Professional Documents
Culture Documents
التوازن العقدي
التوازن العقدي
الفوج :الثالث
وحدة :الكراء المدني والتجاري
عرض تحت عنوان:
ط الطبعة
ج .ر الجرية الرسمية
م .ن المرجع نفسه
ع العدد
ص الصفحة
م .س المرجع السابق
ق .ل .ع قانون االلتزامات والعقود
1
مقدمة
يعتبر عقد الكراء من أهم العقود المسماة وأوسعها انتشارا وشيوعا بين الناس وهذا ما جعله
يحظى باهتمام تشريعي كبير ،وذلك نظرا لمكانته االجتماعية واالقتصادية وارتباطه بشريحة واسعة من
المواطنين ،الذين لم تسعفهم ظروفهم المادية الحصول على مكان مناسب يقطنون فيه أو يزاولون فيه
نشاطهم المهني أو الحرفي أو التجاري.
وتم تعريف عقد الكراء في قانون التزامات والعقود بمقتضى الفصل 1 627على أنه" عقد بمقتضاه
يمنح أحد طرفيه لآلخر منفعة منقول أو عقار ،خالل مدة معينة في مقابل أجرة محددة ،يلتزم الطرف
اآلخر بدفعها له" ولقد ميز المشرع بين نوعين من عقود الكراء ،هناك عقود كراء معدة لالستعمال السكني
والمهني المنظم بمقتضى قانون رقم ،2.67 .12وأخرى معدة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي
المنظمة بمقتضى قانون رقم 49.163
فعقد الكراء ليس كباقي العقود األخرى ،إذ أنه يخلق نوعا من العالقات القانونية المستمرة ،والتي تجعل
المكري والمكتري على اتصال دائم ما دام أن العقد الرابط بينهما ما زال قائما .لذا كان من الضروري سن
قواعد ضابطة ومنظمة لهذه العالقة ،والتي يجب أن تتسم بالوضوح والدقة حتى تؤطر هذا الوضع
القانوني،4ولدعم مبدأ االستقرار القانوني في العالقات التعاقدية الخاصة بالكراء ،وذلك من خالل إعادة
التوازن العقدي ،وبناء الثقة بين المكري والمكتري ،وتوفير ضمانات أكثربينهما ،وتضع حدودا بين الحقوق
والواجبات الملقاة على عاتق طرفيه .5ويعمل قدر الممكن على ايجاد التوازن بين طرفيها لضمان
استمراراها وضمان حقوق الطرفين عند انقضائها الي سبب من االسباب.
التطور التاريخي:
وكما هو معلوم أن عقد الكراء يعد من أقدم العقود التي عرفها األشخاص بعد عقدي المعاوضة والبيع،
وهو شيء الذي كان عامال أساسيا في إيجاد تنظيم لهذا العقد ،حتى ينسجم مع التطور الذي تعرفه البشرية.
وبذلك عرف المغرب صدور مجموعة من التشريعات التي نظمة مجال الكراء بشقيه ،فبخصوص الكراء
السكني تبتدأ منذ عهد الحماية وصوال إلى القانون الحالي 12.67المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين
المكري والمكتري للمحالت المعدة للسكنى واالستعمال المهني والذي نسخ مقتضيات القوانين السابقة طبقا
للمادة 75من نفس القانون والتي تنص على أنه "تنسخ ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ
المقتضيات الخاصة باألماكن المعدة للسكنى واالستعمال المهني الواردة بالقانون رقم 64.99الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.99.211بتاريخ 13من جمادى األولى 25) 1420أغسطس
(1999المتعلق باستيفاء الوجيبة الكرائية ،وتستثنى من النسخ المقتضيات الخاصة باألماكن المعدة
لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي .ينسخ كذلك ابتداء من نفس التاريخ : -الظهير الشريف الصادر
في 26من صفر 25) 1360مارس (1941في زجر من يمتنع عن الكراء؛ -الظهير الشريف المؤرخ
1قانون التزامات والعقود ،بمثابة الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12(1331اغسطس) 1913
2القانون رقم 12.67المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت المعدة السكنى أو االستعمال المهني ،بمثابة ظهير
الشريف رقم1. 13.111 .صادر في 19نوفمبر 2013
3القانون رقم 16-49المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير
الشريف رقم 99-16-1الصادر في 13من شوال 18) 1437يوليو ،2016الجريدة الرسمية عدد 6011بتاريخ 11غشت (2016
4محسن دروسي :الكراء التجاري بين ظهير 24ماي 1955والقانون 49. 16رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،الوسائل البديلة
لحل المنازعات ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا-فاس ،السنة الجامعية .2021/2020ص1 ،
5محمد زروال :التوازن العقدي بين المكري والمكتري في القانون رقم 67.12المتعلق بالكراء السكني والمهني ،مطبعة األمنية -الرباط ،سنة
،2021ص 11
2
في 23أبريل 1954في زجر المضاربة غير المشروعة في الكرية؛ -الظهير الشريف الصادر في 25
من ربيع األول 23) 1360أبريل (1941في األمر بالتصريح باألماكن الفارغة؛ -الظهير الشريف
الصادر في 25من رجب 19) 1360أغسطس (1941المتعلق بتحديد األماكن المعدة للسكنى؛ "......
أما بخصوص الكراء التجاري تم صدور الظهير الشريف رقم 1. 16.99صادر في 18يوليوز2016
بتنفيذ القانون رقم 49.16المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو
الصناعي أو الحرفي ،الذي نسخ الظهير الشريف المؤرخ في 24ماي 1955المتعلق بكراء األمالك أو
األماكن المستعملة للتجارة أو الصناعة أو الحرف.
أهمية الموضوع:
ويكتسي موضوعنا هذا أهمية قصوى على المستوى النظري وعلى المستوى العملي فتتمثل األهمية النظرية
لتوازن العقدي فيما يوفر هذان القانونين من استقرار وحماية للطرفين ،ويحدد حقوق والتزامات كل منهما،
ويحميهما من أي منازعات قد تنشأ بينهما ،أما على المستوى العملي فتتجلى في الدور الذي يقوم به القضاء
في تفعيل القانون وتحقيق األمن القضائي بين طرفي العالقة الكرائية من خالل خلق توازن بينهما وذلك
للحساسية التي تطبع طرفي هذه العالقة ،بالنظر إلى العدد المرتفع من النزاعات التي يطرحها الكراء أمام
المحاكم.
