Professional Documents
Culture Documents
الطلبة :
الرباط- انجاز
السويسي- من
-عبد الحميد مبركي
-العباسي عبد اإلله
-عبد المنعم أكنيدي
-نايت بسالم محمد
األستاذ المشرف:
محمد محبوبي
1
الفهرس:
مقدمة2......................................................
المبحث األول :المسؤولية المدنية لمراقب الحسابات
4............
تجاه الحسابات مراقب مسؤولية األول: المطلب
الشركة4.................
تجاه الحسابات مراقب مسؤولية الثاني: المطلب
الغير6...................
المطلب الثالث :إجراءات الدعوى المدنية ضد مراقب الحسابات7..
الفقرة األولى :أطراف دعوى المسؤولية المدنية لمراقب الحسابات7........................
الفقرة الثانية :االختصاص القضائي8.......................................................
الفقرة الثالثة :انقضاء الدعوى المدنية لمراقبي الحسابات9.................................
2
الفقرة الثالثة :اآلثار المترتبة عن الجزاءات التأديبية19...................................
خاتمة21....................................................:
المراجع 22.....................................................
3
مقدمة:
إن النظرة التقليدية لمراقبي الحسابات في الشركات التجارية ،بدأت تتالشى في الدول
المتقدمة ،إذ أصبح ينظر إلى دور المراقب كأداة ووسيلة تساعد الشركات في تنظيم عملها
والتحكم فيه ،خاصة في الوقت الحاضر ،حيث نجد أن أغلب الدول تجعل نصب عينيها
تطوير القوانين والوسائل المرتبطة بالمال واألعمال ضمانا لتحريك االستثمارات وتشجيع
االقتصاد الوطني ،إال أنه وفي إطار الدور المنوط بمراقبي الحسابات ،قد تصدر عن هؤالء
األخيرين مجموعة من األخطاء التي غالبا ما تنتهي بتحميلهم المسؤولية.
وتعني كلمة "المسؤولية" بصفة عامة ،ما يكون اإلنسان مؤاخذا أو مطالبا به ،من
أجل أمور أو أفعال أتاها ،وتعني أيضا أن هناك فعال ضارا تجب مؤاخذة فاعله ،ولذلك فإن
ال مسؤولية على من أتى فعال ال ينتج عنه أي ضرر للغير.1
وجدير باإلشارة أن مهنة مراقب الحسابات من المهن المحفوفة بالمخاطر كما يؤكد
ذلك كل من Mourice Cozianو Alian viandierوالمهمة في نفس الوقت لضبط
ومراقبة وتتبع حسابات الشركة وفق الشروط واألهداف المنصوص عليها في قانوني
الشركات رقم 17.95المتعلق بشركات المساهمة ،والذي عدل وتمم بمقتضى قانون 20.05
سنة 2008وقانون رقم 5.96المتعلق بباقي الشركات المعدل والمتمم بموجب القانون
21.05سنة ،2006كما تخضع مهنة مراقبة الحسابات لقانون خاص ومستقل وهو القانون
15.89المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية ،وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين والصادر في
3فبراير .1993
- 1عبد الرحمان مصلح الشرادي ،الخطأ في المسؤولية المدنية التقصيرية الشخصية ،دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع،
الرباط ،الطبعة األولى ،يناير ،2001ص.11
4
وقد ألزم المشرع المغربي من خالل المادة 159من قانون 17.95المتعلق بشركات
المساهمة والسالف ذكره ،أن يعين في كل شركة مساهمة مراقب أو عدة مراقبين للحسابات
يتولون القيام بمراقبة وحصر حسابات الشركة ،وأعطى االختيار لباقي الشركات في تعيين
المراقبين لتولي هذه المهمة ،إال أن هذا األمر قد يصبح إلزاميا في الشركات التي يتجاوز رقم
معامالتها عند اختتام السنة المحاسبية 50مليون درهم دون اعتبار الضرائب.1
وإذا كانت الفكرة التي أسلفنا ذكرها في البداية توحي إلى أن مهنة مراقبي الحسابات
من المهن المحفوفة بالمخاطر ،فإن ذلك مرده إلى كون المراقبين ملزمون بالقيام بعملهم على
أحسن وجه ،وكذا باحترام القانون الجاري به العمل وما تفرضه عليهم أنظمتهم األساسية من
حسن السلوك والمروءة واالستقامة إذ أنه في حالة الخرق أو التطاول على هذه القوانين يكون
مراقب الحسابات مواجها بالمسؤولية التي تتأرجح بين المسؤولية المدنية والتي بدورها قد
تكون عقدية أو تقصيرية ،إضافة إلى مسؤولية جنائية عن كل فعل يخالف القانون الجنائي أو
المقتضيات الزجرية في القوانين المهنية ،مع عدم إغفال ما قد يصيبهم من عقاب إثر تحملهم
تبعات المسؤولية التأديبية.
