Professional Documents
Culture Documents
اإلنسان اجتماعي بطبعه ،ال يمكنه أن يعيش بمعزل عن االخرين ،ولكون مجهوداته
وقدراته جد محدودة فإنه يلجأ لغيره هادفا إلى تلبية حاجاته ومصالحه الالمتناهية ،بالدخول
في عالقات قانونية متشعبة مع عدة أطراف .ولعل العقد يمثل أفضل وأنجع وسيلة لديه
لتحقيق غاياته ،وضمان تبادل خدماته ومنتجاته ،كما أنه من أبرز التصرفات القانونية
الشائعة والمميزة لسلوكيات اإلنسان قديما وحديثا ،ألنه ينظم الحقوق والواجبات بين األفراد
والجماعات بإقرار الحق وفرض االلتزام .وال ينكر أحد ما للعقد من أهمية عظمى في
حياتنا اليومية فهو المرتكز األساسي للمعامالت المالية في وسطنا االجتماعي.
ونظرا للدور الهام المناط باإلرادة الحرة في التعاقد فقد تكرس لها السلطان األكبر في إنشاء
الروابط العقدية وترتيب آثارها ،إذ ساد مبدأ سلطان اإلرادة أغلب العالقات القانونية نتيجة
الزدهار وانتشار المذهب الفردي وتمجيده إلرادة وحرية الفرد ومصالحه في المجتمع،
فكان يكفي لتكوين وإنشاء عالقة عقدية وتحديد آثارها أن يتطابق ويتوافق اإليجاب بالقبول
وبذلك صارت اإلرادة الحرة المستقلة مصدرا لاللتزامات الناشئة عن العالقات التعاقدية،
ومنه وجب احترام وتقديس حرية التعاقد والقوة اإللزامية الناتجة عنها.
اال أن التطورات االقتصادية واالجتماعية والتكنولوجية التي لحقت االلتزام بصفة عامة
ونظرية العقد بصفة خاصة باعتباره مصدرا مهما لاللتزام انعكست بصفة كبيرة على العقد
وطورت منه ،ولقد ازدهرت مؤخرا دراسات حاولت ربط الظاهرة القانونية بمحيطها
وخاصة علم االقتصاد ،ولقد وصل األمر الى القول بإمكانية التزاوج بين النظامين ،وعليه
تظهر أهمية هذه الدراسة التي حاولت استعراض مختلف التأثرات التي طرأت على
النظرية العامة للعقد.
أهمية الموضوع:
يعتبر مبدأ سلطان اإلرادة من المواضيع الفلسفية ذات الطابع القانوني نظرا لكونه من
المتطلبات األساسية للعملية التعاقدية و تتجلى أهمية هذا الموضوع في محاولة الكشف عن
مركز اإلرادة في التصرف على مستوى النصوص العامة لتبيان حقيقة هذا المركز في ظل
مبدأ سلطان اإلرادة و كيفية تغيير هذا المركز في ظل القوانين الحديثة و منها باألساس
قانون حماية المستهلك هذا من جهة و البحت ما إذا كانت قادرة لوحدها على إنشاء
2
تصرفات قانونية و تحديد مداها في ظل التقنيات التي تهدف إلى التقليص من دور اإلرادة
في تكوين العقود من جهة ثانية.
إشكالية الموضوع:
يعد مبدأ سلطان اإلرادة هو األصل في إبرام العقود والمرجع األعلى فيما يترتب على هذه
االلتزامات من أثار ألن اإلرادة الحرة هي التي تهيمن على جميع مصادر االلتزام وقد
عرف هدا المبدأ مجموعة من التطورات من أجل التضييق من سيادة هدا المبدأ الشيء الذي
يدفعنا إلى طرح إشكالية أساسية تتمحور حول استطاعة المشرع مسايرة التحوالت
االقتصادية وتخطي جمود المبادئ التقليدية ويتفرع عن هدا اإلشكال مجموعة من األسئلة
الفرعية:
-ما قوام ومركز مبدأ سلطان اإلرادة في تكوين العقود؟ وماهي العوامل التي أدت إلى
تراجع وانتكاص هذا المبدأ؟
خطة البحث:
لإلجابة عن اإلشكالية ارتأينا اعتماد المنهج التحليلي قصد استخالص مجموعة من األحكام
المرتبطة بهذا الموضوع ،وسيتم مناقشته وفق التصميم التالي:
3
المبحث األول :المبادئ التقليدية لنظرية العقد
إن صحة أي عقد سواء مسمى أو غير مسمى ،استلزم المشرع المغربي توفر عناصره
وأركانه الالزمة لقيامه والتي هي التراضي والمحل والسبب واألهلية يضاف إليها التسليم
في العقود العينية والشكلية في العقود التي تتطلب الشكلية كركنين خاصين ببعض العقود.
ويشكل التراضي جوهر العقد وقوامه والذي يفيد توافق إرادتي المتعاقدين على إحداث
األثر القانوني المتوخى من العقد ،ويتحقق هذا التوافق قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين
متطابقتين ،ويتم ذلك بصدور اإليجاب يتضمن عرضا يوجهه شخص ألخر ،وصدور قبول
موافق متطابق لإليجاب من الشخص الذي وجه إليه العرض.1
ونظرا ألهمية مبدأ سلطان اإلرادة في نظرية العقد سنخصص المطلب األول للحديث عن
هذا المبدأ والمطلب الثاني للحديث عن مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته.
1معاذ البراهمي ،مبدأ سلطان اإلرادة على ضوء التحوالت اإلقتصادية ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن
عبد هللا ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية –فاس ،السنة الجامعية ، 2018_2017ص .12
4
أوال :مبدأ سلطان اإلرادة في القوانين الرومانية .
ارتبط نظام التعاقد في القوانين الرومانية بطبيعة حياة الرومان االجتماعية وتفكيرهم
الديني ،فقد كان هذا المجتمع في طوره األول مجتمعا محصورا في نطا َضيق ،فالتعاقد
البسيط اليوم هو حدث هام وكبير عندهم ،يحتاج إلى االحتفال به.2
ُنظر إلى العالقة بين المتعاقدين بوصفها عالقة دينية وليست قانونية؛ وعليه فالسائد فكان ي ُ
هو طابع الشكلية ،ولم َتكن اإلرادة كافية بمفردها إلبرام العقد ،فالعقود كانت قديما شكلية
ُنظر فيها إلى الشكل واللفظ دون النية والقصد ،تلك كانت حالة القانون الروماني في وكان ي ُ
مرحلته األولى ،وفي الجاهلية قبل اإلسالم.
فقد كان العقد إذا ما أري َد أن تكون له آثار ُملزمة أن يلبس ببعض الشكليات ،يؤدي َتخلفها
إلى بطالنه ،ويُستبع ُد معه كل دور داخلي لإلرادة في تحديد أثارها ،كما يُستبعد كل دو ر
خارجي لألوضاع بتعديل مضمونها؛ فالعقد متى نشأ وال ينشأ إال بالشكل المرسوم مسبقا
يفرض تنفيذه
.كان من النتائج الطبيعية لما جاء في القانون الروماني عدم االعتراف بفكرة الغبن ،فالغبن
ال يعيب الرضا وال يؤثر في صحة العقد ما دام العقد قد استوفى الشكليات المقررة ،وما
على المتعاقد إال أن يُنفذ التزامه ،وبعد تطور المجتمع الروماني واقتران ذلك بتقدم التفكير
القانوني صار هناك َتمييز ما بين الشكل المطلوب واإلرادة في العقد ،وظهرت الحاجة إلى
إعطاء قسط من األثر القانوني .
