Professional Documents
Culture Documents
2019/2018
1
مقدمة
تشكل المقاولة أداة لتنمية و االقالع االقتصادي و آلية أساسية لتقدم االقتصادي و العلمي و
التكنولوجي ،و إنماء المجال االجتماعي ،ومن هذا المنطلق اتخذت الدولة مجموعة من اإلجراءات
الرامية إلى الحفاظ على هذه الوحدة االقتصادية ،التي أصبحت تشكل النواة الحقيقية لإلنتاج و التشغيل و
المساهمة في حماية السلم االجتماعي و االقتصادي ،حيث أن طبيعة الحياة التجارية تقتضي ولوج
عالقات متنوعة ،و مختلفة تقوم على عنصر اإلئتمان ،الذي يلعب دورا أساسيا و فعاال في تحريك الدورة
التجارية ،إذ بدونه تسقط المعامالت التجارية في البطء و الجمود و الرسمية والشكلية ،التي تسود
المعامالت المدنية ،و هي مطبات تعرقل العمل التجاري ،و تحول دون تحقيق السرعة 1المرجوة فيه،
غير أن عنصر اإلئتمان 2الذي يقوم على الثقة ،قد يتم استغالله بشكل سيئ من طرف بعض التجار مما
يعود بأضرار وخيمة ليس على طرف واحد فقط ،بل على أطراف متعددة نتيجة تشعب و تشابك
العالقات التي تسود الحياة التجارية ،و التي تنجم عن توقف التاجر المخل بتعهداته عن أداء ديونه مما
يؤثر سلبا على حقوق دائنيه.
وإذا كان التاجر يقع في هذه الوضعية بسوء نية أو بفعل ظروف خارجة عن إرادته ،فإن معظم
التشريعات و منها المغرب قد تدرجت في تنظيمها ومعالجتها عبر مراحل تاريخية مختلفة اختلفت معها
النظرة الى المدين المفلس و العاجز عن أداء ديونه.
ومما ال شك فيه أن إفالس التاجر ظاهرة قديمة قدم الحياة التجارية ،حيث أن التشريعات القديمة
تطرقت إلى األحكام الواجب تطبيقها ع لى التاجر المفلس ،بداية بالقانون الروماني ،الذي كان يجيز للدائن
متابعة و مالحقة المدين و معاملته معاملة قاسية لدرجة حبسه و بيعه في األسواق و تقطيعه إلى أشالء
بمقدار الدين و التشهير به ،إال أن هذه النظرة تغيرت مع هبوب رياح اإلنسانية التي اقتصرت فقط على
عقوبة الحبس وذلك بموجب مدونة نابليون سنة ،18073وبصورة أكثر تقدما بظهور قانون 1967
الذي جاء بمسطرة أساسية تقوم على الفصل بين المقاولة و اإلنسان ،واستمر العمل به الى غاية 1985
بصدور قانون 25يناير ، 1985الذي عرف مجموعة من التعديالت انتهت بالتعديل المؤرخ في
.2008/12/18
أما بخصوص القانون المغربي فقبل فرض نظام الحماية ،كان المغرب يخضع لقواعد الشريعة
االسالمية ،المتمثلة في نصوص قرآنية و أحاديث نبوية شريفة و آراء فقهية تنظر إلى التاجر المفلس
بالرحمة و اإلغاثة.4
وبعد بسط الحماية الفرنسية ،أصدر المشرع المغربي ظهير 12غشت ،1913الذي خصص
الكتاب الثاني منه لإلفالس و التصفية القضائية الذي عمر طويال ،بحيث لم يلحقه أي تعديل الى غاية 10
1على خالف االعمال المدنية التي تتسم بالبطء و االستقرار النسبي إد نادرا ما يجري المتعاملون فيها عمليات مهمة (زواج ،طالق ،بيع ،كراء)،
وهم يحتاطون كثيرا في اجرئها ،فأن العمل التجاري يتسم بالسرعة و التكرار ،فكلما تكررت العمليات التجارية بسرعة كلما تحققت االرباح اكثر
،ومن تم جاء تزايد اعتماد التجارة على االشهار و الدعاية للمنتجات في الوقت الحالي
2االئتمان هو عصب التجارة إد الغالب ان العمليات التجارية تعقد ألجل ،فالبنك يقرض االموال سواء لتاجر او لغير التاجر على ان تسدد في
اجل معين و تاجر الجملة يبيع لتاجر ا لتقسيط و على ان يسدد الثمن بأجل و هكدا يرتبط التجار في ما بينهم بعالقات متشابكة قوامها الثقة المتبادلة
فيكون كل واحد منهم دائنا و مدينا في نفس الوقت للمزيد من المعلومات بخصوص االئتمان راجع الصفحات 16.17.18و ما بعدها من القانون
التجاري ،التاجر و النشاط التجاري لالستاد فؤاد معالل
3عمر السكتاني :المجلة المغربية لدراسات و االستشارات القانونية العدد 3-2السنة الثانية الطبعة االمنية الرباط
4انظر في هدا الصدد دراسة مفصلة ومقارنة لنظام االفالس في الشريعة االسالمية لدى الدكتور احمد شكري السباعي في كتابه الوسيط في
مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها الجزء االول مطبعة المعارف الجديدة الطبعة االولى 1998ص 55
2
فبراير ،19511إلى أن تم إلغاء هذا النظام سنة 1996و إحالل محله نظام صعوبات المقاولة الذي يقوم
على أسس وقائية و عالجية ،من خالل الكتاب الخامس من القانون 15.95المتعلق بمدونة التجارة.
غير أنه بعد مرور عقدين من الزمن من التطبيق الفعلي لمقتضيات هذا الكتاب ،تبين عجز هذه
األخيرة عن تحقيق النتائج المرجوة منها ،نتيجة بعض النقائص و العيوب التي عرفتها.
هذا الوضع حتم على المشرع التدخل من جديد ع بر سن مجموعة من القوانين كان أخرها القانون
،273.17القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة لسنة .1996
ويندرج هذا القانون ضمن مسلسل اإلصالحات التي تبناها المغرب وفق نهج يقوي األعمال ويشجع
االستثمار ،وتفعيال لمضامين التوجيهات الملكية السامية الهادفة الى تحديث المنظومة القانونية ،وال سيما
ما يتعلق بمجال األعمال و االستثمار ،وتوفير مناصب الشغل ،إضافة إلى تبسيط المساطر المرتبطة
بالمقاولة.
وقد جاء هذ القانون ( ) 73.17العديد من المستجدات همت باألساس تطوير آليات الرصد المبكر
للصعوبات التي تعترض المقا ولة ،و تعزيز دور الدائنين في المسطرة وتدعيم حقوق األجراء ،باإلضافة
الى تأهيل أجهزة المسطرة و االنفتاح على البعد الدولي من خالل إقرار مساطر صعوبات المقاولة
العابرة للحدود.
ومن خالل هذا كله إذا كان الكتاب الخامس من مدونة التجارة ،1996عجز عن ضمان استمرارية
ا لمقاوالت المغربية نظرا للصعوبات و العراقيل التي تواجهها ،خصوصا إذا كان السبب يرجع باألساس
إلى عدم مالئمة قواعده لواقع و هيكلة المقاوالت المغربية ،فهل استطاع القانون 73.17تجاوز تلك
الصعوبات من خالل المقتضيات الجديدة؟
و لإلجابة عن هذه اإلشكالية ارتأينا تحليل هذا الموضوع من خالل التصميم التالي:
الفصل األول :أزمة معالجة صعوبات المقاولة في ظل القانون القديم (قبل تعديل كتاب الخامس من
م ت)
الفصل الثاني :القانون 73.17القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة
وهاجس الحفاظ على المقاولة
1حيث يالحظان هدا القانون غير و عدل و تمم مجموعة من النصوص القانونية التي ال داعي لدكرها للمزيدمن العلومات بهدا الخصوص راجع
اح مد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ،و مساطر معالجتها ،الجزء األول ،الطبعة الثالثةـ ،2006
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،ص .40
2ظهير شريف رقم 1.18.26صادر في 2شعبان 19(1439ابريل )2018بتنفيد القانون رقم 73.17بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من
القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة ،فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة
3
الفصل األول :أزمة معالجة صعوبات المقاولة قبل تعديل الكتاب الخامس من م ت
أصبحت المقاولة تشكل رهان االقتصاد الوطني ،لما لها من دور فعال في األنشطة التجارية و
الصناعية ،كما أنها تشغل يد عاملة مهمة و بالتالي التخفيض من نسبة البطالة ،لكن قد تتعرض هذه
المقاولة لصعوبات مالية تحد من القيام بأدوارها هذه وهو ما ينتج عنها تأثير سلبي على االقتصاد
الوطني ،الشيء الذي دفع المشرع المغربي إ لى خلق نظام قانوني وقائي و عالجي يهدف إلى تصحيح
وضعية المقاولة في حالة تعرضها لصعوبات والحيلولة دون موت هذه المقاولة ،ويتمثل هذا النظام
القانوني في مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة ومساطر معالجتها في حالة فشل األولى ،لكن هذه
اإلجراءات األخيرة وإن كان لها دور حاسم في الحفاظ على المقاولة فإنها عرفت فشال ذريعا ،ذلك راجع
لكون هذه المساطر تعرف مجموعة من النقائص و العيوب و الثغرات التي حالت دون تحقيق النتائج
المرجوة منها.
ولذلك سنخصص هذا الفصل للحديث عن النقائص التي تعاني منها مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة
( المبحث األول ) ،و عن النقائص التي تعرفها مساطر معالجة المقاولة ( المبحث الثاني ).
وتتمثل هذه المساطر في مسطره الوقاية الداخلية التي تجري بين األجهزة الداخلية للمقاولة و مسطرة
الوقاية الخارجية التي تتم عن طريق أطراف أجنبية عن المقاولة ،إال أن هذه المساطر تعتريها مجموعة
من العيوب والنقائص ،التي تحول دون تحقيق الغاية المتوخاة سواء على مستوى الوقاية الداخلية
(المطلب األول) وكذلك الوقاية الخارجية (المطلب الثاني) ،أو على مستوى مسطرة التسوية الودية
(المطلب الثالث).
4
1
وهي ميزة السرية ،وقد خول القانون للمقاولة إنقاذ نفسها بتضافر أجهزتها الداخلية التي تختلف بحسب
شكل و طبيعة الشركة المعنية.
بالرغم من األساس الذي تلعبه هذه المسطرة في إنقاذ المقاولة بالمغرب إال أنها تعتريها مجموعة من
النقائص ،سواء من حيث نطاق تطبيق هذه األخيرة (الفقرة األولى) أو من حيث األجهزة التي خول لها
المشرع الرصد واإلبالغ (الفقرة الثانية) و كذلك فيما يتعلق بشمولية النصوص القانونية (الفقرة الثالثة).
لكن بقراءة المادة 546م ت (قبل التعديل) و التي تنص" ،....يبلغ مراقب الحسابات إن وجد أو أي
شريك في الشركة لرئيس المقاولة " ،يتضح من خالل هذه الفقرة أن مجال تطبيق مسطرة الوقاية
الداخلية هو ضيق ،إذ يتعلق األمر بالمقاوالت التي تتخذ شكل شركه تجارية أو حرفية أو مجموعة ذات
النفع االقتصادي ذات الغرض التجاري.3
وتشمل الشركة التجارية والحرفية تبعا لهذا النص ،شركة التضامن ،والتوصية البسيطة ،والتوصية
باألسهم ،والشركات ذات المسؤولية المحدودة ،وشركة المساهمة باستثناء شركة المحاصة – التي ال
تتمتع بالشخصية المعنوية -التي ال تخضع لمسطرة الوقاية الداخلية ،حتى و إن كان غرضها تجاريا.4
ويخرج عن نطاق تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية وفق المادة أعاله ،المقاوالت الفردية كاألصل التجاري،
وكذلك الشركات المدنية ،والمجموعة ذات النفع االقتصادي ذات الغرض المدني.
وعليه ومن خالل ما يتبين أن موقف المشرع المغربي ،يتسم بقصر النظر ،وانتقائية في تحديد المقاوالت
التي قد تستفيد من نظام الوقاية الداخلية ،وهو ما قد يمكن إعتباره تناقضا واضحا مع عنوان الكتاب
1محمد كرم :الموجز مساطر صعوبة المقاولة في التشريع المغربي –الجزء األول – الطبععة األولى 2010المطبعة الورقة الوطنية ،مراكش،
ص13:
2تعريف أحمد شكري السباعي ل لمقاولة "المقاولة هي تكرار األعمال على وجه الحرفة واالعتياد بناء على تصميم وتنظيم وإدارة بشريو ،وعمال
وأجهزة ورأس نال ووسائل مادية ومعنوية وقانون وأخرى ،لتحقيق هدف المقاولة أو المشروع",
3المادة 1من قانون 13.97المتعلق بمجموعات ذات النفع االقتصادي "يجوز الثنين أو أكثر من األشخاص االعتباريين أو ذاتيين أو يفرشتا
ف يما بينهم مجموعة ذات النفع اقتصادي لمدة محددة بهدف تسخير كل وسائل التي من شأنها تسهيل وتنمية النشاط االقتصادي ألعضائها وتحسين
وإنماء إنتاج هذا النشاط حيث يجب أن يكون نشاط المقاولة مرتبطا بنشاطها االقتصادي وأن تمارس نشاطها في أطار مجموعة متكاملة .......
4حنان البكوري – محاضرات في قانون صعوبة المقاولة ص8:
5
الخامس ،إذ ال يمكن االنطالق من رهان إنقاذ المقاوالت ،ثم اعتماد خيار التضييق من نطاق المقاولة
المشمولة بإحدى مساطر هذا النظام ،على عكس القانون الفرنسي الذي وسع من نطاق تطبيق هذه
المسطرة إذ شمل جميع األشخاص المعنوية الخاضعة للقانون الخاص ،ولو لم تنتمي إلى فئة التجار.1
وبذلك يمكن التساؤل حول استبعاد المشرع للمقاوالت الفردية والمدنية من هذه المساطر ،أال تعتبر هذه
المقاوالت هي األخرى من ركائز االقتصاد الوطني؟.
فال يمكن بأي حال من األحوال الحديث عن المقاولة ذات البعد االقتصادي وبالمقابل إقرار قواعد
مسطرية ،لتدبير الوقاية الداخلية ،وجعلها مقتصرة فقط على فئة منها دون األخرى ،إذ نالحظ أن المشرع
المغربي بقي أسيرا في تحديده للمقاوالت الخاضعة للوقاية الداخلية لمنطق القانون التجاري الكالسيكي،
المتسم بتضييق نطاق تطبيقه.
وإذا كانت سائر الشركات التجارية -ما عاد شركة المحاصة -سواء كانت هذه الشركة أجنبية أو وطنية،
تخضع لمسطرة الوقاية الداخلية ،دون أي مشاكل تذكر ،ويقوم بتحريك هذه المساطر مراقب الحسابات
إن وجد أو أي شريك في الشركة إن وجد أيضا ،فإن بعض المشاكل تطفو على سطح بجالء فيما يتعلق
بالشركة ذات المسؤولية المحدودة والتي تتكون من شريك واحد.2
فال يتصور في هذا النوع من الشركات تحريك المسطرة من طرف الشريك أو مجموعة من الشركاء،
ألن رئيس المقاولة هو الشريك الوحيد ،وال يتصور قيام مراقب الحسابات ،بهذه المسطرة إال إذا وجد،
وهذا الوجود اختياري وطوعي يخضع لسلطة التقديرية لرئيس المقاولة ،وال يكون إلزاميا إال في الحالة
التي يتجاوز رقم معامالتها السنوي خمسين مليون درهم.
