Professional Documents
Culture Documents
الإلتزمات اثباتها وأثارها Kacem Madiمكتبة القانون
الإلتزمات اثباتها وأثارها Kacem Madiمكتبة القانون
عادل أبوعلي
محمد بوعميرة
ملياء بنساس ي
جهينة بوعبيد
هند عزيز
محمد شباط
أيوب ساروت
أمينة املقدم
خديجة القرفة
رشيد بنعدي
مقدمة
يعتبر القانون املدني الشريعة العامة لكل القوانين فهو بمثابه القاعدة ,فهي االصل الذي يجب الرجوع
اليه في كل مسألة لم ينظمها نص من نصوص القانون 1فالقانون املدني يتضمن مجموعة من القواعد
القانونية التي تنظم العالقة بين االشخاص وكذا الروابط القانونية واملالية ،والروابط القانونية
تتجسد في أساسا في صورة االلتزام املدني الذي ينشا بين طرفين ،الدائن واملدين ،2وقد عرف بعض
الفقه املدني االلتزام بكونه تلك "الرابطة القانونية بين شخصين احدهما دائن واالخر مدين ،يحق
بمقتضاه للدائن ان يطالب املدين بإعطاء ش يء معين أو بالقيام بعمل أو لالمتناع عن عمل" ،فالحق
الشخص ي أو االلتزام يتطلب توافر عناصر ثالثة هم صاحب الحق ,أي الدائن ,ومن يقع عليه الحق ،أي
املدين ,ومحل الحق ،أي الش يء أو العمل الذي يلتزم املدين القيام به أو االمتناع عنه. 3
لقد تأثرت نظريه االلتزام منذ عهد الحضارات القديمة بدءا بحضارة العراق القديمة مرورا بالحاضرة
الفرعونية والحضارة اليونانية إلى غاية بلورتها بشكل كبير في الحضارة الرومانية خاصة املفهوم الذي
جاء به فقهاء الرومان وعلى رأسهم موسوعات "جو سنتيان" التي تعمقت في القوانين بشكل كبير ،ثم
جاء الفكر اإلسالمي ليطور من هذه النظرية على أسس ومبادئ موضوعية منطقية ساهمت بشكل
كبير في تطوير نظرية االلتزام كما نجد أن التشريع اإلسالمي في مواضيع القانون املدني قد سبق
التشريع الروماني والقوانين األوروبية الحديثة في تقرير بعض املبادئ التنظيمية أهمها مبدأ النيابة
ومبدأ الرضائية والقوة اإللزامية للعقود والعقود املشروعة والتعسف في استعمال الحق.4
وتتجلى األهمية التي يحظى بها املوضوع من خالل شقه النظري في تسليط املشرع املغربي اهتمامه
لهذه النوعية من املعامالت املدنية بحيث أفرد لها ترسانة قانونية محكمة وأهمية عملية تتجلى في
الدور الذي تلعبه االلتزامات بصفة عامة واثباتها و أثرها بصفة خاصه في توفير الحماية للدائن
واملدين.
1أمينة شبيب "قانون االلتزامات والعقود بين االصالح الشامل واإلصالح الجزئي ".مقال منشور بموقع www.marocdrooit.comتاريخ
الدخول 2022/03/26 :ساعة الدخول 18:32 :
2عبد الرحمن الشرقاوي ،القانون املدني "أحكام االلتزام" ,الجزء الثالث ،مطبعة املعارف الجديدة الرباط ،الطبعة الثانية ،2018 :ص
.22
3عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون املدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي،
مطبعة املعارف الجديدة ،الرباط ،2018 ،الطبعة الخامسة ،الجزء غير موجود ،الصفحة11 :
4مها دحام ،نشوء نظرية االلتزام وتعريفها 19 .غشت ,2020مقال منشور باملوقع االلكتروني ، www.sotor.comتاريخ االطالع
.2022/03/26
1
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
إلى أي حد تمكن املشرع ملغربي من تحقيق التوازن بين كل من طرفي االلتزام وكذا األغيار من حيث
االثار املترتبة عن هذه االلتزامات من جهة؟ وتنظيمه لوسائل إثباتها من جهة أخرى ؟
ملعالجة االشكالية أعاله ارتأينا االعتماد على العديد من املناهج من بينها املنهج الوصفي واملنهج
االستنباطي وذلك كله من خالل التصميم اآلتي:
2
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
- 5مالك ايد سعيد ،اثار عدم تنفيذ االلتزام -مطل املدين نموذجا ،بحث نهاية التكوين ،املعهد العالي للقضاء ،السنة الجامعية-2015 :
،2017ص.2 :
3
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
طبقا ملقتضيات "الفصل 230من ق ل ع" ،6و لهذا فان فسخ العقد ال يتم اال برضا كافة اطرافه
7
ماعدا بعض االستثناءات املقررة قانونا كما هو الحال بالنسبة لعقد الوكالة.
اما املبدأ االخر الذي يقوم عليه تنفيذ العقد فيتمثل في تنفيذ االلتزامات بحسن نية ،و هذه القاعدة
اكدت عليها الفصل 231من ق ل ع ،8حيث ان حسن النية يقيد املدين في كيفية تنفيذ التزامه ،كما
يقيد الدائن في طريقة املطالبة بحقه ،فالناقل امللتزم بنقل بضاعة معينة ينبغي ان ينقلها وفق احسن
الظروف 9.و هكذا تتطلب النية الحسنة نزاهة املتعاقد في تنفيذ التزامه و اخالصه ،و يقصد
بالنزاهة واالخالص في مجال تنفيذ االلتزام ان يبتعد املتعاقد عن كل غش او تدليس يحول دون تنفيذ
10
االلتزام و يجعله مرهقا و مستحيال.
ووعيا من املشرع املغربي باألهمية القانونية للتنفيذ" ،فانه اعتبر تنفيذ االلتزام بمثابة اقرار"" .11كما
انه يعد تنفيذ االلتزام دليال على قبوله من الناحية القانونية" ،12بمعنى "ان السعي الى تنفيذ العقد
بمثابة تعبير ضمني عن قبول من وجه اليه االيجاب." 13
ومن ثم فان تنفيذ االلتزام يشكل اهم اثر له ،و قد تناول املشرع املغربي اثار االلتزام في القسم الرابع
من الكتاب االول من ق ل ع ،حيث خصه بالفصول من 228الى 305من ق ل ع ،كما انه اوضح
14
مظاهر تنفيذ االلتزام و عدم تنفيذه ،و رتب اثار على ذلك ثم بين الضمانات التي تكفل تنفيذ االلتزام.
- 6ينص الفصل من الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12( 1331غشت )1913بمثابة قانون االلتزامات و العقود على مايلي ":
االلتزامات التعاقدية املنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها ،و ال يجوز الغاؤها اال برضائهما معا او في الحاالت
املنصوص عليها في القانون".
- 7عبد العالي الدقوقي ،الوجيز في القانون املدني ،مطبعة سجلماسة ،مكناس ،2017 ،الطبعة األولى ،الجزء غير موجود ،الصفحة:
.249
-8ينص الفصل 231من ق.ل.ع على مايلي ":كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية .و هو ال يلزم بما وقع التصريح به فحسب ،بل ايضا بكل
ملحقات االلتزام التي يقررها القانون او العرف او االنصاف وفقا ملا تقتضيه طبيعته".
-9عبد العالي الدقوقي ،مرجع سابق ،ص.249 :
-10نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املسطرية و املوضوعية ،اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة القاض ي عياض
كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،مراكش ،السنة الجامعية ،2017-2016ص.17 :
-11ينص الفصل 37من ق.ل.ع في الفقرة االولى على ما يلي ":يعتبر االقرار بمثابة الوكالة و يصح ان يجيء ضمنيا و ان ينتج من قيام
الغير بتنفيذ العقد الذي ابرم باسمه".
-12ينص الفصل 28من ق.ل.ع على ما يلي ":يعتبر الرد مطابقا لإليجاب اذا اكتفى املجيب بقوله " قبلت" او نفذ العقد بدون تحفظ".
-13مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات و العقود املغربي ،مطابع دار القلم ،لبنان ،ج 1389 ،1ه – 1970م،
ص50،:
-14نادية ايوب ،تنفيذ االلتزامات بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص.646 :
4
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وفي هذا االطار سنتطرق الى تنفيذ االلتزام من خالل الحديث عن التنفيذ العيني و الجهة املسؤولة عن
تنفيذ االلتزام (اوال) ثم نخصص (ثانيا) للحديث عن الضوابط القانونية لتنفيذ االلتزام و بعض
الضمانات التي تكفل تنفيذه.
و اذا كان االلتزام حقا من جهة الدائن ،فهو بمثابة التزام من جهة املدين و بالتالي فهما وجهان لعملة
واحدة و هي التنفيذ العيني لاللتزام من خالل الحقوق و الواجبات املترتبة على عاتق كل طرف مما
يقتض ي تعاون بين الطرفين من اجل انتاج اثره ،و يظل هذا االثر مرتبطا بطرفي العقد و ال يمكن ان
16
يمتد اثره ،سواء بالنفع او الضرر الى الغير اال في االحوال املذكورة على سبيل الحصر في القانون.
في هذا االطار حيث ينص الفصل 236من قانون االلتزامات و العقود على ما يلي:
"يجوز للمدين ان ينفذ االلتزام اما بنفسه و اما بواسطة شخص اخر و يجب عليه ان ينفذه بنفسه:
ا -اذا اشترط صراحة ان يقوم شخصيا بأداء االلتزام و في هذه الحالة ال يسوغ له ان يجعل شخصا
اخر مكانه ،ولو كان هذا الشخص افضل منه في ادائه.
ب -اذا نتج هذا االستثناء ضمنيا من طبيعة االلتزام او من الظروف ،و مثال ذلك ان يتمتع املدين
بمهارة شخصية ،تكون احد البواعث الدافعة إلبرام العقد".
وبالتالي يتبين من هذا الفصل ان املشرع املغربي منح الخيار للمدين بين التنفيذ الشخص ي لاللتزام او
بواسطة شخص اخر ،اال ان هذا الخيار يسقط في حالة وجود شرط صريح يقض ي بالوفاء الشخص ي
من قبل املدين ،او كانت طبيعة االلتزام او ظروف تستلزم تنفيذه شخصيا من طرف املدين ملا يتمتع
به هذا االخير من كفاءة و مهارة.
-15امينة النمر ،اصول التنفيذ الجبري ،الدار الجامعية ،االسكندرية ،ط 1985م ،ص ،6 :اوردته نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين
القواعد املسطرية و املوضوعية ،مرجع سابق ،ص. 47 :
-16نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص.54 :
5
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
و من جهة اخرى فقد اعطى املشرع امكانية الوفاء بالدين من طرف من ينوب او يمثل املدين كالوكيل
او ممثله الشرعي من ولي او وص ي او مقدم ،بحيث ينص القصل 237من ق.ل.ع على مايلي ":اذا لم
يكن واجبا تنفيذ االلتزام من املدين شخصيا ،ساغ ان ينفذ من الغير و لو برغم ارادة الدائن .و يبرئ
هذا التنفيذ ذمة املدين ،بشرط ان يكون ذلك الغير قد عمل لحسابه و ابراء ذمته.
وال يجوز ان ينفذ االلتزام من الغير برغم ارادة املدين و الدائن معا".
و املالحظ من خالل هذا املقتض ى التشريعي ،انه يمكن تنفيذ االلتزام من طرف الغير رغم اعتراض
الدائن على ذلك ،اال انه اذا توافقت ارادة املدين و الدائن على خالف ذلك فانه ال يجوز ان ينفذ من
17
طرف الغير ،على اعتبار ان العقد شريعة املتعاقدين.
اضافة الى ان تنفيذ االلتزام يجب ان يكون لصالح الشخص الذي يستحق ذلك قانونا ،وينص الفصل
238من ق ل ع على مايلي :يجب ان يقع الوفاء للدائن نفسه او ملمثله املاذون له على وجه صحيح او
للشخص الذي يعنيه الدائن لقبض الدين ،و الوفاء ملن ليست له صالحية استيفاء الدين ال يبرئ ذمة
املدين اال:
لكن السؤال املطروح بهذا الخصوص و هو اذا كان الدائن ناقص االهلية ملن يجب ان يتم الوفاء؟
فيشترط لصحة الوفاء ان يكون الدائن اهال الستيفاء الدين ،او كما اصطلح عليه املشرع املغربي في
18
اطار الفصل 241من قانون االلتزامات و العقود بأهلية قبض الدين.
و لكن اذا كان الدائن قاصرا يجب ان يتم الوفاء لنائبه القانوني كالولي او الوص ي ،وفي حالة الوفاء
للقاصر فانه يترتب على ذلك انقضاء الدين و ال يسوغ له استرداد ذلك مادام ال يضر باملصلحة املالية
للدائن ،كما يعتبر تصرفا قانونيا صحيحا في حالة استفادة القاصر من ذلك الوفاء وفقا ملقتضيات
- 17نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص55 :
-18ينص الفصل 241من ق.ل.ع على مايلي " :اذا حصل الوفاء من مدين ليست له اهلية التصرف او لدائن ليست له اهلية قبض
الدين ،اتبعت القواعد االتية:
-1الوفاء او التنفيذ الذي يقوم على ش يء مستحق و ال يضر بناقص االهلية الذي تجراه ينقض ي به الدين و ال يسوغ االسترداد ضد
الدائن الذي قبضه.
-2الوفاء الحاصل لناقص االهلية يكون صحيحا اذا اثبت املدين انه استفاد منه على معنى الفصل (.)9
6
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
الفصل 9من قانون االلتزامات و العقود ،19و يمكن اعتبار القواعد املنصوص عليها في اطار الفصل
20
241من ق ل ع نصوص امرة تتعلق بالنظام العام ألنها تهدف الى حماية فاقدي االهلية و ناقصيها.
هذا كان فيما يخص التنفيذ العيني و الجهة املسؤولة عن التنفيذ العيني لهذا االلتزام باقتضاب،
فماذا عن اهم الضوابط القانونية الواجب احترامها لتنفيذ االلتزام ؟ وماهي اهم الضمانات التي تكفل
تنفيذه حسب قانون االلتزامات و العقود؟
ثانيا :الضوابط القانونية لتنفيذ االلتزام و بعض الضمانات التي تكفل تنفيذه
تتمثل الضوابط الخاصة بتنفيذ االلتزام اوال في محل الوفاء بااللتزام و يقصد به ذلك االداء
الذي ينهض به املدين لفائدة الدائن ،و هو اعطاء ش يء او القيام بعمل او خدمة او االمتناع عنها 21.و
نجد الفصل 242من قانون االلتزامات و العقود ينص على ما يلي :ال تبرا ذمة املدين اال بتسليم ما ورد
في االلتزام قدرا و صنفا.
و ال يحق له ان يجبر الدائن على قبول ش يء اخر غير املستحق له كما انه ليس له ان يؤدي االلتزام
بطريقة تختلف عن الطريقة التي حددها ،اما السند املنش ئ لاللتزام او العرف عند سكوت هذا
السند".
و بالتالي يتضح من هذا الفصل ،ان ذمة املدين ال تبرا اال بأداء محل االلتزام حسب ما تم االتفاق
عليه ،و في حالة السكوت حسب العرف.
حيث تشترط القواعد العامة لاللتزام ان يكون محل االلتزام معينا على االقل بالنسبة لنوعه ،و انه
يمكن ان يكون مقدرا على ش يء غير محدد شريطة ،ان يكون قابال للتعيين ،فمثال في عقد البيع ال
يعتبر البيع صحيحا اذا كان ش يء غير محدد ،اال بنوعه ماعدا اذا ورد على اشياء مثلية محددة من
22
حيث العدد ،و الكمية و الوزن او املقياس و الصنف.
-19ينص الفصل 9من ق.ل.ع على مايلي " :القاصر و ناقص االهلية يلتزمان دائما ،بسبب تنفيذ الطرف االخر التزامه ،وذلك في حدود
النفع الذي يستخلصانه من هذا التنفيذ .و يكون هناك نفع اذا انفق ناقص االهلية الش يء الذي تسلمه في املصروفات الضرورية او
النافعة ،او اذا كان هذا الش يء الزال موجودا في ماله".
-20نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص.60 :
-21نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص66 :
-22ينص الفصل 486من ق.ل .ع على مايلي " :يسوغ ان يرد البيع على ش يء غير محدد االبنوعه ،و لكن البيع ال يصح في هذه الحالة اال
اذا ورد على اشياء مثلية محددة تحديدا كافيا بالنسبة الى العدد و الكمية و الوزن و املقياس و الصنف ،على نحو يجيء معه رض ى
املتعاقدين على بينة و تبصر".
7
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
و قد اشار املشرع املغربي الى انه في حالة عدم تحديد نوع الش يء ،فان املدين يحتل موقع الوسط،
23
بحيث ال يكون ملزما بان يعطي الش يء من احسن نوع في مقابل انه ال يمكن ان يعطيه من اردءه.
ايضا يدخل في نطاق الضوابط الخاصة بتنفيذ االلتزام زمان و مكان تنفيذ هذا االلتزام اللذان يعتبران
عنصران اساسيان إلنشاء االلتزام و ترتيبه لألثار القانونية ،فاألصل هو تحديد اجل لتنفيذ االلتزام،
اال انه في حالة عدم تحديد االجل ينص الفصل 127من قانون االلتزامات و العقود على ما يلي ":اذا
لم يحدد للوفاء بااللتزام اجل معين ،وجب تنفيذه حاال ما لم ينتج االجل من طبيعة االلتزام ،او من
طريقة تنفيذه او من املكان املعين لهذا التنفيذ.
و يتضح ان املشرع املغربي من خالل هذا الفصل ،اعتبر عدم تحديد االجل يجعل من االلتزام واجب
التنفيذ حاال ،مالم يستنتج االجل من خالل ثالث ضوابط تشريعية تتمثل في طبيعة االلتزام او طريقة
24
تنفيذ االلتزام او من املكان املحدد لتنفيذ االلتزام.
اما فيما يخص مكان الوفاء بااللتزام فيقتض ي اوال الرجوع الى االتفاق ،فان لم يوجد في االتفاق ما
25
يحدد مكان الوفاء ،وجب الرجوع الى االحكام القانونية املكملة في هذا الشأن.
حيث ينص الفصل 248من قانون االلتزامات و العقود على انه " :يجب تنفيذ االلتزام في املكان الذي
تقتضيه طبيعة الش يء او يحدده االتفاق ،فاذا لم بحدد االتفاق مكانا للتنفيذ ،وجب ان يقع في مكان
ابرام العقد ،اذا قام على اشياء يكون نقلها كثير الكلفة او صعبا .واذا كان من املمكن نقل محل
االلتزام دون صعوبة ،ساغ للمدين ان يقوم بالوفاء اينما وجد الدائن مالم يكن للدائن مبرر معقول،
في عدم قبول الوفاء املعروض عليه".
من منطلق اخر نجد ان القانون خول للدائن حق التنفيذ على اموال املدين ،اال انه اتاح له جملة من
الوسائل التي من شانها ان تحمي حقه في التنفيذ مقابل تصرفات املدين املؤثرة سلبا على حق الدائن،
26
و كذا سلوك املدين املبني على االهمال او الغش.
-23ينص الفصل 244من ق ل ع على مايلي ":اذ لم يعين اال بنوعه لم يكن املدين ملزما ان يعطي ذلك الش يء من احسن نوع ،كما ال
يمكنه ان يعطيه من اردئه".
-24نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص82 :
-25عبد املنعم البدراوي ،النظرية العامة لاللتزام ،دراسة مقارنة في قانون املوجبات و العقود اللبناني و القانون املدني املصري ،ج ،2دار
النهضة العربية للطباعة و النشر ،بيروت -لبنان ،ط 1968م .اوردته نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية،
مرجع سابق ،ص.372 :
8
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
و لهذا فان قانون االلتزامات و العقود قد تناول في الباب الرابع من القسم الرابع بعض الوسائل
لضمان تنفيذ االلتزامات و هي :العربون ،27و حق حبس املال.
و في هذا االطار فإننا سنكتفي بالتطرق لحق الحبس كمثال لضمان تنفيذ االلتزام ،و كوسيلة يعتد بها
من الناحية القانونية .و قد عرف املشرع املغربي حق الحبس من خالل مقتضيات الفصل 291من
قانون االلتزامات و العقود حيث نص على ما يلي " :حق الحبس هو حق حيازة الش يء اململوك
للمدين ،و عدم التخلي عنه اال بعد وفاء ما هو مستحق للدائن .و ال يمكن ان يباشر اال في االحوال
الخاصة التي يقررها القانون".
و من ثم فان الحق في الحبس هو وسيلة من وسائل الضمان و هو يقوم على فكرة مؤداها انه اذا كان
الشخص دائن و مدينا لغيره في نفس الوقت فمن حق الحائز ان يستوفي حقه من دينه او ان يمتنع
28
عن الوفاء بدينه ،الى ان يستوفي حقه ،و يتحقق هذا الحكم في كثير من الفروض.
-26نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق،ص.185 :
-يعتبر العربون من بين الوسائل لضمان تنفيذ االلتزامات و تناوله املشرع املغربي ضمن مقتضيات الفصول 290-289-288من
ق.ل.ع27 .