فظهرت عقود ابتعدت عن الشكلية البحتة في الحركات واأللفاظ عند التعاقد ،وفي الوقت
نفسه اشترطت تسليم العين محل التعاقد ليتم إبرام العقد كما اشترط التسليم واعثر شرطا
شرطا لالنعقاد وليس للتنفيذ ،وهو األمر الذي لم يساعد المتعاقدين على التخلص من الشكلية
التي تقيدهم ،وعليه فالتراضي ال يكفي لالنعقاد ما لم تصحبه واقعة مادية هي التسليم ،ومن
هذه العقود عقد القرض ،والمعروف عندهم باسم "الموتيوم ".كما لم يكن يُعت ُد في بادئ
األمر بالتعاقد ما بين غائبين ،ويقوم مجلس العقد على وحدة المكان والزمان ،وأي اختالف
3
أو استخدام على طريقة مختلفة عن ما هو مقرر ومرسوم يعتبر هذا المجلس منفضا.
2حليس لخضر ،مكانة اإلرادة في ظل تطور العقد ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة أبي بكر بلقايد-تلمسان -كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2016/2015ص.22
3حليس لخضر م،س.23 ،
5
ثانيا -:مبدأ سلطان اإلرادة في النظام الكنسي
لم تنقطع الشكلية وتستقل اإلرادة بتكوين العقد في النظام الكنسي القديم إال َتدرجا ،وقد
استمرت الشكلية في أوضاعها السابق بيانها إلى نهاية القرن 12ثم أخذ أثر اإلرادة َيقوى
في تكوين العقد شيئا فشيئا.4
ساعد على هذا التطور الذي حصل تأثير المبادئ الدينية وقانـون الكنيسة ،حيث كـان َعـ َدم
الوفاء بالوعد جريمة دينية ،فيلزم المتعاقد إذا أقسم على احترام عقده ،ولو لم ُيفرغه في
شكل مخصوص.
فبتأثير من الكنيسة تم االبتعاد عن الشكلية التي ُطبع بها العقد الروماني َ،وكرس مبدأ
اإلرادة كأساس اللتزام ،وكل إخالل بالعهود ي ِول ُد خطيئة .
ثالثا :مبدأ سلطان اإلرادة في قانون ظهير والعقود المغربي
خصص المشرع المغربي الفصل 230من ظهير االلتزامات والعقود للتنصيص على مبدأ
سلطان اإلرادة ،حيث أتى على ذكر أحكامها ،باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين ،متى
تكونت االلتزامات التعاقدية على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة من أقدم على
إنشائها ،ثم أقر المساواة بين طرفي العقد ،حين نص صراحة على أن إلغاء هذه االلتزامات
التعاقدية ال يكون إال برضى طرفي العقد معا ،مع حسن النية في التنفيذ.5
وهناك مجموعة من النصوص التي تؤكد اعتناق المشرع المغربي لهذا المبدأ كالفصول 2و
19و 21التي تتعلق على التوالي بمبدأ الرضائية في العقود والحرية التعاقدية وضرورة
التعبير عن اإلرادة بشكل ظاهر ،إال أنه باإلضافة إلى ذلك فإن المشرع قد حدد نطاق مبدأ
سلطان اإلرادة بشكل واضح في الفصل 230من ق ل ع الذي جاء فيه "االلتزامات
التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها وال يجوز إلغاؤها
إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون" ،وبالتالي فالمشرع جعل
إرادة شريعة المتعاقدين وتعد بمثابة القانون المنظم لهذه العالقة العقدية.
6
وهذا المبدأ المنصوص عليه مرتبط بمبدأين آخرين هما مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ نسبية
أثار العقد ،إذ أن هذه المبادئ الثالثة تشكل األعمدة التي تقوم عليها نظرية االلتزام
المنصوص عليها في القانون المدني المغربي ،إال أن معظم التشريعات بدأت تلطف من
حدة مبدأ سلطان اإلرادة وذلك بهدف تحقيق عنصر التوازن بين االدعاءات التي يتحمل بها
األطراف لم تكن حرة أثناء إبرام العقد ،أو أن قبول شروط العقد كان تحت ضغط اقتصادي
أو واقعة دفعت بالطرف الضعيف في العقد إلى الرضوخ لشروط الطرف القوي وذلك
كيفما كانت الوسائل المستعملة.
7
في ذات السياق فإن الحرية التعاقدية ترتبط أيضا باإلرادة المنفردة و إن كان يتبين لنا أن
الحرية تجد كاأللية في التصرف القانوني و يطبق في حقل االرادة المنفردة ما يطبق في
حقل العقد من ضوابط و احكام في حدود عدم التعارض بين ما تقتضي طبعة المصدرين.
في ذات السياق على اعتبار أن الفرد في إطار مبدأ الحرية التعاقدية هو حر في أن يتعاقد
من عدمه و ما دام أن المشرع المغربي اعترف باإلرادة المنفردة كمصدر من مصادر
االلتزام و تدخل في اطار مصادر اإلرادة بالتالي فإن المتعاقد عند قيامه بإبرام تصرف
قانوني من جهة واحدة فإنه تسود له تلك الحرية التعاقدية التي يتم تطبيقها في العقد.
ثانيا :حدود الحرية التعاقدية
لقد أدى تدخل المشرع في العديد من المرات الى التضييق من سيادة مبدأ الحرية التعاقدية
حيث لم يبقى محتفظا بتلك الصرامة التي أعطيت له في البداية فالمصلحة العامة اقتضت
في الكثير من األحيان إجبار الشخص على إبرام عقد معين كما هو الشأن بالنسبة لمجال
التأمين االجباري على السيارات الذي أكدت عليه المادة 120من مدونة التأمينات المغربية
.
إضافة لذلك فإن مفهوم النظام العام عرف تطورا مهما ما نتج عن ذلك من تضييق في
مفهوم الحرية التعاقدية ففي المفهوم التقليدي كان يكتفي بمنع بعض العقود او مجموعة من
الشروط بينما أصبح للنظام العام مفهوم إيجابي حيث بدأ المشرع يتدخل في فرض بعض
الشروط المحددة لمفهوم العقد.
إن هذا األمر نستشفه عندما نكون بصدد التمييز بين العقود الرضائية والعقود الشكلية فإن
هذه األخيرة تتطلب توافر شكل معين بحيث ال يتم العقد إال باستكمال هذا الشرط فالشكلية
غالبا ما تتمثل في عنصر الكتابة و االشهاد ال غير.
من بين العقود التي تطلب فيها المشرع المغربي الكتابة كما هو الشأن بالنسبة للبيع الواقع
على العقار و ذلك بمقتضى الفصل 489من قانون االلتزامات و العقود و األمر نفسه
بالنسبة لبيع السفن و الطائرات و االصول التجارية.