ولمعالجة موضوعنا هذا البد من طرح اإلشكالية التالية:
إشكالية الموضوع:
هل استطاع المشرع المغربي تحقيق التوازن العقدي بين طرفي العالقة الكرائية في كل من قانون رقم
67.12وقانون رقم 49.16؟
المناهج المعتمدة:
ولإلجابة عن هذه اإلشكالية سلكنا مجموعة من المناهج؛ كالمنهج االستقرائي من خالل استقرائنا للنصوص
القانونية المؤطر للموضوعنا هذا ،والمنهجين التحليلي ونقدي 6من خالل تحليل مواد هذه النصوص القانونية
سياقا لرصد نطاق إعمالها ومدى استجابتها لتطلعات أطراف العالقة الكرائية وما قد يعتري تطبيق هذه
البنود من عقبات عند التفعيل والتنزيل.
ولتحليل موضوعنا هذا ارتأينا تقسيمه إلى قسمين:
المبحث األول :بعض مظاهر تحقيق التوازن العقدي في الكراء السكني والمهني
المبحث الثاني :بعض مطاهر إقرار التوازن العقدي في الكراء التجاري
6لالطلع أكثر حول مناهج البحث العلمي راجع ،إدريس الفاخوري ،مدخل لدراسة مناهج العلوم القانونية ،م الجسور وجدة2015 ،ص 3وما يليها.
3
المبحث األول :بعض مظاهر تحقيق التوازن العقدي في الكراء السكني والمهني
يعتبر عقد الكراء المدني من أكتر العقود شيوعا في الوقت الحالي ،لذلك سنحاول في هذا المبحث التطرق
لبعض مضاهر التوازن في هذا العقد سواء من حيت سريانه (المطلب االول) ،او من حيت انتهاءه (المطلب
الثاني)
المطلب األول :بعض مظاهر التوازن أثناء إبرام عقد الكراء
من المعلوم أن أبرز مظاهر سلطان االرادة في ق .ل .ع المغربي هو الفصل 230الذي ينص على ان
االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيها ،فااللتزامات التعاقدية ال
تقوم اال إذا كانت االرادة قد توجهت الى انشائها وفي اإلطار الذي تتجه اليه تلك االرادة ،وال يمكن أن يقيد
الفرد إال بها ،وبالتالي تكون هذه االخيرة هي أساس القوة الملزمة للعقد ،وكل اختالل في التوازن بين
المتعاقدين حسب هذا المنظور ال يعتد به.
غير أن هذا المبدأ كان يسود في ظل مجتمع بسيط ،لكن التحوالت االقتصادية واالجتماعية التي عرفها
القرن العشرين ،وما ترتب عنها من أزمات في السكن ،فرضت نفسها بقوة وقلصت من القوة الملزمة
للعقد ،وبالتالي الخروج عن مبدأ سلطان االرادة ،وذلك بوضع المشرع المغربي لقواعد قانونية صارمة،
من أجل خلق توازن عقدي بين المكري والمكتري فيما يتعلق بتكوين عقد الكراء ،7ويتجلى ذلك في إثبات
عقد الكراء (الفقرة االولى) وحالة المحل (الفقرة الثانية)
المطلب الثاني :بعض مظاهر التوازن العقدي في انتهاء وفسخ عقد الكراء
عمل المشرع المغربي على إضفاء الحماية القانونية على العالقة التعاقدية الكرائية بين أطرافها ال
على مستوى التعاقد أو تنفيذ العقد فحسب؛ وإنما أيضا شملت هذه الحماية مرحلة انتهاء الرابطة القانونية
بين المكري والمكتري ،وهي مرحلة هامة في التأثير على حقوق األطراف التي قد تطبع بانعدام التوازن
بسبب اختالف مراكزهم القانونية ،األمر الذي يستوجب تدخال تشريعيا فاعال في إرجاع هذا التوازن بين
المكري والمكتري.
25عبد القادر العرعاري ،الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة ،الكتاب الثاني ،عقد الكراء المدني ،الطبعة ،2013 ،3ص .98
26عبد القادر العرعاري ،م ن ،ص .100
8
عنصر الملكية التامة الذي هو مناط الحق في االسترجاع 27.كما أن الشروط المشترطة من أجل اإلفراغ
لالحتياج السكني تستحضر فيها حماية لمكتري من أي تعسف في حقه ،بحيث ال يمكن للمكري استرجاع
المحل المكترى إال إذا استجمع مجموعة من الشروط وهي أن يكون محال للمكري منذ 18شهرا على
األقل وأن يكون المكري ال يملك سكنا أو ال يكفيه لحاجياته االعتيادية.
كما أنه من أسباب إنهاء عقد الكراء هدم المحل المكترى أو إصالحه ،بحيث يعتبر هذا السبب حقا
طبيعيا مخوال للمكري ،لكن الضرورة شرط الزم إلعمال هذا الحق ،ما يبرز التوازن الحمائي لطرفي
العقد .ويتجلى ذلك أكثر في المسطرة المتبعة لممارسة هذا الحق؛ بحيث يتوجب على المكري قبل طلب
إفراغ المحل أن يوجه إشعارا للمكتري باإلفراغ يستند فيه إلى أسباب جدية و مشروعة حددها المشرع
في المادة 45من قانون الكراء ،و يتعين تصحيح هذا اإلشعار باإلفراغ إذا كان المكري يرغب في هدم
المحل أو إدخال تغييرات هامة و ضرورية عليه كلما استوجب ذلك إفراغ المكتري من المحل المكترى،
و قد أعطى المشرع حق األسبقية للمكتري للرجوع إلى المحل بعد إصالحه أو إعادة بنائه شريطة استعمال
هذا الحق داخل أجل الشهرين المواليين لإلشعار الصادر عن المكري و يؤخذ بعين االعتبار المصاريف و
الصوائر التي تم صرفها على المحل و رأس المال المستثمر لتحديد الوجيبة الكرائية الجديدة (المادة .)50
وللمكتري الحق في مطالبة المكري بتعويض عن الضرر كلما كان اإلفراغ مستندا على أسباب غير
صحيحة أو لم ينفذ من طرف المكري.
كما خول المشرع للمكتري الحق في الرجوع إلى المحل المكترى بعد إصالحه وانتهاء األشغال فيه
وذلك شريطة استعماله لهذا الحق داخل أجل الشهرين المواليين إلشعاره من طرف المكري ،وإال سقط هذا
28
الحق ،وقد كان منصوصا على هذا األمر حتى في القانون القديم.
غير أن هناك من يرى بأن المشرع لم يتعرض في هذا القانون كما في القانون القديم للجزاء الذي
يترتب عن عدم التزام المكري بإخبار المكتري بانتهاء األشغال وإمكانية رجوعه إلى المحل وفق القانون،
كما لو لم يشعره أصال أو أنه لم يحترم األجل ،وهو ما كان يثار أمام القضاء وهو ينظر في مثل هذه
29
الحاالت فكان يحكم للمكتري بالتعويض في ذلك.