ولمعالجة هذه المقتضيات وحتى نحيط بكل مسؤولية على حدة سننهج التقسيم التالي:
5
المبحث األول :المسؤولية المدنية لمراقب الحسابات
المطلب األول :مسؤولية مراقب الحسابات تجاه الشركة
قبل الحديث عن مسؤولية مراقب الحسابات تجاه الشركة ينبغي للبحث عن طبيعة
العالقة التي تربط مراقب الحسابات مع الشركة ،وبالرجوع إلى المادة األولى من قانون رقم
15.89المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة 1المحاسبية تنص على أن مراقب الحسابات الذي يتولى
مهمة مراقبة وضبط حسابات الشركة ال يرتبط معها بعقد عمل" .وبالتالي يثور التساؤل حول
طبيعة العالقة بين مراقب الحسابات والشركة؟.
إن مراقب الحسابات يرتبط مع الشركة بمقتضى وكالة بأجر ،وعلى هذا األساس
يمكن اعتبار مسؤولية المراقب تجاه الشركة مسؤولية عقدية.2
يلحقها بسبب األخطاء التي تقع منه في تنفيذ عمله ،وإذا كان للشركة أكثر من مراقب
واشتركوا في الخطأ كانوا مسؤولين بالتضامن نحو الشركة.4
وفي هذا السياق يرى جانب من الفقه الجزائري أن مندوبي الحسابات يشكلون هيئة
قائمة بذاتها في الجهاز التنظيمي لشركة المساهمة يقوم بمراقبة أعمال الشركة فإذا ترتب عن
-1قانون رقم 89-15بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين الجريدة الرسمية عدد 4188-11
شعبان 1413الموافق ل 3فبراير .1993
- 2قانون 20-05صادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 18.08.1بتاريخ 23ماي ،2008منشور بالجريدة الرسمية عدد
5639بتاريخ 16يونيو ،2008صفحة .1359
- 3عبد الحكم فوده ،شركات األموال والعقود التجارية في ضوء قانون الشركات الجديدة دار الفكر الجامعي،1998 ،
صفحة .65
- 4رضوان عز الدين "مراقب الحسابات في قانون شركات المساهمة في المغرب" رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،وحدة األعمال والمقاوالت،2004-2003 ،ص.
6
أدائها لمهمة الرقابة أخطاء ترتبت عنها أضرار تحملت هذه الهيأة مسؤوليتها المدنية طبقا
للقواعد العامة.1
ويسير القانون اللبناني في نفس السياق حيث تنص المادة 229من قانون شركات
المساهمة اللبناني على مسؤولية مدقق الحسابات تجاه شركة المساهمة العامة عن تعويض
الضرر الذي يلحقه بسبب األخطاء التي قد يرتكبها أثناء قيامه بعمله.2
من خالل ماتم التطرق إليه يمكن القول بأن مراقب الحسابات ملزم بتعويض األضرار
التي تسبب فيها بأخطائه تجاه الشركة ،لذلك فهو ملزم ببذل عناية الرجل العادي .نظرا لكون
خطئه ذو طابع مهني واجب اإلثبات.
وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها على أنه يلزم إقامة الدليل على
خطأ أو تقصير مراقب الحسابات فهو خطأ مهني واجب اإلثبات.3
وتقوم مسؤولية مراقب الحسابات مثال في حال رفضه تحرير تقريره ،متسببا في ذلك
في حرمان الجمعية العامة من االنعقاد.
من جهة أخرى فإن مراقب الحسابات يتحمل مسؤولية تجاه الغير سواء كان هذا الغير
- 1نادية فوضيل ،شركات األموال في القانون الجزائري 2003ص ،337.دون ذكر دار النشر.
- 2فوزي محمد سامي" ،شرح القانون التجاري" ،المجلد الرابع ،دار مكتبة التربية ببيروت،1997 ،ص.304
3 - Cour de cassation française, 9 février 1988 Rev-SOC1988, page555.
7
تتحدد مسؤولية مراقب الحسابات تجاه الغير خارج إطار العالقة العقدية التي تربطه
مع الشركة بمعنى أن هذا الغير يشمل أي شخص سواء كان طبيعيا أو معنويا غير الشركة
التي يؤدي المراقب مهامه في إطارها.
