You are on page 1of 76

‫ماستر‪ :‬قانون األعمال‬ ‫جامعة عبد المالك السعدي‬

‫الفوج الخامس‬ ‫كلية العلوم القانونية‬


‫واالقتصادية واالجتماعية‬
‫وحدة‪ :‬صعوبات‬
‫المقاولة‬ ‫تطوان‬

‫عرض تحت عنوان‪:‬‬

‫النقائص التي تعاني منها مساطر صعوبات المقاولة‬

‫عبد الواحد بكور‬


‫أنور السلفايت‬
‫يوسف لكداوين‬
‫ادلكتور‪ :‬عبد العايل أغبايش‬
‫بالل الش يوة‬
‫محمد أمني اس تويف‬
‫أممية الرشيق‬
‫رضا املروين‬

‫‪2019/2018‬‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة‬
‫تشكل المقاولة أداة لتنمية و االقالع االقتصادي و آلية أساسية لتقدم االقتصادي و العلمي و‬
‫التكنولوجي‪ ،‬و إنماء المجال االجتماعي‪ ،‬ومن هذا المنطلق اتخذت الدولة مجموعة من اإلجراءات‬
‫الرامية إلى الحفاظ على هذه الوحدة االقتصادية‪ ،‬التي أصبحت تشكل النواة الحقيقية لإلنتاج و التشغيل و‬
‫المساهمة في حماية السلم االجتماعي و االقتصادي‪ ،‬حيث أن طبيعة الحياة التجارية تقتضي ولوج‬
‫عالقات متنوعة‪ ،‬و مختلفة تقوم على عنصر اإلئتمان‪ ،‬الذي يلعب دورا أساسيا و فعاال في تحريك الدورة‬
‫التجارية‪ ،‬إذ بدونه تسقط المعامالت التجارية في البطء و الجمود و الرسمية والشكلية‪ ،‬التي تسود‬
‫المعامالت المدنية‪ ،‬و هي مطبات تعرقل العمل التجاري‪ ،‬و تحول دون تحقيق السرعة‪ 1‬المرجوة فيه‪،‬‬
‫غير أن عنصر اإلئتمان‪ 2‬الذي يقوم على الثقة‪ ،‬قد يتم استغالله بشكل سيئ من طرف بعض التجار مما‬
‫يعود بأضرار وخيمة ليس على طرف واحد فقط‪ ،‬بل على أطراف متعددة نتيجة تشعب و تشابك‬
‫العالقات التي تسود الحياة التجارية‪ ،‬و التي تنجم عن توقف التاجر المخل بتعهداته عن أداء ديونه مما‬
‫يؤثر سلبا على حقوق دائنيه‪.‬‬

‫وإذا كان التاجر يقع في هذه الوضعية بسوء نية أو بفعل ظروف خارجة عن إرادته‪ ،‬فإن معظم‬
‫التشريعات و منها المغرب قد تدرجت في تنظيمها ومعالجتها عبر مراحل تاريخية مختلفة اختلفت معها‬
‫النظرة الى المدين المفلس و العاجز عن أداء ديونه‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه أن إفالس التاجر ظاهرة قديمة قدم الحياة التجارية‪ ،‬حيث أن التشريعات القديمة‬
‫تطرقت إلى األحكام الواجب تطبيقها ع لى التاجر المفلس‪ ،‬بداية بالقانون الروماني‪ ،‬الذي كان يجيز للدائن‬
‫متابعة و مالحقة المدين و معاملته معاملة قاسية لدرجة حبسه و بيعه في األسواق و تقطيعه إلى أشالء‬
‫بمقدار الدين و التشهير به‪ ،‬إال أن هذه النظرة تغيرت مع هبوب رياح اإلنسانية التي اقتصرت فقط على‬
‫عقوبة الحبس وذلك بموجب مدونة نابليون سنة ‪ ،18073‬وبصورة أكثر تقدما بظهور قانون ‪1967‬‬
‫الذي جاء بمسطرة أساسية تقوم على الفصل بين المقاولة و اإلنسان‪ ،‬واستمر العمل به الى غاية ‪1985‬‬
‫بصدور قانون ‪ 25‬يناير ‪ ، 1985‬الذي عرف مجموعة من التعديالت انتهت بالتعديل المؤرخ في‬
‫‪.2008/12/18‬‬

‫أما بخصوص القانون المغربي فقبل فرض نظام الحماية‪ ،‬كان المغرب يخضع لقواعد الشريعة‬
‫االسالمية‪ ،‬المتمثلة في نصوص قرآنية و أحاديث نبوية شريفة و آراء فقهية تنظر إلى التاجر المفلس‬
‫بالرحمة و اإلغاثة‪.4‬‬

‫وبعد بسط الحماية الفرنسية‪ ،‬أصدر المشرع المغربي ظهير ‪ 12‬غشت ‪ ،1913‬الذي خصص‬
‫الكتاب الثاني منه لإلفالس و التصفية القضائية الذي عمر طويال‪ ،‬بحيث لم يلحقه أي تعديل الى غاية ‪10‬‬

‫‪ 1‬على خالف االعمال المدنية التي تتسم بالبطء و االستقرار النسبي إد نادرا ما يجري المتعاملون فيها عمليات مهمة (زواج‪ ،‬طالق‪ ،‬بيع‪ ،‬كراء)‪،‬‬
‫وهم يحتاطون كثيرا في اجرئها‪ ،‬فأن العمل التجاري يتسم بالسرعة و التكرار ‪ ،‬فكلما تكررت العمليات التجارية بسرعة كلما تحققت االرباح اكثر‬
‫‪،‬ومن تم جاء تزايد اعتماد التجارة على االشهار و الدعاية للمنتجات في الوقت الحالي‬
‫‪ 2‬االئتمان هو عصب التجارة إد الغالب ان العمليات التجارية تعقد ألجل ‪ ،‬فالبنك يقرض االموال سواء لتاجر او لغير التاجر على ان تسدد في‬
‫اجل معين و تاجر الجملة يبيع لتاجر ا لتقسيط و على ان يسدد الثمن بأجل و هكدا يرتبط التجار في ما بينهم بعالقات متشابكة قوامها الثقة المتبادلة‬
‫فيكون كل واحد منهم دائنا و مدينا في نفس الوقت للمزيد من المعلومات بخصوص االئتمان راجع الصفحات ‪ 16.17.18‬و ما بعدها من القانون‬
‫التجاري ‪ ،‬التاجر و النشاط التجاري لالستاد فؤاد معالل‬
‫‪ 3‬عمر السكتاني ‪ :‬المجلة المغربية لدراسات و االستشارات القانونية العدد ‪ 3-2‬السنة الثانية الطبعة االمنية الرباط‬
‫‪ 4‬انظر في هدا الصدد دراسة مفصلة ومقارنة لنظام االفالس في الشريعة االسالمية لدى الدكتور احمد شكري السباعي في كتابه الوسيط في‬
‫مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها الجزء االول مطبعة المعارف الجديدة الطبعة االولى ‪ 1998‬ص ‪55‬‬

‫‪2‬‬
‫فبراير‪ ،19511‬إلى أن تم إلغاء هذا النظام سنة ‪ 1996‬و إحالل محله نظام صعوبات المقاولة الذي يقوم‬
‫على أسس وقائية و عالجية‪ ،‬من خالل الكتاب الخامس من القانون ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪.‬‬

‫غير أنه بعد مرور عقدين من الزمن من التطبيق الفعلي لمقتضيات هذا الكتاب‪ ،‬تبين عجز هذه‬
‫األخيرة عن تحقيق النتائج المرجوة منها‪ ،‬نتيجة بعض النقائص و العيوب التي عرفتها‪.‬‬

‫هذا الوضع حتم على المشرع التدخل من جديد ع بر سن مجموعة من القوانين كان أخرها القانون‬
‫‪ ،273.17‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة لسنة ‪.1996‬‬

‫ويندرج هذا القانون ضمن مسلسل اإلصالحات التي تبناها المغرب وفق نهج يقوي األعمال ويشجع‬
‫االستثمار‪ ،‬وتفعيال لمضامين التوجيهات الملكية السامية الهادفة الى تحديث المنظومة القانونية‪ ،‬وال سيما‬
‫ما يتعلق بمجال األعمال و االستثمار‪ ،‬وتوفير مناصب الشغل‪ ،‬إضافة إلى تبسيط المساطر المرتبطة‬
‫بالمقاولة‪.‬‬

‫وقد جاء هذ القانون (‪ ) 73.17‬العديد من المستجدات همت باألساس تطوير آليات الرصد المبكر‬
‫للصعوبات التي تعترض المقا ولة‪ ،‬و تعزيز دور الدائنين في المسطرة وتدعيم حقوق األجراء‪ ،‬باإلضافة‬
‫الى تأهيل أجهزة المسطرة و االنفتاح على البعد الدولي من خالل إقرار مساطر صعوبات المقاولة‬
‫العابرة للحدود‪.‬‬

‫ومن خالل هذا كله إذا كان الكتاب الخامس من مدونة التجارة ‪ ،1996‬عجز عن ضمان استمرارية‬
‫ا لمقاوالت المغربية نظرا للصعوبات و العراقيل التي تواجهها‪ ،‬خصوصا إذا كان السبب يرجع باألساس‬
‫إلى عدم مالئمة قواعده لواقع و هيكلة المقاوالت المغربية‪ ،‬فهل استطاع القانون ‪ 73.17‬تجاوز تلك‬
‫الصعوبات من خالل المقتضيات الجديدة؟‬

‫و لإلجابة عن هذه اإلشكالية ارتأينا تحليل هذا الموضوع من خالل التصميم التالي‪:‬‬

‫الفصل األول ‪ :‬أزمة معالجة صعوبات المقاولة في ظل القانون القديم (قبل تعديل كتاب الخامس من‬
‫م ت)‬

‫الفصل الثاني‪ :‬القانون ‪ 73.17‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة‬
‫وهاجس الحفاظ على المقاولة‬

‫‪ 1‬حيث يالحظان هدا القانون غير و عدل و تمم مجموعة من النصوص القانونية التي ال داعي لدكرها للمزيدمن العلومات بهدا الخصوص راجع‬
‫اح مد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة‪ ،‬و مساطر معالجتها‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثالثةـ ‪،2006‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة ‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.40‬‬
‫‪ 2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.18.26‬صادر في ‪ 2‬شعبان ‪ 19(1439‬ابريل ‪ )2018‬بتنفيد القانون رقم ‪ 73.17‬بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من‬
‫القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة‬

‫‪3‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أزمة معالجة صعوبات المقاولة قبل تعديل الكتاب الخامس من م ت‬
‫أصبحت المقاولة تشكل رهان االقتصاد الوطني‪ ،‬لما لها من دور فعال في األنشطة التجارية و‬
‫الصناعية‪ ،‬كما أنها تشغل يد عاملة مهمة و بالتالي التخفيض من نسبة البطالة‪ ،‬لكن قد تتعرض هذه‬
‫المقاولة لصعوبات مالية تحد من القيام بأدوارها هذه وهو ما ينتج عنها تأثير سلبي على االقتصاد‬
‫الوطني‪ ،‬الشيء الذي دفع المشرع المغربي إ لى خلق نظام قانوني وقائي و عالجي يهدف إلى تصحيح‬
‫وضعية المقاولة في حالة تعرضها لصعوبات والحيلولة دون موت هذه المقاولة‪ ،‬ويتمثل هذا النظام‬
‫القانوني في مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة ومساطر معالجتها في حالة فشل األولى‪ ،‬لكن هذه‬
‫اإلجراءات األخيرة وإن كان لها دور حاسم في الحفاظ على المقاولة فإنها عرفت فشال ذريعا‪ ،‬ذلك راجع‬
‫لكون هذه المساطر تعرف مجموعة من النقائص و العيوب و الثغرات التي حالت دون تحقيق النتائج‬
‫المرجوة منها‪.‬‬

‫ولذلك سنخصص هذا الفصل للحديث عن النقائص التي تعاني منها مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة‬
‫( المبحث األول )‪ ،‬و عن النقائص التي تعرفها مساطر معالجة المقاولة ( المبحث الثاني )‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االرتباك التشريعي على مستوى مساطر الوقاية‪.‬‬


‫إن طبيعة المشاكل التي تعاني منها المقاولة قد تكون بسيطة و ليس من شأنها التأثير على وجودها‬
‫ومستقبلها إذا تدخلت الجهات المسؤولة في الوقت المناسب‪ ،‬و عملت على تفاديها بشكل يؤدي إلي إنقاذ‬
‫المقاولة‪ ،‬وهذا ما يسمى بمساطر وقاية المقاولة من الصعوبات التي تعترضها و المنظمة في المواد من‬
‫‪ 545‬إلى‪ 570‬م ت (قبل التعديل)‪.‬‬

‫وتتمثل هذه المساطر في مسطره الوقاية الداخلية التي تجري بين األجهزة الداخلية للمقاولة و مسطرة‬
‫الوقاية الخارجية التي تتم عن طريق أطراف أجنبية عن المقاولة‪ ،‬إال أن هذه المساطر تعتريها مجموعة‬
‫من العيوب والنقائص‪ ،‬التي تحول دون تحقيق الغاية المتوخاة سواء على مستوى الوقاية الداخلية‬
‫(المطلب األول) وكذلك الوقاية الخارجية (المطلب الثاني)‪ ،‬أو على مستوى مسطرة التسوية الودية‬
‫(المطلب الثالث)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قصور مسطره الوقاية الداخلية‬


‫تعتبر الوقاية الداخلية أول خطوة في تسلسل إنقاذ المقاولة‪ ،‬وتسمى هذه المسطرة بالوقاية الداخلية ألنها‬
‫تجري بين األجهزة الداخلية للمقاولة دون تدخل من أي جهة أجنبية‪ ،‬حيث يترتب عن ذلك ميزة أساسية‬

‫‪4‬‬
‫‪1‬‬
‫وهي ميزة السرية‪ ،‬وقد خول القانون للمقاولة إنقاذ نفسها بتضافر أجهزتها الداخلية التي تختلف بحسب‬
‫شكل و طبيعة الشركة المعنية‪.‬‬

‫بالرغم من األساس الذي تلعبه هذه المسطرة في إنقاذ المقاولة بالمغرب إال أنها تعتريها مجموعة من‬
‫النقائص‪ ،‬سواء من حيث نطاق تطبيق هذه األخيرة (الفقرة األولى) أو من حيث األجهزة التي خول لها‬
‫المشرع الرصد واإلبالغ (الفقرة الثانية) و كذلك فيما يتعلق بشمولية النصوص القانونية (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬محدودية نطاق المسطرة الداخلية‬


‫بالرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 545‬م ت (قبل التعديل) "يتعين على المقاولة أن تقوم بنفسها عن‬
‫طريق الوقاية الداخلية من الصعوبات بتصحيح ما من شأنه أن يخل باستمرارية استغاللها"‪ .‬نجد أن‬
‫المشرع استعمل مصطلح "المقاولة"‪ 2‬بمفهومه الواسع حيث أنه يشمل المقاوالت بغض النظر عن شكلها‬
‫و طبيعتها دون تمييز‪.‬‬

‫لكن بقراءة المادة ‪ 546‬م ت (قبل التعديل) و التي تنص"‪ ،....‬يبلغ مراقب الحسابات إن وجد أو أي‬
‫شريك في الشركة لرئيس المقاولة "‪ ،‬يتضح من خالل هذه الفقرة أن مجال تطبيق مسطرة الوقاية‬
‫الداخلية هو ضيق‪ ،‬إذ يتعلق األمر بالمقاوالت التي تتخذ شكل شركه تجارية أو حرفية أو مجموعة ذات‬
‫النفع االقتصادي ذات الغرض التجاري‪.3‬‬

‫وتشمل الشركة التجارية والحرفية تبعا لهذا النص‪ ،‬شركة التضامن‪ ،‬والتوصية البسيطة‪ ،‬والتوصية‬
‫باألسهم‪ ،‬والشركات ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬وشركة المساهمة باستثناء شركة المحاصة – التي ال‬
‫تتمتع بالشخصية المعنوية ‪ -‬التي ال تخضع لمسطرة الوقاية الداخلية‪ ،‬حتى و إن كان غرضها تجاريا‪.4‬‬

‫ويخرج عن نطاق تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية وفق المادة أعاله‪ ،‬المقاوالت الفردية كاألصل التجاري‪،‬‬
‫وكذلك الشركات المدنية‪ ،‬والمجموعة ذات النفع االقتصادي ذات الغرض المدني‪.‬‬

‫وعليه ومن خالل ما يتبين أن موقف المشرع المغربي‪ ،‬يتسم بقصر النظر‪ ،‬وانتقائية في تحديد المقاوالت‬
‫التي قد تستفيد من نظام الوقاية الداخلية‪ ،‬وهو ما قد يمكن إعتباره تناقضا واضحا مع عنوان الكتاب‬

‫‪ 1‬محمد كرم‪ :‬الموجز مساطر صعوبة المقاولة في التشريع المغربي –الجزء األول – الطبععة األولى ‪ 2010‬المطبعة الورقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪،‬‬
‫ص‪13:‬‬
‫‪ 2‬تعريف أحمد شكري السباعي ل لمقاولة "المقاولة هي تكرار األعمال على وجه الحرفة واالعتياد بناء على تصميم وتنظيم وإدارة بشريو‪ ،‬وعمال‬
‫وأجهزة ورأس نال ووسائل مادية ومعنوية وقانون وأخرى‪ ،‬لتحقيق هدف المقاولة أو المشروع"‪,‬‬
‫‪ 3‬المادة ‪ 1‬من قانون ‪ 13.97‬المتعلق بمجموعات ذات النفع االقتصادي "يجوز الثنين أو أكثر من األشخاص االعتباريين أو ذاتيين أو يفرشتا‬
‫ف يما بينهم مجموعة ذات النفع اقتصادي لمدة محددة بهدف تسخير كل وسائل التي من شأنها تسهيل وتنمية النشاط االقتصادي ألعضائها وتحسين‬
‫وإنماء إنتاج هذا النشاط حيث يجب أن يكون نشاط المقاولة مرتبطا بنشاطها االقتصادي وأن تمارس نشاطها في أطار مجموعة متكاملة ‪.......‬‬
‫‪ 4‬حنان البكوري – محاضرات في قانون صعوبة المقاولة ص‪8:‬‬

‫‪5‬‬
‫الخامس‪ ،‬إذ ال يمكن االنطالق من رهان إنقاذ المقاوالت‪ ،‬ثم اعتماد خيار التضييق من نطاق المقاولة‬
‫المشمولة بإحدى مساطر هذا النظام‪ ،‬على عكس القانون الفرنسي الذي وسع من نطاق تطبيق هذه‬
‫المسطرة إذ شمل جميع األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص‪ ،‬ولو لم تنتمي إلى فئة التجار‪.1‬‬
‫وبذلك يمكن التساؤل حول استبعاد المشرع للمقاوالت الفردية والمدنية من هذه المساطر‪ ،‬أال تعتبر هذه‬
‫المقاوالت هي األخرى من ركائز االقتصاد الوطني؟‪.‬‬

‫فال يمكن بأي حال من األحوال الحديث عن المقاولة ذات البعد االقتصادي وبالمقابل إقرار قواعد‬
‫مسطرية‪ ،‬لتدبير الوقاية الداخلية‪ ،‬وجعلها مقتصرة فقط على فئة منها دون األخرى‪ ،‬إذ نالحظ أن المشرع‬
‫المغربي بقي أسيرا في تحديده للمقاوالت الخاضعة للوقاية الداخلية لمنطق القانون التجاري الكالسيكي‪،‬‬
‫المتسم بتضييق نطاق تطبيقه‪.‬‬

‫وإذا كانت سائر الشركات التجارية ‪ -‬ما عاد شركة المحاصة ‪ -‬سواء كانت هذه الشركة أجنبية أو وطنية‪،‬‬
‫تخضع لمسطرة الوقاية الداخلية‪ ،‬دون أي مشاكل تذكر‪ ،‬ويقوم بتحريك هذه المساطر مراقب الحسابات‬
‫إن وجد أو أي شريك في الشركة إن وجد أيضا‪ ،‬فإن بعض المشاكل تطفو على سطح بجالء فيما يتعلق‬
‫بالشركة ذات المسؤولية المحدودة والتي تتكون من شريك واحد‪.2‬‬

‫فال يتصور في هذا النوع من الشركات تحريك المسطرة من طرف الشريك أو مجموعة من الشركاء‪،‬‬
‫ألن رئيس المقاولة هو الشريك الوحيد‪ ،‬وال يتصور قيام مراقب الحسابات‪ ،‬بهذه المسطرة إال إذا وجد‪،‬‬
‫وهذا الوجود اختياري وطوعي يخضع لسلطة التقديرية لرئيس المقاولة‪ ،‬وال يكون إلزاميا إال في الحالة‬
‫التي يتجاوز رقم معامالتها السنوي خمسين مليون درهم‪.‬‬

‫وبالتالي يبقى مجال الوقاية الداخلية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة ذات الشخص الوحيد‪ ،‬أضيق‬
‫من مجال الوقاية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة المتعددة الشركاء‪.‬‬

‫كما أن المشرع لم يحدد طبيعة ونوع الشركة أهي شركة ذات مسؤولية محدودة متعددة الشركاء‪ ،‬أو ذات‬
‫الشريك الوحيد‪ ،‬ومادامت طبيعة النص جاءت عامة تبقى الشركات ذات المسؤولية المحدودة محل‬
‫غموض‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم شميعة‪ :‬إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة طبقا للقانون رقم ‪ 2015 81.14‬مطبعة مكتبة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫ص‪.29-28:‬‬
‫‪ 2‬أستاذنا الفاضل أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص‪149:‬‬

‫‪6‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬حصر آليات الرصد المبكر‬
‫لقد راهن نظام صعوبات المقاولة على تبني آليات الرصد المبكر قبل تأطيره‪ ،‬فال جرم أن تفعيل‬
‫إجراءات الوقاية المقررة‪ ،‬بموجب أحكام الكتاب الخامس من مدونة التجارة بصفة عامة‪ ،‬وإجراءات‬
‫الوقاية الداخلية على وجه الخصوص من شأنه أن يضمن تمكين المقاولة من تفادي الصعوبات‪ ،‬التي‬
‫تعترضها‪ ،‬نجد المشرع أناط مهمة تفعيل إجراءات الوقاية الداخلية لكل من مراقب الحسابات وكذلك‬
‫الشريك‪ ،‬عبر تنبيه رئيس المقاولة فيما يستقبل من المخاطر التي من شأنها اإلخالل باستمرارية‬
‫االستغالل‪ ،‬وما قد يترتب على ذلك من إثارة لمسؤوليته‪ ،1‬حيث أن سوء التسيير المؤدي لتوقف عن‬
‫الدفع‪ ،‬يؤدي مباشرة إ لى تمديد المساطر وإنزال الصعوبات الواردة في القسم الخامس‪ ،‬المتعلق‬
‫بالصعوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة وذلك بإخبار المسير أما بتغطية جزء من النقص الحاصل في‬
‫باب األصول‪ ،‬طبقا للمادة (‪ )712‬أو بفتح المسطرة في حقهم فضال عن باقي الصعوبات‪.2‬‬

‫في هذا السياق وتماشيا مع الطابع االستعجالي‪ ،‬ورغبة منه في احتواء الصعوبة خوفا من التقهقر السريع‬
‫المفاجئ لوضعية المقاولة عم د المشرع من خالل بعض التعديالت الطفيفة من الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬بموجب القانون ‪ 81.14‬والذي بمقتضاها أصبح رئيس المقاولة أول قناة أسند لها المشرع‬
‫مسؤولية رصد واكتشاف البوادر األولى للوقائع التي من شأنها التأثير سلبا على استغاللها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬رئيس المقاولة‬

‫الزمت المادة ‪ 546‬من مدونة التجارة في فقرتها األولى رئيس المقاولة برصد الصعوبات التي من شأنها‬
‫أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة وأن يقوم كذلك بتصحيحها‪ ،‬وهذا هو الجديد الذي تم بموجبه تعديل‬
‫هذه المادة بالقانون "‪ " 81.14‬و نالحظ أنه بعد ثمانية عشر سنة من صدور الكتاب الخامس من المدونة‬
‫أقدم المشرع على اعتماد مجرد هذا التعديل‪ ،‬الذي لم نكن في الواقع بحاجة إليه‪ ،‬إذ يعتبر التزام الرصد‬
‫المبك ر وكذا تدليل الصعوبات‪ ،‬من صميم المهام األصلية لرئيس المقاولة‪ ،‬في إطار االلتزام بواجب‬
‫اليقظة في التسيير‪.3‬‬

‫ورغم أن المشرع عدل المادة ‪ 546‬من مدونة التجارة بموجب القانون المشار إليه أعاله ‪ 81.14‬فإنه ال‬
‫زالت تعتريها مجموع ة من النقائص والمتمثلة في إغفال المشرع إقرار جزاء حالة عدم قيام رئيس‬
‫المقاولة بالرصد المبكر وبتلك التصحيحات‪ ،‬ألن من واجبه كرئيس للمقاولة العمل على رصد تلك الوقائع‬

‫‪ 1‬األستاذ عبد الرحيم شميعة أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ص‪248- 247:‬‬
‫‪ 2‬كمال دزاز‪ ،‬قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة مسطرة الوقاية " إجراءات الوقاية و اإلنقاذ نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة موالي اسماعيل مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2016/2015‬ص ‪.43‬‬
‫‪ 3‬عبد الرحيم شميعة‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪33:‬‬

‫‪7‬‬
‫تلقائيا‪ ،‬دون انتظار إشعار من طرف المشرع وليس من البديهي لو أن المشرع قام بإقرار جزاء معين‬
‫على مثل هذا اإلخالل‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬محدودية مراقب الحسابات‬

‫يتوجب على مراقب الحسابات في الشركات التجارية المعتمد بها طبقا للمادة ‪ 546‬م ت (قبل التعديل)‪،‬‬
‫سواء في صيغتها األولى‪ ،‬أو المعدلة بمقتضى القانون"‪ "81.14‬اإلخبار عن الوقائع التي من شأنها‪ ،‬أن‬
‫تخل باستمرارية نشاط المقاولة طبقا للمادة ‪ 546‬م ت والتبليغ عنها شريطة أن يكون بمسافة بعيدة عن‬
‫أعمال التسيير‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع قد أوكل لجهة مراقب الحسابات اإلبالغ عن الوقائع فإن هذه األخيرة ال تخلو من‬
‫عيوب‪ ،‬وتتخللها مجموعة من النقائص يتمثل ذلك في أن التوجه الذي سار عليه المشرع المغربي‬
‫بخصوص مؤسسة مراقب الحسابات يخالف التوجه الذي سار عليه المشرع الفرنسي بخصوص الجهة‬
‫المختصة‪ ،‬بدعوة مجلس اإلدارة ومجلس الرقابة‪ ،‬فإذا كانت الدعوة النعقاد مجلس اإلدارة ومجلس الرقابة‬
‫من اختصاص رئيس المقاولة طبقا للفقرة الثانية من المادة ‪ ،546‬فإن القانون الفرنسي‪ 1‬أعطى لمراقب‬
‫الحسابات حالة عدم اقتناعه باألجوبة والتوضيحات المقدمة‪ ،‬من قبل رئيس جهاز التسيير أو عدم‬
‫التوصل بأي جواب أن يدعو إلى اجتماع جهاز مجلس اإلدارة او مجلس الرقابة عبر إشعاره بنفس‬
‫الوقائع برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل‪.2‬‬

‫وهو ما لم يبادر المشرع المغربي إلى تبنيه إذ ال يعقل أن يكون مراقب الحسابات وراء اكتشاف الوقائع‬
‫ا لتي من شأنها أن تخل باستمرارية ن شاط المقاولة‪ ،‬ومع ذلك ال يتم دعوته لحضور اجتماع أعمال‬
‫المجلس‪.3‬‬

‫وكان على المشرع المغربي أن يخول لمراقب الحسابات عند االقتضاء‪ ،‬الصالحية لدعوة المجلس‬
‫اإلداري ومجلس الرقابة لالنعقاد خصوصا في حالة تقاعس رئيس المقاولة عن القيام بهذا الدور‪ ،‬وأن‬
‫يقوم أيضا بدعوة الجمعية العمومية لتداول في موضوع فتح المسطرة الوقاية الداخلية في حالة تهاون‬
‫الرئيس أو مجلس اإلدارة أو مجلس المراقبة عن دعوتها‪.‬‬

‫وبالتالي فإن عدول المشرع عن تخويل صالحية مم ارسة هذه المهام لمراقب الحسابات من شأنه إفراغ‬
‫مسطرة الوقاية الداخلية من محتواها ذلك أن مثير الصعوبات هو أدرى بخطورتها وواقعها على مصير‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم شميعة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص مرجع سابق ص‪271:‬‬
‫‪ 2‬مقتضيات المادة ‪ 230.1‬من مرسوم ‪1985‬‬
‫‪ 3‬كمال دزاز‪ :‬رسالة لنيل شهادة الماستر في ال قانون الخاص "قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة" الوقاية واإلنقاذ نموذجا ص‪36:‬‬

‫‪8‬‬
‫المقاولة وإن حرمانه من هذا الحق توجه ال يخدم مصلحة المقاولة التي تحتاج في مثل هذه الحاالت‬
‫لسرعة في اتخاذ القرارات الالزمة لتجاوز اإلخالل‪ ،‬خاصة إذا كانت هذه األخيرة من صميم اختصاص‬
‫الجمعية العامة وهو ما يمس بالغاية من إحداث مساطر الوقاية الداخلية‪ ،‬ويحول دون إعطائها كامل‬
‫مفاعيلها‪.1‬‬

‫ثالثا‪ :‬ضعف دور الشريك‬

‫إن التمعن في مقتضيات قانون االلتزامات والعقود المغربي وخصوصا في المواد ‪ 2982‬وما بعدها‪،‬‬
‫توحي بأن الشركة ال تقوم إال بين أشخاص يقررون استغالل أموالهم وفقا لشروط المنصوص عليها‪،3‬‬
‫ويمارسون جزء من السلطة بنسبة ما يملك كل شريك في إدارة الشركة‪ ،‬ومراقبتها والتعرف والتمكن‬
‫من أحوالها والتأكد من الربح الذي يجسد أهم خاصية للشريك‪ ،‬وهو إتجاه يجد سنده في الفصل ‪1025‬‬
‫من ‪.‬ق‪ .‬ل ‪.‬ع ‪ ،‬الذي يقرر حق اإلدارة للجميع وال يجوز للواحد منهم أن يمارسه لمفرده‪.‬‬

‫وكما اعترف ق‪.‬ل‪.‬ع للشريك في حق اإلدارة فإن المادة ‪ 546‬م ت اعترفت لشريك غير المسير بحق‬
‫التدخل في التسيير كشكل من أشكال الرقابة المعترف له بها والمتمثلة في اإلخبار عن الوقائع التي من‬
‫شأنها اإلخالل باستمرارية نشاط المقاولة ال يمكن اعتبارها بأي حال من أحوال االلتزامات الملقاة على‬
‫عاتقه‪ ،‬بل هي من صميم حقوقه إن شاء قام بها وإن شاء تنازل عنها‪.4‬‬

‫وبالرغم من الدور الذي خوله المشرع لهذا ا لشريك في تبليغ الوقائع إلى رئيس المقاولة‪ ،‬فإن مساهمته‬
‫إلى جانب مراقب الحسابات تتخللها بعض العيوب والنقائص‪ ،‬وتحوم حولها بعض الشبهات والدالئل التي‬
‫توحي إلى احتمال المس باالستغالل التجاري للمؤسسة –المقاولة‪ -‬حيث أن ضعف الكفاءة والخبرة على‬
‫م ستوى تقديم الطلب وإثبات الوقائع يؤدي إلى عزوف الشركاء حول المشاركة الجدية في تفعيل مسطرة‬
‫الوقاية الداخلية‪ ،‬كما أن الشريك الذي ينتمي إلى األقلية‪ 5‬يكاد دوره يختزل في الالمباالة لمجريات‬
‫الشركة‪ ،‬اللهم فيما يخص نصيبه من األرباح‪ .6‬والسؤال المطروح هنا إذا كان المشرع حدد األجهزة‬