11
المبحث الثاني :بعض مظاهر إقرار التوازن العقدي في الكراء التجاري
يعتبر عقد الكراء التجاري من العقود التي تجمع بين طرفين أحدهما صاحب المكلية
العقارية (المكري) واالخر صاحب حق الملكية التجارية (المكتري) حيث نجد طرفا يشهد
له بالضعف وآخر بالقوة ،األمر الذي سيفرز ال محالة خلال بينهما ،مما دفع المشرع
المغربي إلى تنظيم هذه العالقة بمقتضى عدة قوانين ،كان آخرها قانون 49.16إلعادة ذلك
التوازن المفقود إلى عقد الكراء الذي طاله في عهد ظهير ،1955إذن فما هي مظاهر هذا
التوازن سواء في عند سريان العقد (المطلب األول) أو عند انتهاءه (المطلب الثاني).
المطلب األول :بعض مظاهر التوازن العقدي عند سريان عقد الكراء التجاري
نجد أن القانون رقم 49.16منح الحماية القانونية أثناء سريان عقد الكراء سواء بالنسبة للمكتري (الفقرة
األولى) ،أو بالنسبة للمكري (الفقرة الثانية)
الفقرة األولى :الحماية القانونية للمكتري عند سريان عقد الكراء التجاري
يعتبر عقد الكراء التجاري من العقود التي تجمع بين طرفين ال متكافئين ،حيث نجد طرف يشهد له بالضعف
وآخر بالقوة ،االمر الذي سيفرز ال محالة خلال بينهما ،مما دفع المشرع من خالل قانون رقم 49.16منح
المكتري أثناء سريان العقد الحق في ممارسة أنشطة مكملة أو مختلفة أو مرتبطة بالنشاط األصلي (أوال)،
كما منحه حق الكراء من الباطن (ثانيا) ،حق المكتري في االفراغ من أجل الهدم وإعادة البناء(ثالثا)
أوال :ممارسة المكتري ألنشطة مكملة أو مختلفة أو مرتبطة بالنشاط األصلي
حسب الفقرة األولى من المادة 22من القانون رقم 33 49.16نجد أنه للمكتري الحق في ممارسة أنشطة
مكملة أو مرتبطة بالنشاط األصلي شريطة أال تكون هذه األنشطة تتعارض مع خصائص وغرض موقع
البناية
وباستقراء باقي فقرات المادة 22نجد أن هذا الحق الممنوح للمكتري رهين بتوفر بعض الشروط حيث أن
الشرط األول هو الذي سبق ذكره ،أي ذلك المتعلق بعدم معارضة هذه األنشطة لغرض وخصائص وموقع
البناية ،أما الشرط الثاني فيتعلق بتوجيه المكتري طلبا للمكري يتضمن األنشطة التي يرغب في ممارستها،
ومن جهة أخرى وكشرط ثالث يوجه المكري للمكتري إشعارا يتضمن موقفه حول الطلب ،وذلك داخل
أجل شهرين من تاريخ التوصل ،وإال اعتبر موافقا على الطلب.
= والمالحظ من هذه الشروط أنها في صالح المكتري خاصة فيما يتعلق بتقييد المكري بالرد على طلب
المكتري داخل أجل شهرين وإال اعتبر موافقا على الطلب
= كما أنه وفي حالة رفض المكري لطلب المكتري جاز لهذا األخير اللجوء الر رئيس المحكمة بصفته
قاضيا للمستعجالت ،لإلذن له بممارسة األنشطة الجديدة ،االمر الذي يجعلنا أمام حماية من نوع خاص
للملكية التجارية (المكتري) ،حيث إن لم يسمح المكري للمكتري بممارسة تلك األنشطة ال يقوم مانعا أمام
المكتري لممارستها
33تنص الفقرة األولى من المادة 22من القانون 49.16على " يمكن السماح للمكتري بممارسة نشاط أو أنشطة مكملة أو مرتبطة بالنشاط
األصلي متى كانت هذه األنشطة غير منافية لغرض وخصائص وموقع البناية "
12
= إال أنه إذا رغب المكتري في ممارسة نشاط مختلف عما تم االتفاق عليه في عقد الكراء التجاري عليه
الحصول على الموافقة الكتابية للمكري
وبالتالي نستنتج أنه في حالة ما إذا رغب المكتري في ممارسة نشاط مكمل أو مرتبط بالنشاط األصلي ن
فرفض المكري ذلك ال يحول دون ممارسة هذا الحق ،بخالف إذا تعلق األمر بممارسة نشاط مختلف عن
النشاط الذي تم االتفاق عليه بعقد الكراء.
ثانيا :حق المكتري في الكراء من الباطن
باستقراء مقتضيات المادة 24من القانون رقم 49.16نجد أنها قامت بتنظيم الحق في الكراء من الباطن
والذي يمارسه المكتري ،حيث يقوم هذا األخير بإبرام عقد كراء من طرف آخر يسمى المكتري الفرعي
موضوعه تأجير المحل المكتري كال أو بعضا وذلك مقابل أجرة كراء محددة
إال أن هذا الحق مقيد بشروط و هو أال يتضمن عقد الكراء الرابط بين المكري و المكتري شرطا مانعا من
ممارسة هذا الحق ،و هنا نالحظ أنه تم تقرير عكس ما كان منصوصا عليه بالفصل 22من ظهير 24
ماي 34 1955و الذي كان يمنع تولية الكراء إال إذا تضمن العقد شرطا مخالفا أو وافق رب الملك على
التولية ، 35كما أنه يجب إخبار المكري بهذا الكراء تحت طائلة عدم سريانه تجاهه ،و عندما يتوصل
المكري باإلخبار آنذاك يلتزم بأن يشعر المكتري الفرعي بأي إجراء يعتزم القيام به تجاه المكتري األصلي
،ألنه في إطار الكراء من الباطن نصبح أمام معادلة ثالثية األطراف توجهها عالقة تأثير و تأثر ،فكل
ما قد يؤثر على المكتري األصلي سيسمن بالتأكيد المكتري الفرعي .
