You are on page 1of 28

‫ماستر قانون األعمال‬ ‫جامعة القاضي عياض‬

‫الفصل الثاني‬ ‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬


‫مادة‪ :‬العقود التجارية‬ ‫واالجتماعية‬
‫مراكش‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫نظر ية العقد بين الأمس واليوم‬

‫السنة الجامعية‪2020-2021 :‬‬


‫المقدمة‬

‫اإلنسان اجتماعي بطبعه‪ ،‬ال يمكنه أن يعيش بمعزل عن االخرين‪ ،‬ولكون مجهوداته‬
‫وقدراته جد محدودة فإنه يلجأ لغيره هادفا إلى تلبية حاجاته ومصالحه الالمتناهية‪ ،‬بالدخول‬
‫في عالقات قانونية متشعبة مع عدة أطراف‪ .‬ولعل العقد يمثل أفضل وأنجع وسيلة لديه‬
‫لتحقيق غاياته‪ ،‬وضمان تبادل خدماته ومنتجاته‪ ،‬كما أنه من أبرز التصرفات القانونية‬
‫الشائعة والمميزة لسلوكيات اإلنسان قديما وحديثا‪ ،‬ألنه ينظم الحقوق والواجبات بين األفراد‬
‫والجماعات بإقرار الحق وفرض االلتزام‪ .‬وال ينكر أحد ما للعقد من أهمية عظمى في‬
‫حياتنا اليومية فهو المرتكز األساسي للمعامالت المالية في وسطنا االجتماعي‪.‬‬
‫ونظرا للدور الهام المناط باإلرادة الحرة في التعاقد فقد تكرس لها السلطان األكبر في إنشاء‬
‫الروابط العقدية وترتيب آثارها‪ ،‬إذ ساد مبدأ سلطان اإلرادة أغلب العالقات القانونية نتيجة‬
‫الزدهار وانتشار المذهب الفردي وتمجيده إلرادة وحرية الفرد ومصالحه في المجتمع‪،‬‬
‫فكان يكفي لتكوين وإنشاء عالقة عقدية وتحديد آثارها أن يتطابق ويتوافق اإليجاب بالقبول‬
‫وبذلك صارت اإلرادة الحرة المستقلة مصدرا لاللتزامات الناشئة عن العالقات التعاقدية‪،‬‬
‫ومنه وجب احترام وتقديس حرية التعاقد والقوة اإللزامية الناتجة عنها‪.‬‬
‫اال أن التطورات االقتصادية واالجتماعية والتكنولوجية التي لحقت االلتزام بصفة عامة‬
‫ونظرية العقد بصفة خاصة باعتباره مصدرا مهما لاللتزام انعكست بصفة كبيرة على العقد‬
‫وطورت منه‪ ،‬ولقد ازدهرت مؤخرا دراسات حاولت ربط الظاهرة القانونية بمحيطها‬
‫وخاصة علم االقتصاد‪ ،‬ولقد وصل األمر الى القول بإمكانية التزاوج بين النظامين‪ ،‬وعليه‬
‫تظهر أهمية هذه الدراسة التي حاولت استعراض مختلف التأثرات التي طرأت على‬
‫النظرية العامة للعقد‪.‬‬
‫أهمية الموضوع‪:‬‬
‫يعتبر مبدأ سلطان اإلرادة من المواضيع الفلسفية ذات الطابع القانوني نظرا لكونه من‬
‫المتطلبات األساسية للعملية التعاقدية و تتجلى أهمية هذا الموضوع في محاولة الكشف عن‬
‫مركز اإلرادة في التصرف على مستوى النصوص العامة لتبيان حقيقة هذا المركز في ظل‬
‫مبدأ سلطان اإلرادة و كيفية تغيير هذا المركز في ظل القوانين الحديثة و منها باألساس‬
‫قانون حماية المستهلك هذا من جهة و البحت ما إذا كانت قادرة لوحدها على إنشاء‬

‫‪2‬‬
‫تصرفات قانونية و تحديد مداها في ظل التقنيات التي تهدف إلى التقليص من دور اإلرادة‬
‫في تكوين العقود من جهة ثانية‪.‬‬
‫إشكالية الموضوع‪:‬‬
‫يعد مبدأ سلطان اإلرادة هو األصل في إبرام العقود والمرجع األعلى فيما يترتب على هذه‬
‫االلتزامات من أثار ألن اإلرادة الحرة هي التي تهيمن على جميع مصادر االلتزام وقد‬
‫عرف هدا المبدأ مجموعة من التطورات من أجل التضييق من سيادة هدا المبدأ الشيء الذي‬
‫يدفعنا إلى طرح إشكالية أساسية تتمحور حول استطاعة المشرع مسايرة التحوالت‬
‫االقتصادية وتخطي جمود المبادئ التقليدية ويتفرع عن هدا اإلشكال مجموعة من األسئلة‬
‫الفرعية‪:‬‬
‫‪ -‬ما قوام ومركز مبدأ سلطان اإلرادة في تكوين العقود؟ وماهي العوامل التي أدت إلى‬
‫تراجع وانتكاص هذا المبدأ؟‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫لإلجابة عن اإلشكالية ارتأينا اعتماد المنهج التحليلي قصد استخالص مجموعة من األحكام‬
‫المرتبطة بهذا الموضوع‪ ،‬وسيتم مناقشته وفق التصميم التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المبادئ التقليدية لنظرية العقد‬


‫المبحث الثاني‪ :‬األسس الحديثة لنظرية العقد في ظل التحوالت االقتصادية‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المبادئ التقليدية لنظرية العقد‬
‫إن صحة أي عقد سواء مسمى أو غير مسمى‪ ،‬استلزم المشرع المغربي توفر عناصره‬
‫وأركانه الالزمة لقيامه والتي هي التراضي والمحل والسبب واألهلية يضاف إليها التسليم‬
‫في العقود العينية والشكلية في العقود التي تتطلب الشكلية كركنين خاصين ببعض العقود‪.‬‬
‫ويشكل التراضي جوهر العقد وقوامه والذي يفيد توافق إرادتي المتعاقدين على إحداث‬
‫األثر القانوني المتوخى من العقد‪ ،‬ويتحقق هذا التوافق قانونا بتبادل التعبير عن إرادتين‬
‫متطابقتين‪ ،‬ويتم ذلك بصدور اإليجاب يتضمن عرضا يوجهه شخص ألخر‪ ،‬وصدور قبول‬
‫موافق متطابق لإليجاب من الشخص الذي وجه إليه العرض‪.1‬‬
‫ونظرا ألهمية مبدأ سلطان اإلرادة في نظرية العقد سنخصص المطلب األول للحديث عن‬
‫هذا المبدأ والمطلب الثاني للحديث عن مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة‬


‫يعتبر مبدأ سلطان اإلرادة من أهم الميكانزيمات التي يقوم عليها القانون المدني‪ ،‬ويشكل‬
‫اللبنة األساسية في إنشاء العقود ويفيد أن إرادة المتعاقدين كافية لوحدها إلنشاء الرابطة‬
‫العقدية وترتيب كافة األثار التي يتضمنها‪.‬‬
‫وبما أن هذا المبدأ يحتل مركزا مهما في إطار تكوين العقود خصصت له هذا المطلب‬
‫للحديث عن مفهوم هذا المبدأ في الفقرة األولى ومركز هذا المبدأ في تكوين العقود في‬
‫الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف مبدأ سلطان اإلرادة‬


‫ت ستند نظرية العقد في القانون المدني على مبدأ سلطان اإلرادة ويقصد به أن لإلرادة وحدها‬
‫القدرة على إنشاء االلتزام وتحديد مضمونه وأثره دون الحاجة إلى أي إجراء أو شكل‬
‫خاص على أن إرادة األطراف هي األصلية في إنشاء االلتزامات وتحديد بعدها ونطاقها‬
‫دون تدخل أي جهة أخرى غير ممثلة في العقد‪.‬‬
‫فمبدأ سلطان اإلرادة لم يعرف من قبل الشرائع القديمة كالقانون الروماني والقانون‬
‫الكنيسي‪ ،‬ولم يصل هذا المبدأ اال بعد تطور طويل خاصة فيما يتعلق باإلرادة في حد ذاتها‬
‫إلنشاء التصرف دون ضرورة أن يأتي في شكل أو في آخر‪.‬‬

‫‪ 1‬معاذ البراهمي ‪ ،‬مبدأ سلطان اإلرادة على ضوء التحوالت اإلقتصادية ‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن‬
‫عبد هللا ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية –فاس ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2018_2017‬ص ‪.12‬‬

‫‪4‬‬
‫أوال ‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة في القوانين الرومانية ‪.‬‬
‫ارتبط نظام التعاقد في القوانين الرومانية بطبيعة حياة الرومان االجتماعية وتفكيرهم‬
‫الديني‪ ،‬فقد كان هذا المجتمع في طوره األول مجتمعا محصورا في نطا َضيق‪ ،‬فالتعاقد‬
‫البسيط اليوم هو حدث هام وكبير عندهم‪ ،‬يحتاج إلى االحتفال به‪.2‬‬
‫ُنظر إلى العالقة بين المتعاقدين بوصفها عالقة دينية وليست قانونية؛ وعليه فالسائد‬ ‫فكان ي ُ‬
‫هو طابع الشكلية‪ ،‬ولم َتكن اإلرادة كافية بمفردها إلبرام العقد‪ ،‬فالعقود كانت قديما شكلية‬
‫ُنظر فيها إلى الشكل واللفظ دون النية والقصد‪ ،‬تلك كانت حالة القانون الروماني في‬ ‫وكان ي ُ‬
‫مرحلته األولى‪ ،‬وفي الجاهلية قبل اإلسالم‪.‬‬
‫فقد كان العقد إذا ما أري َد أن تكون له آثار ُملزمة أن يلبس ببعض الشكليات‪ ،‬يؤدي َتخلفها‬
‫إلى بطالنه‪ ،‬ويُستبع ُد معه كل دور داخلي لإلرادة في تحديد أثارها‪ ،‬كما يُستبعد كل دو ر‬
‫خارجي لألوضاع بتعديل مضمونها؛ فالعقد متى نشأ وال ينشأ إال بالشكل المرسوم مسبقا‬
‫يفرض تنفيذه‬
‫‪.‬كان من النتائج الطبيعية لما جاء في القانون الروماني عدم االعتراف بفكرة الغبن‪ ،‬فالغبن‬
‫ال يعيب الرضا وال يؤثر في صحة العقد ما دام العقد قد استوفى الشكليات المقررة‪ ،‬وما‬
‫على المتعاقد إال أن يُنفذ التزامه‪ ،‬وبعد تطور المجتمع الروماني واقتران ذلك بتقدم التفكير‬
‫القانوني صار هناك َتمييز ما بين الشكل المطلوب واإلرادة في العقد‪ ،‬وظهرت الحاجة إلى‬
‫إعطاء قسط من األثر القانوني ‪.‬‬