وبالتالي يبقى مجال الوقاية الداخلية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة ذات الشخص الوحيد ،أضيق
من مجال الوقاية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة المتعددة الشركاء.
كما أن المشرع لم يحدد طبيعة ونوع الشركة أهي شركة ذات مسؤولية محدودة متعددة الشركاء ،أو ذات
الشريك الوحيد ،ومادامت طبيعة النص جاءت عامة تبقى الشركات ذات المسؤولية المحدودة محل
غموض.
1عبد الرحيم شميعة :إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة طبقا للقانون رقم 2015 81.14مطبعة مكتبة سجلماسة ،مكناس،
ص.29-28:
2أستاذنا الفاضل أحمد شكري السباعي ،م س ،ص149:
6
الفقرة الثانية :حصر آليات الرصد المبكر
لقد راهن نظام صعوبات المقاولة على تبني آليات الرصد المبكر قبل تأطيره ،فال جرم أن تفعيل
إجراءات الوقاية المقررة ،بموجب أحكام الكتاب الخامس من مدونة التجارة بصفة عامة ،وإجراءات
الوقاية الداخلية على وجه الخصوص من شأنه أن يضمن تمكين المقاولة من تفادي الصعوبات ،التي
تعترضها ،نجد المشرع أناط مهمة تفعيل إجراءات الوقاية الداخلية لكل من مراقب الحسابات وكذلك
الشريك ،عبر تنبيه رئيس المقاولة فيما يستقبل من المخاطر التي من شأنها اإلخالل باستمرارية
االستغالل ،وما قد يترتب على ذلك من إثارة لمسؤوليته ،1حيث أن سوء التسيير المؤدي لتوقف عن
الدفع ،يؤدي مباشرة إ لى تمديد المساطر وإنزال الصعوبات الواردة في القسم الخامس ،المتعلق
بالصعوبات المتخذة ضد مسيري المقاولة وذلك بإخبار المسير أما بتغطية جزء من النقص الحاصل في
باب األصول ،طبقا للمادة ( )712أو بفتح المسطرة في حقهم فضال عن باقي الصعوبات.2
في هذا السياق وتماشيا مع الطابع االستعجالي ،ورغبة منه في احتواء الصعوبة خوفا من التقهقر السريع
المفاجئ لوضعية المقاولة عم د المشرع من خالل بعض التعديالت الطفيفة من الكتاب الخامس من مدونة
التجارة ،بموجب القانون 81.14والذي بمقتضاها أصبح رئيس المقاولة أول قناة أسند لها المشرع
مسؤولية رصد واكتشاف البوادر األولى للوقائع التي من شأنها التأثير سلبا على استغاللها.
الزمت المادة 546من مدونة التجارة في فقرتها األولى رئيس المقاولة برصد الصعوبات التي من شأنها
أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة وأن يقوم كذلك بتصحيحها ،وهذا هو الجديد الذي تم بموجبه تعديل
هذه المادة بالقانون " " 81.14و نالحظ أنه بعد ثمانية عشر سنة من صدور الكتاب الخامس من المدونة
أقدم المشرع على اعتماد مجرد هذا التعديل ،الذي لم نكن في الواقع بحاجة إليه ،إذ يعتبر التزام الرصد
المبك ر وكذا تدليل الصعوبات ،من صميم المهام األصلية لرئيس المقاولة ،في إطار االلتزام بواجب
اليقظة في التسيير.3
ورغم أن المشرع عدل المادة 546من مدونة التجارة بموجب القانون المشار إليه أعاله 81.14فإنه ال
زالت تعتريها مجموع ة من النقائص والمتمثلة في إغفال المشرع إقرار جزاء حالة عدم قيام رئيس
المقاولة بالرصد المبكر وبتلك التصحيحات ،ألن من واجبه كرئيس للمقاولة العمل على رصد تلك الوقائع
1األستاذ عبد الرحيم شميعة أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ص248- 247:
2كمال دزاز ،قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة مسطرة الوقاية " إجراءات الوقاية و اإلنقاذ نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في
القانون الخاص ،جامعة موالي اسماعيل مكناس ،السنة الجامعية ،2016/2015ص .43
3عبد الرحيم شميعة :مرجع سابق ،ص33:
7
تلقائيا ،دون انتظار إشعار من طرف المشرع وليس من البديهي لو أن المشرع قام بإقرار جزاء معين
على مثل هذا اإلخالل.
يتوجب على مراقب الحسابات في الشركات التجارية المعتمد بها طبقا للمادة 546م ت (قبل التعديل)،
سواء في صيغتها األولى ،أو المعدلة بمقتضى القانون" "81.14اإلخبار عن الوقائع التي من شأنها ،أن
تخل باستمرارية نشاط المقاولة طبقا للمادة 546م ت والتبليغ عنها شريطة أن يكون بمسافة بعيدة عن
أعمال التسيير.
وإذا كان المشرع قد أوكل لجهة مراقب الحسابات اإلبالغ عن الوقائع فإن هذه األخيرة ال تخلو من
عيوب ،وتتخللها مجموعة من النقائص يتمثل ذلك في أن التوجه الذي سار عليه المشرع المغربي
بخصوص مؤسسة مراقب الحسابات يخالف التوجه الذي سار عليه المشرع الفرنسي بخصوص الجهة
المختصة ،بدعوة مجلس اإلدارة ومجلس الرقابة ،فإذا كانت الدعوة النعقاد مجلس اإلدارة ومجلس الرقابة
من اختصاص رئيس المقاولة طبقا للفقرة الثانية من المادة ،546فإن القانون الفرنسي 1أعطى لمراقب
الحسابات حالة عدم اقتناعه باألجوبة والتوضيحات المقدمة ،من قبل رئيس جهاز التسيير أو عدم
التوصل بأي جواب أن يدعو إلى اجتماع جهاز مجلس اإلدارة او مجلس الرقابة عبر إشعاره بنفس
الوقائع برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل.2
وهو ما لم يبادر المشرع المغربي إلى تبنيه إذ ال يعقل أن يكون مراقب الحسابات وراء اكتشاف الوقائع
ا لتي من شأنها أن تخل باستمرارية ن شاط المقاولة ،ومع ذلك ال يتم دعوته لحضور اجتماع أعمال
المجلس.3
وكان على المشرع المغربي أن يخول لمراقب الحسابات عند االقتضاء ،الصالحية لدعوة المجلس
اإلداري ومجلس الرقابة لالنعقاد خصوصا في حالة تقاعس رئيس المقاولة عن القيام بهذا الدور ،وأن
يقوم أيضا بدعوة الجمعية العمومية لتداول في موضوع فتح المسطرة الوقاية الداخلية في حالة تهاون
الرئيس أو مجلس اإلدارة أو مجلس المراقبة عن دعوتها.
وبالتالي فإن عدول المشرع عن تخويل صالحية مم ارسة هذه المهام لمراقب الحسابات من شأنه إفراغ
مسطرة الوقاية الداخلية من محتواها ذلك أن مثير الصعوبات هو أدرى بخطورتها وواقعها على مصير
1عبد الرحيم شميعة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص مرجع سابق ص271:
2مقتضيات المادة 230.1من مرسوم 1985
3كمال دزاز :رسالة لنيل شهادة الماستر في ال قانون الخاص "قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة" الوقاية واإلنقاذ نموذجا ص36:
8
المقاولة وإن حرمانه من هذا الحق توجه ال يخدم مصلحة المقاولة التي تحتاج في مثل هذه الحاالت
لسرعة في اتخاذ القرارات الالزمة لتجاوز اإلخالل ،خاصة إذا كانت هذه األخيرة من صميم اختصاص
الجمعية العامة وهو ما يمس بالغاية من إحداث مساطر الوقاية الداخلية ،ويحول دون إعطائها كامل
مفاعيلها.1
إن التمعن في مقتضيات قانون االلتزامات والعقود المغربي وخصوصا في المواد 2982وما بعدها،
توحي بأن الشركة ال تقوم إال بين أشخاص يقررون استغالل أموالهم وفقا لشروط المنصوص عليها،3
ويمارسون جزء من السلطة بنسبة ما يملك كل شريك في إدارة الشركة ،ومراقبتها والتعرف والتمكن
من أحوالها والتأكد من الربح الذي يجسد أهم خاصية للشريك ،وهو إتجاه يجد سنده في الفصل 1025
من .ق .ل .ع ،الذي يقرر حق اإلدارة للجميع وال يجوز للواحد منهم أن يمارسه لمفرده.
وكما اعترف ق.ل.ع للشريك في حق اإلدارة فإن المادة 546م ت اعترفت لشريك غير المسير بحق
التدخل في التسيير كشكل من أشكال الرقابة المعترف له بها والمتمثلة في اإلخبار عن الوقائع التي من
شأنها اإلخالل باستمرارية نشاط المقاولة ال يمكن اعتبارها بأي حال من أحوال االلتزامات الملقاة على
عاتقه ،بل هي من صميم حقوقه إن شاء قام بها وإن شاء تنازل عنها.4
وبالرغم من الدور الذي خوله المشرع لهذا ا لشريك في تبليغ الوقائع إلى رئيس المقاولة ،فإن مساهمته
إلى جانب مراقب الحسابات تتخللها بعض العيوب والنقائص ،وتحوم حولها بعض الشبهات والدالئل التي
توحي إلى احتمال المس باالستغالل التجاري للمؤسسة –المقاولة -حيث أن ضعف الكفاءة والخبرة على
م ستوى تقديم الطلب وإثبات الوقائع يؤدي إلى عزوف الشركاء حول المشاركة الجدية في تفعيل مسطرة
الوقاية الداخلية ،كما أن الشريك الذي ينتمي إلى األقلية 5يكاد دوره يختزل في الالمباالة لمجريات
الشركة ،اللهم فيما يخص نصيبه من األرباح .6والسؤال المطروح هنا إذا كان المشرع حدد األجهزة
9
المخول لهم الرصد واإلبالغ في مراقب الحسابات و الشريك ،لماذا لم ينفتح على جهات أخرى كاألجراء
والدائنين.
لقد بات من المؤكد أن أي إصالح لنظام صعوبات المقاولة لم ولن يكتب له النجاح دون إشراك المنظومة
االجتماعية "األجراء" باعتبارها األقرب واألقدر من غيرها على رصد كل خلل قد يمس السير العادي
للمقاولة.
إن تهميش األجراء من الحق في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية يعد أمرا غريبا ،ذلك أن مصلحة
األجراء وتعلقهم بإنقاذ المقاولة ،وبقائها على قيد الحياة ،ال يقل عن مصلحة وتعلق الشركاء والمساهمين
بشركتهم ،بل أكثر من ذلك فهي مورد رزقهم لذا فإن عدم إشراكهم من قبل المشرع أمر مثير
لالستغراب ،حيث أن المشرع المغربي لم يحذو حذو نظيره الفرنسي الذي وسع من قاعدة الجهات التي
لها هذا الحق ،وبادر من خالل المادة 5-432من قانون الشغل الفرنسي إلى االنفتاح على لجنة المقاولة
كجهة أخرى ،التي تتضمنها مسطرة اإلن ذار المبكر وعند عدم وجودها يملك هذا الحق مثل األجراء.1
ويتجلى من خالل المواد المؤطرة لهذه المسطرة أنها نظمت فقط اإلجراءات الشكلية ،التي يتعين
احترامها ،كلما طرأت وقائع من شأنها اإلخالل باستمرارية استغالل المقاولة ،2كما أن مصطلح المقاولة
غير محدد في مضامين الفصلين ،)545-546( 3فقد جاء بصيغة عامة كما أن المشرع استهل صياغة
وقائع بالجمع وليس بالمفرد ،مما قد يوحي بأن مسطرة الوقاية الداخلية ،ال تنطلق إال إذا اجتاحت المقاولة
العديد من الوقائع ،والحال أن المقاولة قد تجتاحها واقعة واحدة قاتلة تعترض مستقبلها ،إن لم يتم
تصحيحها وتسويتها. 4
1كمال دزاز :قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة إجراءات الوقاية واإلنقاذ نموذجا.
2غالل فالي :مساطر معالجة صعوبات المقاولة ،الطبعة الثانية ،2015دار السالم للطباعة و النشر والتوزيع ،الرباط ،ص47:
3فتيحة مسماشي :م.س،ص47:
4أحمد شكري السباعي :م.س ،ص184
10
وهذا ما يبرر الوقوف حول الوضعية الحقيقية للمقاولة قبل تحقق واقعة التوقف عن الدفع و السير نحو
متاهات المساطر القضائية للمعالجة.
تشير المادة 547م ت إلى إمكانية إخبار رئيس المحكمة من طرف رئيس المقاولة أو مراقب
الحسابات دون الشريك ،الذي تم حرمانه من هذا الحق و خاصة أنه يعتبر صاحب المصلحة األولى في
المقاولة ،كما أنه يسد الثغرة التي يتركها مراقب الحسابات في حالة عدم تعيينه ،ألن ذلك يكون إختياريا
وليس إجباريا إال في بعض الشركات ( شركة المساهمة ،التوصية باألسهم ،الشركة التي يتجاوز رقم
معاملتها 50مليون درهم ) ،وبالتالي يمكن إعتبار ذلك سوى تفويت فرصة إلنقاذ المقاولة .1
بقراءة المادة 548من م ت ،يتبين أن نطاق تطبيق مسطرة الوقاية الخارجية أوسع من نطاق تطبيق
الوقاية الداخلية بحيث تشمل باإلضافة إلى الشركات التجارية 2والمجموعات ذات النفع اإلقتصادي،
شركة المحاصة ذات الغرض التجاري و المقاوالت الفردية والجماعية التجارية أو الحرفية.
إال أننا نالحظ أن المشرع قد إشترط لتطبيق هذه المسطرة إكتساب صفة التاجر ،مما يقصي الشركات
والمؤسسات المدنية والمقاوالت الزراعية و غيرها من المؤسسات الغير التجارية ،عكس القانون
الفرنسي الذي جعل تطبيق هذه المسطرة على جميع األشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص.1
1أحمد شكري السباعي ،م س ،ص .164
2أغلب الشركات اعتبرها المشرع المغربي شركات تجارية بحسب شكلها بصرف النظر عن غرضها ل(مدنيا أو تجاريا) وهي شركة المساهمة
والتوصية باألسهم والتضامن والتوصية البسيطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة.