ثالثا :حق المكتري في االفراغ من أجل الهدم وإعادة البناء
نص القانون رقم 49.16على أنه يتوجب على المكري أدائه للمكتري تعويضا م مؤقتا يوازي كراء ثالث
سنوات مع االحتفاظ له بحق الرجوع إذا اشتملت البناية الجديدة على محالت معدة لممارسة نشاط مماثل
تحدده المحكمة من خالل التصميم المصادق عليه من الجهة اإلدارية المختصة
وإضافة الى التعويض المؤقت والذي يوازي كراء ثالث سنوات ،يمكن للمحكمة ،بناء على طلب المكتري،
تحميل المكري جزءا من مصاريف االنتظار طوال مدة البناء ال تقل عن نصفها إذا أثبت المكتري ذلك،
ولقد عمل القانون رقم 49.16على تحديد المقصود بمصاريف االنتظار في المادة 936
وانطالقا من مقتضيات نفس المادة فانه إذا لم تشتمل البناية الجديدة على المحالت المذكورة ،استحق
المكتري تعويضا كامال كما أن المحكمة تحدد تعويضا احتياطيا كامال بطلب من المكتري ،يستحقه في حالة
حرمانه من حق الرجوع
وتحديد التعويضين الكامل واالحتياطي يخضع للمعايير المحددة بمقتضى المادة 7من القانون رقم 49.16
ذلك أن هذا التعويض يشمل قيمة األصل التجاري التي تحدد انطالقا من التصريحات الضريبية للسنوات
األربع األخيرة باإلضافة الى ما أنفقه المكتري من تحسينات وإصالحات وما فقده من عناصر األصل
التجاري ،كما يشمل مصاريف االنتقال من المحل .37
34ظهير شريف المؤرخ في 24ماي 1955المتعلق بكراء األمالك او األماكن المستعملة للتجارة او الصناعة او الحرف
35مصطفى بونجة " الكراء التجاري بين ظهير 1955و القانون رقم ،« 49.16مطبعة ليتوغراف ،طنجة ،ط األولى 2016 ،ص 107
36تنص المادة 9على " يقصد بمصاريف االنتظار الضرر الحاصل للمكتري دون أن يتجاوز مبلغ األرباح التي حققها حسب التصريحات
الضريبية للسنة المالية المنصرمة ،مع االخذ بعين االعتبار أجور اليد العاملة والضرائب والرسوم المستحقة خالل مدة حرمانه من المحل "
37ب مصطفى ونجة ،م س ،ص 51و52
13
كما أنه يتعين على المكري أن يشعر المكتري بتاريخ تمكينه من المحل الجديد ،والذي يجب اال يتعدى ثالث
سنوات من تاريخ اإلفراغ ،ويتعين عليه كذلك أن يقوم داخل أجل شهر من تاريخ توصله بشهادة المطابقة
المنصوص عليها في المادة 55من القانون رقم 12.90المتعلق بالتعمير والمسلمة له من طرف الجهة
المختصة ،بإشعار المكتري ب أنه يضع المحل رهن إشارته.
الفقرة الثانية :الحماية القانونية للمكري عند سريان عقد الكراء التجاري
لقد اتضح أن ظهير 24ماي 1955و الذي مر على تطبيقه أكثر من ستين سنة ،جعلت منه قانونا
متواجدا في بيئة اقتصادية و تجارية و مالية و اجتماعية و سياسية و دستورية مخالفة جذريا للبيئة التاريخية
التي وضع فيها كما أبانت عن الكثير من القصور و الثغرات ،حيث سجل غلو في حماية الملكية التجارية
مقابل اجحاف في حق مالك العقار الشيء الذي جعل المشرع يراهن على إقرار حماية للمكري في إطار
عقد الكراء التجاري و ذلك تشجيعا له على منح محالته للتجار ،هكذا نجد مقتضيات قانونية في ظل
القانون المذكور تكرس عدة حقوق للمكري عند سريان العقد و المتمثلة في حق المكري في مراجعة
السومة الكرائية (أوال) باإلضافة الى اعالمه من طرف المكتري في عدة حاالت ( ثانيا )
أوال :حق المكري في مراجعة السومة الكرائية
تعتبر السومة الكرائية تكليفا يتحمله المكتري كمقابل العتمار العقار العائد للغير وكنفع يجنيه المكري مقابل
تخليه عن استعمال عقاره والحصول على منافعه كإحدى المكنات التي يعطيها له حق الملكية ،تخضع
بدورها لهاجس التوازن ألنها تعكس مظهرا لتبادل االداءات في عقد الكراء
وإذا كان لطرفي العقد لحظة إبرامه كامل الحرية في تضمينه ما شاءوا من بنود ،فإن المشرع اقتنع
بضرورة تدخله خالل سريان العقد وذلك بتوجيه إرادة الطرفين في االتجاه الذي يخدم النظام والعدالة
االجتماعية ،من خالل القانون رقم 07.03الصادر سنة 2007والمتعلق بكيفية مرتجعة أثمان كراء
38
المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي
هكذا وبرجوعنا للمادة 5من القانون رقم 49.16نجد أنها تنص في فقرتها الثالثة على أنه [تطبق على
مراجعة الوجيبة الكرائية مقتضيات القانون رقم ، ] 3907.03إنه وباستقراء مقتضيات نفس القانون نجد
أنه جعل من المراجعة االتفاقية للسومة الكرائية هي األصل ،وتدخل القضاء للمراجعة كاستثناء عند تعذر
المراجعة االتفاقية ،إذ أن المالحظ أن المراجعة االتفاقية ليست ثمرة مفاوضة برضى الطرفين ،وإنما إطار
ال يمكن تجاوزه وفارضا بعض الضوابط الملزمة.
