You are on page 1of 71

‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬

‫ماستر املهن القانونية و القضائية‬


‫وحدة‪ :‬األحكام العامة للمعامالت املدنية‬

‫عرض تحت عنوان‬

‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫تحت إشراف الدكتور‪:‬‬


‫نبيل الكط‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬

‫عادل أبوعلي‬
‫محمد بوعميرة‬
‫ملياء بنساس ي‬
‫جهينة بوعبيد‬
‫هند عزيز‬
‫محمد شباط‬
‫أيوب ساروت‬
‫أمينة املقدم‬
‫خديجة القرفة‬
‫رشيد بنعدي‬

‫السنة الجامعية‪2022/2021 :‬‬


‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬

‫اإللتزمات غثباتها وأثارها‬


‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫مقدمة‬
‫يعتبر القانون املدني الشريعة العامة لكل القوانين فهو بمثابه القاعدة‪ ,‬فهي االصل الذي يجب الرجوع‬
‫اليه في كل مسألة لم ينظمها نص من نصوص القانون‪ 1‬فالقانون املدني يتضمن مجموعة من القواعد‬
‫القانونية التي تنظم العالقة بين االشخاص وكذا الروابط القانونية واملالية‪ ،‬والروابط القانونية‬
‫تتجسد في أساسا في صورة االلتزام املدني الذي ينشا بين طرفين‪ ،‬الدائن واملدين‪ ،2‬وقد عرف بعض‬
‫الفقه املدني االلتزام بكونه تلك "الرابطة القانونية بين شخصين احدهما دائن واالخر مدين‪ ،‬يحق‬
‫بمقتضاه للدائن ان يطالب املدين بإعطاء ش يء معين أو بالقيام بعمل أو لالمتناع عن عمل"‪ ،‬فالحق‬
‫الشخص ي أو االلتزام يتطلب توافر عناصر ثالثة هم صاحب الحق‪ ,‬أي الدائن‪ ,‬ومن يقع عليه الحق‪ ،‬أي‬
‫املدين‪ ,‬ومحل الحق‪ ،‬أي الش يء أو العمل الذي يلتزم املدين القيام به أو االمتناع عنه‪. 3‬‬

‫لقد تأثرت نظريه االلتزام منذ عهد الحضارات القديمة بدءا بحضارة العراق القديمة مرورا بالحاضرة‬
‫الفرعونية والحضارة اليونانية إلى غاية بلورتها بشكل كبير في الحضارة الرومانية خاصة املفهوم الذي‬
‫جاء به فقهاء الرومان وعلى رأسهم موسوعات "جو سنتيان" التي تعمقت في القوانين بشكل كبير‪ ،‬ثم‬
‫جاء الفكر اإلسالمي ليطور من هذه النظرية على أسس ومبادئ موضوعية منطقية ساهمت بشكل‬
‫كبير في تطوير نظرية االلتزام كما نجد أن التشريع اإلسالمي في مواضيع القانون املدني قد سبق‬
‫التشريع الروماني والقوانين األوروبية الحديثة في تقرير بعض املبادئ التنظيمية أهمها مبدأ النيابة‬
‫ومبدأ الرضائية والقوة اإللزامية للعقود والعقود املشروعة والتعسف في استعمال الحق‪.4‬‬

‫وتتجلى األهمية التي يحظى بها املوضوع من خالل شقه النظري في تسليط املشرع املغربي اهتمامه‬
‫لهذه النوعية من املعامالت املدنية بحيث أفرد لها ترسانة قانونية محكمة وأهمية عملية تتجلى في‬
‫الدور الذي تلعبه االلتزامات بصفة عامة واثباتها و أثرها بصفة خاصه في توفير الحماية للدائن‬
‫واملدين‪.‬‬

‫‪ 1‬أمينة شبيب "قانون االلتزامات والعقود بين االصالح الشامل واإلصالح الجزئي‪ ".‬مقال منشور بموقع ‪ www.marocdrooit.com‬تاريخ‬
‫الدخول ‪ 2022/03/26 :‬ساعة الدخول ‪18:32 :‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحمن الشرقاوي‪ ،‬القانون املدني "أحكام االلتزام"‪ ,‬الجزء الثالث‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2018 :‬ص‬
‫‪.22‬‬
‫‪ 3‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون املدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي‪،‬‬
‫مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2018 ،‬الطبعة الخامسة‪ ،‬الجزء غير موجود‪ ،‬الصفحة‪11 :‬‬
‫‪ 4‬مها دحام‪ ،‬نشوء نظرية االلتزام وتعريفها‪ 19 .‬غشت ‪ ,2020‬مقال منشور باملوقع االلكتروني ‪ ، www.sotor.com‬تاريخ االطالع‬
‫‪.2022/03/26‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وهذا ما يدفعنا لطرح إشكال كبير أال وهو‪:‬‬

‫إلى أي حد تمكن املشرع ملغربي من تحقيق التوازن بين كل من طرفي االلتزام وكذا األغيار من حيث‬
‫االثار املترتبة عن هذه االلتزامات من جهة؟ وتنظيمه لوسائل إثباتها من جهة أخرى ؟‬

‫وتنبثق عن هذه اإلشكالية جملة من التساؤالت تتمثل في‪:‬‬

‫ما هي األثار التي ينتجها االلتزام؟ وأين تتجلى حدودها؟‬

‫وما هي وسائل اإلثبات املعتمدة في إثبات االلتزامات؟ وما هي أنواعها؟‬

‫ملعالجة االشكالية أعاله ارتأينا االعتماد على العديد من املناهج من بينها املنهج الوصفي واملنهج‬
‫االستنباطي وذلك كله من خالل التصميم اآلتي‪:‬‬

‫املبحث االول‪ :‬اثار االلتزامات بين املبدأ و االستثناء‬

‫املبحث الثاني‪ :‬اثبات االلتزامات بين الحرية و التقييد‬

‫‪2‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫املبحث األول‪ :‬أثار االلتزامات بين املبدأ و االستثناء‬


‫األصل أن االلتزام يرتب عدة أثار قانونية في ذمة كل أطرافه‪ ،‬وذلك من خالل تنفيذه على أرض‬
‫الواقع ما لم يقع مانع يحول دون ذلك (املطلب األول)‪ ،‬كما أن أثار االلتزامات تنبني على مبدأ أساس ي‬
‫يتمثل في مبدأ نسبية أثار العقد‪ ،‬هذا األخير الذي ترد عليه بعض االستثناءات ( املطلب الثاني)‬

‫املطلب االول‪ :‬اثار االلتزامات على االطراف‬


‫كما هو معلوم اذا نشأ العقد صحيحا و مستوفيا ألركانه و شروط صحته‪ ،‬فانه ينتج اثاره‬
‫القانونية في مواجهة االطراف‪ .‬حيث يترتب على صحة العقد اثر قانوني مهم‪ ،‬و هو تنفيذه بما يتفق‬
‫وقصد املتعاقدين‪ ،‬غير انه قد يتعذر تنفيذه كما لو أخل احد املتعاقدين بتنفيذ التزاماته التعاقدية‪ ،‬او‬
‫استحال عليه ذلك نتيجة لسبب اجنبي‪ ،‬ففي هذه الحالة فان املتعاقد االخر يجد نفسه ملتزما نحو‬
‫الطرف االخر من الناحية القانونية باعتباره طرفا في العقد‪ ،‬و العقد الزال قائما‪ ،‬و يجد نفسه ايضا‬
‫من الناحية العملية اليستطيع الحصول على االداء الذي التزم من اجله‪ ،‬إما الستحالة التنفيذ او ألن‬
‫‪5‬‬
‫الطرف املدين اليريد القيام بتنفيذ التزاماته‪ ،‬فيكون حينئذ في حالة مطل او تماطل في تنفيذ االلتزام‪.‬‬
‫و امام هذه املعطيات فاننا سنخصص (الفقرة االولى) للحديث عن تنفيذ االلتزام و الضوابط الواجب‬
‫احترامها في هذا االطار‪ ،‬على ان نتطرق في (الفقرة الثانية) للحديث عن عدم تنفيذ االلتزام وما قد‬
‫يترتب عن ذلك‪.‬‬

‫الفقرة االولى‪ :‬تنفيذ االلتزام‬


‫إن أولى املبادئ في تنفيذ االلتزامات الناشئة عن العقد‪ ،‬ان هذا االخير يعتبر شريعة املتعاقدين‪،‬‬
‫اي انه عند ابرامه مستوفيا لجميع اركانه تكون له نفس القوة امللزمة التي تتمتع بها القاعدة القانونية‬

‫‪ - 5‬مالك ايد سعيد‪ ،‬اثار عدم تنفيذ االلتزام‪ -‬مطل املدين نموذجا‪ ،‬بحث نهاية التكوين‪ ،‬املعهد العالي للقضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪-2015 :‬‬
‫‪ ،2017‬ص‪.2 :‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫طبقا ملقتضيات "الفصل ‪ 230‬من ق ل ع"‪ ،6‬و لهذا فان فسخ العقد ال يتم اال برضا كافة اطرافه‬
‫‪7‬‬
‫ماعدا بعض االستثناءات املقررة قانونا كما هو الحال بالنسبة لعقد الوكالة‪.‬‬

‫اما املبدأ االخر الذي يقوم عليه تنفيذ العقد فيتمثل في تنفيذ االلتزامات بحسن نية‪ ،‬و هذه القاعدة‬
‫اكدت عليها الفصل ‪ 231‬من ق ل ع‪ ،8‬حيث ان حسن النية يقيد املدين في كيفية تنفيذ التزامه‪ ،‬كما‬
‫يقيد الدائن في طريقة املطالبة بحقه‪ ،‬فالناقل امللتزم بنقل بضاعة معينة ينبغي ان ينقلها وفق احسن‬
‫الظروف‪ 9.‬و هكذا تتطلب النية الحسنة نزاهة املتعاقد في تنفيذ التزامه و اخالصه‪ ،‬و يقصد‬
‫بالنزاهة واالخالص في مجال تنفيذ االلتزام ان يبتعد املتعاقد عن كل غش او تدليس يحول دون تنفيذ‬
‫‪10‬‬
‫االلتزام و يجعله مرهقا و مستحيال‪.‬‬

‫ووعيا من املشرع املغربي باألهمية القانونية للتنفيذ‪" ،‬فانه اعتبر تنفيذ االلتزام بمثابة اقرار"‪" .11‬كما‬
‫انه يعد تنفيذ االلتزام دليال على قبوله من الناحية القانونية"‪ ،12‬بمعنى "ان السعي الى تنفيذ العقد‬
‫بمثابة تعبير ضمني عن قبول من وجه اليه االيجاب‪." 13‬‬

‫ومن ثم فان تنفيذ االلتزام يشكل اهم اثر له‪ ،‬و قد تناول املشرع املغربي اثار االلتزام في القسم الرابع‬
‫من الكتاب االول من ق ل ع‪ ،‬حيث خصه بالفصول من ‪ 228‬الى ‪ 305‬من ق ل ع‪ ،‬كما انه اوضح‬
‫‪14‬‬
‫مظاهر تنفيذ االلتزام و عدم تنفيذه‪ ،‬و رتب اثار على ذلك ثم بين الضمانات التي تكفل تنفيذ االلتزام‪.‬‬

‫‪ - 6‬ينص الفصل من الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬غشت ‪ )1913‬بمثابة قانون االلتزامات و العقود على مايلي ‪":‬‬
‫االلتزامات التعاقدية املنشاة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها‪ ،‬و ال يجوز الغاؤها اال برضائهما معا او في الحاالت‬
‫املنصوص عليها في القانون‪".‬‬
‫‪ - 7‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬الوجيز في القانون املدني‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،2017 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء غير موجود‪ ،‬الصفحة‪:‬‬
‫‪.249‬‬
‫‪ -8‬ينص الفصل ‪ 231‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على مايلي‪ ":‬كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية‪ .‬و هو ال يلزم بما وقع التصريح به فحسب‪ ،‬بل ايضا بكل‬
‫ملحقات االلتزام التي يقررها القانون او العرف او االنصاف وفقا ملا تقتضيه طبيعته‪".‬‬
‫‪ -9‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.249 :‬‬
‫‪ -10‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املسطرية و املوضوعية‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‬
‫كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2017-2016‬ص‪.17 :‬‬

‫‪ -11‬ينص الفصل ‪ 37‬من ق‪.‬ل‪.‬ع في الفقرة االولى على ما يلي‪ ":‬يعتبر االقرار بمثابة الوكالة و يصح ان يجيء ضمنيا و ان ينتج من قيام‬
‫الغير بتنفيذ العقد الذي ابرم باسمه‪".‬‬
‫‪ -12‬ينص الفصل ‪ 28‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ما يلي‪ ":‬يعتبر الرد مطابقا لإليجاب اذا اكتفى املجيب بقوله " قبلت" او نفذ العقد بدون تحفظ"‪.‬‬
‫‪ -13‬مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات و العقود املغربي‪ ،‬مطابع دار القلم‪ ،‬لبنان‪ ،‬ج ‪ 1389 ،1‬ه – ‪1970‬م‪،‬‬
‫ص‪50،:‬‬
‫‪ -14‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزامات بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.646 :‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وفي هذا االطار سنتطرق الى تنفيذ االلتزام من خالل الحديث عن التنفيذ العيني و الجهة املسؤولة عن‬
‫تنفيذ االلتزام (اوال) ثم نخصص (ثانيا) للحديث عن الضوابط القانونية لتنفيذ االلتزام و بعض‬
‫الضمانات التي تكفل تنفيذه‪.‬‬

‫اوال‪ :‬التنفيذ العيني والجهة املسؤولة عن تنفيذ االلتزام‪.‬‬


‫يعتبر التنفيذ العيني لاللتزام كنقطة اولى دعامة اساسية الستقرار املعامالت و تكريس الثقة‬
‫بين االطراف املتعاقدة مما يساهم في تحقيق العدالة التعاقدية‪ .‬ويقصد بالتنفيذ العيني هو التنفيذ‬
‫الذي يحصل فيه الدائن على ذات ما يلتزم به املدين اي يستوفي موضوع املوجب بالذات و يكون ذلك‬
‫في حاالت االلتزام بعمل كتسليم منقول او عقار او بضائع او تشييد بناء‪ ،‬او االلتزام باالمتناع عن القيام‬
‫‪15‬‬
‫بعمل كعدم فتح نافذة‪ ،‬او االلتزام بنقل ملكية ش يء معين بالذات او النوع‪.‬‬

‫و اذا كان االلتزام حقا من جهة الدائن‪ ،‬فهو بمثابة التزام من جهة املدين و بالتالي فهما وجهان لعملة‬
‫واحدة و هي التنفيذ العيني لاللتزام من خالل الحقوق و الواجبات املترتبة على عاتق كل طرف مما‬
‫يقتض ي تعاون بين الطرفين من اجل انتاج اثره‪ ،‬و يظل هذا االثر مرتبطا بطرفي العقد و ال يمكن ان‬
‫‪16‬‬
‫يمتد اثره‪ ،‬سواء بالنفع او الضرر الى الغير اال في االحوال املذكورة على سبيل الحصر في القانون‪.‬‬

‫في هذا االطار حيث ينص الفصل ‪ 236‬من قانون االلتزامات و العقود على ما يلي‪:‬‬

‫"يجوز للمدين ان ينفذ االلتزام اما بنفسه و اما بواسطة شخص اخر و يجب عليه ان ينفذه بنفسه‪:‬‬

‫ا‪ -‬اذا اشترط صراحة ان يقوم شخصيا بأداء االلتزام و في هذه الحالة ال يسوغ له ان يجعل شخصا‬
‫اخر مكانه‪ ،‬ولو كان هذا الشخص افضل منه في ادائه‪.‬‬

‫ب‪ -‬اذا نتج هذا االستثناء ضمنيا من طبيعة االلتزام او من الظروف‪ ،‬و مثال ذلك ان يتمتع املدين‬
‫بمهارة شخصية‪ ،‬تكون احد البواعث الدافعة إلبرام العقد‪".‬‬

‫وبالتالي يتبين من هذا الفصل ان املشرع املغربي منح الخيار للمدين بين التنفيذ الشخص ي لاللتزام او‬
‫بواسطة شخص اخر‪ ،‬اال ان هذا الخيار يسقط في حالة وجود شرط صريح يقض ي بالوفاء الشخص ي‬
‫من قبل املدين‪ ،‬او كانت طبيعة االلتزام او ظروف تستلزم تنفيذه شخصيا من طرف املدين ملا يتمتع‬
‫به هذا االخير من كفاءة و مهارة‪.‬‬

‫‪ -15‬امينة النمر‪ ،‬اصول التنفيذ الجبري‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬ط ‪ 1985‬م‪ ،‬ص‪ ،6 :‬اوردته نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين‬
‫القواعد املسطرية و املوضوعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 47 :‬‬
‫‪ -16‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.54 :‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫و من جهة اخرى فقد اعطى املشرع امكانية الوفاء بالدين من طرف من ينوب او يمثل املدين كالوكيل‬
‫او ممثله الشرعي من ولي او وص ي او مقدم‪ ،‬بحيث ينص القصل ‪ 237‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على مايلي‪ ":‬اذا لم‬
‫يكن واجبا تنفيذ االلتزام من املدين شخصيا‪ ،‬ساغ ان ينفذ من الغير و لو برغم ارادة الدائن‪ .‬و يبرئ‬
‫هذا التنفيذ ذمة املدين‪ ،‬بشرط ان يكون ذلك الغير قد عمل لحسابه و ابراء ذمته‪.‬‬

‫وال يجوز ان ينفذ االلتزام من الغير برغم ارادة املدين و الدائن معا‪".‬‬

‫و املالحظ من خالل هذا املقتض ى التشريعي‪ ،‬انه يمكن تنفيذ االلتزام من طرف الغير رغم اعتراض‬
‫الدائن على ذلك‪ ،‬اال انه اذا توافقت ارادة املدين و الدائن على خالف ذلك فانه ال يجوز ان ينفذ من‬
‫‪17‬‬
‫طرف الغير‪ ،‬على اعتبار ان العقد شريعة املتعاقدين‪.‬‬

‫اضافة الى ان تنفيذ االلتزام يجب ان يكون لصالح الشخص الذي يستحق ذلك قانونا‪ ،‬وينص الفصل‬
‫‪ 238‬من ق ل ع على مايلي‪ :‬يجب ان يقع الوفاء للدائن نفسه او ملمثله املاذون له على وجه صحيح او‬
‫للشخص الذي يعنيه الدائن لقبض الدين‪ ،‬و الوفاء ملن ليست له صالحية استيفاء الدين ال يبرئ ذمة‬
‫املدين اال‪:‬‬

‫‪- 1‬إذا أقره الدائن و لو ضمنيا او استفاد منه‪،‬‬

‫‪ -2‬إذا أذنت به املحكمة"‪.‬‬

‫لكن السؤال املطروح بهذا الخصوص و هو اذا كان الدائن ناقص االهلية ملن يجب ان يتم الوفاء؟‬

‫فيشترط لصحة الوفاء ان يكون الدائن اهال الستيفاء الدين‪ ،‬او كما اصطلح عليه املشرع املغربي في‬
‫‪18‬‬
‫اطار الفصل ‪ 241‬من قانون االلتزامات و العقود بأهلية قبض الدين‪.‬‬

‫و لكن اذا كان الدائن قاصرا يجب ان يتم الوفاء لنائبه القانوني كالولي او الوص ي‪ ،‬وفي حالة الوفاء‬
‫للقاصر فانه يترتب على ذلك انقضاء الدين و ال يسوغ له استرداد ذلك مادام ال يضر باملصلحة املالية‬
‫للدائن‪ ،‬كما يعتبر تصرفا قانونيا صحيحا في حالة استفادة القاصر من ذلك الوفاء وفقا ملقتضيات‬

‫‪ - 17‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪55 :‬‬
‫‪ -18‬ينص الفصل ‪ 241‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على مايلي‪ " :‬اذا حصل الوفاء من مدين ليست له اهلية التصرف او لدائن ليست له اهلية قبض‬
‫الدين‪ ،‬اتبعت القواعد االتية‪:‬‬
‫‪ -1‬الوفاء او التنفيذ الذي يقوم على ش يء مستحق و ال يضر بناقص االهلية الذي تجراه ينقض ي به الدين و ال يسوغ االسترداد ضد‬
‫الدائن الذي قبضه‪.‬‬
‫‪ -2‬الوفاء الحاصل لناقص االهلية يكون صحيحا اذا اثبت املدين انه استفاد منه على معنى الفصل (‪.)9‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫الفصل ‪ 9‬من قانون االلتزامات و العقود‪ ،19‬و يمكن اعتبار القواعد املنصوص عليها في اطار الفصل‬
‫‪20‬‬
‫‪ 241‬من ق ل ع نصوص امرة تتعلق بالنظام العام ألنها تهدف الى حماية فاقدي االهلية و ناقصيها‪.‬‬

‫هذا كان فيما يخص التنفيذ العيني و الجهة املسؤولة عن التنفيذ العيني لهذا االلتزام باقتضاب‪،‬‬
‫فماذا عن اهم الضوابط القانونية الواجب احترامها لتنفيذ االلتزام ؟ وماهي اهم الضمانات التي تكفل‬
‫تنفيذه حسب قانون االلتزامات و العقود؟‬

‫ثانيا‪ :‬الضوابط القانونية لتنفيذ االلتزام و بعض الضمانات التي تكفل تنفيذه‬
‫تتمثل الضوابط الخاصة بتنفيذ االلتزام اوال في محل الوفاء بااللتزام و يقصد به ذلك االداء‬
‫الذي ينهض به املدين لفائدة الدائن‪ ،‬و هو اعطاء ش يء او القيام بعمل او خدمة او االمتناع عنها‪ 21.‬و‬
‫نجد الفصل ‪ 242‬من قانون االلتزامات و العقود ينص على ما يلي‪ :‬ال تبرا ذمة املدين اال بتسليم ما ورد‬
‫في االلتزام قدرا و صنفا‪.‬‬

‫و ال يحق له ان يجبر الدائن على قبول ش يء اخر غير املستحق له كما انه ليس له ان يؤدي االلتزام‬
‫بطريقة تختلف عن الطريقة التي حددها‪ ،‬اما السند املنش ئ لاللتزام او العرف عند سكوت هذا‬
‫السند‪".‬‬

‫و بالتالي يتضح من هذا الفصل‪ ،‬ان ذمة املدين ال تبرا اال بأداء محل االلتزام حسب ما تم االتفاق‬
‫عليه‪ ،‬و في حالة السكوت حسب العرف‪.‬‬

‫حيث تشترط القواعد العامة لاللتزام ان يكون محل االلتزام معينا على االقل بالنسبة لنوعه‪ ،‬و انه‬
‫يمكن ان يكون مقدرا على ش يء غير محدد شريطة‪ ،‬ان يكون قابال للتعيين‪ ،‬فمثال في عقد البيع ال‬
‫يعتبر البيع صحيحا اذا كان ش يء غير محدد‪ ،‬اال بنوعه ماعدا اذا ورد على اشياء مثلية محددة من‬
‫‪22‬‬
‫حيث العدد‪ ،‬و الكمية و الوزن او املقياس و الصنف‪.‬‬

‫‪ -19‬ينص الفصل ‪ 9‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على مايلي‪ " :‬القاصر و ناقص االهلية يلتزمان دائما‪ ،‬بسبب تنفيذ الطرف االخر التزامه‪ ،‬وذلك في حدود‬
‫النفع الذي يستخلصانه من هذا التنفيذ‪ .‬و يكون هناك نفع اذا انفق ناقص االهلية الش يء الذي تسلمه في املصروفات الضرورية او‬
‫النافعة‪ ،‬او اذا كان هذا الش يء الزال موجودا في ماله‪".‬‬
‫‪ -20‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬
‫‪ -21‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪66 :‬‬
‫‪ -22‬ينص الفصل ‪ 486‬من ق‪.‬ل‪ .‬ع على مايلي‪ " :‬يسوغ ان يرد البيع على ش يء غير محدد االبنوعه‪ ،‬و لكن البيع ال يصح في هذه الحالة اال‬
‫اذا ورد على اشياء مثلية محددة تحديدا كافيا بالنسبة الى العدد و الكمية و الوزن و املقياس و الصنف‪ ،‬على نحو يجيء معه رض ى‬
‫املتعاقدين على بينة و تبصر‪".‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫و قد اشار املشرع املغربي الى انه في حالة عدم تحديد نوع الش يء‪ ،‬فان املدين يحتل موقع الوسط‪،‬‬
‫‪23‬‬
‫بحيث ال يكون ملزما بان يعطي الش يء من احسن نوع في مقابل انه ال يمكن ان يعطيه من اردءه‪.‬‬

‫ايضا يدخل في نطاق الضوابط الخاصة بتنفيذ االلتزام زمان و مكان تنفيذ هذا االلتزام اللذان يعتبران‬
‫عنصران اساسيان إلنشاء االلتزام و ترتيبه لألثار القانونية‪ ،‬فاألصل هو تحديد اجل لتنفيذ االلتزام‪،‬‬
‫اال انه في حالة عدم تحديد االجل ينص الفصل ‪ 127‬من قانون االلتزامات و العقود على ما يلي‪ ":‬اذا‬
‫لم يحدد للوفاء بااللتزام اجل معين‪ ،‬وجب تنفيذه حاال ما لم ينتج االجل من طبيعة االلتزام‪ ،‬او من‬
‫طريقة تنفيذه او من املكان املعين لهذا التنفيذ‪.‬‬

‫و في هذه الحالة يعتبر االجل القاض ي‪".‬‬

‫و يتضح ان املشرع املغربي من خالل هذا الفصل‪ ،‬اعتبر عدم تحديد االجل يجعل من االلتزام واجب‬
‫التنفيذ حاال‪ ،‬مالم يستنتج االجل من خالل ثالث ضوابط تشريعية تتمثل في طبيعة االلتزام او طريقة‬
‫‪24‬‬
‫تنفيذ االلتزام او من املكان املحدد لتنفيذ االلتزام‪.‬‬

‫اما فيما يخص مكان الوفاء بااللتزام فيقتض ي اوال الرجوع الى االتفاق‪ ،‬فان لم يوجد في االتفاق ما‬
‫‪25‬‬
‫يحدد مكان الوفاء‪ ،‬وجب الرجوع الى االحكام القانونية املكملة في هذا الشأن‪.‬‬

‫حيث ينص الفصل ‪ 248‬من قانون االلتزامات و العقود على انه‪ " :‬يجب تنفيذ االلتزام في املكان الذي‬
‫تقتضيه طبيعة الش يء او يحدده االتفاق‪ ،‬فاذا لم بحدد االتفاق مكانا للتنفيذ‪ ،‬وجب ان يقع في مكان‬
‫ابرام العقد‪ ،‬اذا قام على اشياء يكون نقلها كثير الكلفة او صعبا‪ .‬واذا كان من املمكن نقل محل‬
‫االلتزام دون صعوبة‪ ،‬ساغ للمدين ان يقوم بالوفاء اينما وجد الدائن مالم يكن للدائن مبرر معقول‪،‬‬
‫في عدم قبول الوفاء املعروض عليه‪".‬‬

‫من منطلق اخر نجد ان القانون خول للدائن حق التنفيذ على اموال املدين‪ ،‬اال انه اتاح له جملة من‬
‫الوسائل التي من شانها ان تحمي حقه في التنفيذ مقابل تصرفات املدين املؤثرة سلبا على حق الدائن‪،‬‬
‫‪26‬‬
‫و كذا سلوك املدين املبني على االهمال او الغش‪.‬‬

‫‪ -23‬ينص الفصل ‪ 244‬من ق ل ع على مايلي‪ ":‬اذ لم يعين اال بنوعه لم يكن املدين ملزما ان يعطي ذلك الش يء من احسن نوع‪ ،‬كما ال‬
‫يمكنه ان يعطيه من اردئه‪".‬‬
‫‪ -24‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪82 :‬‬
‫‪ -25‬عبد املنعم البدراوي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دراسة مقارنة في قانون املوجبات و العقود اللبناني و القانون املدني املصري‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار‬
‫النهضة العربية للطباعة و النشر‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط ‪ 1968‬م‪ .‬اوردته نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.372 :‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫و لهذا فان قانون االلتزامات و العقود قد تناول في الباب الرابع من القسم الرابع بعض الوسائل‬
‫لضمان تنفيذ االلتزامات و هي‪ :‬العربون‪ ،27‬و حق حبس املال‪.‬‬

‫و في هذا االطار فإننا سنكتفي بالتطرق لحق الحبس كمثال لضمان تنفيذ االلتزام‪ ،‬و كوسيلة يعتد بها‬
‫من الناحية القانونية‪ .‬و قد عرف املشرع املغربي حق الحبس من خالل مقتضيات الفصل ‪ 291‬من‬
‫قانون االلتزامات و العقود حيث نص على ما يلي ‪ " :‬حق الحبس هو حق حيازة الش يء اململوك‬
‫للمدين‪ ،‬و عدم التخلي عنه اال بعد وفاء ما هو مستحق للدائن‪ .‬و ال يمكن ان يباشر اال في االحوال‬
‫الخاصة التي يقررها القانون‪".‬‬