11
وتجدر اإلشارة إلى أن صياغة المادة 548م ت شابها بعض العيوب والمتمثلة في ذكر كلمة "حرفية"
إلى جانب كلمة "تجارية" ،وكأن المشرع يتكلم عن النشاط الحرفي مستقال عن النشاط التجاري وهما
يخضعان لنفس األحكام ،مع العلم أن األعمال الحرفية حسب الفقرة 5من المادة 6تعتبر أعماال تجارية،
مما يمكن إعتبار ذلك سوى حشوا ال فائدة منه ،2و يبقى مجرد تقليد للقانون الفرنسي ،3الذي إذا كان نص
على ذلك فإنه راجع إلى كون النظام المطبق على الحرفيين يختلف عن النظام المطبق على التجاريين،
أما في المغرب فبعد صدور مدونة التجارة 1996أصبح كالهما يخضعان لقانون موحد.4
ويالحظ أن الصيغة التي جاءت بها المادة 548عامة ،ما يثير تساؤال مهما حول ما إذا كانت الشركات
التجارية العمومية والمقاوالت التجارية العمومية خاضعة أم ال لمسطرة الوقاية الخارجية ؟
في هذا اإلطار يرى بعض الفقهاء أن مسطرة الوقاية ال تجري على الشركات والمقاوالت العمومية،
لعدة أسباب منها أنها تقع تحت الوصاية اإلدارية للدولة ولمراقبتها المباشرة ،ومن جهة أخرى أنها ال
تخضع لمساطر المعالجة ،إال أن هذا اإلعفاء ال يشمل ـ في نظر األستاذ أحمد شكري السباعي ـ
المؤسسات والمقاوالت المختلطة.5
وتخضع كذلك لنظام الوقاية الخارجية الشركات التجارية العاملة في المغرب سواء كانت وطنية أو
أجنبية إن كان مقرها بالمغرب؛ ذلك أن شركات المساهمة التي يوجد مقرها بالمغرب تخضع للتشريع
المغربي (المادة 5من قانون )17.95ونفس الشيء لباقي الشركات (المادة 2من قانون ،)05.96لكن
السؤال يبقى مطروحا هنا حول الفروع والوكاالت األجنبية العاملة في المغرب هل تخضع هي كذلك
لهذه المسطرة أم ال ؟
ـ نظرية تقوم على قياس الفرع أو الوكالة في المغرب على المقر االجتماعي الموجود في المغرب،
وتجعل مسطرة الوقاية الخارجية تسري على الشركات الكائن مقرها االجتماعي أو فرعها أو وكالتها في
المغرب.
مينة أكنسوس ،وقاية ومعالجة صعوبات المقاولة ،دراسة مقارنة للقوانين المغربية والفرنسية ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،1998 ،82ص 1
.58
2فاتحة المشماشي ،م س ،ص 77
3أحمد شكري السباعي ،م س ،ص 229
4أحمد شكري السباعي ،م س ،ص . 228
5ـ المقاوالت المختلطة :هي التي تساهم الدولة أو المؤسسات العامة في رأسمالها وإدارتها إلى جانب القطاع الخاص.
12
ـ ونظرية تلتزم التفسير الحرفي للنص الذي يذكر فقط الشركات الكائن مقرها االجتماعي في المغرب
أما الفروع والوكاالت فتبقى خاضعة لمبادئ القانون الدولي الخاص.1
منح المشرع لرئيس المحكمة صالحيات واسعة في إطار مسطرة الوقاية الخارجية ،2حيث يختص هو
وحده دون غيره من إثارة و تحريك هذه المسطرة ( المادتان 549-548م ت).3
و أول إجراء يقوم به رئيس المحكمة في إ طار الوقاية الخارجية هو إستدعاء رئيس المقاولة ،حسب
المادة 548م ت ،التي جاء فيها "يستدعي رئيس المحكمة رئيس المقاولة في الحالة المنصوص عليها
في المادة 547أو في الحالة التي يتبين من كل عقد أو وثيقة أو إجراء أن الشركة التجارية أو مقاولة
فردية تجارية أو حرفية تواجه صعوبات من شأنها أن تخل باستمرارية استغاللها ،قصد النظر في
اإلجراءات الكفيلة بتصحيح الوضعية".
إذن يتبين من خالل هذه المادة أن رئيس المحكمة يقوم باستدعاء رئيس المقاولة من أجل التباحث
والتشاور بشأن الصعوبات التي تعاني منها المقاولة قصد إيجاد الحلول الكفيلة لهذه الوضعية ،وبذلك
يمكن اإلشارة إلى طبيعة العمل الذي يقوم به رئيس المحكمة في هذا اإلطار كونه ال يتصرف كجهاز
قضائي يبت في الدعا وى ويصدر األوامر واألحكام ،بل إن هذه المهمة التقليدية أضيفت الى جانبها
4
وظيفة جديدة غير مألوفة لديه التي تقوم على الحوار والمناقشة بينه وبين رئيس المقاولة.
ولم تبين مدونة التجارة الطريقة التي يوجه بها هذا اإلستدعاء ،وهذا عيب تشريعي آخر ،لكن يمكن
اإلستعانة بقانون المحاكم التجارية ( ف 2المادة ) 19و قانون المسطرة المدنية ( الفصل 37و ما
يليه ) ،حيث يتم توجيه هذا اإلستدعاء إما بواسطة كتابة الضبط أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع
5
اإلشعار بالتوصل أو بالطريقة اإلدارية.
13
وكذلك لم يحدد المشرع طبيعة مسطرة اإلستماع إلى رئيس المقاولة هل هي مسطرة قضائية أم إدارية؟،
لكن يبدو أنها مسطرة قضائية ألن المحكمة تسخر وسائلها المسطرية المعهودة للقيام بهذه اإلجراءات
الغير المألوفة ،و ألن تصريحات رئيس المقاولة لن تكون لها حجية إال إذا كانت مسجلة في محضر
قانوني و هو ما أكده الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء 1999/1/5أنه " ...حيث
تبين للمحكمة بشأن فتح المسطرة بعد إستماعها لرئيس المقاولة ،والذي صرح بغرفة المشورة على
أن وضعية المقاولة سليمة إزاء العمال وأن الديون البنكية لها ضمانات شخصية من الشركاء
1
المتوفرين على األغلبية."...
من هذا المنطلق تبرز لنا إشكالية أخرى إذا ما قام رئيس المحكمة بإستدعاء رئيس المقاولة بصفة قانونية
للحضور إلى مكتبه ،لكن هذا األخير قد يتخلف عن الحضور أو يرفض تلبية دعوة رئيس المحكمة
التجارية ،في هذه الحالة ما هو اإلجراء الذي قد يتخذه هذا األخير في حق رئيس المقاولة؟
لم ينص المشرع المغربي في هذه الحالة على أي جزاء الذي يتعين اتخاذه في حق رئيس المقاولة عند
عدم استجابته لدعوة رئيس المحكمة التجارية ،وبالتالي يمكن القول أن عدم حضور هذا الرئيس بعد
توجيه اإلستدعاء إليه بطريقة قانونية من طرف رئيس المحكمة ،يعتبر بمثابة دليل على أن المقاولة توجد
في حالة توقف عن الدفع ،فيحيل هذا األخير الملف على المحكمة التجارية من أجل البدء في فتح إحدى
مساطر المعالجة ،2ويمكن إعتبار هذا اإلجراء أخطر من الجزاء نفسه 3.وما يؤكد ذلك الحكم الصادر
عن المحكمة التجارية بالرباط بتاريخ 2000 /11/ 8أنه " ...وحيث تم إستدعاء رئيس المقاولة
المدعى عليها لإلستماع إليها طبقا للقانون و ذلك على العنوان الوارد بشهادة السجل التجاري الخاصة
بالمدعى عليها فرجعت شهادة التسليم بمالحظه أنه إنتقل من العنوان حسب تصريح جيرانها مما يفيد
4
وضع المدعى عليها حدا لنشاطها خاصة وأن سجلها التجاري لم يرد فيه أي عنوان جديد"...
و يبقى التساؤل المطروح هنا كيف أن المشرع ال يتخذ أي موقف تجاه رئيس المقاولة عند عدم إستجابته
لدعوة رئيس المحكمة للحضور أمامه في إطار مسطرة الوقاية الخارجية ويتعرض لشهر مساطر
المعالجة ،مع أن عنوان الكتاب الخامس من مدونة التجارة يبرز تحت شعار الوقاية خير من العالج،
اللهم إذا كان رئيس المقاولة يعلم جيدا أن ال فائدة من الحضور نظرا ألن وضعية المقاولة بلغت حد ّا ال
1المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،حكم رقم 99/103بتاريخ 5يناير 1999في ملف عدد 98/3894مأخوذ من موقع المعرفة القانونية ،عبر
الرابطhttps: //anbras.blogspot.com :
2فاتحة المشماشي ،م س ،ص 91
3أحمد شكري السباعي ،م س ،ص 238
4المحكمة التجارية بالرباط حكم عدد 33بتاريخ 2000/11/8في الملف رقم 99-3-5مأخوذ عن موقع عبر الرابط
htpp// anbrass.blogspot.com:
14
يمكن تصحيحه الشيء الذي يبين أن دور رئيس المحكمة ال يرقى إلى مستوى مضمون الوقاية بالنظر
1
إلى عدم وجود حوافز قانونيه تصب في هذا اإلتجاه.
الى جانب هذه الصعوبات فإن الوضعية اإلق تصادية و المالية للمقاولة غير ثابتة فهي تتطور حسب
الظروف المحلية و الدولية ،وهي مسألة تتجاوز قدرات و مؤهالت المحاكم التجارية التي تعتبر ذات
تكوين أحادي ،ألن قضاتها من صنف واحد معينون ويخضعون للنظام األساسي لرجال القضاء ،على
خالف المحاكم التجارية في فرنسا ا لتي تتشكل من قضاة منتخبين من بين التجار والحرفيين الذين
2
يشتغلون في المجال التجاري واالقتصادي.
ويمكن لرئيس المحكمة ،أن يطلع على كل المعلومات التي تعطيه صورة صحيحة عن المقاولة التي
تعرف صعوبات ،عن طريق مراقب الحسابات أو إدارة الضرائب أو إدارة صندوق الضمان االجتماعي
أو المؤسسات المالية أو أي شخص آخر وال يمكن أن يحتج في مواجهته بالسر المهني حسب المادة
548من م ت" ،بالرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة" ،ولكن المشرع لم يحدد أجال للقيام بهذا
اإلجراء ،بالرغم من طابع االستعجال والسرعة الذي تتميز به هذه المرحلة ،فكان من الضروري على
المشرع أن يقرر أجال محدد في 15يوما أو شهر على االكثر من أجل تحديد الموقف الذي يمكن إتخاذه
3
من طرف رئيس المحكمة.
ويمكن القول في االخير أ ن الحوار الذي يتم بين رئيس المحكمة التجارية و رئيس المقاولة ينتج عنه إما
وضع الميزانية إذا كانت المؤسسة في حالة توقف عن الدفع ،أو في حالة إذا كانت الصعوبات التي تعاني
منها المقاولة قابلة للتذليل عن طريق تدخل أحد من الغير بمقدوره تخفيف اإلعتراضات المحتملة
ل لمتعاملين المعتادين ،عينه رئيس المحكمة التجارية بصفته وكيال خاصا.
اتسم تنظيم المشرع لهذه المسطرة باالقتضاب واالختصار ،بحيث لم تخصص لها سوى مادة واحدة وهي
549من م ت ،التي جاءت غير واضحة وغير محددة في كثير من النقاط المضمنة بها ،حيث نصت
على أنه "إذا تبين أن صعوبات المقاولة قابلة للتذليل بفضل تدخل أحد األغيار يكون بمقدوره تخفيف
االعتراضات المحتملة للمتعاملين المعتادين مع المقاولة عينه رئيس المحكمة بصفة وكيل خاص وكلفه
بمهمة وحدد له أجال إلنجازها" .وهو ما يثير عدة تساؤالت حول المقصود بعبارة "تخفيف االعتراضات
مجلة المحامي دورية تصدر عن هيئة المحامين بمراكش عدد خاص بالمنازعات التجارية ،العدد 71يوليوز ، 2018ص76، 3
15
المحتملة" وعبارة "قابلة للتذليل" 1،كما أنها لم تحدد هوية و مهام مؤسسة الوكيل الخاص ،فكيف يتم
إختياره ؟ و ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر فيه؟ وكيف يتم تحديد أجرته وما هي مسؤوليته؟ وكيف
يتم تحديد آجال إنجاز مهمته؟
ويتبين من ظاهر المادة أعاله أن تعيين الوكيل الخاص هو إجراء إختياري يلتجأ إليه رئيس المحكمة
2
التجارية كلما كان ذا فائدة.
وبالتالي إذا كانت الصعوبات التي تعاني منها المقاولة قابلة للتذليل عن طريق تدخل أحد من الغير ،يعين
بصفته وكيال خاصا من طرف رئيس المحكمة التجارية ،ولم يحدد المشرع الشروط التي يجب أن تتوفر
فيه سوى أن يكون من الغير وأن يكون بمقدوره تخفيف االعتراضات المحتملة للمتعاملين المعتادين مع
المقاولة ،لكن استقر الفقه على ضرورة توفر فيه شرط الكفاءة والخبرة والحنكة ،3كأن يكون من بين
رجال القانون أومن بين الخبراء المحاسبين وغيرهم ،وبالتالي يتم تعيين الوكيل الخاص حسب نوع
4
الصعوبات التي تعاني منها المقاولة.
ورئيس المحكمة التجارية هو من يختار مهمة الوكيل الخاص حسب نوعية الصعوبات ،كالتفاوض مع
العمال لحل نزاعات الشغل أو االتصال مع المؤسسات البنكية أو المالية المقرضة أو الممولين أو
الموردين قصد تخفيف اعتراضاتهم أو التفاوض من أجل منح آجال جديدة للمقاول أو التخفيض من
الديون أو ادخال تعديالت جديدة على النظام االساسي للمقاولة قصد فتح الباب أمام المستثمرين ،وغيرها
5
من المهام.
وبذلك ي قوم الوكيل الخاص بفتح قنوات للحوار والمناقشة مع األبناك و الدائنين والممولين ،حيث يخبر
المؤسسات المالية بالوضعية الراهنة للمقاولة وكذا التدابير المتخذة لتصحيح الصعوبات التي تعترض
المقاولة .ويجب اإلشارة الى أن ما يهم المؤسسات المالية هو تحصيل ديونها كاملة وخالل أجل مقبول،
الشيء الذي يوحي بأنها قد تقبل الموافقة على اقتراحات الوكيل الخاص لسبب واحد وهو أن المحكمة هي
التي تشرف على هذا اإلجراء.
16
هذه بعض االجراءات التي يمكن إنجازها من قبل الوكيل الخاص وتجدر االشارة الى أنها تختلف من
1
مقاولة الى أخرى حسب الظروف والصعوبات.
و رغم ميزة السرعة واالستعجال التي تتميز بها مساطر الوقاية فإن المشرع لم يحدد آجال إنجاز مهمة
الوكيل الخاص ،بل ترك ذلك للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة التجارية 2،الذي عليه أن يحدد أجال
معقوال إلنجاز هذه المهمة ألن إنقاذ المقاولة يقوم على مبدأ االستعجال ،وكذلك لم يحدد المشرع ما اذا
3
كان هذا األجل قابل للتجديد أم ال ،إال أن ذلك يجوز ألن الغاية هي إنقاذ المقاولة في أقرب وقت.