‫فظهرت عقود ابتعدت عن الشكلية البحتة في الحركات واأللفاظ عند التعاقد‪ ،‬وفي الوقت‬
‫نفسه اشترطت تسليم العين محل التعاقد ليتم إبرام العقد كما اشترط التسليم واعثر شرطا‬
‫شرطا لالنعقاد وليس للتنفيذ‪ ،‬وهو األمر الذي لم يساعد المتعاقدين على التخلص من الشكلية‬
‫التي تقيدهم‪ ،‬وعليه فالتراضي ال يكفي لالنعقاد ما لم تصحبه واقعة مادية هي التسليم‪ ،‬ومن‬
‫هذه العقود عقد القرض‪ ،‬والمعروف عندهم باسم "الموتيوم ‪".‬كما لم يكن يُعت ُد في بادئ‬
‫األمر بالتعاقد ما بين غائبين‪ ،‬ويقوم مجلس العقد على وحدة المكان والزمان‪ ،‬وأي اختالف‬
‫‪3‬‬
‫أو استخدام على طريقة مختلفة عن ما هو مقرر ومرسوم يعتبر هذا المجلس منفضا‪.‬‬

‫‪ 2‬حليس لخضر‪ ،‬مكانة اإلرادة في ظل تطور العقد‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد‪-‬تلمسان‪ -‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016/2015‬ص‪.22‬‬
‫‪ 3‬حليس لخضر م‪،‬س‪.23 ،‬‬

‫‪5‬‬
‫ثانيا ‪-:‬مبدأ سلطان اإلرادة في النظام الكنسي‬

‫لم تنقطع الشكلية وتستقل اإلرادة بتكوين العقد في النظام الكنسي القديم إال َتدرجا‪ ،‬وقد‬
‫استمرت الشكلية في أوضاعها السابق بيانها إلى نهاية القرن ‪ 12‬ثم أخذ أثر اإلرادة َيقوى‬
‫في تكوين العقد شيئا فشيئا‪.4‬‬
‫ساعد على هذا التطور الذي حصل تأثير المبادئ الدينية وقانـون الكنيسة‪ ،‬حيث كـان َعـ َدم‬
‫الوفاء بالوعد جريمة دينية‪ ،‬فيلزم المتعاقد إذا أقسم على احترام عقده‪ ،‬ولو لم ُيفرغه في‬
‫شكل مخصوص‪.‬‬

‫فبتأثير من الكنيسة تم االبتعاد عن الشكلية التي ُطبع بها العقد الروماني‪ َ،‬وكرس مبدأ‬
‫اإلرادة كأساس اللتزام‪ ،‬وكل إخالل بالعهود ي ِول ُد خطيئة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة في قانون ظهير والعقود المغربي‬
‫خصص المشرع المغربي الفصل ‪ 230‬من ظهير االلتزامات والعقود للتنصيص على مبدأ‬
‫سلطان اإلرادة‪ ،‬حيث أتى على ذكر أحكامها‪ ،‬باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬متى‬
‫تكونت االلتزامات التعاقدية على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة من أقدم على‬
‫إنشائها‪ ،‬ثم أقر المساواة بين طرفي العقد‪ ،‬حين نص صراحة على أن إلغاء هذه االلتزامات‬
‫التعاقدية ال يكون إال برضى طرفي العقد معا‪ ،‬مع حسن النية في التنفيذ‪.5‬‬
‫وهناك مجموعة من النصوص التي تؤكد اعتناق المشرع المغربي لهذا المبدأ كالفصول ‪2‬و‬
‫‪19‬و‪ 21‬التي تتعلق على التوالي بمبدأ الرضائية في العقود والحرية التعاقدية وضرورة‬
‫التعبير عن اإلرادة بشكل ظاهر‪ ،‬إال أنه باإلضافة إلى ذلك فإن المشرع قد حدد نطاق مبدأ‬
‫سلطان اإلرادة بشكل واضح في الفصل ‪ 230‬من ق ل ع الذي جاء فيه "االلتزامات‬
‫التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها وال يجوز إلغاؤها‬
‫إال برضاهما معا أو في الحاالت المنصوص عليها في القانون"‪ ،‬وبالتالي فالمشرع جعل‬
‫إرادة شريعة المتعاقدين وتعد بمثابة القانون المنظم لهذه العالقة العقدية‪.‬‬

‫‪ 4‬حليس لخضر‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص ‪.24‬‬


‫‪ 5‬خالد بامو ‪ ،‬مبدأ سلطان اإلرادة و اإلستناءات الواردة عليه في القانون المغربي ‪ ،‬مقال منشور بموقع العلوم القانونية ‪،‬‬
‫‪https://www.marocdroit.com/%D9%85%D8%A8%D8%AF%D8%A3-‬‬
‫‪%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A9-‬‬
‫‪%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-‬‬
‫‪%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-‬‬
‫‪ ،%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A_a4882.html‬تم اإلطالع عليه بتاريخ ‪ 5‬يونيو ‪، 2020‬‬
‫على الساعة الواحدة ظهرا ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وهذا المبدأ المنصوص عليه مرتبط بمبدأين آخرين هما مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ نسبية‬
‫أثار العقد‪ ،‬إذ أن هذه المبادئ الثالثة تشكل األعمدة التي تقوم عليها نظرية االلتزام‬
‫المنصوص عليها في القانون المدني المغربي‪ ،‬إال أن معظم التشريعات بدأت تلطف من‬
‫حدة مبدأ سلطان اإلرادة وذلك بهدف تحقيق عنصر التوازن بين االدعاءات التي يتحمل بها‬
‫األطراف لم تكن حرة أثناء إبرام العقد‪ ،‬أو أن قبول شروط العقد كان تحت ضغط اقتصادي‬
‫أو واقعة دفعت بالطرف الضعيف في العقد إلى الرضوخ لشروط الطرف القوي وذلك‬
‫كيفما كانت الوسائل المستعملة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر حماية المصلحة الشخصية للمتعاقد‬


‫تظهر أهمية مبدأ سلطان اإلرادة باعتباره ضامنا للمصلحة الشخصية للمتعاقد من خالل‬
‫مجموعة من القواعد التي تجعل المتعاقد هو الشخص الوحيد المتحكم في العقد من خالل‬
‫حريته في اختيار إبرامه او رفضه كما تكون له حرية في اختيار المتعاقد األخر دون أن‬
‫يكون ملزما بتبرير اختياره دون اي تدخل خارج عن إرادته‬
‫أوال ‪ :‬الحرية التعاقدية‬
‫ي فيد هذا المبدأ أن الفرد حر في أن يتعاقد من عدمه و لهذا المبدأ بعدين االول موضوعي و‬
‫الثاني شكلي فبخصوص البعد األول فإنه يعبر عنه من خالل ‪ 3‬خيارات التعاقد أو عدم‬
‫التعاقد اختيار المتعاقد بكامل الحرية و أخيرا تحديد مضمون العقد أما من حيث الشكل فإن‬
‫تبادل االرادات يكفي لقيام العقد‬
‫و من ثم فإن الحرية التعاقدية تفيد أنه ال يمكن إجبار شخص ما على التعاقد أي أنه ال يمكن‬
‫الحديث عن عقد إذا لم يرغب االطراف في إبرامه‪ .‬فهذا المبدأ يستشف منه أنه كما يمكن‬
‫للشخص إبرام عقد فإنه بنفس القدر يمكنه رفض إبرامه‬
‫من جهة أخرى فإن مبدأ الحرية التعاقدية يترتب عنه ضرورة احترام القاضي إلرادة‬
‫األطراف و يظهر ذلك من خالل مؤسسة تفسير العقد حيث ينبغي على القاضي البحث عن‬
‫ارادات األطراف من ثم يمنع عليه تفسير العقد حيث ينبغي على القاضي البحث عن‬
‫ارادات األطراف من ثم يمنع عليه تفسير الشروط الواضحة تحت طائلة تعرض حكمه‬
‫للنقض بسبب تحريف العقد كما يتضح لنا في الفصل ‪ 462‬و ما بعده من قانون االلتزامات‬
‫و العقود كما يبرر ذلك من خالل نظرية الظروف الطارئة حيث انه باالعتماد على مبدأ‬
‫الحرية التعاقدية فإن القاضي يصنع عليه األخذ بهذه النظرية من أجل تعديل العقد في حالة‬
‫ظروف اقتصادية صعبة وغير متوقعة ألن األخذ بها يؤدي إلى تحريف العقد إضافة الى ان‬
‫فيه خروج عن إرادة األطراف‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫في ذات السياق فإن الحرية التعاقدية ترتبط أيضا باإلرادة المنفردة و إن كان يتبين لنا أن‬
‫الحرية تجد كاأللية في التصرف القانوني و يطبق في حقل االرادة المنفردة ما يطبق في‬
‫حقل العقد من ضوابط و احكام في حدود عدم التعارض بين ما تقتضي طبعة المصدرين‪.‬‬
‫في ذات السياق على اعتبار أن الفرد في إطار مبدأ الحرية التعاقدية هو حر في أن يتعاقد‬
‫من عدمه و ما دام أن المشرع المغربي اعترف باإلرادة المنفردة كمصدر من مصادر‬
‫االلتزام و تدخل في اطار مصادر اإلرادة بالتالي فإن المتعاقد عند قيامه بإبرام تصرف‬
‫قانوني من جهة واحدة فإنه تسود له تلك الحرية التعاقدية التي يتم تطبيقها في العقد‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حدود الحرية التعاقدية‬
‫لقد أدى تدخل المشرع في العديد من المرات الى التضييق من سيادة مبدأ الحرية التعاقدية‬
‫حيث لم يبقى محتفظا بتلك الصرامة التي أعطيت له في البداية فالمصلحة العامة اقتضت‬
‫في الكثير من األحيان إجبار الشخص على إبرام عقد معين كما هو الشأن بالنسبة لمجال‬
‫التأمين االجباري على السيارات الذي أكدت عليه المادة ‪ 120‬من مدونة التأمينات المغربية‬
‫‪.‬‬
‫إضافة لذلك فإن مفهوم النظام العام عرف تطورا مهما ما نتج عن ذلك من تضييق في‬
‫مفهوم الحرية التعاقدية ففي المفهوم التقليدي كان يكتفي بمنع بعض العقود او مجموعة من‬
‫الشروط بينما أصبح للنظام العام مفهوم إيجابي حيث بدأ المشرع يتدخل في فرض بعض‬
‫الشروط المحددة لمفهوم العقد‪.‬‬
‫إن هذا األمر نستشفه عندما نكون بصدد التمييز بين العقود الرضائية والعقود الشكلية فإن‬
‫هذه األخيرة تتطلب توافر شكل معين بحيث ال يتم العقد إال باستكمال هذا الشرط فالشكلية‬
‫غالبا ما تتمثل في عنصر الكتابة و االشهاد ال غير‪.‬‬
‫من بين العقود التي تطلب فيها المشرع المغربي الكتابة كما هو الشأن بالنسبة للبيع الواقع‬
‫على العقار و ذلك بمقتضى الفصل‪ 489‬من قانون االلتزامات و العقود و األمر نفسه‬
‫بالنسبة لبيع السفن و الطائرات و االصول التجارية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته‬
‫الفقرة االولى‪ :‬مبدأ القوة الملزمة للعقد‬
‫يعتبر مبدأ القوة الملزمة للعقد من اهم النتائج المترتبة على مبدأ سلطان اإلرادة اي أن كل‬
‫فرد قرر أن يتعاقد ‪ ،‬يصبح ملزما باحترام التزاماته الناتجة عن هذا العقد ‪ ،‬أي أن العقد‬
‫يقوم مقام القانون بالنسبة ألطرافه و قد أشارت مختلف التشريعات المدنية لهذه القاعدة فمتى‬
‫نشأ العقد صميما مستوفيا لكامل أركانه و شروطه رتب مختلف اثاره القانونية ‪ ،‬و بالتالي‬
‫كسب قوته الملزمة من حيث االشخاص تطبيقا لمبدأ سلطان اإلرادة‪ ،6‬و هذا ما كرسه‬
‫المشرع الجزائري في المادة ‪ 55‬من القانون المدني الجزائري التي تنص على ما يلي "‬
‫يكون العقد ملزما للطرفين متى تبادل المتعاقدان االلتزام بعضهما بعضا "و قد كرسه أيضا‬
‫التشريع الفرنسي حيث جاءت المادة ‪ 1134‬من القانون المدني الفرنسي لتضع المبدأ‬
‫االساسي للقوة الملزمة للعقد بنصها على ان " االتفاقات المبرمة قانونا تعتبر شريعة‬
‫المتعاقدان " ‪" ،‬ال يجوز نقضها إال باتفاق الطرفين ‪ ،‬او لألسباب التي يقررها القانون " ‪" ،‬‬
‫و يجب تنفيذها بحسن نية " و على نفس المنوال ذهب المشرع المغربي و ذلك بنصه في‬
‫الفصل ‪ 230‬من قانون االلتزامات و العقود على ان " االلتزامات التعاقدية المنشأة على‬
‫وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة الى منشئيها و ال يجوز إلغاؤها إال برضاها معا أو‬
‫في الحاالت المنصوص عليها في القانون "‬
‫يعد مبدأ القوة الملزمة للعقد مبدأ عالميا‪ ،7‬فبمجرد انعقاد العقد صحيحا وجب على أطرافه‬
‫أن ينفذوه كما لو كان قانونا ‪ ،‬و بالتالي فال يجوز ألحدهما أن ينفرد بتعديله أو نقضه فما‬
‫أنشأته إرادتان ال تستطيع إحداهما منفردة أن تعدل فيه أو تلغيه و اإللزامية المقترنة بالعقد‬
‫تستمر معه لذلك تتميز العالقات التعاقدية بالثبات و االستقرار‪ ،‬و القاعدة السابقة تقتضي ان‬
‫تكون للعقد المبرم قوة ملزمة في موضوعه اي ان المتعاقد يلتزم بما ورد في العقد من‬
‫ناحية وال يلتزم إال به من ناحية اخرى فالعقد قوته الملزمة تساوي القانون من قوته الملزمة‬
‫و يطبقه القاضي على طرفيه كما لو كان يطبق القانون فيجب على كل طرف تنفيذ ما‬
‫يتولد في ذمته عن العقد من التزامات و اال كان مسؤوال عن اخالله بالتنفيذ‪ ،8‬و هذه القوة‬
‫الملزمة للعقد تمنع على القاضي من تأويله او تفسيره إال من باب البحث عن حقيقة إرادة‬
‫عاقده فال يجوز له إعمال سلطته التقديرية لتطبيق العدالة محل إرادة االفراد بل هو ملزم‬
‫بما ورد في العقد ‪.‬‬

