــه للمقتضــيات القانونيــة الــتي تلزمــه بالتصــريح بكــل‬
‫حادث إخالل باألداء من طـرف السـاحب داخـل األجـل الـذي يحـدده لـه بنـك المغـرب‪ ،‬وكـذلك في‬
‫الحاالت التي ال يقــوم فيهــا المســحوب عليــه بتبليــغ بنــك المغــرب بــإخالالت الســاحب المتجليــة في‬
‫إصداره لشيكات‪ ،‬رغم األمر المصرفي الصادر إليه بإرجاع صيغ الشيكات التي توجــد في حوزتــه‬
‫أو حوزة وكالئـه طبقـا للمـادة ‪ 313‬من م‪.‬ت‪ ،7‬وكـذلك في حالـة خرقـه للمنـع القضـائي المنصـوص‬
‫عليه في المادة ‪ 317‬من م‪.‬ت‪.8‬‬
‫‪-‬الركن المعنوي‪ :‬يعاقب على هذه الجريمة جنائيا بصرف النظر عن كون التصريح بذلك قــد تم عن‬
‫خطأ من طرف هذه المؤسســة البنكيــة‪ ،‬فارتكــاب البنكي ألحــد األفعــال المنصــوص عليهــا في هــذه‬
‫‪ 7‬يجب على المؤسسة البنكية المسحوب عليها التي رفضت وفاء شيك لعدم وجود مؤونــة كافيــة أن تــأمر صــاحب الحســاب بإرجــاع‬
‫الصيغ التي في حوزته والتي في حوزة وكالئه إلى جميع المؤسسات البنكيـةـ الــتي يعتــبر من زبنائهــا‪ ،‬وأال يصــدر خالل مــدة عشــر‬
‫سنوات شيكات غير تلك الــتي تمكن من ســحب مبــالغ ماليــة من طــرف الســاحب لــدى المســحوب عليــه أوالــتي يتم اعتمادهــا‪ .‬تخــبر‬
‫المؤسسة البنكية المسحوب عليها في نفس الوقت وكالء زبونها وكذا أصحاب الحساب اآلخرين‪.‬‬
‫غير أن لصاحب الحساب أن يستعيدـ إمكانية إصدار الشيكات مع مراعاة تطبيق الفقرة األولى من المادة ‪ 317‬إذا ثبت أنه‪:‬‬
‫أدى مبلغ الشيك غير الموفى أوقام بتوفير مؤونة كافية وموجودة ألدائه من طرف المسحوب عليه؛‬
‫‪ 8‬يجوز للمحكمة في الحاالت المنصوص عليها في المادة السابقة أن تمنع المحكوم عليه خالل مدة تتراوح بين سنة وخمس ســنوات‪،‬‬
‫من إصدار شيكات غير التي تمكنه فقط من سحب مبالغ مالية لــدى المســحوب عليــه أوشــيكات معتمــدة‪ .‬ويمكن أن يكــون هــذا المنــع‬
‫مشفوعا بالنفاذ المعجل‪ .‬ويرفق المنع بأمر موجه إلى المحكوم عليه يلزمه بإرجاع صيغ الشيكات الموجودة في حوزتــه أوفي حــوزة‬
‫وكالئه إلى المؤسسة البنكية التي سلمتها له‪ .‬ويجوز للمحكمة أن تأمر بنشــر ملخص للحكم القاضــي بــالمنع في الجرائــد الــتي تعينهــا‬
‫وطبقا للكيفية التي تحددها وذلك على نفقة المحكوم عليه‪ .‬ويجب على المحكمة أن تخــبر بنــك المغــرب بملخص الحكم بــالمنع‪ ،‬الــذي‬
‫يجب عليه بدوره أن يخبر المؤسسات البنكية بذلك المنع‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫المادة‪ ،‬بدون تواطؤ أو سوء النية يعتبر جريمة في حق المؤسسة البنكية الــتي يعمــل لفائــدتها وليس‬
‫‪9‬‬
‫في حقه شخصيا‪.‬‬
‫جريمة مخالفة المقتضيات المنصوص عليها في الفقرة األو لى من المــادتين ‪ 271‬و‪ 309‬من‬ ‫ح‪-‬‬
‫م‪.‬ت والمواد ‪ 312‬و‪ 313‬و‪ 317‬من م‪.‬ت‬
‫‪ -‬مخالفة مقتضيات الفقرة األولى من المادة ‪ :271‬ـ جــاء في الفقــرة األولى ‪ 271‬م‪.‬ت‪" :‬يجب على‬
‫المسحوب عليه أن يقوم بالوفاء ولو بعد انقضــاء آجــال تقــديم الشــيك كمــا يتعين عليــه الوفــاء إذا‬
‫صدر الشيك خرقا لألمر المنصوص عليه في المادة ‪ 313‬أو المنـع المنصـوص عليـه في المـادة‬
‫‪ .317‬تتحقق هذه الجريمة في حالة عدم وفاء المسحوب عليه بقيمة الشيك ولو بعد انقضاء آجــال‬
‫التقديم‪ ،‬وكذا في حالة صدور الشيك خرقا لألمر المصرفي المنصوص عليــه في المــادة ‪ 313‬أو‬
‫المنع المنصوص عليه في المادة ‪.317‬‬
‫‪ -‬مخالفــة مقتضــيات المفقــرة األولى من المــادة ‪:309‬ـ تلــزم الفقــرة األولى من المــادة ‪ 309‬البنــك‬
‫المسحوب عليه بأن يســلم للحامــل أو وكيلــه شــهادة رفض األداء في حالــة مــا إذا امتنــع عن أداء‬
‫قيمة الشيك المقدم إليه من طرفــه‪ ،‬فالجريمــة تتحقــق بمجــرد امتنــاع المســحوب عليــه عن تســليم‬
‫الحامل أو وكيله شهادة رفض األداء‪.‬‬
‫‪ -‬مخالفة مقتضيات المواد ‪ 312‬و‪ 313‬و‪ :317‬طبقا لألحكام المادة ‪" :312‬ال يجوز أن تسلم لمن‬
‫لــه حســاب بنكي أو لوكيلــه صــيغ شــيكات غــير الــتي تمكن من ســحب مبــالغ ماليــة لــدى البنــك‬
‫المسحوب عليه أو االعتمــاد وذلــك ابتــداء من عشــر ســنوات ابتــداء من التــاريخ الــذي أخــل فيــه‬
‫صــاحب حســاب بالوفــاء نتيجــة عــدم وجــود مؤونــة كافيــة إذا لم يمــارس صــالحية التســوية‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 313‬وعليــه فالجريمــة تتحقــق بتعمــد المســحوب عليــه تســليم صــيغ‬
‫شيكات إلى صاحب حساب بنكي مخل بالوفاء نتيجة عدم وجود مؤونة كافيــة ولم يمــارس بعض‬
‫صالحية التسوية المنصوص‪ 10‬عليها في المادة المذكورة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬إقامة دعوى الشيك والعقوبات المترتبة عنها‬

‫‪   9‬الدكتور شكري السباعي ك الوسيط في األوراق التجارية الجزء الثاني – مطبعة المعارف الجديدة – الرباط ‪ 1998‬ص ‪323‬‬
‫ساحب الشيك المتعرض بصفة غير صحيحة لدة المسحوب عليه‬
‫‪   10‬امحمد لفروجي ‪ *:‬الشيك وإشكاالته القانونية والعملية * مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء‪– 1999‬ص ‪  345‬‬

‫‪13‬‬
‫يترتب عن توفر أركان المسؤولية الجنائية عن أية جريمــة من جــرائم الشــيك حــق الدولــة في‬
‫إنزال العقوبة الزجرية بمرتكبي تلك الجرائم‪ ،‬وذلك طبقا وإتباعا لإلجراءات المسطرة المنصــوص‬
‫عليها في القانون‪ ،‬حفاظا على حقوق الضحايا وضمانا لتطبيق العقوبات العادلة في حق المتهمين‪.‬‬

‫وإذا كان األصل في للتنصيص على العقوبة هو القانون الجنــائي‪ ،‬فــإن المشــرع المغــربي قــد‬
‫خرج عن هذا النهج‪ ،‬بتنصيصهـ على عقوبة جرائم الشيك ضمن مدونة التجارة نظرا لخصوصيتها‪.‬‬