8
المطلب الثاني :مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته
الفقرة االولى :مبدأ القوة الملزمة للعقد
يعتبر مبدأ القوة الملزمة للعقد من اهم النتائج المترتبة على مبدأ سلطان اإلرادة اي أن كل
فرد قرر أن يتعاقد ،يصبح ملزما باحترام التزاماته الناتجة عن هذا العقد ،أي أن العقد
يقوم مقام القانون بالنسبة ألطرافه و قد أشارت مختلف التشريعات المدنية لهذه القاعدة فمتى
نشأ العقد صميما مستوفيا لكامل أركانه و شروطه رتب مختلف اثاره القانونية ،و بالتالي
كسب قوته الملزمة من حيث االشخاص تطبيقا لمبدأ سلطان اإلرادة ،6و هذا ما كرسه
المشرع الجزائري في المادة 55من القانون المدني الجزائري التي تنص على ما يلي "
يكون العقد ملزما للطرفين متى تبادل المتعاقدان االلتزام بعضهما بعضا "و قد كرسه أيضا
التشريع الفرنسي حيث جاءت المادة 1134من القانون المدني الفرنسي لتضع المبدأ
االساسي للقوة الملزمة للعقد بنصها على ان " االتفاقات المبرمة قانونا تعتبر شريعة
المتعاقدان " " ،ال يجوز نقضها إال باتفاق الطرفين ،او لألسباب التي يقررها القانون " " ،
و يجب تنفيذها بحسن نية " و على نفس المنوال ذهب المشرع المغربي و ذلك بنصه في
الفصل 230من قانون االلتزامات و العقود على ان " االلتزامات التعاقدية المنشأة على
وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها و ال يجوز إلغاؤها إال برضاها معا أو
في الحاالت المنصوص عليها في القانون "
يعد مبدأ القوة الملزمة للعقد مبدأ عالميا ،7فبمجرد انعقاد العقد صحيحا وجب على أطرافه
أن ينفذوه كما لو كان قانونا ،و بالتالي فال يجوز ألحدهما أن ينفرد بتعديله أو نقضه فما
أنشأته إرادتان ال تستطيع إحداهما منفردة أن تعدل فيه أو تلغيه و اإللزامية المقترنة بالعقد
تستمر معه لذلك تتميز العالقات التعاقدية بالثبات و االستقرار ،و القاعدة السابقة تقتضي ان
تكون للعقد المبرم قوة ملزمة في موضوعه اي ان المتعاقد يلتزم بما ورد في العقد من
ناحية وال يلتزم إال به من ناحية اخرى فالعقد قوته الملزمة تساوي القانون من قوته الملزمة
و يطبقه القاضي على طرفيه كما لو كان يطبق القانون فيجب على كل طرف تنفيذ ما
يتولد في ذمته عن العقد من التزامات و اال كان مسؤوال عن اخالله بالتنفيذ ،8و هذه القوة
الملزمة للعقد تمنع على القاضي من تأويله او تفسيره إال من باب البحث عن حقيقة إرادة
عاقده فال يجوز له إعمال سلطته التقديرية لتطبيق العدالة محل إرادة االفراد بل هو ملزم
بما ورد في العقد .
6معاذ البراهيمي ،مبدأ سلطان االرادة على ضوء التحوالت االقتصادية ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ،تخصص االسرة
والتوثيق ،دامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالدتماعية واالقتصادية بفاس سنة ،2018-2017ص30
7جليس لحضر ،مكانة االرادة في ظل تطور العقد ،دراسة لبعض العقود الخاصة ،رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص ،دامعة أبي
بكر بلقايد تلمسان ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2016-2015الصفحة 57
8ريم عبد الباقي حمزة ،القوى الملزمة للعقد ،دراسة مقارنة ،بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه ،جامعة النبيلين ،كلية الحقوق ،سنة ،2017ص 42
9
وفي هذا الصدد أكد القضاء الفرنسي في العديد من القرارات علي استحالة تعديل بنود
العقد باإلرادة المنفردة ألحد المتعاقدين و نذكر على سبيل المثال ما قضت به الغرفة
االجتماعية لمحكمة النقض في قضية تتلخص وقائعها أن عاملة في صيدلية اتفقت عند إبرام
العقد على ساعات عمل معينة غير أنه بعد مدة زمنية قرر رب العمل تغيير ساعات العمل
مع الحفاظ على الحجم الساعي و اخطر العاملة بذلك إال أن هذه االخيرة رفضت هذا
التغيير في بنود العقد و تمسكت بما تم االتفاق عليه و أدى هذا الى قطع عالقة العمل بصفة
منفردة.
تم عرض النزاع على القضاء فقضت محكمة النقض باعتبار تسريح العاملة تعسفيا
ألنه جاء نتيجة رفضها للساعات الجديدة للعمل رغم أن عدد الساعات لم يتغير ( اي 07
ساعات في اليوم) و أن التغيير في الساعات المتفق عليها مسبقا يشكل تعديال للعقد و الذي
ال يمكن أن يحصل إال باتفاق الطرفين دون امكانية إجبار المتعاقد االخر على قبول
التعديل ،9يبدو واضحا من خالل القرار أن محكمة النفض اكدت على القوة الملزمة للعقد
وفقا لما تم االتفاق عليه بين الطرفين و الجدير بالذكر أن تغيير توزيع ساعات العمل رغم
عدم تغير الحجم الساعي اليومي اضر بالعاملة التي كانت ملزمة لظروف شخصية باالنتهاء
من العمل مبكرا مما يجعل من امكانية تعسفها في استعمال حقها بطلب تنفيذ العقد وفقا لما
تم االتفاق عليه غير وارد ال يلزم االطراف على التعاقد لكن بمجرد تعاقدهم فانهم يكونون
ملزمون استنادا الى مبدأ القوة الملزمة للعقد باحترام تعاقدهم و ينتج عن ذلك ان أحد
المتعاقدين ال يمكنه الخروج عن دائرة التعاقد العقد دون مساءلته عقديا و ال يملكون اطراف
العقد حق التراجع او الرجوع في العقد حيث ان العقد عندما يبرم على وجه صحيح يبقى
سدا منيعا في وجه التقلبات االقتصادية .و يمنع على القاضي من تكييف هذا العقد مع ما
استجد من الظروف االقتصادية ذلك الن االفراد عندما يقدمون على التعاقد ال يشغلون
بالهم بمصير االلتزام في المستقبل و ما اذا كانت الظروف االقتصادية عند تنفيذ العقد
ستؤثر على الشروط المتفق عليها اما بالزيادة في وعاء المنفعة المقصودة من العقد او
بإرهاق االلتزام الناتج عنه بالتالي يلزم االطراف بتنفيذ اتفاقهم بحسن النية و اذا اختلف
المتعاقدين اثناء تنفيد العقد على محتواه فان القاعدة في تفسيره وفقا لمبدأ سلطان االرادة
هو البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين و هكذا اذا كانت الفاظ العقد غامضة او غير
واضحة او ناقصة فان القاضي ال يمكنه ان يطبق القواعد التي يقدرها بكونها اكثر عدالة و
انما يجب عليه لزاما ان يبحث في القصد المشترك للمتعاقدين.10
9عثماني بالل ،أطراف العقد المدني بين الحق في تحقيق المصلحة الشخصية وااللتزام بتحسين النية ،أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في
العلوم ،تخصص القانون ،جماعة مولود معمري تيزي وزو ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،سنة ،2018الصفحة 39
معاذ البراهيمي ،مرجع سابق ،الصفحة 3110
10
الفقرة الثانية :مبدأ نسبية العقد
يعد مبدأ نسبية العقد انه ال يضر و ال ينفع اال من كان طرفا فيه 11إذن فهذا المبدأ
يعبر عن الطابع الشخصي الذي يميز االلتزام و القصد من ذلك انه ال يرتبط بالعقد اال
اطرافه كما ال يمكن ان يستفيد او يتضرر منه الغير .اال ان هذه االثار ال تتوقف عن طرفي
العقد 12اي انه ارتباط المتعاقدين بورثتهما و خلفائهما بمقتضى عالقة القرابة و المديونية قد
يسمح بسريان بعض االثار العقدية في حق هؤالء االشخاص ،اما بالنسبة للغير فإن القاعدة
العامة هي عدم سريان آثار العقد في حقهم و ذلك ما لم يكن هناك استثناء من المشرع
يقضي بانسحاب هذه اآلثار في حق الغير كاالشتراط لمصلحة الغير مثال 13و هذا التوجه
هو الذي ذهب اليه المشرع المغربي حيث نص في الفصل 228من قانون االلتزامات و
العقود "االلتزامات ال تلزم اال من كان طرفا في العقد فهي ال تضر الغير و ال تنفعهم إال
في الحاالت المذكورة في القانون"
يعبر مبدأ نسبية العقود عن الطابع الشخصي الذي يميز االلتزام بحيث ان الحقوق التي
تنتج عن تكوين العقد ال يستفيد منها سوى المتعاقدين كما ان االلتزامات ايضا المنبثقة عنه
هي االخرى ال تمس الغير و ال تضرهم.