‫و من ثم فان الحق في الحبس هو وسيلة من وسائل الضمان و هو يقوم على فكرة مؤداها انه اذا كان‬
‫الشخص دائن و مدينا لغيره في نفس الوقت فمن حق الحائز ان يستوفي حقه من دينه او ان يمتنع‬
‫‪28‬‬
‫عن الوفاء بدينه‪ ،‬الى ان يستوفي حقه‪ ،‬و يتحقق هذا الحكم في كثير من الفروض‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬عدم تنفيذ االلتزام‬


‫نجد ان املشرع املغربي في إطار قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬تعرض لعدم تنفيذ االلتزامات و آثاره‬
‫في الباب الثالث من القسم الرابع من الكتاب األول املعنون بااللتزامات بوجه عام‪ ،‬وتطرق فيه ملطل‬
‫الدائن واملدين على أساس ان اإلخالل بتنفيذ االلتزام قد يصدر اما من قبل الدائن او املدين او هما‬
‫معا ‪.‬‬
‫وكما اسلفنا سابقا ان األصل في االلتزامات التعاقدية هو وفاء كل طرف بااللتزامات املترتبة على‬
‫عاتقه‪ ،‬اما االستثناء فهو إخالل احد األطراف بما التزم به وذلك عند حلول الفترة الزمنية املعينة في‬
‫العقد‪ ،‬بحيث يتماطل احد األطراف في تنفيذ التزاماته‪ ،‬فيكون حينئذ في حالة مطل او تماطل في تنفيذ‬
‫االلتزام وهو املطل الذي اصطلح عليه الفقه بالتماطل اإلرادي ألنه يكون بإرادة األطراف املتعاقدة ‪.29‬‬
‫على أساس ان اإلخالل بااللتزام غير اإلرادي له حكم مغاير عكس التماطل في التنفيذ ‪.30‬‬

‫‪ -26‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.185 :‬‬
‫‪ -‬يعتبر العربون من بين الوسائل لضمان تنفيذ االلتزامات و تناوله املشرع املغربي ضمن مقتضيات الفصول ‪ 290-289-288‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪27 .‬‬
‫‪-28‬سمير عبد السيد تتاغو‪ ،‬نظرية االلتزام‪ ،‬الناشر منشاة املعارف االسكندرية‪ ،‬باقي البيانات غير مذكورة‪ ،‬اوردته نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ‬
‫االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 198 :‬‬
‫‪ - 29‬شكيب صبار‪ ،‬التماطل اإلرادي في التشريع املغربي‪ ،‬مقال منشور بمجلة املنارة‪ ،‬عدد ‪ ،4‬السنة الثانية يونيو ‪ ،2013‬ص ‪28‬‬
‫أوردته نادية أيوب‪ ،‬م ‪.‬س‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ - 30‬واألمر يتعلق هنا باستحالة التنفيذ الناتج عن سبب اجنبي ال يد للمدين فيه ‪ ,‬وقد تناول املشرع استحالة التنفيذ في الفصول من‬
‫‪ 335‬الى ‪ 339‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ‪ ,‬وهذه االستحالة تعتبر من اسباب انقضاء االلتزام ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وال بد اوال من التطرق للمقصود بعدم التنفيذ‪ ,‬فهو يعني كل فرق بين األداء الواجب على املدين‬
‫بمقتض ى االلتزام املفروض عليه وما بين األداء الحاصل منه فعال‪ ،‬فعدم التنفيذ هو اذن كل انتقاص‬
‫او تفاوت او عدم مطابقة باي شكل من اشكال او تخلف او تعيب او تأخر في األداء الذي قام به املدين‬
‫بمقارنته مع األداء الواجب عليه بموجب االلتزام ‪ .‬وفي إطارحديثه عن عدم التنفيذ‪ ،‬ميز املشرع‬
‫املغربي بين عدم التنفيذ من حيث الكم ومن حيث الكيف‪ ،‬على اعتبار ان اشكال عدم التنفيذ ليست‬
‫مطلقة بل متداخلة‪ ،‬ويندرج في التصنيف املستند الى كم عدم التنفيذ كل من عدم التنفيذ الكلي‬
‫وعدم التنفيذ الجزئي‪ ،‬بينما يستقطب التصنيف املؤسس على كيف عدم التنفيذ جميع اشكال‬
‫التنفيذ املعيب او التنفيذ الس يء‪ ،‬بجودة اقل او غير متوفرة على الصفات املطلوبة‪ ،‬في حين اعتبر‬
‫التأخر في التنفيذ بمثابة تنفيذ غير مطابق او معيب من جهة‪ ،‬كما يمكن ادراجه ضمن اشكال عدم‬
‫‪31‬‬
‫التنفيذ الجزئي ‪.‬‬
‫وسنقتصر في دراستنا لعدم التنفيذ على الشق املرتبط بالتقاعس عن التنفيذ اإلرادي‪ ،‬املعبر عنه من‬
‫قبل املشرع املغربي بالتماطل عن تنفيذ االلتزام ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬مطل املدين‬


‫سبق ان أكدنا على كون حسن النية يعتبر من اهم املبادئ الواجب احترامها والتقيد بها اثناء‬
‫مرحلة تنفيذ االلتزام‪ ،‬اال اننا نصطدم في بعض األحيان ان املدين يتصرف عكس ذلك ‪ .‬مما يحول‬
‫دون تنفيذ االلتزام حيث رتب املشرع اثار قانونية على ذلك‪ ،‬وتقتض ي العدالة إعادة التوازن الى‬
‫اقتصاديات العقد اذا اختل هذا التوازن بحصول متغير في مجال التنفيذ‪.32‬‬
‫لذا نجد ق‪.‬إ‪.‬ع وبالتحديد الفصل ‪ 254‬منه نص على مطل املدين فجاء فيه ما يلي ‪ " :‬يكون املدين في‬
‫حلة مطل‪ ،‬اذا تأخر عن تنفيذ التزاماته‪ ،‬كليا او جزئيا‪ ،‬من غير سبب مقبول ‪".‬‬
‫فتتحقق حالة املطل بالنسبة للمدين عند تأخره عن تنفيذ التزامه كليا او جزئيا‪ ،‬وذلك دون إدالئه‬
‫بسبب مقبول يبرر تأخره هذا ‪ .‬فيصبح املدين في حالة مطل بمجرد حلول األجل املقرر في السند‬
‫املنش ئ لاللتزام‪ ،‬فان لم يعين لاللتزام اجل لم يعتبر املدين في حالة مطل اال بعد ان يوجه اليه او الى‬
‫نائبه القانوني إنذار صريح بوفاء الدين ‪.33‬‬

‫للتفصيل اكثر راجع ‪ ,‬عبد الرحمان الشرقاوي "القانون املدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم الجديدة‬
‫للقانون االقتصادي "‪ ,‬الجزء الثالث ‪ ,‬مطبعة املعارف الجديدة ‪ ,‬الطبعة الثانية ‪ ,2018‬ص‪ 318‬الى ‪.322‬‬
‫واستحالة التنفيذ ممكن ان تنتج عن القوة القاهرة والحادث الفجائي مثال (الفصل‪268‬من ق ا ع )‪ ،‬باعتبارهما من حاالت عدم‬
‫املسؤولية العقدية فالفصل‪ 269‬من ق إع عرف لنا القوة القاهرة وحددها ووضع شروطها‪ ،‬اما الحادث الفجائي فسكت عنه املشرع ‪.‬‬
‫‪ -31‬نادية أيوب‪ ،‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪- 32‬نادية أيوب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.111‬‬
‫‪- 33‬الفصل ‪ 255‬من ق إ ع ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫فيالحظ ان اجل تنفيذ االلتزام يشكل معيارا إلثبات واقعة التماطل من خالل حلول األجل او فواته‬
‫دون تنفيذ االلتزام ‪ ،34‬وكذلك إنذار املدين في حالة عدم تحديد اجل لاللتزام ‪.‬‬
‫فاملشرع سيج اإلنذار بمقتضيات هامة لضمان عدم تعسف الدائن في ممارسته للضمانات املمنوحة له‬
‫لتنفيذ االلتزام وذلك في الفصول من ‪ 255‬الى ‪ 258‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ‪.35‬‬
‫فمن بين اهم اآلليات املمنوحة للدائن عند تماطل مدينه عن التنفيذ هو إجباره على تنفيذ ما التزم‬
‫به عينا بكل الوسائل القانونية الكفيلة بذلك‪ ،‬اذا كان التنفيذ ممكنا‪ ،‬واذا لم يكن ممكنا جاز له ان‬
‫يطلب فسخ العقد مع التعويض في كلتا الحالتين‪. 36‬‬
‫غير انه إذا اصبح التنفيذ غير ممكن اال في جزء منه‪ ،‬جاز للدائن ان يطلب اما تنفيذ العقد بالنسبة‬
‫للجزء الذي مازال ممكنا‪ ،‬واما فسخه وذلك مع التعويض في الحالتين‪. 37‬‬
‫هكذا فيترتب عن عدم وفاء املدين بالتزامه أحقية الدائن بمطالبته بالتنفيذ اذا كان ممكنا‪ ,‬وهنا االمر‬
‫يتعلق بالتنفيذ الحبري لاللتزام ويعني التنفيذ الذي يتم تحت اشراف القضاء و مراقبته بناء على طلب‬
‫الدائن‪ ،‬الذي يوجد بيده سند مستوف لشروط خاصة‪ ،‬و ذلك بهدف استيفاء حقه الثابت في ذمة‬
‫املدين قهرا ‪ 38.‬كما يمكنه املطالبة أيضا بالفسخ والتعويض عن الضرر الذي لحقه في الحالتين‪.‬‬
‫وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار لها ‪ " :‬ملا كان عقد البيع يوجب أداء بقية الثمن في اجل معين‬
‫فان املشتري يصبح في حالة مطل بمجرد حلول ذلك األجل من غير ضرورة إنذاره بذلك‪ ،‬وعند ذلك‬
‫يكون للبائع الخيار بين ان يطلب إجباره على التنفيذ العيني متى كان ممكنا او يطلب الفسخ‪ ،‬اما اذا‬
‫اصبح التنفيذ غير ممكن فال يبقى له اال طلب الفسخ ‪.39‬‬

‫‪ 34‬نادية أيوب‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪. 111‬‬


‫‪ - 35‬نشير الى كون املشرع قد يعفي الدائن في بعض الحاالت من اعذار املدين قبل املطالبة بالفسخ‪ ،‬كما هو الشأن في الحالة التي يصبح‬
‫فيها تنفيذ االلتزام مستحيال‪ ،‬او في حالة رفض املدين صراحة تنفيذ التزامه‪ ،‬كما يتضح لنا ذلك من خالل الفصل ‪ 256‬من ق‪.‬ا‪.‬ع الذي‬
‫نص على انه ‪ ":‬ال يكون اإلنذار من الدائن واجبا ‪:‬‬
‫‪ .1‬اذا رفض املدين صراحة تنفيذ التزامه ؛‬
‫‪ .2‬اذا اصبح تنفيذ االلتزام مستحيال "‪.‬‬
‫للمزيد من التفصيل راجع‪ ،‬عيد الرحمان الشرقاوي " القانون املدني دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم‬
‫الحديدة للقانون االقتصادي " الجزء األول‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة ‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ ،2018‬ص‪. 317‬‬
‫‪- 36‬مالك ايد سعيد "اثار عدم تنفيذ االلتزام ‪-‬مطل املدين نموذجا‪ "-‬بحث نهاية التكوين‪ ،‬املعهد العالي للقضاء‪ ،2017-2015 ،‬ص ‪3‬‬
‫‪- 37‬الفصل‪ 259‬من ق‪.‬ا‪ .‬ع ‪.‬‬
‫‪ -38‬هندي احمد‪ ،‬اصول التنفيذ الجبري السند طرق التنفيذ‪ ،‬اشكاالت التنفيذ‪ ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،‬ط ‪ 1985‬م‪ ،‬ص‪ ،8 :‬اوردته‬
‫نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املوضوعية و املسطرية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.249 :‬‬
‫‪ 39‬قرار عدد ‪ ،1177‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪27‬ابريل ‪ 1988‬م‪ ،‬في ملف املدني عدد ‪ ،98021‬أوردته نادية أيوب‪ ،‬م‪.‬س‪،‬‬
‫ص ‪. 116‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وهذا األخير أي الفسخ ال يتقرر بقوة القانون‪ ،‬وانما يجب ان تحكم به املحكمة ‪ ,40‬اللهم اذا انصرفت‬
‫إرادة املتعاقدين عند إبرام العقد الى ان العقد يفسخ عند عدم وفاء احدهما بالتزاماته‪ ،‬في هذه‬
‫الحالة يقع الفسخ بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء‪. 41‬‬
‫وهذا ما يطلق عليه بالفسخ االتفاقي‪ ،‬ويمكن تعريفه بانه ‪ ":‬ذلك البنذ الصريح الذي يدرجه املتعاقد‬
‫في العقود امللزمة لجانبين‪ ،‬ويفيد انه عند عدم تنفيذ احد االلتزامات الناشئة عن العقد الرابط‬
‫بينهم‪ ،‬يحق للطرف املتضرر من عدم التنفيذ هذا‪ ،‬فسخ العقد من تلقاء نفسه ودون حاجة اللجوء‬
‫الى القضاء بل يقوم بذلك انطالقا من سلطان اإلرادة فقط "‪. 42‬‬
‫ونورد في هذا الصدد قرار ملحكمة النقض بتاريخ ‪ 2013/02/26‬فجاء فيه مايلي ‪:‬‬
‫" عمال بمقتضيات الفصل ‪ 260‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فانه اذا اتفق املتعاقدان على ان‬
‫العقد يفسخ عند عدم وفاء احدهما بالتزاماته‪ ،‬وقع الفسخ بقوة القانون عند عدم وفاء احدهما‬
‫بااللتزام ‪".43‬‬
‫والى جانب الفسخ االتفاقي يوجد الفسخ القضائي‪ ،‬أي ذالك الفسخ الذي اليصرح به األفراد علنا‬
‫ومشاهرة ولكن يحتفظون به في عقودهم بشكل مضمر وضمني‪ ،‬وهذا ليس نسيانا منهم لهذا الشرط‬
‫او تقصيرا منهم في ادراجه ولكن حبا منهم في ترك امر تقديره واالعتراف به لسلطة القضاء‪. 44‬‬
‫ويتجلى الفرق بين الفسخ بحكم القضاء‪ ،‬والفسخ بحكم االتفاق ففي هذا األخير وكذلك االنفساخ‬
‫بحكم القانون‪ ،45‬يكون الحكم كاشفا عن الفسخ ال منشئا له‪ ،‬اما بحكم القضاء فالحكم فيه منش ئ‬
‫للفسخ ‪.46‬‬
‫وقد جاء في قرار ملحكمة النقض مايلي ‪ " :‬ان األحكام سواء منها املقررة للحقوق او املنشئة تسري اثارها‬
‫من يوم صدورها وإال اذا نص القانون استثناء على سريان هذه اآلثار من تاريخ إقامة الدعوى ولهذا‬
‫فان الحكم بفسخ عقد الكراء الذي يعد منشئا للحق قد رتب للمكري فور صدوره حقا في التعويض‬
‫عن احتالل املحل‪ ،‬وال يمكن القول بتعليق ترتيب اثاره على التنفيذ طاملا أنه ال يتضمن ما يمكن‬

‫‪ - 40‬الفقرة األخيرة من الفصل ‪ 259‬من ق ا ع ‪.‬‬


‫‪ - 41‬الفصل ‪ 260‬من ق ا ع ‪.‬‬
‫‪ 42‬امان التيس " فسخ العقود بين القانون املدني والقانون التجاري " رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون واملقاولة‪ ،‬جامعة املولى‬
‫إسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2008-2007‬ص ‪.9‬‬
‫‪ - 43‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2013/02/26‬تحت عدد ‪ 13/7/75‬في امللف املدني عدد ‪ ،2012/7/1/883‬أورده مالك اد‬
‫سعيد‪ ،‬م ‪.‬س‪ ،‬ص ‪. 27‬‬
‫‪- 44‬أمان التيس‪ ،‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص ‪. 15‬‬
‫‪ - 45‬يتحقق الفسخ القانوني‪ ،‬او مايسمى باالنقسام‪ ،‬اذا استحال تنفيذ االلتزام بسبب اجنبي ال عالقة له باملدين‪ ،‬مما يعني ان هذا‬
‫األخير يتعين عليه إثبات هذا السبب األجنبي وإال بقي ملزما بالعقد مع مايترتب عن ذلك من إمكانية الحكم عليه الحكم عليه بالتعويض ‪.‬‬
‫راجع‪ ،‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪. 315‬‬
‫‪ 46‬عبد الرزاق احمد السنهوري‪ ،‬ص‪ ،282‬أوردته نادية أيوب‪ ،‬م ‪ .‬س‪ ،‬ص ‪. 142‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫تنفيذه كما ال يمكن القول بان العالقة بعد صدور الحكم بالفسخ تبقى خاضعة لعقد الكراء الذي لم‬
‫يعد موجودا ‪ .‬لتكون املحكمة على صواب ملا قضت بالتعويض عن احتالل املحل ابتداء من تاريخ حكم‬
‫فسخ عقد الكراء‪". 47‬‬
‫الى جانب الفسخ نجد ان املتضرر من عدم التنفيذ يستحق التعويض عنه اوعن التأخر في التنفيذ‪،‬‬
‫وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نيه من جانب املدين‪.48‬‬
‫واستحقاق التعويض هو ناتج عن إخالل بااللتزام التعاقدي‪ ،‬أي ضرورة حدوث ضرر للدائن مرده‬
‫لخطأ املدين‪. 49‬‬
‫ويتخذ الخطأ العقدي اكثر من مظهر قانوني يختلف باختالف نوعية اإلخالل الذي ارتكبه املدين‪ ،‬مما‬
‫يحدد تماطله سواء بعدم تنفيذ االلتزام او التأخر في التنفيذ‪ ،‬وقد جاء في قرار صادر عن محكمة‬
‫االستئناف بالدار البيضاء ما يلي ‪ ":‬ان التعويض الذي يحصل عليه الدائن وفق الفصل ‪ 263‬من ق‪.‬إ‪.‬ع‬
‫يقوم على أساس قرينة الخطأ من طرف املدين" ‪.50‬‬
‫بقي ان نشير الى انه ال محل ألي تعويض‪ ،‬اذا اثبت املدين ان عدم الوفاء بااللتزام او التأخير فيه ناش ئ‬
‫عن سبب ال يمكن ان يعزى اليه‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬او الحادث الفجائي او مطل الدائن ‪.51‬‬
‫غير ان املدين املوجود في حالة مطل يكون مسؤوال عن الحادث الفجائي والقوة القاهرة ‪ ،52‬فتماطله‬
‫يحمله تبعة ذلك ‪.‬‬
‫هذا فيما يخص تماطل املدين عن تنفيذ التزامه‪ ،‬فما هو االمر بنسبة لتماطل الدائن ؟‬

‫ثانيا ‪ :‬مطل الدائن‬


‫إ ن واقعة التماطل نجدها ليست مقتصرة على املدين فقط‪ ،‬فقد يعمد الدائن هو اآلخر الى‬
‫عدم تنفيذ االلتزامات‪ ،‬فتتمظهر حالة املطل بالنسبة للدائن عندما يرفض دون سبب معتبر قانونا‬
‫استيفاء األداء املعروض عليه من املدين او من شخص اخر يعمل باسمه‪ ،‬على الكيفية املحددة في‬
‫السند املنش ئ لاللتزام او الذي تقتضيها طبيعته ‪.‬‬
‫وكذلك يعتبر سكوت الدائن او غيابه عندما تكون مشاركته ضرورية لتنفيذ االلتزام بمثابة رفض منه‪.53‬‬

‫‪- 47‬نادية أيوب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.142‬‬


‫‪ 48‬الفصل ‪ 263‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ‪.‬‬
‫‪ - 49‬راجع الفصل ‪ 264‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪.‬‬
‫‪- 50‬قرار عدد ‪ 556‬صادر عن محكمة االسثئناف بتاريخ ‪ 1982/3/2‬م‪ ،‬في ملف عدد ‪ ،1237-8‬أوردته نادية أيوب‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪129‬‬
‫‪ 51‬الفصل ‪ 268‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‬
‫‪ 52‬الفصل ‪ 266‬من ف‪.‬ا‪.‬ع‬
‫‪ - 53‬راجع الفصل ‪ 270‬من ق‪.‬ا‪.‬ع ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وهكذا يتضح ان املشرع قد تطلب العتبار الدائن في حالة مطل ان يكون رفضه صريحا وغير مؤسس‬
‫على سبب معقول‪ ،‬وهذا ما كرسته محكمة النقض في احد قراراتها التي ورد فيها ما يلي ‪ ":‬بمقتض ى‬
‫الفصل ‪ 270‬من قانون االلتزامات والعقود فان الدائن ال يكون في حالة مطل ليعفي املدين من نتائج‬
‫عدم تنفيذ االلتزام‪ ،‬اال اذا رفض دون سبب معتبر قانونا استيفا األداء املعروض عليه‪ ،‬فإذا لم‬
‫ً‬
‫يعرض املدين الدين املترتب عليه ولم يودعه إيداعا حقيقيا‪ ،‬فانه يبقى في حالة مطل‪ ،‬وبالتالي تكون‬
‫املحكمة قد طبقت الفصل ‪ 270‬املذكور تطبيقا سليما "‪.54‬‬
‫ونجد ان الدائن ال يكون مماطال في الحاالت املشار اليها في الفصول ‪ 271‬و ‪ 272‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود وهذه الحاالت هي ‪:‬‬
‫_ اذا كان املدين في الوقت الذي يعرض فيه أداء االلتزام غير قادر في الواقع على أدائه ؛‬
‫_ اذا كان رفض الدائن لقبض الش يء مرده الى عدم حلول األجل املحدد في االلتزام‪ ،‬او اذا كان للمدين‬
‫الحق في ان يبرئ ذمته قبل حلول األجل املقرر في االلتزام ‪.‬‬
‫والفقرة األخيرة من الفصل ‪ 272‬من نفس القانون نصت على أنه ‪:‬‬
‫" ‪ ...‬اذا كان املدين قد اخطر الدائن‪ ،‬في اجل معقول بنيته في تنفيذ االلتزام فان الدائن يكون في‬
‫حالة مطل‪ ،‬ولو رفض مؤقتا قبض الش يء املعروض عليه" ؛ فإخطار الدائن هنا يبرئ ذمة املدين ‪.‬‬
‫وال بد ان نشير الى كون الدائن املماطل يتحمل من الوهلة األولى التي يصبح فيها في حالة مطل‪ ،‬تبعة‬
‫هالك الش يء او تعيبه‪ ،‬وال يكون املدين مسؤوال اال عن تدليسه وخطئه الجسيم‪. 55‬‬
‫بعدما عرضنا مظاهر تماطل الدائن عن تنفيذ التزامه بقي ان نشير الى اآلثار التي تترتب عن هذا املطل‪،‬‬
‫فحماية من املشرع للمدين نظم كل من مسطرة العرض الحقيقي ومسطرة اإليداع كوسيلتين إلبراء‬
‫ذمة املدين‪. 56‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أثار االلتزامات بين النسبية واالمتداد‬


‫األصل أن االلتزامات ال تضر وال تنفع إال من كان طرفا فيها‪ ،‬حسب الفصل ‪ 228‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود الذي ينص على أن "االلتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد‪ ،‬فهي ال تضر‬
‫الغير وال تنفعهم إال في الحاالت املذكورة في القانون"‪ ،‬وذلك ألنه ال يمكن إلزام شخص بش يء معين‬
‫بموجب عقد لم يكن طرفا فيه احتراما ملبدأ نسبية آثر العقد (الفقرة األولى) إال أن هذا املبدأ ترد‬
‫عليه مجموعة من االستثناءات التي فرضتها طبيعة املعامالت فسمح املشرع املغربي بالتالي بإمكانية‬

‫‪- 54‬قرار عدد ‪ ،571‬صادر عن‪.‬محكمة النقض بتاريخ ‪ 1989/02/27‬م‪ ،‬أوردته نادية أيوب‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ - 55‬راجع الفصل ‪ 273‬من ق ا ع ‪.‬‬
‫‪- 56‬راجع الفصول من ‪ 275‬الى ‪ 287‬من ف ا ع‬

‫‪14‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ترتيب آثار العقد على أشخاص لم تكن طرفا فيه‪ ،‬كما هو األمر بالنسبة لحالة االشتراط ملصلحة‬
‫الغير أو التعهد عنه (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ نسبية أثار العقد‬


‫يقصد بهذه القاعدة‪ ،‬أن العقد ال يضر وال ينفع إال من كان طرفا فيه‪ ،57‬أي أن أثار العقد ال‬
‫تطول إال املتعاقدين‪ ،58‬وقد نصت على هذا املبدأ معظم القوانين‪ ،‬كما هو الشأن بالنسبة للفصل‬
‫‪ 228‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي جاء فيه "االلتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد‪ ،‬فهي ال تضر الغير وال‬
‫تنفعهم إال في الحاالت املذكورة في القانون"‪ ،‬ونرى أن مقتضيات هذا الفصل تتشابه إلى حد كبير مع‬
‫أحكام املادة ‪ 1165‬من القانون املدني الفرنس ي‪ ،‬والتي أصبحت هي املادة ‪ 1199‬بمقتض ى األمر الصادر‬
‫بتاريخ ‪ 10‬فبراير ‪.2016‬‬

‫ولعل اإلشكالية املحورية التي يطرحها معظم الفقه عند تناوله لهذا املبدأ هو تحديد طبيعة‬
‫املتعاقدين‪ ،‬أو بعبارة أخرى ما املقصود باملتعاقدين‪ ،‬هل يقتصر األمر على املتعاقد نفسه أم يمتد‬
‫لينصرف إلى خلفائه‪.59‬‬

‫من خالل ما سبق يتضح أن أثار العقد ال تنصرف بوجه عام إال على املتعاقدين‪ ،‬غير أنه ينبغي فهم‬
‫مصطلح "املتعاقدين" في معناه الواسع الذي يشمل أيضا الخلف العام مع وجود استثناءات يعتبر فيها‬
‫هذا األخير غيرا (أوال)‪ ،‬كما يمتد إلى الخلف الخاص في حدود ما انتقل إليه من حق وبشروط معينة‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الخلف العام‬


‫عرفه األستاذ عبد الرزاق أحمد السنهوري بقوله "هو من يخلف الشخص في ذمته املالية من‬
‫حقوق والتزامات‪ ،‬أو في جزء منها باعتبارها مجموعا من املال‪ ،‬كالوارث واملوص ى له بجزء من التركة في‬
‫مجموعها"‪.‬‬

‫وعرفه األستاذ مأمون الكزبري بقوله " هو من يخلف سلفه في كامل ذمة ذلك السلف‪ ،‬أوفي جزء شائع‬
‫منها‪ ،‬أي في حصة نسبية منها‪ ،‬كالنصف أو الثلث‪ ،‬فالوارث الوحيد أو الواحد من الورثة متعددين‬

‫‪ 57‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.282 :‬‬


‫‪ 58‬ايت الحاج مرزوق‪ ،‬الوجيز في نظرية االلتزام‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،2017 ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬الجزء غير موجود‪،‬‬
‫الصفحة‪.231‬‬
‫‪ 59‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪.283 :‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫يعتبر خلفا عاما‪ ،‬واملوص ى له بمجموع التركة أو املوص ى له بجزء شائع منها كالثلث أو الربع يعتبر كذلك‬
‫خلفا عاما‪.60‬‬

‫وبالرغم من أن القاعدة العامة تقض ي بتأثر الخلف العام بالتصرفات التي يبرمها سلفه فتنفي عليه‬
‫صفة الغير (‪ ،)1‬فإن هناك مجموعة من االستثناءات التي ترد على هذه القاعدة ويعتبر فيها الخلف‬
‫العام غيرا (‪.)2‬‬

‫‪ .1‬انصراف أثار العقد إلى الخلف العام (نفي صفة الغير عن الخلف العام)‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ورثه) فهو كما ينتفع بالعقود التي أبرمها مورثه في حياته‬
‫ملا كان الخلف العام هو الذي يخلف سلفه (م ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫جراء تحمله لاللتزامات التي َ‬
‫فإنه قد يصيبه ضرر َ‬
‫تحمل بها مورثه طاملا أنه يحل محل مورثه في هذه‬
‫الحالة‪ ،‬وهذا الحكم مصدره التشريع الفرنس ي (الفصل ‪ 112‬من القانون املدني الفرنس ي)‪ ،‬الذي يعتبر‬
‫كقاعدة عامة شخصية الوارث امتداد لشخصية املورث‪ ،‬ويترتب عن ذلك أنه يحل محله في حقوقه‬
‫وواجبته‪ ،‬ولو زادت هاته الواجبات أو الديون على مقدار ما كسبه من حقوق في التركة‪ ،‬فالقاعدة‬
‫العامة في القانون الفرنس ي‪ ،‬والتشريعات التي تأثرت به‪ ،‬أنه بموت املتعاقد فإن الحقوق الناتجة عن‬
‫العقد الذي أبرمه تنتقل إلى ورث ِته واملوص ى لهم بحصة شائعة في التركة هذا من جهة ومن جهة أخرى‬
‫تنتقل إليهم كذلك االلتزامات الناتجة عن ذلك العقد‪.‬‬