‫وأمــا بخصــوص اإلجــراءات المســطرية‪ ،‬فــإن الــدعوى العموميــة تخضــع من حيث المبــدأ‬
‫لمقتضيات المسطرة الجنائية‪ ،‬وكذلك الدعوى المدنية التابعة لها‪ ،‬مع وجود بعض القواعــد الخاصــة‬
‫أفردها المشرع لبعض الجرائم المتعلقة بالشيك "المطب األول"‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خصوصية المسطرة في جرائم الشيك‬


‫تنشأ عن كل جريمة من جرائم الشيك السابقة الذكر دعوى عموميــة يكــون موضــوعها إنــزال‬
‫العقوبة الزجرية بمرتكبي تلك الجرائم‪ ،‬وكذلك بكل من ساهم أو شارك فيها‪ ،‬ودعوى مدنيــة تــرمي‬
‫إلى إصالح الضرر الناشــئ عن الفعــل الجــرمي‪ ،‬وعالوة على كــون الــدعوى العموميــة والــدعوى‬
‫المدنية تخضعان في إجراءاتهما للقواعــد العامــة‪ ،‬فــإن هنــاك بعض القواعــد الخاصــة الــتي أفردهــا‬
‫المشرع بموجب مدونة التجارة نظرا للطابع الخاص الذي يميز النزاعات المتعلقــة بالشــيك‪ .‬ولــذلك‬
‫سنركز على أهم تلك القواعد الخاصة سواء فيما يتعلـق بالـدعوى العموميـة "الفقــرة األولى" وفيمـا‬
‫يخص الدعوى المدنية التابعة "الفقرة الثانية"‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬القواعد الخاصة بالدعوى العموميةـ‬


‫يتم تحريك الدعوى العمومية الناشــئة عن جــرائم الشــيك إمــا من طــرف النيابــة العامــة أو من‬
‫طرف المتضرر‪ ،11‬وتحاط النيابـة العامـة علمـا بهـذه الجـرائم من طـرف بنـك المغـرب فيمـا يخص‬
‫الجرائم المنصوص عليها في المادتين ‪ 318‬و‪ 319‬من مدونة التجارة‪.12‬‬

‫‪11‬المـــادة ‪ 2‬و‪ 7‬إلـى ‪ 11‬مـــن قـــانون المسطرة الجنائية‪.‬‬


‫‪12‬تنص الفقرة األخيرة من م ‪ 322‬م ت على ما يلي‪ " :‬كما يمركز "بنك المغرب" المعلومات المتعلقة ب الجرائم المنص وص عليه ا‬
‫في المادتين ‪ 319-318‬ويبلغها لوكيل الملك"‬

‫‪14‬‬
‫أما الجرائم المنصوص عليها في المادة ‪ 316‬من مدونة التجــارة فتبلــغ إلى النيابــة العامــة إمـا‬
‫من طرف المشتكي بصفته ضحية أو من ينــوب عنــه‪ ،‬وإمــا عن طريــق الممثــل القــانوني في حالــة‬
‫الشخص المعنوي‪.‬‬

‫سنتطرق في هذه الفقرة للتعرف على أو جه االختصاص للنظر في دعوى الشيك‪ ،‬ثم إشــكالية‬
‫التقادم ومدى توقف متابعة الساحب للشيك بدون رصيد على وجود محضر احتجاج‪.‬‬

‫ت‪-‬االختصاص في جرائم الشيك‪:‬‬

‫تجــدر اإلشــارة أو ال إلى أن المشــرع المغــربي لم يجعــل االختصــاص بــالنظر في الــدعوى‬


‫العمومية الناشئة عن جرائم الشيك للمحكمة التجارية‪ ،‬بالرغم من أن هذه األخيرة تتــوفر على نيابــة‬
‫عامة‪ ،‬وإنما أخضعها الختصاص المحكمة االبتدائية‪ ،‬لكن المشرع ارتأى هنـا توسـيع االختصـاص‬
‫المكاني ليشمل كذلك محكمة المكان الــذي يجب أن يــؤدى فيــه الشــيك‪ .‬فلقــد نصــت المــادة ‪ 327‬من‬
‫مدونة التجارة على أنه‪ " :‬بصرف النظر عن تطبيق مقتضــيات قــانون المســطرة الجنائيــة المتعلقــة‬
‫باالختصـاص‪ 13‬تنظـر المحكمـة الـتي يفـع الوفـاء بـدائرتها في الجـرائم المنصـوص عليهـا في هـذا‬
‫الباب"‪ ،‬وهكذا فقد أضيف اختصاص رابع ينعقد للمحكمــة الــتي يوجــد بــدائرة نفوذهــا مكــان البنــك‬
‫المسحوب عليه الذي سوف يؤدى فيه الشيك‪.‬‬

‫والغاية التي يهدف إليهــا المشــرع من هــذا التمديــد هي توســيع دائــرة تعقب مرتكــبي الجــرائم‬
‫الخاصة بالشيك حتى يوفر الحماية الكاملة للتعامل به‪ ،‬وليفسح المجال أيضا إلمكانية مالحقة البنــك‬
‫الذي قد يخل بااللتزامات التي قد تقع على عاتقه‪ ،‬ومحاكمته‪ ،‬من طرف المحكمة الذي يوجد بدائرة‬
‫نفوذها‪.‬‬

‫كما أن انعقاد االختصاص للمحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها محل البنــك المســحوب عليــه قــد‬
‫حسم النقاش الذي كان مثارا من ذي قبل بشأن الجهة المختصـة‪ ،‬للنظـر في بعض التصـرفات الــتي‬
‫كان يقوم بها الساحب كإرسال شيك بدون مؤونة بواســطة البريــد‪ ،‬أو تعرضــه على األداء بصــورة‬
‫غير صحيحة عن طريق المراسلة أو الهاتف‪...‬‬

‫‪13‬المادة ‪ 259‬من المسطرة الجنائية "يرجع االختصاص‪ ،‬مع مراعاة مقتضيات القسمين األول والثاني من الكت اب الس ابع من ه ذا‬
‫القانون إلى المحكمة التي يقع في دائرة نفوذها إما محل ارتكاب الجريمة‪ ،‬وإما محل إقامة المتهم أو محل إقامة أح د المس اهمين أو‬
‫المشاركين معه في الجريمة‪ ،‬وإما محل إلقاء القبض عليهم أو على أحدهم‪ ،‬ولوكان القبض مترتبا عن سبب آخر"‬

‫‪15‬‬
‫وكما وسع المشرع االختصاص المكاني فقد وسع أيضــا من مجــال االختصــاص النــوعي من‬
‫خالل الصــالحية الواســعة الــتي أعطيت للقاضــي الجنــائي الــذي يمكنــه أثنــاء النظــر في الــدعوى‬
‫العمومية‪ ،‬أن يحكم على الساحب ولو تلقائيا بأن يؤدي لحامــل الشــيك‪ ،‬إضــافة إلى مصــاريف تنفيــذ‬
‫الحكم مبلغا يعادل قيمة الشيك‪.14‬‬

‫وتضاف له عند االقتضاء‪ ،‬الفوائد ابتداء من يوم التقديم‪ ،‬وفقــا للمــادة ‪ 288‬وكــذا المصــاريف‬
‫الناتجة عن عدم الوفاء إن لم يتم تظهير الشيك إن لم يكن ذلك لتحصيل قيمته وكان أجله بالملف‪.‬‬

‫فهذه المقتضيات تعتبر من أهم ما جاءت به قواعد المؤونة‪ ،‬والتي تعتبر عمال تشريعيا جريئــا‬
‫في مجال منح التعويض الذي أصــبح الحكم بــه تلقائيــا ويــدخل في عــداد الســلطة التقديريــة للقضــاء‬
‫الزجري من دون أدنى مطالبة بــه‪ ،‬ودونمــا اســتيفاء أليــة رســوم مقابــل ذلــك‪ ،‬اســتثناء من القواعــد‬
‫العامة المعمول بها في هذا الشأن‪.15‬‬