و قد اخذ المشرع المغربي بهذا المبدأ ايضا وفقا للفصل 229من قانون االلتزامات و
العقود الذي جاء فيه "تنتج االلتزامات اثرها ال بين المتعاقدين فحسب و لكن أيضا بين
ورثتهما و خلفائهما ما لم يكن العكس مصرحا به او ناتجا عن طبيعة االلتزام أو عن
القانون و مع ذلك فالورثة ال يلتزمون اال في حدود أموال التركة و بنسبة مناب كل واحد
منهم .
و إذا رفض الورثة التركة لم يجبروا على قبولها و ال تحمل ديونها و في هذه الحالة ليس
للدائنين إال أن يباشروا ضد التركة حقوقهم"
مما يتضح من خالله ان آثار العقد ال تسري إال على األطراف المكونة له باإلضافة الى
ورثتهما و خلفائهما اللهم اذا نص القانون على خالف ذلك او كان طبيعة االلتزام تقتضي
ان ال تسري آثاره عليهم كحال التعاقد مع الطبيب او المهندس اذ ال يمكن في حالة وفاة
احدهم ان يحل محله خلفه نظرا انه كان محل اعتبار أثناء التعاقد و ان طبيعة االلتزام ال
تسمح بانتقاله الى الورثة أو احد من الغير.14
11نجيم أهتوت ،النظرية العامة لاللتزامات ،الجزء االول ،مطبعة القيس العروي ،الناظور ،الطبعة االولى ،سنة ،2019ص 126
12بن ناجر وفاء ةبن شعالل نسمة،مبدأ نسبية العقد ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،تخصص القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمن ميرة،
بجاية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم القانون الخاص ،السنة الجامعية ،2019/2018ص3
13معاذ البراهيمي ،مرجع سابق ،ص 33
14عبد الكريم غيوان ،أثر التحوالت االقتصادية على النظرية العامة لاللتزام ،مبادئ مؤسسة العقد بين الثابت والمتغير في ضوء التشريع
المغربي ،مقال منشور بمجلة منازعات االعمال ،عدد ،2017 ،27ص 7
11
لكن إذا كان األصل ان اثار العقد ال تسري على االغيار فإن االستثناء انه قد يحدث ان
يتأثر الدائن بالت صرفات القانونية التي يقوم بها المدين يعقدها المدين اما عن حسن النية او
سوء النية قصد إضرار الدائن لذلك عمد المشرع الى منح هذا االخير إمكانية اللجوء الى
بعض الوسائل القانونية لحماية حقوقه كالحجز التحفظي و الحق في الحبس و الدعوى
الصورية كما ان هناك من التشريعات من أخدت بالدعوى البوليصية الغرض منها ابطال
التصرفات التي يقوم بها المدين إضرارا بالدائن شريطة ان يثبت هذا االخير ان ما يقوم به
المدين قد يفقر ذمته مما قد يترتب عنه تقليص الضمان 15طبقا للقاعدة اموال المدين
ضمان عام للدائنيه إال ان هذا المبدأ بدأ يتراجع بفعل التحوالت االقتصادية التي أجبرت
التشريعات الخروج على هذا المبدأ.
12
المبحث الثاني :االسس الحديثة لنظرية العقد في ظل التطورات
االقتصادية
16جاء في الفصل 489نت ق.ل.ع ":إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا ،وجب أن يرجي البيع كتابة
في محرر ثابت التاريخ وال يكون له أثر في مواجهة الغير إال إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون"
17جاء في المادة 4المتممة والمعدلة بالقانون رقم " 69.16يجب أن تحرر تحت طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء
الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من
طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خالف ذلك"
18هذه االنعكاسات تم التطرق إليها من طرف عبد الكريم شهبون في الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية وفق القانون رقم ،08.39الطبعة
الثانية ،2017 ،ص 62وما بعدها
13
واستمر المشرع المغربي في التضييق على مبدأ سلطان اإلرادة وقوته وتعداه ليشمل
بالكتابة مجال الكراء العقاري سواء المدني منه أو التجاري ،متجاوزا بذلك الخاصية التي
كانت تعتبر عقد الكراء رضائيا.19
حيث لم يتم اإلبقاء على هذه الخاصية في مندرجات القانون رقم 67.12المتعلق بالكراء
المدني حسب ما جاء في مادته الثالثة ،أتبعه في هذه النهج القانون رقم 49.16المتعلق
بالكراء التجاري الذي نص هو أيضا في مادته الثالثة على ضرورة تحرير عقد الكراء في
محرر ثابت التاريخ تحت طائلة عدم إخضاعه لهذا القانون.
وعلى هذا األساس تزعزعت المبادئ التي ظهر من أجلها مبدأ سلطان اإلرادة وأصبح
الفصل 19من ق.ل.ع يطبعه القصور ،ال يؤخذ على أصله وأصبح ذو استثناءات بفعل
تدخل المشرع وجنوحه نحو الشكلية في بعض العقود ،والتي أصبحت تعد من أركان العقد
ينبغي توافرها إلى جانب االرطان األخرى ،وانعدامها يحول دون ترتيب أي أثر للعقد.
وانتكاص مبدأ سلطان اإلرادة لم يكن بفعل تدخل المشرع وحده ،بل وأمام إكراهات
اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية التي أفرزت اختالالت في التوازن العقدي سمح المشرع
للقاضي بالتدخل من أجل الحفاظ على التوازن العقدي.
19ينص الفصل 628من ق.ل.ع على " :يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى األجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من
شروط في العقد "
20المعزوز البكاي ،بعض مظاهر اضطراب النظرية العامة للعقد ،مجلة القانون المدني ،العدد الثالث،ص 10
14
إرادته معيبة بسبب المرض الذي نزل به ،وأن المتعاقد معه استغل وضعيته هذه فحصل
من إبرام عقد ما كا ن ليقبله لو كان سليما معافى ،وأن المحكمة لما لها من سلطة التقدير
الممنوحة لها بمقتضى الفصل 54من ق.ل.ع ،اعتبرت أن الهالك لم يكن حرا في تصرفه
وأن المشتري استغل المرض الخطير الذي نزل به فأحضر الموثق للمصحة التي كان
يعالج فيها وأشهد بالبيع".
هذا وقد اعتبر المشرع المغربي في الفصل 878من ق.ل.ع استغالل المقرض حاجة
المستقرض أو ضعف إدراكه أو عدم تجربته لحمله على القبول بفوائد أو منافع تتجاوز إلى
حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤداة ،من قبيل الغبن االستغاللي الذي يجوز
معه إبطال الشروط واالتفاقات المتضمنة منح المقرض فوائد أو منافع فاحشة ،بل إن
المشرع المغربي اعتبر الغبن االستغاللي في مثل هذه الحالة ماسا بالنظام العام إذ أجاز
للمحكمة أن تقرر البطالن من نفسها.21
وإذا كان المشرع المغربي لم يأخذ بنظرية الظروف الطارئة ،فإنه في المقابل راعى
الظروف واالزمات التي قد تعصف بالمدين فتجعله معسرا ،الشيء الذي دفع به إلى تخويل
القاضي إمكانية تمتيع المدين بمهلة الميسرة ،وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 243
من ق.ل.ع والتي جاء فيها ":ومع ذلك ،يسوغ للقضاة ،مراعاة منهم لمركز المدين ،ومع
استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق ،أن يمنحوه آجال معتدلة للوفاء ،وأن يوقفوا إجراءات
المطالبة ،مع إبقاء االشياء على حالها" ،االمر الذي طبقته محكمة االستئناف بالرباط في
قرار لها بتاريخ 20يناير ،1961حيث جاء فيه ":ومع ذلك تبقى إمكانية توقيف وتعطيل
هذا الشرط ،بمنح المكتري أجل ميسرة لداء واجبات الكراء المتخلفة في ذمته ...مما ارتأت
معه المحكمة منح الطاعنة أجل ميسرة لداء واجبات الكراء ".