‫أما على مستوى التشريع املغربي فإن الفصل ‪ 229‬من قانون االلتزامات و العقود واضح في اعتبار أن‬
‫الخلف العام ملزم بالتزامات التي أبرمها سلفه حيث جاء في مطلع هذا الفصل "تنتج االلتزامات اثارها ال‬
‫بين املتعاقدين فحسب والكن أيضا بين ورثتهما و خلفائهما‪ .61"....‬والخالفة العامة تكون بعد املوت‪،‬‬
‫وتتحقق بامليراث أو الوصية‪.‬‬

‫مما يعني أنه ال يمكننا الحديث عن الخلف العام إال في حالة وفاة السلف‪ .62‬فمثال لو باع شخص دارا‬
‫بثمن مؤجل ثم مات قبل أن يحل أجال الدين فإن هذا الحق الناش ئ للبائع عن عقد البيع ينتقل بذاته‬
‫مؤجال إلى الوارث‪ ،‬وكذلك في اإلجارة فلو أن شخصا أجر داره أو أكرى أرضه ثم مات فإن أثار اإليجار‬

‫‪ 60‬أشرف جنوي‪ ،‬الخلف في العقد بين القواعد املوضوعية والقواعد اإلجرائية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث في القانون املدني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪،2012/2011 ،‬‬
‫ص‪.22 :‬‬
‫‪ -61‬هشام املراكش ي‪ ،‬الغير في القانون املغربي دراسة في تحديد املركز القانوني للغير حماية الغير في النصوص القانونية والعمل القضائي‪،‬‬
‫مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،2019 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء غير موجود‪ ،‬الصفحة‪. 87‬‬
‫‪ -62‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.283:‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫والكراء تنتقل إلى ورثته فال يستطيعون فسخ اإلجارة بل يلزمهم عقد مورههم‪ ،‬والعكس صحيح فكما‬
‫يلزمون بااللتزامات التي تحملها مورههم فإنهم يستفيدون كذلك من اآلجال والحقوق التي منحت له‪،‬‬
‫فمثال لوكان حق الخيار ممنوحا للمتعاقد فتوفي‪ ،‬فإن هذا الحق ينتقل للخلف العام ليمارسوه داخل‬
‫األجل املحدد ملورههم‪ ،‬وهو ما نص عليه الفصل ‪ 115‬من قانون االلتزامات و العقود الذي جاء فيه" إذا‬
‫مات املتعاقد الذي احتفظا لنفسه بخيار الفسخ قبل فوات األجل املحدد ملباشرته‪ ،‬من غير أن يعبر عن‬
‫إرادته‪ ،‬كان لورثته الخيار بين اإلبقاء على العقد وبين فسخه خالل الوقت الذي كان باقيا ملورههم‪."...‬‬

‫وإن كان هذا على مستوى التشريع‪ ،‬فإنه على مستوى العمل القضائي يمكن القول بأنه متواتر على نفي‬
‫صفة الغيرية عن الورثة وبالتالي إلزامهم بالتزامات مورههم حيث جاء في إحدى قرار ات القضائية (( قرار‬
‫صادر عن محكمة االستئناف بالقنيطرة بتاريخ ‪" ))1992/06/22‬ورثت البائع خلف عام له يلزمهم ما‬
‫يلزمه بمقتض ى عقد البيع تطبيقا للفصل ‪ 229‬من قانون االلتزامات والعقود"‪.63‬‬

‫غير أن اإلشكال ال يبرز بشكل أساس ي حينما يتعلق األمر بانتقال الحقوق من السلف إلى الخلف العام‪،‬‬
‫بل يطرح أساسا ملعرفة مدى تأثر هذا الخلف بديون املورث‪ ،‬أي بالتزاماته الناشئة عن العقد الذي‬
‫أبرمه سلفه‪ ،‬من أجل اإلجابة عن هذا التساؤل‪ ،‬فإنه يتعين معرفة النظام القانوني الذي تأثر به املشرع‬
‫املغربي‪ .‬بحيث نجده أكد على تأثر الخلف العام بتصرفات سلفه‪ ،‬كما يتضح لنا من مقتضيات الفصل‬
‫‪ 229‬من قانون االلتزامات والعقود‪ .64‬هذا األخير الذي كان موضوعا لعدة قراءات ولعدة انتقادات في‬
‫نفس األن‪ ،‬بحيث أرس ى لبعض القواعد التي تتضارب مع قواعد اإلرث في الشريعة اإلسالمية‪.65‬‬

‫وبقراءة في هذا الفصل يتضح لنا أن املشرع املغربي لم يكن موفقا في صياغته له‪ ،‬حيث حاول التوفيق‬
‫بين موقفين متعارضين‪ ،‬األول يتمثل في موقف القانون الفرنس ي الذي يعتبر ذمة الوارث امتدادا‬
‫لشخص الهالك ‪ ،‬والثاني هو موقف الفقه اإلسالمي املحكوم بالقاعدة الشرعية التي تقض ي بأنه ال تركة‬
‫إال بعد سداد الديون‪.66‬‬

‫وعليه فإذا أبرم املورث قبل وفاته عقدا رتب له حقوقا والتزامات‪ ،‬فإن هذه الحقوق تؤول إلى الوارث‪،‬‬
‫أما ديون التركة املترتبة عن عقود املورث فال تنتقل إلى الوارث بل تبقى عالقة في التركة لتحمل‬

‫‪63‬ـ هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.88 :‬‬


‫‪ 64‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.284 :‬‬
‫‪ 65‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬الوجيز في القانون املدني‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،2017 ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء غير موجود‪ ،‬الصفحة‪:‬‬
‫‪.223‬‬
‫‪ 66‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.285 :‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫مسؤوليتها إلى حين سدادها‪ .‬إذ أن القاعدة في التشريع اإلسالمي أنه ال إرث إال بعد سداد الديون‪،‬‬
‫وعليه ال يمكن القول بانتقال التركة إلى الورثة قبل سداد ديونها وهو ما أكدته مدونة األسرة في املادة‬
‫‪.322‬‬

‫كما يتضح أن املشرع املغربي في هذا الفصل قد خلط بين االلتزام العقدي وااللتزام الشرعي‪ ،‬فإذا كان‬
‫االلتزام األول ناتج عن العقد الذي ينش ئ التزاما في ذمة أحد املتعاقدين لفائدة األخر‪ ،‬وهذا االلتزام‬
‫يمكن اإلبراء منه أو التنازل عنه ومطالبة امللتزم بالوفاء به‪ ،‬فإن االلتزام الشرعي (حق اإلرث) مصدره‬
‫الشرع وال يتوقف على إرادة املورث فصفة الورثة تتحقق بحدوث املوت‪.‬‬

‫وهو ما تؤكده املادة ‪ 329‬من مدونة األسرة التي جاء فيها "أسباب اإلرث كالزوجية والقرابة‪ ،‬أسباب‬
‫شرعية ال تكتسب بالتزام وال بوصية‪ ،‬فليس لكل من الوارث أو املورث إسقاط صفة املورث أو الوارث‬
‫‪67‬‬
‫وال التنازل عنه للغير"‪.‬‬

‫وبالنسبة للقضاء املغربي فقد سبق أن تصدى لهاته اإلشكالية حتى قبل صدور مدونة األسرة‪ ،‬حيث‬
‫صرح بأن تحمل الورثة لديون التركة يخضع ملبادئ الشريعة اإلسالمية الخاصة باملواريث‪ ،‬وأن‬
‫مسؤولية وأن مسؤولية الوارث تنحصر في نسبة ما حازه فعال منها‪.‬‬

‫حيث جاء في إحدى قرارات املجلس األعلى "إن ديون الهالك تخرج من تركته وأن وارثيه ليسوا‬
‫بمسؤولين عن َدينه ما دام لم يثبت أن الهالك خلف متروكا وأن الورثة حازوه قبل قضاء الديون‬
‫املتخلفة في ذمة الهالك"‪ .‬وقد انتقد الباحثين هذا القرار بشدة حيث اعتبره أنه ليس إال تطبيق ملبادئ‬
‫القانون الفرنس ي وظهير االلتزامات والعقود املغربي واعتبره أنه ال صلة له بقواعد الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫‪ .2‬االستثناءات الواردة على مبدأ تأثر الخلف العام بتصرفات السلف(اعتبار الخلف العام غيرا)‬

‫إذا كان الخلف العام ال تضفى عليه صفة الغير كما تم تبيان ذلك سابقا‪ ،‬فإن على العكس من ذلك‬
‫هناك بعض الحاالت التي تكون فيها صفة الغيرية حاضرة إزاء الخلف العام‪ ،68‬وبالتالي ال ينصرف فيها‬
‫أثر العقد إلى الخلف العام‪ ،‬ويمكن إرجاع هذه الحاالت حسب الفصل ‪ 329‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود إلى ثالث حاالت تتمثل في اتفاق األطراف (أ)‪ ،‬طبيعة العقد (ب)‪ ،‬نص القانون (ج)‪ ،69‬فضال‬
‫عن هذا فإن القضاء املغربي وعند تطبيقه لبعض أحكام قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬جعل بعض هاته‬

‫‪ 67‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.91 ،90 :‬‬


‫‪ 68‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.93 ،92 :‬‬
‫‪ 69‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.286 :‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫األحكام تقتصر على الشخص نفسه دون أن تمتد إلى خلفه العام كما هو الحال للفصلين ‪ 54‬و ‪427‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقد (د)‪.70‬‬

‫أ ـ اتفاق املتعاقدين‬

‫تعتبر هذه الحالة بمثابة تحصيل حاصل‪ ،‬ألن القاعدة هي أن العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬وبالتالي بإمكان‬
‫أطراف العقد االتفاق الصريح على استبعاد الخلف العام من دائرة األشخاص املمكن استفادتهم من‬
‫العقد في حدود النظام العام واآلداب‪ .‬من قبيل ذلك‪ ،‬إدراج البائع لشرط يحرم ورثة املشتري من‬
‫االستفادة من األجل الذي منحه لهذا األخير للوفاء بالثمن‪ ،‬حيث يتعين على الورثة بمقتض ى هذا‬
‫االتفاق الصريح بين البائع واملشتري‪ ،‬بمجرد وفاة هذا األخير‪ ،‬أداء الثمن بالرغم من عدم حلوله‬
‫بالنسبة للمشتري املتوفى‪ ،71‬وعليه فبناءا على ما ذكر يعتبر ورثة املشتري غيرا اتجاه البائع‪ .72‬أو كأن‬
‫تشترط شركة تأمين السيارات عدم جواز تمديد مفعول عقد التأمين للورثة في حالة موت املؤمن له‪.73‬‬

‫ب ـ طبيعة العقد‬

‫في بعض الحاالت قد تكون طبيعة العقد مرتبطة بشخص املتعاقد أي تقوم على أساس اعتبار‬
‫الشخص ي بمعنى أن صفة الشخص مؤثرة في سريان ونفاذ هذا العقد‪ ،‬وبالتالي ال تنصرف أثاره إلى‬
‫الخلف العام‪ ،‬حيث يكون الطابع الشخص ي الذي يجمع بين السلف والطرف األخر في العقد هو‬
‫األساس‪ .‬كما هو األمر في العقود املبرمة في إطار املهن الحرة كالتعاقد مع مهندس على تنفيذ مشروع‪ ،‬أو‬
‫مع طبيب جراح قصد إجراء عملية جراحية‪ ،‬أو مع محام للترافع في قضية من القضايا‪ .‬فااللتزامات‬
‫الناشئة عن كل هذه العقود ال تنتقل إلى الخلف العام للمهندس أو الطبيب الجراح أو املحامي ولو كان‬
‫أفضل منه في األداء‪ .74‬وكذلك الشأن بالنسبة لعقد التسيير الحر الذي يقوم على االعتبار الشخص ي‪،‬‬
‫بمعنى أن زوال هذا االعتبار الشخص ي‪ ،‬كوفاة املسير الحر مثال أو فقده ألهليته فال يجوز أن ينتقل إلى‬
‫ورثثه تلقائيا‪ ،‬وإنما تحتاج إلى عقد تسير حر جديد مع أحدهم‪.75‬‬
‫ج ـ نص القانون‬

‫‪ 70‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.93 :‬‬


‫‪ 71‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.286 :‬‬
‫‪ 72‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.94 :‬‬
‫‪ 73‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.225 :‬‬
‫‪ 74‬أشرف جنوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.52 :‬‬
‫‪ 75‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.96 :‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫في بعض الحاالت قد يجعل النص القانوني من الخلف العام غيرا‪ ،‬ولعل أبرز األمثلة التي يمكن‬
‫االستشهاد بها في هذا املقام هو ما‪ 76‬نص عليه املشرع من قبيل انتهاء عقد الوكالة بوفاة املوكل أو‬
‫الوكيل (فصل ‪ 929‬ق ل ع) كما ينتهي عقد املقاولة بوفاة املقاول أو مؤاجر الصنعة أو الخدمة‬
‫(الفصل ‪ 745‬في ل ع) وتنتهي الشركة بوفاة أحد الشركاء وذلك ما لم يتم االتفاق على استمرار‬
‫الشركة مع ورثته أو نائبه أو على استمرارها بين الباقين من الشركاء قيد الحياة (الفصل ‪ 1051‬من ق‬
‫ل ع) وينتهي حق انتفاع بموت املنتفع املادة ‪ 79‬من مدونة الحقوق العينية(قانون رقم ‪ .77)39.08‬ومن‬
‫األمثلة كذلك ما نص عليه الفصل ‪ 698‬من قانون االلتزامات والعقود من استثناء ورثة املكتري أو‬
‫املكري من امتداد عقد الكراء لفائدتهم في حالتين التين هما‪:‬‬

‫‪ -‬الكراء الذي يبرمه املستحق في ملك محبس ينفسخ بموته‪.‬‬

‫‪ -‬الكراء الذي يبرمه من بيده الش يء بدون موجب ينفسخ بموته‪.78‬‬

‫وأيضا نجد ومن الحاالت االستثنائية ما نصت عليه مدونة األسرة بأن الوصية ال ترتب آثارها لوارث‬
‫كخلف عام إال إذا أجازها باقي الورثة تطبيقا للمادة ‪ 280‬من هذا القانون‪ -‬مدونة األسرة املغربية‪،-‬‬
‫التي جاء فيها "ال وصية لوارث إال إذا أجازها باقي الورثة‪ ،‬غير أن ذلك ال يمنع من تلقي اإلشهاد بها"‪.‬‬
‫من قبيل ذلك أيضا‪ ،‬ما نص عليه املشرع املغربي في الفصل ‪ 344‬من قانون االلتزامات والعقود‪ .‬الذي‬
‫جاء فيه ما يلي‪" :‬اإلبراء الحاصل من املريض في مرض موته ألحد ورثته من كل أو بعض ما هو‬
‫مستحق عليه ال يصح إال إذا أقره باقي الورثة"‪.79‬‬

‫د ـ استثناءات من صنع القضاء‬


‫فضال عن الحاالت املنصوص عليها في الفصل ‪ 229‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فإنه يمكن القول‬
‫أن القضاء املغربي دأب على استثناء الخلف العام من التمسك ببعض املقتضيات القانونية ونخص‬
‫بالذكر الدفع باألمية والدفع باملرض والحاالت املشابهة طبقا للفصل ‪ 54‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪ ‬الدفع باألمية‬

‫‪ 76‬أشرف جنوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.53 :‬‬


‫‪ 77‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.97 :‬‬
‫‪ 78‬أشرف جنوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.54 :‬‬
‫‪ 79‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.287:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ينص الفصل ‪ 427‬من قانون االلتزامات والعقود على ما يلي "املحررات املتضمنة ألشخاص أميين ال‬
‫تكون لها قيمة إال إذا تلقاها موثقون أو موظفون عموميون مأذون لهم بذلك"‪ .‬وال نريد هنا الدخول في‬
‫ما هو مفهوم األمي والحديث عن تطور القضاء املغربي بخصوص هذا املفهوم‪.‬‬

‫لكن بيت القصيد هو أن القضاء املغربي في أغلب أحكامه دأب على اعتبار أن املعني باألمر هو الذي‬
‫يحق له التمسك بالحماية التي يقررها الفصل ‪ 427‬من قانون االلتزامات والعقود دون أن ينتقل هذا‬
‫الحق لورثته حيث جاء في إحدى قرارات املجلس األعلى " إن دعوى اإلبطال بسبب األمية حق شخص ي‬
‫ال يجوز تقديمها إال من طرف الشخص األمي وحده و الذي شرعت له هاته الحماية الخاصة‪ ،‬وال يحق‬
‫لورثته أن يتمسكوا بنص الفصل ‪ 427‬من ق‪.‬ل‪.‬ع " ونعتقد أن هذا االتجاه القضائي لم يكن موفقا في‬
‫هاته املسألة‪ .‬فالحقوق والساطر املخول للشخص التمسك بها تنتقل للخلف العام مادام أنهم يحلون‬
‫محل سلفهم ويحتج عليم بما كان حجة عليه‪.‬‬

‫ونشير إلى أن هناك قرار آخر صادر عن املجلس األعلى سار في هذا التوجه بحيث جعل الدفع باألمية‬
‫َ‬
‫كما هي حق للشخص فإنه ينتقل لورثته حيث جاء في هذا القرار "من املقرر فقها وقانونا أن الخلفاء‬
‫العامين يحلون محل املورث في حقوقه والتزاماته فيجوز لهم ما كان جائزا لسلفهم أو يحتج عليهم بما‬
‫كان حجة عليه وبالتالي فلهم الحق أن يدفعوا التصرف املنسوب ملورههم واملحتج به ضدهم بجميع‬
‫الدفوع التي كانت ملورههم ومن بينها الدفع باألمية طبقا للفصل ‪ 477‬من قانون االلتزامات والعقود‬
‫ليبرروا عدم قانونية تصرف مورههم"‬

‫‪ ‬حالة املرض والحاالت املشابهة‬

‫ينص الفصل ‪ 54‬من ق ل ع " أسباب اإلبطال املبنية على حالة املرض والحاالت األخرى املشابهة‬
‫متروكة لتقدير القضاة "‬
‫يعتبر هذا الدفع كذلك من الدفوعات التي دأب القضاء على جعلها قاصرة على الشخص فقط دون‬
‫أن تنتقل لخلقه حيث جاء في قرار حديث ملحكمة النقض "إن أسباب إبطال التصرفات املبنية على‬
‫حاالت املرض والحاالت األخرى املشابهة طبقا للفصل ‪ 54‬من ق ل ع‪ ،‬ال يجور التمسك بها إال من‬
‫طرف الشخص املتعاقد نفسه وال تنتقل إلى ورثته من بعد مماته"‬

‫‪21‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ونعتقد أن هذا املوقف القضائي جانب الصواب فيما قض ى به‪ ،‬فما هو حق للمتعاقد يبقى حق‬
‫للخلف العام مادام خلفه يحلون محله في حقوقه والتزاماته‪.80‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخلف الخاص‬


‫الخلف الخاص هو من يتلقى من سلفه ملكية ش يء معين بالذات أو حق عيني على هذا الش يء‪،‬‬
‫والش يء الذي يتلقاه الخلف قد يكون حقا عينيا كحق امللكية‪ ،‬وقد يكون حقا شخصيا كحق املحال له‬
‫‪81‬‬
‫تجاه املحيل في الحق املحال به‪،‬‬

‫عرف الفقيه عبد الرزاق أحمد السنهوري الخلف الخاص بقوله‪" :‬هو من يتلقى من سلفه ملكية ش يء‬
‫معين بالذات أو حقا عينيا على هذا الش يء‪ ،‬والش يء الذي يتلقاه الخلف قد يكون ذاته حقا عينيا كما‬
‫هو الغالب‪ ،‬وقد يكون حقا شخصيا"‪.‬‬

‫فاملشتري خلف خاص للبائع في الش يء املبيع‪ ،‬وهذا استخالف في ملكية عين معينة‪ .‬وصاحب حق‬
‫االنتفاع خلف خاص ملن تلقى منه هذا الحق‪ ،‬وهذا استخالف في حق عيني واقع على عن معينة‬
‫واملحال له خلف خاص للمحيل في الحق املحال به‪ ،‬وهذا استخالف في حق شخص ي‪ ،‬واملرتين ِلدين‪،‬‬
‫خلف لصاحب هذا الدين الذي رهنه‪ ،‬وهذا استخالف في حق عيني واقع على حق شخص ي‪.‬‬

‫ويخلص ذات الفقيه من هذا أن الخلف الخاص هو من يتلقى شيئا‪ ،‬سواء كان هذا الش يء حقا عينيا‬
‫أو حقا شخصيا‪ ،‬أو يتلقى حقا عينيا على هذا الش يء‪.‬‬

‫وبتحليل هذا التعريف يتضح أن الخلف الخاص هو‪:‬‬

‫‪ -‬من يتلقى من سلفه ملكية ش يء معين بالذات كاملشتري مثال‬

‫‪ -‬من يتلقى من سلفه حقا عينيا على ش يء معين بالذات كاملنتفع مثال‪.‬‬

‫‪ -‬من يتلقى من سلفه حقا شخصيا كاملحال له مثال‬

‫‪ -‬من يتلقى من سلفه حقا عينيا تبعيا لحق شخص ي( كالدائن املرتهن مثال)‬

‫غير أن هذا التعريف هو موضع انتقاد من لدن بعض الفقه املصري‪ ،‬الذي يالحظ على الفقيه أحمد‬
‫عبد الرزاق السنهوري أنه عبر عن محل االستخالف "بالش يء" عوض "الحق" وهو تعبير معيب‪ ،‬ذلك‬

‫‪ 80‬هشام املراكش ي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.99 ،98 :‬‬


‫‪ 81‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.226 :‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫أن االستخالف في نظر هذا الرأي يكون في الحقوق املتصلة بالتعاقد وهي أعم من االستخالف في‬
‫األشياء‪.‬‬

‫وعرف األستاذ جميل الشرقاوي الخلف الخاص بدوره قائال‪« :‬الخلف الخاص هو الحق الخاص الذي‬
‫يتصل به التعاقد‪ ،‬كاملشتري يخلف البائع في ملكية املبيع‪ ،‬واملوص ى له بحق معين من أموال املوص ي‪،‬‬
‫كملكية منزل أو سيارة»‪.‬‬

‫واملالحظ أن هذا التعريف األخير لم يشر إلى نوعي الحق محل االستخالف وكيف أن الخالفة الخاصة‬
‫تتحقق في الحقوق الشخصية كما تتحقق في الحقوق العينية‪ ،‬وهو األمر الذي أغفله كل من الفقيهين‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهوري وعبد املنعم فرح الصدة‪.‬‬

‫غير أن ما أضافه األستاذ جميل الشرقاوي هو تأكيده على أن الحق محل االستخالف هو حق خاص‪،‬‬
‫وذلك للتمييز بين الخلف الخاص والخلف العام الذي يخلف سلفه في كامل ذمته املالية أو في جزء‬
‫شائع منها كما وسيقت اإلشارة إلى ذلك‪.‬‬

‫ونجد أيضا األستاذ مأمون الكزبري عرف الخلف الخاص بقوله‪« :‬املقصود بالخلف الخاص من تلقى‬
‫من سلفه حقا معينا كان قائما في ذمة هذا السلف‪ ،‬سواء كان هذا الحق عينيا كما في الحق الذي‬
‫ينتقل إلى املشتري أو املوهوب له أو املوص ى له بعين معينة‪ ،‬أم كان حقا شخصيا كما في الحق الذي‬
‫ينتقل من املحيل إلى املحال إليه»‪.‬‬

‫وعليه فأمام تعدد التعاريف‪ ،‬فالتعريف املختار للخلف الخاص هو‪ " :‬كل من تلقى حقا معينا‪ ،‬كان‬
‫قائما في ذمة سلفه بنفس الخصائص واألوصاف التي كان عليها هذا الحق في ذمة السلف‪ ،‬باعتبارها‬
‫من مستلزماته وكان يعلم بها وقت انتقالها إليه‪"..‬‬

‫ولعل هذا التحديد هو جوهر الخالفة الخاصة والتي تقوم أساسا على فكرة انتقال الحقوق املالية‬
‫"األموال" من الذمة املالية لشخص الذي هو السلف إلى الذمة املالية لشخص آخر هو الخلف‬
‫الخاص‪.‬‬

‫حيث يستوي في ذلك األشخاص الذاتيين إلى جانب األشخاص االعتباريين في بعض الحاالت‪ ،‬كإدماج‬
‫الشركات أو خوصصة املؤسسات العمومية أو تأميمها مثال ‪.82‬‬

‫‪ 82‬أشرف جنوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.27 ،26 ،25 :‬‬

‫‪23‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫و املالحظ أن املشرع املغربي لم يتطرق إلى آثار العقد بالنسبة إلى الخلف الخاص كما هو الحال‬
‫بالنسبة لبعض التشريعات األخرى كالتشريع املصري في املادة ‪ 146‬من القانون املدني‪ ،‬لكن على الرغم‬
‫من ذلك يمكن أن نسترشد باملبادئ العامة التي استقر عليها االجتهاد القضائي على وجه الخصوص‬
‫والتشريعات املقارنة‪.‬‬

‫إن املبدأ العام املتعارف عليه أن الخلف الخاص إذا حل محل سلفه في حق معين فإنه يكسب هذا‬
‫الحق بالحالة التي كان عليها وقت انتقاله إليه‪ ،‬فإذا كان العقار مرهونا‪ ،‬فإنه ينتقل إلى املشتري وهو‬
‫محمل بحق الرهن‪ ،‬شريطة أن يكون حق الرهن هذا مستوفيا لكافة شروط قيامه‪ ،‬أما في الحالة التي‬
‫يكون فيها العقد الذي أبرمه السلف ال يرتبط بأي وجه من الوجوه بالحق املنتقل إلى الخلف الخاص‪،‬‬
‫فإن هذا األخير ال يكون ملزما بذلك‪.‬‬

‫على أن هناك مجموعة من الشروط ينبغي توافرها حتى تسري عقود السلف على الخلف الخاص‬
‫أهمها‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يكون العقد الذي أبرمه السلف سابقا على العقد الذي انتقل به الش يء إلى الخلف‬
‫الخاص‪ ،‬أما إذا كان العقد الذي أبرمه السلف بعد انتقال الش يء إلى الخلف‪ ،‬فإن هذا األخير يعتبر‬
‫غيرا بالنسبة لهذا العقد األخير‪ ،‬على أن العبرة بثبوت التاريخ بشكل رسمي‪ ،‬أي أن يكون العقد الذي‬
‫أبرم مع الخلف الخاص له تاريخ ثابت سابق على العقد اآلخر الذي أبرمه السلف‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن تكون الحقوق وااللتزامات الناشئة عن العقد ذات صلة مباشرة بالعين أو املال‬
‫املنتقل إلى الخلف الخاص‪ ،‬كبيع عقار مرهون‪ ،‬إذ أن الرهن يعتبر ذا صلة وثيقة باملبيع‪ ،‬أو حق‬
‫التأمين على عقار من الحريق‪ ،‬إذا العقار ينتقل إلى الخلف الخاص مع الحق في التأمين الذي كان ثابتا‬
‫للسلف‪ ،‬أو أن يتعلق األمر بعقار محمل بحق ارتفاق لفائدة الغير‪ ،‬فإنه ينتقل إلى الخلف الخاص وهو‬
‫محمل بهذا التكليف‪.‬‬

‫أما إذا كانت هناك بعض الحقوق التي ال تعتبر من مستلزمات الش يء فإنها ال تنتقل إلى الخلف‬
‫الخاص‪ ،‬والحقوق التي ال تعتبر من مستلزمات الش يء هي التي ال تقيد حق استعمال أو استغالل هذا‬
‫الش يء املنتقل إلى الخلف الخاص‬

‫فالحق إذن الذي ال يعتبر من مستلزمات الش يء إما أن يكون حقا غير ضروري الستعمال الش يء كأن‬
‫يقدم بائع السيارة على استئجار مرآب يترك فيه سيارته‪ ،‬فإذا باعها ال ينتقل هذا الحق إلى املشتري‪ ،‬أو‬
‫أن يكون هذا الحق مرتبطا بشخصية السلف‪ ،‬كأن يكون السلف بائع العقار مستفيدا من رعي أغنامه‬

‫‪24‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫في عقار يملكه جاره‪ ،‬فهذا الحق ال ينتقل إلى الخلف الخاص‪ ،‬ألن السلف كان مستفيدا من ذلك‬
‫اعتبارا للعالقة الشخصية التي كانت تربطه بجاره‪.‬‬