‫وقد أحسن المشرع صنعا بتبنيه لهذا النهج لما فيه من تبسيط لإلجراءات وتخفيف العبء على‬
‫المتضررـ في استيفاء حقه بسرعة من الساحب‪ ،‬وإعفائه من المصاريف‪ ،‬والنفقــات الــتي يســتلزمها‬
‫تقديم الطلب‪ ،‬والمحكمة الزجرية بإعطائها هذه الصالحية تكون قد تعرفت على وقائع القضية‪.‬‬

‫ث‪-‬تقادم الشيك‪:‬‬

‫أطر المشرع التقادم بخصوص الشيك في الباب التاسع من مدونة التجارة في المادتين ‪ 295‬و‬
‫‪ 296‬حيت ينبغي التمييز بين دعوى حامل الشيك ضــد الســاحب في إطـار الرجــوع الصــرفي الـتي‬
‫تتقادم بمضي ‪ 6‬أشهر من انقضاء األجل القانوني لتقــديم الشــيك للوفــاء‪ ،‬وبين دعــوى حامل الشــيك‬
‫ضد المسحوب عليه التي تتقادم بمضي سنة ابتداء من انقضاء أجل التقديم‪.‬‬

‫وتجـدر اإلشــارة إلى أن التقـادم المنصـوص عليـه في مدونـة التجـارة ال عالقــة لــه بالـدعوى‬
‫العمومية فال يمكن االحتجاج في إطار الدعوى العمومية بمرور الستة أشهر المنصــوص عليهــا في‬
‫المادة ‪ 295‬من مدونة التجارة ‪ 16‬عند المطالبة بالتعويضـات وبقيمـة الشـيك أمـام القضـاء الزجـري‪،‬‬

‫‪14‬المادة ‪ 326‬من مدونة التجارة الفقرة الثالثة‪.‬‬


‫‪15‬عبداإلله المستاري‪ ،‬اشكالية تجريم الشيك في ضوء التشريع الجديد م س ص ‪38‬‬
‫‪16‬‬
‫تتقادم دعاوى الحامل ضد المظهرين والساحب والملتزمين اآلخرين بمضي ستة أشهر ابتداء من تاريخ انقضاء أجل التقديم‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫ألن الدعوى العمومية إنما تخضع في التقادم لما هو منصوص عليه في المادة ‪ 5‬من ق م ج‪ ،‬والذي‬
‫يحدد أربع سنوات كأجل لتقادم الجنح‪.‬‬

‫وبالتالي فالساحب يجب عليه أن يحتفظ بالرصيد الذي يمثل قيمة الشيك لدى المســحوب عليــه‬
‫إلى أن ينتهي بالوفاء‪.17‬‬

‫إذ ليس من المنطق في شيء أن تتقادم جريمة معاقب عليها بخمس سنوات سجنا بمرور ســتة‬
‫أشهر فقط‪ ،‬فضال عن أن المشرع في المادتين ‪ 295‬و‪ 296‬من مدونة التجارة لم يتحدث إطالقا عن‬
‫احتساب أمد التقادم انطالقا من تاريخ ارتكاب الجنحة‪ ،‬إنمــا اســتعمل صــيغا أخــرى تفيــد الرجــوع‪،‬‬
‫باإلضــافة إلى أنــه لم يــورد المقتضــيات الخاصــة بالتقــادم ضــمن المقتضــيات العامــة والزجريــة‬
‫المنصوص عليها انطالقا من م ‪ 302‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫ج‪-‬مدى توقف متابعة الساحب لشيك بدون رصيد على وجود محضر احتجاج‪:‬‬

‫لقد أثير هذا اإلشكال قبل دخول مدونــة التجــارة الجديـدة حـيز التطــبيق‪ ،‬حيث قضـت محكمــة‬
‫االستئناف التجارية بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ ‪ 22/02/1982‬بأن "االحتجــاج بعــدم الــدفع‬
‫هي وسيلة اإلثبات الوحيدة التي قد تفيد عدم إمكانية استيفاء مبلغ الشــيك‪ ،‬وبانعــدام هــذا اإلجــراء ال‬
‫يمكن نهائيا القول بأن الشيك بدون رصيد"‪.18‬‬

‫إال أن المجلس األعلى حســم في هــذا اإلشــكال بمقتضــى قــراره الصــادر في ‪ 17‬مــاي ‪1995‬‬
‫الذي ورد فيه‪ " :‬وحيث إنــه من جهــة ثانيــة فــإن العــارض كــان متابعــا بمقتضــى الفصــل ‪ 543‬من‬
‫مجموعة القانون الجنائي باعتباره أصـدر شـيكات‪ ..‬وبالتـالي فـإن مسـطرة االحتجـاج إلثبـات عـدم‬
‫توفر الرصيد لم يقع التنصيص عليها في فصل المعاقبة مما تكون معــه الوســيلة والحالــة هــذه غــير‬
‫مجدية"‪ ، 19‬إال أن هذا اإلشكال طفا على السطح من جديد بمجرد دخول مقتضيات الكتاب الثالث من‬
‫مدونة التجارة حيز التطبيق‪ ،‬وذلك راجع باألساس إلى الصــياغة الــتي جــاءت بهــا المــادة ‪ 299‬من‬

‫تتقادم دعاوى مختلف الملتزمين بوفاء شيك بعضهم في مواجهة البعض اآلخر بمضي ستة أشهر ابت داء من ي وم قي ام المل تزم ب رد‬
‫مبلغ الشيك أومن يوم رفع الدعوى ضده‪.‬‬
‫تتقادم دعوى حامل الشيك ضد المسحوب عليه بمضي سنة ابتداء من انقضاء أجل التقديم‪.‬‬
‫‪ 17‬عبد اإلله المستاري‪ ،‬إشكاالت تجريم الشيك في ضوء التشريع الجديد مقال منشور بمجلة المح اكم المغربي ة‪ ،‬ع دد ‪ 73‬ف براير‬
‫‪ 1998‬ص ‪37‬‬
‫‪18‬قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 36‬ص ‪ 140‬نقال عن احمد كويسي االوراق التجارية م س ص ‪298‬‬

‫‪17‬‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬التي تنص على أنه‪ " :‬ال إجراء من طرف حامل الشيك يغني عن االحتجــاج إال في‬
‫الحالة المنصوص عليها في المادة ‪ 276‬وما يليها"‪.‬‬

‫إال أن الناظر في محـل ورود هـذا النص يستشـف أن مقتضـيات هـذه المـادة تتعلـق بالـدعوى‬
‫الصرفية فقط وليس بالدعوى العمومية التي يمكن تحريكها بشكاية من طرف المستفيد معــززة على‬
‫أبعد تقدير بالشيك غير الموفى‪ ،‬وبشهادة عدم الوفاء الملحقة بهذا الشيك‪.‬‬

‫فالقول باشتراط محضر االحتجاج لتحريك الدعوى العمومية من شأنه أن يعطل هذه الــدعوى‬
‫عن طريق إضافة أجل قصير لتقادمها الن االحتجاج يجب أن يقام قبل انقضاء أجل التقديم‪.20‬‬

‫األمر الذي يفرض على المستفيد إنجاز محضر االحتجاج داخل هذا األجل القصــير وإال أفلت‬
‫الساحب من المتابعة "‪.21‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬ـ القواعد الخاصة بالدعوى المدنية التابعة‬

‫إن المتضــرر في إطــار جــرائم الشــيك المنصــوص عليهــا في المــواد ‪ 318-316‬و‪ 319‬من‬
‫مدونة التجارة يتيح له القانون إمكانية المطالبة بكل من الدين الناشــئ عن الشــيك‪ ،‬وكــذا بــالتعويض‬
‫عن الضرر الذي أصابه‪ ،‬إما عن طريق سلوك دعوى مدنية مســتقلة أمــام القضــاء التجــاري‪ ،‬وإمــا‬
‫بتنصيب نفسه طرفا مدنيا أمام القضاء الجنائي وذلك في الدعوى المدنية التابعة‪.‬‬

