You are on page 1of 111

‫وزارة التعليم التعليم العلمي والبحث العلمي‬

‫جامعة محمد بوضياف – املسيلة‬


‫كليـة الحقوق والعلوم السياسية‬

‫مطبوعة دروس في مقياس أحكام االلتزام‬

‫في القانون المدني الجزائري‬

‫إعداد‪ :‬د بوخرص عبد العزيز‬

‫ألقيت على طلبة السنة ثانية حقوق‪ ,‬السنة الجامعية ‪0202-0291‬‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫مقدمة‬
‫تناول املشرع الجزائري أحكام الالتزام بالتنظيم ضمن الكتاب الثاني املتعلق بااللتزامات‬
‫والعقود ابتداء من املواد ‪ 061‬وما بعدها‪ ،‬وقد أطلق املشرع على الباب الثاني آثار الالتزام وهو‬
‫اصطالح درجت القوانين على استعماله وسايرهم في ذلك شراح القوانين املدينة‪ ،‬غير أننا نفضل‬
‫استعمال مصطلح تنفيذ الالتزام بدال عن مصطلح آثار الالتزام‪ ،‬ألن الالتزام ال يعدو أن يكون أثرا‬
‫ملصدره‪ ،‬وال يستساغ القول أن ألاثر يولد أثرا‬
‫أما الباب الثالث فجاء بعنوان ألاوصاف املعدلة لاللتزام من املواد ‪ 312‬إلى ‪ ،322‬في حين‬
‫خصص الباب الرابع ( ‪322‬إلى ‪ )352‬والخامس ( ‪ 352‬إلى ‪ )233‬إلى انتقال الالتزام وانقضائه على‬
‫التوالي‬
‫على هذا ألاساس نتناول أحكام الالتزام بالبحث ضمن محاور أربعة فصول على التفصيل‬
‫السابق‬

‫‪2‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الفصل األول‪ :‬تنفيذ االلتزام‬


‫تمهيد وتقسيم‬
‫ألاصل أن وجود الالتزام في ذمة شخص يقتض ي قيامه بوفاء عين ما التزم به طوعا ويسمى‬
‫حينئذ التنفيذ العيني الاختياري(‪ ،)1‬فإذا لم يقم املدين بتنفيذ التزامه أمكن الدائن جبره على‬
‫الوفاء‪ ،‬ويستعين الدائن عندئذ بالسلطة العام إلكراه املدين على تنفيذ التزامه ما لم يكن هذا‬
‫الالتزام طبيعيا (م ‪ 061‬ق م)‪ ،‬فإذا لم يستطع املدين تنفيذ التزامه عينا‪ ،‬أو لم يرد ذلك فللدائن‬
‫أن يحصل على تعويض على عدم التنفيذ العيني ويسمى هذا التنفيذ بمقابل‬
‫وملا كانت أموال املدين جميعا ضامنة للوفاء بديونه‪ ،‬كان ال بد من حماية الدائن من‬
‫التصرفات التي يجريها مدينه ضمن إجراءات خاصة سماها املشرع ضمان حقوق الدائنين على‬
‫هذا ألاساس سنتناول التنفيذ العيني(مبحث ألاول)‪ ،‬التنفيذ بمقابل (مبحث ثان)‪ ،‬ضمان‬
‫حقوق الدائنين في (مبحث ثالث)‬

‫)‪ (1‬لم يشر املشرع الجزائري إلى التنفيذ الاختياري بصدد حديثه عن آثار الالتزام‪ ،‬واكتفى بترتيب نتائجه في باب انقضاء الالتزام‪ ،‬لذا‬
‫سيكون الحديث عنه ضمن الحديث عن انقضاء الالتزام‬
‫‪3‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث ألاول‪ :‬التنفيذ العيني الجبري‬

‫إذا امتنع املدين عن التنفيذ العيني الاختياري‪ ،‬ولم يكن التزامه التزاما طبيعيا‪ ،‬فإنه يجبر‬
‫على التنفيذ ويحق للدائن عندئذ الاستعانة بالسلطة العامة واللجوء إلى الطرق املقررة قانونا‬
‫لتنفيذ الالتزام جبرا على املدين‪ ،‬إال أن ذلك مرهون بشروط معينة(مطلب أول)‪ ،‬كما أن صوره‬
‫تختلف باختالف محل الالتزام (مطلب ثان)‪ ،‬ومن أجل الحصول على التنفيذ العيني الجبري‬
‫وضع املشرع عدة وسائل( مطلب ثالث)‪ ،‬وتفصيل ذلك كما يلي‪:‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬شروط التنفيذ العيني الجبري‬
‫تتمثل هذه الشروط في أن يكون التنفيذ العيني ممكنا‪ ،‬وأال يكون مرهقا للمدين وأال يكون‬
‫فيه مساس بحرية املدين الشخصية‪ ،‬وأضاف املشرع الجزائري باملادة ‪ 061‬شرطا رابعا وهو‬
‫إعذار املدين‬
‫‪ -29‬أن يكون تنفيذ العيني ممكنا‪ :‬نصت ‪ 061‬ق م على هذا الشرط صراحة‪ ،‬فإذا أصبح‬
‫التنفيذ مستحيال سواء رجعت الاستحالة إلى سبب أجنبي أو كانت بخطأ من املدين‪ ،‬لم تعد‬
‫هناك جدوى من املطالبة بالتنفيذ العيني‪ ،‬ولم يكم أمام الدائن سوى املطالبة بالتعويض‪ ،‬كما‬
‫لو هلك الش يء املباع أو فوت املحامي ميعاد الطعن على موكله‬
‫وعدم إمكان تنفيذ الالتزام عينا الستحالة تنفيذه بخطأ املدين أمر متصور في جميع أنواع‬
‫الالتزامات‪ ،‬باستثناء الالتزام بدفع مبلغ من النقود الذي ال يمكن تصور استحالة تنفيذه‬
‫‪ -20‬أن ال يكون التنفيذ العيني فيه إرهاق للمدين أو أن يكون فيه إرهاق ولكن العدول‬
‫عنه يلحق بالدائن ضررا جسيما‪ ،‬لم ينص القانون املدني الجزائري على هذا الشرط صراحة‬
‫ولكنه يعد تطبيقا ملبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق كما نص عليه املشرع الجزائري‬
‫(‪)1‬‬
‫في املادة ‪ 10‬من ق م‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬الوجيز في نظرية الالتزام‪ :‬مصادر الالتزامات وأحكامها في القانون املدني الجزائري‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫‪ ،0222‬ص ‪312‬‬
‫‪4‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫فقد يكون التنفيذ العيني ممكنا مع ذلك يعدل عنه املدين بإرادته وحده ويقتصر على دفع‬
‫تعويض نقدي ولكن ال بد من توافر شرطان‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون التنفيذ العيني فيه إرهاق للمدين وهي مسألة تخضع لتقدير القضاء‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ -‬أال يلحق بالدائن ضرر جسيم جراء العدول عن التنفيذ العيني‬
‫مثال ذلك مخالة قواعد البناء يجوز الحكم بإصالحها عينا‪ ،‬كما يجوز الحكم بالتعويض‬
‫إذا رأت املحكمة ما يبرر ذلك‬
‫‪ -23‬أن يطلب الدائن التنفيذ العيني أو يتقدم به املدين‪ :‬وهو شرط يفهم ضمنا دون‬
‫الحاجة إلى نص ويستخلص من عمل القضاء ‪ ،‬ذلك أن القضاء ال ينظر في ما ال يطلب منه‪ ،‬فإذا‬
‫طالب الدائن بالتنفيذ الجبري وتوافرت شروطه‪ ،‬فليس للمدين أن يمتنع عنه أو أن يعرض‬
‫التنفيذ بطريق التعويض وإنما يجبره القضاء عليه‪ ،‬أما إذا تقدم املدين بالتنفيذ العيني في حين‬
‫(‪)2‬‬
‫طالب الدائن بالتعويض فإنه يحكم بالتنفيذ الاختياري وال يحق للدائن رفضه‬
‫‪ -20‬إعذار املدين‪ :‬وهو شرط في التنفيذ العيني إلاجباري أما إذا كان التنفيذ العيني يتحقق‬
‫بحكم القانون‪ ،‬كما هو الحال في الالتزام بنقل ملكية منقول‪ ،‬فال حاجة إلى أن يكون التنفيذ‬
‫العيني مسبوقا بإعذار ألنه يتم بقوة القانون‬
‫‪ -20‬أال يكون فيه مساس بحرية املدين الشخصية‪ :‬فإذا كان التنفيذ العيني فيه مساس‬
‫(‪)3‬‬
‫بالحرية الشخصية فيقتصر الدائن على التعويض كالتزام فنان أو طبيب بعمل‬
‫املطلب الثاني‪ :‬موضوع التنفيذ العيني‬
‫يختلف موضوع التنفيذ العيني أو صوره باختالف محل الالتزام‪ ،‬فقد يكون نقل حق عيني‬
‫وقد يكون قيام بعمل‪ ،‬وقد يكون أخيرا امتناع عن عمل‬
‫أوال‪ :‬الالتزام بنقل حق عيني‪ :‬قد يرد هذا الحق على منقول معينا بذاته أو بنوع أو على‬
‫عقار‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪ :‬الجزء الثاني‪ ،‬الجمهورية العراقية‪ ،‬وزارة‬
‫التعليم العالي‪ 0226 ،‬ص ‪02‬‬
‫)‪ (2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪02‬‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪312‬‬
‫‪5‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫فإذا ورد على منقول معينا بذاته‪ ،‬فإن الحق ينتقل أو ينشأ بمجرد الاتفاق بقوة القانون‬
‫دون الحاجة إلى التنفيذ الجبري م ‪ 065‬ق م ج‪ ،‬ويبقى مع ذلك الالتزام بالتسليم وهو التزام‬
‫بعمل يمكن تنفيذه جبرا على املدين م ‪ 062‬ق م‪ ،‬مع ذلك فإن قاعدة انتقال الحق بمجرد‬
‫التعاقد قد تعطلها قاعدة أخري هي قاعدة الحيازة في املنقول سند امللكية‬
‫فإذا باع شخص منقوال لشخص أول ثم باع ذات املنقول لشخص ثان وسلمه له واستلمه‬
‫املشتري الثاني بحسن نية‪ ،‬فإن امللكية تنتقل إلى الشخص الثاني تطبيقا لقاعدة الحيازة في‬
‫املنقول سند امللكية‪ ،‬وليس بموجب الاتفاق املبرم بين البائع واملشتري ألاول‬
‫وإن ورد الالتزام على منقول معين بنوعه كبيع كمية معينة من الثمار فإن امللكية ال تنتقل‬
‫بمجرد الاتفاق بل بعد الفرز م ‪ 066‬ق م‪ ،‬إذ بالفرز يصبح محلها معينا بذاته فيقبل بذلك أن‬
‫ترد عليه امللكية أو الحق العيني‪ ،‬وعملية الفرز هي التزام بعمل يمكن جبر املدين عليه‪ ،‬ويمكن‬
‫الحصول على الش يء ذاته من السوق على نفقة املدين‬
‫وإذا ورد الالتزام بنقل امللكية على عقار فإن امللكية ال تنتقل بمجرد نشوء الالتزام بل يجب‬
‫اتخاذ إجراءات الشهر م ‪ 065‬ق م وهذ التزام بعمل يمكن إجبار املدين عليه برفع دعوى صحة‬
‫التعاقد أو صحة ونفاذ عقد البيع‪ ،‬فإذا صدر الحكم بصحة البيع ونفاذه وتم تسجيله قام مقام‬
‫تسجيل العقد‬
‫ثانيا‪ :‬الالتزام بعمل ‪ :‬القاعدة العامة أنه ال يمكن جبر املدين على تنفيذ الالتزام بعمل‬
‫سواء كان هذا الالتزام بوسيلة أو بتحقيق نتيجة ألن فيه مساس بحريته الشخصية‪ ،‬لكن إذا‬
‫كان العمل غير مرتبط بشخص املدين‪ ،‬كما هو الحل في الاتفاق مع مقاول على بناء مسكن‪،‬‬
‫فإن التنفيذ العيني فيه ممكن على نفقته‪ ،‬مادام يستوي لدى الدائن أن يقوم املدين أو غيره‬
‫(‪)1‬‬
‫بهذا العمل‬
‫أما إذا كان العمل مرتبط بشخص املدين‪ ،‬كاالتفاق مع طبيب معين أو محام معين وال‬
‫يستوى لدى الدائن أن يقوم بهذا العمل هذا الشخص أو غيره فإن التنفيذ العيني غير ممكن وال‬
‫يكون أمام الدائن سوى التنفيذ بمقابل( التعويض)‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 021‬ق م‬


‫‪6‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -23‬الالتزام باالمتناع عن عمل‪ :‬يكون التنفيذ العيني هنا بإزالة العمل املخالف الذي وقع‬
‫ومثال ذلك التزام بائع املحل التجاري بعدم فتح محل تجاري مماثل خالل مدة معينة وفي إطار‬
‫جغرافي معين منعا للمنافسة‪ ،‬فإذا خالف البائع ذلك ففتح محال مخالفا اللتزامه فإن التنفيذ‬
‫(‪)1‬‬
‫العيني يكون بإغالق محل التجارة املنافس‬
‫وال تكون إلازالة إال بحكم قضائي وللقاض ي سلطة تقديرية في أن يحكم بالتعويض إذا وجد‬
‫في إلازالة إرهاقا للمدين‪ ،‬مع ألاخذ بعين الاعتبار أن هناك حاالت ال يكون فيها التنفيذ العيني‬
‫ممكنا فيها كالتزام الطبيب بعدم إفشاء سر مهنته أو أن يكون في التنفيذ العيني مساس بحرية‬
‫املدين كالتزام ممثل عن التمثيل في مسرح آخر ففي هذين املثالين ال سبيل سوى التنفيذ بمقابل‬
‫في حالة إفشاء سر املهنة أو في حالة عمل املمثل في مسرح آخر‬
‫(‪)2‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬وسائل الخصوم في الحصول على التنفيذ الجبري‬

‫تتمثل هذه الوسائل في أمرين ألاول الغرامة التهديدية والثاني إلاكراه البدني‬
‫أوال‪ :‬الغرامة التهديدية‬
‫تسمى أيضا التهديد املالي وهي من خلق القضاء الهدف منها حمل املدين على تنفيذ‬
‫التزامه في حالة ما إذا امتنع عن ذلك‪ ،‬فهي تختلف عن التعويضات التأخيرية التي يكون الغرض‬
‫منها إصالح الضرر الناش ئ عن التأخير في التنفيذ‪ ،‬في هذا الصدد تنص املادة ‪ 0/021‬من ق م ج‬
‫على " إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير مالئم إال إذا قام به املدين نفسه‪ ،‬جاز للدائن‬
‫أن يحصل على حكم بالزام املدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة إجبارية إن امتنع عن ذلك "‬
‫‪‬شروط الحكم بالغرامة التهديدية‬
‫يشترط للحكم بالغرامة التهديدية ثالثة شروط هي‪:‬‬
‫‪ -10‬أن يطلب الدائن من املحكمة فرض هذه الغرامة‪ :‬فال يجوز للمحكمة أن تقض ي بها‬
‫من تلقاء نفسها وهو ما يظهر من نص املادة ‪ 021‬ق م ج " جاز للدائن أن يحصل على حكم "‬

‫)‪ (1‬المادة ‪ 371‬ق م‪.‬‬


‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪312‬‬
‫‪7‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -13‬أن يكون التنفيذ العيني ال يزال ممكنا إذ ال يتصور اللجوء إلى الحكم بالغرامة‬
‫التهديدية إال غذا امتع املدين عن تنفيذ التزام ترتب في ذمته‪ ،‬وكان التنفيذ ال يزال ممكنا‪ ،‬فإذا‬
‫استحال التنفيذ لسبب أجنبي أو بفعل املدين فال يحكم بالغرامة التهديدية وإنما بالتعويض‬
‫‪ -12‬أن يكون التنفيذ العيني لاللتزام غير مالئم إال إذا قام به املدين نفسه‪ :‬بمعنى آخر أن‬
‫للتنفيذ طابع شخص ي فإذا كان التنفيذ العيني ممكنا دون تدخل املدين نفسه‪ ،‬فال يجوز الحكم‬
‫بالغرامة التهديدية وإنما يجب التنفيذ مباشرة‪ ،‬ومثال ذلك إذا كان محل الالتزام مبلغا من‬
‫النقود أو كان بإمكان الدائن الحصول على التنفيذ العيني على نفقة املدين‬
‫مع ذلك ال يصح اللجوء إلى الغرامة التهديدية إذا كان في ذلك مساس بالحقوق الفكرية‬
‫للمدين‪ ،‬ومثال ذلك أن يتعاقد مؤلف مع دار نشر على نشر مؤلفه‪ ،‬ففي هذه الحالة ال يجوز‬
‫إكراه املؤلف على ذلك بالتهديد املالي‪ ،‬وال سبيل أمام الناشر إال طلب التعويض‬
‫‪‬سلطة القاض ي في الحكم بالغرامة التهديدية‬
‫يجوز للقاض ي الحكم بالغرامة التهديدية في أي مرحلة كانت عليها الدعوى متى توافرت‬
‫شروطها ويجوز إبداء هذا الطلي في أي حالة كانت عليها الدعوى فليس هذا طل جديد و‬
‫للقاض ي السلطة التقديرية فله متى توافرت الشروط أن يحكم أوال يحكم بهذا الطلب وال يخضع‬
‫في ذلك لرقابة محكمة النقض إال فيما يتعلق بتوافر الشروط‬
‫‪‬خصائص الحكم بالغرامة التهديدية‪.‬‬
‫يتميز الحكم املتضمن الغرامة التهديدية بأنه حكم تمهيدي وأنه غير محدد املقدار وأنه‬
‫مؤقت‬
‫‪ -‬أنه حكم تمهيدي‪ :‬الغرض منه الضغط على املدين لذا تحدد الغرامة بمبلغ تراعى فيه‬
‫قدرة املدين على املقاومة ويقدره القاض ي تقديرا تحكيميا‪ ،‬وال تراعى فيه جسامة الضرر الذي‬
‫لحق الدائن وبهذا يختلف عن الحكم بالتعويض الذي يكون على قدر الضرر‬
‫‪ -‬أنه غير محدد املقدار ‪ :‬فالغرامة تتحدد عن كل فترة يتأخر فيها املدين عن التنفيذ‬
‫كغرامة معينة عن كل يوم من أيام التأخير لذلك ال يمكن معرفة مجموع الغرامة يوم صدور‬

‫‪8‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الحكم فهي ال تعتبر دينا محققا في ذمة املدين وال يمكن للدائن أن ينفذها إال بعد تصفية‬
‫املوضوع وحكم القاض ي بالتعويض عن عدم التنفيذ أو التأخر في التنفيذ‬
‫‪-‬أنه حكم مؤقت‪ :‬إذا ليس هناك ما يمنع القاض ي من إعادة النظر فيه فيزيد في قيمة‬
‫الغرامة أو يخفضها متى كان هناك داع‪ ،‬كما أن املحكمة ليست ملزمة في التصفية النهائية‬
‫بالتقدير الذي رأته في الغرامة التهديدية‪ ،‬من ناحية أخرى إذا أصر املدين على عدم التنفيذ وكان‬
‫متعنتا فالتعويض يراعي فيه مقدار الضرر الذي أصاب الدائن وكذلك مقدار التعنت الذي بدا‬
‫(‪)1‬‬
‫من املدين‬
‫وتطبيقا ملا سبق قضت محكمة العليا بأن " القضاء بالغرامة التهديدية هو وسيلة للضغط‬
‫على املدين لتنفيذ التزامه عينا ويتم طلب تصفيتها سواء تم التنفيذ أو أصر املدين على رفض‬
‫التنفيذ العيني‬
‫ال تعد تصفية الغرامة التهديدية تنفيذا عينيا وال تنفيذا عن طريق التعويض"‬
‫ثانيا‪ :‬إلاكراه البدني‬
‫يعتبر إلاكراه من الوسائل القديمة وجدت في ظل القانون الروماني ‪ ،‬ثم القانون الفرنس ي‬
‫القديم‪ ،‬اعتمدت عليه النظم القديمة في الوفاء املباشر إذا تنظر إلى جسم إلانسان على أنه‬
‫ضامن اللتزاماته‬
‫لم يأخذ به املشرع الجزائري حاليا على غرار نظيره الفرنس ي لتعارضه مع املبادئ املعاصرة‬
‫في نظرية الالتزام‪ ،‬فقد الغى املشرع الجزائري العمل به أن كان ساريا بموجب أحكام ألامر ‪-66‬‬
‫‪ 051‬تحديدا املادة ‪ ، 112‬وذلك تماشيا مع انضمام ومصادقة الجزائر على العهد الدولي‬
‫لحقوق إلانسان‬

‫)‪(1‬‬
‫المادة ‪ 371‬ق م ج‬
‫‪9‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث الثاني ‪ :‬تنفيذ الالتزام بطريق التعويض أو التنفيذ بمقابل‬


‫‪L'exécution par équivalent-Dommages intérêts‬‬

‫يقصد ابتداء بالتنفيذ بمقابل أو بطريق التعويض "أي مبلغ من النقود أو أية ترضية من‬
‫جنس الضرر يدفعها املدين إلى الدائن تعادل املنفعة التي كان سينالها الدائن فيما لو نفذ املدين‬
‫التزامه على النحو الذي يوجبه حسن النية و تقتضيه الثقة في املعامالت"‬
‫وألاصل في التنفيذ كما مر معنا أن يكون عينيا ‪ en nature‬وال يلجا إلى التنفيذ بمقابل أو‬
‫بطريق التعويض إال استثناء وفي أحوال خاصة‪ ،‬وضمن شروط محددة‪ ،‬وفي هذا الصدد نصت‬
‫املادة ‪ 026‬ق م ج على أنه " إذا استحال على املدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض‬
‫الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه‪ ،‬ما لم يثبت أنه استحالة التنفيذ نشأت عن سبب ال يد‬
‫له فيه‪ ،‬ويكون الحكم كذلك تأخر املدين في تنفيذ التزامه "‬
‫على هذا ألاساس ال يلجأ إلى التنفيذ بمقابل إال في ألاحوال التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيال بخطأ املدين‪ ،‬وهو امر متصور في جميع أنواع الالتزام‬
‫عدا الالتزام بدفع مبلغ من النقود‪ ،‬ففيه ال يستعص ى التنفيذ العيني أبدا‬
‫‪ -‬إذا كان التنفيذ العيني مرهقا للمدين‪ ،‬ولم يكن في التنفيذ عن طريق التعويض ضرر‬
‫جسيم للدائن‬
‫‪ -‬إذا لم تجد الغرامة التهديدية في الضغط على املدين‬
‫‪‬أنواعه‬
‫يفهم من نص املادة سالفة الذكر أن التعويض يكون على نوعين‪:‬‬
‫ألاول‪ :‬التعويض عن عدم التنفيذ‪ ،‬ويحل محل التنفيذ العيني وال يجمع بينهما( إال في حالة‬
‫ما إذا كان التنفيذ العيني جزئيا)‬
‫‪01‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الثاني‪ :‬التعويض عن التأخر في التنفيذ‪ :‬يجوز الجمع بينه وبين التنفيذ العيني إذا تأخر‬
‫املدين في التنفيذ التزامه وتوفرت شروط الحكم بالتعويض‬
‫مالحظة‪ :‬الالتزام بالتعويض ليس التزاما جديدا حل محل الالتزام ألاصلي‪ ،‬وإنما طريق‬
‫لتنفيذه لذلك فإن ضمانات الالتزام ألاصلي تطل ضامنة للوفاء بالتعويض‬
‫املطلب ألاول‪ :‬شروط التنفيذ بمقابل‬
‫شروط استحقاق التعويض هي ذاتها شروط املسؤولية املدنية ( خطأ‪ ،‬ضرر‪ ،‬عالقة‬
‫سببية) يضاف إليها شرط رابع هو إلاعذار وملا كانت شروط املسؤولية موضوع دراسة في نظرية‬
‫العقد فإننا نكتفى هنا بالحديث عن إلاعذار ضمن الحديث عن مفهومه وشروطه وكيفية‬
‫حصوله‪ ،‬حاالت سقوطه‪ ،‬وآثاره على التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ 29‬تعريف إلاعذار‪ :‬هو دعوة املدين من قبل دائنه إلى تنفيذ التزامه‪ ،‬ووضعه في حالة‬
‫تأخر في التنفيذ‪ ،‬تأخر تترتب عنه املسؤولية عن ألاضرار التي تصيب الدائن ‪ ،‬ويبرر بمبر أخالقي‬
‫هو أن الذوق يقتضيه قبل اتخاذ إلاجراءات القانونية مع املدين‪ ،‬وهو املبرر الذي ترفضه بعض‬
‫التشريعات ال سيما منها املتأثرة باملدرسة ألاملانية‪ ،‬التي اعتبرت أن حول ألاجل يقوم مقام إلاعذار‬
‫وبالتالي استغنت من حيث ألاساس عن شرط إلاعذار‬
‫(‪)1‬‬

‫‪-20‬كيفية حصول إلاعذار‪:‬‬


‫طبقا لنص املادة ‪ 021‬من ق م ج يكون إعذار املدين بإنذاره‪ ،‬ويجوز أن يتم إلاعذار عن‬
‫طريق البريد على الوجه املبين في القانون املدين ‪ ،‬كما يجوز أن يكون مترتبا على اتفاق يقتض ي‬
‫بأن يكون املدين معذرا بمجرد حلول ألاجل دون الحاجة إلى أي إجراء آخر"‬
‫‪-23‬الحاالت التي يستغنى فيها عن إلاعذار‪.‬‬
‫يمكن الاستغناء عن إلاعذار إما بناء على اتفاق ألاطراف‪ ،‬أو بنص القانون على التفصيل‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ -‬الاتفاق‪ :‬وذلك عمال بأحكام الفقرة ألاخيرة من نص املادة ‪ 021‬من ق م ج ‪ ،‬فمجرد‬
‫حلول ألاجل يقوم مقام إلاعذار إذا وجد في العقد نص بذلك‪ ،‬وقد يكون الاتفاق صريحا كما‬

‫)‪(1‬‬
‫محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪356‬‬
‫‪00‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫يمكن أن يكون ضمنيا‪ ،‬كما ينبغي أن تكون التي يستنتج منها عدم ضرورة إلاعذار قاطعة‪ ،‬وإال‬
‫فالشك يفسر ملصلحة املدين ويجب إعذاره‬
‫القانون‪ :‬ال ضرورة لإلعذار في حاالت خاصة نص عليها القانون ‪ ،‬في هذا الصدد تقض ي‬
‫املادة ‪ 020‬من ق م ج أنه ال إعذار في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا صار تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد وكان ذلك بفعل املدين‪ ،‬فيعتبر املدين‬
‫محام ميعاد‬
‫ِ‬ ‫مسؤوال عن نتائج عدم التنفيذ دون الحاجة إلى إعذاره‪ ،‬ومثال ذلك أن يترك‬
‫ثان يسارع إلى تسجيله‪ ،‬أو أخيرا‬
‫مشتر ِ‬
‫ِ‬ ‫الاستئناف ينقض ي دون رفعه‪ ،‬أو يبيع مالك عقار عقاره إلى‬
‫ثان يحوزه بحسن نية‪ ،‬فيتملكه طبقا لقاعدة الحيازة في املنقول‬
‫مشتر ِ‬
‫ِ‬ ‫أن يبيع مالك منقول إلى‬
‫سند امللكية‬
‫غير أنه إذا صار التنفيذ مستحيال لسبب أجنبي‪ ،‬فإن الالتزام ينقض ي بقوة القانون وال بد‬
‫من التعويض‬
‫‪ -‬إذا كان محل الالتزام تعويضا ترتب عن عمل ضار(فعل غير مشروع)‪ ،‬فاإلعذار ال يكون‬
‫إال في الالتزامات التعاقدية‬
‫‪ -‬إذا كان محل الالتزام ش يء يعلم املدين أنه مسروق‪ ،‬أو ش يء تسلمه دون حق وهو عالم‬
‫بذلك‬
‫‪ -‬إذا صرح املدين كتابة أنه ال ينوي تنفيذ التزامه إذ ال جدوى من إلاعذار ‪ ،‬ويرى الفقه أن‬
‫الكتابة هنا شرط في إلاثبات‪ ،‬فيمكن إثبات نيته بإقراره‬
‫‪ -20‬آلاثار القانونية لإلعذار‪:‬‬
‫‪‬فيما يتعلق بالتعويض‪:‬‬
‫‪ -‬يترتب على إلاعذار استحقاق الدائن للتعويض عن إلاضرار التي تلحقه بسبب إلامتاع عن‬
‫التنفيذ‪ ،‬أما قبل إلاعذار فال يستحق الدائن تعويضا عن عدم التنفيذ في هذا الصدد تنص‬
‫املادة ‪ 022‬على أنه" ال يستحق التعويض إال بعد إعذار املدين مالم يوجد نص مخالف لذلك"‬
‫‪ -‬إلاعذار شرط للتعويض عن التأخير في التنفيذ‪ ،‬ويحسب التأخير من يوم إلاعذار‪،‬‬
‫فاإلعذار ينفي مظنة التسامح في التأخير‪ ،‬وهو ما يفهم من عموم نص املادة ‪ 022‬سالفة الذكر‬

‫‪02‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪‬فيما يتعلق بالفسخ‪:‬‬


‫كقاعدة عامة يشترط إلاعذار للمطالبة بالفسخ في العقد امللزم لجانبين عند عدم تنفيذ‬
‫أحد الطرفين اللتزامه م ‪ 002‬ق م ج‪ ،‬ما لم يتفق الطرفان على استبعاد إلاعذار‬
‫‪‬فيما يخص تبعة الهالك‪:‬‬
‫طبقا لنص املادة ‪ 062‬من ق م ج‪ " ،‬إذا كان املدين ملزما بالقيام بعمل يقتض ي تسليم‬
‫ش يء ولم يسلمه بعد إلاعذار فإن ألاخطار تكون على حسابه ولو كانت قبل إلاعذار على حساب‬
‫املدين‪ ،‬غير أنه هذه ألاخطار ال تتعدي إلى املدين رغم إلاعذار إذا أثبت أن الش يء قد يضيع عند‬
‫الدائن لو سلم له‪ ،‬مالم يكن املدين قد قبل تحمل تبعة الحوادث املفاجئة"‬
‫وتنص املادة ‪ 321‬من ق م ج على أنه" إذا تم إعذار الدائن فإنه يتحمل تبعة هالك‬
‫الش يء أو تلفه ويصبح للمدين الحق في إيداع الش يء على نفقة الدائن واملطالبة بتعويض ما‬
‫أصابه من ضرر"‬
‫وتنص املادة ‪ 262‬من ق م ج على أنه" إذ اهلك املبيع قبل تسليمه بسبب ال يد للبائع فيه‬
‫سقط البيع واسترد املشتري الثمن‪ ،‬إال إذا وقع الهالك بعد إعذار املشتري بتسليم املبيع"‬
‫على ضوء هذه النصوص ينبغي التفرقة بين العقود امللزمة لجانب واحد وتلك امللزمة‬
‫لجانبين‪:‬‬
‫‪ -‬ففي العقود امللزمة لجانب واحد كعقد الوديعة يكون املودع لديه ملزم برد الوديعة فإذا‬
‫هلكت قبل الرد بسبب حادث مفاجئ انقض ى التزام املودع لديه وبرئت ذكته من الرد‪ ،‬ويتحمل‬
‫الدائن تبعة الهالك إال إذا كان قد أعذر املودع لديه( املدين) بأن يرد إليه الوديعة فتنتقل تبعة‬
‫الهالك من املودع( الدائن) إلى املودع لديه( املدين)‪ ،‬مع ذلك يستطيع املدين أن يدفع عن نفسه‬
‫هذه التبعة بإثبات أن الش يء كان سيهلك أيضا لو كان تحت يدا الدائن‬
‫‪ -‬أما في العقود امللزمة لجانبين كعقد البيع‪ ،‬فإن هالك املبيع يؤدي إلى انقضاء التزام‬
‫البائع( املدين)‪ ،‬وينقض ي معه أيضا التزام املشتري( املدين)‪ ،‬إال إذا كان البائع قد أعذر املشتري‬
‫ليتسلم منه املبيع فحينئذ يتحمل املشتري تبعة هالكه‬

‫‪03‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تقدير التعويض‬


‫إذا توافرت شروط استحقاق التعويض( الخطأ والضرر والعالقة السببية وإلاعذار)‬
‫أصبح التعويض مستحقا ووجب تقديره‪ ،‬والتزم املدين بدفعه اختبارا أو جبرا‪ ،‬وألاصل أن يقوم‬
‫القاض ي بتقدير التعويض‪ ،‬ومع ذلك يجوز أن يتم باتفاق الطرفين‪ ،‬وقد يتولى القانون تقديره‬
‫مسبقا‪ ،‬متى ما كان محل الالتزام مبلغ من النقود وتفصيل ذلك كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التعويض القضائي‪:‬‬
‫هو التعويض الذي يقدره القضاء‪ ،‬ويحكم به‪ ،‬في فصله في الدعوى التي يقمها الدائن على‬
‫مدينه‪ ،‬والتي ترمي إلى تحميله املسؤولية عن التأخر أو عدم تنفيذ التزامه‪ ،‬وفي هذا الصدد تنص‬
‫املادة ‪ 023‬من ق م ج على أنه " إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو في القانون فالقاض ي‬
‫هو الذي يقدره "‬
‫ألاصل أن يكون التعويض نقدا‪ ،‬وهو التعويض الشائع في دعاوى املسؤولية التقصيرية‪ ،‬مع‬
‫ذلك قد يكون التعويض غير نقدي في بعض الحاالت‪ ، ،‬كأن تحكم املحكمة بإزالة حائط كان‬
‫يمنع املدعى من الضوء والهواء‪ (،‬بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه)‪ ،‬أو بنشر الحكم القاض ي‬
‫بإدانة املدعى عليه في دعاوى السب والقذف‪ ،‬بل قد يكون التعويض عينا فيجوز للقاض ي أن‬
‫يحكم بإصالح الش يء الذي أتلف أو تقديم ش يء سليم مماثل له عوضا عنه‬
‫وينبغي ألاخذ بعين الاعتبار أن الحكم بالتعويض غي النقدي ال يجوز الحكم به إال بناء‬
‫على طلب املتضرر‪ ،‬إذا ألاصل أن التعويض يكون نقدا إن لم يطلب املضرور سواه‪ ،‬مع ذلك فإن‬
‫طلب املضرور التعويض العيني غير ملزم للمحكمة فإذا طلب املضرور التعويض العيني‪ ،‬وعرض‬
‫املدين تعويضا عينا جاز للمحمة أن تقدر ألامر وتحكم بما تشاء‬
‫‪‬عناصر التعويض‪:‬‬

‫‪04‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫تنص املادة ‪ 0/023‬سالفة الذكر على أنه" يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة‬
‫وما فاته من كسب‪ ،‬بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بااللتزام أو للتأخر في الوفاء‬
‫به ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعته أن يتوقاه ببذل جهد معقول "‬
‫وهذا يعني أن التعويض في املسؤوليتين العقدية والتقصيرية‪ ،‬يقوم على عنصرين هما‬
‫الخسارة الالحقة والكسب الفائت‪ ،‬مع ذلك يالحظ أن التعويض عن الضرر ألادبي _خالفا‬
‫للتعويض عن الضرر املادي_ ال يشمل هذين العنصرين وإنما يعتبر قائما بذاته‪ ،‬وفي حالة‬
‫وقوعه تتولى املحكمة تحديد ما ينبغي أن تحكم به من تعويض تراه كاف للمضرور‪ ،‬وهو في‬
‫الواقع ال يزيل الضرر ألادبي ولكن يخفف من وقعه‬
‫‪-‬الضرر املتوقع وغير املتوقع‬
‫ما يمكن التعويض عليه في املسؤولية العقدية الضرر املباشر وهو ما يعتبر نتيجة مباشرة‬
‫أو طبيعية لعد تنفيذ الالتزام أو التأخير فيه‪ ،‬ويعتبر كذلك وفق نص املادة ‪ 0/023‬ق م ج‪ ،‬إذا لم‬
‫يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول‪ ،‬ذلك أن السير الطبيعي لألمور يقتض ي أن‬
‫يقوم الدائن من ناحيته ببذل جهد معقول التقاء تعاقب ألاضرار فال يترك ألامور تتدهور إلى ما‬
‫ال نهاية دون محاولة إليقافها عند حد معقول‪ ،‬أما الضرر غير املتوقع فال يسأل عنها املتعاقد إال‬
‫إذا ارتكب غشا أي إذا تعمد التأخير في التنفيذ أو إذا تعمد عدم التنفيذ‪ ،‬فالغش مفسد لكل‬
‫ش يء‪ ،‬وتلحق بحالة الغش حالة الخطأ الجسيم ألنه قرينة على سوء النية( املادة ‪ 3 /023‬ق م)‬
‫ومعيار التوقع أو عدمه هو معيار موضوعي ال ذاتي‪ ،‬ويعبر عن ذلك بالقول أن الضرر يجب‬
‫‪‬‬
‫أن يكون متوقعا من ناحية سببه ومن ناحية مداه‬
‫أما في نطاق املسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن الضرر املباشر املتوقع وغير املتوقع‬
‫‪‬الضرر املحقق والضرر الاحتمالي‪:‬‬