‫‪ 6‬معاذ البراهيمي‪ ،‬مبدأ سلطان االرادة على ضوء التحوالت االقتصادية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص‪ ،‬تخصص االسرة‬
‫والتوثيق‪ ،‬دامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالدتماعية واالقتصادية بفاس سنة ‪ ،2018-2017‬ص‪30‬‬
‫‪ 7‬جليس لحضر‪ ،‬مكانة االرادة في ظل تطور العقد‪ ،‬دراسة لبعض العقود الخاصة‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬دامعة أبي‬
‫بكر بلقايد تلمسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016-2015‬الصفحة ‪57‬‬
‫‪ 8‬ريم عبد الباقي حمزة‪ ،‬القوى الملزمة للعقد‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه‪ ،‬جامعة النبيلين‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬سنة ‪ ،2017‬ص ‪42‬‬

‫‪9‬‬
‫وفي هذا الصدد أكد القضاء الفرنسي في العديد من القرارات علي استحالة تعديل بنود‬
‫العقد باإلرادة المنفردة ألحد المتعاقدين و نذكر على سبيل المثال ما قضت به الغرفة‬
‫االجتماعية لمحكمة النقض في قضية تتلخص وقائعها أن عاملة في صيدلية اتفقت عند إبرام‬
‫العقد على ساعات عمل معينة غير أنه بعد مدة زمنية قرر رب العمل تغيير ساعات العمل‬
‫مع الحفاظ على الحجم الساعي و اخطر العاملة بذلك إال أن هذه االخيرة رفضت هذا‬
‫التغيير في بنود العقد و تمسكت بما تم االتفاق عليه و أدى هذا الى قطع عالقة العمل بصفة‬
‫منفردة‪.‬‬
‫تم عرض النزاع على القضاء فقضت محكمة النقض باعتبار تسريح العاملة تعسفيا‬
‫ألنه جاء نتيجة رفضها للساعات الجديدة للعمل رغم أن عدد الساعات لم يتغير ( اي ‪07‬‬
‫ساعات في اليوم) و أن التغيير في الساعات المتفق عليها مسبقا يشكل تعديال للعقد و الذي‬
‫ال يمكن أن يحصل إال باتفاق الطرفين دون امكانية إجبار المتعاقد االخر على قبول‬
‫التعديل‪ ،9‬يبدو واضحا من خالل القرار أن محكمة النفض اكدت على القوة الملزمة للعقد‬
‫وفقا لما تم االتفاق عليه بين الطرفين و الجدير بالذكر أن تغيير توزيع ساعات العمل رغم‬
‫عدم تغير الحجم الساعي اليومي اضر بالعاملة التي كانت ملزمة لظروف شخصية باالنتهاء‬
‫من العمل مبكرا مما يجعل من امكانية تعسفها في استعمال حقها بطلب تنفيذ العقد وفقا لما‬
‫تم االتفاق عليه غير وارد ال يلزم االطراف على التعاقد لكن بمجرد تعاقدهم فانهم يكونون‬
‫ملزمون استنادا الى مبدأ القوة الملزمة للعقد باحترام تعاقدهم و ينتج عن ذلك ان أحد‬
‫المتعاقدين ال يمكنه الخروج عن دائرة التعاقد العقد دون مساءلته عقديا و ال يملكون اطراف‬
‫العقد حق التراجع او الرجوع في العقد حيث ان العقد عندما يبرم على وجه صحيح يبقى‬
‫سدا منيعا في وجه التقلبات االقتصادية‪ .‬و يمنع على القاضي من تكييف هذا العقد مع ما‬
‫استجد من الظروف االقتصادية ذلك الن االفراد عندما يقدمون على التعاقد ال يشغلون‬
‫بالهم بمصير االلتزام في المستقبل و ما اذا كانت الظروف االقتصادية عند تنفيذ العقد‬
‫ستؤثر على الشروط المتفق عليها اما بالزيادة في وعاء المنفعة المقصودة من العقد او‬
‫بإرهاق االلتزام الناتج عنه بالتالي يلزم االطراف بتنفيذ اتفاقهم بحسن النية و اذا اختلف‬
‫المتعاقدين اثناء تنفيد العقد على محتواه فان القاعدة في تفسيره وفقا لمبدأ سلطان االرادة‬
‫هو البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين و هكذا اذا كانت الفاظ العقد غامضة او غير‬
‫واضحة او ناقصة فان القاضي ال يمكنه ان يطبق القواعد التي يقدرها بكونها اكثر عدالة و‬
‫انما يجب عليه لزاما ان يبحث في القصد المشترك للمتعاقدين‪.10‬‬

‫‪ 9‬عثماني بالل‪ ،‬أطراف العقد المدني بين الحق في تحقيق المصلحة الشخصية وااللتزام بتحسين النية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في‬
‫العلوم‪ ،‬تخصص القانون ‪ ،‬جماعة مولود معمري تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬الصفحة ‪39‬‬
‫معاذ البراهيمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪3110‬‬

‫‪10‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبدأ نسبية العقد‬
‫يعد مبدأ نسبية العقد انه ال يضر و ال ينفع اال من كان طرفا فيه‪ 11‬إذن فهذا المبدأ‬
‫يعبر عن الطابع الشخصي الذي يميز االلتزام و القصد من ذلك انه ال يرتبط بالعقد اال‬
‫اطرافه كما ال يمكن ان يستفيد او يتضرر منه الغير‪ .‬اال ان هذه االثار ال تتوقف عن طرفي‬
‫العقد‪ 12‬اي انه ارتباط المتعاقدين بورثتهما و خلفائهما بمقتضى عالقة القرابة و المديونية قد‬
‫يسمح بسريان بعض االثار العقدية في حق هؤالء االشخاص ‪ ،‬اما بالنسبة للغير فإن القاعدة‬
‫العامة هي عدم سريان آثار العقد في حقهم و ذلك ما لم يكن هناك استثناء من المشرع‬
‫يقضي بانسحاب هذه اآلثار في حق الغير كاالشتراط لمصلحة الغير مثال‪ 13‬و هذا التوجه‬
‫هو الذي ذهب اليه المشرع المغربي حيث نص في الفصل ‪ 228‬من قانون االلتزامات و‬
‫العقود "االلتزامات ال تلزم اال من كان طرفا في العقد فهي ال تضر الغير و ال تنفعهم إال‬
‫في الحاالت المذكورة في القانون"‬
‫يعبر مبدأ نسبية العقود عن الطابع الشخصي الذي يميز االلتزام بحيث ان الحقوق التي‬
‫تنتج عن تكوين العقد ال يستفيد منها سوى المتعاقدين كما ان االلتزامات ايضا المنبثقة عنه‬
‫هي االخرى ال تمس الغير و ال تضرهم‪.‬‬
‫و قد اخذ المشرع المغربي بهذا المبدأ ايضا وفقا للفصل ‪ 229‬من قانون االلتزامات و‬
‫العقود الذي جاء فيه "تنتج االلتزامات اثرها ال بين المتعاقدين فحسب و لكن أيضا بين‬
‫ورثتهما و خلفائهما ما لم يكن العكس مصرحا به او ناتجا عن طبيعة االلتزام أو عن‬
‫القانون و مع ذلك فالورثة ال يلتزمون اال في حدود أموال التركة و بنسبة مناب كل واحد‬
‫منهم ‪.‬‬
‫و إذا رفض الورثة التركة لم يجبروا على قبولها و ال تحمل ديونها و في هذه الحالة ليس‬
‫للدائنين إال أن يباشروا ضد التركة حقوقهم"‬
‫مما يتضح من خالله ان آثار العقد ال تسري إال على األطراف المكونة له باإلضافة الى‬
‫ورثتهما و خلفائهما اللهم اذا نص القانون على خالف ذلك او كان طبيعة االلتزام تقتضي‬
‫ان ال تسري آثاره عليهم كحال التعاقد مع الطبيب او المهندس اذ ال يمكن في حالة وفاة‬
‫احدهم ان يحل محله خلفه نظرا انه كان محل اعتبار أثناء التعاقد و ان طبيعة االلتزام ال‬
‫تسمح بانتقاله الى الورثة أو احد من الغير‪.14‬‬