‫ونفس الش يء بالنسبة لاللتزامات‪ ،‬فإنها إذا لم تكن من مستلزمات الش يء فإنها ال تنتقل إلى الخلف‪،‬‬
‫كان يلزم السلف نفسه ببعض االلتزامات اإلضافية‪ ،‬والتي ال تلزمه قانونا فإنها ال تنتقل إلى الخلف‬
‫الخاص‪.‬‬

‫وعلى العموم يمكن أن نقول أنه عندما يتعلق األمر بحقوق عينية أنشأها السلف‪ ،‬فإنها ال تثير إشكاال‬
‫حيث إن الحق ينتقل إلى الخلف الخاص وهو مثقل بالتحمل العيني‪ ،‬أما بالنسبة للحقوق وااللتزامات‬
‫الشخصية‪ ،‬فإنها كأصل عام ال تنتقل إلى الخلف الخاص باعتبار قيامهما على اعتبارات شخصية في‬
‫الغالب‪ ،‬لكن هذا املبدأ ترد عليه بعض االستثناءات إما بسبب وجود نص قانوني‪ ،‬كحالة الفصل ‪694‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬والتي تجعل املالك الجديد يحل محل املالك القديم في كل الحقوق وااللتزامات الناشئة‬
‫عن عقد الكراء‪ ،‬وإما بسبب طبيعة التصرف التي تفرض انتقال االلتزام إلى الخلف الخاص‪ ،‬كالدعاوى‬
‫التي كان من حق السلف أن يمارسها بشأن العقار فهي تنتقل إلى الخلف الخاص‪ ،‬كدعاوى‬
‫االستحقاق‪.‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬يجب أن يكون الخلف الخاص على علم بما انتقل إليه من حقوق والتزامات وقت‬
‫انتقال الش يء إليه‪ ،‬لكن بالنسبة للحقوق فإن شرط العلم ال يعتبر ضروريا ما دام الخلف الخاص‬
‫يستفيد منها عكس االلتزامات التي يتحمل بها الخلف الخاص‪ ،‬ففي هذه الحالة يعتبر شرط العلم‬
‫مسألة ضرورية‪ ،‬لكن بطبيعة الحال يكون من غير املنطقي أن يستفيد الخلف الخاص من الحقوق‬
‫الناشئة عن عقد السلف‪ ،‬ويدعي أنه ال يعلم بااللتزامات‪ ،‬كأن يستفيد من تأمين على عقار انتقل‬
‫إليه‪ ،‬ثم رفض التحمل بااللتزامات املتمثلة في أداء أقساط التأمين بدعوى عدم علمه بها‪.‬‬

‫لكن أحيانا قد يكون العلم مفترضا في الخلف الخاص سيما في الحاالت التي يتقرر فيها انتقال‬
‫االلتزامات بقوة القانون‪ ،‬إذ أن علم الخلف الخاص أو جهله في هذه الحالة لن يكون له تأثير واضح‬
‫على انتقال آثار التصرف إليه‪.83‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬استثناءات مبدأ نسبية آثر العقد‬


‫األصل أن االلتزامات ال تضر وال تنفع إال من كان طرفا فيها‪ ،‬حسب الفصل ‪ 228‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود الذي ينص على أن "االلتزامات ال تلزم إال من كان طرفا في العقد‪ ،‬فهي ال تضر‬

‫‪ 83‬عبد العالي الدقوقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة‪.229 ،228 ،227:‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫الغير وال تنفعهم إال في الحاالت املذكورة في القانون"‪ ،‬وذلك ألنه ال يمكن إلزام شخص بش يء معين‬
‫بموجب عقد لم يكن طرفا فيه احتراما ملبدأ نسبية آثر العقد‪.‬‬

‫إال أن هذا املبدأ ترد عليه مجموعة من االستثناءات التي فرضتها طبيعة املعامالت فسمح املشرع‬
‫املغربي بالتالي بإمكانية ترتيب آثار العقد على أشخاص لم تكن طرفا فيه‪.‬‬

‫هذا هو وضع االشتراط ملصلحة الغير الذي يعتبر أبرز استثناء للمبدأ السالف لذا سنتطرق له في هذه‬
‫الفقرة بنوع من اإليجاز‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬االشتراط ملصلحة الغير‬


‫يقصد باالشتراط ملصلحة الغير ذلك العقد الذي بمقتضاه يشترط فيه شخص يسمى املشترط‬
‫على شخص آخر يسمى املتعهد بإنشاء حق لفائدة شخص أجنبي عن العقد يسمى املستفيد‪ .‬كما عرفه‬
‫‪84‬‬
‫األستاذ ‪ Flattet‬بأنه هو الذي تنصرف بعض آثاره‪ ،‬على األقل إلى شخص لم يحضر إبرامه‪.‬‬

‫وقد تطرق له املشرع املغربي بموجب الفصول ‪ 34‬و ‪ 35‬من ق ل ع‪ ،‬بحيث ورد في األول (‪ " )34‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬يجوز االشتراط ملصلحة الغير ولو لم يعين إذا كان ذلك سببا التفاق أبرمه معاوضة املشترط‬
‫نفسه أو سببا لتبرع ملنفعة الواعد‪.‬‬

‫وفي هذه الحالة ينتج االشتراط أثره مباشرة ملصلحة الغير‪ ،‬ويكون لهذا الغير الحق في أن يطلب باسمه‬
‫من الواعد تنفيذه وذلك ما لم يمنعه العقد من مباشرة هذه الدعوى أو علقت مباشرتها على شروط‬
‫معينة‪.‬‬

‫ويعتبر االشتراط كأن لم يكن إذا رفض الغير الذي عقد لصالحه قبوله مبلغا الواعد هذا الرفض‪ ".‬كما‬
‫جاء في الثاني (‪ " )35‬يسوغ ملن اشترط ملصلحة الغير أن يطلب مع هذا الغير تنفيذ االلتزام ما لم يظهر‬
‫‪85‬‬
‫منه أن طلب تنفيذه مقصور على الغير الذي أجري لصالحه‪".‬‬

‫ومن أهم التطبيقات العملية لهذا االستثناء نجد‬

‫عقود التأمين‪ :‬خاصة التأمين على الحياة في حال الوفاة بحيث يشترط طالب التأمين (املشترط) على‬
‫شركة التأمين (املتعهد) أداء مبلغ معين لفائدة شخص ثالث (املستفيد) بعد وفاة املؤمن له مقابل أداء‬

‫‪ -84‬محمد محروگ‪ ،‬مفهوم الغير في العقد التحديد واآلثار – دراسة مقارنة‪ ،-‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة‬
‫التكوين والبحث‪ :‬القانون املدني‪ ،‬جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،2005/2004 ،‬ص‬
‫‪.367‬‬
‫‪85‬قانون اإللتزامات والعقود‬

‫‪26‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫األقساط‪ ،‬وقد يكون املستفيد زوج املؤمن له أو ابنه ‪ ...‬وفي جميع الحاالت ينشأ حق مباشر للمنتفع‬
‫في ذمة شركة التأمين ‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫عقد البيع‪ :‬كأن يشترط البائع على املشتري أداء الثمن لفائدة دائنة‬

‫إال أن الفقهاء قد اختلفوا بشأن طبيعة هذا التصرف فمنهم من أعتبره إيجاب ومنهم من أعتبره فضالة‬
‫في حين ذهب اتجاه آخر إلى اعتباره تصرف بإرادة منفردة وآخر اعتبره حق مباشر ‪.‬‬

‫اإليجاب‪ :‬يذهبون أنصار هذه النظرية وعلى رأسهم الفقيه البلجيكي لوران إلى اعتبار أن االشتراط‬
‫ملصلحة الغير ما هو إال إيجاب يوجهه املشترط إلى املنتفع ‪ .‬إال أنه تم انتقاد هذه النظرية ‪.‬‬

‫الفضالة‪ :‬من أنصار هذه النظرية الفقيه الفرنس ي ليبي الذي يربط االشتراط ملصلحة الغير بنظرية‬
‫الفضالة‪ ،‬إذ أعتبر أن املشترط بمثابة فضولي يعمل ملصلحة املنتفع‪ ،‬وبالتالي بمجرد إقراره من قبل‬
‫املنتفع تتحول الفضالة إلى وكالة فيصبح املنتفع هو املتعاقد مع املتعهد‪ ،‬أي أن املنتفع كان موكال‬
‫بواسطة املشترط‪ ،‬وبالتالي فهو طرف في العقد ‪ .‬إال أن هذه األخيرة كذلك لم تسلم من النقد بحيث‬
‫تم انتقادها على اعتبار أنه هناك فرق واضح بين املؤسستين ففي االشتراط تكون للمشترط مصلحة‬
‫‪87‬‬
‫بينما تنعدم هذه األخيرة في الفضالة‪.‬‬

‫اإلرادة املنفردة‪ :‬يروا أصحاب هذا التوجه خاصة الفقيهان سطارك و جوسران أن حق املنتفع يجد‬
‫أساسه في اإلرادة املنفردة للمتعهد‪ ،‬حيث أن إرادة هذا األخير هي التي خولت له هذا الحق‪ ،‬إال أنه‬
‫وجه إليها انتقاد أساس ي يتمثل في كون أن أحكامها ال تتفق مع االشتراط ملصلحة الغير‪ ،‬فبموجب هذا‬
‫األخير يمكن للمشترط دون املتعهد التراجع عن إرادته مادام القبول لم يصدر من املنتفع‪ ،‬بينما لو تم‬
‫‪88‬‬
‫اعتماد فكرة اإلرادة املنفردة فإن هذا الحق يتبث للمتعهد ال للمشترط‪.‬‬

‫الحق املباشر‪ :‬يذهب الفقه املدني الحديث إلى القول بكون أن إلحاق هذا التصرف باملؤسسات‬
‫التقليدية يعد عبثا ألن االشتراط ملصلحة الغير مؤسسة قائمة بذاتها‪ ،‬تجد أساسها في التزام املتعهد‬
‫‪89‬‬
‫تجاه املشترط الذي بموجبه ينشأ الحق‪.‬‬

‫‪86‬فريدة املحمودي‪ ،‬محاضرات في النظرية العامة لإللتزامات‪ ،‬مكناس‪ ،‬طبعة ‪ ،2018/2017‬ص ‪152 ،151‬‬
‫‪87‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون املدني (دراسة حديثة للنظرية العامة لإللتزام في ضوء تأثرها باملفاهيم الجديدة للقانون‬
‫اإلقتصادي)‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪-‬الرباط‪ ،‬الطبعة الخامسة‪ ،2018 ،‬ص ‪295.296‬‬
‫‪88‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪296‬‬
‫‪89‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪296‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وبما أن االشتراط ملصلحة الغير عقد يبرم بين شخصين فالبد من توفره على شروط لالعتداد بصحته‬
‫إضافة إلى الشروط املذكورة في الفصل الثاني من ق ل ع ( التراض ي‪ ،‬املحل‪ ،‬السبب ) ‪:‬‬

‫الشرط األول‪ :‬أن يتعاقد املشترط باسمه الخاص مع املتعهد‬

‫لقيام االشتراط ملصلحة الغير البد من أن يبرم املشترط العقد باسمه وليس باسم املستفيد وهو ما‬
‫يميزه عن عقد الوكالة الذي يبرم باسم األصيل‪ ،‬وهو ما يستوجب توفر املشترط على األهلية على‬
‫خالف الوكيل الذي لم يشترط فيه األهلية ‪.‬‬

‫الشرط الثاني‪ :‬أن يتم االتفاق على إنشاء حق مباشر للمستفيد‬

‫إن حق املنتفع ينشأ مباشرة للمستفيد فإذا اشترط املشترط لنفسه ثم قام بتحويله بعد ذلك إلى‬
‫املستفيد فإنه ال يعتبر اشتراطا ملصلحة الغير ‪ .‬وهو ما نص عليه املشرع في الفقرة الثانية من الفصل‬
‫‪ 34‬من ق ل ع الذي ورد فيه "‪....‬وفي هذه الحالة ينتج االشتراط أثره مباشرة ملصلحة الغير‪"....،‬‬

‫الشرط الثالث‪ :‬وجود مصلحة شخصية للمشترط في االشتراط‪.‬‬

‫مادام أن املشترط يتعاقد باسمه فالبد من أن تكون له مصلحة في ذلك خاصة وأن الحقوق ستنشأ‬
‫للمستفيد‪ ،‬وهذه املصلحة قد تكون مادية كمن يبيع شيئا للمشتري ويشترط عليه تسليم ثمنه‬
‫‪90‬‬
‫لشخص ثالث دائن له‪ ،‬أو معنوية كمن يشترط ملصلحة أوالده أو زوجته ‪.‬‬

‫وبعد توفر العقد على هذه الشروط يعتبر العقد صحيح ويرتب بالتالي آثار تتمثل في تلك العالقة‬
‫الثالثية التي تنشأ عنه‬

‫عالقة املشترط باملتعهد‪ :‬تخضع هذه العالقة للعقد القائم بينهما باعتبارها عالقة تعاقدية وبالتالي‬
‫يحق لكل طرف مطالبة الطرف اآلخر بالتنفيذ إذا كان ممكنا أو الفسخ والتعويض في حالة وجود‬
‫ضرر‪ ،‬وهكذا يحق للمشترط أن يطالب شخصيا املتعهد بتنفيذ التزاماته إزاء املستفيد على الرغم من‬
‫أنه ليس دائنا بل له مصلحة شخصية في االشتراط وذلك ما لم يقض ي العقد بخالف ذلك وهو ما ورد‬
‫في الفصل ‪ 35‬من ق ل ع الذي نص على أنه " يسوغ ملن اشترط ملصلحة الغير أن يطلب مع هذا الغير‬
‫‪91‬‬
‫تنفيذ االلتزام ما لم يظهر منه أن طلب تنفيذه مقصور على الغير الذي أجري لصالحه‪".‬‬

‫‪90‬فريدة املحمودي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪152 ،151‬‬


‫‪91‬مجد عابدين‪ ،‬اإلشتراط ملصلحة الغير‪15:30 . 2022/03/20. www.mohamoon-montada.com،‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫عالقة املشترط باملنتفع‪ :‬هذه العالقة قد تكون عمال من أعمال التبرع بحيث يريد املشترط التبرع‬
‫للمستفيد أو معاوضة كأن يكون املستفيد دائنا للمشترط فيشترط املشترط على املتعهد بأداء ثمن‬
‫املبيع للمستفيد ‪ .‬ومن مميزات هذه العالقة أنه يحق لهما التراجع عن االشتراط حسب ما أجمع عليه‬
‫الفقه إذ ليس هناك ما يلزم املستفيد بقبول ش يء ال يرضاه حتى وإن كان في مصلحته كما أن املشترط‬
‫نفسه غير ملزم بالبقاء على اشتراطه مادام لم يصدر القبول من املستفيد‪ ،‬إال أن املشرع املغربي لم‬
‫ينص على ذلك صراحة على خالف بعض التشريعات كاملشرع األردني الذي نص على ذلك في املادة‬
‫‪92‬‬
‫‪ 1/211‬وقيده بشرط عدم قبول املنتفع لالشتراط بعد‪.‬‬

‫عالقة املتعهد باملستفيد‪ :‬ينشأ للمنتفع أي املستفيد حق مباشر في ذمة املتعهد يكسبه من عقد‬
‫االشتراط بالرغم من أنه ليس طرفا فيه‪ ،‬ويصبح دائنا للمتعهد‪ ،‬وله أن يطالبه بما تعهد به بموجب‬
‫‪93‬‬
‫عقد االشتراط‪.‬‬
‫باإلضافة إلى االشتراط ملصلحة الغير يوجد استثناء آخر ملبدأ نسبية آثار العقد ال يقل أهمية عن األول‬
‫وهو ‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬التعهد عن الغير‬


‫هو عقد بمقتضاه يتعهد شخص ( املتعهد) لشخص آخر ( املتعهد له ) بأن يحمل شخص‬
‫ثالث على قبول التعاقد معه‪ ،‬ويجمع الفقه على أن تطبيقاته وصوره تتعدد غير أن أهم مظاهره‬
‫‪94‬‬
‫تتمثل في االلتزام عن الغير بشرط اإلقرار و التعهد املطلق عن الغير ‪.‬‬

‫االلتزام عن الغير بشرط إقراره إياه ‪ :‬هو ذلك االلتزام الذي يتعهد به شخص باسم الغير على شرط‬
‫إقراره إياه‪ ،‬أي أنه إذا لم يقره املعني باألمر فإن املتعاقد املتعهد ال يسأل عن ذلك ألن العقد أصال‬
‫أبرم على شرط اإلقرار‪ ،‬وبذلك يتضح أن هذه العالقة تتلخص في عقدين األول بين املتعهد واملتعهد‬
‫له بحيث يلتزم األول بإقناع الطرف الثالث على إبرام العقد والثاني بين املتعهد له واملقر بعد اإلقرار‪،‬‬
‫كبيع عقار مملوك على الشياع من قبل الورثة دون حضور أحدهم رغبة منهم في عدم تفويت هذه‬
‫الفرصة فهنا يتعهدوا الورثة بإقناع الوارث اآلخر على قبول العقد‪ ،‬لذلك يروا أغلب الفقهاء أن هذه‬
‫الصورة تتشابه مع عقد الوكالة الذي يتجاوز فيه الوكيل حدود وكالته ‪.‬‬

‫‪92‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪299.300‬‬


‫‪93‬فريدة املحمودي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪156‬‬
‫‪94‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪302‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫و قد تبنا املشرع املغربي هذه الصورة في ق ل ع في الفصول ‪ 38 37 36‬حيث جاء في األول " يجوز‬
‫االلتزام عن الغير على شرط إقراره إياه‪ ،‬وفي هذه الحالة يكون للطرف اآلخر أن يطلب قيام هذا الغير‬
‫بالتصريح بما إذا كان ينوي إقرار االتفاق‪ .‬وال يبقى هذا الطرف ملتزما إذا لم يصدر اإلقرار داخل أجل‬
‫معقول‪ ،‬على أن ال يتجاوز هذا األجل خمسة عشر يوما بعد اإلعالم بالعقد‪ ".‬وباستقراء املقتضيات‬
‫القانونية نجد أن املشرع رتب مجموعة من اآلثار تتمثل في ‪:‬‬

‫‪ ‬أن املتعهد عنه له كامل الحرية في قبول العقد أو رفضه وهذا ال يجعل املتعهد مسؤوال ألن‬
‫العقد أصال أبرم على شرط اإلقرار‪.‬‬
‫‪ ‬كما يمكن للمتعهد له أن يطالب الطرف اآلخر باإلعراب عن موقفه بخصوص موضوع التعهد‬
‫داخل أجل ‪ 15‬يوما احتراما للفصل ‪ 36‬من ق ل ع وإال فالطرف األول ال يبقى ملتزما ‪.‬‬
‫‪ ‬ويصح التعبير عن اإلرادة بشكل ضمني من قبل املتعهد عنه حسب منطوق الفصل ‪ " 37‬يعتبر‬
‫اإلقرار بمثابة َ‬
‫الوكالة‪ ،‬ويصح أن يجيء ضمنيا وأن ينتج من قيام الغير بتنفيذ العقد الذي أبرم‬
‫باسمه‪ ".‬كما يسوغ استنتاجه من السكوت فإذا كان صاحب الحق حاضرا أثناء التصرف في‬
‫حقوقه ولم يبدي أي تعرض حسب الفصل ‪ 38‬من نفس القانون ( ق ل ع )‪.‬‬
‫‪ ‬ويعتبر اإلقرار بمثابة وكالة حسب الفقرة األولى من الفصل ‪ 37‬السالف ذكره وبذلك يكون املقر‬
‫‪95‬‬
‫هو املوكل أو األصيل واملتعهد هو الوكيل ‪.‬‬
‫التعهد عن الغير ‪ :‬اعتمدت هذه الصورة من قبل مجموعة من التشريعات كاملشرع الفرنس ي بموجب‬
‫املادة ‪ 1120‬من القانون املدني الفرنس ي التي أصبحت هي املادة ‪ 1204‬بمقتض ى األمر الصادر بتاريخ ‪10‬‬
‫فبراير ‪ ،2016‬وكذا القانون املدني املصري الذي نص على التعهد عن الغير بمقتض ى املادة ‪ 153‬منه‬
‫التي جاء فيها " ‪-1‬إذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فال يلزم الغير بتعهده ‪ .‬فإذا رفض الغير‬
‫أن يلتزم وجب على املتعهد أن يعوض من تعاقد معه‪ ،‬ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض‬
‫بأن يقوم هو نفسه بتنفيذ االلتزام الذي تعهد به‪.‬‬

‫‪ –2‬أما إذا قبل الغير هذا التعهد‪ ،‬فإن قبوله ال ينتج أثرا إال من وقت صدوره‪ ،‬ما لم يتبين أنه قصد‬
‫‪96‬‬
‫صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول إلى الوقت الذي صدر فيه التعهد "‪...‬‬

‫‪95‬عبد الرحمان‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪302.303.304‬‬


‫‪96‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪304‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وبالرغم من أن املشرع املغربي لم يأخذ بهذه الصورة إال أن الفقه جمع على إمكانية األخذ بها مادام‬
‫‪97‬‬
‫ذلك ال يتعارض وأحكام ق ل ع على ضوء األحكام املعتمدة في التشريعات املقارنة ‪.‬‬

‫ولصحة التعهد عن الغير البد من توفر مجموعة من الشروط ‪:‬‬

‫أن يتعاقد املتعهد باسمه ال باسم الغير ‪ :‬يعتبر هذا الشرط شرط أساس ي للحديث عن التعهد عن الغير‬
‫والذي يتمثل في ضرورة أن يتعاقد املتعهد باسمه ال باسم الغير‪ ،‬وهذا الشرط هو الذي يميز لنا بين‬
‫التعهد عن الغير والوكيل والفضولي‪ ،‬بحيث أن كالهما يتصرفان باسم الغير فالوكيل يتصرف باسم‬
‫األصيل والفضولي يعمل باسم رب العمل وملصلحته‪ ،‬وفي ذلك يتشابه مع الوكيل إال أن هذا األخير‬
‫يكون مكلفا من قبل األصيل على خالف الفضولي ‪.‬‬

‫أن يقصد املتعهد إلزام نفسه بهذا التعهد ‪ :‬يقصد بهذا الشرط أن الغرض من التعهد هو إلزام‬
‫املتعهد نفسه على اعتبار أن املتعهد إذا اتجهت إرادته إلى إلزام الغير‪ ،‬فإن التعهد يكون باطال‬
‫الستحالة املحل‪ ،‬فالقاعدة هي أنه ال يمكن إلزام شخص بدون إرادته‪ ،‬كما ال يمكن الزام شخص‬
‫بعقد لم يكن طرفا فيه ‪ .‬ومن تم يبرز لنا الفرق بين التعهد عن الغير واالشتراط ملصلحة الغير الذي‬
‫‪98‬‬
‫بموجبه ينشأ للمستفيد حق مباشر في ذمة املتعهد بالرغم من أنه لم يكون طرفا في العقد ‪.‬‬

‫أن يكون محل التزام املتعهد هو حمل الغير على قبول التعهد‪ :‬يتميز هذا الشرط بخاصيتين أساسيتين ‪:‬‬

‫الخاصية األولى ‪ :‬هي أن التزام املتعهد بحمل الغير على قبول التعهد هو التزام بتحقيق نتيجة وليس‬
‫ببذل عناية‪ ،‬مما يترتب عنه أن املتعهد يعتبر مقصرا في حالة عدم قبول الغير للتعهد ‪.‬‬

‫الخاصية الثانية ‪ :‬تتمثل في كون إعالم الغير بقبوله لهذا التعهد ينهي التزام املتعهد‪ ،‬سواء أقام القابل‬
‫بتنفيذ التزامه أم ال‪ ،‬ألن التزام املتعهد ال يمتد لضمان تنفيذ الغير للتعهد الذي قبله‪.‬‬

‫وفي النهاية بعد توفر كل هذه الشروط يبقى للشخص كامل الحرية في قبول التعهد أو رفضه ‪.‬‬

‫قبول الغير للتعهد‪ :‬قد يكون صريحا كما قد يكون ضمنيا‪ ،‬كما لو قام الغير بتنفيذ التعهد دون التعبير‬
‫عن القبول صراحة‪ ،‬وفي جميع األحوال يكون املتعهد وفى بالتزامه العقدي تجاه املتعاقد معه بمجرد‬
‫صدور القبول سواء بشكل صريح أو ضمني‪ ،‬فينشأ عقد جديد بين املتعاقد مع املتعهد والغير ‪.‬‬

‫‪97‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪304‬‬


‫‪98‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪305‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫رفض الغير للتعهد‪ :‬يترتب عن رفض الغير للتعهد نتيجتان أولهما عدم قيام مسؤولية الغير‪ ،‬وذلك ألنه‬
‫حر في قبول أو رفض التعهد‪ ،‬اما الثانية فتتجلى في قيام مسؤولية املتعهد الذي لم ينجح في الوفاء‬
‫بالتزامه املتمثل في حمل الغير على القبول‪ ،‬وال يمكنه التحلل من هذه املسؤولية إال إذا أتبث أن ذلك‬
‫راجع إلى سبب أجنبي‪.‬‬

‫وبالرغم من أن معظم التشريعات أخدت بالتعهد عن الغير فإنها خولت للمتعهد إمكانية تجنب الحكم‬
‫عليه بالتعويض‪ ،‬في حالة قيامه شخصيا بتنفيذ االلتزام الذي تعهد أن يقوم به الغير‪ ،‬إذا كان‬
‫‪99‬‬
‫تنفيذه من قبله ممكنا‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬إثبات االلتزامات بين الحرية و التقييد‬


‫سنتطرق في هذا املبحث للوسائل اإلثبات في قانون االلتزامات و العقود (املطلب األول)‪ ،‬ثم‬
‫سنعرج بعد ذلك إلى الحديث عن وسائل اإلثبات في بعض القوانين الخاصة (املطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬وسائل اإلثبات في قانون االلتزامات و العقود‬


‫من املعلوم أن الحق ينشأ بقوة القانون‪ ،‬متى توافرت الشروط الالزمة لوجوده‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن وسيلة إثباته‪ ،‬ومن أن اإلثبات الناتج عن الدليل في أي منازعة ليس جزءا من الحق و ال ركنا من‬
‫أركانه‪ ،‬إال أنه من الناحية العملية‪ ،‬يعد اإلثبات أمرا جوهريا للحق‪ ،‬ومن هذا املنطلق أصبحت قواعد‬
‫اإلثبات ذات أهمية بالغة في املجال العملي‪ ،‬وهذا ما يدفعنا للبحث عن هذه الوسائل‪ ،‬فال ربما هناك‬
‫وسائل عامة لإلثبات( الفقرة األولى) و وسائل خاصة تختلف عن سابقتها ( الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود‬


‫األصل في املعامالت بين األفراد يكون رضائيا بينهما إلنشاء أي عقد كيفما كان نوعه‪ ،‬إال أن هذه‬
‫املعامالت قد يترتب عليها في بعض األحيان نزاع بعد إبرام العقد‪ ،‬األمر الذي يتحتم على األفراد اللجوء‬
‫إلى القضاء‪ ،‬هذا األخير نجده ينص على قاعدة عامة "البينة على من ادعى" حيث بالرجوع إلى الفصل‬
‫‪ 404‬من قانون االلتزامات و العقود ينص على وسائل اإلثبات التي يمكن األفراد و القضاء بوجه عام‬
‫االستناد عليهما‪ ،‬وهي كتالي‪:‬‬

‫‪99‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪307‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫إقرار الخصم‬

‫املشرع املغربي لم يعرف املقصود باإلقرار ولكن نظمه من خالل قانون االلتزامات والعقود في‬
‫الفصول ‪ 405‬الى ‪.415‬‬

‫ونجد الفقه يعرف لنا االقرار حيث عرفه ادريس العبدالوي" اإلقرار هو اعتراف شخص بحق‬
‫عليه آلخر قصد ترتيب حق في ذمته واعفاء اآلخر من اثباته‪."100‬‬

‫كما يعتبر االقرار هو اعتراف يصدر من شخص على نفسه بحق لغيره‪ ،‬واقرار الشخص بما يدعيه‬
‫خصمه يحسم النزاع في شأنه‪ ،‬فيجعله غير حاجة لإلثبات ‪.101‬‬

‫ونجد الفقهاء اختلفوا حول طبيعة االقرار فهناك من اعتبر االقرار قرينة على صحة ما يقر به‪،‬‬
‫ومن الفقهاء من اعتبره مجرد وسيلة االعفاء املدعي من اثبات الواقعة (محل االقرار)‪ ،‬بالطرق املحددة‬
‫ومنهم من اعتبروه نزوال من جانب املقر عن امليزة التي يتمتع بها عندما يكون خصمه مجرد من‬
‫الدليل‪.102‬‬

‫وإذا تأملنا في الفصل ‪ 408‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬حيث يشترط في املقر ان تتوافر له اهلية‬
‫التصرف في الحق املقر به او أهلية االلتزام بالواقعة املقر بها ونص كذلك نفس الفصل على ان يكون‬
‫ذلك الحق معينا اي موجودا اثناء الدعوى او قابال للتعيين في املستقبل حسب ما اتفق عليه االطراف‬
‫في الدعوى‪ .‬واال فال يصبح االقرار وال يترتب في ذمة املقر التزاما‪.‬‬