وإذا كانت طبيعة المسؤولية التي يضطلع بها المراقب في عالقته مع الشركة هي
مسؤولية عقدية نظرا لوجود عقد يربطه مع هذه الشركة فإن طبيعة المسؤولية التي تربط
المراقب مع الغير هي مسؤولية تقصيرية تخضع في مبادئها وشروط قيامها للمبادئ العامة
للمسؤولية المدنية ،بحيث يشترط لقيامها ثالث عناصر وهي الخطأ والضرر والعالقة
السببية.1
بحيث يجب أن يصدر خطأ عن مراقب الحسابات تجاه الغير أثناء ممارسته لمهامه
وهو المبدأ الذي جاء به قانون 17.95المتعلق بشركات المساهمة في المادة 180التي نصت
على أن "مراقب الحسابات يسأل تجاه الشركة واألغيار عن الضرر الناتج عن الخطأ أو
اإلهمال المرتكب من طرفه خالل مزاولته لمهامه".
وبالرجوع إلى القواعد العامة للمسؤولية المدنية نجد أن الخطأ هو ترك ما كان يجب
وانطالقا من هذا التعريف يمكن القول أن أي فعل مخالف لسلوك الرجل العادي 3قام
به مراقب الحسابات يسأل عنه".
إال أن اإلشكال الذي يثور هنا يتعلق بحالة اشتراك عدة محاسبين في الخطأ.
1 - Maurice Causianot Alain viandris, « droit des sociétés », 10em édition, libraire de la cour
de cassation place Dacline ; 75001 paris, page 345.
- 2المادة 78من ق ل ع.
- 3إدريس العلوي العبدوالوي ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،الجزء الثاني ،دار النجاح الجديدة ،الطبعة
األولى ،2000ص.152.
8
في هذه الحالة يعتبر المراقبون مسؤولين مسؤولية تضامنية وتبقى للمحكمة السلطة
إضافة إلى الخطأ ينبغي أن يحدث هذا األخير ضررا للغير ،ويشترط أن يكون محققا
وليس محتمل الوقوع.
ال يكفي لقيام المسؤولية التقصيرية تجاه الغير وجود خطأ وضرر بل ينبغي إضافة
إلى ذلك وجود عالقة سببية تربط بين الخطأ والضرر وتكون عالقة مباشرة ،بمعنى أن
الخطأ الذي قام به مراقب الحسابات هو الذي تسبب في الضرر الذي أصاب الغير.1
ويعتبر مراقب الحسابات مسؤوال تجاه الغير في حال قيامه مثال بالتصديق على قوائم
مالية خاطئة أو غير مطابقة للوضعية المالية للشركة وقام هذا الغير بالتعاقد مع الشركة على
أساس التقرير الذي صادق عليه مراقب الحسابات ،فتعرض لضرر ،فإن مسؤولية مراقب
الحسابات تقوم إذا أثبت الغير وجود عالقة السببية بين الخطأ والضرر الذي تعرض له في
إطار مسؤولية مدنية ،وذلك وفق إجراءات معينة.2
(فقرة .)3
1- Paulette Bauvert et Nicole Direct droit des sociétés auteregroupement, Edition ESKA 1997,
Paris 75001, Page 118.
- 2مقال لعيسى أبو طبل "المسؤولية التقصيرية لمراقب الحسابات" مجلة المحاسبة واإلدارة والتأمين ،العدد 18سنة
1974ص 38.وما بعدها.
9
ترفع دعوى المسؤولية المدنية من طرف الشركة (أوال) أو من طرف األغيار دون
الشركة (ثانيا).
يمكن للشركة أن ترفع دعوى ضد مراقب الحسابات لكون مراقب الحسابات مسؤوال
أمام الشركة عن األخطاء التي يمكن أن يرتكبها أثناء تأديته لمهامه ،ويمكن أن ترفع هذه
الدعوى من طرف المسيرين أو من طرف رئيس مجلس اإلدارة أو مجلس اإلدارة
الجماعية.1
كما يمكن أن يرفعها المصفي بالنسبة للشركات التي توجد في طور التصفية أو
السنديك بالنسبة للشركات التي تمت تصفيتها قضائيا.
كما يمكن للغير رفع دعوى مدنية ضد مراقب الحسابات للمطالبة بالتعويض عن
الضرر الذي لحقه نتيجة الخطأ الذي ارتكبه مراقب الحسابات وهذا الغير يمكن أن يكون
شخصا معنويا أو طبيعيا غير الشركة.
ترفع دعوى المطالبة بالتعويض التي ترفعها الشركة واألغيار ضد مراقب الحسابات
باعتباره مسؤوال أمام الشركة واألغيار وهذا المراقب يمكن أن يكون شخصا طبيعيا أو
شركة لمراقبة الحسابات ،بحيث تكون المسؤولية في هذه الشركة تضامنية وتقام هذه الدعوى
-االختصاص النوعي
1 - Moneger (J) Ranier (T), le commissaire une compte op.cit p.159.