‫‪ 11‬نجيم أهتوت‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬مطبعة القيس العروي‪ ،‬الناظور‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،‬سنة ‪ ،2019‬ص ‪126‬‬
‫‪ 12‬بن ناجر وفاء ةبن شعالل نسمة‪،‬مبدأ نسبية العقد‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‪،‬‬
‫بجاية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2019/2018‬ص‪3‬‬
‫‪ 13‬معاذ البراهيمي‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ 14‬عبد الكريم غيوان‪ ،‬أثر التحوالت االقتصادية على النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مبادئ مؤسسة العقد بين الثابت والمتغير في ضوء التشريع‬
‫المغربي‪ ،‬مقال منشور بمجلة منازعات االعمال‪ ،‬عدد ‪ ،2017 ،27‬ص ‪7‬‬

‫‪11‬‬
‫لكن إذا كان األصل ان اثار العقد ال تسري على االغيار فإن االستثناء انه قد يحدث ان‬
‫يتأثر الدائن بالت صرفات القانونية التي يقوم بها المدين يعقدها المدين اما عن حسن النية او‬
‫سوء النية قصد إضرار الدائن لذلك عمد المشرع الى منح هذا االخير إمكانية اللجوء الى‬
‫بعض الوسائل القانونية لحماية حقوقه كالحجز التحفظي و الحق في الحبس و الدعوى‬
‫الصورية كما ان هناك من التشريعات من أخدت بالدعوى البوليصية الغرض منها ابطال‬
‫التصرفات التي يقوم بها المدين إضرارا بالدائن شريطة ان يثبت هذا االخير ان ما يقوم به‬
‫المدين قد يفقر ذمته مما قد يترتب عنه تقليص الضمان‪ 15‬طبقا للقاعدة اموال المدين‬
‫ضمان عام للدائنيه إال ان هذا المبدأ بدأ يتراجع بفعل التحوالت االقتصادية التي أجبرت‬
‫التشريعات الخروج على هذا المبدأ‪.‬‬

‫عبد الكريم غيوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪145‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االسس الحديثة لنظرية العقد في ظل التطورات‬
‫االقتصادية‬

‫المطلب االول‪ :‬تراجع مبدأ سلطان اإلرادة‬


‫ب الرغم من سيادة مبدأ حرية التعاقد في كثير من المجاالت‪ ،‬إال أن هذه الحرية أخذت في‬
‫التراجع‪ ،‬فنظرا لطبيعة بعض العقود وحاجتها الملحة للتنظيم قصد الحفاظ على استقرار‬
‫المعامالت وتحقيق االمن التعاقدي‪ ،‬أخد المشرع في إدخال الشكلية كقيد على مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة‪ ،‬رافقه القضاء في التدخل هو كذلك في المؤسسة العقدية نظرا لضرورة توفير‬
‫الحماية ألطراف العالقة العقدية والحفاظ على التوازن العقدي‪ .‬وعليه‪ ،‬تقتضي دراسة هذا‬
‫الم طلب بحثه في فقرتين‪ ،‬سنتناول مدى تأثير المؤسسة التشريعية على مبدأ سلطان في‬
‫اإلرادة في فقرة أولى‪ ،‬على أن نتطرق إلى تأثير المؤسسة القضائية في فقرة ثانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬تأثير المؤسسة التشريعية على مبدأ سلطان اإلرادة‬


‫لقد تكرس مبدأ سلطان اإلرادة في معظم العقود بموجب الفصل من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬إال أن هذا‬
‫المبدأ ما لبث أن أوجد له المشرع استثناءات بموجب نفس الظهير مرتبطة فيما إذا تعلق‬
‫االمر بحقوق عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا‪.16‬‬
‫ينضاف بذلك إلى اإلرادة عنصر آخر لكي ينتج العقد أثره‪ ،‬وهو أن يتخذ هذا التصرف‬
‫الشكل المحدد له بموجب القانون‪ ،‬إن ركن الشكلية والذي تم تأصيله بموجب الفصل ‪ 48‬من‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع فحواه ضرورة توافر الكتابة كلما كان االمر يتعلق بحق عيني عقاري‪.‬‬
‫ويالحظ أن المشرع استلزم الكتابة العرفية بالرغم مما يثيره من مشاكل أمام المحاكم‪ ،‬لكن‬
‫تدارك ذلك وجنح نحو فرض رسمية العقود وتعميمها في المجال العقاري وذلك بموجب‬
‫القانون رقم ‪ 39.08‬المتعلق بمدونة الحقوق العينية في مادته الرابعة‪ ،17‬واستمر على هذا‬
‫النهج ليطال أغلب القوانين العقارية‪.‬‬
‫واتجاه المشرع نحو تعميم وفرض شكلية الكتابة على العقود لم يكن اعتباطيا بل كان من‬
‫وراء ذلك أهداف وانعكاسات‪ 18‬تفرضها العدالة على بعض العقود‪.‬‬

‫‪ 16‬جاء في الفصل ‪ 489‬نت ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ":‬إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا‪ ،‬وجب أن يرجي البيع كتابة‬
‫في محرر ثابت التاريخ وال يكون له أثر في مواجهة الغير إال إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون"‬
‫‪ 17‬جاء في المادة ‪ 4‬المتممة والمعدلة بالقانون رقم ‪" 69.16‬يجب أن تحرر تحت طائلة البطالن جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء‬
‫الحقوق العينية األخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكاالت الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من‬
‫طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص قانون خاص على خالف ذلك"‬
‫‪ 18‬هذه االنعكاسات تم التطرق إليها من طرف عبد الكريم شهبون في الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،08.39‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،2017 ،‬ص‪ 62‬وما بعدها‬

‫‪13‬‬
‫واستمر المشرع المغربي في التضييق على مبدأ سلطان اإلرادة وقوته وتعداه ليشمل‬
‫بالكتابة مجال الكراء العقاري سواء المدني منه أو التجاري‪ ،‬متجاوزا بذلك الخاصية التي‬
‫كانت تعتبر عقد الكراء رضائيا‪.19‬‬
‫حيث لم يتم اإلبقاء على هذه الخاصية في مندرجات القانون رقم ‪ 67.12‬المتعلق بالكراء‬
‫المدني حسب ما جاء في مادته الثالثة‪ ،‬أتبعه في هذه النهج القانون رقم ‪ 49.16‬المتعلق‬
‫بالكراء التجاري الذي نص هو أيضا في مادته الثالثة على ضرورة تحرير عقد الكراء في‬
‫محرر ثابت التاريخ تحت طائلة عدم إخضاعه لهذا القانون‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس تزعزعت المبادئ التي ظهر من أجلها مبدأ سلطان اإلرادة وأصبح‬
‫الفصل ‪ 19‬من ق‪.‬ل‪.‬ع يطبعه القصور‪ ،‬ال يؤخذ على أصله وأصبح ذو استثناءات بفعل‬
‫تدخل المشرع وجنوحه نحو الشكلية في بعض العقود‪ ،‬والتي أصبحت تعد من أركان العقد‬
‫ينبغي توافرها إلى جانب االرطان األخرى‪ ،‬وانعدامها يحول دون ترتيب أي أثر للعقد‪.‬‬
‫وانتكاص مبدأ سلطان اإلرادة لم يكن بفعل تدخل المشرع وحده‪ ،‬بل وأمام إكراهات‬
‫اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية التي أفرزت اختالالت في التوازن العقدي سمح المشرع‬
‫للقاضي بالتدخل من أجل الحفاظ على التوازن العقدي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تأثير المؤسسة القضائية على مبدأ سلطان اإلرادة‬


‫يعتبر مبدأ حرية اإلرادة منطلقا أساسيا للعملية التعاقدية كما أن القوة الملزمة للعقد هي‬
‫الهدف الجوهري للمتعاقدين‪ ،‬فالعقد شريعة المتعاقدين فال يجوز نقضه أو تعديله إال باتفاق‬
‫الطرفين‪. 20‬‬
‫غير أن االمر ليس على إطالقه‪ ،‬إذ أن المشرع العتبارات العادلة قد خول للقاضي في‬
‫بعض الحاالت سلطة التدخل في العقود حيث نجده في الفصل ‪ 54‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪":‬‬
‫أسباب االبطال المبنية على حالة المرض والحاالت األخرى المشابهة متروكة لتقدير‬
‫القضاة"‪ ،‬ففي ضوء هذا الفصل إذا كان أحد المتعاقدين قد استغل مرض المتعاقد االخر أو‬
‫ضعفه أو طيشه البين أو هواه الجامح أو حاجاته الماسة وأبرم معه عقدا ال تتعادل فيه‬
‫التزامات الطرفين‪ ،‬بل ينطوي على غبن أحدهما غبنا فاحشا‪ ،‬فإن الطرف المغبون غبنا‬
‫استغالليا يسوغ له المطالبة بإبطال العقد‪ ،‬للقاضي سلطة واسعة في تقرير االبطال‪ ،‬وفي‬
‫هذا االطار جاء في قرار للمجلس األعلى بتاريخ ‪ 4.‬أبريل ‪":1980‬ال يشترط إلبطال العقد‬
‫السبب المنصوص عليه في الفصل ‪ 54‬أن يكون الشخص فاقد الوعي‪ ،‬بل يكفي أن تكون‬