‫كما يجب ان يكون هذا االقرار صادر عن املقر عن اختيار وإدراك‪ .‬وهذا ما نصت عليه الفصل‬
‫‪ 409‬من قانون االلتزامات و العقود ويكون هذا التعبير الصريح لإلرادة املقر اتجاه املقر له اما شفويا‬
‫وهذه هي الصورة العادية لإلقرار القضائي واما ان يكون مكتوبا كما تضمنه مذكرة مقدمة من الخصم‬
‫للمحكمة او ورقة يسلمها املقر الى املقر له‪.103‬‬

‫وهذا االقرار هو نوعان‪ ،‬نستخلصهما من خالل الفصل ‪ 405‬من قانون االلتزامات والعقود ‪" 58‬‬
‫االقرار قضائي أو غير قضائي ‪"...‬‬

‫‪100‬إدريس العبدالوي‪"،‬وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪1977 ،‬ص ‪.161‬‬
‫‪ 101‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬االثبات في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بدون طبعة وسنة‪ ،‬ص ‪.217‬‬
‫‪217.‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪102‬‬
‫‪103‬إدريس العبدالوي‪"،‬وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪ ،‬ص‪164‬‬

‫‪33‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫فاإلقرار القضائي عرفه الفصل ‪ 405‬من قانون االلتزامات والعقود بأنه هو "االعتراف الذي يقوم‬
‫به امام املحكمة الخصم أو نائبه املأذون له في ذلك اذنا خاصا"‪.‬‬

‫إذا يتضح لنا من خالل هذا النص كون االقرار يعتبر قضائي ألنه يكون امام مجلس القضاء وان‬
‫يكون أثناء النظر في الدعوى تتعلق بالواقعة محل االقرار‪ .‬وليس من الضروري ان يسمع االقرار بنفسه‬
‫مباشرة‪ ،‬وقد يتحقق اما شفويا في الجلسة او اثناء تحقيق او استجواب‪ ،‬او كتابة في مذكرات مقدمة‬
‫اليه او طلبات معلنة للخصم‪ ،‬وعليه ال يعتبر قضائيا اإلقرار الذي يقع امام جهات ادارية كمجلس‬
‫التأديب أو أمام النيابة أو الشرطة‪.104‬‬

‫و يمكننا القول بان اإلقرار القضائي يكتسب حجيته عندما يكون امام مجلس القضاء األن‬
‫الحضور امام القضاء من شأنه أن ينبه املقر الى وزن كل كلمة قبل ان يصرح بها‪ ،‬و كذلك يعتبر هذا‬
‫االقرار حجة قاطعة على صاحبه فتصبح الواقعة التي اقر بها الخصم‪ ،‬في غير حاجة الى االثبات‪ ،‬ليس‬
‫ذلك بالنسبة له فقط‪ ،‬ولكن يسري مفعوله على ورثته‪ ،‬اذا فال يجوز الرجوع فيه حتى و لولم يكن‬
‫الخصم اآلخر عاملا به‪ ،105‬و هذا ما اكدته الفقرة الثالثة من الفصل ‪ 414‬من ق‪.‬ا‪.‬ع الذي جاء فيه (( ال‬
‫يسوغ الرجوع في االقرار و لو كان الخصم االخر لم يعلم به )) ‪.‬‬

‫إذا فإن اقرار الخصم وفق الشروط واالركان الواجبة قانونا‪ ،‬يعتبر حجة قاطعة في مواجهة من‬
‫أقر بالواقعة‪ ،‬يجعل القاض ي ملزما بإصدار حكمه استنادا الى هذا االقرار من غير مطالبته للخصم‬
‫باإلثبات‪ ،‬وبالنظر الى ان االقرار في امليدان املدني‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لالعتراف في امليدان الجنائي‪،‬‬
‫يعتبر سيد االدلة‪ .‬اال إذا كان هذا االقرار فهو مشوب بإكراه وتدليس فيعرض صاحبه للبطالن‪.106‬‬

‫اما بخصوص االقرار غير القضائي قد عرف الفصل ‪ 407‬من ق‪.‬ل‪.‬ع بأنه هو" االقرار الذي ال‬
‫يقوم به الخصم امام القاض ي‪ .‬ويمكن ان ينتج من كل فعل يحصل منه وهو مناف ملا يدعيه"‪ .‬ويشترك‬
‫االقرار غير القضائي مع االقرار القضائي في طبيعته من حيث انه عمل قانوني اخباري من جانب واحد‬
‫وانه يعتبر بمثابة عمل من اعمال التصرف‪ ،‬ويختلف عنه في كونه ال يصدر في مجلس القضاء‪.‬‬

‫‪167.‬إدريس العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪104‬‬


‫‪ 105‬رشيد العراقي‪ ،‬طرق اثبات االلتزام‪ ،‬مجلة القضائي‪ ،‬العدد ‪ ،30‬السنة ‪ 15 /10/2007‬ص ‪19.‬‬
‫‪106‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬االثبات في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وال يشترط فيه ان يكون صادرا للمقر له‪ ،‬وانما يجوز استخالصه من اي دليل أو ورقة مقدمة‬
‫من جهة اخرى‪ ،‬ما دامت نية املقر وقصده قد اتجها الى ان يؤخذ بإقراره‪.107‬‬

‫ويخضع االقرار غير القضائي للقواعد العامة في االثبات‪ ،‬اال ان ظهير قانون االلتزامات والعقود‬
‫استثنى من ذلك صورة واحدة ال يجوز اثباتها بشهادة الشهود‪ ،‬وذلك إذا تعلق االقرار بالتزام يتطلب‬
‫القانون فيه الكتابة إلثباته‪ ،108‬وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 413‬من قانون االلتزامات و العقود الذي‬
‫جاء فيه " ال يجوز اثبات االقرار غير القضائي بشهادة الشهود إذا تعلق بالتزام يوجب القانون اثباته‬
‫بالكتابة "‪.‬‬

‫وهكذا فقاض ي املوضوع ال يملك أية سلطة تقدير حجية االقرار القضائي باعتباره من وسائل االثبات‬
‫القانونية‪ ،‬ذلك ان الفصول التي نظمت االقرار بنوعيه القضائي وغير القضائي من ‪ 405‬الى ‪ 415‬من‬
‫قانون االلتزامات و العقود تضمنت مجموعة من القواعد اآلمرة التي ألزم املشرع عن طريقها القاض ي‬
‫املدني بضرورة احترامها‪ ،‬ولم يترك له في تطبيقها اي مجال ألعمال سلطته التقديرية‪. 109‬‬

‫الكتابة‬

‫تعتبر الكتابة في عصرنا الحاضر من اهم طرق االثبات و أقواها‪ ،‬لذلك تعد أحد طرق إلثبات‬
‫جميع الوقائع والتصرفات القانونية‪.‬‬

‫وتظهر اهمية االثبات بالكتابة‪ ،‬عندما يكون االفراد بصدد ابرام معامالت قانونية بحيث يكون من‬
‫مصلحتهم اقامة الدليل عليها مقدما‪ ،‬تفاديا ملفاجئات قد تطرأ فيما بعد وهذا االلزام بإعداد الدليل‬
‫يرمي الى توطيد السالمة واالستقرار في التعامل والى منع التالعب والغش قدر املستطاع‪.110‬‬

‫و نجد املشرع املغربي نظم الكتابة باعتبارها وسيلة من وسائل االثبات األساسية في املعامالت املدنية‬
‫من خالل الفصول ‪ 416‬الى ‪ 442‬من قانون االلتزامات و العقود‪.‬‬

‫‪107‬إدريس العبدالوي‪"،‬وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪1977 ،‬ص ‪221.‬‬
‫‪108‬رشيد العراقي‪ ،‬طرق اثبات االلتزام مجلة القضائي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫‪109‬بنسالم اوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬وحدة البحث والتكوين‪-‬‬
‫القانون املدني املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية االجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية‪2015- ،‬‬
‫‪ ،2014‬ص‪.47:‬‬
‫‪110‬إدريس العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪12‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫إذا االصل إثبات التصرفات القانونية يكون عن طريق الكتابة‪ ،‬و استثناءا يمكن ان يكون هذا إلثبات‬
‫بغير الكتابة بالنسبة لتصرفات القانونية التي ال تتجاوز ‪ 10.000‬درهم حيث يمكن اثبتها بشهادة‬
‫الشهود وهذا ما نص عليه الفصل ‪ 443‬من قانون االلتزامات و العقود " االتفاقات وغيرها من االفعال‬
‫القانونية التي يكون من شأنها ان تنش ئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي االلتزامات أو الحقوق‪ ،‬والتي يتجاوز‬
‫مبلغها أو قيمتها عشرة آالف درهم‪ ،‬ال يجوز اثباتها بشهادة الشهود‪ .‬و يلزم ان تحرر بها حجة رسمية أو‬
‫عرفية‪."...‬‬

‫وبناء على ما تم ذكره‪ ،‬تنقسم املحررات او االوراق التي يمكن استخدامها في االثبات الى اوراق رسمية‬
‫واوراق عرفية‪ ،‬فاألولى عرفها الفصل ‪ 418‬من قانون االلتزامات و العقود "الورقة الرسمية هي التي‬
‫يتلقاها املوظفون العموميون الذين لهم صالحية التوثيق في مكان تحرير العقد‪ ،‬وذلك في الشكل الذي‬
‫يحدده القانون"‪.‬‬

‫والورقة الرسمية هي التي يتلقاها املوظفون العموميون املختصون نوعيا ومكانيا‪ ،‬ممن لهم صالحية‬
‫التوثيق‪ ،‬وتتعدد أصناف املوظفين العموميين بحسب املهام املنوطة بهم‪ ،‬فالقاض ي يعتبر موظفا‬
‫عموميا بالنسبة لألحكام التي يصدرها‪ ،‬وكاتب الجلسة بالنسبة ملحاضر الجلسات التي يبثها‪ ،‬واملوثق‬
‫‪111‬‬
‫بالنسبة للعقود‪ .‬التي يبرمها‪ ... ،‬إلخ‬

‫ولكي تكتسب هذه املحررات رسميتها يجب ان تراعي الشكل الذي حدده القانون في تحرير الورقة أي‬
‫ان تكون هذه االخيرة تشمل جميع البيانات واالوضاع التي أوجب القانون توفرها‪.‬‬

‫والبد إلضفاء صفة الرسمية على الورقة املحررة من طرف من له الصفة واالختصاص من أن تتوفر‬
‫على الشروط والشكليات املنصوص عليها في القانون طبق ما يقض ي به الفصل ‪ 418‬من ق‪.‬ل‪.‬ع وهكذا‬
‫حددت املادة ‪ 35‬من ظهير ‪ 22‬نونبر ‪ 2011‬املتعلق بتنظيم مهنة التوثيق اختصاصات املوثق وحجية‬
‫العقود التي يحررها‪ ،‬ومتى استكملت الوثيقة املحررة من طرف املوثق لشروط والشكليات املتطلبة‬
‫قانونا اكتملت حجيتها في االثبات كسند رسمي ورتبت جميع االثار املسموح بها قانونا‪.‬‬

‫وبالتالي يتضح من خالل ما سبق ان الورقة الرسمية التي تستكمل شروطها القانونية تكون لها حجية‬
‫قوية في االثبات وتوجد بالنسبة اليها قرينة‪ .‬ومقتض ى هذه القرينة ان تكون الورقة الرسمية حجة‬
‫بذاتها‪ ،‬دون حاجة الى االقرار بها‪ ،‬فاذا نازع الخصم في صحة الورقة الرسمية فال يكون على من‬

‫‪111‬بنسالم اوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬

‫‪36‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫يتمسك بها ان يقيم الدليل على صحتها‪ ،‬وانما يقع عبء نقضها على الخصم الذي ينكرها‪ ،‬وال يتيسر‬
‫له ذلك بطريقة االدعاء والتزوير‪.112‬‬

‫أما بخصوص املحررات العرفية‪ ،‬سار الفقه على تعريف السندات العرفية بأنها "سندات معدة‬
‫لإلثبات يتولى تحريرها وتوقيعها اشخاص عاديون بدون تدخل من املوظف العام"‪ .113‬وقد عرفها ايضا‬
‫االستاذ العبدالوي "هي التي تصدر من ذوي الشأن بوصفهم اشخاص عاديين يوقع عليها أحدهم الن‬
‫تكون دليال كتابيا"‪.‬‬

‫أما املشرع املغربي نص صراحة على املحرر العرفي من خالل الفصل ‪ 423‬من ق‪.‬ا‪.‬ع‪ ،‬فاملحرر الرسمي‬
‫الذي ينتابه عيب شكلي او خلل من حيث االختصاص او عدم اهلية املوظف يصبح سندا عرفيا متى‬
‫وقع عليه االطراف ورضوا به‪ .‬وهو نفس التوجه الذي سار عليه العمل القضائي في عدة قرارات‪ ،‬حيث‬
‫نجد القرار الصادر عن املجلس االعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ ‪ 6/12/1988‬تحت عدد ‪ 1486‬في‬
‫امللف الشرعي رقم ‪ ،5522/97‬اذ ورد فيه "ان رسم الشراء املحتج به في النازلة غير جدير باالعتبار‬
‫لكونه ناقص الشكليات القانونية‪ ،‬فلم يدرجه العدالن بكناش الجيب‪ ،‬وال وقعت االشارة فيه الى تاريخ‬
‫تضمينه بكناش املحكمة ورقمه فأفقد بذلك صفة الورقة الرسمية‪ ،‬وال يعتبر عقدا عرفيا لعدم‪.‬‬
‫التوقيع عليه من أطراف العالقة"‪.114‬‬

‫ويشترط في الورقة الرسمية املعدة لإلثبات هو الكتابة والتوقيع‪.‬‬

‫فان اشتراط الكتابة في الورقة العرفية تفيد على كون تلك الورقة دليل إلثبات التصرف القانوني‪ ،‬وال‬
‫يلزم في املحررات العرفية اي شكل خاص املهم ان تتضمن الورقة العرفية كتابة تدل على املقصود‬
‫بها‪.115‬‬

‫وهي تصلح لإلثبات اي كانت لغة التعبير او طريقة التدوين ويجوز ان تكون الكتابة خطية سواء أكانت‬
‫بخط موقعها او بخط غيره وسواء اكان الخط باملداد او بالرصاص او غيرهما ‪ ...‬كما يجوز ان تكون‬
‫مطبوعة بأ ي وسيلة من وسائل الطباعة‪ ،‬فاملقصود هو ان توجد كتابة ينصب مضمونها على الواقعة‬

‫‪112‬بنسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.73‬‬


‫‪ 113‬بنسالم اوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة البحث والتكوين‪-‬‬
‫القانون املدني املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،2015-2014‬ص‪.33‬‬
‫‪ 33.‬بنسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪114‬‬
‫‪ 115‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬االثبات في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بدون طبعة وسنة‪ ،‬ص‪124‬‬

‫‪37‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫املراد إثباتها بالورقة‪ ،‬فاذا كانت هذه الواقعة عقد بيع‪ ،‬تكون الكتابة متضمنة لذكر اتفاق طرفيه على‬
‫املبيع والثمن وسائر شروط البيع‪ .‬وال يشترط في الورقة العرفية بيانات معينة كضرورة ذكر مكان‬
‫وتاريخ تحريرها‪.‬‬

‫كما يعتبر التوقيع هو الشرط الجوهري في الورقة العرفية املعدة لإلثبات ألنه هو اساس نسبة الكتابة‬
‫الى موقعها ولو لم تكن مكتوبة بخطه‪ ،‬كما انه هو الذي يدل على اعتماده اياها وارادته االلتزام‬
‫بمضمونها‪ .‬ولهذا خلو الورقة من توقيع من تنسب اليه ال يجعلها دليال كتابيا كامال لو كانت مكتوبة‬
‫بخطه‪.116‬‬

‫وعليه فاملحررات العرفية هي االوراق املكتوبة واملوقعة من قبل االطراف كتعبير عن ارادتهم في التعهد‬
‫واالتفاق املبرم فيما بينهم بما تتضمنه من التزامات ناشئة عن تصرفاتهم القانونية و الغاية من هذه‬
‫املحررات هي انجاز حجة كتابية و بهذا الورقة العرفية تكون حجة مالم ينكرها الشخص املنسوبة إليه‬
‫او عدم املنازعة فيه او عدم الدفع بالجهالة‪.‬‬

‫شهادة الشهود‬

‫الشهادة هي تقرير حقيقة امر توصل الشاهد الى معرفته بعينه او بأذنه‪ ،117‬او هي كما يعرفها بعض‬
‫الفقه‪ ،118‬الشاهد في مجلس القضاء بواقعة صدرت من غيره يترتب عليها حق لغيره‪ ،‬ويجب ان يكون‬
‫الشاهد قد أدرك شخصيا بحواسه الواقعة التي يشهد بها‪ ،‬بحيث يكون قد رآها او سمعها بنفسه‪.‬‬

‫وعرف الفقه‪ ،‬شهادة الشهود بأنها " قيام شخص من غير أطراف الخصومة باإلخبار في مجلس‬
‫القضاء بما يعرفه شخصيا حول حقيقة وقائع تصلح محال لإلثبات‪."119‬‬

‫وقد كانت الشهادة في املاض ي مقدمة ادلة لإلثبات‪ ،‬حيث آنذاك كان الجهل شائع ولعدم انشار‬
‫الكتابة والقراءة‪.‬‬

‫إذن يتبن لنا كون ان الشهادة هي وسيلة إلثبات التصرفات القانونية‪ ،‬حيث يعتمدوا اليها االفراد‬
‫امام القضاء او قد يلزم القاض ي في بعض االحيان حضور الشهود لكي يعتبر ما يدعيه صحيحا‪ ،‬غير ان‬

‫‪116‬إدريس العبدالوي‪"،‬وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪ ،1977 ،‬ص‪85‬‬
‫‪117‬إدريس العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق‪96 ،‬‬
‫‪ ،96‬اشار اليه األستاذ العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق‪ 299 ،‬عبد املنعم فرج الصدة – االثبات في املواد املدنية‪ ،‬ص ‪118‬‬
‫‪ 119‬فتحي والي" الوسيط في قانون القضاء املدني" الطبعة الثانية ‪1981‬ص ‪ 620‬أشار اليه بنسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪81‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫هذه الشهادة غير ملزمة للقاض ي و يبقى له الحرية في تقديريها‪ ،‬و ال تخضع هذه السلطة التقديرية‬
‫لرقابة النقض‪. 120‬‬

‫و من اهم شروط الشهادة ان يكون الشاهد اهال للشهادة‪ ،‬وغير ممنوع من أدائها‪ ،‬و ان يكون من‬
‫الغير‪ ،‬اي أجنبيا عن النزاع و عن الواقعة املشهود عليها‪ ،‬فال تصح شهادة احد طرفي الخصومة و ال‬
‫وكيله و ال ممثله القانوني كالوص ي او املقدم او القيم القضائي املعين عنه‪ ،‬مع العلم ان يكون هذا‬
‫الشاهد اما شاهد اثبات لفائدة جهة االدعاء‪ ،‬أو شاهد نفي لفائدة الجهة املدعى عليها‪ ،‬كما قد يكون‬
‫هذا الشاهد اما مواطنا أو اجنبيا‪ ،‬اذ ال فرق في اجراءات االستماع الى شهادتهما ألن القانون املطبق هو‬
‫قانون املسطرة املدنية ‪.121‬‬

‫و هكذا فاإلثبات بشهادة الشهود يمكن ان يتم في الحاالت التي بنصب موضوعها على وقائع مادية‬
‫او تصرفات مدنية و أفعال قانونية ال تتجاوز قيمتها عشرة آالف درهم(الفصل ‪ 443‬من قانون‬
‫االلتزامات و العقود) الى جانب حاالت يجوز فيها االثبات بشهادة الشهود استثناء‪ ،‬و منها" الحالة التي‬
‫يراد فيها اثبات وقائع من شأنها ان تبين مدلول شروط العقد الغامضة او املبهمة‪ ،‬او تحديد مداها‪ ،‬او‬
‫تقييم الدليل على تنفيذها(الفصل ‪ 444‬من قانون االلتزامات و العقود)‪ ،‬و ايضا الحالة التي يفقد فيها‬
‫الخصم املحرر الذي يتضمن الدليل الكتابي اللتزام او للتحلل من التزام عليه نتيجة حادث فجائي او‬
‫قوة قاهرة أو سرقة ‪ "...‬و كذلك الحالة التي يتعذر فيها" على الدائن الحصول على دليل كتابي إلثبات‬
‫االلتزام كالحالة التي يراد فيا اثبات وقوع غلط مادي في كتابة الحجة‪ ،‬حالة الوقائع املكونة لإلكراه أو‬
‫الصورية أو االحتيال أو التدليس التي تعيب الفعل القانوني‪. 122‬‬

‫أما فيما يتعلق بحجية الشهادة في االثبات فنجدها خاضعة من حيث قيمتها الثبوتية للمحكمة‪ ،‬حسب‬
‫رأي االستاذ خالد سعيد فالشهادة ال تقيد القاض ي في ش يء على خالف االقرار والدليل الكتابي واليمين‬
‫الحاسمة‪ ،‬اذ يمكن للقاض ي أن يأخذ بمضمون الشهادة إذا اقتنع بها‪ ،‬أو يردها خصوصا عندما يجد‬
‫من بين وثائق امللف ما يثبت خالفها‪.123‬‬

‫القرائن‬

‫‪29‬ص ‪ 15 /10/2007‬بتاريخ ‪30‬رشيد العراقي‪ ،‬طلرق اثبات االلتزام‪ ،‬مجلة القضائي‪ ،‬العدد ‪120‬‬
‫‪121‬نسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪81‬‬
‫‪122‬نسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪83‬‬
‫‪ 123‬خالد سعيد‪ " ،‬االثبات في املنازعات املدنية" الطبعة األولى ‪ ،2014‬دار السالم للطباعة والنشر املطبعة األولى ‪ ،2014‬ص‪195‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫لقد اختلفت اآلراء بخصوص تعريف القرائن‪ ،‬فنجد االستاذ العبدالوي‪ ،‬عرفها بانه هي‪ ":‬ما‬
‫يستنبطه املشرع او القاض ي من أمر معلوم للداللة به على أمر مجهول"‪.‬‬

‫وتعتبر القرائن أدلة غير مباشرة‪ ،‬حيث ال ينصب االثبات فيها مباشرة على الواقعة محل التداعي‪،‬‬
‫وانما على واقعة اخرى بديلة يكون من شأن ثبوتها ان يجعل قيام الواقعة األصلية او نفيها امرا محتمال‬
‫وذلك بحكم االزوم العقلي‪.124‬‬

‫بينما عرفها املشرع املغربي في الفصل ‪ 449‬من قانون االلتزامات و العقود بانها‪" :‬دالئل يستخلص‬
‫منها القانون أو القاض ي وجود وقائع مجهولة‪".‬‬

‫وبالرجوع الى القانون املدني الفرنس ي في الفصل ‪ 1349‬بانها " دالئل يستخلص منها القانون او القاض ي‬
‫وجود وقائع مجهولة"‪.‬‬

‫ويتضح لنا من خالل ما سبق ان القرائن هي نوعان‪ :‬قرائن قانونية وقرائن قضائية‪.‬‬

‫فالقرائن القانونية‪ ،‬نص عليها املشرع املغربي في الفصل ‪"450‬القرينة القانونية هي التي يربطها‬
‫القانون بأفعال او وقائع معينة " كما يلي‪:‬‬

‫‪- 1‬التصرفات التي يقض ي القانون ببطالنها بالنظر الى مجرد صفاتها الفتراض وقوعها مخالفة ألحكامه؛‬

‫‪- 2‬الحاالت التي ينص القانون فيها على ان االلتزام او التحلل منه ينتج من ظروف معينة‪ ،‬كالتقادم؛‬

‫‪- 3‬الحجية التي يمنحها القانون للش يء املقض ي"‪.‬‬

‫يستفاد من النص اعاله‪ ،‬ان ركن القرينة واساسها هو نص القانون‪ ،‬فالتصرفات التي يقض ي‬
‫القانون ببطالنها بافتراض انها وقعت مخالفة ألحكامه‪ ،‬كذلك الحاالت التي نص عليها القانون بأن حق‬
‫امللكية او ابراء الذمة ناتج عن بعض ظروف معينة كالتقادم‪ ،‬اما بخصوص القوة التي يمنحها القانون‬
‫لألمر املقض ي به إذا يفترض ان الحكم صحيح فيما فصل فيه فال يجوز الرجوع الى باب املناقشة فيه‬
‫اال عن طريق طرق الطعن املحددة قانونا‪.125‬‬

‫ومن هنا يتضح ان القرينة القانونية من عمل املشرع وال يمكن ان يقوم‪ ،‬بأي حال من االحوال‪،‬‬
‫إال بنص في القانون يقرر قاعدة عامة وملزمة في التطبيق‪ .‬و تنقسم القرائن القانونية الى قرائن مؤقتة‬

‫‪124‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬االثبات في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بدون طبعة وسنة‪ ،‬ص‪173 ،‬‬
‫‪125‬رشيد العراقي‪ ،‬طلرق اثبات االلتزام‪ ،‬مرجع سابق‪32 ،‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫أو بسيطة تقبل اثبات ما يخالفها‪ ،‬و تكون مبنية على الراجح و املألوف في الحياة العملية‪ ،‬و خير مثال‬
‫على القرينة القانونية البسيطة سنورده من أحكام املسؤولية التقصيرية عن فعل الغير‪ ،‬فاملشرع‬
‫افترض في األب و األم تقصيرا في تربية الولد‪ ،‬فحملهما املسؤولية عن االضرار التي يتسبب فيها للغير‪،‬‬
‫وذلك استنادا الى قرينة قانونية تفترض خطأهما في كيفية اشرافهما على تربية القاصر و رعايته‪ ،‬ألن‬
‫هذه القرينة قابلة إلثبات العكس و على األب و األم إثبات أنهما فعال ما بوسعهما لتفادي وقوع الفعل‬
‫الذي تسبب في الضرر‪.126‬‬

‫اما القرينة القاطعة فهي التي ال يجوز إثبات عكس ما تقض ي به كما في حالة مسؤولية حارس‬
‫البناء‪ ،‬اذ أن الضرر الالحق بالضحية نتيجة تهدم البناء يقوم على قرينة قانونية قاطعة و هي الخطأ‬
‫والتقصير املفترض من جانب مالك البناء ‪.127‬‬
‫وتتمثل حجية القرينة القانونية في كونها تغني من قررت ملصلحته عن أي طريقة أخرى من طرق‬
‫‪128‬‬
‫االثبات؛ على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكس ي مالم يوجد نص يقض ي بغير ذلك‪.‬‬

‫القرينة القضائية هي كل قرينة لم يقررها القانون و ترك امر استنباطها لتقدير القاض ي الذي‬
‫يختار القواعد و األحكام الثابتة ليستخلص منها الوقائع املراد اثباتها ‪ ،129‬و قد عرفها الفصل ‪ 454‬من‬
‫قانون االلتزامات و العقود بكونها القرائن التي لم يقررها القانون ‪.‬‬

‫فالقرينة دليل يستنبطه القاض ي‪ ،‬من خالل االحتكام الى العقل واملنطق‪ ،‬من املالبسات املحيطة‬
‫بالدعوى املعروضة عليه‪ ،‬فمن وقائع الدعوى التي ينظر فيها يختار واقعة يستدل بها على الواقعة املراد‬
‫إثباتها‪ ،‬اي الواقعة مصدر الحق‪ .‬ومن هنا يتضح ان القرينة القضائية دليل غير مباشر اذ ال يقع‬
‫االثبات فيها على واقعة بعينها بوصفها مصدر الحق‪ ،‬وانما يقع على واقعة اخرى قريبة منها ومتصلة بها‬
‫إذا ثبتت أمكن للقاض ي أن يستنتج منها الواقعة املراد اثباتها‪ ،‬وقد صدرت عن املجلس األعلى (محكمة‬

‫‪ 126‬راجع الفصل ‪ 86‬الظهير الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪12( 1331‬أغسطس‪ )1993‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫‪127‬بنسالم اوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬وحدة البحث والتكوين‪-‬‬
‫القانون املدني املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،2015-2014‬ص‪51‬‬
‫‪128‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬االثبات في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بدون طبعة وسنة‪ ،‬ص‪190‬‬
‫‪129‬بنسالم اوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪88‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫النقض حاليا) قرارات توضح كيف ان االثبات بالقرينة القضائية ال ينصب مباشرة على الواقعة‬
‫املتنازع بشأنها وانما على وقائع أخرى قريبة ومتصلة بها‪.130‬‬