وهكذا فإن المراجعة االتفاقية سواء تمت في مرحلة ابرام العقد أو بمناسبة تنفيذه ألنها تخضع لضابطين
أساسيين وهما:
= ضرورة انقضاء ثالث سنوات على ابرام عقد الكراء أ ،آخر مراجعة اتفاقية أو قضائية
= عدم تجاوز نسبة الزيادة المحددة بموجب المادة 4من القانون 07.03والمتمثلة في 8بالمائة من
السومة الكرائية المعمول بها للمحالت المعدة للسكنى و 10بالمائة بالنسبة للمحالت المعدة للتجارة
والمحالت المهنية
38حسابي عبود " قراءة في القانون رقم 07.03المتعلق بمراجعة أثمان الكراء " مجلة القضاء والقانون ن العدد ،158ص 102_101
39القانون رقم 07.03المتعلق بكيفية مراجعة أثمان كراء المحالت المعدة للسكنى أو االستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي،
بمثابة الظهير الشريف رقم 1.07.134صادر في 19من ذي القعدة 1428(30نوفمبر 2007
14
وبالتالي يمكن القول إن المشرع أعطى للمكري حق مراجعة السومة الكرائية ن حق ليس مطلق وإنما
تحكمه ضوابط قانونية ن تم تكريسها بالقانون رقم ،07.03وذلك بحثا عن ذلك التوازن المنشود بين كل
من المكري والمكتري ن حتى ال يتعسف األول في استعماله لحقه في مواجهة المكتري
ومن جهة أخرى نجد المادة 24من القانون 49.16تمنح الحق كذلك للمكري في مراجعة السومة الكرائية
في حالة ما إذا كانت قيمة الكراء من الباطن تفوق قيمة الكراء األصلي وذلك إما اتفاقا أو قضاء
ثانيا :إعالم المكري
لقد أقر المشرع في قانون 49.16ضرورة إعالم المكري ،وذلك عن طريق إشعاره بمجموعة من
اإلجراءات التي يعتزم المكتري القيام بها تحت طائلة عدم السماح له بذلك ،وكذا اعتبار ما قام به المكتري
عمال غير مشروع يوجب مطالبته باإلفراغ
وبالتالي فإنه وإن تم االعتراف للمكتري بهذه الحقوق فإنها تظل مقيدة بعدة ضوابط منها االعالم وذلك في
عدة حاالت نذكر منها:
= حالة ممارسة نشاط مكمل أو مرتبط بالنشاط األصلي فإنه بالرجوع للمادة 22من القانون رقم 49.16
نجدها تنص على أنه حتى يتمكن المكتري من ممارسة هذه األنشطة ،فالبد له كمن توجيه طلب للمكري
يتضمن اإلشارة الى األنشطة التي يريد ممارستها وآنذاك يقع على هذا األخير إشعار المكتري بموقفه
بخصوص هذا الطلب داخل أجل شهرين من تاريخ التوصل.
= حالة تغيير المكتري للنشاط الممارس ،وفي هذا اإلطار نجد كذلك الفقرة األخيرة من المادة 22تعتبر
أنه ال يجوز لل مكتري ممارسة نشاط بالمحل المكترى مختلف عما تم االتفاق عليه في عقد الكراء إال أذا
وافق المكري كتابة على ذلك.
= حالة تفويت الحق في الكراء ،باستقراء مقتضيات المادة 4025من القانون 49.16نجدها تنص على
قاعدة مفادها حق المكتري في تفويت حق الكراء مع بقية عناصر األصل التجاري أو مستقال عنه دون
ضرورة الحصول على موافقة المكري وبالرغم من كل شرط مخالف وال يمكن مواجهة المكري بهذا
التفويت اال اعتبارا من تاريخ تبليغه إليه ويبقى المكتري األصلي مسؤوال تجاه المكري بخصوص
االلتزامات السابقة.
وبالتالي فتفويت هذا الحق ال يتوقف على موافقة المكري ،لكن سريان هذا التفويت يبقى متوقفا على إشعاره
به من طرف كل من المفوت والمفوت إليه وذلك حسب الفقرة الثانية من هذه المادة
ثالثا :ممارسة المكري حق المطالبة باإلفراغ للهدم وإعادة البناء
يحق للمكري المطالبة باإلفراغ لرغبته في هدم المحل وإعادة بنائه ،شريطة اثبات تملكه إياه لمدة ال تقـل
عن سنة من تاريخ اإلنذار ،وزيادة عن ذلك فانه يتعين على المالك الراغب في إفراغ المحل للهدم وإعادة
41
بنائه أو إفراغه لتوسعته أو لتعليته ،اإلدالء برخصة بناء سارية المفعول مسلمة له من الجهة المختصة
،وبالتصميم المصادق عليه من طرفها
40يحق للمكتري تفويت حق الكراء مع بقية عناصر األصل التجاري او مستقال .....يتعين على كل من المفوت و المفوت له إشعار المكري بهذا
التفويت تحت طائلة عدم سريان آثاره عليه .....
41تنظم رخصة البناء بموجب المادة 40وما بعدها من القانون رقم 12.90المتعلق بالتعمير بمثابة الظهير الشريف رقم 1.92.31صادر في
15من ذي الحجة 71( 1412يونيو )1992والصادر الجريدة الرسمية عدد 4159بتاريخ 1992/07/15ص 887
15
المطلب الثاني :بعض مظاهر التوازن العقدي عند انتهاء عقد الكراء التجاري
سنحاول في هذا المطلب تسليط الضوء على الحماية التي أوردها المشرع المغربي من خالل القانون
49.16عند انتهاء عقد الكراء التجاري لكل من المكتري (الفقرة األولى) على أن نتناول في (الفقرة
الثانية) الحماية المقررة للمكري في ذات العقد
الفقرة األولى :الحماية القانونية للمكتري عند انتهاء عقد الكراء التجاري
إن المنطلق المدني لعقد الكراء يجعل أي عقد ينتهي بمجرد انتهاء مدته وإذا رغب المكري في استرجاع
العين المكتراة خول له المشرع هذه االمكانية ،االمر الذي أدى الى التفكير في ضرورة توفير الحماية
للمكتري أيضا من خالل القانون رقم 49.16المتعلق بالكراء التجاري وذلك من خالل التخويل له الحق
في التجديد (أوال) وحق التعويض (ثانيا)
أوال :الحق في التجديد
األصل العام هو أن عقد الكراء ينقضي بانتهاء المدة التي حددها له الطرفان المتعاقدان وهذا ما نص عليه
الفصل 687من ق ل ع 42لكن هذا األصل لم يقم مانعا من إمكانية تجديد عقد الكراء لمدة أخرى ،هذا
التجديد الذي يكون صراحة أو ضمنيا
وإذا كان تجديد العقد متروكا في ظل القواعد العامة إلرادة الطرفين فإنه في نطاق القانون رقم 49.16
محكوم بقواعد تنظمه وتبين حقوق المكتري عند عدم التجديد
43
هكذا وباستقراء المادة 6من القانون نفسه
و بالتالي فإنه حسب هذه المادة أنه يحق للمكتري طلب تجديد عقد الكراء التجاري بعد انتهاء مدته ،إال أن
هذا الحق رهين بتوفر مقتضيات الباب األول من القانون ، 49.16هذه المقتضيات تتمحور في إطار ما
يسمى بشروط التطبيق ،و المتمثلة في ضرورة أن يكون العقار الممارس فيه النشاط التجاري خاضعا
للقانون ،44 49.16و أال يكون من ضمن العقارات التي استثنيت من ذلك المنصوص عليها في المادة 2
،هذا باإلضافة الى وجوب ابرام عقود الكراء في إطار محرر كتابي ثابت التاريخ ،و بهذا الشرط تم
تفادي النزاعات التي كانت تعرض عن المحاكم بخصوص اثبات وجود العقد و ذلك في ظل ظهير ،1955
من جهة أخرى و حسب المادة 4من نفس القانون فإن المكتري يستفيد من إمكانية تجديد عقد الكراء متى
أثبت انتفاعه بالمحل بصفة مستمرة على األقل عكس ظهير 1955الذي كان يشترط إثبات االنتفاع لمدة
45
سنتين متتابعتين إذا كان عقد الكراء كتابيا أو لمدة أربع سنوات بمقتضى عقد شفوي
ينتج عن توفر شــــروط تجـديـد عقد الكراء التجاري ،قيـام حق ملكيـة تجـاريـة لفـائـدة المكتري ،والتي
بواسـطتها يضـمن التاجر االستمرار في استغالل العقار المكترى في تجارته وكذلك حقه في تأجيره (الكراء
من الباطن)
42ينص الفصل 687من ق ل ع على أنه " كراء األشياء ينقضي بقوة القانون عند انتهاء المدة الذي حددها له المتعاقدان ".....