‫‪ 1‬كمال دزاز‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪36:‬‬


‫‪ 2‬التعريف الذي أعطاه المشرع لعقد الشركة‬
‫‪ 3‬أصبح باإلمكان تكوين الشركات شخص واحد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة‪ ،‬حيث يكونفي هذا النوع من الشركات فصل بين ذمة الشركة‬
‫والشركة الخاصة نظرا في هذا السياق القانون رقم ‪ 96/5‬الخاص بشركة التضامن وشركة التوصية باألسهم والبسيطة والشركة ذات المسؤولية‬
‫المحدودة‪.‬‬
‫‪ 4‬عبد الرحيم شميعة مرجع سابق ص‪35:‬‬
‫‪ 5‬في تعريف األقلية يذهب األستاذ المريني إلى كونها "مجموعة من المساهمين الذين يحضرون لجمعية العامة بصفة شخصية أو بوكالة محددة‪،‬‬
‫ويرفضون الموافقة على مقترحات األغلبية والقرارات المفروضة لتصويت‪ ،‬عندما ال يرونا فيها فائدة للمصلحة االجتماعية أو مجموعة المساهمين‬
‫في ذات الوقت ال يستطيعون منع المصادقة عليه وال فرض تغيرها بسبب ضعف قوتهم تجاه األغلبية الحاضرة والصناعية‪.‬‬
‫‪ 6‬فتيحة مشماشي "أزمة معالجة صعوبة المقاولة" أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص السنة الجامعية ‪ 2007-2006‬ص‪66:‬‬

‫‪9‬‬
‫المخول لهم الرصد واإلبالغ في مراقب الحسابات و الشريك‪ ،‬لماذا لم ينفتح على جهات أخرى كاألجراء‬
‫والدائنين‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تهميش دور األجراء في الوقاية الداخلية‬

‫لقد بات من المؤكد أن أي إصالح لنظام صعوبات المقاولة لم ولن يكتب له النجاح دون إشراك المنظومة‬
‫االجتماعية "األجراء" باعتبارها األقرب واألقدر من غيرها على رصد كل خلل قد يمس السير العادي‬
‫للمقاولة‪.‬‬

‫إن تهميش األجراء من الحق في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية يعد أمرا غريبا‪ ،‬ذلك أن مصلحة‬
‫األجراء وتعلقهم بإنقاذ المقاولة‪ ،‬وبقائها على قيد الحياة‪ ،‬ال يقل عن مصلحة وتعلق الشركاء والمساهمين‬
‫بشركتهم‪ ،‬بل أكثر من ذلك فهي مورد رزقهم لذا فإن عدم إشراكهم من قبل المشرع أمر مثير‬
‫لالستغراب‪ ،‬حيث أن المشرع المغربي لم يحذو حذو نظيره الفرنسي الذي وسع من قاعدة الجهات التي‬
‫لها هذا الحق‪ ،‬وبادر من خالل المادة ‪ 5-432‬من قانون الشغل الفرنسي إلى االنفتاح على لجنة المقاولة‬
‫كجهة أخرى‪ ،‬التي تتضمنها مسطرة اإلن ذار المبكر وعند عدم وجودها يملك هذا الحق مثل األجراء‪.1‬‬

‫االفقرة الثالثة‪ :‬عدم شمولية النصوص القانونية‬


‫من المالحظ أن الوقاية على مستوى المقاربة العملية فشلت فشال كبيرا ألن المقاولة ال تصل إلى القضاء‬
‫إال بعد استفحال المرض اإلقتصادي‪ ،‬كما أن مفهوم الوقاية ال ينسجم مع المضامين الواردة في المادة‬
‫‪ 546‬م ت‪.‬‬

‫ويتجلى من خالل المواد المؤطرة لهذه المسطرة أنها نظمت فقط اإلجراءات الشكلية‪ ،‬التي يتعين‬
‫احترامها‪ ،‬كلما طرأت وقائع من شأنها اإلخالل باستمرارية استغالل المقاولة‪ ،2‬كما أن مصطلح المقاولة‬
‫غير محدد في مضامين الفصلين‪ ،)545-546( 3‬فقد جاء بصيغة عامة كما أن المشرع استهل صياغة‬
‫وقائع بالجمع وليس بالمفرد‪ ،‬مما قد يوحي بأن مسطرة الوقاية الداخلية‪ ،‬ال تنطلق إال إذا اجتاحت المقاولة‬
‫العديد من الوقائع‪ ،‬والحال أن المقاولة قد تجتاحها واقعة واحدة قاتلة تعترض مستقبلها‪ ،‬إن لم يتم‬
‫تصحيحها وتسويتها‪. 4‬‬

‫‪ 1‬كمال دزاز‪ :‬قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة إجراءات الوقاية واإلنقاذ نموذجا‪.‬‬
‫‪ 2‬غالل فالي‪ :‬مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،2015‬دار السالم للطباعة و النشر والتوزيع‪ ،‬الرباط ‪ ،‬ص‪47:‬‬
‫‪ 3‬فتيحة مسماشي‪ :‬م‪.‬س‪،‬ص‪47:‬‬
‫‪ 4‬أحمد شكري السباعي‪ :‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪184‬‬

‫‪10‬‬
‫وهذا ما يبرر الوقوف حول الوضعية الحقيقية للمقاولة قبل تحقق واقعة التوقف عن الدفع و السير نحو‬
‫متاهات المساطر القضائية للمعالجة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضعف مسطرة الوقاية الخارجية‬


‫عند فشل مسطرة الوقاية الداخلية في تصحيح ما من شأنه اإلخالل بوضعية المقولة‪ ،‬إما بالرغم من‬
‫الجهود المبذولة من قبل الجهاز الداخلي للمقاولة أو عدم ا تخاذ أي إجراء في سبيل ذلك‪ ،‬يتم اللجوء إلى‬
‫مسطرة الخارجية حيث تتدخل عناصر أجنبية عن المقاولة المتمثلة في رئيس المحكمة التجارية ( ‪-548‬‬
‫‪ 549‬م ت )‪ ،‬وتهدف هذه المسطرة إ لى فتح حوار و نقاش سري يجري بين رئيس المحكمة و رئيس‬
‫المقاولة حول الصعوبات التي قد تؤثر على استمرارية استغالل المقاولة‪ ،‬و البحث عن الحلول المالئمة‬
‫بتقديم االقتراحات الناجعة‪ ،‬تفاديا لتوقف هذه االخيرة عن الدفع‪ ،‬إال أن هذه المرحلة تعرف عدة إشكاالت‬
‫و نقائص تحول دون تحقيق هذه نتائج المسطرة‪ ،‬وبالتالي تقليص فرصة إنقاذ المقاولة و تصحيح‬
‫وضعيتها‪ ،‬التي تتجلى على مستوى نطاق تطبيق هذه المسطرة ( الفقرة االولى )‪ ،‬أو على مستوى‬
‫المتدخلين في هذه المرحلة ( الفقرة الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضيق نطاق الوقاية الخارجية‬

‫تشير المادة ‪ 547‬م ت إلى إمكانية إخبار رئيس المحكمة من طرف رئيس المقاولة أو مراقب‬
‫الحسابات دون الشريك‪ ،‬الذي تم حرمانه من هذا الحق و خاصة أنه يعتبر صاحب المصلحة األولى في‬
‫المقاولة‪ ،‬كما أنه يسد الثغرة التي يتركها مراقب الحسابات في حالة عدم تعيينه‪ ،‬ألن ذلك يكون إختياريا‬
‫وليس إجباريا إال في بعض الشركات ( شركة المساهمة‪ ،‬التوصية باألسهم‪ ،‬الشركة التي يتجاوز رقم‬
‫معاملتها ‪ 50‬مليون درهم )‪ ،‬وبالتالي يمكن إعتبار ذلك سوى تفويت فرصة إلنقاذ المقاولة ‪.1‬‬

‫بقراءة المادة ‪ 548‬من م ت‪ ،‬يتبين أن نطاق تطبيق مسطرة الوقاية الخارجية أوسع من نطاق تطبيق‬
‫الوقاية الداخلية بحيث تشمل باإلضافة إلى الشركات التجارية‪ 2‬والمجموعات ذات النفع اإلقتصادي‪،‬‬
‫شركة المحاصة ذات الغرض التجاري و المقاوالت الفردية والجماعية التجارية أو الحرفية‪.‬‬

‫إال أننا نالحظ أن المشرع قد إشترط لتطبيق هذه المسطرة إكتساب صفة التاجر‪ ،‬مما يقصي الشركات‬
‫والمؤسسات المدنية والمقاوالت الزراعية و غيرها من المؤسسات الغير التجارية‪ ،‬عكس القانون‬
‫الفرنسي الذي جعل تطبيق هذه المسطرة على جميع األشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص‪.1‬‬
‫‪ 1‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪ 2‬أغلب الشركات اعتبرها المشرع المغربي شركات تجارية بحسب شكلها بصرف النظر عن غرضها ل(مدنيا أو تجاريا) وهي شركة المساهمة‬
‫والتوصية باألسهم والتضامن والتوصية البسيطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن صياغة المادة ‪ 548‬م ت شابها بعض العيوب والمتمثلة في ذكر كلمة "حرفية"‬
‫إلى جانب كلمة "تجارية"‪ ،‬وكأن المشرع يتكلم عن النشاط الحرفي مستقال عن النشاط التجاري وهما‬
‫يخضعان لنفس األحكام‪ ،‬مع العلم أن األعمال الحرفية حسب الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 6‬تعتبر أعماال تجارية‪،‬‬
‫مما يمكن إعتبار ذلك سوى حشوا ال فائدة منه‪ ،2‬و يبقى مجرد تقليد للقانون الفرنسي‪ ،3‬الذي إذا كان نص‬
‫على ذلك فإنه راجع إلى كون النظام المطبق على الحرفيين يختلف عن النظام المطبق على التجاريين‪،‬‬
‫أما في المغرب فبعد صدور مدونة التجارة ‪ 1996‬أصبح كالهما يخضعان لقانون موحد‪.4‬‬

‫ويالحظ أن الصيغة التي جاءت بها المادة ‪ 548‬عامة‪ ،‬ما يثير تساؤال مهما حول ما إذا كانت الشركات‬
‫التجارية العمومية والمقاوالت التجارية العمومية خاضعة أم ال لمسطرة الوقاية الخارجية ؟‬

‫في هذا اإلطار يرى بعض الفقهاء أن مسطرة الوقاية ال تجري على الشركات والمقاوالت العمومية‪،‬‬
‫لعدة أسباب منها أنها تقع تحت الوصاية اإلدارية للدولة ولمراقبتها المباشرة‪ ،‬ومن جهة أخرى أنها ال‬
‫تخضع لمساطر المعالجة‪ ،‬إال أن هذا اإلعفاء ال يشمل ـ في نظر األستاذ أحمد شكري السباعي ـ‬
‫المؤسسات والمقاوالت المختلطة‪.5‬‬

‫وتخضع كذلك لنظام الوقاية الخارجية الشركات التجارية العاملة في المغرب سواء كانت وطنية أو‬
‫أجنبية إن كان مقرها بالمغرب؛ ذلك أن شركات المساهمة التي يوجد مقرها بالمغرب تخضع للتشريع‬
‫المغربي (المادة ‪ 5‬من قانون ‪ )17.95‬ونفس الشيء لباقي الشركات (المادة ‪ 2‬من قانون ‪ ،)05.96‬لكن‬
‫السؤال يبقى مطروحا هنا حول الفروع والوكاالت األجنبية العاملة في المغرب هل تخضع هي كذلك‬
‫لهذه المسطرة أم ال ؟‬

‫نتج عن هذا الفراغ التشريعي نظريتان‪:‬‬

‫ـ نظرية تقوم على قياس الفرع أو الوكالة في المغرب على المقر االجتماعي الموجود في المغرب‪،‬‬
‫وتجعل مسطرة الوقاية الخارجية تسري على الشركات الكائن مقرها االجتماعي أو فرعها أو وكالتها في‬
‫المغرب‪.‬‬

‫مينة أكنسوس‪ ،‬وقاية ومعالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬دراسة مقارنة للقوانين المغربية والفرنسية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪ ،1998 ،82‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.58‬‬
‫‪ 2‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪77‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪229‬‬
‫‪ 4‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪. 228‬‬
‫‪ 5‬ـ المقاوالت المختلطة‪ :‬هي التي تساهم الدولة أو المؤسسات العامة في رأسمالها وإدارتها إلى جانب القطاع الخاص‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ـ ونظرية تلتزم التفسير الحرفي للنص الذي يذكر فقط الشركات الكائن مقرها االجتماعي في المغرب‬
‫أما الفروع والوكاالت فتبقى خاضعة لمبادئ القانون الدولي الخاص‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المتدخلين في الوقاية الخارجية‬

‫أوال ‪ :‬اإلشكاليات المتعلقة برئيس المحكمة‬

‫منح المشرع لرئيس المحكمة صالحيات واسعة في إطار مسطرة الوقاية الخارجية‪ ،2‬حيث يختص هو‬
‫وحده دون غيره من إثارة و تحريك هذه المسطرة ( المادتان ‪ 549-548‬م ت)‪.3‬‬

‫و أول إجراء يقوم به رئيس المحكمة في إ طار الوقاية الخارجية هو إستدعاء رئيس المقاولة‪ ،‬حسب‬
‫المادة ‪ 548‬م ت‪ ،‬التي جاء فيها "يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة في الحالة المنصوص عليها‬
‫في المادة ‪ 547‬أو في الحالة التي يتبين من كل عقد أو وثيقة أو إجراء أن الشركة التجارية أو مقاولة‬
‫فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغاللها‪ ،‬قصد النظر في‬
‫اإلجراءات الكفيلة بتصحيح الوضعية‪".‬‬

‫إذن يتبين من خالل هذه المادة أن رئيس المحكمة يقوم باستدعاء رئيس المقاولة من أجل التباحث‬
‫والتشاور بشأن الصعوبات التي تعاني منها المقاولة قصد إيجاد الحلول الكفيلة لهذه الوضعية‪ ،‬وبذلك‬
‫يمكن اإلشارة إلى طبيعة العمل الذي يقوم به رئيس المحكمة في هذا اإلطار كونه ال يتصرف كجهاز‬
‫قضائي يبت في الدعا وى ويصدر األوامر واألحكام‪ ،‬بل إن هذه المهمة التقليدية أضيفت الى جانبها‬
‫‪4‬‬
‫وظيفة جديدة غير مألوفة لديه التي تقوم على الحوار والمناقشة بينه وبين رئيس المقاولة‪.‬‬

‫ولم تبين مدونة التجارة الطريقة التي يوجه بها هذا اإلستدعاء‪ ،‬وهذا عيب تشريعي آخر‪ ،‬لكن يمكن‬
‫اإلستعانة بقانون المحاكم التجارية ( ف ‪ 2‬المادة ‪ ) 19‬و قانون المسطرة المدنية ( الفصل ‪ 37‬و ما‬
‫يليه )‪ ،‬حيث يتم توجيه هذا اإلستدعاء إما بواسطة كتابة الضبط أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع‬
‫‪5‬‬
‫اإلشعار بالتوصل أو بالطريقة اإلدارية‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.233‬‬


‫‪ 2‬عبداللطيف الشنتوف‪ ،‬دور رئيس المحكمة التجارية في وقاية المقاولة من الصعوبات‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2012‬مكتبة دار السالم للطباعة و النشر‬
‫و التوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪25‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪236‬‬
‫‪ 4‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪91‬‬
‫‪ 5‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪238‬‬

‫‪13‬‬
‫وكذلك لم يحدد المشرع طبيعة مسطرة اإلستماع إلى رئيس المقاولة هل هي مسطرة قضائية أم إدارية؟‪،‬‬
‫لكن يبدو أنها مسطرة قضائية ألن المحكمة تسخر وسائلها المسطرية المعهودة للقيام بهذه اإلجراءات‬
‫الغير المألوفة‪ ،‬و ألن تصريحات رئيس المقاولة لن تكون لها حجية إال إذا كانت مسجلة في محضر‬
‫قانوني و هو ما أكده الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء ‪ 1999/1/5‬أنه "‪ ...‬حيث‬
‫تبين للمحكمة بشأن فتح المسطرة بعد إستماعها لرئيس المقاولة‪ ،‬والذي صرح بغرفة المشورة على‬
‫أن وضعية المقاولة سليمة إزاء العمال وأن الديون البنكية لها ضمانات شخصية من الشركاء‬
‫‪1‬‬
‫المتوفرين على األغلبية‪."...‬‬

‫من هذا المنطلق تبرز لنا إشكالية أخرى إذا ما قام رئيس المحكمة بإستدعاء رئيس المقاولة بصفة قانونية‬
‫للحضور إلى مكتبه‪ ،‬لكن هذا األخير قد يتخلف عن الحضور أو يرفض تلبية دعوة رئيس المحكمة‬
‫التجارية‪ ،‬في هذه الحالة ما هو اإلجراء الذي قد يتخذه هذا األخير في حق رئيس المقاولة؟‬

‫لم ينص المشرع المغربي في هذه الحالة على أي جزاء الذي يتعين اتخاذه في حق رئيس المقاولة عند‬
‫عدم استجابته لدعوة رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬وبالتالي يمكن القول أن عدم حضور هذا الرئيس بعد‬
‫توجيه اإلستدعاء إليه بطريقة قانونية من طرف رئيس المحكمة‪ ،‬يعتبر بمثابة دليل على أن المقاولة توجد‬
‫في حالة توقف عن الدفع‪ ،‬فيحيل هذا األخير الملف على المحكمة التجارية من أجل البدء في فتح إحدى‬
‫مساطر المعالجة‪ ،2‬ويمكن إعتبار هذا اإلجراء أخطر من الجزاء نفسه‪ 3.‬وما يؤكد ذلك الحكم الصادر‬
‫عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ ‪ 2000 /11/ 8‬أنه "‪ ...‬وحيث تم إستدعاء رئيس المقاولة‬
‫المدعى عليها لإلستماع إليها طبقا للقانون و ذلك على العنوان الوارد بشهادة السجل التجاري الخاصة‬
‫بالمدعى عليها فرجعت شهادة التسليم بمالحظه أنه إنتقل من العنوان حسب تصريح جيرانها مما يفيد‬
‫‪4‬‬
‫وضع المدعى عليها حدا لنشاطها خاصة وأن سجلها التجاري لم يرد فيه أي عنوان جديد‪"...‬‬

‫و يبقى التساؤل المطروح هنا كيف أن المشرع ال يتخذ أي موقف تجاه رئيس المقاولة عند عدم إستجابته‬
‫لدعوة رئيس المحكمة للحضور أمامه في إطار مسطرة الوقاية الخارجية ويتعرض لشهر مساطر‬
‫المعالجة‪ ،‬مع أن عنوان الكتاب الخامس من مدونة التجارة يبرز تحت شعار الوقاية خير من العالج‪،‬‬
‫اللهم إذا كان رئيس المقاولة يعلم جيدا أن ال فائدة من الحضور نظرا ألن وضعية المقاولة بلغت حد ّا ال‬

‫‪ 1‬المحكمة التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬حكم رقم ‪ 99/103‬بتاريخ ‪ 5‬يناير ‪ 1999‬في ملف عدد ‪ 98/3894‬مأخوذ من موقع المعرفة القانونية‪ ،‬عبر‬
‫الرابط‪https: //anbras.blogspot.com :‬‬
‫‪ 2‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪91‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪238‬‬
‫‪ 4‬المحكمة التجارية بالرباط حكم عدد ‪ 33‬بتاريخ ‪ 2000/11/8‬في الملف رقم ‪ 99-3-5‬مأخوذ عن موقع عبر الرابط‬
‫‪htpp// anbrass.blogspot.com:‬‬

‫‪14‬‬
‫يمكن تصحيحه الشيء الذي يبين أن دور رئيس المحكمة ال يرقى إلى مستوى مضمون الوقاية بالنظر‬
‫‪1‬‬
‫إلى عدم وجود حوافز قانونيه تصب في هذا اإلتجاه‪.‬‬

‫الى جانب هذه الصعوبات فإن الوضعية اإلق تصادية و المالية للمقاولة غير ثابتة فهي تتطور حسب‬
‫الظروف المحلية و الدولية‪ ،‬وهي مسألة تتجاوز قدرات و مؤهالت المحاكم التجارية التي تعتبر ذات‬
‫تكوين أحادي‪ ،‬ألن قضاتها من صنف واحد معينون ويخضعون للنظام األساسي لرجال القضاء‪ ،‬على‬
‫خالف المحاكم التجارية في فرنسا ا لتي تتشكل من قضاة منتخبين من بين التجار والحرفيين الذين‬
‫‪2‬‬
‫يشتغلون في المجال التجاري واالقتصادي‪.‬‬

‫ويمكن لرئيس المحكمة‪ ،‬أن يطلع على كل المعلومات التي تعطيه صورة صحيحة عن المقاولة التي‬
‫تعرف صعوبات‪ ،‬عن طريق مراقب الحسابات أو إدارة الضرائب أو إدارة صندوق الضمان االجتماعي‬
‫أو المؤسسات المالية أو أي شخص آخر وال يمكن أن يحتج في مواجهته بالسر المهني حسب المادة‬
‫‪ 548‬من م ت‪" ،‬بالرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة"‪ ،‬ولكن المشرع لم يحدد أجال للقيام بهذا‬
‫اإلجراء‪ ،‬بالرغم من طابع االستعجال والسرعة الذي تتميز به هذه المرحلة‪ ،‬فكان من الضروري على‬
‫المشرع أن يقرر أجال محدد في ‪ 15‬يوما أو شهر على االكثر من أجل تحديد الموقف الذي يمكن إتخاذه‬
‫‪3‬‬
‫من طرف رئيس المحكمة‪.‬‬

‫ويمكن القول في االخير أ ن الحوار الذي يتم بين رئيس المحكمة التجارية و رئيس المقاولة ينتج عنه إما‬
‫وضع الميزانية إذا كانت المؤسسة في حالة توقف عن الدفع‪ ،‬أو في حالة إذا كانت الصعوبات التي تعاني‬
‫منها المقاولة قابلة للتذليل عن طريق تدخل أحد من الغير بمقدوره تخفيف اإلعتراضات المحتملة‬
‫ل لمتعاملين المعتادين‪ ،‬عينه رئيس المحكمة التجارية بصفته وكيال خاصا‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ضعف دور الوكيل الخاص‬

‫اتسم تنظيم المشرع لهذه المسطرة باالقتضاب واالختصار‪ ،‬بحيث لم تخصص لها سوى مادة واحدة وهي‬
‫‪ 549‬من م ت‪ ،‬التي جاءت غير واضحة وغير محددة في كثير من النقاط المضمنة بها‪ ،‬حيث نصت‬
‫على أنه "إذا تبين أن صعوبات المقاولة قابلة للتذليل بفضل تدخل أحد األغيار يكون بمقدوره تخفيف‬
‫االعتراضات المحتملة للمتعاملين المعتادين مع المقاولة عينه رئيس المحكمة بصفة وكيل خاص وكلفه‬
‫بمهمة وحدد له أجال إلنجازها"‪ .‬وهو ما يثير عدة تساؤالت حول المقصود بعبارة "تخفيف االعتراضات‬

‫فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪92‬‬ ‫‪1‬‬

‫فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪93‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجلة المحامي دورية تصدر عن هيئة المحامين بمراكش عدد خاص بالمنازعات التجارية‪ ،‬العدد ‪ 71‬يوليوز ‪ ، 2018‬ص‪76،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪15‬‬
‫المحتملة" وعبارة "قابلة للتذليل"‪ 1،‬كما أنها لم تحدد هوية و مهام مؤسسة الوكيل الخاص ‪،‬فكيف يتم‬
‫إختياره ؟ و ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيه؟ وكيف يتم تحديد أجرته وما هي مسؤوليته؟ وكيف‬
‫يتم تحديد آجال إنجاز مهمته؟‬

‫ويتبين من ظاهر المادة أعاله أن تعيين الوكيل الخاص هو إجراء إختياري يلتجأ إليه رئيس المحكمة‬
‫‪2‬‬
‫التجارية كلما كان ذا فائدة‪.‬‬

‫وبالتالي إذا كانت الصعوبات التي تعاني منها المقاولة قابلة للتذليل عن طريق تدخل أحد من الغير‪ ،‬يعين‬
‫بصفته وكيال خاصا من طرف رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬ولم يحدد المشرع الشروط التي يجب أن تتوفر‬
‫فيه سوى أن يكون من الغير وأن يكون بمقدوره تخفيف االعتراضات المحتملة للمتعاملين المعتادين مع‬
‫المقاولة‪ ،‬لكن استقر الفقه على ضرورة توفر فيه شرط الكفاءة والخبرة والحنكة‪ ،3‬كأن يكون من بين‬
‫رجال القانون أومن بين الخبراء المحاسبين وغيرهم‪ ،‬وبالتالي يتم تعيين الوكيل الخاص حسب نوع‬
‫‪4‬‬
‫الصعوبات التي تعاني منها المقاولة‪.‬‬

‫ورئيس المحكمة التجارية هو من يختار مهمة الوكيل الخاص حسب نوعية الصعوبات‪ ،‬كالتفاوض مع‬
‫العمال لحل نزاعات الشغل أو االتصال مع المؤسسات البنكية أو المالية المقرضة أو الممولين أو‬
‫الموردين قصد تخفيف اعتراضاتهم أو التفاوض من أجل منح آجال جديدة للمقاول أو التخفيض من‬
‫الديون أو ادخال تعديالت جديدة على النظام االساسي للمقاولة قصد فتح الباب أمام المستثمرين‪ ،‬وغيرها‬
‫‪5‬‬
‫من المهام‪.‬‬

‫وبذلك ي قوم الوكيل الخاص بفتح قنوات للحوار والمناقشة مع األبناك و الدائنين والممولين‪ ،‬حيث يخبر‬
‫المؤسسات المالية بالوضعية الراهنة للمقاولة وكذا التدابير المتخذة لتصحيح الصعوبات التي تعترض‬
‫المقاولة‪ .‬ويجب اإلشارة الى أن ما يهم المؤسسات المالية هو تحصيل ديونها كاملة وخالل أجل مقبول‪،‬‬
‫الشيء الذي يوحي بأنها قد تقبل الموافقة على اقتراحات الوكيل الخاص لسبب واحد وهو أن المحكمة هي‬
‫التي تشرف على هذا اإلجراء‪.‬‬

‫‪ 1‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪57‬‬


‫‪ 2‬عبداللطيف الشنتوف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪33‬‬
‫‪ 3‬حنان البكوري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪21‬‬
‫‪ 4‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪242‬‬
‫‪ 5‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪243‬‬

‫‪16‬‬
‫هذه بعض االجراءات التي يمكن إنجازها من قبل الوكيل الخاص وتجدر االشارة الى أنها تختلف من‬
‫‪1‬‬
‫مقاولة الى أخرى حسب الظروف والصعوبات‪.‬‬

‫و رغم ميزة السرعة واالستعجال التي تتميز بها مساطر الوقاية فإن المشرع لم يحدد آجال إنجاز مهمة‬
‫الوكيل الخاص‪ ،‬بل ترك ذلك للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة التجارية‪ 2،‬الذي عليه أن يحدد أجال‬
‫معقوال إلنجاز هذه المهمة ألن إنقاذ المقاولة يقوم على مبدأ االستعجال‪ ،‬وكذلك لم يحدد المشرع ما اذا‬
‫‪3‬‬
‫كان هذا األجل قابل للتجديد أم ال‪ ،‬إال أن ذلك يجوز ألن الغاية هي إنقاذ المقاولة في أقرب وقت‪.‬‬

‫أما بخصوص أتعاب الوكيل الخاص‪ ،‬وأمام سكوت مدونة التجارة عن تحديده ‪ -‬خالفا لمدونة التجارة‬
‫الفرنسية التي نصت صراحة في المادة ‪ L611-14‬على أن رئيس المحكمة يحدد هذه األجرة بمقتضى‬
‫أمر قضائي وذلك بعد موافقة المدين ‪ -‬فإن األمر يرجع الى رئيس المحكمة وفقا لسلطته التقديرية‪،‬‬
‫‪4‬‬
‫بمقتضى األمر الذي يصدر عنه بتعيين الوكيل الخاص‪.‬‬

‫ويتولى رئيس المقاولة دفع هذه األجرة ‪ -‬وإن لم يرد على ذلك نص صريح ‪ -‬إلى جانب المصاريف‬
‫‪5‬‬
‫األخرى التي يتطلبها إنجاز المهمة‪.‬‬

‫ومن أهم النقاط التي سكتت عنها مدونة التجارة في إطار مسطرة الوقاية الخارجية هي مسالة السرية‬
‫التي تعتبر أهم عنصر إلنجاح هذه المسطرة‪ ،‬بحيث لم يرد في هذه المدونة أي مقتضى يلزم جميع‬
‫األطراف المساهمة في هذه المسطرة والذين يطلعون عليها بحكم مهامهم بوجوب التزام السرية‪ ،‬ألن من‬
‫شأن ذلك التأثير على نجاح مسطرة الوقاية الخارجية‪ ،‬وبالتالي فشل إنقاد المقاولة‪ ،‬خالفا للقانون‬
‫الفرنسي‪.6‬‬

‫ورغم اإلشكاليات التي تعرفها هذه المرحلة فإنها تبقى ذات فائدة مهمة في إنقاذ المقاولة‪ ،‬وذلك ليس‬
‫مستحيال إن توفرت النية الحسنة والتعاون النزيه والمخلص بين أطرافها من مقاول و وكيل خاص‬
‫ورئيس المحكمة التجارية‪ ،‬و قد تفشل هذه المسطرة إن استمرت وضعية المقاولة تعاني من هذه‬
‫‪7‬‬
‫الصعوبات رغم كل الجهود المبذولة‪.‬‬

‫‪ 1‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪ 95‬وما يليها‬


‫‪ 2‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪58‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪243‬‬
‫‪ 4‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪60‬‬
‫‪ 5‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪243‬‬
‫‪ 6‬نصت المادة ‪ L611-15‬على أن كل شخص يساهم في مسطرة الوكيل الخاص أو يعلم بها بحكم وظيفته‪ ،‬يكون ملزما بالسرية‪.‬‬
‫‪ 7‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪245‬‬

‫‪17‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬عجز مسطرة التسوية الودية‬

‫تعتبر التسوية الودية من مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعتري المقاوالت‪ ،‬وهي مسطرة تعاقدية أو‬
‫اتفاق ودي‪ ،1‬غايته تكمن في تحديد إطار رئيس المقاولة قصد التشاور والتباحث مع الدائنين إليجاد‬
‫صيغة يتم من خاللها أداء الديون‪ ،‬وقد نظم المشرع المغربي التسوية الودية من خالل المواد ( ‪ 550‬إلى‬
‫‪ 559‬م ت )‪.‬‬

‫وإذا كان رهان التسوية الودية هو تحقيق الصلح بين المدين ‪ /‬رئيس المقاولة ودائنيه عن طريق اتفاق‬
‫ودي‪ ،‬فإن هذه المسطرة تشوبها مجموعة من اإلشكاليات والنقائص سواء على مستوى غموض‬
‫النصوص القانونية (الفقرة األولى) أو على مستوى أجهز ة تدبير هذه المسطرة (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬غموض النصوص القانونية‬

‫تنص المادة ‪ 550‬م ت " يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة‪ ،‬تجارية أو حرفية من‬
‫دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع‪ ،‬تعاني من صعوبات قانونية أو مالية أو لها حاجات ال‬
‫يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانات المقاولة "‪.‬‬

‫وتشير الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 550‬م ت‪ ،‬إلى أن فتح مسطرة التسوية الودية هو حق مخول لرئيس المقاولة‬
‫فقط دون غيره‪ ،‬عن طريق طلب يتقدم به إلى رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬وبالتالي ال يمكن أن تفرض عليه‬
‫بأن تفتح ت لقائيا من طرف رئيس المحكمة أو بطلب من النيابة العامة‪ ،2‬وال يتعرض رئيس المقاولة في‬
‫حالة عدم إثارة هذه المسطرة إلى جزاء‪ ،‬وما يبرر ذلك أن الوقاية ميزة مقررة لصالح المدين‪ ،‬لذا يجب‬
‫أن يقوم بنفسه بطلبها‪ ،‬و لكن يجب أال ننسى أن هناك عدة مصالح مرتبطة بالمقاولة‪ ،‬مما يفرض أخذها‬
‫بعين االعتبار‪ ،‬لذا كان من المنطقي عدم ترك المبادرة إلرادة المدين وحده الذي قد يتهاون في القيام بهذا‬
‫الدور‪ .‬ومن هنا فال بد من إتاحة الفرصة أمام الدائنين واألطراف المعنية‪ ،‬من أجل طلب فتح هذه‬
‫المسطرة؛ وذلك لما يشكله من فرصة إل نقاذ المقاولة وإخراجها من جحيم الصعوبات‪ 3‬التي قد تؤدي بها‬
‫إلى التوقف عن الدفع‪.‬‬