‫و منها القرار الصادر بتاريخ ‪ 28/3/1988‬تحت عدد ‪ 159‬في امللف رقم ‪ 8347/87‬حيث ورد فيه‪ ":‬ان‬
‫املحكمة اعتمدت باألساس على النقط التي كانت تمنح للمستخدم في السنوات السابقة لسنة نقله‬
‫كقرينة‪ ،‬و استنتجت من ذلك ان ‪ 40‬نقطة التي منحت له بمناسبة نقله ال تعتبر امتيازا‪ ،‬و معلوم ان‬
‫القرائن القضائية التي لم يقررها القانون هي دالئل يستخلص منها القاض ي وجود وقائع مجهولة‪ ،‬اي‬
‫ان القاض ي في نطاق سلطته التقديرية من الوقائع يستنبط من الوقائع املعروضة عليه ما يكون‬
‫قناعته إلثبات أمر مجهول‪ ،‬فإلثبات بالقرائن ال ينصب مباشرة على الواقعة املتنازع فيها‪ ،‬و انما يتناول‬
‫وقائع أخرى يدل ثبوتها بثقة غير مباشرة‪ ،‬على صحة ما أثبته املحكمة‪.131‬‬

‫االثبات بالقرائن القضائية يقوم على تفسير القاض ي ملا هو معلوم لديه من الوقائع كي يستخلص‬
‫منه ع ن طريق االستنباط العقلي قرينة يستدل بها على واقعة مجهولة يراد اثباتها‪ ،‬فالقرينة القضائية‬
‫التي لم يحدد القانون حجتها‪ ،‬و اوكلها لتقدير القاض ي‪ ،‬كما ان استنباط القرائن القضائية من سلطة‬
‫قاض ي املوضوع فله سلطة مطلقة في استنباط ما تحمله من داللة كما انه حر في تكوين قناعته‪ ،‬و ال‬
‫يخضع في تقديره ملحكمة النقص‪ ،132‬و يمكن تعزيز القرينة القضائية‪ ،‬حتى و لو توفرت فيها شروط‬
‫القوة و الدقة و التوافق و الخلو من اللبس‪ ،‬باليمين متى ارتأى القاض ي ضرورة لذلك‪ ،‬و هو ما نص‬
‫عليه الفص ‪ 455‬من قانون االلتزامات و العقود "ال تقبل القرائن‪ ،‬و لو كانت قوية و خالية من اللبس‬
‫ومتوافقة‪ ،‬اال اذا تأيدت باليمين ممن يتمسك بها متى رأى القاض ي وجوب أدائها"‪.‬‬

‫اليمين‬

‫عرف االستاذ العبدالوي املقصود من اليمين في االثبات وهي اشهاد هللا تعالى على صدق ما يخبر‬
‫به الحالف‪ .‬ويكلف الشهود باليمين قبل تأدية شهادتهم اشعار لهم بوجوب قول الحق‪ .‬ويكلف بها احد‬
‫الخصوم لتأييد ادعائه‪ ،‬لذا امكن ان تعتبر اليمين من وسائل االثبات امام القضاء‪. 133‬‬

‫‪130‬بنسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪89‬‬


‫‪131‬قرار صادر بتاريخ ‪1988/3/28‬تحت عدد ‪159‬في امللف رقم ‪87/8347‬منشور بمجلة قضاء املجلس األعلى العدد ‪ 41‬الصفحة ‪179‬‬
‫وما يليها‬
‫‪132‬إدريس العبدالوي‪"،‬وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي" الطبعة األولى‪ ،‬السنة‪1977 ،‬ص ‪159‬‬
‫‪133‬إدريس العبدالوي‪"،‬وسائل االثبات في التشريع املدني املغربي‪ ،‬ص ‪174‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫و بالتالي فاملقصود باليمين هي التي يوجهها احد الخصوم لآلخر أو التي توجهها املحكمة الحد‬
‫الخصوم من تلقاء من تلقاء نفسها‪ ،‬و التي يتوقف عليها الفصل في النزاع القائم‪ ،‬و يلجأ الخصم اليها‬
‫عادة عندما يفقد الدليل على صحة دعواه‪ ،‬و قد توجهها املحكمة الستكمال دليل ناقص‪. 134‬‬

‫واليمين بدورها تنقسم الى نوعين فهناك ما تسمى باليمين الحاسمة واالخرى باليمين املتممة‪.‬‬

‫فاألولى اي اليمين الحاسمة وهي التي يوجهها أحد الخصمين الى اآلخر ليحسم النزاع‪ ،‬فيترتب على‬
‫حلفها او النكول عنها أن يفصل القاض ي في النزاع ملصلحة الحالف او الناكل‪ ،‬وال يسمح بالعودة‬
‫للتعرض إلثبات ما تم الحلف عليه‪ ،‬بأية وسيلة لإلثبات‪ ،‬ومن هذه سميت اليمين باليمين الحاسمة‪.135‬‬

‫اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل االثبات التي تكتس ي حجية مطلقة‪ ،‬وقد اعتبرها الفقه وسيلة‬
‫احتياطية تنتهي بها الدعوى‪ ،‬وال يلجأ اليها الطرف فيها اال عندما يعجز عن اثبات ادعائه بوسيلة اثبات‬
‫قانونية تنتهي بها الدعوى قائمة وقطعية‪ ،136‬إذا أداء اليمين و النكول عنها حجة ملزمة للقاض ي ويحكم‬
‫في صالح من أداها او في غير صالح من نكل عنها‪ ،‬و أداء اليمين الحاسمة حجة قاصرة على‪ .‬من وجهها‬
‫ومن ووجهت اليه وال يتعدى أثرها الى غيرها من الخصوم‪.‬‬

‫وعليه ليس للقاض ي ان يرفض االستجابة لليمين الحاسمة كلما تقدم طرف الدعوى بطلب‬
‫توجيهها متى توافرت شروطها أي تكون منازع فيها‪ ،‬وأن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها‪ ،‬وأن يجيز‬
‫القانون قبولها‪ ،‬وأن تكون مما يجوز التصرف فيه‪ ،‬وأن تكون متعلقة بشخص من يوجهها‪.137‬‬

‫وهو ما سار عليه العمل القضائي حيث صدر في هذا الصدد قرار عن املجلس األعلى (محكمة النقض‬
‫حاليا ) بتاريخ ‪ 17/1/1990‬حيث جاء فيي حيثياته‪ "138‬تعتبر اليمين الحاسمة وسيلة من وسائل اإلثبات‬
‫يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل‪ .‬ال تملك املحكمة اال االستجابة لطلبها متى تأكدت من توفر‬
‫شروطها‪ .‬ال يجوز للمحكمة رفض توجيه اليمين الحاسمة بعلة ان املديونية مبنية على سند كتابي‪ ،‬وال‬
‫يجوز اثبات عكس ما جاء فيه اال بالكتابة وإال تكون قد خرقت مقتضيات الفصلين ‪ 404‬و‪ 460‬من‬
‫قانون االلتزامات و العقود "‪.‬‬

‫‪ 34‬رشيد العراقي‪ ،‬طرق اثبات االلتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪134‬‬


‫‪135‬إدريس العبدالوي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪175‬‬
‫‪136‬بنسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪57‬‬
‫‪137‬بنسالم اوديجا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪210‬‬
‫‪138‬قرار صادر عن املجلس األعلى بتاريخ ‪1990/01/17‬تحت عدد ‪ ،126‬منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى املادة املدنية ‪56-58‬‬
‫الصفحة ‪ 149‬وما يليها‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫اليمين املتممة‪:‬‬

‫إذا كانت اليمين الحاسمة توجه من طرف أحد طرفي الدعوى الى خصمه‪ ،‬وال يملك القاض ي أي‬
‫سلطة أو اختيار في توجيها‪ ،‬فإن اليمين املتممة يوجهها القاض ي من تلقاء نفسه الى أحد أطراف‬
‫الخصومة بهدف استكمال أسباب قناعته من خالل الوقائع املعروضة عليه متى كان الدليل املحتج به‬
‫من لدن طرف الدعوى غير كاف‪ ،‬إذا فهي التي تتمم حجة ناقصة ال تكفي إلقامة الدليل لصالح من‬
‫توفرت له‪ ،‬ويوجهها القاض ي للخصم الذي يتوفر على بداية حجة‪.139‬‬

‫وتعتبر حجة اليمين املتممة اقل من حجية اليمين الحاسمة‪ ،‬فهي مجرد اجراء تحقيق يتوقف عليه‬
‫البت في النازلة‪ ،‬ويكون به القاض ي قناعته الكافية في امللف‪ ،‬وتبقى نتائجها‪ ،‬في جميع األحوال‪ ،‬غير‬
‫ملزمة ألن من حقه وسلطته أن ال يحكم دوما ملصلحة من حلف اليمين املتممة‪ ،‬ذلك ان حلف اليمين‬
‫ال يترتب عليه حسم النزاع لفائدة من يحلفها أو ضد من ينكل عنها‪ ،‬فالقاض ي هو الذي يقرر نتيجة‬
‫اليمين املتممة في ضوء سلطته التقديرية‪.140‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلثبات في القوانين الخاصة‬


‫كما سبق ذكره على أن وسائل اإلثبات التي يلجأ إليها األفراد في حالة وقوع نزاع بينهم جراء‬
‫إبرامهم للعقود محددة حسب الفصل ‪ 404‬من قانون االلتزامات و العقود‪ ،‬هذا بالنسبة للقاعدة‬
‫العامة‪ ،‬لكن نجد أن بعض القوانين لم تتقيد بهذه الوسائل في اإلثبات بل أنشأت وسائل خاصة بها‬
‫من أجل إثبات التزامات األفراد ضمانا لحقوقهم‪ ،‬وهذه الوسائل تختلف من قانون ألخر‪ ،‬إذ نجد أن‬
‫الوسائل املنصوص عليها في القانون الجبائي ليست هي الوسائل املنصوص عليها في قانون حماية‬
‫املستهلك وال تلك املوجودة في القانون البنكي‪.‬‬

‫اإلثبات في املادة الجبائية‬


‫لقد لعبت الطبيعة الخاصة للقانون الجبائي دورا أساسيا في تحديد نظام اإلثبات و الذي‬
‫يجب أن يكون الوسيلة التي يمكن االستجابة من خاللها ملبدأ دستورية وقانونية الضريبية وكذا ملبدأ‬
‫املساواة أمام الضريبة فهناك مبدأ عام في النظام الضريبة مفاده أن املكلف بالضريبة ملزم باإلثبات‬

‫‪ -139‬بنسالم أوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬وحدة البحث والتكوين‪-‬‬
‫القانون املدني املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية‪،‬‬
‫‪ ،2015-2014‬ص‪98‬‬
‫‪ -140‬بنسالم أوديجا‪ ،‬ص ‪101‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫بالوسيلة التي حددها املشرع‪ ،‬في حين أن اإلدارة حرة في اللجوء إلى أية وسيلة إلثبات الواقعة املنشئة‬
‫للضريبة أو املادة الضريبية‪ ،‬ذلك معناه أنه يمكن اإلثبات في املادة الجبائية بالوسائل الخاصة‬
‫املتضمنة في القانون الجبائي من تصريح و وثائق محاسبية وال يتم اللجوء إلى الوسائل العامة إال بصفة‬
‫‪141‬‬
‫استثنائية‪.‬‬
‫‪ ‬اإلثبات عن طريق التصريح الجبائي أو اإلقرار الجبائي‪ :‬التصريح أو اإلقرار هو مبادرة إجبارية‬
‫وضرورية من قبل امللزم في العملية الضريبية تستهدف إخبار اإلدارة الضريبية بواقعة معينة‬
‫لها اثار جبائية‪.‬‬
‫كما أنه وسيلة تكشف عن الواقعة املنشئة وال تنشئها باعتبار أن هذه الواقعة ال تحتاج‬
‫لتقديم إقرار عنها أو اعتراف بنشؤها من قبل امللزم حتى تخضع للضريبة‪ ،‬بل هي تنشأ بمجرد تحقق‬
‫شروطها‪ ،‬فهو إذا وسيلة مباشرة لتقدير املادة الضريبة باعتبار أن امللزم هو الشخص الوحيد الذي‬
‫يعرف حقيقة دخله أو رقم األعمال الذي حققه خالل مدة معينة‪ ،‬أما اإلدارة الضريبية فهي قد‬
‫التصل إلى تقدير هذه املادة إال بعد جمع مجموعة من املعلومات واملعطيات وبعد دمجها وتحليلها‬
‫وتهيء وسائل تبرير املادة الضريبية املعتمدة فيها‪.‬‬
‫فاإلقرار الضريبي يستمد أهميته من كون أغلبية الضرائب الحالية مبنية عليه‪ ،‬وهي تشكل‬
‫ثالثة أرباع الحصيلة الجبائية‪ ،‬وقد أقرته كافة األنظمة الضريبية كوسيلة لجعل امللزم يساهم مع‬
‫اإلدارة في تحديد وضعيته الجبائية‪ ،‬من هذا املنطلق فإن له حجية قوية في اإلثبات سواء بالنسبة‬
‫للملزم أو بالنسبة لإلدارة‪.‬‬
‫فاإلقرار الضريبي مبني على قرينة الصدق بما ضمنه امللزم من معلومات تتعلق بالواقعة‬
‫املنشئة للضريبة‪ ،‬أو بوعاء هذه الضريبة‪ ،‬وهكذا فإنا اإلقرار يحمي امللزم ويشكل قرينة لصالحه ألن‬
‫اإلدارة ملزمة باألخذ به ما لم تقم الدليل على عدم صدقه عن طريق مسطرة تواجهيه تقوم على إعالم‬
‫امللزم باالختالالت التي تشوب هذا اإلقرار‪ ،‬أو بالنقصان الذي يطبع أرقامه‪.142‬‬

‫‪ -141‬موالي عبد الرحمان ابليال‪ ،‬اإلثبات في املادة الجبائية باملغرب بين القواعد العامة وخصوصيات املادة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه‬
‫الدولة في القانون‪ ،‬جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية واإلقتصادية و االجتماعية مراكش‪ ،2007 ،‬ص ‪.273‬‬

‫‪ -142‬موالي عبد الرحمان ابليال مرجع سابق‪ ،‬ص‪.276 -275‬‬

‫‪45‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ولكن حتى يتسنى االحتجاج باإلقرار في مواجهة اإلدارة الضريبية خاصة‪ ،‬فإنه يجب أن يستوفي‬
‫شروطا شكلية أي يتضمن بيانات امللزم و البيانات املتعلقة بالضريبة‪ ،‬وكذلك شروط موضوعية أي‬
‫يجب أن يتضمن خاصية اإليضاح وخاصية التبرير وكذا خاصية اإلبالغ‪.‬‬

‫وهكذا فإن استفاء اإلقرار لشروط الشكلية واملوضوعية فإنه يبنى على قرينة الصدق‪ ،‬وبتالي‬
‫يكون حجة قوية لصالح امللزم تبرؤه من عبء اإلثبات‪ ،‬وتفتح له املجال ملواجهة اإلدارة به‪ ،‬والتي ال‬
‫يمكنها ا لتشكيك في قيمته الثبوتية أو استبعاده إال بعد أن تتحمل عبء إثبات مبررات استبعاده‪،‬‬
‫وبعدها تباشر مساطر خاصة بذلك‪.143‬‬

‫‪ ‬اإلثبات من خالل الوثائق املحاسبية‪ :‬تعتبر املحاسبة أهم وسيلة تجسد خصوصية اإلثبات في‬
‫النظام الجبائي‪ ،‬فهي إذا كانت حقا لفائدة امللزم تمكنه من مواجهة اإلدارة الضريبية بمجموعة من‬
‫األرقام والوقائع املفيدة في تحديد املادة الضريبية‪ ،‬ومن نقل عبء اإلثبات عليها فإنها في نفس الوقت‬
‫واجب عليها‪ ،‬هذا الواجب الذي حرص املشرع املغربي النص عليه وتأطيره بمجموعة من الضوابط التي‬
‫تجعل من املحاسبة تترجم الصورة املالية الصادقة لوضعية امللزم‪ ،‬وترك املجال واسعا أمام اإلدارة‬
‫ملراقبة انتظام وصدق هذه املحاسبة تحت مراقبة مباشرة للجن الضريبة و للقضاء فيما بعد‪.144‬‬
‫فنظام املحاسبة حسب املشرع ال تتكون فقط من بيانات شكلية ومستندات ووثائق‪ ،‬ولكنها ترتبط‬
‫بمبادئ أساسية يتعين أن تنعكس في تقييداتها‪ ،‬وهكذا ال يكفي أن تكون املحاسبة منتظمة في الشكل‬
‫حتى تكون صالحة لإلثبات بل يجب أن تكون صادقة‪ ،‬بحيث ستصبح غير منتظمة إذا لم تستوف هذه‬
‫الشروط‪ .‬وإذا لم تكن هذه املحاسبة غير منتظمة فلم يعد بإمكان امللزم أن يتمسك بمحاسبته‬
‫كوسيلة لإلثبات لصالحه مادام أنها لم تعد لها قيمة قانونية‪.145‬‬
‫وقد استعمل املشرع املغربي على مر الوقت عدة صيغ للتعبير على هذه النتيجة‪ ،‬فهو استعمل رفض‬
‫املحاسبة في القانون املتعلق بالضريبة على األرباح املهنية ( املادة ‪ 28‬املكررة ثالث مرات )‪ ،‬ثم استعمل‬

‫‪ _143‬موالي عبد الرحمان ابليال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.281‬‬


‫‪ -144‬موالي عبد الرحمان ابليال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.287‬‬
‫‪ -145‬موالي عبد الرحمان أبليال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪322‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫عبارة التشكيك في املحاسبة في القوانين املتعلقة بالثالثية الضريبية ( املادة ‪ 35‬من القانون رقم ‪-86‬‬
‫‪ 24‬املنظم للضريبة على الشركات على سبيل املثال)‪.‬‬
‫واستعمل في مدونة العامة للضرائب في املادة ‪ 213‬التشكيك في القيمة اإلثبات التي تكتسيها املحاسبة‬
‫حينما يتعلق األمر بإخالل من اختالالت املحاسبية‪ ،‬وعبارة إعادة النظر املحاسبة حينما تنصب على‬
‫وجود نقصان في األرقام املصرح بها‪.‬‬
‫وسواء تعلق األمر بهذه العبارة أو بتلك فإن النتيجة هي استبعاد القيمة اإلثباتية للمحاسبة في مواجهة‬
‫اإلدارة الضريبية‪ ،‬غير أن هذه النتيجة ال تعني إعدام املحاسبة‪ ،‬بل تبقى لها بعض األثار‪ ،‬وهي أن عبء‬
‫اإلثبات أصبح بقع على امللزم‪ ،‬وهكذا فعدم انتظام محاسبته أفقده االستناد عليها في اإلثبات وحتم‬
‫عليه البحث عن وسائل أخرى لإلثبات‪ ،‬ويتجمل عبء اإلثبات على مستويين‪ :‬األول إثبات أن اإلساس‬
‫الجديد املحدد من طرف اإلدارة غير حقيقي أو غير مبرر والثاني إثبات الدخل الحقيقي الواجب‬
‫اعتماده من طرف اإلدارة‪.146‬‬
‫فبموازاة مع هذه األنواع من اإلثبات يوجد إثبات أخر يتكون من وسائل اإلثبات الجاري بها العمل في‬
‫القواعد العامة‪ ،‬ويشمل جميع وسائل اإلثبات املعروفة في القواعد العامة باستثناء شهادة الشهود و‬
‫اليمين‪ ،‬غير أنه يختلف عنها من حيث الترتيب ومن حيث درجة الحجية في اإلثبات‪.‬‬
‫فاإلشكال طرح في مسألة اإلثبات بشهادة الشهود إذ نجد في املادة الجبائية اعتبرت أن عدم اللجوء إلى‬
‫شهادة الشهود كوسيلة إلثبات‪ ،‬يرجع إلى اعتبارات تتعلق بانعدام الجدية و النزاهة‪ ،‬ليأتي املشرع‬
‫املغربي ويحسم هذه املسألة إذ أجاز اإلثبات بشهادة الشهود كبداية حجة يجب تدعيمها بوسيلة‬
‫كتابية أخرى‪ ،‬إذ نص في املادة ‪ 140‬من املدونة العامة للضرائب على أنه( ‪...‬ال تقبل شهادة الشهود إال‬
‫إذا كانت مصحوبة ببداية حجة كتابية‪ ،‬وذلك كيفما كانت أهمية النزاع)‪.‬‬
‫‪ .1‬اإلثبات في قانون حماية املستهلك‬
‫تعد قواعد اإلثبات من أهم القواعد التي من شأها املساهمة في تحقيق حماية فعالة‬
‫للمستهلك‪ ،‬حيث إنه بالرغم من أن املشرع املغربي كفل للمستهلك مجموعة من الحقوق لصالحه إال‬

‫‪ -146‬موالي عبد الرحمان ابليال‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬صفحة ‪325 -323‬‬

‫‪47‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫أنها تبقى غير فعالة و ال قيمة لها في حالة عدم وجود قواعد إثبات تسهل على املستهلك إثبات تلك‬
‫الحقوق في حالة حدوث نزاع بشأنها‪.147‬‬
‫فمن املعلوم أن املنهي ينتج مجموعة من الوثائق التي يمكن أن يستخدمها كألية في حالة وقوع‬
‫نزاع األمر الذي يكون معارضا ملصلحة املستهلك‪ ،‬وهو ما دفع الفقه و القضاء لتخفيف من القوة‬
‫الثبوتية لتلك الوسائل‪ ،‬إذ ند من بينها ‪:‬‬
‫الفاتورة إذ تعتبر دليال كتابيا مهما يمكن اعتماده كوسيلة إثبات طبقا للقواعد‬ ‫‪‬‬
‫العامة‪ ،‬فهي الية لحماية املستهلك من خطر التالعب باألسعار و تسهيل عملية اإلثبات‪.‬‬
‫فاملشرع املغربي أكدا على دور الفاتورة في قانون حماية املستهلك‪ ،‬حيث نص على ضرورة‬
‫تسليم الفاتورة من طرف املورد أو مقدم خدمة إلى كل من املستهلك أو املنهي‪ ،‬إذ نص في املادة ‪ 4‬من‬
‫قانون املتعلق بتحديد تدابير حماية املستهلك على ما يلي ( يجب على املورد كذلك أن يسلم فاتورة أو‬
‫مخالصة أو تذكرة صندوق أو أي وثيقة أخرى تقوم مقامها إلى مستهلك قام بعملية شراء‪ ،‬وذلك وفقا‬
‫للمقتضيات الجبائية الجاري بها العمل) وهذا املقتض ى نفسه كرسه املشرع املغربي في املادة ‪ 48‬من‬
‫‪148‬‬
‫قانون حرية األسعار و املنافسة‪.‬‬
‫فقد نجد بنود العقد تتداخل لفرض نظام لإلثبات لصالح املهنيين‪ ،‬كالبند الذي يعتبر الفاتورة‬
‫وحدها هي وسيلة اإلثبات الوحيدة‪ ،‬وهذا ما قضت به املحكمة االبتدائية بالناضور في حكم لها حيث‬
‫جاء فيه "حيث تطلب املدعية الحكم على املدعى عليه بأداء مبلغ ‪ 32528‬درهم املستحقة عليه نتيجة‬
‫استعمال خط الهاتف موضوع عقد االشتراك الرابط بين الطرفين‪ ،‬وحيث استدلت املدعية إثباتها‬
‫لطلبها كشف الحساب مستندة على فواتير االستعمال الشهري لم تكن محل طعن أو منازعة من املدعى‬
‫عليه لذلك‪ ،‬وملا كانت الفاتورة وسيلة تامة لإلثبات الدين حسب البند ‪ 9‬من عقد االشتراك‪ ،‬وكان هذا‬
‫املقتض ى االتفاقي يجد أساسه القانوني في الفصل ‪ 417‬من قانون االلتزامات و العقود فإن طلب يكون‬
‫مبنيا على أساس قانوني ويتعين االستجابة له‪.149‬‬

‫‪ -147‬املهدي العزوزي‪ ،‬تسوية نزاعات االستهالك في ضوء القانون رقم ‪ 31.08‬القاض ي بتحديد حماية للمستهلك‪ ،‬مطبعة املعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪ ،2013 ،‬ص‪48‬‬
‫‪-148‬فاطمة الزهراء الكبير‪ ،‬اإلثبات في قانون حماية املستهلك‪ ،‬بحث لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد هللا كلية العلوم القانونية والسياسية و االجتماعية بفاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2014 -2013‬ص ‪54‬‬
‫‪ -149‬قرار منشور في موقع ‪www Marocdroit com‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫وهكذا يمكن القول بأن الفاتورة وسيلة فعالة بيد كل من الدائن و املدين مادام املشرع املغربي أوجب‬
‫تحريرها في نظيرين كحجة أمام القضاء‪ ،‬إما من طرف الدائن إلثبات عدم تنفيذ املدين اللتزاماته أو‬
‫‪150‬‬
‫من طرف املدين إلثبات أنه نفذ التزامه‬
‫‪ ‬الوثائق النموذجية‪ :‬يقوم مبدأ سلطان اإلرادة على حرية التعاقد و أيضا حرية األطراف‬
‫املتعاقدة في مناقشة شروط و التفاوض بشأنها إال أنه نظرا لتطور الذي أصبح يشهده املجتمع‬
‫و السرعة املتطلبة في بعض األنشطة التجارية‪ ،‬أصبحت الحرية في التعاقد تتراجع شيئا‬
‫فشيئا أمام ظهور أشكال جديدة للتعاقد منها العقود النموذجية‪.151‬‬
‫وهذه العقود عادة ما تستعملها املؤسسات التي تتمتع بقدرة قوية على فرض شروطها ويكون‬
‫هناك طرف ضعيف بحاجة إلى السلعة أو الخدمة‪ ،‬وخير نموذج لهذه العقود‪ ،‬نجد عقود االشتراك في‬
‫املاء والكهرباء و الهاتف وعقود التأمين وغيرها‪ ،‬وحتى يعتبر العقد نموذجيا يجب أن يوجه للعامة هذا‬
‫من جهة‪ ،‬وأن يعد العقد بشكل مسبق من أحد األطراف من جهة أخرى‪.‬‬
‫هكذا فإن املستهلك بمجرد توقيعه وقبوله على العقد النموذجي فإنه يعتبر ملزما بما تضمنه‬
‫هذه من البنود‪ ،‬وفي حالة وقوع نزاع بينه وبين املحترف الذي أعدته يمكن اعتماد العقد النموذجي‬
‫كألية لإلثبات‪.‬‬
‫والبد أن نشير للعملية اإلشهارية التي حدد املشرع املغربي النموذج الذي يتعين أن تكون‬
‫مطابقة له بحيث تتضمن مجموعة من البيانات األساسية كعنوان أو تسمية العملية واسم منظم‬
‫العملية وعنوانه‪ ....‬إلى غيرها من البيانات التي يبدو أن املشرع املغربي ألزم توفرها في جميع العمليات‬
‫اإلشهارية‪ ،‬إذ في حالة غيابها يمكن اعتبارها حجة إثبات في مواجهة املنهي‪.152‬‬
‫وعليه يمكن القول أن املشرع املغربي عمل على تكريس الشكلية في قانون حماية املستهلك‪،‬‬
‫ليس تقييدا إلرادة األطراف وإنما لحمايتها وتوفير ادلة إثبات يمكن اعتمادها أمام القضاء القتضاء‬
‫الحقوق املتنازع عنها‪ ،‬وفي ذلك تخفيف من صرامة القواعد العامة لإلثبات‪.‬‬

‫‪ . 150‬نجاة عصادي‪ ،‬العالم التعاقدي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص‪ ،‬بجامعة املولى إسماعيل كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية و االجتماعية مكناس‪ ،‬سنة ‪ ،2011-2010‬ص ‪.39‬‬
‫‪ -151‬فاطمة الزهراء الكبير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪65‬‬
‫‪ -152‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪71‬‬