‫‪ ‬مثال ذلك أن يتلف شخص سيارة لشخص اشتراها بمبلغ معين‪ ،‬وكان قد حصل على وعد من شخص آخر بشرائها بمبلغ أكبر‪ ،‬وجب‬
‫على محدث الضرر أن يعوض مالك السيارة عن كل قيمتها وما توقعه من ربح عند بيعها بثمن أعلى‬
‫‪ ‬فال يسأل صاحب مستودع للسيارات مثال ‪،‬والذي بسبب إهماله سرقت سيارة من مستودعه كانت بها حقيبة نقود‪ ،‬إال عن قيمة‬
‫السيارة املسروقة دون قيمة النقود‬
‫‪05‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وما يمكن التعويض عنه هو الضرر املحقق في املسؤوليتين العقدية والتقصيرية‪ ،‬سواء‬
‫‪‬‬
‫وقد يطرح‬ ‫وقعا فعال أو تراخى وقوعه مستقبال‪ ،‬أما الضرر املحتمل فال يجوز التعويض عنه‬
‫التساؤل حول التعويض عن تفويت الفرصة‪ ،‬ومثالها التقليدي الشائع أن يفوت محام ميعاد‬
‫الاستئناف‪ ،‬الواقع أن كسب الاستئناف أمر احتمالي ولكن تفويت ميعاد الاستئناف في ذاته ضرر‬
‫محقق يستحق عنه التعويض‬
‫‪‬وقت تقدير الضرر‬
‫يجري في الفقه طرح السؤال التالي‪ :‬هل يقدر القاض ي التعويض على أساس الضرر يوم أن‬
‫وقع أو يوم صدور الحكم بالتعويض؟ بعبارة أخرى هل الحكم بالتعويض كاشف للحق أو منش ئ‬
‫له؟‬
‫يجيب الفقه عن ذلك بالقول الحكم بالتعويض كاشف للحق ألن الذي أنشأ الحق هو‬
‫الضرر‪ ،‬فحق الدائن في التعويض يثبت له من يوم وقوع الضرر( أو من يوم إلاعذار في ألاحوال‬
‫التي يشترط فيها ذلك) يؤكد ذلك أن املدين املسؤول لو قام بالوفاء بالتعويض بغير صدور حكم‬
‫كان وفاء بالتزام موجود‬
‫مع ذلك قد يتغير الضرر من حيث جسامته وتفاقمه في الفترة املمتدة بين حدوثه وبين‬
‫النطق بالحكم بالتعويض عنه‪ ،‬فهل يقدر في هذه الحالة بوقت وقوع الضرر أو عند الحكم‬
‫بالتعويض ؟ ذهب أكثر الفقهاء واستقر القضاء على الاعتداد بتغير قيمة الضرر وتقدير التعويض‬
‫حسب جسامة الضرر يوم الحكم به ال يوم وقوع الفعل الضار‪ ،‬على هذا ألاساس إذا ساءت‬
‫حالة املضرور أو تحسنت روعي هذا الاعتبار أو ذلك عند تقدير التعويض‪ ،‬فإذا أصيب مثال‬
‫شخص بكسر نتيجة عمل غير مشروع وتفاقم الضرر حتى صار عاهة مستديمة‪ ،‬أو خفت‬
‫خطورته وقت النطق بالحكم وجب أخذ ذلك بعين الاعتبار من طرف القاض ي حين النطق بحكم‬
‫التعويض‬

‫‪ ‬فال يجوز لجمعية خيرة مثال املطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقها جراء قتل شخص اعتاد التبرع لها‪ ،‬واملتمثل في حرمانها من‬
‫تلك التبرعات ألن ضرر احتمالي‬
‫‪06‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫كذلك قد تتغير قيمة النقود فيحسب التعويض على أساس قيمتها وقت الحكم حتى ال‬
‫يستفيد الدائن من إطالة أمد النزاع‬
‫‪‬الضرر املادي والضرر املعنوي‬
‫يجري التعويض في القانون املدني الجزائري عن الضرر املادي واملعنوي‪ ،‬والضرر املادي هو‬
‫ما أصاب إلانسان في ماله كإتالف ش يء أو نفقات عالج بمعنى آخر ضرر يمس مصلحة للمضرور‬
‫ذات قيمة مالية‪ ،‬أما الضرر املعنوي فهو ما أصاب إلانسان في حريته أو شرفه أو سمعته ( املادة‬
‫‪ 023‬مكرر)‬
‫وإذا كان انتقال الحق في التعويض عن الضرر املادي إلى الغير كالورثة والدائنين‪ ،‬دون‬
‫انتظار التفاق التحكيم أو حكم يحدد مقداره‪ ،‬أمر متفق عليه في القوانين املقارنة ألنه حق ذو‬
‫قيمة مالية‪ ،‬فإن انتقال الحق في التعويض عن الضرر ألادبي أمر محل خالف‪ ،‬فيرى كثير من‬
‫شراح القانون املدني الفرنس ي أن الحق في التعويض عن الضرر ألادبي متصل بشخص املضرور‬
‫فال ينتقل إلى الورثة إال إذا كان املضرور قد رفع دعوى يطالب به قبل وفاته أو كان اتفق مع‬
‫املدين على تحديد مبلغ التعويض قبلها‪ ،‬فحينئذ يصبح هذا الحق حقا ماليا قابال لالنتقال كأي‬
‫حق مالي آخر‬
‫ثانيا‪-‬التعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي)‬
‫)‪)La clause pénale convention portant sur l'évaluation des dommages-intérêts‬‬

‫تعريفه‪ :‬يعرف التعويض الاتفاقي بأنه اتفاق يحدد فيه املتعاقدان مقدما مقدار التعويض‬
‫الذي يستحق الدائن إذا لم ينفذ املدين التزامه أو أخل به أو تأخر في تنفيذه‪ ،‬ويسمى أيضا‬

‫الشرط الجزائي‪ ،‬وهو شرط ألنه يدرج عادة ضمن شروط العقد ألاصلي‪ ،‬وهو جزائي ألن‬
‫القصد منه مزدوج فهو تعويض للدائن عما يصييبه من ضرر‪ ،‬وهو جزاء يفرض على املدين‬
‫إلخالله بتنفيذ التزام ترتب في ذمته أو لتأخره في تنفيذه‪،‬‬
‫ويحصل مقدما قبل وقوع الضرر‪ ،‬تطبيقا لنص املادة ‪ 022‬من ق م‪ ،‬التي نصت على أنه "‬
‫يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليه في العقد‪ ،‬أو في اتفاق الحق "‪،‬‬

‫‪07‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫على هذا ألاساس ينبغي عدم الخلط بين الشرط الجزائي والصلح( املنصوص عليه في املادة ‪152‬‬
‫من ق م وما بعدها) الذي يحصل بعد وقوع الضرر‬
‫والغالب أن يكون الشرط الجزائي في نطاق املسؤولية العقدية وهو كثير الوقوع في الحياة‬
‫العملية ال سيما في عقود املقاوالت والتوريد ومن أمثلته‪:‬‬
‫‪-‬عقد املقاولة الذي ينص فيه على إلزام املقاولة بدفع مبلغ معين عن كل يوم من أيام‬
‫التأخير‪ ،‬أو عقد النقل الذي يتضمن تحديد مبلغ معين في حالة فقدان البضاعة أو تلفها‬
‫مع ذلك قد يحدث وان نجد الشرط الجزائي في إطار املسؤولية التقصيرية‪ ،‬كان يتفق‬
‫صاحب معمل مع من يحيط بمعمله على مقدار التعويض عن الضرر الذي يمكن أن يلحقهم‬
‫جراء نشاط املعمل‬
‫خصائص الشرط الجزائي‬
‫يتميز الشرط الجزائي بالخصائص التالية‪:‬‬
‫‪ -9‬أنه التزام تبعي‪ :‬أي تابع اللتزام آخر أصلي هو ما التزم به املدين أصال من عمل أو‬
‫امتناع عن عمل أو نقل ملكية‪ ،‬يأخذ حكمه فيبطل ببطالنه وينقض ي بانقضائه‪ ،‬وينفسخ‬
‫بانفساخه‪ ،‬كما أن جميع أوصاف الالتزام التي تلحق الالتزام ألاصلي تلحق كذلك الشرط الجزائي‬
‫كالشرط وألاجل والتضامن‬
‫‪ -13‬أنه التزام احتياطي‪ :‬ألنه تعويض والتعويض طريق احتياطية عند عدم التنفيذ‬
‫العيني‪ ،‬فال يطالب الدائن بقيمة الشرط الجزائي وال يعرضها املدين إال إذا استحال التنفيذ عينا‬
‫بخطأ املدين وال يجتمع التنفيذ العيني إال إذا كان كتعويض عن التأخير في التنفيذ‬
‫‪ -23‬أنه تقدير جزافي للتعويض‪ :‬ألنه اتفاق مسبق على تقدير التعويض عند عدم التنفيذ‬
‫أو التأخير في التنفيذ‬
‫شروط استحقاق الشرط الجزائي‪:‬‬
‫يشترط في استحقاق الشرط الجزائي ما يشترط في استحقاق التعويض من خطأ ضرر‬
‫وعالقة سببية وإعذار متى كان إلاعذار واجبا‪ ،‬وباستثناء إثبات الضرر ال تثير هذا شروط إشكاال‪،‬‬
‫فقد نصت املادة ‪ 021‬من ق م على أنه" ال يكون التعويض املحدد في الاتفاق مستحقا إذا أثبت‬

‫‪08‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر"‪ ،‬وهذا يعني أن املشرع الجزائري أجار للمدين أن يثب أن‬
‫الدائن لم يلحقه ضرر ما فيتخلص بذلك من الشرط الجزائي وهو حكم يتسق مع القواعد‬
‫العامة التي تفترض التساق التعويض توافر الضرر‬
‫تخفيض الشرط الجزائي‬
‫يجوز للمحكة أن تنقص من قيمة الشرط الجزائي في حالتين نص عليهما الفقرة الثانية‬
‫من نص املادة ‪ 021‬سالفة الذكر‪،‬‬
‫أولهما إذا كان تقدير التعويض مبالغا فيه إلى درجة كبيرة‪ ،‬أو مفرطا بحسب تعبير املشرع‬
‫الجزائري‪ ،‬فال يكفي لتخفيض قيمة الشرط الجزائي أن يكون في التقدير زيادة بحيث تجاوز قيمة‬
‫الضرر‪ ،‬وإنما يجب أن تكون الزيادة مبالغا فيها إلى درجة كبيرة‬
‫ثانيهما‪ :‬إذا كان الالتزام ألاصلي قد نفذ جزء منه فإذا اثبت املدين أنه قام بتنفيذ التزامه‬
‫تنفيذا جزئيا قبله الدائن ولم يتضرر منه‪ ،‬جاز للقاض ي تخفيض قيمة الشرط الجزائي نزوال‬
‫عند مقتضيات العدالة واحتراما إلرادة املتعاقدين‪.‬‬
‫ويالحظ أن أحكام املادة ‪ 021‬من النظام العام يكون باطال كل اتفاق يخاف ما نصت عليه‬
‫من اشتراط الضرر الستحقاق التعويض الجزائي‪ ،‬ومن حق القضاء تخفيض التعويض إذا كان‬
‫مفرطا أو إذا نفذ الالتزام ألاصلي في جزء منه‬
‫زيادة الشرط الجزائي‪:‬‬
‫للقاض ي زيادة الشرط الجزائي في حالتين‪:‬‬
‫‪ -0‬إذا جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي وهنا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه‬
‫القيمة إذا أثبت أن املدين قد ارتكب غشا أو خطأ جسيما م ‪ 025‬من ق م‪ ،‬وتستثنى املادة ‪022‬‬
‫ق م حالة الاتفاق على عدم مسؤولية املدين عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من‬
‫أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه‬
‫‪ -13‬إذا كانت قيمة الشرط الجزائي من التفاهة بحيث ال يعتبر تعويضا جديا عن الضرر‪،‬‬
‫وكأن الشرط الجزائي وسيلة تحايل لإلعفاء من املسؤولية وهنا تجدر الاشارة إلى أن الاتفاق‬

‫‪09‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫على إلاعفاء من املسؤولية العقدية جائز إال في حالتي الغش والخطأ الجسيم‪ ،‬بينما الاتفاق على‬
‫إلاعفاء من املسؤولية التقصيرية باطل حتى في حالة الخطأ اليسير ( املادة ‪ 3-0/022‬ق م )‬
‫ثالثا‪ :‬التعويض القانوني أو الفوائد التأخيرية ‪Les intérêts moratoires‬‬
‫رأينا أن ألاصل هو أن يقوم القاض ي بتقدير التعويض وفقا للقواعد التي رأيناها فيما‬
‫تقدم‪ ،‬وقد يتفق املتعاقدان علي تقدير التعويض مقدما في شرط جزائي علي النحو الذي سبق‬
‫بيانه‬
‫مع ذلك قد يتكفل القانون في نصوص تشريعية بتحديد مقدار التعويض‪ ،‬في بعض‬
‫الحاالت‬
‫منها ما تنص عليه قوانين العمل‪ ،‬والقوانين املتعلقة باألمراض املهنية‪ ،‬كذا قوانين التقاعد‬
‫والضمان الاجتماعي للعمال واملشرع إذ يفعل ذلك يكون مدفوعا بمقتضيات العدالة فيرتب‬
‫التعويض على مسؤولية ال عالقة لها بعنصر الخطأ‬
‫إلى جانب ذلك تولى القانون تقدير التعويض في حالة الالتزام بدفع مبلغ من النقود‪ ،‬فرتب‬
‫التعويض على مسؤولية املدين عند التأخر في تنفيذ التزام محله الانتفاع بمبلغ من النقود‬
‫التعريف بالفوائد وأنواعها‪:‬‬
‫تعرف الفائدة بانها مبلغ من النقود يلتزم املدين بدفعه على سبيل التعويض عن التأخير في‬
‫تنفيذ التزام محله دفع مبلغ من النقود عن امليعاد املحدد له‪ ،‬أو نظير انتفاعه بمبلغ من النقود‬
‫في عقد من عقود املعاوضة‬
‫على هذا ألاساس فإن الفوائد نوعان‪ ،‬أولهما‪ :‬فوائد تأخيرية وهي تعويض عن التأخير في‬
‫التنفيذ عن ألاجل املحدد للوفاء في الالتزام الذي يكون محله مبلغا من النقود أيا كان مصدر‬
‫هذا الالتزام‪ ،‬عقدا أو إرادة منفردة أو الفعل الضار أو النافع أو القانون وثانيهما الفوائد‬
‫التعويضية أو الاستثمارية وهي الفوائد املستحقة نظير انتفاع املدين بمبلغ من النقود يترتب في‬

‫‪21‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ذمته للدائن‪ ،‬ويكون العقد مصدرها مثل الفوائد املستحقة على املقترض مقابل انتفاعه بمبلغ‬
‫(‪)1‬‬
‫القرض‬
‫والفوائد التأخيرية نوعان اتفاقية وقانونية‪ :‬ألاولى يحددها الطرفان في الالتزامات التي‬
‫مصدرها العقد في الغالب‪ ،‬والثانية يحددها القانون وتسري في حالة عد اتفاق إذا طلبها الدائن‬
‫عند التأخير في الوفاء‪ ،‬وليس في القانون الجزائري فوائد قانونية لذلك فإنه عند عدم وجود‬
‫اتفاق على التعويض فإن القاض ي يحكم به على أساس ما لحق الدائن من ضرر بسبب التأخر في‬
‫الوفاء بدين نقدي معين املقدار وقت رفع الدعوى م ‪ 026‬سالفة الذكر‬
‫شروط استحقاق الفوائد التأخيرية‬
‫نص املادة ‪ 981‬من ق م على مايلي " إذا كان محل الالتزام بين أفراد مبلغا من النقود‬
‫عين مقداره وقت رفع الدعوى وتأخر املدين في الوفاء به‪ ،‬فيجب عليه أن يعوض للدائن الضرر‬
‫الالحق من هذا التأخر "‬
‫وهذا يعني أن الفوائد التأخيرية‬
‫هي تعويض عن الضرر الذي يفترض القانون وقوعه بسبب خطأ املدين في تأخيره عن‬
‫الوفاء اللتزامه بدين نقدي‪ ،‬فالضرر إذا مفترض ال يقبل اثبات العكس الستعمال املشرع صيغة‬
‫الوجوب‬
‫والستحقاق الفوائد التأخيرية ال بد من توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود‪ :‬فيكون التنفيذ العيني ممكنا وال يثور سوى‬
‫التعويض عن التأخير‬
‫‪ -‬تأخر املدين عن الوفاء به‪ :‬فالفائدة التأخيرية تستحق من وقت حصول التأخر في الوفاء‬
‫‪ ،‬أي من وقت حصول املطالبة القضائية‬
‫‪ -‬أن يطالب الدائن بالفوائد التأخيرية‪ :‬فاإلعذار ليس كافيا الستحقاق فوائد التأخير ‪ ،‬بل‬
‫يجب املطالبة القضائية بها ويفسر هذا الشرط بكراهية املشرع للربا املحرم شرعا‬

‫)‪ (1‬يالحظ أن املشرع الجزائري حرم القرض بفائدة فيما بين ألاشخاص بمقتض ى نص املادة ‪ 151‬من ق م‪ ،‬لكنه أجاز للبنوك‬
‫واملؤسسات املالية أن تمنح قروضا بفائدة يحددها قدرها بنص قانوني‬
‫‪20‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫غير أن هناك بعض التشريعات تستثني من هذا الشرط حالتين‪ :‬اتفاق ألاطراف‪ ،‬و املواد‬
‫التجارية إذ يتبع بشأنها ما يقض ي به العرف التجاري‪ ،‬وهما استثناءان ليس هناك ما يمنع من‬
‫إعمالهما في القانون الجزائري على أساس ان العقد شريعة املتعاقدين‪ ،‬وأن العرف املصدر الثاني‬
‫من مصادر القانون التجاري م مكرر‪ 10‬من ق ت ج‬
‫‪ -‬أن يكون مبلغ الالتزام معلوم املقدار‪ :‬فإذا كان املبلغ الذي يطالب به املضرور على سبيل‬
‫التعويض عن عمل غير مشروع ال يعرف مقداره إال بصدور الحكم فإنه ال تسري عليه الفوائد‬
‫التأخيرية إال من يوم الحكم‬
‫تخفيض مقدار الفائدة الاتفاقية‬
‫وفق نص املادة ‪ 022‬ق م إذا تسبب الدائن بسوء نية وهو يطالب بحقه في إطالة أمد‬
‫النزاع فللقاض ي أن يخفض مبلغ التعويض املحدد في الاتفاق أو ال يقض ي به إطالقا عن املدة‬
‫التي طال فيها النزاع بال مبرر‪،‬‬
‫ويعد هذا الحكم تطبيقا لنظرية التعسف في استعمال الحق‬

‫‪22‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث الثالث‪ :‬ضمان حقوق الدائنين في التنفيذ‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫سواء كان التنفيذ عينيا أو بطريق التعويض فإن مال املدين هو محل التنفيذ في الحالين‪،‬‬
‫وتكون أموال املدين جميعها ضامنة لوفاء ديونه‪ ،‬ويعبر عن ذلك بأن أموال املدين هي الضمان‬
‫العام لدائنيه‪ ،‬ويتساوى الدائنون في هذا الحق فال يتقدم أحدهم على غيره إال إذا كان حقه‬
‫مضمون بتأمين خاص على عين بذاتها ( حق الرهن أو الامتياز)‬
‫وألاصل أنه يجوز التنفيذ على جميع أموال املدين ويكون التنفيذ عادة بالحجز على أمواله‬
‫وبيعها وتوزيع ثمنها عل الدائنين‪ ،‬ويتم ذلك وفق طرق التنفيذ املنصوص عليها في قانون‬
‫إلاجراءات املدنية وإلادارية‬
‫ومن أجل املحافظ على حقه الذي يريد التنفيذ به وضع القانون تحت تصرف الدائن‬
‫طرق تحفظية‪ ،‬ومثال ذلك أن يقطع التقادم ملنع سقوط حقه‪ ،‬أو أن يقيد رهنه‪ ،‬أو أن يجدد‬
‫قيد هذا الرهن‪ ،‬أو أن يتخذ من إلاجراءات ما يحافظ به على أموال املدين كالحجز التحفظي‬
‫وبين إلاجراءات التنفيذية والتحفظية‪ ،‬هناك إجراءات وسطى ليست مجرد طرق تحفظية‬
‫كما انها ال تؤدي إلى التنفيذ مباشر‪ ،‬ولكنها تمهد للتنفيذ وهي ثالث دعاوى وإجراء أما الدعاوى‬
‫فهي‪ :‬الدعوى غير املباشرة‪ ،‬الدعوى البوليصية‪ ،‬والدعوى الصورية‪ ،‬وأما إلاجراء فهو حق‬
‫الحبس وتفصيل ذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪23‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب ألاول‪ :‬الدعوى غير املباشرة ‪Action indirect ou oblique‬‬


‫تهدف هذه الدعوى إلى حماية الدائن من الضرر الذي يصيبه نتيجة إهمال املدين في‬
‫استعمال حقوقه‬
‫وقد نظم املشرع الجزائري أحكام هذه الدعوى في املادتين ‪021 022‬‬
‫وكقاعدة عامة يجوز للدائن أن يستعمل جميع حقوق ودعاوى مدينه إال ما ستثني منها‪،‬‬
‫ويكون ذلك في صورة دعوى يرفعها باسم ولحساب مدينه‪ ،‬ومثال ذلك إذا كان للمدين حق في‬
‫املطالبة الغير بتعويض عن ضرر أصابه وأهمل في هذه املطالبة فللدائن أن يقاض ي هذا الغير‬
‫مطالبا إياه بالتعويض‬
‫فالدعوى غير املباشرة هي دعوى املدين يرفعها الدائن بطريق غير مباشر باسم املدين‬
‫ونيابة عنه‪ ،‬وهي نيابة قانونية ملصلحة النائب ال ألاصيل وهي مقصورة على استعمال الحق دون‬
‫التصرف فيه‬
‫شروط استعمال الدعوى غير املباشرة‬
‫من خالل نص املادة ‪ 022‬ق م يظهر أن استعمال هذه الدعوى توافر يقتض ى توافر‬
‫شروط موضوعية وأخرى شكلية‬
‫‪ /29‬الشروط املوضوعية‪ :‬تتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تقصير املدين في استعمال حقه‪ :‬سواء كان ذلك عن إهمال أو سوء نية‪ ،‬ويكفي إلثبات‬
‫إلاهمال والتقصير أن يثبت الدائن أن املدين قد تأخر في استعمال حقه معيار التأخر ما تقض ي‬
‫به العادة‬
‫‪ -‬تسبب عدم استعمال الحق من قبل املدين في إعساره أو في زيادة إعساره‪ :‬وهو ما‬
‫يبرر مصلحة الدائن في استعمال حقوق مدينه‪ ،‬ويقصد باإلعسار هنا إلاعسار الفعلي ال إلاعسار‬
‫القانوني الذي يتطلب حكما لشهره‪ ،‬ويكفي وفق نص املادة ‪ 022‬من ق م إلثبات إلاعسار أن‬
‫يثبت الدائن مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وعندئذ يكون على املدين أن يثبت أن أمواله‬
‫تكفي للوفاء بهذه الديون‬

‫‪24‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬أن يكون حق الدائن محقق الوجود خاليا من النزاع‪ ,‬وال يشترط أن يكون حق الدائن‬
‫واجب التنفيذ أو مستحق ألاداء ألن ذلك من شروط إجراءات التنفيذ‬
‫الشروط إلاجرائية‪:‬‬
‫ويقصد بها إلاجراءات الواجب استفاؤها ملباشرة الدعوى غير املباشرة وهما شرطان‪:‬‬
‫ألاول‪ :‬هو وجوب أن يستعمل الدائن حق مدينه باسم املدين‪ ،‬وفي هذا الصدد تنص املادة‬
‫‪ 021‬على أنه" يعتبر الدائن في استعماله حقوق مدينه نائبا عن هذا املدين‪ ،‬وكل ما ينتج عن‬
‫استعمال هذه الحقوق يدخل في أموال املدين ويكون ضامنا لجميع ديونه"‬
‫أما الثاني‪ :‬فهو وجوب إدخال املدين خصما في الدعوى‪ ،‬م ‪ 3/022‬ألن الحكم في هذه‬
‫الدعوى ال يسرى في حق املدين‪ ،‬وللمدين أن يتدخل في الدعوى ويتوالها بنفسه‪ ،‬ويجوز‬
‫للمحكمة أن تدخله من تلقاء نفسها‬
‫مجال الدعوى غير املباشرة‬
‫ألاصل أن كل ما يقع في الضمان العام للدائنين من دعاوى وحقوق يستطيع الدائن‬
‫استعمالها باسم املدين‪ ،‬إذا أثبت تقصير املدين في استعمالها وأفض ى تقصيره إلى الاضرار بحقوق‬
‫الدائنين‪ ،‬غير أن املادة ‪ 0/022‬أخرجت من مجال استعمال الدعوى غير املباشرة طائفة من‬
‫الحقوق‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -‬الحقوق غير القابلة الحجز فليس للدائن أن يستعمل دعوى النفقة ألنه ال يستطيع‬
‫التنفيذ على املال الذي يحكم به للمدين كنفقة‬
‫‪ -‬الحقوق املتصلة بشخص املدين‪ ،‬وهي الحقوق التي تقوم على أساس من الاعتبارات‬
‫ألادبية التي يستقل الشخص بتقديرها‪ ،‬كحق الشخص في الرجوع عن الهبة‪ ،‬وحقه في املطالبة‬
‫بالتعويض عن الضرر ألادبي‬
‫آثار الدعوى غير املباشرة‬
‫آثار الدعوى غير املباشرة ترجع إلى فكرة النيابة القانونية‪ ،‬والضمان العام‪ ،‬فالدائن ينوب‬
‫عن مدينه نيابة قانونية في استعمال حقوقه لدى الغير بقصد املحافظ على الضمان العام‪ ،‬لذا‬
‫فإن آثار هذه الدعوى تعني الاطراف الثالثة التالية‪:‬‬

‫‪25‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬آثار الدعوى بالنسبة للمدين ( ألاصيل)‪ :‬ال يترتب على رفع الدعوى من قبل الدائن‬
‫حرمان املدين من التصرف في الحق الذي يستعمله الدائن نيابة عنه‪ ،‬فيضل املدين حر في أن‬
‫يتصرف في حقه بكل أنواع التصرفات إما بنقله إلى الغير أو الصلح فيه أو التنازل عنه أو قبول‬
‫الوفاء به حتى بعد رفع الدعوى‬
‫‪ -‬آثار الدعوى بالنسبة للدائن ولغيره من الدائنين‪ :‬تنص املادة ‪ 021‬من ق م على أنه "‬
‫يعتبر الدائن في استعماله حوق مدينه نائبا عن هذا املدين‪ ،‬وكل ما ينتج عن استعمال هذه‬
‫الحقوق يدخل في أموال املدين ويكون ضامنا لجميع ديونه"‪ ،‬وهذا يعني أن الدائن رافع الدعوى‬
‫ال يستأثر بنتيجتها وحده وإنما يتعرض ملزاحمة الدائنين استنادا إلى فكرة الضمان العام والنيابة‬
‫القانونية‪ ،‬فالدائن حين يستعمل الدعوى غير املباشرة ال يطالب بحق لنفسه بل يطالب باسم‬
‫املدين ونيابة عنه‬
‫وهذا ألاثر هو من جعل من الدعوى غير املباشرة نادرة الاستعمال‪ ،‬ويفضل عليه في الغالب‬
‫حجز ماللمدين لدى الغير )‪)La saisie-arrêt‬‬
‫‪ -‬آثار الدعوى بالنسبة إلى الخصم وهو مدين املدين‪ :‬ملا كان الدائن يعتبر في مواجهة‬
‫الخصم نائبا عن املدين‪ ،‬فإن الخصم يستطيع أن يتمسك في مواجهته بكل الدفوع التي تكون له‬
‫في مواجهة املدين نفسه من تقادم أو مقاصة أو إبراء ذمة أو بطالن سند الدين‪ ،‬ولو كانت‬
‫أسباب إلانقضاء هذه قد حدثت بعد رفع الدعوى‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الدعوى املباشرة ‪L'action direct‬‬
‫يعمد املشرع ‪ ،‬في بعض الحاالت إلى منح الدائن حماية خاصة فيخوله دعوى مباشرة قبل‬
‫مدين مدينه‪ ،‬يستأثر الدائن وحده بنتيجتها‪ ،‬وال تثبت إال بنص قانوني خاص‪،‬‬
‫ومثالها الدعوى املخولة للمؤجر ضد املستأجر من الباطن‪ ،‬يستطيع بموجبها أن يطالب‬
‫باألجرة وبسائر الالتزامات الناشئة عن عقد إلايجار من الباطن للمستأجر ألاصلي( م ‪ 512‬ق م)‬
‫ومثالها أيضا دعوى املضرور ضد شركة التأمين للمطالبة بما في ذمتها للمسؤول املدني‬
‫أي املؤمن له( م ‪ 602‬ق م‬

‫‪26‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وفي عقد الوكالة يجوز طبقا لنص املادة ‪ 521‬ق م للموكل أن يرجع مباشرة على نائب‬
‫الوكيل‪ ،‬ولنائب الوكيل أن يرجع مباشرة على املوكل‬
‫هذه ألامثلة وغيرها تبقى حاالت خاصة وردت فيها نصوص تشريعية متناثرة تنش ئ هذه‬
‫الدعوى‪ ،‬وهي دعوى مؤسسة على حق الامتياز ‪ ،‬وهي تقوم إما على منفعة قدمها الدائن أو‬
‫خسارة تحملها‪ ،‬وال توجد بعد قواعد عامة ترد إليها وال تزال النظرية العامة للدعوى املباشرة‬
‫حتى اليوم فى طور التكوين‪ ،‬ولم تبلغ غايتها من التطور وفى هذا املعنى يقول فالتيه ‪ " :‬ال نزال‬
‫تجمعا ال تخلو من عدم‬‫ً‬ ‫من الدعوى املباشرة فى مرحلة من التطور تتجمع فيها الاستثناءات‬
‫التناسق "‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ التصرفات القانوينة)‬
‫)‪)L'action paulienne ou révocatoire‬‬
‫تناولها املشرع الجزائري في املواد من ‪ 020‬و ‪ 023‬من ق م‪ ،‬وهي تنسب إلى البريتور (‬
‫‪ )Preteur‬الروماني بولص(‪ ، )1‬وتستهدف حماية الدائن من تصرفات مدينه التي يقوم بها إضرارا‬
‫به‪ ،‬وتخول الدائن املطالبة بعدم نفاذ هذا التصرف عليه وكانت في القانون الروماني دعوى‬
‫جماعية يرفعا وكيل الدائنين بمناسبة تصفية أموال املدين املفلس تصفية جماعية‪ ،‬أما في‬
‫الوقت الحاضر فهي دعوى فردية يرفعها الدائن ضد املتصرف إليه مع إدخال املدين في الدعوى‪،‬‬
‫‪‬شروط استعمال الدعوى البوليصية‬
‫يتضح من النصوص املنظمة ألحكام الدعوى البوليصية أن شروط هذه الدعوى على‬
‫ثالثة أنواع‪ :‬أولها ما يرجع إلى الدائن ويتصل بحقه‪ ،‬وثانيهما ما يتصل بالتصرف املطعون فيه‪،‬‬
‫وثالثهما ما يرجع إلى املدين وإلى خلفه‪ ،‬على التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ ‬الشروط املتعلقة بالدائن‪ :‬وهما شرطان أولهما أن يكون حق الدائن سابقا على‬
‫التصرف املطعون فيه‪ ،‬وثانيهما أن يكون حق الدائن مستحق ألاداء‬

‫)‪ (1‬ويري البعض أن صحة هذه التسمية واستعمال هذه الدعوى فى القانون الروماني محل شك البعض وأن البريتور " بولص " هذا‬
‫ً‬
‫خياليا اخترعه بعض الشراح ( ‪) Glossateurs‬‬ ‫ً‬
‫شخصا‬ ‫ليس إال‬
‫‪27‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫أما الشرط ألاول فيقتض ي أن يكون حق الدائن سابقا على التصرف املطعون فيه وهو‬
‫شرط لم ينص عليه القانون لكنه من وضع الفقه والقضاء‪ ،‬وهو يقتضيه املنطق إذ ال يمكن‬
‫تصور وقوع ضرر للدائن من تصرف سابق على حقه‪،‬‬
‫والعبرة هنا بأسبقية نشوء الحق ال بتاريخ استحقاقه وال بتاريخ شهره إذا كان التصرفات‬
‫الخاضعة للشهر كبيع العقار‪ ،‬ويقع عبء إثبات أسبقية تاريخ حق الدائن في الوجود على تاريخ‬
‫صدور التصرف املطعون فيه على عاتق الدائن ‪ ،‬ويجري إلاثبات وفق القواعد العامة‬
‫أما الشرط الثاني فمفاده‪ ،‬أن مباشرة هذه الدعوى تقتض ي أن يكون حق الدائن قابال‬
‫للتنفيذ به إذا تم ثبوته في سند تنفيذ‪ ،‬ويكون الحق كذلك إذا كان مستحق ألاداء‪ ،‬فليس للدائن‬
‫بحق مؤجل أو معلق على شرط واقف لم يتحقق أن يستعمل الدعوى البوليصية‪ ،‬مع ذلك غالبا‬
‫ما يطلب الدائن بعد إثبات إعسار مدينه من املحكمة إسقاط‬
‫ألاجل‪ ،‬فيصبح دينه مستحق ألاداء‬
‫‪‬الشروط املتعلقة بالتصرف املطعون فيه‬
‫الستعمال الدعوى البوليصية يجب أن يكون هناك تصرف قانوني متعلقا بحق يتصل‬
‫بشخص املدين أو بمال غير جائز الحجز عليه‪ ،‬أو غير داخل في الضمان العام وان يكون هذا‬
‫التصرف مفقرا‪ ،‬وأن يكون تاليا في وجوده لحق الدائن في هذا الصدد تنص تنص املادة ‪ 020‬من‬
‫القانون املدني على ما يأتي ‪ ":‬لكل دائن أصبح حقه مستحق ألاداء‪ ،‬وصدر من مدينه تصرف ضار‬
‫به‪ ،‬أن يطلب عدم نفاذ هذا التصرف فى حقه‪ ،‬إذا كان التصرف قد أنقص من حقوق املدين أو‬
‫زاد في التزاماته وترتب عليه إعسار املدين أو الزيادة فى إعساره‪ ،‬وذلك متى توافرت الشروط‬
‫املنصوص عليها فى املادة التالية " وتفصيل ذلك ما يلي‪:‬‬
‫‪ -9‬وجود تصرف قانوني إرادي حتى يمكن القول بأنه أنه قد أنش يء بقصد إلاضرار‬
‫بالدائن‪ ،‬سواء كان هذا التصرف عقد أو التزاما بإرادة منفردة‪ ،‬عقد معاوضة أو تبرع‪ ،‬وسواء‬
‫منشئا اللتزام أو مسقطا له‬
‫‪ -0‬أال يكون التصرف متعلقا بحق متصل بشخص املدين‪ ،‬كما سبق بيانه عند الحديث‬
‫عن الدعوى غير املباشرة‬

‫‪28‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -3‬أن يكون التصرف مفقرا بأن ينقص من حقوق املدين أو يزيد من التزاماته م ‪،020‬‬
‫ويطرح التساؤل في حالة امتناع املدين‪ ،‬عن قبول هبة والراجح أنه ال يجوز الطعن عليه‬
‫بالدعوى بالبوليصية‬
‫كما يطرح التساؤل أيضا حول الوفاء ألحد الدائنين إذا كان املدين معسرا‪ ،‬تجيب عن هذا‬
‫التساؤل املادة ‪ 026‬ق م‪ ،‬من خالل التمييز بين حالتين ألاولى إعطاء الدائن ضمانة خاصة‬
‫كرهن ففي هذه الحالة يحرم الدائن من هذه امليزة‪ ،‬أما الثانية فتتعلق بالوفاء إلى الدائن قبل‬
‫حلول ألاجل أو حتى بعد حلوله إذا كانت نتيجة تواطؤ بين الدائن واملدين وهنا ال يسري الوفاء‬
‫في حق باقي الدائنين ويعتبر التصرف منطويا على تواطؤ من املتصرف إليه متى كان يعلم أن‬
‫املدين معسرا‬
‫‪ -11‬أن يكون التصرف ضارا بالدائن‪ ،‬وهذا يعني أن الضرر إذا انتفى‪ ،‬انعدمت مصلحة‬
‫الدائن في تصرف مدينه وتعذر عليه رفع هذه الدعوى‪ ،‬ويقصد بالضرر‪ ،‬الحيلولة دون استفاء‬
‫الدائن حقه كامال بسبب ما يترتب على تصرف املدين من إعساره أو الزيادة في إعساره‪ ،‬ويكون‬
‫على املدين إثبات ذلك وإثبات أن حالة إلاعسار ما زالت قائمة وقت رفع الدعوى‪ ،‬فإذا أصبح‬
‫املدين موسرا لسبب ما( تلقى ميراث مثال) فحينئذ ال تكون للدائن مصلحة في رفع الدعوى‬
‫البوليصية‬
‫ويقصد باإلعسار هنا إلاعسار الفعلي‪ ،‬ويكفي أن يثبت الدائن ديون املدين فيكون على‬
‫املدين إثبات أن لديه من املال ما يفي بسدادها م ‪ 022‬ق م‬
‫‪‬الشروط املتعلقة باملدين وخلفه‬
‫اشترطت املادة ‪ 023‬من ق م صدور التصرف‪ ،‬عن غش وتواطؤ إذا كان معاوضة‪ ،‬ولم‬
‫تشترط ذلك في تبرعات املدين‪ ،‬ويقصد بالغش نية إلاضرار بالدائن وقت صدور التصرف‪ ،‬أما‬
‫التواطؤ فيعني توافر قصد الغش لدى كل من املدين ومن صدر له التصرف وقت صدوره‪،‬‬
‫ويكفي طبقا لنص املادة ‪ 0/023‬من ق م العتبار التصرف منطويا على غش أن يكون قد صدر‬
‫من املدين وهو عالم بأنه معسر ‪ ،‬وهي قرينة بسيطة قابلة إلثبات العكس‬