‫وتثار إشكالية أخرى تتعلق بسرية أو عدم سرية مسطرة التسوية الودية التي سكتت مدونة التجارة عن‬
‫اإلشارة إليها‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪247‬‬


‫‪ 2‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.257‬‬
‫‪ 3‬ـ فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.102‬‬

‫‪18‬‬
‫وتنبع هذه اإلشكالية كون مسطرة التسوية الودية كمسطرتي الوقاية الداخلية و الخارجية‪ ،‬تجري دون أن‬
‫تكون المقاولة متوقفة عن الدفع‪ .‬لكن بالرجوع إلى المادة ‪ 559‬م ت نجد أنها تنص على أن السطلة‬
‫القضائية تبلغ باالتفاق وبتقرير الخبرة‪ ،‬واألطراف الموقعة وحدها تطلع على االتفاق‪ ،‬ورئيس المقاولة‬
‫وحده يطلع على تقرير الخبرة؛ وذلك حفاظ على مركز المقاولة‪ ،‬وبالتالي على الجميع الحفاظ على سرية‬
‫إجراءات التسوية الودية وذلك في صالح الجميع‪ ،‬رغم عدم وجود مقتضى صريح ينص على ذلك‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اشكالية تدبير مسطرة التسوية الودية‬

‫أوال‪ :‬اختصاصات رئيس المحكمة التجارية‬

‫يملك رئيس المحكمة التجارية صالحيات واسعة على مستوى مسطرة التسوية الودية‪ ،‬فبمجرد تقديم طلب‬
‫فتح هذه المسطرة من طرف المدين‪ ،‬يقوم رئيس المحكمة باستدعاء هذا االخير عن طريق كتابة الضبط‬
‫قصد تلقي شروحات حول وضعية المقاولة (‪ 551‬م ت) و النظر في اإلجراءات الالزمة لتصحيح‬
‫وضعيتها المتعثرة‪ ،2‬و من أجل ذلك يمكن لرئيس المحكمة أن يطلع على الرغم من أي مقتضى تشريعي‬
‫مخالف‪ ،‬على سائر المع لومات التي من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن الوضعية اإلقتصادية و المالية‬
‫عن طريق مراقب الحسابات أو اإلدارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال أو أي شخص آخر‪ ،‬و أن‬
‫يكلف خبير بإعداد تقرير عن الوضعية اإلقتصادية و المالية للمقاولة و كذا الحصول من المؤسسات‬
‫المالية و البنكية على كل المعلومات الضرورية لتقييم وضعية المقاولة (‪ 552-548‬م ت)‪.‬‬

‫و يثار هنا تساؤل حول نوع الخبرة التي يأمر بها رئيس المحكمة هل هي خبرة ودية أم قضائية تخضع‬
‫لقانون المسطرة المدنية أو للقانون المحدث للمحاكم التجارية ؟ إن الرأي الراجح قد إستقر على كونها‬
‫خبرة عادية تهدف إلى إستكمال المعلومات التي يتوفر عليها رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬و تمكنه من تقييم‬
‫‪3‬‬
‫وضعية المقاولة‪ ،‬أما الخبرة القضائية فإنها تتعلق بنزاع معروض أمام المحكمة‪.‬‬

‫و يثار كذلك في هذا الباب تساؤل مهم حول موقف رئيس المحكمة التجارية في حالة رفض الهيئات و‬
‫المؤسسات المالية و اإلدارات العمومية‪ ،‬وممثل العمال و أي شخص آخر بتزويده بالمعلومات التي‬
‫يرغب فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.263-262‬‬


‫‪ 2‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪108‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪261‬‬

‫‪19‬‬
‫بالرجوع الى مدونة التجارة ال نجدها تنص على أي إجراءات عقابية أو جزائية تطبق على الهيئات‬
‫المذكورة أعاله‪ ،‬رغم كونها ال تستطيع اإلحتجاج بذريعة المحافظة على السر المهني(‪ ،)552‬ألن مدونة‬
‫التجارة كانت صريحة في حث هذه الهيئات على التعاون مع رئيس المحكمة التجارية‪ ،1‬إال أن الفقه‬
‫إستقر على أن ما دام هذا اإلتفاق ودي‪ ،‬فإنه ال سبيل إلتخاذ إجراءات زجرية في حق هذه الهيئات و‬
‫‪2‬‬
‫المؤسسات‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تعيين المصالح‬

‫نصت المادة ‪ 553‬من م ت‪ ،‬على "إذا تبين لرئيس المحكمة أن اقتراحات رئيس المقاولة أن تسهل‬
‫تصحيح وضعية المقاولة‪ ،‬فتح إجراء التسوية الودية و عين مصالحا لمدة ال تتجاوز ثالثة أشهر قابلة‬
‫للتمديد شهرا على األكثر بطلب من هذا األخير"‪ .‬كما نصت المادة ‪ 554‬م ت "يحدد رئيس المحكمة‬
‫مهمة المصالح التي تتمثل في تسهيل سير الشركة و العمل على إبرام إتفاق مع الدائنين"‪.‬‬

‫طبقا ل هذين المادتين يالحظ أن تنظيم المشرع لمسطرة تعيين المصالح و مهامه يعرف العديد من مظاهر‬
‫القصور والتي يمكن إجمالها في بعض النقط‪:‬‬

‫لم تحدد المادتين أعاله الشروط والصفات التي ينبغي أن تتوفر في شخص المصالح (مؤهالته‬
‫العلمية‪ ،‬خبرته‪ ،) ...‬ولم تحدد حاالت التنافي التي يمنع بوجودها إسناد هذه المهمة لبعض األشخاص‬
‫الذين تربطهم بالمدين أو الدائنين عالقة مالية أو صداقة أو مصالح متبادلة‪ ،‬وإنما جعل ذلك خاضعا‬
‫للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة التجارية‪ ،3‬خالفا لموقف المشرع الفرنسي (م ‪ ) L611-13‬الذي منع‬
‫إسناد هذه المهمة لكل شخص تلقى خالل ‪ 24‬شهرا السابقة على تعيينه‪ ،‬أجرا أو مكافاة أو أداء من‬
‫المعني باألمر أو من أحد الدائنين أو ممن يتولى مراقبة المقاولة أو يخضع لمراقبها‪ ،‬كما منعت على كل‬
‫قاضي سواء كان الزال ممارسا لمهامه أو تخلى عنها قبل انقضاء أجل ‪ 5‬سنوات من تاريخ تخليه‪.‬‬

‫وعليه يمكن تعيين المصالح من ذوي الكفاءة والخبرة والقدرة على التفاوض وإدارة النقاش كأن يكون من‬
‫الخبراء المحاسبين أو أحد رجال األعمال المحنكين أو أي شخص آخر له القدرة على اإلقناع و‬
‫الوساطة‪.4‬‬

‫فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪109‬‬ ‫‪1‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪261‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪269‬‬ ‫‪3‬‬

‫عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪75-74‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪20‬‬
‫أما فيما يخص أجل قيام المصالح بمهمته حددته المادة ‪ 553‬م ت‪ ،‬في ثالث أشهر قابلة للتمديد شهر‬
‫واحد بناء على طلب هذا األخير‪ ،‬وهو ما يمكن اعتباره مجحفا‪ ،‬وكان من المفروض تقرير أجال معين‬
‫مع امكانية تمديده بحسب ما تقتضيه مسطرة الصلح‪ ،‬وأن يمنح طرفي العالقة المدين والدائنين صالحية‬
‫طلب تمديد هذا األجل‪ ،‬حتى يمكن تجنب الوضعية أو الحالة التي يمكن أن ينتهي فيها أجل األربعة أشهر‬
‫المقرر قانونا‪ ،‬و مسطرة الصلح على وشك اإلنجاز ‪ ،‬وبالتالي يمكن أن يؤدي الى فشل جميع االجراءات‬
‫التي تمت‪ ،‬ويمكن أن تدفع المقاولة الى التوقف عن األداء و فتح مسطرة المعالجة‪.‬‬

‫ويالحظ أن المادة ‪ 554‬من م ت‪ ،‬جاءت بصياغة عامة في ما يتعلق بمهمة المصالح المتمثلة في تسهيل‬
‫سير المقاولة بحيث لم توضح االجراءات التي ينبغي عليه اتخاذها في سبيل تحقيق هذه الغاية‪ ،‬وإنما يبقى‬
‫ذلك خاضعا للسلطة التقديرية لرئيس ا لمحكمة الذي يمكن له كذلك تغيير من تلك االجراءات بحسب‬
‫مصلحة المقاولة‪ ،1‬وبالتالي فإن المصالح يتحرك داخل اإلطار الذي يحدده رئيس المحكمة ألن مهمته تتم‬
‫تحت إشراف وسلطة هذا األخير‪ ،‬ولم يحدد المشرع ما إذا كان بإمكان المصالح العمل بمقتضيات المادة‬
‫‪2‬‬
‫‪ 552‬م ت‪.‬‬

‫إال أن هذه التدابير يجب أن التصل الى حد التدخل في عملية التسيير أو إحالل المصالح محل رئيس‬
‫المقاولة‪ ،‬الذي تبقى له حرية تسيير مقاولته والقيام بسائر التصرفات القانونية‪ ،‬ما عدا في حالة طلب‬
‫المصالح من رئيس المحكمة التجارية وقف مؤقت لإلجراءات ويستجيب هذا األخير لطلبه حيث يمنع‬
‫‪3‬‬
‫على المسير القيام ببعض التصرفات(ف األخيرة‪ ،‬م ‪ 555‬م ت)‪.‬‬

‫كما أن المادتين أعاله لم تتحدث عن أجرة المصالح وال عن من يحددها ومن يقوم بأدائها‪ ،‬خالفا لمدونة‬
‫التجارة الفرنسية التي نصت صراحة في المادة ‪ L611-14‬على أن رئيس المحكمة هو الذي يحدد هذه‬
‫األجرة بمقتضى أمر قضائي وذلك بعد موافقه المدين‪.‬‬

‫وبذلك يمكن القول أن مسألة تحديد أجرة المصالح تقع على عاتق رئيس المحكمة بمقتضى أمر تعيين‬
‫المصالح وباتفاق مع المدين‪ ،‬وال يتولى المصالح مباشرة مهامه إال إذا تم إيداع هذه األتعاب بصندوق‬
‫المحكمة من طرف المدين‪ ،‬وتسلمه له ا‪ ،‬ويترتب عن عدم ايداع هذه األتعاب خالل األجل المقرر لذلك‬
‫بمقتضى أمر التعيين‪ ،‬عدم قبول طلب فتح مسطرة التسوية الودية أو حفظ هذه األخيرة‪ .4‬وهذا ما أكده‬
‫‪ 2007/6/7‬الذي جاء فيه"‪ ...‬و بناء‬ ‫قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالرباط بتاريخ‬

‫عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪77‬‬ ‫‪1‬‬

‫فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪111‬‬ ‫‪2‬‬

‫عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪77‬‬ ‫‪3‬‬

‫عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪78-77‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪21‬‬
‫على األمر الصادر بتاريخ ‪ 2007/6/7‬و القاضي بفتح مسطره التسوية الودية في حق الشركة‪...‬‬
‫والذي حددت مهمته وفق منطوق األمر‬ ‫وتعيين السيد‪ ...‬مصالحا في إطار المسطرة المذكورة‬
‫المذكور‪ ،‬وبناء على عدم وضع الطالب أتعاب المصالح بصندوق المحكمة والذي حددت أجرته ‪3000‬‬
‫‪1‬‬
‫درهم على الرغم من تواصله باإلنذار بتاريخ ‪ 2007/7/13‬يتم حفظ هذا الطلب"‪.‬‬

‫ويمكن اإلشارة الى أن المصالح من حقه الحصول على أتعابه ولو لم ينجح في مهمته‪ ،‬على إعتبار أن‬
‫التزامه يتعلق ببذل جهد وليس بتحقيق نتيجة‪ ،‬إال في الحالة التي يثبت فيها تهاون المصالح وتقصيره في‬
‫انجاز مهمته‪.‬‬

‫ولم تتطرق هذه المواد لمسألة إمكانية تجريح المصالح من قبل المدين أو الدائنين في حالة عدم اتصافه‬
‫بالحياد واالستقاللية‪ ،‬بأن يكون منحازا ألحد األطراف وبذلك ال مناص من الرجوع الى القواعد العامة‬
‫‪2‬‬
‫المنظمة للتجريح‪.‬‬

‫ويظهر في هذا الباب تساؤل آخر حول ما إذا كان قرار رئيس المحكمة التجارية برفض فتح التسوية‬
‫الودية وتعيين المصالح يقبل الطعن أم ال؟‪ ،‬وينبع هذا التساؤل من سكوت مدونة التجارة عن معالجته‪ ،‬و‬
‫بالرجوع الى الفقه نجد أنه يحث على عدم قبول الطعن في هذا القرار لعدم وجود نص صريح يجيز‬
‫ذلك‪ ، 3‬و في ما يخص قرار رئيس المحكمة التجارية بفتح مسطرة التسوية الودية و تعيين المصالح هل‬
‫يعتبر قرارا إداريا أم قرارا قضائيا‪ ،‬فال شك أنه قرار قضائي لتعلقه بمسطرة قضائية وإن كانت ذات‬
‫‪4‬‬
‫طبيعة ودية يعود االختصاص بالنظر فيها الى القضاء التجاري‪.‬‬

‫في حالة نجاح المصالح في إبرام إتفاق التسوية الودية مع الدائنين فال يكون لهذا األخير قوة تنفيذية إال‬
‫بعد التصديق عليه من قبل رئيس المحكمة التجارية‪ ،‬ويكون هدا التصديق إلزاميا إذا وقّع من طرف‬
‫جميع الدائنين ويكون إختياريا إذا وقّع عليه الدائنين الرئيسيين فقط‪ ،‬و قد يثور سؤال في هذه المسألة‬
‫حول سبب هذه التفرقة على الرغم من أن التصديق هو الذي يمنح االتفاق قوة تنفيذية‪ ،‬هل هي ثقة زائدة‬
‫في الدائنين الرئيسيين الذين يحترمون التزاماتهم أو أن ذلك راجع الى عدم الثقة في الدائنين الغير‬
‫الرئيسيين الذين يهتمون بمصالحهم الخاصة على حساب انقاذ المقاولة واالقتصاد‪ ،‬أو حفاظا على سرية‬
‫‪5‬‬
‫هذه المسطرة واالتفاق حتى يكتب لهذا االجراء النجاح‪.‬‬

‫‪ 1‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالرباط بتاريخ ‪ 2007/6/7‬في ملف رقم ‪ .017‬مأخوذ عن موقع عبر الرابط‪:‬‬
‫‪http// anbrass.blogspot.com‬‬
‫‪ 2‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪79‬‬
‫‪ 3‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪264‬‬
‫‪ 4‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪266‬‬
‫‪ 5‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪278-277‬‬

‫‪22‬‬
‫وإذا كان هذا كل ما يتعلق بنقائص مساطر الوقاية‪ ،‬فإن مساطر معالجة صعوبات المقاولة لم تخلوا هي‬
‫األخرى من العيوب و االشكاالت التي حالت دون تحقيق النتيجة المرجوة منها وهي معالجة المقاولة من‬
‫كل االمراض التي قد تصيبها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اختالل المساطر القضائية للمعالجة‬

‫بعد فشل مساطر الوقاية في المرحلة االولى‪ ،‬و تفاقم المشاكل و الصعوبات التي قد تؤدي إلى توقف‬
‫المقاولة عن دفع الديو ن المستحقة عليها‪ ،‬ال يبقى امام المقاولة سوى سلوك مساطر المعالجة التي تؤدي‬
‫إما إلى ضمان المقاولة عن طريق مسطرة التسوية الودية و إما إلى االعالن عن نهايتها و موتها عن‬
‫طريق مسطرة التصفية القضائية‪.‬‬

‫و تختلف مساطر المعالجة عن مساطر الوقاية في كونها مساطر جماعية و قضائية يشمل مدلولها سائر‬
‫الدائنين‪ ،‬وأن التوقف عن أداء الديون المستحقة عند حلول أجلها أو الديون الناشئة عن االلتزامات‬
‫المبرمة في اطار اإلتفاق الودي شرط جوهري لتطبيق مساطر المعالجة‪ ،‬كما أن فتح مسطرة المعالجة‬
‫يتوقف على صدور حكم من المحكمة التجارية و ليس على مجرد أمر من رئيس المحكمة‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في مساطر الوقاية‪ ،‬ألن مساطر المعالجة تتطلب األناء و الحكمة القضائية الجماعية للهيئة بكاملها‪ ،‬األمر‬
‫الذي يتناسب مع خطورة القرارات المتخذة و تأثيرها على مصير المقاولة و الدائنين معا‪ ،‬سواء عند‬
‫تطبيق مساطر التسوية القضائية او التصفية القضائية‪.‬‬

‫إال أن هذه المرحلة تعرف هي األ خرى مجموعة من النقائص و الثغرات التي تعرقل تحقيق الغاية‬
‫المرجوة من هذه المساطر أال وهي تصحيح وضعية المقاولة و معالجتها بعد توقفها عن األداء‪ ،‬و‬
‫نختصر هذه العيوب في االشكاالت المرتبطة بالحكم بفتح مساطر المعالجة (المطلب األول)‪ ،‬و نرصد‬
‫تجليات الهشاشة في هذه المساطر (المطلب الثاني)‬

‫المطلب االول ‪ :‬االشكاالت المرتبطة بالحكم‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬قصور أجهزة فتح مسطرة المعالجة‬

‫أوال ‪ :‬رئيس المقاولة‬

‫يجب على رئيس المقاولة تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة داخل أجل ‪ 15‬يوم من تاريخ توقف مؤسسته‬
‫عن الدفع (ف ‪ 1‬المادة ‪ 561‬م ت) إلى المحكمة التجارية‪ ،‬وعليه أن يبين في طلبه األسباب التي أدت‬

‫‪23‬‬
‫إلى التوقف عن الدفع وإرفاقه بالوثائق التي حددها القانون (‪ 562‬م ت )‪ ،‬وإذا لم يقوم بهذا اإلجراء‬
‫داخل األجل القانوني يقع تحت طائله الجزاء‪ ،‬المتمثل في سقوط األهلية التجارية ( ‪ 714‬م ت )‪ ،‬أو‬
‫‪1‬‬
‫حرمانه من أعمال التسيير داخل الشركة ( ‪ 711 -702‬م ت )‪.‬‬

‫ويثار هنا تساؤل مهم حول داللة هذا الجزاء الذي يستهدف إقصاء المدين من ميدان االعمال ؟ وهو ما‬
‫يتعارض مع أهداف مساطر المعالجة في مساعدته وليس معاقبته‪ ،‬إال أن هذا الجزاء قد يجد أساسه في‬
‫حماية االئتمان الذي يفرض عدم التسامح مع التاجر المهمل أو المتخاذل أو ذوي النية السيئة‪.‬‬

‫و تجدر اإلشارة الى أن احترام األجل القانوني من طرف رئيس المقاولة أمر صعب على اعتبار أنه ال‬
‫يستطيع تشخيص الوضع المالي و االقتصادي لمؤسسته‪ ،‬و المآل الذي يمكن أن تظهر به في المستقبل‬
‫حيث أصبح من الممكن أن تغتني الشركة خالل مدة وجيزة أو تفلس على حين غرة‪ ،‬كما تعتبر هذه المدة‬
‫قصيرة إلنجاز تلك المهام‪ ،‬أو قد يكون ذلك العجز مجرد ضائقة مؤقتة فال تستلزم طلب ‪2‬فتح مسطرة‬
‫التسوية القضائية‪.‬‬

‫وقد يكون عدم تقديم الطلب في الوقت المسموح به نتيجة أسباب نفسية‪ ،‬بأن يعتقد المدين أن نشاطه ال‬
‫يعيش ظروفا صعبة‪ ،‬ويأمل في التغلب على تلك االوضاع المتأزمة وال يرغب في االستسالم‪ ،3‬مما يزيد‬
‫في تدهور كلي ألوضاع للمقاولة من دون اللجوء إلى طلب فتح مسطرة المعالجة في الوقت المناسب‪.‬‬

‫وقد يكون سبب تماطل رئيس المقاولة عن سلوك هذه المسطرة رغبة منه في تخليه عن مؤسسته‬
‫التجارية‪ ،4‬و إذا لجأ إليها فغالبا ما يكون ذلك عن سوء نية من أجل تجنب المتابعات الفردية‪.5‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدائن‬

‫يمكن للدائنين طلب فتح مسطرة المعالجة عن طريق مقال افتتاحي‪ ،‬كيفما كانت طبيعة ديونهم ( ‪ 563‬م‬
‫ت )‪ ،‬نظرا الرتباط مصالحهم بمصير المقاولة‪ ،6‬وهو حق غير مشروط بقيد تشريعي‪.‬‬

‫لكن يالحظ أن هذه الفئه تسلك مسلكا آخر من أجل الحصول على ديونهم‪ ،‬حيث يلجأ الدائنون الممتازون‬
‫إلى التنفيذ المباشر على األموال المشمولة بالضمانات و الرهون التي تخول لهم ذلك عوض االلتجاء‬
‫إ لى طريق مساطر المعالجة‪ ،‬وكذلك الدائن العادي ال يلجأ الى هذه االخيرة ألنه سيجد نفسه مزاحم من‬

‫‪ 1‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2007 ،‬دار نشر‬
‫المعرفة‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪171‬‬
‫‪ 2‬فاتحة المشماشي‪ ،‬مس‪ ،‬ص ‪146‬‬
‫‪ 3‬أحمد الفروجي‪ ،‬وقف عن الدفع في قانون صعوبات ‪ ،2005 ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪88‬‬
‫‪ 4‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪147‬‬
‫‪ 5‬أحمد الفروجي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪88‬‬
‫‪ 6‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪97‬‬

‫‪24‬‬
‫ذوي االمتيازات‪ ،‬لذا يعمل على استمالة مدين ه للحصول على دينه‪ ،‬من خالل مساومات التي ال تخلو من‬
‫ترهيب لمدينه بسلوك مسطرة المعالجة التي قد تؤدي إلى حد التصفية أو ايقاع جزاءات‪ ،‬وبذلك فإن‬
‫الدائنين ال يلجؤون الى المحكمة إال بعد استنفاذ كافة الطرق الحبية مما ينعكس سلبا على المقاولة‪.‬‬

‫كما أن المدين قد يتعرض إلثارة مسؤوليته والحكم عليه بالتعويض‪ ،‬إذا فشل في إثبات واقعة التوقف عن‬
‫الدفع‪ ،‬مما يمنعه من أخذ هذه المبادرة كما أنه يصعب عليه اكتشاف ما إذا كانت المقاولة متوقفة عن‬
‫الدفع أم ال‪ ،‬بحيث ال يحق له التدخل في شؤونها إال حينما تتوقف عن دفع مستحقاته‪.‬‬

‫أما بالنسبة للعمال فال يجوز لهم طلب فتح مسطرة المعالجة بصفتهم هذه‪ ،‬لكن إذا ثبت دين لهم في ذمة‬
‫‪1‬‬
‫المقاولة يمكن لهم تقديم هذا الطلب باعتبارهم دائنين لها‪.‬‬

‫الشيء الذي يدعو الى ضرورة إعادة النظر الى وضعية الدائنين ضمن مقتضيات مساطر المعالجة حتى‬
‫‪2‬‬
‫يكون لهم دور فعال في مسألة معالجة المقاولة و تقويم وضعيها‪.‬‬

‫ثالتا‪ :‬تدخل المحكمة تلقائيا‬

‫يمكن للمحكمة وضع يدها تلقائيا على مسطرة المعالجة ( ‪ 563‬م ت )‪ ،‬و يعتبر هذا التدخل ذو طابع‬
‫استثنائي‪ ،‬ومخالف للقاعدة العامة التي تقضي أن القضاء ال يحكم إال بما طلب منه‪ ،‬لكن يمكن اعتبار‬
‫‪3‬‬
‫هذا التدخل في مجال االعمال له تبريراته الرتباط مساطر معالجة بالنظام العام االقتصادي‪.‬‬

‫لكن تجدر اإلشارة الى أن وضع المحكمة يدها تلقائيا على هذه المسطرة ليس باألمر الهين العتبارات‬
‫عدة أبرزها أن القضاة منشغلون بملفات قضايا عديدة معقدة أكثر من االجراءات الجماعية‪ .‬أما‬
‫بخصوص اكتشاف المحكمة بواقعه التوقف عن الدفع في وجها وبالتالي انقاذ ما يمكن إنقاذه‪ ،‬فغالبا ما ال‬
‫يتحقق في الواقع العملي حيث أن اغلب ما يسجل على مستوى الواقع هو صدور قرارات قضائية تتعلق‬
‫بالتصفية القضائية للمقاولة المعنية وهذا راجع لغياب التأهيل وامكانية رصد المعلومات المتعلقة‬
‫بالمقاولة‪ ،‬عكس فرنسا التي تتمتع محاكمها بخلية رصد الصعوبات و تجميع المعلومات حول وضعية‬
‫المقاولة التجارية قبل توقفها عن األداء‪ ،4‬وهكذا من أجل أن يكون للمحكمة تدخل فعال في مساطر‬
‫المعالجة‪ ،‬يجب تأهيلها وتمكينها من مصادر المعلومات المرتبطة الوضعية االقتصادية والمالية حتى‬
‫تتمكن من فتح مسطره المعالجة داخل الفترة الزمنية المناسبة قبل تدهور وضعية المقاولة‪.‬‬

‫‪ 1‬عبدالرحيم شميعة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪98‬‬


‫‪ 2‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪152‬‬
‫‪ 3‬فاتحة المشماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪147‬‬
‫‪ 4‬عبدالرحيم شميعة‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪134‬‬

‫‪25‬‬
‫رابعا‪ :‬تدخل النيابة العامة‬

‫يمكن للنيابة العامة طبقا للمادة ‪ 563‬من م ت‪ ،‬تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة‪ ،‬و منحها هذه االمكانية‬
‫يأتي في سياق الدور الذي تلعبه في إطار القضاء التجاري إيمانا منه بما لها من دور في المحافظة على‬
‫‪1‬‬
‫النظام العام االقتصادي‪.‬‬

‫و يمكن للنيابة العامة االطالع على وضعية المقاولة و معرفة ما إذا كانت متوقفة عن الدفع أم ال‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل االطالع على ملفات المقاولة‪.‬‬

‫إال أن دور النيابة العامة يبقى محدودا في إطار مساطر المعالجة نظرا لطبيعتها التي تميل أكثر الى‬
‫معاينة جرائم التفالس‪ ،‬وكذا الجرائم المرتبطة بالجوانب االقتصادية مما يؤثر سلبا على دورها في تحريك‬
‫مسطرة المعالجة باإلضافة الى عدم تأهيل قضاة النيابة العامة في المادة التجارية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االشكاالت المرتبطة بمضمون الحكم‬

‫عند تحقق الشروط الموضوعية والشكلية يتم الحكم بفتح المسطرة القضائية‪ ،‬و تحديد تاريخ التوقف عن‬
‫الدفع‪ ،‬بعد ذلك يتم تعيين األجهزة التدبيرية ويتعلق األمر بالقاضي المنتدب و السنديك‪ ،‬فضال عن اشهار‬
‫الحكم‪ ،‬لكن تعيين اجهزة مسطرة المعالجة يعرف عدة نقائص التي يجب الوقوف عندها‪.‬‬

‫يعتبر السنديك هو الفاعل االساسي لمساطر المعالجة حيث أوجدت كل من المادتين ‪ 568‬و ‪ 637‬من م‬
‫ت‪ ،‬تعيين هذا الجهاز ليتولى ممارسة االختصاصات التي تكفلها له مدونه التجارة‪ ،‬ويتم تعيين هذا‬
‫الجهاز من بين كتاب الضبط (المادة ‪ ) 568‬ويمكن عند االقتضاء أن يتم تعيينه من األغيار‪ ،‬وبالتالي‬
‫فإن األصل أن تعينه يكون من بين كتاب الضبط بالمحكمة التجارية و أنه ال يمكن تعيينه من بين‬
‫األغيار إال عند اإلقتضاء‪ ،‬إال أن هذا اال ستثناء الذي أراده المشرع أصبح في الواقع العملي و القضائي‬
‫هو القاعدة العامة‪ ،‬حيث تلجأ المحاكم التجارية في الغالب الى تعيينه من بين الخبراء المحاسبين نظرا‬
‫لقلة عدد كتاب الضبط المختصين أو لكثرة المهام التي يتوالها هؤالء الكتاب‪ ،‬مما يشعرهم باإلرهاق و‬
‫‪2‬‬
‫ضعف المردودية‪.‬‬

‫لقد قصرت المادة ‪ 568‬أمر تعيين السنديك من بين كتاب الضبط واالغيار فقط‪ ،‬فتكون بذلك قد سلبت‬
‫الدائنين سلطتهم في تعيين السنديك من بينهم عن طريق االتفاق والتي كان يوفرها لهم قانون التجارة‬

‫‪ 1‬عبدالرحيم شميعة‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪101‬‬


‫‪ 2‬عالل فالي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪170‬‬

‫‪26‬‬
‫المغربي القديم الفصل ‪ ، 218‬كما ان الحل الذي تتبناه المحاكم التجارية الذي يتجسد في تعيين السنديك‬
‫من األغيار ال يخلو من نقائص تتعلق بعدم تفرغ هؤالء الخبراء المحاسبين وكثرة التزاماتهم‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤثر بشكل سلبي على فعالية المهام الملقاة على عاتقهم‪ ،‬يتعين التفكير جديا في إجاد حل لهذه الوضعية‪،‬‬
‫بحيث أثبتت التجربة العملية و التطبيق القضائي للمادتين المشار اليهما أعاله أنهما تشوبهما عيوب و‬
‫سلبيات كثيرة‪ ،‬سواء تعلق االمر بالسنديك المعين من بين كتاب الضبط أو من األغيار‪ ،‬لذلك البد من‬
‫وضع اطار تشريعي خاص ينظم مهنه السنادك‪ ،‬أو تكوين فئة من كتاب الضبط للقيام بهذه المهمة‪ ،‬ألن‬
‫تعيين السنديك من بين كتاب الضبط مع استمرار هذا االخير في مزاولة مهامه العادية بالمصلحة التي‬
‫يعمل بها‪ ،‬من شأن ذلك أن يجعله أكثر إرهاقا وأقل فعالية‪.‬‬

‫أما عن القاضي المنتدب يبدو أن وضعيته ضمن هيئه المحكمة المحددة إلصدار الحكم ال بد من إعادة‬
‫النظر فيها‪ ،‬ذلك أن تبني موقف حيادي من طرف القاضي المنتدب يبدو أمرا صعبا باعتباره هو من أعد‬
‫مشروع المخطط‪ ،‬وبالتالي ال يمكنه الدفاع عنه او رفضه‪ ،1‬كما أن المشرع المغربي لم يشير إلى إمكانية‬
‫تعيين نائب للقاضي المنتدب‪ ،‬متى عاقه القيام بمهامه وبالنظر الى كثرة التزاماته‪ ،‬كان من الضروري‬
‫تسخير هذه االمكانية للقاضي المنتدب‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬االشكاالت المتعلقة بواقعة التوقف عن الدفع‬

‫يعتبر التوقف عن الدفع شرطا جوهريا إلفتتاح مساطر معالجة صعوبات المقاولة في مواجهة مختلف‬
‫‪2‬‬
‫األشخاص الطبيعيين و المعنويين المخاطبين بأحكام المادة ‪ 560‬من مدونة التجارة‪.‬‬

‫ولم يعرف المشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي ما المقصود بواقعة التوقف عن الدفع‪ ،‬ولم‬
‫يشير حتى إلى العناصر التي ينبغي أن تتوفر فيه حتى نقول اننا امام واقعة التوقف عن الدفع‪ ،‬و انما‬
‫اكتفت كل من المادتين ‪ 560‬و ‪ 561‬م ت على ضرورة تحقق هذه الواقعة لكي يتم فتح مساطر‬
‫المعالجة‪.‬‬

‫اما على مستوى الفقه فقد تعددت التفاسير و التعاريف لهذه الواقعة و هو ما نتج عن ظهور نظريتين‬
‫احداهما تسمى بالنظرية التقليدية و االخرى تسمى بالنظرية االقتصادية الحديثة‪.‬‬

