You are on page 1of 32

‫ر‬

‫ماست منازعات األعمال – الفوج الحادي عش‬


‫وحدة‪ :‬منازعات الشكات التجارية‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫تحـ ـت إش ـ ـراف‪:‬‬ ‫ان ـ ـجاز الـ ـطلـ ـبة‪:‬‬


‫ذ‪ .‬فؤاد معالل‬ ‫بـدر أيهـوض‬
‫أنـس بـوزيـان‬
‫مجموعة الظل‬

‫السنة الجامعية ‪2023-2022‬‬


‫‪1‬‬
‫الئحة المخترصات‪:‬‬

‫ق‪.‬ش‪.‬م‪ :‬قانون شكات المساهمة (قانون ‪)17.95‬‬ ‫•‬


‫ر‬
‫باق الشكات (قانون ‪)05.96‬‬‫ق‪.‬ب‪.‬ش‪ :‬قانون ي‬ ‫•‬
‫ق‪.‬ل‪.‬ع‪ :‬قانون ر ز‬
‫االلتامات والعقود‬ ‫•‬
‫م‪.‬س‪ :‬مرجع سابق‬ ‫•‬
‫ص‪ :‬الصفحة‬ ‫•‬

‫‪2‬‬
‫مـقـدمـة‪:‬‬
‫تشكل الشركات التجارية عماد اقتصاديات جميع الدول بدون استثناء‪ ،‬باعتبارها األدوات األكثر‬
‫قدرة والهياكل األك ثر استيعابا للعديد من المشاريع المالية والتجارية واالقتصادية‪ ،1‬وهذا ما فرض‬
‫على مختلف التشريعات – بما فيها التشريع المغربي ‪ -‬وضع تنظيم محكم لمختلف جوانبها خاصة‬
‫خالل مرحلة تأسيسها وتكوينها‪ .‬ومن ثم فإن تأسيس الشركة يتطلب ضرورة احترام مجموعة من‬
‫الشروط واتباع مجموعة من اإلجراءات المحددة قانونا والتي تنتهي باكتسابها – أي الشركة –‬
‫للشخصية المعنوية التي تخولها اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪ ،‬حتى يقوم هذا الشخص‬
‫االعتباري بشكل سليم وخال من الشوائب والعيوب التي قد تعترض حياته فيما بعد‪.‬‬
‫ويترتب عن عدم احترام اإلجراءات الشكلية واألركان والشروط الموضوعية المتطلبة قانونا‬
‫اختالل في تأسيس الشركة ي حول دون اعتبارها قائمة بشكل صحيح‪ ،‬مما قد يعرضها في كثير من‬
‫الحاالت لجزاء البطالن وبالتالي موتها وهي ال زالت في مهدها‪ ،‬وهو ما يخول إمكانية مساءلة‬
‫المؤسسين واألعضاء األوليين في أجهزة اإلدارة أو التدبير أو التسيير عن هذا االختالل‪.‬‬
‫وبالنظر لما الختالل الشركة أ ثناء مرحلة تأسيسها‪ ،‬التي تعد مرحلة حساسة ومفصلية في حياتيها‬
‫ووجودها‪ ،‬من آثار وخيمة سواء على الشركة نفسها التي تصبح عرضة للزوال من الحياة االقتصادية‬
‫أو على الشركاء أو على األغيار المتعاملين معها وبالتالي على االقتصاد الوطني ككل‪ ،‬تدخل المشرع‬
‫المغربي محاوال ا لحد بقدر اإلمكان من االختالالت التي تطال تأسيس الشركة من أجل ضمان‬
‫استمراريتها والحفاظ على مختلف المصالح المرتبطة بها‪.‬‬
‫ولم يعرف قانون الشركات الجديد الشركة التجارية‪ ،‬غير أنه وبالرجوع إلى ق‪.‬ل‪.‬ع نجده قد أورد‬
‫تعريفا للشركة في الفصل ‪ 982‬منه‪ ،‬وذلك بقوله أن «الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر‬
‫أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم بقصد تحقيق الربح الذي قد ينشأ عنها»‪.2‬‬
‫أما إجراءات التأسيس‪ ،‬فيقصد بها مجموعة من الخطوات واإلجراءات والتصرفات والشروط‬
‫المحددة قانونا ولتي يتعين على المؤسسين احترامها واتباعها قصد الوصول إلى ميالد شخص‬
‫اعتباري جديد هو الشركة‪ ،‬وقيامها سليمة من كل العيوب والشوائب‪.‬‬
‫وهكذا نكون أمام اختالل تأسيس الشركة عندما ال يتم احترام إجراء من إجراءات التأسيس الشكلية‬
‫أو الشروط واألركان الموضوعية التي يفرضها القانون‪ ،‬بحيث يؤدي ذلك إلى عدم قيام الشركة من‬

‫‪ 1‬عالل فالي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الجزء األول‪ :‬المقتضيات العامة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2019‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 2‬لقد أصبح هذا التعريف متجاوزا نوعا ما بالنظر لالنتقادات التي وجهت إليه لما يعتريه من قصور‪ ،‬حيث يرى بعض الفقه أن نظرية العقد تبقى‬
‫قاصرة على استيعاب اآلثار القانونية الناتجة عن تكوين الشركة‪ ،‬فضال عن أن هذا التعريف لم يعد قادرا على استيعاب بعض أنواع الشركات‬
‫التي ال يمكن اعتبارها عقدا كالشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد وشركة األسهم المبسطة ذات الشريك الوحيد‪.‬‬
‫من هنا أثير النقاش حول هل الشركة هي فعال عقد أم أنها نظام قانوني‪ ،‬حيث أصبحت تعامل الشركة على أنها نظام قانوني أكثر منه كعقد‪.‬‬
‫‪ -‬للمزيد من التفاصيل راجع‪ - :‬فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬الشركات التجارية‪ ،‬مطبعة األمنية الرباط‪،‬‬
‫الطبعة الرابعة ‪ ،2012‬ص ‪ 21‬إلى ‪.23‬‬

‫‪3‬‬
‫األساس وعدم اكتسابها للشخصية المعنوية (كما لو لم يتم قيدها في السجل التجاري)‪ ،‬أو إلى جعل‬
‫الشركة ‪-‬رغم قيامها‪ -‬قائمة على أسس معيبة‪.‬‬
‫إن التدخل التشريعي على مستوى اختالالت تأسيس الشركة لم يأتي دفعة واحدة وإنما على مراحل‬
‫مختلفة وفقا لتطور النصوص القانونية المنظمة للشركات التجارية‪ ،‬وما تضمنته هذه النصوص من‬
‫قواعد بخصوص إجراءات تأسيس الشركة‪ .‬فخالل مرحلة الحماية كانت الشركات التجارية تخضع‬
‫لظهير ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬المتعلق بالقانون التجاري‪ ،1‬كما كان عقد الشركة يخضع التفاقات األطراف‬
‫ولقانون االلتزامات والعقود‪ 2‬خاصة الفصول من ‪ 982‬إلى ‪ 1021‬منه المضمنة في الباب الثاني من‬
‫القسم السابع والمتعلقة بالقواعد المشتركة بين الشركات المدنية والتجارية‪.‬‬
‫ومن أجل تجاوز القصور الذي أبانا عنه هذين النصين في تنظيم الشركات التجارية‪ ،‬صدر ظهير‬
‫‪ 11‬غشت ‪ 31922‬الذي تم بمقتضاه تطبيق القانون الفرنسي المؤرخ في ‪ 24‬يوليوز ‪ 1867‬المتعلق‬
‫بشركات األسهم‪ 4‬بالمغرب‪ ،‬مع بعض التعديالت التي أدخلت عليه‪.‬‬
‫وقد تميزت هذه المرحلة بكون تشريعاتها اعتبرت عقد الشركة قائما بذاته بمجرد توافر أركانه‬
‫الموضوعية العامة والخاصة‪ ،‬حيث تقوم الشركة حتى قبل تسجيلها في السجل التجاري أو بدون هذا‬
‫التسجيل‪ ،5‬كما عرفت هذه المرحلة كذلك كثرة اختالالت التأسيس الموجبة لبطالن الشركة خاصة تلك‬
‫التي كان منصوصا عليها في الفصلين ‪ 41‬و‪ 59‬من ظهير ‪ 1922‬سالف الذكر‪ ،‬وذلك نابع أساسا من‬
‫اإلحالة على القوانين الفرنسية دون مراعاة متطلبات الواقع االقتصادي المغربي‪ ،‬الشيء الذي نتج‬
‫عنه كثرة األحكام القاضية ببطالن الشركة أثناء مرحلة تأسيسها‪.‬‬
‫وأمام هذا الوضع الذي كان يؤدي إلى إقبار العديد من الشركات التجارية بسبب اختالل في عملية‬
‫تأسيسها ومن ثم ضياع العديد من االستثمارات وفرص التشغيل التي كان من الممكن أن توفرها هذه‬
‫الشركات‪ ،‬وجد المشرع المغربي نفسه ملزما بإعادة النظر في ترسانته القانونية المنظمة للشركات‬
‫التجارية خاصة فيما يتعلق بتأسيسها من أجل تدارك القصور المذكور‪ ،‬وهو ما تأتى له من خالل‬
‫إصدار القانونين ‪ 617.95‬المتعلق بشركات المساهمة و‪ 75.96‬المتعلق بباقي الشركات التجارية‪ ،‬حيث‬
‫تم بموجبهما إعادة النظر في العديد من القواعد المرتبطة بإجراءات التأسيس خاصة الشروط‬

‫‪ 1‬والذي نظم شركة المساهمة وشركة التضامن وشركة التوصية وشركة المحاصة في القسم الرابع من الكتاب األول منه‪.‬‬
‫‪ 2‬قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪.)1913‬‬
‫‪ 3‬الظهير المؤرخ في ‪ 18‬ذي الحجة ‪ 11( 1340‬غشت ‪ )1922‬القاضية بتطبيق القانون الفرنسي المؤرخ في ‪ 24‬يوليوز ‪ 1867‬المتعلق بشركات‬
‫األسهم‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 29‬غشت ‪.1922‬‬
‫‪ 4‬أي شركات التوصية باألسهم والشركات مجهولة االسم (شركات المساهمة)‪.‬‬
‫‪ 5‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬الشركة في طور التأسيس‪ :‬الوضع القانوني والتدابير الحمائية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪:‬‬
‫قانون التجارة واألعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – السويسي الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2012/2011‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 6‬القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات المساهمة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.96.124‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬ربيع اآلخر ‪30( 1417‬‬
‫أغسطس ‪ ،)1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4422‬بتاريخ ‪ 4‬جمادى اآلخرة ‪ 17( 1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬ص ‪.2320‬‬
‫‪ 7‬القانون رقم ‪ 5.96‬المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية باألسهم وشركة األسهم المبسطة والشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة وشركة المحاصة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.49‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬شوال ‪ 13( 1417‬فبراير ‪ ،)1997‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 4478‬بتاريخ ‪ 23‬ذي الحجة ‪( 1417‬فاتح ماي ‪ ،)1997‬ص ‪.1058‬‬

‫‪4‬‬
‫الموضوعية الخاصة (مثال تمت إعادة النظر في الحد األدنى للمساهمين في شركة المساهمة الذي‬
‫كان ‪ 7‬مساهمين فأصبح القانون الجديد يتطلب فقط ‪ 5‬مساهمين كحد أدنى) واإلجراءات الشكلية‪،‬‬
‫فأصبح مثال قيام الشركة وميالدها كشخص اعتباري يرتبط أساسا بإجراء القيد في السجل التجاري‬
‫بالنسبة لكل الشركات ما عدا شركة المحاصة‪ ،‬كما حاول المشرع المغربي الحد بقدر اإلمكان من‬
‫االختالالت التي تطال تأسيس الشركة‪ ،‬عن طريق إعادة النظر في نظام البطالن في إطار الشركات‬
‫التجارية فتم التقليص من نطاق هذا األخير ‪ -‬مقارنة مع القانون القديم ‪ -‬وإضفاء نوع من الخصوصية‬
‫على مستوى آثار هذا البطالن‪ ،‬وكذا إعطاء الفرصة لتداركه عن طريق آلية التسوية‪ ،‬كما تم التشديد‬
‫كذلك من المسؤولية القانونية للمؤسسين وأعضاء اإلدارة أو التدبير أو التسيير عن اختالل تأسيس‬
‫الشركة‪.‬‬
‫وهكذا فإنه اختالل تأسيس الشركة يجد أساسه القانوني بداية في النصوص القانونية المؤطرة‬
‫إلجراءات تأسيس الشركة‪ ،‬ويتعلق األمر بق‪.‬ل‪.‬ع خاصة الفصول ‪ 982‬إلى ‪ 987‬منه فيما يخص‬
‫اختالل األركان الموضوعية العامة‪ ،‬باإلضافة إلى العديد من المواد المتفرقة في قانوني الشركات‬
‫‪ 17.95‬و‪ ،5.96‬نذكر منها مثال المواد من ‪ 11‬إلى ‪ 33‬و‪ 337‬و‪ 339‬إلى ‪ 341‬و‪ 346‬و‪ 347‬ومن‬
‫‪ 349‬إلى ‪ 351‬ومن ‪ 378‬إلى ‪ 382‬و‪ 420‬ق‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬والمواد ‪ 5‬و‪ 50‬ومن ‪ 92‬إلى ‪ 98‬و‪ 106‬و‪108‬‬
‫و‪ 113‬و‪ 114‬من ق‪.‬ب‪.‬ش وغيرها من المواد‪.‬‬
‫ولموضوع "اختالل تأسيس الشركة" أهمية كبرى سواء على المستوى النظري أو على المستوى‬
‫العملي؛‬
‫حيث تبرز األهمية النظرية من خالل توجه المشرع نحو التقليص من أسباب بطالن الشركات‬
‫وفتح باب تدارك االختالالت التي تلحق تأسيسها‪ ،‬وذلك عبر رؤية جديدة تراعي تحقيق المرونة‬
‫والتبسيط الالزمين لضمان المحافظة على استمرار الشركة بل أكثر من ذلك تعزيزا لفرص قيامها‬
‫وذلك نظرا لخصوصية هذا الكيان القانوني (الشركة)‪ ،‬عوض الحكم ببطالنها‪ ،‬وعيا من المشرع‬
‫باآلثار السلبية التي ترتب على نظام البطالن‪ ،‬وإدراكا منه أن هذا األخير ليس هو الحل األنجع لمعالجة‬
‫هذه االختالالت‪.‬‬
‫أما األهمية العملية فتظهر جليا من خالل إلقاء نظرة على واقع الحياة االقتصادية بالمغرب‪ ،‬والتي‬
‫تعرف كثرة الشركات التي تعتريها اختالالت في تأسيسها نظرا لعدم احترام المؤسسين إلجراءات‬
‫التأسيس المفروضة قانونا يؤدي في معظم الحاالت إلى بطالن الشركة‪ ،‬بحيث يبقى هؤالء عاجزين‬
‫عن الخروج بالشركة إلى أرض الواقع‪ ،‬وما لذلك من آثار وخيمة على حقوق الشركاء واألغيار‬
‫واالقتصاد الوطني ككل‪ ،‬لهذا فإن الرؤية التشريعية التي أخد بها المشرع ان تحد من هذه األثار‬
‫الوخيمة التي يخلفها البطالن‪.‬‬
‫يتضح إذن أن هذا الموضوع يطرح إشكالية مركزية هامة يمكن صياغتها على الشكل التالي‪ :‬أي‬
‫ز‬
‫المغرب يق التعامل مع اختالالت تأسيس الشكة؟‬
‫ي‬ ‫توجه للمشع‬
‫وهي اإلشكالية التي تتفرع عنها التساؤالت التالية‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -‬ما هي مظاهر تقليص المشرع من اختالالت تأسيس الشركة؟‬
‫‪ -‬ما هي األليات الجديدة التي جاء بها المشرع للحد من البطالن الناجم عن اختالالت تأسيس‬
‫الشركة؟‬
‫‪ -‬ما هي اآلثار المترتبة عن هذه االختالالت؟‬
‫‪ -‬ما دور المسؤولية القانونية في الحد من هذه االختالالت؟‬
‫وفي إطار سعينا لإلجابة عن اإلشكالية المطروحة والتساؤالت المتفرعة عنها‪ ،‬ارتأينا االعتماد‬
‫على المنهج التحليلي باعتباره أكثر المناهج مالءمة لطبيعة الموضوع‪ ،‬وذلك قصد تحليل مضامين‬
‫مختلف النصوص القانونية المتعلقة به‪ ،‬وذلك وفق التصميم التالي‪:‬‬