10
تعتبر المحاكم االبتدائية صاحبة الوالية العامة في االختصاص ما لم يوجد نص
مخالف ،وذلك طبقا لمقتضيات المادة 18من قانون المسطرة المدنية ،وانطالقا من هذا
المقتضى يظهر أن المحكمة المختصة للنظر في قضايا المسؤولية المدنية التي تقع على
مراقب الحسابات هي المحكمة االبتدائية.
ومن جهة أخرى يمكن أن يستند االختصاص للمحاكم التجارية إذا كان مراقب
الحسابات شركة تجارية ،مثال شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة .1كما يمكن
االتفاق بين مراقب الحسابات الشخص الطبيعي والشركة المراقبة المدعية أو الغير على
إسناد االختصاص للمحكمة التجارية.2
-االختصاص المحلي:
يخضع هذا النوع من االختصاص للمادة 27من قانون المسطرة المدنية التي تنص
على أن االختصاص المحلي ،يكون لمحكمة مواطن المدعى عليه أو محل إقامته ،أي محكمة
مكان المواطن المهني لمراقب الحسابات .أما في الحالة التي يكون فيها مراقب الحسابات
شركة تجارية فإن المحكمة المختصة محليا واستنادا إلى المادة 11من القانون المنظم
للمحاكم التجارية 95.53هي المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فروعها.
تنقضي هذه الدعوى إما بحصول المتضرر على التعويض أو االتفاق عليه ،أو
بالتقادم ،وذلك طبقا للقواعد العامة.
- 1امحمد لفروجي ،التاجر وقانون التجارة بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية،ص.65
- 2المادة 5من قانون 95-53المتعلق بإحداث المحاكم التجارية.
11
ففي حالة أداء مراقب الحسابات للتعويض المقدر من طرف المحكمة أو الذي شمله
أما بالنسبة النقضاء دعوى المسؤولية المدنية لمراقب الحسابات عن طريق التقادم،
فإنها محددة في 5سنوات من تاريخ وقوع الفعل الضار أو من تاريخ اكتشافه في حالة
وتجدر اإلشارة إلى أن المشرع المغربي في مسألة التقادم هاته قد خالف المشرع
الفرنسي الذي نص على مدة أقل للتقادم وهي 3سنوات.3
إذا كان ما سبق ذكره يتعلق بالمسؤولية المدنية لمراقب الحسابات ،فإن هذا ال يمنع
قيام مسؤولية هذا األخير الجنائية ،عن األفعال التي يرتكبها والمعتبرة بمثابة جرائم ،إضافة
إلى مسؤوليته التأديبية المقررة ضدا على عدم احترامه لقواعد المهنة.
(المطلب األول) ،إضافة إلى أن هناك بعض األفعال يشكل ارتكابها سببا في تعرضه
للمسؤولية التأديبية خاصة التي تمس بشرف المهنة وسمعتها وكرامتها (المطلب الثاني).
12
وخالفا لما هو األمر عليه في المسؤولية المدنية والتأديبية ،فإن مسؤولية مراقب
الحسابات الجنائية ال تقوم إال إذا كانت تصرفاته مجرمة طبقا لمبدأ الشرعية.
وعليه فإن الجرائم التي يقترفها مراقب الحسابات نوعان :جرائم تتعلق بمخالفة
القواعد التي تضمن لمراقب الحسابات كفاءته واستقالليته ،وللتأكيد على أهمية دور مراقب
الحسابات داخل هيكل الشركة فإن المشرع أقرن هذه الجرائم وربطها بجزاءات ومؤيدات
تضمن احترامها.
إن التشريع المغربي وعلى غرار نظيره الفرنسي قد جرم مجموعة من األفعال
والتصرفات التي يرتكبها مراقب الحسابات إخالال بواجباته الرقابية ،وتتجسد هذه الجرائم في
تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضع الشركة ،وكذا عدم اإلعالم باألفعال الجرمية،
إضافة إلى إفشاء أسرار المهنة وسنتناول بالشرح كل نقطة على حدى.