‫‪ 19‬ينص الفصل ‪ 628‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على ‪" :‬يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء وعلى األجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من‬
‫شروط في العقد "‬
‫‪ 20‬المعزوز البكاي‪ ،‬بعض مظاهر اضطراب النظرية العامة للعقد‪ ،‬مجلة القانون المدني‪ ،‬العدد الثالث‪،‬ص ‪10‬‬

‫‪14‬‬
‫إرادته معيبة بسبب المرض الذي نزل به‪ ،‬وأن المتعاقد معه استغل وضعيته هذه فحصل‬
‫من إبرام عقد ما كا ن ليقبله لو كان سليما معافى‪ ،‬وأن المحكمة لما لها من سلطة التقدير‬
‫الممنوحة لها بمقتضى الفصل ‪ 54‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬اعتبرت أن الهالك لم يكن حرا في تصرفه‬
‫وأن المشتري استغل المرض الخطير الذي نزل به فأحضر الموثق للمصحة التي كان‬
‫يعالج فيها وأشهد بالبيع"‪.‬‬
‫هذا وقد اعتبر المشرع المغربي في الفصل ‪ 878‬من ق‪.‬ل‪.‬ع استغالل المقرض حاجة‬
‫المستقرض أو ضعف إدراكه أو عدم تجربته لحمله على القبول بفوائد أو منافع تتجاوز إلى‬
‫حد كبير السعر العادي للفوائد وقيمة الخدمة المؤداة‪ ،‬من قبيل الغبن االستغاللي الذي يجوز‬
‫معه إبطال الشروط واالتفاقات المتضمنة منح المقرض فوائد أو منافع فاحشة‪ ،‬بل إن‬
‫المشرع المغربي اعتبر الغبن االستغاللي في مثل هذه الحالة ماسا بالنظام العام إذ أجاز‬
‫للمحكمة أن تقرر البطالن من نفسها‪.21‬‬
‫وإذا كان المشرع المغربي لم يأخذ بنظرية الظروف الطارئة‪ ،‬فإنه في المقابل راعى‬
‫الظروف واالزمات التي قد تعصف بالمدين فتجعله معسرا‪ ،‬الشيء الذي دفع به إلى تخويل‬
‫القاضي إمكانية تمتيع المدين بمهلة الميسرة‪ ،‬وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل ‪243‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع والتي جاء فيها‪ ":‬ومع ذلك‪ ،‬يسوغ للقضاة‪ ،‬مراعاة منهم لمركز المدين‪ ،‬ومع‬
‫استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق‪ ،‬أن يمنحوه آجال معتدلة للوفاء‪ ،‬وأن يوقفوا إجراءات‬
‫المطالبة‪ ،‬مع إبقاء االشياء على حالها"‪ ،‬االمر الذي طبقته محكمة االستئناف بالرباط في‬
‫قرار لها بتاريخ ‪ 20‬يناير ‪ ،1961‬حيث جاء فيه‪ ":‬ومع ذلك تبقى إمكانية توقيف وتعطيل‬
‫هذا الشرط‪ ،‬بمنح المكتري أجل ميسرة لداء واجبات الكراء المتخلفة في ذمته‪ ...‬مما ارتأت‬
‫معه المحكمة منح الطاعنة أجل ميسرة لداء واجبات الكراء "‪.‬‬
‫هذا فيما يتعلق ببعض الحاالت في ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬أما فيما يخص القوانين الخاصة‪ ،‬فالمشرع‬
‫المغربي من خلل القانون رقم ‪ ،31.08‬المنظم لحماية المستهلك أعطى للقاضي إمكانية‬
‫وضع يده على المنازعات االستهالكية من أجل إعادة التوازن إلى العلقات العقدية‪ ،‬وكمثال‬
‫على هذه الحماية القضائية ما تم التنصيص عليه في الفقرة من المادة ‪ 95‬من القانون‬
‫السالف الذكر‪ ":‬إذا نشأ نزاع في شأن تنفيذ العقد االصلي للبيع أو تقديم الخدمة‪ ،‬جاز لقاضي‬
‫المستعجالت أن يأمر بوقف تنفيذ عقد القرض‪ ،‬إلى أن يتم الفصل في النزاع"‪.‬‬

‫‪ 21‬مأمون الكزبري‪،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‬
‫ص‪134‬‬

‫‪15‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الخروج عن مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته‬
‫يحكم العقد من حيث تنفيذه حسب الفقه التقليدي مبدآن أساسيان يتفرعان عن مبدأ سلطان‬
‫اإلرادة وهما‪ :‬مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ نسبية العقد‪ ،‬يتعلق األول بآثار العقد من حيث‬
‫الموضوع‪ ،‬ويتعلق األخر بآثار العقد من حيث األشخاص‪ ،‬وإذا كان يترتب عن مبدأ القوة‬
‫الملزمة للعقد عدم إمكانية الشخص نقض العقد بإرادته المنفردة إال باتفاق مع المتعاقد‬
‫األخر‪ ،‬فإن المشرع ونتيجة للتحوالت االقتصادية التي يعرفها العالم‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬التوسع في االعتداء على مبدأ القوة الملزمة للعقد‬


‫أوال‪ :‬حق التراجع عن العقد في إطار قانون ‪31. 08‬‬
‫يعتبر حق المستهلك في التراجع عن العقد من أهم مظاهر الخروج عن مبدأ القوة الملزمة‬
‫للعقد‪ ،‬ولإلحاطة بهذا الحق سنتطرق اوال إلى تعريفه والغاية منه ثم ننتقل بعد ذلك لبيان‬
‫كيفية استعماله‪.‬‬
‫أ ‪-‬تعريف حق التراجع والغاية منه‪:‬‬
‫‪ - 1‬تعريف حق التراجع‬

‫يعرف حق التراجع بمجموعة من التسميات فهناك من يطلق عليه اسم حق الخيار ‪ ،‬أو مهلة‬
‫التروي أو التفكير ‪ ،‬حق الندم ‪ ،‬حق العدول ‪ ،‬و إن كان الشائع هو استعمال حق التراجع ‪،‬‬
‫و مهما اختلفت ا لتسميات فإنها كلها تدل على معنى واحد غاية واحدة و هي تمكين‬
‫المستهلك من حقه في الرجوع عن العقد بإرادته المستقلة ‪ ،‬و التحلل من أثاره ‪ ،‬فيتم رد‬
‫المبيع و استرداد الثمن‪. 22‬‬
‫وعليه فإن حق التراجع يعتبر تحوال كبيرا في نظام العقود لكونه يعد استثناء من القواعد‬
‫العامة التي تأخذ بمبدأ القوة الملزمة للعقد‪.‬‬
‫وممارسة المستهلك لحق التراجع يعني انعدام الحق المبرم سابقا‪ ،‬أي أن العقد الذي أنشئ‬
‫سابقا يصبح كأن لم يكن‪ ،‬كما تنعدم أثاره بالنسبة للمستقبل‪ ،‬و بالتالي فال يكون العقد قد أبرم‬
‫نهائيا إال بعد انصرام المهلة التي خولها المشرع للمستهلك لممارسة حقه في الرجوع‬
‫كما ال يعبر التوقيع الذي حصل عليه المورد عن اإلرادة النهائية للمستهلك ‪ ،‬بل فقط تعبير‬
‫عن إرادة ابتدائية أو تمهيدية إلبرام العقد او مرحلة من مراحل تكوين العقد‪. 23‬‬
‫‪- 2‬الغاية من حق التراجع‬
‫‪ 22‬حسن أساكتي ‪ ،‬صباح كوتو ‪ ،‬حق المستهلك في التراجع عن العقد ‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون و األعمال ‪ ،‬عدد ‪، 11‬سنة ‪ ، 2016‬ص‬
‫‪.13‬‬
‫‪ 23‬حسن أساكتي ‪ ،‬صباح كوتو ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪16‬‬
‫كان للتطور الذي عرفته وسائل االتصال الحديثة التأثير الكبير على أشكال التسويق و‬
‫كيفيته و وسائله ‪ ،‬فالمهني أو الحرفي أو المورد بصفة عامة أصبح يستعمل عدة تقنيات‬
‫للترويج لمنتوجه ‪ ،‬كالبيع عن طريق التلفزيون ‪ ،‬حيث إن المشتري ال يتمكن من رؤية‬
‫الشيء الذي يرغب في اقتنائه ‪ ،‬فيقوم بالشراء بناء على مواصفات و صور فال يقوم‬
‫بفحص المنتوج عن قرب و الحكم عليه إال بعد تسلمه ‪ ،‬فالمستهلك غالبا ما يتم جدبه و‬
‫إغرائه فيغامر بقبول العرض دون تفكير فيخيب ضنه‪. 24‬‬
‫لذلك تدخل المشرع المغربي و نص على الحق في التراجع لمنح المستهلك الفرصة إلعادة‬
‫النظر في قراره و إعطائه مهلة للتفكير الحقة على إبرام العقد يتمكن من خاللها مراجعة ما‬
‫أقدم عليه ‪ ،‬فيكون له إما االستمرار في العقد أو العدول عنه ‪.‬‬
‫لتبقى غاية المشرع إذن هي حماية الطرف الضعيف في مواجهة عقود معدة مسبقا و‬
‫بشروط محددة من طرف المهني ‪ ،‬و تكون في الغالب تعسفية فال يكون للمستهلك إال‬
‫الموافقة عليها جملة و تفصيال ‪ ،‬و بالتالي يبقى سلطان اإلرادة مشوبا بالغموض من جهة‬
‫المستهلك و الذي يفقد حقه في التفاوض بشأن شروط العقد ‪.25‬‬
‫ب ‪-‬استعمال حق التراجع‬
‫بفضل القوة الملزمة للعقد فأيا من المتعاقدين ال يستطيع ان يرجع عنه حتى في المرحلة‬
‫السابقة على تنفيذه ‪ ،‬فمتى تم التقاء اإليجاب بالقبول و قام العقد فإن تنفيذه يصبح ملزما و ال‬
‫رجعة فيه‪. 26‬‬
‫إال أن الحاجة الماسة الى حماية المستهلك الذي يعجل إلى إبرام بعض أنواع العقود على‬
‫عجل و دون دراسة متأنية قد دفعت المشرع المغربي إلى منح المستهلك خيارا بالرجوع‬
‫عن العقد الذي برمه و قبل البدء بتنفيذه‪ ،‬و هكذا نص المشرع المغربي في المادة ‪ 36‬من‬
‫قانون رقم ‪ 31.08‬بتدابير حماية المستهلك على أن " للمستهلك أجل ‪:‬‬

‫‪ -‬سبعة أيام لممارسة حقه في التراجع‪.‬‬


‫‪ -‬ثالثين يوما ممارسة حقه في التراجع في حالة لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي‬
‫للمعلومات المنصوص عليها في المادتين ‪ 29‬و ‪."...30‬‬