أما بخصوص أتعاب الوكيل الخاص ،وأمام سكوت مدونة التجارة عن تحديده -خالفا لمدونة التجارة
الفرنسية التي نصت صراحة في المادة L611-14على أن رئيس المحكمة يحدد هذه األجرة بمقتضى
أمر قضائي وذلك بعد موافقة المدين -فإن األمر يرجع الى رئيس المحكمة وفقا لسلطته التقديرية،
4
بمقتضى األمر الذي يصدر عنه بتعيين الوكيل الخاص.
ويتولى رئيس المقاولة دفع هذه األجرة -وإن لم يرد على ذلك نص صريح -إلى جانب المصاريف
5
األخرى التي يتطلبها إنجاز المهمة.
ومن أهم النقاط التي سكتت عنها مدونة التجارة في إطار مسطرة الوقاية الخارجية هي مسالة السرية
التي تعتبر أهم عنصر إلنجاح هذه المسطرة ،بحيث لم يرد في هذه المدونة أي مقتضى يلزم جميع
األطراف المساهمة في هذه المسطرة والذين يطلعون عليها بحكم مهامهم بوجوب التزام السرية ،ألن من
شأن ذلك التأثير على نجاح مسطرة الوقاية الخارجية ،وبالتالي فشل إنقاد المقاولة ،خالفا للقانون
الفرنسي.6
ورغم اإلشكاليات التي تعرفها هذه المرحلة فإنها تبقى ذات فائدة مهمة في إنقاذ المقاولة ،وذلك ليس
مستحيال إن توفرت النية الحسنة والتعاون النزيه والمخلص بين أطرافها من مقاول و وكيل خاص
ورئيس المحكمة التجارية ،و قد تفشل هذه المسطرة إن استمرت وضعية المقاولة تعاني من هذه
7
الصعوبات رغم كل الجهود المبذولة.
17
المطلب الثالث :عجز مسطرة التسوية الودية
تعتبر التسوية الودية من مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعتري المقاوالت ،وهي مسطرة تعاقدية أو
اتفاق ودي ،1غايته تكمن في تحديد إطار رئيس المقاولة قصد التشاور والتباحث مع الدائنين إليجاد
صيغة يتم من خاللها أداء الديون ،وقد نظم المشرع المغربي التسوية الودية من خالل المواد ( 550إلى
559م ت ).
وإذا كان رهان التسوية الودية هو تحقيق الصلح بين المدين /رئيس المقاولة ودائنيه عن طريق اتفاق
ودي ،فإن هذه المسطرة تشوبها مجموعة من اإلشكاليات والنقائص سواء على مستوى غموض
النصوص القانونية (الفقرة األولى) أو على مستوى أجهز ة تدبير هذه المسطرة (الفقرة الثالثة).
تنص المادة 550م ت " يكون إجراء التسوية الودية مفتوحا أمام كل مقاولة ،تجارية أو حرفية من
دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع ،تعاني من صعوبات قانونية أو مالية أو لها حاجات ال
يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانات المقاولة ".
وتشير الفقرة 2من المادة 550م ت ،إلى أن فتح مسطرة التسوية الودية هو حق مخول لرئيس المقاولة
فقط دون غيره ،عن طريق طلب يتقدم به إلى رئيس المحكمة التجارية ،وبالتالي ال يمكن أن تفرض عليه
بأن تفتح ت لقائيا من طرف رئيس المحكمة أو بطلب من النيابة العامة ،2وال يتعرض رئيس المقاولة في
حالة عدم إثارة هذه المسطرة إلى جزاء ،وما يبرر ذلك أن الوقاية ميزة مقررة لصالح المدين ،لذا يجب
أن يقوم بنفسه بطلبها ،و لكن يجب أال ننسى أن هناك عدة مصالح مرتبطة بالمقاولة ،مما يفرض أخذها
بعين االعتبار ،لذا كان من المنطقي عدم ترك المبادرة إلرادة المدين وحده الذي قد يتهاون في القيام بهذا
الدور .ومن هنا فال بد من إتاحة الفرصة أمام الدائنين واألطراف المعنية ،من أجل طلب فتح هذه
المسطرة؛ وذلك لما يشكله من فرصة إل نقاذ المقاولة وإخراجها من جحيم الصعوبات 3التي قد تؤدي بها
إلى التوقف عن الدفع.
وتثار إشكالية أخرى تتعلق بسرية أو عدم سرية مسطرة التسوية الودية التي سكتت مدونة التجارة عن
اإلشارة إليها.
18
وتنبع هذه اإلشكالية كون مسطرة التسوية الودية كمسطرتي الوقاية الداخلية و الخارجية ،تجري دون أن
تكون المقاولة متوقفة عن الدفع .لكن بالرجوع إلى المادة 559م ت نجد أنها تنص على أن السطلة
القضائية تبلغ باالتفاق وبتقرير الخبرة ،واألطراف الموقعة وحدها تطلع على االتفاق ،ورئيس المقاولة
وحده يطلع على تقرير الخبرة؛ وذلك حفاظ على مركز المقاولة ،وبالتالي على الجميع الحفاظ على سرية
إجراءات التسوية الودية وذلك في صالح الجميع ،رغم عدم وجود مقتضى صريح ينص على ذلك.1
يملك رئيس المحكمة التجارية صالحيات واسعة على مستوى مسطرة التسوية الودية ،فبمجرد تقديم طلب
فتح هذه المسطرة من طرف المدين ،يقوم رئيس المحكمة باستدعاء هذا االخير عن طريق كتابة الضبط
قصد تلقي شروحات حول وضعية المقاولة ( 551م ت) و النظر في اإلجراءات الالزمة لتصحيح
وضعيتها المتعثرة ،2و من أجل ذلك يمكن لرئيس المحكمة أن يطلع على الرغم من أي مقتضى تشريعي
مخالف ،على سائر المع لومات التي من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن الوضعية اإلقتصادية و المالية
عن طريق مراقب الحسابات أو اإلدارات أو الهيئات العمومية أو ممثل العمال أو أي شخص آخر ،و أن
يكلف خبير بإعداد تقرير عن الوضعية اإلقتصادية و المالية للمقاولة و كذا الحصول من المؤسسات
المالية و البنكية على كل المعلومات الضرورية لتقييم وضعية المقاولة ( 552-548م ت).
و يثار هنا تساؤل حول نوع الخبرة التي يأمر بها رئيس المحكمة هل هي خبرة ودية أم قضائية تخضع
لقانون المسطرة المدنية أو للقانون المحدث للمحاكم التجارية ؟ إن الرأي الراجح قد إستقر على كونها
خبرة عادية تهدف إلى إستكمال المعلومات التي يتوفر عليها رئيس المحكمة التجارية ،و تمكنه من تقييم
3
وضعية المقاولة ،أما الخبرة القضائية فإنها تتعلق بنزاع معروض أمام المحكمة.
و يثار كذلك في هذا الباب تساؤل مهم حول موقف رئيس المحكمة التجارية في حالة رفض الهيئات و
المؤسسات المالية و اإلدارات العمومية ،وممثل العمال و أي شخص آخر بتزويده بالمعلومات التي
يرغب فيها.
19
بالرجوع الى مدونة التجارة ال نجدها تنص على أي إجراءات عقابية أو جزائية تطبق على الهيئات
المذكورة أعاله ،رغم كونها ال تستطيع اإلحتجاج بذريعة المحافظة على السر المهني( ،)552ألن مدونة
التجارة كانت صريحة في حث هذه الهيئات على التعاون مع رئيس المحكمة التجارية ،1إال أن الفقه
إستقر على أن ما دام هذا اإلتفاق ودي ،فإنه ال سبيل إلتخاذ إجراءات زجرية في حق هذه الهيئات و
2
المؤسسات.
نصت المادة 553من م ت ،على "إذا تبين لرئيس المحكمة أن اقتراحات رئيس المقاولة أن تسهل
تصحيح وضعية المقاولة ،فتح إجراء التسوية الودية و عين مصالحا لمدة ال تتجاوز ثالثة أشهر قابلة
للتمديد شهرا على األكثر بطلب من هذا األخير" .كما نصت المادة 554م ت "يحدد رئيس المحكمة
مهمة المصالح التي تتمثل في تسهيل سير الشركة و العمل على إبرام إتفاق مع الدائنين".
طبقا ل هذين المادتين يالحظ أن تنظيم المشرع لمسطرة تعيين المصالح و مهامه يعرف العديد من مظاهر
القصور والتي يمكن إجمالها في بعض النقط:
لم تحدد المادتين أعاله الشروط والصفات التي ينبغي أن تتوفر في شخص المصالح (مؤهالته
العلمية ،خبرته ،) ...ولم تحدد حاالت التنافي التي يمنع بوجودها إسناد هذه المهمة لبعض األشخاص
الذين تربطهم بالمدين أو الدائنين عالقة مالية أو صداقة أو مصالح متبادلة ،وإنما جعل ذلك خاضعا
للسلطة التقديرية لرئيس المحكمة التجارية ،3خالفا لموقف المشرع الفرنسي (م ) L611-13الذي منع
إسناد هذه المهمة لكل شخص تلقى خالل 24شهرا السابقة على تعيينه ،أجرا أو مكافاة أو أداء من
المعني باألمر أو من أحد الدائنين أو ممن يتولى مراقبة المقاولة أو يخضع لمراقبها ،كما منعت على كل
قاضي سواء كان الزال ممارسا لمهامه أو تخلى عنها قبل انقضاء أجل 5سنوات من تاريخ تخليه.
وعليه يمكن تعيين المصالح من ذوي الكفاءة والخبرة والقدرة على التفاوض وإدارة النقاش كأن يكون من
الخبراء المحاسبين أو أحد رجال األعمال المحنكين أو أي شخص آخر له القدرة على اإلقناع و
الوساطة.4
20
أما فيما يخص أجل قيام المصالح بمهمته حددته المادة 553م ت ،في ثالث أشهر قابلة للتمديد شهر
واحد بناء على طلب هذا األخير ،وهو ما يمكن اعتباره مجحفا ،وكان من المفروض تقرير أجال معين
مع امكانية تمديده بحسب ما تقتضيه مسطرة الصلح ،وأن يمنح طرفي العالقة المدين والدائنين صالحية
طلب تمديد هذا األجل ،حتى يمكن تجنب الوضعية أو الحالة التي يمكن أن ينتهي فيها أجل األربعة أشهر
المقرر قانونا ،و مسطرة الصلح على وشك اإلنجاز ،وبالتالي يمكن أن يؤدي الى فشل جميع االجراءات
التي تمت ،ويمكن أن تدفع المقاولة الى التوقف عن األداء و فتح مسطرة المعالجة.
ويالحظ أن المادة 554من م ت ،جاءت بصياغة عامة في ما يتعلق بمهمة المصالح المتمثلة في تسهيل
سير المقاولة بحيث لم توضح االجراءات التي ينبغي عليه اتخاذها في سبيل تحقيق هذه الغاية ،وإنما يبقى
ذلك خاضعا للسلطة التقديرية لرئيس ا لمحكمة الذي يمكن له كذلك تغيير من تلك االجراءات بحسب
مصلحة المقاولة ،1وبالتالي فإن المصالح يتحرك داخل اإلطار الذي يحدده رئيس المحكمة ألن مهمته تتم
تحت إشراف وسلطة هذا األخير ،ولم يحدد المشرع ما إذا كان بإمكان المصالح العمل بمقتضيات المادة
2
552م ت.
إال أن هذه التدابير يجب أن التصل الى حد التدخل في عملية التسيير أو إحالل المصالح محل رئيس
المقاولة ،الذي تبقى له حرية تسيير مقاولته والقيام بسائر التصرفات القانونية ،ما عدا في حالة طلب
المصالح من رئيس المحكمة التجارية وقف مؤقت لإلجراءات ويستجيب هذا األخير لطلبه حيث يمنع
3
على المسير القيام ببعض التصرفات(ف األخيرة ،م 555م ت).
كما أن المادتين أعاله لم تتحدث عن أجرة المصالح وال عن من يحددها ومن يقوم بأدائها ،خالفا لمدونة
التجارة الفرنسية التي نصت صراحة في المادة L611-14على أن رئيس المحكمة هو الذي يحدد هذه
األجرة بمقتضى أمر قضائي وذلك بعد موافقه المدين.
وبذلك يمكن القول أن مسألة تحديد أجرة المصالح تقع على عاتق رئيس المحكمة بمقتضى أمر تعيين
المصالح وباتفاق مع المدين ،وال يتولى المصالح مباشرة مهامه إال إذا تم إيداع هذه األتعاب بصندوق
المحكمة من طرف المدين ،وتسلمه له ا ،ويترتب عن عدم ايداع هذه األتعاب خالل األجل المقرر لذلك
بمقتضى أمر التعيين ،عدم قبول طلب فتح مسطرة التسوية الودية أو حفظ هذه األخيرة .4وهذا ما أكده
2007/6/7الذي جاء فيه" ...و بناء قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالرباط بتاريخ
21
على األمر الصادر بتاريخ 2007/6/7و القاضي بفتح مسطره التسوية الودية في حق الشركة...
والذي حددت مهمته وفق منطوق األمر وتعيين السيد ...مصالحا في إطار المسطرة المذكورة
المذكور ،وبناء على عدم وضع الطالب أتعاب المصالح بصندوق المحكمة والذي حددت أجرته 3000
1
درهم على الرغم من تواصله باإلنذار بتاريخ 2007/7/13يتم حفظ هذا الطلب".
ويمكن اإلشارة الى أن المصالح من حقه الحصول على أتعابه ولو لم ينجح في مهمته ،على إعتبار أن
التزامه يتعلق ببذل جهد وليس بتحقيق نتيجة ،إال في الحالة التي يثبت فيها تهاون المصالح وتقصيره في
انجاز مهمته.
ولم تتطرق هذه المواد لمسألة إمكانية تجريح المصالح من قبل المدين أو الدائنين في حالة عدم اتصافه
بالحياد واالستقاللية ،بأن يكون منحازا ألحد األطراف وبذلك ال مناص من الرجوع الى القواعد العامة
2
المنظمة للتجريح.
ويظهر في هذا الباب تساؤل آخر حول ما إذا كان قرار رئيس المحكمة التجارية برفض فتح التسوية
الودية وتعيين المصالح يقبل الطعن أم ال؟ ،وينبع هذا التساؤل من سكوت مدونة التجارة عن معالجته ،و
بالرجوع الى الفقه نجد أنه يحث على عدم قبول الطعن في هذا القرار لعدم وجود نص صريح يجيز
ذلك ، 3و في ما يخص قرار رئيس المحكمة التجارية بفتح مسطرة التسوية الودية و تعيين المصالح هل
يعتبر قرارا إداريا أم قرارا قضائيا ،فال شك أنه قرار قضائي لتعلقه بمسطرة قضائية وإن كانت ذات
4
طبيعة ودية يعود االختصاص بالنظر فيها الى القضاء التجاري.