43تنص المادة 6من القانون 49.16على أنه " يكون المكتري محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب األول من هذا القانون،
وال ينتهي العمل بعقود كراء المحالت والعقارات الخاضعة لهذا القانون اال طبقا لمقتضيات المادة 26بعده ويعتبر كل شرط مخالف باطال "
44انظر المادة 1من القانون رقم 49.16
45هاجر شوقي« ،مقال منشور بالموقع االلكتروني www.droitetentreprise.comتاريخ االطالع 2023/11/24على الساعة
15.40
16
ثانيا :الحق في التعويض
إن من أهم األهداف التي توخى المشرع المغربي تحقيقها من خالل القانون رقم 49.16هو إرساء دعائم
االستقرار و التوازن بين حق المكري صاحب الملكية العقارية و حق المكتري صاحب الملكية التجارية ،
و ألن تطبيق مقتضيات هذا القانوني تقتضي ممارسة النشاط التجاري او الصناعي او الحرفي بكيفية
مستمرة و داخل مدة معينة فإنه يترتب على ذلك اكتساب المكري الحق في الكراء الذي يخول له المطالبة
بتجديد أو التعويض عنه متى أراد المكري استرداد العقار الممارس فيه النشاط التجاري 46و لذلك ففرض
المكري تجديد العقد يقابله حق المكتري الحصول على التعويض عن االفراغ ن االمر الذي أكدته المادة 7
من القانون ، 49.16ففي استقراء مضمون هذه المادة نجد أنها أطرت كل ما يتعلق بهذا التعويض و لم
تترك االمر لتقدير السلطة القضائية ،حيث جعلت من التعويض معادال ما يحق للمكتري من ضرر ناتج
عن االفراغ ،و يجب أن يشمل قيمة األصل التجاري التي يتم تحديدها اعتمادا على التصريحات الضريبية
للسنوات األربع األخيرة كما اضافت نفس المادة أنه يعبر باطال كل شرط أو اتفاق من شأنه حرمان المكتري
من حقه في التعويض عن إنهاء الكراء. 47
وقد ربط المشرع حق المكتري بالتعويض بالسبب الذي اعتد به المكري إلنهاء الكراء ،وبذلك نجد قرار
لمحكمة نقض عدد 558جاء فيه " نطرا لوضعية استحالة تنفيذ العقد لكون المحل آيل للسقوط ،والقانونية
تكمن في كون مدخل الولوج تم إغالقه بأمر من السلطة ،مما يجعل إرجاعه للمحل في وضعيه الحالي
متعذر ،وفيما يتعلق بالتعويض عن الضرر ،فإن الطاعن لم يثبت السلع والمواد التي كانت متواجدة
بالمحل قبل إغالقه ….وأن التعويض غير مبرر48 " ….الذي يجب أن تكون من ضمن أحد األسباب
التالية ،التي منها ما يستحق المكتري التعويض فيها:
حاالت استحقاق التعويض
أـ اإلفراغ بسبب الرغبة في هدم البناء ألجل إعادة بنائه
فإذا كان سبب إنهاء الكراء يرجع إلى رغبة المكري في هدم البناء وإعادة بنائه ،فإن المكتري يستحق
تعويضا مؤقتا يوازي كراء ثالث سنوات ،على أساس آخر سومة كرائية ،مع احتفاظه بحق األولوية في
الرجوع إذا كانت البناية الجديدة تشتمل على محاالت معدة لممارسة نشاط مماثل تحدده المحكمة من خالل
التصميم المصادق عليه من الجهة اإلدارية المختصة49على أن يكون قدر اإلمكان متطابقا مع المحل السابق
والنشاط الممارس فيه.
ويجب أن يستند طلب اإلفراغ للهدم ٕو إعادة البناء على رخصة للبناء وعلى تصميم مصادق عليهما من
السلطات المختصة .علما أن السلطات اإلدارية المختصة هي وحدها التي تملك صالحية مراقبة مدى
احترام المستفيد من الرخصة لشروط الترخيص ،تحت طائلة العقوبات والتدابير المقررة قانونا ،وال يسوغ
للمكتري باعتباره غيرا ،المنازعة بشأن رخصة البناء والتصميم ،باعتبارهما وثيقتين رسميتين ،إال بالطعن
بالزور ،غير أنه يمكنه مقاضاة المكري سيء النية.