‫بالنسبة للمفهوم التقليدي للتوقف عن الدفع يعتمد‪ ،‬في القول أن المقاولة متوقفة عن الدفع‪ ،‬على ظاهر‬
‫النص التشريعي و النظر اليه نظرة مادية صرفة أي كل توقف عن الدفع‪ ،‬بدون الرجوع الي أسباب‪،‬‬
‫فاتحة المشةماشي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪173‬‬ ‫‪1‬‬

‫احمد الفروجي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪7‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪27‬‬
‫تؤدي إلى صدور حكم قضائي يقضي باإلفالس‪ ،‬وبالتالي طبقا للمفهوم القانوني فإن المقاولة تعتبر متوقفة‬
‫عن الدفع عند عدم قدرتها على أداء ديونها بدون النظر إلى المالبسات والظروف التي أدت بها الى تلك‬
‫الحالة أي يعتمد على المظاهر الخارجية للمقاولة‪.‬‬

‫أما المفهوم االقتصادي الحديث فيقوم على أن التوقف عن الدفع ناتجا عن مركز مالي مضطرب‪ ،‬ومدى‬
‫تأثير هذا التوقف على إئتمان التاجر‪ ،‬وهو ما يسمى بالمعيار اإلقتصادي الذي ال يقف عند حدود‬
‫المظاهر الخارجية و المادية لإلمتناع أو رفض المدين التاجر عن الدفع‪ ،‬بل البحث عن المركز الحقيقي‬
‫‪1‬‬
‫لهذا األخير‪ ،‬هل هو ناتج عن اضطراب مالي خطير أو مجرد صعوبة وقتية طارئة تمر بها المقاولة‪.‬‬

‫أما عن موقف المشرع المغربي يمكن القول أنه أخذ بالنظرية الحديثة كمبدأ وذلك عندما نص على عدم‬
‫القدرة على سداد الديون المستحقة عند الحلول‪ 2‬كشرط اساسي لتطبيق مساطر المعالجة حيث تم تجاوز‬
‫الحدود الخارجية او المظاهر لإلمتناع عن األداء الى الغوص في المركز المالي للمقاوالت المدينة‪ ،‬و‬
‫األسباب ادت بها إلى عدم أداء الديون المستحقة عند الحلول‪ ،‬وهكذا أصبحت المحاكم التجارية في إطار‬
‫المفهوم االقتصادي الحديث ال تقف عند حدود المظاهر المادية او الخارجية للتوقف عن األداء قبل البت‬
‫بصفة قطعية في القضايا المرفوعة إليها تصدر قرارا تمهيديا بإجراء خبرة وتطلب من الخبير الوقوف‬
‫على الوضعية المالية و االقتصادية و االجتماعية للمقاولة والتصريح بكون المقاولة المتوقفة عن الدفع أم‬
‫ال‪ ،‬بسبب إختالل وضعيتها المالية و هل هي مختلة أو ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬كما تطلب من‬
‫‪3‬‬
‫الخبير أن يستمع إلى كل من يرى أقواله مفيدة وكذا الدائنين واإلنتقال إلى المقاولة ومعاينتها‪.‬‬

‫وهكذا جاء في قرار محكمه اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء صادر بتاريخ ‪ 2000/11/10‬في ملف‬
‫رقم ‪ 11/2000/1270‬ما يلي "وحيث إن التوقف عن الدفع كشرط موضوعي لتبرير فتح مسطرة‬
‫المعالجة أن يكون هناك دين ثابت وحال األداء ومطالب به وكون المقاولة أصبحت عاجزة عن سداد‬
‫‪4‬‬
‫الديون‪."...‬‬

‫وما يمكن تسجيله في األخير بخصوص المعيار االقتصادي للتوقف عن الدفع أنه له العديد من المزايا‬
‫تكمن بوجه عام في كونه يسمح بتجاوز السلبيات التي قد تنتج عن التطبيق اآللي للتوقف عن الدفع في‬
‫إطار المعيار القانوني هذا التطبيق الذي قد تنجز عنه جملة من المشاكل اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬وما‬

‫‪ 1‬عبدالواحد الصفوري‪ ،‬التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون و القضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2008‬مطبعة إبن سينا‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ص ‪ 58‬و ما‬
‫يليها‪.‬‬
‫‪ 2‬المادة ‪ 560‬من قانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ 3‬نور الدين لعرج‪ ،‬التوقف عن الدفع و إشكاالته‪ ،‬الندوة الجهوية الثامنة حول موضوع "صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل‬
‫إجتهادات المجلس األعلى"‪ ،‬طنجة‪ 22- 21 ،‬يونيو ‪ ،2007‬ص ‪157‬‬
‫‪ 4‬محمد قرطوم‪ ،‬ا لتوقف عن الدفع و سلطة القضاء في إستجابة لطلبات التسوية‪ ،‬مجلة المحاكم التجارية وزارة العدل العدد ‪ ،1‬ماي ‪ ،2004‬ص‬
‫‪43‬‬

‫‪28‬‬
‫يؤكد هذا الطرح أيضا أن محاكم الموضوع جاءت منسجمة مع المفهوم االقتصادي الحديث لشهر التوقف‬
‫عن الدفع بفضل ما تتوفر عليه من سلطة تقديرية في تقرير الوقائع و األدلة التي تثبت واقعة التوقف عن‬
‫الدفع‪ ،‬وهي في ذلك تخضع لمراقبة محكمة النقض في مدى كفاية هذه األدلة في إثبات صفة التوقف عن‬
‫‪1‬‬
‫الدفع لما يترتب عن هذا الشرط من آثار قانونية وإلتزامات خاصة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور الهشاشة في مآل المقاولة‬

‫إذ ا كان الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة ضد المقاولة قد يقضي بتصفيتها‪ ,‬مند البداية خصوصا ادا‬
‫كانت وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬فان بالمقابل و في األغلب من الحاالت ‪ ،‬يقضى بالتسوية‬
‫القضائية القضائية التي تسفر عن حلول مختلفة‪ ،‬إما إستمرارية المقاولة بنشاطها‪ ،‬أو تفويتها إلى الغير‪،‬‬
‫أو تصفيتها وفق ما تنص عليه المادة ‪ 590‬من م ت‪ "،‬تقرر المحكمة‪ ،‬إما إستمرارية قيام المقاولة‬
‫بنشاطها أو تفويتها او تصفيتها القضائية‪ ،‬و دلك بناء على تقرير السنديك و بعد االستماع ألقوال‬
‫رئيس المقاولة و المراقبين و مندوبي العمال " غير ان تقرير احد هده الحلول ال يتأتى الى بعد سلوك‬
‫مجموعة من االجراءات و بناءا على مجموعة من التقارير‪ ،‬يلعب السنديك في إطارها دروا اساسيا و‬
‫محوريا‪ ،‬من خالل مرحلة أسماها الفقه المرحلة اإلنتقالية او المرحلة المؤقتة قياسا على فترة‬
‫المالحظة‪ ،‬كما يصطلح عليها في القانون الفرنسي ‪. 2‬‬

‫و على العموم فالمرحلة السابقة إلختيار الحل او المرحلة المؤقتة هي مرحلة تشخيص الوضعية الحقيقة‬
‫للمقاولة ‪ ،‬و التي من خاللها تستطيع أجهزة المسطرة تحديد مدى إمكانية إستمرار المقاولة او تفويتها‬
‫اوتصفيتها ‪.3‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬قصور مبدأ اإلستمرارية و إشكالية العقود الجارية‬

‫إذ ا كان حكم فتح المسطرة يؤثر على حقوق االغيار الفردية‪ ،‬فأنه ال يحول دون استمرارية المقاولة‬
‫في مزاولة نشاطها خصوصا‪ ،‬في حالة التسوية القضائية التي قد يخلص الحل فيها الستمرارية نشاط‬
‫المقاولة‪ ،‬وفق ما نصت عليه المادة ‪ 571,‬من مدونة التجارة و التي تنص على "يتابع نشاط المقاولة‬
‫بعد صدور الحكم بالتسوية القضائية"‬

‫إدا كان الم شرع خول للمقاولة إمكانية‪ ،‬استمرار نشاطها فأن االشكال الدي يثارهنا‪ ،‬هو مصير بعض‬
‫العقود الجارية التي يستمر العمل بها حتى بعد الحكم بالتسوية و التصفية القضائية‪ ،‬خصوصا الحساب‬
‫باالطالع والدي اعتبره بعض الفقه‪ 4‬من بين العقود الجارية ذات الطابع الشخصي‪ ،‬حيث ان الحكم‬
‫بالتسوية القضائية ال يؤدي الى تخلي المدين عن ادارة امواله‪ ،‬و التصرف فيها كما هو الشأن بالنسبة‬

‫نورالدين لعرج‪ ،‬م س‪،‬ص ‪160‬‬ ‫‪1‬‬

‫اطلق عليها الفقه الفرنسي فترة المالحظة بموجب المادتين ‪3- 621‬و المادة ‪7- 631‬‬ ‫‪2‬‬

‫محمد كرم مرجع س‪ ،‬ص ‪90‬‬ ‫‪3‬‬

‫التعريف ا لدي اعطاه الفقيه شكري السباعي لعقد الحساب باالطالع و الدي اعتبره من بين العقود الجارية دات الطابع الشخصي‬ ‫‪4‬‬

‫‪29‬‬
‫لتصفية القضائية‪ ،‬التي يترتب عنها غل يد المدين بقوة القانون بل ان الحكم بالتسوية القضائية ليس من‬
‫‪1‬‬
‫شأنه ان يحول حسب مقتضيات المادة ‪ 571‬من مدونة التجارة ‪ ،‬دون متابعة المقاولة المعنية لنشاطها‪.‬‬

‫و تأسيسا على ما سبق فأن القول ‪ ،‬بإقفال الحساب باالطالع مباشرة بعد صدور الحكم القاضي بالتسوية‬
‫والتصفية القضائية كما تنص على دلك الفقرة الثانية من المادة ‪ 503‬من مدونة التجارة‪ ،‬من شأنه ان‬
‫يتعارض مع مبدأ استمرارية االستغالل المقرر بمقتضى المادة ‪ ,573,‬و ما بعدها من هده المدونة‪ ،‬هدا‬
‫المبدأ الدي تجسده بصورة جلية مقتضيات الفقرة االخيرة من المادة‪,573 ,‬من ذات المدونة‪ ،‬بحيث ال‬
‫يمكن ان يترتب على مجرد فتح التسوية القضائية‪ ،‬تجزئة او إلغاء او فسخ العقد‪ ،‬على الرغم من اي‬
‫مقتضى قانوني‪.2‬‬

‫و ل عل ما يؤكد وجهة نظرنا هده ان المشرع‪ ،‬نفسه قد أورد في مدونة التجارة عدة مقتضيات‪ ،‬تدل على‬
‫ان الحساب باالطالع المفتوح باسم المقاولة الموضوعة في حالة تسوية قضائية ‪ ،‬ال يقفل مباشرة بعد‬
‫صدور الحكم القاضي بدلك‪ ،‬خالفا لما هو منصوص عليه في الفقرة االخيرة من المادة ‪.503‬‬

‫هكذا فإدا تم تبني مخطط لتسوية يضمن استمرارية نشاط المقاولة المتوقفة عن الدفع‪ ،‬فليس هناك اي‬
‫مبرر إلقفال الحساب باالطالع المفتوح باسمها الن دلك يتعارض مع مبدأ استمرارية االستغالل‪ ،‬كما‬
‫اشرنا الى دلك انفا‪ ،‬اما ادا كان المخطط المتبنى يرمي الى عكس دلك‪ ،‬يعني الى استمرارية المقاولة‪ ،‬و‬
‫انما الى تفويتها‪ ،‬ألحد االغيار او الى تصفيتها تصفية قضائية‪ ،‬فأن اقفال الحساب يكون انداك في محله‪،‬‬
‫اللهم اال إدا ارتأى البنك بحريته الى االبقاء على الحساب مفتوح لمدة معينة لحاجات التفويت‪ ،‬او‬
‫‪3‬‬
‫التصفية‪.‬‬

‫وانطالقا من مما سبق و بالمقارنة مع مقتضيات‪ ،‬المواد ‪ 503‬الى‪ 525‬من مدونة التجارة يمكن ان‬
‫نستنتج ان المشرع لم يكن منسجما مع نفسه‪ ،‬بحيث وقع في سهو من حيث عدم تميزه بين مسطرة‬
‫التسوية و مسطرة التصفية القضائيتين كسبب من اسباب قفل الحساب‪.‬‬

‫و من جهة اخرى‪ ،‬فأدا كان الهدف من استمرارية المقاو لة هو تسوية وضعيتها و سداد خصومها‪ ،‬فان‬
‫دلك ال يقع إال نادرا‪ ،‬دلك ان المخططات التي تحصرها المحاكم هي على العموم سطحية‪ ،‬و هدا يرجع‬
‫باألساس الى التكوين الدي يفتقره القضاة المغاربة‪ ،‬في ميدان األعمال‪ ،‬دلك انه على الرغم من هاجس‬
‫المشرع حول الحفاظ على المقاوالت‪ ،‬ف أن القاضي عندما تكون مقاولة امامه تعاني من صعوبات‪ ،‬فهدفه‬
‫الوحيد هو اداء المستحقات لدائنين و ليس الحفاظ على المقاولة‪ ،‬كما ان توجهات الدولة ال تنظم اي‬
‫مقتضيات‪ ،‬من شأنها مساعدة المقاولة في مرحلة الصعوبة‪ ،‬كما ان غياب التكوين داخل المحاكم حول‬
‫ميدان االعمال‪ ،‬و ه شاشة المبادرات‪ ،‬التي تقوم بها الدولة في هدا المجال‪ ،‬خصوصا ان التشريع وحده‬
‫غير كافي بل ال بدا من برامج تنموية‪ ،‬لتدعيم المقاوالت و‪ ،‬وقايتها مما يزيد من فعالية هده المساطر‪.‬‬

‫أمحمد لفروجي ‪،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬دراسة تحليلية و نقدية في ضوء القانون المغربي و القانون المقارن‪،‬ص‪41،‬‬ ‫‪1‬‬

‫من المالحظ انه ال يوجد اي مقتضى قانوني من هدا القبيل فيما يتعلق بالتصفية القضائية‬ ‫‪2‬‬

‫امحمد لفروجي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪43‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪30‬‬
‫ومن اهم النقائص كذلك التي اعترت استمرارية المقاولة مقتضيات المادة ‪ ،592‬من مدونة التجارة‪،‬‬
‫التي تنص في فقرتها االخيرة ‪"....‬ادا كانت ستؤدي الى فسخ عقود العمل‪ ،‬فإنه يجب تطبيق القواعد‬
‫المنصوص عليها في مدونة الشغل"‪.1‬‬

‫يتمثل مضمون هده المادة في امكانية تسريح العمال‪ ،‬متى كان دلك رهين بضمان استمرارية المقاولة‬
‫لكن يعاب عليه الجانب الجزا ئي حتى ان البعض عبر عن عدم فعاليته‪ ،2‬خصوصا انه يؤطر تسريح‬
‫العمال‪ ،‬فكيف للمشرع ان يوكل للقضاء مصلحة المقاولة بأكملها‪ ،‬وسلبها في ذات الحين حق البث في ما‬
‫يخص تسريح عمالها او عدد منهم‪ ،‬امام هدا الموقف الشاد للقانون المغربي‪ ،‬فأنه يعكس اما افتقار‬
‫واضعي هده الفقر ة لنضج القانوني‪ ،‬او ان دلك فيه امعان من قبل واضعيه من حيث تقزيم سلطة المحكمة‬
‫أمام السلطة التنفيذية‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عيوب و ثغرات التصفية القضائية‬


‫إن الحكم بالتصفية القضائية للمقاولة‪ ،‬يمكن أن تقضي به المحكمة في حاالت عدة‪ ،‬إذا توقفت المقاولة‬
‫عن دفع ديونها الحالة و المستحقة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬إذ أن المحكمة بإمكانها أن تقضي بالتصفية‬
‫القضائية مباشرة‪ ،‬إذ ا تبين لها ان المقاولة‪ ،‬مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬دون المرور بمرحلة االستمرارية‬
‫و التفويت تماشيا مع مقتضيات المادة ‪ ،568‬التي تنص على "يقضى بالتسوية ادا تبين ان وضعية‬
‫المقاولة ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه و اال فيقضى بالتصفية القضائية"‬

‫إذا كان المشرع خول للمحكمة سلطة اختيار مصير مآل المقاولة مباشرة بالتصفية القضائية ‪ ،‬فان دلك‬
‫يتنافى مع االهداف المرجوة التي جاء بها قانون صعوبات المقاولة‪ ،‬اذ يجب على المشرع ان يتيح‬
‫للمقاولة فرصة اخرى للعالج‪ ،‬اذا عجز مسيروها عن ذلك عن طريق تفويتها إلى الغير‪ ،‬و الحفاظ على‬
‫مناصب الشغل فيها‪ ،‬خصوصا ادا كان المخطط يهدف الى الحفاظ على اكبر عدد ممكن من مناصب‬
‫الشغل ‪ ،‬باعتبارها من بين الضمانات التي خولها المشرع لألجراء ‪.3‬‬

‫وقد سار القضاء المغربي على هدا النحو‪ ،‬حيث صدر عن المحكمة التجارية بمراكش "و حيث إنه‬
‫بدراسة مخطط االستمرارية المقترح من قبل رئيس المقاولة يتجلى انه مخطط طموح وواعد سيما‪،‬‬
‫وان عملية التفويت الجزئي ألصول المقاولة تنصرف لفروع ضعيفة المردودية و غير منتجة فضال عن‬
‫ارتفاع سومتها الكرائية‪ ،‬وتشكل عبئا كبيرا على خزينة المقاولة‪ ،‬و عليه فأن تفويتها سيقلص من‬
‫تكاليف و اكراهات الشركة فضال عن كون هدا التفويت يعتبر الية ناجعة‪ ،‬من اجل توفير سيولة مهمة‬
‫من شأنها تسوية دين البنك الشعبي الدي يعتبر الدائن الرئيسي و المدين المهيمن و المتوفر على رهن‬
‫على جميع اصول المقاولة علما ان تسوية دينه على هدا االساس‪ ،‬سيخلص المقاولة من مبلغ مالي‬
‫يتجاوز النصف باعتبار ان دين البنك ‪ ،........‬ناهيك عن ان التفويت يحقق هدفا ساميا يتمثل في‬
‫االحتفاظ بجميع العمال‪ ،‬و المستخدمين‪ ،‬وبجميع حقوقهم و امتيازاتهم خصوصا ان عقود العمل سوف‬
‫تنتقل بقوة القانون لشركة المقتنية كمشغلة لهم‪ ،‬فضال عن كون المقاولة ستحتفظ بمجموعة من‬
‫المحالت االخرى بعضها تملكه في اصولها التجارية و البعض االخر تديره على وجه التسيير الحر‪،‬‬

‫نظم المشرع في الفرع السادس من الباب الخامس من مدونة قانون الشغل فصل االجراء السباب اقتصادية و تكنولوجية و هيكلية‬ ‫‪1‬‬

‫موقف االستاد شكري السباعي بخصوص تعارض مدى امكانية المحكمة في فصل االجراء دون تخةيل دلك الحق للمقاولة‬ ‫‪2‬‬

‫محمد كرم مرجع سابق ص ‪110‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪31‬‬
‫وبالتالي فأن التفويت الجزئي سيجعل المقاولة محافظة على وسائل االنتاج و مناصب الشغل المتعلقة‬
‫‪1‬‬
‫بهده المحالت‪،" .....‬‬
‫البين من الحكم ان المشرع خول لألجراء امكانية استمرار عقود الشغل و ذلك عند تفويت نشاط‬
‫المقاولة سواء كان التفويت كليا او جزئيا‪.‬‬

‫و بالتالي فإ ن تبني المشرع للحكم بالتصفية القضائية دون المرور تسلسليا بالمراحل االخرى يعد ضربا‬
‫الهداف نظام صعوبات المقاولة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬إشكالية نفاد الحكم القاضي بالتصفية القضائية بالنفاد المعجل‬

‫و من النقائص كذلك التي تعتري مرحلة التصفية القضائية‪ ،‬شمولية الحكم القاضي بالتصفية القضائية‬
‫بالنفاد المعجل بقوة القانون‪ ،‬لن نتطرق لألثار التي سبقت دراستها عند الحديث عن اثار الحكم القاضي‬
‫بفتح مسطرة المعالجة‪ ،‬وانما سنعمد الى التركيز على االثار الخاصة التي تترتب عن التصفية القضائية‪،‬‬
‫وان كانت بعض االثار المشتركة بين مسطرتي التسوية القضا ئية والتصفية القضائية ال تتالئم و طبيعة‬
‫المسطرتين‪ ،‬و نخص بالدكر االثر المتعلق الحكم القاضي لتصفية القضائية بالنفاد المعجل بقوة القانون‪،‬‬
‫وفق ما تنص عليه المادة ‪ 728‬من مدونة التجارة‪.2‬‬

‫فإن هذا األ ثر قد تكون سلبياته اكثر من اجابياته بخصوص التصفية القضائية‪ ،‬و نصوغ مثاال بسيطا‬
‫في الحالة التي تقضي فيها المحكمة مباشرة بالتصفية القضائية‪ ،‬ويتم استئناف هدا الحكم خصوصا من‬
‫طرف المدين‪ ،‬و قبل البث في االستئناف تباشر اجراءات التصفية القضائية‪ ،‬ويتم تفويت و بيع عقارات‬
‫المقاولة الى الغير‪ ،‬الدي يكتسب ملكية هدا العقار و يسجله في المحافظة العقارية و يصير مالكا له‪،‬‬
‫بصفة قانونية غير انه بعد صيرورة هدا البيع تاما ونهائيا‪ ،‬تبث محكمة االستئناف التجارية في االستئناف‬
‫المرفوع من طرف المدين‪ ،‬مقررة إلغاء الحكم االبتدائي و الحكم من جديد بالتسوية القضائية‪ ،‬بدل‬
‫التصفية القضائية الملغاة خصوصا ان المفوت إليه حسن النية‪ ،‬و ان المقاولة في حاجة الى جميع اموالها‬
‫و عقاراتها إلنجاح مخطط التسوية و من ثم نقول ان مثل هده الصعوبات كان باإلمكان تفاديها لو لم‬
‫‪3‬‬
‫يشمل المشرع الحكم القاضي بالتصفية القضائية بقوة القانون و حصرها فقط في التسوية القضائية‬

‫تانيا‪ :‬اشكالية قفل المسطرة‬

‫نظم المشرع المغربي قفل المسطرة القضائية‪ ،‬في المادتين ‪ 635‬و المادة‪ 636‬من مدونة التجارة‪ ،‬اال‬
‫انه بالرغم من هذا التنظيم فإنه يمكن تسجيل مجموعة من الثغرات على مستوى هذه المسطرة خصوصا‬
‫في ما يتعلق‪ ،‬بإمكانية إعادة المطالبة بفتح هده المسطرة من جديد بعد الحكم بقفل المسطرة‪ ،‬و اقبار‬
‫الشخص المعنوي‪ .‬ما هي حجية حكم قفل المسطرة؟‬

‫ان مدونة التجارة سكتت عن هذه المسألة‪ ،‬بخالف القانون الفرنسي‪ ،4‬الذي تبنى موقفا سلبيا يتمثل في‬
‫ان الحكم القاضي بالتصفية القضائية‪ ،‬لعدم كفاية االصول ال يعيد الدائنين ممارسة دعاويهم الفردية‪ ،‬ضد‬

‫‪ 1‬حكم رقم ‪ 344‬الصادر بتاريخ ‪ 2016/07/15‬في الملف رقم ‪ 2016/8316/111‬بالمحكمة التجارية بمراكش ‪ ،‬غير منشور‬
‫‪ 2‬تنص المادة ‪ 728‬من مدونة التجارة " تكون االحكام الصادرة في مادة مسطرة معالجة الصعوبات و التصفية القضائية مشمولة بالنفاد المعجل‬
‫بقوة القانون عدا تلك المشار اليها في البابين الثاني والتالث من القسم الخامس"‬
‫‪ 3‬محمد كرم مرجع س‪ ،‬ص ‪111‬‬
‫‪ 4‬موقف المشرع الفرنسي ‪ ،‬بخصوص قفل المسطرة الصادر بمقتضى قانون ‪ 25‬يناير ‪1985‬‬

‫‪32‬‬
‫المدين‪ ،‬ما عدا إذا كان الدين ناشئا عن ادانة جنائية الرتكاب أفعال خارجة عن النشاط المهني للمدين‪ ،‬أو‬
‫الرتكاب غش ضريبي لفائدة الخزينة العامة‪.‬‬

‫و أمام سكوت مدونة التجارة المغربية عن هذه المسألة فأن للفقه‪ 1‬رأي اخر‪ ،‬حيت يرى انه ينبغي‬
‫السماح لدائنين‪ ،‬باسترجاع دعاويهم الفردية‪ ،‬إذ ا حكم بقفل التصفية متى استحال االستمرار في القيام‬
‫بعمليات التصفية لعدم كفاية االصول‪.‬‬

‫واذا رجعنا الى مدونة التجارة المغربية‪ ،‬وبالضبط الى المادة ‪ ،635‬التي جعلت‪ ،‬هي االخرى استحالة‬
‫االستمرار في القيام بعمليات التصفية القضائية‪ ،‬لعدم كفاية االصول من اسباب قفل التصفية‪ ،‬نجدها‬
‫ساكتة ال هي تبنت القانون القديم‪ ،‬و ال هي سايرت التطور الجديد الذي طال القانون الفرنسي الذي بدوره‬
‫يعتبر المصدر االساسي للقانون صعوبات المقاولة المغربي‪.2‬‬

‫بقي ان نشير الى دعوة المشرع لتدخل سريعا لتعديل النصوص القانونية المتعلقة بقفل مسطرة التصفية‬
‫القضائية‪ ،‬ومنح لدائنين امكانية اعادة فتح المسطرة‪ ،‬من اجل استرجاع حقوقهم‪ ،‬حتى لو ادى دلك الى‬
‫تمديد المسطرة الى المسير في حالة ما إذ ا تبث ان السبب يعود اليه في سوء التسيير‪.‬‬

‫بقي ان نشير و كإشارة فيما يتعلق بجرائم التفالس‪ ،‬ان المشرع وقع في قصور تشريعي في هذا االطار‬
‫ودلك ان مدونة التجارة‪ ،‬بقيت حبيسة القانون التجاري القديم بخصوص جرائم التفالس‪ ،‬مما اوقع العمل‬
‫القضائي في ارتباك‪ ،‬و اثار نقاشا فقهيا‪ ،‬في ما يخص القوانين الواجبة التطبيق‪.3‬‬

‫كما ان االختصاص في ما يخص جرائم التفالس للقضاء الزجري بالمحاكم االبتدائية‪ ،‬يتناقض مع‬
‫مقتضيات المادة الخامسة من قانون المحدث للمحاكم التجارية‪ ،4‬إذ ال يعقل ان تنظر محكمة تجارية في‬
‫كل ما يتعلق من قضايا المقاولة المتوقفة عن الدفع‪ ،‬وتحيل على محكمة اخرى في ما يخص جرائم‬
‫التفالس‪ ،‬مع العلم ان المحكمة التجارية هي االخرى تتوفر على النيابة العامة‪ ،‬الشئ الذي يجعلنا دائما‬
‫نتسائل‪ ،‬وراء اقرار المشرع النيابة العامة كجهاز في المحاكم التجارية بغض النظر عن تحريك‬
‫المسطرة ؟‬

‫و بهذا نكون قد تطرقنا بما فيه الكفاية‪ ،‬لبعض النقائص و العيوب‪ ،‬التي اغفلها الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة الذي تم االجماع عن عدم فعاليته‪ ،‬و استجابة لفعاليات المجتمع المدني التي نددت بضرورة اقرار‬
‫تشريع دقيق و محكم غرضه اسعاف المقاوالت‪ ،‬و رغبة في الحفاظ عليها‪ ،‬عمل المشرع المغربي على‬
‫احداث قانون جديد‪ ،‬وهو القانون ‪ ،573.17‬الذي نسخ و عوض القانون القديم و جاء بمقتضيات جديدة‪،‬‬
‫كلها في سبيل تدعيم المقاوالت‪ ،‬وضمان استمراريتها‪ ،‬كآلية لتحقيق النمو االقتصادي ليبقى السؤال‬
‫مطروحا‪ ،‬هل استطاع المشرع المغربي فعال االستجابة لالنتقادات الموجهة اليه بخصوص الكتاب‬
‫الخامس من مدونة التجارة‪ ،‬و ربح رهان المحافظة على المقاوالت و تدعيم االقتصاد الوطني هذا ما‬
‫سنحاول االجابة عنه قدر االمكان في الفصل الثاني‪.‬‬
‫‪ 1‬االستاد احمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها‪ ،‬الجزء الثالث‪،2006 ،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط ‪،‬ص‪148 ،‬‬
‫‪ 2‬احمد شكري السباعي م‪،‬س‪،‬ص‪151،‬‬
‫‪ 3‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪201،‬‬
‫‪ 4‬ضهير شريف رقم ‪ 1.97.65‬صادر في ‪ 4‬شوال ‪ 12(1417‬فبراير‪ )1997‬بتنفيد القانون رقم ‪ 53.95‬القاضي باحدات المحاكم التجارية‬
‫‪ 5‬ظهير شريف رقم ‪ 1.18.26‬الصادر في ‪ 2‬شعبان ‪19(1439‬ابريل ‪ )2018‬بتنفيد القانون رقم ‪ 73.17‬بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من‬
‫القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬القانون ‪ 73.17‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة وهاجس‬
‫الحفاظ على المقاولة‬
‫بنا ء على ما أفرزته الممارسة العملية من خالل تطبيق مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة‬
‫من اختالالت ‪ ،‬وبالنظر للدور الهام الذي تنهض به المقاولة‪ ،‬خاصة منها الصغرى والمتوسطة التي تعتبر‬
‫خلية أساسية في النسيج االقتصادي للمملكة فقد بات من الضروري تدخل المشرع آنيا لمواجهة‬
‫الصعوبات التي تهدد استمراريتها من خالل إرساء مقومات ثقافة الحكامة الجيدة في تسيير المقاولة‬
‫واعتماد تدابير ناجعة وإجراءات فعالة تتمثل أساسا في الكشف المبكر من طرف رئيس المقاولة لهذه‬
‫الصعوبات وفي الوقاية منها قبل التدخل قضائيا سعيا إلى إنقاذ المقاولة عن طريق اعتماد تدابير محفزة‪.‬‬
‫واعتبارا لما ذكر قام المشرع المغربي بإصدار القانون رقم ‪ 73.17‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب‬
‫الخامس من مدونة التجارة فيما يخص مسار صعوبات المقاولة‪.‬‬
‫وقد حمل هذا القانون في طياته جملة من المستجدات التشريعية تهدف إلى تالفي الثغرات التي كان‬
‫يعرفها الكتاب الخامس المنسوخ‪.‬‬
‫ولعل من أبرز غايات إصدار القانون رقم ‪ 73 17‬إعادة تأهيل مساطر الوقاية (المبحث األول)‪ ،‬إلى‬
‫جانب ذلك كان رهان اصالح المساطر القضائية للمعالجة حاضرا بقوة في هذا القانون ( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬إعادة تأهيل مساطر الوقاية كآلية لحماية المقاولة‬


‫كانت مساطر الوقاية فيما مضى تتسم بعدم الفعالية والبطء في الكشف عن الصعوبات التي تعاني منها‬
‫المقاولة‪ ،‬من هنا‪ ،‬يطرح السؤال المحوري ‪ :‬هل استطاع المشرع من خالل القانون ‪ 73.17‬تجاوز هذه‬
‫االختالالت ؟‬
‫و ما يحتم علينا الحديث عن إعادة اإلعتبار لمساطر الوقاية (المطلب األول)‪ ،‬و أيضا مسطرة اإلنقاذ‬
‫باعتبارها مستجد تشريعي فذ (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إعادة االعتبار لمساطر الوقاية‬