‫وبديهي أن الدعوى المدنية المستقلة تخرج عن مجال اهتمامنا في إطار القانون الجنائي‪ .‬لذلك‬
‫سنركز هنا على الدعوى المدنية التابعة التي يحق لحامل الشيك سلوكها في مواجهة الســاحب الــذي‬
‫أغفل الحفاظ على المؤونة أو تكوينها‪ ،‬قصــد أداء الشــيك عنــد تقديمــه للوفــاء إلى المســحوب عليــه‪،‬‬
‫على اعتبار أن هذه الدعوى هي التي خصص لها المشرع أحكــام المــادة ‪ 326‬من مدونــة التجــارة‪،‬‬
‫وذلــك على خالف بــاقي الــدعاوى المدنيــة التابعــة‪ ،‬الناشــئة عن جــرائم الشــيك الــتي تبقى خاضــعة‬
‫للقواعد العامة وسيشمل محال اهتمامنا النقط التالية‪:‬‬

‫‪19‬قرار رقم ‪ 5945‬بتاريخ ‪ 17‬م اي ‪ 1995‬مل ف جنحي ع دد ج ‪ 92/ 24659‬منش ورات المجلس األعلى في ذك راه األربعين‬
‫‪ 1997‬المادة الجنائية ص ‪187‬‬
‫‪20‬أجل التقديم يتحدد في ‪ 20‬يوما بالنية للشيك الصادر داخل المغرب‪ ،‬و‪ 60‬يوما بالنسبة للشيك الذي صدر خارج التراب الوطني‬
‫‪21‬امحمد لفروجي جرائم الشيك م س ص ‪59‬‬

‫‪18‬‬
‫إن ما يمكن القضاء الجنائي أن يحكم به‪ ،‬اســتجابة لطلب حامــل الشــيك الــذي تنصــب طرفــا‬ ‫‪)1‬‬
‫مدنيا في الدعوى العمومية المباشرة ضـد السـاحب‪ ،‬يتمثـل من جهـة في مبلـغ يسـاوي قيمـة‬
‫الشيك‪ ،‬ومن جهة أخرى في التعويض عن الضررـ الالحق بالحامل المعنى باألمر من جراء‬
‫رفض الوفاء‪ ،‬وذلك عالوة على المصاريف التي تكبدها هذا الحامل نتيجة عدم وفاء الشــيك‬
‫عند تقديمه إلى المسحوب عليه‪.‬‬

‫بل إن بعض المطالب ال يشترط للحكم بها أن يطالب بها الطــرف المــدني بــل يمكن للمحكمــة‬
‫االبتدائية التي تنظر في الدعوى في حالة عدم تنصب الطرف المدني أن تحكم تلقائيا على الســاحب‬
‫بأن يؤدي لحامل الشيك مبلغا يساوي قيمة الشيك‪ ،‬باإلضافة إلى مصــاريف تنفيــذ الحكم وكــذا مبلــغ‬
‫الفوائد ابتداء من تاريخ التقديم إن اقتضى الحال‪ ،‬والمصاريفـ الناتجة عن عدم الوفاء‪.‬‬

‫غــير أنــه ال يمكن للمحكمــة االبتدائيــة أن تحكم تلقائيــا على الســاحب بمــا ســبق ذكــره إال إذا‬
‫توفرت مجموعة من الشروط حددتها المادة ‪ 326‬من مدونة التجارة وتتمثل تلك الشروط فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬عدم استخالص ما يثبت وفاء الشيك من عناصر الدعوى‬


‫‪ ‬أن يكون أصل الشيك موجودا بملف الدعوى‬
‫‪ ‬أال يكون الشيك قد تم تظهيره تظهيرا ناقال للملكية‪.‬‬
‫ولكي يحصل المستفيد على نسخة تنفيذية من الحكم الذي قضى تلقائيا لصالحه على الساحب ـ‬
‫كما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة ‪ 326‬من مدونة التجارة ـ يجب عليه أن ينتصب طرفا مــدنيا‬
‫بصورة صحيحة‪.‬‬

‫‪ )2‬إن الحامل الذي يمكن للمحكمة أن تحكم لصالحه تلقائيا أو بناء على طلب منه بما سبق ذكره هــو‬
‫الحامــل حســن النيــة‪ ،‬أمــا الحامــل ســيء النيــة كحامــل شــيك الضــمان مثال‪ ،‬فال يمكن للمحكمــة‬
‫االبتدائية أن تستجيب لطلبه الرامي للحصول على مبلــغ الشــيك وعلى التعــويض والمصــاريف‪،‬ـ‬
‫سواء أكان هذا الحكم تلقائيا أو بناء على طلب منه‪.‬‬
‫‪ )3‬يتعين على المحكمة قبل الحكم بأداء مبلغ من الشيك‪ ،‬ومــا يمكن من الفوائــد والمصــاريف ســواء‬
‫من تلقاء نفسها أو استجابة لمطالب الطرف المدني أن تتأكد من صحة ومشــروعية ســبب الــتزام‬
‫الساحب تجاه الحامل بمقتضى الشيك موضوع المتابعة‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ )4‬إن الحكم بأداء مبلغ الشيك غير الموفى‪ ،‬وبالفوائد والمصاريف المترتبة على عدم الوفاء‪ ،‬يصدر‬
‫في مواجهة الساحب وحده دون المساهم أو المشارك معه في الفعل الذي ترتبت عليه متابعته من‬
‫أجل جريمـة إغفــال الحفـاظ على المؤونـة قصــد أداء الشــيك عنــد تقديمـه للوفـاء‪ ،‬ذلــك أن منــاط‬
‫الدعوى المدنية التابعة في هذه الحالة ينحصر في واقعة التوقيع على الشيك من طــرف الســاحب‬
‫مما يجعل أساس هذه الدعوى مرتبطا بهــذا التوقيــع‪ ،‬وذلــك على خالف الــدعوى العموميــة الــتي‬
‫يمكن أن تشمل كل من ساهم أو شارك مع الساحب في اإلتيان بالفعل المعاقب عليه‪ ،‬كمــا يســتفاد‬
‫ذلك من المادة ‪ 325‬من مدونة التجارة التي تنص صراحة على إمكانية وجود مساهم أو مشارك‬
‫إلى جانب الساحب باعتباره الفاعل الرئيسي في جريمة إغفــال الحفـاظ على المؤونـة أو تكوينهــا‬
‫قصد أداء الشيك عند تقديمه للوفاء ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬جزاء مقترفي جرائم الشيك‬


‫الفقرة األولى‪ :‬الجزاءات في القانون المغربي‪.‬‬

‫الشيك أداة وفاء تلعب دورا مهما في المعامالت االقتصــادية والتجاريــة‪ ،‬لهــذا فقــد أخصــه المشــرع‬
‫بالحماية ألنه يجري مجرى النقود‪ ،‬وجعله ينفرد وحده دون باقي األوراق التجاريــة بنظــام زجــري‬
‫جنــائي لحمايــة وضــمان التعامــل بــه‪ ،‬فمخــاطر ســوء اســتعماله لهــا آثارهــا على المجــال التجــاري‬
‫واالقتصادي ألجل ذلــك كــان ال بــد أن يخضــع المخلــون بااللتزامــات الناتجــة عنــه بعقوبــات ماليــة‬
‫وحبسية وبالتالي تجاوز العراقيل التي تقف حاجزا أمام فعاليته في التداول‪.‬‬

‫فالمدونة الجديدة خصصت الباب الحــادي عشــر لألحكــام العامــة والزجريــة المتعلقــة بالشــيك‬
‫بحيث تضمنت مقتضيات وقائية وأخـرى زجريــة ضــد مرتكــبي جــرائم الشــيك كمـا أن الئحـة هــذه‬
‫الجرائم جاءت واسعة موازاة مع ما جاء به القانون الجنائي الفصول ‪543‬إلى ‪ 545‬كمــا هـو الشــأن‬
‫بالنسبة لقبول تسليم شيك مزيف أو مزور أو تظهــيره أو ضــمانه ضــمانا احتياطيــا مــع العلم بــذلك‪،‬‬
‫بينما كان القانون الجنائي يجرم فقط قبــول تســلم شــيك يعلم أنــه مزيــف أو مــزور‪ ،‬وكــذا اســتحداث‬
‫جريمة استعمال أو محاولة استعمال شيك مزيف أو مــزور‪ .‬حســبنا من خالل هــذا المطلب‪ ،‬التــدليل‬
‫على العقوبات المتعلقة بجرائم كل من الساحب‪ ،‬والمسحوب عليه والمستفيد‪.‬‬