46محمد الكشبور " :الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري دراسة في إطار ظهير 24ماي 1955والمدونة التجارية الجديدة « ،مطبعة
النجاح الدار البيضاء ،ص األولى 1998ص 49
47راجع المادة 7من القانون رقم 49.16
48قرارمحكمة نقض عدد 558الصادر بتاريخ 8فبراير 2011فالملف المدني عدد ،2009/4/1/4033بالمنصة الرقمية لمحكمة نقض ،على
الموقع اإللكتروني https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions
49وفق ما تنص عليه المادة 49من القانون رقم 12.90المتعلق بالتعمير
17
ب -االفراغ ألجل توسيع المحل أو تعليته
إذا كان سبب إنهاء الكراء يرجع إلى رغبة المكري في توسيع المحل أو تعليته ،على أال يتأتى ذلك إال
بإفراغ المحل ،فإن اإلفراغ المؤقت يكون للمدة التي يحددها المكري على أال تتجاوز سنة واحدة من تاريخ
اإلفراغ .ويستحق المكتري في هذه الحالة تعويضا عن مدة إفراغه يحتسب انطالقا من التصريحات
الضريبية للسنة المالية المنصرمة مع األخذ بعين االعتبار أجور اليد العاملة والضرائب والرسوم المستحقة
50
خالل فترة حرمانه من المحل ،على أال يقل التعويض الشهري عن قيمة السومة الكرائية
هذا ،وال يحق للمكري استيفاء الوجيبة الكرائية طيلة مدة اإلفراغ التي يمكن تمديدها ألجل ال يتعدى سنة
واحدة
ج -إفراغ السكن الملحق بالمحل
تتعلق هذه الحالة بالمحالت التجارية التي يكون ملحقا بها سكن ،حيث أجاز القانون للمكري المطالبة بإفراغ
ذلك السكن ليسكن فيه بنفسه أو زوجه أو أحد أصوله أو فروعه المباشرين من الدرجة األولى ،أو المستفيدين
من الوصية الواجبة وفق المادة 369من مدونة األسرة ،أو المكفول بمفهوم القانون رقم 15.01لسنة
512002المتعلق بكفالة األطفال المهملين ،وذلك شريطة أن يثبت عدم توفر هؤالء على مسكن يكفيهم،
حيث يستحق المكتري في هذه الحالة تعويضا يوازي كراء ثالث سنوات حسب آخر سومة كرائية للمحل
،ويجب التأكيد على أن هذا السبب إنما يتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري ،وليس بإفراغ المحل
التجاري ذاته الستعماله في السكن كما كان يقضي النص القديم ،لذلك فإن طلب ضم المحل التجاري
موضوع الكراء إلى منزل المكري بقصد استغاله بالسكن فيه ال يدخل في هذه الحالة
ويجب في هذه الحالة أن يعتمر المستفيد شخصيا المحل المفرغ داخل أجل ستة أشهر من تاريخ مغادرته
من طرف المكتري وأن يستمر في ذلك لمدة ال تقل عن ثالث سنوات ،وإال استحق المكتري تعويضا
يوازي كراء ثمانية عشر شهرا حسب قيمة آخر وجيبة كرائية.52
2حاالت عدم استحقـاق التعويض
ال يلزم المكري بأداء أي تعويض للمكتري في الحاالت التالية:
أ -إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله باإلنذار ،وكان
مجموع ما بذمته على األقل ثالثة أشهر من الكراء
ب -إذا أحدث المكتري تغييرا بالمحل بدون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على سالمة البناء
أو يرفع من تحمالته ،ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل
األجل الممنوح له في اإلنذار ،على أن تتم األشغال من أجل ذلك ،في جميع األحوال ،داخل أجل ال
يتعدى ثالثة أشهر
ج -إذا قام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري بدون موافقة المالك ،ما عدى إذا عبر المكتري عن نيته
في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل األجل الممنوح له في اإلنذار ،على أن تتم األشغال من أجل ذلك،
في جميع األحوال ،داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر
هاجر شوقي "" قانون 49.16ورهان تحقيق التوازن بين الملكية العقارية والملكية التجارية" ،م س 53
19
القاعدة أنه كلما طالب المكري من المكتري اإلفراغ وجب عليه أداء تعويض لهذا األخير ،وذلك حماية
للتجار من تعسف المكريين والمساس باستقرار االنشطة التجارية إال أنه لكل قاعدة استثناء ،إذ أنه بالرجوع
للمادة 8من نقس القانون نجدها تكرس هذا االستثناء وتنص على مجموعة من الحاالت الذي بتوفرها يعفى
المكري من أداء تعويض للمكتري عن االفراغ ،ومن هذه الحاالت نذكر:
أ -إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله باإلنذار ،وكان
مجموع ما بذمته على األقل ثالثة أشهر من الكراء
ب -إذا أحدث المكتري تغييرا بالمحل بدون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على سالمة
البناء أو يرفع من تحمالته ،ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
داخل األجل الممنوح له في اإلنذار ،على أن تتم األشغال من أجل ذلك ،في جميع األحوال ،داخل
أجل ال يتعدى ثالثة أشهر
ج -إذا قام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري بدون موافقة المالك ،ما عدى إذا عبر المكتري عن نيته
في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل األجل الممنوح له في اإلنذار ،على أن تتم األشغال من أجل ذلك،
في جميع األحوال ،داخل أجل ال يتعدى ثالثة أشهر
د -إذا كان المحل آيال للسقوط ،ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام بأعمال الصيانة الملزم
بها اتفاقا أو قانونا رغم إنذاره بذلك؛
ه -إذا هلك المحل بفعل المكتري أو بسبب القوة القاهرة أو حادث فجائي وأيضا إذا عمد المكتري إلى كراء
المحل من الباطن خالفا لعقد الكراء.
20
خاتمة
12.67وفي ختام موضوعنا هذا نرى أن المشرع المغربي سعى من وراء سنه لكل من قانون رقم
إلى تنظيم العالقة التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت سواء المعدة منها 16.49والقانون رقم
لسكنى أو لتجارة،
والتي سعا من خاللها الى تحقيق نوعا من التوازن العقدي بين كل من المكري والمكتري بخصوص
العالقة الكرائية التي تجمع بينهما وذلك بهدف تجاوز بعض اإلشكاالت التي كانت تطرحها القوانين
السابقة وما ترتب عنها من نزاعات.
االستنتاجات:
بمجموعة 49.16والقانون رقم 12 .67ولتجاوز هذه اإلشكالية جاء المشرع في كل من القانون رقم
:من اإلجراءات الهامة أبرزها
تنصيص على ضرورة إبرام عقد الكراء كتابة باعتماد وثيقة تحدد بشكل دقيق حقوق وواجبات كل
طرف.
تنصيص على ضرورة إثبات حالة المحل ،وكذا توفره على المواصفات الضرورية.
تأكيد على ضرورة مبدأ حرية تحديد الوجيبة الكرائية بين أطراف هذه العالقة نظرا لطابع االجتماعي
والقتصادي التي تحطى به.
ضبط الحاالت التي يسمح فيها بسلوك مسطرة االشعار باإلفراغ وتمييزها عن الحاالت التي تخول لجوء
إلى مسطرة الفسخ.
لكن رغم كل هذه المقتضيات التي من شأنها أن تخدم مصلحتي المكري والمكتري فإنها تبقى قاصرة
أحيانا عن تحقيق التوازن العقدي بين الطرفيه ،نظرا لوجود مجموعة من التغرات التي قد تعطل هذا
التوازن وتحد منه ،نذكر منها على الخصوص:
عدم التنصيص على المقتضيات الزجرية الكفيلة بعدم احترام المقتضيات المنصوص عليها في قانون
.49.16وقانون رقم 67.12الكراء رقم
تغليب نظام العام وتقليص من إرادة المتعاقدين.