أشار المشرع المغربي إلى هذا النوع من الجرائم في المادة 405من قانون شركات
المساهمة ،17-95والتي تقابلها المادة 457من التشريع الفرنسي وتقع إذا قدم أو أكد مراقب
الحسابات عن قصد باسمه الخاص أو بصفته شريكا في شركة لمراقبة الحسابات معلومات
كاذبة بشأن وضع الشركة ،وما يالحظ على المادة 405أنها جاءت عامة فإن الجريمة تقع أيا
كان الشكل الذي اتخذه النشاط اإلجرامي ،فقد تخطى المعلومات الكاذبة كتابيا أو شفويا أو
عن طريق إعالن منشور.1
13
وقد ثار جدل فقهي في فرنسا حول طبيعة هذه المعلومات فذهب اتجاه إلى أن عبارة
معلومات تضم المعلومات المالية والمحاسبة فقط ،بينما ذهب اتجاه ثان إلى التوسع في عبارة
المعلومات ويرى بأن الرأي السابق يضيق من نطاق التجريم الذي يتعارض مع عمومية
ومهام مراقبي الحسابات التي تتعدى الرقابة على أموال الشركة.1
أما القضاء الفرنسي فقد أقر التفسير الواسع لنص التجريم ،وبالتالي فإن المعلومات
المقصودة بالتجريم تشمل جميع المعلومات التي قد يطلع عليها مراقب الحسابات أثناء قيامه
2
بمهامه .وهو نفس التوجه الذي أكده كل من.Nicole Seret, Paulette bauvert
نص المشرع المغربي على هذا النوع من الجرائم التي يرتكبها مراقب الحسابات أثناء
قيامه بعمله في المادة 405من قانون 17-95السالف الذكر بقوله...":عدم إعالمه ألجهزة
اإلدارة أو التدبير أو التسيير بكل األفعال التي بلغت إلى علمه أثناء مزاولته لمهامه وبدا له
أنها تكتسي صبغة جرمية".
غير أن مشروع قانون الشركات لسنة 1989في المادة 167منه كان أكثر تشددا
عندما ألزم مراقب الحسابات بضرورة إشعار وكيل الملك باألفعال ذات الصفة الجرمية ،إال
أنه تم إلغاء المقتضى في القوانين الجديدة للشركات الشيء الذي أضعف قوة المراقبة ،أما
الفقه الفرنسي فيلزم مراقب الحسابات في هذا الشأن بإبالغ وكيل الجمهورية بكل األفعال
14
-جريمة إفشاء أسرار المهنة
يحتل مراقب الحسابات داخل الشركة مركزا حساسا يجعل منه جهازا يكون على علم
بجميع أسرار هذه الشركة ،لذلك قام المشرع المغربي بتقييد هذا المراقب بااللتزام بالسر
المهني تحت طائلة الجزاء.
ونظرا ألهمية دور مراقب الحسابات وخطورته في نفس الوقت فقد أقر المشرع
المغربي تطبيق أحكام المادة 446من القانون الجنائي على مراقب الحسابات التي تتكلف
بجرائم إفشاء السر المهني ،وقد حدد المشرع ذاته في المادة 177طبيعة األعمال الملزمين
بكتمانها وهي كل الوقائع واألعمال والمعلومات التي يطلعون عليها بحكم ممارستهم لمهامهم.
ولهذا فإن السر المشمول بالحماية الجنائية ال يقتصر فقط على ما أفضي به صراحة إلى
مراقب الحسابات ،بل يشمل أيضا كل ما توصل إليه أثناء مزاولة مهامه.1
من أجل ضمان مراقبة وتتبع وتدقيق فعال يؤدي غايته في الرقابة على حسابات
الشركة ،البد من أن يتمتع من يباشر هذه المهمة باالستقالل والحياد في مواجهة من تباشر
عليه هذه الرقابة من جهة ،والتوفر على المؤهالت والخبرة الالزمة لممارسة هذه الوظيفة.
لقد أشار المشرع المغربي إلى هذه المخالفات في المادة 161و 162من قانون -95
17المغير بقانون 20-05سنة ،2008وهي ما يمكن التعبير عنها بصفة عامة بحاالت
15
التنافي ،1وفي هذا اإلطار حرص المشرع على عدم الجمع بين وظيفة مراقب الحسابات وأي
وظيفة أخرى من شأنها أن تؤدي إلى التشكيك في استقالله وحياده في أدائه لدوره الرقابي.
بل األكثر من ذلك وضمانا لالستقالل والحياد منع المشرع تعيين بعض األشخاص
كمراقبين للحسابات ،ألن الوظائف التي يزاولونها ،أو الروابط العائلية القائمة تتنافى مع
مهمة مراقب الحسابات في إحدى الشركات كما هو مشار إليه في البنود 1،2،3،4من المادة
161من قانون 17-95المشار إليه أعاله.