-28سمير عبد السيد تتاغو ،نظرية االلتزام ،الناشر منشاة املعارف االسكندرية ،باقي البيانات غير مذكورة ،اوردته نادية ايوب ،تنفيذ
االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية ،مرجع سابق ،ص. 198 :
- 29شكيب صبار ،التماطل اإلرادي في التشريع املغربي ،مقال منشور بمجلة املنارة ،عدد ،4السنة الثانية يونيو ،2013ص 28
أوردته نادية أيوب ،م .س ،ص .112
- 30واألمر يتعلق هنا باستحالة التنفيذ الناتج عن سبب اجنبي ال يد للمدين فيه ,وقد تناول املشرع استحالة التنفيذ في الفصول من
335الى 339من ق.ا.ع ,وهذه االستحالة تعتبر من اسباب انقضاء االلتزام .
9
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وال بد اوال من التطرق للمقصود بعدم التنفيذ ,فهو يعني كل فرق بين األداء الواجب على املدين
بمقتض ى االلتزام املفروض عليه وما بين األداء الحاصل منه فعال ،فعدم التنفيذ هو اذن كل انتقاص
او تفاوت او عدم مطابقة باي شكل من اشكال او تخلف او تعيب او تأخر في األداء الذي قام به املدين
بمقارنته مع األداء الواجب عليه بموجب االلتزام .وفي إطارحديثه عن عدم التنفيذ ،ميز املشرع
املغربي بين عدم التنفيذ من حيث الكم ومن حيث الكيف ،على اعتبار ان اشكال عدم التنفيذ ليست
مطلقة بل متداخلة ،ويندرج في التصنيف املستند الى كم عدم التنفيذ كل من عدم التنفيذ الكلي
وعدم التنفيذ الجزئي ،بينما يستقطب التصنيف املؤسس على كيف عدم التنفيذ جميع اشكال
التنفيذ املعيب او التنفيذ الس يء ،بجودة اقل او غير متوفرة على الصفات املطلوبة ،في حين اعتبر
التأخر في التنفيذ بمثابة تنفيذ غير مطابق او معيب من جهة ،كما يمكن ادراجه ضمن اشكال عدم
31
التنفيذ الجزئي .
وسنقتصر في دراستنا لعدم التنفيذ على الشق املرتبط بالتقاعس عن التنفيذ اإلرادي ،املعبر عنه من
قبل املشرع املغربي بالتماطل عن تنفيذ االلتزام .
للتفصيل اكثر راجع ,عبد الرحمان الشرقاوي "القانون املدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم الجديدة
للقانون االقتصادي " ,الجزء الثالث ,مطبعة املعارف الجديدة ,الطبعة الثانية ,2018ص 318الى .322
واستحالة التنفيذ ممكن ان تنتج عن القوة القاهرة والحادث الفجائي مثال (الفصل268من ق ا ع ) ،باعتبارهما من حاالت عدم
املسؤولية العقدية فالفصل 269من ق إع عرف لنا القوة القاهرة وحددها ووضع شروطها ،اما الحادث الفجائي فسكت عنه املشرع .
-31نادية أيوب ،م .س ،ص.114
- 32نادية أيوب ،م.س ،ص .111
- 33الفصل 255من ق إ ع .
10
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
فيالحظ ان اجل تنفيذ االلتزام يشكل معيارا إلثبات واقعة التماطل من خالل حلول األجل او فواته
دون تنفيذ االلتزام ،34وكذلك إنذار املدين في حالة عدم تحديد اجل لاللتزام .
فاملشرع سيج اإلنذار بمقتضيات هامة لضمان عدم تعسف الدائن في ممارسته للضمانات املمنوحة له
لتنفيذ االلتزام وذلك في الفصول من 255الى 258من ق.ا.ع .35
فمن بين اهم اآلليات املمنوحة للدائن عند تماطل مدينه عن التنفيذ هو إجباره على تنفيذ ما التزم
به عينا بكل الوسائل القانونية الكفيلة بذلك ،اذا كان التنفيذ ممكنا ،واذا لم يكن ممكنا جاز له ان
يطلب فسخ العقد مع التعويض في كلتا الحالتين. 36
غير انه إذا اصبح التنفيذ غير ممكن اال في جزء منه ،جاز للدائن ان يطلب اما تنفيذ العقد بالنسبة
للجزء الذي مازال ممكنا ،واما فسخه وذلك مع التعويض في الحالتين. 37
هكذا فيترتب عن عدم وفاء املدين بالتزامه أحقية الدائن بمطالبته بالتنفيذ اذا كان ممكنا ,وهنا االمر
يتعلق بالتنفيذ الحبري لاللتزام ويعني التنفيذ الذي يتم تحت اشراف القضاء و مراقبته بناء على طلب
الدائن ،الذي يوجد بيده سند مستوف لشروط خاصة ،و ذلك بهدف استيفاء حقه الثابت في ذمة
املدين قهرا 38.كما يمكنه املطالبة أيضا بالفسخ والتعويض عن الضرر الذي لحقه في الحالتين.
وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها " :ملا كان عقد البيع يوجب أداء بقية الثمن في اجل معين
فان املشتري يصبح في حالة مطل بمجرد حلول ذلك األجل من غير ضرورة إنذاره بذلك ،وعند ذلك
يكون للبائع الخيار بين ان يطلب إجباره على التنفيذ العيني متى كان ممكنا او يطلب الفسخ ،اما اذا
اصبح التنفيذ غير ممكن فال يبقى له اال طلب الفسخ .39
11
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وهذا األخير أي الفسخ ال يتقرر بقوة القانون ،وانما يجب ان تحكم به املحكمة ,40اللهم اذا انصرفت
إرادة املتعاقدين عند إبرام العقد الى ان العقد يفسخ عند عدم وفاء احدهما بالتزاماته ،في هذه
الحالة يقع الفسخ بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء. 41
وهذا ما يطلق عليه بالفسخ االتفاقي ،ويمكن تعريفه بانه ":ذلك البنذ الصريح الذي يدرجه املتعاقد
في العقود امللزمة لجانبين ،ويفيد انه عند عدم تنفيذ احد االلتزامات الناشئة عن العقد الرابط
بينهم ،يحق للطرف املتضرر من عدم التنفيذ هذا ،فسخ العقد من تلقاء نفسه ودون حاجة اللجوء
الى القضاء بل يقوم بذلك انطالقا من سلطان اإلرادة فقط ". 42
ونورد في هذا الصدد قرار ملحكمة النقض بتاريخ 2013/02/26فجاء فيه مايلي :
" عمال بمقتضيات الفصل 260من قانون االلتزامات والعقود ،فانه اذا اتفق املتعاقدان على ان
العقد يفسخ عند عدم وفاء احدهما بالتزاماته ،وقع الفسخ بقوة القانون عند عدم وفاء احدهما
بااللتزام ".43
والى جانب الفسخ االتفاقي يوجد الفسخ القضائي ،أي ذالك الفسخ الذي اليصرح به األفراد علنا
ومشاهرة ولكن يحتفظون به في عقودهم بشكل مضمر وضمني ،وهذا ليس نسيانا منهم لهذا الشرط
او تقصيرا منهم في ادراجه ولكن حبا منهم في ترك امر تقديره واالعتراف به لسلطة القضاء. 44
ويتجلى الفرق بين الفسخ بحكم القضاء ،والفسخ بحكم االتفاق ففي هذا األخير وكذلك االنفساخ
بحكم القانون ،45يكون الحكم كاشفا عن الفسخ ال منشئا له ،اما بحكم القضاء فالحكم فيه منش ئ
للفسخ .46
وقد جاء في قرار ملحكمة النقض مايلي " :ان األحكام سواء منها املقررة للحقوق او املنشئة تسري اثارها
من يوم صدورها وإال اذا نص القانون استثناء على سريان هذه اآلثار من تاريخ إقامة الدعوى ولهذا
فان الحكم بفسخ عقد الكراء الذي يعد منشئا للحق قد رتب للمكري فور صدوره حقا في التعويض
عن احتالل املحل ،وال يمكن القول بتعليق ترتيب اثاره على التنفيذ طاملا أنه ال يتضمن ما يمكن
12
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
تنفيذه كما ال يمكن القول بان العالقة بعد صدور الحكم بالفسخ تبقى خاضعة لعقد الكراء الذي لم
يعد موجودا .لتكون املحكمة على صواب ملا قضت بالتعويض عن احتالل املحل ابتداء من تاريخ حكم
فسخ عقد الكراء". 47
الى جانب الفسخ نجد ان املتضرر من عدم التنفيذ يستحق التعويض عنه اوعن التأخر في التنفيذ،
وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نيه من جانب املدين.48
واستحقاق التعويض هو ناتج عن إخالل بااللتزام التعاقدي ،أي ضرورة حدوث ضرر للدائن مرده
لخطأ املدين. 49
ويتخذ الخطأ العقدي اكثر من مظهر قانوني يختلف باختالف نوعية اإلخالل الذي ارتكبه املدين ،مما
يحدد تماطله سواء بعدم تنفيذ االلتزام او التأخر في التنفيذ ،وقد جاء في قرار صادر عن محكمة
االستئناف بالدار البيضاء ما يلي ":ان التعويض الذي يحصل عليه الدائن وفق الفصل 263من ق.إ.ع
يقوم على أساس قرينة الخطأ من طرف املدين" .50
بقي ان نشير الى انه ال محل ألي تعويض ،اذا اثبت املدين ان عدم الوفاء بااللتزام او التأخير فيه ناش ئ
عن سبب ال يمكن ان يعزى اليه ،كالقوة القاهرة ،او الحادث الفجائي او مطل الدائن .51
غير ان املدين املوجود في حالة مطل يكون مسؤوال عن الحادث الفجائي والقوة القاهرة ،52فتماطله
يحمله تبعة ذلك .
هذا فيما يخص تماطل املدين عن تنفيذ التزامه ،فما هو االمر بنسبة لتماطل الدائن ؟
13
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وهكذا يتضح ان املشرع قد تطلب العتبار الدائن في حالة مطل ان يكون رفضه صريحا وغير مؤسس
على سبب معقول ،وهذا ما كرسته محكمة النقض في احد قراراتها التي ورد فيها ما يلي ":بمقتض ى
الفصل 270من قانون االلتزامات والعقود فان الدائن ال يكون في حالة مطل ليعفي املدين من نتائج
عدم تنفيذ االلتزام ،اال اذا رفض دون سبب معتبر قانونا استيفا األداء املعروض عليه ،فإذا لم
ً
يعرض املدين الدين املترتب عليه ولم يودعه إيداعا حقيقيا ،فانه يبقى في حالة مطل ،وبالتالي تكون
املحكمة قد طبقت الفصل 270املذكور تطبيقا سليما ".54
ونجد ان الدائن ال يكون مماطال في الحاالت املشار اليها في الفصول 271و 272من قانون االلتزامات
والعقود وهذه الحاالت هي :
_ اذا كان املدين في الوقت الذي يعرض فيه أداء االلتزام غير قادر في الواقع على أدائه ؛
_ اذا كان رفض الدائن لقبض الش يء مرده الى عدم حلول األجل املحدد في االلتزام ،او اذا كان للمدين
الحق في ان يبرئ ذمته قبل حلول األجل املقرر في االلتزام .
والفقرة األخيرة من الفصل 272من نفس القانون نصت على أنه :
" ...اذا كان املدين قد اخطر الدائن ،في اجل معقول بنيته في تنفيذ االلتزام فان الدائن يكون في
حالة مطل ،ولو رفض مؤقتا قبض الش يء املعروض عليه" ؛ فإخطار الدائن هنا يبرئ ذمة املدين .
وال بد ان نشير الى كون الدائن املماطل يتحمل من الوهلة األولى التي يصبح فيها في حالة مطل ،تبعة
هالك الش يء او تعيبه ،وال يكون املدين مسؤوال اال عن تدليسه وخطئه الجسيم. 55
بعدما عرضنا مظاهر تماطل الدائن عن تنفيذ التزامه بقي ان نشير الى اآلثار التي تترتب عن هذا املطل،
فحماية من املشرع للمدين نظم كل من مسطرة العرض الحقيقي ومسطرة اإليداع كوسيلتين إلبراء
ذمة املدين. 56
- 54قرار عدد ،571صادر عن.محكمة النقض بتاريخ 1989/02/27م ،أوردته نادية أيوب ،م.س ،ص.93
- 55راجع الفصل 273من ق ا ع .
- 56راجع الفصول من 275الى 287من ف ا ع
14
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ترتيب آثار العقد على أشخاص لم تكن طرفا فيه ،كما هو األمر بالنسبة لحالة االشتراط ملصلحة
الغير أو التعهد عنه (الفقرة الثانية).
ولعل اإلشكالية املحورية التي يطرحها معظم الفقه عند تناوله لهذا املبدأ هو تحديد طبيعة
املتعاقدين ،أو بعبارة أخرى ما املقصود باملتعاقدين ،هل يقتصر األمر على املتعاقد نفسه أم يمتد
لينصرف إلى خلفائه.59
من خالل ما سبق يتضح أن أثار العقد ال تنصرف بوجه عام إال على املتعاقدين ،غير أنه ينبغي فهم
مصطلح "املتعاقدين" في معناه الواسع الذي يشمل أيضا الخلف العام مع وجود استثناءات يعتبر فيها
هذا األخير غيرا (أوال) ،كما يمتد إلى الخلف الخاص في حدود ما انتقل إليه من حق وبشروط معينة
(ثانيا).
وعرفه األستاذ مأمون الكزبري بقوله " هو من يخلف سلفه في كامل ذمة ذلك السلف ،أوفي جزء شائع
منها ،أي في حصة نسبية منها ،كالنصف أو الثلث ،فالوارث الوحيد أو الواحد من الورثة متعددين
15
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
يعتبر خلفا عاما ،واملوص ى له بمجموع التركة أو املوص ى له بجزء شائع منها كالثلث أو الربع يعتبر كذلك
خلفا عاما.60
وبالرغم من أن القاعدة العامة تقض ي بتأثر الخلف العام بالتصرفات التي يبرمها سلفه فتنفي عليه
صفة الغير ( ،)1فإن هناك مجموعة من االستثناءات التي ترد على هذه القاعدة ويعتبر فيها الخلف
العام غيرا (.)2
.1انصراف أثار العقد إلى الخلف العام (نفي صفة الغير عن الخلف العام)
َ َ
ورثه) فهو كما ينتفع بالعقود التي أبرمها مورثه في حياته
ملا كان الخلف العام هو الذي يخلف سلفه (م ِ
َ َ جراء تحمله لاللتزامات التي َ
فإنه قد يصيبه ضرر َ
تحمل بها مورثه طاملا أنه يحل محل مورثه في هذه
الحالة ،وهذا الحكم مصدره التشريع الفرنس ي (الفصل 112من القانون املدني الفرنس ي) ،الذي يعتبر
كقاعدة عامة شخصية الوارث امتداد لشخصية املورث ،ويترتب عن ذلك أنه يحل محله في حقوقه
وواجبته ،ولو زادت هاته الواجبات أو الديون على مقدار ما كسبه من حقوق في التركة ،فالقاعدة
العامة في القانون الفرنس ي ،والتشريعات التي تأثرت به ،أنه بموت املتعاقد فإن الحقوق الناتجة عن
العقد الذي أبرمه تنتقل إلى ورث ِته واملوص ى لهم بحصة شائعة في التركة هذا من جهة ومن جهة أخرى
تنتقل إليهم كذلك االلتزامات الناتجة عن ذلك العقد.
أما على مستوى التشريع املغربي فإن الفصل 229من قانون االلتزامات و العقود واضح في اعتبار أن
الخلف العام ملزم بالتزامات التي أبرمها سلفه حيث جاء في مطلع هذا الفصل "تنتج االلتزامات اثارها ال
بين املتعاقدين فحسب والكن أيضا بين ورثتهما و خلفائهما .61"....والخالفة العامة تكون بعد املوت،
وتتحقق بامليراث أو الوصية.
مما يعني أنه ال يمكننا الحديث عن الخلف العام إال في حالة وفاة السلف .62فمثال لو باع شخص دارا
بثمن مؤجل ثم مات قبل أن يحل أجال الدين فإن هذا الحق الناش ئ للبائع عن عقد البيع ينتقل بذاته
مؤجال إلى الوارث ،وكذلك في اإلجارة فلو أن شخصا أجر داره أو أكرى أرضه ثم مات فإن أثار اإليجار
60أشرف جنوي ،الخلف في العقد بين القواعد املوضوعية والقواعد اإلجرائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ،شعبة القانون
الخاص ،وحدة التكوين والبحث في القانون املدني ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية مراكش ،جامعة القاض ي عياض،2012/2011 ،
ص.22 :
-61هشام املراكش ي ،الغير في القانون املغربي دراسة في تحديد املركز القانوني للغير حماية الغير في النصوص القانونية والعمل القضائي،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،2019 ،الطبعة األولى ،الجزء غير موجود ،الصفحة. 87
-62عبد الرحمان الشرقاوي ،مرجع سابق ،الصفحة.283:
16
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
والكراء تنتقل إلى ورثته فال يستطيعون فسخ اإلجارة بل يلزمهم عقد مورههم ،والعكس صحيح فكما
يلزمون بااللتزامات التي تحملها مورههم فإنهم يستفيدون كذلك من اآلجال والحقوق التي منحت له،
فمثال لوكان حق الخيار ممنوحا للمتعاقد فتوفي ،فإن هذا الحق ينتقل للخلف العام ليمارسوه داخل
األجل املحدد ملورههم ،وهو ما نص عليه الفصل 115من قانون االلتزامات و العقود الذي جاء فيه" إذا
مات املتعاقد الذي احتفظا لنفسه بخيار الفسخ قبل فوات األجل املحدد ملباشرته ،من غير أن يعبر عن
إرادته ،كان لورثته الخيار بين اإلبقاء على العقد وبين فسخه خالل الوقت الذي كان باقيا ملورههم."...
وإن كان هذا على مستوى التشريع ،فإنه على مستوى العمل القضائي يمكن القول بأنه متواتر على نفي
صفة الغيرية عن الورثة وبالتالي إلزامهم بالتزامات مورههم حيث جاء في إحدى قرار ات القضائية (( قرار
صادر عن محكمة االستئناف بالقنيطرة بتاريخ " ))1992/06/22ورثت البائع خلف عام له يلزمهم ما
يلزمه بمقتض ى عقد البيع تطبيقا للفصل 229من قانون االلتزامات والعقود".63
غير أن اإلشكال ال يبرز بشكل أساس ي حينما يتعلق األمر بانتقال الحقوق من السلف إلى الخلف العام،
بل يطرح أساسا ملعرفة مدى تأثر هذا الخلف بديون املورث ،أي بالتزاماته الناشئة عن العقد الذي
أبرمه سلفه ،من أجل اإلجابة عن هذا التساؤل ،فإنه يتعين معرفة النظام القانوني الذي تأثر به املشرع
املغربي .بحيث نجده أكد على تأثر الخلف العام بتصرفات سلفه ،كما يتضح لنا من مقتضيات الفصل
229من قانون االلتزامات والعقود .64هذا األخير الذي كان موضوعا لعدة قراءات ولعدة انتقادات في
نفس األن ،بحيث أرس ى لبعض القواعد التي تتضارب مع قواعد اإلرث في الشريعة اإلسالمية.65
وبقراءة في هذا الفصل يتضح لنا أن املشرع املغربي لم يكن موفقا في صياغته له ،حيث حاول التوفيق
بين موقفين متعارضين ،األول يتمثل في موقف القانون الفرنس ي الذي يعتبر ذمة الوارث امتدادا
لشخص الهالك ،والثاني هو موقف الفقه اإلسالمي املحكوم بالقاعدة الشرعية التي تقض ي بأنه ال تركة
إال بعد سداد الديون.66
وعليه فإذا أبرم املورث قبل وفاته عقدا رتب له حقوقا والتزامات ،فإن هذه الحقوق تؤول إلى الوارث،
أما ديون التركة املترتبة عن عقود املورث فال تنتقل إلى الوارث بل تبقى عالقة في التركة لتحمل
17
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
مسؤوليتها إلى حين سدادها .إذ أن القاعدة في التشريع اإلسالمي أنه ال إرث إال بعد سداد الديون،
وعليه ال يمكن القول بانتقال التركة إلى الورثة قبل سداد ديونها وهو ما أكدته مدونة األسرة في املادة
.322
كما يتضح أن املشرع املغربي في هذا الفصل قد خلط بين االلتزام العقدي وااللتزام الشرعي ،فإذا كان
االلتزام األول ناتج عن العقد الذي ينش ئ التزاما في ذمة أحد املتعاقدين لفائدة األخر ،وهذا االلتزام
يمكن اإلبراء منه أو التنازل عنه ومطالبة امللتزم بالوفاء به ،فإن االلتزام الشرعي (حق اإلرث) مصدره
الشرع وال يتوقف على إرادة املورث فصفة الورثة تتحقق بحدوث املوت.
وهو ما تؤكده املادة 329من مدونة األسرة التي جاء فيها "أسباب اإلرث كالزوجية والقرابة ،أسباب
شرعية ال تكتسب بالتزام وال بوصية ،فليس لكل من الوارث أو املورث إسقاط صفة املورث أو الوارث
67
وال التنازل عنه للغير".
وبالنسبة للقضاء املغربي فقد سبق أن تصدى لهاته اإلشكالية حتى قبل صدور مدونة األسرة ،حيث
صرح بأن تحمل الورثة لديون التركة يخضع ملبادئ الشريعة اإلسالمية الخاصة باملواريث ،وأن
مسؤولية وأن مسؤولية الوارث تنحصر في نسبة ما حازه فعال منها.