‫‪49‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ولم يقف املشرع املغربي إلى هذا الحد بل اتجه إلى تخفيف من صعوبة عبء اإلثبات عن طريق‬
‫تكريسه لخصوصية قلب اإلثبات وإعطائه للقاض ي دور إيجابي في هذا املجال‪.‬‬
‫وعموما لم يحصل تقدم كبير على مستوى تطوير قواعد اإلثبات لصالح املستهلك‪ ،‬حيث إن‬
‫املشرع املغربي في قانون حماية املستهلك لم يفصل بشكل كافي فيما يتعلق بقواعد اإلثبات‪ ،‬ومرد ذلك‬
‫هو أن املشرع املغربي قرر أن القواعد العامة من قبيل املادة ‪ 399‬من قانون االلتزامات و العقود"‬
‫إثبات االلتزام يقع على مدعيه" هي الواجبة التطبيق‪ ،‬أي أن البينة على من ادعى واليمين على من‬
‫أنكر‪.‬‬
‫‪ .2‬اإلثبات في القانون البنكي‬
‫القوة الثبوتية للكشف الحسابي بمقتض ى القانون ‪ :‬بخصوص اإلثبات في املجال البنكي فقد جعل‬
‫املشرع املغربي من الكشوفات الحسابية إحدى وسائل اإلثبات القانونية القابلة لالستدالل بها‬
‫أمام القضاء‪ ،‬وهذا ما أكد علية الفصل السادس من القانون املتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان‬
‫ومراقبتها‪.153‬‬
‫إذ يعتبر الحساب البنكي القطب الذي تدور حوله مختلف العمليات التي يجريها البنك مع‬
‫زبونه وهو يشكل في صوته العامة أداة لتسوية العمليات التي تتم بين البنك وزبونه‪ ،‬حيث يمكن لهذين‬
‫األخيرين استعمال هذه األداة للوفاء بديونهما املتقابلة بكيفية تشبه عملية الوفاء بواسطة املقاصة‪،154‬‬
‫إذ من خالله يقوم البنك بإدراج مختلف العمليات الواردة على حساب الزبون واملسجلة في خانتين‬
‫للدائنية و املديونية داخل جدول يسمى كشف الحساب‪ ،‬وبهذا يصبح هذا الكشف بمثابة الدفتر‬
‫التجاري‪ ،‬الذي تسجل فيه العمليات‪.‬‬
‫ولكن حتى يكتس ي الكسف الحسابي حجته القانونية البد وأن يتوفر على مجموعة من‬
‫الشروط حددتها املادة ‪ 106‬من قانون مؤسسة االئتمان‪ ،‬والتي أكدت علية مدونة التجارة في مادتها‬
‫‪155‬‬
‫‪ 492‬على ضرورة احترام الضوابط املقررة في املادة‬

‫‪ -153‬الظهير شريف رقم ‪ 1-39-147‬املؤرخ في‪ 6‬يوليوز ‪ ،1993‬املعتبر بمثابة قانون متعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها‪ ،‬املنشور‬
‫بالجريدة الرسمية الصادر في ‪ 7‬يوليوز ‪ ،1993‬عدد‪ ،4210‬ص ‪.1167-1156‬‬
‫‪ -154‬محمد لفاروجي‪ ،‬العقود البنكية بين مدونة التجارة و القانون البنكي مجموعة قانون التجارة و األعمال‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،1998 ،‬ص ‪.15‬‬
‫‪ -155‬نصت املادة ‪ 492‬من مدونة التجارة على ما يلي ’’يكون كشف الحساب وسيلة إثبات وفق شروط املادة ‪ 106‬من الظهير شريف رقم‬
‫‪ 1-39-147‬املؤرخ في‪ 6‬يوليوز ‪ ،1993‬املعتبر بمثابة قانون متعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبته’’‬

‫‪50‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫حجية البطائق البنكية في اإلثبات‪ :‬توازيا مع التوسع البنكي‪ ،‬وتطوره لوحظ نمو سريع للتقنيات‬
‫املعلوماتية و اإللكترونية التي اجتاحت كل قطاعات النشاط االقتصادي و الغير االقتصادي‪،‬‬
‫لدرجة أننا بدأنا نتحدث عن الثورة املعلوماتية‪.‬‬
‫ورغبتا منها في تحسين الخدمات التي توفرها لزبنائها‪ ،‬قصد مواجهة التوسع الكبير لنشاطاتها فإن‬
‫األبناك لم تتخلف عن ركب الثورة املعلوماتية‪ ،‬وهكذا نشأت وسائل أداء جديدة أهمها تتمثل فيما‬
‫يصطلح عليه اليوم بالبطائق البنكية‪.‬‬
‫وهذه البطائق هي عبارة عن ورقة ذات حجم صغير مصنوعة من البالستيك املقوى تمنحها‬
‫مؤسسة مرخص لها بذلك لزبونها املنخرط طبقا لشروط معينة ألداء أو لسحب أموال عن الشبابيك‬
‫‪156‬‬
‫األوتوماتيكية أو العادية‬
‫من هذا التعريف يتضح لنا العالقة العقدية القائمة بمناسبة إصدار البطاقة البنكية هي عالقة‬
‫متعددة األطراف‪ ،‬فهي عبارة عن عقد يبرم بين البنك مصدر البطاقة وعمليه من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية‬
‫هناك عقد بين البنك و التاجر‪ ،‬ومن جهة ثالثة الغالقة الرابطة بين التاجر وعميل البنك‪.‬‬
‫كما أن لهذه البطائق إيجابيات متعددة وأهمها أنها تستجيب إلى هاجس السرعة والسرعة هي ضرورة‬
‫مالية وقانونية لرجل البنك وزبونه على السواء‪ ،‬غير أن هذه اإليجابيات مصحوبة بالعديد من‬
‫الصعاب وعلى رأسها الصعوبات القانونية الناتجة عادة عن االستعمال التعسفي أو التدليس ي لهذه‬
‫البطائق‪ ،‬والصعوبة األساسية تتمثل في مشكل إثبات العالقات القانونية التي تربط بين أطراف‬
‫البطائق البنكية‪.‬‬
‫فأما انعدام اإلثبات املتمثل في املستند املكتوب والذي يعتبر األساس الذي يقوم عليه إثبات التصرفات‬
‫القانونية‪ ،157‬فإن املشكل املطروح هو في حقيقة األمر مزدوج‪ ،‬بحيث يطرح مشكل إثبات هوية الزبون‬
‫في حاالت التحويل االلكتروني لألموال‪ ،‬وكذا مشكل إثبات محتوى العمليات الناتجة عن استعمال‬
‫الحساب االلي‪.‬‬
‫واملشكل األول الذي هو إثبات هوية الزبون في حاالت التحويل االلكتروني لألموال يمكن إثباته عن‬
‫طريق التوقيع الكودي والسري الذي يتم باستخدام أرقام أو حروف سرية تعبر عن شخصية املوقع‬

‫‪ -156‬محمد الشافعي‪ ،‬بطاقات األداء و اإلثمان باملغرب‪ ،‬املطبعة و الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪ ،2002 ،‬ص ‪17‬‬
‫‪ -157‬أنظر الفصل ‪ 443‬من قانون االلتزامات و العقود‬

‫‪51‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ويتحدد دور التوقيع الكودي شأنه شأن التوقيع الخطي في وظيفتين أساسيتين أولها أنه يميز هوية‬
‫صاحب التوقيع‪ ،158‬إذ يمكن بعد اتباع اإلجراءات املتفق عليها‪ ،‬تأكد الحساب أن من قام بالتوقيع هو‬
‫الشخص صاحب البطاقة‪ .‬كما أن هذا التوقيع الكودي يعبر عن إرادة صاحب التوقيع‪.‬‬
‫وعموما نشير الى أن هذا اإلشكال الزال قائما‪ ،‬خصوصا أمام صرامة نظام اإلثبات املعمول به في بالدنا‬
‫(نظام اإلثبات املقيد) والذي يجعل من الكتابة املحور األساس ي إلثبات التصرفات القانونية خاصة‬
‫تلك التي تتجاوز قيمتها السقف املبين في الفصل ‪ 443‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬فإنا تدخل‬
‫تشريعا مناسبا يبقى هو الحل األمثل في نظرنا إلضفاء الحجة عل هاته الوسائل الحديثة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الطرق الحديثة إلثبات االلتزامات ( الكتابة اإللكترونية نموذجا )‬
‫الفقرة األولى‪ :‬حجية املحرر اإللكتروني إلثبات‬
‫إن دخول العالم في مجال تكنولوجيا املعلومات وقيام ثورة علمية عاملية‪ ،‬أدى إلى تغير مفهوم اإلثبات‬
‫تبعا إلمكانية إنشاء الحقوق وااللتزامات بطرق إلكترونية واالستغناء في غالبية األحيان عن الكتابة‬
‫الورقية ولم يعد باإلمكان سوى االعتراف بهذا العالم الجديد الذي يقوم على علم املعلوماتية‬
‫والتكنولوجيا وهو يعتمد أسلوبا غير ورقي‪ ،‬مرئيا ومنقوال عبر الشاشة اإللكترونية‪ .‬وما يتعين قوله انه‬
‫بالرغم من ان املحررات التقليدية بقيت على مدى طويل من الزمن لها أولوية بين أدلة اإلثبات كافة‬
‫على أساس قوتها الثبوتية غير املشكوك فيها‪ ،‬إال أنه ظهرت لنا باملوازة مع ذلك املحررات‬
‫‪159‬‬
‫االلكترونية‪.‬‬
‫وبالرجوع الى الفقرة االولى من الفصل ‪440‬من قانون االلتزامات والعقود على ان نسخ املحررات لها‬
‫نفس االثبات التي تتسم بها اصولها عندما يشهد بمطابقتها املوظفون الرسميون بذلك‪160‬من املعروف‬
‫أن اإلثبات هو نظام قانوني بحيث ال يقبل من طرقه ووسائله إال تلك التي حددها القانون والتي تتمتع‬
‫بقوة ثبوتية كاملة إلثبات‬

‫‪ -158‬نجوى أبو طيبة‪ ،‬التوقيع اإللكتروني تعريفه‪ -‬مدى حجيته في اإلثبات‪ ،‬مؤتمر األعمال املصرفية اإللكترونية بين الشريعة و القانون‪،‬‬
‫الجزء األول ‪ ،2003‬ص ‪444‬‬
‫‪_159‬ايمان غانم‪ ،‬حجية املحررات االلكترونية في االثبات(دراسة تحليلية مقارنة)‪ ،‬مذكرة تكميلية لنيل شهادة املاستر‪ ،‬تخصص قانون‬
‫االعمال‪ ،‬كلية الحقوق جامعة املسيلة‪،2013 ،‬الصفحة ‪. 2‬‬

‫‪_160‬راجع الفقرة االولى من الفصل‪ 440‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ان املشرع املغربي لم يعرف لنا القصود باملحرر االلكتروني وهذا واضح من خالل القانون ‪53.05‬‬
‫املتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية حيث اغفل اعطاء تعريف للوثيقة االلكترونية‬
‫واكتفى بشروط اصدار واجراءات هذه املحررات اال انه بالرجوع للفصل ‪ 417_1‬من قانون االلتزامات‬
‫والعقود نجده جعل الوثيقة االلكترونية مساوية للوثيقة املحرر على الورق سواء كانت مطلوبة‬
‫لالنعقاد أو لإلثبات ‪.161‬‬
‫اوال‪ :‬املحرر العرفي االلكتروني‬
‫‪162‬‬
‫من املعلوم ان الوثيقة العرفية يتم تحريرها من طرف االفراد فيما بينهما دون تدخل جهة رسمية‬
‫اي موظف عمومي فهو محرر غير رسمي هذا فيما يخص املحرر التقليدي‪ ،‬اما املحرر العرفي‬
‫‪163‬‬
‫ال يشترط فيه شرط التوقيع واملقصود بالتوقيع هنا التوقيع‬ ‫االلكتروني لكي يعتد بصحته‬
‫االلكتروني وليس التوقيع العادي الذي يكون بخط اليد‪ ،‬والوثيقة العرفية االلكترونية حتى تكتسب‬
‫حجية في االثبات يشترط فيها ان تستوفي مجموعة من الشروط املحددة في الفصل ‪ 417_1‬و ‪417_2‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقود‪:‬‬
‫التعرف بصفة قانونية على الشخص مصدر الوثيقة‪ :‬بمعنى ان تدل املعلومات املحفوظة‬
‫على املحرر االلكتروني على هوية الشخص الذي انشأ هذه املعلومات وان تتضمن ايضا‬
‫لحظة االرسال والتسلم هذا املحرر وان تكون املعلومات املحفوظة مفهومة وواضحة حتى‬
‫يتمكن االحتجاج بمضمونها‪.164‬‬
‫أن تكون معدة ومحفوظة ضمن تماميتها‪ :‬تعتبر من بين الشروط االساسية لالعتداد‬
‫بالوثيقة االلكترونية فكما نعلم ان الوثيقة املحررة على الورق قابلة للحفظ مهما طال‬
‫الزمن اما الدعامة اإللكترونية بدورها يجب ان تكون قابلة للحفظ واملشرع املغربي لم‬
‫يبين ولم يعرف شكل الحفظ‪.165‬‬

‫‪_161‬احمد درويش‪ ،‬تأمالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬منشورات سلسلة املعرفة القانونية‪ ،‬سنة‬
‫‪،2009‬ص‪.59‬‬
‫‪_162‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني الجديد املجلد الثاني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه عام‪ ،‬االثبات‪ ،‬الطبعة‬
‫‪،3‬بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،2011،‬ص‪.114‬‬
‫‪_163‬نشأت احمد‪ ،‬رسالة االثبات‪ ،‬القاهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬ص‪.261‬‬
‫‪_164‬مصطفى موس ى العجارمة‪ ،‬التنظيم القانوني للتعاقد عبر شبكة االنترنيت‪ ،‬دار املكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة ‪،2010‬ص‪.134‬‬
‫‪_165‬ايمان التيس‪ ،‬التجارة االلكترونية وضوابط حماية املستهلكين باملغرب‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي‬
‫اسماعيل‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمكناس‪ ،‬الشنة الجامعية‪،2014‬ص‪240‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ان تحمل توقيعا مؤمنا وتاريخا ناتجا عنه‪ :‬التوقيع املؤمن هو الذي تتوفر فيه شروط‬
‫سالمة التعاقد ليرتب اثاره القانونية وهو عبارة عن رقم او كتابة برتبط ارتباطا عضويا‬
‫بالتشفير‪.166‬‬
‫ثانيا ‪ :‬املحرر االلكتروني الرسمي‬
‫إن الوثيقة االلكترونية تتميز بكونها محررة بلغة رقمية تقرأ على شاشة العرض‪ ،‬ونظرا لعدم وجود‬
‫متعاقدين في مجلس واحد فكيف يمكن ان نتصور توثيق هذه املحررات امام موظف عمومي؟‬
‫ان الحضور الشخص ي للموظف العمومي او للموثق في املعامالت االلكترونية ال يمكن ان يكون في‬
‫مجلس واحد بسبب تباعد االطراف مكانيا‪ ،167‬ومن ثم فما يمكن تصوره هو حضور املوثق الفعلي‬
‫لوضع التوقيع االلكتروني الحد االطراف ثم بعد ذلك يرسل الوثيقة الكترونيا للطرف االخر للغرض‬
‫نفسه امام نفس املوثق او امام موثق اخر‪ ،‬اما اذا تصورنا الحضور االفتراض ي للموظف العمومي فإن‬
‫معاينته كذلك تكون افتراضية لوضع التوقيع االلكتروني وهذا االمر يتطلب تقنيات ومعدات متطورة‬
‫لكي توفر مجاال لتالقي املوظف العمومي باألطراف وهي امكانية غير متاحة حاليا في بالدنا‪.‬‬
‫والورقة الرسمية االلكترونية متى استوفت الشروط وتمت باملعايير التي حددها القانون اكتسبت‬
‫حجية قاطعة ال بالنسبة للمتعاقدين وال بالنسبة للغير‪.‬‬
‫وهذا ما جاء في قرار ملحكمة النقض‪ ...(168‬لكن حيث انه طبقا ملقتضيات الفقرة الثانية من‬
‫الفصل‪ 440‬من قانون االلتزامات والعقود فإن نسخ الوثيقة القانونية املعدة بشكل الكتروني تقبل‬
‫االثبات متى كانت مستوفية للشروط املشار اليها في الفصلين ‪ 417_1‬و ‪ 417_2‬من نفس القانون‪.)...‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التوقيع اإللكتروني‬
‫اهتم املشرع املغربي بالتوقيع االلكتروني وعالجه من خالل القانون املتعلق بالتبادل االلكتروني‬
‫للمعطيات القانونية ‪ ،05.53‬وذلك في القسم الثاني من هذا القانون خاصة الباب االول والثاني منه‪،‬‬
‫حيث نجد املشرع يتحدث عن التوقيع االلكتروني املؤمن والتشفير ثم املصادقة على هذا التوقيع‬
‫االلكتروني بقوته الثبوتية‪.‬‬

‫‪_166‬املختار بن احمد العطار‪ ،‬العقد االلكتروني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬الدار البيضاء‪،2010،‬ص‪58‬و‪.59‬‬
‫‪ _167‬محمد العروص ي‪ ،‬التعاقد التجاري هن طريق االنترنيت‪ ،‬املجلة املغربية لألعمال واملقاوالت‪ ،‬عدد‪ 10‬مارس‪،2006‬ص‪.19‬‬
‫‪ _168‬قرار محكمة النقض‪ ،‬املؤرخ في ‪ 09‬اكتوبر ‪ 2012‬غرفة االحوال الشخصية وامليراث‪ ،‬امللف عدد ‪ 2011/1/2/698‬رقم ‪. 681‬‬

‫‪54‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫لقد حظي التوقيع االلكتروني بأهمية خاصة من قبل العديد من املشرعين و الفقهاء‪ ،169‬فأغلب‬
‫‪170‬‬
‫التشريعات‪ ،‬سواء تشريعات عاملية أم وطنية‪ ،‬عرفت التوقيع االلكتروني ووضعت له عدة تعريفات‬
‫إال أن املشرع املغربي لم يورد أي تعريف للتوقيع اإللكتروني في القانون رقم ‪ 05.53‬مكتفيا بذكر‬
‫شروط التوقيع العادي والتوقيع اإللكتروني والتوقيع اإللكتروني املؤمن‪ ،171‬واستوجب فقط إذا كان‬
‫التوقيع االلكتروني يتم عبر استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباط ذلك التوقيع‪ ،‬بالوثيقة‬
‫املتصلة به‪ ،‬كما جاء في الفقيرة االخيرة من الفصل ‪ 417‬ـ ـ ‪ 2‬من ق ل ع بعد التعديل‪.‬‬

‫ويؤدي التوقيع االلكتروني عدة وظائف قانونية‪ ،172‬يمكن إجمالها في وظيفتين رئيسيتين ‪:‬‬

‫‪ ‬تحديد هوية املوقع‪ :‬وهو ما أكد عليه املشرع في الفصل ‪ 2‬ـ ـ‪ 417‬من ق ل ع حيث نص على‬
‫انه‪" :‬يتيح التوقيع الضروري إلتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص املوقع ويعبر عن‬
‫قبوله لاللتزامات الناتجة عن الوثيقة املذكورة ‪ ،".‬وكذا الفصل ‪ 426‬من نفس القانون الذي‬

‫‪ 169‬ـ عرفه بعض الفقه بأنه ‪ " :‬بيان مكتوب بشكل الكتروني‪ ،‬يتمثل بحرف أو رمز أو إشارة أو صوت أو شفرة خاصة ومميزة‪ ،‬ينتج عن‬
‫اتباع وسيلة آمنة‪ ،‬وهذا البيان يلحق أو يرتبط منطقيا ببيانات املحرر االلكتروني (رسالة البيانات ) للداللة عن هوية املوقع على املحرر‬
‫والرضا بمضمونه‪ ".‬أورده أبو زيد محمد محمد‪ " :‬تحديث قانون االثبات‪ ،‬مكانة املحررات االلكترونية بين االدلة الكتابية"‪ ،‬دون دار‬
‫النشر‪ ،2002 ،‬ص ‪.171‬‬
‫‪ 170‬ـ عرفته مجموعة ‪ ISO‬بأنه" مجموعة معطيات أضيفت على وحدة املعطيات أو تحول مشفر لوحدة املعطيات تمكن املرسل إليه من‬
‫إثبات مصدر وحدة املعطيات وكذلك التأكد من صحتها أو تمامها مع حمايتها من التقليد‪".‬‬
‫ـ عرفه املشرع الفرنس ي في نص املادة ‪ 1316‬ـ ‪ 4‬املستحدثة على أن ‪ ":‬التوقيع ضرورة إلتمام عقد قانوني يكشف عن هوية الشخص‬
‫الذي وضع التوقيع‪ ،‬كما يعلن عن رضا االطراف بااللتزامات الناجمة عن هذا العقد‪ ،‬وحينما يوضع التوقيع بواسطة موظف عام‪ ،‬فإن‬
‫هذا التوقيع يضفي على العقد الطابع الرسمي‪".‬‬
‫ـ عرفه املشرع املصري في قانون رقم ‪ 15‬لسنة ‪ 2004‬تنظيم التوقيع االلكتروني وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا املعلومات‬
‫الصادر في ربيع االول ‪ 1425‬املوافق ل ابريل ‪ 2004‬منشور بالجريدة الرسمية املصرية العدد ‪ 18‬تابع (د) في الصفحة ‪ 17‬بتاريخ ‪ 22‬ابريل‬
‫‪. 2004‬في املادة (‪/1‬أ) منه بأنه‪ ":‬كل ما يوضع على محرر الكتروني ويتحذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له‬
‫طابع متفرد يسمح بتحديد شخص املوقع ويميزه عن غيره‪".‬‬
‫ـ عرفه قانون " االونسترال" النموذجي بشأن التوقيعات االلكترونية في املادة الثانية منه بأنه‪ ":‬بيانات في شكل الكتروني مدرجة برسالة‬
‫أو مضافة إليها أو مرتبطة بها منطقيا‪ ،‬حيث يمكن ان تستخدم لبيان هوية املوقع بالنسبة لهذه الرسالة‪ ،‬ولبيان موافقته على املعلومات‬
‫الواردة في الرسالة‪".‬‬
‫‪ 171‬ـ تجدر االشارة الى ان املشرع املغربي نظم احكام التوقيع االلكتروني تحت اصطالح التوقيع االلكتروني املؤمن حيث ينص في الفصل‬
‫‪3‬ـ‪ 417‬من قانون ‪ 05.53‬املتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية ‪ ": :‬يعتبر التوقيع االلكتروني مؤمنا إذا ما تم إنشاؤه وكانت‬
‫هوية املوقع مؤكدة وتمامية الوثيقة القانونية مضمونة وفق النصوص التشريعية والتنظيمية املعمول بها في هذا املجال‪".‬‬
‫‪ 172‬ـ ورد في قانون االونسترال النموذجي بشأن التجارة االلكترونية لعام ‪ 1996‬في التعليق على املادة السابعة منه أن التوقيع االلكتروني‬
‫يجب ان يقوم بالوظائف التالية‪ ":‬تعيين هوية الشخص‪ ،‬وتوفير ما يؤكد يقينا مشاركة ذلك الشخص بالذات في فعل التوقيع والربط بين‬
‫ذلك الشخص ومضمون املستند‪".‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ينص على أنه‪ ":‬ويلزم ان يكون التوقيع بيد امللتزم نفسه‪ ......‬وال يقوم الطابع أو الختم مقام‬
‫التوقيع‪ ،‬ويعتبر وجوده كعدمه‪".‬‬
‫‪ ‬التعبير عن إرادة املوقع ‪ :‬في املجال االلكتروني ال مجال للرابطة املادية بيت التوقيع‬
‫وشخصية صاحبه‪ ،‬حيث يجد املتعاقد نفسه ملتزما بمجرد نقرة على لوحة مفاتيح أو الفأرة‬
‫دون أي حركة شكلية تساعده على االطمئنان ملا سوف يقدم عليه كإعداد رسالة مسبقة‬
‫للتحذير من قبيل " اتبه انت على وشك توقيع وثيقة تلزمك قانونيا"‪ ،‬لهذه الغاية نصت‬
‫الفقرة االخيرة من الفصل ‪ 417‬ـ ‪ 2‬من ق ل ع على أنه" عندما يكون التوقيع الكترونيا‪ ،‬يتعين‬
‫استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة املتصلة به‪"173.‬‬
‫وختاما ملا سبق ذكره‪ ،‬يمكن القول بأن مفهوم التوقيع االلكتروني هو مفهوم متشعب يصعب االحاطة‬
‫به من جميع الجوانب نظرا لتعدد التعاريف القانونية‪ ،‬مما دفعنا إلى إلقاء نبذة عن وظائف التوقيع‬
‫االلكتروني لذا فإننا سنقوم بإلقاء الضوء على بعض صوره‪.‬‬

‫صور التوقيع االلكتروني‬

‫أدى اختالف التقنية املستخدمة في تشغيل منظومة التوقيع االلكتروني الى ظهور صور مختلفة له‪،‬‬
‫فكل تقنية تستخدم في إحداث توقيع الكتروني يكون لها منظومة تشغيل تختلف عن االخرى‪ ،‬فهناك‬
‫تقنية تعتمد على منظومة االرقام أو الحروف أو اإلشارات‪ ،‬ومنها ما يعتمد على الخواص الفيزيائية‬
‫والطبيعية والسلوكية لألشخاصـ ومما ال شك فيه ان لكل تقنية تستخدم في تشغيل منظومة التوقيع‬
‫درجة ثقة وأمان قانونيين تختلف كال منهما عن االخرى‪.174‬‬

‫فهناك التوقيع باستخدام القلم االلكتروني ( اوال)‪ ،‬والتوقيع البيو متري (ثانيا)‪ ،‬والتوقيع الرقمي (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬التوقيع بالقلم االلكتروني ‪ : Pen –op‬يتم ذلك عن طريق استخدام قلم الكتروني حسابي‬
‫يمكن عن طريقه الكتابة على شاشة الكمبيوتر‪ ،‬وذلك عن طريق استخدام برنامج معين‪ ،‬ويقوم هذا‬
‫البرنامج بوظيفتين االولى خدمة التقاط التوقيع والثانية خدمة التحقق من صحة التوقيع‪ ،‬حيث يتلقى‬

‫‪ 173‬ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني"‪ ،‬مقال منشور في سلسلة فقه القضاء التجاري ـ العدد االول‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬ص‬
‫‪.179‬‬
‫‪ 174‬ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس ـ السويس ي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ 1009‬ـ ‪ ،2010‬ص ‪.31‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫البرنامج أوال بيانات العميل عن طريق بطاقته الخاصة التي يتم وضعها فب اآللة املستخدمة‪ ،‬وتظهر‬
‫بعد ذلك التعليمات على الشاشة‪ ،‬ويتبعها الشخص‪ ،‬ثم تظهر الرسالة تطالب بتوقيعه باستخدام قلم‬
‫مربع داخل الشاشة‪ ،‬ودور هذا البرنامج قياس خصائص معينة للتوقيع من حيث الحجم والشكل‬
‫والنقاط والخطوط وااللتواءات ويقوم الشخص بالضغط على مفاتيح معينة تظهر له على الشاشة‬
‫‪175‬‬
‫بأنه موافق أو غير موافق على هذا التوقيع‬

‫ثانيا ‪ :‬التوقيع البيو متري ‪ : 176‬هو استخدام الصفات الجسدية والسلوكية لإلنسان لتمييزه وتحديد‬
‫هويته‪ ،177‬مثل بصمة األصبع أو شبكة العين أو بصمة الشفاه أو نبرة الصوت‪ ،178...‬ويتم التحقق من‬
‫شخصية املستخدم أو املتعامل بهذه الطرق البيو مترية عن طريق أجهزة إدخال املعلومات الى‬
‫الحاسوب وتخزينها بطريقة مشفرة في ذاكرة الحاسوب‪ ،‬ليقوم بعد ذلك بمطابقة صفات املستخدم مع‬
‫‪179‬‬
‫الصفات املخزنة وال يسمح له بالتعامل إال في حالة املطابقة‬

‫ثالثا ‪ :‬التوقيع الرقمي ‪ :‬يعني مجموعة بيانات في صور مشفرة تسمح للمرسل إليه بالتأكد من‬
‫مصدرها‪ ،‬مضمونها‪ ،‬لكن أكثرها شيوعا هي التوقيعات الرقمية القائمة على استعمال املفاتيح‬
‫املشفرة‪ ،‬املفاتيح العامة وهي التي تسمح لكل من يهتم بقراءة الرسالة بأن يقرأها دون أن يستطيع‬
‫إدخال اي تعديل عليها فإذا ما وافق على مضمونها وأراد إبداء القبول بشأنها وقع توقيعه عليها من‬
‫خالل مفتاحه الخاص‪ ،‬فتعود تلك الرسالة الى مرسلها مذيلة التوقيع‪.180‬‬

‫بعد ان قمنا بتبيان بعض صور التوقيع االلكتروني‪ ،‬سنقوم االن بتوضيح القيمة القانونية للتوقيع‬
‫االلكتروني وما مدى قوته الثبوتية ضمن وسائل االثبات‪.‬‬

‫حجية التوقيع االلكتروني‬

‫أدرك املشرع املغربي كباقي التشريعات املقارنة ضرورة تجاوز الهوة الرقمية وما يترتب عنها من هوة‬
‫قانونية‪ ،‬وذلك عن طريق التدخل التشريعي ملالئمة تشريعاته مع التطورات التكنولوجية الحديثة في‬

‫‪ 175‬ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني"‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.181‬‬
‫‪ 176‬ـ املقصود به التحقق من شخصية املتعامل باالعتماد على الخواص الفيزيائية والطبيعية والسلوكية لالفراد‪ ،‬تعريف أورده‬
‫‪ 177‬ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات "‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 178‬ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني"‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪. 181‬‬
‫‪ 179‬ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات "‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 180‬ـ عبد هللا الكرجي صلحة حاجي" االثبات الرقمي "‪ ،‬مطبعة االمية بالرباط‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،2015‬ص ‪ 74‬و ‪.75‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ميدان استخدام تكنولوجيا املعلومات في التجارة االلكترونية متأثرا في ذلك بالجهور املبذولة على‬
‫املستوى الدولي ( أ ) واالقليمي (ب)‪.181‬‬