‫‪22‬محمد لفروجي‪ ،‬جرائم الشيك وعقوبتها الجنائية والمدنية‪،‬ـ ص ‪122‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ .2‬الجزاءات على جرائم الساحب‪.‬‬
‫جريمة عدم توفير مؤونةـ الشيك عند تقديمه للوفاء‪:‬‬ ‫أ)‬
‫في حالة إصدار أو سحب الشيك مع إغفال الحفاظ على المؤونة أو تكوينها وتقديمــه للوفــاء‬
‫تتحقق جريمة إصدار شيك مع عدم توفير مؤونة عند تقديمه للوفاء‪ .‬إن جريمــة عــدم توفــير مؤونــة‬
‫الشيك عند تقديمه للوفاء هي من جرائم الســاحب بحيث أنــه المســؤول عن توفيهــا‪ ،‬ولمــا تخلفــه من‬
‫اثار على الحالة االقتصادية لألفراد فقد حدد لها المشرع عقوبة في المــادة ‪ 316‬من مدونــة التجــارة‬
‫بحيث أنه " يعاقب بــالحبس من ســنة إلى خمس ســنوات وبغرامــة تــتراوح من ‪ 2000‬إلى ‪10000‬‬
‫درهم دون أن تقل قيمتها عن ‪ %25‬من مبلغ الشيك أو من الخصاص ساحب الشيك الــذي أغفــل أو‬
‫لم يقم بتوفير مؤونة الشيك قصد أدائه عند تقديمه "‪.‬‬

‫ب) جريمةـ الساحب المتعرض بصفة غير صحيحة على وفاء الشيك‬
‫التعرض غير الصحيح كما سبق ذكره هو إصدار أمر من الساحب أو الحامل المظهــر إلى‬
‫المسحوب عليه بتجميد المبلغ‪ ،‬والتعرض على أدائه أو منع أدائه حرمانــا للمســتفيد من حقــه الوفــاء‬
‫دون مبرر مشروع‪ .‬وقد جرمه المشرع في المادة ‪ 316‬م‪.‬ت التى تنص على أنــه "يعــاقب بــالحبس‬
‫من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح من ‪ 2000‬إلي ‪ 10000‬درهم دون أن تقــل قيمتهــا عن‬
‫‪ %25‬من مبلــغ الشــيك أو من الخصــاص ســاحب الشــيك المتعــرض بصــفة غــير صــحيحة لــدي‬
‫المسحوب عليه"‪.‬‬

‫وقد جاءت هذه العقوبة للحد من التعرضات غير الصحيحة التي يكون دافعها غالبا الرغبــة‬
‫في الكناية في المستفيد‪ ،‬فالشيك عمل قانوني مجرد ال يتأثر بعالقة الساحب بالمستفيد‪.‬‬

‫ت) جريمةـ مخالفة المنع من إصدار شيكات جديدة‬


‫المنع هو عقوبة رادعة لصاحب الحساب تمنعه من إصــدار الشــيكات لمــدة معينــة‪ ،‬وخــرق‬
‫هــذا المنــع يحيــل على المــادة ‪ 318‬من م‪.‬ت حيث بموجبهــا "يعــاقب بــالحبس من شــهر إلى ســنتين‬
‫وغرامة من ‪ 1000‬إلى ‪ 10000‬درهم من أصدر شيكات رغم األمر الموجه إليه عمال بمقتضــيات‬
‫المادة ‪ 313‬أو خرقا للمنع ضده بمقتضى المادة ‪.317‬‬

‫‪21‬‬
‫وتطبق العقوبات ذاتها على الوكيل الذي أصــدر عن علم شــيكات منــع إصــدارها على موكلــه‬
‫عمال بمقتضيات المادتين ‪ 23313‬و‪."24317‬‬

‫ث) إصدار شيك دون ذكر مكان أو تاريخ إصداره‪ ،‬سحب الشيك على غير مؤسسةـ بنكية‬

‫حدد المشرع عقوبة إلصدار شيك دون ذكر مكان أو تاريخ إصداره وجريمة سحب الشــيك‬
‫على غير مؤسسة بنكية في المادة ‪ 307‬م‪.‬ت التي جاء فيها أنه " يعاقب الساحب الذي يصــدر شــيكا‬
‫دون أن يعين فيه مكان إصداره أو تاريخـه وكــذا من يضــع لــه تـاريخ إنشـاء غــير حقيقي وكــذا من‬
‫يسحب شيكا على غير مؤسسة بنكية‪ ،‬بغرامة قــدرها ســتة في المائــة من مبلــغ الشــيك على أال يقــل‬
‫مبلغ الغرامة عن مائة درهم‪.‬‬

‫‪ .2‬الجزاءات على جرائم المستفيد‬


‫أ‪ .‬جريمةـ قبول أو تظهير شيك على سبيل الضمان‬
‫بــالرجوع إلى المــادة ‪ 70‬من ظهــير ‪ 19‬ينــاير ‪ 1939‬المنســوخ‪ ،‬نجــده لم يكن يجــرم شــيك‬
‫الضمان‪ ،‬إال أن القانون الجنائي كان السباق لسد هــذه الثغــرة وذلــك في الفصــل ‪ 544‬من ق‪.‬ج‪ .‬أمــا‬
‫الفصل ‪ 540‬ق‪.‬ج‪ 25‬فيحدد تلك العقوبات في الحبس من سنة إلى ‪ 5‬سنوات وغرامة من ‪ 500‬درهم‬
‫إلى ‪ 5000‬درهم‪ .‬أما اآلن فقد أصبح التجريم والعقاب للشــيك على ســبيل الضــمان بمــوجب المــادة‬
‫‪ 316‬من م‪.‬ت وهذا ما يستفاد من القرار الصادر عن محكمة النقض الــذي جــاء فيــه‪" :‬على الــرغم‬
‫من كون فعل إصدار شيك على سبيل الضمان‪ ،‬قــد تم في ظــل القــانون القــديم‪ ،‬فــإن صــدور القــرار‬

‫‪23‬‬
‫المادة ‪ :313‬يجب على المؤسسة البنكيةـ المسحوب عليها التي رفضت وفاء شــيك لعــدم وجــود مؤونــة كافيــة أن تــأمر صــاحب‬
‫الحساب بإرجاع الصيغ التي في حوزته والتي في حوزة وكالئه إلى جميع المؤسسـات البنكيـة الــتي يعتــبر من زبنائهــا‪ ،‬وأال يصـدر‬
‫خالل مدة عشر سنوات شيكات غير تلــك الـتي تمكن من سـحب مبـالغ ماليـة من طـرف السـاحب لــدى المسـحوب عليـه أو الـتي يتم‬
‫اعتمادها‪ .‬تخبر المؤسسة البنكية المسحوب عليها في نفس الوقت وكالء زبونها وكذا أصحاب الحساب اآلخرين‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫المادة ‪ :317‬يجوز للمحكمة في الحاالت المنصوص عليها في المادة السابقة أن تمنع المحكوم عليه خالل مــدة تــتراوح بين ســنة‬
‫وخمس سنوات‪ ،‬من إصدار شيكات غير التي تمكنه فقط من سحب مبـالغ ماليـة لـدى المسـحوب عليـه أوشـيكات معتمـدة‪ .‬ويمكن أن‬
‫يكون هذا المنع مشفوعا بالنفاذ المعجل‪ .‬ويرفق المنع بأمر موجــه إلى المحكــوم عليــه يلزمــه بإرجــاع صــيغ الشــيكات الموجــودة في‬
‫حوزته أوفي حوزة وكالئه إلى المؤسسة البنكيةـ التي سلمتها له‪ .‬ويجــوز للمحكمــة أن تــأمر بنشــر ملخص للحكم القاضــي بــالمنع في‬
‫الجرائد التي تعينها وطبقا للكيفية التي تحددها وذلك على نفقة المحكوم عليه‪.‬‬
‫ويجب على المحكمة أن تخبر بنك المغرب بملخص الحكم بالمنع‪ ،‬الذي يجب عليه بدوره أن يخــبر المؤسســات البنكيـةـ بــذلك المنــع‪.‬‬
‫ونتيجة لهذا المنع‪ ،‬يجب على كل مؤسسة بنكية أخبرت به من طرف بنك المغرب‪ ،‬أن تمتنعـ عن تسليم المحكــوم عليــه وكــذا وكالئـه‬
‫صيغ شيكات غير الصيغ المنصوص عليها في الفقرة األولى من هذه المادة‪.‬‬
‫‪25‬الفصل ‪ 544‬من القانون الجنائي ‪ :‬كل من أصدر أو قبل شيكا بشرط أال يصرف فور وأن يحتفظ به كضمانة‪ .‬يع اقب بالعقوب ات‬
‫المقررة في الفقرة األولى من الفصل ‪ .540‬على أن ال تقل الغرامة عن قيمة الشيك‬