‫‪29‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وال يشترط إثبات الغش إال في املعاوضات ‪ ،‬أما إذا كان التصرف تبرعا فإنه ال ينفذ في حق‬
‫الدائن‪ ،‬ولو لم يرتكب املدين غشا ولو كان من صدر له التبرع حسن النية (م ‪ ،)2/023‬وهذا‬
‫يعني أن املشرع الجزائري افترض سوء نية املدين في حالة التبرع فرضا غير قابل إلثبات العكس‬
‫وإذا كان املتبرع له قد تصرف بدوره إلى آخر بعوض فعلى الدائن أن يثبت سوء نية املتبرع‬
‫له واملتصرف إليه ألاخر معا‪ ،‬أما إذا كان املتبرع له قد تصرف إلى آخر تبرعا فعلى الدائن أن يثب‬
‫سوء نية هذا آلاخر م ‪ ، 1/023‬فإذا عجز الدائن عن إثبات سوء نية املتصرف إليه آلاخر في‬
‫الحالين فال يكون أمامه إال مطالبة املدين بالتعويض على ما سيأتي معنا الحقا‬
‫‪‬آثار الدعوى البوليصية‬
‫ترتب هذه الدعوى آثارها في حق كل من الدائن‪ ،‬واملدين واملتصرف إليه‬
‫‪-‬أثر الدعوى بالنسبة للدائن ‪ :‬يحكم بعدم نفاذ التصرف ويترتب على هذا أن املال يعتبر‬
‫أنه لم يخرج من ضمان الدائن بالقدر الالزم لوفاء دين الدائن رافع الدعوى‪ ،‬وطبقا لنص املادة‬
‫‪ 021‬يستفيد من هذا الحكم جميع الدائنين تحقيقا لفكرة املساواة بين الدائنين في الانتفاع‬
‫بالضمان العام الذي تهدف الدعوى البوليصية إلى حمايته‬
‫فإذا تعذر رد املال املتصرف فيه عينا‪ ،‬كان يكون قد انتقل إلى يد شخص آخر حسن النية‬
‫وتمسك باعد الحيازة في املنقول سند امللكية‪ ،‬فال يكون أمام الدائن سوى رفع دعوى مسؤولية‬
‫تقصيرية وفقا للقواعد العامة‪،‬‬
‫‪ -‬أثر الدعوى بالنسبة إلى املدين واملتصرف إليه‪ :‬يبقى التصرف صحيحا فيما بين‬
‫املتعاقدين أي فيما بين املدين واملتصرف إليه‪ ،‬مع عدم نفاذه في حق الدائن ويترتب على ذلك‬
‫النتائج التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا بقي من ثمن املال محل التصرف ش يء فإن هذا الباقي يكون من حق املتصرف إليه‬
‫وليس من حق املدين‬
‫‪ -‬من حق املتصرف إليه أن يرجع على املدين بالدعاوى الناشئة على العقد كان يطلب‬
‫الفسخ‬
‫للمتصرف إليه أن يرجع على املدين بدعوى إلاثراء بال سبب ألنه وفى عن املدين دينه‬

‫‪31‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الرابع‪ :‬دعوى الصورية‬


‫يقصد بالصورية بانها وسيلة يلجأ إليها املدين بقصد إبعاد جزء من امواله مجموع‬
‫الضمان العام وذلك عن طريق إخفاء حقيقة ما قام بينه وبين املتعاقد آلاخر‬
‫والصورية تفترض وجود عقد ظاهر وهو العقد الصوري وعقد مستتر وهو العقد الحقيقي‬
‫والصورية قد تكون مطلقة وقد تكون نسبية وهذه ألاخيرة على انواع ‪ ،‬صورية بطريق التستر‬
‫وصورية بطريقة املضادة وصورية بطريق التسخير‬
‫والصورية املطلقة هي التي تتناول العقد ذاته فيكون العقد الظاهر ال وجود له في الحقيقة‬
‫وال تضضمن الورقة املستترة عقدا يختلف عن العقد الظاهر ‪ ،‬وإذا تتضمن على تقرير العقد‬
‫الظاهر هو عقد صوري ال وجود له‬
‫أما الصورية بطريق التستر‪ :‬فهي تتناول نوع العقد ال وجود كجهة في صورة بيع للمنقول‬
‫فالعقد الظاهر هو عقد البيع صوري والعقد املستتر هو عقد الهبة هو العقد الحقيقي‬
‫ويكون الفرض من الصورية في هذه الطريقة هو التهرب من شكلية ورسمية غير الهبة‬
‫والصورية بطريق املضادة‪ :‬فهي تتناول ركنا في العقد او شرط فيه مثل ذلك عقد بيع يذكر فيه‬
‫ثمن أقل من الثمن الحقيقي للتقليل من يوم التسجيل‬
‫أما الصورية بطريق التسخير فهي تتناول شخص احد املتعاقدين كان يهب شخص ألخر‬
‫ماال ويكون املوهوب له املذكور في العقد ليس املقصود بالهبة بل املقصود شخص آخر القانون‬
‫منعه من هذا التصرف ‪ 113‬ق م‬
‫شروط تحقيق الصورية‪ :‬تتحقق الصورية إذا توافرت الشروط التالية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أن يوجد عقدان‪ ،‬عقد ظاهر وعقد خفي والعقد الظاهر هو الصوري والعقد الخفي‬
‫هو الحقيقي‬
‫ثانيا‪ :‬أن يبرما في وقت واحد أما إذا أبرما في تاريخين ال حقين فإن الثاني يعتبر نقديا‬
‫ثالثا‪ :‬اختالف العقد الظاهر عن العقد املستتر في الطبيعة أو ألاركان او الشروط‬
‫أحكام الصورية‪:‬‬

‫‪30‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫بين املتعاقدين‪ :‬من نص املادة ‪ 022‬أن العبرة بين املتعاقدين بالعقد الحقيقي وليس‬ ‫أ‪-‬‬
‫بالعقد الظاهر على أساس ان العقد الحقيقي هو املعبر عن إلارادة الحقيقة للمتعاقدين‬
‫وللصورية ليست سببا لبطالن العقد ‪ ،‬ويترتب على ذلك ان الصورية لو أفقت تصرف حقيقا‬
‫وصحيحا كانت سائقة وصح التصرف ‪ ،‬اما إذا أخفت تصرفا باطال يحرمه القانون فإن الجزاء‬
‫لهذا التصرف هو البطالن ملخالفة القانون وغذا أخفى التصرف الصوري السبب الحقيقي وكان‬
‫غير مشروع فإن التصرف يعتبر باطال بطالن مطلقا‬
‫وإثبات الصورية بين املتعاقدين يقع ما يدعى بالصورية‬
‫ب – بالنسبة للغير‪ :‬الغير هو كل من اطمأن واعتمد على العقد الصوري وبنى عليه تعامله‬
‫بحسن نية‬
‫‪ -0‬الخلق الخاص‪ :‬هو من ينتقل إليه عيني على كل ش يء من أحد طرفي العقد ويستوي‬
‫ان يكون قد انتقل إليه هذا الش يء قبل العقد الصوري أو بعده‬
‫‪ -3‬الدائن الشخص‪ :‬الدائن العادي الحد الطرفين يعتبر من الغير ويستوى ان يكون حقه‬
‫مستحق ألاداء أوال‬
‫حكم الصورية بالنسبة للغير‪ :‬من نص املادة ‪ 022‬يتضح أن الغير له أن يتمسك بالعقد‬
‫الصوري وللغير ان يتمسك بالعقد املستمر ويثبتون الصورية بكافة طرق إلاثبات ويكون للخلف‬
‫الخاص التمسك به إذا كانت له مصلحة في ذلك‬
‫وللغير أيضا ان يتمسك بالعقد الصوري طاملا كانت له مصلحة في ذلك وكان حس النية‬
‫ويعتبر كذلك إذا كان يجهل وقت قيام تعامله على أساس انه عقد صوري وحس النية مفترض‬
‫يقبل إثبات العكس‬
‫التعارض بين غير يتمسك بعقد صوري وغير بعقد مستتر ‪ ،‬الننا ال نستطيع ألاخذ‬ ‫·‬
‫بالعقدين فال بد من ترجيع أحدهما ‪ ،‬لم يتناول املشرع هذا الوضع وقد رجع املشرع املصري‬
‫ألاخذ بالعقد الصوري رغبة في إستقرار املعامالت الخصوم في دعوى الصورية‪ :‬يمكن أن ترفع‬
‫دعوى الصورية من أحد طرفي العقد ويجب إدخال من له مصلحة في التمسك بالعقد الصوري‬

‫‪32‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وقد تكون الدعوى مرفوعة من الغير حتى وجدت له مصلحة في ذلك وال تخضع دعوى‬
‫الصورية للتقادم املسقط ‪ ،‬كما هو الحال في الدعوى البولصية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬األوصاف المعدلة لاللتزام‬

‫قد يتصل بااللتزام وصف يعدل من آثاره‪ ،‬مما يؤدي إلى تغيير في القواعد التي تحكم‬
‫تنفيذه‪ ،‬وقد يلحق هذا الوصف في الرابطة ذاتها فيؤثر إما على وجودها بأن يجعله غير مؤكد‬
‫فنكون بصدد " شرط" وإما على نفاذها بأن يجعله غير ناقذ فنكون حينها بصدد "ألاجل"‬
‫(مبحث أول)‬
‫وإما أن يلحق الوصف أحد طرفي الرابطة القانونية (الدائن أو املدين) فيصبح هذا الطرف‬
‫متعددا فيكون الحديث عندئذ عن تعدد طرفي الالتزام (مبحث ثان)‪ ،‬وأخيرا قد يلحق الوصف‬
‫محل الالتزام فيتعدد بعد أن كان واحدا فنكون بصدد " تعدد محل الالتزام" (مبحث ثالث)‪.‬‬
‫وقد تناول املشرع الجزائري في القانون املدني ألاوصاف املعدلة ألثر الالتزام في الباب الثالث‬
‫من الكتاب‬

‫‪33‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث ألاول‪ :‬الشرط وألاجل‬

‫قد يلحق الوصف رابطة املديونية فتعلق هذه ألاخيرة على أمر مستقبلي‪ ،‬فيصبح وجودها‬
‫غير محقق ويسمى هذا الوصف بالشرط‪ ،‬أو يتراخى نفاذ الرابطة إلى وقت معين ويسمى هذا‬
‫الوصف باألجل‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الشرط‬
‫الشرط وصف يلحق الالتزام فيعدل آثاره وهو أمر مستقبلي غير محقق الوقوع‪ ،‬وقد تناول‬
‫املشرع الجزائري أحكامه في املواد ‪ 312 -312‬من القانون املدني‪ ،‬وهي مواد بينت مفهومه‬
‫وخصائصه وأنواعه (فرع أول)‪ ،‬وحددت آثاره حينما يلحق الالتزام ( فرع ثان)‬
‫أوال‪ :‬مفهوم الشرط وخصائصه وأنواعه‬
‫‪ -0‬تعريفه‪ :‬لغة يدل على معنى العالقة الدالة املميزة والشرط والشريطة إلزام الش يء‬
‫والتزامه في البيع ونحوه‬
‫أما كوصف في الالتزام هو أمر مستقبل غير محقق الوقوع‪ ،‬يترتب عليه وجود الالتزام أو‬
‫زواله(‪ ،)1‬كشفاء مريض أو قدوم مسافر أو وصول بضاعة أو نحو ذلك‪ ،‬وهذا مستفاد من نص‬

‫)‪ (1‬أنور سلطان‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام ‪ -‬أحكام الالتزام‪ -‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬إلاسكندرية مصر ‪ ،3115‬ص ‪026‬‬
‫‪34‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ً‬
‫املادة (‪ )365‬من القانون املدني الذي جاء فيه أنه‪« :‬يكون الالتزام معلقا على شرط إذا كان‬
‫ً‬
‫وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل غير محقق الوقوع»‬
‫والشرط الذي يرد على الالتزام فيجعله موصوفا قد يكون صريحا كما يمكن أن يكون‬
‫ضمنيا‪ ،‬ومثال هذا ألاخير أن يرسل البنك إلى زبونه أوراقا مالية كالشيك بإضافة قيمتها إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫حسابه‪ ،‬فإن هذه إلاضافة تكون معلقة على شرط قبض قيمتها‬
‫و الشرط بهذا املعنى أمر خارجي وهو عارض بلحق الالتزام بعد تكوينه بمعنى بلحق عنصرا‬
‫(‪)2‬‬
‫جوهريا من عناصر الحق‬
‫والشرط بمعناه الفني املتقدم يختلف تماما عن معناه الواسع أي الاشتراطات أو ألاحكام‬
‫التي اتفق عليها املتعاقدان في العقد أو هي التزام املتصرف في تصرفه بأحد ألامور الزائدة‪ ،‬ومثال‬
‫الشرط املتعلقة بتسليم سلعة معينة في مكان وزمان محدد‬
‫‪ -0‬أنواع الشرط‪ :‬الشرط نوعان هما الشرط الواقف الذي يعلق الالتزام على وجوده‬
‫والشرط الفاسخ الذي يعلق الالتزام على زواله‪.‬‬
‫أ‪ -‬الشرط الواقف‪ :‬هو الشرط الذي يتوقف على تحققه وجود الالتزام‪ ،‬فإن تخلف لم‬
‫يخرج الالتزام إلى الوجود ومثال ذلك أن يعلق الواهب هبته البنه على شرط أن يتزوج فالزواج‬
‫هنا شرط واقف‪ ،‬إذا تحقق وتزوج الابن و ِج َد التزام ألاب بالهبة‪ ،‬وإذا تخلف الشرط ولم يتزوج‬
‫(‪)3‬‬
‫الابن فإن التزام ألاب بإعطاء هبة البنه ال يوجد‬
‫وهو ما عبرت عنه املادة ‪ 316‬من القانون املدني الجزائري بقولها " إذا كان الالتزام معلقا‬
‫على شرط واقف‪ ،‬فال يكون نافذا إال إذا تحقق الشرط أما قبل تحقق الشرط‪ ،‬فال يكون‬
‫الالتزام قابال للتنفيذ الجبري‪ ،‬وال للتنفيذ الاختياري‪ ،‬على أنه يجوز للدائن أن يتخذ من‬
‫إلاجراءات ما يحافظ به على حقه"‬

‫)‪ (1‬أنور طلبة املطول في شرح القانون املدني‪ ،‬الجزء الرابع املكتب الجامعي الحديث الاسكندرية‪ 3111 ،‬ص ‪262‬‬
‫)‪ (2‬رمضان أبو السعود أحكام الالتزام دار املطبوعات الجامعية الاسكندرية ‪ 0222‬ص ‪356‬‬
‫)‪ (3‬محمد صبري السعدي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ,‬أحكام الالتزام دار الكتاب الحديث الجزائر ص ‪021‬‬
‫‪35‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ب‪ -‬الشرط الفاسخ‪ :‬وهو ما يعلق عليه زوال الالتزام القائم والنافذ‪ ،‬فتحقق الشرط‬
‫الفاسخ املعلق عليه يحل امللتزم من التزامه‪ ،‬وتزول رابطته فهو إذا الشرط الذي يترتب على‬
‫تحققه زوال الالتزام‬
‫ومثال ذلك نزول الدائن عن جزء من حقه بشرط أن يدفع املدين ألاقساط الباقية كل‬
‫قسط في ميعاده‪ ،‬فالشرط هنا شرط فاسخ‪ ،‬فإذا تأخر املدين في دفع ألاقساط الباقية ّ‬
‫عد نزول‬
‫الدائن عن جزء من الدين كأن لم يكن‪ ،‬فااللتزام املعلق على شرط فاسخ هو التزام ال يعرف‬
‫مصيره إذ قد يزول أو يتأكد نهائيا حسب تحقق الشرط أو عدمه (‪ ،)1‬في هذا الصدد تنص املادة‬
‫‪ 312‬من القانون املدني على أنه " يزول الالتزام إذا تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬ويكون الدائن ملزما‬
‫برد ما أخذه فإذا استحال الرد لسبب هو املسؤول عنه وجب عليه تعويض الضرر‪ ،‬غير أن‬
‫أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط" ‪ ،‬ويبرر بقاء أعمال إلادارة‬
‫(‪)2‬‬
‫نافذة بالرغبة في استقرار املعامالت‪ ،‬ولكن بشرط أال تخرج هذه ألاعمال عن حدود املألوف‬
‫‪ -2‬خصائص الشرط‪ :‬للشرط خصائص أربع هي‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أ‪ -‬الشرط املعلق عليه أمرا مستقبال وممكنا‪ :‬تنص املادة ‪ 312‬من القانون املدني على‬
‫أنه" يكون الالتزام معلقا إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل " فالشرط باعتباره‬
‫وصف يرد على الالتزام ال يصح أن يكون إال أمرا مستقبليا بمعنى متعلقا بواقعة لم تحل ‪ ،‬أي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫غير ماضية ولم تتحقق بعد (‪ ،)3‬أما إذا كان أمرا ماضيا أو حاضرا فهو ليس بشرط حتى لو كان‬
‫طرفا الالتزام يجهالن وقت التعامل ما إذا كان ألامر املاض ي قد وقع أو لم يقع‪ ،‬أو إذا كان ألامر‬
‫ً‬
‫الحاضر واقعا أو غير واقع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وألامر املستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمرا إيجابيا أو أمرا سلبيا فاألب الذي‬
‫ً‬
‫التزم أن يهب ابنه دارا إذا تزوج يكون قد علق التزامه على شرط‪ ،‬هو زواج ابنه‪ ،‬وهذا أمر‬

‫)‪ (1‬محمد صبري السعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪025‬‬


‫)‪ (2‬أنور العمروس ي‪ ،‬الشرط وألاجل في القانون املدني‪ ,‬ألاوصاف املعدلة ألثر إلالتزام دار محمود للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة ‪ ،3116‬ص‬
‫‪22‬‬
‫)‪ (3‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ص ‪13‬‬
‫‪36‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫إيجابي والزوج الذي يوص ي المرأته بدار على شرط أال تتزوج بعده يكون قد علق الوصية على‬
‫شرط‪ ،‬هو عدم زواج امرأته‪ ،‬وهذا أمر سلبي‬
‫ب‪ -‬الشرط أمر غير محقق الوقوع‪ :‬وهو ما يفهم صراحة من عبارة " وممكن الوقوع" في‬
‫نص املادة ‪ 312‬من القانون املدني‪ ,‬ذلك أن الالتزام املعلق على شرط ال يعرف مصيره فوجب أن‬
‫ً‬
‫يكون الشرط أمرا ال يعرف إن كان سيتحقق أم ال(‪ ,)1‬فإذا كان ألامر مستقبال ولكنه محقق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الوقوع فإنه ال يكون شرطا‪ ،‬بل يكون أجال فإذا أضاف امللتزم التزامه إلى موسم الحصاد كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الالتزام مقترنا بأجل ال معلقا على شرط؛ ألن موسم الحصاد في املألوف من شؤون الدنيا البد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫آت‪ ،‬فاألمر هنا محقق الوقوع‪ ،‬فيكون أجال ال شرطا‬
‫ٍ‬
‫ج‪ /‬الشرط أمر ممكن الحدوث‬
‫ً‬
‫ال يكون شرطا ألامر املستحيل الوقوع وهو ما قضت به املادة ‪ 311‬من القانون املدني‬
‫بقولها" ال يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن " ألن الاستحالة تمنع نشوء الالتزام‬
‫قانونا وفقا لقاعدة ال التزام في املستحيل" ‪A L'impossible nul n'est tenu‬‬
‫ً‬
‫فإذا علق امللتزم التزامه على أمر مستحيل استحالة مطلقة؛ فإن الالتزام ال يوجد أصال‪،‬‬
‫وتكون الاستحالة مطلقة إن استحال تحقق الشرط بالوسائل املعروفة لإلنسان‬
‫ً‬
‫أما إذا كانت الاستحالة نسبية فإنها ال تعيب الالتزام‪ ،‬بل يكون في هذه الحالة قائما يتوقف‬
‫وتعد الاستحالة نسبية إذا غلب الظن أن تقدم املعارف‬ ‫ّ‬ ‫وجوده أو زواله على تحقق الشرط‬
‫ً‬
‫البشرية يجعل الشرط ممكنا‪ ،‬وليس مستحيل الوقوع‬
‫وكما تكون الاستحالة طبيعية كما سبق ذكره كذلك قد تكون قانونية فااللتزام املعلق على‬
‫ً‬
‫شرط أن يبيع املشترط عليه تركة مستقبلية ال يكون قائما؛ ألنه علق على شرط مستحيل‬
‫استحالة مطلقة‬
‫ً‬
‫د‪ /‬أن يكون الشرط مشروعا‪ :‬وقد نص املشرع الجزائري على هذا الشرط في املادة ‪311‬‬
‫من ق م سالفة الذكر‪ ،‬حينما اعتبرت أن الالتزام ال يكون قائما إذا علق على شرط مخالف‬

‫)‪ (1‬محمد صبري السعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪025‬‬


‫‪37‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ً ً‬ ‫ً‬
‫لآلداب أو النظام العام‪ ،‬ويكون الشرط غير مشروع ليس فقط إذا خالف نصا قانونيا آمرا؛ بل‬
‫(‪)1‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا كان أيضا مخالفا للنظام العام وآلاداب العامة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فإذا كان الشرط مخالفا للنظام العام أو آلاداب فيكون في هذه الحالة باطال‪ ،‬وال يقوم‬
‫الالتزام الذي علق وجوده عليه إذا كان الشرط واقفا ومثال ذلك من يهب لشخص ماال في حالة‬
‫ارتكب هذا ألاخيرة جريمة‬
‫أما إذا كان الالتزام املعلق على شرط فاسخ مخالفا للنظام العام وآلاداب العامة فإذا كان‬
‫الشرط الدافع للتعاقد باطال كان الالتزام باطال‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أما إذا كان الشرط الفاسخ مستحيال أو مخالفا للنظام العام أو لآلداب كان باطال؛ ألن‬
‫الالتزام املعلق على شرط فاسخ التزام نافذ وفوري‪ ،‬وزواله هو املعلق على الشرط الفاسخ الذي‬
‫يعد كأن لم يكن لبطالنه‪ ،‬فهو إذن لن يتحقق ويترتب على ذلك أن الالتزام املعلق على هذا‬‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الشـرط يكون باتا غير معلق على أي شرط‪ ،‬وليس التزاما مهددا بالزوال كما هو شأن الالتزام‬
‫املعلق على شـرط فاسخ صحيح‬
‫ً‬
‫أما إذا كان السبب الدافع إلى الالتزام معلقا على شرط فاسخ مخالف لآلداب أو النظام‬
‫ً‬
‫العام ‪ -‬كأن يهب رجل المرأة ماال ألجل استمرارها معه في حياة غير شرعية ‪ -‬كان الشرط الفاسخ‬
‫ً‬
‫باطال ملخالفته لآلداب‪ّ ،‬‬
‫وعد غير قائم؛ وبالتالي فإن سقوط الشرط يسقط الالتزام معه كما‬ ‫هنا‬
‫تقض ي به‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ه‪ -‬أال يكون الشرط إراديا محضا متوقفا على إرادة امللتزم‪ :‬تنص املادة ‪ 315‬من ق م‬
‫على أنه" ال يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة‬
‫امللتزم" وهذا يعني أنه ينبغي أال يكون تحقق الشرط الواقف متوقفا على محض إرادة املدين‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ويكون رهينة بمشيئة أحدهما‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فإذا كان الشرط املتعلق بإرادة املدين شرطا واقفا كأن يلتزم املدين إذا أراد أو إذا رأى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ذلك معقوال أو مناسبا‪ ،‬فهذا شرط يجعل عقد الالتزام منحال منذ البداية‪ ،‬إذ إن الالتزام قد‬

‫)‪ (1‬محمد صبري السعدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪022‬‬


‫)‪ (2‬دربال عبد الرزاق‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪12‬‬
‫‪38‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫علق وجوده على محض إرادة املدين إن شاء حقق الشـرط وإن شاء جعله يتخلف‪ ،‬ومن ثم يكون‬
‫ً‬
‫هذا الشرط باطال‪ ،‬ويسقط الالتزام وفق ما نصت عليه املادة ‪ 315‬من القانون املدني سالفة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الذكر أما في الشرط الفاسخ فيكون صحيحا دائما لو كان شرطا إراديا محضا حتى ولو تعلق‬
‫بإرادة املدين‬
‫وتنقسم الشروط من حيث ارتباطها بإرادة أحد الطرفين إلى أنواع ثالثة‪:‬‬
‫‪ -0‬الشرط الاحتمالي‪ :‬وهو متروك للمصادفة املحضة أو بعبارة أصح متروك للقدر‪ ،‬دون أن‬
‫يتعلق بإرادة أي من طرفي الالتزام كان يتعهد أحدهم بأن يهب آخر ماال إذا رزق بمولود‬
‫‪ -3‬الشرط املختلط‪ :‬وهو شرط يتعلق بإرادة أحد أطراف الالتزام وبإرادة شخص من الغير‬
‫ومن ألامثلة التي يوردها الفقه في هذا املجال‪ :‬أن يلتزم أب بان يهب ابنه ماال إذا تزوج من فتاة‬
‫معينة‪ ،‬فالشرط هنا يتوقف على إرادة الابن املشترط عليه‪ ،‬وهو أحد املتعاقدين وإرادة الفتاة‬
‫التي اشترط الزواج منها‬
‫وكال الشرطين الاحتمالي واملختلط صحيح؛ ألنه ينطوي على عنصر خارجي يفلت من إرادة‬
‫املتعاقدين‬
‫‪ -‬الشرط إلارادي‪ :‬وهو ذاك الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين أو قدرته وهو إما أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يكون شرطا إراديا محضا وإما شرطا إراديا بسيطا‬
‫فالشرط إلارادي البسيط‪ :‬هو الذي يتوقف على إرادة أحد الطرفين ولكن هذه إلارادة‬
‫ً‬
‫ليست مطلقة وإنما مقترنة بظروف ومالبسات خارجية على نحو ال يكون فيه العقد متوقفا على‬
‫محض مشيئة املدين‬
‫ومثال ذلك أن يتعد شخص بأن يستخدم عامال إذا فتح فرعا لتجارته في مدينة أخرى‬
‫فاإلرادة هنا ليست مطلقة أي على رغبتها في فتح الفرع أو عدم فتحه‪ ،‬وإنما توجهها ظروف مالية‬
‫واقتصادية‬
‫‪ -‬الشرط إلارادي املحض‪ :‬فهو الذي يتوقف على إرادة أحد طرفي الالتزام دائنا كان أو‬
‫مدينا فقط كالتعليق على املشيئة ( إذا شئت أو إذا أردت) دون أن تتحكم في هذه إلارادات‬
‫ظروف ومالبسات أخرى‪ ،‬فيكون وجود الالتزام أو زواله مرهون بمشيئة أحد الطرفين‬

‫‪39‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫فإذا تعلق بمحض إرادة الدائن كان شرطا صحيحا‪ ،‬وكان الالتزام قائما معلقا على إرادة‬
‫الدائن‪ ،‬إن شاء تقاض ى املدين الش يء الذي ألزمه به وإن شاء أحله من التزامه كما لو التزمت‬
‫أنا بأن أعيرك سيارتي للتنزه إذا أردت أنت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما إن تعلق الشرط بمحض إرادة املدين؛ فإنه يكون صحيحا إن كان شرطا فاسخا‬
‫‪،‬ومثال ذلك أن تخول املحالت التجارية لزبائنها الحق برد البضاعة إذا لم تروق لهم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وإن كان الشرط املتعلق بمحض إرادة املدين شرطا واقفا‪ ،‬كأن يلتزم املدين إذا أراد‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يلتزم إذا رأى ذلك معقوال أو مناسبا؛ فهذا الشرط يجعل الالتزام منحل منذ البداية كما لو قال‬
‫أحدهم آلخر‪« :‬سأدفع لك مبلغا معينا أردت أنا» فااللتزام قد علق وجوده على محض إرادة‬
‫ً‬
‫املدين إن شاء حقق الشرط وإن شاء جعله يتخلف؛ ومن ثم يكون هذا الشرط باطال‪ ،‬ويسقط‬
‫كل التزام معلق على شرط واقف؛ هو محض إرادة املدين وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 315‬من‬
‫القانون املدني سالفة الذكر‬
‫ثانيا‪ :‬آثار الشرط‬
‫لتحديد آثار الشرط يجب التمييز بين مرحلتين‪ :‬مرحلة التعليق‪ ،‬وهي املرحلة التي يكون فيها‬
‫ً‬
‫الشرط قائما ال يعلم هل يتحقق أو يتخلف وهي املرحلة التي تمتد من تاريخ وجود الالتزام املعلق‬
‫على شرط إلى يوم تحققه أو تخلفه (أوال)‪ ،‬ومرحلة ما بعد التعليق‪ ،‬وهي املرحلة التي يتبين فيها‬
‫مآل الشرط هل تحقق أو تخلف (ثانيا) وفي كلتا املرحلتين تختلف آثار الشرط الواقف عن آثار‬
‫الشرط الفاسخ‬
‫أوال‪ -‬أثر الشرط في مرحلة التعليق‪ :‬يختلف هذا ألاثر باختالف الشرط فيما إذا كان‬
‫وافقا أو فاسخا‬
‫أ‪/‬آثار الشرط الواقف خالل فترة التعليق‪ :‬نصت املادة ‪ 316‬من القانون املدني على أنه‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«إذا كان الالتزام معلقا على شرط واقف فال يكون نافذا إال إذا تحقق الشرط‪ ،‬أما قبل تحقق‬
‫ً‬
‫الشرط فال يكون الالتزام قابال للتنفيذ الجبري‪ ،‬وال للتنفيذ الاختياري‪ ،‬على أنه يجوز للدائن أن‬
‫يتخذ من إلاجراءات ما يحافظ به على حقه»‬

‫‪41‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫يتبين من النص املتقدم الذكر أن الالتزام املعلق على شرط واقف وهو في مرحلة التعليق؛‬
‫هو حق موجود لكنه غير بات وغير نافذ ‪،‬‬
‫فهو موجود ينتقل من صاحبه إلى الغير بامليراث وغيره من أسباب انتقال الحقوق يجوز‬
‫لصاحبه أن يجري ألاعمال املادية الالزمة لصيانته من التلف و أن يقوم باألعمال التحفظية‬
‫الالزمة للمحافظة على حقه‪ ،‬كوضع ألاختام وتحرير قوائم الجرد‪ ،‬والتدخل في القسمة ووضع‬
‫الحراسة‪ ،‬ويجوز أن يستعمل الدعوى غير املباشرة ودعوى الصورية‬
‫ً‬
‫غير أنه في ذات الوقت غير بات وغير نافذ فال يكون قابال للتنفيذ الجبري‪ ،‬وال التنفيذ‬
‫الاختياري‪ ،‬فإذا كان املدين قد وفى الدين وهو يعتقد خطأ أن الدين غير معلق على شرط أو أن‬
‫ً‬
‫الشرط قد تحقق جاز له استرداده وفقا للقواعد العامة في دفع غير املستحق ال يسري التقادم‬
‫عليه‪ ،‬وال تجوز املقاصة القانونية بهذا الحق وال يجوز لصاحبه أن يستعمل الدعوى البوليصية‬
‫ألن حقه غير مستحق ألاداء‬

‫ب ‪ /‬آثار الشرط الفاسخ خالل فترة التعليق‪ :‬حق الدائن املرتبط بشرط فاسخ حق‬
‫ً‬
‫موجود وقائم من كل وجه‪ ،‬ومنتج آلثاره خالل فترة التعليق وإن كان معرضا للزوال بتحقق‬
‫الشرط الفاسخ‬
‫ً‬
‫فصاحب هذا الحق يملكه حاال‪ ،‬وله يتقاضاه من مدينه بطريق التنفيذ الاختياري أو‬
‫الجبري ‪،‬أن يديره وأن يتصرف فيه‪ ،‬ولكن تصرفاته تكون على خطر الزوال كحقه‪ ،‬فإذا ما‬
‫تحقق الشرط الفاسخ زال حقه وزالت معه جميع التصرفات التي أجراها فيه وللمالك تحت‬
‫هذا الشرط دعاوى الحيازة وامللكية النسبة للعين التي يملكها تحت هذا الشرط‬
‫ثانيا‪ -‬آثار الشرط بعد فترة التعليق‪:‬‬
‫يتحقق الشرط أو يتخلف بطرق ثالث‪ ،‬ويترتب عن ذلك في كل ألاحوال آثار خاصة‬
‫أ‪ /‬كيفية تحقق أو تخلف الشرط‬
‫يتحقق الشرط او يتخلف إما بإرادة طرفي الالتزام‪ ،‬وإما بحلول وقت معين‪ ،‬وإما أخيرا‬
‫نتيجة خطأ الدائن أو املدين‬

‫‪40‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬فيتحقق الشرط أو يتخلف بإرادة طرفي الالتزام فإذا كان الشرط تحقق غاية معينة فلكي‬
‫يتحقق الشرط يجب أن تتحقق الغاية‪ ،‬وإذا كان عمال يجب القيام به ولشخصية القائم به‬
‫اعتبار ملحوظ يجب أن يقوم به الشخص املعين الذي قصده الطرفان ال يوجد في القانون‬
‫الجزائري ما يعبر عن هذه الحالة خالفا للقانون الفرنس ي‬
‫‪ -‬وقد يتحقق الشرط أو يتخلف بحلول أجل معين فقد يحدد وقت معين لوقوع الشرط أو‬
‫لعدم وقوعه وعندئذ يجب لتحقق الشرط أن يقع أو ال يقع خالل امليعاد الذي حدده الطرفان‬
‫‪ -‬قد يتحقق الشرط أو يتخلف أخيرا نتيجة خطأ الدائن أو املدين ومثال ذلك أن يتعمد‬
‫تاجر بعد التامين على متجره ضد الحريق إلى إشعال النار فيه (‪ ،)1‬فإنه بهذا الخطأ يتحقق شرط‬
‫استحقاق التأمين لكن ألنه قد وقع من بخطأ الدائن فال يستحق مبلغ التأمين‬
‫وإذا تعهد شخص لسمسار بأن يدفع له مبلغا من املال إذا وجد له مشتر ملنزله بثمن معين‬
‫ووجد السمسار املشتري لكن صاحب املنزل امتنع عن البيع‪ ،‬فإنه بهذا يتخلف شرط استحقاق‬
‫مبلغ السمسرة لكن حيث أنه تخلف بخطأ املدين فإنه يلتزم بمبلغ السمسرة‬
‫ثانيا‪ :‬أثر تحقق الشرط أو تخلفه‬
‫مهما كان الشرط واقفا أو فاسخا فإن مرحلة تعليقة ال بد وأن تنتهي بتحققه أو تخلفه‬
‫أ‪ -/‬الشرط الواقف‪ :‬نصت املادة ‪ 316‬من ق م سالفة الذكر على أنه " إذا كان الالتزام‬
‫معلقا على شرط واقف فال يكون نافذا إال إذا تحقق " وهذا يعني أنه إذا تحقق الشرط الواقف‬
‫فإن الالتزام الذي كان حقا محتمال يصير حقا مؤكدا‪ ،‬ويعتبر كذلك من يوم انعقاد التصرف ال‬
‫من يوم تحقق الشرط (‪ ،)2‬فيجوز للدائن أن ينفذ حقه اختيارا أو جبرا‪ ،‬فأثر تحقق الشرط‬
‫الواقف هو نفاذ الالتزام‪ ،‬أما إذا تخلف الشرط الواقف فإن الالتزام يزول ويعتبر كان لم يكن‪،‬‬
‫فإذا كان املدين قد وفى بش يء منه فإن له أن يسترده‪ ،‬كما يترتب على ذلك زوال كل إلاجراءات‬
‫التحفظية التي اتخذها الدائن بموجب حقه املحتمل‪ ،‬وكذا زوال التصرفات التي صدرت منه في‬
‫(‪)3‬‬
‫شأن هذا الحق وكل ذلك بأثر رجعي‬

‫)‪ (1‬محمود جمال الدين زكي‪ ،‬الوجيز في نظرية الالتزام‪ ،‬ج ‪ 0‬مصر ‪ ،0226‬ص ‪022‬‬
‫)‪ (2‬محمد صبري السعدي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪311‬‬
‫)‪ (3‬بلحاج العربي‪ ،‬أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري دراسة مقارنة‪ ،‬ط ‪ 3‬دار هومة الجزائر‪ ،3105 ،‬ص ‪220‬‬
‫‪42‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ب‪ -/‬آثار الشرط الفاسخ بعد تحقق الشرط‪ :‬نصت املادة ‪ 312‬من القانون املدني على ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫ً‬
‫«يزول الالتزام إذا تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬ويكون الدائن ملزما برد ما أخذه‪ ،‬فإذا استحال‬
‫الرد لسبب هو مسؤول عنه وجب عليه تعويض الضرر‬
‫غير أن أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط»‬
‫وهذا يعني أنه إذا تحقق الشرط الفاسخ زال الالتزام املعلق عليه بأثر رجعي‪ ،‬واعتبر كأن لم‬
‫يكن بحكم القانون دون الحاجة إلى حكم أو إعذار ‪ ،‬ويجب إعادة املتعاقدين إلى ما كانا عليه‬
‫ً‬
‫ملزما ّ‬ ‫ً‬
‫ملزما ّ‬
‫برد الثمن الذي‬ ‫برد املبيع الذي تسلمه‪ ،‬كما يكون البائع‬ ‫قبل العقد فيكون املشتري‬
‫قبضه‬
‫وإذا استحال الرد لسبب غير أجنبي كان على الدائن أن يعوض املدين عما أصابه من‬
‫ضرر‪ ،‬أما إذا رجعت الاستحالة إلى سبب أجنبي فال محل للتعويض النعدام املسؤولية عنه‬
‫وتسقط جميع التصرفات التي صدرت من املالك تحت شرط فاسخ‪ ،‬غير أن أعمال إلادارة التي‬
‫تصدر من الدائن كااليجار تبقى سارية رغم تحقق الشرط م ‪ 3/312‬ق م‬
‫أما إذا تخلف الشرط الفاسخ فإن الالتزام الذي كان معلقا يصبح باتا‪ ،‬وتصبح باتة أيضا‬
‫جميع التصرفات التي يكون الدائن أجراها خالل فترة التعليق(‪ ،)1‬بقوة القانون دون الحاجة إلى‬
‫حكم أو إعذار‬
‫ألاثر الرجعي لتحقق الشرط‬
‫إذا تحقق الشرط واقفا كان أم فاسخا فإن أثره يسري من وقت إبرام التصرف ال من وقت‬
‫التحقق (‪ )2‬ويعبر الفقه عن هذا الحكم بمبدأ ألاثر الرجعي للشرط‪ ،‬وقد نص املشرع الجزائري‬
‫على هذا املبدأ في املادة ‪ 312‬من ق م التي جاء فيها " إذا تحقق الشرط يرجع أثره إلى اليوم الذي‬
‫نشأ فيه الالتزام‪ ،‬إال إذا تبين من إرادة املتعاقدين أو من طبيعة أن وجود الالتزام أو زواله‪ ،‬إنما‬
‫(‪)3‬‬
‫أن هذا املبدأ يتفق مع نية املتعاقدين‬ ‫يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط"‪ ،‬ويرى الفقه‬