هذا فيما يتعلق ببعض الحاالت في ق.ل.ع ،أما فيما يخص القوانين الخاصة ،فالمشرع
المغربي من خلل القانون رقم ،31.08المنظم لحماية المستهلك أعطى للقاضي إمكانية
وضع يده على المنازعات االستهالكية من أجل إعادة التوازن إلى العلقات العقدية ،وكمثال
على هذه الحماية القضائية ما تم التنصيص عليه في الفقرة من المادة 95من القانون
السالف الذكر ":إذا نشأ نزاع في شأن تنفيذ العقد االصلي للبيع أو تقديم الخدمة ،جاز لقاضي
المستعجالت أن يأمر بوقف تنفيذ عقد القرض ،إلى أن يتم الفصل في النزاع".
21مأمون الكزبري،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول ،مصادر االلتزام ،دون ذكر الطبعة والمطبعة
ص134
15
المطلب الثاني :الخروج عن مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته
يحكم العقد من حيث تنفيذه حسب الفقه التقليدي مبدآن أساسيان يتفرعان عن مبدأ سلطان
اإلرادة وهما :مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ نسبية العقد ،يتعلق األول بآثار العقد من حيث
الموضوع ،ويتعلق األخر بآثار العقد من حيث األشخاص ،وإذا كان يترتب عن مبدأ القوة
الملزمة للعقد عدم إمكانية الشخص نقض العقد بإرادته المنفردة إال باتفاق مع المتعاقد
األخر ،فإن المشرع ونتيجة للتحوالت االقتصادية التي يعرفها العالم.
يعرف حق التراجع بمجموعة من التسميات فهناك من يطلق عليه اسم حق الخيار ،أو مهلة
التروي أو التفكير ،حق الندم ،حق العدول ،و إن كان الشائع هو استعمال حق التراجع ،
و مهما اختلفت ا لتسميات فإنها كلها تدل على معنى واحد غاية واحدة و هي تمكين
المستهلك من حقه في الرجوع عن العقد بإرادته المستقلة ،و التحلل من أثاره ،فيتم رد
المبيع و استرداد الثمن. 22
وعليه فإن حق التراجع يعتبر تحوال كبيرا في نظام العقود لكونه يعد استثناء من القواعد
العامة التي تأخذ بمبدأ القوة الملزمة للعقد.
وممارسة المستهلك لحق التراجع يعني انعدام الحق المبرم سابقا ،أي أن العقد الذي أنشئ
سابقا يصبح كأن لم يكن ،كما تنعدم أثاره بالنسبة للمستقبل ،و بالتالي فال يكون العقد قد أبرم
نهائيا إال بعد انصرام المهلة التي خولها المشرع للمستهلك لممارسة حقه في الرجوع
كما ال يعبر التوقيع الذي حصل عليه المورد عن اإلرادة النهائية للمستهلك ،بل فقط تعبير
عن إرادة ابتدائية أو تمهيدية إلبرام العقد او مرحلة من مراحل تكوين العقد. 23
- 2الغاية من حق التراجع
22حسن أساكتي ،صباح كوتو ،حق المستهلك في التراجع عن العقد ،مقال منشور بمجلة القانون و األعمال ،عدد ، 11سنة ، 2016ص
.13
23حسن أساكتي ،صباح كوتو ،م.س ،ص .13
16
كان للتطور الذي عرفته وسائل االتصال الحديثة التأثير الكبير على أشكال التسويق و
كيفيته و وسائله ،فالمهني أو الحرفي أو المورد بصفة عامة أصبح يستعمل عدة تقنيات
للترويج لمنتوجه ،كالبيع عن طريق التلفزيون ،حيث إن المشتري ال يتمكن من رؤية
الشيء الذي يرغب في اقتنائه ،فيقوم بالشراء بناء على مواصفات و صور فال يقوم
بفحص المنتوج عن قرب و الحكم عليه إال بعد تسلمه ،فالمستهلك غالبا ما يتم جدبه و
إغرائه فيغامر بقبول العرض دون تفكير فيخيب ضنه. 24
لذلك تدخل المشرع المغربي و نص على الحق في التراجع لمنح المستهلك الفرصة إلعادة
النظر في قراره و إعطائه مهلة للتفكير الحقة على إبرام العقد يتمكن من خاللها مراجعة ما
أقدم عليه ،فيكون له إما االستمرار في العقد أو العدول عنه .
لتبقى غاية المشرع إذن هي حماية الطرف الضعيف في مواجهة عقود معدة مسبقا و
بشروط محددة من طرف المهني ،و تكون في الغالب تعسفية فال يكون للمستهلك إال
الموافقة عليها جملة و تفصيال ،و بالتالي يبقى سلطان اإلرادة مشوبا بالغموض من جهة
المستهلك و الذي يفقد حقه في التفاوض بشأن شروط العقد .25
ب -استعمال حق التراجع
بفضل القوة الملزمة للعقد فأيا من المتعاقدين ال يستطيع ان يرجع عنه حتى في المرحلة
السابقة على تنفيذه ،فمتى تم التقاء اإليجاب بالقبول و قام العقد فإن تنفيذه يصبح ملزما و ال
رجعة فيه. 26
إال أن الحاجة الماسة الى حماية المستهلك الذي يعجل إلى إبرام بعض أنواع العقود على
عجل و دون دراسة متأنية قد دفعت المشرع المغربي إلى منح المستهلك خيارا بالرجوع
عن العقد الذي برمه و قبل البدء بتنفيذه ،و هكذا نص المشرع المغربي في المادة 36من
قانون رقم 31.08بتدابير حماية المستهلك على أن " للمستهلك أجل :
24إيمان بنشانة ،الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية ،بحث نهاية تكوين الملحقين القضائيين ،المعهد العالي للقضاء ،الرباط ،سنة
، 2014ص .64
25حسن أساكتي ،صباح كوتو ،م.س ،ص .17
26لقد سبق التفصيل في هذه النقطة عند الحديث عن الفصل 230من ق ل ع في إطار الفقرة المتعلقة بمبدأ القوة الملزمة للعقد في إطاره
الكالسيكي .
17
و لإلشارة فإن ممارسة حق التراجع يتم بإرادة المستهلك المنفردة ودون الحاجة إلى اللجوء
للقضاء أو الحصول على موافقة الطرف اآلخر ،كما أن هذا الحق يعتبر من النظام العام ال
يجوز االتفاق على خالفه وال يجوز للمستهلك التنازل عنه كما ال يجوز بأي شكل من
األشكال تقييده.27
ونجد من جهة أخرى أن المشرع قد أحاط حق التراجع بضمانات عديدة إذ نجد في إطار
المادة 37من قانون 08.31أنه قد ألزم المورد بإرجاع المبالغ المدفوعة كاملة من طرف
المستهلك وحدد أجل 15يوما لذلك الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور
وبعد انصرام األجل المذكور تترتب بقوة القانون على المبلغ المستحق فوائد بالسعر
القانوني المعمول به وفي حالة رفض المورد إرجاع المبلغ فإنه وحسب المادة 178من
نفس القانون فإن المورد يعاقب بغرامة من 1200الى 50.000درهم والتي تضاعف في
حالة العود خالل 5سنوات الموالية لصدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به في أفعال
مماثلة.
ثانيا :تأثير قانون حرية األسعار والمنافسة على مبدأ القوة الملزمة للعقد
من أهم المسلمات التي ارتبطت بمبدأ الحرية التعاقدية ،مبدأ القوة الملزمة للعقد الذي يجد
تبريره أيضا في مبدأ سلطان اإلرادة بصفة عامة.