وإذا طرأ أحد دواعي التنافي أعاله خالل مزاولة مراقب الحسابات لمهامه يتعين عليه
أن يكف عن الممارسة فورا ،وإخبار مجلس اإلدارة أو الرقابة داخل أجل أقصاه 15يوما بعد
حدوث حاالت التنافي.2
نصت المادة 160من قانون شركات المساهمة على هذا النوع من المخالفات والتي
مفادها أنه ال يمكن مزاولة مهمة مراقب الحسابات ما لم يكن مقيدا في جدول هيئة الخبراء
المحاسبين.
وفي حالة العكس إذا قام شخص بممارسة هذا المهمة في الشركات دون أن يكون
مسجال في جدول الهيئة التي تؤكد انتماءه إليها ،فإنه سيكون قد خالف مقتضيات المادة
السابقة وكذا المادة 3من القانون المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وبالتالي يعتبر مرتكبا
لجريمة ويتعرض للجزاء المنصوص عليه في المادة 101من القانون السالف الذكر.3
إضافة لما سبق هناك مخالفة أخرى تتعلق بانتحال صفة مراقب الحسابات أو اإلساءة
إليها حيث تتحقق هذه الجريمة بمجرد ادعاء الشخص صفة مراقب حسابات خالفا للحقيقة أو
1 - Maurice Causianot Alain viandris, « droit des sociétés »,op.cit,page.345.
- 2راجع الفقرة األخيرة من المادة 161من قانون 17-95المتعلق بشركات المساهمة.
- 3انظر المادة 3و 101من قانون الخبرة المحاسبية رقم .15-89
16
استخدامه صفة معينة من شأنها أن تثير الخلط واللبس في أذهان الناس ،والهدف من تجريم
هذه األفعال هو حماية مهنة مراقبة الحسابات وضمان الثقة في القائمين بها.
وتعزيزا لهذه الحماية يعاقب القانون الجنائي على هذه األفعال طبقا لمقتضيات الفصل
381منه ،الذي أحالت عليه المادة 100من قانون 15-89المتعلق بالخبرة المحاسبية.1
ولذلك حتى نضمن احترام قواعد الكفاءة في ميدان مراقبة الحسابات يجب اختيار مراقب
الحسابات من بين المراقبين المقيدين في جدول هيئة الخبراء المحاسبين الذي تتوفر فيهم
الكفاءة والخبرة ،إضافة التقيد بأحكام هذه المهنة دون تحايل أو تدليس.
لقد حاول المشرع المغربي التصدي بالعقاب والزجر لكل مراقب حاول خرق القواعد
التي تحكم مهمة مراقبة الحسابات في الشركات وفق الشروط واألهداف المسطرة في قانوني
الشركات المتعلقين بشركات المساهمة وباقي الشركات من خالل إقرار مجموعة من
الجزاءات الجنائية التي تبقى في غالبيتها موجهة لحماية الشركات واحترام النظام العام
االقتصادي ،وبطبيعة الحال تفرقت هذه العقوبة بين العقوبات السالبة للحرية أو العقوبات
الحبسية ،والغرامات المالية ،حيث تتراوح العقوبات الحبسية في حدها األقصى من 6أشهر
إلى سنتين ،كما تتراوح الغرامات المالية ما بين 10.000و 100.000درهم كحد أقصى.
وتتم متابعة مراقب الحسابات من طرف النيابة العامة أو من طرف ضحية هذه
األفعال وفي هذه الحالة هي الشركة المراقبة ،ويكون االختصاص للغرفة الجنحية ،أو
المحكمة االبتدائية ،وتخضع هذه الدعوى لتقادم الجنحي بمرور 5سنوات من تاريخ ارتكاب
الفعل الجرمي ،وهذا ما يؤكد النهج الذي سار عليه المشرع من خالل إصالحات 2008من
- 1تنص المادة 100من قانون 15-89المتعلق بالخبرة المحاسبية على أن ":يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في
الفصل 381من القانون الجنائي كل من حمل لقب خبير محاسب خالفا ألحكام هذا القانون".
17
خالل التقليص من العقوبات الحبسية والرفع من الغرامات المالية لضبط وتنظيم الرقابة في
وإلى جانب ما سبق ذكره بخصوص المسؤولية الجنائية هناك أحكام متعلقة
بالمسؤولية التأديبية وهذا ما سيتم تناوله في المطلب الثاني.
لذلك فإن القانون المنظم لمهنة الخبرة المحاسبية قد نص على مجموعة من المخالفات
التي بارتكابها من طرف مراقبي الحسابات تعرضهم للمسؤولية التأديبية(الفقرة األولى)،
وأفراد لكل نوع من هذه المخالفات جزاء خاصا بها(الفقرة الثانية) ،مما يرتب آثارا على
مراقبي الحسابات الموجهين طبقا لهذه الجزاءات(الفقرة الثالثة).