‫)‪ (1‬بلحاج العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪222‬‬


‫)‪ (2‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪300-301‬‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪212‬‬
‫‪43‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫فتفسير نية املتعاقدين هي أنهما أرادا أن يسندا أثر العقد إلى وقت التعاقد ال إلى وقت تحقق‬
‫الشرط‪ ،‬إال إذا تبين من إرادة املتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما‬
‫يكون من الوقت الذي تحقق فيه الشرط‬
‫مثال إذا علق البائع التزامه بنقل ملكية املبيع إلى املشتري على شرط واقف هو وفاؤه‬
‫بجميع أقساط الثمن‪ ،‬فإذا تحقق الشرط انتقلت ملكية املبيع إلى املشتري‪ ،‬من وقت البيع ال من‬
‫(‪)1‬‬
‫وقت الوفاء‬
‫وقد أورد املشرع لهذا املبدأ استثناءات جاءت على ذكرها املادتان ‪ 312‬و‪ 312‬من القانون‬
‫املدني‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -9‬إن أعمال إلادارة التي تصدر من الدائن تبقى نافذة رغم تحقق الشرط الفاسخ‪،‬‬
‫بوصفها أعماال ضرورية يجب القيام بها في الوقت املناسب حتى ال يتعطل استغالل ألاموال م‬
‫‪ 3/312‬ق م‬
‫‪ -0‬إذا تبين من إرادة العاقدين أنهما استبعدا ألاثر الرجعي للشرط صراحة أو ضمنا ألن‬
‫ألاثر الرجعي قائم على نيتهما املحتملة فإذا تعارضت هذه ألاخيرة مع النية الحقيقية‪ ،‬فالنية‬
‫الحقيقية هي التي يعمل بها م ‪ 312‬ق م ومثال ذلك أن يتعاقد شخص مع آخر على إلحاقه‬
‫بخدمته إذا حصل هذا ألاخير على شهادة معينة‪ ،‬فالحصول على الشهادة املطلوبة ال يكون له‬
‫(‪)2‬‬
‫أثر رجعي يعطي الثاني حقوق املستخدم تجاه ألاول‬
‫‪ -3‬إذا كانت طبيعة العقد تقض ي بعدم الاستناد إلى أثر الشرط الرجعي مثال ذلك العقود‬
‫الزمنية كعقد إلايجار فإذا علق عقد إلايجار على شرط فاسخ وتحقق هذا الشرط فإن ما تم من‬
‫العقد ال يقبل بطبيعة ألاثر الرجعي فال ينفسخ إلايجار إال بالنسبة للمستقبل أما املاض ي فال‬
‫يمكن الرجوع فيه م ‪ 312‬ق م‬
‫ً‬
‫‪ -0‬إذا أصبح تنفيذ الالتزام مستحيال لسبب أجنبي ال يد للمدين فيه قبل تحقق الشرط‬
‫وهو حكم عام ينطبق على الشرط الواقف والشرط الفاسخ‪ ،‬ففي الشرط الواقف نجد أن‬

‫)‪(1‬‬
‫محمد صبري السعدي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪312‬‬
‫)‪(2‬‬
‫محمد صبري السعدي مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪316-315‬‬
‫‪44‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫هالك العين في فترة التعليق يمنع نشوء الالتزام النعدام املحل‪ ،‬في حين أن هالك العين في يد‬
‫مالكها تحت شرط فاسخ يتحمله هذا املالك وهو ما نصت عليه املادة ‪ 3/312‬من ق م‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ألاجل‬
‫عالج املشرع الجزائري موضوع ألاجل باعتباره وصفا معدال لاللتزام في املواد ‪ 312‬إلى املواد‬
‫‪ 300‬من القانون املدني الوقوف على أحكامه نتناول (فرع أول) آلاثار املترتبة عنه (فرع ثان)‪.‬‬
‫الفرع ألاول مفهوم ألاجل وخصائصه وأنواعه‬
‫ً‬
‫‪ -‬تعريفه‪ :‬ألاجل لغة مدة الش يء‪ ،‬وقانونا هو "أمر مستقبل محقق الوقوع يترتب على وقوعه‬
‫نفاذ الالتزام أو انقضاؤه"‪ ،‬وقد أشارت املادة ‪ 312‬من القانون املدني إلى هذا املعنى بقولها " يكون‬
‫الالتزام ألجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع"‬
‫ويعتبر ألاجل مثل الشرط وصفا عارضا لإلرادة‪ ،‬بمعنى أنه ليس أمرا جوهريا في الالتزام فما‬
‫هو جوهري في الالتزام يرتبط باملحل والسبب والرضا (‪ ،)1‬فال يقترن بااللتزام إال بعد أن يسـتوفي‬
‫الالتزام جميع عناصره الجوهرية‪ ،‬فلو رفع عنه هذا الوصف الرتفع دون أن يزول الالتزام‬
‫وهو حادث مستقبلي مثله مثل الشرط تماما غير أنه يتميز عن الشرط في كونه محقق‬
‫الوقوع أي أنه ال بد أن يقع يوما ما ويترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو زواله دون أثر رجعي‬
‫مقومات ألاجل‬
‫لألجل ثالث مقومات هي أنه أمر مستقبل‪ ،‬وانه محقق الوقوع وانه أمر عارض يضاف إلى‬
‫الالتزام بعد أن يستوفي أركانه م ‪0/312‬‬
‫‪ -‬أمر مستقبل‪ :‬هو ميعاد يضرب لنفاذ الالتزام أو النقضائه ويكون تاريخا محددا وهو أمر‬
‫مستقبل فال يجوز أن يكون أمرا ماضيا أو حاضرا‪ ،‬فلو عين املدين أجال للوفاء موت شخص‬
‫(‪)2‬‬
‫وكان هذا الشخص قد مات من قبل ‪ ،‬نشأ الالتزام نفاذا حال ألاداء‬
‫‪ -‬أمر محقق الوقوع‪ :‬وهو ما يميزه عن الشرط وهذا يعني أن الحق املقترن بأجل هو حق‬
‫مؤكد الوجود بينما الحق املعلق على شرط هو حق احتمالي كما مر معنا‪ ،‬وقد يكون ألاجل معينا‬

‫)‪ (1‬علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪625‬‬


‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪212‬‬
‫‪45‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫أو غير معين م ‪ 3/312‬ومثال ألاجل غير املعين الوفاة فهي وإن كانت أمرا محققا إال أنه ال يعرف‬
‫ميعاد حلوله‪ ،‬فالتزام شركة التأمين على الحياة بدفع مبلغ التأمين عند وفاة املؤمن على حياته‬
‫هو التزام مقترن بأجل غير معين‬
‫‪ -‬أمر عارض‬
‫‪ -0‬أنواع ألاجل‪:‬‬
‫ألاجل نوعان إما أن يكون أجال واقفا أو أجال فاسخا‪،‬‬
‫أ‪ -‬ألاجل الواقف‪ :‬وهو ما يتوقف على حلوله نفاذ الالتزام‪ ،‬فال يكون نافذ ألاثر قبله فهو‬
‫يوقف نفاذ الالتزام فال يكون مستحق ألاداء قبل حلول ألاجل ومثاله التزام املقترض واملستعير‬
‫واملودع عنده برد مبلغ القرض أو العين املعارة أو املودعة ومثاله أيضا أن يضع الطرفان أجال‬
‫(‪)1‬‬
‫لبداية العمل بالعقد‬
‫ً‬
‫ب‪ -‬ألاجل الفاسخ‪ :‬وهو ما كان حلوله منهيا لاللتزام النافذ قبله دون أن يكون لذلك أثر‬
‫رجعي‪ ،‬وأمثلته إنما تكون في العقود الزمنية كعقد إلايجار يلتزم فيه املؤجر بتمكين املستأجر من‬
‫الانتفاع بالعين املؤجرة في مدة إلايجار(‪ ،)2‬أو أن يلتزم شخص بأن يدفع آلخر راتبا مدى الحياة‬
‫فيعتبر املوت هنا أجال فاسخا ينهي حقه‬
‫(‪)3‬‬

‫مصادر ألاجل‬
‫لألجل ثالث مصادر ‪ ,‬القانون والاتفاق والقضاء‬
‫‪ -‬ألاجل الاتفاقي‪ :‬وهو الغالب من حيث الواقع‪ ،‬وهو ألاجل الذي يحدده العاقدان ســواء في‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العقد ألاصلي أو في عقد الحق‪ ،‬صريحا أو ضمنيا فالتزام شخص بتوريد أغذية ملدرسة يعد‬
‫نفاذه مضافا إلى أجل ضمني واقف هو بدء الدراسة وإلى أجل فاسخ هو انتهاؤها‬
‫ب‪ -‬ألاجل القانوني‪ :‬وهو الذي يحدده القانون‪ ،‬فعادة ما يتدخل القانون ليضع أجال معينا‬
‫في تنفيذ الالتزام أو نهايته ومثاله في ألاجل الواقف إضافة تنفيذ الوصية إلى ما بعد املوت ودفع‬

‫)‪ (1‬علي كحلو ن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪226‬‬


‫)‪ (2‬محمد حسنين منصور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪201‬‬
‫)‪ (3‬بلحاج العربي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪222‬‬
‫‪46‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الضرائب في ميعاد محدد من كل عام تحت غرامات التأخير‪ ،‬ومثاله في ألاجل الفاسخ إنهاء حق‬
‫الانتفاع بموت املنتفع حتى قبل انقضاء ألاجل املعين‬
‫(‪)1‬‬

‫ويعبر رجال القانون عن ألاجل الذي يجد مصدره في الاتفاق والقانون باألجل املستحق‬
‫(‪)2‬‬
‫قانون ‪Terme de droit‬‬
‫‪ -‬ألاجل القضائي (أو نظرة امليسرة)‪ :‬وهي املهلة التي يعطيها القاض ي للمدين س يء الحظ‬
‫حسن النية‪ ،‬الذي قصر بأداء ديونه حيث خوله القانون ذلك بشرط أال يلحق الدائن ضررا‬
‫جسيما جراء ألاجل املمنوح‪ ،‬وعلى هذا نصت املادة ‪ 301‬من القانون املدني «إذا تبين من الالتزام‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن املدين ال يقوم بوفائه إال عند املقدرة أو امليسرة؛ ّ‬
‫عين القاض ي ميعادا مناسبا لحلول ألاجل‪،‬‬
‫ً‬
‫مراعيا في ذلك موارد املدين الحالية واملستقبلة‪ ،‬مع اشتراط عناية الرجل الحريص على الوفاء‬
‫بالتزامه»‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ألاثار املترتبة على ألاجل‬
‫ً‬
‫أ‪ -‬يكون حق الدائن في ألاجـل الواقف قبل انقضائه حقا مؤكد الوجود ولكنه غير مسـتحق‬
‫ً‬
‫ألاداء‪ ،‬ويترتب على كونه حقا مؤكد الوجود النتائج ذاتها املترتبة على وجود الحق املعلق على‬
‫شرط واقف‪ ،‬ويزيد عليه أنه يجوز لصاحب هذا الحق بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا خش ي‬
‫ً‬
‫إفالس املدين أو إعساره‪ ،‬واستند في ذلك إلى سبب معقول عمال بأحكام الفقرة ألاولى من املادة‬
‫‪ 321‬من القانون املدني السوري فإذا لم يقدم املدين التأمين ترتب على ذلك سقوط ألاجل على‬
‫ما نصت عليه املادة ‪ 322‬من القانون املدني السوري التي حددت الحاالت التي يسقط فيها حق‬
‫املدين في ألاجل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -0‬إذا شهر إفالسه أو إعساره وفقا لنصوص القانون‬
‫‪ -3‬إذا أضعف بفعله إلى حد كبير ما أعطي الدائن من تأمين خاص‪ ،‬ولو كان هذا التأمين‬
‫قد أعطي بعقد الحق أو بمقتض ى القانون‪ ،‬هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين أما‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 0/253‬من ق م‬


‫)‪(2‬‬

‫‪47‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب ال دخل إلرادة املدين فيه؛ فإن ألاجل يسقط ما لم يقدم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املدين ضمانا كافيا‬
‫‪ -2‬إذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات‬
‫ً‬
‫أما كونه غير مستحق ألاداء فيترتب عليه أنه إذا أدى املدين الدين قبل حلول أجله جاهال‬
‫قيام ألاجل كان له أن يسترد ما أداه بناء على قاعدة دفع غير املستحق بيد أنه ولكون حق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الدائن حقا مؤكد الوجود؛ فقد أعطى القانون للدائن مبررا في أن يحتفظ بأصل ألاداء الواقع‬
‫قبل موعده على أن يرد قدر الاستفادة من هذا التعجيل في حدود ما لحق املدين بسببه من‬
‫ً‬
‫ضرر وفقا لقاعدة إلاثراء بال سبب‪ ،‬أي إنه يعوض املدين بأقل القيمتين‪ :‬قيمة ما أثراه الدائن به‬
‫وقيمة ما خسره املدين بسبب الوفاء املعجل وإذا كان التزام املدين الذي لم يحل أجله هو التزام‬
‫بأداء مبلغ من النقود‪ ،‬فيلتزم الدائن ّ‬
‫برد فائدتها بمعدلها القانوني أو الاتفاقي‬
‫ب‪ -‬إن حق الدائن في ألاجل الفاسخ قبل انقضائه هو حق مؤكد الوجود ونافذ ومستحق‬
‫ألاداء‪ ،‬ولكنه محقق الزوال عند حلول ألاجل املحقق والدائن بأجل فاسخ له حق حال واجب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألاداء‪ ،‬ويستطيع أن يتقاضاه من املدين طوعا أو كرها‪ ،‬وله أن يوقع حجز ما للمدين لدى الغير‬
‫والحجوزات التحفظية ألاخرى‪ ،‬وأن يسـتعمل الدعوى البولصية‪ ،‬وأن يحبس ما تحت يده‬
‫للمدين حتى يسـتوفي حقه‪ ،‬وإن التقادم املسقط يسري ضده منذ نشوئه‬
‫ً‬
‫ج‪ -‬إن حق الدائن في ألاجل الواقف بعد انقضائه أو سقوطه أو النزول عنه يصبح نافذا‬
‫بحلول ألاجل‪ ،‬فيجوز للدائن أن يطالب املدين بالوفاء وأن يتخذ إلاجراءات التنفيذية عليه وأن‬
‫يطعن في تصرفات مدينه بالدعوى البولصية‪ ،‬وتقع املقاصة القانونية بين هذا الحق وأي حق‬
‫ً‬ ‫آخر منجز‪ ،‬ويسري في حق الدين الذي ّ‬
‫حل أجله التقادم املسقط‪ ،‬وللدائن أن يحبس به دينا في‬
‫ذمته للمدين مع التنويه إلى أن هذه النتائج تثبت مقتصرة منذ الانقضاء ودون أي أثر رجعي‬
‫د‪ -‬ينقض ي الحق املضاف إلى أجل فاسخ بعد انقضائه أو سقوطه أو النزول عنه من تلقاء‬
‫ً‬
‫نفسه بحلول ألاجل بأثر مقتصر عمال بأحكام الفقرة الثانية من املادة ‪ 321‬من القانون املدني‬
‫التي نصت على أنه يترتب على انقضاء ألاجل الفاسخ زوال الالتزام دون أن يكون لهذا الزوال أثر‬
‫رجعي‬

‫‪48‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تعدد محل الالتزام‬

‫قد يحدث أن يكون لاللتزام أكثر من محل تبرأ ذمة املدين إذا هو أدى واحدا منها‪ ،‬وهذا هو‬
‫الالتزام التخييري(مطلب أول)‪ ،‬والغرض منه هو رعاية جانب الدائن فال ينقض ي الالتزام‬
‫الستحالة التنفيذ إذا هلك أحد املحلين بقوة قاهرة‪ ،‬بل يتعين الوفاء باملحل آلاخر‪ ،‬وبذلك‬
‫يضمن الدائن تنفيذ التزامه عينا‪ ،‬ومثال ذلك أن يكون محل الالتزام منزال أو أرضا زراعية‪ ،‬فإذا‬
‫هلك املنزل بسبب أجنبي فال ينقض ي الالتزام بل يتحدد محله في ألارض‬
‫وقد يكون محل الالتزام شيئا واحدا‪ ،‬لكن تبرأ ذمة املدين إذا أدى بدال منه شيئا آخر‪،‬‬
‫وهذا هو الالتزام البدلي (مطلب ثان)‪ ،‬ومثال ذلك العربون الذي يدفعه البائع مقابل العدول عن‬
‫(‪)1‬‬
‫البيع إذ أن محل التزام البائع هو املبيع‪ ،‬لكن تبرأ ذمته من هذا الالتزام إذا هو أدى العربون‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الالتزام التخييري‬
‫تنص املادة ‪ 302‬من التقنين املدني على ما يأتي‪ ":‬يكون الالتزام تخييريا إذا شمل محله‬
‫أشياء متعددة تبرأ ذمة املدين براءة تامة إذا أدي واحد منها‪ ،‬ويكون الخيار للمدين ما لم ينص‬
‫القانون أو يتفق املتعاقدان على غير ذلك‪".‬‬
‫ويستخلص من النص املتقدم أن وصف التخيير يقوم متى شمل محل الالتزام أشياء‬
‫ً‬
‫متعددة تبرأ ذمة املدين براءة تامة إذا أدى واحدا منها ‪ ،‬وأن خيار التعيين يكون في ألاصل للمدين‬
‫إال إذا قض ى املصدر الذي ينشأ منه – الاتفاق أو القانون – بأن الخيار يكون للدائن أو للغير‬
‫ولخيار التعيين أو الالتزام التخييري فائدة في حياة املعامالت والتجارة ففيه من جهة ضمان‬
‫لحق الدائن‪ ،‬بحيث أنه إذا هلك احد ألاشياء فحقه ال ينقض ي ويتركز التزام املدين في ألاشياء‬
‫الباقية كما أن خيار التعيين يعطي من جهة أخرى مجاال للتفكير والتروي والسؤال من أهل‬
‫الخبرة بأمور البيع والشراء‬
‫(‪)2‬‬

‫على هذا ألاساس نبحث متى يقوم وصف التخيير (أوال) من له خيار التعيين ومصدر هذا‬
‫الخيار (ثانيا)‬

‫)‪ (1‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪335‬‬


‫)‪ (2‬عبد املجيد الحكيم و عبد الباقي البكري و محمد طه البشير القانون املدني وأحكام إلالتزام رص ‪023‬‬
‫‪49‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫أوال‪ :‬متى يقوم وصف التخيير‪ :‬يشترط إللحاق وصف التخيير بااللتزام أن يتعدد الالتزام‬
‫عليه‪ ،‬على نحو يتحقق معه قيام مكنة فعلية الخيار‪ ،‬وهذا ال يتأتى إال إذا كان كل أداء من‬
‫ألاداءات التي ورد عليها الالتزام مستوفيا لشروط املحل‪ ،‬فإذا امتنع الالتزام باكثر من اداء واحد‪،‬‬
‫بسبب عدم توفر الشروط القانونية فيما عداه‪،‬‬
‫شروط الالتزام التخييري‬
‫ليكون الالتزام تخييريا ‪ ،‬يجب توافر شروط ثالثة هي ‪ -10:‬أن يتعدد محل الالتزام‪-13،‬أن‬
‫يتوافر في كل محل منها الشروط الواجب توافرها في محل العقد‪-12 ،‬أن يكون الوفاء بمحل‬
‫واحد من هذه املحال املتعددة ‪ ،‬يكفي لتبرأ ذمة املدين براءة تامة من التزامه وتفصيل ذلك كما‬
‫يلي‪:‬‬
‫الشرط ألاول‪ :‬تعدد محل الالتزام ‪ :‬ال بد لقيام خيار التعيين أن يكون محل الالتزام‬
‫ً‬
‫متعددا فإذا لم يكن هناك إال محل واحد ال يكون هناك محال للخيار ويكون الالتزام في هذه‬
‫ً‬
‫الحالة بسيطا غير موصوف‪ ،‬ويصح أن يكون محل الالتزام شيئا غير معين بالذات كالنقود ‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عينا معينة عقارا أو منقوال كما يصح إن كون محل الالتزام عمال أو امتناعا عن عمل‬
‫الشرط الثاني توافر الشروط في كل من ألاداءات املتعددة ‪ :‬ويجب أن يتوافر في كل أداء‬
‫من ألاداءات املتعددة لاللتزام التخييري جميع الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام ‪،‬‬
‫الحتمال أن يقع الاختيار على أي أداء منها فيصبح هو املحل الوحيد‬
‫فإذا ورد التخيير على شيئين فقط‪ ،‬وكان أحدهما غير مستوف الشروط‪ ،‬فإن محل الالتزام‬
‫ً‬
‫يتعين في الش يء الثاني متى توافرت فيه شروط املحل‪ ،‬ويكون الالتزام حينئذ بسيطا غير تخييري‬
‫والعبرة‪ ،‬في معرفة ما إذا كانت الشروط الواجبة متوافرة فى ألاداءات املتعددة لاللتزام‬
‫التخييري‪ ،‬تكون بوقت نشوء هذا الالتزام فإن توافرت الشروط في هذا الوقت ‪ ،‬كان الالتزام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تخييريا‪ ،‬حتى لو أصبحت ألاداءات بعد ذلك ال تصلح كلها أو بعضها محال لاللتزام وعلى النقيض‬
‫ً‬
‫من ذلك ‪ ،‬إذا لم تتوافر الشروط إال فى أداء منها ‪ ،‬كان الالتزام بسيطا منذ البداية ومحله هذا‬
‫ً‬
‫ألاداء الذى توافرت فيه الشروط ‪ ،‬وال ينقلب تخييريا حتى لو أصبحت ألاداءات ألاخرى بعد ذلك‬
‫ً‬
‫متوافرا فيها الشروط الواجبة‬

‫‪51‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الشرط الثالث‪ :‬محل واحد من املحال املتعددة هو الواجب ألاداء ‪ :‬وإذا كان لاللتزام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التخييري محال متعددة ‪ ،‬فإن محال واحدا منها فقط هو الواجب ألاداء ‪ ،‬وهو ما عبرت عنه‬
‫ً‬
‫املادة ‪ 302‬مدنى بقولها ‪ " :‬تبرأ ذمة املدين براءة تامة إذا أدى واحدا منها "‬
‫ً‬
‫و قبل اختيار املحل الواجب ألاداء ‪ ،‬يكون كل من املحال املتعددة ممكنا طلبه ‪ ،‬فيقوم‬
‫التضامن بين هذه املحال على غرار التضامن الذى يقوم بين املدنيين املتضامنين فكما إن كل‬
‫مدين متضامن يمكن مطالبته بكل الدين فإذا وفاه انقض ى ‪ ،‬كذلك أى محل من املحال‬
‫املتعددة لاللتزام التخييري يمكن املطالبة به فإذا وفى انقض ى الالتزام فالتخيير إذن هو ضرب‬
‫من التضامن ما بين ألاشياء شبيه بالتضامن ما بين ألاشخاص ‪ ،‬هو تضامن عينى موضوعى (‬
‫‪ ) solidarite reelee et objective‬إلى جانب تضامن املدينين الشخص ى الذاتى ( ‪solidarite‬‬
‫‪ ) personnelle et subjective‬والتضامن العينى من شأنه ‪ ،‬كالتضامن الشخص ى ‪ ،‬أن يقوى‬
‫ً‬
‫ضمان الدائن ‪ ،‬فإذا أصبح تنفيذ محل من املحال املتعددة لاللتزام التخييري مستحيال جاز أن‬
‫ينفذ محل آخر ‪ ،‬فيتسع بذلك مجال التنفيذ ويقوى ضمان الدائن‬
‫و بعد اختيار املحل الواجب ألاداء يصبح هذا وحده هو محل الالتزام ‪ ،‬وينقلب الالتزام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التخييري عند ذلك التزاما بسيطا ليس له إال محل واحد‪ ،‬ويستتبع ذلك أن املحال املتعددة‬
‫لاللتزام التخييري تكون في الكثرة الغالبة من ألاحوال متعادلة في قيمتها‪ ،‬ما دام أن تنفيذ أي‬
‫محل منها يغنى عن تنفيذ املحال ألاخر مع ذلك قد تتفاوت قيم املحال إذا تفاوتت شروط أدائها‬
‫مثل ذلك أن يلتزم شخص نحو آخر بأن يبيع له الدار بألفين أو ألارض بألف‬
‫تمييز الالتزام التخييري عما يشابهه من أوضاع‬
‫هناك أوضاع قد تشتبه بااللتزام التخييري فيجب التمييز بينها وبينه‪ ،‬وأهم هذه ألاوضاع‬
‫الشرط الجزائي‪ ،‬والالتزام املعلق على شرط واقف وتفصيل ذلك كما يلي‪:‬‬
‫أ‪ /‬الالتزام التخييري والشرط الجزائري‪ :‬هناك فرقان بين الالتزام التخييري والشرط‬
‫الجزائي‪ ،‬وهما‬
‫‪ -‬إذا استحال على املدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي فالتزامه في الشرط الجزائي ينقض ي‬
‫وتبرأ ذمته‪ ،‬أما في الالتزام ا لتخييري فال ينقض ي التزامه بل يتركز في ألاشياء الباقية‬

‫‪50‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬ال خيار للدائن وال للمدين بين الشرط الجزائي وبين تنفيذ الالتزام ألاصلي‪ ،‬ولهما هذا‬
‫الخيار في الالتزام التخييري‬
‫ب‪ /‬الالتزام التخييري والالتزام املعلق على شرط واقف ‪ :‬يظهر الفرق بين الالتزام‬
‫التخييري والالتزام املعلق على شرط واقف في أن الالتزام التخييري في أن‪:‬‬
‫‪-‬التزام محقق الوجود منذ البداية ‪ ،‬أما الالتزام املعلق على شرط واقف غير محقق‬
‫ً‬
‫الوجود وهو لن يوجد فعال إذا ما تحقق الشرط‬
‫‪ -‬هلك محل الالتزام الشرطي بسبب أجنبي قبل تحقق الشرط كانت تبعة الهالك على‬
‫املدين ‪ ،‬أما التبعة في هالك أحد محال الالتزام التخييري فهي على الدائن‬
‫ج‪ /‬الالتزام التخييري والالتزام بش يء غير معين بالذات‬
‫الفرق بين أن يلتزم الشخص بإعطاء ش يء معين من بين أشياء معينة – وهذا هو الالتزام‬
‫التخييري – وبين أن يلتزم بإعطاء ش يء غير معروف من بين أشياء معروفة ‪ ،‬أن ألاشياء محل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الالتزام التخييري هي أشياء معينة بذاتها‪ ،‬كل ش يء منها قد عين تعيينا كافيا حتى ال يختلط‬
‫بغيره ‪ ،‬واحد هذه ألاشياء املعينة بالذات سيكون محل الالتزام إذا تم اختياره أما فى الالتزام‬
‫بإعطاء ش ئ غير معروف من بين أشياء معروفة ‪ ،‬فإن هذه ألاشياء املعروفة ليست معينة بذواتها‬
‫كما هى معينة فى الالتزام التخييري ‪ ،‬بل هي قد عينت بأنها الخيول التي في إلاصطبل دون أن تعين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذه الخيول فرسا فرسا ‪ ،‬أو هى قطيع البقر الذى يملكه البائع دون أن تعين رؤوس هذا القطيع‬
‫ً ً‬
‫رأسا راسا‬
‫وينبنى على هذا الفرق أمور ثالثة ‪:‬‬
‫‪ -0‬فى الالتزام بش ئ غير معين بالذات ‪ ،‬إذا فرز فرس من الاصطبل أو بقرة من القطيع بعد‬
‫إعذار املشترى ‪ ،‬ثم هلك الش ئ املفرز ‪ ،‬فإن هالكه ال يكون على املشترى ‪ ،‬بل يجب فرز فرس آخر‬
‫أو بقرة أخرى لتسليمها إليه أما إذا اختير أحد محال الالتزام التخييري ‪ ،‬ولم يتسلمه املشترى بعد‬
‫إعذاره ‪ ،‬فإن الهالك يكون عليه ال على البائع‬

‫‪52‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -3‬فى الالتزام بش ئ غير معين بالذات ‪ ،‬إذا فرز املبيع ‪ ،‬انتقلت ملكيته إلى املشترى من وقت‬
‫الفرز ال من وقت البيع أما فى الالتزام التخييري ‪ ،‬فإنه إذا اختير محل الالتزام ‪ ،‬انتقلت ملكيته‬
‫من وقت البيع ال من وقت الاختيار ‪ ،‬وسنرى أن الاختيار يستند إلى املاض ى‬
‫‪ -2‬فى الالتزام بش ئ غير معين بالذات ‪ ،‬إذا كان أحد الخيول مثال هو ملك املشترى ‪ ،‬ولكنه‬
‫ً‬
‫عندما فرز ليكون هو الفرس املبيع لم يعد ملكا له ‪ ،‬فإن البيع يصح أما فى الالتزام التخييري ‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا باع شخص فرسا من بين عدة خيول معينة بذواتها ‪ ،‬وكان أحدها ملكا للمشترى ثم لم يعد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ملكا له ‪ ،‬واختير ليكون محال لاللتزام ‪ ،‬فإن الالتزام ال يصح ألن هذا املحل لم يكن قد توافرت‬
‫ً‬
‫فيه الشروط الواجبة وقت نشوء الالتزام إذ كان ملكا للمشترى‬
‫من له خيار التعيين‬
‫ألاصل في الخيار أن يكون للمدين إال إذا اتفق املتعاقدان أو نص القانون على غير ذلك م‬
‫‪ 302‬من ق م‪ ،‬ومثال النص القانوني الذي يعطي الخيار للدائن ما نصت عليه املادة ‪ 300‬من‬
‫القانون املدني في فقرتها الثانية من سقوط أجل الدين إذا أضعف املدين بفعله إلى حد كبير ما‬
‫أعطى للدائن من تأمين ومن إعطاء الدائن الخيار بين سقوط ألاجل وبين املطالبة بتكملة الدين‬
‫‪ - 9‬تعيين املحل الواجب ألاداء‬
‫تنص املادة ‪ 301‬من القانون املدني على ما يأتي ‪ " :‬إذا كان الخيار للمدين وامتنع عن‬
‫الاختيار ‪ ،‬أو تعدد املدينون ولم يتفقوا فيما بينهم ‪ ،‬جاز للدائن أن يطلب من القاض ي تعيين أجل‬
‫يختار فيه املدين أو يتفق فيه املدينون‪ ،‬فإذا لم يتم ذلك تولى القاض ي بنفسه تعيين محل‬
‫الالتزام‬
‫أما إذا كان الخيار للدائن وامتنع عن الاختيار‪ ،‬أو تعدد الدائنون ولم يتفقوا فيما بينهم ‪،‬‬
‫ً‬
‫عين القاض ي أجال إن طلب املدين ذلك ‪ ،‬فإذا انقض ى ألاجل انتقل الخيار إلى املدين "‬
‫وهذا يعني أن أمامنا خياران حالة ما إذا كان الخيار للمدين وحالة ما إذا كان الخيار للدائن‬

‫ً‬
‫التعيين إذا كان الخيار للمدين ‪ :‬إذا كان الخيار للمدين ‪ ،‬فإنه يستعمل خياره ‪ ،‬وفقا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محال معينا من املحال املتعددة اللتزامه التخييري‬ ‫لقواعد العامة ‪ ،‬بإعالن إرادته فى أنه اختار‬

‫‪53‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذه إلارادة تعتبر تصرفا قانونيا من جانب واحد ‪ ،‬وهى ككل إرادة ال تحدث أثرها إال إذا وصلت‬
‫إلى علم الدائن ( م مدنى )‬
‫يستطيع املدين أن يكشف عن إرادته فى تعيين املحل الواجب ألاداء فى عن طريق تنفيذ‬
‫محل معين فيكون هذا املحل هو الذي اختاره‪ ،‬وال يستطيع العدول عن تنفيذ محل إلى تنفيذ‬
‫محل آخر‬
‫ً‬
‫ويغلب أن يحدد الطرفان ميعادا يستعمل فى خالله الخيار ‪ ،‬فإذا انقض ى امليعاد دون أن‬
‫يعلن املدين اختياره ‪ ،‬تولى القاض ي الاختيار على النحو الذى سنبينه أما إذا لم يحدد ميعاد‬
‫لالختيار ‪ ،‬فيكون للدائن ‪ ،‬إذا لم يعمل املدين حق خياره فى وقت معقول ‪ ،‬أن يلجأ إلى القاض ي‬
‫ً‬
‫ليحدد أجال للمدين يختار فيه ‪ ،‬بحيث إذا انقض ى هذا ألاجل ولم يختر املدين ‪ ،‬تولى القاض ي‬
‫الاختيار بنفسه كما سيأتى‬
‫وإذا مات املدين قبل أن يعمل خياره ‪ ،‬انتقل حق الخيار إلى الورثة ‪ ،‬تطبيق للقواعد‬
‫وإذا تعدد املدينون ‪ ،‬سواء عن طريق تعدد الورثة أو بأن كان املدينون فى ألاصل‬ ‫العامة‬
‫متعددين ‪ ،‬وجب أن يتفق الجميع على اختيار أحد محا الالتزام التخييري فإذا لم يتفقوا ‪،‬‬
‫اعتبروا فى حكم املمتنعين عن إعمال حق الخيار‬
‫وفي هذه لحالة يتولى القاض ى بنفسه تعيين محل الالتزام ‪ 301‬ق م فالدائن يطلب إلى‬
‫ً‬
‫القاض ى أوال تعيين أجل يختار فيه املدين أو يتفق فيه فإذا انقض ى هذا ألاجل دون أن اختيار أو‬
‫ً‬
‫اتفاق تولى القاض ي الاختيار مسترشدا في ذلك بإرادة الطرفين املشتركة ‪ ،‬وبخاصة إرادة املدين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إذا كان يستطيع وحده أن ينفرد باالختيار ولم يفعل ‪ ،‬ومسترشدا أيضا بظروف التعاقد وبغير‬
‫ذلك من املالبسات وال ينتقل الخيار هنا إلى الدائن ‪ ،‬حتى ال يوضع املدين تحت رحمته وهذا‬
‫بخالف ما إذا كان الخيار للدائن وأبى أن يعمل حقه فيه ‪ ،‬فسنرى أن الخيار في هذه الحالة‬
‫ينتقل إلى املدين ‪ ،‬إذ يغتفر من تحكم املدين ما ال يغتفر من تحكم الدائن ‪.‬‬
‫التعيين إذا كان الخيار للدائن أو ألجنبي‬
‫إذا كان الخيار للدائن وجب أن يستعمل خياره بإعالن إرادته‪ ،‬أو بطريق التنفيذ الفعلي‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بأن يقبض من املدين محال معينا من املحال املتعددة أو يطالبه بأداء محل معين‬

‫‪54‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫والبد أن يختار الدائن في امليعاد املحدد إذا حدد ميعاد‪ ،‬وإال ففي ميعاد معقول فإن امتنع‬
‫عن الاختيار‪ ،‬جاز للمدين أن يلجأ إلى القاض ي كما سنرى‬
‫وإذا مات الدائن انتقل الخيار لورثته وإذا تعدد الدائنون أو تعددت الورثة وجب أن‬
‫يتفق الجميع على اختيار ش يء واحد‪ ،‬وإال عدوا ممتنعين عن استعمال حق الخيار وفي هذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الحالة ينتقل الخيار إلى املدين فاملدين يطلب من القاض ي أوال أن يعين أجال يختار فيه الدائن ‪،‬‬
‫أو يتفق فيه الدائنون املتعددون أو الورثة ‪ ،‬فإذا انقض ى ألاجل دون اختيار أو دون اتفاق انتقل‬
‫الخيار من الدائن إلى املدين ‪ ،‬م ‪3/301‬‬
‫ويالحظ أن الخيار إذا كان ألجنبي‪ ،‬طبقت في حقه ألاحكام املتقدمة‪ ،‬لكن إذا امتنع ألاجنبي‬
‫ً‬
‫عن الخيار‪ ،‬تولى القاض ي الاختيار بنفسه تطبيقا للقواعد العامة ‪ ،‬وال ينتقل الخيار إلى املدين‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألن انتقال الخيار إلى من ليس له حق الخيار يقتض ى نصا خاصا ‪ ،‬فإن لم يوجد النص وجب أن‬
‫يتولى القضاء الاختيار‬
‫ً‬
‫استناد تعيين املحل إلى املاض ي ‪ :‬وأيا كان الشخص الذى يثبت له حق الخيار‪ ،‬فإنه متى‬
‫أعمل حقه واختار املحل الواجب ألاداء ‪ ،‬صار هذا املحل وحده هو محل الالتزام ‪ ،‬وانقلب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الالتزام التخييري التزاما بسيطا ذا محل واحد هو املحل الذى وقع عليه الاختيار‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ويستند هذا التعيين بأثر رجعى إلى املاض ي‪ ،‬فيعتبر الالتزام بسيطا ال تخييريا منذ نشوئه ال‬
‫ً‬
‫منذ إعمال حق الاختيار‪ ،‬ويرجع هذا الاستناد إلى أن املحل الذى عين كان منذ البداية محال‬
‫لاللتزام ‪ ،‬إال أن هذه املحلية كانت شائعة بينه وبين املحال ألاخرى ‪ ،‬فبتعيينه تركزت املحلية فيه‬
‫‪ ،‬واعتبر هو املحل الوحيد منذ نشوء الالتزام‬
‫ويترتب على هذا ألاثر الرجعي والاستناد إلى املاض ي نتائج هامة نذكر منها ما يأتى ‪:‬‬
‫‪ -‬أن طبيعة الالتزام التخييري تتحدد منذ البداية فيكون الالتزام عقارا أو منقوال بحسب‬
‫ما يقع الاختيار على عقار أو منقول‬
‫‪ -‬أن ملكية الش يء الذي وقع الاختيار عليه إذا كان منقوال معينا بالذات‪ ،‬تنتقل إلى الدائن‬
‫منذ نشوء الالتزام ال منذ إعمال حق الخيار‬
‫أحكام الهالك‬