‫إن الوضعية الحساسة للمقاولة التي قد تمر من صعوبات‪ ،‬وأمام الحالة السيكولوجية المضطربة لرئيس‬
‫المقاولة من حيث عدم الرغبة‪ ،‬إما بالكشف واالعتراف بتلك الصعوبات‪ ،‬خوفا على سمعته في السوق‬
‫من حيث تهدي د خطوط االئتمان‪ ،‬و إما لما قد ينجم عن ذلك من صعوبة تصحيح وضعية المقاولة إذا لم‬
‫تتخذ التدابير الضرورية في الوقت المناسب كانت وراء إقرار المشرع لمسطرة الوقاية الداخلية التي‬
‫توصف بالسرية (الفقرة األولى)‪ ،‬ولما كانت مسطرة الوقاية الداخلية قد تنجح أو قد تبوء بالفشل‪ ،‬فإنه‬
‫كان لزاما إعادة هيكلة مسطرة الوقاية الخارجية (الفقرة الثانية)‪ ،‬فضال عن إعادة رد اإلعتبار لمسطرة‬
‫المصالحة (الفقرة الثالثة)‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسطرة الوقاية الداخلية في ضوء القانون ‪73.17‬‬


‫في إطار الوضعية الحرجة التي قد تعترض المقاولة من صعوبات وأمام خوف رئيس المقاولة عن‬
‫اإلفصاح عن هذه الصعوبات‪ ،‬العتبارات المنافسة الشرسة التي تعيشها المقاولة ولعنصر االئتمان‪،‬‬
‫الشيء الذي يجعل من ثقافة المقاوالت لمساطر الوقاية الداخلية مسألة غير واردة‪ ،‬السيما إن لم تتخذ‬
‫التدابير الضرورية إلنقاذها بشكل سريع وفي الوقت المناسب ‪ ،‬وهو ما عبر عنه المشرع الفرنسي‬

‫‪34‬‬
‫بمسطرة اإلنذار وهذا ما جعل المشرع المغربي يهدف إلى تفعيل مسطرة الوقاية الداخلية عبر قواعد‬
‫تروم الكشف المبكر عن تلك الصعوبات بين أجهزة المقاولة مع تحميل رئيس المقاولة أولوية للتدخل‬
‫السريع لرصد هذه الصعوبات‪.1‬‬
‫لعل أول إيجابية يمكن الوقوف عليها في هذا القانون الجديد هو تبني الوضوح المفاهيمي وهو ما من‬
‫شأنه أن يجعل المخاطبين بهذا القانون على بينة من موقعهم القانوني‪ ،‬وفي هذا اإلطار نصت المادة‬
‫‪ 546‬من القانون ‪ 73.17‬على أنه " يقصد بالمقاولة في مدلول هذا الكتاب‪ ،‬الشخص الذاتي التاجر أو‬
‫الشركة التجارية ‪ .‬ويقصد برئيس المقاولة‪ ،‬الشخص الذاتي المدين أو الممثل القانوني للشخص‬
‫االعتباري المدين‪." ...‬‬
‫وبهذا لم يعد هناك غموض يلف مفهوم رئيس المقاولة أو مفهوم المقاولة بخصوص تطبيق إجراءات‬
‫الكتاب الخامس‪.‬‬
‫و إذا كانت هذه النقطة إيجابية تسجل لصالح المشرع المغربي فإننا باالطالع على نطاق تطبيق مسطرة‬
‫الوقاية الداخلية‪ ،‬نجد أن المادة ‪ 547‬من القانون رقم ‪ 73.17‬في فقرتها األولى والتي جاء فيها " إذا لم‬
‫يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح اإلختالل الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها يبلغ‬
‫إليه مراقب الحسابات‪ ،‬ان وجد أو أي شريك في الشركة"‪.‬‬
‫يتضح من خالل الفقرة المشار إليها‪ ،‬أن مجال تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية يهم المقاوالت التي تتخذ‬
‫شكل شركة تجا رية أو مجموعة ذات نفع اقتصادي ذات الغرض التجاري ‪ ،‬ألن هذه األخيرة يكون تعيين‬
‫مراقب الحسابات بها أمر ضروري‪.2‬‬
‫ولئن كان من الوضع القائم في القانون المنسوخ يتسم بالتضييق من نطاق تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية‬
‫فإنه ‪ -‬ولألسف ‪ -‬الزال هذا المشكل قائما في القانون ‪ 73.17‬إذ يخرج عن نطاق تطبيق مسطرة الوقاية‬
‫الداخلية المقاوالت الفردية كاألصل التجاري وكذلك الشركات المدنية والمجموعات ذات النفع االقتصادي‬
‫ذات الغرض المدني وكذلك شركات المحاصة ذات الغرض التجاري لكونها ال تتوفر على الشخصية‬
‫المعنوية والمقاول الذاتي وبهذا التحديد‪ ،‬يكون المشرع قد ضيق خناق تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية‬
‫وكان حري بالمشرع المغربي أن يستغل مناسبة صدور القانون ‪ 73,17‬ليسلك نهج نظيره الفرنسي الذي‬
‫يخضع في المادة ‪ 61 1 - 2‬من مدونة التجارة الفرنسية لمسطرة الوقاية الداخلية للشركات التجارية‬
‫والمجموعات ذات النفع االقتصادي والمقاوالت الفردية تجارية أو حرفية او زراعية وعندما لم يسر‬
‫المشرع على هذا الدرب يكون القانون ‪ 73.17‬في هذه النقطة جاء معيبا‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى جاءت المادة ‪ 547‬محددة لألجهزة المعينة بتصحيح اإلخالل في إطار مسطرة الوقاية‬
‫الداخلية‪ ،‬إذ نصت هذه المادة على أنه " إذا لم يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح االختالل‪." ...‬‬
‫يتضح من خالل هذه المادة أن أول من أوكل إليه المشرع تحريك مسطرة الوقاية الداخلية هو رئيس‬
‫المقاولة باعتباره القلب النابض للمقاولة‪.‬‬
‫وإذا كنا نبحث عن تفعيل مسطرة الوقاية الداخلية كان على المشرع من باب أولى النص على تدابير‬
‫صارمة لحماية هذه المقاولة تفعيال لهذه الم سطرة ذلك أن المالحظ هو أن المشرع لم يرتب أي جزاء في‬

‫‪ 1‬نهال اللواح ‪ ،‬مستجدات القانون ‪ 17 . 23‬المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة ‪ -‬مساطر الرقابة صعوبات المقاولة نموذجا‪ ،‬سلسة المحامي‬
‫العدد ‪ 71‬سنة ‪ ، 2018‬الصفحة ‪6 – 5‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحيم شميعة‪ ,‬شرح احكام صعوبات المقاولة في ضوى القانون ‪ 73 :17‬مطبعة مكتبة سجل ماسة‪ .‬مكناس طبعة ‪ 2018‬ص ‪36‬‬

‫‪35‬‬
‫حالة تهاون رئيس المقاولة ورصد هذه الصعوبات وتصحيحها‪ 1.‬وهو ما لم تتضمنه المادة‪ 547‬من‬
‫القانون رقم ‪ 17 . 73‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪.‬‬
‫مما يدل على أن المشرع الزال لم يصل بعد إلى مرحلة النجاح في إعادة تأهيل مساطر الوقاية الداخلية‬
‫من كل جوانبها‪.‬‬
‫كما أن المادة ‪ 547‬احتفظت على نفس المقتضيات التي كان منصوص عليها في القانون القديم (‪،)546‬‬
‫فيما يتعلق بمراقب الحسابات و الشريك بإثارة هذه المسطرة‪.‬‬
‫ويالحظ أن المشرع المغربي لم يتبنى المقاربة اإلجتم اعية في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية سواء في‬
‫القانون القديم أو القانون الجديد‪ ،‬بحيث لم يتناول المشرع إطالقا دور األجراء في هذه المسطرة وكأنهم‬
‫ليسوا عنصرا فاعال فيها يؤثر ويتأثر بما يضرها وينفعها‪ ،‬مع العلم أن هؤالء يعيشون عن قرب جميع‬
‫المشاكل التي يمكن أن تع ترض المقاولة وكان على المشرع على األقل أن يتيح اإلمكانية لمندوبي‬
‫األجراء أو لممثلي النقابيين إن وجدوا لتحريك مسطرة الوقاية الداخلية مساهمة في تقوية األجهزة‬
‫المحركة‪.‬‬
‫وقد نصت المادة ‪ 547‬من مدونة التجارة على أنه " يبلغ‪ ...‬الوقائع أو الصعوبات خاصة الصعوبات‬
‫ذات الطبيعة القانونية أو اإلقتصادية أو المالية أو االجتماعية التي من شانها اإلخالل باستمرارية‬
‫استغاللها"‪ ،‬وهكذا فإن النص المغربي يشير إلى الوقائع وكذا الصعوبات وهما مصطلحان يعنيان نفس‬
‫الشيء‪ ،‬يترتب على عدم تصحيحهما أن تصل المقاولة إلى اإلخالل باستمرارية نشاطها‪.‬‬
‫وخالفا لما كان منصوص عليه في المادتين ‪ 546‬و‪ 545‬من م ت قبل التعديل وما اكتنفها من غموض‬
‫بخصوص تحديد طبيعة الوقائع والصعوبات الواجب رصدها وتصحيحها من قبل رئيس المقاولة‪.‬‬
‫والمالحظ أن المادة ‪ 547‬من القانون رقم ‪ 73.17‬لم تحدد هي األخرى الصعوبات التي يجب على‬
‫المقاولة تصحيحها بل ربطتها باألثر الذي يمكن أن تخلفه هذه االختالالت وحددته في التأثر السلبي على‬
‫استغالل المقاولة‪ .‬غير أنه ووعيا من المشرع بتعدد مصادر الصعوبات التي يمكن أن تؤثر في‬
‫االستغالل الطبيعي للمقاولة عمد إلى تصنيف موسع لهذه الصعوبات‪.‬‬
‫ذلك أن المادة ‪ 547‬من القانون انتقلت من التعميم إلى التخصيص‪ ،‬فنجد أن من مجرد ذكر المشرع‬
‫الوقائع والصعوبات انتقل إلى التنصيص على تلك الصعوبات خاصة ذات الطبيعة القانونية أو‬
‫االقتصادية أو المالية أو االجتماعية التي تؤدي لنفس النتيجة المتمثلة في اإلخالل باستمرارية المقاولة‪.2‬‬
‫أما على مستوى جهاز مراقب الحسابات فيالحظ أن المشرع المغربي لم يعطي هذه المؤسسة اهتماما‬
‫كافيا‪ ،‬سواء في ظل القانون المنسوخ أو على مستوى القانون الجديد‪ ،‬إذ ال يمكنه التحرك بعد إشعار‬
‫رئيس مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة إال بإخبار رئيس المحكمة التجارية طبقا للمادة ‪ 548‬م ت عند‬
‫عدم تداول الجمعية العمومية بخصوص الوقائع المثارة‪.‬‬
‫وإذا كان المشرع الفرنسي قد راهن على السماح لمراقب الحسابات بحضور مداوالت المجلس المنعقد‪،‬‬
‫فإن القانون المغربي ظل أ سير إكراه سرية مداوالت المجلس المنعقد ولم يشأ إحراج رؤساء المقاوالت‬

‫‪ 1‬نهال اللواح مرجع سلبق ص ‪.70‬‬


‫‪ 2‬نهال اللواح‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪89:‬‬

‫‪36‬‬
‫أمام مراقب الحسابات وهو ما يجعل هذه المؤسسات صورية فقط‪ ،‬السيما إذا علمنا أن المشرع لم يرتب‬
‫أي جزاء في حالة عدم الرد من طرف رئيس المقاولة على رسالة مراقب الحسابات أو الشريك‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إعادة هيكلة مسطرة الوقاية الخارجية على ضوء ‪73.17‬‬
‫تنص المادة ‪ 549‬من القانون ‪ 73.17‬على ما يلي‪:‬‬

‫"تفتح مسطرة الوقاية الخارجية أمام رئيس المحكمة في الحالة الواردة في المادة السابقة أو‬
‫كلما تبين له من عقد أو وثيقة أو إجراء أن مقاولة دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع‪ ،‬تعاني‬
‫من صعوبات قانونية أو اقتصادية أو مالية أو اجتماعية أو لها حاجيات ال يمكن تغطيتها بواسطة‬
‫تمويل يناسب إمكانات المقاولة"‪.‬‬

‫من خالل هذه المادة يتضح أن الم شرع في إطار تعديل مسطرة الوقاية الخارجية استهدف تحديد‬
‫المقاوالت التي يمكن أن تستفيد من مسطرة الوقاية الخارجية‪ ،‬ثم تحديد اللجوء لفتح هذه المسطرة بشكل‬
‫‪2‬‬
‫دقيق على خالف ما كانت تنص عليه المادة ‪ 548‬السابقة‪.‬‬

‫وانطالقا مما سبق يمكن القول أن مسطرة الوقاية الخارجية تطبق أمام كل مقاولة حسب مدلولها‬
‫الوارد في المادة ‪ 546‬والتي حددته في الشخص الذا تي التاجر أو الشركة التجارية‪ ،‬وبمفهوم المخالفة‬
‫فإنه ال يمكن تطبيق هذه المسطرة على كل شخص ذاتي غير تاجر وكل شركة أو تعاونية مدنية وكذلك‬
‫المؤسسات العمومية حتى وإن كانت تمارس نشاطا تجاريا‪.‬‬

‫إنه وبعد أن مرت ثمانية سنوات من اكتمال المشهد القانوني الفرنسي بخصوص االنتهاء من تحديد‬
‫نطاق المشمولين بأحكام الوقاية الخارجية لما لها من مزية اإلنقاذ المبكر للمقاوالت‪ ،‬واعتماد منهجية‬
‫الوأد المبكر للصعوبات التي قد تؤدي إلى اندثار المقاوالت‪ ،‬نجد القانون المغربي الزال مرتبكا في‬
‫التصور‪ ،‬مقصرا في الصياغة‪ ،‬متبنيا لمنظومة قانونية يفترض أن يحكمها خط رفيع يقوم على جعل‬
‫المقاولة كمفهوم اقتصادي كلي وشمولي في قلب الفكر القانوني‪ ،‬وهو ما تكرس عبر تفويت هذه الفرصة‬
‫‪3‬‬
‫مع التعديل األخير لسنة ‪ 2014‬وكذا مع القانون ‪ 73.17‬لسنة ‪.2018‬‬

‫إذ كيف يتم السماح للشركات التجارية أن تستفيد من ضمانات هذه المسطرة دون المدنية‪ ،‬وكيف‬
‫تبقى المقاولة الزراعية خارج هذه المعادلة أال تعتبر جميعها مقاوالت تساهم في تنمية االقتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪ " 1‬ليظل هذا االشكال قائما حتى في ظل القانون ‪ ،73.17:‬إما لعدم التباه واضعي هذا القانون ‪ -‬وال نعتقد ذلك ‪ -‬أو خضوعا‬
‫لضغوطات المقاولين ‪ -‬ونعتقد ذلك‪.‬‬
‫‪ : 2‬مصطفى بونجى – نهال اللواح‪ :‬مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون ‪ ،73.17‬الطبعة األولى‪ .2018 ،‬ص‪.79 :‬‬
‫‪ : 3‬ع‪ .‬الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60 :‬‬

‫‪37‬‬
‫لكل ذلك نرى أنه ليس هناك مبرر يجعل تطبيق هذه المسطرة تسري فقط على األشخاص الذين‬
‫شملتهم المادة ‪.546‬‬

‫كما ال نجد أساسا منطقيا يبرر عدم مواكبة التشريع الفرنسي بهذا الخصوص‪.‬‬

‫أما على مستوى تحريك هذه المسطرة‪ ،‬فنجد المادة ‪ 549‬حصرت هذا االختصاص لرئيس‬
‫المحكمة التجارية وحده دون غيره ليباشرها وذلك انطالقا من التحديد الوارد في المادة ‪ 546‬من القانون‬
‫‪ 73.17‬والتي نصت صراحة على أن المقصود برئيس المحكمة هو رئيس المحكمة التجارية أو من‬
‫‪1‬‬
‫ينوب عنه‪.‬‬

‫وباستقراء المادة ‪ 548‬والمادة ‪ 549‬من مدونة التجارة نجدها تحدد الحاالت التي يتم اللجوء فيها‬
‫لفتح مسطرة الوقاية الخارجية‪ ،‬والتي تكون إما بإخبار رئيس المحكمة من طرف مراقب الحسابات أو‬
‫رئيس المقاولة أو الشريك وإما تلقائيا من طرف رئيس المحكمة كلما تبين له من كل وثيقة أو عقد إجراء‬
‫يتضح من خاللها أن المقاولة تعاني من صعوبات‪.‬‬

‫وخالفا للقانون المنسوخ‪ ،‬عمد القانون ‪ 73.17‬إلى إعادة االعتبار لدور الشريك باعتباره فاعال‬
‫أساسيا في المقاولة فأتاح له إمكانية تبليغ رئيس المحكمة التجارية بالصعوبات التي تعترض المقاولة‬
‫قصد تحريك مسطرة الوقاية الخارجية‪.‬‬

‫وإذا كانت الجهة التي تختص نوعيا بالنظر في إجراءات مسطرة الوقاية الخارجية هي رئيس‬
‫المحكمة التجارية أو من ينوب عنه حسب المادة ‪ 546‬من القانون ‪ 73.17‬دون اإلشارة إلى‬
‫االختصاص المحلي‪ ،‬فإن هذا األخير ينعقد للمحكمة التجارية الموجود في دائرتها مؤسسة التاجر التي‬
‫‪2‬‬
‫تنظر في مساطر المعالجة (المواد ‪ 5‬و ‪ 10‬و ‪ 20‬من القانون المحدث للمحاكم التجارية)‪.‬‬

‫و إذا كان أول إجراء يقوك به رئيس المحكمة هو إستدعاء رئيس المقاولة قصد المشاورات في‬
‫الصعوبات التي تعاني منها المقاولة (ف ‪ 2‬م ‪ ،)549‬فإن المشرع لم يتجاوز اإلشكال المتعلق بعدم وجود‬
‫أي جزاء قانوني في حالة تخلف رئيس المقاولة عن الحضور في الوقت المحدد ليترك األمر مرة أخرى‬
‫للسلطة التقديرية الممنوحة لرئيس المحكمة في إطار واليته على هذه المسطرة‪ ،‬والذي يمكنه أن يسارع‬
‫بإحالة الملف على المحكمة أو على النيابة العامة لبحث إمكانية فتح مسطرة المعالجة ضد رئيس المقاولة‪،‬‬

‫‪ : 1‬مصطفى بونجى – نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81 :‬‬


‫‪ : 2‬حنان البكوري‪ ،‬مساطر صعوبات المقاولة ونص القانون رقم ‪ ،73.17‬الطبعة ‪ ،2018‬ص‪.21 ،20 :‬‬

‫‪38‬‬
‫وما يترتب عليها من نتائج خطيرة اتجاه المقاولة‪ ،‬هذا ما يجعل رئيس المقاولة يسعى من تلقاء نفسه إلى‬
‫‪1‬‬
‫االستجابة لالستدعاء إليجاد الحلول لمقاولة قبل أن تقع في التسوية القضائية أو التصفية القضائية‪.‬‬

‫وال يقتصر رئيس المحكمة عند استدعاء رئيس المقاولة على المعلومات والمعطيات التي يستقيها‬
‫منه والتي تترافق غالبا بتفاؤل مبالغ فيه مادامت المقاولة في غير حالة التوقف عن الدفع‪ ،‬حيث يمكنه أن‬
‫يطلع على معلومات من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن المقاولة سواء عن طريق مراقب الحسابات‬
‫أو إدارة الضرائب أو إدارة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي أو مصلحة أداء عوارض األداء ببنك‬
‫المغرب وكذا وضعية المقاولة من خالل السجل التجاري سواء باالطالع عليه أو بأخذ نسخة من‬
‫‪2‬‬
‫التقييدات الواردة به‪.‬‬

‫إال أنه ما يالحظ بخصوص قيام رئيس المحكمة التجارية باالستشارات الالزمة على الوضعية‬
‫الحقيقية للمقاولة أن المشرع سواء في القانون المنسوخ أو في القانون ‪ 73.17‬لم يحدد له أجال للقيام‬
‫بذلك‪ ،‬بالرغم مما يتعين أن يميز هذه المسطرة من سرعة واستعجال وبالتالي نرى أنه من الضروري أن‬
‫يقرر له أجل محدد لذلك ‪ 15‬يوم أو شهر على األكثر من أجل تحديد موقفه بشأن ما يتعين اتخاذه من‬
‫قرارات بشأن المقاولة‪.‬‬

‫وعلى ضوء ذلك يقرر رئيس المحكمة التجارية إما تعيين الوكيل الخاص أو فتح مسطرة‬
‫‪3‬‬
‫المصالحة‪.‬‬

‫والمالحظ من خالل مقتضيات المادة ‪ 550‬من القانون ‪ 73.17‬أن المشرع خول لرئيس المحكمة‬
‫سلطة تعيين الوكيل الخاص لتذليل الصعوبات التي تعاني منها المقاولة‪ ،‬حيث أضاف مستجدا في هذا‬
‫اإلطار‪ ،‬يتمثل في كون أن هذا التعيين يكون باقتراح من رئيس المقاولة‪.‬‬

‫ولعل هذه اإلضافة المتمثلة في كون أن تعيين المصالح أو الوكيل الخاص يكون باقتراح من رئيس‬
‫المقاولة لها أهمية بالغة‪ ،‬وتتمثل الغاية منها في اقتحام رئيس المقاولة في عملية تذليل الصعاب والبحث‬
‫عن الحلول التي تتخبط فيها المقاولة‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بأتعاب الوكيل الخاص فبعدما كانت مقتضيات المادة ‪ 549‬من مدونة التجارة الملغاة‬
‫خالية من النص على تحديد أتعاب الوكيل الخاص‪ ،‬جاءت المادة ‪ 549‬من المقتضيات الجديدة لتنص‬

‫‪ : 1‬حنان البكوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 :‬‬


‫‪ : 2‬ع‪ .‬الرحيم القريشي‪ ،‬تدابير الوقاية من صعوبات المقاولة بين التشريع والتطبيق‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،‬يونيو ‪ 2014‬ص‪.70 :‬‬
‫‪ : 3‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76 :‬‬

‫‪39‬‬
‫على تحديد مصاريف المسطرة تؤدى من قبل رئيس المقاولة الذي يتعين عليه وضعها بصندوق المحكمة‬
‫‪1‬‬
‫فورا تحت طائلة صرف النظر عن اإلجراء‪.‬‬

‫و يالحظ من خالل المادة ‪ 550‬من القانون ‪ 73.17‬احتفظ بنفس مقتضى القانون القديم‪ ،‬الذي‬
‫يتمثل في عدم تحديد شروط الواجب توفرها في الوكيل الخاص و هو ما يمكن اعتبار أن المشرع بقي‬
‫‪2‬‬
‫أسيرا للقانون القديم ‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مسطرة المصالحة كآلية لوقاية المقاولة‬


‫تعد مسطرة المصالحة من مساطر الوقاية الخارجية ونظمها المشرع في المواد من ‪ 551‬إلى‬
‫‪ ، 559‬وتفتح مسطرة المصالحة في وجه كل مقاولة دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع‪ ،‬تعاني‬
‫من صعوبات اقتصادية أو مالية أو لها حاجيات ال يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانياتها‪،3‬‬
‫يعتبر وجود الدائنين والمصالح من بين متطلبات تطبيق هذه المسطرة‪ ،‬وهي تعد آلية يتمكن من خاللها‬
‫المصالح من إبرام تفاق بين الدائنين ورئيس المقاولة المدين‪.‬‬

‫وقد منح المشرع المغربي إمكانية تحريك مسطرة المصالحة إلى رئيس المقاولة الذي يتقدم بطلب‬
‫إلى رئيس المحكمة التجارية يعرض فيه وضعية المقاولة دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع‪.‬‬

‫ولعل من أبرز ايجابيات القانون رقم ‪ 73.17‬أنه استعاضة بعبارة "مسطرة المصالحة" عوض‬
‫"التسوية الودية"‪ ،‬وهذا توجه محمود وأكثر دقة‪ ،‬وذلك تجنبا لالختالط مع مسطرة التسوية القضائية‪.‬‬

‫كما أنه من حسنات هذا القانون‪ ،‬أنه مدد مدة مهمة المصالح في إطار مسطرة المصالحة‪ ،‬هذه‬
‫المدة المحددة في ثالثة أشهر باإلضافة إلى إمكانية تمديدها لنفس المدة مرة واحدة بطلب من المصالح (‪6‬‬
‫أشهر على األكثر)‪ ،‬وهذا على عكس المادة ‪ 553‬من القانون الملغاة التي كانت تحدد مهمته في ‪ 4‬أشهر‬
‫كأقصى حد‪.‬‬

‫ولقد تم تعزيز دور المصالح في ظل القانون الجديد رقم ‪ ،17.73‬بحيث إن مهمة المصالح تتمثل‬
‫في " تذليل الصعوبات المالية أو االقتصادية‪ ،‬وذلك بالعمل على إبرام صلح مع الدائنين"‪ ،‬على خالف‬
‫الصياغة القديمة للمادة ‪ 554‬التي نصت أن مهمة المصالح تتحدد فقط في تيسير تسهيل سير الشركة‬
‫والعمل على إبرام اتفاق بين الدائنين‪.‬‬

‫‪ : 1‬مصطفى بونجى‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85 :‬‬


‫‪ : 2‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77 :‬‬
‫‪ 3‬الفقرة األولى من المادة ‪ 551‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬

‫‪40‬‬
‫كما أن تعيين المصالح حسب المقتضيات الجديدة للمادة ‪ 549‬من القانون رقم ‪ ،73.17‬ال يمكن‬
‫أن يتم تلقائيا من طرف رئيس المحكمة‪ ،‬بل البد لرئيس المقاولة من تقديم طلب كتابي في الموضوع‪.‬‬

‫وذلك تفعيال لدور رئيس المقاولة باعتباره فاعال أساسيا في هذه المسطرة‪ ،‬ويتضح ذلك أيضا من‬
‫خالل المادة ‪ 555‬من القانون رقم ‪ 73.17‬التي أعطته اإلمكانية لتقديم طلب لرئيس المحكمة التجارية‬
‫بخصوص الوقف المؤقت لإلجراءات‪ ،‬تسهيال إلبرام اتفاق مع الدائنين على خالف المادة ‪ 555‬الملغاة‬
‫والتي كانت تحصر إمكانية تقديم هذا الطلب من طرف المصالح فقط‪.‬‬

‫إن اآلمال المعقودة على مهمة المصالح لتذليل الصعوبات التي تمر منها المقاولة‪ ،‬وجعلها تتجنب‬
‫الوقوع في آفة التوقف عن الدفع‪ ،‬كان يوجب على المشرع المغربي تقنين مهنة المصالحين‪ ،‬خاصة وأن‬
‫‪1‬‬
‫النجاح في مثل هذه المهمة يتطلب من القائمين بها شروط التواصل والتفاوض والوساطة‪.‬‬

‫هذا ما لم يتداركه المشرع في القانون الجديد رقم ‪ ،73.17‬وهو بذلك ترك ثغرة يمكن أن تؤدي‬
‫استقباال إلى تسرب الضعف إلى مسطرة المصالحة‪ ،‬خاصة وأن المصالح هو المحور األساسي في‬
‫نجاحها‪ ،‬بل عليه تتوقف كل المبادرات الكفيلة بنجاح اتفاق المصالحة‪ ،‬ومن ثم القضاء على الصعوبات‬
‫التي تعترض المقاولة‪.‬‬

‫وبالنسبة آلثار اتفاق المصالحة‪ ،‬يتضح أن المشرع احتفظ بنفس النتائج المترتبة عن إبرام اتفاق‬
‫المصالحة‪ ،‬سواء تجاه الدائنين الرئيسين أو تجاه جميع الدائنين الموقعين على االتفاق‪ ،‬وفي هذا الصدد‬
‫وعلى خالف المقتضيات السابقة‪ ،‬فإن المادة ‪ 556‬من القانون رقم ‪ 73.17‬جاءت بمستجد هام يتمثل في‬
‫التنصيص على إلزامية إشعار الدائنين غير المشمولين باالتفاق باآلجال الجديدة الممنوحة من طرف‬
‫رئيس المحكمة‪.‬‬

‫وهذا اإلجراء من شأنه أن يحول الدائنين في إطار مسطرة المصالحة من جزء المشكل إلى جزء‬
‫من الحل‪ ،‬طالما سيكون على علم بكافة المراحل التي قطعتها مسطرة المصالحة‪.‬‬

‫ويسجل على المشرع المغربي في القانون رقم ‪ 17.73‬انه لم يضع ولو على وجه التقريب‬
‫تعريفا معياريا لتحديد الدائنين الرئيسين من الدائنين العادين‪ ،‬إال أن الفقه بادر إلى سد هذه الثغرة‪ ،‬إذ حدد‬
‫مفهوم الدائنين الرئيسين في حجم الدين ونسبته في الخصوم المترتبة على الذمة المالية للمدين‪ ،‬وتحديد‬
‫هذا األمر يعتبر بالغ األهمية‪.‬‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪41‬‬
‫فالمشرع في المادة ‪ 556‬من القانون رقم ‪ 73.17‬تحدث عن وجوب المصادقة على اتفاق‬
‫المصالحة من طرف رئيس المحكمة في حالة موافقة جميع الدائنين وعن إمكانية المصادقة عليه في حالة‬
‫إبرام اتفاق مع الدائنين الرئيسين دون الحديث عن الحالة التي يوافق فيها الدائنين غير الرئيسين فقط‪.‬‬

‫يعتبر هذا أمرا منطقيا‪ ،‬ألن القول بوجود دائنين غير رئيسيين يفترض عدم وجود صعوبات‬
‫وصلت إلى حد من الخطورة التي تزعزع الثقة في المقاولة إلى الدرجة التي تبرر فتح مسطرة المصالحة‬
‫بكل ثقلها‪.‬‬

‫وإذا كان المشرع قد راهن على مسطرة المصالحة كمسطرة غير قضائية لتصحيح صعوبات‬
‫المقاولة‪ ،‬فإن مخاطر عدة تهددها‪ ،‬وقد تعجل بفتح المسطرة القضائية للمعالجة‪ ،‬ونخص بالذكر خاصية‬
‫السرية التي تقوم عليها الوقاية‪ ،‬إذ أن صدور أمر الوقف المؤقت لإلجراءات طبقا للمادة ‪ 555‬من مدونة‬
‫التجارة يجعل العموم على علم بوضعيتها‪.‬‬

‫ولعل أهم مستجد تشريعي جاء به القانون رقم ‪ 73.17‬هو حق االمتياز الذي نصت عليه المادة‬
‫‪ ، 558‬حيث يتمتع الدائنين الذين وقعوا على اتفاق المصالحة ومنحوا أمواال جديدة لخزينة المقاولة‬
‫المدينة من أجل ضمان متابعة نشاطها واستمراريتها بحق األفضلية واألولوية في استيفاء ما منحوه من‬
‫أموال لفائدة المقاولة المدينة‪ ،‬قبل كل الديون األخرى العالقة في ذمة المقاولة المدينة‪ ،‬بما فيها الديون‬
‫المقررة في إطار المادتين ‪ 565‬و ‪590‬من القانون رقم ‪ 73.17‬والفقرة الثانية من المادة ‪ 652‬من‬
‫نفس القانون‪ .‬غير أن حق األفضلية ال يستفيد منه الدائنون الموقعون على االتفاق الودي‪ ،‬سواء بصفة‬
‫‪1‬‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ ،‬بالنسبة للمبالغ الممنوحة للمقاولة قبل فتح مسطرة المصالحة‪.‬‬

‫وانسجاما مع أهداف صدور القانون رقم ‪ 73.17‬والمتمثلة في إعادة تأهيل مساطر الوقاية كان‬
‫ال بد من المشرع المغربي أن يخلق تدابير تحفيزية تشجع قنوات التمويل على منح ديون للمقاولة في‬
‫مرحلة الوقاية وخاصة مسطرة المصالحة‪.‬‬

‫وهو ما تحقق بتخويل األشخاص الذين مولوا المقاولة بامتياز االمتيازات في استيفاء ديونهم قبل‬
‫كل الدائنين‪ ،‬ولو كانوا مولوا المقاولة في مسطرة المعالجة التي تعرف تدهورا خطيرا جدا في وضعية‬
‫المقاولة‪.‬‬

‫ويمكن أن يفضي حق ام تياز االمتياز هذا إلى جعل مسطرة المصالحة مسطرة وقائية ناجعة‬
‫بامتياز‪.‬‬

‫مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫وحسب المادة ‪ 559‬من القانون رقم ‪ 73.17‬فانه في حالة عدم تنفيذ االلتزامات الناجمة عن‬
‫االتفاق‪ ،‬يعاين رئيس المحكمة بمقتضى أمر غير قابل ألي طعن‪ ،‬فسخ هذا االتفاق وسقوط كل آجال‬
‫األداء الممنوحة وي حيل الملف إلى المحكمة لفتح مسطرة المعالجة مباشرة‪.‬‬