حيث جاء في إحدى قرارات املجلس األعلى "إن ديون الهالك تخرج من تركته وأن وارثيه ليسوا
بمسؤولين عن َدينه ما دام لم يثبت أن الهالك خلف متروكا وأن الورثة حازوه قبل قضاء الديون
املتخلفة في ذمة الهالك" .وقد انتقد الباحثين هذا القرار بشدة حيث اعتبره أنه ليس إال تطبيق ملبادئ
القانون الفرنس ي وظهير االلتزامات والعقود املغربي واعتبره أنه ال صلة له بقواعد الشريعة اإلسالمية.
.2االستثناءات الواردة على مبدأ تأثر الخلف العام بتصرفات السلف(اعتبار الخلف العام غيرا)
إذا كان الخلف العام ال تضفى عليه صفة الغير كما تم تبيان ذلك سابقا ،فإن على العكس من ذلك
هناك بعض الحاالت التي تكون فيها صفة الغيرية حاضرة إزاء الخلف العام ،68وبالتالي ال ينصرف فيها
أثر العقد إلى الخلف العام ،ويمكن إرجاع هذه الحاالت حسب الفصل 329من قانون االلتزامات
والعقود إلى ثالث حاالت تتمثل في اتفاق األطراف (أ) ،طبيعة العقد (ب) ،نص القانون (ج) ،69فضال
عن هذا فإن القضاء املغربي وعند تطبيقه لبعض أحكام قانون االلتزامات والعقود ،جعل بعض هاته
18
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
األحكام تقتصر على الشخص نفسه دون أن تمتد إلى خلفه العام كما هو الحال للفصلين 54و 427
من قانون االلتزامات والعقد (د).70
أ ـ اتفاق املتعاقدين
تعتبر هذه الحالة بمثابة تحصيل حاصل ،ألن القاعدة هي أن العقد شريعة املتعاقدين ،وبالتالي بإمكان
أطراف العقد االتفاق الصريح على استبعاد الخلف العام من دائرة األشخاص املمكن استفادتهم من
العقد في حدود النظام العام واآلداب .من قبيل ذلك ،إدراج البائع لشرط يحرم ورثة املشتري من
االستفادة من األجل الذي منحه لهذا األخير للوفاء بالثمن ،حيث يتعين على الورثة بمقتض ى هذا
االتفاق الصريح بين البائع واملشتري ،بمجرد وفاة هذا األخير ،أداء الثمن بالرغم من عدم حلوله
بالنسبة للمشتري املتوفى ،71وعليه فبناءا على ما ذكر يعتبر ورثة املشتري غيرا اتجاه البائع .72أو كأن
تشترط شركة تأمين السيارات عدم جواز تمديد مفعول عقد التأمين للورثة في حالة موت املؤمن له.73
ب ـ طبيعة العقد
في بعض الحاالت قد تكون طبيعة العقد مرتبطة بشخص املتعاقد أي تقوم على أساس اعتبار
الشخص ي بمعنى أن صفة الشخص مؤثرة في سريان ونفاذ هذا العقد ،وبالتالي ال تنصرف أثاره إلى
الخلف العام ،حيث يكون الطابع الشخص ي الذي يجمع بين السلف والطرف األخر في العقد هو
األساس .كما هو األمر في العقود املبرمة في إطار املهن الحرة كالتعاقد مع مهندس على تنفيذ مشروع ،أو
مع طبيب جراح قصد إجراء عملية جراحية ،أو مع محام للترافع في قضية من القضايا .فااللتزامات
الناشئة عن كل هذه العقود ال تنتقل إلى الخلف العام للمهندس أو الطبيب الجراح أو املحامي ولو كان
أفضل منه في األداء .74وكذلك الشأن بالنسبة لعقد التسيير الحر الذي يقوم على االعتبار الشخص ي،
بمعنى أن زوال هذا االعتبار الشخص ي ،كوفاة املسير الحر مثال أو فقده ألهليته فال يجوز أن ينتقل إلى
ورثثه تلقائيا ،وإنما تحتاج إلى عقد تسير حر جديد مع أحدهم.75
ج ـ نص القانون
19
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
في بعض الحاالت قد يجعل النص القانوني من الخلف العام غيرا ،ولعل أبرز األمثلة التي يمكن
االستشهاد بها في هذا املقام هو ما 76نص عليه املشرع من قبيل انتهاء عقد الوكالة بوفاة املوكل أو
الوكيل (فصل 929ق ل ع) كما ينتهي عقد املقاولة بوفاة املقاول أو مؤاجر الصنعة أو الخدمة
(الفصل 745في ل ع) وتنتهي الشركة بوفاة أحد الشركاء وذلك ما لم يتم االتفاق على استمرار
الشركة مع ورثته أو نائبه أو على استمرارها بين الباقين من الشركاء قيد الحياة (الفصل 1051من ق
ل ع) وينتهي حق انتفاع بموت املنتفع املادة 79من مدونة الحقوق العينية(قانون رقم .77)39.08ومن
األمثلة كذلك ما نص عليه الفصل 698من قانون االلتزامات والعقود من استثناء ورثة املكتري أو
املكري من امتداد عقد الكراء لفائدتهم في حالتين التين هما:
وأيضا نجد ومن الحاالت االستثنائية ما نصت عليه مدونة األسرة بأن الوصية ال ترتب آثارها لوارث
كخلف عام إال إذا أجازها باقي الورثة تطبيقا للمادة 280من هذا القانون -مدونة األسرة املغربية،-
التي جاء فيها "ال وصية لوارث إال إذا أجازها باقي الورثة ،غير أن ذلك ال يمنع من تلقي اإلشهاد بها".
من قبيل ذلك أيضا ،ما نص عليه املشرع املغربي في الفصل 344من قانون االلتزامات والعقود .الذي
جاء فيه ما يلي" :اإلبراء الحاصل من املريض في مرض موته ألحد ورثته من كل أو بعض ما هو
مستحق عليه ال يصح إال إذا أقره باقي الورثة".79
الدفع باألمية
20
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ينص الفصل 427من قانون االلتزامات والعقود على ما يلي "املحررات املتضمنة ألشخاص أميين ال
تكون لها قيمة إال إذا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون مأذون لهم بذلك" .وال نريد هنا الدخول في
ما هو مفهوم األمي والحديث عن تطور القضاء املغربي بخصوص هذا املفهوم.
لكن بيت القصيد هو أن القضاء املغربي في أغلب أحكامه دأب على اعتبار أن املعني باألمر هو الذي
يحق له التمسك بالحماية التي يقررها الفصل 427من قانون االلتزامات والعقود دون أن ينتقل هذا
الحق لورثته حيث جاء في إحدى قرارات املجلس األعلى " إن دعوى اإلبطال بسبب األمية حق شخص ي
ال يجوز تقديمها إال من طرف الشخص األمي وحده و الذي شرعت له هاته الحماية الخاصة ،وال يحق
لورثته أن يتمسكوا بنص الفصل 427من ق.ل.ع " ونعتقد أن هذا االتجاه القضائي لم يكن موفقا في
هاته املسألة .فالحقوق والساطر املخول للشخص التمسك بها تنتقل للخلف العام مادام أنهم يحلون
محل سلفهم ويحتج عليم بما كان حجة عليه.
ونشير إلى أن هناك قرار آخر صادر عن املجلس األعلى سار في هذا التوجه بحيث جعل الدفع باألمية
َ
كما هي حق للشخص فإنه ينتقل لورثته حيث جاء في هذا القرار "من املقرر فقها وقانونا أن الخلفاء
العامين يحلون محل املورث في حقوقه والتزاماته فيجوز لهم ما كان جائزا لسلفهم أو يحتج عليهم بما
كان حجة عليه وبالتالي فلهم الحق أن يدفعوا التصرف املنسوب ملورههم واملحتج به ضدهم بجميع
الدفوع التي كانت ملورههم ومن بينها الدفع باألمية طبقا للفصل 477من قانون االلتزامات والعقود
ليبرروا عدم قانونية تصرف مورههم"
ينص الفصل 54من ق ل ع " أسباب اإلبطال املبنية على حالة املرض والحاالت األخرى املشابهة
متروكة لتقدير القضاة "
يعتبر هذا الدفع كذلك من الدفوعات التي دأب القضاء على جعلها قاصرة على الشخص فقط دون
أن تنتقل لخلقه حيث جاء في قرار حديث ملحكمة النقض "إن أسباب إبطال التصرفات املبنية على
حاالت املرض والحاالت األخرى املشابهة طبقا للفصل 54من ق ل ع ،ال يجور التمسك بها إال من
طرف الشخص املتعاقد نفسه وال تنتقل إلى ورثته من بعد مماته"
21
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ونعتقد أن هذا املوقف القضائي جانب الصواب فيما قض ى به ،فما هو حق للمتعاقد يبقى حق
للخلف العام مادام خلفه يحلون محله في حقوقه والتزاماته.80
عرف الفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري الخلف الخاص بقوله" :هو من يتلقى من سلفه ملكية ش يء
معين بالذات أو حقا عينيا على هذا الش يء ،والش يء الذي يتلقاه الخلف قد يكون ذاته حقا عينيا كما
هو الغالب ،وقد يكون حقا شخصيا".
فاملشتري خلف خاص للبائع في الش يء املبيع ،وهذا استخالف في ملكية عين معينة .وصاحب حق
االنتفاع خلف خاص ملن تلقى منه هذا الحق ،وهذا استخالف في حق عيني واقع على عن معينة
واملحال له خلف خاص للمحيل في الحق املحال به ،وهذا استخالف في حق شخص ي ،واملرتين ِلدين،
خلف لصاحب هذا الدين الذي رهنه ،وهذا استخالف في حق عيني واقع على حق شخص ي.
ويخلص ذات الفقيه من هذا أن الخلف الخاص هو من يتلقى شيئا ،سواء كان هذا الش يء حقا عينيا
أو حقا شخصيا ،أو يتلقى حقا عينيا على هذا الش يء.
-من يتلقى من سلفه حقا عينيا على ش يء معين بالذات كاملنتفع مثال.
-من يتلقى من سلفه حقا عينيا تبعيا لحق شخص ي( كالدائن املرتهن مثال)
غير أن هذا التعريف هو موضع انتقاد من لدن بعض الفقه املصري ،الذي يالحظ على الفقيه أحمد
عبد الرزاق السنهوري أنه عبر عن محل االستخالف "بالش يء" عوض "الحق" وهو تعبير معيب ،ذلك
22
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
أن االستخالف في نظر هذا الرأي يكون في الحقوق املتصلة بالتعاقد وهي أعم من االستخالف في
األشياء.
وعرف األستاذ جميل الشرقاوي الخلف الخاص بدوره قائال« :الخلف الخاص هو الحق الخاص الذي
يتصل به التعاقد ،كاملشتري يخلف البائع في ملكية املبيع ،واملوص ى له بحق معين من أموال املوص ي،
كملكية منزل أو سيارة».
واملالحظ أن هذا التعريف األخير لم يشر إلى نوعي الحق محل االستخالف وكيف أن الخالفة الخاصة
تتحقق في الحقوق الشخصية كما تتحقق في الحقوق العينية ،وهو األمر الذي أغفله كل من الفقيهين
عبد الرزاق أحمد السنهوري وعبد املنعم فرح الصدة.
غير أن ما أضافه األستاذ جميل الشرقاوي هو تأكيده على أن الحق محل االستخالف هو حق خاص،
وذلك للتمييز بين الخلف الخاص والخلف العام الذي يخلف سلفه في كامل ذمته املالية أو في جزء
شائع منها كما وسيقت اإلشارة إلى ذلك.
ونجد أيضا األستاذ مأمون الكزبري عرف الخلف الخاص بقوله« :املقصود بالخلف الخاص من تلقى
من سلفه حقا معينا كان قائما في ذمة هذا السلف ،سواء كان هذا الحق عينيا كما في الحق الذي
ينتقل إلى املشتري أو املوهوب له أو املوص ى له بعين معينة ،أم كان حقا شخصيا كما في الحق الذي
ينتقل من املحيل إلى املحال إليه».
وعليه فأمام تعدد التعاريف ،فالتعريف املختار للخلف الخاص هو " :كل من تلقى حقا معينا ،كان
قائما في ذمة سلفه بنفس الخصائص واألوصاف التي كان عليها هذا الحق في ذمة السلف ،باعتبارها
من مستلزماته وكان يعلم بها وقت انتقالها إليه"..
ولعل هذا التحديد هو جوهر الخالفة الخاصة والتي تقوم أساسا على فكرة انتقال الحقوق املالية
"األموال" من الذمة املالية لشخص الذي هو السلف إلى الذمة املالية لشخص آخر هو الخلف
الخاص.
حيث يستوي في ذلك األشخاص الذاتيين إلى جانب األشخاص االعتباريين في بعض الحاالت ،كإدماج
الشركات أو خوصصة املؤسسات العمومية أو تأميمها مثال .82
23
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
و املالحظ أن املشرع املغربي لم يتطرق إلى آثار العقد بالنسبة إلى الخلف الخاص كما هو الحال
بالنسبة لبعض التشريعات األخرى كالتشريع املصري في املادة 146من القانون املدني ،لكن على الرغم
من ذلك يمكن أن نسترشد باملبادئ العامة التي استقر عليها االجتهاد القضائي على وجه الخصوص
والتشريعات املقارنة.
إن املبدأ العام املتعارف عليه أن الخلف الخاص إذا حل محل سلفه في حق معين فإنه يكسب هذا
الحق بالحالة التي كان عليها وقت انتقاله إليه ،فإذا كان العقار مرهونا ،فإنه ينتقل إلى املشتري وهو
محمل بحق الرهن ،شريطة أن يكون حق الرهن هذا مستوفيا لكافة شروط قيامه ،أما في الحالة التي
يكون فيها العقد الذي أبرمه السلف ال يرتبط بأي وجه من الوجوه بالحق املنتقل إلى الخلف الخاص،
فإن هذا األخير ال يكون ملزما بذلك.
على أن هناك مجموعة من الشروط ينبغي توافرها حتى تسري عقود السلف على الخلف الخاص
أهمها:
الشرط األول :أن يكون العقد الذي أبرمه السلف سابقا على العقد الذي انتقل به الش يء إلى الخلف
الخاص ،أما إذا كان العقد الذي أبرمه السلف بعد انتقال الش يء إلى الخلف ،فإن هذا األخير يعتبر
غيرا بالنسبة لهذا العقد األخير ،على أن العبرة بثبوت التاريخ بشكل رسمي ،أي أن يكون العقد الذي
أبرم مع الخلف الخاص له تاريخ ثابت سابق على العقد اآلخر الذي أبرمه السلف.
الشرط الثاني :أن تكون الحقوق وااللتزامات الناشئة عن العقد ذات صلة مباشرة بالعين أو املال
املنتقل إلى الخلف الخاص ،كبيع عقار مرهون ،إذ أن الرهن يعتبر ذا صلة وثيقة باملبيع ،أو حق
التأمين على عقار من الحريق ،إذا العقار ينتقل إلى الخلف الخاص مع الحق في التأمين الذي كان ثابتا
للسلف ،أو أن يتعلق األمر بعقار محمل بحق ارتفاق لفائدة الغير ،فإنه ينتقل إلى الخلف الخاص وهو
محمل بهذا التكليف.
أما إذا كانت هناك بعض الحقوق التي ال تعتبر من مستلزمات الش يء فإنها ال تنتقل إلى الخلف
الخاص ،والحقوق التي ال تعتبر من مستلزمات الش يء هي التي ال تقيد حق استعمال أو استغالل هذا
الش يء املنتقل إلى الخلف الخاص
فالحق إذن الذي ال يعتبر من مستلزمات الش يء إما أن يكون حقا غير ضروري الستعمال الش يء كأن
يقدم بائع السيارة على استئجار مرآب يترك فيه سيارته ،فإذا باعها ال ينتقل هذا الحق إلى املشتري ،أو
أن يكون هذا الحق مرتبطا بشخصية السلف ،كأن يكون السلف بائع العقار مستفيدا من رعي أغنامه
24
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
في عقار يملكه جاره ،فهذا الحق ال ينتقل إلى الخلف الخاص ،ألن السلف كان مستفيدا من ذلك
اعتبارا للعالقة الشخصية التي كانت تربطه بجاره.
ونفس الش يء بالنسبة لاللتزامات ،فإنها إذا لم تكن من مستلزمات الش يء فإنها ال تنتقل إلى الخلف،
كان يلزم السلف نفسه ببعض االلتزامات اإلضافية ،والتي ال تلزمه قانونا فإنها ال تنتقل إلى الخلف
الخاص.
وعلى العموم يمكن أن نقول أنه عندما يتعلق األمر بحقوق عينية أنشأها السلف ،فإنها ال تثير إشكاال
حيث إن الحق ينتقل إلى الخلف الخاص وهو مثقل بالتحمل العيني ،أما بالنسبة للحقوق وااللتزامات
الشخصية ،فإنها كأصل عام ال تنتقل إلى الخلف الخاص باعتبار قيامهما على اعتبارات شخصية في
الغالب ،لكن هذا املبدأ ترد عليه بعض االستثناءات إما بسبب وجود نص قانوني ،كحالة الفصل 694
من ق.ل.ع ،والتي تجعل املالك الجديد يحل محل املالك القديم في كل الحقوق وااللتزامات الناشئة
عن عقد الكراء ،وإما بسبب طبيعة التصرف التي تفرض انتقال االلتزام إلى الخلف الخاص ،كالدعاوى
التي كان من حق السلف أن يمارسها بشأن العقار فهي تنتقل إلى الخلف الخاص ،كدعاوى
االستحقاق.
الشرط الثالث :يجب أن يكون الخلف الخاص على علم بما انتقل إليه من حقوق والتزامات وقت
انتقال الش يء إليه ،لكن بالنسبة للحقوق فإن شرط العلم ال يعتبر ضروريا ما دام الخلف الخاص
يستفيد منها عكس االلتزامات التي يتحمل بها الخلف الخاص ،ففي هذه الحالة يعتبر شرط العلم
مسألة ضرورية ،لكن بطبيعة الحال يكون من غير املنطقي أن يستفيد الخلف الخاص من الحقوق
الناشئة عن عقد السلف ،ويدعي أنه ال يعلم بااللتزامات ،كأن يستفيد من تأمين على عقار انتقل
إليه ،ثم رفض التحمل بااللتزامات املتمثلة في أداء أقساط التأمين بدعوى عدم علمه بها.
لكن أحيانا قد يكون العلم مفترضا في الخلف الخاص سيما في الحاالت التي يتقرر فيها انتقال
االلتزامات بقوة القانون ،إذ أن علم الخلف الخاص أو جهله في هذه الحالة لن يكون له تأثير واضح
على انتقال آثار التصرف إليه.83
25
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
الغير وال تنفعهم إال في الحاالت املذكورة في القانون" ،وذلك ألنه ال يمكن إلزام شخص بش يء معين
بموجب عقد لم يكن طرفا فيه احتراما ملبدأ نسبية آثر العقد.
إال أن هذا املبدأ ترد عليه مجموعة من االستثناءات التي فرضتها طبيعة املعامالت فسمح املشرع
املغربي بالتالي بإمكانية ترتيب آثار العقد على أشخاص لم تكن طرفا فيه.
هذا هو وضع االشتراط ملصلحة الغير الذي يعتبر أبرز استثناء للمبدأ السالف لذا سنتطرق له في هذه
الفقرة بنوع من اإليجاز.
وقد تطرق له املشرع املغربي بموجب الفصول 34و 35من ق ل ع ،بحيث ورد في األول ( " )34ومع
ذلك ،يجوز االشتراط ملصلحة الغير ولو لم يعين إذا كان ذلك سببا التفاق أبرمه معاوضة املشترط
نفسه أو سببا لتبرع ملنفعة الواعد.
وفي هذه الحالة ينتج االشتراط أثره مباشرة ملصلحة الغير ،ويكون لهذا الغير الحق في أن يطلب باسمه
من الواعد تنفيذه وذلك ما لم يمنعه العقد من مباشرة هذه الدعوى أو علقت مباشرتها على شروط
معينة.
ويعتبر االشتراط كأن لم يكن إذا رفض الغير الذي عقد لصالحه قبوله مبلغا الواعد هذا الرفض ".كما
جاء في الثاني ( " )35يسوغ ملن اشترط ملصلحة الغير أن يطلب مع هذا الغير تنفيذ االلتزام ما لم يظهر
85
منه أن طلب تنفيذه مقصور على الغير الذي أجري لصالحه".
عقود التأمين :خاصة التأمين على الحياة في حال الوفاة بحيث يشترط طالب التأمين (املشترط) على
شركة التأمين (املتعهد) أداء مبلغ معين لفائدة شخص ثالث (املستفيد) بعد وفاة املؤمن له مقابل أداء
-84محمد محروگ ،مفهوم الغير في العقد التحديد واآلثار – دراسة مقارنة ،-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة
التكوين والبحث :القانون املدني ،جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش ،2005/2004 ،ص
.367
85قانون اإللتزامات والعقود
26
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
األقساط ،وقد يكون املستفيد زوج املؤمن له أو ابنه ...وفي جميع الحاالت ينشأ حق مباشر للمنتفع
في ذمة شركة التأمين .
86
عقد البيع :كأن يشترط البائع على املشتري أداء الثمن لفائدة دائنة
إال أن الفقهاء قد اختلفوا بشأن طبيعة هذا التصرف فمنهم من أعتبره إيجاب ومنهم من أعتبره فضالة
في حين ذهب اتجاه آخر إلى اعتباره تصرف بإرادة منفردة وآخر اعتبره حق مباشر .