في حالة نجاح المصالح في إبرام إتفاق التسوية الودية مع الدائنين فال يكون لهذا األخير قوة تنفيذية إال
بعد التصديق عليه من قبل رئيس المحكمة التجارية ،ويكون هدا التصديق إلزاميا إذا وقّع من طرف
جميع الدائنين ويكون إختياريا إذا وقّع عليه الدائنين الرئيسيين فقط ،و قد يثور سؤال في هذه المسألة
حول سبب هذه التفرقة على الرغم من أن التصديق هو الذي يمنح االتفاق قوة تنفيذية ،هل هي ثقة زائدة
في الدائنين الرئيسيين الذين يحترمون التزاماتهم أو أن ذلك راجع الى عدم الثقة في الدائنين الغير
الرئيسيين الذين يهتمون بمصالحهم الخاصة على حساب انقاذ المقاولة واالقتصاد ،أو حفاظا على سرية
5
هذه المسطرة واالتفاق حتى يكتب لهذا االجراء النجاح.
1قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالرباط بتاريخ 2007/6/7في ملف رقم .017مأخوذ عن موقع عبر الرابط:
http// anbrass.blogspot.com
2عالل فالي ،م س ،ص 79
3أحمد شكري السباعي ،م س ،ص 264
4أحمد شكري السباعي ،م س ،ص 266
5أحمد شكري السباعي ،م س ،ص 278-277
22
وإذا كان هذا كل ما يتعلق بنقائص مساطر الوقاية ،فإن مساطر معالجة صعوبات المقاولة لم تخلوا هي
األخرى من العيوب و االشكاالت التي حالت دون تحقيق النتيجة المرجوة منها وهي معالجة المقاولة من
كل االمراض التي قد تصيبها.
بعد فشل مساطر الوقاية في المرحلة االولى ،و تفاقم المشاكل و الصعوبات التي قد تؤدي إلى توقف
المقاولة عن دفع الديو ن المستحقة عليها ،ال يبقى امام المقاولة سوى سلوك مساطر المعالجة التي تؤدي
إما إلى ضمان المقاولة عن طريق مسطرة التسوية الودية و إما إلى االعالن عن نهايتها و موتها عن
طريق مسطرة التصفية القضائية.
و تختلف مساطر المعالجة عن مساطر الوقاية في كونها مساطر جماعية و قضائية يشمل مدلولها سائر
الدائنين ،وأن التوقف عن أداء الديون المستحقة عند حلول أجلها أو الديون الناشئة عن االلتزامات
المبرمة في اطار اإلتفاق الودي شرط جوهري لتطبيق مساطر المعالجة ،كما أن فتح مسطرة المعالجة
يتوقف على صدور حكم من المحكمة التجارية و ليس على مجرد أمر من رئيس المحكمة ،كما هو الحال
في مساطر الوقاية ،ألن مساطر المعالجة تتطلب األناء و الحكمة القضائية الجماعية للهيئة بكاملها ،األمر
الذي يتناسب مع خطورة القرارات المتخذة و تأثيرها على مصير المقاولة و الدائنين معا ،سواء عند
تطبيق مساطر التسوية القضائية او التصفية القضائية.
إال أن هذه المرحلة تعرف هي األ خرى مجموعة من النقائص و الثغرات التي تعرقل تحقيق الغاية
المرجوة من هذه المساطر أال وهي تصحيح وضعية المقاولة و معالجتها بعد توقفها عن األداء ،و
نختصر هذه العيوب في االشكاالت المرتبطة بالحكم بفتح مساطر المعالجة (المطلب األول) ،و نرصد
تجليات الهشاشة في هذه المساطر (المطلب الثاني)
يجب على رئيس المقاولة تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة داخل أجل 15يوم من تاريخ توقف مؤسسته
عن الدفع (ف 1المادة 561م ت) إلى المحكمة التجارية ،وعليه أن يبين في طلبه األسباب التي أدت
23
إلى التوقف عن الدفع وإرفاقه بالوثائق التي حددها القانون ( 562م ت ) ،وإذا لم يقوم بهذا اإلجراء
داخل األجل القانوني يقع تحت طائله الجزاء ،المتمثل في سقوط األهلية التجارية ( 714م ت ) ،أو
1
حرمانه من أعمال التسيير داخل الشركة ( 711 -702م ت ).
ويثار هنا تساؤل مهم حول داللة هذا الجزاء الذي يستهدف إقصاء المدين من ميدان االعمال ؟ وهو ما
يتعارض مع أهداف مساطر المعالجة في مساعدته وليس معاقبته ،إال أن هذا الجزاء قد يجد أساسه في
حماية االئتمان الذي يفرض عدم التسامح مع التاجر المهمل أو المتخاذل أو ذوي النية السيئة.
و تجدر اإلشارة الى أن احترام األجل القانوني من طرف رئيس المقاولة أمر صعب على اعتبار أنه ال
يستطيع تشخيص الوضع المالي و االقتصادي لمؤسسته ،و المآل الذي يمكن أن تظهر به في المستقبل
حيث أصبح من الممكن أن تغتني الشركة خالل مدة وجيزة أو تفلس على حين غرة ،كما تعتبر هذه المدة
قصيرة إلنجاز تلك المهام ،أو قد يكون ذلك العجز مجرد ضائقة مؤقتة فال تستلزم طلب 2فتح مسطرة
التسوية القضائية.
وقد يكون عدم تقديم الطلب في الوقت المسموح به نتيجة أسباب نفسية ،بأن يعتقد المدين أن نشاطه ال
يعيش ظروفا صعبة ،ويأمل في التغلب على تلك االوضاع المتأزمة وال يرغب في االستسالم ،3مما يزيد
في تدهور كلي ألوضاع للمقاولة من دون اللجوء إلى طلب فتح مسطرة المعالجة في الوقت المناسب.
وقد يكون سبب تماطل رئيس المقاولة عن سلوك هذه المسطرة رغبة منه في تخليه عن مؤسسته
التجارية ،4و إذا لجأ إليها فغالبا ما يكون ذلك عن سوء نية من أجل تجنب المتابعات الفردية.5
ثانيا :الدائن
يمكن للدائنين طلب فتح مسطرة المعالجة عن طريق مقال افتتاحي ،كيفما كانت طبيعة ديونهم ( 563م
ت ) ،نظرا الرتباط مصالحهم بمصير المقاولة ،6وهو حق غير مشروط بقيد تشريعي.
لكن يالحظ أن هذه الفئه تسلك مسلكا آخر من أجل الحصول على ديونهم ،حيث يلجأ الدائنون الممتازون
إلى التنفيذ المباشر على األموال المشمولة بالضمانات و الرهون التي تخول لهم ذلك عوض االلتجاء
إ لى طريق مساطر المعالجة ،وكذلك الدائن العادي ال يلجأ الى هذه االخيرة ألنه سيجد نفسه مزاحم من
1أحمد شكري السباعي ،الوسيط في الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية ،2007 ،دار نشر
المعرفة ،الرباط ،ص 171
2فاتحة المشماشي ،مس ،ص 146
3أحمد الفروجي ،وقف عن الدفع في قانون صعوبات ،2005 ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،ص 88
4فاتحة المشماشي ،م س ،ص 147
5أحمد الفروجي ،م س ،ص 88
6عبد الرحيم شميعة ،م س ،ص 97
24
ذوي االمتيازات ،لذا يعمل على استمالة مدين ه للحصول على دينه ،من خالل مساومات التي ال تخلو من
ترهيب لمدينه بسلوك مسطرة المعالجة التي قد تؤدي إلى حد التصفية أو ايقاع جزاءات ،وبذلك فإن
الدائنين ال يلجؤون الى المحكمة إال بعد استنفاذ كافة الطرق الحبية مما ينعكس سلبا على المقاولة.
كما أن المدين قد يتعرض إلثارة مسؤوليته والحكم عليه بالتعويض ،إذا فشل في إثبات واقعة التوقف عن
الدفع ،مما يمنعه من أخذ هذه المبادرة كما أنه يصعب عليه اكتشاف ما إذا كانت المقاولة متوقفة عن
الدفع أم ال ،بحيث ال يحق له التدخل في شؤونها إال حينما تتوقف عن دفع مستحقاته.
أما بالنسبة للعمال فال يجوز لهم طلب فتح مسطرة المعالجة بصفتهم هذه ،لكن إذا ثبت دين لهم في ذمة
1
المقاولة يمكن لهم تقديم هذا الطلب باعتبارهم دائنين لها.
الشيء الذي يدعو الى ضرورة إعادة النظر الى وضعية الدائنين ضمن مقتضيات مساطر المعالجة حتى
2
يكون لهم دور فعال في مسألة معالجة المقاولة و تقويم وضعيها.
يمكن للمحكمة وضع يدها تلقائيا على مسطرة المعالجة ( 563م ت ) ،و يعتبر هذا التدخل ذو طابع
استثنائي ،ومخالف للقاعدة العامة التي تقضي أن القضاء ال يحكم إال بما طلب منه ،لكن يمكن اعتبار
3
هذا التدخل في مجال االعمال له تبريراته الرتباط مساطر معالجة بالنظام العام االقتصادي.
لكن تجدر اإلشارة الى أن وضع المحكمة يدها تلقائيا على هذه المسطرة ليس باألمر الهين العتبارات
عدة أبرزها أن القضاة منشغلون بملفات قضايا عديدة معقدة أكثر من االجراءات الجماعية .أما
بخصوص اكتشاف المحكمة بواقعه التوقف عن الدفع في وجها وبالتالي انقاذ ما يمكن إنقاذه ،فغالبا ما ال
يتحقق في الواقع العملي حيث أن اغلب ما يسجل على مستوى الواقع هو صدور قرارات قضائية تتعلق
بالتصفية القضائية للمقاولة المعنية وهذا راجع لغياب التأهيل وامكانية رصد المعلومات المتعلقة
بالمقاولة ،عكس فرنسا التي تتمتع محاكمها بخلية رصد الصعوبات و تجميع المعلومات حول وضعية
المقاولة التجارية قبل توقفها عن األداء ،4وهكذا من أجل أن يكون للمحكمة تدخل فعال في مساطر
المعالجة ،يجب تأهيلها وتمكينها من مصادر المعلومات المرتبطة الوضعية االقتصادية والمالية حتى
تتمكن من فتح مسطره المعالجة داخل الفترة الزمنية المناسبة قبل تدهور وضعية المقاولة.
25
رابعا :تدخل النيابة العامة
يمكن للنيابة العامة طبقا للمادة 563من م ت ،تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة ،و منحها هذه االمكانية
يأتي في سياق الدور الذي تلعبه في إطار القضاء التجاري إيمانا منه بما لها من دور في المحافظة على
1
النظام العام االقتصادي.
و يمكن للنيابة العامة االطالع على وضعية المقاولة و معرفة ما إذا كانت متوقفة عن الدفع أم ال ،وذلك
من خالل االطالع على ملفات المقاولة.
إال أن دور النيابة العامة يبقى محدودا في إطار مساطر المعالجة نظرا لطبيعتها التي تميل أكثر الى
معاينة جرائم التفالس ،وكذا الجرائم المرتبطة بالجوانب االقتصادية مما يؤثر سلبا على دورها في تحريك
مسطرة المعالجة باإلضافة الى عدم تأهيل قضاة النيابة العامة في المادة التجارية.
عند تحقق الشروط الموضوعية والشكلية يتم الحكم بفتح المسطرة القضائية ،و تحديد تاريخ التوقف عن
الدفع ،بعد ذلك يتم تعيين األجهزة التدبيرية ويتعلق األمر بالقاضي المنتدب و السنديك ،فضال عن اشهار
الحكم ،لكن تعيين اجهزة مسطرة المعالجة يعرف عدة نقائص التي يجب الوقوف عندها.
يعتبر السنديك هو الفاعل االساسي لمساطر المعالجة حيث أوجدت كل من المادتين 568و 637من م
ت ،تعيين هذا الجهاز ليتولى ممارسة االختصاصات التي تكفلها له مدونه التجارة ،ويتم تعيين هذا
الجهاز من بين كتاب الضبط (المادة ) 568ويمكن عند االقتضاء أن يتم تعيينه من األغيار ،وبالتالي
فإن األصل أن تعينه يكون من بين كتاب الضبط بالمحكمة التجارية و أنه ال يمكن تعيينه من بين
األغيار إال عند اإلقتضاء ،إال أن هذا اال ستثناء الذي أراده المشرع أصبح في الواقع العملي و القضائي
هو القاعدة العامة ،حيث تلجأ المحاكم التجارية في الغالب الى تعيينه من بين الخبراء المحاسبين نظرا
لقلة عدد كتاب الضبط المختصين أو لكثرة المهام التي يتوالها هؤالء الكتاب ،مما يشعرهم باإلرهاق و
2
ضعف المردودية.
لقد قصرت المادة 568أمر تعيين السنديك من بين كتاب الضبط واالغيار فقط ،فتكون بذلك قد سلبت
الدائنين سلطتهم في تعيين السنديك من بينهم عن طريق االتفاق والتي كان يوفرها لهم قانون التجارة
26
المغربي القديم الفصل ، 218كما ان الحل الذي تتبناه المحاكم التجارية الذي يتجسد في تعيين السنديك
من األغيار ال يخلو من نقائص تتعلق بعدم تفرغ هؤالء الخبراء المحاسبين وكثرة التزاماتهم ،وهو ما
يؤثر بشكل سلبي على فعالية المهام الملقاة على عاتقهم ،يتعين التفكير جديا في إجاد حل لهذه الوضعية،
بحيث أثبتت التجربة العملية و التطبيق القضائي للمادتين المشار اليهما أعاله أنهما تشوبهما عيوب و
سلبيات كثيرة ،سواء تعلق االمر بالسنديك المعين من بين كتاب الضبط أو من األغيار ،لذلك البد من
وضع اطار تشريعي خاص ينظم مهنه السنادك ،أو تكوين فئة من كتاب الضبط للقيام بهذه المهمة ،ألن
تعيين السنديك من بين كتاب الضبط مع استمرار هذا االخير في مزاولة مهامه العادية بالمصلحة التي
يعمل بها ،من شأن ذلك أن يجعله أكثر إرهاقا وأقل فعالية.
أما عن القاضي المنتدب يبدو أن وضعيته ضمن هيئه المحكمة المحددة إلصدار الحكم ال بد من إعادة
النظر فيها ،ذلك أن تبني موقف حيادي من طرف القاضي المنتدب يبدو أمرا صعبا باعتباره هو من أعد
مشروع المخطط ،وبالتالي ال يمكنه الدفاع عنه او رفضه ،1كما أن المشرع المغربي لم يشير إلى إمكانية
تعيين نائب للقاضي المنتدب ،متى عاقه القيام بمهامه وبالنظر الى كثرة التزاماته ،كان من الضروري
تسخير هذه االمكانية للقاضي المنتدب.
يعتبر التوقف عن الدفع شرطا جوهريا إلفتتاح مساطر معالجة صعوبات المقاولة في مواجهة مختلف
2
األشخاص الطبيعيين و المعنويين المخاطبين بأحكام المادة 560من مدونة التجارة.
ولم يعرف المشرع المغربي على غرار المشرع الفرنسي ما المقصود بواقعة التوقف عن الدفع ،ولم
يشير حتى إلى العناصر التي ينبغي أن تتوفر فيه حتى نقول اننا امام واقعة التوقف عن الدفع ،و انما
اكتفت كل من المادتين 560و 561م ت على ضرورة تحقق هذه الواقعة لكي يتم فتح مساطر
المعالجة.