‫ويالحظ أن المشرع وسع من نطاق االختصاص التدخلي لرئيس المحكمة في مساطر الوقاية‪،‬‬
‫حينما جعل أمر فسخ اتفاق المصالحة من اختصاصه وليس من اختصاص محكمة الموضوع‪ ،‬كما كان‬
‫عليه األمر سابقا‪ ،‬وذلك تحقيقا للسرعة التي تتطل بها مسطرة الوقاية خصوصا وأن هذا األمر غير قابل‬
‫ألي طعن‪.‬‬

‫وإذا كان يحسب للقانون رقم ‪ ،73.17‬كما لنظيره الفرنسي وهذا خالفا لما كان عليه األمر قبل‬
‫تعديل ‪ 1996‬أن فسخ اتفاق الصلح الودي ال يؤدي بشكل مباشر إلى فتح مسطرة المعالجة‪ ،‬اللهم إال إذا‬
‫نجم عن ذلك توقف عن ال دفع موجب لفتحها‪ ،‬ويكون بذلك هذا الحكم كما لو لم ينجح اتفاق الصلح الودي‬
‫من أساسه حيث إن فشله ال يعني الفسخ التلقائي والمباشر للمسطرة القضائية للمعالجة‪.‬‬

‫لكن جديد القانون رقم ‪ 73.17‬من خالل الفقرة األخيرة من المادة ‪ 559‬من مدونة التجارة يتمثل‬
‫في المرور مباشرة إ لى مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية في حالة عدم تنفيذ المدين‬
‫اللتزاماته المترتبة عليه بناء على اتفاق المصالحة‪ ،‬وكان باإلمكان له أن يترك الباب مفتوحا كذلك للجوء‬
‫‪1‬‬
‫إلى مسطرة اإلنقاذ متى كان ذلك ممكنا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسطرة اإلنقاذ مستجد تشريعي فذ‬


‫لقد تبنى المشرع المغربي شأنه شأن العديد من الدول مسطرة اإلنقاذ بموجب القانون الجديد‬
‫‪2‬‬

‫‪ ،73.17‬و ذلك للنهوض بالقطاع المقاوالتي و تقوية االقتصاد الوطني‪.‬‬


‫و تعتبر مسطرة اإلنقاذ مسطرة جماعية مخصصة للتدخل في حالة عدم توقف المقاولة عن‬
‫الدفع‪ ،‬ثم اعتمادها لتسهيل هيكلة المقاولة للتمكن من استمرار نشاطها و المحافظة على مناصب الشغل‪،‬‬
‫و تسديد ما عليها من ديون‪ ،‬و قد تم التنصيص عليها في القسم الثالث من الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة المنسوخ و المغير بموجب القانون السالف الذكر (المواد من ‪ 560‬إلى‪ ،) 574‬باستقرائنا لها‬
‫يتبين أنها تنفرد بخصائص متميزة (الفقرة األولى) كما أن لها أهداف محددة (الفقرة األولى)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خصائص مسطرة اإلنقاذ‬


‫تعتبر مسطرة اإلنقاذ من بين المستجدات التي جاء بها القانون ‪ 73.17‬لما ستوفره من آلية‬
‫فعالة من شأنها تعزيز قدرات المقاولة على تخطي الصعوبات التي تعاني منها‪.‬‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.83‬‬ ‫‪1‬‬

‫الفضل‪ 11‬من قانون اإلفالس األمريكي‪ ،‬و مدونة التجارة الفرنسية‪ ،‬اللذان أطر هذه اإلمكانية القانونية بتنظيمها لمسطرة خاصة‬ ‫‪2‬‬

‫سميت بمسطرة اإلنقاذ‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫تتميز مسطرة اإلنقاذ عن غيرها من المساطر االستباقية‪ 1‬كانت أو مواكبة‪ 2‬بعدة خصائص و‬
‫مميزات‪ .‬أنها مسطرة إرادية (أوال)‪ ،‬وأنها مسطرة وقائية (ثانيا)‪ ،‬كما يبقى رئيس المقاولة محتفظا بكافة‬
‫صالحية التسيير(ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬مسطرة إرادية‬

‫و يتمثل ذلك من خالل عدم جواز فتحها إال بناء على طلب مقدم من رئيس المقاولة‪ ،‬و على‬
‫خالف مسطرة التسوية و التصفية القضائية‪ 3‬و هذا ما نصت عليه المادة ‪ 561‬من القانون‪73.17‬‬
‫"يمكن أن تفتح مسطرة اإلنقاذ بطلب من كل مقاولة‪ ،‬دون أن تكون في حالة عدم التوقف عن الدفع‪،‬‬
‫تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها و من شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن‬
‫الدفع"‬
‫و يستفاد من خالل المادة أعاله أن المشرع المغربي سار على نهج نظيره الفرنسي في المادة‬
‫‪ ’401-620‬من مدونة التجارة الفرنسية‪ ،‬حيث نص على الطابع اإلرادي لهذه المسطرة و يقصد بكونها‬
‫مسطرة إرادية أن لرئيس المقاولة كامل الحرية في إثارتها‪ ،‬فالمشرع منح اإلختيار لرئيس المقاولة‬
‫بسلوكه من عدمه ‪ ،‬عن طريق وضع طلب بكتابة ضبط المحكمة المختصة‪ ،‬و ما يستتبع من الطابع‬
‫اإلرادي تنزيل ألهداف القانون الجديد ‪ 73.17‬الذي وسع من صالحيات رئيس المقاولة بمنحه عدة‬
‫امكانيات للحفاظ على سلطاته داخل مقاولته و تحفيزه على بذل جهد في تسيرها و النهوض بها بل‬
‫والمحافظة على استمرارية استغاللها‪ ،‬مع تحصين إرادته في تسير و مراقبة المقاولة قبل التوقف عن‬
‫الدفع‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسطرة وقائية بأجهزة قضائية‬
‫و تمتاز مسطرة االنقاذ أيضا بكونها مسطرة وقائية بأجهزة قضائية‪ ،‬و تتجلى أهميتها في‬
‫الرصد المبكر و اإلستباقي إلى اإلختالالت التي تعاني منها المقاولة قبل الوصول إلى مرحلة التوقف‬
‫عن الدفع‪ ،‬الشيء الذي يفسر غياب فترة الريبة و استثناء المشرع مسطرة اإلنقاذ من أحكام الباب الحادي‬
‫عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪.5‬‬
‫و قد جاء بالحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش بما يلي " و لما كانت الغاية من‬
‫المساطر الجماعية هو منح فرصة للمقاولة من أجل تجاوز تعثرها و مواصلة نشاطها حفاظا على‬
‫مناصب الشغل‪ ،‬فإن المحكمة ارتأت تمتيعها بفترة مالحظة من أجل تشخيص وضعيتها و تدبير سبل‬
‫تدليل الصعوبات التي تعتري استمرارية استغاللها و ذلك بالحكم بتحويل فتح مسطرة التسوية القضائية‬
‫في حقها‪.‬‬

‫‪ 1‬يقصد بالمساطر االستباقية كل من مسطرتي الوقاية الداخلية و الخارجية و هي إجراءات تستحضر الجانب اإلرادي و التشاركي‬
‫ألجهزتها‪.‬‬
‫‪ 2‬يقصد بالمساطر المواكبة كل من مسطرتي التسوية و التصفية القضائية‪ ,‬و هي مواكبة لتوقف المقاولة عن الدفع باعتماد الحلول الالزمة لذلك و‬
‫مراقبتها‪.‬‬
‫‪ 3‬مصطفة بونجة و نهال اللواح‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.167 :‬‬
‫‪4 Selon l'acticle 620.01...une procédure sauvegardé auverter sur demande d'un: débiteur, mentionné‬‬

‫‪a l'arcticle 620,2.....‬‬

‫‪ 5‬نصت المادة ‪ 574‬من نفس القانون الجديد على ما يلي‪:‬‬


‫ال تطبق على مسطرة اإلنقاذ مقتضيات الباب الحادي عشر من القسم السادس من هذا الكتاب‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫و حيث أنه يتعين تعيين أجهزة المسطرة‪......‬لهذه األسباب حكمت المحكمة في جلستها العلنية‬
‫ابت دائيا و حضوريا‪ ،‬بتحويل مسطرة اإلنقاذ المفتوحة في حق السيد س إلى مسطرة التسوية القضائية‬
‫مع تحديد تاريخ التوقف عن الدفع في الثمانية عشر شهرا السابقة لهذا الحكم‪ ،‬مع اإلبقاء على نفس‬
‫أجهزة المسطرة و تكليف السنديك بمراقبة عملية التسيير مع باقي الصالحيات المخولة له قانونا مع‬
‫إعداد تقرير عن الموازنة المالية و االقتصادية و اإلجتماعية للمقاولة و اقتراح الحل المالئم لتصحيح‬
‫وضعية الشركة أمر كتابة الضبط بتسجيل ملخص بهذا الحكم بالسجل التجاري المدعي و نشر إشعار‬
‫به في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية و في الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من‬
‫صدوره مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل‪".1‬‬
‫ثالثا‪ :‬إحتفاظ رئيس المقاولة بكافة صالحيات التسيير‬
‫و من خصائص هذه المسطرة أنه يتم من خاللها احتفاظ رئيس المقاولة بكافة صالحيته في‬
‫التسيير‪ ،‬حيث نجد المادة ‪ 566‬من القانون‪ 73.17‬تنص على أنه "يختص رئيس المقاولة بعملية‬
‫التسيير‪ ".....‬و هذا يدل على أن رئيس المقاولة ينفرد بصالحيات تسييرها‪ ،‬و يهدف المشرع من خالل‬
‫هذه اإل مكانية منح الثقة لرؤساء المقاولة و تشجيعهم على اإلنخراط اإليجابي في هذه المسطرة و تسهيل‬
‫خروجهم من الضائقة و الصعوبات التي تعترض مقاولتهم‪.‬‬
‫و تتجلى هذه الخاصية في طمأنة المتعاملين مع المقاولة بخصوص استمرار الروابط التجارية‬
‫فيما بينهم و بين المقاولة من خالل الحفاظ على طاقم التسيير من جهة و من ناحية أخرى طمأنة رئيس‬
‫المقاولة بخصوص و ضعه القانوني داخل المقاولة و تشجيعه على مواصلة جهوده إلنقاذ مقاولته‪.‬‬
‫باإلضافة إلى هذه الخصائص التي تتسم بها مسطرة اإلنقاذ‪ ،‬فهناك أهداف يتم تحقيقها عبرها و‬
‫هذا ما سنتطرق إليه فيما يلي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األهداف المرجوة من مسطرة اإلنقاذ‬


‫بالعودة إلى مقتضيات المادة ‪ 560‬من القانون ‪ 73.17‬نجد تنص على أنه " تهدف مسطرة‬
‫اإلنقاذ إلى تمكين المقاولة من تجاوز الصعوبات و ذلك من اجل ضمان استمرارية نشاطها‪ ،‬و الحفاظ‬
‫على مناصب الشغل‪ ،‬و تسديد خصومها‪ ".‬و يمكن القول على أن األهداف الحقيقية لهذه المسطرة تكاد‬
‫تنطبق مع نفس اهداف مسطرة التسوية القضائية اللهم فيما يتعلق بحالة المقاولة المتوقفة عن الدفع في‬
‫مسطرة التسوية القضائية و ال تكون كذلك في مسطرة اإلنقاذ‪ ،‬و يمكن إجمال هذه األهداف فيما يلي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬تمكين المقاولة من تجاوز الصعوبات‬
‫قد تتعرض المقاولة خالل مراحل حياتها إلى صعوبات راجعة إلى أخطاء في التسيير أو المنافسة‬
‫أو تكلفة اليد العاملة‪ ،‬أو إلى غير ذلك من الصعوبات التي ت تخذ طابع اقتصادي‪ ،‬اجتماعي‪ ،‬مالي أو‬
‫قانوني‪ ،‬خالل هذه المرحلة فإن المقاولة تكون في أمس الحاجة إلى المساعدة من أجل تجاوز هذه‬
‫الصعاب‪ ،‬لذلك أتى المشرع بمسطرة اإلنقاذ كمسطرة متميزة عن باقي المساطر األخرى‪ ،‬و جعل الهدف‬
‫األساسي من ورائها هو تجاوز هذه الصعوبات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضمان استمرارية المقاولة‬

‫‪ 1‬حكم المحكمة التجارية‪ ,‬بمراكش رقم ‪ 91‬الصادر بتاريخ ‪ 27/9/20118‬في الملف رقم ‪.120/8302/2018‬‬
‫)أورده‪ ,‬مصطفى بونجة‪ .‬نهال اللواح‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.(169:‬‬

‫‪45‬‬
‫إن الهدف األساسي من تذليل الصعوبات التي قد تع ترض المقاولة هو الحفاظ على استمرارية‬
‫نشاطها‪ ،‬إذ أن توقف نشاط المقاولة يترتب عنه أثار و خيمة من جهة اإلضرار بالمقاولة و على‬
‫المتعاملين معها‪ ،‬و من جهة أخرى اإلضرار باالقتصاد الوطني‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الحفاظ على مناصب الشغل‬
‫و يتجلى هذا الهدف من خالل التشجيع على إنشاء المقاوالت و ضمان تشغيل الشباب و‬
‫امتصاص البطالة‪ ،‬و بالحفاظ على نشاط المقاولة من أجل ضمان استقرار الوضع االجتماعي للبالد و‬
‫ارتفاع القدرة الشرائية لدى األجراء و تحريك عجلة االقتصاد‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬تسديد الخصوم‬
‫إن أهم ما يعترض المقاولة في حياتها هو توقفها عن أداء ديونها في اآلجال المحددة‪ ،‬و هو ما‬
‫يترتب عنه أضرار بالمقاولة نتيجة توقف تمويلها و فقدان الثقة بها‪ ،‬و هو ما تهدف إليه مسطرة اإلنقاذ‬
‫عن طريق إيجاد حل توافقي بخصوص أداء الديون المتعثرة التي تكون بذمة المقاولة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القانون ‪ 73.17‬و رهان إصالح المسطرة القضائية للمعالجة‬


‫حاول المشرع المغربي من خالل القانون ‪ 73.17‬الرفع من رهان إصالح المسطرة القضائية للمعالجة‬
‫و ذ لك من خالل تجاوز بعض اإلشكاالت التي تعاني منها فترة ما قبل حصر المخطط ( المطلب األول)‬
‫و كذلك العمل على نج اعة و فعالية المساطر القضائية للمعالجة ( المطلب الثاني)‬

‫المطلب األول‪ :‬محاولة تشريعية لتالفي إشكاالت ما قبل حصر المخطط‬


‫انطالقا من مبدأ سالمة النتائج من سالمة المنطلقات‪ ،‬اعتنى المشرع المغربي في القانون رقم‬
‫‪ 73.17‬باإلجراءات السابقة على اعتماد المخطط الصالح لمعالجة الصعوبات‪ ،‬فما كان منه إال أن حاول‬
‫تقوية اإلجراءات المتعلقة بصدور الحكم القضائي القاضي بفتح مسطرة المعالجة (الفقرة األولى)‪ ،‬إلى‬
‫جانب ذلك ال حرص على تعزيز فترة إعداد الحل (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تقوية اإلجراءات المتعلقة بصدور الحكم‬


‫ال يتأتى صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة‪ ،‬إال بتوفر شرط التوقف عن الدفع‪ ،‬فهذا‬
‫الشرط هو بيت القصيد في مساطر المعالجة عامة‪ ،‬ولعل من أبرز مستجدات القانون رقم ‪17.73‬‬
‫القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪ ،‬تبنيه لمفهوم اقتصادي للتوقف عن الدفع‪،‬‬
‫وهذا المفهوم ليس إال تكريسا لالجتهاد القضائي ال ذي تواتر عليه عمل محكمة النقض‪ ،‬وفي هذا اإلطار‬
‫نصت المادة ‪ 575‬من القانون رقم ‪ 17 .73‬على أنه " تطبق مسطرة التسوية القضائية على كل‬
‫مقاولة ثبت أنها في حالة توقف عن الدفع‪ .‬وتثبت حالة التوقف عن الدفع متى تحقق عجز المقاولة‬
‫عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة بما في ذلك الديون‬
‫الناتجة عن االلتزامات المبرمة في إطار االتفاق الودي المنصوص عليه في المادة ‪ 556‬أعاله"‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫فهذه المادة سدت الباب أمام المدينين سيئي النية عن اللجوء إلى مساطر المعالجة فقد إليقاف‬
‫التنفيذ وأداء الديون الحالة‪ ،‬بحي ث إنه لن تطبق مساطر المعالجة إال إذا ثبت أن المقاولة عاجزة عن تسديد‬
‫ديونها من خالل أصولها المتوفرة ال لمجرد التوقف عن الدفع فحسب‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن القانون رقم ‪ 17.73‬تجاوز إشكالية عويصة كانت تحد من فعالية مساطر المعالجة‪،‬‬
‫بل وتضر بدائني المقاولة ونأمل من القضاء التجاري أن يعمل على تحري الصرامة في تطبيق المفهوم‬
‫االقتصادي للتوقف عن الدفع الوارد في المادة ‪.575‬‬

‫ومن جانب آخر‪ ،‬فإن من خصائص اإلجراءات السابقة على صدور الحكم تعدد قنوات فتح‬
‫مسطرة التسوية أو التصفية القضائية‪.‬‬

‫إذ أن مرامي نظام صعوبات المقاولة كانت وراء إقرار قاعدة مسطرية جديدة في المنظومة‬
‫القانونية المغربية‪ ،‬المتمثلة من خالل المواد من ‪ 576‬إلى ‪ 587‬من القانون رقم ‪ 17.73‬في االعتراف‬
‫‪1‬‬
‫لجهات متعددة من حقها أن تجعل المحكمة تضع يدها وتقضي بفتح المسطرة القضائية للمعالجة‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد تنص المادة ‪ 576‬من القانون الجديد على أنه " يجب على رئيس المقاولة أن‬
‫يطلب فتح مسطرة التسوية القضائية في أجل أقصاه ‪ 30‬يوما من تاريخ توقف المقاولة عن الدفع"‪.‬‬

‫وانطالقا من مقتضيات هذه المادة‪ ،‬يالحظ أن المشرع المغربي جاء بمستجد هام‪ ،‬يتمثل في‬
‫تحديد األجل الممنوح لرئيس المقاولة لتقديم طلب فتح المسطرة‪.‬‬

‫فبعدما كان هذا األجل محددة في ‪ 15‬يوما طبقا لمقتضيات السابقة من الكتاب الخامس لمدونة‬
‫التجارة‪ ،‬حددت المادة ‪ 576‬مقتضيات جديدة أل جل تقديم رئيس المقاولة لطلبه الرامي إلى فتح المسطرة‬
‫‪2‬‬
‫في ‪ 30‬يوما التالية للتوقف عن الدفع‪ ،‬وذلك تحت طائلة الحكم بسقوط األهلية التجارية‪.‬‬

‫ونستشف‪ ،‬أن المشرع أخذ بعين االعتبار عنصر الزمن في حالة وجوبية تقديم رئيس المقاولة‬
‫طلب فتح المسطرة‪ ،‬حيث إن تمديد هذا األجل لثالثين يوما قد يفيد في منح الفرصة لرئيس المقاولة لجمع‬
‫جميع الوثائق المتطلبة في هذا الطلب وتفادي الحكم عليه بالعقوبات التجارية‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم شميعية‪ ،‬كمرجع سابق‪ ،‬ص ‪.127‬‬


‫‪ 2‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬

‫‪47‬‬
‫وفي السياق نفسه تفتح مسطرة المعالجة بناء على مقال افتتاحي ألحد الدائنين‪ ،‬جاء في الفقرة‬
‫األولى من المادة ‪ 578‬من القانون رقم ‪ 73.17‬ما يلي " يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى‬
‫ألحد الدائنين"‪.‬‬

‫والمالحظ أن المادة ‪ 578‬منحت للدائنين كيفما كانت طبيعة دينهم أن يتقدموا بطلب فتح مسطرة‬
‫المعالجة‪ ،‬لكن صيغة العم وم التي جاء بها المشرع من شأنها أن تخلق بعض االضطراب‪ ،‬إذ يمكن للدائن‬
‫حتى وإن كان م قدار دينه هزيال طلب فتح المسطرة‪ ،‬وال شك أن مثل هذه الخطوة تضر بسمعة المقاولة‬
‫وتثير الشكوك حول الوضعية الحقيقية لها‪ ،‬والحل في تقديرنا أن على المحكمة التجارية أن تفعل المعايير‬
‫االقتصادية للتوقف عن الدفع لتالفي هذا المشكل‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تنص المادة ‪ 578‬على أنه " يمكن للمحكمة أن تضع يدها على المسطرة إما‬
‫تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من رئيس المحكمة في إطار ما تخوله له مسطرة الوقاية‬
‫الخارجية من اختصاصات"‪.‬‬

‫ومن بين المستجدات التي جاء بها القانون رقم ‪ 73.17‬أنه وسع من نطاق الجهات المخول لها‬
‫طلب فتح مسطرة المعالجة‪ ،‬وهذا ما هو واضح في المادة أعاله‪.‬‬

‫إذ أضاف المشرع رئيس المحكمة التجارية الذي له الحق في طلب فتح مسطرة المعالجة‪ ،‬انطالقا‬
‫‪1‬‬
‫من تقنية اإلحالة في حدود االختصاص الذي أنيط به في مسطرة الوقاية الخارجية‪.‬‬

‫وإذا كان رئيس المحكمة حاضرا كجهاز محرك لمسطرة المعالجة حتى في القانون السابق‪ ،‬فإن‬
‫القانون رقم ‪ 73.17‬تبنى الوضوح ونص عليه في صلب المادة ‪ 578‬كجهة أصيلة مخول لها فتح‬
‫المسطرة‪ .‬وهو توجه محمود حيث إن المطلوب في النص القانوني تمام الوضوح ليسهل على المخاطبين‬
‫به تطبيقه‪.‬‬

‫وفضال عن ذلك‪ ،‬واستناد إلى مقتضيات المادة ‪ 587‬من القانون رقم ‪ 73.17‬فإن المشرع خول‬
‫للنيابة العامة بالمحكمة التجارية إمكانية تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة في مواجهة المقاولة المتوقفة‬
‫عن دفع ديونها‪.‬‬

‫ولعل االعتراف بالحق للنيابة العامة في طلب فتح مسطرة المعالجة ضد كل مقاولة تكون في‬
‫‪1‬‬
‫حالة توقف عن دفع ديونها‪ ،‬يجد مبرراته في كون النيابة العامة هي الحارسة للنظام العام االقتصادي‪.‬‬

‫مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪48‬‬
‫إال أنه‪ ،‬وفي ظل الممارسة العملية المرتبطة بعمل النيابة العامة داخل المحاكم التجارية فال يجب‬
‫أن نكون كثيري التفاؤل كي نعول عليها لتقديم هذا الطلب‪ ،‬ألنه سيكون مطلوب منها إثبات حالة التوقف‬
‫عن الدفع‪ ،‬حيث لن يتأتى لها الوقوف حولها إال من خالل حالة عدم تنفيذ االلتزامات المبرمة في إطار‬
‫‪2‬‬
‫المصالحة‪.‬‬

‫وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن دور النيابة العامة داخل المحاكم التجارية يوصف بالهشاشة‪ ،‬ألن النيابة‬
‫العامة داخل هذه المحاكم ليس لها من الوسائل الزجرية كما يتيح لها االطالع على واقع المقاوالت‬
‫المغربية‪ ،‬ولم يجد البعض حرجا بوصف النيابة العامة داخل المحاكم التجارية والحالة هاته بأنها لها‬
‫وجود هيكلي وغياب وظيفي‪.‬‬

‫وفي سياق البحث عن مدى فعالية اإلجراءات السابقة لصدور الحكم القاضي بفتح مسطرة‬
‫المعالجة‪ ،‬نصت المادة ‪ 582‬من القانون رقم ‪ 73.17‬في الفقرة األخيرة على أنه" تبت المحكمة في‬
‫الطلب الرامي بفتح هذه المسطرة بعد ‪ 15‬يوما من رفع الدعوى"‪.‬‬

‫ولعل تحديد مدة ‪ 15‬يوم راجع لما تتطلبه المسطرة من سرعة البت في الطلب‪ ،‬غير أن هذا‬
‫‪3‬‬
‫األجل يبقى قصيرا خصوصا وأنه عمليا يصعب على المحكمة التقيد بهذا األجل‪.‬‬

‫وال يمكن لمساطر صعوبات المقاولة أن تفعل دون وجود أجهزة تسهر على تطبيقها‪ ،‬ولذلك نص‬
‫المشرع في المادة ‪ 670‬من القانون رقم ‪ 73.17‬على أنه " تعين المحكمة في حكم فتح المسطرة‬
‫القاضي المنتدب والسنديك‪ ،‬كما تعين نائبا للقاضي المنتدب‪ ،‬وتسند إليه نفس المهام إذا عاق هذا‬
‫األخير مانع"‪.‬‬

‫يمنع إسناد القاضي المنتدب أو السنديك إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة‬
‫الرابعة بإدخال الغاية أو أصهارهم"‪.‬‬

‫وسيرا على نهج القانون الفرنسي‪ ،‬ونظرا لتسهيل وتيسير مهام القاضي المنتدب‪ ،‬فإن القانون رقم‬
‫‪ 17.73‬من خالل المادة ‪ 670‬سمح وألول مرة في القانون المغربي بتعيين نائب للقاضي المنتدب تسند‬
‫إليه نفس المهام إذا عاق مانع األول‪.‬‬

‫مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪203‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.136‬‬ ‫‪2‬‬

‫مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪211‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫وقد تخوف البعض من تعيين نائب القاضي المنتدب‪ ،‬ألن إشكال يطرح يتعلق بآليات التعاون‬
‫والتنسيق بينهما‪ ،‬خاصة وأن القانون يتحدث عن تكليف النائب كلما عاق القاضي المنتدب مانع ال ندرك‬
‫‪1‬‬
‫ما هو طبيعته‪.‬‬

‫إال أننا ال نتفق مع هذا الر أي‪ ،‬وال نؤيد هذا التخوف ألن نفس المهام المنوطة بالقاضي المنتدب‬
‫تناط أيضا بنائبه‪ ،‬وبالتالي كل واحد منهم يتحمل مسؤوليته الشخصية في إطار اإلجراءات التي يباشرها‪.‬‬

‫ومن أهم األجهزة المكلفة بالسهر على تطبيق مساطر المعالجة السنديك‪ ،‬إذ يشكل المفتاح الرئيس‬
‫لحل المشاك ل التي تتخبط فيها المقاولة وقد ارتبط السنديك بنظام المساطر الجماعية من بدايتها‪ ،‬فقد كان‬
‫جهازا أساسيا في نظام اإلفالس كان يمثل كتلة الدائنين‪ ،‬وال زال دوره متعاظما على نظام صعوبات‬
‫‪2‬‬
‫المقاولة‪ ،‬حيث أضحى يمثل مجموع المصالح التي جاء هذا النظام لحمايتها ومحاولة التوفيق بينها‪.‬‬

‫ويتجلى دور السنديك في مساطر المعالجة على وجه الخصوص فيما نصت عليه المادة ‪673‬‬
‫من القانون رقم ‪ 73.17‬التي جاء فيها" يكلف السنديك بمراقبة تنفيذ مخطط اإلنقاذ وبتسيير عملية‬
‫التسوية والتصفية القضائية ابتداء من تاريخ صدور الحكم فتح المسطرة حتى قفلها‪.‬‬

‫يسهر السنديك على تنفيذ مخطط االستمرارية أو التفويت‪.‬‬

‫يقوم السنديك بتحقيق الديون تحت مراقبة القاضي المنتدب‪.‬‬

‫يتعين على السنديك بمناسبة القيام بمأموريته أن يحترم االلتزامات القانونية والتعاقدية‬
‫المفروضة على رئيس المقاولة‪.‬‬

‫تحدد بموجب نص تنظيمي المؤهالت المطلوبة لمزاولة مهام السنديك واألتعاب المستحقة عن‬
‫هذه المهام"‪.‬‬

‫ومن ايجابيات هذا النص‪ ،‬أنه علق ممارسة مهام السنادكة على نص تنظيمي‪ ،‬يضمن الكفاءة‬
‫والحنكة في شخص السنديك‪ ،‬ونأمل أن يصدر هذا النص التنظيمي في القريب العاجل كما نأمل أن‬
‫يتضمن معايير لضمان الكفاءة‪ ،‬وال يمك ن أن تكون هذه المعايير إال بتوفر السنديك على إجازة في القانون‬
‫أو إجازة في االقتصاد‪ ،‬وحسنا فعل المشرع عندما علق ممارسة مهمام السنديك على صدور نص‬
‫تنظيمي‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن النصوص التنظيمية تكون أكثر تفصيال‪ ،‬وال شك في أن هذا النص يحمل‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.153‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.154‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫في طياته شروطا تتماشى والمسؤولية الجسيمة التي يضطلع بها السنديك‪ ،‬فهو عنصر مهم في نجاح‬
‫مساطر المعالجة من الصعوبات التي تعترض المقاولة وتؤثر على سيرها‪.‬‬

‫وقد حدد المشرع مختلف الشكليات لنشر وشهر الحكم القاضي بفتح المسطرة‪ ،‬حتى يتم إعالم‬
‫جميع دائني المقاولة وتمكي نهم من المساهمة في مسطرة التسوية ومراقبتها‪ ،‬وتمثل هذه اإلجراءات في‬
‫اإلشارة للحكم في السجل التجاري المحلي والسجل التجاري المركزي فور النطق به‪.‬‬

‫كما أ وجب المشرع وفي إطار تجديده للمسطرة إشهار الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة أن‬
‫يتم تسجيل هذا الحكم بسجالت المحافظة العقارية تفاديا أل ي تفويت ألموال المقاولة التي يمكن أن يلتجأ‬
‫إليها المدين سيء النية طبقا للمادة ‪ 585‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تعزيز فترة إعداد الحل‬


‫تمثل فترة إعداد الحل المرحلة الحاسمة في حياة المقاولة‪ ،‬باعتبار أن ما يتمخض عن العمل‬
‫المنجز خاللها هو الذي سيحدد على ضوئه مصير المقاولة المتعثرة‪ ،‬ويؤدي إلى تصريح المحكمة‬
‫باعتماد مخطط لتسوية يضمن استمراريتها أو تفويتها أو التصريح بتصفية المقاولة قضائيا‪ ،1‬وتعكس هذه‬
‫الفترة األمل في إنقاذ المقاولة المتوقفة عن الدفع الغير مختلة بشكل ال رجعة فيه التي تعيش في هذه‬
‫المرحلة وضعية قانونية مختلفة جديدة أوجدها الحكم القاضي بفتح المسطرة القضائية للمعالجة‪.‬‬

‫يقصد بفترة إعداد الحل الفترة الزمنية الفاصلة بين صدور حكم التسوية القضائية والمدة المحددة‬
‫إلعداد مخطط التسوية الذي سيعرض على المحكمة في شكل اقتراح‪ ،2‬ويقوم السنديك في هاته المرحلة‬
‫بدور هام‪ ،‬فهو المكلف بإعداد هذا التقرير‪ ،‬وفي سبيل اضطالعه بهذه المهمة يسلك مجموعة من‬
‫اإلجراءات الختيار الحل المناسب‪ ،‬تأتي في طليعتها إعداد الموازنة االقتصادية واالجتماعية والمالية‬
‫للمقاولة‪ ،‬كذلك استشارة الدائنين ورئيس المقاولة‪ ،‬كما أنه يعمل على تلقي العروض من الغير‪.‬‬

‫وفي إطار بحثنا عن تعزيز المشرع المغربي في القانون رقم ‪ 73.17‬لفترة إعداد الحل ارتأينا‬
‫التطرق إلى استشارة السنديك لرئيس المقاولة والدائنين (أوال) على أن نسلط الضوء على مولود جديد‬
‫أتى به هذا القانون سيساهم دون شك في تقوية وتعز يز فترة إعداد الحل‪ ،‬ويتعلق األمر بجمعية الدائنين‬
‫(ثانيا)‪.‬‬

‫‪ 1‬كريم أيت بال‪ ،‬استمرارية املقاولة في اطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي ‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2008‬ص ‪.44‬‬
‫‪ 2‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.290‬‬