تقع المسؤولية التأديبية على كل مراقب للحسابات يرتكب خطأ أو مخالفة واردة على
المقتضيات القانونية أو التنظيمية ،أو تمس مبادئ ممارسة مهنة مراقبي الحسابات أو القانون
- 1تخضع مهنة مراقبي الحسابات للقانون 15-89المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين
والصادر في الجريدة الرسمية عدد 11 -4188شعبان 3( 1413فبراير )1993ص.157.
وقد نص البند 3من المادة 1من هذا القانون على أن "الخبير المحاسب هو من تكون مهنته االعتيادية مراجعة وتنظيم
محاسبات المنشآت والهيئات التي ال يرتبط معها بعقد عمل ،وله وحده أهلية-،.... -:القيام بمهمة مراقب حسابات الشركة.
18
المنظم لهذه المهنة ،ويسأل تأديبيا أيضا عن كل إهمال صادر منه وكل عمل مخالف لشرف
وأخالقيات المهنة.1
وقد نصت المادة 66من القانون رقم 15-89المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية،
على أن المخالفة التأديبية تنشأ في حالة ارتكاب مراقب الحسابات ألي خطأ مهني أو مخالفته
ألحكام النصوص التشريعية أو التنظيمية التي يخضع لها الخبير المحاسب في مهنته ،خاصة
في الحاالت التالية:
خرق القواعد واإلخالل خالل ممارسة المهنة بمبادئ الشرف ،واالستقامة،
والكرامة المنصوص عليها بوجه خاص في مدونة الواجبات المهنية.
عدم احترام القوانين واألنظمة التي تسنها الهيئة وبما يجب لمؤسساتها من
اعتبار واحترام.
وانطالقا مما سبق يمكن حصر المخالفات واألخطاء التي قد يرتكبها مراقب
الحسابات في نوعين:
أخطاء مخالفة القوانين المنظمة للمهنة :ومن أهمها عدم احترام مراقب الحسابات -
لاللتزامات تجاه هيئة الخبراء المحاسبين ،خاصة وأنه "ال يجوز ألي أحد أن يزاول مهنة
الخبرة المحاسبية مهما كانت الطريقة التي يزاولها بها وال أن يتحلى بصفة خبير محاسب إال
إذا كان مقيدا في جدول هيئة الخبراء المحاسبين.2
األخطاء المخالفة لمبادئ المروءة والكرامة وصفات االستقامة ،ويجد هذا النوع -
من األخطاء أساسه انطالقا من الفقرة األولى من المادة 24من القانون المنظم لمهنة الخبراء
المحاسبين ،والتي نصت على أنه :تهدف هيئة الخبراء المحاسبين إلى صيانة المبادئ
19
والتقاليد المرتبطة بالمروءة والكرامة وصفات االستقامة التي يقوم عليها شرف مهنة الخبرة
المحاسبية ،وتحرص على تقيد أعضائها بما تقضي به القوانين واألنظمة واألعراف التي
تحكم ممارستها".
واالستقامة ،والكرامة أثناء قيامهم بمهمتهم الشرعية أو خارج هذه المهمة ،1وهي في جميع
الحاالت ترتب مجموعة من الجزاءات.
يبتدئ نطاق العقوبات التأديبية باإلنذار ،ويمكن أن تصل هذه العقوبات إلى درجة
الشطب من الالئحة المهنية ،2وتتدرج من اإلنذار ثم التوبيخ ،فالتوقيف وصوال إلى الحذف
من الئحة هيئة الخبراء المحاسبين.3
وقد نص القانون المنظم لمهنة الخبرة المحاسبية على مجموعة من الجزاءات التي
يمكن توقيعها على أي خبير أو مراقب للحسابات يخل بالتزاماته القانونية .وفي هذا اإلطار
نصت المادة 80من القانون 15-89السالف الذكر على عقوبتي الوقف عن مزاولة المهنة،
وكذا الحذف من جدول الهيئة ،وهي عقوبات تظهر قوتها نظرا ألهمية وخطورة الدور
المنوط بمراقبي الحسابات.
توقيع مثل الجزاءات التي ذكرناها ،4وذلك على غرار ما يتم العمل به في فرنسا التي تتوفر
20
بدورها على مجالس جهوية للحسابات لها نفس االختصاصات والمهام .1وتؤدي قراراتها
التي تتخذها كعقوبات أو جزاءات إلى مجموعة من اآلثار تمس الوضعية المهنية لمراقب
الحسابات التي اتخذت ضده.