‫‪ 24‬إيمان بنشانة ‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية ‪ ،‬بحث نهاية تكوين الملحقين القضائيين ‪ ،‬المعهد العالي للقضاء ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬سنة‬
‫‪ ، 2014‬ص ‪.64‬‬
‫‪ 25‬حسن أساكتي ‪ ،‬صباح كوتو ‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 26‬لقد سبق التفصيل في هذه النقطة عند الحديث عن الفصل ‪ 230‬من ق ل ع في إطار الفقرة المتعلقة بمبدأ القوة الملزمة للعقد في إطاره‬
‫الكالسيكي ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫و لإلشارة فإن ممارسة حق التراجع يتم بإرادة المستهلك المنفردة ودون الحاجة إلى اللجوء‬
‫للقضاء أو الحصول على موافقة الطرف اآلخر‪ ،‬كما أن هذا الحق يعتبر من النظام العام ال‬
‫يجوز االتفاق على خالفه وال يجوز للمستهلك التنازل عنه كما ال يجوز بأي شكل من‬
‫األشكال تقييده‪.27‬‬
‫ونجد من جهة أخرى أن المشرع قد أحاط حق التراجع بضمانات عديدة إذ نجد في إطار‬
‫المادة ‪ 37‬من قانون ‪ 08.31‬أنه قد ألزم المورد بإرجاع المبالغ المدفوعة كاملة من طرف‬
‫المستهلك وحدد أجل ‪ 15‬يوما لذلك الموالية للتاريخ الذي تمت فيه ممارسة الحق المذكور‬
‫وبعد انصرام األجل المذكور تترتب بقوة القانون على المبلغ المستحق فوائد بالسعر‬
‫القانوني المعمول به وفي حالة رفض المورد إرجاع المبلغ فإنه وحسب المادة ‪ 178‬من‬
‫نفس القانون فإن المورد يعاقب بغرامة من ‪ 1200‬الى‪ 50.000‬درهم والتي تضاعف في‬
‫حالة العود خالل ‪ 5‬سنوات الموالية لصدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به في أفعال‬
‫مماثلة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تأثير قانون حرية األسعار والمنافسة على مبدأ القوة الملزمة للعقد‬
‫من أهم المسلمات التي ارتبطت بمبدأ الحرية التعاقدية‪ ،‬مبدأ القوة الملزمة للعقد الذي يجد‬
‫تبريره أيضا في مبدأ سلطان اإلرادة بصفة عامة‪.‬‬
‫و الذي بمقتضاه يقف العقد سدا منيعا في وجه التقلبات االقتصادية و يمنع القاضي مبدئيا‬
‫من تكييف هذا العقد مع ما استجد من الظروف االقتصادية ‪ ،‬و أذا كان هذا المبدأ يجد‬
‫أساسه في الفصل ‪ 230‬من ق ل ع فإلى أي حد يبقى محتفظا بمناعته أمام مقتضيات قانون‬
‫حرية األسعار و المنافسة التي ال تكثرت العتبارات استقرار المعامالت الفردية بقدر ما‬
‫تحرص على حسن سير السوق االقتصادي و تنظيم وضعيات الفاعلين االقتصاديين داخلها‬
‫‪.28‬‬
‫فبالرجوع إلى مقتضيات قانون حرية األسعار و المنافسة نجد على أنه يحد من مبدأ أن "‬
‫كل ما هو تعاقدي هو عادل" ‪ ،‬من خالل منع مجموعة من االتفاقيات المنافية لقواعد‬
‫المنافسة ‪ ،‬إذ قد تتواطأ المقاوالت فيما بينها على تجديد سعر بيع أو شراء سلعة معينة أو‬
‫منع دخول منافسين جدد أو تقسيم األسواق و عموما عرقلة المنافسة ‪ ،‬و ذلك من أجل زيادة‬

‫‪ 27‬تأثير الحق في التراجع على التوازنات العقدية ‪ ،‬مقال منشور بالموقع اإللكتروني مدونة المعرفة القانونية ‪ ،‬تم اإلطالع عليه بتاريخ ‪ 3‬يونيو‬
‫‪ ، 2020‬على الساعة العاشرة صباحا ‪https://anibrass.blogspot.com/2015/01/blog-‬‬
‫‪post_37.html?fbclid=IwAR2AaRgJsLPh1HrGgb_7Bbv35pGf68NVlNt_A0hBUt9FdGvsrmHLvsyEZwg‬‬
‫‪ 28‬سكينة الحرفي ‪ ،‬مؤثرات قانون المنافسة على القوة الملزمة للعقد ‪ ،‬مقال منشور بمجلة األبحاث و الدراسات القانونية ‪ ،‬عدد ‪ 2020 ،14‬ص‬
‫‪. 195 196‬‬

‫‪18‬‬
‫أرباحها أو تفادي الوقوع في المخاطر التجارية ‪ ،‬مع ما يترتب عن ذلك من مساس خطير‬
‫بالسير الطبيعي للمنافسة ‪ ،‬لذلك كان من الالزم الوقوف في وجهها‪.29‬‬
‫وفي هذا اإلطار نجد المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 104.12‬المتعلق بحرية األسعار‬
‫والمنافسة تنص على ما يلي " تحضر األعمال المدبرة أو االتفاقيات أو االتفاقات أو‬
‫التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وأيا كان سببها عندما يكون الغرض منها‬
‫أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها‪".‬‬
‫كما أنه يحظر قيام منشأة أو مجموعة منشآت باالستغالل التعسفي‪:‬‬
‫‪ -1‬لوضع مهيمن في السوق الداخلية أو جزء هام من هذه السوق؛‬
‫‪ -2‬لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه أي بديل مواز‪.‬‬
‫يمكن أن يتجلى التعسف بوجه خاص في رفض البيع أو في بيوع مقيدة أو في شروط‬
‫بيع تمييزية وكذا في قطع عالقات تجارية ثابتة لمجرد أن الشريك يرفض الخضوع لشروط‬
‫تجارية غير مبررة‪ .‬ويمكن أن يتجلى كذلك فيما يفرض بصفة مباشرة أو غير مباشرة من‬
‫حد أدنى لسعر إعادة بيع منتوج أو سلعة أو لسعر تقديم خدمة أو لهامش تجاري‪.30‬‬
‫و نظرا لما قد تلحقه مثل هذه الممارسات من مساس خطير و فوري باقتصاد البالد أو‬
‫باقتصاد القطاع المعني باألمر أو بمصلحة المنشأة المشتكية ‪ ،‬فإن المشرع و وعيا منه‬
‫بالخطورة المذكورة عاقب بالحبس من شهرين إلى سنة و بغرامة مالية من عشرة آالف‬
‫(‪ )10.000‬إلى خمسمائة ألف (‪ )500.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل‬
‫شخص ذاتي شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية وحاسمة في تخطيط‬
‫الممارسات المشار إليها في المادتين ‪ 6‬و ‪ 7‬من هذا القانون أو تنظيمها أو تنفيذها أو‬
‫مراقبتها‪.31‬‬
‫ثالثا‪ :‬استقالة األجير‬
‫يعتبر عقد الشغل المنظم بمقتضى القانون رقم ‪ 65.99‬بمثابة مدونة الشغل من أبرز النماذج‬
‫التي قطعت نسبيا الصلة مع قانون االلتزامات و العقود بعد ان كانت العالقة بين المشغل و‬
‫األجير خاضعة ألحكام هذا األخير و هذا ما كان له انعكاس وخيم على األجير باعتباره‬
‫طرف ضعيف في الحلقة التعاقدية ‪ ،‬و هكذا يمكن القول بأن مدونة الشغل جاءت كآلية‬
‫لحماية األجير و ذلك من خالل إقرارها لمجموعة من الحقوق لفائدة هذا األخير ‪ ،‬ومن أهم‬
‫هذه الحقوق حق األجير في إنهاء عقد الشغل من جانبه عن طريق االستقالة ‪ ،‬و قد نصت‬
‫على هذا الحق المادة ‪ 34‬من مدون الشغل ‪ ،‬التي نصت حرفيا على ما يلي ‪ " ،‬يمكن إنهاء‬

‫‪ 29‬أبو بكر مهم ‪ ،‬المساس بالمنافسة داخل السوق ‪ ،‬دراسة في ضوء المادة ‪ 6‬من القانون رقم ‪ 104.12‬المتعلق بحرية األسعار و المنافسة ‪ ،‬مقال‬
‫منشور بمجلة القضاء التجاري ‪ ،‬العدد ‪ ، 11_12‬سنة ‪ ،2018‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 30‬المادة ‪ 7‬من قانون ‪104.12‬‬
‫‪ 31‬لمادة ‪ 75‬من قانون ‪104.12‬‬

‫‪19‬‬
‫عقد الشغل غير المحدد المدة بإرادة األجير عن طريق تقديم االستقالة المصادق على‬
‫صحة إمضائها من طرف الجهة المختصة ‪ ،‬و ال يلزمه في ذلك إال احترام األحكام الواردة‬
‫في الفرع الثالث أدناه بشأن أجل اإلخطار"‪]..‬‬

‫فاالستقالة إذن كحق ثابت لألجير قد يلجأ إليها ألسباب متعددة فقد يكون ذلك بسبب ظروف‬
‫العمل أو ظروف شخصية ‪ ،‬كما قد يكون بسبب عثوره على عمل أخر يضمن له امتيازات‬
‫أفضل‪ ،‬وعليه فاألساس الذي تقوم عليه االستقالة هو أنها تأتي بمبادرة من األجير و برغبة‬
‫منه في إنهاء عقد الشغل الذي يربطه بمشغله بمحض إرادته‪. 32‬‬
‫و إذا كانت االستقالة حقا لألجير فإنه يشترط لمشروعيتها أن تتقيد بضابطين أولهما إخطار‬
‫المشغل ‪ ،‬و ثانيهما أن ال تتسم بالتعسف‪.33‬‬
‫وعلى العموم فإن إعطاء األجير اإلمكانية إلنهاء العالقة التي تربطه بالمشغل بصورة‬
‫انفرادية تجعل من قاعدة من التزم بالشيء لزمه معكوسة إذ ال يلتزم األجير بالبقاء مع‬
‫المشغل وهذا فيه خروج عن مبدأ القوة الملزمة للعقد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬انهيار مبدأ نسبية العقد‬