‫‪51‬‬
‫أوال ‪ :‬دور استشارة رئيس المقاولة والدائنين في تعزيز فترة إعداد الحل‬

‫في إطار االستشارات التي يقوم بها السنديك‪ ،‬ألزمه المشرع في صلب القانون رقم ‪73.17‬‬
‫باستشارة رئيس المقاولة باعتباره المعني األول بالصع وبات التي تتخبط فيها المقاولة‪ ،‬وذلك بالرغم من‬
‫أن المادة ‪ 1601‬من القانون السالف الذكر‪ ،‬لم تشر بصورة صريحة إلى استشارة رئيس المقاولة‪ ،‬لكن‬
‫بالتأمل في مقتضيات المادة ‪ 2602‬من شأنه التأكيد على أن المشرع المغربي سعى إلى إشراك رئيس‬
‫المقاولة في إعداد الحل المناسب ب شكل ضمني‪ ،‬خاصة وأن البيانات المرفقة بالرسالة التي يتوجب على‬
‫السنديك إرفاقها بها والموجهة للدائنين‪ ،‬تقتضي أن يكون السنديك قد قام باستشارة رئيس المقاولة وتلقى‬
‫مقترحاته‪.‬‬

‫وما يعزز هذا الطرح‪ ،‬كون المشرع المغربي في المادة ‪ 605‬أكد على ضرورة استشارة‬
‫السنديك لرئيس المقاولة أيضا بعد االنتهاء من إعداد تقريره المتعلق بالموازنة المنصوص عليها في‬
‫المادة ‪ ، 595‬الذي يبلغه السنديك لرئيس المقاولة‪ ،‬بحيث يتعين على هذا األخير إبداء مالحظاته‬
‫بخصوص هذا التقرير خالل أجل ‪ 8‬أيام‪ ،‬وهذا اإلجراء يعتبر خطوة حسنة من شأنها المساهمة بكل تأكيد‬
‫في تعزيز فترة إعداد الحل‪ ،‬خاصة إذا علمنا أن رئيس المقاولة معني بالمقام األول بهذه الفترة‪ ،‬لكن ما‬
‫يعاب على المشرع المغربي أنه لم يأتي بجديد بخصوص استشارة رئيس المقاولة‪ ،‬سوى إشراكه منذ‬
‫البداية في إيجاد الحل المناسب إلنقاذ المقاولة والخروج بها إلى بر اآلمان‪.‬‬

‫وفي إطار سعي السنديك إلى بلورة الحل المناسب للمقاولة المتعثرة يقوم كذلك باستشارة الدائنين‬
‫للتعرف على موقفهم من اآلجال أو التخفيضات التي سيقترحها في المخطط‪ ،‬سواء قام باستشارتهم بشكل‬
‫فردي أو جماعي‪.‬‬

‫وسواء تم استشارتهم بشكل جماعي أو فردي‪ ،‬فإن القانون رقم ‪ 73.17‬ألزم السنديك بإلحاق‬
‫الرسالة أو االستدعاء بعدة بيانات نصت عليها المادة ‪ 602‬وهي ‪" :‬‬

‫‪ 1‬ينص على أنه "يبلغ السنديك للمراقبين املقترحات التي يتقدم بها من اجل تسديد الديون وذلك تبعا إلعدادها وتحت مراقبة القاض ي‬
‫املنتدب ‪.‬‬
‫يحصل السنديك سواء فرديا أو جماعيا‪ ،‬على موافقة كل دائن صرح بدينه بشأن اآلجال والتخفيضات التي يطلبها منهم لضمان تنفيذ‬
‫مخطط استمرارية املقاولة في أحسن األحوال‪ .‬وفي حالة استشارته لهم فرديا‪ ،‬يكون عدم الجواب داخل اجل ثالثين يوما ابتداء من تلقي‬
‫رسالة السنديك بمثابة موافقة" وهذا املقتض ى ذاته كانت تنص عليه املادة ‪ 585‬من املقتضيات السابقة امللغاة‪.‬‬
‫‪ 2‬تنص على أنه " يرفق ما يلي برسالة السنديك‪ ،‬سواء تعلق األمر باستشارة فردية او جماعية ‪ :‬بيان لوضعية أصول وخصوم املقاولة مع‬
‫بيان تفصيلي للخصوم ذات االمتياز والخصوم العادية‪.‬‬
‫اقتراحات السنديك ورئيس املقاولة مع اإلشارة إلى الضمانات املمنوحة‪"...‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -1‬بيان لوضعية أصول وخصوم المقاولة مع بيان تفصيلي للخصوم ذات االمتياز والخصوم‬
‫العادية؛‬

‫‪ -2‬اقتراحات السنديك ورئيس المقاولة مع اإلشارة إلى الضمانات الممنوحة؛‬

‫‪ -3‬رأي المراقبين"‪.‬‬

‫مما يستدعي االنتباه‪ ،‬أن المشرع المغربي لم يدخل أية تغيرات على استشارة الدائنين‪ ،‬فهاته‬
‫ذا تها المقتضيات التي كانت تنص عليها المادة ‪ 586‬الملغاة‪.‬‬

‫وبالتالي ضمانا إلنقاذ المقاولة التي توجد على شفى حفرة من السقوط‪ ،‬ومن تم استمرارية‬
‫نشاطها بالنسبة للمستقبل كان لزاما على المشرع إيجاد آلية للوصول إلى هذا المبتغى‪ ،‬فكان التخفيض من‬
‫اآلجال ونسبة الديون هو ا لحل المناسب‪ ،‬لكن ذلك رهين بتضحية الدائنين وقبولهم خوض غمار تجربة‬
‫محفوفة بالمخاطر‪ ،‬ولكنها تضحية ليست مجانية‪ ،‬بل أقر المشرع مجموعة من الضمانات تحفز هؤالء‬
‫الدائنين على اإلقدام على ذلك‪.‬‬

‫لكل هذا وذاك‪ ،‬أعطى المشرع للسنديك طبقا للمادة ‪ 601‬من القانون رقم ‪ 73.17‬صالحيات‬
‫هامة للقيام باستشارة الدائنين حول التضحيات التي يمكنهم تقديمها للمقاولة المدينة من أجل إنقاذها متى‬
‫‪1‬‬
‫أمكن ذلك‪.‬‬

‫وهذا بحد ذاته يمثل تعزيزا لفترة إعداد الحل‪ ،‬خاصة إذا تكللت هذه االستشارة بقبول الدائنين‬
‫للتخفيضات أو اآلجال الجديدة‪ ،‬ألن ذلك من شأنه المساهمة في ضمان بقاء المقاولة داخل النسيج‬
‫االقتصادي‪ ،‬وبالتالي الحفاظ على الثالوث االقتصادي المتمثل في الحفاظ على فرص الشغل وكذا إنعاش‬
‫االقتصاد وأداء ديون الدائنين‪.‬‬

‫وجدير بالذكر‪ ،‬أن المشرع ميز على مستوى استشارة الدائنين بخصوص الوسيلة التي تتم بها‪،‬‬
‫فعندما يعتزم الس نديك تحديد موقف كل دائن ما بشكل فردي‪ ،‬فهو يقوم بتوجيه رسالة إليه تتضمن‬
‫مقترحاته‪ ،‬ويكون هذا الدائن ملزما باإلجابة على تلك المقترحات داخل أجل ثالثين يوما من تلقيه للرسالة‬
‫‪2‬‬
‫تحت طائلة اعتبار عدم جوابه بمثابة موافقة على مقترحات السنديك‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.170‬‬


‫‪ 2‬وهذا ما تنص عليه الفقرة الثانية من املادة ‪... ": 601‬يحصل السنديك‪ ،‬سواء فرديا أو جماعيا‪ ،‬على موافقة كل دائن صرح بدينه بشأن‬
‫اآلجال والتخفيضات التي يطلبها منهم لضمان تنفيذ مخطط استمرارية املقاولة في أحسن األحوال‪ .‬وفي حالة استشارته لهم فرديا‪ ،‬يكون عدم‬
‫الجواب داخل اجل ثالثين يوما ابتداء من تلقي رسالة السنديك بمثابة املوافقة"‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫لكن‪ ،‬الذي كان يؤاخذ على المشرع المغربي في ظل النص القديم ‪ – 585-‬وما يزال مكرسا في‬
‫القانون الجديد رقم ‪ 73.17‬وبالضبط في الفقرة الثانية من المادة ‪ ،601‬أنه لم يشر إلى أن الرسالة‬
‫الموجهة للدائن في إطار استشارته الفردية‪ ،‬يجب أن يتوصل بها بصفة قانونية تحت طائلة عدم االعتداد‬
‫باآلجال‪ ،‬أضف إلى ذلك اعتبار المشرع المغربي لعدم الرد على الرسالة بمثابة الموافقة‪ ،‬خاصة وأن‬
‫السكوت أمر قد يحمل على الموافقة أو الرفض‪ ،‬ولهذا حبذا لو كان المشرع المغربي أعاد النظر في هذه‬
‫المقتضيات وجعلها أكثر مرونة للدفع بعجلة إعداد الحل نحو األمام‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬إذا ما ق رر السنديك استشارة الدائنين بصفة جماعية بخصوص مقترحاته‪ ،‬فإنه‬
‫يوجه استدعاء لهؤالء من أجل عقد اجتماع‪ 1‬معهم تحت رئاسته‪ ،‬وقد أعطت المادة ‪ 603‬من القانون رقم‬
‫‪ 73.17‬للسنديك مكنة نشر هذا االستدعاء بجريدة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية وتعليقه في اللوحة‬
‫المخصصة لهذا الغرض في المحكمة‪.‬‬

‫ويتضح على أن‪ ،‬المشرع المغربي قد أحاط االستشارة الجماعية بضمانات قانونية هامة –مقارنة‬
‫مع االستشارة الفردية‪ -‬من شأنها إرساء أرضية للتواصل بين السنديك والدائنين في جو يطبعه التعاون‬
‫والحرص على مصلحة المقاولة ومعها مصالح الدائنين‪ ،‬خاصة وأن األمر بتقديم تضحيات مالية من‬
‫طرف هؤالء اآلخرين يعني الدائنين‪ ،‬وهذا معطى سيساهم دون شك في تعزيز فترة إعداد الحل‪.‬‬

‫وما يعزز هذا القول‪ ،‬كون السنديك يقدم للدائنين أثناء هذا االجتماع تقريرا عن وضعية المقاولة‬
‫وعن سير نشاطها منذ فتح المسطرة‪ ،‬وبالتالي موافقتهم على االقتراحات التي يقدمها السنديك بشأن تسديد‬
‫الخصوم‪ ،‬بمعنى أن السنديك يسلك طريق الحكامة من خالل الوضوح والشفافية في إبراز الوضعية‬
‫الحقيقية للمقاولة بالنسبة للدائنين‪.‬‬

‫وال تقتصر استشارة السنديك على الدائنين‪ ،‬بل ألزمه المشرع بتبليغ المراقبين المقترحات التي‬
‫يرغب في تقديمها للدائنين‪ ،‬حسب الفقرة األولى من المادة ‪ ،602‬وكذلك استشارتهم –أي المراقبين‪-‬‬
‫حول األجوبة التي توصل بها من قبل الدائنين‪ ،‬وهذا إجراء إضافي من شأنه تعزيز فترة إعداد الحل‬
‫باالنفتاح على كل األفراد المعنيين بها وإشراكهم في الوصول إلى المخطط المناسب‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬جمعية الدائنين كآلية لتعزيز فترة اإلعداد الحل‬

‫ويتعين أن ينعقد هذا االجتماع ما بين اليوم الخامس عشر والواحد والعشرين من توصلهم باالستدعاء‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪54‬‬
‫في سبيل تحقيق الغايات التي جاء ألجلها القانون الجديد رقم ‪ ،73.17‬فإن المشرع لم يكتف فقط‬
‫بالتنصيص واستحداث مساطر جديدة كفيلة بذلك‪ ،‬وإنما أضاف كذلك بعض األجهزة الجديدة في نظام‬
‫صعوبات المقاولة‪ ،‬لعل من بينها جهاز "جمعية الدائنين"‪.‬‬

‫وتعرف جمعية الدائنين بكونها هيئة تضم في عضويتها كافة الدائنين في مسطرة التسوية‬
‫‪1‬‬
‫القضائية‪ ،‬وتتداول بشأن مجموعة من النقاط التي لها عالقة بوضعية المقاولة وسير المسطرة‪.‬‬

‫وتتكون جمعية الدائنين حسب المادة ‪ 606‬من القانون الجديد المنظم لمساطر معالجة صعوبات‬
‫المقاولة‪ ،‬وبقوة القانون في كل شركة تجارية خاضعة إللزام ية تعيين مراقب الحسابات‪ ،‬أو كل مقاولة‬
‫فردية أو جماعية يتجاوز رقم معامالتها السنوية ‪ 25‬مليون درهم‪ ،‬وتشغل ما ال يقل عن ‪ 25‬أجير خالل‬
‫السنة السابقة لفتح المسطرة‪.‬‬

‫كما يجوز للمحكمة حسب الفقرة الثانية من نفس المادة ‪ ،606‬وبناء على طلب السنديك‬
‫وبموجب حكم قضائي معل ل تشكيل جمعية الدائنين في غياب الشروط السالفة الذكر‪ ،‬متى توفرت أسباب‬
‫‪2‬‬
‫وجيهة لذلك‪ ،‬يبينها السنديك في تقريره ويبررها‪.‬‬

‫ورغبة من المشرع في ضمان استقرار هذه الجمعية والتسريع من وثيرة مساهمتها في الوصول‬
‫إلى الحل المناسب لتسوية وضعية المقاولة‪ ،‬أكد في الفقرة الثالثة من المادة ‪ 606‬على أن الحكم القاضي‬
‫بإحداث جمعية الدائنين‪ ،‬ال يقبل أي طعن سواء كان عادي أو غير عادي‪ ،‬والعلة في ذلك تكمن في عدم‬
‫تعطيل انشغال سير المساطر والمشاورات في فترة حرجة من حياة المقاولة‪ ،‬يتعين فيها البحث عن حلول‬
‫جديدة لتسوية وضعيتها وليس اإلغراق في مطالبات قضائية جديدة المقاولة في غنى عنها‪.‬‬

‫وقد راعى المشرع المغربي التنوع في تشكيل هذه اللجنة مانحا للسنديك رئاسة الجمعية –‬
‫باستثناء الحالة التي تنعقد فيها قصد اقتراح استبدال السنديك ‪ -‬نظرا لما له من دراية وخبرة‪ ،3‬كما أعطى‬
‫حق العضوية لرئيس المقاولة والدائنين المسجلين في قائمة الديون المصرح بها والتي لم يبد السنديك بعد‬

‫‪ 1‬تقديم مشروع قانون رقم ‪ 73.17‬املتعلق بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة القانون رقم ‪ ،15.95‬فيما يخص مساطر‬
‫صعوبات املقاولة‪ ،‬بتاريخ ‪ 9‬أبريل ‪.2018‬‬
‫‪ 2‬إن املتمعن في هذه الشروط يتضح له‪ ،‬على أن تأليف جمعية الدائنين يكون إما وجوبيا وهو ما نصت عليه الفقرة األولى من املادة ‪ ،606‬أو‬
‫جوازيا وذلك طبقا ملا هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من ذات املادة‪.‬‬
‫‪ 3‬خاصة وأن املشرع املغربي في القانون الجديد رقم ‪ 17.73‬عمل على تأهيل دور السنديك وذلك بتوسيع دائرة صالحياته‪ ،‬كما انه اشترط‬
‫شروط جديدة للتعين في جهاز السنديك‪ ،‬بل أكثر من ذلك نظرا لحساسية املهمة التي يقوم بها السنديك وعظم املسؤولية أوقف املشرع‬
‫املغربي ذلك على صدور نص تنظيمي من شأنه التفصيل أكثر في الشروط التي يتعين توفرها في الشخص حتى يتسنى له تولي مهمة السنديك‪،‬‬
‫وهذا يشكل ضمانة إضافية تعززت بها مساطر صعوبات املقاولة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫رأيه بخصوص اقتراح قبولها أو رفضها‪ ،‬والدائنين الذين أدرجت مقررات قبول ديونهم في القوائم‬
‫الخاصة بها والمودعة لدى كتابة الضبط‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك‪ ،‬أن هذه الت ركيبة من شأنها أن تساهم في إعادة التوازن بين سلطات رئيس‬
‫المقاولة والدائنين‪ ،‬وذلك بفرض إشراك هؤالء بصورة فعلية ومسؤولة في اختيار الحل المناسب‬
‫‪1‬‬
‫لتصحيح وضعية المقاولة وبلورة مشروع مخطط التسوية‪.‬‬

‫وتنعقد جمعية الدائنين للتداول بشأن إما مشرع مخطط التسوية الستمرارية نشاط المقاولة أو‬
‫مخطط التفويت أو التصفية الذي أ عده السنديك‪ ،‬وإما لمشروع مخطط التسوية الستمرارية نشاط المقاولة‬
‫الذي يقترحه الدائنون في إطار ما يسمى بالمخطط البديل حينما ترفض جمعية الدائنين مخطط التسوية‬
‫‪2‬‬
‫المقدم من طرف السنديك وتقترح مخططا جديدا‪.‬‬

‫باإلضا فة إلى ذلك‪ ،‬تختص جمعية الدائنين بالتداول بشأن تغيير أهداف ووسائل مخطط‬
‫االستمرارية طبقا لمقتضيات المادة ‪ ، 629‬وذلك حينما يعتزم السنديك رفع تقريره إلى المحكمة بهذا‬
‫الخصوص‪ ،‬فإعداد السنديك لهذا التقرير متوقف على شرط تداول جمعية الدائنين في شأنه موضوعه أي‬
‫مخطط االستمرارية‪.‬‬

‫وتنعقد جمعية الدائنين حسب المادة ‪ 609‬بدعوة من السنديك‪ ،‬وفي حالة عدم قيامه بذلك من‬
‫طرف القاضي المنتدب تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو واحد أو أكثر من الدائنين‪.‬‬

‫وتتم دعوة الجمعية لالنعقاد بواسطة إشعار ينشر في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية‬
‫والقضائية واإلدارية‪ ،‬ويعلق في لوحة معدة لهذا الغرض في المحكمة‪ ،‬كما يمكن الدعوة إلى انعقادها‬
‫بواسطة استدعاء يوجه إلى الدائنين في موطنهم المختار‪ ،‬أو بطريقة الكترونية‪.‬‬

‫ولصحة مداوالت جمعية الدائنين‪ ،‬يشرط أن يحضرها الدائنون الذين يمتلكون على األقل ثلثي‬
‫ا لديون المصرح بها‪ ،‬وفي حالة عدم توفر هذا النصاب يحرر رئيس الجمعية –السنديك‪ -‬محضرا بهذا‬
‫الشأن‪ ،‬ويحدد فيه تاريخا جديدا النعقاد الجمعية على أال يتجاوز أجل عشرة أيام من تاريخ انعقادها‪،‬‬
‫وينشر إشعار بذلك في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية وتكون حينها المداوالت صحيحة أيا‬
‫‪3‬‬
‫كان مبلغ الدين الذي يمتلكه الحاضرون‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.173‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 607‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 611‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬

‫‪56‬‬
‫وتتخذ القرارات التي يتم التداول فيها في جمعية الدائنين بموجب محضر اجتماع يحرره رئيس‬
‫الجمعية عندما يوافق عليها الدائنون المالكون الحاضرون لمبلغ إجمالي للديون يمثل أكثر من نصف مبلغ‬
‫ديون الدائنين الذين شاركوا في التصويت‪ .‬وتكون قرارات الجمعية المتخذة بصورة قانونية ملزمة‬
‫‪1‬‬
‫للدائنين المتخلفين عن الحضور‪.‬‬

‫وتفضي مداوالت جمعية الدائنين إلى الموافقة على مشروع مخطط التسوية المقترح من قبل‬
‫السنديك‪ ،‬يقوم هذا األخير في اليوم الموالي لتاريخ انعقاد الجمعية برفع المخطط المصادق عليه إلى‬
‫‪2‬‬
‫المحكمة‪ ،‬للمصادقة عليه داخل اجل عشرة أيام من تاريخ إحالته عليها‪.‬‬

‫إذن خالصة القول‪ ،‬أن جمعية الدائنين تشكل آلية جديدة يساهم من خاللها الدائنون في بلورة‬
‫مشروع مخطط التسوية‪ ،‬وبالتالي شكل قفزة نوعية وقيمة مضافة لمساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬من‬
‫خاللها يتم إشراك الدائنين في اختيار الحل المالئم لوضعية المقاولة‪ ،‬وفي ذلك تفعيل لآلليات التواصلية‬
‫التشاركية داخل المقاولة‪.‬‬

‫بالرغم من حسنات هذه اآللية الجديدة أي جمعية الدائنين‪ ،‬إال أنه ما يؤاخذ على المشرع المغربي‬
‫أنه حصرها في مرحلة إعداد مشروع التسو ية القضائية دون باقي المساطر وخاصة اإلنقاذ‪ ،‬وربما ما‬
‫يبرر ذلك هو حساسية المرحلة التي تكون المقاولة وصلت إليها من توقف عن الدفع وديون حالة‬
‫ومطالب بها من طرف الدائنين‪ ،‬ولكن ذلك ال يلغي مطلب تمديد مفعول جمعية الدائنين حتى يشمل‬
‫مسطرة اإلنقاذ‪ ،‬وذلك سيرا على نهج المشرع الفرنسي‪ ،‬خاصة وأن تفعيل جمعة الدائنين في مسطرة‬
‫اإلنقاذ من شأنه المساهمة بشكل أكبر في إخراج المقاولة من الصعوبات التي قد تعترضها‪ ،‬إذا علمنا أنها‬
‫في مرحلة اإلنقاذ ال تكون متوقفة عن الدفع‪ ،‬وبالتالي وضعيتها غير مختلة ويمكن تصحيحها بسهولة‬
‫تفاديا للسقوط في مساطر المعالجة‪.‬‬

‫المطلب الثاني جوانب الفعالية في المساطر القضائية‬


‫إن فشل مساطر الوقاية ينبئ بالوضعية التي وصلت إليها المقاولة‪ ،‬وأن صعوبات تعترضها‬
‫سواء كانت مالية أو اقتصادية أو اجتماعية‪ ،‬مما ينذر باللجوء إلى مساطر أخرى أكثر خطورة من‬
‫سابقتها‪ ،‬ويتعلق األمر بالمساطر الجماعية للمعالجة من الصعوبات‪ ،‬هذه األخيرة بدورها طالتها رياح‬
‫التغير‪ ،‬وذلك بموجب القانون الجديد رقم ‪ 17.73‬الذي نسخ وعوض الكتاب الخامس من القانون رقم‬
‫‪ 15.95‬بمثابة مدونة التجارة والمتعلقة بمعالجة صعوبات المقاولة‪.‬‬

‫‪ 1‬الفقرة األخيرة من املادة ‪ 611‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 615‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬

‫‪57‬‬
‫ورغبة منا في مقاربة المقتضيات الجديدة‪ ،‬ارتأينا تسليط الضوء على جوانب الفعالية في هذه‬
‫المساطر وذلك من خ الل الوقوف على حقيقة النفس الجديد الذي أعطاه المشرع لمساطر التسوية‬
‫القضائية (الفقرة األولى)‪ ،‬على أن نحاول الكشف عن مدى تدعيم مسطرة التصفية القضائية (الفقرة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬نفس جديد لمساطر التسوية القضائية‬


‫حافظ المشرع المغربي في القانون رقم ‪ 17.73‬في مرحلة اختيار الحل على نفس الحلول التي‬
‫كانت معمول بها سابقا‪ ،‬والتي يمكن أن تقررها المحكمة وهي إما استمرارية نشاط المقاولة أو تفويتها‪،‬‬
‫أو بتصفيتها القضائية‪ ،‬وكل هذا بناء على تقرير السنديك وبعد االستماع لرئيس المقاولة والمراقبين‬
‫ومندوبي األجراء مع إدخال ب عض التغيرات في المقتضيات المنظمة لها‪ ،‬وهذا ما سنحاول الوقوف عليه‬
‫من خالل تسليط الضوء على مخطط االستمرارية (أوال)‪ ،‬ثم مخطط التفويت (ثانيا)‪.‬‬

‫الجدَّة مخطط االستمرارية‬


‫أوال ‪ :‬أوجه ِ‬

‫يعتبر مخطط االستمرارية من أهم المخططات التي تعتمدها المحكمة على إثر انتهاء مرحلة‬
‫إعداد الحل النهائي‪ ،‬حيث يقوم السنديك بإعداد الموازنة االقتصادية والمالية واالجتماعية للمقاولة‪،‬‬
‫وبانتهاء هذه الموازنة يرفع تقريرا إلى المحكمة المفتوحة أمامها مسطرة التسوية‪.‬‬

‫وتقضي المحكمة بحصر مخطط االستمرارية‪ ،‬متى ثبت لها إمكانية استمرارية قيام المقاولة‬
‫بنشاطها‪ ،‬وكانت هناك رغبة جدية لتسوية وضعيتها‪ ،‬وفي ذلك ضمان الستمرارية النشاط االقتصادي‬
‫للمقاولة وضمان حد معين من مناصب الشغل‪ ،‬وكذلك أن يثبت للمحكمة قدرة المقاولة على تسديد‬
‫‪1‬‬
‫خصومها بالشكل المتفق عليه‪.‬‬

‫وعليه‪ ،‬فإن توفر الشروط السابقة كفيل بجعل المحكمة تختار حصر مخطط االستمرارية‪ ،‬ألنه‬
‫الحل األمثل إلخراج المقاولة من الصعوبات المتعثرة فيها‪ ،‬وإيصالها إلى بر األمان‪ ،‬في حالة التقيد‬
‫بااللتزامات المفروضة في إطار مخطط التسوية‪.‬‬

‫وبعدما يتم حصر مخطط االستمرارية من طرف المحكمة‪ ،‬وإذا اقتضت الضرورة‬
‫بتوقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط‪ ،‬فإن المشرع كان حكيما وحاول تحري الدقة في‬
‫اإلجراءات المصاحبة لذلك‪ ،‬ومن بين الجوانب التي أحاطها المشرع بالرعاية وإعادة التأهيل العقود‬

‫عبد الرحيم شميعة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪182‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪58‬‬
‫الجارية‪ ،1‬فبالرجوع إلى المادة ‪ 588‬نجدها تنص على أنه " بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ‬
‫العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة‪ .‬ويفسخ العقد بقوة القانون‬
‫بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا‪.‬‬

‫يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح‬
‫المسطرة‪ ،‬وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه االلتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة‬
‫الخصوم‪.‬‬

‫عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد‪ ،‬يمكن ان يؤدي ذلك الى دعوى للتعويض عن‬
‫األضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم"‪.‬‬

‫غير أنه يمكن للطرف اآلخر تأجيل إرجاع المبالغ الزائدة التي دفعتها المقاولة تنفيذا للعقد إلى‬
‫حين البت في دعوى التعويض عن األضرار‪.‬‬

‫تستثنى عقود الشغل من تطبيق مقتضيات الفقرات السابقة‪.‬‬

‫ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجز ئة أو إلغاء أو فسخ العقد‪ ،‬على الرغم من‬
‫أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي"‪.‬‬

‫من خالل هذه المادة يالحظ أن المشرع المغربي راهن وعقد اآلمال على استمرارية المقاولة في‬
‫أفق إسعافها‪ ،‬فكان بديهيا أن يسند للسنديك مهمة ضمان استمرار العقود الجارية التي تربط المقاولة مع‬
‫المتعاملين معها‪ ،‬دون إرادة المدين –رئيس المقاولة‪ -‬أو الدائنين‪.‬‬

‫والمالحظ‪ ،‬أن المشرع المغربي وضع مصير العقود الجارية بيد السنديك‪ ،‬ألن هذا األخير هو‬
‫األقدر دون شك على معرفة األصلح للمقاولة في إطار الحفاظ على مصالحها‪ ،‬ألنها في أمس الحاجة‬
‫إلى استمرارية نشاطها‪ ،‬ومادام السنديك يمثل الجهة القضائية‪ ،‬كان البد أن تتوفر فيه شروط الحياة ومن‬
‫‪2‬‬
‫تم ستكون مصلحة المقاولة بالنسبة إليه هي األولى بالحماية رغما عن مصالح باقي المتدخلين‪.‬‬

‫‪ 1‬العقود الجارية هي تلك العقود التي انعقدت قبل النطق بفتح املسطرة القضائية ولم تستنفد آثارها الرئيسية يوم النطق بفتح املسطرة‬
‫القضائية‪ ،‬وهي كذلك تلك العقود التي قض ى بفسخها بمقتض ى حكم لم يحز بعد قوة الش يء املقض ي به‪.‬‬
‫‪ 2‬وهذا ما يستشف من خالل الفرة االولى من املادة ‪ " 588‬بامكان السنديك وحده ان يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد‬
‫بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة ‪"...‬‬

‫‪59‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن للسنديك وحده سلطة تقديرية في تقرير استمرار أو عدم استمرار ارتباط المقاولة‬
‫بهذا النوع من العقود‪ ،‬وذلك بحسب حاجة المقاولة وفائدة أو عدم فائدة استمرار هذه العقود الجارية أو‬
‫‪1‬‬
‫بعضها أو إحداها‪.‬‬

‫بالرغم من ذلك‪ ،‬منح المشرع طبقا للمادة ‪ 588‬للمتعاقد مع المقاولة الحق في طلب الفسخ‪،‬‬
‫ويكون هذا الفسخ بقوة القانون إذا وجه طلب للسنديك بذلك وظل دون جواب لمدة تفوق شهر‪ .‬كما أن‬
‫المشرع فرض على المتعاقد مع المقاولة الوفاء بالتزاماته رغم عدم تنفيذ المقاولة اللتزاماتها السابقة لفتح‬
‫مسطرة المعالجة‪ ،‬وهذا األمر يشكل نفس جديد لمسطرة التسوية القضائية‪ ،‬إذ انتصر المشرع للمصلحة‬
‫االقتصادية للمقاولة ضدا على أي مقتضى قانوني آخر أو شرط تعاقدي‪.‬‬

‫وفي إطار المادة ‪ 588‬دائما وحماية لمصلحة فئة مهمة داخل المقاولة أي األجراء الذين‬
‫يعتبرون من أهم األهداف التي يسعى القانون إلى حمايتها‪ ،‬ألزم المشرع إذا كانت هذه االستمرارية‬
‫ستؤدي إلى فسخ عقود الشغل أن يتم إشعار المندوب اإلقليمي للشغل‪ ،‬وعامل العمالة المعني من طرف‬
‫السنديك‪ ،‬وذلك تحت طائلة عدم سريان هذا الفسخ‪ ،‬وهذا من باب السهر على منح هؤالء األجراء كل‬
‫الضمانات المخولة لهم في هذا السياق بمقتضى مدونة الشغل‪.‬‬

‫ويسجل للقانون رقم ‪ 17.73‬من خالل الفقرة األخيرة من المادة ‪ 588‬إقرار استثناء عقود الشغل‬
‫من تطبيق المقتضيات أحكام العقود الجارية ‪ -‬وحسن فعل المشرع‪ -‬فقد شكل عدم إدراج هذا االستثناء‬
‫في نظام صعوبة المقاولة منذ ‪ 1996‬نقطة ضعف كبيرة في نظام المساطر الجماعية‪ ،‬ويكون القانون‬
‫المغربي بذلك قد سار على خطى نظيره الفرنسي‪ ،‬وتشكل هذه اإلضافة ثورة في نظام العقود الجارية‪،‬‬
‫في إطار القانون المغربي‪.‬‬

‫كما أنه وفيما يتعلق بسلطات المحكمة في اشتراط عدم قابلية تفويت بعض األموال في الحكم‬
‫الذي يحصر مخطط االستمرارية أو يغيره إال بإذنها‪ ،‬وتحدد المحكمة مدة هذا المنع الذي يمكن أن يشمل‬
‫‪2‬‬
‫كل مدة تنفيذ مخطط االستمرارية أو جزء منها فقط‪.‬‬

‫وبغية اطالع ا لمتعاملين مع المقاولة واألغيار على هذا المنع ومعرفة نوع وطبيعة األموال‬
‫المشمولة به‪ ،‬نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 526‬على ضرورة تقييد ذلك بالسجل التجاري للمقاولة‪،‬‬
‫وذلك حتى يكونون على بينة من طبيعة ومدى ذلك المنع‪ ،‬وهو نفس ما كانت تنص عليه المادة ‪ 594‬من‬
‫المقتضيات السابقة الملغاة من مدونة التجارة‪.‬‬

‫‪ 1‬مصطفى بونجة‪ ،‬نهال اللواح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.226‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 526‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬

‫‪60‬‬
‫غير أن‪ ،‬المادة ‪ 526‬جاءت بتحصين هام وجديد ألموال المقاولة‪ ،‬ذلك أنه فضال على ضرورة‬
‫تسجيل الحكم القاضي بإمكانية تفويت هذه األموال بالسجل التجاري للمقاولة‪ ،‬فإنه يجب أن يتم التقيد‬
‫كذلك عند االقتضاء بسجالت المحافظة على األم الك العقارية‪ ،‬وكذا بالسجالت الخاصة بتسجيل السفن‬
‫والطائرات‪ ،‬وباقي السجالت األخرى المعدة لهذا الغرض‪ ،‬حسب الحالة‪.‬‬

‫وهذا كما سبقت اإلشارة‪ ،‬من باب تعزيز الضمانات للمتعاملين مع المقاولة‪ ،‬وتوضيح وضعتها‬
‫لألغيار‪ ،‬وسد باب التحايل الذي يمكن أن يشوب هذه المرحلة‪ ،‬وما يزكي هذا هو تنصيص القانون على‬
‫عدم مواجهة المشتري حسن النية بالبطالن في حالة عدم القيام بهذا التسجيل‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بتصفية الخصوم‪ ،‬أضاف المشرع إمكانية المحكمة في عدم تأجيل أداء الديون‬
‫الصغيرة في حدود نسبة ‪ ،% 5‬من مجموع المبالغ المعتمدة في المخطط شريطة أال يتجاوز كل واحد‬
‫منها نسبة ‪ % 0.5‬من المبالغ المذكورة‪ ،‬وذلك من باب حماية الدائنين ‪-‬الذين إن صح القول‪ -‬غير‬
‫الرئيسيين بالنسبة للمقاولة‪.1‬‬

‫وبالرجوع للمادة ‪ 695‬فانه ال يمكن للكفيل المتضامن أو غير المتضامن أن يتمسك بمخطط‬
‫االستمرارية‪ ،‬وبالتالي ال يمكنهم التمسك أو االحتج اج بما تم تضمينه في مخطط االستمرارية من آجال‬
‫جديدة للديون أو تخفيضات لهذه الديون بنسبة معينة‪ ،‬بحيث يمكن الرجوع عليهم عند حلول اآلجال‬
‫‪2‬‬
‫األولى للديون وبقيمتها كاملة دون تخفيض‪.‬‬

‫وفي عالة عدم تنفيذ المقاولة اللتزاماتها المحددة في المخطط أو لم تحترم أجل تنفيذها‪ ،‬فإن‬
‫المشرع نص على أنه "يتعين" عوض "يمكن" للمحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين وبعد‬
‫االستماع إلى السنديك واستدعاء رئيس المقاولة‪ ،‬بفسخ المخطط وتقرير التصفية القضائية‪ ،‬وفي إعادة‬
‫هذه الصياغة إجبار على والوجوب وليس جواز سلوك هذا اإلجراء‪ ،‬بمعنى أن المحكمة ملزمة بسلوك‬
‫مسطرة الفسخ وليست مخيرة كما كان في السابق‪ ،‬وهذا ما تنص عليه المادة ‪ 630‬إذ ورد فيها " إذا لم‬
‫تنفذ المقاولة التزاماتها المحددة في المخطط‪ ،‬أو لم تنفذ هذا المخطط في اآلجال المحددة‪ ،‬يتعين على‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 630‬من القانون رقم ‪.17.73‬‬


‫‪ 2‬تنص املادة ‪ 695‬على انه ‪ :‬ال يمكن للكفالء متضامنين كانوا أم ال‪ ،‬أن يتمسكوا ‪:‬‬
‫بمقتضيات مخطط االستمرارية‬
‫بوقف سريان الفوائد املنصوص عليها في املادة ‪ 692‬أعاله‬
‫ال يحتج على الكفالء بسقوط األجل‬
‫ال يمكن الرجوع على الكفالء إال بالنسبة للديون املصرح بها"‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫المحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين‪ ،‬وبعد االستماع إلى السنديك واستدعاء رئيس‬
‫المقاولة‪ ،‬بفسخ مخطط االستمرارية وتقرير التصفية القضائية للمقاولة‪."...‬‬

‫ومن المقتضيات الجديدة التي نصت علها هذه المادة هي استدعاء رئيس المقاولة قصد استفساره‬
‫عن الدواعي التي جعلته ال يتقيد بااللتزامات المنصوص عليها في إطار مخطط االستمرارية‪ ،‬هذا األمر‬
‫لم يكن منصوص عليه من قبل‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬يالحظ أن المشرع المغربي حاول من خالل المقتضيات الجديدة التي أدخلها على مسطرة‬
‫التسوية القضائية‪ ،‬خاصة في شقها المتعلق باعتماد مخطط التسوية من بث نفس جديد في جوهر مسطرة‬
‫التسوية القضائية‪ ،‬وهذا أمر ي حسب له‪ ،‬ولعل استثناء عقود الشغل من السلطة التقديرية للسنديك يبقى‬
‫إضافة نوعية تنضاف للتشريع المغربي الذي يعنى بمصير المقاولة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬مظاهر جمود مخطط التفويت‬

‫إن المقتضيات التي تنظم مخطط التفويت لم يطرأ عليها أي تغيير‪ ،‬إذ عملت المادة ‪ 635‬من‬
‫القانون رقم ‪ 17.73‬على تحديد الغرض من التفويت‪ ،‬والذي هو اإلبقاء على نشاط المقاولة الذي من‬
‫شأنه أن يستغل بشكل مستقل والمحافظة على كل أو بعض مناصب الشغل‪.‬‬

‫فالمحكمة يمكنها أن تقض ي باعتماد مخطط لتفويت المقاولة ألحد األغيار كحل آخر في إطار‬
‫التسوية القضائية‪ ،‬وذلك متى اتضح لها من جهة أنه ال توجد هناك أي إمكانية من أجل استمرار المقاولة‬
‫بنفس المسير أو المسيرين‪ ،‬سواء لرفض أو عدم قدرة هؤالء اآلخرين عن تقديم تمويالت جديدة من أجل‬
‫إنقاذ المقاولة‪ ،‬أو لرفض الدائنين تقديم تضحيات جديدة وتمسكهم بتحصيل ديونهم ولوجود عروض جدية‬
‫تم تقديمها من األغيار من اجل ذلك‪.‬‬

‫ويكون التفويت كليا أو جزئيا‪ ،‬وفي هذه الحالة األخيرة يجب أال يؤدي إلى إنقاص قيمة األموال‬
‫غير المفوتة‪ ،‬ويجب أن يتعلق بمجموع عناصر اإلنتاج الت ي تكون قطاعا أو عدة قطاعات ألوجه النشاط‬
‫كاملة ومستقلة‪ ،‬كما أنه وفي حالة غياب مخطط الستمرارية المقاولة‪ ،‬تباع األمالك غير المضمنة في‬
‫مخطط التفويت‪ ،‬ويمارس السنديك كل الحقوق ويقيم كل الدعاوى الخاصة بالمقاولة وفق الكيفية والطرق‬
‫‪1‬‬
‫المنصوص عليها بشأن التصفية القضائية‪.‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 635‬من القانون رقم ‪17.73‬‬

‫‪62‬‬
‫والمالحظ على مخطط التفويت مقارنة مع مخطط االستمرارية‪ ،‬أنه أكثر ضررا بالنسبة لرئيس‬
‫المقاولة ويشكل خطورة على ملكيته للمقاولة‪ ،‬خاصة وإذا علمنا أن التفويت ينقل الملكية إلى األغيار‬
‫الذين يتقدمون بعروض إلى السنديك أثناء فترة إعداد الحل‪ ،‬وذلك طبقا للمادة ‪ 598‬من القانون رقم‬
‫‪ ، 17.73‬التي منحت لألغيار بمجرد فتح مسطرة التسوية تقديم عروض إلى السنديك بهدف الحفاظ على‬
‫المقاولة‪.‬‬

‫وما يسجل للمشرع المغربي في هذا اإلطار‪ ،‬أنه منع بموجب الفقرة األخيرة من المادة ‪598‬‬
‫العروض التي يتقدم بها مسيرو المقاولة سواء تقدموا بها بصورة مباشرة أو عن طريق شخص وسيط‪،‬‬
‫وذلك حماية وصيانة لحقوق الدائنين‪ ،‬وكذا منعا للتحايل الذي قد يؤدي إلى اإلضرار بمصالح المقاولة‪.‬‬

‫باستثناء هذين النقطتين بقيت جل المقتضيات التي تنظم التفويت كما هي سواء تعلق األمر‬
‫بالتزامات المفوت إليه ‪ ،‬أو فيما يخص اآلثار المترتبة عن حصر مخطط التفويت‪ ،‬أو قفل المحكمة‬
‫لمسطرة التفويت‪ ،‬وهذا ما جعلنا نعنون الفقرة بمظاهر الجمود‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تدعيم مسطرة التصفية القضائية‬


‫كما سبقت االشارة سابقا ان التصفية القضائية اخر مرحلة تصل اليها المقاولة‪ ،‬وذلك متى كانت‬
‫وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه‪.‬‬

‫من خالل القانون ‪ 73.17‬عمل المشرع بالنص ع لى مقتضى جديد يتعلق بحالة فتح هذه‬
‫المسطرة‪ ،‬فبعد ما كان يشير الى انها تفتح في وجه كل مقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬عمل على‬
‫إعادة الصياغة‪ ،‬إذ باإلشارة الى انها تفتح تلقائيا او بطلب من رئيس المقاولة‪ ،‬أو الدائن أو النيابة العامة‪،‬‬
‫إذا تبين أن المقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬كما أنه حافظ على جل المقتضيات الخاصة بهذه المرحلة‪،‬‬
‫باستثناء بعضها و يتعلق األمر بمرحلة بيع االصول‪ ،‬خصوصا في المادة ‪ 657‬التي تنص " يمكن‬
‫للسنديك بترخيص من القاضي المنتدب و رئيس المقاولة أن يقوم بمصالحة و إبرام صفقة تخص‬
‫جميع النزاعات التي تهم الدائنين جماعة بما فيها الحقوق و الدعاوى العقارية"‪ .‬عند ابرام السنديك‬
‫للمصالحة بشأن صفقة تخص نزاعات جميع الدائنين وذلك بترخيص من القاضي المنتدب‪ ،‬و رئيس‬
‫المقاولة محل التصفية‪ ،‬تم الغاء المقتضى المتعلق بمصادقة المحكمة‪ ،‬إذا تعلق االمر بصفقة غير‬
‫محدودة‪ ،‬او تتجاوز االختصاص النهائي للمحكمة‪.‬‬

‫إذ أن مدونة التجارة السابقة في الفقرة الثانية منه تنص على مصادقة المحكمة تحت طائلة عدم القبول‬
‫تنص‪ 1‬أما االن في ظل مدونة التجارة الجديدة فأنه بإمكان السنديك ابرام االتفاق بعد الحصول على االذن‬
‫من القاضي المنتدب‪.‬‬

‫‪ 1‬حيث تنص المادة ‪ 652‬من مدونة التجارة سابقا خصوصا في الفقرة الثانية ان دلك قائم على مصادقة المحكمة اد تنص في الفقرة التانية"ادا كان‬
‫موضوع المصالحة او الصفقة دا قيمة غير محدودة او تتجاوز االختصاص النهائي للمحكمة‪ ،‬فإنها تخضع لمصادقة المحكمة"‬

‫‪63‬‬
‫أما فيما يتعلق بقفل المسطرة‪ ،‬فأن أ هم مستجد جاء به القانون‪ ،‬ما يتعلق بحالة قفل التصفية‬
‫القضائية و العمليات الخاصة بها‪ ،‬الى امكانية اعادة فتح هذه المسطرة بطلب من كل دي مصلحة‪ ،‬و‬
‫بموجب حكم معلل متى تبين ان هناك اموال لهم لم يتم تحقيقها‪ ،‬او دعاوى لم تباشر لفائدة الدائنين‪ ،‬و من‬
‫شأنها اعادة تأسيس أصول المقاولة و هذ ا فيه تدارك ألمر عدم تحقيق بعض األصول‪ ،‬احيانا ألسباب‬
‫عدة‪ ،‬مما يمكن ان تضيع معه حقوق دائنيها ال سيما إذ ا ما كانت قيمتها مرتفعة‪ ،‬يمكن ان تأثر في سير‬
‫المسطرة‪ ،‬و السؤال الذي يطرح هنا حول ما إذا تم إعادة فتح مسطرة التصفية وظهور اصول جديدة‬
‫للمقاولة مما سيجعلها غير مختلة بشكل ال رجعة فيه‪ ،‬من شأنه أن يعيد فتح مسطرة أخرى غير التصفية‬
‫القضائية‪ ،‬فالظاهر ان الفقرة االخيرة من المادة ‪ 669‬من المدونة تجيز اعادة فتح مسطرة التصفية‬
‫‪1‬‬
‫لفائدة‪ ،‬الدائنين‪ ،‬فماذا عن مصلحة المقاولة و امكانية استمرارية نشاطها ؟‬

‫من خالل ما تم النص عليه اعاله‪ ،‬يتبين ان ما جاء به المشرع من مقتضيات منظمة لتصفية‬
‫القضائية في القانون ‪ 73.17‬يعد امرا غاية في االهمية‪ ،‬خصوصا ان هذا فيه ضمان لحقوق الدائنين و‬
‫استخالص ديونهم‪ ،‬على اكمل وجه‪ ،‬بالرغم من اننا كنا نأمل‪ ،‬ان يتجاوز المشرع االرتباك التشريعي‬
‫الدي يطال جرائم التفالس التي تدان بها المقاولة‪ ،‬لكن لم يتم ذلك‪ ،‬وهذا ما يزيد من تأكيد فرضية الوجود‬
‫الهيكلي لنيابة العامة‪ ،‬و الغياب الوظيفي لها داخل المحكمة التجارية‪ ،‬التي نأمل في يوم من االيام‪ ،‬ان‬
‫تعزز وظائفها داخل هدا النوع من المحاكم و مع ذلك فالقانون ‪ ،73.17‬يشهد له بالدقة بخصوص كل ما‬
‫يتعلق بمسطرة التصفية القضائية‪ ،‬وهو ما يستشف من المستجدات المنظمة في طياته‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫في الختام ما يسعنا القول سوى أن هذا الموضوع‪ ،‬ما هو إال محاولة ألثارة النقاش القانوني‪ ،‬و تقديم ما‬
‫سمحت به الفرصة من معلومات و اجتهادات لمست بشكل أو بأخر موضوع "نقائص مساطر صعوبات‬
‫المقاولة"‬

‫وبعد أ ن تعرضنا لثغرات التي عانت منها النصوص القانونية المنظمة للكتاب الخامس المتعلق‬
‫بصعوبات المقاولة‪ ،‬وبالنظر الى الدور الفعال الذي تلعبه المقاوالت و الذي يتجسد في جلب االستثمارات‬
‫االجنبية و تشجيع المقاولين المغاربة على اللجوء الى النشاط المقاوالتي و ما في دلك من توفير‬
‫لمناصب الشغل و تحريك عجلة االقتصاد‪ ،‬عمل المشرع و هو في اطار حفاظه على المقاوالت‬
‫بالمغرب‪ ،‬ابتدع قانون جديد عرف بالقانون ‪ 73.17‬المتعلق بصعوبات المقاولة و الدي جاء معدال و‬
‫معوضا للقانون ‪ 15.95‬خصوصا في الكتاب الخامس منه‪ ،‬راهن المشرع من خالله على رؤية جديدة‬
‫إلصالح المقاوالت المتعثرة بالمغرب ‪ ،‬فكما نعلم جميعا ان تدعيم القوانين و تنظيمها جيدا فيه كسب لثقة‬
‫المستثمرين و اغرائهم باللجوء الى اختيار المقاوالت داخل المغرب‪ ،‬لذلك لوحظ ان ما قام به المغرب‬
‫في ميدان االعمال من خالل القانون ‪ 73.17‬يعد قفزة تشريعية محكمة عرفها المغرب‪.‬‬

‫ذلك أ ن هدا القانون جاء بمقتضيات جديدة على درجة من االهمية‪ ،‬حيث تم التخلي عن مجموعة من‬
‫المقتضيات التي اعترت القانون القديم وعطلت وضيفته في انقاد المقاولة‪ ،‬كما ان احداث مسطرة اإلنقاذ‬
‫و ما تتوفر عليه من امتيازات‪ ،‬كألية لحماية المقاولة يعد امرا جد فعال‪ ،‬حيث اعتبر البعض ان هذه‬
‫المسطرة تعد مفاجئة من العيار الثقيل ليصبح عدد المساطر االن ست مساطر كلها في خدمة المقاولة‪،‬‬

‫عبد الرحيم شميعة مرجع سابق ‪،‬ص‪322،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪64‬‬
‫فبعدما كان الكل متحمسا لصدور القانون القديم المعنون بإجراءات الوقاية و المعالجة من صعوبات‬
‫المقاولة‪ ،‬كل اآلمال كانت معقودة عليه بالنظر الى الترسانة التشريعية التي فيها من الجمالية و الروعة‬
‫في التسطير‪ ،‬قابلتها بعد مرور بضع سنوات قليلة االزمة في التطبيق جاء المشرع بالقانون ‪ 73.17‬لكن‬
‫على الرغم من كل المجهودات المبذولة بخصوص هذ ا القانون‪ ،‬اال ان هناك ثغرات لم يتجاوزها المشرع‬
‫دلك ان ضعف تفعيل دور االجهزة المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة وكذلك فشل تدبير الزمن‬
‫القانوني و القضائي كانوا السبب في فشل القانون القديم و على الرغم من المقتضيات المتضمنة في‬
‫القانون ‪ 73.17‬و الهادفة الى تفادي هذه المشاكل اال ان هناك اشكاالت لم يتم تفاديها‪.‬‬

‫لكن على العموم فهذا القانون يحسب للتشريع المغربي‪ ،‬ألنه تضمن إيجابيات عديدة‪ .‬و ما ينبغي القول‬
‫أن تعثر المقاوالت بالمغرب ال يحصر في التشريع المنظم لها‪ ،‬بل هو نتيجة مجموعة من األسباب‬
‫األخرى التي يجب النظر فيها لعل أولها‪ ،‬عقلية المقاولين المغاربة‪ ،‬تمهيد األرضية الالزمة‪ ،‬تحديد‬
‫المسؤولية عن الفشل‪ ،‬باإلضافة إلى ضعف تدخل الدولة من خالل العمل على مساندة المقاوالت كما أن‬
‫الرهان الذي يعمل المشرع على تحقيقه في هذا المجال و الذي يتجسد في اإلنتقال من قضاء المنازعة‬
‫إلى قضاء المبادرة يعد أمرا صعبا في غياب أي تكوين للقضاة و تأهيلهم في ميدان األعمال‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى قلة عدد المحاكم التجارية و غيرها من العوامل‪.‬‬

‫في األخير تبقى مسألة دخول القانون ‪ 73.17‬المتعلق بصعوبات المقاولة حيز التنفيذ أمر جيد و رؤية‬
‫جديدة حول واقع سياسة النهوض بالمقاوالت بالمغرب‪ ،‬لكن األمر ال يرتبط فقط بالتشريع‪ .‬فالتشريع‬
‫السليم رهين بالتطبيق الجيد من قبل القضاء و هذا األخير بدوره بحاجة لمجموعة من اآلليات التي‬
‫ستحفزه في أداء المطلوب منه‪ ،‬و ال زلنا متفائلين بهذا الخصوص ألن مجهودات المغرب في هذا المجال‬
‫قائمة و من األولويات‪ ،‬لذلك نطمح لزيادة تدخل الدولة في هذا المجال و النهوض بالقطاع المقاوالتي و‬
‫الرقي به في المراتب العليا‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الئحة المراجع‬
‫الكتب‬
‫✓ احمد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض‬
‫المقاولة‪ ،‬و مساطر معالجتها‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الثالثةـ ‪ ،2006‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة ‪ ،‬الرباط ‪.‬‬
‫✓ محمد كرم‪ ،‬الموجز مساطر صعوبة المقاولة في التشريع المغربي‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬
‫الطبعة األولى‪ ،2010 ،‬المطبعة الوراقة الوطنية‪ ،‬مراكش‪.‬‬
‫✓ عبد الرحيم شميعة‪ ،‬إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة طبقا للقانون‬
‫رقم ‪ ،81.14‬الطبعة األولى‪ ،2015 ،‬مطبعة مكتبة سجلماسة‪ ،‬مكناس‪.‬‬
‫✓ عبداللطيف الشنتوف‪ ،‬دور رئيس المحكمة التجارية في وقاية المقاولة من‬
‫الصعوبات‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2012‬مكتبة دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬
‫الرباط‪.‬‬
‫✓ عالل فالي‪ ،‬مساطر معالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،2015‬دار السالم‬
‫للطباعة و النشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫✓ أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر‬
‫معالجتها‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2007 ،‬دار نشر المعرفة‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫✓ أحمد الفروجي‪ ،‬وقف عن الدفع في قانون صعوبات ‪ ،2005 ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫✓ عبدالواحد الصفوري‪ ،‬التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون و القضاء‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪ ،2008‬مطبعة إبن سينا‪ ،‬الدار البيضاء‪.‬‬
‫✓ أمحمد لفروجي ‪،‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬دراسة تحليلية و‬
‫نقدية في ضوء القانون المغربي و القانون المقارن‪.‬‬
‫✓ االستاد احمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي‬
‫تعترض المقاولة و مساطر معالجتها‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،2006 ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫✓ عبد الرحيم شميعة‪ ,‬شرح احكام صعوبات المقاولة في ضوى القانون ‪،73.17‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬مطبعة مكتبة سجل ماسة‪ .‬مكناس طبعة ‪2018‬‬
‫✓ مصطفى بونجة مساطر صعوبات المقاولة وفق للقانون رقم‪ 73.17‬دراسة عملية و‬
‫تحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة في ضوء مستجدات القانون ‪73.17‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ ، 2018/04/23‬الطبعة األولى‪.2018 ،‬‬
‫✓ كريم أيت بال‪ ،‬استمرارية المقاولة في اطار التسوية القضائية على ضوء العمل‬
‫القضائي ‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2008‬‬
‫‪66‬‬
‫✓ فؤاد معالل‪ ،‬شرح القانون التجاري الجديد الجزء االول‪ ،‬نظرية التاجر و النشاط‬
‫التجاري‪ ،‬الطبعة االولى ‪ 2015‬الجزء االول‬
‫✓ خديجة مضي‪ :‬محاضرات في مادة مساطر الوقاية و المعالجة من صعوبات‬
‫المقاولة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2015/2014 ،‬‬
‫المجاالت‬
‫✓ عمر السكتاني‪ ،‬المجلة المغربية لدراسات و االستشارات القانونية العدد ‪ 3-2‬السنة‬
‫الثانية الطبعة االمنية الرباط‬
‫✓ مينة أكنسوس‪ ،‬وقاية ومعالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬دراسة مقارنة للقوانين المغربية‬
‫والفرنسية‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد ‪1998 ،82‬‬
‫✓ مجلة المحامي دورية تصدر عن هيئة المحامين بمراكش عدد خاص بالمنازعات‬
‫التجارية‪ ،‬العدد ‪ 71‬يوليوز ‪. 2018‬‬
‫✓ ادريس بن شقرون‪ ،‬القاضي و صعوبات المقاولة‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬ع ‪ ،4‬يناير ‪2003‬‬

‫✓ نور الدين لعرج‪ ،‬التوقف عن الدفع و إشكاالته‪ ،‬الندوة الجهوية الثامنة حول موضوع‬
‫"صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل إجتهادات المجلس األعلى"‪،‬‬
‫طنجة‪ 22-21 ،‬يونيو ‪2007‬‬
‫✓ محمد قرطوم‪ ،‬التوقف عن الدفع و سلطة القضاء في إستجابة لطلبات التسوية‪ ،‬مجلة‬
‫المحاكم التجارية وزارة العدل العدد ‪ ،1‬ماي ‪2004‬‬
‫✓ نهال اللواح ‪ ،‬مستجدات القانون ‪ 17 . 23‬المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة ‪-‬‬
‫مساطر الرقابة صعوبات المقاولة نموذجا‪ ،‬سلسة المحامي العدد ‪ 71‬سنة ‪2018‬‬
‫األطروحات و الرساالت‬
‫✓ عبدالرحيم شميعة‪ ،‬اآلليات القانونية لتدخل المساهم الغير المسير في تدبير شركة‬
‫المساهمة نحو حكامة جيدة‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في الحقوق‪ ،‬فاس ‪/2011‬‬
‫‪.2010‬‬
‫✓ كمال دزاز‪ ،‬قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة مسطرة الوقاية " إجراءات‬
‫الوقاية و اإلنقاذ نموذجا"‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة‬
‫موالي اسماعيل مكناس‪ ،‬السنة الجامعية ‪2016/2015‬‬
‫✓ فات حة مشماشي "أزمة معالجة صعوبة المقاولة" أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص السنة الجامعية ‪2007-2006‬‬
‫القوانين‬
‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.96.83‬صادر في ‪ 15‬من ربيع األول ‪( 1417‬فاتح أغسطس‬
‫‪ )1996‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15.96‬المتعلق بمدونة التجارة‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫✓ القانون رقم ‪ 73.17‬القاضي بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من القانون رقم‬
‫‪ 15.96‬المتعلق بمدونة التجارة‪.‬‬
‫✓ القانون رقم المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف‬
‫‪ 1.96.124‬صادر في ‪ 14‬من ربيع اآلخر ‪ 30( 1417‬أغسطس ‪.)1996‬‬
‫✓ ظهير الشريف رقم ‪ 1.97.49‬الصادر في ‪ 5‬شوال ‪ 13 ( 1417‬فبراير ‪)1997‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 5.96‬المتعلق بشركة التضامن و شركة التوصية البسيطة و‬
‫شركة التوصية باألسهم و الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة المحاصة‪.‬‬
‫✓ ظهير الشريف رقم ‪ 1.99.12‬صادر في ‪ 18‬من شوال ‪ 5( 1419‬فبراير ‪)1999‬‬
‫بتنفيذ القانون رقم ‪ 13.97‬المتعلق بالمجموعات ذات النفع اإلقتصادي‪.‬‬
‫✓ ظهير شريف رقم ‪ 1.03.194‬صادر في ‪ 14‬من رجب ‪11( 1424‬سبتمبر ‪)2003‬‬
‫بتنفيذ القانون ‪ 65.99‬المتعلق بمدونة الشغل‪.‬‬
‫المقاالت و المواقع اإللكترونية‬
‫✓ حنان البكوري‪ ،‬محاضرات في قانون صعوبة المقاولة‪.‬‬
‫✓ تقديم مشروع قانون رقم ‪ 73.17‬المتعلق بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة‬
‫التجارة القانون رقم ‪ ،15.95‬فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬بتاريخ ‪ 9‬أبريل‬
‫‪.2018‬‬
‫✓ ثغرات و عيوب مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬مجلة البحوث القانونية‪ 28 ،‬أبريل‬
‫‪.2015‬‬
‫✓ قانون األعمال‪ ،‬المجلة القانونية‪ ،‬المنشور عبر الرابط‪:‬‬
‫‪www.alkanounia.com‬‬
‫✓ مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬ثغرات و العيوب‪ ،‬مجلة قانون األعمال‪ ،‬المنشور عبر‬
‫الرابط‪:‬‬
‫‪www.droitetentreprise.com‬‬

‫الأحكام و القرارات‬

‫‪68‬‬
‫حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬رقم ‪ 99/103‬بتاريخ ‪ 5‬يناير‬ ‫✓‬
‫‪ 1999‬في ملف عدد ‪ 98/3894‬مأخوذ من موقع المعرفة القانونية‪.‬‬
‫حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط عدد ‪ 33‬بتاريخ ‪ 2000/11/8‬في الملف‬ ‫✓‬
‫رقم ‪99-3-5‬‬
‫قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالرباط بتاريخ ‪ 2007/6/7‬في ملف‬ ‫✓‬
‫رقم ‪.017‬‬
‫حكم رقم ‪ 344‬الصادر بتاريخ ‪ 2016/07/15‬في الملف رقم ‪2016/8316/111‬‬ ‫✓‬
‫بالمحكمة التجارية بمراكش‪ ،‬غير منشور‪.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة اإلستئناف التجارية بمراكش‪ ،‬رقم ‪ 1133‬بتاريخ ‪07/20‬‬ ‫✓‬
‫‪ 2016‬في الملف رقم ‪.2015/8319/172‬‬
‫حكم صادر عن المحكمة التجارية طنجة في الملف رقم ‪ 8319/15‬بتاريخ‬ ‫✓‬
‫‪.2015/10/22‬‬

‫‪69‬‬
‫الملحق‬

‫‪70‬‬
71
72
73
‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪2.................................................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬أزمة معالجة صعوبات المقاولة قبل تعديل الكتاب الخامس من م ت ‪4.....................................‬‬

‫المبحث األول‪ :‬االرتباك التشريعي على مستوى مساطر الوقاية‪4.......................................................... .‬‬

‫المطلب األول‪ :‬قصور مسطره الوقاية الداخلية ‪4................................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬محدودية نطاق المسطرة الداخلية ‪5.............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬حصر آليات الرصد المبكر ‪7......................................................................................‬‬

‫االفقرة الثالثة‪ :‬عدم شمولية النصوص القانونية ‪10 ..........................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ضعف مسطرة الوقاية الخارجية‪11 ...........................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬ضيق نطاق الوقاية الخارجية ‪11 ...............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬المتدخلين في الوقاية الخارجية ‪13 ............................................................................‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عجز مسطرة التسوية الودية ‪18 ..............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬غموض النصوص القانونية ‪18 .................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬اشكالية تدبير مسطرة التسوية الودية ‪19 ....................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬اختالل المساطر القضائية للمعالجة ‪23 .......................................................................‬‬

‫المطلب االول ‪ :‬االشكاالت المرتبطة بالحكم ‪23 .................................................................................‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬قصور أجهزة فتح مسطرة المعالجة ‪23 ......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬االشكاالت المرتبطة بمضمون الحكم ‪26 ......................................................................‬‬

‫‪74‬‬
‫الفقرة الثالثة ‪ :‬االشكاالت المتعلقة بواقعة التوقف عن الدفع ‪27 ............................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬صور الهشاشة في مآل المقاولة ‪29 .........................................................................‬‬

‫الفقرة االولى ‪ :‬قصور مبدأ اإلستمرارية و إشكالية العقود الجارية ‪29 ....................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عيوب و ثغرات التصفية القضائية ‪31 .........................................................................‬‬

‫الفصل الثاني ‪ :‬القانون ‪ 73.17‬القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة وهاجس الحفاظ‬
‫على المقاولة‪34 ......................................................................................................................‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬إعادة تأهيل مساطر الوقاية كآلية لحماية المقاولة ‪34 ....................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬إعادة االعتبار لمساطر الوقاية ‪34 ............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مسطرة الوقاية الداخلية في ضوء القانون ‪34 .................................................... 73.17‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إعادة هيكلة مسطرة الوقاية الخارجية على ضوء ‪37 ............................................ 73.17‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬مسطرة المصالحة كآلية لوقاية المقاولة ‪40 ..................................................................‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مسطرة اإلنقاذ مستجد تشريعي فذ ‪43 ........................................................................‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬خصائص مسطرة اإلنقاذ ‪43 .....................................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األهداف المرجوة من مسطرة اإلنقاذ ‪45 .....................................................................‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬القانون ‪ 73.17‬و رهان إصالح المسطرة القضائية للمعالجة ‪46 ......................................‬‬

‫المطلب األول‪ :‬محاولة تشريعية لتالفي إشكاالت ما قبل حصر المخطط ‪46 ...............................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تقوية اإلجراءات المتعلقة بصدور الحكم ‪46 .................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬تعزيز فترة إعداد الحل ‪51 .......................................................................................‬‬

‫المطلب الثاني جوانب الفعالية في المساطر القضائية ‪57 .....................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬نفس جديد لمساطر التسوية القضائية ‪58 ....................................................................‬‬

‫‪75‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تدعيم مسطرة التصفية القضائية ‪63 ...........................................................................‬‬

‫خاتمة ‪64 ..............................................................................................................................‬‬

‫الئحة المراجع ‪66 ....................................................................................................................‬‬

‫الملحق ‪70 .............................................................................................................................‬‬

‫الفهرس ‪74 ............................................................................................................................‬‬

‫‪76‬‬

You might also like