‫الشكة وإمكانية تداركه‬ ‫من مجال اختالل تأسيس‬ ‫ر‬


‫التضييق ز‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫الشكة‬ ‫المبحث الثان ز ‪ :‬دور المسؤولية القانونية ف ز الحد ز‬
‫من اختالل تأسيس‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪6‬‬
‫الشكة وإمكانية تداركه‬ ‫من مجال اختالل تأسيس‬ ‫ر‬
‫التضييق ز‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫إن هاجس توفير حماية قانونية لمختلف المصالح المرتبطة بالشركة من شركاء وأغيار هو الذي‬
‫فرض على المشرع المغربي التدخل بنصوص قانونية آمرة تنظم إجراءات تأسيس الشركة ال مجال‬
‫لالتفاق على مخالفتها‪ .‬غير أن التشديد والتوسيع من نطاق اختالالت تأسيس الشركة الموجبة للبطالن‬
‫أكثر من الالزم من شأنه التأثير سلبا على االقتصاد الوطني عندما سيتم إقبار عدد كبير من الشركات‬
‫بسبب عدم احترام أو إغفال بعض إجراءات وشروط التأسيس‪ ،‬ومن ثم حرمان االقتصاد الوطني من‬
‫االستثمارات التي كانت ستجلبها تلك الشركات واليد العاملة التي كانت ستشغلها لمجرد أن خلال بسيطا‬
‫أصاب عملية تأسيسها‪.‬‬
‫كما أن األغيار الذين تعاملوا مع الشركة المختلة بحسن نية قد يتضررون كذلك من هذا الوضع‪،‬‬
‫حيث ستصبح التصرفات التي أبرمتها الشركة معهم في حكم العدم وبالتالي التأثير على استقرار‬
‫المعامالت‪.‬‬
‫وأمام هذه المعطيات عملت القوانين الجديدة للشركات التجارية على الحد من االثار الوخيمة‬
‫الختالالت تأسيس الشركة عن طريق التضييق من نطاق هذه االختالالت بقدر اإلمكان (المطلب‬
‫األول)‪ ،‬كما نصت من جهة أخرى على الحد من آثار البطالن الناجم عن اختالل تأسيس الشركة وفتح‬
‫قنوات لتدارك هذا االختالل (المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مظـاهــر التضييق من مجال اختــالل تأســيس الشــركة‬
‫كما قلنا سابقا‪ ،‬فإن المشرع المغربي تبنى مقاربة وتصور جديدين بمناسبة تعامله مع اختالل تأسيس‬
‫الشركة‪ ،‬حيث ضيق بشكل واضح من نطاق حاالت االختالل مقارنة بظهير ‪ 12‬غشت ‪( 1922‬الفقرة‬
‫األولى)‪ ،‬كما يظهر هذا التضييق أيضا من خالل حصر االختالالت الموجبة لبطالن الشركة في‬
‫حاالت معدودة على رأس األصابع (الفقرة الثانية)‪ ،‬والكل يصب في الهدف األسمى المتمثل في الحفاظ‬
‫على الشركة ككيان قانوني واقتصادي واجتماعي‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التضييق من حاالت اختالل تأسيس الشكة مقارنة بالقانون القديم‬
‫يميل االتجاه التشريعي الحديث إلى تضييق حاالت اختالل تأسيس الشركة الموجبة للبطالن إلى‬
‫أبعد حد ممكن‪ ،‬ليصير البطالن جزاء حصريا أو استثنائيا على عدم تطبيق بنود وشروط تأسيس‬
‫الشركة‪ ،‬ال ينفذ إال في حاالت نادرة حين تكون المصالح األساسية التي يحميها القانون في خطر‪.1‬‬
‫وأول ما يوحي بذلك هو سعي مشرع القانون الجديد للشركات إلى التقليص من حاالت البطالن‬
‫بالمقارنة مع الحاالت الكثيرة التي كان ينص عليها ظهير ‪ 11‬غشت ‪ 1922‬المطبق لقانون ‪1867‬‬
‫الفرنسي في المغرب‪ ،‬حيث كان هذا القانون يقضي ببطالن الشركة في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تحرير النظام األساسي للشركة كتابة أو عدم إيداع هذا النظام‪.‬‬

‫نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.385‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪7‬‬
‫عدم االكتتاب في كامل مبلغ رأس المال ودفع مبلغ نقدي يمثل على األقل ربع قيمة األسهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم إثبات االكتتاب ودفع األموال في تصريح يضمن في رسم يحرره الموثق عدم اكتمال الحد‬ ‫‪-‬‬
‫األدنى القانوني لعدد المساهمين‪.‬‬
‫تداول األسهم النقدية قبل إيداع الربع من قيمتها‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم بقاء األسهم اسمية إلى غاية إكمال الوفاء بثمنها أو عدم أداء الحصص العينية بتمامها عند‬ ‫‪-‬‬
‫التأسيس‪.‬‬
‫عدم تقدير الحصص العينية تقديرا قانونيا صحيحا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بعقد جمع أو جمعين تأسيسيين وبتعيين المتصرفين‬ ‫‪-‬‬
‫األولين والمراقبين‪.‬‬
‫عدم احترام القوانين الخاصة بتعيين وعزل وكيل أو وكالء اإلدارة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫عدم انجاز إجراءات الشهر القانونية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫باإلضافة إلى مجموعة من االختالالت األخرى التي كان يرتب عليها المشرع بطالن الشركة إال‬
‫أنه بالرجوع إلى القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركة المساهمة نجد أن المشرع المغربي قد حذف‬
‫معظم ه ذه الحاالت التي كانت من قبل مناسبة للحكم بالبطالن عندما يتعلق االمر باختالالت أو عيوب‬
‫تنشأ خالل مرحلة تأسيس الشركة‪ ،1‬حيث تخلى القانون الجديد عن العديد من موجبات البطالن‬
‫المرتبطة باالختالالت التي تطال إجراءات التأسيس‪ ،‬ومنها مثال عدم تحرير النظام األساسي للشركة‬
‫كتابة أو عدم تضمينه البيانات القانونية وحالة عدم استيفاء إجراءات الشهر القانونية بالنسبة لشركات‬
‫المساهمة ‪.2‬‬
‫وبذلك فإن المشرع المغربي قلص وبشكل كبير من اختالالت التأسيس الموجبة لبطالن الشركة‬
‫على اعتبار أن ارتباط شركات من هذا الحجم بحقوق المساهمين والشركاء واألغيار والتشغيل‬
‫واالستثمار وسوق المال والحركة التجارية والصناعية والمالية عموما يجعل من العسير قبول إقبارها‬
‫والقضاء على وجودها لمجرد خلل أصاب عملية تأسيسها القانوني‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حرص حاالت اختالل تأسيس الشكة الموجبة للبطالن‬
‫إن أهم ما يميز التوجه التشريعي لقانون الشركات الجديد هو حصره لحاالت بطالن الشركة‪ ،‬وذلك‬
‫عن طريق تبنيه للبطالن النصي أو ما يعرف بقاعدة "ال بطالن بدون نص" وذلك من خالل المادة‬
‫‪ 337‬من ق‪.‬ش‪.‬م والتي أحالت عليها المادة األولى من ق‪.‬ب‪.‬ش‪.‬‬
‫حيث جاء في المادة ‪ 337‬المذكورة ما يلي‪« :‬ال يمكن أن يترتب بطالن شركة أو بطالن عقودها‬
‫أو مداوالتها المغيرة للنظام األساسي إال عن نص صريح من هذا القانون أو لكون غرضها غير‬
‫مشروع أو لمخالفته للنظام العام أو لقاعدة أمرة من هذا القانون ال يترتب على خرقها بطالن الشركة»‪.‬‬

‫نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.382‬‬ ‫‪1‬‬

‫أما بالنسبة لباقي الشركات فال زال يترتب البطالن عن عدم احترام الكتابة أو اختاللها‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪8‬‬
‫فمن خالل هذه المادة يتبين أن أول أساس قانوني لبطالن الشركة يتمثل في وجود نص صريح يقر‬
‫جزاء البطالن على عدم احترام مقتضى قانوني معين‪ ،‬وثاني األسباب هو خرق األركان الجوهرية‬
‫الالزمة لقيام الشركة‪.1‬‬
‫فبالنسبة للبطالن الناتج عن خرق األركان الجوهرية الالزمة لقيام الشركة‪ ،‬وبحكم أن الشركة تعتبر‬
‫عقدا ‪-‬كقاعدة عامة‪ -‬يبرم بين شخصين أو أكثر ذاتيين أو اعتباريين‪ ،‬وهذا العقد شأنه شأن كافة العقود‬
‫ال بد أن تتوفر فيه األركان العامة للتعاقد من رضا وأهلية ومحل وسبب‪ ،‬لذلك فإن بطالن الشركة‬
‫كمبدأ يخضع للقواعد العامة للبطالن الواردة في ق‪.‬ل‪.‬ع بخصوص اختالل األركان الموضوعية‬
‫العامة‪.‬‬
‫وهكذا فمن عيبت إرادته أو دلس عليه أو وقع في غلط او إكراه‪ ،‬فإن ذلك يفتح له باب المطالبة‬
‫بإبطال العقد‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا إلى أن خصوصية الشركة تجعل من النادر تصور تعيب إرادة‬
‫الشريك وبالتالي اختالل ركن الرضا‪ ،‬فحاالت التدليس والغلط واإلكراه مستبعدة وقليلة الوقوع عمليا‬
‫على اعتبار أن تأسيس الشركة يتطلب استيفاء الكثير من اإلجراءات والقيام بالعديد من المشاورات‬
‫قبل تأسيسها كما أن ذلك يكون مرفقا في الغالب بتعارف مسبق و ثقة متبادلة بين الشركاء‪ ،‬و يكون‬
‫الشريك ملزما بالتوقيع على النظام األساسي للشركة بعد المساهمة في تحريره أو حضور هذه العملية‪،‬‬
‫أو على األقل قراءة مضمونه قبل التوقيع عليه‪ ،‬كما أنه هذا النظام األساسي يتضمن مجموعة من‬
‫البيانات اإللزامية التي تسعف الشريك على معرفة كافية بالشركة ومركزه فيها ومراكز باقي الشركاء‬
‫م عه‪ ،‬من قبيل شكل الشركة ومدتها وتسميتها ومقرها االجتماعي وغرضها ومبلغ رأسمالها وحصة‬
‫الشركاء فيها وبيان قيمتها إن كانت عينية‪...‬الخ‪.2‬‬
‫أما بخصوص األركان الموضوعية الخاصة (تعدد الشركاء‪ ،‬المشاركة في رأسمال الشركة‪ ،‬تقسيم‬
‫األرباح والخسائر‪ ،‬نية المشاركة) فيترتب على تختلفها هي األخرى بطالن الشركة مبدئيا‪ ،‬إال أن ما‬
‫تجدر اإلشارة إليه هو أنه وإن كان الفصل ‪ 982‬ق‪.‬ل‪.‬ع قد تطلب في الشركة شريكين فأكتر‪ ،‬فإن‬
‫بعض الشركات عرفت خصوصية على هذا المستوى كما هو الشأن بالنسبة للشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة وشركة األسهم المبسطة والتي يمكن أن تتضمن شريكا واحدا‪ ،‬ومن ثم ال تبطل إذا اختل‬
‫ركن تعدد الشركاء‪.‬‬
‫كما أنه وطبقا للقواعد العامة إذا كان الركن المتخلف يجعل العقد قابل لتكييف آخر فإنه يسار إلى‬
‫إعمال قواعد ذلك العقد‪ ،‬ومن أمثلة ذلك الحالة التي تغيب فيها نية المشاركة‪ ،‬فقد يكيف العقد هنا على‬
‫أنه عقد عمل مع االشتراك في األرباح إذا توفرت شروط ذلك‪ ،‬وفي هذا تطبيق لنظرية تحول العقد‬
‫التي تقضي بأنه إذا توافر في العقد الباطل من الشروط ما يصح به عقد آخر جرت به قواعد ذلك العقد‬
‫(الفصل ‪ 309‬ق‪.‬ل‪.‬ع)‪.3‬‬