اما على مستوى الفقه فقد تعددت التفاسير و التعاريف لهذه الواقعة و هو ما نتج عن ظهور نظريتين
احداهما تسمى بالنظرية التقليدية و االخرى تسمى بالنظرية االقتصادية الحديثة.
بالنسبة للمفهوم التقليدي للتوقف عن الدفع يعتمد ،في القول أن المقاولة متوقفة عن الدفع ،على ظاهر
النص التشريعي و النظر اليه نظرة مادية صرفة أي كل توقف عن الدفع ،بدون الرجوع الي أسباب،
فاتحة المشةماشي ،م س ،ص 173 1
27
تؤدي إلى صدور حكم قضائي يقضي باإلفالس ،وبالتالي طبقا للمفهوم القانوني فإن المقاولة تعتبر متوقفة
عن الدفع عند عدم قدرتها على أداء ديونها بدون النظر إلى المالبسات والظروف التي أدت بها الى تلك
الحالة أي يعتمد على المظاهر الخارجية للمقاولة.
أما المفهوم االقتصادي الحديث فيقوم على أن التوقف عن الدفع ناتجا عن مركز مالي مضطرب ،ومدى
تأثير هذا التوقف على إئتمان التاجر ،وهو ما يسمى بالمعيار اإلقتصادي الذي ال يقف عند حدود
المظاهر الخارجية و المادية لإلمتناع أو رفض المدين التاجر عن الدفع ،بل البحث عن المركز الحقيقي
1
لهذا األخير ،هل هو ناتج عن اضطراب مالي خطير أو مجرد صعوبة وقتية طارئة تمر بها المقاولة.
أما عن موقف المشرع المغربي يمكن القول أنه أخذ بالنظرية الحديثة كمبدأ وذلك عندما نص على عدم
القدرة على سداد الديون المستحقة عند الحلول 2كشرط اساسي لتطبيق مساطر المعالجة حيث تم تجاوز
الحدود الخارجية او المظاهر لإلمتناع عن األداء الى الغوص في المركز المالي للمقاوالت المدينة ،و
األسباب ادت بها إلى عدم أداء الديون المستحقة عند الحلول ،وهكذا أصبحت المحاكم التجارية في إطار
المفهوم االقتصادي الحديث ال تقف عند حدود المظاهر المادية او الخارجية للتوقف عن األداء قبل البت
بصفة قطعية في القضايا المرفوعة إليها تصدر قرارا تمهيديا بإجراء خبرة وتطلب من الخبير الوقوف
على الوضعية المالية و االقتصادية و االجتماعية للمقاولة والتصريح بكون المقاولة المتوقفة عن الدفع أم
ال ،بسبب إختالل وضعيتها المالية و هل هي مختلة أو ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه ،كما تطلب من
3
الخبير أن يستمع إلى كل من يرى أقواله مفيدة وكذا الدائنين واإلنتقال إلى المقاولة ومعاينتها.
وهكذا جاء في قرار محكمه اإلستئناف التجارية بالدار البيضاء صادر بتاريخ 2000/11/10في ملف
رقم 11/2000/1270ما يلي "وحيث إن التوقف عن الدفع كشرط موضوعي لتبرير فتح مسطرة
المعالجة أن يكون هناك دين ثابت وحال األداء ومطالب به وكون المقاولة أصبحت عاجزة عن سداد
4
الديون."...
وما يمكن تسجيله في األخير بخصوص المعيار االقتصادي للتوقف عن الدفع أنه له العديد من المزايا
تكمن بوجه عام في كونه يسمح بتجاوز السلبيات التي قد تنتج عن التطبيق اآللي للتوقف عن الدفع في
إطار المعيار القانوني هذا التطبيق الذي قد تنجز عنه جملة من المشاكل اإلقتصادية واإلجتماعية ،وما
1عبدالواحد الصفوري ،التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون و القضاء ،الطبعة األولى ،2008مطبعة إبن سينا ،الدار البيضاء ،ص 58و ما
يليها.
2المادة 560من قانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة.
3نور الدين لعرج ،التوقف عن الدفع و إشكاالته ،الندوة الجهوية الثامنة حول موضوع "صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل
إجتهادات المجلس األعلى" ،طنجة 22- 21 ،يونيو ،2007ص 157
4محمد قرطوم ،ا لتوقف عن الدفع و سلطة القضاء في إستجابة لطلبات التسوية ،مجلة المحاكم التجارية وزارة العدل العدد ،1ماي ،2004ص
43
28
يؤكد هذا الطرح أيضا أن محاكم الموضوع جاءت منسجمة مع المفهوم االقتصادي الحديث لشهر التوقف
عن الدفع بفضل ما تتوفر عليه من سلطة تقديرية في تقرير الوقائع و األدلة التي تثبت واقعة التوقف عن
الدفع ،وهي في ذلك تخضع لمراقبة محكمة النقض في مدى كفاية هذه األدلة في إثبات صفة التوقف عن
1
الدفع لما يترتب عن هذا الشرط من آثار قانونية وإلتزامات خاصة.
إذ ا كان الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة ضد المقاولة قد يقضي بتصفيتها ,مند البداية خصوصا ادا
كانت وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه ،فان بالمقابل و في األغلب من الحاالت ،يقضى بالتسوية
القضائية القضائية التي تسفر عن حلول مختلفة ،إما إستمرارية المقاولة بنشاطها ،أو تفويتها إلى الغير،
أو تصفيتها وفق ما تنص عليه المادة 590من م ت "،تقرر المحكمة ،إما إستمرارية قيام المقاولة
بنشاطها أو تفويتها او تصفيتها القضائية ،و دلك بناء على تقرير السنديك و بعد االستماع ألقوال
رئيس المقاولة و المراقبين و مندوبي العمال " غير ان تقرير احد هده الحلول ال يتأتى الى بعد سلوك
مجموعة من االجراءات و بناءا على مجموعة من التقارير ،يلعب السنديك في إطارها دروا اساسيا و
محوريا ،من خالل مرحلة أسماها الفقه المرحلة اإلنتقالية او المرحلة المؤقتة قياسا على فترة
المالحظة ،كما يصطلح عليها في القانون الفرنسي . 2
و على العموم فالمرحلة السابقة إلختيار الحل او المرحلة المؤقتة هي مرحلة تشخيص الوضعية الحقيقة
للمقاولة ،و التي من خاللها تستطيع أجهزة المسطرة تحديد مدى إمكانية إستمرار المقاولة او تفويتها
اوتصفيتها .3
إذ ا كان حكم فتح المسطرة يؤثر على حقوق االغيار الفردية ،فأنه ال يحول دون استمرارية المقاولة
في مزاولة نشاطها خصوصا ،في حالة التسوية القضائية التي قد يخلص الحل فيها الستمرارية نشاط
المقاولة ،وفق ما نصت عليه المادة 571,من مدونة التجارة و التي تنص على "يتابع نشاط المقاولة
بعد صدور الحكم بالتسوية القضائية"
إدا كان الم شرع خول للمقاولة إمكانية ،استمرار نشاطها فأن االشكال الدي يثارهنا ،هو مصير بعض
العقود الجارية التي يستمر العمل بها حتى بعد الحكم بالتسوية و التصفية القضائية ،خصوصا الحساب
باالطالع والدي اعتبره بعض الفقه 4من بين العقود الجارية ذات الطابع الشخصي ،حيث ان الحكم
بالتسوية القضائية ال يؤدي الى تخلي المدين عن ادارة امواله ،و التصرف فيها كما هو الشأن بالنسبة
اطلق عليها الفقه الفرنسي فترة المالحظة بموجب المادتين 3- 621و المادة 7- 631 2
التعريف ا لدي اعطاه الفقيه شكري السباعي لعقد الحساب باالطالع و الدي اعتبره من بين العقود الجارية دات الطابع الشخصي 4
29
لتصفية القضائية ،التي يترتب عنها غل يد المدين بقوة القانون بل ان الحكم بالتسوية القضائية ليس من
1
شأنه ان يحول حسب مقتضيات المادة 571من مدونة التجارة ،دون متابعة المقاولة المعنية لنشاطها.
و تأسيسا على ما سبق فأن القول ،بإقفال الحساب باالطالع مباشرة بعد صدور الحكم القاضي بالتسوية
والتصفية القضائية كما تنص على دلك الفقرة الثانية من المادة 503من مدونة التجارة ،من شأنه ان
يتعارض مع مبدأ استمرارية االستغالل المقرر بمقتضى المادة ,573,و ما بعدها من هده المدونة ،هدا
المبدأ الدي تجسده بصورة جلية مقتضيات الفقرة االخيرة من المادة,573 ,من ذات المدونة ،بحيث ال
يمكن ان يترتب على مجرد فتح التسوية القضائية ،تجزئة او إلغاء او فسخ العقد ،على الرغم من اي
مقتضى قانوني.2
و ل عل ما يؤكد وجهة نظرنا هده ان المشرع ،نفسه قد أورد في مدونة التجارة عدة مقتضيات ،تدل على
ان الحساب باالطالع المفتوح باسم المقاولة الموضوعة في حالة تسوية قضائية ،ال يقفل مباشرة بعد
صدور الحكم القاضي بدلك ،خالفا لما هو منصوص عليه في الفقرة االخيرة من المادة .503
هكذا فإدا تم تبني مخطط لتسوية يضمن استمرارية نشاط المقاولة المتوقفة عن الدفع ،فليس هناك اي
مبرر إلقفال الحساب باالطالع المفتوح باسمها الن دلك يتعارض مع مبدأ استمرارية االستغالل ،كما
اشرنا الى دلك انفا ،اما ادا كان المخطط المتبنى يرمي الى عكس دلك ،يعني الى استمرارية المقاولة ،و
انما الى تفويتها ،ألحد االغيار او الى تصفيتها تصفية قضائية ،فأن اقفال الحساب يكون انداك في محله،
اللهم اال إدا ارتأى البنك بحريته الى االبقاء على الحساب مفتوح لمدة معينة لحاجات التفويت ،او
3
التصفية.
وانطالقا من مما سبق و بالمقارنة مع مقتضيات ،المواد 503الى 525من مدونة التجارة يمكن ان
نستنتج ان المشرع لم يكن منسجما مع نفسه ،بحيث وقع في سهو من حيث عدم تميزه بين مسطرة
التسوية و مسطرة التصفية القضائيتين كسبب من اسباب قفل الحساب.
و من جهة اخرى ،فأدا كان الهدف من استمرارية المقاو لة هو تسوية وضعيتها و سداد خصومها ،فان
دلك ال يقع إال نادرا ،دلك ان المخططات التي تحصرها المحاكم هي على العموم سطحية ،و هدا يرجع
باألساس الى التكوين الدي يفتقره القضاة المغاربة ،في ميدان األعمال ،دلك انه على الرغم من هاجس
المشرع حول الحفاظ على المقاوالت ،ف أن القاضي عندما تكون مقاولة امامه تعاني من صعوبات ،فهدفه
الوحيد هو اداء المستحقات لدائنين و ليس الحفاظ على المقاولة ،كما ان توجهات الدولة ال تنظم اي
مقتضيات ،من شأنها مساعدة المقاولة في مرحلة الصعوبة ،كما ان غياب التكوين داخل المحاكم حول
ميدان االعمال ،و ه شاشة المبادرات ،التي تقوم بها الدولة في هدا المجال ،خصوصا ان التشريع وحده
غير كافي بل ال بدا من برامج تنموية ،لتدعيم المقاوالت و ،وقايتها مما يزيد من فعالية هده المساطر.
أمحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،دراسة تحليلية و نقدية في ضوء القانون المغربي و القانون المقارن،ص41، 1
من المالحظ انه ال يوجد اي مقتضى قانوني من هدا القبيل فيما يتعلق بالتصفية القضائية 2
30
ومن اهم النقائص كذلك التي اعترت استمرارية المقاولة مقتضيات المادة ،592من مدونة التجارة،
التي تنص في فقرتها االخيرة "....ادا كانت ستؤدي الى فسخ عقود العمل ،فإنه يجب تطبيق القواعد
المنصوص عليها في مدونة الشغل".1
يتمثل مضمون هده المادة في امكانية تسريح العمال ،متى كان دلك رهين بضمان استمرارية المقاولة
لكن يعاب عليه الجانب الجزا ئي حتى ان البعض عبر عن عدم فعاليته ،2خصوصا انه يؤطر تسريح
العمال ،فكيف للمشرع ان يوكل للقضاء مصلحة المقاولة بأكملها ،وسلبها في ذات الحين حق البث في ما
يخص تسريح عمالها او عدد منهم ،امام هدا الموقف الشاد للقانون المغربي ،فأنه يعكس اما افتقار
واضعي هده الفقر ة لنضج القانوني ،او ان دلك فيه امعان من قبل واضعيه من حيث تقزيم سلطة المحكمة
أمام السلطة التنفيذية.
إذا كان المشرع خول للمحكمة سلطة اختيار مصير مآل المقاولة مباشرة بالتصفية القضائية ،فان دلك
يتنافى مع االهداف المرجوة التي جاء بها قانون صعوبات المقاولة ،اذ يجب على المشرع ان يتيح
للمقاولة فرصة اخرى للعالج ،اذا عجز مسيروها عن ذلك عن طريق تفويتها إلى الغير ،و الحفاظ على
مناصب الشغل فيها ،خصوصا ادا كان المخطط يهدف الى الحفاظ على اكبر عدد ممكن من مناصب
الشغل ،باعتبارها من بين الضمانات التي خولها المشرع لألجراء .3
وقد سار القضاء المغربي على هدا النحو ،حيث صدر عن المحكمة التجارية بمراكش "و حيث إنه
بدراسة مخطط االستمرارية المقترح من قبل رئيس المقاولة يتجلى انه مخطط طموح وواعد سيما،
وان عملية التفويت الجزئي ألصول المقاولة تنصرف لفروع ضعيفة المردودية و غير منتجة فضال عن
ارتفاع سومتها الكرائية ،وتشكل عبئا كبيرا على خزينة المقاولة ،و عليه فأن تفويتها سيقلص من
تكاليف و اكراهات الشركة فضال عن كون هدا التفويت يعتبر الية ناجعة ،من اجل توفير سيولة مهمة
من شأنها تسوية دين البنك الشعبي الدي يعتبر الدائن الرئيسي و المدين المهيمن و المتوفر على رهن
على جميع اصول المقاولة علما ان تسوية دينه على هدا االساس ،سيخلص المقاولة من مبلغ مالي
يتجاوز النصف باعتبار ان دين البنك ،........ناهيك عن ان التفويت يحقق هدفا ساميا يتمثل في
االحتفاظ بجميع العمال ،و المستخدمين ،وبجميع حقوقهم و امتيازاتهم خصوصا ان عقود العمل سوف
تنتقل بقوة القانون لشركة المقتنية كمشغلة لهم ،فضال عن كون المقاولة ستحتفظ بمجموعة من
المحالت االخرى بعضها تملكه في اصولها التجارية و البعض االخر تديره على وجه التسيير الحر،
نظم المشرع في الفرع السادس من الباب الخامس من مدونة قانون الشغل فصل االجراء السباب اقتصادية و تكنولوجية و هيكلية 1
موقف االستاد شكري السباعي بخصوص تعارض مدى امكانية المحكمة في فصل االجراء دون تخةيل دلك الحق للمقاولة 2
31
وبالتالي فأن التفويت الجزئي سيجعل المقاولة محافظة على وسائل االنتاج و مناصب الشغل المتعلقة
1
بهده المحالت،" .....