اإليجاب :يذهبون أنصار هذه النظرية وعلى رأسهم الفقيه البلجيكي لوران إلى اعتبار أن االشتراط
ملصلحة الغير ما هو إال إيجاب يوجهه املشترط إلى املنتفع .إال أنه تم انتقاد هذه النظرية .
الفضالة :من أنصار هذه النظرية الفقيه الفرنس ي ليبي الذي يربط االشتراط ملصلحة الغير بنظرية
الفضالة ،إذ أعتبر أن املشترط بمثابة فضولي يعمل ملصلحة املنتفع ،وبالتالي بمجرد إقراره من قبل
املنتفع تتحول الفضالة إلى وكالة فيصبح املنتفع هو املتعاقد مع املتعهد ،أي أن املنتفع كان موكال
بواسطة املشترط ،وبالتالي فهو طرف في العقد .إال أن هذه األخيرة كذلك لم تسلم من النقد بحيث
تم انتقادها على اعتبار أنه هناك فرق واضح بين املؤسستين ففي االشتراط تكون للمشترط مصلحة
87
بينما تنعدم هذه األخيرة في الفضالة.
اإلرادة املنفردة :يروا أصحاب هذا التوجه خاصة الفقيهان سطارك و جوسران أن حق املنتفع يجد
أساسه في اإلرادة املنفردة للمتعهد ،حيث أن إرادة هذا األخير هي التي خولت له هذا الحق ،إال أنه
وجه إليها انتقاد أساس ي يتمثل في كون أن أحكامها ال تتفق مع االشتراط ملصلحة الغير ،فبموجب هذا
األخير يمكن للمشترط دون املتعهد التراجع عن إرادته مادام القبول لم يصدر من املنتفع ،بينما لو تم
88
اعتماد فكرة اإلرادة املنفردة فإن هذا الحق يتبث للمتعهد ال للمشترط.
الحق املباشر :يذهب الفقه املدني الحديث إلى القول بكون أن إلحاق هذا التصرف باملؤسسات
التقليدية يعد عبثا ألن االشتراط ملصلحة الغير مؤسسة قائمة بذاتها ،تجد أساسها في التزام املتعهد
89
تجاه املشترط الذي بموجبه ينشأ الحق.
86فريدة املحمودي ،محاضرات في النظرية العامة لإللتزامات ،مكناس ،طبعة ،2018/2017ص 152 ،151
87عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون املدني (دراسة حديثة للنظرية العامة لإللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم الجديدة للقانون
اإلقتصادي) ،مطبعة املعارف الجديدة-الرباط ،الطبعة الخامسة ،2018 ،ص 295.296
88عبد الرحمان الشرقاوي ،م س ،ص 296
89عبد الرحمان الشرقاوي ،م س ،ص 296
27
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وبما أن االشتراط ملصلحة الغير عقد يبرم بين شخصين فالبد من توفره على شروط لالعتداد بصحته
إضافة إلى الشروط املذكورة في الفصل الثاني من ق ل ع ( التراض ي ،املحل ،السبب ) :
لقيام االشتراط ملصلحة الغير البد من أن يبرم املشترط العقد باسمه وليس باسم املستفيد وهو ما
يميزه عن عقد الوكالة الذي يبرم باسم األصيل ،وهو ما يستوجب توفر املشترط على األهلية على
خالف الوكيل الذي لم يشترط فيه األهلية .
إن حق املنتفع ينشأ مباشرة للمستفيد فإذا اشترط املشترط لنفسه ثم قام بتحويله بعد ذلك إلى
املستفيد فإنه ال يعتبر اشتراطا ملصلحة الغير .وهو ما نص عليه املشرع في الفقرة الثانية من الفصل
34من ق ل ع الذي ورد فيه "....وفي هذه الحالة ينتج االشتراط أثره مباشرة ملصلحة الغير"....،
مادام أن املشترط يتعاقد باسمه فالبد من أن تكون له مصلحة في ذلك خاصة وأن الحقوق ستنشأ
للمستفيد ،وهذه املصلحة قد تكون مادية كمن يبيع شيئا للمشتري ويشترط عليه تسليم ثمنه
90
لشخص ثالث دائن له ،أو معنوية كمن يشترط ملصلحة أوالده أو زوجته .
وبعد توفر العقد على هذه الشروط يعتبر العقد صحيح ويرتب بالتالي آثار تتمثل في تلك العالقة
الثالثية التي تنشأ عنه
عالقة املشترط باملتعهد :تخضع هذه العالقة للعقد القائم بينهما باعتبارها عالقة تعاقدية وبالتالي
يحق لكل طرف مطالبة الطرف اآلخر بالتنفيذ إذا كان ممكنا أو الفسخ والتعويض في حالة وجود
ضرر ،وهكذا يحق للمشترط أن يطالب شخصيا املتعهد بتنفيذ التزاماته إزاء املستفيد على الرغم من
أنه ليس دائنا بل له مصلحة شخصية في االشتراط وذلك ما لم يقض ي العقد بخالف ذلك وهو ما ورد
في الفصل 35من ق ل ع الذي نص على أنه " يسوغ ملن اشترط ملصلحة الغير أن يطلب مع هذا الغير
91
تنفيذ االلتزام ما لم يظهر منه أن طلب تنفيذه مقصور على الغير الذي أجري لصالحه".
28
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
عالقة املشترط باملنتفع :هذه العالقة قد تكون عمال من أعمال التبرع بحيث يريد املشترط التبرع
للمستفيد أو معاوضة كأن يكون املستفيد دائنا للمشترط فيشترط املشترط على املتعهد بأداء ثمن
املبيع للمستفيد .ومن مميزات هذه العالقة أنه يحق لهما التراجع عن االشتراط حسب ما أجمع عليه
الفقه إذ ليس هناك ما يلزم املستفيد بقبول ش يء ال يرضاه حتى وإن كان في مصلحته كما أن املشترط
نفسه غير ملزم بالبقاء على اشتراطه مادام لم يصدر القبول من املستفيد ،إال أن املشرع املغربي لم
ينص على ذلك صراحة على خالف بعض التشريعات كاملشرع األردني الذي نص على ذلك في املادة
92
1/211وقيده بشرط عدم قبول املنتفع لالشتراط بعد.
عالقة املتعهد باملستفيد :ينشأ للمنتفع أي املستفيد حق مباشر في ذمة املتعهد يكسبه من عقد
االشتراط بالرغم من أنه ليس طرفا فيه ،ويصبح دائنا للمتعهد ،وله أن يطالبه بما تعهد به بموجب
93
عقد االشتراط.
باإلضافة إلى االشتراط ملصلحة الغير يوجد استثناء آخر ملبدأ نسبية آثار العقد ال يقل أهمية عن األول
وهو :
االلتزام عن الغير بشرط إقراره إياه :هو ذلك االلتزام الذي يتعهد به شخص باسم الغير على شرط
إقراره إياه ،أي أنه إذا لم يقره املعني باألمر فإن املتعاقد املتعهد ال يسأل عن ذلك ألن العقد أصال
أبرم على شرط اإلقرار ،وبذلك يتضح أن هذه العالقة تتلخص في عقدين األول بين املتعهد واملتعهد
له بحيث يلتزم األول بإقناع الطرف الثالث على إبرام العقد والثاني بين املتعهد له واملقر بعد اإلقرار،
كبيع عقار مملوك على الشياع من قبل الورثة دون حضور أحدهم رغبة منهم في عدم تفويت هذه
الفرصة فهنا يتعهدوا الورثة بإقناع الوارث اآلخر على قبول العقد ،لذلك يروا أغلب الفقهاء أن هذه
الصورة تتشابه مع عقد الوكالة الذي يتجاوز فيه الوكيل حدود وكالته .
29
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
و قد تبنا املشرع املغربي هذه الصورة في ق ل ع في الفصول 38 37 36حيث جاء في األول " يجوز
االلتزام عن الغير على شرط إقراره إياه ،وفي هذه الحالة يكون للطرف اآلخر أن يطلب قيام هذا الغير
بالتصريح بما إذا كان ينوي إقرار االتفاق .وال يبقى هذا الطرف ملتزما إذا لم يصدر اإلقرار داخل أجل
معقول ،على أن ال يتجاوز هذا األجل خمسة عشر يوما بعد اإلعالم بالعقد ".وباستقراء املقتضيات
القانونية نجد أن املشرع رتب مجموعة من اآلثار تتمثل في :
أن املتعهد عنه له كامل الحرية في قبول العقد أو رفضه وهذا ال يجعل املتعهد مسؤوال ألن
العقد أصال أبرم على شرط اإلقرار.
كما يمكن للمتعهد له أن يطالب الطرف اآلخر باإلعراب عن موقفه بخصوص موضوع التعهد
داخل أجل 15يوما احتراما للفصل 36من ق ل ع وإال فالطرف األول ال يبقى ملتزما .
ويصح التعبير عن اإلرادة بشكل ضمني من قبل املتعهد عنه حسب منطوق الفصل " 37يعتبر
اإلقرار بمثابة َ
الوكالة ،ويصح أن يجيء ضمنيا وأن ينتج من قيام الغير بتنفيذ العقد الذي أبرم
باسمه ".كما يسوغ استنتاجه من السكوت فإذا كان صاحب الحق حاضرا أثناء التصرف في
حقوقه ولم يبدي أي تعرض حسب الفصل 38من نفس القانون ( ق ل ع ).
ويعتبر اإلقرار بمثابة وكالة حسب الفقرة األولى من الفصل 37السالف ذكره وبذلك يكون املقر
95
هو املوكل أو األصيل واملتعهد هو الوكيل .
التعهد عن الغير :اعتمدت هذه الصورة من قبل مجموعة من التشريعات كاملشرع الفرنس ي بموجب
املادة 1120من القانون املدني الفرنس ي التي أصبحت هي املادة 1204بمقتض ى األمر الصادر بتاريخ 10
فبراير ،2016وكذا القانون املدني املصري الذي نص على التعهد عن الغير بمقتض ى املادة 153منه
التي جاء فيها " -1إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فال يلزم الغير بتعهده .فإذا رفض الغير
أن يلتزم وجب على املتعهد أن يعوض من تعاقد معه ،ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض
بأن يقوم هو نفسه بتنفيذ االلتزام الذي تعهد به.
–2أما إذا قبل الغير هذا التعهد ،فإن قبوله ال ينتج أثرا إال من وقت صدوره ،ما لم يتبين أنه قصد
96
صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول إلى الوقت الذي صدر فيه التعهد "...
30
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وبالرغم من أن املشرع املغربي لم يأخذ بهذه الصورة إال أن الفقه جمع على إمكانية األخذ بها مادام
97
ذلك ال يتعارض وأحكام ق ل ع على ضوء األحكام املعتمدة في التشريعات املقارنة .
أن يتعاقد املتعهد باسمه ال باسم الغير :يعتبر هذا الشرط شرط أساس ي للحديث عن التعهد عن الغير
والذي يتمثل في ضرورة أن يتعاقد املتعهد باسمه ال باسم الغير ،وهذا الشرط هو الذي يميز لنا بين
التعهد عن الغير والوكيل والفضولي ،بحيث أن كالهما يتصرفان باسم الغير فالوكيل يتصرف باسم
األصيل والفضولي يعمل باسم رب العمل وملصلحته ،وفي ذلك يتشابه مع الوكيل إال أن هذا األخير
يكون مكلفا من قبل األصيل على خالف الفضولي .
أن يقصد املتعهد إلزام نفسه بهذا التعهد :يقصد بهذا الشرط أن الغرض من التعهد هو إلزام
املتعهد نفسه على اعتبار أن املتعهد إذا اتجهت إرادته إلى إلزام الغير ،فإن التعهد يكون باطال
الستحالة املحل ،فالقاعدة هي أنه ال يمكن إلزام شخص بدون إرادته ،كما ال يمكن الزام شخص
بعقد لم يكن طرفا فيه .ومن تم يبرز لنا الفرق بين التعهد عن الغير واالشتراط ملصلحة الغير الذي
98
بموجبه ينشأ للمستفيد حق مباشر في ذمة املتعهد بالرغم من أنه لم يكون طرفا في العقد .
أن يكون محل التزام املتعهد هو حمل الغير على قبول التعهد :يتميز هذا الشرط بخاصيتين أساسيتين :
الخاصية األولى :هي أن التزام املتعهد بحمل الغير على قبول التعهد هو التزام بتحقيق نتيجة وليس
ببذل عناية ،مما يترتب عنه أن املتعهد يعتبر مقصرا في حالة عدم قبول الغير للتعهد .
الخاصية الثانية :تتمثل في كون إعالم الغير بقبوله لهذا التعهد ينهي التزام املتعهد ،سواء أقام القابل
بتنفيذ التزامه أم ال ،ألن التزام املتعهد ال يمتد لضمان تنفيذ الغير للتعهد الذي قبله.
وفي النهاية بعد توفر كل هذه الشروط يبقى للشخص كامل الحرية في قبول التعهد أو رفضه .
قبول الغير للتعهد :قد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا ،كما لو قام الغير بتنفيذ التعهد دون التعبير
عن القبول صراحة ،وفي جميع األحوال يكون املتعهد وفى بالتزامه العقدي تجاه املتعاقد معه بمجرد
صدور القبول سواء بشكل صريح أو ضمني ،فينشأ عقد جديد بين املتعاقد مع املتعهد والغير .
31
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
رفض الغير للتعهد :يترتب عن رفض الغير للتعهد نتيجتان أولهما عدم قيام مسؤولية الغير ،وذلك ألنه
حر في قبول أو رفض التعهد ،اما الثانية فتتجلى في قيام مسؤولية املتعهد الذي لم ينجح في الوفاء
بالتزامه املتمثل في حمل الغير على القبول ،وال يمكنه التحلل من هذه املسؤولية إال إذا أتبث أن ذلك
راجع إلى سبب أجنبي.
وبالرغم من أن معظم التشريعات أخدت بالتعهد عن الغير فإنها خولت للمتعهد إمكانية تجنب الحكم
عليه بالتعويض ،في حالة قيامه شخصيا بتنفيذ االلتزام الذي تعهد أن يقوم به الغير ،إذا كان
99
تنفيذه من قبله ممكنا.
32
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
إقرار الخصم
املشرع املغربي لم يعرف املقصود باإلقرار ولكن نظمه من خالل قانون االلتزامات والعقود في
الفصول 405الى .415
ونجد الفقه يعرف لنا االقرار حيث عرفه ادريس العبدالوي" اإلقرار هو اعتراف شخص بحق
عليه آلخر قصد ترتيب حق في ذمته واعفاء اآلخر من اثباته."100
كما يعتبر االقرار هو اعتراف يصدر من شخص على نفسه بحق لغيره ،واقرار الشخص بما يدعيه
خصمه يحسم النزاع في شأنه ،فيجعله غير حاجة لإلثبات .101
ونجد الفقهاء اختلفوا حول طبيعة االقرار فهناك من اعتبر االقرار قرينة على صحة ما يقر به،
ومن الفقهاء من اعتبره مجرد وسيلة االعفاء املدعي من اثبات الواقعة (محل االقرار) ،بالطرق املحددة
ومنهم من اعتبروه نزوال من جانب املقر عن امليزة التي يتمتع بها عندما يكون خصمه مجرد من
الدليل.102
وإذا تأملنا في الفصل 408من قانون االلتزامات والعقود ،حيث يشترط في املقر ان تتوافر له اهلية
التصرف في الحق املقر به او أهلية االلتزام بالواقعة املقر بها ونص كذلك نفس الفصل على ان يكون
ذلك الحق معينا اي موجودا اثناء الدعوى او قابال للتعيين في املستقبل حسب ما اتفق عليه االطراف
في الدعوى .واال فال يصبح االقرار وال يترتب في ذمة املقر التزاما.
كما يجب ان يكون هذا االقرار صادر عن املقر عن اختيار وإدراك .وهذا ما نصت عليه الفصل
409من قانون االلتزامات و العقود ويكون هذا التعبير الصريح لإلرادة املقر اتجاه املقر له اما شفويا
وهذه هي الصورة العادية لإلقرار القضائي واما ان يكون مكتوبا كما تضمنه مذكرة مقدمة من الخصم
للمحكمة او ورقة يسلمها املقر الى املقر له.103
وهذا االقرار هو نوعان ،نستخلصهما من خالل الفصل 405من قانون االلتزامات والعقود " 58
االقرار قضائي أو غير قضائي "...
100إدريس العبدالوي"،وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى ،السنة1977 ،ص .161
101نبيل إبراهيم سعد ،االثبات في املواد املدنية والتجارية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بدون طبعة وسنة ،ص .217
217.نبيل إبراهيم سعد ،مرجع سابق ،ص 102
103إدريس العبدالوي"،وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى ،السنة ،ص164
33
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
فاإلقرار القضائي عرفه الفصل 405من قانون االلتزامات والعقود بأنه هو "االعتراف الذي يقوم
به امام املحكمة الخصم أو نائبه املأذون له في ذلك اذنا خاصا".
إذا يتضح لنا من خالل هذا النص كون االقرار يعتبر قضائي ألنه يكون امام مجلس القضاء وان
يكون أثناء النظر في الدعوى تتعلق بالواقعة محل االقرار .وليس من الضروري ان يسمع االقرار بنفسه
مباشرة ،وقد يتحقق اما شفويا في الجلسة او اثناء تحقيق او استجواب ،او كتابة في مذكرات مقدمة
اليه او طلبات معلنة للخصم ،وعليه ال يعتبر قضائيا اإلقرار الذي يقع امام جهات ادارية كمجلس
التأديب أو أمام النيابة أو الشرطة.104
و يمكننا القول بان اإلقرار القضائي يكتسب حجيته عندما يكون امام مجلس القضاء األن
الحضور امام القضاء من شأنه أن ينبه املقر الى وزن كل كلمة قبل ان يصرح بها ،و كذلك يعتبر هذا
االقرار حجة قاطعة على صاحبه فتصبح الواقعة التي اقر بها الخصم ،في غير حاجة الى االثبات ،ليس
ذلك بالنسبة له فقط ،ولكن يسري مفعوله على ورثته ،اذا فال يجوز الرجوع فيه حتى و لولم يكن
الخصم اآلخر عاملا به ،105و هذا ما اكدته الفقرة الثالثة من الفصل 414من ق.ا.ع الذي جاء فيه (( ال
يسوغ الرجوع في االقرار و لو كان الخصم االخر لم يعلم به )) .
إذا فإن اقرار الخصم وفق الشروط واالركان الواجبة قانونا ،يعتبر حجة قاطعة في مواجهة من
أقر بالواقعة ،يجعل القاض ي ملزما بإصدار حكمه استنادا الى هذا االقرار من غير مطالبته للخصم
باإلثبات ،وبالنظر الى ان االقرار في امليدان املدني ،كما هو الحال بالنسبة لالعتراف في امليدان الجنائي،
يعتبر سيد االدلة .اال إذا كان هذا االقرار فهو مشوب بإكراه وتدليس فيعرض صاحبه للبطالن.106
اما بخصوص االقرار غير القضائي قد عرف الفصل 407من ق.ل.ع بأنه هو" االقرار الذي ال
يقوم به الخصم امام القاض ي .ويمكن ان ينتج من كل فعل يحصل منه وهو مناف ملا يدعيه" .ويشترك
االقرار غير القضائي مع االقرار القضائي في طبيعته من حيث انه عمل قانوني اخباري من جانب واحد
وانه يعتبر بمثابة عمل من اعمال التصرف ،ويختلف عنه في كونه ال يصدر في مجلس القضاء.
34
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وال يشترط فيه ان يكون صادرا للمقر له ،وانما يجوز استخالصه من اي دليل أو ورقة مقدمة
من جهة اخرى ،ما دامت نية املقر وقصده قد اتجها الى ان يؤخذ بإقراره.107
ويخضع االقرار غير القضائي للقواعد العامة في االثبات ،اال ان ظهير قانون االلتزامات والعقود
استثنى من ذلك صورة واحدة ال يجوز اثباتها بشهادة الشهود ،وذلك إذا تعلق االقرار بالتزام يتطلب
القانون فيه الكتابة إلثباته ،108وهذا ما نص عليه الفصل 413من قانون االلتزامات و العقود الذي
جاء فيه " ال يجوز اثبات االقرار غير القضائي بشهادة الشهود إذا تعلق بالتزام يوجب القانون اثباته
بالكتابة ".
وهكذا فقاض ي املوضوع ال يملك أية سلطة تقدير حجية االقرار القضائي باعتباره من وسائل االثبات
القانونية ،ذلك ان الفصول التي نظمت االقرار بنوعيه القضائي وغير القضائي من 405الى 415من
قانون االلتزامات و العقود تضمنت مجموعة من القواعد اآلمرة التي ألزم املشرع عن طريقها القاض ي
املدني بضرورة احترامها ،ولم يترك له في تطبيقها اي مجال ألعمال سلطته التقديرية. 109
الكتابة
تعتبر الكتابة في عصرنا الحاضر من اهم طرق االثبات و أقواها ،لذلك تعد أحد طرق إلثبات
جميع الوقائع والتصرفات القانونية.