‫‪ 1‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ 2‬المواد ‪ 2‬و‪ 12‬ق‪.‬ش‪.‬م والمواد ‪ 5‬و‪ 23‬و‪ 50‬ق‪.‬ب‪.‬ش‪.‬‬
‫‪ 3‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.39‬‬

‫‪9‬‬
‫أما بالنسبة لعنصر األهلية‪ ،‬فال يترتب عن اختاللها بطالن الشركة إال في حالتين تشكالن تطبيقا‬
‫لقاعدة البطالن النصي‪ ،‬ويتعلق األمر بحالة إبرام الشركة بين قاصر ونائبه القانوني‪ ،‬وكذا حالة انعدام‬
‫أهلية جميع المؤسسين‪.‬‬
‫✓ إبرام الشركة بين قاصر ونائبه‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 984‬من ق‪.‬ل‪.‬ع نجده يمنع قيام الشركة بين القاصر (ولو كان مأذونا له‬
‫بممارسة التجارة) وبين نائيه القانوني سواء كان ابوه الولي عنه أو كان الوصي أو المقدم عليه وذلك‬
‫ضمانا لعدم استغالل هؤالء ألموال القاصر لمصلحتهم في شكل شركة تجمعهم به‪ ،‬وإذا ما تم إنشائها‬
‫فإنه ال يعتد بها وتكون باطلة قانونا‪.‬‬
‫✓ انعدام األهلية لدى كافة المؤسسين‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪337‬من ق‪.‬ش‪.‬م ‪-‬التي تمت اإلحالة عليها بموجب المادة األولى من ق‪.‬ب‪.‬ش‪-‬‬
‫نجدها تقضي صراحة بجعل انعدام األهلية موجبا للبطالن‪ ،‬شريطة أن يرتبط هذا االنعدام بكافة‬
‫المؤسسين‪ ،‬والمالحظ هنا أن حظوظ تحقق هذا السبب في الواقع العملي نادرة جدا‪ ،‬إذ من المستبعد‬
‫جدا‪ ،‬إن لم يكن مستحيال‪ ،‬أن يكون كل المؤسسين منعدمي األهلية‪ ،‬مما يجعله سببا نظريا واحتماليا‬
‫أكثر منه سببا جديا‪ ،‬ذلك أن تمام أهلية أحد المؤسسين يطهر عملية التأسيس من جزاء البطالن‪.‬‬
‫وبالتالي يبدو جليا أن المشرع تخلى عن نظام البطالن النسبي الذي تتجسد أحكامه بصفة أساسية‬
‫في تمكين من تعيب رضاه أو عديم األهلية – بغض النظر عن أهلية الطرف األخر‪ -‬من االحتجاج‬
‫باإلبطال المترتب عن ذلك‪ ،‬ولو في مواجهة الغير حسن النية‪.1‬‬
‫كذلك من بين الحاالت التي تعتبر تطبيقا لقاعدة البطالن النصي نجد عدم احترام شكلية الكتابة أي‬
‫عدم تأريخ النظام األساسي أو عدم تضمنيه البيانات األساسية بالنسبة لشركة التضامن والتوصية‬
‫البسيطة والتوصية باألسهم واألسهم المبسطة وذات المسؤولية المحدودة وذلك طبقا للمادتين ‪ 5‬و‪50‬‬
‫من ق‪.‬ب‪.‬ش‪.‬‬
‫أما بالنسبة لشركة المساهمة فإن المشرع تعامل معها على نحو مختلف‪ ،‬حيث لم يرتب عن تخلف‬
‫أحد البيانات األساسية في نظامها األساسي أو عدم تأريخه البطالن‪ ،‬إذ أن المادة ‪ 12‬من ق‪.‬ش‪.‬م‬
‫تقضي بأنه إذا لم يتضمن النظام األساسي كل البيانات المتطلبة قانونيا وتنظيميا أو أغفل القيام بأحد‬
‫اإلجراءات التي تنص عليها فيما يخص تأسيس الشركة أو تمت بصورة غير قانونية‪ ،‬يخول لكل ذي‬
‫مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحث طائلة غرامة تمهيدية‪ ،‬كما يمكن‬
‫للنيابة العامة التقدم بنفس الطلب‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.399‬‬

‫‪10‬‬
‫وتتقادم دعوى التسوية هذه بمرور ‪ 3‬سنوات ابتداء من تقييد الشركة في السجل التجاري أو من‬
‫تقييد التغيير في ذلك السجل وإلحاق العقود المغيرة للنظام األساسي به‪ .‬وانقضاء هذا األجل يترتب‬
‫عنه تحصين العيوب الشكلية من أي تسوية بواسطة القضاء‪ ،‬دون أن يمنع تسويتها بإرادة المساهمين‪.‬‬
‫وتبقى قيمة ما هو منصوص عليه بالمادتين ‪ 5‬و‪ 50‬من ق‪.‬ب‪.‬ش نظرية من جهة و غير متناسبة‬
‫مع خطورة الفعل المرتكب من طرف المؤسسين من جهة أخرى‪ ،‬وذلك على اعتبار أن المسؤول‬
‫المكلف بالسجل التجاري يتولى‪ ،‬قبل تسجيل الشركة بهذا السجل مراقبة مدى مالءمة النظام األساسي‬
‫للقانون و تضمنه لمختلف البيانات اإللزامية‪ ،‬كما يحق له تنبيه المؤسس أو المؤسسين من أجل تدارك‬
‫السهو أو اإلغفال أو النقص الذي شاب النظام األساسي‪ ،‬بحيث يتولى هؤالء تصحيحه و تداركه قبل‬
‫تسجيلها‪ ،‬و إذا ما تم تسجيل الشركة دون االنتباه لهذا النقص أو اإلغفال فإن تقرير البطالن في هذه‬
‫الحالة جزاء مبالغ فيه و من شأنه فقط ان يحكم على الكثير من الشركات بالبطالن والزوال مع ما‬
‫لذلك من أثار سلبية على الكثير من المصالح‪ ،‬وذلك بالرغم من اإلمكانيات المنصوص عليها في‬
‫المواد ‪ 339‬و ‪ 340‬من ق ش م و المتعلقة بتدارك أسباب البطالن‪.1‬‬
‫بقي أن نشير إلى أن اختالل إجراءات الشهر والقيد في السجل التجاري ال يترتب عنه بطالن‬
‫الشركة وإنما عدم قيامها كشخص معنوي‪ ،2‬إذ ال يمكن أن نتحدث عن بطالن الشركة في حين أن‬
‫الشركة ليست قائمة حتى‪.‬‬
‫وهكذا يتبين مما سبق أن البطالن ال يترتب عن خرق كل المقتضيات القانونية المتعلقة بتأسيس‬
‫الشركة ولو كانت أمرة وال يسوغ التصريح بهذا الجزاء إال إذا نص القانون على ذلك‪ ،‬بحيث يبقى‬
‫الجزاء المطبق في الحاالت األخرى‪ ،‬وفقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 337‬من قانون شركات المساهمة‪،‬‬
‫هو فقط اعتبار الشرط المنصوص عليه بالنظام األساسي والمخالف لقاعدة آمرة من هذا القانون‪ ،‬كأن‬
‫لم يكن‪( .‬مثال بطالن شرط األسد في توزيع األرباح والخسائر دون بطالن الشركة)‪.‬‬
‫ويجد هذا التوجه مبرره في ضرورة تجنب اآلثار الكارثية التي يرتبها بطالن الشركة سواء على‬
‫الشركاء أو على الشركة في حد ذاتها‪ ،‬أو على المتعاملين معها والمرتبطين بها بعقود شغل أو توريد‬
‫أو تأمين أو قروض بنكية أو غيرها‪ ،‬بل وحتى على التنمية واالقتصاد والتشغيل واالستثمار وحركية‬
‫األموال‪.3‬‬

‫المطلب ز‬
‫الثاب‪ :‬إمكانية تدارك البطالن وخصوصية آثاره‬
‫ي‬
‫من النتائج المترتبة عن اإلخالل بشروط وشكليات تأسيس الشركات أن يقع إبطال العقد أو بطالنه‪،‬‬
‫وعليه يمكن لمن عيبت إرادته رفع دعوى اإلبطال في الحاالت المنصوص عليها قانونا‪ ،‬أما دعوى‬
‫البطالن فيمكن لكل ذي مصلحة رفعها‪ ،‬ويرتب ذلك مجموعة من األثار التي تتميز بنوع من‬

‫عالل فالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.98‬‬ ‫‪1‬‬

‫المادة ‪ 7‬ق‪.‬ش‪.‬م تنص على أنه‪« :‬تتمتع شركات المساهمة بالشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري‪.»...‬‬ ‫‪2‬‬

‫عالل فالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.96‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪11‬‬
‫الخصوصية عن اآلثار المقررة للبطالن في ظل القواعد العامة (الفقرة الثانية)‪ ،‬غير أن المشرع‬
‫المغربي أوجد أليات من أجل تداركه وتسوية الوضع المختل (الفقرة األولى)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬نظام التسوية كآلية لتدارك البطالن‬
‫على خالف البطالن الذي ترسيه القواعد العامة لاللتزامات والعقود والذي يقضي بإزالة كل أثر‬
‫للعقد الباطل‪ ،‬ألن العقد الباطل عدم والعدم ال ينتج أي أثر‪ ،‬فإنه عندما تقوم أحد حاالت بطالن الشركة‬
‫فإن المشرع فتح المجال لتدارك أسبابه‪ 1‬عن طريق ما يسمى بتسوية أسباب البطالن‪.‬‬
‫فنظام التسوية هذا يشكل آلية للمحافظة على الشركة وإصالح ما لحقها من اختالالت في عملية‬
‫التأسيس وذلك عن طريق تأخير النطق بالبطالن ألطول فترة ممكنة وفق ضوابط محددة (أوال)‪ ،‬غير‬
‫أن هنالك بعض االختالالت التي تشكل حدودا لهذه التسوية ال يمكن أن تشملها نظرا لخطورتها (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬ضوابط تسوية اختالالت تأسيس الشكة الموجية للبطالن‬
‫تتجلى خصوصية نظام البطالن في مادة الشركات في اإلمكانيات المتعددة المتاحة من طرف‬
‫القانون لتداركه واستبعاده من أجل الحفاظ على الشركة‪ ،‬أي أنه حتى ولو استجمعت جميع شروط‬
‫تطبيق هذا الجزاء فإن هذا ال يعني بالضرورة أنه يحظى باألولوية في التطبيق مادام أن القانون خول‬
‫للقضاء وللمعنيين باألمر إمكانية تفادي التصريح به عن طريق آلية التسوية‪.‬‬
‫وقد نظم المشرع المغربي إجراءات وضوابط تسوية اختالالت تأسيس الشركة الموجبة لبطالنها‬
‫في المادتين ‪ 339‬و‪ 340‬من ق‪.‬ش‪.‬م المحال عليهما في المادة األولى من ق‪.‬ب‪.‬ش‪ ،‬وهو ما يعني أن‬
‫هذه اآللية غير مقتصرة على شركات المساهمة بل تشمل جميع الشركات التجارية‪.‬‬
‫عموما فإنه وبالرجوع إلى المادة ‪ 340‬من ق‪.‬ش‪.‬م نجد أن المشرع أجاز للمحكمة المعروضة عليها‬
‫دعوى البطالن أن تمنح تلقائيا أو بناء على طلب من الشركة أجال لتمكينها من تدارك أسباب البطالن‬
‫واصالح االختالالت التي تصيب الشركة‪.‬‬
‫مع اإلشارة هنا إلى أن المحكمة ال يمكنها أن تصدر حكما بالبطالن إال بعد مرور شهرين على‬
‫األقل على تاريخ تقديم المقال االفتتاحي لدعوى البطالن‪ ،‬مما يعني انه يجب التقدم بطلب أجل لتسوية‬
‫البطالن قبل انقضاء هذه المدة‪ ،‬وإال أمكن للمحكمة أن تبت في القضية المعروضة عليها مالم تقرر‬
‫تلقائيا تمتيع الشركة بأجل التسوية‪.‬‬
‫كما أنه في حالة ما إذا كان يتعين لتدارك بطالن ما‪ ،‬وجوب دعوة الجمعية العامة لالجتماع أو‬
‫استشارة المساهمين أو الشركاء‪ ،‬وثبت للمحكمة أن الدعوة لعقدها كانت صحيحة قانونا‪ ،‬وأن نصوص‬
‫القرارات مرفقة ومدعمة بالوثائق الضرورية قد وجهت للمساهمين‪ ،‬أصدرت ‪-‬أي المحكمة‪ -‬حكما‬
‫يمنح للمساهمين األجل الضروري التخاذ قرارهم بتسوية أسباب للبطالن‪.‬‬