‫‪55‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ألاهمية العملية لخيار التعيين ال تظهر إال في حالة هالك أحد ألاشياء التي التزم بها املدين‬
‫(‪ ، )1‬تنص املادة ‪ 305‬من القانون املدني على أنه ‪:‬‬
‫" إذا كان الخيار للمدين‪ ،‬ثم استحال تنفيذ كل من ألاشياء املتعددة التي اشتمل عليها‬
‫ً‬
‫محل الالتزام‪ ،‬وكان املدين مسؤوال عن هذه الاستحالة ولو فيما يتعلق بواحد من هذه ألاشياء‪،‬‬
‫ً‬
‫كان ملزما بأن يدفع آخر ش يء "‬
‫‪ -‬هالك الشيئين أو أحدهما والخيار للمدين ‪ :‬إذا هلك الشيئان معا بسبب أجنبي انقض ى‬
‫الالتزام التخييري بسبب هذه الحالة أما إذا كان الهالك بخطأ املدين ولو بالنسبة إلى أحد‬
‫الشيئين‪ ،‬فإن الالتزام يتركز في آخر ش يء هلك وعلى املدين أن يدفع قيمته م ‪ 305‬ق م‬
‫‪ -‬إذ هلك أحد الشيئين دون آلاخر سواء كان الهالك بخطأ املدين فإنه ال يبقى أمام املدين‬
‫ً‬
‫إال الش يء الباقي فيؤديه للدائن محال لاللتزام‬
‫وإذا كان الهالك بخطأ الدائن ‪ :‬فللدائن أن يختار الش يء الذى هلك فتبرأ ذمته أو يختار الش يء‬
‫آلاخر فيؤديه للدائن ويرجع عليه بقيمة الش يء الهالك‬
‫هالك الشيئين أو احدهما والخيار للدائن‪ :‬إذا هلك الشيئان معا بسبب أجنبي‪ ،‬انقض ى‬
‫الالتزام التخييري هنا أيضا بسبب هذه الاستحالة‬
‫أما اذا كان الهالك بخطأ املدين‪ ،‬فللدائن أن يختار أحد الشيئين فيرجع بقيمته على املدين‬
‫إذا هلك هذا الش يء بخطئه‬
‫وإذا هلك أحد الشيئين دون ألاخر بسبب أجنبي‪ ،‬تركز الالتزام في الش يء لباقي وتعين على‬
‫الدائن اختياره‪ ،‬أما إذا كان الهالك بخطأ املدين‪ ،‬فللدائن أن يختار الش يء الباقي فيطلب أداءه‬
‫عينا‪ ،‬او يختار الش يء الهالك فيرجع بقيمته‪ ،‬وغذا كان الهالك بخطأ الدائن فإن اختار الش يء‬
‫الذي هلك بخطئه فقد برئت ذمة املدين بهالكه‪ ،‬وإن اختار الش يء ألاخر فعليه ان يدفع قيمة‬
‫الش يء الهالك بخطئه للمدين‪.‬‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪023‬‬
‫‪56‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪Obligation facultative‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫املطلب الثاني ‪ :‬الالتزام الاختياري ( البدلي)‬
‫تنص املادة ‪ 306‬من القانون املدني على ما يأتي ‪ ":‬يكون الالتزام اختياريا إذا لم يشمل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫محله إال شيئا واحدا‪ ،‬ولكن تبرأ ذمة املدين إذا أدى بدال منه شئيا آخر‬
‫والش يء الذى يشمله محل الالتزام ‪ ،‬هو وحده محل الالتزام وهو الذى يعين طبيعته‪ ،‬ال‬
‫البديل الذى تبرأ ذمة املدير بأدائه "‬
‫يظهر من خالل نص هذه املادة أن مايميز الالتزام الاختياري عن الالتزام التخييري هو أن‬
‫محل الالتزام الاختياري هو الش يء ألاصيل وحده و ال يوجد ٌ‬
‫محل غيره وارد في العقد‪ ،‬في حين أن‬
‫املحل في الالتزام التخييري هو أحد الشيئين أو أحد ألاشياء املتعددة الواردة في العقد‬
‫يضاف إلى ذلك أنه في الالتزام الاختياري املدين وحده دون الدائن أن يحل الش يء البديل‬
‫محل الش يء ألاصيل باختياره‪ ،‬في حين أن الخيار بين ألاشياء املتعددة في الالتزام التخييري قد‬
‫يكون للمدين وقد يكون للدائن‬
‫ويترتب على أن محل الالتزام الاختياري هو الش يء ألاصيل وحده أن ينقض ي الالتزام‬
‫الاختياري إذا أصبح الوفاء باملحل ألاصلي مستحيال بسبب أجنبي ال يد للمدين فيه بينما في‬
‫الالتزام التخييري إذا استحال الوفاء بأحد الشيئين فإن الالتزام يظل قائما طاملا أنه من املمكن‬
‫الوفاء بالش يء آلاخر‬
‫تتحدد طبيعة الالتزام الاختياري وفقا ملاهية الش يء ألاصلي بغض النظر عن البديل الذي‬
‫تبرأ ذمة املدين بأدائه‪ ،‬فإذا كان هذا الش يء ألاصلي عقارا كان الالتزام عقاريا ولو كان البديل‬
‫منقوال‪ ،‬وهو امر له أهميته في تقدير قيمة الالتزام وتحديد املحكمة املختصة بنظر النزاع‪ ،‬أما إذا‬
‫كان الالتزام تخييريا فال يمكن تحديد طبيعة الالتزام أو تقدير قيمته‪ ،‬إذا اختلف الشيئان في‬

‫)‪ (1‬عالجه املشرع الجزائري تحت مسمى الالتزام الاختياري بينما سمته بعض التشريعات العربية املقارنة الالتزام البدلي‬
‫‪57‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الطبيعة أو القيمة‪ ،‬إال عند استعمال صاحب الخيار حقه في الاختيار(‪ )1‬أو يهلك أحدهما فيتعين‬
‫(‪)2‬‬
‫حينئذ املحل بأنه هو الش يء الذي بقي‬
‫تبرأ ذمة املدين في الالتزام الاختياري إذا أدى البديل وينقض ي هذا الالتزام محله ألاصلي‬
‫بسبب أجنبي أما هالك البديل فال ينقض ي به الالتزام سواء كان الهالك بسبب أجنبي أو بخطأ‬
‫املدين ولكن يتحول الالتزام بهالك البديل إلى التزام بسيط‬

‫املبحث الثالث‪ :‬تعدد طرفي الالتزام‬


‫قد يحدث وأن يتعدد أشخاص رابطة الالتزام سواء من ناحية الجانب الدائن أو من ناحية‬
‫الجانب املدين أو من الجانبين معا‪ ،‬وقد يقع هذا التعدد ابتداء كما لوباع مالك على الشيوع‬
‫العين املشاعة‪ ،‬أو اشترى عدة أشخاص عينا على الشيوع فيما بينهم‪ ،‬وقد يكون هذا التعدد‬
‫(‪)3‬‬
‫طارئا‪ ،‬وهو ما قد يحدث في حالة وفاة الدائن عن عدة ورثة‬
‫وقد يأخذ هذا التعدد صورا ثالث‬
‫ألاولى‪ :‬فأما أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما في غير تضامن ما بين ألاطراف املتعددين ‪،‬‬
‫فيتعدد الدائن ‪ ،‬أو يتعدد املدين ‪ ،‬أو يتعدد كل من الدائن واملدين ‪ ،‬دون أن تربط ألاطراف‬
‫املتعددين رابطة خاصة تجعلهم متضامنين فى الحق أو فى الدين ويسمى الالتزام في هذه الحالة‬
‫بااللتزام متعدد ألاطراف ( ‪) Obligation conjointe‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما في تضامن ما بين ألاطراف املتعددين ويسمى‬
‫الالتزام فى هذه الحالة بااللتزام التضامني ( ‪ ) Obligation solidaire‬فإذا كان املتعدد هو الدائن‬
‫‪ ،‬كان هناك تضامن ما بين الدائنين وهو تضامن إيجابى ( ‪ ) solidarite active‬أما إذا كان‬
‫املتعدد هو املدين ‪ ،‬وهذا هو الغالب ‪ ،‬كان هناك تضامن ما بين املدينين وهو تضامن سلبى (‬
‫‪) solidarite passive‬‬

‫)‪ (1‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪320‬‬


‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪206‬‬
‫)‪ (3‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫‪58‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الثالثة‪ :‬أن يتعدد طرفا الالتزام أو أحدهما في التزام ال يتجزأ تنفيذه ويسمى الالتزام في‬
‫هذه الحالة بااللتزام غير القابل لالنقسام ( ‪) obligation indivisible‬‬
‫والصورتان الثانية والثالثة – التضامن وعدم القابلية لالنقسام – ال يتحققان بمجرد‬
‫تعدد ألاطراف‪ ،‬بل ال بد من توافر شروط خاصة لتحقق كل منها أما الصورة ألاولى فتتحقق‬
‫بمجرد تعدد طرفي الالتزام الناش ئ من مصدر واحد ومن ثم كان ألاصل فى الالتزام الذى تتعدد‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أطرافه أن يكون التزاما متعدد ألاطراف‪ ،‬ال التزاما تضامنيا وال التزاما غير قابل لالنقسام‬
‫فالتضامن وعدم القابلية لالنقسام ال يفترضان‪ ،‬بل البد لهما من شروط خاصة كما قدمنا على‬
‫أن الغالب الذى يكثر وقوعه فى العمل هو الالتزام التضامني ثم الالتزام غير القابل لالنقسام‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الالتزام التضامني‬
‫التضامن وصف يحول دون انقسام الحق في حالة تعدد الدائنين أو الالتزام في حالة‬
‫تعدداملدينين(‪ ،)1‬وهو على هذا النحو قد يكون إيجابيا ( تضامن الدائنين) أو سلبيا (تضامن‬
‫املدينين)‪" ،‬‬
‫أوال‪ :‬التضامن بين الدائنين‪ :‬وملا كان في التضامن خروج عن قاعدة انقسام الالتزام في‬
‫حالة تعدد أطرافه فقد نصت املادة ‪ 302‬من القانون املدني على أنه" التضامن بين الدائنين أو‬
‫بين املدينين ال يفترض‪ ،‬وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون"‬
‫بالرغم من أن نص هذه املادة يشمل التضامن بين الدائنين والتضامن بين املدينين وأنه‬
‫يقض ي بأن التضامن يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون ‪ ،‬إال أن الفقه يرى أن التضامن‬
‫بين الدائنين ليس كالتضامن بين املدينين الذي يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون‬
‫فالتضامن بين الدائنين ال يكون مصدره إال الاتفاق أو الوصية ‪ ،‬أي إلارادة بوجه عام ‪ ،‬وال يكون‬
‫مصدره القانون‬
‫والتضامن بين الدائنين نادر الوقع في العمل وأكثر ما يقع عندما يكون هناك مدينون‬
‫ً‬
‫متضامنون ثم ينقلبون إلى دائنين متضامنين مثل ذلك أن يبيع ثالثة ستين قنطارا من القطن‬
‫ويتضامنون في الالتزام بالتسليم‪ ،‬ثم ال يدفع املشترى الثمن‪ ،‬فيكونون دائنين بالتضامن في‬

‫)‪ (1‬أنور سلطان‪ ،‬مرحع سابق‪ ،‬ص ‪321‬‬


‫‪59‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطالبة بفسخ البيع وكذلك لو كان العقد هبة وأراد الواهبون املتضامنون الرجوع في الهبة‪،‬‬
‫فإنهم يكونون دائنين متضامنين في هذا الرجوع ويصح أن يكون مصدر تضامن الدائنين الوصية‬
‫‪ ،‬فيوص ى شخص ألشخاص متعددين بمبلغ من النقود يستوفونه من تركته ويجعلهم متضامنين‬
‫فى املطالبة بهذا املبلغ ‪ ،‬وهنا نشأ التضامن إلايجابي منذ البداية ولم ينعكس عن تضامن سلبى‬
‫والسبب في ندرة التضامن بين الدائنين أن مضار هذا التضامن تربى على فوائده فإن‬
‫الدائنين إذا اشترطوا التضامن بينهم ال يكسبون من وراء ذلك إال أن أي دائن منهم يستطيع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املطالبة بكل الدين ‪ ،‬كما يستطيع املدين أن يوفيه إياه كله وهذا الكسب ال يعد شيئا مذكورا‬
‫إلى جانب ما يتعرض له الدائنون من الخطر ‪ ،‬فإن أي دائن منهم يستطيع أن يقبض الدين كله ‪،‬‬
‫فتبرأ ذمة املدين بهذا الوفاء ‪ ،‬فإن أى دائن منهم يستطيع أن يقبض الدين كله ‪ ،‬فتبرأ ذمة‬
‫املدين بهذا الوفاء ‪ ،‬وليس لسائر الدائنين إال الرجوع كله بنصيبه على الدائن الذى استوفى‬
‫الدين ‪ ،‬فإذا هو أعسر تحملوا تبعة إعساره ‪ ،‬وفى هذا من الخطر ما فيه أما ما أفادوه من‬
‫التضامن فيستطيعون الوصول إليه من غير هذا الطريق‪ ،‬فإنهم يملكون عند حلول الدين أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يعطوا أيا منهم توكيال بقبض كل الدين‬
‫وملا كان التضامن بين الدائنين مصدره إلارادة أو الاتفاق ‪ ،‬فإنه ال يجوز افتراض وجوده ‪،‬‬
‫ً‬
‫وما لم توجد إرادة واضحة إلخفاء فيها بإنشاء هذا التضامن فإنه ال يقوم فإذا باع مثال ثالثة‬
‫ً‬
‫أشخاص دارا لهم فى الشيوع ‪ ،‬ولم يتشرطوا على املشترى التضامن بينهم فى وضوح ‪ ،‬فال‬
‫يستخلص من شيوع الدار بين البائعين أنهم متضامنون فى تقاض ى الثمن ‪ ،‬بل ينقسم الثمن‬
‫عليهم كل بقدر نصيبه فى الدار املبيعة كذلك إذا كان املشترى قد اشترط على البائعين التضامن‬
‫فى التزاماتهم نحوه ‪ ،‬فإن ذلك ال يؤخذ منه ضرورة أنهم متضامنون فى حقوقهم عليه ‪ ،‬بل البد‬
‫من اشتراط التضامن فى الحقوق كما اشترط فى الالتزامات‬
‫على أنه ال يفهم من ذلك أن التضامن البد أن يرد فيه شرط صريح ‪ ،‬فقد يستخلص‬
‫ً‬
‫ضمنا من الظروف واملالبسات ولكن يجب أال يكون هناك شك في أنه مشترط‬
‫والتضامن بين الدائنين على النحو الذى سبق ذكره يجعل الالتزام متعدد الروابط ولكنه‬
‫موحد املحل أما أن الالتزام يكون متعدد الروابط ‪ ،‬فذلك بأن كل دائن متضامن تربطه باملدين‬

‫‪61‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫رابطة مستقلة عن الروابط التى تربط املدين بالدائنين املتضامين آلاخرين ‪ ،‬فتعدد الدائنين‬
‫املتضامنين يستتبع تعدد الروابط وأما أن الالتزام يكون موحد املحل ‪ ،‬فذلك هو الذى يحفظ‬
‫لاللتزام وحدته بالرغم من تعدد الدائنين ‪ ،‬ولو أن الدائنين املتعديين لم يكونوا متضامنين ملا‬
‫ً‬
‫احتفظ الالتزام بوحدته ولكان التزاما متعدد ألاطراف ينقسم على الدائنين املتعددين التزامات‬
‫مستقلة بعضها عن بعض كما بينا فيما تقدم‬
‫واهم النتائج التي تترتب على تعدد الروابط بالرغم من وحدة املحل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يجوز أن تكون الرابطة التي تربط أحد الدائنين املتضامين باملدين موصوفة وتكون‬
‫ً‬
‫الروابط ألاخرى بسيطة فيجوز أن يكون أحد الدائنين املتضامنين دائنا تحت شرط أو إلى أجل‬
‫‪ ،‬ويكون سائر الدائنين املتضامنين حقوقهم منجزة كما يجوز أن تكون إحدى الروابط معلقة‬
‫على شرطن ورابطة أخرى مقترنة بأجل وإلى هذا تشير الفقرة ألاولى من املادة ‪ 302‬من القانون‬
‫املدني إذ تنص على أنه " يجوز للدائنين املتضامنين ‪ ،‬مجتمعين أو منفردين ‪ ،‬مطالبة املدين‬
‫بالوفاء ‪ ،‬على أن يراعى في ذلك ما يلحق رابطة كل دائن من وصف "‬
‫‪ -‬يجو ز أن تكون إحدى الروابط قد شابها عيب والروابط ألاخرى غير معيبة فيجوز أن‬
‫ً‬
‫يكون أحد الدائنين املتضامنين قاصرا‪ ،‬أو تكون إرادته قد شابها غلط أو تدليس أو إكراه فتكون‬
‫رابطته قابلة لإلبطال لهذا العيب دون الروابط ألاخرى‪،‬‬
‫‪ -‬يجوز أن تنقض ي إحدى الروابط وتبقى مع ذلك الروابط ألاخرى ‪،‬‬
‫آلاثار املترتبة على التضامن إلايجابي‪:‬‬
‫يجب التمييز بين عالقة الدائنين مع املدين‪ ،‬وعالقة الدائنين املتضامنين بعضهم ببعض‬
‫أ‪ /‬عالقة الدائنين مع املدين‪ :‬تنص املادة ‪ 302‬من القانون املدني على ما يأتي ‪:‬‬
‫" ‪ -‬إذا كان التضامن بين الدائنين جاز للمدين أن يوفى الدين ألى منهم ‪ ،‬ما لم يمانع‬
‫أحدهم في ذلك "‬
‫" ‪ - 3‬وال يجوز للمدين إذا طالبه أحد الدائنين املتضامنين بالوفاء أن يحتج على هذا‬
‫الدائن بأوجه الدفع الخاصة بغيره من الدائنين ‪ ،‬ولكن يجوز له أن يحتج على الدائن املطالب‬
‫ً‬
‫بأوجه الدفع الخاصة بهذا الدائن بأوجه الدفع املشتركة بين الدائنين جميعا "‬

‫‪60‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وتنص املادة ‪ 331‬على ما يأتى ‪:‬‬


‫قبل أحد الدائنين املتضامين لسبب غير الوفاء ‪ ،‬فال تبرأ ذمته‬ ‫(‪)1‬‬
‫" ‪ -‬إذا برئت ذمة املدين‬
‫قبل باقى الدائنين آلاخرين إال بقدر حصة الدائن التي (الذى) برئت ذمة املدين قبله "‬
‫تقوم هذه العالقة على أسس ثالثة هي وحدة الدين وتعدد الروابط والنيابة التبادلية بينهم‬
‫فيما ينفع وال يضر‬
‫‪ -‬وحدة املحل‪ :‬أي وحدة الالتزام فألي دائن من الدائنين املتضامنين أن يطالب بكل‬
‫الدين‪ ،‬وللمدين أن يبرأ ذمته بأن يوفي بكل الدين ألي واحد منهم‪ ،‬على أنه يراعى فيما يتعلق‬
‫بحق املدين في اختيار الدائن الذي يوفى إليه بالدين‪ ،‬أال يكون الدائنين آلاخرين قد مانع في ذلك‬
‫الوفاء (م ‪ ،)302‬فإذ لم يعتد املدين بهذه املمانعة فال تبرأ ذمته قبل باقي الدائنين إال بقدر حصة‬
‫الدائن الذي تم الوفاء له‪ ،‬أما إذا وضع املدين هذا الاعتراض محل الاعتبار فال يكون أمامه إذا‬
‫أراد إبراء ذمته إال الوفاء للدائنين مجتمعين‪ ،‬أو إيداع الش يء محل الالتزام لحسابهم‬
‫(‪)2‬‬

‫وإذا كان هناك سبب للبطالن متعلق بمحل الالتزام فإنه يجوز ألي دائن أن يتمسك به‬
‫ومثال ذلك عدم مشروعية املحل‬
‫(‪)3‬‬

‫تعدد الروابط‬
‫تتعدد الروابط التي تربط املدين بدائنيه بقدر عدد أولئك الدائنين فيراعى ما قد يلحق‬
‫رابطة كل دائن من وصف يعدل أثر الدين م ‪ 302‬من ق م‪ ،‬وبناء على ذلك فقد توصف احدى‬
‫الروابط بوصف يميزها عن غيرها من الروابط‪ ،‬كان يكون الدين معلقا على شرط أو مضافا إلى‬
‫أجل بالنسبة ألحد الدائنين‪ ،‬وكذلك قد يشوب عالقة أحد الدائنين باملدين عيب كتدليس أو‬
‫إكراه وعندئذ ال يكون للمدين أن ي تمسك بهذا العيب إال في مواجهة هذا الدائن‪ ،‬وقد يكون‬
‫هذا العيب متعلقا بسائر الدائنين فيكون للمدين حينئذ أن يتمسك به في مواجهة أي واحد منهم‬
‫باعتباره من أوجه الدفع املشتركة‬

‫)‪ (1‬وليس الدائن كما هو في النص العربي للمادة ‪ 331‬وهو وضح من النص الفرنس ي‬
‫‪si le débiteur est libre‬‬
‫)‪ (2‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪202‬‬
‫‪62‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫النيابة التبادلية بين الدائنين املتضامنين‬


‫تنص املادة ‪ 331‬من القانون املدني على أنه" إذا برئت ذمة الدائن( املدين(‪ )1‬قبل أحد‬
‫الدائنين املتضامنين لسبب غير الوفاء فال تبرأ قبل الدائنين آلاخرين إال بقدر حصة الدائن التي (‬
‫الذي) برئت ذمته من أجله"‬
‫ال يجوز ألحد الدائنين املتضامنين أن يأتي عمال من شأنه إلاضرار بالدائنين آلاخرين"‬
‫وهذا النص ما هو إال تطبيق لفكرة النيابة التبادلية فيما ينفع الدائنين ال فيما يضر بهم‬
‫على هذا ألاساس فإن إبراء أحد الدائنين ال يسري على آلاخرين‪ ،‬وخطأ أحد الدائنين ال‬
‫يضر ببقية الدائنين‪ ،‬والصلح الذي يبرمه أحدهم متضمنا إسقاطا للدين كله أو بعضه ال يسري‬
‫(‪)2‬‬
‫على الدائنين آلاخرين‪ ،‬وإذا منح أحدهم الدائنين مهلة للدين فال تسري على آلاخرين‬
‫وإذا إذا برئت ذمة املدين قبل أحد الدائنين املتضامنين لسبب غير الوفاء فال تبرأ قبل‬
‫الدائنين آلاخرين إال بقدر حصة ذاك الدائن م ‪3/331‬‬
‫باملقابل تقوم فكرة النيابة على ما يحقق مصلحة الدائنين املتضامنين‪ ،‬فإذا أعذر أحد‬
‫هؤالء الدائنين املدين استفاد الباقون من هذا إلاعذار‪ ،‬وإذا طالب أحدهم بفوائد الدين سرت‬
‫هذه الفوائد بالنسبة إليهم جميعا من وقت رفع الدعوى بها‪ ،‬وإذا أقر املدين في مواجهة أحدهم‬
‫أفاد من ذلك الباقون‪ ،‬وإذا أسقط أحدهم سريان التقادم املسقط استفاد من ذلك الجميع‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وألامر ذاته إذا حصل احدهم على ضمان‬
‫عالقة الدائنين املتضامنين فيما بينهم‬
‫ينقسم الحق بينهم فما يستوفيه أحدهم يصير ملكا لجميع الدائنين أيا كان هذا القدر ولو‬
‫كان ما استوفاه ذلك الدائن ال يجاوز حصته من الحق‪ ،‬ويقسم ما استوفاه أحد الدائنين‬
‫املتضامنين على جميع الدائنين بنسبة حصصهم‪ ،‬أو بالتساوي ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني‬
‫(‪)4‬‬
‫يقض ي بغير ذلك‬

‫)‪ (1‬الصحيح هو ذمة املدبن وليس الدائن كما ورد في النص العربي للمادة ‪ ، 331‬وهو واضح من النص الفرنس ي للمادة ذاتها‬
‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪231‬‬
‫)‪ (3‬أنور سلطان مرجع سابق ص ‪313‬‬
‫)‪ (4‬المادة ‪ 223‬ق م‬
‫‪63‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ثانيا‪ :‬التضامن السلبي أو تضامن املدينين‬


‫يتحقق التضامن السلبي حيث يتعدد املدينون امللزمون بدين واحد ويكون كل منهم ملزما‬
‫بكل الدين وهو أقوى نوع من التأمينات الشخصية ويقع كثيرا في العمل‬
‫والتضامن السلبي مصدره الاتفاق أو القانون وال يفترض في املواد املدنية(‪ )1‬على خالف‬
‫املواد التجارية حيث يذهب الفقه معه القضاء ال سيما في فرنسا إلى التضامن في املواد التجاري‬
‫(‪)2‬‬
‫مفترض وأساس ذلك ما جرى عليه العرف‬
‫ومثال التضامن السلبي تضامن املسؤولين في التعويض عن الفعل الضار(‪ ،)3‬وتضامن‬
‫(‪)5‬‬
‫املوقعين على السفتجة(‪ ،)4‬وتضامن الشركاء في شركة التضامن‬
‫عالقة الدائن باملدينين املتضامنين‬
‫املبادئ ألاساسية التي تقوم عليها العالقة ما بين الدائن واملدينين في التضامن السلبي هي‬
‫نفس املبادئ التي تقوم عليها العالقة ما بين املدين والدائنين في التضامن إلايجابي ‪:‬‬
‫وحدة الدين‪ :‬أي أن محل الالتزام واحد‪ ،‬فللدائن مطالبة أي مدين متضامن منفردا بكل‬
‫الدين أو أن يطالبهم مجتمعين(‪ ،)6‬وألي مدين متضامن الوفاء بكل الدين للدائن ووفاء أحد‬
‫(‪)7‬‬
‫املدينين بكل الدين يبرئ ذمة املدينين آلاخرين نحو الدائن‬
‫كذلك الوفاء الجزئي ينقض ي به الدين جزئيا‪ ،‬فال يجوز للدائن أن يطالب باقي الدائنين إال‬
‫بباقي الدين‪ ،‬ويترتب على تجديد الدين بين الدائن وأحد الدائنين أن تبرأ ذمة باقي الدائنين إال إذا‬
‫(‪)8‬‬
‫احتفظ الدائن بحقه قبلهم‬
‫(‪)9‬‬
‫وإذا أبرأ الدائن أحد مدينيه املتضامنين فال تبرأ ذمة الباقين إال إذا صرح الدائن بذلك‬

‫)‪ (1‬المادة ‪ 237‬ق م‬


‫)‪ (2‬على خالف ذلك يذهب األستاذ محمد حسنين إلى أن التضامن السلبي في القانون الجزائري ال يفترض سواء في المواد المدنية أو التجارية‬
‫لصريح نص الماد ‪ 237‬ق م أنظر محمد حسنين مرجع سابق‪ ،‬ص ‪،123‬‬
‫)‪ 321 (3‬ق م‬
‫)‪ 121 (4‬ق ت‬
‫)‪ 553 (5‬ق ت‬
‫)‪ (6‬المادة ‪ 3/221‬ق م‬
‫)‪ (7‬المادة ‪ 222‬ق م‬
‫)‪ (8‬المادة ‪ 221‬ق م‬
‫)‪ (9‬المادة ‪ 227‬ف م‬
‫‪64‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وال يجوز للمدين املتضامن التمسك باملقاصة التي تقع بين الدائن ومدين متضامن آخر إال‬
‫بقدر حصة هذا الدين طبقا لنص املادة ‪ 335‬ق م‬
‫ويستطيع أي دائن أن يحتج بالدفوع املشتركة كالبطالن املطلق‪ ،‬أما الدفوع الخاصة بغيره‬
‫(‪)1‬‬
‫من املدينين كالبطالن النسبي لنقص ألاهلية مثال فال يجوز أن يدفع بها‬
‫النيابة التبادلية بين املدينين املتضامنين‪ :‬وال يجوز ألي مدين متضامن أن يأتي عمال من‬
‫شأنه أن يضر بباقي املدينين‪ ،‬ولكن إذا أتى عمال من شأنه أن ينفعهم أفادوا منه ( م ‪– 320‬‬
‫‪ 322‬ق م)‪ ،‬ويرجع هذا املبدأ إلي فكرة النيابة التبادلية‪ ،‬فكل مدين يمثل آلاخرين فيما ينفع ال‬
‫فيما يضر وهذا ما جرت العادة بتسميته آلاثار الثانوية للتضامن‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬عدم قابلية الالتزام لالنقسام أو التجزئة‬

‫الالتزام القابل لالنقسام هو الذي يقبل محله الانقسام أو التجزئة‪ ،‬وألاصل أن الالتزام‬
‫ينقسم بين الدائنين املتعددين واملدينين املتعددين إال أنه في بعض ألاحيان يكون الالتزام غير‬
‫قابل لالنقسام فيجب عندئذ الوفاء به جملة واحدة‬
‫أوال‪ :‬أسباب عدم قابلية الالتزام لالنقسام‬
‫ترجع هذه ألاسباب إلي طبيعة الالتزام أو نص القانون أو الاتفاق وفق ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬طبيعة الالتزام‪ :‬فإذا كان محل الالتزام شيئا أو عمال غير قابل للتجزئة ماديا أو معنويا‬
‫(‪)2‬‬
‫كان الالتزام غير قابل للتجزئة‬
‫وألاصل أن نقل امللكية أو الحقوق العينية ألاخرى قابل الانقسام ماديا كمساحة من‬
‫ألارض ومعنويا كنصف الدار على الشيوع ما عدا حق الارتفاق فإنه ال يتصور تقريره على حصة‬
‫شائعة من العقار املرتفق به‬
‫والالتزام بعمل قد يقبل القسمة كتسليم طن من القمح وقد ال يقبل القسمة كتسليم‬
‫سيارة باعها شخصان‬

‫)‪ (1‬المادة ‪2 /221‬‬


‫)‪ (2‬المادة ‪3/211‬‬
‫‪65‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫أما الالتزام باالمتناع عن عمل فغالبا ال يقبل القسمة كااللتزام باالمتناع عن املنافسة في‬
‫(‪)1‬‬
‫حالة بيع محل تجاري‬
‫‪-‬نص القانون‪ :‬مثال ذلك حق الشفعة ال يجوز استعماله أو إسقاطه إال في كامل العقار‬
‫املشفوع فيه (م ‪ 210‬ق م )‬
‫ثانيا‪ :‬أثر عدم قابلية الالتزام لقسمة‬
‫أثر ذلك هو وجوب الوفاء به جملة واحدة‪ ،‬سواء في حالة تعدد املدينين أو تعدد الدائنين‬
‫‪ -9‬تعدد الدائنين‪ :‬إذا تعدد املدينين في التزام مشترك(‪ )2‬وكان الالتزام غير قابل لالنقسام‬
‫أمكن للدائنالزام أي واحد منهم بالوفاء بكل الدين‪ ،‬ويكون للمدين الذي وفى الرجوع على املدينين‬
‫(‪)3‬‬
‫آلاخرين كل بقدر حصته إال إذا تبين من الظروف غير ذلك‬
‫‪ -0‬تعدد الدائنين‪ :‬يجوز للدائن في حالة تعدد الدائنين أو رثة الدائن أن يطالب منفردا‬
‫بأداء الدين كامال ما لم يعترض آلاخرون‪ ،‬ويرجع الدائنون على الدائن الذي استوفى الالتزام كل‬
‫بقدر حصته اما إذا اعترض أحد الدائنين على الوفاء فيصبح املدين ملتزما بالوفاء لهم‬
‫(‪)4‬‬
‫مجتمعين أو بايداع الش يء محل الالتزام‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬


‫)‪ (2‬ورد في النص العربي للمادة عبارة " املدين املتضامن"‪ ،‬وهي عبارة غير صحيحة فالصحيح ما ورد في النص الفرنس ي وهي املدين‬
‫املشترك" ‪ " chacun débiteur conjoints‬أنظر محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬هامش ص ‪332‬‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫‪66‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الفصل الثالث‪ :‬انتقال االلتزام‬

‫انتقال الالتزام يعني أن يتحول الالتزام ذاته حقا كان أو واجبا من شخص إلى آخر ؛ من‬
‫دائن إلى دائن آخر باعتباره حقا شخصيا‪ ،‬أو من مدين إلى مدين آخر باعتباره دينا‬
‫وينتقل الالتزام بالوفاة وهذا يكون في الوصية وإلارث‪ ،‬وقد يحدث بين ألاحياء وهذا يكون‬
‫في حالة حوالة الحق وحوالة الدين‪ ،‬وملا كان إلارث والوصية محلها قانون ألاسرة (‪ ،)1‬فإن‬
‫الحديث هنا سيقتصر على حوالة الحق وحوالة الدين‬
‫على هذا ألاساس نتناول حوالة (مبحث أول)‪ ،‬وحوالة الدين( مبحث ثان) على التفصيل‬
‫التالي‪:‬‬

‫)‪ (1‬أحالت املادة ‪ 221‬من القانون املدني إلى أحكام قانون ألاحوال الشخص ي ( قانون ألاسرة) فيما يتعلق باإلرث والوصية‬
‫‪67‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث ألاول‪ :‬حوالة الحق‪La cession de créance :‬‬


‫تمهيد‬
‫نظم املشرع الجزائري حوالة الحق باملواد من ‪ 321‬إلى ‪ 351‬من القانون املدني‪ ،‬وحولة‬
‫الحق" عقد بمقتضاه ينقل شخص هو الدائن‪ ،‬ويسمى املحيل (‪ )Le cédant‬إلى شخص آخر وهو‬
‫الدائن الجديد لهذا الالتزام الجديد بهذا الالتزام ويسمى املحال له‪ (Le cessionnaire‬قبل‬
‫(‪)1‬‬
‫شخص ثالث هو املدين في هذا الالتزام ويسمى املحال عليه( ‪)Le cédé‬‬
‫وتتعدد أغراض حوالة الحق فقدد يكون الغرض منها التبرع وحينئذ يطبق عليها أحكام‬
‫عقد الهبة من حيث الشكل واملوضوع‪ ،‬وقد تكون بعوض أي بمقابل ثمن نقدي وهنا تسري عليها‬
‫قواعد البيع وأهمها وجوب الثمن على املشتري ووجوب الضمان على البائع وقد يكون الغرض‬
‫منها هو رهن الحق املحال له فتكون الحوالة عقد رهن تسري عليه قواعد الرهن‪ ،‬وأهمها وجود‬
‫دين للمحال في ذمة املحيل يبرر إنشاء الرهن ضمانا له وقد يكون الغرض من الحوالة هو الوفاء‬
‫بدين املحيل قبل املحال له فيكون الحق املحال مقابل الوفاء بهذا الدين‬
‫(‪)2‬‬

‫ومهما كان الغرض من الحوالة فإنها تخضع ألحكام خاصة ال بد من مراعاتها في جميع‬
‫ألاحوال تتعلق باألساس بأركانها وشروطها وباآلثار املترتبة عليها‬
‫وهو ما سنعرض له بالتفصيل التالي‪:‬‬

‫املطلب ألاول‪ :‬أركان حوالة الحق‬

‫)‪ (1‬جالل علي العدوي‪ :‬أصول أحكام الالتزام وإلاثبات‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬إلاسكندرية ‪ ،0226‬ص‪ ، 025‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي‬
‫البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ ،325‬جميل الشرقاوي‪ :‬النظرية العامة لاللتزام‪ ,‬الكتاب الثاني‪ ,‬أحكام الالتزام‪،0225 ،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪312‬‬
‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪223 ،220‬‬
‫‪68‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ملا كانت حوالة الحق اتفاقا بين املحيل واملحال له أي عقد كانت أركانها وشروطها هي أركان‬
‫وشروط العقد بوجه عام‪ ،‬فال بد من رضا املتعاقدين( طرفا الحوالة) وهما املحيل واملحال له‪،‬‬
‫وال بد أن يصدر الرضا وفقا للقواعد العامة من ذي أهلية غير موب بعيب من عيوب الرضا‬
‫وال يشترط رضا املدين املحال عليه النعقادها‪ ،‬إذا ال يعد طرفا في عقد الحوالة‪ ،‬وألنه‬
‫يستوي لدى املدين استبدال دائن بآخر؛ ألنه لن يترتب على هذا التغيير أية زيادة في عبء‬
‫الالتزام بالنسبة إليه‬
‫(‪)1‬‬