‫أوال‪ :‬تأثير الدعوى المباشرة في التأمين من المسؤولية على مبدأ نسبية أثار العقد‬
‫الدعوى المباشرة وسيلة قانونية تسمح للدائن العادي في أن يسعى مباشرة باسمه شخصيا‬
‫إلى مطالبة مدين مدينه ليسأله الوفاء بما هو مستحق في ذمة المدين ‪ ،‬فالدعوى المباشرة‬
‫تخول للدائن العادي صالحية مباشرة حقه في الضمان مباشرة على ذمة مدين مدينه ‪ ،‬و‬
‫ذلك لمطالبة مدين المدين بما هو مستحق في ذمته للمدين ‪ ،34‬و من أهم ما تثيره الدعوى‬
‫المباشرة هو اصطدامها بمبدأ األثر النسبي للعقد ‪ ،‬إذ تعتبر هذه األخيرة خروجا عن‬
‫القواعد العامة ال تسري بمقتضاها أثار العقد إال بالنسبة ألطرافه ‪ ،‬و ال يؤخذ بهذا النوع‬
‫من الدعاوي إال إذا كانت موضوع نص تشريعي خاص كما هو الحال بالنسبة لرجوع‬
‫المتضرر على شركة التأمين بمقتضى الدعوى المباشرة ‪.‬‬
‫فإذا كانت القاعدة العامة تقضي بأن العقد ال يسري إال بين طرفيه فان هذا االعتبار ال يمنع‬
‫أن يكون للغير مصلحة أو منفعة في أن يستند إلى العقد باعتباره واقعة مادية‬

‫‪ 32‬مليكة العراسي‪ ،‬إكراه األجير على تقديم استقالته – دراسة في ضوء العمل القضائي‪ ،‬مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية و‬
‫اإلدارية‪ ،‬عدد ‪ ، 2019 ،27‬ص ‪135‬‬
‫‪ 33‬لإلطالع أكثر على شروط ممارسة االستقالة أنظر‪ :‬وفاء جوهر‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪ ،2018‬ص‪ 172‬و ما بعدها‪.‬‬
‫‪ 34‬محمد محروك‪ ،‬في بعض مظاهر الدعوى المباشرة وأسسها القانونية في التشريع المغربي‪ ،‬مقال منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية‬
‫والقضائية عدد ‪ 4‬سنة ‪.2010‬‬

‫‪20‬‬
‫و بما أن المتضرر هو الطرف المستهدف في حماية المشرع من حودث السير لحصوله‬
‫على ضمان نتيجة لما أصابه من أضرار جراء الحادث كان على المشرع إيجاد حال ينظم‬
‫فيه العالقة بين الشخص المتضرر و شركة التامين‪. 35‬‬
‫وهكذا جاء في المادة ‪ 62‬من مدونة التأمينات ما ا يلي " ال يمكن للمؤمن أن يؤدي لشخص‬
‫أخر غير الطرف المتضرر أو ذوي حقوقه كل المبلغ المستحق عليه أو بعضه ‪"...‬‬
‫إن أحكام المادة أعاله من النظام العام وبالتالي ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامها وكل‬
‫شرط من شأنه أن يقيد أو يستبعد حق المتضرر بشأنها يعتبر باطال وال يمكن االحتجاج به‬
‫عليه‪.‬‬
‫و بناء على ذلك فال يحق للمؤمن له مطالبة شركة التأمين بالضمان مباشرة عند تحقق‬
‫الخطر المؤمن منه ألن هذا الحق هو حق للمتضرر ‪ ،‬كما ال يحق له أن يشترط في وثيقة‬
‫التأمين من حرمان الغير المتضرر من ممارسة حقه في الدعوى المباشرة‪.36‬‬
‫على العموم فإن المشرع أعطى للغير في نطاق تطبيق التأمين من المسؤولية حقا مباشرا‬
‫بالحصول على الضمان الذي يكون للمؤمن أن يدفعه للمؤمن له ‪ ،‬على النقيض من أحكام‬
‫للقواعد العامة التي تقضي بأن أثار العقد ال تنصرف إلى غير عاقديه‪.37‬‬
‫ثانيا‪ :‬امتداد شرط التحكيم إلى الغير‬
‫إذا كان شرط التحكيم إعماال لمبدأ نسبية آثار العقد ال يلزم وال يفيد من لم يكن طرفا بالعقد‬
‫الذي ورد به فإن القضاء والفقه يقرران مع ذلك امتداد آثار الشرط في مواجهة شخص لم‬
‫يوقع بنفسه أو بواسطة ممثلة على هذا العقد‪ ،‬ومساءلة امتداد شرط التحكيم إلى الغير تثور‬
‫بصفة أساسية في نطاق كل من مجموعة الشركات ومجاميع العقود‪.‬‬
‫أ‪ -‬شرط التحكيم ومجموعة الشركات‪:‬‬
‫إعماال لمبدأ نسبية آثار اتفاق التحكيم ‪ ،‬ال تلتزم أي شركة من الشركات المكونة لمجموعة‬
‫الشركات بشرط التحكيم المدرج بالعقد المبرم من جانب إحدى هذه الشركات فكل شركة‬

‫‪ 35‬طالل حسين محمد أبو مالك‪ ،‬رجوع المتضرر على شركة التأمين‪ :‬الدعوى المباشرة – دراسة مقارنة ‪ ، -‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني‬
‫‪ ،‬عدد ‪ ، 2016 ، 14‬ص ‪77‬‬
‫‪ 36‬طالل حسين محمد أبو مالك‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 37‬فؤاد معالل ‪ ،‬الوسيط في قانون التأمين ‪ ،‬دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية الجديدة ‪ ،‬دار األفاق المغربية للنشر و التوزيع ‪،‬‬
‫الدار البيضاء ‪ ،2011‬ص‪. 173‬‬

‫‪21‬‬
‫من الشركات المكونة للمجموعة تتمتع بشخصية قانونية مستقلة تجعلها من الغير بالنسبة‬
‫للعقد الذي تبرمه شركة أخرى تنتمي لهذه المجموعة ذاتها‪.38‬‬
‫ولكن هناك اتجاها ملموسا على صعيد األحكام القضائية وأحكام التحكيم يميل إلى مد شرط‬
‫التحكيم الذي تم قبوله صراحة من بعض الشركات المكونة لمجموعة الشركات إلى‬
‫الشركات أألخرى التي تنتمي إلى المجموعة نفسها ملتمسة في ذلك وسائل قانونية عدة‬
‫إلضفاء الشرعية لهذا االمتداد ‪ ،‬ولكن إذا كانت بعض أحكام التحكيم قد استندت إلى مد‬
‫شرط التحكيم في نطاق مجموعة الشركات إلى فكرة الحلول أو االشتراط لمصلحة الغير أو‬
‫الوكالة الظاهرة أو االستناد إلى الطابع االقتصادي الموحد لهذه المجموعة والمعترف بها‬
‫في العادات التجارية الدولية‪ ،‬إال أن أغلب األحكام قد استندت في هذا الصدد إلى ارتضاء‬
‫الغير الضمني بشرط التحكيم من خالل تدخله في العقد المدرج به هذا الشرط في أي‬
‫مرحلة من مراحل بصورة تجعله يظهر بمثابة طرف فيه وفقا لإلرادة المشتركة لجميع‬
‫األطراف في العقد‪.‬‬
‫فالمسألة متعلقة بتفسير إرادة كل من الشركة الموقعة على العقد المتضمن لشرط التحكيم‬
‫والشركة األخرى التي تنتمي إلى المجموعة ذاتها‪.‬‬
‫فالدور الذي لعبه الغير (الشركة غير الموقعة على الشرط) في إبرام العقد المتضمن للشرط‬
‫أو فسخه يفسر من القضاء بقبول ضمني لهذا الغير للشرط وانصراف إرادة األطراف‬
‫الموقعين على العقدة الذي ورد به هذا الشرط إلى التزام الغير به فاالجتهاد التحكيمي‬
‫الدولي كما االجتهاد القضائي الفرنسي كرسا فكرة مجموعة الشركات المترابطة كعرف من‬
‫أعراف التجارة الدولية وأجازا من خالل ثبوت ترابط المصالح وظهور إرادة حقيقية من‬
‫شركات تنتمي إلى مجموعة واحدة وإن لم توقع العقد المتضمن للشرط لكنها لعبت دورا‬
‫ملموسا في مفاوضات إبرامه وتنفيذه وفسخه مد أثر الشرط التحكيمي في مواجهاتها‪،‬‬
‫متجاوزين بذلك حاجز تمتع كل شركة في المجموعة بشخصية معنوية مستقل‪.39‬‬
‫ب‪-‬شرط التحكيم ومجاميع العقود‪:‬‬

‫في نطاق مجاميع العقود تبرم عدة عقود تكون بينها روابط بالنظر لموضوعها أو بالنظر‬
‫إلى العالقة بينها كما في حاالت النقل البحري المتتابع والنقل البحري بواسطة ناقل متعاقد ‪.‬‬
‫حيث قد يتفق الناقل مع الشاحن على أن يتولى نقل البضاعة إلى نقطة معينة ثم يسلم‬
‫البضاعة إلى ناقل ثان لينقلها بدوره إلى نقطة الحقة ثم يسلمها هذا الناقل إلى ناقل ثالث‪،‬‬

‫‪ 38‬أسامة التوزاني ‪ ،‬أثر شرط التحكيم بالنسبة للغير‪ ،‬مقال منشور بمجلة مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪ ، 2‬سنة ‪،2016‬‬
‫ص ‪.62‬‬
‫‪ 39‬أسامة التوزاني ‪ ،‬م‪.‬س ص ‪.63‬‬

‫‪22‬‬
‫وهذا إلى الرابع‪ ،‬و هكذا بالتتابع حتى تصل البضاعة إلى ميناء الوصول ويطلق على النقل‬
‫البحري في هذا الغرض " النقل المتتابع البحري " وفيه يتفق الشاحن مع الناقل أألول على‬
‫نقل بضاعة بموجب عقد واحد يغطي الرحلة بأكملها‪ ،‬حيث يصدر الناقل أألول سند شحن‬
‫واحد لكل عمليات النقل المتتابع يذكر فيه ميناء التفريغ النهائي مع حفظ حق الناقل ‪،‬في‬
‫تغيير السفينة‪ ،‬ويسمى سند الشحن في هذه الحالة بسند الشحن المباشر وهو سند نقل يتعهد‬
‫فيه الناقل أألول بنقل البضاعة في جزء من الرحلة بأدواته الخاصة ويعهد بتكملة األجزاء‬
‫التالية إلى ناقل أو ناقلين آخرين حيث يتولى هذا الناقل األول إبرام عقد النقل الثاني أو‬
‫عقود النقل التالية إن تعددت فلو تضمن سند الشحن المباشر شرط تحكيم فإنه ال يقتصر فقط‬
‫على الناقل أألول بل يمتد ليشمل كل الناقلين الالحقين وهذا ما نقصد به بامتداد شرط‬
‫التحكيم إلى الغير في نطاق مجاميع‪. 40‬‬

‫المرجع نفسه ص ‪.64‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪23‬‬
‫الخاتمة‬