‫فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.49‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪12‬‬
‫ويالحظ أن المشرع قد ترك للمحكمة سلطة تقديرية واسعة لتحديد مدة األجل الالزم لتسوية وضعية‬
‫الشركة بحسب العيب او اإلخالل المسبب للبطالن وطريقة تسويته‪ ،‬غير أنه منح القضاء الفرصة‬
‫إلصالح الوضع المنذر بالبطالن ال يعني بأن له سلطة فرض التسوية‪ ،‬حيث يبقى لألطراف المعنية‬
‫حرية القيام بالتسوية او عدم القيام بها‪.1‬‬
‫وعند انقضاء األجل الممنوح من المحكمة للشركاء دون أن يتم اتخاذ القرار الالزم لتسوية العيب‬
‫الذي يشوب تأسيس الشركة من طرفهم‪ ،‬تكون المحكمة ملزمة بالبت في دعوى البطالن‪ .‬أما إذا قام‬
‫الشركاء بما يلزم وتمت تسوية وضعية الشركة وتدارك االختالل المسبب للبطالن فإن المحكمة تكون‬
‫ملزمة بالحكم بسقوط دعوى البطالن حتى ولو زال سبب البطالن في يوم البت ابتدائيا في الموضوع‬
‫(المادة ‪ 339‬ق‪.‬ش‪.‬م)‪.‬‬
‫وعند انقضاء األجل الممنوح من المحكمة للشركاء دون أن يتم اتخاذ القرار الالزم لتسوية العيب‬
‫الذي يشوب تأسيس الشركة من طرفهم‪ ،‬تكون المحكمة ملزمة بالبت في دعوى البطالن‪ .‬أما إذا قام‬
‫الشركاء بما يلزم وتمت تسوية وضعية الشركة وتدارك االختالل المسبب للبطالن فإن المحكمة تكون‬
‫ملزمة بالحكم بسقوط دعوى البطالن حتى ولو زال سبب البطالن في يوم البت ابتدائيا في الموضوع‬
‫(المادة ‪ 339‬ق‪.‬ش‪.‬م)‪.‬‬
‫وفي حالة صدور حكم ببطالن الشركة‪ ،‬يمكن للممثل أو الممثلين القانونيين للشركة أن يطعنوا فيه‬
‫باالستئناف أمام محكمة االستئناف التجارية المختصة‪ ،‬كما لهم حق الطعن بالنقض ضد قرار محكمة‬
‫االستئناف‪ .‬وإذا صار الحكم ببطالن الشركة نهائيا‪ ،‬يتعين على الممثل أو الممثلين القانونيين للشركة‬
‫أن يقوموا بشهر بطالن الشركة‪ ،‬وذلك بإيداع نسختين من الحكم القاضي بالبطالن بكتابة ضبط‬
‫المحكمة المسجلة فيها‪ ،‬ونشر إشعار أو إعالن بذلك بالجريدة الرسمية وبجريدة لإلعالنات القانونية‪،‬‬
‫وذلك داخل أجل ‪ 30‬يوما من تاريخ ذلك الحكم‪ ،2‬تحت طائلة إثارة مسؤوليتهم عن عدم القيام بذلك‪،‬‬
‫ويستتبع الحكم ببطالن الشركة حلها بقوة القانون دون أثر رجعي‪ ،‬ثم تصفيتها‪ ،‬ثم التشطيب عليها من‬
‫السجل التجاري‪.3‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود تسوية اختالالت تأسيس الشكة الموجبة للبطالن‬
‫استثنى المشرع المغربي بعض حاالت اختالل تأسيس الشركة الموجبة لبطالنها من نطاق تطبيق‬
‫نظام التسوية وذلك بمقتضى المادة ‪ 341‬من ق‪.‬ش‪.‬م التي نصت على أنه‪« :‬ال تطبق أحكام المادتين‬
‫‪ 339‬و‪ 340‬في حاالت البطالن المنصوص عليها في الفصول من ‪ 984‬إلى ‪ 986‬من الظهير الشريف‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 9‬رمضان ‪ 12( 1331‬أغسطس ‪ )1913‬بمثابة قانون االلتزامات والعقود»‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.413‬‬


‫‪ 2‬تنص المادة ‪ 37‬من ق‪.‬ش‪.‬م على ما يلي‪« :‬تخضع لنفس الشروط المتعلقة باإليداع والنشر‪…:‬‬
‫‪ -‬كل المقررات القضائية القاضية بحل الشركة أو بطالنها»‬
‫وتقابلها المادة ‪ 97‬من ق‪.‬ب‪.‬ش التي جاء فيها‪« :‬تخضع لنفس شروط اإليداع والنشر المنصوص عليها في المادتين ‪ 95‬و‪... :96‬‬
‫‪ -‬كل المقررات القضائية القاضية بحل الشركة أو بطالنها»‬
‫‪ 3‬عالل فالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.103‬‬

‫‪13‬‬
‫وهكذا فإنه يمكن تسوية جميع أسباب البطالن في مادة الشركات باستثناء تلك المنصوص عليها في‬
‫الفصول ‪ 984‬إلى ‪ 986‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ويتعلق األمر بالحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الشركة المنعقدة بين بين قاصر ووليه الشرعي (الفصل ‪ :)984‬حيث تكون باطلة بقوة القانون‬
‫دون أن يكون باإلمكان تدارك هذا البطالن‪ ،‬كل شركة مبرمة بين األب وابنه المشمول بواليته‪،‬‬
‫أو بين الوصي والقاصر إلى أن يبلغ هذا األخير رشده‪ ،‬أو بين مقدم على ناقص األهلية أو‬
‫متصرف في مؤسسة خيرية وبين الشخص الذي يدير أمواله ذلك المقدم أو المتصرف‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن اإلذن في مباشرة التجارة الممنوح للقاصر أو لناقص األهلية من أبيه أو‬
‫مقدمه ال يكفي لجعله أهال لعقد الشركة بينهما بل تبقى مع ذلك باطلة غير قابلة للتسوية‪.‬‬
‫والغاية من استثناء المشرع الشركة الباطلة التي يكون الخلل في تأسيسها هو انعقادها بين قاصر‬
‫ونائبه الشرعي من نطاق التسوية هو هاجس حماية القاصر من استغالل نائبه الشرعي ألمواله‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم مشروعية غرض الشركة (الفصل ‪ :)985‬يستثنى كذلك من نطاق التسوية الشركة الباطلة‬
‫بسبب عدم مشروعية غرض الشركة لمخالفته لألخالق الحميدة أو للقانون أو للنظام العام‪،‬‬
‫وذلك ألن البطالن في هذه الحالة يقوم على أسس فاسدة‪ ،‬والفاسد وغير المشروع يظل جرثومة‬
‫عالقة‪ ،‬وحتى التقادم ال يمحوها‪ ،‬بحيث يتعطل هذا األخير‪ ،‬فتبقى سارية قواعد البطالن التقليدية‬
‫التي تمنع البطالن من التصحيح سواء باإلجازة أو بالتقادم‪.1‬‬
‫‪ -3‬شركة محلها محرم أو خارج عن دائرة التعامل (الفصل ‪ :)986‬تتعلق هذه الحالة بالشركة‬
‫المنعقدة بين المسلمين والتي يكون محلها أشياء محرمة بمقتضى الشريعة اإلسالمية (كالقمار)‪،‬‬
‫أو بين جميع الناس يكون محلها أشياء خارجة عن دائرة التعامل (كالمخدرات)‪ ،‬فهذه الشركة‬
‫تكون باطلة بقوة القانون وتكون المحكمة ممنوعة من منحها أجال لتسوية سبب البطالن‪ ،‬وفي‬
‫ذلك حماية للنظام العام والشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬يتضح أن المشرع المغربي قد تعامل مع بطالن الشركة بنوع من المرونة‬
‫والتساهل‪ ،‬ويرجع السبب في تعامله هذا إلى أهمية الشركة ضمن االقتصاد‪ ،‬فمصلحة الشركة ذاتها‬
‫ومصلحة الشركاء فيها ومصلحة االقتصاد الوطني عامة اقتضت توفير كل الحظوظ لها للبقاء‪ ،‬ألن‬
‫التشبث بالقاعدة األصلية القاضية بالبطالن يعني الحكم على منشأة اقتصادية بالزوال بما يمثله ذلك‬
‫من تعطيل لالستثمار‪ ،‬ومن فقدان مناصب شغل ومورد للضرائب وخسارة مساهم في اإلنتاج‬
‫والدخل‪.2‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خصوصية آثار البطالن الناتج عن اختالل تأسيس الشركة‬

‫‪ 1‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي‪ ،‬الجزء األول‪ :‬في النظرية العامة للشركات‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2003 ،‬ص ‪.243‬‬
‫‪ 2‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.50‬‬

‫‪14‬‬
‫على خالف دعوى اإلبطال التي تكون مقررة لفائدة ومصلحة الشريك الذي عيبت إرادته فإن دعوى‬
‫بطالن الشركة مقررة لمصلحة عامة ويحق لكل ذي مصلحة أن يتقدم بها‪ ،1‬سواء كانوا شركاء غير‬
‫متسببين في هذا البطالن أو دائنين أو مدينين أو متعاملين معها‪ ،‬وكل شخص طبيعي أو معنوي يكون‬
‫له بتقديمه لهذه الدعوى مصلحة مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬شريطة إثبات ذلك‪ .2‬وقد أقر المشرع أجال‬
‫قصيرا لتقادم دعوى البطالن حيث تسقط بمرور ثالث سنوات‪ ،‬ولعل السبب في جعل مدة التقادم‬
‫قصير ترجع إلى إزالة التهديد المتربص بالشركة والحفاظ عليها على قيد الحياة رغم انه ال يطهر‬
‫الشركة من العيوب التي تعرفها عملية تأسيسها‪.‬‬
‫ومادام لم يتم اصالح سبب البطالن وما دامت مدة التقادم الثالثية لم تنقضي‪ ،‬فإنه يحق لكل ذي‬
‫مصلحة أن يرفع دعوى أمام المحكمة التجارية لمقر الشركة من أجل الحكم ببطالن أو ابطال الشركة‪،‬‬
‫ويترتب عن هذا األخير اثار تتمثل في حل الشركة بالنسبة للمستقبل (اوال) وتصفية الوضع الناشئ‬
‫عن قيام الشركة في الماضي (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬حل الشكة بالنسبة للمستقبل‬
‫إذا لم يتم تدارك سبب البطالن إلى حين البت ابتدائيا في الموضوع وأصدرت المحكمة بالفعل‬
‫حكمها بالبطالن‪ ،‬فإن الشركة تحل بقوة ولكن دون أثر رجعي ويتم تصفيتها‪3،‬ولهذا فإن البطالن‬
‫المقرر بحكم من المحكمة ال يكون له األثر الرجعي المعهود في القانون المدني وانما يمتد أثره في‬
‫المستقبل فقط وال يكون من األثر اال ذلك المترتب عن الحل قبل األوان‪.4‬‬
‫فالحكم القضائي إذ يصرح بالبطالن فإنه ينهي العقد وبالتالي ال يصبح للشخص المعنوي أي سند‬
‫في وجوده بالنسبة للمستقبل أما بالنسبة للماضي فعقد الشركة كان قائما‪ ،‬وبالتالي فإن الشخص المعنوي‬
‫كان موجودا وقد يكون ارتبط بعالقات قانونية مع الغير أصبح بموجبها دائنا أو مدينا فال يمكن من ثم‬
‫اهدار هاته العالقات وتجاهلها‪ .‬هذا فضال عن عدم إمكانية العودة بالوضع إلى ما كان عليه بالنسبة‬
‫لألرباح أو الخسائر التي تكون نتجت عن ممارسة الشركة لنشاطها خالل فترة وجودها‪ .‬وهكذا متى‬
‫تم التصريح ببطالن الشركة فإنها تنحل بالنسبة للمستقبل ووجب تصفية الوضع الناشئ عن قيامها في‬
‫الماضي‪.5‬‬
‫ز‬ ‫ز‬ ‫ئ‬
‫الماض‬
‫ي‬ ‫الناش عن قيام الشكة يق‬ ‫ثانيا‪ :‬تصفية الوضع‬
‫يترتب على التصريح ببطالن الشركة وجوب تصفية األوضاع القانونية التي نتجت عن قيامها إلى‬
‫حين التصريح ببطالنها‪ ،‬ولقد عرف بعض الفقه تصفية الشركة على أنها مجموعة من العمليات التي‬
‫تلي انحالل الشركة والتي تهدف إلى تسوية الخصوم وتحصيل الديون وتحقيق األصول و ذلك من‬

‫‪ 1‬يتضح من المواد المنظمة للبطالن في ق ش م أنه ال بمكن للمحكمة أن تقضي بالبطالن من تلقائي نفسها بل ال بد لذلك من تقديم مقال لهذه‬
‫الدعوى من طرف كل ذي مصلحة‪.‬‬
‫‪ 2‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.99‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 346‬من قانون ‪.17.95‬‬
‫‪ 4‬عز الدين بنستي‪ ،‬الشركات في القانون المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2014‬ص ‪.87‬‬
‫‪ 5‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪15‬‬
‫أجل السماح بقسمة الصافي بين الشركاء‪ ،‬كما جدير أنه يتعبن اإلبقاء على هذا الشخص المعنوي إلى‬
‫حين اكتمال تصفية الحقوق و االلتزامات و تتم تصفية األوضاع القانونية على مستويين‪:‬‬
‫‪ -1‬على مستوى العالقات بين الشركاء‪ :‬يتعين تحديد نصيب كل منهم من األرباح و الخسائر و‬
‫من إيرادات التصفية و يجب التمييز بين أسباب البطالن و اإلبطال‪ ،‬بحيث إذا كان ذلك راجعا‬
‫إلى انعدام أو تقصان أهلية الشركاء أو تعيب في ارادته فإن مثل هذا الشريك يجب أن يسترد‬
‫حصته كاملة ‪ ،‬أما إذا كان البطالن راجعا ألحد األركان الموضوعية العامة فإنه يجب استبعاد‬
‫العقد الباطل تماما ألنه عديم و العدم ال ينتج أي أثر بحيث يتم توزيع األرباح و الخسائر وفق‬
‫النصوص القانونية الخاصة بتوزيع األرباح و الخسائر‪ ،‬أما إذا كان سبب البطالن أحد األركان‬
‫الموضوعية أو الشكلية الخاصة فإن التوزيع يتم وفق بنود العقد ألن اتفاق الشركاء في حد ذاته‬
‫قائم و صحيح اال ان شروط قيام الشركة هي التي اختلت‪.‬‬
‫‪ -2‬على مستوى عالقة الشخص المعنوي باألغيار‪ :‬لقد نص المشرع على عدم امكانية احتجاج‬
‫الشركة و المساهمين بالبطالن تجاه األغيار حسني النية طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 347‬من ق‬
‫ش م اذ جعل من الشركة ملزم بتنفيذ تعهداتها تجا ه الغير كما لو كانت صحيحة‪ ،‬فالغير حسن‬
‫النية أي الذي ال علم له بالخلل الذي شاب تأسيس الشركة فله حق اختيار بين اعتبار الشركة‬
‫موجودة في الفترة السابقة إلعالن البطالن و مطالبتها بتنفيذ التزامات اتجاهه وبين اعتبارها‬
‫باطلة حسب ما تقتضيه مصلحته‪ ، 1‬كما تجدر اإلشارة أنه يمكن االحتجاج بالبطالن في مواجهة‬
‫األغيار سيئي النية الذين كانوا على علم بوضعيتها غير القانونية ومع ذلك استمروا في ابرام‬
‫معامالت معها‪.2‬‬
‫عموما‪ ،‬إن دراسة التنظيم القانوني لنظام البطالن الذي جاء به القانون الجديد للشركات‪ ،‬تنتهي بنا إلى‬
‫نتيجة هامة وهي أن هذا التنظيم شكل في جل أجزائه ثورة على نظرية البطالن الكالسيكية‪ .‬فإذا كان‬
‫هذا القانون يفرض التزامات وإجراءات تأسيسية تكون في مصلحة كل من المساهمين واألغيار فان‬
‫ذلك يجب أن يحترم‪ ،‬ومن ثم يجد المشرع نفسه عند ترتيب الجزاء مرغما على التوفيق بين ما يمكن‬
‫أن يطرح من اعتبارات متعارضة‪ ،‬فمن ناحية يعد البطالن المطلق جزاء جذريا وأكثر فاعلية إذ يهدف‬
‫استئصال الشركة المختلة ويمنع دخولها إلى الحياة العملية وهي مشوية بعيب يستوجب بطالنها‪،‬‬
‫حماية للنسيج االقتصادي من مكونات معتلة من شأنها أن تزعزع ثقة المتعاملين معها من مستثمرين‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى يجب حماية الغير المتعامل بحسن نية مع الشركة معتقدا قانونيتها وذلك بتجنيبه‬
‫اآلثار السلبية للبطالن التي ال تجد لها حال في أغلب األحيان إال عن طريق قرارات قضائية‪ ،‬مما‬
‫يعرض المعامالت القانونية لعدم االستقرار ويجعل التنفيذ العادي للعقود خاضعا لمغامرة غير مأمونة‬