و الذي بمقتضاه يقف العقد سدا منيعا في وجه التقلبات االقتصادية و يمنع القاضي مبدئيا
من تكييف هذا العقد مع ما استجد من الظروف االقتصادية ،و أذا كان هذا المبدأ يجد
أساسه في الفصل 230من ق ل ع فإلى أي حد يبقى محتفظا بمناعته أمام مقتضيات قانون
حرية األسعار و المنافسة التي ال تكثرت العتبارات استقرار المعامالت الفردية بقدر ما
تحرص على حسن سير السوق االقتصادي و تنظيم وضعيات الفاعلين االقتصاديين داخلها
.28
فبالرجوع إلى مقتضيات قانون حرية األسعار و المنافسة نجد على أنه يحد من مبدأ أن "
كل ما هو تعاقدي هو عادل" ،من خالل منع مجموعة من االتفاقيات المنافية لقواعد
المنافسة ،إذ قد تتواطأ المقاوالت فيما بينها على تجديد سعر بيع أو شراء سلعة معينة أو
منع دخول منافسين جدد أو تقسيم األسواق و عموما عرقلة المنافسة ،و ذلك من أجل زيادة
27تأثير الحق في التراجع على التوازنات العقدية ،مقال منشور بالموقع اإللكتروني مدونة المعرفة القانونية ،تم اإلطالع عليه بتاريخ 3يونيو
، 2020على الساعة العاشرة صباحا https://anibrass.blogspot.com/2015/01/blog-
post_37.html?fbclid=IwAR2AaRgJsLPh1HrGgb_7Bbv35pGf68NVlNt_A0hBUt9FdGvsrmHLvsyEZwg
28سكينة الحرفي ،مؤثرات قانون المنافسة على القوة الملزمة للعقد ،مقال منشور بمجلة األبحاث و الدراسات القانونية ،عدد 2020 ،14ص
. 195 196
18
أرباحها أو تفادي الوقوع في المخاطر التجارية ،مع ما يترتب عن ذلك من مساس خطير
بالسير الطبيعي للمنافسة ،لذلك كان من الالزم الوقوف في وجهها.29
وفي هذا اإلطار نجد المادة 6من القانون رقم 104.12المتعلق بحرية األسعار
والمنافسة تنص على ما يلي " تحضر األعمال المدبرة أو االتفاقيات أو االتفاقات أو
التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وأيا كان سببها عندما يكون الغرض منها
أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها".
كما أنه يحظر قيام منشأة أو مجموعة منشآت باالستغالل التعسفي:
-1لوضع مهيمن في السوق الداخلية أو جزء هام من هذه السوق؛
-2لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه أي بديل مواز.
يمكن أن يتجلى التعسف بوجه خاص في رفض البيع أو في بيوع مقيدة أو في شروط
بيع تمييزية وكذا في قطع عالقات تجارية ثابتة لمجرد أن الشريك يرفض الخضوع لشروط
تجارية غير مبررة .ويمكن أن يتجلى كذلك فيما يفرض بصفة مباشرة أو غير مباشرة من
حد أدنى لسعر إعادة بيع منتوج أو سلعة أو لسعر تقديم خدمة أو لهامش تجاري.30
و نظرا لما قد تلحقه مثل هذه الممارسات من مساس خطير و فوري باقتصاد البالد أو
باقتصاد القطاع المعني باألمر أو بمصلحة المنشأة المشتكية ،فإن المشرع و وعيا منه
بالخطورة المذكورة عاقب بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة مالية من عشرة آالف
( )10.000إلى خمسمائة ألف ( )500.000درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط ،كل
شخص ذاتي شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية وحاسمة في تخطيط
الممارسات المشار إليها في المادتين 6و 7من هذا القانون أو تنظيمها أو تنفيذها أو
مراقبتها.31
ثالثا :استقالة األجير
يعتبر عقد الشغل المنظم بمقتضى القانون رقم 65.99بمثابة مدونة الشغل من أبرز النماذج
التي قطعت نسبيا الصلة مع قانون االلتزامات و العقود بعد ان كانت العالقة بين المشغل و
األجير خاضعة ألحكام هذا األخير و هذا ما كان له انعكاس وخيم على األجير باعتباره
طرف ضعيف في الحلقة التعاقدية ،و هكذا يمكن القول بأن مدونة الشغل جاءت كآلية
لحماية األجير و ذلك من خالل إقرارها لمجموعة من الحقوق لفائدة هذا األخير ،ومن أهم
هذه الحقوق حق األجير في إنهاء عقد الشغل من جانبه عن طريق االستقالة ،و قد نصت
على هذا الحق المادة 34من مدون الشغل ،التي نصت حرفيا على ما يلي " ،يمكن إنهاء
29أبو بكر مهم ،المساس بالمنافسة داخل السوق ،دراسة في ضوء المادة 6من القانون رقم 104.12المتعلق بحرية األسعار و المنافسة ،مقال
منشور بمجلة القضاء التجاري ،العدد ، 11_12سنة ،2018ص .78
30المادة 7من قانون 104.12
31لمادة 75من قانون 104.12
19
عقد الشغل غير المحدد المدة بإرادة األجير عن طريق تقديم االستقالة المصادق على
صحة إمضائها من طرف الجهة المختصة ،و ال يلزمه في ذلك إال احترام األحكام الواردة
في الفرع الثالث أدناه بشأن أجل اإلخطار"]..
فاالستقالة إذن كحق ثابت لألجير قد يلجأ إليها ألسباب متعددة فقد يكون ذلك بسبب ظروف
العمل أو ظروف شخصية ،كما قد يكون بسبب عثوره على عمل أخر يضمن له امتيازات
أفضل ،وعليه فاألساس الذي تقوم عليه االستقالة هو أنها تأتي بمبادرة من األجير و برغبة
منه في إنهاء عقد الشغل الذي يربطه بمشغله بمحض إرادته. 32
و إذا كانت االستقالة حقا لألجير فإنه يشترط لمشروعيتها أن تتقيد بضابطين أولهما إخطار
المشغل ،و ثانيهما أن ال تتسم بالتعسف.33
وعلى العموم فإن إعطاء األجير اإلمكانية إلنهاء العالقة التي تربطه بالمشغل بصورة
انفرادية تجعل من قاعدة من التزم بالشيء لزمه معكوسة إذ ال يلتزم األجير بالبقاء مع
المشغل وهذا فيه خروج عن مبدأ القوة الملزمة للعقد.
32مليكة العراسي ،إكراه األجير على تقديم استقالته – دراسة في ضوء العمل القضائي ،مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية و
اإلدارية ،عدد ، 2019 ،27ص 135
33لإلطالع أكثر على شروط ممارسة االستقالة أنظر :وفاء جوهر ،قانون الشغل بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى
،2018ص 172و ما بعدها.
34محمد محروك ،في بعض مظاهر الدعوى المباشرة وأسسها القانونية في التشريع المغربي ،مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية
والقضائية عدد 4سنة .2010
20
و بما أن المتضرر هو الطرف المستهدف في حماية المشرع من حودث السير لحصوله
على ضمان نتيجة لما أصابه من أضرار جراء الحادث كان على المشرع إيجاد حال ينظم
فيه العالقة بين الشخص المتضرر و شركة التامين. 35
وهكذا جاء في المادة 62من مدونة التأمينات ما ا يلي " ال يمكن للمؤمن أن يؤدي لشخص
أخر غير الطرف المتضرر أو ذوي حقوقه كل المبلغ المستحق عليه أو بعضه "...
إن أحكام المادة أعاله من النظام العام وبالتالي ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامها وكل
شرط من شأنه أن يقيد أو يستبعد حق المتضرر بشأنها يعتبر باطال وال يمكن االحتجاج به
عليه.