‫في ختام هذه الدراسة يمكن القول إن مبدأ سلطان اإلرادة عرف تأثرا كبيرا على إثر‬
‫التحوالت االقتصادية التي شهدها العالم في الفترة الراهنة علما ما يكتسيه هذا المبدأ من‬
‫اهمية كبرى في إبرام العقود سواء على مستوى تكوين العقد من خالل تعبير كل متعاقد عن‬
‫اراد ته حيث تطورت اساليب التعبير عن اإلرادة خاصة مع بروز العقد اإللكتروني او على‬
‫مستوى االثار القانونية المترتبة عن مبدأ سلطان اإلرادة والتي أثرت سلبا على الطرف‬
‫الضعيف حيث يكون ملزما بتطبيق بنود العقد على الرغم من كونها تعسفية او مجحفة‪.‬‬
‫وبخصوص القوة الملزمة للعقد فقد ابانت عن عجزها وقصورها في حماية المتعاقد خاصة‬
‫امام ظهور أشكال جديدة للتعاقد تكتسي طابع االذعان وتحمل في طياتها شروطا وبنودا‬
‫تعسفية ولما ذلك من اثار جانبية على حرية التعاقد‪.‬‬
‫اما عن حماية المستهلك في إطار إبرام العقود فيعد من الواجبات االساسية للدولة الحديثة‬
‫والتي يقع على عاتقها مسؤولية ضمان تقديم السلع والخدمات من طرف المهنيين المستهلكين‬
‫في منأى عن كل شطط او تعسف حيث ادى تطور نظرية العقد الي قيام المشرع المغربي‬
‫بإعادة النظر في القواعد والقوانين المشبعة بمبدأ سلطان اإلرادة وتدخل المشرع لحماية‬
‫الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية وتحقيق نوع من التوازن بين االطراف‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫الكتب العامة والخاصة‪:‬‬
‫نجيم أهتوت‪ ،‬النظرية العامة لاللتزامات‪ ،‬الجزء االول‪ ،‬مطبعة القيس العروي‪ ،‬الناظور‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫االولى‪ ،‬سنة ‪2019‬‬
‫عبد الكريم شهبون في الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية وفق القانون رقم ‪ ،39.08‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫الثانية‪2017 ،‬‬
‫وفاء جوهر‪ ،‬قانون الشغل بالمغرب‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‬ ‫‪-‬‬
‫‪2018‬‬
‫فؤاد معالل ‪ ،‬الوسيط في قانون التأمين ‪ ،‬دراسة تحليلية على ضوء مدونة التأمينات المغربية‬ ‫‪-‬‬
‫الجديدة ‪ ،‬دار األفاق المغربية للنشر و التوزيع ‪ ،‬الدار البيضاء ‪،2011‬‬
‫مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزامات والعقود المغربي‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫مصادر االلتزام‪ ،‬دون ذكر الطبعة والمطبعة‬
‫محمد كشبور‪ ،‬بيع العقار بين الرضائية والشكلية دراسة في أحكام الفقه اإلسالمي وفي القانون‬ ‫‪-‬‬
‫الوضعي وفي مواقف القضاء‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪1997 ،‬‬
‫البحوث والرسائل والدكتوراه‪:‬‬
‫إيمان بنشانة ‪ ،‬الحماية القانونية للمستهلك من الشروط التعسفية ‪ ،‬بحث نهاية تكوين الملحقين‬ ‫‪-‬‬
‫القضائيين ‪ ،‬المعهد العالي للقضاء ‪ ،‬الرباط ‪ ،‬سنة ‪، 2014‬‬
‫بن ناجر وفاء ة بن شعالل نسمة‪ ،‬مبدأ نسبية العقد‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫تخصص القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد الرحمن ميرة‪ ،‬بجاية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم‬
‫القانون الخاص‪ ،‬السنة الجامعية ‪2019/2018‬‬
‫ريم عبد الباقي حمزة‪ ،‬القوى الملزمة للعقد‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫جامعة النبيلين‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬سنة ‪2017‬‬
‫حليس لخضر‪ ،‬مكانة اإلرادة في ظل تطور العقد‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون‬ ‫‪-‬‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة أبي بكر بلقايد ‪-‬تلمسان‪ -‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2015‬‬
‫معاذ البراهمي‪ ،‬مبدأ سلطان اإلرادة على ضوء التحوالت االقتصادية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة‬ ‫‪-‬‬
‫الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية –فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2018_2017‬‬
‫عثماني بالل‪ ،‬أطراف العقد المدني بين الحق في تحقيق المصلحة الشخصية وااللتزام بتحسين‬ ‫‪-‬‬
‫النية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم‪ ،‬تخصص القانون‪ ،‬جماعة مولود معمري‬
‫تيزي وزو‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬سنة ‪2018‬‬

‫مقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬المعزوز البكاي‪ ،‬بعض مظاهر اضطراب النظرية العامة للعقد‪ ،‬مجلة القانون المدني‪ ،‬العدد‬
‫الثالث‬

‫‪25‬‬
‫عبد الكريم غيوان‪ ،‬أثر التحوالت االقتصادية على النظرية العامة لاللتزام‪ ،‬مبادئ مؤسسة العقد‬ ‫‪-‬‬
‫بين الثابت والمتغير في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬مقال منشور بمجلة منازعات االعمال‪ ،‬عدد‬
‫‪2017 ،27‬‬
‫خالد بامو ‪ ،‬مبدأ سلطان اإلرادة و االستثناءات الواردة عليه في القانون المغربي ‪ ،‬مقال منشور‬ ‫‪-‬‬
‫بموقع العلوم القانونية‬
‫حسن أساكتي ‪ ،‬صباح كوتو ‪ ،‬حق المستهلك في التراجع عن العقد ‪ ،‬مقال منشور بمجلة القانون‬ ‫‪-‬‬
‫و األعمال ‪ ،‬عدد ‪، 11‬سنة ‪2016‬‬
‫سكينة الحرفي ‪ ،‬مؤثرات قانون المنافسة على القوة الملزمة للعقد ‪ ،‬مقال منشور بمجلة األبحاث‬ ‫‪-‬‬
‫و الدراسات القانونية ‪ ،‬عدد ‪2020 ،14‬‬
‫أبو بكر مهم ‪ ،‬المساس بالمنافسة داخل السوق ‪ ،‬دراسة في ضوء المادة ‪ 6‬من القانون رقم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 104.12‬المتعلق بحرية األسعار و المنافسة ‪ ،‬مقال منشور بمجلة القضاء التجاري ‪ ،‬العدد‬
‫‪ ، 11_12‬سنة ‪2018‬‬
‫محمد محروك‪ ،‬في بعض مظاهر الدعوى المباشرة وأسسها القانونية في التشريع المغربي‪ ،‬مقال‬ ‫‪-‬‬
‫منشور بالمجلة المغربية للدراسات القانونية والقضائية عدد ‪ 4‬سنة ‪.2010‬‬
‫طالل حسين محمد أبو مالك‪ ،‬رجوع المتضرر على شركة التأمين‪ :‬الدعوى المباشرة – دراسة‬ ‫‪-‬‬
‫مقارنة ‪ ، -‬مقال منشور بمجلة القضاء المدني ‪ ،‬عدد ‪، 2016 ، 14‬‬
‫أسامة التوزاني ‪ ،‬أثر شرط التحكيم بالنسبة للغير‪ ،‬مقال منشور بمجلة مجلة المتوسط للدراسات‬ ‫‪-‬‬
‫القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪ ، 2‬سنة ‪،2016‬‬
‫المحاضرات‪:‬‬
‫‪ -‬محمد الربيعي‪ ،‬محاضرات في نظرية العقد‪ ،‬ألقيت على طلبة السداسي الثاني‪ ،‬جامعة القاضي‬
‫عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بمراكش‪ ،‬سنة ‪2014/2013‬‬
‫النصوص القانونية‪:‬‬
‫‪ -‬ظهير ‪ 9‬رضمان ‪ 1331‬الموافق ل ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫المنشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 46‬بتاريخ ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬ص‪78‬‬
‫‪ -‬ظهير شريف رقم ‪ 1.11178‬صادر في ‪ 25‬من ذي الحجة ‪ 1432‬بتنفيذ القانون رقم ‪39.08‬‬
‫المتعلق بمدونة الحقوق العينية‪ ،‬صادر في الجريدة الرسمية عدد ‪ 5998‬بتاريخ ‪ 27‬ذو الحجة‬
‫‪ ،1432‬ص ‪.5587‬‬

‫المواقع االلكترونية‪:‬‬
‫‪www.marocdroit.com -‬‬

‫‪26‬‬
‫الفهرس‬

‫المقدمة ‪2 .............................................................................................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬المبادئ التقليدية لنظرية العقد ‪4 .................................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة ‪4 .............................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تعريف مبدأ سلطان اإلرادة ‪4 ..................................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة في القوانين الرومانية ‪5 ..................................................... .‬‬
‫ثانيا ‪-:‬مبدأ سلطان اإلرادة في النظام الكنسي ‪6 ............................................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬مبدأ سلطان اإلرادة في قانون ظهير والعقود المغربي‪6 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مظاهر حماية المصلحة الشخصية للمتعاقد ‪7 ................................................‬‬
‫أوال ‪ :‬الحرية التعاقدية ‪7 ......................................................................................‬‬
‫ثانيا ‪ :‬حدود الحرية التعاقدية ‪8 ...............................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته ‪9 ..............................................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬مبدأ القوة الملزمة للعقد ‪9 .......................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية ‪ :‬مبدأ نسبية العقد ‪11 .............................................................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬االسس الحديثة لنظرية العقد في ظل التطورات االقتصادية ‪13 .............................‬‬
‫المطلب االول‪ :‬تراجع مبدأ سلطان اإلرادة ‪13 ...................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬تأثير المؤسسة التشريعية على مبدأ سلطان اإلرادة ‪13 ....................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تأثير المؤسسة القضائية على مبدأ سلطان اإلرادة‪14 .......................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الخروج عن مبدأ القوة الملزمة للعقد ونسبيته‪16 .............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬التوسع في االعتداء على مبدأ القوة الملزمة للعقد ‪16 ......................................‬‬
‫أوال‪ :‬حق التراجع عن العقد في إطار قانون ‪16 ................................................31. 08‬‬
‫ثانيا‪ :‬تأثير قانون حرية األسعار والمنافسة على مبدأ القوة الملزمة للعقد ‪18 ..........................‬‬
‫ثالثا‪ :‬استقالة األجير ‪19 .......................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬انهيار مبدأ نسبية العقد ‪20 ......................................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تأثير الدعوى المباشرة في التأمين من المسؤولية على مبدأ نسبية أثار العقد ‪20 ..............‬‬
‫ثانيا‪ :‬امتداد شرط التحكيم إلى الغير ‪21 ....................................................................‬‬
‫الخاتمة ‪24 ...........................................................................................................‬‬

‫‪27‬‬
‫الئحة المراجع ‪25 ...................................................................................................‬‬

‫‪28‬‬

You might also like