البين من الحكم ان المشرع خول لألجراء امكانية استمرار عقود الشغل و ذلك عند تفويت نشاط
المقاولة سواء كان التفويت كليا او جزئيا.
و بالتالي فإ ن تبني المشرع للحكم بالتصفية القضائية دون المرور تسلسليا بالمراحل االخرى يعد ضربا
الهداف نظام صعوبات المقاولة.
و من النقائص كذلك التي تعتري مرحلة التصفية القضائية ،شمولية الحكم القاضي بالتصفية القضائية
بالنفاد المعجل بقوة القانون ،لن نتطرق لألثار التي سبقت دراستها عند الحديث عن اثار الحكم القاضي
بفتح مسطرة المعالجة ،وانما سنعمد الى التركيز على االثار الخاصة التي تترتب عن التصفية القضائية،
وان كانت بعض االثار المشتركة بين مسطرتي التسوية القضا ئية والتصفية القضائية ال تتالئم و طبيعة
المسطرتين ،و نخص بالدكر االثر المتعلق الحكم القاضي لتصفية القضائية بالنفاد المعجل بقوة القانون،
وفق ما تنص عليه المادة 728من مدونة التجارة.2
فإن هذا األ ثر قد تكون سلبياته اكثر من اجابياته بخصوص التصفية القضائية ،و نصوغ مثاال بسيطا
في الحالة التي تقضي فيها المحكمة مباشرة بالتصفية القضائية ،ويتم استئناف هدا الحكم خصوصا من
طرف المدين ،و قبل البث في االستئناف تباشر اجراءات التصفية القضائية ،ويتم تفويت و بيع عقارات
المقاولة الى الغير ،الدي يكتسب ملكية هدا العقار و يسجله في المحافظة العقارية و يصير مالكا له،
بصفة قانونية غير انه بعد صيرورة هدا البيع تاما ونهائيا ،تبث محكمة االستئناف التجارية في االستئناف
المرفوع من طرف المدين ،مقررة إلغاء الحكم االبتدائي و الحكم من جديد بالتسوية القضائية ،بدل
التصفية القضائية الملغاة خصوصا ان المفوت إليه حسن النية ،و ان المقاولة في حاجة الى جميع اموالها
و عقاراتها إلنجاح مخطط التسوية و من ثم نقول ان مثل هده الصعوبات كان باإلمكان تفاديها لو لم
3
يشمل المشرع الحكم القاضي بالتصفية القضائية بقوة القانون و حصرها فقط في التسوية القضائية
نظم المشرع المغربي قفل المسطرة القضائية ،في المادتين 635و المادة 636من مدونة التجارة ،اال
انه بالرغم من هذا التنظيم فإنه يمكن تسجيل مجموعة من الثغرات على مستوى هذه المسطرة خصوصا
في ما يتعلق ،بإمكانية إعادة المطالبة بفتح هده المسطرة من جديد بعد الحكم بقفل المسطرة ،و اقبار
الشخص المعنوي .ما هي حجية حكم قفل المسطرة؟
ان مدونة التجارة سكتت عن هذه المسألة ،بخالف القانون الفرنسي ،4الذي تبنى موقفا سلبيا يتمثل في
ان الحكم القاضي بالتصفية القضائية ،لعدم كفاية االصول ال يعيد الدائنين ممارسة دعاويهم الفردية ،ضد
1حكم رقم 344الصادر بتاريخ 2016/07/15في الملف رقم 2016/8316/111بالمحكمة التجارية بمراكش ،غير منشور
2تنص المادة 728من مدونة التجارة " تكون االحكام الصادرة في مادة مسطرة معالجة الصعوبات و التصفية القضائية مشمولة بالنفاد المعجل
بقوة القانون عدا تلك المشار اليها في البابين الثاني والتالث من القسم الخامس"
3محمد كرم مرجع س ،ص 111
4موقف المشرع الفرنسي ،بخصوص قفل المسطرة الصادر بمقتضى قانون 25يناير 1985
32
المدين ،ما عدا إذا كان الدين ناشئا عن ادانة جنائية الرتكاب أفعال خارجة عن النشاط المهني للمدين ،أو
الرتكاب غش ضريبي لفائدة الخزينة العامة.
و أمام سكوت مدونة التجارة المغربية عن هذه المسألة فأن للفقه 1رأي اخر ،حيت يرى انه ينبغي
السماح لدائنين ،باسترجاع دعاويهم الفردية ،إذ ا حكم بقفل التصفية متى استحال االستمرار في القيام
بعمليات التصفية لعدم كفاية االصول.
واذا رجعنا الى مدونة التجارة المغربية ،وبالضبط الى المادة ،635التي جعلت ،هي االخرى استحالة
االستمرار في القيام بعمليات التصفية القضائية ،لعدم كفاية االصول من اسباب قفل التصفية ،نجدها
ساكتة ال هي تبنت القانون القديم ،و ال هي سايرت التطور الجديد الذي طال القانون الفرنسي الذي بدوره
يعتبر المصدر االساسي للقانون صعوبات المقاولة المغربي.2
بقي ان نشير الى دعوة المشرع لتدخل سريعا لتعديل النصوص القانونية المتعلقة بقفل مسطرة التصفية
القضائية ،ومنح لدائنين امكانية اعادة فتح المسطرة ،من اجل استرجاع حقوقهم ،حتى لو ادى دلك الى
تمديد المسطرة الى المسير في حالة ما إذ ا تبث ان السبب يعود اليه في سوء التسيير.
بقي ان نشير و كإشارة فيما يتعلق بجرائم التفالس ،ان المشرع وقع في قصور تشريعي في هذا االطار
ودلك ان مدونة التجارة ،بقيت حبيسة القانون التجاري القديم بخصوص جرائم التفالس ،مما اوقع العمل
القضائي في ارتباك ،و اثار نقاشا فقهيا ،في ما يخص القوانين الواجبة التطبيق.3
كما ان االختصاص في ما يخص جرائم التفالس للقضاء الزجري بالمحاكم االبتدائية ،يتناقض مع
مقتضيات المادة الخامسة من قانون المحدث للمحاكم التجارية ،4إذ ال يعقل ان تنظر محكمة تجارية في
كل ما يتعلق من قضايا المقاولة المتوقفة عن الدفع ،وتحيل على محكمة اخرى في ما يخص جرائم
التفالس ،مع العلم ان المحكمة التجارية هي االخرى تتوفر على النيابة العامة ،الشئ الذي يجعلنا دائما
نتسائل ،وراء اقرار المشرع النيابة العامة كجهاز في المحاكم التجارية بغض النظر عن تحريك
المسطرة ؟
و بهذا نكون قد تطرقنا بما فيه الكفاية ،لبعض النقائص و العيوب ،التي اغفلها الكتاب الخامس من مدونة
التجارة الذي تم االجماع عن عدم فعاليته ،و استجابة لفعاليات المجتمع المدني التي نددت بضرورة اقرار
تشريع دقيق و محكم غرضه اسعاف المقاوالت ،و رغبة في الحفاظ عليها ،عمل المشرع المغربي على
احداث قانون جديد ،وهو القانون ،573.17الذي نسخ و عوض القانون القديم و جاء بمقتضيات جديدة،
كلها في سبيل تدعيم المقاوالت ،وضمان استمراريتها ،كآلية لتحقيق النمو االقتصادي ليبقى السؤال
مطروحا ،هل استطاع المشرع المغربي فعال االستجابة لالنتقادات الموجهة اليه بخصوص الكتاب
الخامس من مدونة التجارة ،و ربح رهان المحافظة على المقاوالت و تدعيم االقتصاد الوطني هذا ما
سنحاول االجابة عنه قدر االمكان في الفصل الثاني.
1االستاد احمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها ،الجزء الثالث،2006 ،
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،ص148 ،
2احمد شكري السباعي م،س،ص151،
3عبد الرحيم شميعة ،م ،س ،ص201،
4ضهير شريف رقم 1.97.65صادر في 4شوال 12(1417فبراير )1997بتنفيد القانون رقم 53.95القاضي باحدات المحاكم التجارية
5ظهير شريف رقم 1.18.26الصادر في 2شعبان 19(1439ابريل )2018بتنفيد القانون رقم 73.17بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من
القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة ،فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة
33
الفصل الثاني :القانون 73.17القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة وهاجس
الحفاظ على المقاولة
بنا ء على ما أفرزته الممارسة العملية من خالل تطبيق مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة
من اختالالت ،وبالنظر للدور الهام الذي تنهض به المقاولة ،خاصة منها الصغرى والمتوسطة التي تعتبر
خلية أساسية في النسيج االقتصادي للمملكة فقد بات من الضروري تدخل المشرع آنيا لمواجهة
الصعوبات التي تهدد استمراريتها من خالل إرساء مقومات ثقافة الحكامة الجيدة في تسيير المقاولة
واعتماد تدابير ناجعة وإجراءات فعالة تتمثل أساسا في الكشف المبكر من طرف رئيس المقاولة لهذه
الصعوبات وفي الوقاية منها قبل التدخل قضائيا سعيا إلى إنقاذ المقاولة عن طريق اعتماد تدابير محفزة.
واعتبارا لما ذكر قام المشرع المغربي بإصدار القانون رقم 73.17القاضي بنسخ وتعويض الكتاب
الخامس من مدونة التجارة فيما يخص مسار صعوبات المقاولة.
وقد حمل هذا القانون في طياته جملة من المستجدات التشريعية تهدف إلى تالفي الثغرات التي كان
يعرفها الكتاب الخامس المنسوخ.
ولعل من أبرز غايات إصدار القانون رقم 73 17إعادة تأهيل مساطر الوقاية (المبحث األول) ،إلى
جانب ذلك كان رهان اصالح المساطر القضائية للمعالجة حاضرا بقوة في هذا القانون ( المبحث الثاني).
34
بمسطرة اإلنذار وهذا ما جعل المشرع المغربي يهدف إلى تفعيل مسطرة الوقاية الداخلية عبر قواعد
تروم الكشف المبكر عن تلك الصعوبات بين أجهزة المقاولة مع تحميل رئيس المقاولة أولوية للتدخل
السريع لرصد هذه الصعوبات.1
لعل أول إيجابية يمكن الوقوف عليها في هذا القانون الجديد هو تبني الوضوح المفاهيمي وهو ما من
شأنه أن يجعل المخاطبين بهذا القانون على بينة من موقعهم القانوني ،وفي هذا اإلطار نصت المادة
546من القانون 73.17على أنه " يقصد بالمقاولة في مدلول هذا الكتاب ،الشخص الذاتي التاجر أو
الشركة التجارية .ويقصد برئيس المقاولة ،الشخص الذاتي المدين أو الممثل القانوني للشخص
االعتباري المدين." ...
وبهذا لم يعد هناك غموض يلف مفهوم رئيس المقاولة أو مفهوم المقاولة بخصوص تطبيق إجراءات
الكتاب الخامس.
و إذا كانت هذه النقطة إيجابية تسجل لصالح المشرع المغربي فإننا باالطالع على نطاق تطبيق مسطرة
الوقاية الداخلية ،نجد أن المادة 547من القانون رقم 73.17في فقرتها األولى والتي جاء فيها " إذا لم
يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح اإلختالل الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها يبلغ
إليه مراقب الحسابات ،ان وجد أو أي شريك في الشركة".
يتضح من خالل الفقرة المشار إليها ،أن مجال تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية يهم المقاوالت التي تتخذ
شكل شركة تجا رية أو مجموعة ذات نفع اقتصادي ذات الغرض التجاري ،ألن هذه األخيرة يكون تعيين
مراقب الحسابات بها أمر ضروري.2
ولئن كان من الوضع القائم في القانون المنسوخ يتسم بالتضييق من نطاق تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية
فإنه -ولألسف -الزال هذا المشكل قائما في القانون 73.17إذ يخرج عن نطاق تطبيق مسطرة الوقاية
الداخلية المقاوالت الفردية كاألصل التجاري وكذلك الشركات المدنية والمجموعات ذات النفع االقتصادي
ذات الغرض المدني وكذلك شركات المحاصة ذات الغرض التجاري لكونها ال تتوفر على الشخصية
المعنوية والمقاول الذاتي وبهذا التحديد ،يكون المشرع قد ضيق خناق تطبيق مسطرة الوقاية الداخلية
وكان حري بالمشرع المغربي أن يستغل مناسبة صدور القانون 73,17ليسلك نهج نظيره الفرنسي الذي
يخضع في المادة 61 1 - 2من مدونة التجارة الفرنسية لمسطرة الوقاية الداخلية للشركات التجارية
والمجموعات ذات النفع االقتصادي والمقاوالت الفردية تجارية أو حرفية او زراعية وعندما لم يسر
المشرع على هذا الدرب يكون القانون 73.17في هذه النقطة جاء معيبا.
ومن جهة أخرى جاءت المادة 547محددة لألجهزة المعينة بتصحيح اإلخالل في إطار مسطرة الوقاية
الداخلية ،إذ نصت هذه المادة على أنه " إذا لم يعمل رئيس المقاولة تلقائيا على تصحيح االختالل." ...
يتضح من خالل هذه المادة أن أول من أوكل إليه المشرع تحريك مسطرة الوقاية الداخلية هو رئيس
المقاولة باعتباره القلب النابض للمقاولة.
وإذا كنا نبحث عن تفعيل مسطرة الوقاية الداخلية كان على المشرع من باب أولى النص على تدابير
صارمة لحماية هذه المقاولة تفعيال لهذه الم سطرة ذلك أن المالحظ هو أن المشرع لم يرتب أي جزاء في
1نهال اللواح ،مستجدات القانون 17 . 23المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة -مساطر الرقابة صعوبات المقاولة نموذجا ،سلسة المحامي
العدد 71سنة ، 2018الصفحة 6 – 5
2عبد الرحيم شميعة ,شرح احكام صعوبات المقاولة في ضوى القانون 73 :17مطبعة مكتبة سجل ماسة .مكناس طبعة 2018ص 36
35
حالة تهاون رئيس المقاولة ورصد هذه الصعوبات وتصحيحها 1.وهو ما لم تتضمنه المادة 547من
القانون رقم 17 . 73القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة.
مما يدل على أن المشرع الزال لم يصل بعد إلى مرحلة النجاح في إعادة تأهيل مساطر الوقاية الداخلية
من كل جوانبها.
كما أن المادة 547احتفظت على نفس المقتضيات التي كان منصوص عليها في القانون القديم (،)546
فيما يتعلق بمراقب الحسابات و الشريك بإثارة هذه المسطرة.
ويالحظ أن المشرع المغربي لم يتبنى المقاربة اإلجتم اعية في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية سواء في
القانون القديم أو القانون الجديد ،بحيث لم يتناول المشرع إطالقا دور األجراء في هذه المسطرة وكأنهم
ليسوا عنصرا فاعال فيها يؤثر ويتأثر بما يضرها وينفعها ،مع العلم أن هؤالء يعيشون عن قرب جميع
المشاكل التي يمكن أن تع ترض المقاولة وكان على المشرع على األقل أن يتيح اإلمكانية لمندوبي
األجراء أو لممثلي النقابيين إن وجدوا لتحريك مسطرة الوقاية الداخلية مساهمة في تقوية األجهزة
المحركة.