‫‪22‬‬
‫المطعون فيه في ظل قانون التجارة الجديد الذي تتضمن نصوصه المتعلقة بالتعامل بالشــيك تجــريم‬
‫فعل إصدار الشيك على سبيل الضمان‪ ،‬فإن القانون الجديد الواجب التطبيق هو األصلح للمتهم"‪.‬‬

‫نص المشرع على هــذه الجريمــة في المــادة ‪ 316‬من م‪.‬ت‪" :‬يعــاقب بــالحبس من ســنة إلى‬
‫خمس ســنوات وبغرامــة تــتراوح ح بين ‪ 2000‬إلى ‪ 10000‬درهم دون أن تقــل قيمتهــا عن خمســة‬
‫وعشرين في المائة من مبلغ الشــيك أو من الخصــاص‪ :‬كــل شــخص قــام عن علم بقبــول أو تظهــير‬
‫الشيك شرط أال يستخلص فورا وأن يحتفظ به على سبيل الضمان" ‪.‬‬

‫ب‪ .‬جريمةـ قبول شيك بدون تعيين مكان إصداره أو تاريخه‬

‫تعرض المشرع لهذه الجريمة في الفقرة الثانية من المادة ‪ 307‬من م‪.‬ت‪" :‬يكــون المظهــر األول أو‬
‫حامل الشيك ملزما شخصيا بأداء الغرامة دون أن يكون له حق الرجوع على أحــد إذا لمي يــبين في‬
‫الشيك مكان إصداره أو تاريخه‪ ،‬أو كان يحمل تاريخا الحقا لتاريخه أو تقديمه‪ ،‬ويلــزم أيضــا بــأداء‬
‫الغرامة المذكورة كل من وفى أو تلقى على سبيل المقاصة شيكا لم يبين مكان إصــداره أو تاريخــه‪.‬‬
‫والغرامة هي ستة في المئة من مبلغ الشيك على اال يقل مبلغ الغرامة عن ‪ 100‬درهم"‪.‬‬

‫‪ .3‬الجزاءات على جرائم المسحوب عليه‬


‫أ‪ .‬جريمةـ التصريحـ بمؤونةـ تقل عن المؤونة المتوفرة حقيقة‬
‫تنص المادة ‪ 319‬من م‪.‬ت على أنــه‪" :‬يعــاقب بغرامــة من ‪ 5000‬إلى ‪ 50000‬درهم‪ - :‬المســحوب‬
‫عليه الذي يصرح بمؤونة تقل عن المؤونة الموجودة والقابلة للتصرف"‬

‫ب‪.‬جريمة عدم التصريح داخل اآلجال القانونيةـ باإلخالالت بوفاء الشيك وبالمنع البنكي والقضائي‬
‫ورد التنصيص على هذه الجريمة في الفقرة الثانية من المادة ‪ 319‬من م‪.‬ت‪" :‬يعاقب بغرامــة من‬
‫‪ 5000‬إلى ‪ 50000‬درهم جريمة عدم التصريحـ داخل اآلجال القانونية باإلخالالت بوفــاء الشــيكات‬
‫واإلخالل الساحب بالمنع المصرفي والقضائي‪.‬‬

‫‪ .4‬جرائم التزييف والتزويرـ‬

‫‪23‬‬
‫حدد المشرع المغربي عقوبة لهذه الجريمة في الفقرة الرابعة من المادة ‪ 316‬م‪.‬ت والتي بمقتضــاها‬
‫"يعاقب بالحبس من سنة إلى ‪ 5‬سنوات وغرامة بين ‪ 2000‬إلى ‪ 10000‬درهم دون أن تقــل قيمتهــا‬
‫عن خمسة وعشرون بالمائة من مبلغ الشيك‪:‬‬

‫‪ -‬من زيف أو زور شيكا‪.‬‬


‫‪ -‬من قام عن علم بقبول تسلم شيك مزور أو مزيف أو بتظهيره أو ضمانه ضمانا احتياطيا؛‬
‫‪-‬من استعمل عن علم أو حاول استعمال شيك مزيف أو مزور؛‬
‫تصادر الشيكات المزيفة أو المزورة وتبدد‪ .‬ويتم مصادرة المواد واآلالت واألجهزة واألدوات الــتي‬
‫استعملت أو كانت معدة إلنتاج هذه الشيكات‪ ،‬بأمر قضائي‪ ،‬إال إذا استعملت دون علم مالكها‪.‬‬
‫‪ .5‬عقوبتا المنع البنكي والقضائي‬
‫باإلضافة للحبس و الغرامة‪ ,‬أوجد المشرع المنع البنكي و المنع القضائي كعقوبتان إضافيتان ‪:‬‬
‫أ‪ .‬المنع البنكي‬
‫ماهية المنع البنكي ‪:‬‬

‫لم يعرف المشرع المغربي المنع البنكي بل ترك ذلك للفقه‪ ،‬حيث عرفه البعض‪ 26‬بأنــه إجــراء‬
‫يقتضي من البنك بمجرد ما يلحظ انعدام رصيد شـيك قـدم لـه السـتخالص مبلغـه منـع السـاحب من‬
‫إصدار والتعامل بالشيكات لمدة عشر سنوات‪.‬‬

‫نستنتج أن المنع البنكي هو وســيلة وقائيــة وزجريــة وضــعها المشــرع في يــد البنــك لمواجهــة‬
‫تحديات انتشار الشيكات بدون مؤونة‪ ،‬وشروط المنع ال تخرج عن ثالث شروط وهي‪:‬‬

‫يجب أن يصدر الساحب شيكا دون توفير مؤونة‪.‬‬ ‫‪‬‬


‫امتناع البنك عن الوفاء بقيمة الشيك عند تقديمه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫يجب أن يكون امتناع البنك عن الوفاء بسبب عدم توفير مؤونة أو عدم كفايتها‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫مسطرة إلغاء المنع البنكي ‪:‬‬
‫يمكن وضع حد للمنع البنكي و ذلك بسلوك مسطرة خاصة تسمى حالة التسوية التي نظمها المشرع‬
‫في المادتين ‪ 313‬و ‪ 314‬من مدونة التجارة و التي تقتضي من الساحب الوفاء بالتزامين ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬أداءه للمستفيد مبلغ الشيك الذي امتنعت المؤسسة البنكية المسحوب عليها الوفاء به لعدم‬

‫محمد الحارثي‪ :‬األوراق التجارية في القانون المغربي‪ -‬فقها وقضاء‪ -‬الطبعة األولى‪ ،1996 ،‬ص ‪.416‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪24‬‬
‫كفاية المؤونة أو انعدامها‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬أداء الساحب ذعيرة مالية على الشكل التالي ‪.‬‬
‫‪ 5%‬من مبلغ الشيك أو الشيكات موضوع اإلنذار األول‪.‬‬
‫‪ %10‬من مبلغ الشيك أو الشيكات موضوع اإلنذار الثاني‪.‬‬