‫وال بد أن يكون للحوالة سبب مشروع‪ ،‬أما املحل فالقاعدة العامة أن جميع الحقوق‬
‫الشخصية يجوز حوالتها أيا كان محلها(‪ )2‬وال يستثنى من ذلك إال ما نص القانون على عدم جواز‬
‫ها أو ما كان بطبيعته غير قابل لها(‪ ،)3‬ومثال ألاول الحقوق التي ال يجوز الحجز عليها فقد منع‬
‫القانون حوالتها كديون النفقة ومرتبات املتقاعدين وأجوز العمال والصناع إذ ال يجوز حوالتها‬
‫إال بمقدار ما يجوز الحجز عليها‬
‫(‪)4‬‬

‫ومثال اتفاق ألاطراف اشتراط املؤجر على املستأجر عدم نزوله على إلاجارة إلى الغير‪ ،‬ومثال‬
‫الحقوق املرتبطة حق الشريك في شركة ألاشخاص أو حق الدائن في دين النفقة‬

‫املطلب الثاني‪ :‬شروط نفاذ حوالة الحق‬

‫تنص املادة ‪ 310‬على أنه" ال يحتج بالحوالة قبل املدين‪ ،‬أو قبل الغير إال إذا رض ي بها‬
‫املدين‪ ،‬أو أخبر بها بعقد غير قضائي‪ ،‬غير أن قبول املدين ال يجعلها نافذة إال إذا كان هذا القبول‬
‫ثابت التاريخ"‬
‫يستفاد من هذا النص أن املدين والغير ال يحتج عليهما بحوالة الحق إال بأحد إلاجراءين‬
‫املذكورين على التفصيل التالي‪:‬‬
‫أوال‪ -‬نفاذ الحوالة بالنسبة للمدين‪ :‬ال تنفذ حوالة الحق في حق املدين إال بإعالمه بها أو‬
‫بقبوله لها‪ ،‬إذ أن العدل واملنطق يقتض ي أال يؤاخذ على الوفاء للدائن السابق إال إذا أبلغ‬

‫)‪ (1‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪322 ،‬‬


‫)‪ (2‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪326‬‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫)‪(4‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫‪69‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫بالحوالة أو قبلها(‪ ،)1‬كما أن الدين قد يكون محال لحقوق أخرى كحوالة جديدة أو حجز أو رهن‬
‫وعندئذ ينبغي أن يرتب القانون إجراء معينا للمفاضلة بين أصحاب هذه الحقوق‬
‫ويتم إلاعالم بناء على طلب طرفي العقد ( املحيل واملحال عليه) بواسطة عقد غير قضائي‪،‬‬
‫ويغني عن إلاعالن قبول املدين الحوالة‪ ،‬واملفروض أن يقع هذا القبول في وقت انعقاد الحوالة أو‬
‫بعدها‪ ،‬فال عبرة بالقبول السابق‪ ،‬وال يشترط في القبول شكال معينا فقد يكون كتابيا أو شفويا‬
‫فإذا لم يحص إلاعالم أو يصدر القبول فعلى املدين أو يوفي دينه إلى دائنه ألاصلي دون غيره‬
‫ويعتبر هذا الوفاء صحيحا ومبرئا للذمة ولييس للمحال له إال الرجوع على املحيل‬
‫وإذا علم املدين بالحوالة بغير هذين الطريقين‪ ،‬فإن هذا العلم ال يكفي في ذاته لنفاذه في‬
‫حقه بحسب ألاصل‪ ،‬مع ذلك إذا علم املدين بالحوالة وقام بعد ذلك بتصرف ينطوي على غش‬
‫من ناحيته وعلى تواطئ من ناحية املدين( املحيل)‪ ،‬فإن هذا الوفاء ال يعتد به في مواجهة الدائن‬
‫الجديد عمال بقاعدة أن الغش يفسد كل ش يء‬
‫ثانيا‪ :‬نفاذ الحوالة بالنسبة للغير ‪ :‬املقصود بالغير هنا كل شخص يضار من نفاذ‬
‫الحوالة(‪ ،)2‬أو هو كل من يكتسب حقا من جهة املحيل على الحق املحال بحيث يتعارض مع حق‬
‫املحال له‬
‫(‪)3‬‬

‫ومثال ذلك أن يحيل املدين حقه إلى أكثر من دائن فيصبح كل واحد من هؤالء غيرا‬
‫بالنسبة لآلخر‪ ،‬ومثاله أيضا أن يرهن الدائن حقه لشخص آخر فيصبح كل من املحال له‪،‬‬
‫املرتهن من الغير بالنسبة لآلخر‬
‫والقاعدة هنا أن املحال له‪ ،‬ال يتقدم على من يزاحمه من الغير إال إذا كان حقه ثابت‬
‫التاريخ قبل حق من يزاحمه(‪ ،)4‬والهدف من اشتراط ثبوت التاريخ هو منع التواطؤ بين املحيل‬
‫واملحال له بهدف إلاضرار بالغير عن طريق تقديم تاريخ الحوالة‬
‫(‪)5‬‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ ،222‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪325‬‬
‫)‪(2‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫)‪(3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪222‬‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 312‬من ق م‬
‫)‪ (5‬سليمان مرقس‪ :‬موجز أصول الالتزامات‪ ،‬مطبعة لجنة البيان العربي‪ ،‬القاهرة ‪ ،0260‬بند ‪ ،223‬صفحة ‪263‬‬
‫‪71‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الثالث‪ :‬آثار حوالة الحق‬


‫تختلف هذه آلاثار باختالف أطرافها على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬آثار انعقاد الحوالة بين املتعاقدين‪ :‬يترتب على انعقاد الحوالة فيما بين املحيل واملحال‬
‫أن ينتقل الحق وقت انعقاد الحوالة بكل صفاته وتوابعه وضماناته وقيوده‪،‬‬
‫ويقصد بصفاته إنه إذا كان حقا مدنيا أو تجاريا انتقل بهذه الصفة إلى املحال له‪ ،‬و كذل‬
‫الحال إن كان حقا قابال للتنفيذ فإنه ينتقل إلى املحال له بهذه الصفة‪ ،‬ويقصد بتوابعه ما حل‬
‫من فوائده التي لم يكن الدائن املحيل قد قبضها بعد‪ ،‬ويقصد بضماناته أن يكون الحق مكفوال‬
‫بكفالة أو مضمونا بتأمين عيني كحق امتياز أو رهن أو أي تأمين آخر مع ألاخذ بعين الاعتبار أنه‬
‫إذا كان الدين مضمونا بتأمين عيني على عقار كرهن عقاري مثال وجب التأشير بالحوالة في هامش‬
‫القيد ألاصلي في السجل العقاري لشهرها حتى يمكن الاحتجاج على الغير بانتقال هذا التأمين‬
‫العيني العقاري‬
‫وتعتبر من توابع الحق املحال به الدعاوي التي تحميه وتؤكده‪ ،‬ومثالها دعوى الفسخ فإذا‬
‫حول البائع الثمن ولم يقم املشتري بالوفاء به إلى املحال له‪ ،‬كان لهذا ألاخير أن يرفع دعوى‬
‫(‪)1‬‬
‫فسخ البيع ضد املشتري‪ ،‬فإذا قض ى بالفسخ عاد الش يء املبيع إلى املحال له ال املحيل‬
‫وقد عبرت املادة ‪ 312‬عن هذا ألاثر بقولها" تشمل حوالة الحق ضماناته كالكفالة‪،‬‬
‫والامتياز والرهون‪ ،‬ورهن الحيازة كما تشمل ما حل من أقساط "‬
‫أما قيوده فهي الدفوع التي للمدين قبل دائنه ألاصلي كالدفع بالفسخ أو البطالن أو‬
‫(‪)2‬‬
‫الانقضاء‪ ،‬وإذا قبل املدين الحوالة عد قبوله تنازال عن الدفع باملقاصة‬
‫‪-20‬العالقة بين املحال له واملحيل‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪310‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪70‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫رأينا سلفا أن الحوالة إما أن تكون بعوض أو بغير عوض‪ ،‬فإذا كانت بعوض كانت بيعا‬
‫وطبقت عليها أحكام البيع‪ ،‬وإذا كانت بغير عوض كانت هبة وطبقت عليها أحكام الهبة‬
‫‪ -‬التزام املحيل بالتسليم‪ :‬أي بتسليم سند الدين وكل ما يمكنه من إثبات الحق املحال‬
‫واملطالبة به‬
‫‪ -‬التزام املحيل بالضمان‪ :‬أي التزامه بضمان وجود الحق املحال وهنا ينبغي أن نفرق بين‬
‫الحوالة بعوض والحوالة بدون عوض‪ ،‬ففي الثانية ال ضمان ألن املتبرع غير ضامن لوجود‬
‫(‪)2‬‬
‫الحق(‪ )1‬مع ذلك يسأل املحيل عن أفعاله الشخصية ولو كانت الحوالة مجانية بدون ضمان‬
‫أما إذا كانت الحوالة بعوض فإن الالتزام بالضمان يكون قائما‪ ،‬ويجب في هذا الخصوص‬
‫أن نفرق بين الضمان القانوني والضمان الاتفاقي‬
‫فاألول ينظمه القانون ويكون في حالة خلو عقد الحوالة من اتفاق ينظم الضمان وعندئذ‬
‫يضمن املحيل وجود الحق وصحته هو وتوابعه وقت الحوالة فقط‪ ،‬مالم يوجد اتفاق يقض ي‬
‫بخالف ذلك(‪ ،)3‬فال يضمن سقوط الحق لسبب طارئ بعد انعقاد الحوالة إذا كان هذا السبب‬
‫(‪)4‬‬
‫غير راجع إليه كالتقادم كما أنه ال يضمن مالءة املدين أي يساره‪ ،‬وال قدرته على الوفاء‬
‫أما الثاني وهو الضمان الاتفاقي فهو اتفاق العاقدان على تعديل أحكام هذا الضمان‬
‫القانوني بالتشديد أو التخفيف ومثال ألاول أن يشترط املحال له أن يضمن املحيل يسار املدين‬
‫سواء وقت انعقاد الحوالة أو إلى غاية الوفاء بالحق املحال‬
‫وكما يجوز تشديد الضمان يجوز على املحيل يجوز تخفيف الضمان أو إلاعفاء منه فيجوز‬
‫الاتفاق على أن املحيل ال يضمن وجود الحق وال صحته فضال عن عدم يسار املدين(‪ )5‬غير أن‬
‫(‪)6‬‬
‫املحيل يبقى مسؤوال عن أفعاله الشخصية‬
‫‪ -3‬العالقة بين املحال عليه واملحيل‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 0/311‬من ق م‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 351‬ق م‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 0/311‬ق م‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 0/315‬ق م‬
‫)‪ (5‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪315‬‬
‫)‪ (6‬املادة ‪ 312‬ق م‬
‫‪72‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫يبقى املحيل قبل نفاذ الحوالة في حق املحال عليه باإلعالن أو القبول‪ ،‬هو الدائن للمحال‬
‫عليه‪ ،‬فيستطيع التصرف بالحق املحال بكل أنواع التصرفات‬
‫وإذا وفى املحال عليه بالحق إلى املحيل برئت ذمته‪ ،‬ولكن إذا كان املحال عليه يعلم بصدور‬
‫الحوالة وقام مع ذلك بالوفاء للمحيل فإن ذمته ال تبرأ بهذا الوفاء‪ ،‬ذلك أن قيامه بالوفاء‬
‫للمحيل مع علمه يعتبر تواطؤا منه مع املحيل على إلاضرار باملحال له فالوفاء يعتبر في هذه‬
‫(‪)1‬‬
‫الحالة قائما على الغش والغش يفسد كل ش يء‬
‫أما إذا أعلنت الوكالة أو قبلت فإنها تصبح نافذة في حق املحال عليه وفي حق الغير ويصبح‬
‫املحيل أجنبيا بالنسبة إلى املحال عليه فال يستطيع مطالبة املحال عليه بالدين وال التصرف فيه‬
‫وال يعود بإمكان للمحال عليه بالوفاء للمحيل‬
‫‪-20‬العالقة بين املحال له والغير‬
‫الغير هنا كل من تعلق له حق بالحق املحال‪ ،‬أو كل شخص يضار من نفاذ الحوالة‪،‬‬
‫كاملحال له الثاني‪ ،‬أو الدائن املرتهن‪ ،‬أو الدائن الحاجز على ذلك الحق تحت يد املدين املحال‬
‫عليه‪ ،‬والقاعدة العامة أن الحوالة ال تنفذ في حق الغير إال إذا قبلها قبوال ثابت التأريخ أو أعلن‬
‫بها‪ ،‬ولقد عاج املشرع الجزائري حاالت النزاع التي يمكن أن تثار بين أكثر من محال إليه بنفس‬
‫الحق أو بين املحال له ودائن حاجز على الحق املحال على التفصيل التالي‪:‬‬
‫أ‪ -‬التنازع بين املحال لهم‪ :‬إذا أبرم املحيل عدة حوالات للحق ذاته وألشخاص مختلفين؛‬
‫والعبرة ليست‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ّ‬
‫فإن ألافضلية بينهم تكون ملن تصبح حوالته نافذة قبل غيرها في حق الغير‬
‫بتاريخ صدور الحوالة‪ ،‬بل بالتاريخ الثابت للتبليغ أو للقبول‬
‫لكن هذه القاعدة ليست مطلقة‪ ،‬بل يحد منها مبدأ الغش يفسد التصرفات‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫ّ‬
‫إذا تمت الحوالة الثانية بالتواطؤ بين املحيل واملحال له الثاني لإلضرار باملحال له ألاول‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬
‫يجب تفضيل هذا ألاخير ولو كان تبليغ الحوالة للمدين جاء الحقا لقبول الحوالة الثانية أو‬
‫(‪)3‬‬
‫تبليغها‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪315‬‬
‫)‪ (2‬املادة ‪ 312‬من ق م‬
‫)‪ (3‬جالل علي العدوي‪ :‬مرجع سابق ‪ ،‬صفحة ‪213‬‬
‫‪73‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ب‪ -‬التنازع بين املحال له والدائن املرتهن‪ :‬إذا قام املحيل بحوالة حقه إلى محال له‪ ،‬ثم‬
‫قام برهن الحق نفسه إلى دائن مرتهن‪ ،‬فالقاعدة ّأن ألافضلية بينهما تكون على أساس ألاسبقية‬
‫في النفاذ فإذا كانت الحوالة هي ألاسبق في النفاذ كانت ألافضلية للمحال له‪ ،‬أما إذا كان الرهن‬
‫هو ألاسبق في النفاذ‪ّ ،‬‬
‫فإن ألافضلية تكون للدائن املرتهن‬
‫ج ‪ -‬التنازع بين املحال له والدائن الحاجز‪ :‬يأخذ التنازع الذي يحدث بين دائن املحيل‬
‫ً‬
‫وبين املحال له وبين دائن املحيل الحاجز على الحق املحال تحت يد املدين صورا مختلفة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬التزاحم بين املحال له والدائن الحاجز املتأخر‪ :‬لم يرد فيها نص لوضوحها ذلك أن‬
‫الحوالة قد نفذت في حق الغير بالقبول الثابت التاريخ أو باإلعالن قبل توقيع الحجز تحت يد‬
‫املدين؛ فهنا ال أثر للحجز في الحق املحال‪ ،‬ألنه وقع على حق غير مملوك للمدين باعتباره خرج‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫من ذمة املحيل‪ ،‬فيقع باطال النعدام املحل‬
‫‪-‬التزاحم بين املحال له والدائن الحاجز املتقدم‪ :‬وتتحقق هذه الحالة إذا قام دائني‬
‫املحيل بالحجز تحت يد املحال عليه‪ ،‬قبل أن تصبح الحوالة نافذة بالنسبة للغير‪ ،‬ثم قام بعد‬
‫ذلك املحال له بإعالن الحوالة إلى املحال عليه بما يجعلها نفاذة في مواجهة الغير‬
‫ً ّ‬ ‫‪ ،‬فهنا ّ‬
‫يعد الحجز صحيحا ألنه وقع على مال مملوك للمدين الحاجز‪ ،‬ولكن الحوالة‬
‫املتأخرة ّ‬
‫تعد بمثابة حجز آخر (‪ ، )2‬وألن املبدأ املقرر هو املساواة بين الدائنين الحاجزين املتأخر‬
‫ً‬
‫كافيا ّ‬ ‫ً‬
‫قسم بينهما‬ ‫منهم واملتقدم‪ ،‬فإنه إذا كان املال كافيا استوفى كل منهما حقه‪ ،‬وإن لم يكن‬
‫(‪)3‬‬
‫قسمة غرماء‬
‫‪ -‬التزاحم بين املحال له والدائن الحاجز املتقدم والدائن الحاجز املتأخر‪ :‬إذا وقعت‬
‫الحوالة بين حجزين أولهما سابق على نفاذ الحوالة في حق الغير وثانيهما تال‪ ،‬لذلك هنا ّ‬
‫يقسم‬ ‫ٍ‬
‫الدين املحال له بين الحاجز املتقدم واملحال له والحاجز املتأخر قسمة غرماء على أن يؤخذ من‬
‫(‪)4‬‬
‫حصة الحاجز املتأخر ما يستكمل به املحال له قيمة الحوالة‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين مرجع سابق ص ‪221‬‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 0 / 351‬ق م‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 3/351‬ق م‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 3/351‬ق م‬
‫‪74‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫والعلة في هذا الحكم أن املشرع اراد أن يجعل الحاجز املتأخر يزاحم الحاجز املتقدم‪ ،‬وأراد‬
‫في الوقت ذاته إال يأخذ الحاجز املتأخر شيئا قبل أن يستوفي املحال له كل حقه ألن الحوالة‬
‫(‪)1‬‬
‫املتقدمة تجب الحجز املتأخر‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪312‬‬
‫‪75‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث الثاني‪ :‬حوالة الدين ‪La cession de dette‬‬


‫نظمها املشرع الجزائري في املواد من ‪ 350‬إلى ‪ 352‬ضمن الباب الرابع املتعلق بانتقال‬
‫الالتزام من القانون املدني‬
‫وحوالة الدين هي اتفاق بين طرفين على نقل عبء الدين من ذمة املدين ألاصلي وهو‬
‫(‪)1‬‬
‫املحيل إلى ذمة مدين جديد يحل محله يسمى املحال عليه‬

‫املطلب ألاول‪ :‬شروط حوالة الدين وكيفية وانعقاداها‬

‫أوال‪ :‬شروطها‬
‫ً‬
‫تخضع حوالة الدين باعتبارها عقدا للقواعد العامة في انعقاد العقود وصحتها‪ ،‬فالبد من‬
‫وخال من العيوب كما يجب وجود سبب مشروع‬ ‫ٍ‬ ‫وجود رضا صادر عن شخص كامل ألاهلية‬
‫لهذه الحوالة‪ ،‬فقد يقصد املحيل إما إقراض املدين مبلغ الدين‪ ،‬وإما الوفاء بدين مترتب في ذمة‬
‫هذا املدين‪ ،‬وإما التبرع للمدين ألاصلي باملبلغ‬
‫ً‬
‫وينبغي أن يكون محل الحوالة هو الدين املحال‪ ،‬مستوفيا لشروطه القانونية‪ ،‬ولكن ال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يشترط في حوالة الدين أن ترد على دين منجز‪ ،‬فقد يكون محل الحوالة دينا حاال أو مستقبال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫غير مستحق ألاداء‪ ،‬وقد يكون محلها مضافا إلى أجل أو معلقا على شرط واقف كذلك يمكن أن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(‪)2‬‬
‫يكون محل الحوالة دينا مدنيا أو تجاريا بفائدة أو من دون فائدة‬
‫ثانيا‪ :‬إنعقاد الحوالة‬
‫تنعقد الحوالة إما باتفاق املدين ألاصلي واملدين الجديد( املحال عليه) وإما باتفاق الدائن‬
‫واملدين الجديد بأن يحل هذا ألاخير محل املدين السابق فأحد طرفي الحوالة هو حتما املدين‬
‫الجديد والطرف ألاخر هو إما املدين السابق وإما الدائن‬
‫(‪)3‬‬

‫أ‪ -‬انعقاد الحوالة باتفاق املدين( املحيل) واملدين الجديد‬

‫)‪ (1‬أنور سطان‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ ،322‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬ص ‪ ،330‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪226‬‬
‫)‪ (2‬منذر الفضل‪ :‬النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني‪ ,‬دراسة مقارنة بين الفقه إلاسالمي والقوانين املدنية الوضعية‪ ,‬أحكام‬
‫عمان‪ ،0223 ،‬ص ‪302‬‬ ‫الالتزام‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ّ ،‬‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪222‬‬
‫‪76‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫تنص املاد ‪ 350‬على أنه" تتم حوالة الدين باتفاق بين املدين وشخص آخر يتحمل عنه‬
‫الدين"‬
‫فتتم الحوالة غالبا في صورة اتفاق بين املحيل (املدين ألاصلي) وبين شخص آخر يحل‬
‫محله في الدين‪ ،‬وفي هذه الحالة ال يمكن تصور تمام الحوالة أو نفاذها إال بتدخل الدائن ذلك‬
‫أن تغيير املدين أمر خطير‪ ،‬فشخصية املدين هي محل اعتبار كبير في الالتزام(‪ ،)1‬إذ أن قيمة‬
‫الالتزام املادية مرتبطة بشخص أي بيساره ومدى حرصه على الوفاء وإذا كان الدائن قد قبل‬
‫مدينا معينا فإنه قد ال يقبل مدينا آخر بدله وال جبر عليه في ذلك(‪ ،)2‬على هذا ألاساس ال بد من‬
‫قبول الدائن النعقاد حوالة الدين وهو شرط مسلم به في كل القوانين التي أجازت حوالة الدين‬
‫مع ذلك فإن املشرع الجزائري على غرار العديد من التشريعات جعل الحوالة كعقد نافذة‬
‫في حق عاقديها فيما بينهما ولو لم يجزها الدائن ولو رفضها كذلك(‪ ،)3‬ومقتض ى ذلك أن يكون‬
‫املدين املحال عليه ملزما بالحوالة ومسؤوال بموجب عقد الحوالة أمام املدين السابق عن الوفاء‬
‫بالدين املحال إلى الدائن‪ ،‬أما إقرار املدين فليس إال شرطا لنفاذها في حقه هو‬
‫(‪)4‬‬

‫فيجب إقرار الدائن لهذه الحوالة حتى تكون نافذة في حقه‪ ،‬وال ّ‬
‫تعد موافقة الدائن على‬
‫ً‬
‫حوالة الدين شرطا النعقاد الحوالة‪ ،‬وإنما لنفاذها في حقه‬
‫أ‪ -‬مفهوم إلاقرار‪ :‬هو موافقة الدائن على حوالة الدين التي تمت بين املدين واملحال عليه‬
‫مما يؤدي إلى جعل آثار هذه الحوالة نافذة بحقه واملقصود بنفاذ الحوالة في حق الدائن انتقال‬
‫ً‬
‫الدين ألاصلي إلى املدين الجديد‪ ،‬ويصبح ساريا في مواجهة هذا الدائن‪ ،‬وتبرأ ذمة ألاول‪ ،‬ويصبح‬
‫الثاني هو وحده املدين للدائن‬
‫(‪)5‬‬

‫ً ّ ً‬
‫معينا لإلقرار‪ ،‬فيكفي إخطار من الدائن إلى أحد املتعاقدين أنه‬ ‫ال يتطلب القانون شكال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يقر الحوالة التي تمت بينهما‪ ،‬وقد يكون إلاقرار صريحا أو ضمنيا كقبول الدائن من املحال عليه ‪-‬‬
‫مع علمه بالحوالة ودون تحفظ ‪ -‬الوفاء ببعض الدين أو بالفوائد املستحقة عنه‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق ص ‪335‬‬
‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪222‬‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 0/352‬ق م‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 0/353‬ق م‬
‫)‪ (5‬سليمان مرقس‪ :‬مرجع سابق‪ ،0260 ،‬ص‪222‬‬
‫‪77‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ويقابل إلاقرار الرفض أي رفض الدائن إلاقرار بالحوالة؛ وهو ما يؤدي إلى اعتبارها غير‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سارية في مواجهته‪ ،‬وقد يرفض الدائن الحوالة رفضا صريحا أو ضمنيا‪ ،‬ومن صور الرفض‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الضمني أن يبلغ املحيل أو املحال عليه الدائن بالحوالة‪ّ ،‬‬
‫ويعين له أجال معقوال ليقرها‪ ،‬فإذا‬
‫ً‬ ‫انقض ى ألاجل دون أن يبدي الدائن موقفه من الحوالة ّ‬
‫عد سكوته رفضا لها‬
‫وفي هذا الصدد تنص املادة ‪ 3 /553‬من ق م على أنه" إذا قام املحال عليه أو املدين‬
‫ألاصلي بإعالن الحوالة إلى الدائن وعين له أجال معقوال ليقر الحوالة ثم انقض ى ألاجل دون‬
‫صدور إلاقرار‪ ،‬اعتبر سكوت الدائن رفضا للحوالة "‬
‫ب‪ -‬انعقاد الحوالة باتفاق الدائن واملدين الجديد املحال عليه‬
‫تنص املادة ‪ 352‬على أنه" تتم حوالة الدين باتفاق بين الدائن واملحال عليه على أن يتقرر‬
‫فيه أن هذا ألاخير يحل محل املدين ألاصلي في التزامه‪ ،‬وفي هذه الحالة تسري أحكام املادتين‬
‫‪ 351‬و‪"356‬‬
‫ففي هذه الحالة ال تلزم موافقة املدين ألاصلي ألنه يجوز وفقا للقواعد العامة لألجنبي أن‬
‫يفي بالدين دون رضا املدين‪ ،‬وله حينئذ الرجوع على املدين ألاصلي بدعوى إلاثراء بال سبب‬
‫وإذا تمت الحوالة بدون موافقة املدين ألاصلي فإن هذا ألاخير ال يكون ملزما بضمان يسار‬
‫(‪)1‬‬
‫املحال عليه ‪ ،‬بخالف ما إذا تمت موافقته‪ ،‬فإنه يكون ملزما بهذا الضمان‬

‫املطلب الثاني‪ :‬آثار حوالة الدين‬


‫تظهر آثار حوالة الدين في عالقة الدائن بكل من املدين الجديد واملدين السابق‪ ،‬وفي‬
‫عالقة املدينين السابق والجديد بعضهما ببعض‬
‫أوال‪ -‬عالقة الدائن باملدين الجديد‪:‬‬
‫تتلخص هذه العالقة في انتقال الدين من ذمة املحيل( املدين ألاصلي) إلى املحال عليه‬
‫ويحل هذا محل املحيل في نفس الدين في نفس الدين بضماناته‪ ،‬ودفوعه‪ ،‬كما كان الشأن‬
‫بالنسبة للمدين ألاصلي إزاء الدائن وذلك من تاريخ انعقاد الحوالة‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 255‬من ق م‬


‫‪78‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫فيخلف املدين الجديد املدين ألاصلي في نفس الدين بصفاته وتوابعه فإذ كان معلقا على‬
‫شرط أو مؤجال أو تجاريا أو مزودا بسند تنفيذي انتقل كذلك إلى املحال عليه‬
‫وينتقل كذلك بضماناته كذلك وهنا ينبغي التفرقة بين التأمينات العينية التي يقدمها‬
‫املدين كالرهن تنتقل مع املدين وتبقى ضامنة للوفاء‪ ،‬اما التامينات املقدمة من غير املدين سواء‬
‫كانت تأمينات شخصية مثل الكفالة أو تأمينات عينية كرهن قدمه الغير ( يسمى الكفيل العيني)‬
‫(‪)1‬‬
‫فإنها تسقط مالم يرض الكفيل بالحوالة‬
‫ثانيا‪ :‬عالقة الدائن باملدين السابق‬
‫متى تمت الحوالة وأصبحت نافذة في حق الدائن برئت ذمة املدين السابق من الدين‬
‫املحال غير أنه قد يلزم بضمان يسار املحال وقت انعقاد الحوالة إذا كانت قد تمت بموافقته‬
‫مال يتم الاتفاق على خالف ذلك‬
‫(‪)2‬‬

‫إذا سكت املتعاقدان عن تنظيم آثار الحوالة قبل إقرارها من الدائن أو بعد رفضها؛ فيكون‬
‫ً‬
‫املحال عليه ملزما تجاه املحيل بالوفاء للدائن في الوقت املناسب‪ ،‬فإذا قام الدائن بمطالبة‬
‫ً‬
‫املدين قضائيا فإنه يحق لهذا املدين الرجوع على املحال عليه باعتبار أنه قد تعهد بالوفاء عنه‬
‫ليجنبه هذه املطالبة‪ ،‬فإن تخلف املحال عليه عن الوفاء كان للمحيل الرجوع عليه بالتعويض‬
‫ثالثا‪ :‬عالقة املحال عليه باملحيل يحدد آثار الحوالة بين املحيل ( املدين ألاصلي) واملحال‬
‫عليه ما بينهما من عالقة سابقة على الحوالة‪ ،‬فاملحال عليه قد يقصد من التحمل بالدين‬
‫إقراض املدين قيمة الدين‪ ،‬أوالتبرع به‪ ،‬أو وفاء دين سابق عليه له‪ ،‬وعلى وجه العموم يعتبر‬
‫املحال عليه أنه أدى إلى املدين التزاما بقدر قيمة الحوالة‬
‫(‪)3‬‬

‫مع ذلك ال يجوز وفقا لنص املادة ‪ 3/352‬من ق م للمدين ألاصلي أن يطالب املحال عليه‬
‫بالوفاء للدائن مادام هو لم يقم بما التزم به نحو املحال عليه بمقتض ى الحوالة طاملا أن الدائن‬
‫لم يحدد موقفه من الحوالة إقرارا أو رفضا‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 351‬من ق م‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 355‬من ق م‬
‫)‪(3‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪322‬‬
‫‪79‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫أما إذا أصبحت الحوالة نافذة في حق الدائن فإن ينتقل إلى املدين الجديد وتبرأ ذمة‬
‫املدين ألاصلي‪ ،‬ويتحقق هذا ألاثر بمجرد نفاذ الحوالة وقبل أن يقوم املحال عليه بالوفاء فعال‬
‫(‪)1‬‬
‫للدائن‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪222‬‬


‫‪81‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الفصل الرابع‪ :‬انقضاء االلتزام‬

‫الالتزام أو الحق الشخص ي مؤقت فمصيره ً‬


‫حتما إلى الزوال‪ ،‬إما بالوفاء أو بغيره‪ ،‬إذ ال‬
‫يجوز أن يبقى املدين ملزما إلى ألابد‪ ،‬فإن ذلك يتعارض مع الحرية الشخصية(‪ )1‬فالحق‬
‫الشخص ي ال يكون أصال حقا خالدا‪ ،‬وهو ما يميزه عن الحق العيني الذي هو في الغالب ال‬
‫(‪)2‬‬
‫ينقض ي ومن طبيعته الخلود كما هو الحال بالنسبة لحق امللكية‬
‫وإال كان في هذا تقييد لحريته الشخصية وقد تناول القانون املدني الجزائري أسباب‬
‫انقضاء الالتزام في الباب الخامس من الكتاب الثاني الخاص بااللتزامات والعقود في املوالد من‬
‫وهي مقسمة إلى أقسام ثالثة هي أوال الوفاء وهو الطريق العادي النقضاء الالتزام‪ ،‬ثم بما‬
‫يعادل الوفاء ثانيا ويتعلق ألامر بالوفاء بمقابل‪ ،‬التجديد‪ ،‬واملقاصة‪ ،‬وأخيرا انقضاء الالتزام بغير‬
‫هاتين الوسيلتين أي بدون وفاء وال بما يعادل الوفاء ويتعلق ألامر باإلبراء واستحالة التنفيذ‬
‫بسبب أجنبي‪ ،‬والتقادم املسقط‪ ،‬وتفصيل ذلك كما يلي‪:‬‬

‫)‪ (1‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪0001‬‬
‫)‪ (2‬علي كحلون‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات مصادر الالتزامات‪ ,‬أحكام الالتزامات‪ ،‬مجمع ألاطرش للكتاب املختص‪ ،‬تونس ‪ ،3105‬ص‬
‫‪212‬‬
‫‪80‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث ألاول‪ :‬الوفاء ‪Le paiement‬‬


‫عالجه املشرع الجزائري في املواد من ‪ 352‬إلى ‪ 321‬من القانون املدني‪ ،‬والوفاء هو الطريق‬
‫الطبيعي النقضاء الالتزام‪ ،‬ألنه تنفيذ ملا التزام به املدين تنفيذا عينيا‪ ،‬وسيرا على منهج املشرع‬
‫الفرنس ي تناول املشرع الجزائري أحكام الوفاء ضمن طرق انقضاء الالتزام خالفا لعض‬
‫التشريعات التي تعالجه عند الكالم عن تنفيذ الالتزام‬
‫والوفاء واقعة مختلطة يجمع بين التنفيذ العيني لاللتزام كتسليم مبلغ ن النقود أو إقامة‬
‫بناء أو الامتناع عن املنافسة‪ ،‬وبين الاتفاق على قضاء الدين والاتفاق‪ ،‬والاتفاق تصرف قانوني‪،‬‬
‫لكن الوفاء وإن كان واقعة مختلطة إال أنه يغلب فيه عنصر التصرف القانوني‪ ،‬لذلك يلحق‬
‫عادة بالتصرفات القانونية‪ ،‬يجري عليه ما يجري على سائر التصرفات القانونية‪ ،‬فال بد فيه من‬
‫التراض ي ويغلب أن يكون التنفيذ املادي هو نفسه التراض ي فتسليم املوفي الش يء الذي التزم به‬
‫هو إلايجاب وتسليم املوفى له هذا الش يء على أنه وفاء للدين هو القبول‪ ،‬ويشترط في هذا‬
‫التراض ي أن يكون صحيحا ويكون كذلك إذا كان صادرا من ذي أهلية خاليا من عيوب إلارادة‪،‬‬
‫كذلك يجب أن يكون للوفاء محل وسبب‪ ،‬فمحل الوفاء هو نفس محل الدين الذي يوفي به‪،‬‬
‫وسبب الوفاء هو قضاء الدين وهذا هو الباعث الرئيس ي لهذا التصرف القانوني‬
‫و من أجل معالجته نتناول ألاحكام العامة للوفاء (مطلب أول)‪ ،‬والوفاء مع الحلول (مطلب‬
‫ثان)‬
‫املطلب ألاول‪ :‬ألاحكام العامة للوفاء‬

‫والحديث عن الوفاء يقودنا إلى الحديث عن طرفي الوفاء (أوال)‪ ،‬ومحله(ثانيا)‪ ،‬ثم ظروف‬
‫الوفاء املتعلقة بزمانه ومكانه و نفقاته (ثالثا)‬

‫أوال‪:‬طرفا الوفاء‬

‫طرفا الوفاء هما املوفي ويغلب أن يكون هو املدين نفسه‪ ،‬وقد يكون غير املدين و املوفى له‬
‫ويغلب أن يكون هو الدائن وقد يكون غير الدائن‬

‫‪82‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ :29‬املوفي‪ :‬تنص املادة ‪ 352‬من القانون املدني على أنه" يصح الوفاء من املدين أو من‬
‫نائبه أو من أي شخص له مصلحة في الوفاء وذلك مع مراعاة ما جاء في املادة ‪" )1(021‬‬
‫كما يصح الوفاء أيضا مع التحفظ السابق ممن ليست له مصلحة في الوفاء ولو كان ذلك‬
‫دون علم املدين أو رغم إرادته غير أنه يجوز للدائن رفض الوفاء من الغير إذا اعترض املدين على‬
‫ذلك وأبلغ الدائن بهذا الاعتراض‪".‬‬
‫وهذا يعني أن الوفاء يكون إما عن طريق املدين نفسه وهو ألاغلب ألنه صاحب املصلحة في‬
‫قضاء الدين‪ ،‬بل إنه قد يتعين على املدين أن يقوم هو نفسه بالوفاء في بعض الحاالت التي‬
‫يفرضها القانون أو الاتفاق أو طبيعة الالتزام‪ ،‬في هذا الصدد نص املادة ‪ 062‬من القانون املدني‬
‫على أنه "في الالتزام بعمل إذا نص الاتفاق أو استوجب طبيعة الدين أن ينفذ املدين الالتزام‬
‫بنفسه‪ ،‬جاز للدائن أن يرفض الوفاء من غير املدين "‬
‫فإذا لم يتوفر هذا القيد قانونا أو اتفاقا أو طبيعة‪ ،‬يمكن للمدين أن يكلف من ينوبه في‬
‫الوفاء نيابة عامة أو خاصة وفق القواعد العامة في باب الوكالة‪ ،‬وينوب القاصر في الوفاء وليه‪،‬‬
‫أو وصيه‪ ،‬كما ينوب املحجور عليه لسفه أو جنون أو ضعف في العقل املقدم‪ ،‬وينوب عن‬
‫(‪)2‬‬
‫ألاشخاص املعنوية ممثلها القانوني‬
‫وقد يتم الوفاء من طرف شخص ليس مكلفا أصال من طرف املدين سواء كانت له مصلحة‬
‫في الوفاء بالدين كما لوكان كفيال أو مدينا متضامنا أو حائزا لعقار مرهون لضمان هذا الدين‪ ،‬أو‬
‫لم تكن له مصلحة في الوفاء ولكن يقوم به لرغبة في التبرع للمدين بقيمة الدين الذي وفاه عنه‬
‫ولكن إذا كان الوفاء من طرف شخص له مصلحة في الوفاء فال يجوز للدائن أن يرفض‬
‫الوفاء وال يطلب رضا املدين أصال في هذه الحالة‬
‫لكن يجوز للمدين الذي حصل الوفاء رغما عنه أن يمنع املوفي من الرجوع عليه بما وفاه‬
‫(‪)3‬‬
‫عنه كله أو بعضه إذا أثبت أن له مصلحة في الاعتراض على الوفاء‬