وتظهر اهمية االثبات بالكتابة ،عندما يكون االفراد بصدد ابرام معامالت قانونية بحيث يكون من
مصلحتهم اقامة الدليل عليها مقدما ،تفاديا ملفاجئات قد تطرأ فيما بعد وهذا االلزام بإعداد الدليل
يرمي الى توطيد السالمة واالستقرار في التعامل والى منع التالعب والغش قدر املستطاع.110
و نجد املشرع املغربي نظم الكتابة باعتبارها وسيلة من وسائل االثبات األساسية في املعامالت املدنية
من خالل الفصول 416الى 442من قانون االلتزامات و العقود.
107إدريس العبدالوي"،وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى ،السنة1977 ،ص 221.
108رشيد العراقي ،طرق اثبات االلتزام مجلة القضائي ،مرجع سابق ،ص .23
109بنسالم اوديجا ،سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين-
القانون املدني املعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية االجتماعية ،الرباط-أكدال ،جامعة محمد الخامس ،السنة الجامعية2015- ،
،2014ص.47:
110إدريس العبدالوي ،مرجع سابق ،ص 12
35
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
إذا االصل إثبات التصرفات القانونية يكون عن طريق الكتابة ،و استثناءا يمكن ان يكون هذا إلثبات
بغير الكتابة بالنسبة لتصرفات القانونية التي ال تتجاوز 10.000درهم حيث يمكن اثبتها بشهادة
الشهود وهذا ما نص عليه الفصل 443من قانون االلتزامات و العقود " االتفاقات وغيرها من االفعال
القانونية التي يكون من شأنها ان تنش ئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي االلتزامات أو الحقوق ،والتي يتجاوز
مبلغها أو قيمتها عشرة آالف درهم ،ال يجوز اثباتها بشهادة الشهود .و يلزم ان تحرر بها حجة رسمية أو
عرفية."...
وبناء على ما تم ذكره ،تنقسم املحررات او االوراق التي يمكن استخدامها في االثبات الى اوراق رسمية
واوراق عرفية ،فاألولى عرفها الفصل 418من قانون االلتزامات و العقود "الورقة الرسمية هي التي
يتلقاها املوظفون العموميون الذين لهم صالحية التوثيق في مكان تحرير العقد ،وذلك في الشكل الذي
يحدده القانون".
والورقة الرسمية هي التي يتلقاها املوظفون العموميون املختصون نوعيا ومكانيا ،ممن لهم صالحية
التوثيق ،وتتعدد أصناف املوظفين العموميين بحسب املهام املنوطة بهم ،فالقاض ي يعتبر موظفا
عموميا بالنسبة لألحكام التي يصدرها ،وكاتب الجلسة بالنسبة ملحاضر الجلسات التي يبثها ،واملوثق
111
بالنسبة للعقود .التي يبرمها ... ،إلخ
ولكي تكتسب هذه املحررات رسميتها يجب ان تراعي الشكل الذي حدده القانون في تحرير الورقة أي
ان تكون هذه االخيرة تشمل جميع البيانات واالوضاع التي أوجب القانون توفرها.
والبد إلضفاء صفة الرسمية على الورقة املحررة من طرف من له الصفة واالختصاص من أن تتوفر
على الشروط والشكليات املنصوص عليها في القانون طبق ما يقض ي به الفصل 418من ق.ل.ع وهكذا
حددت املادة 35من ظهير 22نونبر 2011املتعلق بتنظيم مهنة التوثيق اختصاصات املوثق وحجية
العقود التي يحررها ،ومتى استكملت الوثيقة املحررة من طرف املوثق لشروط والشكليات املتطلبة
قانونا اكتملت حجيتها في االثبات كسند رسمي ورتبت جميع االثار املسموح بها قانونا.
وبالتالي يتضح من خالل ما سبق ان الورقة الرسمية التي تستكمل شروطها القانونية تكون لها حجية
قوية في االثبات وتوجد بالنسبة اليها قرينة .ومقتض ى هذه القرينة ان تكون الورقة الرسمية حجة
بذاتها ،دون حاجة الى االقرار بها ،فاذا نازع الخصم في صحة الورقة الرسمية فال يكون على من
111بنسالم اوديجا ،سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية ،مرجع سابق ،ص .29
36
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
يتمسك بها ان يقيم الدليل على صحتها ،وانما يقع عبء نقضها على الخصم الذي ينكرها ،وال يتيسر
له ذلك بطريقة االدعاء والتزوير.112
أما بخصوص املحررات العرفية ،سار الفقه على تعريف السندات العرفية بأنها "سندات معدة
لإلثبات يتولى تحريرها وتوقيعها اشخاص عاديون بدون تدخل من املوظف العام" .113وقد عرفها ايضا
االستاذ العبدالوي "هي التي تصدر من ذوي الشأن بوصفهم اشخاص عاديين يوقع عليها أحدهم الن
تكون دليال كتابيا".
أما املشرع املغربي نص صراحة على املحرر العرفي من خالل الفصل 423من ق.ا.ع ،فاملحرر الرسمي
الذي ينتابه عيب شكلي او خلل من حيث االختصاص او عدم اهلية املوظف يصبح سندا عرفيا متى
وقع عليه االطراف ورضوا به .وهو نفس التوجه الذي سار عليه العمل القضائي في عدة قرارات ،حيث
نجد القرار الصادر عن املجلس االعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ 6/12/1988تحت عدد 1486في
امللف الشرعي رقم ،5522/97اذ ورد فيه "ان رسم الشراء املحتج به في النازلة غير جدير باالعتبار
لكونه ناقص الشكليات القانونية ،فلم يدرجه العدالن بكناش الجيب ،وال وقعت االشارة فيه الى تاريخ
تضمينه بكناش املحكمة ورقمه فأفقد بذلك صفة الورقة الرسمية ،وال يعتبر عقدا عرفيا لعدم.
التوقيع عليه من أطراف العالقة".114
فان اشتراط الكتابة في الورقة العرفية تفيد على كون تلك الورقة دليل إلثبات التصرف القانوني ،وال
يلزم في املحررات العرفية اي شكل خاص املهم ان تتضمن الورقة العرفية كتابة تدل على املقصود
بها.115
وهي تصلح لإلثبات اي كانت لغة التعبير او طريقة التدوين ويجوز ان تكون الكتابة خطية سواء أكانت
بخط موقعها او بخط غيره وسواء اكان الخط باملداد او بالرصاص او غيرهما ...كما يجوز ان تكون
مطبوعة بأ ي وسيلة من وسائل الطباعة ،فاملقصود هو ان توجد كتابة ينصب مضمونها على الواقعة
37
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
املراد إثباتها بالورقة ،فاذا كانت هذه الواقعة عقد بيع ،تكون الكتابة متضمنة لذكر اتفاق طرفيه على
املبيع والثمن وسائر شروط البيع .وال يشترط في الورقة العرفية بيانات معينة كضرورة ذكر مكان
وتاريخ تحريرها.
كما يعتبر التوقيع هو الشرط الجوهري في الورقة العرفية املعدة لإلثبات ألنه هو اساس نسبة الكتابة
الى موقعها ولو لم تكن مكتوبة بخطه ،كما انه هو الذي يدل على اعتماده اياها وارادته االلتزام
بمضمونها .ولهذا خلو الورقة من توقيع من تنسب اليه ال يجعلها دليال كتابيا كامال لو كانت مكتوبة
بخطه.116
وعليه فاملحررات العرفية هي االوراق املكتوبة واملوقعة من قبل االطراف كتعبير عن ارادتهم في التعهد
واالتفاق املبرم فيما بينهم بما تتضمنه من التزامات ناشئة عن تصرفاتهم القانونية و الغاية من هذه
املحررات هي انجاز حجة كتابية و بهذا الورقة العرفية تكون حجة مالم ينكرها الشخص املنسوبة إليه
او عدم املنازعة فيه او عدم الدفع بالجهالة.
شهادة الشهود
الشهادة هي تقرير حقيقة امر توصل الشاهد الى معرفته بعينه او بأذنه ،117او هي كما يعرفها بعض
الفقه ،118الشاهد في مجلس القضاء بواقعة صدرت من غيره يترتب عليها حق لغيره ،ويجب ان يكون
الشاهد قد أدرك شخصيا بحواسه الواقعة التي يشهد بها ،بحيث يكون قد رآها او سمعها بنفسه.
وعرف الفقه ،شهادة الشهود بأنها " قيام شخص من غير أطراف الخصومة باإلخبار في مجلس
القضاء بما يعرفه شخصيا حول حقيقة وقائع تصلح محال لإلثبات."119
وقد كانت الشهادة في املاض ي مقدمة ادلة لإلثبات ،حيث آنذاك كان الجهل شائع ولعدم انشار
الكتابة والقراءة.
إذن يتبن لنا كون ان الشهادة هي وسيلة إلثبات التصرفات القانونية ،حيث يعتمدوا اليها االفراد
امام القضاء او قد يلزم القاض ي في بعض االحيان حضور الشهود لكي يعتبر ما يدعيه صحيحا ،غير ان
116إدريس العبدالوي"،وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى ،السنة ،1977 ،ص85
117إدريس العبدالوي ،مرجع سابق96 ،
،96اشار اليه األستاذ العبدالوي ،مرجع سابق 299 ،عبد املنعم فرج الصدة – االثبات في املواد املدنية ،ص 118
119فتحي والي" الوسيط في قانون القضاء املدني" الطبعة الثانية 1981ص 620أشار اليه بنسالم اوديجا ،مرجع سابق ،ص 81
38
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
هذه الشهادة غير ملزمة للقاض ي و يبقى له الحرية في تقديريها ،و ال تخضع هذه السلطة التقديرية
لرقابة النقض. 120
و من اهم شروط الشهادة ان يكون الشاهد اهال للشهادة ،وغير ممنوع من أدائها ،و ان يكون من
الغير ،اي أجنبيا عن النزاع و عن الواقعة املشهود عليها ،فال تصح شهادة احد طرفي الخصومة و ال
وكيله و ال ممثله القانوني كالوص ي او املقدم او القيم القضائي املعين عنه ،مع العلم ان يكون هذا
الشاهد اما شاهد اثبات لفائدة جهة االدعاء ،أو شاهد نفي لفائدة الجهة املدعى عليها ،كما قد يكون
هذا الشاهد اما مواطنا أو اجنبيا ،اذ ال فرق في اجراءات االستماع الى شهادتهما ألن القانون املطبق هو
قانون املسطرة املدنية .121
و هكذا فاإلثبات بشهادة الشهود يمكن ان يتم في الحاالت التي بنصب موضوعها على وقائع مادية
او تصرفات مدنية و أفعال قانونية ال تتجاوز قيمتها عشرة آالف درهم(الفصل 443من قانون
االلتزامات و العقود) الى جانب حاالت يجوز فيها االثبات بشهادة الشهود استثناء ،و منها" الحالة التي
يراد فيها اثبات وقائع من شأنها ان تبين مدلول شروط العقد الغامضة او املبهمة ،او تحديد مداها ،او
تقييم الدليل على تنفيذها(الفصل 444من قانون االلتزامات و العقود) ،و ايضا الحالة التي يفقد فيها
الخصم املحرر الذي يتضمن الدليل الكتابي اللتزام او للتحلل من التزام عليه نتيجة حادث فجائي او
قوة قاهرة أو سرقة "...و كذلك الحالة التي يتعذر فيها" على الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات
االلتزام كالحالة التي يراد فيا اثبات وقوع غلط مادي في كتابة الحجة ،حالة الوقائع املكونة لإلكراه أو
الصورية أو االحتيال أو التدليس التي تعيب الفعل القانوني. 122
أما فيما يتعلق بحجية الشهادة في االثبات فنجدها خاضعة من حيث قيمتها الثبوتية للمحكمة ،حسب
رأي االستاذ خالد سعيد فالشهادة ال تقيد القاض ي في ش يء على خالف االقرار والدليل الكتابي واليمين
الحاسمة ،اذ يمكن للقاض ي أن يأخذ بمضمون الشهادة إذا اقتنع بها ،أو يردها خصوصا عندما يجد
من بين وثائق امللف ما يثبت خالفها.123
القرائن
29ص 15 /10/2007بتاريخ 30رشيد العراقي ،طلرق اثبات االلتزام ،مجلة القضائي ،العدد 120
121نسالم اوديجا ،مرجع سابق ،ص 81
122نسالم اوديجا ،مرجع سابق ،ص83
123خالد سعيد " ،االثبات في املنازعات املدنية" الطبعة األولى ،2014دار السالم للطباعة والنشر املطبعة األولى ،2014ص195
39
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
لقد اختلفت اآلراء بخصوص تعريف القرائن ،فنجد االستاذ العبدالوي ،عرفها بانه هي ":ما
يستنبطه املشرع او القاض ي من أمر معلوم للداللة به على أمر مجهول".
وتعتبر القرائن أدلة غير مباشرة ،حيث ال ينصب االثبات فيها مباشرة على الواقعة محل التداعي،
وانما على واقعة اخرى بديلة يكون من شأن ثبوتها ان يجعل قيام الواقعة األصلية او نفيها امرا محتمال
وذلك بحكم االزوم العقلي.124
بينما عرفها املشرع املغربي في الفصل 449من قانون االلتزامات و العقود بانها" :دالئل يستخلص
منها القانون أو القاض ي وجود وقائع مجهولة".
وبالرجوع الى القانون املدني الفرنس ي في الفصل 1349بانها " دالئل يستخلص منها القانون او القاض ي
وجود وقائع مجهولة".
ويتضح لنا من خالل ما سبق ان القرائن هي نوعان :قرائن قانونية وقرائن قضائية.
فالقرائن القانونية ،نص عليها املشرع املغربي في الفصل "450القرينة القانونية هي التي يربطها
القانون بأفعال او وقائع معينة " كما يلي:
- 1التصرفات التي يقض ي القانون ببطالنها بالنظر الى مجرد صفاتها الفتراض وقوعها مخالفة ألحكامه؛
- 2الحاالت التي ينص القانون فيها على ان االلتزام او التحلل منه ينتج من ظروف معينة ،كالتقادم؛
يستفاد من النص اعاله ،ان ركن القرينة واساسها هو نص القانون ،فالتصرفات التي يقض ي
القانون ببطالنها بافتراض انها وقعت مخالفة ألحكامه ،كذلك الحاالت التي نص عليها القانون بأن حق
امللكية او ابراء الذمة ناتج عن بعض ظروف معينة كالتقادم ،اما بخصوص القوة التي يمنحها القانون
لألمر املقض ي به إذا يفترض ان الحكم صحيح فيما فصل فيه فال يجوز الرجوع الى باب املناقشة فيه
اال عن طريق طرق الطعن املحددة قانونا.125
ومن هنا يتضح ان القرينة القانونية من عمل املشرع وال يمكن ان يقوم ،بأي حال من االحوال،
إال بنص في القانون يقرر قاعدة عامة وملزمة في التطبيق .و تنقسم القرائن القانونية الى قرائن مؤقتة
124نبيل إبراهيم سعد ،االثبات في املواد املدنية والتجارية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بدون طبعة وسنة ،ص173 ،
125رشيد العراقي ،طلرق اثبات االلتزام ،مرجع سابق32 ،
40
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
أو بسيطة تقبل اثبات ما يخالفها ،و تكون مبنية على الراجح و املألوف في الحياة العملية ،و خير مثال
على القرينة القانونية البسيطة سنورده من أحكام املسؤولية التقصيرية عن فعل الغير ،فاملشرع
افترض في األب و األم تقصيرا في تربية الولد ،فحملهما املسؤولية عن االضرار التي يتسبب فيها للغير،
وذلك استنادا الى قرينة قانونية تفترض خطأهما في كيفية اشرافهما على تربية القاصر و رعايته ،ألن
هذه القرينة قابلة إلثبات العكس و على األب و األم إثبات أنهما فعال ما بوسعهما لتفادي وقوع الفعل
الذي تسبب في الضرر.126
اما القرينة القاطعة فهي التي ال يجوز إثبات عكس ما تقض ي به كما في حالة مسؤولية حارس
البناء ،اذ أن الضرر الالحق بالضحية نتيجة تهدم البناء يقوم على قرينة قانونية قاطعة و هي الخطأ
والتقصير املفترض من جانب مالك البناء .127
وتتمثل حجية القرينة القانونية في كونها تغني من قررت ملصلحته عن أي طريقة أخرى من طرق
128
االثبات؛ على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكس ي مالم يوجد نص يقض ي بغير ذلك.
القرينة القضائية هي كل قرينة لم يقررها القانون و ترك امر استنباطها لتقدير القاض ي الذي
يختار القواعد و األحكام الثابتة ليستخلص منها الوقائع املراد اثباتها ،129و قد عرفها الفصل 454من
قانون االلتزامات و العقود بكونها القرائن التي لم يقررها القانون .
فالقرينة دليل يستنبطه القاض ي ،من خالل االحتكام الى العقل واملنطق ،من املالبسات املحيطة
بالدعوى املعروضة عليه ،فمن وقائع الدعوى التي ينظر فيها يختار واقعة يستدل بها على الواقعة املراد
إثباتها ،اي الواقعة مصدر الحق .ومن هنا يتضح ان القرينة القضائية دليل غير مباشر اذ ال يقع
االثبات فيها على واقعة بعينها بوصفها مصدر الحق ،وانما يقع على واقعة اخرى قريبة منها ومتصلة بها
إذا ثبتت أمكن للقاض ي أن يستنتج منها الواقعة املراد اثباتها ،وقد صدرت عن املجلس األعلى (محكمة
126راجع الفصل 86الظهير الشريف الصادر في 9رمضان 12( 1331أغسطس )1993بمثابة قانون االلتزامات والعقود.
127بنسالم اوديجا ،سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين-
القانون املدني املعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط-أكدال ،جامعة محمد الخامس ،السنة الجامعية،
،2015-2014ص51
128نبيل إبراهيم سعد ،االثبات في املواد املدنية والتجارية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر ،بدون طبعة وسنة ،ص190
129بنسالم اوديجا ،سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية ،مرجع سابق ،ص 88
41
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
النقض حاليا) قرارات توضح كيف ان االثبات بالقرينة القضائية ال ينصب مباشرة على الواقعة
املتنازع بشأنها وانما على وقائع أخرى قريبة ومتصلة بها.130
و منها القرار الصادر بتاريخ 28/3/1988تحت عدد 159في امللف رقم 8347/87حيث ورد فيه ":ان
املحكمة اعتمدت باألساس على النقط التي كانت تمنح للمستخدم في السنوات السابقة لسنة نقله
كقرينة ،و استنتجت من ذلك ان 40نقطة التي منحت له بمناسبة نقله ال تعتبر امتيازا ،و معلوم ان
القرائن القضائية التي لم يقررها القانون هي دالئل يستخلص منها القاض ي وجود وقائع مجهولة ،اي
ان القاض ي في نطاق سلطته التقديرية من الوقائع يستنبط من الوقائع املعروضة عليه ما يكون
قناعته إلثبات أمر مجهول ،فإلثبات بالقرائن ال ينصب مباشرة على الواقعة املتنازع فيها ،و انما يتناول
وقائع أخرى يدل ثبوتها بثقة غير مباشرة ،على صحة ما أثبته املحكمة.131
االثبات بالقرائن القضائية يقوم على تفسير القاض ي ملا هو معلوم لديه من الوقائع كي يستخلص
منه ع ن طريق االستنباط العقلي قرينة يستدل بها على واقعة مجهولة يراد اثباتها ،فالقرينة القضائية
التي لم يحدد القانون حجتها ،و اوكلها لتقدير القاض ي ،كما ان استنباط القرائن القضائية من سلطة
قاض ي املوضوع فله سلطة مطلقة في استنباط ما تحمله من داللة كما انه حر في تكوين قناعته ،و ال
يخضع في تقديره ملحكمة النقص ،132و يمكن تعزيز القرينة القضائية ،حتى و لو توفرت فيها شروط
القوة و الدقة و التوافق و الخلو من اللبس ،باليمين متى ارتأى القاض ي ضرورة لذلك ،و هو ما نص
عليه الفص 455من قانون االلتزامات و العقود "ال تقبل القرائن ،و لو كانت قوية و خالية من اللبس
ومتوافقة ،اال اذا تأيدت باليمين ممن يتمسك بها متى رأى القاض ي وجوب أدائها".
اليمين
عرف االستاذ العبدالوي املقصود من اليمين في االثبات وهي اشهاد هللا تعالى على صدق ما يخبر
به الحالف .ويكلف الشهود باليمين قبل تأدية شهادتهم اشعار لهم بوجوب قول الحق .ويكلف بها احد
الخصوم لتأييد ادعائه ،لذا امكن ان تعتبر اليمين من وسائل االثبات امام القضاء. 133
42
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
و بالتالي فاملقصود باليمين هي التي يوجهها احد الخصوم لآلخر أو التي توجهها املحكمة الحد
الخصوم من تلقاء من تلقاء نفسها ،و التي يتوقف عليها الفصل في النزاع القائم ،و يلجأ الخصم اليها
عادة عندما يفقد الدليل على صحة دعواه ،و قد توجهها املحكمة الستكمال دليل ناقص. 134
واليمين بدورها تنقسم الى نوعين فهناك ما تسمى باليمين الحاسمة واالخرى باليمين املتممة.