و بناء على ذلك فال يحق للمؤمن له مطالبة شركة التأمين بالضمان مباشرة عند تحقق
الخطر المؤمن منه ألن هذا الحق هو حق للمتضرر ،كما ال يحق له أن يشترط في وثيقة
التأمين من حرمان الغير المتضرر من ممارسة حقه في الدعوى المباشرة.36
على العموم فإن المشرع أعطى للغير في نطاق تطبيق التأمين من المسؤولية حقا مباشرا
بالحصول على الضمان الذي يكون للمؤمن أن يدفعه للمؤمن له ،على النقيض من أحكام
للقواعد العامة التي تقضي بأن أثار العقد ال تنصرف إلى غير عاقديه.37
ثانيا :امتداد شرط التحكيم إلى الغير
إذا كان شرط التحكيم إعماال لمبدأ نسبية آثار العقد ال يلزم وال يفيد من لم يكن طرفا بالعقد
الذي ورد به فإن القضاء والفقه يقرران مع ذلك امتداد آثار الشرط في مواجهة شخص لم
يوقع بنفسه أو بواسطة ممثلة على هذا العقد ،ومساءلة امتداد شرط التحكيم إلى الغير تثور
بصفة أساسية في نطاق كل من مجموعة الشركات ومجاميع العقود.
أ -شرط التحكيم ومجموعة الشركات:
إعماال لمبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم ،ال تلتزم أي شركة من الشركات المكونة لمجموعة
الشركات بشرط التحكيم المدرج بالعقد المبرم من جانب إحدى هذه الشركات فكل شركة
35طالل حسين محمد أبو مالك ،رجوع المتضرر على شركة التأمين :الدعوى المباشرة – دراسة مقارنة ، -مقال منشور بمجلة القضاء المدني
،عدد ، 2016 ، 14ص 77
36طالل حسين محمد أبو مالك ،مرجع سابق ،ص .78
37فؤاد معالل ،الوسيط في قانون التأمين ،دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية الجديدة ،دار األفاق المغربية للنشر و التوزيع ،
الدار البيضاء ،2011ص. 173
21
من الشركات المكونة للمجموعة تتمتع بشخصية قانونية مستقلة تجعلها من الغير بالنسبة
للعقد الذي تبرمه شركة أخرى تنتمي لهذه المجموعة ذاتها.38
ولكن هناك اتجاها ملموسا على صعيد األحكام القضائية وأحكام التحكيم يميل إلى مد شرط
التحكيم الذي تم قبوله صراحة من بعض الشركات المكونة لمجموعة الشركات إلى
الشركات أألخرى التي تنتمي إلى المجموعة نفسها ملتمسة في ذلك وسائل قانونية عدة
إلضفاء الشرعية لهذا االمتداد ،ولكن إذا كانت بعض أحكام التحكيم قد استندت إلى مد
شرط التحكيم في نطاق مجموعة الشركات إلى فكرة الحلول أو االشتراط لمصلحة الغير أو
الوكالة الظاهرة أو االستناد إلى الطابع االقتصادي الموحد لهذه المجموعة والمعترف بها
في العادات التجارية الدولية ،إال أن أغلب األحكام قد استندت في هذا الصدد إلى ارتضاء
الغير الضمني بشرط التحكيم من خالل تدخله في العقد المدرج به هذا الشرط في أي
مرحلة من مراحل بصورة تجعله يظهر بمثابة طرف فيه وفقا لإلرادة المشتركة لجميع
األطراف في العقد.
فالمسألة متعلقة بتفسير إرادة كل من الشركة الموقعة على العقد المتضمن لشرط التحكيم
والشركة األخرى التي تنتمي إلى المجموعة ذاتها.
فالدور الذي لعبه الغير (الشركة غير الموقعة على الشرط) في إبرام العقد المتضمن للشرط
أو فسخه يفسر من القضاء بقبول ضمني لهذا الغير للشرط وانصراف إرادة األطراف
الموقعين على العقدة الذي ورد به هذا الشرط إلى التزام الغير به فاالجتهاد التحكيمي
الدولي كما االجتهاد القضائي الفرنسي كرسا فكرة مجموعة الشركات المترابطة كعرف من
أعراف التجارة الدولية وأجازا من خالل ثبوت ترابط المصالح وظهور إرادة حقيقية من
شركات تنتمي إلى مجموعة واحدة وإن لم توقع العقد المتضمن للشرط لكنها لعبت دورا
ملموسا في مفاوضات إبرامه وتنفيذه وفسخه مد أثر الشرط التحكيمي في مواجهاتها،
متجاوزين بذلك حاجز تمتع كل شركة في المجموعة بشخصية معنوية مستقل.39
ب-شرط التحكيم ومجاميع العقود:
في نطاق مجاميع العقود تبرم عدة عقود تكون بينها روابط بالنظر لموضوعها أو بالنظر
إلى العالقة بينها كما في حاالت النقل البحري المتتابع والنقل البحري بواسطة ناقل متعاقد .
حيث قد يتفق الناقل مع الشاحن على أن يتولى نقل البضاعة إلى نقطة معينة ثم يسلم
البضاعة إلى ناقل ثان لينقلها بدوره إلى نقطة الحقة ثم يسلمها هذا الناقل إلى ناقل ثالث،
38أسامة التوزاني ،أثر شرط التحكيم بالنسبة للغير ،مقال منشور بمجلة مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية ،عدد ، 2سنة ،2016
ص .62
39أسامة التوزاني ،م.س ص .63
22
وهذا إلى الرابع ،و هكذا بالتتابع حتى تصل البضاعة إلى ميناء الوصول ويطلق على النقل
البحري في هذا الغرض " النقل المتتابع البحري " وفيه يتفق الشاحن مع الناقل أألول على
نقل بضاعة بموجب عقد واحد يغطي الرحلة بأكملها ،حيث يصدر الناقل أألول سند شحن
واحد لكل عمليات النقل المتتابع يذكر فيه ميناء التفريغ النهائي مع حفظ حق الناقل ،في
تغيير السفينة ،ويسمى سند الشحن في هذه الحالة بسند الشحن المباشر وهو سند نقل يتعهد
فيه الناقل أألول بنقل البضاعة في جزء من الرحلة بأدواته الخاصة ويعهد بتكملة األجزاء
التالية إلى ناقل أو ناقلين آخرين حيث يتولى هذا الناقل األول إبرام عقد النقل الثاني أو
عقود النقل التالية إن تعددت فلو تضمن سند الشحن المباشر شرط تحكيم فإنه ال يقتصر فقط
على الناقل أألول بل يمتد ليشمل كل الناقلين الالحقين وهذا ما نقصد به بامتداد شرط
التحكيم إلى الغير في نطاق مجاميع. 40
23
الخاتمة
في ختام هذه الدراسة يمكن القول إن مبدأ سلطان اإلرادة عرف تأثرا كبيرا على إثر
التحوالت االقتصادية التي شهدها العالم في الفترة الراهنة علما ما يكتسيه هذا المبدأ من
اهمية كبرى في إبرام العقود سواء على مستوى تكوين العقد من خالل تعبير كل متعاقد عن
اراد ته حيث تطورت اساليب التعبير عن اإلرادة خاصة مع بروز العقد اإللكتروني او على
مستوى االثار القانونية المترتبة عن مبدأ سلطان اإلرادة والتي أثرت سلبا على الطرف
الضعيف حيث يكون ملزما بتطبيق بنود العقد على الرغم من كونها تعسفية او مجحفة.
وبخصوص القوة الملزمة للعقد فقد ابانت عن عجزها وقصورها في حماية المتعاقد خاصة
امام ظهور أشكال جديدة للتعاقد تكتسي طابع االذعان وتحمل في طياتها شروطا وبنودا
تعسفية ولما ذلك من اثار جانبية على حرية التعاقد.