‫‪ 1‬نفسه‪ ،‬ص ‪.52‬‬


‫‪ 2‬عالل فالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪16‬‬
‫العواقب‪ ،‬األمر الذي دفع المشرع إلى إعطاء وزن للشركة وتدعيم الثقة والضمان بين األطراف‪،1‬‬
‫عن طريق التقليص من مجال حاالت اختالالت تأسيس الشركة وفتح قنوات لتداركه‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫الحد من آثار هذا البطالن إذا ما تم التصريح به من طرف المحكمة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪Mohamed Alami Machichi, précarité de la réforme de la société anonyme, R.M.D.E., 1996, Numéro 37, Page‬‬
‫‪49.‬‬

‫‪17‬‬
‫الشكة‬ ‫المبحث الثان ز ‪ :‬دور المسؤولية القانونية ف ز الحد ز‬
‫من اختالل تأسيس‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫لقد كرس المشرع المغربي عدة مقتضيات قانونية سواء في إطار القانون المنظم لشركات المساهمة‬
‫(‪ )95.17‬أو القانون المنظم لباقي الشركات التجارية (‪ )05.96‬يهدف من خاللها إلى الحد من‬
‫االختالالت التي تصيب تأسيس الشركة من أجل ضمان استقرارها ضمن المنظومة االقتصادية‬
‫الوطنية‪ ،‬حيث رتب على مخالفة قواعد وإجراءات التأسيس التي تؤدي إلى اختالل الشركة جزاءات‬
‫مهمة تتمثل في إمكانية إثارة مسؤولية المخالف لقواعد التأسيس‪ ،‬المدنية (المطلب األول) والجنائية‬
‫(المطلب الثاني)‪ ،‬عن األضرار التي تلحق بالشركة أو بالشركاء أو باألغيار نتيجة خرق إجراءات‬
‫التأسيس‪ .‬وهو ما من شأنه أن يحمل المؤسسين على التحلي بمزيد من الحذر والحيطة أثناء القيام‬
‫بإجراءات التأسيس بغرض تجنب إثارة مسؤوليتهم وبالتالي الحد من اختالالت تأسيس الشركة‪.‬‬
‫ز‬
‫المطلب األول‪ :‬دور المسؤولية المدنية يق الحد من اختالل تأسيس الشكة‬
‫نميز في هذا اإلطار بين المسؤولية المدنية الناجمة عن عدم احترام إجراءات التأسيس (الفقرة‬
‫األولى) وبين المسؤولية المدنية الناتجة عن بطالن الشركة (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫احتام بعض إجراءات التأسيس‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬المسؤولية المدنية عن عدم ر‬

‫تنص الفقرة األولى من المادة ‪ 349‬من ق‪.‬ش‪.‬م على أنه‪« :‬يعتبر كل من مؤسسي الشركة وكذا‬
‫المتصرفين األولين وأعضاء مجلس اإلدارة الجماعية األولين وأعضاء مجلس الرقابة األولين‬
‫مسؤولين متضامنين عن الضرر المتسبب فيه عدم تضمين النظام األساسي للشركة بيانا إلزاميا ما أو‬
‫إغفال إجراء ينص عليه هذا القانون في باب تأسيس الشركة أو القيام به بشكل غير صحيح»‪.1‬‬
‫يتضح من خالل هذه المادة أن المشرع المغربي حمل جميع المؤسسين وأعضاء مجلس اإلدارة‬
‫األولين وأعضاء مجلس الرقابة األولين مسؤولية تضامنية عن األضرار التي تلحق الشركة أو‬
‫المساهمين أو األغيار جراء عدم احترام بعض اإلجراءات الشكلية أثناء التأسيس كعدم تضمين النظام‬
‫األساسي للبيانات االلزامية أو عدم احترام إجراءات اإليداع والنشر‪ ،‬ومن ثم يحق للمتضرر رفع‬
‫دعوى التعويض على أي واحد منهم أو توجيهها ضدهم جماعة‪.‬‬
‫والمالح ظ أن المشرع قد وسع من مجال تطبيق المسؤولية المدنية التضامنية عن خرق إجراءات‬
‫التأسيس المذكورة‪ ،‬حيث تشمل جميع المؤسسين وباقي األجهزة المشار إليها في المادة ‪ 349‬حتى ولو‬
‫لم يشاركوا في األخطاء والتصرفات التي كانت سببا في حصول الضرر‪ ،‬على عكس ما كان معموال‬
‫به في قانون ‪ 1867‬المتعلق بشركات األسهم الذي قصر هذه المسؤولية على المؤسسين الذين ارتكبوا‬
‫الخطأ أو ساهموا في حدوثه‪.2‬‬

‫‪ 1‬نشير إلى أن هذه المادة تتحدث عن المسؤولية المدنية عن خرق إجراءات التأسيس التي ال تؤدي إلى بطالن الشركة‪ ،‬أما إذا كان اإلجراء الذي‬
‫تم خرقه يترتب عنه بطالن الشركة فإن المسؤولية عن الضرر الذي يتسبب فيه تخضع لمقتضيات المادة ‪ 350‬و‪ 352‬من ق‪.‬ش‪.‬م أو المادة ‪92‬‬
‫من ق‪.‬ب‪.‬ش حسب األحوال‪.‬‬
‫‪ 2‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.421-420‬‬

‫‪18‬‬
‫ويعتبر هذا التوجه طبيعيا ومنطقيا من طرف المشرع بالنظر إلى تقليله للحاالت التي يمكن أن‬
‫تكون سببا للبطالن بحيث كان ال بد من تمديد حاالت إثارة المسؤولية المدنية للمؤسسين وللجهاز‬
‫المسير األولي لتشمل كل الحاالت التي لم يشملها البطالن والمتعلقة على الخصوص بالبيانات‬
‫المضمنة بالنظام األساسي للشركة‪ ،‬وكذا بإجراءات اإليداع والشهر؛ حتى يتخذ هؤالء االحتياطات‬
‫الالزمة من أجل القيام بإجراءات التأسيس وفقا لما هو منصوص عليه قانونا تحت طائلة مساءلتهم‬
‫تضامنيا عن األضرار التي يمكن أن تتسبب فيها المخالفات المرتكبة خالل هذه المرحلة‪.1‬‬
‫وعلى أي‪ ،‬فإن المحكمة لها سلطة تقديرية واسعة في تقدير األضرار التي لحقت بمقدم دعوى‬
‫التعويض والحكم له بالتعويضات المناسبة‪ ،‬على أن يكون جميع المؤسسين وباقي األجهزة المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 349‬سالفة الذكر متضامنين في أداء التعويضات المحكوم بها لفائدة المتضرر‪ ،‬بحيث‬
‫يحق لهذا األخير أن يطالبم جميعهم باألداء أو مطالبة واحد منهم فقط‪ ،‬على أن يرجع من أدى منهم‬
‫على باقي المدينين المتضامنين معه بما أداه عنهم‪.‬‬
‫أما فيما يخص أجل تقادم دعوى المسؤولية المدنية عن األضرار المترتبة عن خروقات عملية‬
‫التأسيس فقد حددتها الفقرة األخيرة من المادة ‪ 349‬ق‪.‬ش‪.‬م في خمس (‪ )5‬سنوات تبتدأ من تاريخ تقييد‬
‫الشركة في السجل التجاري‪.‬‬
‫ويحق لنا التساؤل في نهاية هذه الفقرة عن مدى إمكانية مساءلة مؤسسي باقي الشركات التجارية‬
‫عن األضرار الناجمة عن عدم احترام إجراءات التأسيس‪ ،‬أو بعبارة أخرى مدى إمكانية إخضاعها‬
‫لمقتضيات المادة ‪ 349‬من ق‪.‬ش‪.‬م؟ خاصة وأن ق‪.‬ب‪.‬ش ال يتضمن مادة مماثلة لها‪ ،‬كما أن الفقرة‬
‫الثانية من المادة األولى منه لم تحل على أحكام المادة ‪.349‬‬
‫من وجهة نظرنا‪ ،‬فإننا نرى أنه ال فائدة من إخضاع باقي الشركات التجارية للمادة ‪ 349‬المذكورة‪،‬‬
‫ألن هذه المادة تتعلق بالمسؤولية عن عدم احترام بعض اإلجراءات الشكلية التي ال يترتب عنها‬
‫البطالن بالنسبة لشركة المساهمة والتي تتمثل أساسا في عدم تضمين النظام األساسي للبيانات اإللزامية‬
‫أو عدم احترام إجراءات اإليداع والنشر‪ ،‬في حين أن ق‪.‬ب‪.‬ش رتب عن عدم احترام هذه الشكليات‬
‫جزاء البطالن‪ ،‬ومن ثم فإن األضرار المترتبة عن ذلك تخضع للمسؤولية عن البطالن المنصوص‬
‫عليها في المادة ‪ 92‬من ق‪.‬ب‪.‬ش‪.‬‬
‫األضار الناجمة عن بطالن الشكة‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية المدنية عن ز‬

‫نظرا إلى أن التصريح ببطالن الشركة يؤدي ال محالة إلى اإلضرار بالشركة نفسها وكذا بالشركاء‬
‫واألغيار على حد سواء‪ ،‬فتضيع الحقوق والمشاريع بسبب عدم احترام المؤسسين أو غيرهم من‬
‫أجهزة الشركة إلجراءات التأسيس المفروضة قانونا‪ ،‬من هنا كان لزاما على المشرع المغربي أن‬

‫عالل فالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.108-107‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪19‬‬
‫يتدخل لتنظيم المسؤولية المدنية عن األضرار التي يتسبب فيها بطالن الشركة‪ ،1‬حيث أطر هذه‬
‫المسؤولية بمقتضى المواد ‪ 350‬و‪ 351‬ق‪.‬ش‪.‬م والمادة ‪ 92‬ق‪.‬ب‪.‬ش‪.‬‬
‫أوال‪ :‬بالنسبة لشكة المساهمة وشكة التوصية باألسهم وشكة األسهم المبسطة‬
‫في حالة الحكم ببطالن الشركة‪ ،‬يمكن اعتبار مؤسسي الشركة المتسببين في البطالن وكذا‬
‫المتصرفين وأعضاء مجلس اإلدارة الجماعية أو مجلس الرقابة المزاولين مهامهم وقت تعرض‬
‫الشركة للبطالن مسؤولين متضامنين فيما بينهم عن األضرار التي تلحق بالمساهمين أو األغيار من‬
‫جراء بطالن الشركة‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 350‬من ق‪.‬ش‪.‬م‪ .‬وهي نفس المسؤولية التي تسري على‬
‫مسيري شركة التوصية باألسهم وأعضاء مجلس الرقابة الخاصة بها‪ ،2‬وكذلك على مؤسسي ومسيري‬
‫شركة األسهم المبسطة‪.3‬‬
‫بل إن المشرع المغربي شدد من المسؤولية التضامنية عن البطالن حيث مددها لتشمل حتى‬
‫المساهمين في شركة المساهمة أو في شركة التوصية باألسهم أو الشركاء في شركة األسهم المبسطة‬
‫الذين لم تفحص حصصهم العينية وامتيازاتهم ولم تتم المصادقة عليها‪.‬‬
‫وتتقادم دعوى المسؤولية المدنية المرتكزة على بطالن شركة المساهمة وشركة التوصية باألسهم‬
‫والشركة ذات األسهم المبسطة بمرور ‪ 5‬سنوات ابتداء من اكتساب مقرر البطالن الصبغة النهائية‪،‬‬
‫أي بعض استنفاذه لطرق الطعن العادية (الطعن والتعرض)‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن زوال سبب البطالن نتيجة تداركه أو تسويته‪ ،‬ال يحول دون ممارسة دعوى‬
‫التعويض عن الضرر المترتب عن العيب الذي لحق تأسيس الشركة‪ ،‬على أن هذه الدعوى تتقادم‬
‫بمضي ‪ 5‬سنوات من تاريخ تدارك سبب البطالن‪ ،4‬وفي ذلك تعزيز لحماية المتضررين من‬
‫االختالالت التي تعتري تأسيس الشركة والتي تؤدي إلى بطالنها‪.‬‬
‫ر‬
‫ثانيا‪ :‬بالنسبة ي‬
‫لباق الشكات التجارية‬
‫أما بالنسبة لباقي الشركات التجارية ‪-‬باستثناء شركة التوصية باألسهم وشركة األسهم المبسطة‪-‬‬
‫فإن المسؤولية المدنية عن بطالنها تخضع ألحكام المادة ‪ 92‬ق‪.‬ب‪.‬ش التي نصت على أنه‪« :‬يعتبر‬
‫المسيرون األوائل والشركاء المنسوب إليهم بطالن الشركة أو بطالن أحد مقرراتها مسؤولين‬
‫متضامنين تجاه الشركاء اآلخرين والغير عن الضرر الناتج عن البطالن‪ .‬وتتقادم الدعوى بمرور‬
‫خمس سنوات على اليوم الذي اكتسب فيه قرار البطالن قوة الشيء المقضي به»‪.‬‬