فاألولى اي اليمين الحاسمة وهي التي يوجهها أحد الخصمين الى اآلخر ليحسم النزاع ،فيترتب على
حلفها او النكول عنها أن يفصل القاض ي في النزاع ملصلحة الحالف او الناكل ،وال يسمح بالعودة
للتعرض إلثبات ما تم الحلف عليه ،بأية وسيلة لإلثبات ،ومن هذه سميت اليمين باليمين الحاسمة.135
اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل االثبات التي تكتس ي حجية مطلقة ،وقد اعتبرها الفقه وسيلة
احتياطية تنتهي بها الدعوى ،وال يلجأ اليها الطرف فيها اال عندما يعجز عن اثبات ادعائه بوسيلة اثبات
قانونية تنتهي بها الدعوى قائمة وقطعية ،136إذا أداء اليمين و النكول عنها حجة ملزمة للقاض ي ويحكم
في صالح من أداها او في غير صالح من نكل عنها ،و أداء اليمين الحاسمة حجة قاصرة على .من وجهها
ومن ووجهت اليه وال يتعدى أثرها الى غيرها من الخصوم.
وعليه ليس للقاض ي ان يرفض االستجابة لليمين الحاسمة كلما تقدم طرف الدعوى بطلب
توجيهها متى توافرت شروطها أي تكون منازع فيها ،وأن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها ،وأن يجيز
القانون قبولها ،وأن تكون مما يجوز التصرف فيه ،وأن تكون متعلقة بشخص من يوجهها.137
وهو ما سار عليه العمل القضائي حيث صدر في هذا الصدد قرار عن املجلس األعلى (محكمة النقض
حاليا ) بتاريخ 17/1/1990حيث جاء فيي حيثياته "138تعتبر اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل اإلثبات
يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل .ال تملك املحكمة اال االستجابة لطلبها متى تأكدت من توفر
شروطها .ال يجوز للمحكمة رفض توجيه اليمين الحاسمة بعلة ان املديونية مبنية على سند كتابي ،وال
يجوز اثبات عكس ما جاء فيه اال بالكتابة وإال تكون قد خرقت مقتضيات الفصلين 404و 460من
قانون االلتزامات و العقود ".
43
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
اليمين املتممة:
إذا كانت اليمين الحاسمة توجه من طرف أحد طرفي الدعوى الى خصمه ،وال يملك القاض ي أي
سلطة أو اختيار في توجيها ،فإن اليمين املتممة يوجهها القاض ي من تلقاء نفسه الى أحد أطراف
الخصومة بهدف استكمال أسباب قناعته من خالل الوقائع املعروضة عليه متى كان الدليل املحتج به
من لدن طرف الدعوى غير كاف ،إذا فهي التي تتمم حجة ناقصة ال تكفي إلقامة الدليل لصالح من
توفرت له ،ويوجهها القاض ي للخصم الذي يتوفر على بداية حجة.139
وتعتبر حجة اليمين املتممة اقل من حجية اليمين الحاسمة ،فهي مجرد اجراء تحقيق يتوقف عليه
البت في النازلة ،ويكون به القاض ي قناعته الكافية في امللف ،وتبقى نتائجها ،في جميع األحوال ،غير
ملزمة ألن من حقه وسلطته أن ال يحكم دوما ملصلحة من حلف اليمين املتممة ،ذلك ان حلف اليمين
ال يترتب عليه حسم النزاع لفائدة من يحلفها أو ضد من ينكل عنها ،فالقاض ي هو الذي يقرر نتيجة
اليمين املتممة في ضوء سلطته التقديرية.140
-139بنسالم أوديجا ،سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،وحدة البحث والتكوين-
القانون املدني املعمق ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،الرباط-أكدال ،جامعة محمد الخامس ،السنة الجامعية،
،2015-2014ص98
-140بنسالم أوديجا ،ص 101
44
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
بالوسيلة التي حددها املشرع ،في حين أن اإلدارة حرة في اللجوء إلى أية وسيلة إلثبات الواقعة املنشئة
للضريبة أو املادة الضريبية ،ذلك معناه أنه يمكن اإلثبات في املادة الجبائية بالوسائل الخاصة
املتضمنة في القانون الجبائي من تصريح و وثائق محاسبية وال يتم اللجوء إلى الوسائل العامة إال بصفة
141
استثنائية.
اإلثبات عن طريق التصريح الجبائي أو اإلقرار الجبائي :التصريح أو اإلقرار هو مبادرة إجبارية
وضرورية من قبل امللزم في العملية الضريبية تستهدف إخبار اإلدارة الضريبية بواقعة معينة
لها اثار جبائية.
كما أنه وسيلة تكشف عن الواقعة املنشئة وال تنشئها باعتبار أن هذه الواقعة ال تحتاج
لتقديم إقرار عنها أو اعتراف بنشؤها من قبل امللزم حتى تخضع للضريبة ،بل هي تنشأ بمجرد تحقق
شروطها ،فهو إذا وسيلة مباشرة لتقدير املادة الضريبة باعتبار أن امللزم هو الشخص الوحيد الذي
يعرف حقيقة دخله أو رقم األعمال الذي حققه خالل مدة معينة ،أما اإلدارة الضريبية فهي قد
التصل إلى تقدير هذه املادة إال بعد جمع مجموعة من املعلومات واملعطيات وبعد دمجها وتحليلها
وتهيء وسائل تبرير املادة الضريبية املعتمدة فيها.
فاإلقرار الضريبي يستمد أهميته من كون أغلبية الضرائب الحالية مبنية عليه ،وهي تشكل
ثالثة أرباع الحصيلة الجبائية ،وقد أقرته كافة األنظمة الضريبية كوسيلة لجعل امللزم يساهم مع
اإلدارة في تحديد وضعيته الجبائية ،من هذا املنطلق فإن له حجية قوية في اإلثبات سواء بالنسبة
للملزم أو بالنسبة لإلدارة.
فاإلقرار الضريبي مبني على قرينة الصدق بما ضمنه امللزم من معلومات تتعلق بالواقعة
املنشئة للضريبة ،أو بوعاء هذه الضريبة ،وهكذا فإنا اإلقرار يحمي امللزم ويشكل قرينة لصالحه ألن
اإلدارة ملزمة باألخذ به ما لم تقم الدليل على عدم صدقه عن طريق مسطرة تواجهيه تقوم على إعالم
امللزم باالختالالت التي تشوب هذا اإلقرار ،أو بالنقصان الذي يطبع أرقامه.142
-141موالي عبد الرحمان ابليال ،اإلثبات في املادة الجبائية باملغرب بين القواعد العامة وخصوصيات املادة ،أطروحة لنيل دكتوراه
الدولة في القانون ،جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية واإلقتصادية و االجتماعية مراكش ،2007 ،ص .273
45
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ولكن حتى يتسنى االحتجاج باإلقرار في مواجهة اإلدارة الضريبية خاصة ،فإنه يجب أن يستوفي
شروطا شكلية أي يتضمن بيانات امللزم و البيانات املتعلقة بالضريبة ،وكذلك شروط موضوعية أي
يجب أن يتضمن خاصية اإليضاح وخاصية التبرير وكذا خاصية اإلبالغ.
وهكذا فإن استفاء اإلقرار لشروط الشكلية واملوضوعية فإنه يبنى على قرينة الصدق ،وبتالي
يكون حجة قوية لصالح امللزم تبرؤه من عبء اإلثبات ،وتفتح له املجال ملواجهة اإلدارة به ،والتي ال
يمكنها ا لتشكيك في قيمته الثبوتية أو استبعاده إال بعد أن تتحمل عبء إثبات مبررات استبعاده،
وبعدها تباشر مساطر خاصة بذلك.143
اإلثبات من خالل الوثائق املحاسبية :تعتبر املحاسبة أهم وسيلة تجسد خصوصية اإلثبات في
النظام الجبائي ،فهي إذا كانت حقا لفائدة امللزم تمكنه من مواجهة اإلدارة الضريبية بمجموعة من
األرقام والوقائع املفيدة في تحديد املادة الضريبية ،ومن نقل عبء اإلثبات عليها فإنها في نفس الوقت
واجب عليها ،هذا الواجب الذي حرص املشرع املغربي النص عليه وتأطيره بمجموعة من الضوابط التي
تجعل من املحاسبة تترجم الصورة املالية الصادقة لوضعية امللزم ،وترك املجال واسعا أمام اإلدارة
ملراقبة انتظام وصدق هذه املحاسبة تحت مراقبة مباشرة للجن الضريبة و للقضاء فيما بعد.144
فنظام املحاسبة حسب املشرع ال تتكون فقط من بيانات شكلية ومستندات ووثائق ،ولكنها ترتبط
بمبادئ أساسية يتعين أن تنعكس في تقييداتها ،وهكذا ال يكفي أن تكون املحاسبة منتظمة في الشكل
حتى تكون صالحة لإلثبات بل يجب أن تكون صادقة ،بحيث ستصبح غير منتظمة إذا لم تستوف هذه
الشروط .وإذا لم تكن هذه املحاسبة غير منتظمة فلم يعد بإمكان امللزم أن يتمسك بمحاسبته
كوسيلة لإلثبات لصالحه مادام أنها لم تعد لها قيمة قانونية.145
وقد استعمل املشرع املغربي على مر الوقت عدة صيغ للتعبير على هذه النتيجة ،فهو استعمل رفض
املحاسبة في القانون املتعلق بالضريبة على األرباح املهنية ( املادة 28املكررة ثالث مرات ) ،ثم استعمل
46
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
عبارة التشكيك في املحاسبة في القوانين املتعلقة بالثالثية الضريبية ( املادة 35من القانون رقم -86
24املنظم للضريبة على الشركات على سبيل املثال).
واستعمل في مدونة العامة للضرائب في املادة 213التشكيك في القيمة اإلثبات التي تكتسيها املحاسبة
حينما يتعلق األمر بإخالل من اختالالت املحاسبية ،وعبارة إعادة النظر املحاسبة حينما تنصب على
وجود نقصان في األرقام املصرح بها.
وسواء تعلق األمر بهذه العبارة أو بتلك فإن النتيجة هي استبعاد القيمة اإلثباتية للمحاسبة في مواجهة
اإلدارة الضريبية ،غير أن هذه النتيجة ال تعني إعدام املحاسبة ،بل تبقى لها بعض األثار ،وهي أن عبء
اإلثبات أصبح بقع على امللزم ،وهكذا فعدم انتظام محاسبته أفقده االستناد عليها في اإلثبات وحتم
عليه البحث عن وسائل أخرى لإلثبات ،ويتجمل عبء اإلثبات على مستويين :األول إثبات أن اإلساس
الجديد املحدد من طرف اإلدارة غير حقيقي أو غير مبرر والثاني إثبات الدخل الحقيقي الواجب
اعتماده من طرف اإلدارة.146
فبموازاة مع هذه األنواع من اإلثبات يوجد إثبات أخر يتكون من وسائل اإلثبات الجاري بها العمل في
القواعد العامة ،ويشمل جميع وسائل اإلثبات املعروفة في القواعد العامة باستثناء شهادة الشهود و
اليمين ،غير أنه يختلف عنها من حيث الترتيب ومن حيث درجة الحجية في اإلثبات.
فاإلشكال طرح في مسألة اإلثبات بشهادة الشهود إذ نجد في املادة الجبائية اعتبرت أن عدم اللجوء إلى
شهادة الشهود كوسيلة إلثبات ،يرجع إلى اعتبارات تتعلق بانعدام الجدية و النزاهة ،ليأتي املشرع
املغربي ويحسم هذه املسألة إذ أجاز اإلثبات بشهادة الشهود كبداية حجة يجب تدعيمها بوسيلة
كتابية أخرى ،إذ نص في املادة 140من املدونة العامة للضرائب على أنه( ...ال تقبل شهادة الشهود إال
إذا كانت مصحوبة ببداية حجة كتابية ،وذلك كيفما كانت أهمية النزاع).
.1اإلثبات في قانون حماية املستهلك
تعد قواعد اإلثبات من أهم القواعد التي من شأها املساهمة في تحقيق حماية فعالة
للمستهلك ،حيث إنه بالرغم من أن املشرع املغربي كفل للمستهلك مجموعة من الحقوق لصالحه إال
47
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
أنها تبقى غير فعالة و ال قيمة لها في حالة عدم وجود قواعد إثبات تسهل على املستهلك إثبات تلك
الحقوق في حالة حدوث نزاع بشأنها.147
فمن املعلوم أن املنهي ينتج مجموعة من الوثائق التي يمكن أن يستخدمها كألية في حالة وقوع
نزاع األمر الذي يكون معارضا ملصلحة املستهلك ،وهو ما دفع الفقه و القضاء لتخفيف من القوة
الثبوتية لتلك الوسائل ،إذ ند من بينها :
الفاتورة إذ تعتبر دليال كتابيا مهما يمكن اعتماده كوسيلة إثبات طبقا للقواعد
العامة ،فهي الية لحماية املستهلك من خطر التالعب باألسعار و تسهيل عملية اإلثبات.
فاملشرع املغربي أكدا على دور الفاتورة في قانون حماية املستهلك ،حيث نص على ضرورة
تسليم الفاتورة من طرف املورد أو مقدم خدمة إلى كل من املستهلك أو املنهي ،إذ نص في املادة 4من
قانون املتعلق بتحديد تدابير حماية املستهلك على ما يلي ( يجب على املورد كذلك أن يسلم فاتورة أو
مخالصة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامها إلى مستهلك قام بعملية شراء ،وذلك وفقا
للمقتضيات الجبائية الجاري بها العمل) وهذا املقتض ى نفسه كرسه املشرع املغربي في املادة 48من
148
قانون حرية األسعار و املنافسة.
فقد نجد بنود العقد تتداخل لفرض نظام لإلثبات لصالح املهنيين ،كالبند الذي يعتبر الفاتورة
وحدها هي وسيلة اإلثبات الوحيدة ،وهذا ما قضت به املحكمة االبتدائية بالناضور في حكم لها حيث
جاء فيه "حيث تطلب املدعية الحكم على املدعى عليه بأداء مبلغ 32528درهم املستحقة عليه نتيجة
استعمال خط الهاتف موضوع عقد االشتراك الرابط بين الطرفين ،وحيث استدلت املدعية إثباتها
لطلبها كشف الحساب مستندة على فواتير االستعمال الشهري لم تكن محل طعن أو منازعة من املدعى
عليه لذلك ،وملا كانت الفاتورة وسيلة تامة لإلثبات الدين حسب البند 9من عقد االشتراك ،وكان هذا
املقتض ى االتفاقي يجد أساسه القانوني في الفصل 417من قانون االلتزامات و العقود فإن طلب يكون
مبنيا على أساس قانوني ويتعين االستجابة له.149
-147املهدي العزوزي ،تسوية نزاعات االستهالك في ضوء القانون رقم 31.08القاض ي بتحديد حماية للمستهلك ،مطبعة املعارف
الجديدة ،الطبعة األولى ،الرباط ،2013 ،ص48
-148فاطمة الزهراء الكبير ،اإلثبات في قانون حماية املستهلك ،بحث لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن
عبد هللا كلية العلوم القانونية والسياسية و االجتماعية بفاس ،السنة الجامعية ،2014 -2013ص 54
-149قرار منشور في موقع www Marocdroit com
48
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
وهكذا يمكن القول بأن الفاتورة وسيلة فعالة بيد كل من الدائن و املدين مادام املشرع املغربي أوجب
تحريرها في نظيرين كحجة أمام القضاء ،إما من طرف الدائن إلثبات عدم تنفيذ املدين اللتزاماته أو
150
من طرف املدين إلثبات أنه نفذ التزامه
الوثائق النموذجية :يقوم مبدأ سلطان اإلرادة على حرية التعاقد و أيضا حرية األطراف
املتعاقدة في مناقشة شروط و التفاوض بشأنها إال أنه نظرا لتطور الذي أصبح يشهده املجتمع
و السرعة املتطلبة في بعض األنشطة التجارية ،أصبحت الحرية في التعاقد تتراجع شيئا
فشيئا أمام ظهور أشكال جديدة للتعاقد منها العقود النموذجية.151
وهذه العقود عادة ما تستعملها املؤسسات التي تتمتع بقدرة قوية على فرض شروطها ويكون
هناك طرف ضعيف بحاجة إلى السلعة أو الخدمة ،وخير نموذج لهذه العقود ،نجد عقود االشتراك في
املاء والكهرباء و الهاتف وعقود التأمين وغيرها ،وحتى يعتبر العقد نموذجيا يجب أن يوجه للعامة هذا
من جهة ،وأن يعد العقد بشكل مسبق من أحد األطراف من جهة أخرى.
هكذا فإن املستهلك بمجرد توقيعه وقبوله على العقد النموذجي فإنه يعتبر ملزما بما تضمنه
هذه من البنود ،وفي حالة وقوع نزاع بينه وبين املحترف الذي أعدته يمكن اعتماد العقد النموذجي
كألية لإلثبات.
والبد أن نشير للعملية اإلشهارية التي حدد املشرع املغربي النموذج الذي يتعين أن تكون
مطابقة له بحيث تتضمن مجموعة من البيانات األساسية كعنوان أو تسمية العملية واسم منظم
العملية وعنوانه ....إلى غيرها من البيانات التي يبدو أن املشرع املغربي ألزم توفرها في جميع العمليات
اإلشهارية ،إذ في حالة غيابها يمكن اعتبارها حجة إثبات في مواجهة املنهي.152
وعليه يمكن القول أن املشرع املغربي عمل على تكريس الشكلية في قانون حماية املستهلك،
ليس تقييدا إلرادة األطراف وإنما لحمايتها وتوفير ادلة إثبات يمكن اعتمادها أمام القضاء القتضاء
الحقوق املتنازع عنها ،وفي ذلك تخفيف من صرامة القواعد العامة لإلثبات.
. 150نجاة عصادي ،العالم التعاقدي ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص ،بجامعة املولى إسماعيل كلية العلوم القانونية
واالقتصادية و االجتماعية مكناس ،سنة ،2011-2010ص .39
-151فاطمة الزهراء الكبير ،مرجع سابق ،ص 65
-152مرجع سابق ،ص71
49
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ولم يقف املشرع املغربي إلى هذا الحد بل اتجه إلى تخفيف من صعوبة عبء اإلثبات عن طريق
تكريسه لخصوصية قلب اإلثبات وإعطائه للقاض ي دور إيجابي في هذا املجال.
وعموما لم يحصل تقدم كبير على مستوى تطوير قواعد اإلثبات لصالح املستهلك ،حيث إن
املشرع املغربي في قانون حماية املستهلك لم يفصل بشكل كافي فيما يتعلق بقواعد اإلثبات ،ومرد ذلك
هو أن املشرع املغربي قرر أن القواعد العامة من قبيل املادة 399من قانون االلتزامات و العقود"
إثبات االلتزام يقع على مدعيه" هي الواجبة التطبيق ،أي أن البينة على من ادعى واليمين على من
أنكر.
.2اإلثبات في القانون البنكي
القوة الثبوتية للكشف الحسابي بمقتض ى القانون :بخصوص اإلثبات في املجال البنكي فقد جعل
املشرع املغربي من الكشوفات الحسابية إحدى وسائل اإلثبات القانونية القابلة لالستدالل بها
أمام القضاء ،وهذا ما أكد علية الفصل السادس من القانون املتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان
ومراقبتها.153
إذ يعتبر الحساب البنكي القطب الذي تدور حوله مختلف العمليات التي يجريها البنك مع
زبونه وهو يشكل في صوته العامة أداة لتسوية العمليات التي تتم بين البنك وزبونه ،حيث يمكن لهذين
األخيرين استعمال هذه األداة للوفاء بديونهما املتقابلة بكيفية تشبه عملية الوفاء بواسطة املقاصة،154
إذ من خالله يقوم البنك بإدراج مختلف العمليات الواردة على حساب الزبون واملسجلة في خانتين
للدائنية و املديونية داخل جدول يسمى كشف الحساب ،وبهذا يصبح هذا الكشف بمثابة الدفتر
التجاري ،الذي تسجل فيه العمليات.
ولكن حتى يكتس ي الكسف الحسابي حجته القانونية البد وأن يتوفر على مجموعة من
الشروط حددتها املادة 106من قانون مؤسسة االئتمان ،والتي أكدت علية مدونة التجارة في مادتها
155
492على ضرورة احترام الضوابط املقررة في املادة
-153الظهير شريف رقم 1-39-147املؤرخ في 6يوليوز ،1993املعتبر بمثابة قانون متعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها ،املنشور
بالجريدة الرسمية الصادر في 7يوليوز ،1993عدد ،4210ص .1167-1156
-154محمد لفاروجي ،العقود البنكية بين مدونة التجارة و القانون البنكي مجموعة قانون التجارة و األعمال ،مطبعة النجاح الجديدة،
الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،1998 ،ص .15
-155نصت املادة 492من مدونة التجارة على ما يلي ’’يكون كشف الحساب وسيلة إثبات وفق شروط املادة 106من الظهير شريف رقم
1-39-147املؤرخ في 6يوليوز ،1993املعتبر بمثابة قانون متعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبته’’
50
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
حجية البطائق البنكية في اإلثبات :توازيا مع التوسع البنكي ،وتطوره لوحظ نمو سريع للتقنيات
املعلوماتية و اإللكترونية التي اجتاحت كل قطاعات النشاط االقتصادي و الغير االقتصادي،
لدرجة أننا بدأنا نتحدث عن الثورة املعلوماتية.
ورغبتا منها في تحسين الخدمات التي توفرها لزبنائها ،قصد مواجهة التوسع الكبير لنشاطاتها فإن
األبناك لم تتخلف عن ركب الثورة املعلوماتية ،وهكذا نشأت وسائل أداء جديدة أهمها تتمثل فيما
يصطلح عليه اليوم بالبطائق البنكية.