اما عن حماية المستهلك في إطار إبرام العقود فيعد من الواجبات االساسية للدولة الحديثة
والتي يقع على عاتقها مسؤولية ضمان تقديم السلع والخدمات من طرف المهنيين المستهلكين
في منأى عن كل شطط او تعسف حيث ادى تطور نظرية العقد الي قيام المشرع المغربي
بإعادة النظر في القواعد والقوانين المشبعة بمبدأ سلطان اإلرادة وتدخل المشرع لحماية
الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية وتحقيق نوع من التوازن بين االطراف.
24
الئحة المراجع
الكتب العامة والخاصة:
نجيم أهتوت ،النظرية العامة لاللتزامات ،الجزء االول ،مطبعة القيس العروي ،الناظور ،الطبعة -
االولى ،سنة 2019
عبد الكريم شهبون في الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية وفق القانون رقم ،39.08الطبعة -
الثانية2017 ،
وفاء جوهر ،قانون الشغل بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ،الطبعة األولى -
2018
فؤاد معالل ،الوسيط في قانون التأمين ،دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية -
الجديدة ،دار األفاق المغربية للنشر و التوزيع ،الدار البيضاء ،2011
مأمون الكزبري ،نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي ،الجزء األول، -
مصادر االلتزام ،دون ذكر الطبعة والمطبعة
محمد كشبور ،بيع العقار بين الرضائية والشكلية دراسة في أحكام الفقه اإلسالمي وفي القانون -
الوضعي وفي مواقف القضاء ،سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة ،الطبعة األولى ،مطبعة
النجاح الجديدة1997 ،
البحوث والرسائل والدكتوراه:
إيمان بنشانة ،الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية ،بحث نهاية تكوين الملحقين -
القضائيين ،المعهد العالي للقضاء ،الرباط ،سنة ، 2014
بن ناجر وفاء ة بن شعالل نسمة ،مبدأ نسبية العقد ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، -
تخصص القانون الخاص ،جامعة عبد الرحمن ميرة ،بجاية ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم
القانون الخاص ،السنة الجامعية 2019/2018
ريم عبد الباقي حمزة ،القوى الملزمة للعقد ،دراسة مقارنة ،بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه، -
جامعة النبيلين ،كلية الحقوق ،سنة 2017
حليس لخضر ،مكانة اإلرادة في ظل تطور العقد ،أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون -
الخاص ،جامعة أبي بكر بلقايد -تلمسان -كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية .2015
معاذ البراهمي ،مبدأ سلطان اإلرادة على ضوء التحوالت االقتصادية ،رسالة لنيل شهادة -
الماستر في القانون الخاص ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية –فاس ،السنة الجامعية .2018_2017
عثماني بالل ،أطراف العقد المدني بين الحق في تحقيق المصلحة الشخصية وااللتزام بتحسين -
النية ،أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم ،تخصص القانون ،جماعة مولود معمري
تيزي وزو ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،سنة 2018
مقاالت:
-المعزوز البكاي ،بعض مظاهر اضطراب النظرية العامة للعقد ،مجلة القانون المدني ،العدد
الثالث
25
عبد الكريم غيوان ،أثر التحوالت االقتصادية على النظرية العامة لاللتزام ،مبادئ مؤسسة العقد -
بين الثابت والمتغير في ضوء التشريع المغربي ،مقال منشور بمجلة منازعات االعمال ،عدد
2017 ،27
خالد بامو ،مبدأ سلطان اإلرادة و االستثناءات الواردة عليه في القانون المغربي ،مقال منشور -
بموقع العلوم القانونية
حسن أساكتي ،صباح كوتو ،حق المستهلك في التراجع عن العقد ،مقال منشور بمجلة القانون -
و األعمال ،عدد ، 11سنة 2016
سكينة الحرفي ،مؤثرات قانون المنافسة على القوة الملزمة للعقد ،مقال منشور بمجلة األبحاث -
و الدراسات القانونية ،عدد 2020 ،14
أبو بكر مهم ،المساس بالمنافسة داخل السوق ،دراسة في ضوء المادة 6من القانون رقم -
104.12المتعلق بحرية األسعار و المنافسة ،مقال منشور بمجلة القضاء التجاري ،العدد
، 11_12سنة 2018
محمد محروك ،في بعض مظاهر الدعوى المباشرة وأسسها القانونية في التشريع المغربي ،مقال -
منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد 4سنة .2010
طالل حسين محمد أبو مالك ،رجوع المتضرر على شركة التأمين :الدعوى المباشرة – دراسة -
مقارنة ، -مقال منشور بمجلة القضاء المدني ،عدد ، 2016 ، 14
أسامة التوزاني ،أثر شرط التحكيم بالنسبة للغير ،مقال منشور بمجلة مجلة المتوسط للدراسات -
القانونية والقضائية ،عدد ، 2سنة ،2016
المحاضرات:
-محمد الربيعي ،محاضرات في نظرية العقد ،ألقيت على طلبة السداسي الثاني ،جامعة القاضي
عياض ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمراكش ،سنة 2014/2013
النصوص القانونية:
-ظهير 9رضمان 1331الموافق ل 12غشت 1913بمثابة قانون االلتزامات والعقود،
المنشور بالجريدة الرسمية عدد 46بتاريخ 12غشت ،1913ص78
-ظهير شريف رقم 1.11178صادر في 25من ذي الحجة 1432بتنفيذ القانون رقم 39.08
المتعلق بمدونة الحقوق العينية ،صادر في الجريدة الرسمية عدد 5998بتاريخ 27ذو الحجة
،1432ص .5587
المواقع االلكترونية:
www.marocdroit.com -
26
الفهرس
المقدمة 2 .............................................................................................................
المبحث األول :المبادئ التقليدية لنظرية العقد 4 .................................................................
المطلب األول :مبدأ سلطان اإلرادة 4 .............................................................................
الفقرة األولى :تعريف مبدأ سلطان اإلرادة 4 ..................................................................
أوال :مبدأ سلطان اإلرادة في القوانين الرومانية 5 ..................................................... .
ثانيا -:مبدأ سلطان اإلرادة في النظام الكنسي 6 ............................................................
ثالثا :مبدأ سلطان اإلرادة في قانون ظهير والعقود المغربي6 ...........................................
الفقرة الثانية :مظاهر حماية المصلحة الشخصية للمتعاقد 7 ................................................
أوال :الحرية التعاقدية 7 ......................................................................................
ثانيا :حدود الحرية التعاقدية 8 ...............................................................................
المطلب الثاني :مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته 9 ..............................................................
الفقرة االولى :مبدأ القوة الملزمة للعقد 9 .......................................................................
الفقرة الثانية :مبدأ نسبية العقد 11 .............................................................................
المبحث الثاني :االسس الحديثة لنظرية العقد في ظل التطورات االقتصادية 13 .............................
المطلب االول :تراجع مبدأ سلطان اإلرادة 13 ...................................................................
الفقرة األولى :تأثير المؤسسة التشريعية على مبدأ سلطان اإلرادة 13 ....................................
الفقرة الثانية :تأثير المؤسسة القضائية على مبدأ سلطان اإلرادة14 .......................................
المطلب الثاني :الخروج عن مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته16 .............................................
الفقرة األولى :التوسع في االعتداء على مبدأ القوة الملزمة للعقد 16 ......................................
أوال :حق التراجع عن العقد في إطار قانون 16 ................................................31. 08
ثانيا :تأثير قانون حرية األسعار والمنافسة على مبدأ القوة الملزمة للعقد 18 ..........................
ثالثا :استقالة األجير 19 .......................................................................................
الفقرة الثانية :انهيار مبدأ نسبية العقد 20 ......................................................................
أوال :تأثير الدعوى المباشرة في التأمين من المسؤولية على مبدأ نسبية أثار العقد 20 ..............
ثانيا :امتداد شرط التحكيم إلى الغير 21 ....................................................................
الخاتمة 24 ...........................................................................................................
27
الئحة المراجع 25 ...................................................................................................
28