‫‪ 1‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.430‬‬


‫‪ 2‬وذلك بناء على اإلحالة الصريحة على أحكام هذه المسؤولية بمقتضى المادة ‪ 40‬من ق‪.‬ب‪.‬ش التي جاء فيها‪« :‬تطبق أحكام القانون رقم ‪17.95‬‬
‫المتعلق بشركات المساهمة فيما يخص أسهم الضمان ومسؤولية المؤسسين على مسيري شركة التوصية باألسهم وعلى أعضاء مجلس الرقابة‬
‫الخاص بها»‪.‬‬
‫‪ 3‬على اعتبار أن الفقرة الثالثة من المادة األولى من ق‪.‬ب‪.‬ش أخضعت الشركة ذات األسهم المبسطة ألحكام القانون ‪ 17.95‬دون أن تستثني من‬
‫ذلك أحكام المسؤولية المدنية عن البطالن‪.‬‬
‫‪ 4‬الفقرتين الثانية واألخيرة من المادة ‪ 351‬من ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫والمالحظ أن هذه المقتضيات تعمل فقط في الحاالت التي تصرح فيها بالبطالن‪ ،‬أما في الحاالت‬
‫التي يتم فيها تدارك االختالل المسبب للبطالن‪ ،‬فإن المسؤولية المدنية عن األضرار التي تلحق الشركة‬
‫أو الشركاء أو األغيار تظل محكومة بالقواعد العامة للمسؤولية‪.‬‬

‫ز‬ ‫المطلب ز‬
‫الثاب‪ :‬دور المسؤولية الجنائية يق الحد من اختالالت تأسيس الشكة‬
‫ي‬
‫نظرا لعدم كفاية الجزاءات المدنية للحد من اختالالت تأسيس الشركة وضمان احترام الشكليات‬
‫واإلجراءات المفروضة قانونا في هذا اإلطار‪ ،‬ووعيا منه بخطورة اإلختالالت التي قد تطال عملية‬
‫تأسيس الشركة سواء على الشركة نفسها أو على الشركاء أو المساهمين فيها أو األغيار المتعاملين‬
‫معها والنظام العام االقتصادي عموما‪ ،‬عمل المشرع المغربي على إقرار المسؤولية الجنائية‬
‫للمؤسسين واألعضاء األولين ألجهزة اإلدارة أو التدبير أو التسيير‪ 1‬عن الخروقات التي تطال عملية‬
‫التأسيس‪ ،‬وذلك بالنظر لفعالية الردع الزجري في الحد من هذه الخروقات‪ ،‬حيث وتتضمن قوانين‬
‫الشركات عدة عقوبات زجرية في حالة مخالفة قواعد وإجراءات تأسيس الشركة‪.2‬‬
‫وتجد المسؤولية الجنائية عن اختالالت التأسيس أساسها القانوني في القسم الرابع عشر من ق‪.‬ش‪.‬م‬
‫خاصة البابين الثاني (المخالفات المتعلقة بالتأسيس) والتاسع (المخالفات المتعلقة بالشهر) منه‪ ،‬وكذا‬
‫بعض المواد المتفرقة في ق‪.‬ب‪.‬ش مثل المواد ‪ 14-43‬و‪ 106‬و‪ 108‬و‪ 113‬و‪.114‬‬
‫وعلى هذا األساس سنتطرق في هذه الفقرة للمسؤولية الجنائية عن الجرائم المتعلقة برأسمال الشركة‬
‫أثناء تأسيسها (أوال) ثم للمسؤولية الجنائية عن خرق إجراءات الشهر (ثانيا)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم المتعلقة برأسمال الشكة‬
‫أوال‪ :‬الجرائم المتعلقة باألسهم‬

‫‪ 1‬تنص المادة ‪ 373‬ق‪.‬ش‪.‬م كما تم تغييرها وتتميمها بمقتضى القانون ‪ 20.05‬على أنه‪« :‬يقصد بتعبير أعضاء أجهزة اإلدارة أو التدبير أو‬
‫التسيير في مفهوم هذا القسم‪:‬‬
‫‪ -‬في شركات المساهمة ذات مجلس اإلدارة أعضاء مجلس اإلدارة بما في ذلك الرئيس والمديرون العامون غير األعضاء في المجلس‬
‫والمديرون العامون المنتدبون؛‬
‫‪ -‬في شركات المساهمة ذات مجلس اإلدارة الجماعية ومجلس الرقابة‪ ،‬أعضاء المجلسين المذكورين بحسب االختصاصات المسندة‬
‫إليهم»‪.‬‬
‫‪ 2‬بإلقاء نظرة على تطور المقتضيات الزجرية في قوانين األعمال بصفة عامة وقوانين الشركات بصفة خاصة‪ ،‬نالحظ أن المشرع المغربي ‪-‬‬
‫شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات الحديثة‪ -‬قد نهج سياسة جنائية تروم إلى التخفيف قدر اإلمكان من الطابع الزجري في القوانين المنظمة‬
‫للشركات التجارية‪ ،‬سواء من خالل إلغاء الطابع الزجري عن بعض األفعال أو من خالل التخفيف من العقوبات الحبسية المقررة لبعض األفعال‬
‫األخرى أو التقليص منها واإلبقاء على العقوبات المالية فقط‪ ،‬وهو ما يتضح جليا من التعديالت التي أتى بها القانونين ‪ 20.05‬و‪ .21.05‬لكن‬
‫على الرغم من هذا التوجه الزالت العديد من األفعال المتعلقة باختالل تأسيس الشركة مجرمة ومعاقب عليها‪ ،‬نظرا لوعي المشرع بخطورتها‬
‫واثارها ا لسلبية على الشركة ومختلف المصالح المرتبطة بها‪ ،‬ولرغبته في مجابهة هذه االختالالت والحد منها عن طريق إثارة المسؤولية الجنائية‬
‫عنها‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫عاقب المشرع المغربي على اإلصدار غير القانوني لألسهم كما عاقب كذلك على التداول غير القانوني‬
‫لها‪.1‬‬
‫‪ -1‬اإلصدار غير القانوني لألسهم‪ :‬حيث يعاقب بغرامة من ‪ 4.000‬إلى ‪ 20.000‬درهم كل من‬
‫مؤسسي شركة المساهمة واألعضاء األولين ألجهزة اإلدارة أو التدبير أو التسيير لشركة‬
‫مساهمة الذين أصدروا أسهما إما قبل تقييد تلك الشركة بالسجل التجاري‪ ،‬أو في أي وقت أخر‬
‫إذا تم تقييد الشركة عن طريق الغش أو دون التقيد بالنصوص القانونية في القيام بإجراءات‬
‫تأسيس الشركة المذكورة (الفقرة األولى من المادة ‪.)378‬‬
‫وتضاعف الغرامة أعاله إذا تم إصدار األسهم دون أن يتم تحرير ربع قيمة األسهم النقدية على‬
‫األقل ‪ ،‬أو دون أن يتم تحرير كامل قيمة األسهم العينية قبل تقييد الشركة في السجل التجاري (الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ ،)378‬أو إذا لم يتم اإلبقاء على اسمية األسهم النقدية إلى حين تحريرها بالكامل‬
‫(الفقرة الثالثة من المادة ‪.)378‬‬
‫حيث يالحظ أن القانون رقم ‪ 20.05‬المغير والمتمم لقانون شركات المساهمة‪ ،‬في إطار التخفيف‬
‫من الطابع الزجري لهذا األخير تخلى عن عقوبة الحبس بالنسبة لهذه المخالفة‪ ،‬واستعاض عنها‬
‫بمضاعفة الغرامة‪.2‬‬
‫ومتى تعلق األمر بشركات مساهمة تدعو الجمهور إلى االكتتاب‪ ،‬يمكن فضال عن الغرامة‪ ،‬الحكم‬
‫بعقوبة الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد و‪ 6‬أشهر (الفقرة الرابعة من المادة ‪.)378‬‬
‫وتطبق نفس المقتضيات السابقة على كل من شركة التوصية باألسهم‪ 3‬وشركة األسهم المبسطة‪،4‬‬
‫غير أنه هذه االخير ال تطبق عليها الفقرة األخيرة من المادة ‪ 378‬على اعتبار أن شركة األسهم‬
‫المبسطة ال تدعو الجمهور إلى االكتتاب‪.5‬‬
‫وتجدر اإلشارة كذلك إلى أن المشرع المغربي عاقب مسيري الشركة ذات المسؤولية المحدودة‬
‫الذين يقومون بإصدار قيم منقولة كيفما كانت لفائدة الشركة سواء بصفة مباشرة أو بوسيط‪ ،‬بالحبس‬
‫من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪ 30.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين (المادة‬
‫‪ 114‬من ق‪.‬ب‪.‬ش)‪.‬‬

‫‪ 1‬إصدار األسهم يختلف عن تداولها‪ ،‬فاإلصدار يعني إخراجها إلى حيز الوجود وتسليمها لمن له شهادة المساهمة بسهم أو أكثر‪ ،‬في حين أن‬
‫التداول يعني بيع األسهم أو رهنها أو التنازل عنها بشكل من األشكال بعد أن تم الحصول على صكها‪.‬‬
‫‪ 2‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.211‬‬
‫‪ -‬حيث كانت العقوبة الحبسية المقررة لهذه األفعال قبل تعديل المادة ‪ 378‬بالقانون ‪ 20.05‬هي الحبس لمدة تتراوح بين شهر وستة أشهر‪.‬‬
‫‪ 3‬استنادا إلى اإلحالة العامة المنصوص عليها في المادة ‪ 118‬ق‪.‬ب‪.‬ش والتي جاء فيها‪« :‬تطبق العقوبات الزجرية المنصوص عليها في قانون‬
‫شركات المساهمة على شركات التوصية باألسهم‪ .‬تطبق العقوبات الخاصة بالرؤساء والمتصرفين والمديرين العامين أو أعضاء مجلس اإلدارة‬
‫الجماعية لشركات المساهمة على مسيري شركات التوصية باألسهم فيما يتعلق باختصاصاتهم»‪.‬‬
‫‪ 4‬بدليل اإلحالة الصريحة عليها بموجب المادة ‪ 13-43‬ق‪.‬ب‪.‬ش التي جاء فيها‪« :‬تسري أحكام المواد ‪ 375‬إلى ‪ 384‬والمادة ‪ 386‬والمواد من‬
‫‪ 395‬إلى ‪ 399‬من القانون المشار إليه أعاله رقم ‪ 17.95‬على شركة األسهم المبسطة‪ .‬تطبق على رئيس ومسيري شركات األسهم المبسطة‪،‬‬
‫العقوبات المقررة ألعضاء أجهزة اإلدارة أو التدبير أو التسيير في شركات المساهمة»‪.‬‬
‫‪ 5‬المادة ‪ 3-43‬ق‪.‬ب‪.‬ش‪« :‬ال يمكن لشركة األسهم المبسطة دعوة الجمهور إلى االكتتاب»‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -2‬التداول غير القانوني لألسهم‪ :‬حيث نصت كل من المادة ‪ 381‬و‪ 382‬من ق‪.‬ش‪.‬م – واللتان‬
‫تسريان أيضا على شركة التوصية باألسهم وشركة األسهم المبسطة – على أنه يعاقب بالحبس‬
‫من شهر إلى ثالثة أسهر وبغرامة من ‪ 6000‬إلى ‪ 30.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين‬
‫فقط‪ ،‬المؤسسون وغيرهم من المسؤولين عن اإلدارة أو التدبير أو التسيير وكذا مالكي أو‬
‫حاملي األسهم الذين قاموا عن قصد باألفعال التالية‪:‬‬
‫‪ -‬تداول أسهم نقدية لم يبق على اسميتها إلى حين اكتمال تحريرها؛‬
‫‪ -‬تداول أسهم نقدية لم يتم دفع ربعها؛‬
‫‪ -‬تداول وعود بأسهم‪ ،‬ماعدا الوعود بأسهم ستنشأ بمناسبة الزيادة في رأسمال شركة مقيدة‬
‫أسهمها القديمة في بورصة القيم؛‬
‫‪ -‬المشاركة في تداول األسهم أو تحديد أو نشر قيمة األسهم أو الوعود باألسهم المشار إليها في‬
‫الحاالت السابقة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجرائم المتعلقة باالكتتاب‬
‫من أجل ضمان صحة االكتتاب‪ ،1‬أضفى المشرع المغربي على مجموعة من األفعال التي تمس‬
‫بسالمة وصحة االكتتاب الطابع الجرمي وعاقب عليها بعقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة‬
‫من ‪ 8000‬إلى ‪ 40.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط وذلك بموجب المادة ‪ 379‬من ق‪.‬ش‪.‬م‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بالجرائم التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تقديم تصريحات كاذبة في شهادة اإليداع‪ :‬وتتحقق هذه الجريمة بأحد األفعال المنصوص‬
‫عليها في البند ‪ 1‬من المادة ‪ 379‬من ق‪.‬ش‪.‬م والمتمثلة في إقدام أحد األشخاص عن قصد‪،‬‬
‫إلعداد شهادة المودع لديه التي تثبت االكتتابات والدفوعات‪ ،‬على التصريح بصدق وسالمة‬
‫اكتتابات يعلم أنها صورية‪ .‬أو تصريحه بدفع أموال الشركة في حين أنه لم يتم نهائيا وضعها‬
‫تحت تصرف هذه الشركة؛ أو تسليمه للمودع لديه قائمة بأسماء المساهمين تشير إلى اكتتابات‬
‫وهمية أو إلى دفع أموال لم توضع نهائيا رهن إشارة الشركة‪.‬‬
‫‪ -2‬جلب اكتتابات أو دفوعات بطريقة غير مشروعة‪ :‬لم يتوان المشرع عن ردع من يتالعب‬
‫باالكتتاب الذي يعد مصدر رأس مال ونشاط الشركة وكذا حقوق األغيار من دائنين وغيرهم‪،‬‬
‫فنص على هذه الجريمة بمقتضى البندين ‪ 2‬و‪ 3‬من المادة ‪ 379‬من ق‪.‬ش‪.‬م‪ ،‬والتي تتحقق‬
‫باستعمال اكتتابات أو دفوعات صورية‪ ،‬أو نشر اكتتابات أو دفوعات ال وجود لها‪ ،‬أو ألية‬
‫واقعة أخرى كاذبة‪ ،‬وذلك من أجل الحصول أو محاولة الحصول عند قصد على اكتتابات أو‬
‫دفوعات‪.‬‬

‫‪ 1‬يعرف البعض االكتتاب بأنه‪" :‬تعبير عن اإلرادة يلتزم بواسطته المكتتب بالدخول في الشركة عن طريق تقديم حصة في رأس المال تتحدد‬
‫بعدد من األسهم يكتتب فيها"‪.‬‬
‫‪ -‬فؤاد معالل‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.196‬‬