تغليب كفة التوازن لصالح المكري على حساب المكتري في إمكانية تخفيض الوجيبة الكرائية
عدم وضوح المشرع المغربي اثبات إنهاء عقد الكراء هل وردت على سبيل الحصر أم على سبيل المثال
67.12.من قانون 48.والمادة 45نظرا للتعارض بين أحكام المادة
المقترحات:
✓ يجب على المشرع منح المحكمة سلطة تقديرية إلمكانية تخفيض الوجيبة الكرائية إذا كانت تتجاوز
مبلغ معين ،وبذلك تكون منحت ضمانة للمكتري وحمايته من تعسف المكري في رفع قدر السومة
الكرائية ،وذلك مساوة مع إمكانية الرفع من هذه الوجيبة الذي منحها المشرع لصالح المكري.
✓ منح المكري أسباب إضافية تمكن المكتري من تخفيض السومة الكرائية وعدم اقتصارها على
األسباب الواردة في الفصلين 660و 661من ق.ل.ع.
21
الئحة المراجع:
المصادر:
النصوص القانونية:
قانون التزامات والعقود ،بمثابة الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12(1331اغسطس) 1913
القانون رقم 12.67المتعلق بتنظيم العالقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحالت المعدة السكنى
أو االستعمال المهني ،بمثابة ظهير الشريف رقم1. 13.111 .صادر في 19نوفمبر 2013
القانون رقم 16-49المتعلق بكراء العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو
الحرفي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 99-16-1الصادر في 13من شوال 18) 1437يوليو
،2016الجريدة الرسمية عدد 6011بتاريخ 11غشت (2016
القانون رقم 15.01المتعلق بكفالة األطفال المهملين ،بمثابة الظهير الشريف رقم 1.02.172صادر في
فاتح ربيع الثاني 13( 1423يونيو )2002
القانون رقم 12.90المتعلق بالتعمير بمثابة الظهير الشريف رقم 1.92.31صادر في 15من ذي الحجة
71( 1412يونيو )1992والصادر الجريدة الرسمية عدد 4159بتاريخ 1992/07/15
قرارات قضائية:
القرار رقم ،6/402الصادر بتاريخ 12يوليوز ،2016الملف المدني عدد ،2014/6/1/2031منشور
بالمجلة المغربية في الفقه والقانون ،العدد ،العدد -3ربيع ،2016
قرارمحكمة نقض عدد 558الصادر بتاريخ 8فبراير 2011فالملف المدني عدد،2009/4/1/4033
اإللكتروني الموقع على نقض، لمحكمة الرقمية بالمنصة
https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions
المراجع:
الكتب:
محسن دروسي :الكراء التجاري بين ظهير 24ماي 1955والقانون 49. 16رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون الخاص ،الوسائل البديلة لحل المنازعات ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة
سيدي محمد بن عبد هللا-فاس ،السنة الجامعية .2021/2020
محمد زروال :التوازن العقدي بين المكري والمكتري في القانون رقم 67.12المتعلق بالكراء السكني
والمهني ،مطبعة األمنية -الرباط ،سنة 2021
احمد الساخي "اثبات العالقة الكرائية في ضوء مستجدات القانون رقم 67.12المتعلق بالكراء السكني او
المهني"أعمال الندوة الوطنية التي نظمت بالمحكمة االبتدائية بتيزنيت بتاريخ 12ابريل 2014تحت
عنوان قراءة في مستجدات القانون رقم 67.12المتعلق بالكراء السكني والمهني
3محمد الحمياني ،قانون الكراء 67.12رصد المستجدات واستحضار االهداف ،مقال منشور بالمجلة
االلكترونية مجلة الفقه والقانون عدد 28فبراير 2015
عبد المجيد بوكير ،التوثيق العصري المغربي ،مطلعة السالم ،الرباط ،ط الثانية سنة 2010
22
عبد الرحمان الشرقاوي ،قانون العقود الخاصة –الكتاب الثاني -العقود الواردة على منفعة الشيء/عقد
الكراء ،مطبعة يادب ،ط الثالثة 2016
عبد القادر العرعاري ،الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة ،الكتاب الثاني ،عقد الكراء المدني ،الطبعة
2013 ،3
مصطفى بونجة " الكراء التجاري بين ظهير 1955والقانون رقم ،« 49.16مطبعة ليتوغراف ،طنجة،
ط األولى2016 ،
محمد الكشبور " :الحق في الكراء عنصر في األصل التجاري دراسة في إطار ظهير 24ماي 1955
والمدونة التجارية الجديدة « ،مطبعة النجاح الدار البيضاء ،ص األولى 1998
عبد العزيز حداد "،نطاق تطبيق قانون الكراء التجاري الجديد رقم ،« 49.16رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا بفاس،
السنة الجامعية 2018/2017
المقاالت والندوات:
حسابي عبود " قراءة في القانون رقم 07.03المتعلق بمراجعة أثمان الكراء " مجلة القضاء والقانون ن
العدد 158
www.droitetentreprise.comتاريخ هاجر شوقي« ،مقال منشور بالموقع االلكتروني
االطالع 2023/11/24على الساعة 15.40
23
الفهرس
مقدمة 2 ...............................................................................................
المبحث األول :بعض مظاهر تحقيق التوازن العقدي في الكراء السكني والمهني 4 .........
المطلب األول :بعض مظاهر التوازن أثناء إبرام عقد الكراء 4 .............................
الفقرة االولى :إثبات عقد الكراء في القانون رقم 4 ............................... 67.12
الفقرة الثانية :حالة المحل 6 ..................................................................
المطلب الثاني :بعض مظاهر التوازن العقدي في انتهاء وفسخ عقد الكراء 7 ............
الفقرة األولى :على مستوى انهاء العالقة التعاقدية 8 ...................................
الفقرة الثانية :على مستوى فسخ العالقة التعاقدية 9 .......................................
المبحث الثاني :بعض مظاهر إقرار التوازن العقدي في الكراء التجاري 12 ..................
المطلب األول :بعض مظاهر التوازن العقدي عند سريان عقد الكراء التجاري12 .......
الفقرة األولى :الحماية القانونية للمكتري عند سريان عقد الكراء التجاري 12 .........
الفقرة الثانية :الحماية القانونية للمكري عند سريان عقد الكراء التجاري 14 ...........
المطلب الثاني :بعض مظاهر التوازن العقدي عند انتهاء عقد الكراء التجاري 16 ......
الفقرة األولى :الحماية القانونية للمكتري عند انتهاء عقد الكراء التجاري16 ...........
الفقرة الثانية :الحماية القانونية للمكري عند انتهاء عقد الكراء التجاري 19 ............
الئحة المراجع22 .................................................................................. :
24