‫ب‪ .‬المنع القضائي‬

‫باإلضافة إلى العقوبة األصلية هناك المنــع القضــائي من إصــدار الشــيكات كعقوبــة جنائيــة إضــافية‬
‫جوازية إذ نصت المادة ‪ 317‬من مدونة التجارة قائلة ‪ " :‬يجوز للمحكمــة في الحــاالت المنصــوص‬
‫عليها في المادة الســابقة أن تمنــع المحكــوم عليــه خالل مــدة تــتراوح بين ســنة وخمس ســنوات‪ ،‬من‬
‫إصــدار شــيكات غــير الــتي تمكنــه فقــط من ســحب مبــالغ ماليــة لــدى المســحوب عليــه أو شــيكات‬
‫معتمدة ‪"...‬‬

‫ان نطاق المنع القضائي من إصدار الشيكات من حيث األشخاص واستنادا إلى مبـدأ شخصـية‬
‫العقوبة الجنائية هـو المحكـوم عليـه بالعقوبـات الـواردة في المـادة ‪ 316‬من المدونـة بصـفته فـاعال‬
‫أصليا (أو مساهما) لجريمة عدم وجود المؤونة أو عــدم كفايتهــا والــذي هـــو في الحالــة التـــي بيـــن‬
‫أيدينا ساحب الشيك المشترك في الحساب الجماعي والموكل بالتوقيع من قبل باقي الشركاء في هـذا‬
‫الحساب‪.‬‬

‫هـذا مــا يتأكـد من خالل مقتضــيات المــادة ‪ 315‬من مدونــة التجـارة الـتي أكـدت على الطــابع‬
‫الشخصي للعقوبة حين استثنت الحساب الجماعي من عقوبة المنع القضــائي من إصــدار الشــيكات‪،‬‬
‫وبذلك فالحكم بالمنع القضائي سوف لن يصدر إال في حق الساحب المشترك في الحساب الجمــاعي‬
‫بصفته فاعال رئيسيا الذي يحضر عليه إصدار شيكات سواء من حساباته الشخصية أو من الحساب‬
‫الجماعي المشترك فيه خالل المدة المحددة في الحكم‪.‬‬

‫وإذا كــان متعــدد الحســابات فــالمنع القضــائي يشــملها جميعهــا باســتثناء الشــيكات المســموح‬
‫بإصدارها وهي الشيكات التي تمكنه فقـط من سـحب مبـالغ ماليـة لـدى المسـحوب عليـه والشـيكات‬
‫المعتمدة (المادة ‪ 317‬فقرة ‪ 1‬من مدونة التجارة) إن المنع القضائي كعقوبة زجريــة إضــافية تتعلــق‬
‫بالمحكوم عليه في شخصه بالدرجة األولى لذلك يعتبر مرتكبا لجريمة خرق هذا المنع سواء أصـدر‬

‫‪25‬‬
‫شيكات من حساباته البنكية أو نيابة عن موكله حتى غير الخاضع لمنع قضائي أو بنكي من إصــدار‬
‫الشيكات‪.27‬‬

‫ومن خالل مدونة التجــارة وتعــاريف الفقــه‪ ،‬نجــد أن هنــاك اختالف بين المنــع البنكي والمنــع‬
‫القضائي‪ ،‬أو لها هو أن إجراء المنع البنكي هو إجراء وجوبي بمجرد تحقق شروط المنع يلزم البنك‬
‫من اتخاذ مسطرة تطبيقه‪ ،‬وذلك بمنع الساحب من إصــدار الشــيكات‪ ،‬وعلى خالف المنــع القضــائي‬
‫الذي هو إجراء جوازي‪ ،‬حسب المادة ‪ 317‬التي بدأـ بعبارة " يجـوز‪ ،"..‬كمـا يختلـف المنـع البنكي‬
‫في كونه يطال الساحب المخــل بالوفــاء وكــذلك شــركائه في الحســاب الجمــاعي‪ ،‬في حين أن المنــع‬
‫القضائي يطال الساحب فقط طبقا لمبدأ شخصية العقوبة‪ ،‬وأيضا هو أو سع نطــاق من المنــع البنكي‬
‫حسب المادة ‪ 316‬بمقتضاها يطبق في مناسبات عديــدة‪ ،‬فهــو يطــال الســاحب الــذي اغفــل أو لم يقم‬
‫بمؤونة الشيك قصد أداءه عنـد تقديمـه ويطـال سـاحب الشـيك المعـترض بصـفة غـير قانونيـة لـدى‬
‫المسحوب عليه‪ ،‬وأيضا من زيف أو زور شيكا وكــل من قــام عن علم بقبــول تســلم شــيك مــزور أو‬
‫مزيف أو بتظهيره أو قام بضمانه ضمان احتياطيــا‪ ،‬وكــل شــخص قــام عن علم أو حــاول اســتعمال‬
‫شيك مزور أو مزيف‪ ،‬وايضا كل شخص قام عن علم بقبول أو تظهير شــيك أن ال يســتخلص فــورا‬
‫أو يحتفظ به على سبيل الضمان‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬ـ موقف التشريعات المقارنة‬


‫‪ .2‬المشرع الفرنسي‬
‫إن المشــرع الفرنســي قــد اعتمــد مقاربــة تقــوم على عنصــري الوقايــة والتحفــيز على تســوية‬
‫عوارض األداء بديال للعقوبات الجنائية‪ .‬فالقانون الفرنسي قد قنن جريمة الشــيك بــدون رصــيد منــذ‬
‫سنة ‪ ،1917‬إال أنه وأمام ارتفاع حاالت عدم توفير مؤونــة الشــيك‪ ،‬اضــطر المشــرع الفرنســي إلى‬
‫تعديل المقتضيات الخاصــة بالشــيك بمقتضــى القــانون رقم ‪ 92-1382‬الصــادر بتــاريخ ‪ 30‬دجنــبر‬
‫‪ ،1991‬حيث اعتمد مقاربة تقوم على عنصري الوقاية والتحفيز على تسوية عوارض األداء بــديال‬
‫للعقوبات الجنائية مع االحتفاظ ببعض الجرائم لضمان تحقيق األهــداف المرجــوة من رفــع التجــريم‬
‫واالستعاضة عنه بالتدابير الوقائية‪ ،‬حيث عاقب خرق الحظر البنكي وسحب الرصــيد مباشــرة بعــد‬

‫‪Droitmarocain.info 27‬‬

‫‪26‬‬
‫إصــدار الشـيك بنيـة اإلضــرار بـالغير والتعـرض على الشــيك بــدون مــبرر بنيــة اإلضــرار بـالغير‬
‫وتزوير وتزييف الشيك‪.‬‬

‫وحسب التقرير الذي قدمتــه الحكومــة الفرنســية للبرلمــان حــول نتــائج تطــبيق القــانون سـالف‬
‫الذكر‪ ،‬فإن حاالت عدم توفير مؤونة الشيك انخفضت بنســبة ‪ ،%6، 16‬حيث تم تســجيل ‪ 9‬ماليين‬
‫شــيك بـدون مؤونـة في ‪ ،1991‬بينمـا لم يسـجل خالل ‪ ،1993‬أي بعــد سـنتين على دخـول القــانون‬
‫الجديد حيز التنفيذ‪ ،‬سوى ‪ 5، 7‬ماليين شيك بدون مؤونة‪ ،‬وهذا ما جعل الحكومة الفرنســية تخلص‬
‫في تقريرها إلى أن قانون إلغاء جرائم الشيك وتدعيم آليـات الوقايـة خاصـة المنـع البنكي‪ ،‬قـد حقـق‬
‫الغايات المرجوة منه‪.28‬‬