‫‪23‬‬
‫أو العمل بسوء نية ‪ -‬قصد جلب اكتتابات أو دفوعات ‪ -‬على نشر أسماء أشخاص بوصفهم مرتبطين‬
‫بالشركة أو سيرتبطون بها‪ ،‬أيا كان نوع االرتباط‪ ،‬في حين أن ذلك مخالف للحقيقة‪.1‬‬
‫‪ -3‬الدعوة غير القانونية للجمهور إلى االكتتاب‪ :‬وتقتصر هذه الجريمة فقط على شركة األسهم‬
‫المبسطة التي يمنع عليها دعوة الجمهور إلى االكتتاب بنص المادة ‪ 3-43‬من ق‪.‬ب‪.‬ش‪ ،‬ومن‬
‫أجل ضمان التقيد بهذه المادة جرم المشرع دعوة الجمهور إلى االكتتاب بالنسبة لهذه الشركة‬
‫وذلك بمقتضى المادة ‪ 13-43‬من نفس القانون التي جاء فيها‪« :‬يعاقب مسيرو شركة األسهم‬
‫المبسطة التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب بغرامة قدرها ‪ 1000‬درهم»‪.‬‬
‫ز‬
‫ثالثا‪ :‬الغش أو التدليس يق تقييم الحصة العينية‬
‫جرم المشرع المغربي الغش في تقييم حصة عينية بما يفوق قيمتها‪ ،‬وذلك بموجب البند الرابع من‬
‫المادة ‪ 379‬من ق‪.‬ش‪.‬م التي نصت على أنه‪« :‬يعاقب بعقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة‬
‫من ‪ 8000‬إلى ‪ 40.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪:‬‬
‫‪-4‬من عمل عن طريق الغش على تقييم حصة عينية تقييما يفوق قيمتها الحقيقية»‬
‫وبالرجوع إلى القانون ‪ 05.96‬المتعلق بباقي الشركات التجارية نجد نصا مماثال لهذه المادة‪،‬‬
‫ويتعلق األمر بالمادة ‪ 106‬منه التي نصت على أنه‪« :‬يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة‬
‫من ‪ 2.000‬إلى ‪ 20.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط المسيرون الذين يقومون تدليسيا بتقييم‬
‫حصة عينية بقيمة أعلى من قيمتها الحقيقية»‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته من خالل مقارنة المادة ‪ 379‬ق‪.‬ش‪.‬م مع المادة ‪ 106‬ق‪.‬ب‪.‬ش هو وجود‬
‫اختالف بين هذين النصين‪ ،‬فمن زاوية أولى فإن مرتكب الجريمة في شركات المساهمة قد يكون‬
‫مؤسس الشركة أو مراقب الحصص أو متصرفا إداريا‪ ،‬أما بالنسبة لباقي الشركات التجارية فإن‬
‫المجال يضيق‪ ،‬إذ يتعلق األمر بمسيري الشركة فحسب‪ .‬ومن زاوية ثانية‪ ،‬فإن الغرامة تكون أشد‬
‫عندما يرتبط األمر بشركات المساهمة‪.2‬‬
‫وعلى أي‪ ،‬فإن حرص المشرع على معاقبة كل من يبالغ في تقييم الحصة العينية يرجع إلى رغبته‬
‫في ضمان سالمة تقييم الحصص وتفادي اختالل الشركة بسبب المغاالة في هذا التقييم‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ضمان حقيقة رأس مال الشركة بما فيه من حماية للشركاء واألغيار‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الجرائم المتعلقة بإصدار حصص التأسيس‬
‫لم يكن ظهير ‪ 11‬غشت ‪ 1922‬المطبق للقانون الفرنسي لسنة ‪ 1867‬الفرنسي يتضمن أي إشارة‬
‫إلى هذه الحصص‪ ،‬إال أنه بمقتضى قانون ‪ 1955‬المتعلق بحصص التأسيس‪ 3‬الصادرة عن الشركات‪،‬‬

‫‪ 1‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.454‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Rachid LAZRAK, Le nouveau droit pénal des sosiétés au Maroc, Ededtion La porte, Imprimerie El Maarif el‬‬
‫‪jadida, Rabat, 1997, page.40.‬‬

‫الظهير الشريف الصادر بتاريخ ‪ 29‬شوال ‪( 1374‬الموافق ل ‪ 20‬يونيو ‪ )1955‬المتعلق بحصص التأسيس‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪24‬‬
‫أصبح بإمكان شركات المساهمة إصدار حصص للتأسيس سواء عند تأسيسها أو في تاريخ الحق‬
‫لذلك‪ ،‬إال أن هذه اإلمكانية خلفت العديد من االثار السلبية وشكلت مصدرا لتحقيق مصالح شخصية‬
‫للجهاز المسير على حساب الشركة وباقي المساهمين‪ .1‬لذلك تدخل المشرع على مستويين‪:‬‬
‫فعلى مستوى ق‪.‬ش‪.‬م؛ منعت المادة ‪ 244‬ابتداء من سريان هذا القانون إصدار حصص المؤسسين‪،‬‬
‫كما تم بمقتضى البند الثالث من المادة ‪ 451‬من نفس القانون بنسخ الظهير المتعلق بحصص التأسيس‬
‫الصادرة عن الشركات السالف الذكر فيما يخص شركات المساهمة‪.‬‬
‫هذا وقد رتبت المادة ‪ 411‬ق‪.‬ش‪.‬م المسؤولية الجنائية عن إصدار هذه السندات‪ ،‬حيث نصت على‬
‫ما يلي‪« :‬يعاقب بغرامة من ‪ 8000‬إلى ‪ 40.000‬درهم المؤسسون وأعضاء مجلس اإلدارة أو التدبير‬
‫أو التسيير لشركة مساهمة الذين أصدروا حصصا للمؤسسين لحساب شركة مساهمة ابتداء من تاريخ‬
‫دخول هذا القانون حيز التطبيق»‪.‬‬
‫أما على مستوى ق‪.‬ب‪.‬ش؛ فقد تدخل المشرع أيضا لنسخ أحكام ظهير ‪ 20‬يونيو ‪ 1955‬فيما يتعلق‬
‫بشركات التوصية باألسهم‪ ،‬ومنع إصدار حصص التأسيس بالنسبة لهذه الشركات فقط ‪-‬دون باقي‬
‫الشركات‪ -‬تحت طائلة ترتيب نفس الجزاء المنصوص عليه في المادة ‪ 411‬ق‪.‬ش‪.‬م وذلك بموجب‬
‫اإلحالة العامة الواردة في المادة ‪ 118‬ق‪.‬ب‪.‬ش والتي سبق أن أشرنا إليها‪.‬‬
‫ومن أجل معالجة الوضعية المترتبة عن وجود حصص للتأسيس قبل صدور هذين القانونين فرض‬
‫المشرع على شركات المساهمة وشركات التوصية باألسهم العمل على إعادة شراء هذه السندات أو‬
‫تحويلها إلى أسهم قبل انقضاء السنة الثالثة الموالية لتاريخ نشر القانون ‪ 17.95‬على أن يصدر قرار‬
‫التحويل أو إعادة الشراء من لدن الجمعية العامة غير العادية بالنسية لشركات المساهمة (المادة ‪452‬‬
‫ق‪.‬ش‪.‬م)‪ ،‬وقبل انقضاء السنة الثانية الموالية لنشر القانون ‪ 05.96‬على أن يصدر قرار التحويل أو‬
‫إعادة الشراء بموافقة جميع الشركاء المتضامنين مالم يوجد شرط مخالف لذلك‪ 2‬بالنسبة لشركات‬
‫التوصية المبسطة (المادة ‪ 129‬ق‪.‬ب‪.‬ش)‪.‬‬
‫وفي حالة عدم احترام مقتضيات المادة ‪ 129‬ق‪.‬ب‪.‬ش بالنسبة لشركة التوصية باألسهم‪ ،‬فإنه يعاقب‬
‫مسيروها بغرامة من ‪ 2000‬إلى ‪ 10.000‬درهم‪ ،‬مع منح المسيرين مهلة جديدة ال تتجاوز ستة أشهر‬
‫من أجل القيام بالشراء أو التحويل‪ ،‬على أنه يترتب على عدم احترام هذه المهلة الجديدة معاقبة‬
‫المسيرين بغرامة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 20.000‬درهم‪ .‬أما بالنسبة لشركات المساهمة التي لم تحترم‬
‫مقتضيات المادة ‪ 452‬ق‪.‬ش‪.‬م فيعاقب مؤسسوها وأعضاء مجلس اإلدارة أو التدبير أو التسيير بنفس‬
‫العقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 411‬ق‪.‬ش‪.‬م‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية الجنائية عن خرق إجراءات الشهر‬
‫تعتبر إجراءات الشهر من أهم اإلجراءات التي يتعين على المؤسسين احترامها حتى تقوم الشركة‬
‫بشكل سليم وإال اعتبرت الشركة مختلة التأسيس‪ ،‬وترجع أهمية شهر الشركة في أن هذا اإلجراء‬
‫‪ 1‬عالل فالي‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫وهو النصاب القانوني المتطلب لتعديل النظام األساسي لشركة التوصية باألسهم وقفا للفقرة األولى من المادة ‪ 39‬ق‪.‬ب‪.‬ش‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪25‬‬
‫يشكل المفصل في وجود الشركة وتعتبر الوسيلة القانونية الكفيلة بإعالم األغيار الراغبين بالتعامل‬
‫معها بهذا الوجود وتمكنهم من أخذ صورة واضحة وحقيقية عن وضعيتها القانونية‪.‬‬
‫لذلك عمل المشرع المغربي على إضفاء نوع من الحماية الجنائية على إجراءات شهر الشركة‪،‬‬
‫سواء من خالل قوانين الشركات أو من خالل مدونة التجارة‪.‬‬
‫ز‬ ‫ز‬
‫قواني الشكات‬ ‫أوال‪ :‬يق‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 420‬من ق‪.‬ش‪.‬م كما تم تغييرها وتتميمها بمقتضى القانون ‪ ،178.12‬نجدها‬
‫تعاقب كل مؤسس أو متصرف أو مدير عام أو مدير عام منتدب أو عضو في مجلس اإلدارة الجماعية‬
‫لم يقم‪ ،‬داخل اآلجال القانونية‪ ،‬بإيداع لوثائق أو عقود لدى كتابة ضبط المحكمة وإما القيام بإجراء أو‬
‫إجراءات الشهر المنصوص عليها في هذا القانون‪ ،‬بغرامة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 50.000‬درهم‪ .‬وذلك‬
‫دون اإلخالل بتطبيق النصوص التشريعية الخاصة وال سيما منها المتعلقة بالمعلومات المطلوبة إلى‬
‫األشخاص االعتبارية التي تدعو الجمهور إلى االكتتاب‪.‬‬
‫غير أنه يمكن لهؤالء األشخاص إيداع الوثائق المشار إليها في المادة ‪ 158‬من نفس القانون‪ 2‬في‬
‫أجل إضافي مدته شهرين‪ ،‬وفي حالة عدم تسوية إجراءات الشهر داخل هذا األجل اإلضافي حينئذ‬
‫تطبق الغرامة السالفة الذكر‪.‬‬
‫كما تنص المادة ‪ 108‬من ق‪.‬ب‪.‬ش على أنه‪« :‬يعاقب بغرامة من ‪ 10.00‬إلى ‪ 50.00‬درهم‪،‬‬
‫المسيرون الذين ال يقومون داخل اآلجال القانونية بإيداع أو بإيداعات لوثائق أو عقود لدى كتابة ضبط‬
‫المحكمة أو ال يقومون بإجراء أو إجراءات الشهر المنصوص عليها في هذا القانون»‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته من خالل قراءتنا لهاتين المادتين أن المشرع لم يتطلب القصد الجنائي ضمن‬
‫العناصر التكوينية لجريمة عدم احترام إجراءات الشهر‪ ،‬بحيث يمكن تتحقق بمجرد الخطأ غير‬
‫العمدي‪ ،‬كاإلهمال مثال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬زق مدونة التجارة‪3‬‬
‫ي‬
‫ألزمت الفقرة األولى من المادة ‪ 75‬من مدونة التجارة طلب تسجيل الشركة خالل أجل ثالثة أشهر‬
‫التي تلي تأسيسها أو إحداثها‪ ،‬على أن مرور هذا األجل دون القيام بذلك يعطي الحق لإلدارة في إنذار‬

‫‪ 1‬القانون رقم ‪ 78.12‬القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات المساهمة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪106.15.1‬‬
‫بتاريخ ‪ 12‬من شوال ‪ 29(1436‬يوليوز ‪)2015‬؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 6390‬مكرر بتاريخ ‪ 12‬ذو القعدة ‪ 28(1436‬أغسطس ‪ ،)2015‬ص‬
‫‪ 7416‬مكرر‪.‬‬
‫‪ 2‬يتعلق األمر بنظيرين من القوائم التركيبية مرفقين بنسخة من تقرير مراقب أو مراقبي الحسابات‪ ،‬حيث يتعين إيداع هذه الوثائق بكتابة ضبط‬
‫المحكمة داخل أجل شهرين من تاريخ مصادقة الجمعية العامة عليها‪ .‬مع إمكانية القيام بهذا اإليداع بطريقة إلكترونية وفق الشروط التي ينص‬
‫عليها المرسوم رقم ‪ 2.20.956‬لتطبيق المقتضيات المتعلقة بالشهر في السجل التجاري االلكتروني وإيداع القوائم التركيبية للشركات بطريقة‬
‫إلكترونية الصادر في ‪ 5‬أبريل ‪.2021‬‬
‫‪ 3‬القانون ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.96.83‬الصادر بتاريخ ‪ 15‬ربيع األول ‪( 1417‬فاتح أغسطس‬
‫‪ ،)1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4418‬بتاريخ ‪ 19‬جمادى األولى ‪ 3( 1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬ص ‪.2187‬‬