إذا كانت عقوبتي اإلنذار والتوبيخ ال تنتجان آثارا جد سلبية في مواجهة مراقب
الحسابات الذي اتخذت في حقه ،فإن لعقوبتي الوقف عن مزاولة مهنة مراقب الحسابات أو
الحذف من جدول الهيئة أثران مهمان ،وهما المنع المؤقت أو النهائي من مزاولة المهنة،
وذلك بعد أن تصير العقوبة نهائية.2
ويتم نشر القرارات الصادرة بشأن هذه العقوبات واآلثار المترتبة عنها في الجريدة
الرسمية ،وفي جريدة مأذون لها بنشر اإلعالنات القانونية توزع في المكان الذي كان يزاول
فيه المعني باألمر مهنته.3
وتبرز الغاية من هذا النشر في حرص المشرع على إعالم وإشهار الغير بوضعيته
مراقب الحسابات الذي اتخذت بشأنه العقوبة وعدم شرعية التعامل معه.
وفي األخير يظهر أنه في ظل هذه المقتضيات التي أفردها المشرع لتأديب مراقبي
الحسابات الذين ال ينضبطون وال يحترمون قواعد المهنة ،ما هي إال دليل على الضمانات
الحمائية للمتعاملين مع مراقبي الحسابات سواء كانوا عبارة عن شركات أو أشخاص عاديين
يتعاملون معه .خاصة وأننا على علم بخصوصيات العمل الذي يقوم به مراقبوا الحسابات في
الشركات التجارية ،وما قد يرافق هذه المهنة من تالعب بحقوق الغير.
21
خاتمة:
صفوة القول أنه يبقى لمؤسسة مراقب الحسابات كهيئة قائمة بذاتها دورها الفعال
داخل الشركة باعتبارها الجهاز التنظيمي الساهر على مراقبة وضبط وتتبع أعمالها ،وذلك
من أجل تحقيق األهداف المسطرة في قانوني الشركات لسنة 1996و ،1997مع األخذ بعين
االعتبار التعديالت الالحقة بها بمقتضى قانوني 21-06سنة 2006و 20-05سنة 2008
والتي تتجلى في الحفاظ على المركز التنافسي للشركة داخل السوق ،وتوفير الحماية الالزمة
للمشروعات االقتصادية.
لذلك وضع المشرع المغربي لمراقب الحسابات شروطا مهنية صارمة يترتب عن
اإلخالل بها تحمله للمسؤولية والتعويض عما يلحق الشركة واألغيار من أضرار جراء
تصرفاته غير القانونية .وهذا ما نلمسه من خالل الجزاءات الجنائية المخصصة لذلك والتي
تحاول التقليص من العقوبات الحبسية في اتجاه الرفع من الغرامات المالية لفرض احترام
النظام العام االقتصادي ،وخلق توازن بين األفعال المجرمة والمعاقبة موازاة مع الجزاء
المفروض قانونا.
22
المراجع
المراجع باللغة العربية:
الكتب والمؤلفات:
-العلوي العبدوالوي إدريس ،شرح القانون المدني ،النظرية العامة لاللتزام ،الجزء الثاني ،دار النجاح
الجديدة ،الطبعة األولى .2000
-بيهي الحسن ،الشكلية في ضوء قانون الشركات التجارية ،مكتبة دار السالم ،طبعة ثانية .2007
-لفروجي امحمد ،التاجر وقانون التجارة بالمغرب ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة الثانية.
-مصلح الشرادي عبد الرحمان ،الخطأ في المسؤولية المدنية التقصيرية الشخصية ،دار السالم للطباعة
والنشر والتوزيع ،الرباط ،الطبعة األولى ،يناير .2001
-فوده عبد الحكم ،شركات األموال والعقود التجارية في ضوء قانون الشركات الجديدة دار الفكر
الجامعي.1998 ،
-فوضيل نادية ،شركات األموال في القانون الجزائري 2003ص ،337.دون ذكر دار النشر.
-فوزي محمد سامي" ،شرح القانون التجاري" ،المجلد الرابع ،دار مكتبة التربية ببيروت.1997 ،
-رضوان عز الدين "مراقب الحسابات في قانون شركات المساهمة في المغرب" رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،وحدة األعمال والمقاوالت.2004-2003 ،
المجالت:
-مجلة المحاسبة واإلدارة والتأمين ،العدد 18سنة .1974
23
القوانين:
-قانون رقم 89-15بتنظيم مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين .
-قانون 95-53المتعلق بإحداث المحاكم التجارية.
-القانون رقم 17-95المتعلق بشركات المساهمة والمعدل والمتمم بموجب القانون 20-05لسنة .2008
-قانون 5.96المتعلق بباقي الشركات.
-قانون االلتزامات والعقود المغربي.
24