‫‪ .2‬دول االتحاد االقتصادي والمالي لغرب افريقيا‬

‫من بين التشريعات التي ذهبت إلى إلغاء جرائم الشيك كقاعدة عامة يتخللهــا بعض االســتثناء‪،‬‬
‫دول االتحاد االقتصادي والمالي لغرب افريقيا(‪ )UEMOA‬التي قررت إصدار قانون موحــد رقم‬
‫‪ 2008-48‬من أجل إلغاء الجرائم المرتبطة بالشـيك في تشـريعات الـدول األعضـاء‪ ،‬سـيما جريمـة‬
‫عدم توفير مؤونة شيك‪ ،‬وعززت بالمقابل تدابير الوقاية والجزاءات المدنية‪ ،‬حيث تم تشــديد أحكــام‬
‫المنع البنكي‪ ،‬وجعل من البنوك شرطة اقتصادية موكول إليها دور كبــير في الحــد من حــاالت عــدم‬
‫توفير المؤونة‪ ،‬عبر االلتزام باإلخطار بجميع عوارض األداء والتحري عن الزبنــاء وعــدم تمكينهم‬
‫من صياغة الشيكات في حالة وجودهم في حال من حاالت عوارض األداء‪ ،‬وكل ذلــك تحت طائلــة‬
‫المسؤولية المدنية والجنائية للمؤسسة البنكية‪ ،‬واحتفظ ببعض جرائم الشــيك الــتي تضــعف الثقــة في‬
‫التعامل بهذه الورقة التجارية‪ ،‬خاصــة في حالــة ســحب شــيكات رغم وجــود الســاحب تحت الحظــر‬
‫البنكي‪.29‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬التجريم بين اإلبقاء واإللغاء‬


‫إن جرائم الشيك وما تسببه من مشاكل اقتصادية حضيت باهتمـام القــانونيين وخلقت جـدال في‬
‫أوساطهم‪ ،‬فانقسموا بين مطالب بإلغاء التجريم ومدافع عنه‪.‬‬

‫عبد الرحمان اللمتوني‪ .‬هسبريس‪ 8 .‬ماي ‪2017‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪ 29‬عبد الرحمان اللمتوني‪ .‬هسبريس‪ 8 .‬ماي ‪2017‬‬

‫‪27‬‬
‫أ‪ .‬إلغاء التجريم‬
‫يستند أصحاب الرأي القائل بإلغاء جرائم الشيك إلى مجموعة من المبررات أهمهــا أن التجــريم‬
‫لم ينجح في الحد من ظاهرة الشــيك بــدون رصــيد وشــيكات الضــمان أو على األقــل إبقائهــا في رقم‬
‫ثابت‪ ،‬وأن إلغاء التجريم يرفــع نســبة االســتبناك نتيجــة تشــجيع النــاس على التعامــل بالشــيك وعــدم‬
‫التخوف من المتابعات الجنائية‪ .‬وأن الكمبيالة تفوق مبالغها في العــادة المبــالغ المضــمنة بالشــيكات‪،‬‬
‫دون أن تكون مؤيدة بجزاء جنائي ومع ذلك مــازالت تــؤدي دورهــا ومــازالت تحظى بثقــة التجــار‪.‬‬
‫فضال عن أن المستفيد يتوفر على عدة آليات وطرق لحماية حقوقه سيما عبر "الدعوى الصرفية أو‬
‫الرجوع الصرفي"‪.30‬‬

‫ب‪.‬اإلبقاء على التجريم‬


‫بالمقابل يرى أنصار اإلبقاء على جرائم الشيك‪ ،‬أن التجريم والعقاب يبقى ضرورة أمــام تفشــي‬
‫ظاهرة الشيك بدون مؤونة وشيكات الضمان‪ ،‬وأن ذلك هوما يضمن احتفاظ الشيك بخصائصــه أداة‬
‫وفاء وتمييزه عن الكمبيالة والســند ألمــر‪ ،‬خاصــة أن بعض الــدول االقتصــادية الكــبرى كالواليــات‬
‫المتحدة األمريكية مازالت تجرم الشيك بدون رصيد وتفرد له عقوبات صــارمة دون أن يــؤثر ذلــك‬
‫على المعامالت االقتصادية والتجاريــة‪ ،‬فضــال عن اختالف واقــع الــدول الــتي ألغت تجــريم الشــيك‬
‫والعقليــة الســائدة فيهــا عن واقــع المغــرب‪ ،‬ففرنســا مثالً رغم أن تشــريعاتها كــانت دائم ـا ً مصــدراً‬
‫للتشريع المغربي في مجـال المــال واألعمــال‪ ،‬إال أن واقعهــا االقتصــادي يختلــف تمامـا ً عن الواقــع‬
‫االقتصــادي بــالمغرب‪ ،‬إذ يكفي أن نــذكر أن نســبة االســتبناك بفرنســا هي ‪ ،%99‬في حين أن هــذه‬
‫النسبة ال تتعدى ‪% 68‬في المغرب‪.31‬‬

‫‪ 30‬دعوى الرجوع الصرفي ‪ :‬إجراء يباشره صاحب الحق الثابت في الورقة التجارية أمام الجهة القضائية المختصة ضد أي مل تزم‬
‫في السند تجاهه في حالة عدم استطاعته تحصيل دينه بشكل عادي‪.‬‬
‫‪ 31‬تقرير بنك المغرب لسنة ‪2015‬‬

‫‪28‬‬
‫خاتمة‬
‫من خالل معاينة الواقع العملي يتضح أن الجرائم المرتبطة بالشيك مازالت منتشرة رغم ما تم‬
‫إدخاله عليها من وسائل وقائية وزجرية‪ ،‬بل هي في تزايد كبير وهــو مــا يمكن مالحظتــه من خالل‬
‫الكم الهائل من القضايا المعروضة أمام المحاكم وعدد الموقوفين بسببها‪ .‬وبالتالي يمكننــا القــول أنــه‬
‫ال تطبيق فصول القــانون الجنــائي‪ ،‬وخاصــة الفصــل ‪ ،543‬وال العمــل بمقتضــيات المــادة ‪ 316‬من‬
‫مدونة التجارة نجحا في الحد من هذا النوع من الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫وبالتالي وجب مراجعـة كيفيـة التعـاطي معهـا كالتنصـيص على إلغـاء جريمـة الشـيك بـدون‬
‫مؤونة عندما يكون المبلغ زهيدا مثال‪ ،‬وتمكين الساحب من مهلة لتوفير مؤونة الشيك مع ربط ذلــك‬
‫بغرامات وهو ما من شأنه أن يخف العبء على محاكم المملكة وكذلك الشرطة القضائية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫الكتب‪:‬‬

‫‪ -‬علي سلمان العبيدي‪ ،‬األوراقـ التجارية في التشريع المغربي‪ ،1970 ،‬مكتبة التومي‪ ،‬الرباط‪.‬‬

‫‪ -‬محمد لفروجي‪ ،‬الشيك وإشكاالته القانونية والعملية‪ ،1999 ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‬

‫‪ -‬محمد لفروجي‪ ،‬جرائم الشيك وعقوبتها الجنائية والمدنية‪ ،2005 ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‬

‫‪ -‬محمد الحارثي‪ ،‬األوراقـ التجارية في القانون المغربي‪ -‬فقها وقضاء‪ -‬الطبعة األولى‪.1996 ،‬‬

‫‪ -‬محمد أوغريس‪ ،‬المسؤولية الجنائية عن جرائم الشيك في التشريع المغربي‪ ،‬الطبعــة األولى ‪ ،1997‬مطبعــة‬
‫دار قرطبة الدار البيضاء‪.‬‬

‫‪ -‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في األوراقـ التجارية‪ ،‬الجزء الثاني الطبعة األولى ‪ 1998‬مطبعة دار نشــر‬
‫المعرفة‪.‬‬

‫المقاالت‪:‬‬

‫‪ -‬عبد اإلله المستاري‪ ،‬إشكاالت تجريمـ الشيك في ضوء التشريع الجديد مقال منشور بمجلة المحاكم المغربيــة‪،‬‬
‫عدد ‪ 73‬فبراير‪1998‬‬

‫‪30‬‬
‫أحكام قضائية‪:‬‬

‫‪ -‬قرار منشورـ بمجلة المحاكم المغربية عدد ‪ 36‬ص ‪ 140‬نقال عن احمــد كويسـيـ االوراق التجاريــة م س ص‬
‫‪298‬‬

‫‪ -‬قرار رقم ‪ 5945‬بتاريخ ‪ 17‬مـاي ‪ 1995‬ملـف جنحي عـدد ج ‪ 92/ 24659‬منشـورات المجلس األعلى في‬
‫ذكراه األربعين ‪ 1997‬المادة الجنائية ص ‪187‬‬

‫‪31‬‬

You might also like