‫)‪ (1‬رغم أن املادة ‪ 352‬من القانون املدين الجزائري أحالت إلى املادة ‪ 021‬من ذات القانون لكن بالحقيقة فإن املقصود هو املادة ‪062‬‬
‫من ق م ألنها هي التي تؤدي الغرض‬
‫)‪ (2‬علي كحلون‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪215‬‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 3/352‬ق م‬
‫‪83‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ويجوز للدائن أن يرفض الوفاء الصادر من أجنبي بشرط أن يبلغ املدين دائنه باعتراضه على‬
‫هذا الوفاء‬
‫(‪)1‬‬

‫وللغير الذي قام بالوفاء الحق في الرجوع على املدين بما وفاه (‪ )2‬بدعوى الفضالة إذا كان الوفاء‬
‫بدون علم املدين أو على أساس الوكالة إذا أقر املدين الوفاء الذي تم‪ ،‬أو على أساس إلاثراء بال‬
‫سبب إذا تم الوفاء رغم اعتراض املدين‬
‫وينبغي إلاشارة إلى أنه في حالة الرجوع بدعوى الفضالة أو إلاثراء بال سبب يجب أن يكون الوفاء‬
‫نافعا للمدين فليس للموفي أن يرجع على املدين في حالة سبق حصول الوفاء بالدين‪ ،‬كذلك‬
‫ليس له أن يرجع على املدين في حالة انقضاء سبب الدين لسبب آخر أو بطالنه‬
‫(‪)3‬‬

‫ً‬
‫تنص املادة ‪ 361‬من القانون املدني على أنه ‪ ":‬يشترط لصحة الوفاء أن يكون املوفى مالكا للش يء‬
‫الذي وفى به‪ ،‬وأن يكون ذا أهلية للتصرف فيه "‬
‫ويستخلص من هذا النص أنه يشترط لصحة الوفاء ‪ ،‬سواء كان املوفى هو املدين نفسه أو كان‬
‫غير املدين ‪ ،‬أمران ألاول ملكية املوفى للش يء الذي وفى به‪ ،‬والثاني أهليته للتصرف في هذا الش يء‬
‫‪ -‬ملكية املوفى للش يء الذي وفى به ‪ :‬ال بد أن يكون املوفى مالكا للش يء الذي يوفى به‬
‫الدين‪ ،‬ألن املقصود بالوفاء هو نقل ملكية هذا الش يء للدائن ‪ ،‬وال يستطيع املوفى أن ينقل‬
‫للدائن ملكية ش يء ال يملكه ‪ ،‬فتتخلف الغاية من الوفاء ‪ ،‬ويكون الوفاء قابال لإلبطال على غرار‬
‫بيع ملك الغير‬
‫والذى يتمسك ببطالن الوفاء في ألاصل هو الدائن الذي تقرر البطالن ملصلحته وملا كان‬
‫هذا الوفاء ال يسرى فى حق املالك الحقيقي للش يء املوفى به ‪ ،‬فإن لهذا أن يسترده من الدائن‬
‫بدعوى استحقاق ألن الوفاء لم ينقل ملكية الش يء إلى الدائن كما قدمنا ‪ ،‬فبقى الش يء على‬
‫ملك صاحبه فله إذن أن يسترده ‪ ،‬وذلك ما لم يكن الدائن قد ملك الش يء بالحيازة أو بالتقادم‬
‫كما سبق القول وكما يستطيع املالك أن يسترد الش يء يستطيع على العكس من ذلك أن يجيز‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 3/352‬ق م‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 0/352‬ق م‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬ص ‪212‬‬
‫‪84‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ً‬
‫الوفاء فيزول بطالنه ‪ ،‬قياسا على صحة بيع ملك الغير بإجازة املالك الحقيقي ‪ ،‬فتنتقل ملكية‬
‫ً‬
‫الش ىء إلى الدائن بهذه ألاجازة ‪ ،‬وينقلب الوفاء صحيحا وينقض ي به الدين‬
‫ً‬
‫‪ -‬أن يكون املوفى أهال للتصرف فى الش يء املوفى به‪ ، :‬فإذا كان املوفى مثال قاصرا أو‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫محجورا عليه ‪ ،‬فإن الوفاء يكون هنا أيضا قابال لإلبطال بسبب نقص ألاهلية ال انعدام امللكية‪،‬‬
‫وال يتمسك يهذا البطالن إال املوفى‪ ،‬فال يجوز للدائن أن يتمسك به ما دام كامل ألاهلية‬
‫ً‬
‫وقد استوفى حقه استيفاء صحيحا‪ ،‬فإذا لم تكن للموفي مصلحة في إبطال الوفاء‪ ،‬بأن كان‬
‫ً‬
‫الوفاء لم يلحق به أي ضرر ‪ ،‬فإن له أن يبقى الوفاء قائما فينقض ي به الدين‬
‫‪ -20‬املوفى له‬
‫لكي الوفاء صحيحا مبرئا للذمة يجب أن يتم للدائن أو نائبه أو لخلفه العام كالوارث أو‬
‫لخلفه الخاص كاملحال له وقد اعتبر املشرع املخالصة الصادرة من الدائن قرينة على نيابة‬
‫مقدمها على الدائن في استفاء الدين مالم يكن هناك اتفاق سابق على أن يكون الوفاء للدائن‬
‫(‪)1‬‬
‫شخصيا‬
‫ويشترط في املوفى له تطبيقا للقواعد العامة أن يكون أهال الستفاء الدين‪ ،‬فإذا كان‬
‫ناقص أهلية فإن الوفاء يحصل لنائبه‬
‫وإذا حصل وفاء للغير فإنه ال يبرئ ذمة املدين تجاه دائنه ويبقى ملزما بالوفاء إليه إال في‬
‫حاالت ثالثة نصت عليها املادة ‪ 362‬من ق م وهي‪:‬‬
‫‪ -‬إقرار الدائن لهذا الوفاء فاإلجازة الالحقة كاإلذن السابق‬
‫‪ -‬حصول الدائن على منفعة من هذا الوفاء الحاصل للغير‪ ،‬فإن ذمة املدين حينئذ تبرأ‬
‫بقدر هذه املنفعة‬
‫‪ -‬إذا تم الوفاء بحسن نية للشخص أي اعتقاد املوفي أنه وفى للدائن الحقيقي وذلك رعاية‬
‫لحسن النية وتحقيقا الستقرار املعامالت‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 362‬ق م‬


‫‪85‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ثانيا‪ :‬محل الوفاء‬


‫يجب الوفاء بمحل الالتزام أي باملحل ذاته ال بش يء آخر وبه كله ال بعضه‪ ،‬وإذا كان محل‬
‫الوفاء محدد في العقد فال صعوبة‪ ،‬إنما تثار الصعوبة إذا كانت تعوزه الدقة في التحديد وحينئذ‬
‫تطبق القواعد العامة وهي أن العقد يلزم بما ورد فيه وما هو من مستلزماته قانون أو عرفا أو‬
‫عدالة أو حسب طبيعة الالتزام فإذا كان التزام بعمل وجب على ضوء ما إذا كان ببذل عناية أو‬
‫تحقيق نتيجة (‪ )1‬وإذا كان إعطاء ش يء فال يكون الوفاء إال بهذا الش يء ال بغيره ولو كان هذا الغير‬
‫(‪)2‬‬
‫مساويا له في القيمة أو كانت له قيمة أعلى‬
‫وإذا كان محل الالتزام نقود فال يجوز الوفاء دون رضا الدائن بشيك حوالة بريد أو بغير‬
‫ذلك من الوراق املالية أو التجارية كما يلتزم بقدر عددها املذكور في العقد دون أن يكون الرتفاع‬
‫(‪)3‬‬
‫قيمة النقود أو انخفاضها وقت الوفاء أثر‬
‫وليس للمدين طبقا لنص املادة ‪ 322‬ق م أن يجبر الدائن على وفاء جزئي إال باالتفاق على‬
‫ذلك أو نص القانون‪ ،‬وطبق لذات املادة إذا كان الدين متنازعا في جزء منه وقبل الدائن استفاء‬
‫الجزء املعترف به‪ ،‬فليس للمدين رفض الوفاء بهذا الجزء‬
‫وإذا كانت القاعدة العامة هي عدم تجزئة الوفاء ولو كان الدين بطبيعته قابال للتجزئة‪ ،‬إال‬
‫أن هذه القاعدة ال تقوم إال بالنسبة للدين الواحد فإذا تعددت الديون في ذمة املدين لدائنه‬
‫وأراد املدين أن يوفي بأحدها دون ألاخرى فليس للدائن أن يرفض هذا الوفاء‪ ،‬كما أن هذه‬
‫القاعدة ترد عليها الاستثناءات التالية (‪: )4‬‬
‫‪ -‬حالة اتفاق الدائن واملدين على تجزئة الوفاء اتفاقا سابقا أو الحقا‬
‫‪ -‬حالة املقاصة بين دينين متقابلين فإنهما ينقضيان بقدر ألاقل منهما( م ‪ 211‬ق م )‬
‫‪ -‬في حالة إعطاء أجل قضائي طبقا لنص م ‪ 301‬ق م‪ ،‬أو وقف التنفيذ مراعاة لحالة‬
‫املدين طبقا لنص املادة ‪ 320‬ق م‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪216‬‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 326‬ق م‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 25‬من ق م‬
‫)‪(4‬‬

‫‪86‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬حالة تعدد الكفالء غير املتضامنين فلكل منهم أن يدفع بتجزئة الدين م ‪ 611‬ق م‬
‫‪ -‬حالة ألاوراق التجارية إذ نصت عليه املادة ‪ 105‬من القانون التجاري على أنه ال يمكن‬
‫للحامل أن يرفض وفاء جزئيا ويتعين عليه أن يقدم احتجاجا على ما تبقى من الدين‬
‫خصم املدفوعات‬

‫ثالثا‪ :‬ظروف الوفاء‬


‫تتعلق هذه الظروف زمان الوفاء ومكانه ونفقاته‪ ،‬إثباته على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -29‬زمان الوفاء‪ :‬ألاصل أن يتم الوفاء فورا بمجرد نشوء الالتزام ما يكن مؤجال هن نص‬
‫القانون أو اتفاق ألاطراف أو منح القاض ي مهلة للمدين املعسر‬

‫‪87‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -20‬مكان الوفاء‪ :‬يحدده الاتفاق أو القانون‪ ،‬ونجد أن القانون يفرق بين حالتين‬
‫ألاولى أن يكون محل الالتزام شيئا معينا بذاته وهنا يجب الوفاء في املكان الذي كن به‬
‫وقت نشوء الالتزام أو في موطن املدين والثانية أال يكون محل الالتزام شيئا معينا بذاته أو أن‬
‫يكون عمال أو امتناع عن عمل وهنا يجب الوفاء به في موطن املدين وقت الوفاء أو في مركز‬
‫(‪)1‬‬
‫مؤسسته إذا كان الالتزام متعلقا بهذه املؤسسة‬
‫‪ -23‬نفقات الوفاء‪ :‬كحوالة البريد ونفقات الوزن والعد فيتحملها املدين مام لم يتفق‬
‫(‪)2‬‬
‫الطرفان على خالف ذلك‪ ،‬أو يوجد نص يقض ي بغير ذلك‬
‫‪ -20‬إثبات الوفاء‬
‫الوفاء تصرف قانوني فيجب إثباته كتابة إذا جاوز نصاب إلاثبات كتابة إذا جاوز نصاب‬
‫الاثبات بالبينة أو القرائن ‪،‬و طبا لنص املادة ‪ 222‬ق م " في غير املواد التجارية إذا كان التصرف‬
‫القانوني تزيد قيمته على ‪ 011 111‬دينار جزائري أو كان غير محدد القيمة فال يجوز إلاثبات‬
‫بالشهود في وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص يقض ي بغير ذلك "‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 323‬ق م‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫‪88‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الوفاء مع الحلول‬

‫إذا كان املوفى هو املدين أو نائبه‪ ،‬فقد برئت ذمة املدين من الدين‪ ،‬وال رجوع له على أحد‬
‫ألنه إنما وفى دين نفسه ‪ ،‬وال رجوع ألحد عليه ألنه قام بوفاء دينه بنفسه‬
‫وأما إذا وفى الدين غير املدين‪ ،‬سواء كان للموفي مصلحة فى الوفاء أو لم تكن له مصلحة‪،‬‬
‫ً‬
‫فإنه‪ ،‬ما لم يكن متبرعا بوفاء الدين وهذا ال بد فيه من ظهور نية واضحة ألن التبرع ال يفترض‪،‬‬
‫يجوز له أن يرجع على املدين بما وفاه عنه عن طريق دعوى شخصية يعطيها القانون إياه ‪،‬‬
‫وتتكيف هذه الدعوى بحسب الظروف وقد يكون له فوق ذلك ‪ ،‬أى غير الدعوى الشخصية ‪،‬‬
‫دعوى الدائن نفسه الذي وفاه حقه فيحل محله فيه ‪ ،‬ومن ثم سميت هذه الدعوى ألاخرى‬
‫بدعوى الحلول ( ‪) action en subrogation‬‬
‫أ‪-‬الدعوى الشخصية‪ :‬تنص املادة ‪ 352‬من القانون املدني على ما يأتى ‪ ":‬إذا قام الغير‬
‫بوفاء الدين ‪ ،‬كله له حق الرجوع على املدين بقدر ما دفع‬
‫غير أنه يجوز للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته منع رجوع املوفى بما وفاه عنه كال أو‬
‫ً‬
‫بعضا إذا أثبت أن له أية مصلحة فى الاعتراض على الوفاء "‬
‫ويخلص من هذا النص أن املوفي لدين غيره ‪ ،‬سواء كانت له مصلحة في الوفاء أو لم تكن‬
‫ً‬
‫له مصلحة يستطيع ما لم يكن متبرعا ‪ ،‬أن يرجع بدعوى شخصية على املدين يسترد بها مقدار‬
‫ما دفعه وفاء للدين‬
‫وقد يكون أساس هذه الدعوى الوكالة إذا وفى الغير الدين بأمر املدين‪ ،‬وقد أن يكون‬
‫أساسها هو الفضالة إذا كان الغير قد وفى الدين بعلم املدين لكن دون تفويض أو وكالة‪ ،‬أو بغير‬
‫علمه ولكن دون معارضته ‪ ،‬وتكون الدعوى الشخصية أساسها إلاثراء بال سبب إذا كان الغير قد‬
‫وفى الدين رغم معارضة املدين‬
‫وسواء رجع املوفى على املدين بدعوى الفضالة أو بدعوى إلاثراء بال سبب ‪ ،‬فإنه ال يستطيع‬
‫ً‬
‫الرجوع بش يء إال إذا كان الوفاء نافعا للمدين فلو أن املدين كان قد وفى الدين قبل أن يوفيه‬
‫الغير أو وفى قسطا منه‪ ،‬فإ>ن الغير ال يرجع بش يء أو يرجع بالباقي بعد خصم القسط الذي وفاه‬
‫املدين‬
‫‪89‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ ،‬أو كان للمدين دفوع ضد الدين ‪ ،‬بأن كان يستطيع أن يتمسك قبل الدائن باملقاصة‬
‫أو التجديد أو إلابراء أو التقادم ومع ذلك وفاه الغير ‪ ،‬فإن الغير ال يرجع بش يء على املدين ألن‬
‫الوفاء الذي قام به لم يفد املدين منه شيئا‬
‫ولو أن املدين كان يستطيع أن يطعن فى الدين باإلبطال لنقص ألاهلية أو لعيب فى إلارادة‬
‫من غلط أو تدليس أو إكراه أو استغالل ‪ ،‬أو كان يستطيع أن يطعن فيه بالبطالن النعدام إلارادة‬
‫أو لعيب فى املحل أو فى السبب أو فى الشكل ‪ ،‬أو كان يستطيع أن يتمسك بالفسخ لتحقق شرط‬
‫فاسخ أو أن يتمسك بعدم النفاذ لعدم تحقق شرط واقف أو لعدم حلول ألاجل ‪ ،‬أو كان‬
‫يستطيع أن يتمسك بأى دفع آخر ‪ ،‬فإن هذا كله يكون محل اعتبار عند رجوع املوفى على الدين‬
‫‪ ،‬فال يرجع ألاول على الثاني إال بقدر ما أفاد الثاني من الوفاء‬
‫ب‪ -‬دعوى الحلول‪ :‬وقد يكون للموفي‪ ،‬إلى جانب الدعوى الشخص ي دعوى الحلول‪ ،‬فيحل‬
‫محل الدائن في نفس الدين الذي وفاه‪ ،‬ويرجع على املدين بهذا الدين نفسه‪ ،‬ال بدين جديد كما‬
‫يفعل في الدعوى الشخصية‬
‫أوال‪ :‬حاالت الحلول‬
‫وحلول املوفى محل الدائن إما أن يكون بحكم القانون ويقال له الحلول القانوني‪ ،‬وإما أن‬
‫يكون بموجب الاتفاق ويقال له الحلول الاتفاقي‬
‫‪ -‬الحلول القانوني‪ :‬تنص املادة ‪ 0/360‬من القانون املدني على أنه‪ ":‬إذا قام بالوفاء‬
‫شخص غير املدين‪ ،‬حل املوفي محل الدائن الذي استوفى حقه في ألاحوال آلاتية " ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬إذا كان املوفي ملزما بالدين مع املدين‪ ،‬أو ملزما بوفائه عنه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -‬إذا كان املوفى دائنا ووفى دائنا آخر مقدما عليه بما له من تأمين عيني ‪ ،‬ولو لم يكن‬
‫للموفي أي تأمين "‬
‫ً‬
‫‪ -‬إذا كان املوفى قد اشترى عقارا ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم "‬
‫ويظهر من خالل هذا النص أن هناك حاالت للحلول القانوني هي‪:‬‬

‫‪91‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫أ‪/‬الحالة ألاولى‪ :‬املوفى ملزم بالدين مع املدين أو ملزم عنه‪ :‬و هي أعم حاالت الحلول‬
‫القانوني‪ ،‬فاملوفي ملزم بالدين مع املدين أو عنه‪ ،‬فله مصلحة كبرى في أدائه‪ ،‬بل هو يجبر على‬
‫ألاداء‪ ،‬ومن ثم حق له في رجوعه على املدين أن يرجع عليه بدعوى الدائن بعد أن يحل محله‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويكون املوفى ملزما بالدين مع املدين إذا كان مدينا متضامنا‪ ،‬أو مدينا مع املدين في دين‬
‫غير قابل لالنقسام‪ ،‬أو كفيال متضامنا مع كفالء آخرين فى عالقته بهؤالء الكفالء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ويكون املوفى ملزما بالدين عن املدين إذا كان كفيال شخصيا‪ ،‬أو كفيال عينيا‪ ،‬أو حائزا‬
‫للعقار املرهون‬
‫ب‪ -‬الحالة الثانية‪ :‬املوفى دائن وفى دائنا مقدما عليه ‪ :‬ويحل املوفى محل الدائن‪ ،‬فيرجع‬
‫ً‬
‫على املدين بدعوى الحلول" إذا كان املوفى دائنا ووفى دائنا آخر مقدما عليه بما له من تأمين‬
‫عيني‪ ،‬ولو لم يكن للموفي أي تأمين"‬
‫ويفرض القانون أن هناك دائنين ملدين واحد‪ ،‬أحدهما متقدم على آلاخر بموجب تأمين‬
‫ً‬
‫عيني‪ ،‬أي أن املدين قد رهن عقارا مملوكا له ألحد الدائنين ثم رهنه لآلخر‪ ،‬فصار ألاول متقدما‬
‫ً‬
‫على الثاني‪ ،‬بل يجوز أن يكون الدائن الثاني لم يرتهن العقار وظل دائنا شخصيا‪ ،‬فإن الدائن‬
‫ً‬
‫ألاول متقدم عليه بما له من حق الرهن بل يجوز أيضا أن يكون التأمين الذي يتقدم به الدائن‬
‫ألاول على الدائن الثاني ليس حق رهن رسمي‪ ،‬بل حق رهن حيازة ‪ ،‬أو حق امتياز ‪ ،‬أو حق‬
‫ً‬
‫اختصاص ‪ ،‬فكل هذه تأمينات عينية تجعله متقدما على الدائن الثاني‬
‫ففى جميع هذه ألاحوال قد يكون للدائن املتأخر مصلحة محققة في الوفاء بدين الدائن‬
‫املتقدم والحلو محله فى هذا الدين ‪ ،‬وتتحقق هذه املصلحة فى فرضين ‪:‬‬
‫‪ -‬ألاول هو أنه قد يرى الدائن املتقدم أن ينفذ على العقار املرهون‪ ،‬ويكون الوقت غير‬
‫مناسب للتنفيذ‪ ،‬فيتوقع الدائن املتأخر أن يباع العقار فى املزاد العلني بأبخس ألاثمان‪ ،‬فال يدرك‬
‫الدائن املتأخر من ثمن العقار ما يكفى للوفاء بحقه‪ ،‬فيكون من مصلحة الدائن املتأخر أن يوفى‬
‫الدائن املتقدم حقه فيحل محله فى رهنه‪ ،‬ويمنع بهذا الحلول التنفيذ فى وقت غير مناسب‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تحينا لفرصة يبيع فيها العقار املرهون بثمن يكفى لوفاء الدين املتقدم والدين املتأخر جميعا‬

‫‪90‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬أما الثاني‪ ،‬قد يرى الدائن املتأخر أن العقار املرهون ال يكفى لوفاء الدينين املتقدم‬
‫ً‬
‫واملتأخر معا ‪ ،‬مهما بلغ ثمن هذا العقار وفى أى وقت بيع ‪ ،‬ولكن يكون للدائن املتقدم تأمين على‬
‫عقار آخر مملوك للمدين أو لكفيل عيني‪ ،‬فيوفى حق الدائن املتقدم حتى يحل محله فى رهنه‬
‫ً‬
‫املتقدم وفى تأمينه آلاخر‪ ،‬ويستطيع بذلك أن يستوفى الدينين معا من العقار املرهون ومن هذا‬
‫التأمين آلاخر‬
‫ً‬
‫ج‪ /‬الحالة الثالثة‪ :‬املوفى اشترى عقارا ودفع ثمنه لدائنين خصص العقار لضمان حقوقهم ‪:‬‬
‫هذه لحالة سبقت إلاشارة إليها كتطبيق من تطبيقات الحالة ألاولى ذلك أن املشترى لعقار مثقل‬
‫بتأمين عينى – رهن أو امتياز أو اختصاص – يصبح حائزا للعقار ‪ ،‬فيكون مسئوال عن الدين‬
‫ً‬
‫بحكم انتقال ملكية العقار له ومن ثم يكون ملزما بالدين عن املدين ‪ ،‬فيدخل ضمن الحالة‬
‫ألاولى من حاالت الحلول القانونى ‪ ،‬وهى الحالة التى سبق بيانـها‬
‫ويلجأ املشتري للعقار املرهون إلى دعوى الحلول إذا كان ثمن العقار املرهون معادال لقيمته‬
‫‪ ،‬بحيث إذا بيع العقار فى املزاد العلني لن يبلغ ثمنه فى املزاد أكثر من الثمن الذي التزم به املشترى‬
‫فإذا فرض أن العقار مرهون ألكثر من دائن ‪ ،‬وكان الثمن الذي التزم به املشترى ال يكفى إال‬
‫لوفاء الدائن املرتهن ألاول ‪ ،‬كان للمشترى أن يدفع الثمن لهذا الدائن فيوفيه حقه ‪ ،‬ويحل‬
‫محله فى رهنه ألاول وال تصبح هناك مصلحة للدائنين املرتهنين املتأخرين فى بيع العقار ‪ ،‬فلن‬
‫يصل ثمنه إلى أكثر من الثمن الذي دفعه املشترى وحل به محل الدائن املرتهن ألاول ‪ ،‬ولن‬
‫يصيبهم ش ىء فى التوزيع بعد أن يستولى املشترى على الثمن الذي دفعه فيستطيع املشترى ‪،‬‬
‫ً‬
‫بفضل هذا الحلول القانونى ‪ ،‬أن يوقف عمليا الدائنين املرتهنين املتأخرين عن مباشرة التنفيذ‬
‫على العقار الذي اشتراه‬
‫وقد يكون للدائن املرتهن ألاول الذي وفاه املشتري حقه تامين عيني‪ ،‬فيحل املشتري محله‬
‫فيه ويستوفي منه ما دفعه له‪ ،‬ويتجنب بذلك أن ينفذ الدائن املرتهن بحقه على العقار الذي‬
‫اشتراه املشتري‬
‫د‪ -/‬الحالة الرابعة‪ :‬وجود نص خاص يقرر للموفي حق الحلول ‪ :‬ومن أمثلة ذلك ما نصت‬
‫عليه من القانون التجاري املادة ‪ 151‬من القانون التجاري على أنه يكتسب املوفى بطريق‬

‫‪92‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫التدخل الحقوق الناتجة عن السفتجة على من قام بالوفاء عنه وعلى امللزمين له بمقتض ى‬
‫السفتجة "‬
‫وهذا يعني أنه من دفع قيمة كمبيالة بطريق التدخل أو التوسط يحل محل حاملها ‪،‬‬
‫فيحوز ماله من الحقوق ويلزم بما عليه من الواجبات فيما يتعلق باإلجراءات الالزم استيفاؤها‬
‫‪ - 0‬الحلول الاتفاقي‪ :‬ويكون إما باتفاق املوفى مع الدائن وإما باتفاقه مع املدين على النحو‬
‫التالي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الحلول باتفاق املوفى مع الدائن‪ :‬تنص املادة ‪ 363‬من القانون املدني على ما يلي‪":‬‬
‫يتفق الدائن الذي استوفى حقه من غير املدين مع هذا الغير على أن يحل محله‪ ،‬ولو لم يقبل‬
‫املدين ذلك‪ ،‬وال يصح أن يتأخر هذا الاتفاق عن وقت الوفاء "‬
‫ويخلص من هذا النص أن الحلول هنا يجب أن يكون باتفاق بين املوفى والدائن‪ ،‬ويجب أال‬
‫يتأخر الاتفاق على الحلول عن وقت الوفاء‪ ،‬وال يشترط في الاتفاق شكل خاص‪ ،‬ويخضع فى إثباته‬
‫للقواعد العامة‬
‫وال يشترط فى الاتفاق شكل خاص ‪ ،‬فأى تعبير عن إلارادة له معنى الحلول يكفى‪ ،‬وال يجوز‬
‫أن يتأخر هذا الاتفاق عن وقت الوفاء والغالب أن يكون الاتفاق والوفاء بالدين حاصلين فى‬
‫ً‬
‫وقت واحد‪ ،‬و في مخالصة واحدة ولكن ال ش ىء يمنع من أن يكون الاتفاق على الحلول سابقا‬
‫ً‬
‫على الوفاء ‪ ،‬فيتفق املوفى والدائن مقدما على الحلول ‪ ،‬ثم يدفع املوفى الدين بعد ذلك‬
‫والذى ال يجوز هو أن يكون الوفاء بالدين أوال ‪ ،‬ثم يليه الاتفاق على الحلول ذلك أنه إذا‬
‫تم الوفاء بالدين أوال ‪ ،‬وتراخى الاتفاق على الحلول إلى ما بعد ذلك ‪ ،‬فإن هذا يفتح الباب‬
‫ً‬
‫للتحايل فقد يكون املدين وفى دينه وفاء بسيطا‪ ،‬وانقض ى الدين‪ ،‬فانقض ى بانقضائه رهن في‬
‫املرتبة ألاولى كان يضمنه‪ ،‬وترتب على ذلك أن الرهن الذى كان فى املرتبة الثانية أصبح فى املرتبة‬
‫ً‬
‫ألاولى ثم يتواطأ املدين بعد ذلك مع الدائن الذى استوفى دينه‪ ،‬ويجعله يصطنع اتفاقا مع‬
‫أجنبي يذكر فيه أن هذا ألاجنبي هو الذى وفى الدين وهو الذى حل محله فيه‪ ،‬فيعود الرهن‬
‫ً‬
‫الذى كان فى املرتبة ألاولى وكان قد انقض ى‪ ،‬ليحل ألاجنبي محل الدائن فيه‪ ،‬وذلك إضرارا بالرهن‬
‫الذى يليه والذى أصبح فى املرتبة ألاولى بعد انقضاء الرهن ألاول‬

‫‪93‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ويخضع إثبات الاتفاق على الحلول للقواعد العامة في إلاثبات فإذا كانت القيمة التي وفى‬
‫بها الدين تزيد على عشرة جنيهات لم يجز إلاثبات إال بالكتابة أو بما يقوم مقامها ‪ ،‬وإال جاز‬
‫إلاثبات بالبينة وبالقرائن‬
‫إال أنه يالحظ أن املخالصة بالدين املتضمنة الاتفاق على الحلول يجب أن تكون ثابتة‬
‫التاريخ حتى تكون نافذة فى حق موف آخر حل محل الدائن ‪ ،‬أو فى حق محال له بالحق‪ ،‬أو فى‬
‫حق دائن للدائن حجز تحت يد املدين فهؤالء ألاغيار يتنازعون ألاسبقية مع املوفى للدين ‪ ،‬فإن‬
‫كانوا هم السابقين فى الوفاء أو فى الحوالة أو فى الحجز كان الدين لهم ‪ ،‬وإال فهو للموفي ومن ثم‬
‫ً‬
‫يجب أن يكون السند الذى يتمسكون به هو أيضا ثابت التاريخ ‪ ،‬فإذا كان تاريخ الوفاء الواقع‬
‫ً ً‬
‫من املوفى الثاني أو تاريخ نفاذ الحوالة فى حق املدين تاريخا ثابتا –أما تاريخ الحجز فهو ثابت‬
‫بطبيعة الحال ‪ -‬وجب أن يكون للمخالصة املتضمنة الاتفاق على الحلول تاريخ ثابت أسبق أما‬
‫بالنسبة إلى املدين وورثته ‪ ،‬فليس من الضروري أن تكون املخالصة ثابتة التاريخ‬
‫ب – الحلول باتفاق املوفى مع الدين تنص املادة ‪ 362‬من التقنين املدنى على ما يأتى ‪:‬‬
‫ً‬
‫" يجوز أيضا للمدين إذا اقترض ماال وفه به الدين‪ ،‬أن يحل املقرض محل الدائن الذى‬
‫استوفى حقه‪ ،‬ولو دون رضاء هذا ألاخير‪ ،‬على أن يذكر فى عقد القرض أن املال قد خصص‬
‫للوفاء وفى املخالصة أن الوفاء كان من هذا املال الذى أقرضه الدائن الجديد "‬
‫ويشترط فى هذا الحلول شرطان ‪:‬‬
‫‪ /0‬أن يذكر في عقد القرض أن املال املقترض قد خصص لهذا الوفاء‬
‫‪ /3‬أن يذكر فى املخالصة عند الوفاء أن املال املوفى به هو مال القرض‬
‫وليس من الضرورى أن تتعاقب العمليتان ‪ ،‬عملية القرض فعملية الوفاء ‪ ،‬بل يجوز أن‬
‫تكونا متعاصرتين ‪ ،‬ففى ورقة واحدة يثبت عقد القرض ويذكر فيه أن املال املقترض خصص‬
‫للوفاء ‪ ،‬ثم يذكر فى الورقة نفسها أن الوفاء قد تم من مال القرض‬
‫ولكن يصح أن تتعاقب العمليتان‪ ،‬بشرط أن تسبق عملية القرض عملية الوفاء‪ ،‬إذا لو‬
‫كانت عملية الوفاء هى السابقة ‪ ،‬لتبين أن الوفاء لم يكن من مال القرض ‪ ،‬فال يحل املقرض‬
‫محل الدائن‬

‫‪94‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫والسبب فى ذلك هو توقى خطر التواطؤ ‪ ،‬كما رأينا فى الحلول باالتفاق مع الدائن فقد يفى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املدين بدينه وفاء بسيطا ‪ ،‬فينقض ي الرهن الذى يضمنه ثم يخطر له إحياء هذا الرهن إضرارا‬
‫ً‬
‫بمرتهن آخر كان متأخرا فى املرتبة وتقدم بعد زوال هذا الرهن ألاول ‪ ،‬فيتواطأ مع أجنبى ومع‬
‫ً‬
‫الدائن ‪ ،‬ويصور ألاجنبي مقرضا أقرضه املبلغ الذى وفى به الدين وأحله بهذا الوفاء محل الدائن‬
‫‪ ،‬فيحيا الرهن ألاول‪ ،‬فسد القانون طريق هذا التحايل‪ ،‬بأن اشترط أن تسبق عملية القرض‬
‫عملية الوفاء‬
‫آثار الحلول‬
‫القاعدة العامة أن الحلول يجعل املوفى مكان الدائن ‪ ،‬فيصبح له حق ألاخير يباشره كما‬
‫لو كان هو الدائن نفسه ‪ ،‬غير أنه يرد على هذه القاعدة قيود من شأنها أن تجعل املوفى يعامل‬
‫معاملة أدنى من معاملة الدائن ألاصلي من بعض الوجوه‬
‫أ‪ /‬حلول املوفى محل الدائن‬
‫تنص املادة ‪ 361‬من القانون املدني على ما يأتي‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫" من حل محل الدائن قانونا أو اتفاقا كان له حقه‪ ،‬بما لهذا الحق من خصائص‪ ،‬وما‬
‫يلحقه من توابع ‪ ،‬وما يكفله من تأمينات‪ ،‬وما يرد عليه من دفوع ويكون هذا الحلول بالقدر‬
‫الذى أداه من ماله من حل محل الدائن "‬
‫فيحل املوفى محل الدائن فى نفس حقه ‪ ،‬بما لهذا الحق من مقومات وخصائص فإذا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان هذا الحق تجاريا‪ ،‬انتقل إلى املوفى على هذه الصفة ‪ ،‬وإذا كان حقا يسقط بالتقادم‬
‫بانقضاء مدة قصيرة ‪ ،‬ينتقل إلى املوفى قابال للسقوط بالتقادم بهذه املدة القصيرة وقد يكون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الحق الذى انتقل إلى املوفى ثابتا فى سند رسمي أو فى حكم ‪ ،‬فيكون سندا قابال للتنفيذ فى يد‬
‫املوفى كما كان فى يد الدائن ألاصلي‬
‫ويحل املوفي محل الدائن في الحق بما يلحقه من توابع ‪ :‬فلو كان الحق الذى انتقل إلى‬
‫ً‬
‫املوفى ينتج فوائد بسعر معين‪ ،‬فإن الحق ينتقل منتجا لهذه الفوائد بهذا السعر‪ ،‬وإذا كان هذا‬
‫الحق مقترنا بدعوى فسخ أو بحق في الحبس‪ ،‬فإن املوفى يحل محل الدائن فى الحق وفي هذه‬
‫التوابع‬

‫‪95‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫و يحل املوفي محل الدائن في الحق بما يكفله من تأمينات فإذا كان حقا مضمونا بتأمينات‬
‫عينية أو بكفيل شخص ي أو بتضامن حل املوفي في الحق وفي هذه التأمينات دون الحاجة إلى رضا‬
‫الكفيل‬
‫ويحل أخيرا املوفي محل الدائن في الحق بما يرد عليه من دفوع كأسباب البطالن‬
‫ً‬
‫والانقضاء ‪ ،‬ما لم يكن ألامر متعلقا بواقعة غير منفكة عن شخص الدائن‪ ،‬كالدفع بقصر الدائن‬
‫ً‬
‫‪ ،‬فهو ال يظل قائما بعد الحلول متى كان من تم الحلول له كامل ألاهلية‬
‫فإذا كان الحق مصدره عقد باطل أو عقد قابل لإلبطال‪ ،‬أو كان الحق قد انقض ى بالوفاء‬
‫أو بأى سبب آخر كالتجديد أو املقاصة أو إلابراء أو التقادم‪ ،‬جاز للمدين أن يتمسك بهذا الدفوع‬
‫تجاه املوفي كما كان له ذلك تجاه الدائن ألاصلي‬
‫ب – القيود التي ترد على حق املوفي‬
‫إذا كان ألاصل أن يحل املوفى محل الدائن فى حقه من جميع الوجوه ‪ ،‬فإن هناك حاالت ال‬
‫يكسب فيها املوفى جميع املزايا التي كانت للدائن وفق ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -0‬ال يرجع على املدين إال بمقدار ما دفع للدائن ‪ ،‬أما الدائن فإنه كان يرجع على مدينه‬
‫بكل الدين وهو ما عبرت عنه املادة ‪ 361‬سالفة الذكر بقولها" ويكون هذا الحلول بالقدر الذى‬
‫أداه من ماله من حل محل الدائن"‪ ،‬والسبب فى ذلك أن املوفى وهو يفي بالدين للدائن إنما يقوم‬
‫ً‬
‫(‪)1‬‬
‫بوفاء الدين ‪ ،‬بعيدا عن فكرة املضاربة و في هذا الصدد يختلف حق املوفي عن حوالة الحق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -3‬وإذا كان املوفى مدينا متضامنا‪ ،‬أو كان مدينا مع آخرين في دين غير قابل لالنقسام‪ ،‬أو‬
‫كان أحد الكفالء املتضامنين‪ ،‬ثم وفى الدين كله للدائن فحل محله فيه حلوال قانونيا‪ ،‬فإنه ال‬
‫يرجع على أي من شركائه إال بقدر حصة هذا الشريك‪ ،‬وذلك تفاديا من تكرار الرجوع‪ ،‬أما‬
‫الدائن فإنه يرجع على أي من هؤالء املدينين بكل الدين‬
‫‪ -2‬إذا كان املوفى هو حائز العقار فإن املادة ‪ 366‬تنص على أنه " إذا وفى الغير الحائز‬
‫للعقار املرهون كل الدين ‪ ،‬وحل محل الدائنين ‪ ،‬فال يكون له بمقتض ى هذا الحلول الرجوع على‬
‫حائز لعقار آخر مرهون في ذات الدين إال بقدر حصة هذا الحائز بحسب قيمة العقار املحوز "‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪253‬‬