وهذه البطائق هي عبارة عن ورقة ذات حجم صغير مصنوعة من البالستيك املقوى تمنحها
مؤسسة مرخص لها بذلك لزبونها املنخرط طبقا لشروط معينة ألداء أو لسحب أموال عن الشبابيك
156
األوتوماتيكية أو العادية
من هذا التعريف يتضح لنا العالقة العقدية القائمة بمناسبة إصدار البطاقة البنكية هي عالقة
متعددة األطراف ،فهي عبارة عن عقد يبرم بين البنك مصدر البطاقة وعمليه من جهة ،ومن جهة ثانية
هناك عقد بين البنك و التاجر ،ومن جهة ثالثة الغالقة الرابطة بين التاجر وعميل البنك.
كما أن لهذه البطائق إيجابيات متعددة وأهمها أنها تستجيب إلى هاجس السرعة والسرعة هي ضرورة
مالية وقانونية لرجل البنك وزبونه على السواء ،غير أن هذه اإليجابيات مصحوبة بالعديد من
الصعاب وعلى رأسها الصعوبات القانونية الناتجة عادة عن االستعمال التعسفي أو التدليس ي لهذه
البطائق ،والصعوبة األساسية تتمثل في مشكل إثبات العالقات القانونية التي تربط بين أطراف
البطائق البنكية.
فأما انعدام اإلثبات املتمثل في املستند املكتوب والذي يعتبر األساس الذي يقوم عليه إثبات التصرفات
القانونية ،157فإن املشكل املطروح هو في حقيقة األمر مزدوج ،بحيث يطرح مشكل إثبات هوية الزبون
في حاالت التحويل االلكتروني لألموال ،وكذا مشكل إثبات محتوى العمليات الناتجة عن استعمال
الحساب االلي.
واملشكل األول الذي هو إثبات هوية الزبون في حاالت التحويل االلكتروني لألموال يمكن إثباته عن
طريق التوقيع الكودي والسري الذي يتم باستخدام أرقام أو حروف سرية تعبر عن شخصية املوقع
-156محمد الشافعي ،بطاقات األداء و اإلثمان باملغرب ،املطبعة و الوراقة الوطنية ،مراكش ،2002 ،ص 17
-157أنظر الفصل 443من قانون االلتزامات و العقود
51
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ويتحدد دور التوقيع الكودي شأنه شأن التوقيع الخطي في وظيفتين أساسيتين أولها أنه يميز هوية
صاحب التوقيع ،158إذ يمكن بعد اتباع اإلجراءات املتفق عليها ،تأكد الحساب أن من قام بالتوقيع هو
الشخص صاحب البطاقة .كما أن هذا التوقيع الكودي يعبر عن إرادة صاحب التوقيع.
وعموما نشير الى أن هذا اإلشكال الزال قائما ،خصوصا أمام صرامة نظام اإلثبات املعمول به في بالدنا
(نظام اإلثبات املقيد) والذي يجعل من الكتابة املحور األساس ي إلثبات التصرفات القانونية خاصة
تلك التي تتجاوز قيمتها السقف املبين في الفصل 443من قانون االلتزامات والعقود ،فإنا تدخل
تشريعا مناسبا يبقى هو الحل األمثل في نظرنا إلضفاء الحجة عل هاته الوسائل الحديثة.
املطلب الثاني :الطرق الحديثة إلثبات االلتزامات ( الكتابة اإللكترونية نموذجا )
الفقرة األولى :حجية املحرر اإللكتروني إلثبات
إن دخول العالم في مجال تكنولوجيا املعلومات وقيام ثورة علمية عاملية ،أدى إلى تغير مفهوم اإلثبات
تبعا إلمكانية إنشاء الحقوق وااللتزامات بطرق إلكترونية واالستغناء في غالبية األحيان عن الكتابة
الورقية ولم يعد باإلمكان سوى االعتراف بهذا العالم الجديد الذي يقوم على علم املعلوماتية
والتكنولوجيا وهو يعتمد أسلوبا غير ورقي ،مرئيا ومنقوال عبر الشاشة اإللكترونية .وما يتعين قوله انه
بالرغم من ان املحررات التقليدية بقيت على مدى طويل من الزمن لها أولوية بين أدلة اإلثبات كافة
على أساس قوتها الثبوتية غير املشكوك فيها ،إال أنه ظهرت لنا باملوازة مع ذلك املحررات
159
االلكترونية.
وبالرجوع الى الفقرة االولى من الفصل 440من قانون االلتزامات والعقود على ان نسخ املحررات لها
نفس االثبات التي تتسم بها اصولها عندما يشهد بمطابقتها املوظفون الرسميون بذلك160من املعروف
أن اإلثبات هو نظام قانوني بحيث ال يقبل من طرقه ووسائله إال تلك التي حددها القانون والتي تتمتع
بقوة ثبوتية كاملة إلثبات
-158نجوى أبو طيبة ،التوقيع اإللكتروني تعريفه -مدى حجيته في اإلثبات ،مؤتمر األعمال املصرفية اإللكترونية بين الشريعة و القانون،
الجزء األول ،2003ص 444
_159ايمان غانم ،حجية املحررات االلكترونية في االثبات(دراسة تحليلية مقارنة) ،مذكرة تكميلية لنيل شهادة املاستر ،تخصص قانون
االعمال ،كلية الحقوق جامعة املسيلة،2013 ،الصفحة . 2
52
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ان املشرع املغربي لم يعرف لنا القصود باملحرر االلكتروني وهذا واضح من خالل القانون 53.05
املتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية حيث اغفل اعطاء تعريف للوثيقة االلكترونية
واكتفى بشروط اصدار واجراءات هذه املحررات اال انه بالرجوع للفصل 417_1من قانون االلتزامات
والعقود نجده جعل الوثيقة االلكترونية مساوية للوثيقة املحرر على الورق سواء كانت مطلوبة
لالنعقاد أو لإلثبات .161
اوال :املحرر العرفي االلكتروني
162
من املعلوم ان الوثيقة العرفية يتم تحريرها من طرف االفراد فيما بينهما دون تدخل جهة رسمية
اي موظف عمومي فهو محرر غير رسمي هذا فيما يخص املحرر التقليدي ،اما املحرر العرفي
163
ال يشترط فيه شرط التوقيع واملقصود بالتوقيع هنا التوقيع االلكتروني لكي يعتد بصحته
االلكتروني وليس التوقيع العادي الذي يكون بخط اليد ،والوثيقة العرفية االلكترونية حتى تكتسب
حجية في االثبات يشترط فيها ان تستوفي مجموعة من الشروط املحددة في الفصل 417_1و 417_2
من قانون االلتزامات والعقود:
التعرف بصفة قانونية على الشخص مصدر الوثيقة :بمعنى ان تدل املعلومات املحفوظة
على املحرر االلكتروني على هوية الشخص الذي انشأ هذه املعلومات وان تتضمن ايضا
لحظة االرسال والتسلم هذا املحرر وان تكون املعلومات املحفوظة مفهومة وواضحة حتى
يتمكن االحتجاج بمضمونها.164
أن تكون معدة ومحفوظة ضمن تماميتها :تعتبر من بين الشروط االساسية لالعتداد
بالوثيقة االلكترونية فكما نعلم ان الوثيقة املحررة على الورق قابلة للحفظ مهما طال
الزمن اما الدعامة اإللكترونية بدورها يجب ان تكون قابلة للحفظ واملشرع املغربي لم
يبين ولم يعرف شكل الحفظ.165
_161احمد درويش ،تأمالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية ،منشورات سلسلة املعرفة القانونية ،سنة
،2009ص.59
_162عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني الجديد املجلد الثاني ،نظرية االلتزام بوجه عام ،االثبات ،الطبعة
،3بيروت ،منشورات الحلبي الحقوقية،2011،ص.114
_163نشأت احمد ،رسالة االثبات ،القاهرة ،دار الفكر العربي ،الطبعة السادسة،ص.261
_164مصطفى موس ى العجارمة ،التنظيم القانوني للتعاقد عبر شبكة االنترنيت ،دار املكتب القانونية ،مصر ،الطبعة ،2010ص.134
_165ايمان التيس ،التجارة االلكترونية وضوابط حماية املستهلكين باملغرب ،اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة موالي
اسماعيل ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمكناس ،الشنة الجامعية،2014ص240
53
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ان تحمل توقيعا مؤمنا وتاريخا ناتجا عنه :التوقيع املؤمن هو الذي تتوفر فيه شروط
سالمة التعاقد ليرتب اثاره القانونية وهو عبارة عن رقم او كتابة برتبط ارتباطا عضويا
بالتشفير.166
ثانيا :املحرر االلكتروني الرسمي
إن الوثيقة االلكترونية تتميز بكونها محررة بلغة رقمية تقرأ على شاشة العرض ،ونظرا لعدم وجود
متعاقدين في مجلس واحد فكيف يمكن ان نتصور توثيق هذه املحررات امام موظف عمومي؟
ان الحضور الشخص ي للموظف العمومي او للموثق في املعامالت االلكترونية ال يمكن ان يكون في
مجلس واحد بسبب تباعد االطراف مكانيا ،167ومن ثم فما يمكن تصوره هو حضور املوثق الفعلي
لوضع التوقيع االلكتروني الحد االطراف ثم بعد ذلك يرسل الوثيقة الكترونيا للطرف االخر للغرض
نفسه امام نفس املوثق او امام موثق اخر ،اما اذا تصورنا الحضور االفتراض ي للموظف العمومي فإن
معاينته كذلك تكون افتراضية لوضع التوقيع االلكتروني وهذا االمر يتطلب تقنيات ومعدات متطورة
لكي توفر مجاال لتالقي املوظف العمومي باألطراف وهي امكانية غير متاحة حاليا في بالدنا.
والورقة الرسمية االلكترونية متى استوفت الشروط وتمت باملعايير التي حددها القانون اكتسبت
حجية قاطعة ال بالنسبة للمتعاقدين وال بالنسبة للغير.
وهذا ما جاء في قرار ملحكمة النقض ...(168لكن حيث انه طبقا ملقتضيات الفقرة الثانية من
الفصل 440من قانون االلتزامات والعقود فإن نسخ الوثيقة القانونية املعدة بشكل الكتروني تقبل
االثبات متى كانت مستوفية للشروط املشار اليها في الفصلين 417_1و 417_2من نفس القانون.)...
الفقرة الثانية :التوقيع اإللكتروني
اهتم املشرع املغربي بالتوقيع االلكتروني وعالجه من خالل القانون املتعلق بالتبادل االلكتروني
للمعطيات القانونية ،05.53وذلك في القسم الثاني من هذا القانون خاصة الباب االول والثاني منه،
حيث نجد املشرع يتحدث عن التوقيع االلكتروني املؤمن والتشفير ثم املصادقة على هذا التوقيع
االلكتروني بقوته الثبوتية.
_166املختار بن احمد العطار ،العقد االلكتروني ،مطبعة النجاح الجديدة ،الطبعة االولى ،الدار البيضاء،2010،ص58و.59
_167محمد العروص ي ،التعاقد التجاري هن طريق االنترنيت ،املجلة املغربية لألعمال واملقاوالت ،عدد 10مارس،2006ص.19
_168قرار محكمة النقض ،املؤرخ في 09اكتوبر 2012غرفة االحوال الشخصية وامليراث ،امللف عدد 2011/1/2/698رقم . 681
54
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
لقد حظي التوقيع االلكتروني بأهمية خاصة من قبل العديد من املشرعين و الفقهاء ،169فأغلب
170
التشريعات ،سواء تشريعات عاملية أم وطنية ،عرفت التوقيع االلكتروني ووضعت له عدة تعريفات
إال أن املشرع املغربي لم يورد أي تعريف للتوقيع اإللكتروني في القانون رقم 05.53مكتفيا بذكر
شروط التوقيع العادي والتوقيع اإللكتروني والتوقيع اإللكتروني املؤمن ،171واستوجب فقط إذا كان
التوقيع االلكتروني يتم عبر استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباط ذلك التوقيع ،بالوثيقة
املتصلة به ،كما جاء في الفقيرة االخيرة من الفصل 417ـ ـ 2من ق ل ع بعد التعديل.
ويؤدي التوقيع االلكتروني عدة وظائف قانونية ،172يمكن إجمالها في وظيفتين رئيسيتين :
تحديد هوية املوقع :وهو ما أكد عليه املشرع في الفصل 2ـ ـ 417من ق ل ع حيث نص على
انه" :يتيح التوقيع الضروري إلتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص املوقع ويعبر عن
قبوله لاللتزامات الناتجة عن الوثيقة املذكورة ،".وكذا الفصل 426من نفس القانون الذي
169ـ عرفه بعض الفقه بأنه " :بيان مكتوب بشكل الكتروني ،يتمثل بحرف أو رمز أو إشارة أو صوت أو شفرة خاصة ومميزة ،ينتج عن
اتباع وسيلة آمنة ،وهذا البيان يلحق أو يرتبط منطقيا ببيانات املحرر االلكتروني (رسالة البيانات ) للداللة عن هوية املوقع على املحرر
والرضا بمضمونه ".أورده أبو زيد محمد محمد " :تحديث قانون االثبات ،مكانة املحررات االلكترونية بين االدلة الكتابية" ،دون دار
النشر ،2002 ،ص .171
170ـ عرفته مجموعة ISOبأنه" مجموعة معطيات أضيفت على وحدة املعطيات أو تحول مشفر لوحدة املعطيات تمكن املرسل إليه من
إثبات مصدر وحدة املعطيات وكذلك التأكد من صحتها أو تمامها مع حمايتها من التقليد".
ـ عرفه املشرع الفرنس ي في نص املادة 1316ـ 4املستحدثة على أن ":التوقيع ضرورة إلتمام عقد قانوني يكشف عن هوية الشخص
الذي وضع التوقيع ،كما يعلن عن رضا االطراف بااللتزامات الناجمة عن هذا العقد ،وحينما يوضع التوقيع بواسطة موظف عام ،فإن
هذا التوقيع يضفي على العقد الطابع الرسمي".
ـ عرفه املشرع املصري في قانون رقم 15لسنة 2004تنظيم التوقيع االلكتروني وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا املعلومات
الصادر في ربيع االول 1425املوافق ل ابريل 2004منشور بالجريدة الرسمية املصرية العدد 18تابع (د) في الصفحة 17بتاريخ 22ابريل
. 2004في املادة (/1أ) منه بأنه ":كل ما يوضع على محرر الكتروني ويتحذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له
طابع متفرد يسمح بتحديد شخص املوقع ويميزه عن غيره".
ـ عرفه قانون " االونسترال" النموذجي بشأن التوقيعات االلكترونية في املادة الثانية منه بأنه ":بيانات في شكل الكتروني مدرجة برسالة
أو مضافة إليها أو مرتبطة بها منطقيا ،حيث يمكن ان تستخدم لبيان هوية املوقع بالنسبة لهذه الرسالة ،ولبيان موافقته على املعلومات
الواردة في الرسالة".
171ـ تجدر االشارة الى ان املشرع املغربي نظم احكام التوقيع االلكتروني تحت اصطالح التوقيع االلكتروني املؤمن حيث ينص في الفصل
3ـ 417من قانون 05.53املتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية ": :يعتبر التوقيع االلكتروني مؤمنا إذا ما تم إنشاؤه وكانت
هوية املوقع مؤكدة وتمامية الوثيقة القانونية مضمونة وفق النصوص التشريعية والتنظيمية املعمول بها في هذا املجال".
172ـ ورد في قانون االونسترال النموذجي بشأن التجارة االلكترونية لعام 1996في التعليق على املادة السابعة منه أن التوقيع االلكتروني
يجب ان يقوم بالوظائف التالية ":تعيين هوية الشخص ،وتوفير ما يؤكد يقينا مشاركة ذلك الشخص بالذات في فعل التوقيع والربط بين
ذلك الشخص ومضمون املستند".
55
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ينص على أنه ":ويلزم ان يكون التوقيع بيد امللتزم نفسه ......وال يقوم الطابع أو الختم مقام
التوقيع ،ويعتبر وجوده كعدمه".
التعبير عن إرادة املوقع :في املجال االلكتروني ال مجال للرابطة املادية بيت التوقيع
وشخصية صاحبه ،حيث يجد املتعاقد نفسه ملتزما بمجرد نقرة على لوحة مفاتيح أو الفأرة
دون أي حركة شكلية تساعده على االطمئنان ملا سوف يقدم عليه كإعداد رسالة مسبقة
للتحذير من قبيل " اتبه انت على وشك توقيع وثيقة تلزمك قانونيا" ،لهذه الغاية نصت
الفقرة االخيرة من الفصل 417ـ 2من ق ل ع على أنه" عندما يكون التوقيع الكترونيا ،يتعين
استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة املتصلة به"173.
وختاما ملا سبق ذكره ،يمكن القول بأن مفهوم التوقيع االلكتروني هو مفهوم متشعب يصعب االحاطة
به من جميع الجوانب نظرا لتعدد التعاريف القانونية ،مما دفعنا إلى إلقاء نبذة عن وظائف التوقيع
االلكتروني لذا فإننا سنقوم بإلقاء الضوء على بعض صوره.
أدى اختالف التقنية املستخدمة في تشغيل منظومة التوقيع االلكتروني الى ظهور صور مختلفة له،
فكل تقنية تستخدم في إحداث توقيع الكتروني يكون لها منظومة تشغيل تختلف عن االخرى ،فهناك
تقنية تعتمد على منظومة االرقام أو الحروف أو اإلشارات ،ومنها ما يعتمد على الخواص الفيزيائية
والطبيعية والسلوكية لألشخاصـ ومما ال شك فيه ان لكل تقنية تستخدم في تشغيل منظومة التوقيع
درجة ثقة وأمان قانونيين تختلف كال منهما عن االخرى.174
فهناك التوقيع باستخدام القلم االلكتروني ( اوال) ،والتوقيع البيو متري (ثانيا) ،والتوقيع الرقمي (ثالثا).
أوال :التوقيع بالقلم االلكتروني : Pen –opيتم ذلك عن طريق استخدام قلم الكتروني حسابي
يمكن عن طريقه الكتابة على شاشة الكمبيوتر ،وذلك عن طريق استخدام برنامج معين ،ويقوم هذا
البرنامج بوظيفتين االولى خدمة التقاط التوقيع والثانية خدمة التحقق من صحة التوقيع ،حيث يتلقى
173ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني" ،مقال منشور في سلسلة فقه القضاء التجاري ـ العدد االول ،بدون طبعة ،ص
.179
174ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ـ السويس ي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السنة الجامعية 1009ـ ،2010ص .31
56
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
البرنامج أوال بيانات العميل عن طريق بطاقته الخاصة التي يتم وضعها فب اآللة املستخدمة ،وتظهر
بعد ذلك التعليمات على الشاشة ،ويتبعها الشخص ،ثم تظهر الرسالة تطالب بتوقيعه باستخدام قلم
مربع داخل الشاشة ،ودور هذا البرنامج قياس خصائص معينة للتوقيع من حيث الحجم والشكل
والنقاط والخطوط وااللتواءات ويقوم الشخص بالضغط على مفاتيح معينة تظهر له على الشاشة
175
بأنه موافق أو غير موافق على هذا التوقيع
ثانيا :التوقيع البيو متري : 176هو استخدام الصفات الجسدية والسلوكية لإلنسان لتمييزه وتحديد
هويته ،177مثل بصمة األصبع أو شبكة العين أو بصمة الشفاه أو نبرة الصوت ،178...ويتم التحقق من
شخصية املستخدم أو املتعامل بهذه الطرق البيو مترية عن طريق أجهزة إدخال املعلومات الى
الحاسوب وتخزينها بطريقة مشفرة في ذاكرة الحاسوب ،ليقوم بعد ذلك بمطابقة صفات املستخدم مع
179
الصفات املخزنة وال يسمح له بالتعامل إال في حالة املطابقة
ثالثا :التوقيع الرقمي :يعني مجموعة بيانات في صور مشفرة تسمح للمرسل إليه بالتأكد من
مصدرها ،مضمونها ،لكن أكثرها شيوعا هي التوقيعات الرقمية القائمة على استعمال املفاتيح
املشفرة ،املفاتيح العامة وهي التي تسمح لكل من يهتم بقراءة الرسالة بأن يقرأها دون أن يستطيع
إدخال اي تعديل عليها فإذا ما وافق على مضمونها وأراد إبداء القبول بشأنها وقع توقيعه عليها من
خالل مفتاحه الخاص ،فتعود تلك الرسالة الى مرسلها مذيلة التوقيع.180
بعد ان قمنا بتبيان بعض صور التوقيع االلكتروني ،سنقوم االن بتوضيح القيمة القانونية للتوقيع
االلكتروني وما مدى قوته الثبوتية ضمن وسائل االثبات.
أدرك املشرع املغربي كباقي التشريعات املقارنة ضرورة تجاوز الهوة الرقمية وما يترتب عنها من هوة
قانونية ،وذلك عن طريق التدخل التشريعي ملالئمة تشريعاته مع التطورات التكنولوجية الحديثة في
175ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني" ،م .س ،ص .181
176ـ املقصود به التحقق من شخصية املتعامل باالعتماد على الخواص الفيزيائية والطبيعية والسلوكية لالفراد ،تعريف أورده
177ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " ،م .س ،ص .34
178ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني" ،م .س ،ص . 181
179ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " ،م .س ،ص .34
180ـ عبد هللا الكرجي صلحة حاجي" االثبات الرقمي " ،مطبعة االمية بالرباط ،الطبعة االولى ،2015ص 74و .75
57
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ميدان استخدام تكنولوجيا املعلومات في التجارة االلكترونية متأثرا في ذلك بالجهور املبذولة على
املستوى الدولي ( أ ) واالقليمي (ب).181
أ ـ ـ ـ على مستوى القانوني الدولي :يتجلى هذا خاصة في قانون األونسترال النموذجي
والتوجيه االوروبي.