‫‪26‬‬
‫المسؤولين عنها‪ ،1‬وبعد انصرام شهر واحد على هذا اإلنذار‪ ،‬فإن كل مسير أو عضو من أعضاء‬
‫مجلس اإلدارة أو التدبير أو التسيير‪ ،‬لم يبادر داخل اآلجال القانونية إلى طلب التقييدات الواجبة‪،‬‬
‫يعاقب‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 62‬من المدونة بغرامة مالية تتراوح بين ‪ 1.000‬درهم و‪ 5.000‬درهم‪ .‬وحسب‬
‫الفقرة الثانية من المادة ‪ 63‬من المدونة فإن المحكمة االبتدائية المصدرة للحكم بالغرامة المذكورة تأمر‬
‫بتدارك التقييد المغفل في أجل شهرين فإن لم يتم ذلك داخل هذا األجل‪ ،‬أمكن الحكم بغرامة جديدة‪.2‬‬
‫وطبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ 62‬من مدونة التجارة فإن نفس الغرامة تطبق عند عدم احترام‬
‫مقتضيات المادة ‪ 39‬من نفس المدونة‪ ،‬التي يمنع بموجبها على الملزمين بالتقييد في السجل التجاري‬
‫إجراء تسجيلهم بصفة رئيسية في سجالت محلية متعددة أو في سجل محلي واحد تحت أرقام عدة‪.3‬‬
‫أما بخصوص تقديم بيانات أو معطيات غير صحيحة قصد التسجيل بالسجل التجاري‪ ،‬فقد كان‬
‫المشرع أكثر تشددا في العقوبة المقررة‪ ،‬بشكل حاول معه ضمان مصداقية وجدية البيانات والوثائق‬
‫المدلى بها‪ ،‬وكذا تدارك النقص في الرقابة القضائية المقررة على عمليات التسجيل‪ .‬وفي هذا اإلطار‬
‫نصت المادة ‪ 64‬من مدونة التجارة على أنه‪« :‬يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة تتراوح بين‬
‫‪ 1.000‬و‪ 50.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل من أدلى بسوء نية ببيان غير صحيح‬
‫قصد تسجيله أو تقييده بالسجل التجاري‪ .‬يأمر الحكم باإلدانة بتصحيح البيان الخاطئ بالشكل الذي‬
‫يحدده»‪.4‬‬
‫كما يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة ‪ 64‬على كل بيان غير صحيح ضمن بسوء نية‬
‫على الوثائق التجارية للتجار والشركات التجارية (المادة ‪ 66‬من نفس المدونة)‪.‬‬
‫وفي ختام هذه الفقرة‪ ،‬نشير إلى أن جميع العقوبات التي تطرقنا إليها سواء المتعلقة بشركات‬
‫المساهمة أو المتعلقة بباقي الشركات التجارية تضاعف في حالة العود استنادا إلى المادة ‪ 375‬ق‪.‬ش‪.‬م‬
‫والمادة ‪ 101‬من ق‪.‬ب‪.‬ش‪ .‬كما تضاعف العقوبة المنصوص عليها في المادة ‪ 64‬من مدونة التجارة‬
‫في حالة العود طبقا للمادة ‪ 67‬من نفس المدونة‪ .‬على أنه يعتبر في حالة عود من يرتكب جريمة بعد‬
‫أن يكون قد حكم عليه بالحبس أو الغرامة أو هما معا بحكم حائز لقوة الشيء المقضي به من أجل‬
‫جريمة مماثلة قبل مضي خمس سنوات من تمام تنفيذ العقوبة أو تقادمها (حسب مدلول المادتين ‪375‬‬
‫ق‪.‬ش‪.‬م و‪ 101‬ق‪.‬ب‪.‬ش) أو من تاريخ اكتساب ذلك الحكم قوة الشيء المقضي به (حسب مدلول المادة‬
‫‪ 67‬من مدونة التجارة)‪.‬‬

‫‪ 1‬أنظر المادة ‪ 6‬من المرسوم رقم ‪ 2.96.906‬المتعلق بتطبيق الباب الثاني المتعلق بالسجل التجاري بالقسم الرابع من الكتاب األول من القانون‬
‫‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ 2‬يصدر هذا الحكم‪ ،‬بناء على طلب من القاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري بعد االستماع إلى المعني باألمر أو استدعائه بصفة قانونية وذلك‬
‫وفقا للفقرة األولى من المادة ‪.63‬‬
‫‪ 3‬تنص المادة ‪ 39‬من مدونة التجارة على أن‪« :‬لتسجيل طابع شخصي‪ ،‬وال يجوز ألي ملزم أو شركة تجارية أن يسجل بصفة رئيسية في عدة‬
‫سجالت محلية أو في سجل محلي واحد تحت عدة أرقام‪ .‬يقوم القاضي تلقائيا بالتشطيبات الالزمة‪»...‬‬
‫‪ 4‬تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 11‬من المرسوم رقم ‪ 2.96.906‬السالف الذكر على مايلي‪« :‬وإذا افترض رئيس المحكمة أو القاضي المكلف‬
‫بمراقبة السجل التجاري أن تصريحا يقع تحت طائلة المادة ‪ 64‬من القانون المشار إليه أعاله رقم ‪ ،15.95‬وجب عليه أن يبلغ ذلك إلى النيابة‬
‫العامة»‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫خ ـاتمـ ـة‪:‬‬
‫خالصة القول أن حاالت اختالل الشركة عديدة تكون نتيجة تهاون المؤسسين عن القيام باإلجراءات‬
‫الالزمة قانونا أو إهمالها عن قصد‪ ،‬غير أن هذه االختالالت ال تؤدي بالضرورة إلى الحكم ببطالن‬
‫الشركة بالنظر لخطورة هذا الجزاء خاصة بالنسبة لشركات المساهمة‪ ،‬وهو ما يترجم فلسفة المشرع‬
‫الواضحة والمتمثلة في اإلبقاء على الشركة ضمن النسيج االقتصادي الوطني وقيامها باألدوار‬
‫االقتصادية واالجتماعية المسطرة لها‪.‬‬
‫وعلى ضوء دراستنا المتواضعة لهذا الموضوع فقد خرجنا بمجموعة من االستنتاجات‪:‬‬
‫‪ -‬المشرع المغربي تدخل بنصوص آمرة وفرض مجموعة من اإلجراءات والشروط التي يتعين‬
‫احترامها من قبل المؤسسين عند تأسيس الشركة من أجل ضمان قيامها خالية من العيوب‪،‬‬
‫بحيث يترتب على عدم مراعاة تلك اإلجراءات اختالل في تأسيس الشركة‪.‬‬
‫‪ -‬كما أنه قلص بشكل كبير من نطاق وحدة البطالن في قوانين الشركات التجارية ومتعه‬
‫بخصوصيات متميزة تجعل منه بطالنا نصيا وغير نهائي بل قابال للتسوية وغير رجعي‪.‬‬
‫‪ -‬فضال عن ذلك‪ ،‬عمل على تكريس المسؤولية المدنية للمؤسسين وألجهزة اإلدارة أو التدبير أو‬
‫التسيير عن األضرار التي تنتج عن اختالل الشركة حفاظا على حقوق الشركة نفسها والشركاء‬
‫واألغيار المتعاملين معها‪ .‬كما أن هذه المسؤولية المدنية مع نظيرتها الجنائية تشكالن وسيلة‬
‫فعالة لدفع المؤسسين إلى اتخاذ مزيد من الحيطة والحذر أثناء القيام بأعمال التأسيس‪ ،‬وكل‬
‫ذلك يصب في إطار حماية النظام العام االقتصادي‪.‬‬
‫وهو ما يقودنا إعطاء بعض االقتراحات التي من شأنها ‪-‬حسب رأينا‪ -‬أن تعزز حماية الشركة من‬
‫اختالالت التأسيس‪:‬‬
‫‪ -‬عدم ترتيب جزاء البطالن عن عدم تضمين النظام األساسي للبيانات اإللزامية بالنسبة لباقي‬
‫الشركات التجارية كما هو الشأن بالنسبة لشركة المساهمة‪ ،‬مع تعميم إمكانية تسويتها وفقا‬
‫للمادة ‪ 12‬ق‪.‬ش‪.‬م على كافة الشركات‪.‬‬
‫‪ -‬التشديد من المسؤولية الجنائية عن خرق إجراءات التأسيس قصد تحقيق الردع الزجري‬
‫الكافي‪.‬‬
‫‪ -‬العمل على تجميع قواني الشركات في قانون واحد‪ ،‬قصد تفادي كثرة اإلحاالت التي نتج عنها‬
‫تداخل في العديد من مقتضيات القانونين وبالتالي صعوبة تطبيقها‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الئـ ـح ـ ـة ال ـ ـم ـ ـراج ـ ـ ـع‪:‬‬
‫ز‬
‫القواني‪:‬‬
‫❖ قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في ‪ 9‬رمضان ‪12( 1331‬‬
‫أغسطس ‪.1913‬‬
‫❖ القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪1.96.83‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 15‬ربيع األول ‪( 1417‬فاتح أغسطس ‪ ،)1996‬الجريدة الرسمية عدد ‪4418‬‬
‫بتاريخ ‪ 19‬جمادى األولى ‪ 3( 1417‬أكتوبر ‪.)1996‬‬
‫❖ القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركات المساهمة‪ ،‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.96.124‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬ربيع اآلخر ‪ 30( 1417‬أغسطس ‪ ،)1996‬الجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 4422‬بتاريخ ‪ 4‬جمادى اآلخرة ‪ 17( 1417‬أكتوبر ‪.)1996‬‬
‫❖ القانون رقم ‪ 5.96‬المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية باألسهم‬
‫وشركة األسهم المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة‪ ،‬الصادر بتنفيذه‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 1.97.49‬الصادر بتاريخ ‪ 5‬شوال ‪ 13( 1417‬فبراير ‪ ،)1997‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 4478‬بتاريخ ‪ 23‬ذي الحجة ‪( 1417‬فاتح ماي ‪.)1997‬‬
‫الكتب‪:‬‬
‫❖ أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع االقتصادي‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ :‬في النظرية العامة للشركات‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط ‪.2003 ،‬‬
‫❖ عز الدين بنستي‪ ،‬الشركات في القانون المغربي‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2014‬‬
‫❖ عالل فالي‪ ،‬الشركات التجارية‪ ،‬الجزء األول‪ :‬المقتضيات العامة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2019‬‬
‫❖ فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد‪ ،‬الجزء الثاني‪ :‬الشركات التجارية‪ ،‬مطبعة األمنية‬
‫الرباط ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪.2012‬‬
‫األطاريـ ــح‪:‬‬
‫❖ نور الدين الفقيهي‪ ،‬الشركة في طور التأسيس‪ :‬الوضع القانوني والتدابير الحمائية‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬وحدة التكوين والبحث‪ :‬قانون التجارة واألعمال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس السويسي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية – السويسي الرباط ‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2012/2011‬‬

‫‪Articles en Français :‬‬

‫‪29‬‬
❖ Mohamed Alami Machichi, précarité de la réforme de la société
anonyme, R.M.D.E., 1996, Numéro 37.
❖ Rachid LAZRAK, Le nouveau droit pénal des sosiétés au Maroc,
Ededtion La porte, Imprimerie El Maarif el jadida, Rabat, 1997.

30
‫الفهرس‪:‬‬
‫مـقـدمـة‪3 .......................................................................................................... :‬‬
‫من مجال اختالل تأسيس الشكة وإمكانية تداركه‪Error! ....‬‬ ‫ر‬
‫التضييق ز‬ ‫المبحث األول‪:‬‬
‫‪Bookmark not defined.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مظـاهــر التضييق من مجال اختــالل تأســيس الشــركة ‪7 ...........................‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التضييق من حاالت اختالل تأسيس الشكة مقارنة بالقانون القديم ‪7 .......‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حرص حاالت اختالل تأسيس الشكة الموجبة للبطالن ‪8 ......................‬‬
‫الثاب‪ :‬إمكانية تدارك البطالن وخصوصية آثاره ‪11 ........................................‬‬ ‫المطلب ز‬
‫ي‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬نظام التسوية كآلية لتدارك البطالن ‪12 ..............................................‬‬
‫أوال‪ :‬ضوابط تسوية اختالالت تأسيس الشكة الموجية للبطالن ‪12 ........................‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود تسوية اختالالت تأسيس الشكة الموجبة للبطالن ‪13 ..........................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬خصوصية آثار البطالن الناتج عن اختالل تأسيس الشكة ‪14 .................‬‬
‫أوال‪ :‬حل الشكة بالنسبة للمستقبل ‪15 ............................................................‬‬
‫ز‬ ‫ز‬ ‫ئ‬
‫الماض ‪15 .....................................‬‬
‫ي‬ ‫الناش عن قيام الشكة يق‬ ‫ثانيا‪ :‬تصفية الوضع‬
‫من اختالل تأسيس الشكة ‪Error! ....‬‬ ‫المبحث الثان ز ‪ :‬دور المسؤولية القانونية ف ز الحد ز‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪Bookmark not defined.‬‬
‫ز‬
‫المطلب األول‪ :‬دور المسؤولية المدنية يق الحد من اختالل تأسيس الشكة ‪18 ................‬‬
‫احتام بعض إجراءات التأسيس ‪18 ..............‬‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬المسؤولية المدنية عن عدم ر‬

‫األضار الناجمة عن بطالن الشكة ‪19 ................‬‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية المدنية عن ز‬

‫أوال‪ :‬بالنسبة لشكة المساهمة وشكة التوصية باألسهم وشكة األسهم المبسطة ‪20 ..‬‬
‫ر‬
‫ثانيا‪ :‬بالنسبة ي‬
‫لباق الشكات التجارية ‪20 ............................................................‬‬
‫ز‬ ‫المطلب ز‬
‫الثاب‪ :‬دور المسؤولية الجنائية يق الحد من اختالالت تأسيس الشكة ‪21 ............‬‬ ‫ي‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم المتعلقة برأسمال الشكة ‪21 .................‬‬
‫أوال‪ :‬الجرائم المتعلقة باألسهم ‪21 ...................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الجرائم المتعلقة باالكتتاب ‪23 ................................................................‬‬
‫ز‬
‫ثالثا‪ :‬الغش أو التدليس يق تقييم الحصة العينية ‪24 .............................................‬‬

‫‪31‬‬
‫رابعا‪ :‬الجرائم المتعلقة بإصدار حصص التأسيس ‪24 ............................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬المسؤولية الجنائية عن خرق إجراءات الشهر ‪25 ................................‬‬
‫ز‬ ‫ز‬
‫قواني الشكات ‪26 ............................................................................‬‬ ‫أوال‪ :‬يق‬
‫ز‬
‫ثانيا‪ :‬يق مدونة التجارة‪26 ..............................................................................‬‬
‫خ ـاتم ــة‪28 ........................................................................................................ :‬‬
‫الئـ ـحـ ــة ال ـ ـمـ ــراجـ ـ ــع‪29 .......................................................................................... :‬‬
‫الفهرس‪31 ....................................................................................................... :‬‬

‫‪32‬‬

You might also like