‫‪96‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫واملفروض هنا أن الدين مضمون برهون متعددة على عقارات مختلفة ‪ ،‬وقد بيع كل عقار‬
‫ً‬
‫فأصبح فى يد حائز لعقار مرهون وملا كان كل من هؤالء الحائزين ملتزما بالدين عن املدين‪ ،‬فإنه‬
‫ً‬
‫إذا وفى أحدهم الدين للدائن حل محله قانونا‪ ،‬وكان ينبغي أن يرجع بالدين‪ ،‬بعد أن يستنزل منه‬
‫حصته بحسب قيمة ما حازه من عقار‪ ،‬على أي من الحائزين آلاخرين‪ ،‬وكان الدائن يرجع بكل‬
‫الدين على أى منهم ألن الرهن غير قابل للتجزئة‪ ،‬ولكن النص يقض ى بأن يرجع املوفى على كل من‬
‫الحائزين آلاخرين بقدر حصته فى الدين بحسب قيمة ما حازه من عقار‪ ،‬حتى ال يتكرر الرجوع‪،‬‬
‫وذلك لنفس الاعتبارات التي سبق إيرادها فى خصوص التضامن‬

‫ً‬
‫‪ -1‬إذا كان املوفي قد وفى جزءا من الدين ‪ ،‬فإن الدائن ألاصلي فى استيفاء ما بقى من‬
‫ً‬
‫حقه يكون مقدما على املوفي وفي هذا الصدد تنص املادة ‪ 365‬من القانون املدني على أنه‪ " :‬إذا‬
‫ً‬
‫وفى الغير الدائن جزءا من حقه وحل محله فيه‪ ،‬فال يضار الدائن بهذا الوفاء‪ ،‬ويكون في استيفاء‬
‫ً‬
‫ما بقى له من حق مقدما على من وفاه ‪ ،‬ما لم يوجد اتفاق يقض ى بغير ذلك‬
‫ً‬
‫فإذا حل شخص آخر محل الدائن فيما بقى له من حق‪ ،‬رجع من حل أخيرا هو ومن‬
‫تقدمه في الحلول كل بقدر ما هو مستحق له‪ ،‬وتقساما قسمة الغرماء "‬
‫وهذا يعني أن الدائن الذي استوفى جزء من حقه يبقى له أن يتقدم على املوفى في استفاء‬
‫ما بقس له من هذا الحق فال يزاحمه املوفي‪ ،‬وهي قاعدة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق‬
‫(‪)1‬‬
‫على ما يخالفها‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬ص ‪253‬‬


‫‪97‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املبحث الثاني‪ :‬انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء‬

‫كما ينقض ي الالتزام بالوفاء فقد ينقض ي بطرق أخرى تعادل الوفاء‪ ،‬وتتمثل هذه الطرق‬
‫في كل من الوفاء بمقابل‪ ،‬والتجديد‪ ،‬وإلانابة في الوفاء‪ ،‬واملقاصة‪ ،‬واتحاد الذمة‪.‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الوفاء بمقابل‬
‫تناول املشرع الجزائري في أحكام التنفيذ بمقابل في املادتين ‪ 326 ،325‬من ق م ‪ ،‬وتنص‬
‫املادة ‪ 325‬من ق م على ما يلي‪ :‬إذا قبل الدائن في استفاء حقه مقابال استعاض به عن الش يء‬
‫املستحق قام هذا ألاخير مقام الوفاء" يتضح من هذا النص أن الوفاء بمقابل هو اتفاق الدائن‬
‫واملدين على أن يوفي املدين للدائن بش يء آخر غير محل الالتزام ويقوم املدين بوفاء هذا الش يء‬
‫فعال‬
‫ولكي يوجد الوفاء بمقابل ال بد من توافر شرطين‪:‬‬
‫ألاول‪ :‬وجود اتفاق بين الدائن واملدين على نقل ملكية ش يء أو حق عيني عوضا عن املحل‬
‫ألاصلي‪ ،‬إذأنه ال يمكن جبر الدائن على قبول وفاء بش يء غير مستحق له أصال ‪ ،‬وملا كان الوفاء‬
‫بمقابل اتفاق وجب أن تتوافر في طرفيه ألاهلية فيجب أن تتوافر في الدائن أهلية استفاء الدين‬
‫ويجب أن تتوافر في املدين أهلية الوفاء بالدين وأهلية التصرف في الش يء الذي يقدمه وفاء‬
‫للمدين ذلك أن الوفاء بمقابل ينطوي على معنى الوفاء وعلى معنى نقل امللكية في نفس الوقت‪،‬‬
‫ويجب أن تكون إرادة الطرفين خالية من العيوب املعروفة (‪، )1‬‬
‫ويجب أن يكون لهذا الاتفاق محل وسبب مستوفيان شروطهما القانونية فيجب أن يكون‬
‫املحل شيئا جديدا أي لم يدخل منذ البداية ضمن الالتزام ألاصلي وبهذا يختلف الوفاء بمقابل‬
‫عن الالتزام التخييري والالتزام البدلي‪ ،‬كما يجب أن محل مقابل الوفاء نقل ملكية أو تقرير حق‬
‫عيني كاالنتفاع‪ ،‬فال يصح أن يكون التزاما بعمل أو امتناع عن عمل أو نقل حق شخص ي (‪،)2‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فإذا قدم املدين عوضا عن الدين عمال كنا إزاء تجديد للدين بتغيير املحل‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق ‪322‬‬
‫)‪ (2‬املرجع نفسه‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪251‬‬
‫‪98‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫وإذا قدم املدين لدائنه حقا شخصيا كدين في ذمة الغير عوضا عن حقه لم نكن بصدد‬
‫وفاء بمقابل‪ ،‬بل كنا أمام حوالة حق أو إنابة في الوفاء ‪ ،‬مع مالحظة أن السندات لحاملها تعتبر‬
‫شيئا على أساس فكرة اندماج الحق في الصك فيصح أن تكون مقابال للوفاء‬
‫(‪)1‬‬

‫الثاني‪ :‬وجوب تنفيذ الاتفاق بنقل امللكية فورا‪ :‬أي يجب أن يكون الاتفاق على الوفاء‬
‫منجزا وأن ينفذ فعال ‪ ،‬فإذا كان مؤجال ولم ينفذ كنا أمام تجديد الدين بتغيير املحل‪ ،‬فالوفاء‬
‫بمقابل يجب أن ينفذ فعال بنقل امللكية إلى الدائن وهذا هو معنى الوفاء ومقتضاه‬
‫آثار مقابل الوفاء‬
‫تنص املادة ‪ 326‬من ق م على أنه " تسري أحكام البيع وخصوصا ما يتعلق منها بأهلية‬
‫الطرفين‪ ،‬وبضمان الاستحقاق‪ ،‬وبضمان العيوب الخفية على الوفاء بمقابل فيما إذا كان ينقل‬
‫ملكية ش يء أعطي في مقابلة الدين‪ ،‬ويسري عليه من حيث أنه يقض ي الدين أحكام الوفاء‬
‫وباألخص ما يتعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات"‬
‫يظهر من خالل نص هذه املادة أن آثار الوفاء مزدوجة فباعتباره ناقال للملكية تسري عليه‬
‫أحكام البيع وبوصفه وفاء تسري عليه أحكام الوفاء‪.‬‬
‫‪‬آثار الوفاء باعتباره ناقال للملكية‪ :‬يترتب على هذا التكييف آلاثار التالية‪:‬‬
‫‪ -‬إذا استحق املقابل في يد الدائن كان للدائن الرجوع على املدين طبقا ألحكام ضمان‬
‫الاستحقاق املقررة في في عقد البيع وأن يطلب فسخ عقد الوفاء بمقابل فيعود الدين ألاصلي إلى‬
‫ذمة املدين‪ ،‬ويؤدي ضمان الاستحقاق إلى تعويض الدائن على ألاضرار التي سببها له هذا‬
‫العقد(‪ ،)2‬وإذا كشف في املقابل عيبا خفيا كان له أن يرجع على املدين بضمان العيوب الخفية‬
‫املقررة في عقد البيع كما يضمن الصفات التي تعهد بها بوجودها للدائن وقت التسليم وفق ما‬
‫(‪)3‬‬
‫هو مقرر في القواعد العامة‬
‫‪ -‬إذا كان مقابل الوفاء عقارا فإن الوفاء ال ينتج أثره إال بعد اتخاذ إجراءات الشهر العقاري‬
‫للعقد املتضمن هذا الوفاء وفقا ألحكام املادتين ‪ 221 ،222‬من ق م‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪251‬‬


‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪255‬‬
‫)‪ (3‬املادتين ‪ 221 ،222‬من القانون املدني‬
‫‪99‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -‬إذا كان مقابل الوفاء عقارا وكان املدين قد قدم أيضا معدال نقديا‪ ،‬وكان حقه في‬
‫استفائه مضمونا بحق امتياز البائع ألنه في مركز البائع‪ ،‬وإنما يقع عليه أن يقيد هذا الامتياز في‬
‫ظرف شهرين من تاريخ الوفاء بمقابل وإال أصبح الامتياز رهنا رسميا م ‪ 222‬من ق م‬
‫‪‬آثار مقابل الوفاء باعتباره مقابل وفاء‪ :‬يترتب على هذا الوصف مايلي‪:‬‬
‫‪ -‬يؤدي إلى انقضاء الدين ألاصلي ونزول التأمينات التي كانت ضامنة له وال تعود حتى ولو‬
‫استحق املقابل في يد الدائن‬
‫‪ -‬تتبع أحكام الوفاء الخاصة بخصم املدفوعات عند تعدد الديون التي للدائن في ذمة‬
‫املدين‬
‫‪ -‬إذا تبين أن الدين غير موجود‪ ،‬اتبعت أحكام الوفاء بمعنى أنه يكون للموفي أن يسترد ما‬
‫أوفاه بدعوى استرداد ما دفع بدون وجه حق‬
‫‪ -‬يخضع الوفاء بمقابل من حيث الطعن بالدعوى البوليصية ألحكام الوفاء‬

‫‪011‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الثاني‪ :‬التجديد وإلانابة جديد‬


‫عالجهما املشرع الجزائري في املواد ‪ 322‬إلى ‪326‬‬
‫أوال‪ :‬التجديد‪:‬‬
‫قد يحدث وأن يتفق الدائن واملدين على اعتبار الالتزام ألاصلي الذي يربطهما منقضيا في‬
‫مقابل أن يحل محله التزام جديد يختلف عن ألاول ويطلق على هذه الصورة من صور انقضاء‬
‫الالتزام "التجديد"‪ ،‬نتناوله بالبحث عن تعريفه وشروطه وآثاره تباعا‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ 9‬تعريفه‪ :‬التجديد هو اتفاق بين الدائن واملدين على استبدال دين جديد بدين قديم‬
‫ويكون الدين الجديد مغايرا للقديم إما في محله أو يختلف عن في أحد عناصره لذا يعتبر‬
‫التجديد طريقا من طرق انقضاء الالتزام ومصدرا من مصادره إنشائه في آن واحد ألن به ينقض ي‬
‫(‪)2‬‬
‫الالتزام القديم وينشأ الالتزام الجديد الذي يحل محله‬
‫وهو نظام موروث عن القانون الروماني وكان دوره هاما كوسيلة لتعديل الالتزام أما اليوم‬
‫فقد تضاءلت أهمته مع ظهور نظام حوالة الحق وحوالة الدين وإلانابة والحلول التي تحقق‬
‫املقصود من هذا النظام بل وتفضله من بعض الوجوه‬
‫شروطه‪ :‬تتطلب طبيعة التجديد توافر الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -10‬وجود التزام قديم‪ :‬وعليه إذا انقض ى الالتزام القديم قبل التجديد بأي سبب أخر من‬
‫أسباب الانقضاء أو كان هذا الالتزام باطال بطالنا مطلقا‪ ،‬فإن الاتفاق على الجديد يقع باطال‬
‫لتخلف سببه وهو ما عبرت عنه املادة ‪ 322‬بقولها" ال يتم التجديد إال إذا كان الالتزامان القديم‬
‫والجديد قد خال كل منهما من أسباب البطالن"‬
‫أما إذا كان الالتزام قابال للبطالن فيجوز الاتفاق على التجديد (‪ ، )3‬ألن هذا الالتزام يعتبر‬
‫موجودا حتى يقض ى بإبطاله‪ ،‬وملا كانت القابلية لإلبطال تزول باإلجازة فإن هذه إلاجازة قد تكون‬
‫(‪)4‬‬
‫صريحة أو ضمنية وقد يستفاد من التجديد نية إجازة الالتزام القديم‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪256‬‬


‫)‪ (2‬أنور سلطان مرجع سابق ‪262‬‬
‫)‪ (3‬املادة ‪3/322‬‬
‫)‪ (4‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪361‬‬
‫‪010‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -13‬إنشاء التزام جديد‪ :‬ال ينقض ي الالتزام القديم إال إذا حل محله التزام جديد‪ ،‬ألن‬
‫الدائن ال يقبل انقضاء الالتزام القديم إال إذا أخذ مكانه التزام آخر جديد‪ ،‬على هذا ألاساس ال‬
‫(‪)1‬‬
‫يتم التجديد إذا كان الالتزام الجديد باطال بطالنا مطلقا‬
‫‪-12‬ان يكون الالتزامان مختلفان في عنصر معين‪ :‬يشترط أن يكون الالتزام الجديد مغايرا‬
‫لاللتزام القديم في عنصر جوهري من عناصره بدرحة تقض ي على الالتزام القديم والعنصر‬
‫الجوهري قد يتعلق بالدين أو املدين أو الدائن على التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬التجديد بتغيير الدين‪ :‬يتم التجديد بتغيير الدين بين طرفيه عن طريق تغيير محله أو‬
‫سببه وبذلك ينشأ التزام جديد مغاير لاللتزام القديم في املحل أو السبب أي املصدر‬
‫(‪)2‬‬

‫ويتشابه التجديد بتغيير املحل مع الوفاء بمقابل‪ ،‬غير أن الذي يميزهما عن بعضهما هو أن‬
‫الوفاء بمقابل ينفذ فورا وينقض ي به الالتزام نهائيا أما التجديد بتغيير املحل فتنفيذه ليس فوريا‬
‫وال ينقض ي به الالتزام القديم إال ليحل محله التزام جديد‪ ،‬وقد يختلف الدين القديم عن الدين‬
‫الجديد في املصدر مع بقاء املحل مثال ذلك أن يتفق املؤجر و املستأجر على استبدال قرض‬
‫بدين ألاجرة املتأخرة عليه‬
‫(‪)3‬‬

‫‪-‬التجديد بتغيير املدين‪ :‬يتم التجديد بتغيير املدين وفقا لنص املادة ‪ 3/322‬بإحدى‬
‫الطريقتين‪:‬‬
‫ألاولى‪ :‬أن يتفق الدائن مع واحد من الغير على أن يكون مدينا مكان الدائن ألاصلي مع براءة‬
‫ذمة هذا ألاخير ‪ ،‬ويسمى التجديد في هذه الحالة تعهدا بالوفاء ويت دون الحاجة إلى رضا املدين‬
‫ألاصلي به‬
‫(‪)4‬‬

‫الثانية‪ :‬أن يتفق املدين ألاصلي مع شخص ثالث ليحل محله فتبرأ ذمته إذا حصل املدين‬
‫ألاصلي على رضا الدائن بهذا الاتفاق ويسمى هذا الاتفاق الثالثي باإلنابة الكاملة ‪la délégation‬‬
‫(‪ ،)1‬وال يشترط هنا وجود مديونية سابقة بين املدين ألاصلي والغير‬
‫(‪)2‬‬

‫)‪ (1‬املادة ‪0/322‬‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 0/322‬ق م ج‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪252‬‬
‫)‪ (4‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪262‬‬
‫‪012‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫ويختلف هذا الاتفاق عن حوالة الدين ألن املدين الجديد فيه يلتزم بدين جديد‪ ،‬اما‬
‫الالتزام القديم فقد انقض ى بالتجديد في حين أنه في حوالة الدين يحل املحال عليه محل املدين‬
‫(‪)3‬‬
‫في نفس الدين الذي يظل محتفظا بضماناته‬
‫‪ -‬التجديد بتغيير الدائن‪ :‬يكون باتفاق الدائن واملدين والغير على أن يكون هذا ألاخير هو‬
‫الدائن الجديد(‪ ،)4‬وبهذا يختلف التجديد بتغيير الدائن في أمرين‪ :‬ألاول أنه ال يشترط النعقاد‬
‫حوالة الحق رضاء املدين بها‪ ،‬في حين أن التجديد بتغيير املدين يتطلب ذلك‪ ،‬والثاني أن في‬
‫التجديد ينقض ي حق الدائن ألاصلي وينشأ حق جديد للدائن الجديد‪ ،‬في حين أنه في حوالة‬
‫الحق يخلف املحال له املحيل في نفس الحق بما له من تأمينات وما فيه من صفات وما يرد‬
‫(‪)5‬‬
‫عليه من دفوع‬
‫‪ -13‬آثار التجديد‬
‫يترتب على التجديد أن ينقض ي الالتزام القديم‪ ،‬نشوء التزام جديد على التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ -‬انقضاء الالتزام القديم‪ :‬بأصله وتوابعه وضماناته انقضاء نهائيا‪ ،‬فال تنتقل التأمينات‬
‫التي تكفل الالتزام ألاصلي وفقا لنص املادة ‪ ،320‬إال بنص في القانون أو إذا تبين من الاتفاق أو‬
‫من الظروف أن نية املتعاقدين انصرفت إلى غير ذلك وإذا كانت التأمينات شخصية أو عينية‬
‫مقدمة من الغير فيجب رضا ذلك الغير(‪ )6‬وال يكون الاتفاق على انتقال التأمينات نافذا في حق‬
‫(‪)7‬‬
‫الغير إال إذا تم مع التجديد في وقت واحد ومع مراعاة ألاحكام املتعلقة بالتسجيل‬
‫‪ -‬إنشاء التزام جديد‪ :‬مستقل عن الالتزام ألاصلي فيما يميزه من خصائص وما يرد عليه‬
‫من دفوع‪ ،‬فمصدر الالتزام الجديد هو دائما عقد التجديد ويترتب على ألاثر املنش ئ للتجديد أن‬
‫املدين ال يستطيع أن يتمسك في مواجهة الدائن الجديد بالدفوع التي كانت له في مواجهة الدائن‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪252‬‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 3/321‬ق م‬
‫)‪ (3‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪221‬‬
‫)‪ (4‬املادة ‪2 /322‬‬
‫)‪ (5‬أنور سلطان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪220 ،221‬‬
‫)‪ (6‬املادة ‪ 322‬من ق م‬
‫)‪ (7‬املادة ‪15 /323‬‬
‫‪013‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫القديم إال إذا كان الدين ألاصلي مشوبا بالبطالن فإن التجديد ذاته في هذه الحالة يبطل أيضا‬
‫(‪)1‬‬
‫ألنه يتطلب وجود التزام قديم صحيح‬
‫ثانيا‪ :‬إلانابة‬
‫نظم املشرع إلانابة في الوفاء ضمن القسم الثاني للفصل الثاني الخاص بالعقود‪ ،‬جاعال‬
‫منها سببا من أسباب انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء ‪ ،‬فقد خصص لها ثالث مواد وهي ‪ :‬املادة‬
‫‪ 321‬ـ ‪ 325‬ـ ‪ 326‬من القانون املدني‪ ،‬وتعتبر إلانابة في الوفاء من العمليات القانونية التي تتعدد‬
‫وظائفها وأطرافها في نفس الوقت‪ ،‬تتم إلانابة بين ثالثة أشخاص املدين (املنيب)‪ ،‬الدائن (املناب‬
‫لديه)‪ ،‬والشخص ألاجنبي (املناب)‬
‫إلانابة في الوفاء "عبارة عن تصرف بمقتضاه يحصل املنيب(املدين) على رضاء املناب لديه(‬
‫الدائن) بشخص ثالث هو املناب يلتزم بوفاء الدين مكان املدين"‬
‫(‪)2‬‬

‫ويترتب عليها إبراء ذمة املنيب وحلول النائب محله بالنسبة للمناب لديه وتسمى هذه‬
‫باإلنابة الكاملة ويجب أن يكون الاتفاق عليها صريحا‪ ،‬إلن التجديد ال يفترض‪ ،‬فإذا لم يكن‬
‫هناك اتفاق صريح كانت إلانابة ناقصة أي يبقى املنيب ملزما إلى جانب املناب ويلزم أن يكون‬
‫املناب موسر وقت إلانابة وإال كانت إلانابة ناقصة أيضا‬
‫وإلانابة الناقصة هي الغالبة في العمل وبذلك تكون بمثابة تأمين شخص ي فيصبح للدائن‬
‫مدينان هما املنيب واملناب ويكون له أن يطالب أيا منهما بكل الدين‪ ،‬ويالحظ أنه ال يوجد‬
‫(‪)3‬‬
‫تضامن بينهما وإن اتحد محل التزامهما إال انهما مختلفان في املصدر‬
‫ويجب على املناب الوفاء للمناب لديه ولو ثبت أن حقه تجاه املنيب لم يكون موجودا أو‬
‫كان باطال أو انقض ى‪ ،‬وله بعد ذلك الرجوع على املنيب بما وفاه عنه على أساس الوكالة‪ ،‬مع ذلك‬
‫(‪)4‬‬
‫هذه القاعدة ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفتها‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪252‬‬


‫)‪ (2‬محمد صبري السعدي‪ 3111 ،‬مرجع سابق ص ‪261‬‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق ص ‪261‬‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 326‬ق م‬
‫‪014‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الثالث‪ :‬املقاصة‬


‫نظمها املشرع الجزائري باملواد من ‪ 322‬إلى ‪ 212‬من القانون املدني ‪ ،‬كسبب من أسباب‬
‫انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء‪ ،‬تفترض أن هناك شخصين كل منهما مدين ودائن لآلخر‪ ،‬أي‬
‫أن بين هذين الشخصين التزامين املدين في أحدهما دائن في الثاني‪ ،‬فبدال أن يوفي كل منهما‬
‫بدينه لآلخر ينقض ي الدينان بقدر ألاقل منهما‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -‬أنواع املقاصة‪ :‬املقاصة على ثالثة أنواع قانونية مصدرها القانون‪ ،‬وقضائية مصدرها‬
‫حكم القاض ي‪ ،‬واتفاقية مصدرها اتفاق الطرفين‬
‫أ‪ -/‬املقاصة القانونية‪ :‬تقع بحكم القانون إذا توافرت شروطها‪ ،‬والتي تتمثل في‪:‬‬
‫‪ - 0‬وجود دينين متقابلين أي أن يكون كل من طرفيها دائنا ودينا في نفس الوقت للطرف‬
‫ألاخر ذاته ال نائبه تنص املادة ‪ 322‬ق م على أنه " للمدين حق املقاصة بين ما هو مستحق عليه‬
‫لدائنه وما هو مستحق له تجاهه ولو اختلف سبب الدين"‬
‫فال مقاصة بين بين دين للوص ي على الغير مع دين للغير على القاصر ‪ ،‬وال دين على الشركة‬
‫ألجنبي مع حق الشريك في ذمة هذا ألاجنبي‬
‫(‪)2‬‬

‫وال يشترط أن يكون الدينان من مصدر واحد‪ " ،‬ولو اختلف سبب الدين"‪ ،‬وال يشترط في‬
‫الدائن أو املدين أهليه الوفاء أو الاستفاء ال ن املقاصة تعتبر واقعة قانونية وليست تصرف‬
‫قانونية‬
‫(‪)3‬‬

‫‪ -3‬أن يكون الدينين متماثلين في املحل‪ :‬أي بمبلغ من النقود أو بكمية من املثليات متحدة‬
‫النوع والجودة (‪ ، )4‬فاملقاصة ال تقع إال بين متماثلين النقود أو من املثليات املتحدة في النوع و‬
‫الجودة‬

‫)‪ (1‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق ص ‪321‬‬
‫)‪ (2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪323‬‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪260‬‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫‪015‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -2‬أن يكون الدينين صالحين للمطالبة بهما قضائيا‪ :‬ألن املقاصة وفاء جبري‪ ،‬ولكا كانت‬
‫كذلك فال مقاصة في الالتزام الطبيعي ألنه ال يجب املدين فيه على ألاداء‪ ،‬كذلك ال مقاصة في‬
‫دين سقط بالتقادم ألنه أيضا ال يجبر املدين على أدائه‬
‫مع ذلك ووفقا لنص املادة ‪ 210‬إذا مضت مدة التقادم وقت التمسك باملقاصة فإن ذلك‬
‫ال يمنع وقوعها رغم التمسك بالتقادم ما دامت املدة لم تكت قد تمت في الوقت الذي أصبحت‬
‫في تلك املقاصة ممكنة‬
‫‪ -1‬أن يكون الدينين خالين من النزاع ‪ :‬أي محققين الوجود ومعيني املقدار سواء كانا‬
‫ثابتين في عقد رسمي أو عقد عرفي ‪ ،‬فإذا كان ثمة شك في وجود الدين امتنعت املقاصة‪ ،‬كالدين‬
‫الناش ئ من الفعل الضار إذ يتوقف على ثبوت مسؤولية الفاعل‪ ،‬وال مقاصة إذا كان الدين غير‬
‫معين املقدار‪ ،‬كما لو كان تقديره يتوقف على تصفية حساب معقد أو على تقرير خبير أو على‬
‫حكم قضائي‪ ،‬كذلك ال مقاصة في دين معلق على شرط واقف ألنه غير محقق الوجود أما الدين‬
‫املعلق على شرط فاسخ فتجوز فيه املقاصة ألنه موجود ومستحق ألاداء لكن إذا تحقق الشرط‬
‫الفاسخ اعتبرت املقاصة كأن لم تكن‬
‫(‪)1‬‬

‫‪ -5‬أن يكون الدينان مستحقي ألاداء‪ :‬ذلك أن املقاصة وفاء جبري وال يجوز جبر املدين على‬
‫الوفاء إال إذا حل أجل الاستحقاق‪ ،‬فال مقاصة في دين مؤجل إال إذا حل ألاجل أو سقط‪ ،‬غير‬
‫املقاصة تجري رغم املهلة املمنوحة من القاض ي أو الدائن‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -6‬أن يكون الدينين قابلين للحجز عليهما‪ :‬فال تقع املقاصة إذا كان أحد الدينين غير قابل‬
‫(‪)3‬‬
‫للحجز‬
‫‪ -2‬أال يكون أحد الدينين شيئا نزع دون حق من يد مالكه وكان مطلوبا رده(‪ ،)4‬وهذا الحكم‬
‫(‪)5‬‬
‫ملنع الدائن من استخالص حقه بيده‪ ،‬إذا عليه أن يلجا إلى القضاء‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪263‬‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 3/322‬ق م‬
‫)‪ (3‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 322‬ق م‬
‫)‪ (5‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪263‬‬
‫‪016‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫‪ -2‬ال مقاصة إذا كان أحد الشيئين محل عقد وديعة أو عارية استعمال وكان مطلوبا رده(‪،)1‬‬
‫ألن الش يء املودع أو املعار يعد أمانة في يد املودع لديه أو املستعير والامتناع عن رده خيانة‬
‫لألمانة‬
‫(‪)2‬‬

‫‪ -2‬ال مقاصة بين حق للفرد وحق الدولة على الفرد‪ ،‬فال مقاصة في دين الضريبة‪ ،‬ذلك أن‬
‫(‪)3‬‬
‫أموال الدولة ال يجوز توقيع الحجز عليها‬
‫كيفية إعمال املقاصة القانونية‪:‬‬
‫ال تقع املقاصة القانونية إال إذا تمسك بها من له مصلحة فيها (‪ ،)4‬فإن لم يحصل هذا‬
‫التمسك بقي الدينان املتقابالن دون انقضاء‪ ،‬ولهذا ال يجوز للقاض ي أن يحكم بوقوع املقاصة‬
‫من تلقاء نفسه‪ ،‬حتى ولو علم من وقائع الدعوى أن شروطها متوافرة‪ ،‬فاملقاصة ليست من‬
‫النظام العام‪ ،‬بل هي مقررة لصالح ذوي الشأن‪ ،‬والذي له مصلحة في وقوع املقاصة هو أوال‬
‫املدين في كل من الدينين املتقابلين‪ ،‬وكذلك يحق للكفيل أن يتمسك بها ولو كان متضامنا مع‬
‫(‪)5‬‬
‫املدين‬
‫وإذا لم يتمسك بها صاحبها فقد يحمل مسلكه هذا على أنه متنازل عنها ضمنيا‪ ،‬كذلك‬
‫يعتبر وفاؤه بما عليه ملدينه مع علمه بحقه في املقاصة تنازال ضمنيا عن التمسك بها(‪ ،)6‬فاملقاصة‬
‫ليست من النظام العام يجوز التنازل عنها بعد ثبوت الحق فيها‬
‫(‪)7‬‬

‫ب‪ /‬املقاصة القضائية‬


‫يجريها القاض ي إذا لم يتوفر بالنسبة ألحد الدائنين شرط الخلو من النزاع‪ ،‬ومثالها أن يرفع‬
‫املؤجر دعواه ضد املستأجر مطالبا باألجرة فيثير املستأجر حقه في التعويض عن تعرض املؤجر له‬
‫في الانتفاع بالعين املؤجرة( عن طريق طلب فرعي)‪ ،‬فإذا قدر القاض ي جدية هذا الطلب أوقف‬

‫)‪ (1‬املادة ‪ 322‬ق م‬


‫)‪ (2‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪263‬‬
‫)‪ (3‬املرجع نفسه‬
‫)‪ (4‬املادة ‪ 211‬ق م‬
‫)‪ (5‬عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬مرجع سابق ص ‪326‬‬
‫)‪ (6‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪262 ،‬‬
‫)‪(7‬املادة ‪ 211‬ق م‬
‫‪017‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫الفصل في دعوى املؤجر ألاصلية وفصل في دعوى املستأجر الفرعية‪ ،‬وعندئذ يصبح حق‬
‫املستأجر في التعويض خاليا من النزاع فيجري املقاصة بين دين ألاجرة ودين التعويض ويفصل‬
‫(‪)1‬‬
‫في الدعويين بحكم واحد‬
‫ج‪ /‬املقاصة الاتفاقية‪ :‬هي التي تقع بإرادة الطرفين وصورتها أن يتفق الطرفان على إجراء‬
‫املقاصة رغم عدم توافر شروطها القانونية‪.‬‬
‫‪ -20‬آثار املقاصة‬
‫إذا تمسك صاحب الشأن باملقاصة أنتجت أثرها وهو أن تقض ي على الدينين بقدر ألاقل‬
‫منهما وباثر رجعي أي من الوقت الذي أصبح فيها الدينان صالحين للمقاصة بتوافر شروطها‬
‫القانونية‬
‫ويترتب على هذا ألاثر الرجعي‪ ،‬أنه إذا كان الدينان صالحين للمقاصة فإنه ال يجدي الطرف‬
‫آلاخر أن يدفع بتقادم دينه وقت التمسك باملقاصة ما دام أنه لم يكن هذا الدين قد تقادم وقت‬
‫أن توافرت شروطها‬
‫(‪)2‬‬

‫وإذا تعددت الديون التي تجوز املقاصة فيها اتبعت نفس القواعد التي تسري في حالة‬
‫خصم املدفوعات عند تعدد الديون وفق ما قضت به املواد‪ 321 ،322 ،322‬من القانون املدني‬
‫ويترتب على انقضاء الديون باملقاصة سقوط التأمينات الضامنة له ألن الفرع يتبع ألاصل‬
‫(‪)3‬‬
‫سواء كانت عينية أو شخصية‬

‫)‪ (1‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪261‬‬


‫)‪ (2‬املادة ‪ 210‬ق م‬
‫)‪ (3‬محمد حسنين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪261‬‬
‫‪018‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫قائمة املراجع‬
‫محمد حسنين‪ ،‬الوجيز في نظرية الالتزام‪ :‬مصادر الالتزامات وأحكامها في القانون املدني‬
‫الجزائري‪ ،‬املؤسسة الوطنية للكتاب‪0222 ،‬‬
‫عبداملجيد الحكيم‪ ،‬عبد الباقي البكري‪ ،‬محمد طه البشير‪ ،‬القانون املدني وأحكام الالتزام‪:‬‬
‫الجزء الثاني‪ ،‬الجمهورية العراقية‪ ،‬وزارة التعليم العالي‪0226 ،‬‬
‫أنور سلطان‪ ،‬النظرية العامة لاللتزام ‪ -‬أحكام الالتزام‪ -‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬إلاسكندرية‬
‫مصر ‪،3115‬‬
‫أنور طلبة املطول في شرح القانون املدني‪ ,‬الجزء الرابع املكتب الجامعي الحديث الاسكندرية‪،‬‬
‫‪3111‬‬
‫رمضان أبو السعود‪ ،‬أحكام الالتزام دار املطبوعات الجامعية الاسكندرية ‪0222‬‬
‫محمد صبري السعدي‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ,‬أحكام الالتزام دار الكتاب الحديث‬
‫الجزائر‬
‫أنور العمروس ي‪ ،‬الشرط وألاجل في القانون املدني‪ ,‬ألاوصاف املعدلة ألثر الالتزام دار محمود‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة ‪،3116‬‬
‫دربال عبد الرزاق‪ ،‬الوجيز في أحكام الالتزام في القانون املدني الجزائري‪ ،‬دار العلوم للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الجزائر‬
‫محمود جمال الدين زكي‪ ،‬الوجيز في نظرية الالتزام‪ ,‬ج ‪ 9‬مصر ‪0226‬‬
‫بلحاج العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪220‬‬
‫جالل علي العدوي‪ :‬أصول أحكام الالتزام وإلاثبات‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬إلاسكندرية ‪0226‬‬
‫جميل الشرقاوي‪ :‬النظرية العامة لاللتزام‪ ,‬الكتاب الثاني‪ ,‬أحكام الالتزام‪ ،0225 ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‬
‫سليمان مرقس‪ :‬موجز أصول الالتزامات‪ ،‬مطبعة لجنة البيان العربي‪ ،‬القاهرة ‪0260‬‬
‫منذر الفضل‪ :‬النظرية العامة لاللتزامات في القانون املدني‪ ,‬دراسة مقارنة بين الفقه‬
‫إلاسالمي والقوانين املدنية الوضعية‪ ,‬أحكام الالتزام‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪0223 ،‬‬ ‫ّ‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪0001‬‬
‫علي كعوان‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات مصادر الالتزامات‪ ,‬أحكام الالتزامات‪ ،‬مجمع ألاطرش‬
‫للكتاب املختص‪ ،‬تونس ‪3105‬‬

‫‪019‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬


‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫موضوعات المطبوعة‬
‫الفصل األول‪ :‬تنفيذ االلتزام‬
‫املبحث ألاول‪ :‬التنفيذ العيني الجبري‬
‫املطلب ألاول‪ :‬شروط التنفيذ العيني الجبري‬
‫املطلب الثاني‪ :‬موضوع التنفيذ العيني‬
‫املطلب الثالث‪ :‬وسائل الخصوم في الحصول على التنفيذ الجبري‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬تنفيذ الالتزام بطريق التعويض أو التنفيذ بمقابل‬
‫املطلب ألاول‪ :‬شروط التنفيذ بمقابل‬
‫املطلب الثاني‪ :‬تقدير التعويض‬
‫املبحث الثالث‪ :‬ضمان حقوق الدائنين في التنفيذ‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الدعوى غير املباشرة ‪Action indirect ou oblique‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الدعوى املباشرة ‪L'action direct‬‬
‫املطلب الثالث‪ :‬الدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ التصرفات القانوينة‬
‫الفصل الثاني‪ :‬األوصاف المعدلة لاللتزام‬
‫املبحث ألاول‪ :‬الشرط وألاجل‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الشرط‬
‫املطلب الثاني‪ :‬ألاجل‬
‫املبحث الثاني‪ :‬تعدد محل الالتزام‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الالتزام التخييري‬
‫(‪)1‬‬
‫‪Obligation facultative‬‬ ‫املطلب الثاني الالتزام الاختياري ( البدلي)‬
‫املبحث الثالث‪ :‬تعدد طرفي الالتزام‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الالتزام التضامني‬
‫)‪ (1‬عالجه املشرع الجزائري تحت مسمى الالتزام الاختياري بينما سمته بعض التشريعات العربية املقارنة الالتزام البدلي‬
‫‪001‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬
‫د‪ .‬بوخرص عبد العزيز‬ ‫محاضرات في أحكام االلتزام‬

‫املطلب الثاني‪ :‬عدم قابلية الالتزام لاللتزام أو التجزئة‬


‫الفصل الثالث‪ :‬انتقال االلتزام‬
‫املبحث ألاول ‪ :‬حوالة الحق‪La cession de créance :‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬أركان حوالة الحق‬
‫املطلب الثاني‪ :‬شروط نفاذ حوالة الحق‬
‫املطلب الثالث‪ :‬آثار حوالة الحق‬
‫املبحث الثاني‪ :‬حوالة الدين‬
‫املطلب ألاول‪ -‬شروط حوالة الدين وكيفية وانعقاداها‬
‫املطلب الثاني‪ -‬آثار حوالة الدين‬
‫الفصل الرابع‪ :‬انقضاء االلتزام‬
‫املبحث ألاول‪ :‬الوفاء ‪Le paiement‬‬
‫املطلب ألاول‪ :‬ألاحكام العامة للوفاء‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الوفاء مع الحلول‬
‫املبحث الثاني‪ :‬انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء‬
‫املطلب ألاول‪ :‬الوفاء بمقابل‬
‫املطلب الثاني‪ :‬التجديد وإلانابة جديد‬
‫املطلب الثالث‪ :‬املقاصة‬

‫‪000‬‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة محمد بوضياف المسيلة‬

You might also like