قانون "األونسترال :نص قانون األونسترال النموذجي الصادر عن االمم املتحدة على مبدأ هام
وهو حجية التوقيع في املعامالت ،شريطة أن تتوافر به شروط محددة منها ارتباط التوقيع
بشخص موقعه ومن ثم يميز هذا املوقع دون غيره عن اآلخرين ،شرط أن تكون منظومة
التوقيع تحت سيطرة املوقع دون أي شخص آخر ،كذلك يمكن اكتشاف أي تغيير في التوقيع
االلكتروني.
وهو ما ورد في البند االول من املادة السادسة من قانون االونسترال السابق ذكره بأنه " حينما يشترط
وجود توقيع من شخص ،يعد ذلك االشتراط ضروريا بالنسبة الى رسالة البيانات إذا استخدم توقيع
الكتروني يعول عليه بالقدر املناسب للغرض الذي أنشئت أو أبلغت من أجله رسالة البيانات مع
مراعاة كل الظروف ،بما في ذلك اي اتفاق ذي صلة" ،كما أقام البند الثالث من ذات املادة افتراض
مؤداه ان التوقيع االلكتروني يصبح موثوقا به ،ومن ثم يمكن التعويل عليه متى كانت األداة التي
استخدمت في إنشائه تخص املوقع دون غيره ،وكانت لحظة إجراء التوقيع تحت سيطرته ،وكان
باإلمكان كذلك اكتشاف أي تحريف يطرأ على التوقيع االلكتروني بعد صدوره".
لقد فرق قانون االونسترال النموذجي بين نوعين من التوقيع االلكتروني ،فهناك التوقيع االلكتروني
العادي والذي جاء النص عليه في معظم القوانين وهو البيانات االلكترونية التي تتخذ هيئة حروف أو
رموز أو أرقام وغيرها ،والتي تستخدم للتوقيع على رسالة بيانات عادية بغرض تحديد هوية صابحها
والداللة على شخصيته والتزامه بمضمون ما قام بالتوقيع عليه ،وهذا النوع تبقى درجة االمان التي
يتمتع بها ليست بالدرجة العالية مما يجعل حجيته باإلثبات ال ترقى الى درجة اليقين التام ،والذي
يؤدي الى إخضاعه للسلطة التقديرية لتحديد درجة االمان املستخدمة فيه.182
181ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني" ،م .س ،ص .182
182ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " م .س ،ص .112
58
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
أما النوع الثاني من التوقيع االلكتروني فهو التوقيع املعز أو املحمي ،والذي يتخذ هيئة بيان في شكل
الكتروني متصل برسالة بيانات ويجب أن يحقق وظائف ومزايا تزيد على التوقيع االلكتروني العادي،
اضافة لتحقيقه هوية الشخص القائم به وتحديد شخصيته والتزامه بمضمون محرر املوقع عليه،
فإنه يجب أن يحقق ربطا بين املوقع والتوقيع والسماح له بالسيطرة على التوقيع بحيث يصعب تعديل
هذا التوقيع بعد إجرائه وعدم إمكانية إنتاج نفس التوقيع من شخص آخر ،والذي يمكن من اكتشاف
أي تعديل أو تحريف في مضمون املحرر أو التوقيع.183
التوجيه االوروبي :يساعد هذا التوجيه في خلق إطار قانوني متناسق داخل املجموعة
االوروبية ،هذا التناسق من شأنه تدعيم الثقة في وسائل االتصال الحديثة التي تساعد في
استخدام آمن لهذه الوسائل في إنجاز املعامالت .ويقر هذا التوجيه باالنفاقات املتعلقة
باإلثبات والتي بموجبها يتفق أطرافها على شروط قبول التوقيع االلكتروني في اإلثبات .184
بحث يسعى التوجيه االلكتروني إلى إقامة التكافؤ بين التوقيع االلكتروني وبين التوقيع التقليدي من
حيث الحجية ،وقد حدد التوجيه نطاق التكافؤ بخصوص التوقيع املعزز التي يتم إصداره عن طريق
آليات حمائية وتأمينية .185أما التوقيع غير املعزز ،فإن التوجيه االوروبي ال يفرض على الدول االعضاء
إال االلتزام بعدم إنكاره كوسيلة إثبات ملجرد كونه في شكل الكتروني أو أنه يرفق بشهادة تؤكد صحته
عن طريق استخدام أدوات تــأمين التوقيع طبقا ملقتضيات الفقرة الثانية في املادة الخامسة من
التوجيه االلكتروني توجه الدول االعضاء إلى عدم إهدار قيمة التوقيع االلكتروني في اإلثبات واالعتداد
183ـ محمد محمد أبو زيد " تحديث قانون االثبات ،مكانة املحررات االلكترونية بين األدلة الكتابية" ،دون دار النشر ،2002 ،ص 185ـ
188أوردته " زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " ،م .س ،ص .118
184ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " ،م .س ،ص .117
185ـ بالرجوع للفقرة االولى من املادة الخامسة من التوجيه االلكتروني رقم 99ـ 93الخاص بالتجارة االلكترونية والتوقيع االلكتروني
املتقدم تلزم الدول االعضاء بأن تعمل على ان يكون التوقيع االلكتروني املتقدم أو املعزز باملستند الى شهادة والذي يتم اصداره من
خالل تقنيات تضمن له الثقة واآلمان :
1ان تتوافر فيه املتطلبات القانونية للتوقيع بالنسبة للمعطيات االلكترونية ،بنفس الطريقة التي يوفرها التوقيع الكتابي املكتمل
الشروط بالنسبة للمحرر االلكتروني.
2ـ ان يكون مقبوال كدليل إثبات كامل أمام القضاء حيث يمنح الحجية املقررة للتوقيع الخطي.
59
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
به كدليل ومنحه الحجية املناسبة حتى وان لم يكن مستوفيا لشروط التوقيع االلكتروني املعزز أو
املتقدم.186
تبنى املشرع املغربي التوجه الذي اعتمدته لجنة االمم املتحدة بأخذه ملبدأ املقاربة الوظيفية لالعتراف
بمعادلة التوقيع االلكتروني للتوقيع التقليدي ،ولقد تبنى جل املقتضيات الجوهرية عن القانون املدني
الفرنس ي بعد تعديله وتتميمه في مجال التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية.
ان املشرع املغربي من خالل الفصل 1ـ 418من الفرع الثاني من ق ل ع نجده قد سوى بين
التوقيع االلكتروني والتوقيع التقليدي بطريقة غير مباشرة ذلك عن طريق االثبات بالكتابة.187
إال انه اقر شروط معينة من أجل االعتداد بها وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل 1ـ 417من
ق ل ع ،حيث جاء فيه ":تقبل الوثيقة املحررة بشكل الكتروني اإلثبات ،شأنها شأن الوثيقة املحررة
على ورق ،شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون
معدة ومحفوظة وفق الشروط من شأنها تماميتها ".
وهذه الشروط التي جاءت بها في الفصل السابق الذكر تقابلها شروط خاصة بالتوقيع االلكتروني
املؤمن أو املعزز وذلك في املادة 6من قانون 05.53والتي جاء فيها :
186ـ عمر هبطي" التوقيع االلكتروني" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،شعبة القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،الدار البيضاء 2006 ،ـ ،2007ص .49
187ـ ينص الفصل املذكور أعاله على أنه ":تتمتع الوثيقة املحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة االثبات التي تتمتع بها الوثيقة
املحررة على ورق ".
188ـ عرفت املادة السابعة من القانون 53.05املوقع بأنه ":هو الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي يعمل لحسابه الخاص أو لحساب
الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي يمثله والذي يستخدم آلية إنشاء التوقيع االلكتروني.
60
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية إلنشاء189التوقيع االلكتروني ،تكون صالحيتها مثبتة
بشهادة للمطابقة.
وعليه ،عند توفر هذه الشروط يصبح التوقيع االلكتروني موثوقا به ،ويؤدي إلى بث الطمأنينة في
سالمة الوثيقة االلكترونية وصحتها ،وما يالحظ ان املشرع املغربي لم يركز على التقنية أو الطريقة التي
يتم بها استخدام التوقيع االلكتروني كما هو الحال بالنسبة لبعض التشريعات املقارنة ،وإنما اشترط
توافر معايير قانونية وتقنية يكون دورها التأكيد على سالمة التوقيع االلكتروني املؤمن على تلك املعايير
فإنه يصبح قادرا على القيام بوظائف التوقيع العادي .وبهذا يكون قد ساير االتجاه الذي سار عليه
القانون النموذجي الخاص بالتوقيعات االلكترونية وكذلك االحكام الخاصة بالتوقيع املعزز املنصوص
عليه في التوجهات االوروبية الخاصة بالتوقيعات االلكترونية.190
189ـ عرفت املادة الثامنة من القانون 53.05آلية إنشاء التوقيع االلكتروني بأنه ":تتمثل في معدات أو برمجيات أو هما معا ،يكون
الغرض منها توظيف معطيات إنشاء التوقيع االلكتروني التي تتضمن العناصر املميزة الخاصة باملوقع ،كمفتاح التشفير الخاصة
باملستخدم من لدنه إلنشاء التوقيع االلكتروني ".
190ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني" ،م .س ،ص 183
61
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
خاتمة
من املؤكد أن لاللتزامات التعاقدية أهمية قصوى داخل املجتمع وان إقرار التوازن بين طرفي
املتعاقدين يظل الهدف الرئيس ي داخل كل التشريعات التي تروم تحقيق األمن القانوني وتجاوز
املعيقات التي تحول دون خلق مناخ يسمح بتوفير سبل االستثمار والتقدم االقتصادي غير أن هدا
املطلب يظل رهينا بإحداث تغييرات على مستوى النصوص القانونية املؤطرة لاللتزامات التعاقدية
وتوفير اآلليات التي تيسر اعمالها سواء على املستوى اللوجيستيكي أو البشري واشراك مختلف
الفاعلين في الحقل القانوني لتحقيق التطبيق السليم وتفعيل النص القانوني بما يكفل حماية حقوق
املتعاقدين.
املحيط الدولي ودلك بإثراء النصوص القانونية املحلية وتنقيحها ملسايرة التطورات التي يعرفها العالم
بشأن التعامل مع مسائل اشكاالت قانونية مستجدة مرتبطة بالعقود وااللتزامات التي تقع على عاتق
طرفي العقد وآثاره بالنسبة لألغيار وإخراجها بصلب القوانين املغربية بما يتالءم مع خصوصيتها ومن
جهة أخرى يتعين العمل على تضمين وسائل إثبات االلتزامات وطرق الترجيح بين الحجج ضمن
القوانين املنظمة أو التي تمس العالقات التعاقدية كما هو الشأن بالنسبة لقانون االلتزامات والعقود
بدل اإلحالة عليها في مراجع متفرقة خارج املدونات القانونية لتحقيق األمن القانوني وتيسير للقضاء
للبت في املنازعات املعروضة عليه بهذا الخصوص.
ومن جانب آخر تبرز أهمية األخذ بالوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الرسائل اإللكترونية والقرص
املدمج واللجوء للخبرات الجينية مع العمل على توحيد االجتهاد القضائي في التعاطي مع املسائل
واالشكاالت القانونية املتعلقة بااللتزامات التعاقدية من خالل إصدار قرارات صادرة عن محكمة
النقض بجميع الغرف لتفادي تعدد القرارات واختالفها وتضاربها حول نفس املسألة القانونية.
62
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
ان تفادي قصور القاعدة القانونية وتفعيل تطبيقاتها العملية في ميدان االلتزامات الناشئة عن العقود
وآثارها وتنفيذها يفرض بالضرورة توفير الوسائل التي تساعد على اعمالها وتنفيذها على الوجه
الصحيح ويتأتى دلك من خالل تفعيل مؤسسة قاض ي التنفيذ داخل املحاكم وايالءها األهمية التي
تتناسب وتنوع اتصل بك واختالف النزاعات الناشئة بشأن تنفيد االلتزامات والصعوبات التي تعتري
مرحلة التنفيذ ومن جهة أخرى مساهمة الدولة وسأدخلها لتيسير عملية تنفيد األحكام املتعلقة
بااللتزامات التي تمس املراكز القانونية للمتعاقدين من خالل تفعيل دور النيابة العامة أثناء مرحلة
التنفيذ.
مما ال شك فيه أن االلتزامات التي تقع على عاتق أطراف العقد وان كانت تهم بصفة مباشرة
املتعاقدين اال ان مجالها التطبيقي يعرف بالضرورة تدخل فاعلين بامليدان القانوني والقضائي من
مساعدي القضاء والجهاز القضائي األمر الدي يحتم إدراج برامج تأطيريه لهده الفئة وعقد ندوات تعنى
برفع الغموض واللبس املتعلق بااللتزامات التعاقدية حتى يتسنى التطبيق السليم خاصة وأن األمر
يتعلق بممارسين تتعلق مهامهم بالجانب القانوني وعلى صلة مباشرة ووحيدة واحتكاك مع الصعوبات
واالشكاالت املرتبطة بااللتزامات التعاقدية.
ومن جهة أخرى يتعين العمل على انفتاح وسائل االعالم املحلية على الحقل القانوني وادماجه
ضمن البرامج املوجهة للعموم بغية جعل املادة القانونية في متناول جميع الشرائح االجتماعية وخلق
التواصل بين الفاعلين في امليدان القانوني واملجتمع من خالل تبني لغة سلسة تتيح للعموم فهم كنه
املادة القانونية وتيسير الحصول على املعلومة القانونية بشكل يتيح للمواطن الغير املتخصص االملام
ببعض الجوانب التي تعترض معامالته القانونية سواء في ميدان الكراء أو البيع ...وغيرها من امليادين
التي تفرضها املعامالت وااللتزامات التعاقدية بين أفراد املجتمع.
63
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
الئحة املراجع
مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات و العقود املغربي ،مطابع دار القلم،
لبنان ،ج 1389 ،1ه – 1970م
عبد املنعم البدراوي ،النظرية العامة لاللتزام ،دراسة مقارنة في قانون املوجبات و العقود اللبناني
والقانون املدني املصري ،ج ،2دار النهضة العربية للطباعة و النشر ،بيروت -لبنان ،ط 1968م.
ايت الحاج مرزوق ،الوجيز في نظرية االلتزام ،دار أبي رقراق للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة
الثالثة ،الجزء غير موجود.2017،
عبد العالي الدقوقي ،الوجيز في القانون املدني ،مطبعة سجلماسة ،مكناس ،الطبعة األولى ،الجزء
غير موجود.2017 ،
عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون املدني (دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها
الطبعة باملفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي) ،مطبعة املعارف الجديدة-الرباط،
الخامسة.2018،
عبد الرحمن الشرقاوي ،القانون املدني "أحكام االلتزام" ,الجزء الثالث ،مطبعة املعارف الجديدة
الرباط ،الطبعة الثانية.2018 ،
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون املدني الجديد املجلد الثاني ،نظرية االلتزام بوجه
عام ،االثبات ،الطبعة ،3بيروت ،منشورات الحلبي الحقوقية.2011،
هشام املراكش ي ،الغير في القانون املغربي دراسة في تحديد املركز القانوني للغير حماية الغير في
النصوص القانونية والعمل القضائي ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى،
.2019
نبيل إبراهيم سعد ،االثبات في املواد املدنية والتجارية ،دار النهضة العربية للطباعة والنشر،
الطبعة األولى ،السنة غير موجودة.
64
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
-نادية ايوب ،تنفيذ االلتزام بين القواعد املسطرية و املوضوعية ،اطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص ،جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية،
مراكش ،السنة الجامعية .2017-2016
-مالك ايد سعيد "اثار عدم تنفيذ االلتزام -مطل املدين نموذجا "-بحث نهاية التكوين ،املعهد
العالي للقضاء.2017-2015 ،
امان التيس " فسخ العقود بين القانون املدني والقانون التجاري " رسالة لنيل دبلوم املاستر في
القانون واملقاولة ،جامعة املولى إسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
بمكناس ،السنة الجامعية .2008-2007
65
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
أشرف جنوي ،الخلف في العقد بين القواعد املوضوعية والقواعد اإلجرائية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق ،شعبة القانون الخاص ،وحدة التكوين والبحث في القانون املدني ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية مراكش ،جامعة القاض ي عياض.2012/2011 ،
محمد محروگ ،مفهوم الغير في العقد التحديد واآلثار – دراسة مقارنة ،-أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث :القانون املدني ،جامعة القاض ي عياض
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،مراكش.2005/2004 ،
بنسالم اوديجا ،سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،وحدة البحث والتكوين-القانون املدني املعمق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
االجتماعية ،الرباط-أكدال ،جامعة محمد الخامس ،السنة الجامعية.2014-2015 ،
موالي عبد الرحمان ابليال ،اإلثبات في املادة الجبائية باملغرب بين القواعد العامة وخصوصيات
املادة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون ،جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية
واإلقتصادية و االجتماعية مراكش.2007 ،
-فاطمة الزهراء الكبير ،اإلثبات في قانون حماية املستهلك ،بحث لنيل شهادة املاستر في القانون
الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية والسياسية و االجتماعية بفاس،
السنة الجامعية .2014 -2013
.نجاة عصادي ،العالم التعاقدي ،رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص ،بجامعة املولى
إسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية مكناس ،سنة .2011-2010
ايمان غانم ،حجية املحررات االلكترونية في االثبات(دراسة تحليلية مقارنة) ،مذكرة تكميلية لنيل
شهادة املاستر ،تخصص قانون االعمال ،كلية الحقوق جامعة املسيلة.2013،
زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " ،رسالة لنيل دبلوم املاستر في
القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ـ السويس ي ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،الرباط ،السنة الجامعية.2009.2010
عمر هبطي" التوقيع االلكتروني" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة ،شعبة القانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة الحسن الثاني ،الدار البيضاء،
2006ـ .2007
66
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
شكيب صبار ،التماطل اإلرادي في التشريع املغربي ،مقال منشور بمجلة املنارة ،عدد ،4السنة
الثانية يونيو .2013
رشيد العراقي ،طرق اثبات االلتزام ،مجلة القضائي ،العدد ،30السنة .2007/10/ 15
_ احمد درويش ،تأمالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية ،منشورات سلسلة
املعرفة القانونية ،سنة .2009
محمد العروص ي ،التعاقد التجاري هن طريق االنترنيت ،املجلة املغربية لألعمال واملقاوالت،
عدد 10مارس.2006
مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني" ،مقال منشور في سلسلة فقه القضاء التجاري ـ
العدد االول ،بدون طبعة.
قرار عدد ،1177الصادر عن محكمة النقض بتاريخ 27ابريل 1988م ،في ملف املدني عدد
98021
قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 2013/02/26تحت عدد 13/7/75في امللف املدني
عدد .2012/7/1/883
- قرار عدد 556صادر عن محكمة االستئناف بتاريخ 1982/3/2م ،في ملف عدد .1237-8
- قرار عدد ،571صادر عن محكمة النقض بتاريخ 1989/02/27م.
قرار صادر بتاريخ 28/3/1988تحت عدد 159في امللف رقم 8347/87منشور بمجلة قضاء
املجلس األعلى العدد 41الصفحة 179وما يليها
قرار صادر عن املجلس األعلى(محكمة النقض حاليا) بتاريخ 17/01/1990تحت عدد ،126
منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى املادة املدنية 58-56الصفحة 149وما يليها.
قرار محكمة النقض ،املؤرخ في 09اكتوبر 2012غرفة االحوال الشخصية وامليراث ،امللف
عدد 2011/1/2/698رقم .681
67
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
أمينة شبيب "قانون االلتزامات والعقود بين االصالح الشامل واإلصالح الجزئي ".مقال منشور
بموقع www.marocdrooit.comتاريخ الدخول .2022/03/26 :
مها دحام ،نشوء نظرية االلتزام وتعريفها 19 .غشت ,2020مقال منشور باملوقع االلكتروني
،www.sotor.comتاريخ االطالع .2022/03/26
مجد عابدين ،االشتراط ملصلحة الغير. 20/03/2022 www.mohamoon-montada.com
68
KACEM MADIﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن
االلتزامات إثباتها وأثارها
الفهرس
مقدمة 1 .............................................................................................................................................................
املبحث األول :أثار االلتزامات بين املبدأ و االستثناء 3 .....................................................................................
املطلب االول :اثار االلتزامات على االطراف 3...................................................................................................
الفقرة االولى :تنفيذ االلتزام 3 .............................................................................................................................................................................................
اوال :التنفيذ العيني والجهة املسؤولة عن تنفيذ االلتزام5 .............................................................................................................................................. .
ثانيا :الضوابط القانونية لتنفيذ االلتزام و بعض الضمانات التي تكفل تنفيذه 7 .........................................................................................................
الفقرة الثانية :عدم تنفيذ االلتزام 9 .................................................................................................................................................................................
أوال :مطل املدين 10 ............................................................................................................................................................................................................
ثانيا :مطل الدائن 13 ..........................................................................................................................................................................................................
خاتمة 62............................................................................................................................................................
الئحة املراجع 64................................................................................................................................................
69