‫أ ـ ـ ـ على مستوى القانوني الدولي ‪ :‬يتجلى هذا خاصة في قانون األونسترال النموذجي‬
‫والتوجيه االوروبي‪.‬‬
‫قانون "األونسترال‪ :‬نص قانون األونسترال النموذجي الصادر عن االمم املتحدة على مبدأ هام‬
‫وهو حجية التوقيع في املعامالت‪ ،‬شريطة أن تتوافر به شروط محددة منها ارتباط التوقيع‬
‫بشخص موقعه ومن ثم يميز هذا املوقع دون غيره عن اآلخرين‪ ،‬شرط أن تكون منظومة‬
‫التوقيع تحت سيطرة املوقع دون أي شخص آخر‪ ،‬كذلك يمكن اكتشاف أي تغيير في التوقيع‬
‫االلكتروني‪.‬‬
‫وهو ما ورد في البند االول من املادة السادسة من قانون االونسترال السابق ذكره بأنه " حينما يشترط‬
‫وجود توقيع من شخص‪ ،‬يعد ذلك االشتراط ضروريا بالنسبة الى رسالة البيانات إذا استخدم توقيع‬
‫الكتروني يعول عليه بالقدر املناسب للغرض الذي أنشئت أو أبلغت من أجله رسالة البيانات مع‬
‫مراعاة كل الظروف‪ ،‬بما في ذلك اي اتفاق ذي صلة"‪ ،‬كما أقام البند الثالث من ذات املادة افتراض‬
‫مؤداه ان التوقيع االلكتروني يصبح موثوقا به‪ ،‬ومن ثم يمكن التعويل عليه متى كانت األداة التي‬
‫استخدمت في إنشائه تخص املوقع دون غيره‪ ،‬وكانت لحظة إجراء التوقيع تحت سيطرته‪ ،‬وكان‬
‫باإلمكان كذلك اكتشاف أي تحريف يطرأ على التوقيع االلكتروني بعد صدوره"‪.‬‬

‫لقد فرق قانون االونسترال النموذجي بين نوعين من التوقيع االلكتروني‪ ،‬فهناك التوقيع االلكتروني‬
‫العادي والذي جاء النص عليه في معظم القوانين وهو البيانات االلكترونية التي تتخذ هيئة حروف أو‬
‫رموز أو أرقام وغيرها‪ ،‬والتي تستخدم للتوقيع على رسالة بيانات عادية بغرض تحديد هوية صابحها‬
‫والداللة على شخصيته والتزامه بمضمون ما قام بالتوقيع عليه‪ ،‬وهذا النوع تبقى درجة االمان التي‬
‫يتمتع بها ليست بالدرجة العالية مما يجعل حجيته باإلثبات ال ترقى الى درجة اليقين التام‪ ،‬والذي‬
‫يؤدي الى إخضاعه للسلطة التقديرية لتحديد درجة االمان املستخدمة فيه‪.182‬‬

‫‪ 181‬ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني"‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.182‬‬
‫‪ 182‬ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات " م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.112‬‬

‫‪58‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫أما النوع الثاني من التوقيع االلكتروني فهو التوقيع املعز أو املحمي‪ ،‬والذي يتخذ هيئة بيان في شكل‬
‫الكتروني متصل برسالة بيانات ويجب أن يحقق وظائف ومزايا تزيد على التوقيع االلكتروني العادي‪،‬‬
‫اضافة لتحقيقه هوية الشخص القائم به وتحديد شخصيته والتزامه بمضمون محرر املوقع عليه‪،‬‬
‫فإنه يجب أن يحقق ربطا بين املوقع والتوقيع والسماح له بالسيطرة على التوقيع بحيث يصعب تعديل‬
‫هذا التوقيع بعد إجرائه وعدم إمكانية إنتاج نفس التوقيع من شخص آخر‪ ،‬والذي يمكن من اكتشاف‬
‫أي تعديل أو تحريف في مضمون املحرر أو التوقيع‪.183‬‬

‫التوجيه االوروبي ‪ :‬يساعد هذا التوجيه في خلق إطار قانوني متناسق داخل املجموعة‬
‫االوروبية‪ ،‬هذا التناسق من شأنه تدعيم الثقة في وسائل االتصال الحديثة التي تساعد في‬
‫استخدام آمن لهذه الوسائل في إنجاز املعامالت‪ .‬ويقر هذا التوجيه باالنفاقات املتعلقة‬
‫باإلثبات والتي بموجبها يتفق أطرافها على شروط قبول التوقيع االلكتروني في اإلثبات ‪.184‬‬
‫بحث يسعى التوجيه االلكتروني إلى إقامة التكافؤ بين التوقيع االلكتروني وبين التوقيع التقليدي من‬
‫حيث الحجية‪ ،‬وقد حدد التوجيه نطاق التكافؤ بخصوص التوقيع املعزز التي يتم إصداره عن طريق‬
‫آليات حمائية وتأمينية‪ .185‬أما التوقيع غير املعزز‪ ،‬فإن التوجيه االوروبي ال يفرض على الدول االعضاء‬
‫إال االلتزام بعدم إنكاره كوسيلة إثبات ملجرد كونه في شكل الكتروني أو أنه يرفق بشهادة تؤكد صحته‬
‫عن طريق استخدام أدوات تــأمين التوقيع طبقا ملقتضيات الفقرة الثانية في املادة الخامسة من‬
‫التوجيه االلكتروني توجه الدول االعضاء إلى عدم إهدار قيمة التوقيع االلكتروني في اإلثبات واالعتداد‬

‫‪ 183‬ـ محمد محمد أبو زيد " تحديث قانون االثبات‪ ،‬مكانة املحررات االلكترونية بين األدلة الكتابية"‪ ،‬دون دار النشر‪ ،2002 ،‬ص ‪ 185‬ـ‬
‫‪ 188‬أوردته " زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات "‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.118‬‬
‫‪ 184‬ـ زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات "‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ 185‬ـ بالرجوع للفقرة االولى من املادة الخامسة من التوجيه االلكتروني رقم ‪ 99‬ـ ‪ 93‬الخاص بالتجارة االلكترونية والتوقيع االلكتروني‬
‫املتقدم تلزم الدول االعضاء بأن تعمل على ان يكون التوقيع االلكتروني املتقدم أو املعزز باملستند الى شهادة والذي يتم اصداره من‬
‫خالل تقنيات تضمن له الثقة واآلمان ‪:‬‬
‫‪ 1‬ان تتوافر فيه املتطلبات القانونية للتوقيع بالنسبة للمعطيات االلكترونية‪ ،‬بنفس الطريقة التي يوفرها التوقيع الكتابي املكتمل‬
‫الشروط بالنسبة للمحرر االلكتروني‪.‬‬
‫‪2‬ـ ان يكون مقبوال كدليل إثبات كامل أمام القضاء حيث يمنح الحجية املقررة للتوقيع الخطي‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫به كدليل ومنحه الحجية املناسبة حتى وان لم يكن مستوفيا لشروط التوقيع االلكتروني املعزز أو‬
‫املتقدم‪.186‬‬

‫على مستوى التشريع الوطني ‪.‬‬

‫تبنى املشرع املغربي التوجه الذي اعتمدته لجنة االمم املتحدة بأخذه ملبدأ املقاربة الوظيفية لالعتراف‬
‫بمعادلة التوقيع االلكتروني للتوقيع التقليدي‪ ،‬ولقد تبنى جل املقتضيات الجوهرية عن القانون املدني‬
‫الفرنس ي بعد تعديله وتتميمه في مجال التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪.‬‬

‫ان املشرع املغربي من خالل الفصل ‪ 1‬ـ ‪ 418‬من الفرع الثاني من ق ل ع نجده قد سوى بين‬
‫التوقيع االلكتروني والتوقيع التقليدي بطريقة غير مباشرة ذلك عن طريق االثبات بالكتابة‪.187‬‬

‫إال انه اقر شروط معينة من أجل االعتداد بها وذلك حسب الفقرة الثانية من الفصل ‪ 1‬ـ ‪ 417‬من‬
‫ق ل ع‪ ،‬حيث جاء فيه ‪ ":‬تقبل الوثيقة املحررة بشكل الكتروني اإلثبات‪ ،‬شأنها شأن الوثيقة املحررة‬
‫على ورق‪ ،‬شريطة أن يكون باإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون‬
‫معدة ومحفوظة وفق الشروط من شأنها تماميتها "‪.‬‬

‫وهذه الشروط التي جاءت بها في الفصل السابق الذكر تقابلها شروط خاصة بالتوقيع االلكتروني‬
‫املؤمن أو املعزز وذلك في املادة ‪ 6‬من قانون ‪ 05.53‬والتي جاء فيها ‪:‬‬

‫يجب أن يتوفر في التوقيع االلكتروني املؤمن الشروط االتية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكون خاصا باملوقع‪.188‬‬


‫‪ ‬أن يتم إنشاؤه بوسائل يمكن للموقع االحتفاظ بها تحت مراقبته الخاصة بصفة حصرية‪.‬‬
‫‪ ‬أن يتضمن وجود ارتباط بالوثيقة املتصلة به بكيفية تؤدي إلى كشف أي تغيير الحق أدخل‬
‫عليها‪.‬‬

‫‪ 186‬ـ عمر هبطي" التوقيع االلكتروني"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ 2006 ،‬ـ ‪ ،2007‬ص ‪.49‬‬
‫‪ 187‬ـ ينص الفصل املذكور أعاله على أنه‪ ":‬تتمتع الوثيقة املحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة االثبات التي تتمتع بها الوثيقة‬
‫املحررة على ورق ‪".‬‬
‫‪ 188‬ـ عرفت املادة السابعة من القانون ‪ 53.05‬املوقع بأنه ‪ ":‬هو الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي يعمل لحسابه الخاص أو لحساب‬
‫الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي يمثله والذي يستخدم آلية إنشاء التوقيع االلكتروني‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫‪ ‬يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية إلنشاء‪189‬التوقيع االلكتروني‪ ،‬تكون صالحيتها مثبتة‬
‫بشهادة للمطابقة‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬عند توفر هذه الشروط يصبح التوقيع االلكتروني موثوقا به‪ ،‬ويؤدي إلى بث الطمأنينة في‬
‫سالمة الوثيقة االلكترونية وصحتها‪ ،‬وما يالحظ ان املشرع املغربي لم يركز على التقنية أو الطريقة التي‬
‫يتم بها استخدام التوقيع االلكتروني كما هو الحال بالنسبة لبعض التشريعات املقارنة‪ ،‬وإنما اشترط‬
‫توافر معايير قانونية وتقنية يكون دورها التأكيد على سالمة التوقيع االلكتروني املؤمن على تلك املعايير‬
‫فإنه يصبح قادرا على القيام بوظائف التوقيع العادي‪ .‬وبهذا يكون قد ساير االتجاه الذي سار عليه‬
‫القانون النموذجي الخاص بالتوقيعات االلكترونية وكذلك االحكام الخاصة بالتوقيع املعزز املنصوص‬
‫عليه في التوجهات االوروبية الخاصة بالتوقيعات االلكترونية‪.190‬‬

‫‪ 189‬ـ عرفت املادة الثامنة من القانون ‪ 53.05‬آلية إنشاء التوقيع االلكتروني بأنه ‪ ":‬تتمثل في معدات أو برمجيات أو هما معا‪ ،‬يكون‬
‫الغرض منها توظيف معطيات إنشاء التوقيع االلكتروني التي تتضمن العناصر املميزة الخاصة باملوقع‪ ،‬كمفتاح التشفير الخاصة‬
‫باملستخدم من لدنه إلنشاء التوقيع االلكتروني ‪".‬‬
‫‪ 190‬ـ مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني"‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪183‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫خاتمة‬
‫من املؤكد أن لاللتزامات التعاقدية أهمية قصوى داخل املجتمع وان إقرار التوازن بين طرفي‬
‫املتعاقدين يظل الهدف الرئيس ي داخل كل التشريعات التي تروم تحقيق األمن القانوني وتجاوز‬
‫املعيقات التي تحول دون خلق مناخ يسمح بتوفير سبل االستثمار والتقدم االقتصادي غير أن هدا‬
‫املطلب يظل رهينا بإحداث تغييرات على مستوى النصوص القانونية املؤطرة لاللتزامات التعاقدية‬
‫وتوفير اآلليات التي تيسر اعمالها سواء على املستوى اللوجيستيكي أو البشري واشراك مختلف‬
‫الفاعلين في الحقل القانوني لتحقيق التطبيق السليم وتفعيل النص القانوني بما يكفل حماية حقوق‬
‫املتعاقدين‪.‬‬

‫‪ .1‬على مستوى النص القانوني‬

‫‪ .2‬توفير اآلليات الكفيلة بتحقيق املجاعة في التعامل مع االلتزامات التعاقدية‬

‫‪ .3‬إشراك باقي الفاعلين في ميدان االلتزامات التعاقدية‬

‫املحيط الدولي ودلك بإثراء النصوص القانونية املحلية وتنقيحها ملسايرة التطورات التي يعرفها العالم‬
‫بشأن التعامل مع مسائل اشكاالت قانونية مستجدة مرتبطة بالعقود وااللتزامات التي تقع على عاتق‬
‫طرفي العقد وآثاره بالنسبة لألغيار وإخراجها بصلب القوانين املغربية بما يتالءم مع خصوصيتها ومن‬
‫جهة أخرى يتعين العمل على تضمين وسائل إثبات االلتزامات وطرق الترجيح بين الحجج ضمن‬
‫القوانين املنظمة أو التي تمس العالقات التعاقدية كما هو الشأن بالنسبة لقانون االلتزامات والعقود‬
‫بدل اإلحالة عليها في مراجع متفرقة خارج املدونات القانونية لتحقيق األمن القانوني وتيسير للقضاء‬
‫للبت في املنازعات املعروضة عليه بهذا الخصوص‪.‬‬

‫ومن جانب آخر تبرز أهمية األخذ بالوسائل العلمية الحديثة في اإلثبات الرسائل اإللكترونية والقرص‬
‫املدمج واللجوء للخبرات الجينية مع العمل على توحيد االجتهاد القضائي في التعاطي مع املسائل‬
‫واالشكاالت القانونية املتعلقة بااللتزامات التعاقدية من خالل إصدار قرارات صادرة عن محكمة‬
‫النقض بجميع الغرف لتفادي تعدد القرارات واختالفها وتضاربها حول نفس املسألة القانونية‪.‬‬

‫‪.4‬توفير اآلليات الكفيلة بتحقيق النجاعة في التعامل مع االلتزامات التعاقدية‬

‫‪62‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫ان تفادي قصور القاعدة القانونية وتفعيل تطبيقاتها العملية في ميدان االلتزامات الناشئة عن العقود‬
‫وآثارها وتنفيذها يفرض بالضرورة توفير الوسائل التي تساعد على اعمالها وتنفيذها على الوجه‬
‫الصحيح ويتأتى دلك من خالل تفعيل مؤسسة قاض ي التنفيذ داخل املحاكم وايالءها األهمية التي‬
‫تتناسب وتنوع اتصل بك واختالف النزاعات الناشئة بشأن تنفيد االلتزامات والصعوبات التي تعتري‬
‫مرحلة التنفيذ ومن جهة أخرى مساهمة الدولة وسأدخلها لتيسير عملية تنفيد األحكام املتعلقة‬
‫بااللتزامات التي تمس املراكز القانونية للمتعاقدين من خالل تفعيل دور النيابة العامة أثناء مرحلة‬
‫التنفيذ‪.‬‬

‫‪ .5‬دور باقي الفاعلين وأهمية تدخلهم في ميدان االلتزامات التعاقدية‪.‬‬

‫مما ال شك فيه أن االلتزامات التي تقع على عاتق أطراف العقد وان كانت تهم بصفة مباشرة‬
‫املتعاقدين اال ان مجالها التطبيقي يعرف بالضرورة تدخل فاعلين بامليدان القانوني والقضائي من‬
‫مساعدي القضاء والجهاز القضائي األمر الدي يحتم إدراج برامج تأطيريه لهده الفئة وعقد ندوات تعنى‬
‫برفع الغموض واللبس املتعلق بااللتزامات التعاقدية حتى يتسنى التطبيق السليم خاصة وأن األمر‬
‫يتعلق بممارسين تتعلق مهامهم بالجانب القانوني وعلى صلة مباشرة ووحيدة واحتكاك مع الصعوبات‬
‫واالشكاالت املرتبطة بااللتزامات التعاقدية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى يتعين العمل على انفتاح وسائل االعالم املحلية على الحقل القانوني وادماجه‬
‫ضمن البرامج املوجهة للعموم بغية جعل املادة القانونية في متناول جميع الشرائح االجتماعية وخلق‬
‫التواصل بين الفاعلين في امليدان القانوني واملجتمع من خالل تبني لغة سلسة تتيح للعموم فهم كنه‬
‫املادة القانونية وتيسير الحصول على املعلومة القانونية بشكل يتيح للمواطن الغير املتخصص االملام‬
‫ببعض الجوانب التي تعترض معامالته القانونية سواء في ميدان الكراء أو البيع ‪...‬وغيرها من امليادين‬
‫التي تفرضها املعامالت وااللتزامات التعاقدية بين أفراد املجتمع‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫الئحة املراجع‬

‫مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات و العقود املغربي‪ ،‬مطابع دار القلم‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ج ‪ 1389 ،1‬ه – ‪1970‬م‬
‫عبد املنعم البدراوي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬دراسة مقارنة في قانون املوجبات و العقود اللبناني‬
‫والقانون املدني املصري‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار النهضة العربية للطباعة و النشر‪ ،‬بيروت‪ -‬لبنان‪ ،‬ط ‪ 1968‬م‪.‬‬
‫ايت الحاج مرزوق‪ ،‬الوجيز في نظرية االلتزام‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة‪ ،‬الجزء غير موجود‪.2017،‬‬
‫عبد العالي الدقوقي‪ ،‬الوجيز في القانون املدني‪ ،‬مطبعة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجزء‬
‫غير موجود‪.2017 ،‬‬
‫عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون املدني (دراسة حديثة للنظرية العامة لاللتزام في ضوء تأثرها‬
‫الطبعة‬ ‫باملفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي)‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪-‬الرباط‪،‬‬
‫الخامسة‪.2018،‬‬
‫عبد الرحمن الشرقاوي‪ ،‬القانون املدني "أحكام االلتزام"‪ ,‬الجزء الثالث‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2018 ،‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني الجديد املجلد الثاني‪ ،‬نظرية االلتزام بوجه‬
‫عام‪ ،‬االثبات‪ ،‬الطبعة ‪،3‬بيروت‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪.2011،‬‬

‫هشام املراكش ي‪ ،‬الغير في القانون املغربي دراسة في تحديد املركز القانوني للغير حماية الغير في‬
‫النصوص القانونية والعمل القضائي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪،‬‬
‫‪.2019‬‬
‫نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬االثبات في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار النهضة العربية للطباعة والنشر‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬السنة غير موجودة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫فتحي والي" الوسيط في قانون القضاء املدني" الطبعة الثانية ‪1981‬‬


‫خالد سعيد‪ " ،‬االثبات في املنازعات املدنية"‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر املطبعة األولى ‪.2014‬‬
‫‪ -‬املهدي العزوزي‪ ،‬تسوية نزاعات االستهالك في ضوء القانون رقم ‪ 31.08‬القاض ي بتحديد حماية‬
‫للمستهلك‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الرباط‪.2013 ،‬‬
‫محمد لفاروجي‪ ،‬العقود البنكية بين مدونة التجارة و القانون البنكي مجموعة قانون التجارة‬
‫واألعمال‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة غير موجودة‪.‬‬
‫محمد الشافعي‪ ،‬بطاقات األداء و اإلثمان باملغرب‪ ،‬املطبعة و الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪2002،‬‬
‫نجوى أبو طيبة‪ ،‬التوقيع اإللكتروني تعريفه‪ -‬مدى حجيته في اإلثبات‪ ،‬مؤتمر األعمال املصرفية‬
‫اإللكترونية بين الشريعة و القانون‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬السنة ‪.2003‬‬
‫املختار بن احمد العطار‪ ،‬العقد االلكتروني‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬السنة ‪.2010‬‬
‫عبد هللا الكرجي صلحة حاجي" االثبات الرقمي "‪ ،‬مطبعة االمية بالرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة‬
‫‪.2015‬‬
‫محمد محمد أبو زيد " تحديث قانون االثبات‪ ،‬مكانة املحررات االلكترونية بين األدلة الكتابية"‪،‬‬
‫دون دار النشر‪.2002 ،‬‬

‫‪-‬نادية ايوب‪ ،‬تنفيذ االلتزام بين القواعد املسطرية و املوضوعية‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪،‬‬
‫مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2017-2016‬‬
‫‪ -‬مالك ايد سعيد "اثار عدم تنفيذ االلتزام ‪-‬مطل املدين نموذجا‪ "-‬بحث نهاية التكوين‪ ،‬املعهد‬
‫العالي للقضاء‪.2017-2015 ،‬‬
‫امان التيس " فسخ العقود بين القانون املدني والقانون التجاري " رسالة لنيل دبلوم املاستر في‬
‫القانون واملقاولة‪ ،‬جامعة املولى إسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫بمكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬

‫‪65‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫أشرف جنوي‪ ،‬الخلف في العقد بين القواعد املوضوعية والقواعد اإلجرائية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬وحدة التكوين والبحث في القانون املدني‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية مراكش‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‪.2012/2011 ،‬‬
‫محمد محروگ‪ ،‬مفهوم الغير في العقد التحديد واآلثار – دراسة مقارنة‪ ،-‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث‪ :‬القانون املدني‪ ،‬جامعة القاض ي عياض‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪.2005/2004 ،‬‬
‫بنسالم اوديجا‪ ،‬سلطة القاض ي في إثبات في املادة املدنية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬وحدة البحث والتكوين‪-‬القانون املدني املعمق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫االجتماعية‪ ،‬الرباط‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬السنة الجامعية‪.2014-2015 ،‬‬
‫موالي عبد الرحمان ابليال‪ ،‬اإلثبات في املادة الجبائية باملغرب بين القواعد العامة وخصوصيات‬
‫املادة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون‪ ،‬جامعة القاض ي عياض كلية العلوم القانونية‬
‫واإلقتصادية و االجتماعية مراكش‪.2007 ،‬‬
‫‪ -‬فاطمة الزهراء الكبير‪ ،‬اإلثبات في قانون حماية املستهلك‪ ،‬بحث لنيل شهادة املاستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية العلوم القانونية والسياسية و االجتماعية بفاس‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2014 -2013‬‬
‫‪ .‬نجاة عصادي‪ ،‬العالم التعاقدي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة املاستر في القانون الخاص‪ ،‬بجامعة املولى‬
‫إسماعيل كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية مكناس‪ ،‬سنة ‪.2011-2010‬‬
‫ايمان غانم‪ ،‬حجية املحررات االلكترونية في االثبات(دراسة تحليلية مقارنة)‪ ،‬مذكرة تكميلية لنيل‬
‫شهادة املاستر‪ ،‬تخصص قانون االعمال‪ ،‬كلية الحقوق جامعة املسيلة‪.2013،‬‬
‫زينب غريب " إشكالية التوقيع االلكتروني وحجيته في اإلثبات "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم املاستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس ـ السويس ي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‪.2009.2010‬‬
‫عمر هبطي" التوقيع االلكتروني"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة‪ ،‬شعبة القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫‪ 2006‬ـ ‪.2007‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫شكيب صبار‪ ،‬التماطل اإلرادي في التشريع املغربي‪ ،‬مقال منشور بمجلة املنارة‪ ،‬عدد ‪ ،4‬السنة‬
‫الثانية يونيو ‪.2013‬‬
‫رشيد العراقي‪ ،‬طرق اثبات االلتزام‪ ،‬مجلة القضائي‪ ،‬العدد ‪ ،30‬السنة ‪.2007/10/ 15‬‬
‫_ احمد درويش‪ ،‬تأمالت حول قانون التبادل االلكتروني للمعطيات القانونية‪ ،‬منشورات سلسلة‬
‫املعرفة القانونية‪ ،‬سنة ‪.2009‬‬
‫محمد العروص ي‪ ،‬التعاقد التجاري هن طريق االنترنيت‪ ،‬املجلة املغربية لألعمال واملقاوالت‪،‬‬
‫عدد‪ 10‬مارس‪.2006‬‬
‫مبارك الحسناوي " االثبات في العقد االلكتروني"‪ ،‬مقال منشور في سلسلة فقه القضاء التجاري ـ‬
‫العدد االول‪ ،‬بدون طبعة‪.‬‬

‫‪ ‬قرار عدد ‪ ،1177‬الصادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪27‬ابريل ‪ 1988‬م‪ ،‬في ملف املدني عدد‬
‫‪98021‬‬
‫‪ ‬قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2013/02/26‬تحت عدد ‪ 13/7/75‬في امللف املدني‬
‫عدد ‪.2012/7/1/883‬‬
‫‪- ‬قرار عدد ‪ 556‬صادر عن محكمة االستئناف بتاريخ ‪ 1982/3/2‬م‪ ،‬في ملف عدد ‪.1237-8‬‬
‫‪- ‬قرار عدد ‪ ،571‬صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 1989/02/27‬م‪.‬‬
‫‪ ‬قرار صادر بتاريخ ‪ 28/3/1988‬تحت عدد ‪ 159‬في امللف رقم ‪ 8347/87‬منشور بمجلة قضاء‬
‫املجلس األعلى العدد ‪ 41‬الصفحة ‪ 179‬وما يليها‬
‫‪ ‬قرار صادر عن املجلس األعلى(محكمة النقض حاليا) بتاريخ ‪ 17/01/1990‬تحت عدد ‪،126‬‬
‫منشور بمجموعة قرارات املجلس األعلى املادة املدنية ‪ 58-56‬الصفحة ‪ 149‬وما يليها‪.‬‬
‫‪ ‬قرار محكمة النقض‪ ،‬املؤرخ في ‪ 09‬اكتوبر ‪ 2012‬غرفة االحوال الشخصية وامليراث‪ ،‬امللف‬
‫عدد ‪ 2011/1/2/698‬رقم ‪.681‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫‪ ‬أمينة شبيب "قانون االلتزامات والعقود بين االصالح الشامل واإلصالح الجزئي‪ ".‬مقال منشور‬
‫بموقع ‪ www.marocdrooit.com‬تاريخ الدخول ‪.2022/03/26 :‬‬
‫‪ ‬مها دحام‪ ،‬نشوء نظرية االلتزام وتعريفها‪ 19 .‬غشت ‪ ,2020‬مقال منشور باملوقع االلكتروني‬
‫‪ ،www.sotor.com‬تاريخ االطالع ‪.2022/03/26‬‬
‫مجد عابدين‪ ،‬االشتراط ملصلحة الغير‪. 20/03/2022 www.mohamoon-montada.com‬‬ ‫‪‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ KACEM MADI‬ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮن‬
‫االلتزامات إثباتها وأثارها‬

‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1 .............................................................................................................................................................‬‬
‫املبحث األول‪ :‬أثار االلتزامات بين املبدأ و االستثناء ‪3 .....................................................................................‬‬
‫املطلب االول‪ :‬اثار االلتزامات على االطراف ‪3...................................................................................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬تنفيذ االلتزام ‪3 .............................................................................................................................................................................................‬‬
‫اوال‪ :‬التنفيذ العيني والجهة املسؤولة عن تنفيذ االلتزام‪5 .............................................................................................................................................. .‬‬
‫ثانيا‪ :‬الضوابط القانونية لتنفيذ االلتزام و بعض الضمانات التي تكفل تنفيذه ‪7 .........................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬عدم تنفيذ االلتزام ‪9 .................................................................................................................................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬مطل املدين ‪10 ............................................................................................................................................................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مطل الدائن ‪13 ..........................................................................................................................................................................................................‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬أثار االلتزامات بين النسبية واالمتداد ‪14....................................................................................‬‬


‫الفقرة األولى‪ :‬مبدأ نسبية أثار العقد ‪15 .............................................................................................................................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الخلف العام‪15 ............................................................................................................................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الخلف الخاص ‪22 .......................................................................................................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬استثناءات مبدأ نسبية آثر العقد‪25 ........................................................................................................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬االشتراط ملصلحة الغير ‪26 .........................................................................................................................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعهد عن الغير‪29 .....................................................................................................................................................................................................‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬إثبات االلتزامات بين الحرية و التقييد ‪32..............................................................................‬‬


‫املطلب األول‪ :‬وسائل اإلثبات في قانون االلتزامات و العقود ‪32......................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬اإلثبات في قانون االلتزامات والعقود ‪32 .....................................................................................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلثبات في القوانين الخاصة ‪44 .................................................................................................................................................................‬‬

‫خاتمة ‪62............................................................................................................................................................‬‬
‫الئحة املراجع ‪64................................................................................................................................................‬‬

‫‪69‬‬

You might also like