وقد نصت المادة 547من مدونة التجارة على أنه " يبلغ ...الوقائع أو الصعوبات خاصة الصعوبات
ذات الطبيعة القانونية أو اإلقتصادية أو المالية أو االجتماعية التي من شانها اإلخالل باستمرارية
استغاللها" ،وهكذا فإن النص المغربي يشير إلى الوقائع وكذا الصعوبات وهما مصطلحان يعنيان نفس
الشيء ،يترتب على عدم تصحيحهما أن تصل المقاولة إلى اإلخالل باستمرارية نشاطها.
وخالفا لما كان منصوص عليه في المادتين 546و 545من م ت قبل التعديل وما اكتنفها من غموض
بخصوص تحديد طبيعة الوقائع والصعوبات الواجب رصدها وتصحيحها من قبل رئيس المقاولة.
والمالحظ أن المادة 547من القانون رقم 73.17لم تحدد هي األخرى الصعوبات التي يجب على
المقاولة تصحيحها بل ربطتها باألثر الذي يمكن أن تخلفه هذه االختالالت وحددته في التأثر السلبي على
استغالل المقاولة .غير أنه ووعيا من المشرع بتعدد مصادر الصعوبات التي يمكن أن تؤثر في
االستغالل الطبيعي للمقاولة عمد إلى تصنيف موسع لهذه الصعوبات.
ذلك أن المادة 547من القانون انتقلت من التعميم إلى التخصيص ،فنجد أن من مجرد ذكر المشرع
الوقائع والصعوبات انتقل إلى التنصيص على تلك الصعوبات خاصة ذات الطبيعة القانونية أو
االقتصادية أو المالية أو االجتماعية التي تؤدي لنفس النتيجة المتمثلة في اإلخالل باستمرارية المقاولة.2
أما على مستوى جهاز مراقب الحسابات فيالحظ أن المشرع المغربي لم يعطي هذه المؤسسة اهتماما
كافيا ،سواء في ظل القانون المنسوخ أو على مستوى القانون الجديد ،إذ ال يمكنه التحرك بعد إشعار
رئيس مجلس اإلدارة أو مجلس الرقابة إال بإخبار رئيس المحكمة التجارية طبقا للمادة 548م ت عند
عدم تداول الجمعية العمومية بخصوص الوقائع المثارة.
وإذا كان المشرع الفرنسي قد راهن على السماح لمراقب الحسابات بحضور مداوالت المجلس المنعقد،
فإن القانون المغربي ظل أ سير إكراه سرية مداوالت المجلس المنعقد ولم يشأ إحراج رؤساء المقاوالت
36
أمام مراقب الحسابات وهو ما يجعل هذه المؤسسات صورية فقط ،السيما إذا علمنا أن المشرع لم يرتب
أي جزاء في حالة عدم الرد من طرف رئيس المقاولة على رسالة مراقب الحسابات أو الشريك.1
الفقرة الثانية :إعادة هيكلة مسطرة الوقاية الخارجية على ضوء 73.17
تنص المادة 549من القانون 73.17على ما يلي:
"تفتح مسطرة الوقاية الخارجية أمام رئيس المحكمة في الحالة الواردة في المادة السابقة أو
كلما تبين له من عقد أو وثيقة أو إجراء أن مقاولة دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع ،تعاني
من صعوبات قانونية أو اقتصادية أو مالية أو اجتماعية أو لها حاجيات ال يمكن تغطيتها بواسطة
تمويل يناسب إمكانات المقاولة".
من خالل هذه المادة يتضح أن الم شرع في إطار تعديل مسطرة الوقاية الخارجية استهدف تحديد
المقاوالت التي يمكن أن تستفيد من مسطرة الوقاية الخارجية ،ثم تحديد اللجوء لفتح هذه المسطرة بشكل
2
دقيق على خالف ما كانت تنص عليه المادة 548السابقة.
وانطالقا مما سبق يمكن القول أن مسطرة الوقاية الخارجية تطبق أمام كل مقاولة حسب مدلولها
الوارد في المادة 546والتي حددته في الشخص الذا تي التاجر أو الشركة التجارية ،وبمفهوم المخالفة
فإنه ال يمكن تطبيق هذه المسطرة على كل شخص ذاتي غير تاجر وكل شركة أو تعاونية مدنية وكذلك
المؤسسات العمومية حتى وإن كانت تمارس نشاطا تجاريا.
إنه وبعد أن مرت ثمانية سنوات من اكتمال المشهد القانوني الفرنسي بخصوص االنتهاء من تحديد
نطاق المشمولين بأحكام الوقاية الخارجية لما لها من مزية اإلنقاذ المبكر للمقاوالت ،واعتماد منهجية
الوأد المبكر للصعوبات التي قد تؤدي إلى اندثار المقاوالت ،نجد القانون المغربي الزال مرتبكا في
التصور ،مقصرا في الصياغة ،متبنيا لمنظومة قانونية يفترض أن يحكمها خط رفيع يقوم على جعل
المقاولة كمفهوم اقتصادي كلي وشمولي في قلب الفكر القانوني ،وهو ما تكرس عبر تفويت هذه الفرصة
3
مع التعديل األخير لسنة 2014وكذا مع القانون 73.17لسنة .2018
إذ كيف يتم السماح للشركات التجارية أن تستفيد من ضمانات هذه المسطرة دون المدنية ،وكيف
تبقى المقاولة الزراعية خارج هذه المعادلة أال تعتبر جميعها مقاوالت تساهم في تنمية االقتصاد الوطني.
" 1ليظل هذا االشكال قائما حتى في ظل القانون ،73.17:إما لعدم التباه واضعي هذا القانون -وال نعتقد ذلك -أو خضوعا
لضغوطات المقاولين -ونعتقد ذلك.
: 2مصطفى بونجى – نهال اللواح :مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون ،73.17الطبعة األولى .2018 ،ص.79 :
: 3ع .الرحيم شميعة ،مرجع سابق ،ص.60 :
37
لكل ذلك نرى أنه ليس هناك مبرر يجعل تطبيق هذه المسطرة تسري فقط على األشخاص الذين
شملتهم المادة .546
كما ال نجد أساسا منطقيا يبرر عدم مواكبة التشريع الفرنسي بهذا الخصوص.
أما على مستوى تحريك هذه المسطرة ،فنجد المادة 549حصرت هذا االختصاص لرئيس
المحكمة التجارية وحده دون غيره ليباشرها وذلك انطالقا من التحديد الوارد في المادة 546من القانون
73.17والتي نصت صراحة على أن المقصود برئيس المحكمة هو رئيس المحكمة التجارية أو من
1
ينوب عنه.
وباستقراء المادة 548والمادة 549من مدونة التجارة نجدها تحدد الحاالت التي يتم اللجوء فيها
لفتح مسطرة الوقاية الخارجية ،والتي تكون إما بإخبار رئيس المحكمة من طرف مراقب الحسابات أو
رئيس المقاولة أو الشريك وإما تلقائيا من طرف رئيس المحكمة كلما تبين له من كل وثيقة أو عقد إجراء
يتضح من خاللها أن المقاولة تعاني من صعوبات.
وخالفا للقانون المنسوخ ،عمد القانون 73.17إلى إعادة االعتبار لدور الشريك باعتباره فاعال
أساسيا في المقاولة فأتاح له إمكانية تبليغ رئيس المحكمة التجارية بالصعوبات التي تعترض المقاولة
قصد تحريك مسطرة الوقاية الخارجية.
وإذا كانت الجهة التي تختص نوعيا بالنظر في إجراءات مسطرة الوقاية الخارجية هي رئيس
المحكمة التجارية أو من ينوب عنه حسب المادة 546من القانون 73.17دون اإلشارة إلى
االختصاص المحلي ،فإن هذا األخير ينعقد للمحكمة التجارية الموجود في دائرتها مؤسسة التاجر التي
2
تنظر في مساطر المعالجة (المواد 5و 10و 20من القانون المحدث للمحاكم التجارية).
و إذا كان أول إجراء يقوك به رئيس المحكمة هو إستدعاء رئيس المقاولة قصد المشاورات في
الصعوبات التي تعاني منها المقاولة (ف 2م ،)549فإن المشرع لم يتجاوز اإلشكال المتعلق بعدم وجود
أي جزاء قانوني في حالة تخلف رئيس المقاولة عن الحضور في الوقت المحدد ليترك األمر مرة أخرى
للسلطة التقديرية الممنوحة لرئيس المحكمة في إطار واليته على هذه المسطرة ،والذي يمكنه أن يسارع
بإحالة الملف على المحكمة أو على النيابة العامة لبحث إمكانية فتح مسطرة المعالجة ضد رئيس المقاولة،
38
وما يترتب عليها من نتائج خطيرة اتجاه المقاولة ،هذا ما يجعل رئيس المقاولة يسعى من تلقاء نفسه إلى
1
االستجابة لالستدعاء إليجاد الحلول لمقاولة قبل أن تقع في التسوية القضائية أو التصفية القضائية.
وال يقتصر رئيس المحكمة عند استدعاء رئيس المقاولة على المعلومات والمعطيات التي يستقيها
منه والتي تترافق غالبا بتفاؤل مبالغ فيه مادامت المقاولة في غير حالة التوقف عن الدفع ،حيث يمكنه أن
يطلع على معلومات من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن المقاولة سواء عن طريق مراقب الحسابات
أو إدارة الضرائب أو إدارة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي أو مصلحة أداء عوارض األداء ببنك
المغرب وكذا وضعية المقاولة من خالل السجل التجاري سواء باالطالع عليه أو بأخذ نسخة من
2
التقييدات الواردة به.
إال أنه ما يالحظ بخصوص قيام رئيس المحكمة التجارية باالستشارات الالزمة على الوضعية
الحقيقية للمقاولة أن المشرع سواء في القانون المنسوخ أو في القانون 73.17لم يحدد له أجال للقيام
بذلك ،بالرغم مما يتعين أن يميز هذه المسطرة من سرعة واستعجال وبالتالي نرى أنه من الضروري أن
يقرر له أجل محدد لذلك 15يوم أو شهر على األكثر من أجل تحديد موقفه بشأن ما يتعين اتخاذه من
قرارات بشأن المقاولة.
وعلى ضوء ذلك يقرر رئيس المحكمة التجارية إما تعيين الوكيل الخاص أو فتح مسطرة
3
المصالحة.
والمالحظ من خالل مقتضيات المادة 550من القانون 73.17أن المشرع خول لرئيس المحكمة
سلطة تعيين الوكيل الخاص لتذليل الصعوبات التي تعاني منها المقاولة ،حيث أضاف مستجدا في هذا
اإلطار ،يتمثل في كون أن هذا التعيين يكون باقتراح من رئيس المقاولة.
ولعل هذه اإلضافة المتمثلة في كون أن تعيين المصالح أو الوكيل الخاص يكون باقتراح من رئيس
المقاولة لها أهمية بالغة ،وتتمثل الغاية منها في اقتحام رئيس المقاولة في عملية تذليل الصعاب والبحث
عن الحلول التي تتخبط فيها المقاولة.
وفيما يتعلق بأتعاب الوكيل الخاص فبعدما كانت مقتضيات المادة 549من مدونة التجارة الملغاة
خالية من النص على تحديد أتعاب الوكيل الخاص ،جاءت المادة 549من المقتضيات الجديدة لتنص
39
على تحديد مصاريف المسطرة تؤدى من قبل رئيس المقاولة الذي يتعين عليه وضعها بصندوق المحكمة
1
فورا تحت طائلة صرف النظر عن اإلجراء.
و يالحظ من خالل المادة 550من القانون 73.17احتفظ بنفس مقتضى القانون القديم ،الذي
يتمثل في عدم تحديد شروط الواجب توفرها في الوكيل الخاص و هو ما يمكن اعتبار أن المشرع بقي
2
أسيرا للقانون القديم .
وقد منح المشرع المغربي إمكانية تحريك مسطرة المصالحة إلى رئيس المقاولة الذي يتقدم بطلب
إلى رئيس المحكمة التجارية يعرض فيه وضعية المقاولة دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع.
ولعل من أبرز ايجابيات القانون رقم 73.17أنه استعاضة بعبارة "مسطرة المصالحة" عوض
"التسوية الودية" ،وهذا توجه محمود وأكثر دقة ،وذلك تجنبا لالختالط مع مسطرة التسوية القضائية.
كما أنه من حسنات هذا القانون ،أنه مدد مدة مهمة المصالح في إطار مسطرة المصالحة ،هذه
المدة المحددة في ثالثة أشهر باإلضافة إلى إمكانية تمديدها لنفس المدة مرة واحدة بطلب من المصالح (6
أشهر على األكثر) ،وهذا على عكس المادة 553من القانون الملغاة التي كانت تحدد مهمته في 4أشهر
كأقصى حد.
ولقد تم تعزيز دور المصالح في ظل القانون الجديد رقم ،17.73بحيث إن مهمة المصالح تتمثل
في " تذليل الصعوبات المالية أو االقتصادية ،وذلك بالعمل على إبرام صلح مع الدائنين" ،على خالف
الصياغة القديمة للمادة 554التي نصت أن مهمة المصالح تتحدد فقط في تيسير تسهيل سير الشركة
والعمل على إبرام اتفاق بين الدائنين.
40
كما أن تعيين المصالح حسب المقتضيات الجديدة للمادة 549من القانون رقم ،73.17ال يمكن
أن يتم تلقائيا من طرف رئيس المحكمة ،بل البد لرئيس المقاولة من تقديم طلب كتابي في الموضوع.
وذلك تفعيال لدور رئيس المقاولة باعتباره فاعال أساسيا في هذه المسطرة ،ويتضح ذلك أيضا من
خالل المادة 555من القانون رقم 73.17التي أعطته اإلمكانية لتقديم طلب لرئيس المحكمة التجارية
بخصوص الوقف المؤقت لإلجراءات ،تسهيال إلبرام اتفاق مع الدائنين على خالف المادة 555الملغاة
والتي كانت تحصر إمكانية تقديم هذا الطلب من طرف المصالح فقط.
إن اآلمال المعقودة على مهمة المصالح لتذليل الصعوبات التي تمر منها المقاولة ،وجعلها تتجنب
الوقوع في آفة التوقف عن الدفع ،كان يوجب على المشرع المغربي تقنين مهنة المصالحين ،خاصة وأن
1
النجاح في مثل هذه المهمة يتطلب من القائمين بها شروط التواصل والتفاوض والوساطة.
هذا ما لم يتداركه المشرع في القانون الجديد رقم ،73.17وهو بذلك ترك ثغرة يمكن أن تؤدي
استقباال إلى تسرب الضعف إلى مسطرة المصالحة ،خاصة وأن المصالح هو المحور األساسي في
نجاحها ،بل عليه تتوقف كل المبادرات الكفيلة بنجاح اتفاق المصالحة ،ومن ثم القضاء على الصعوبات
التي تعترض المقاولة.
وبالنسبة آلثار اتفاق المصالحة ،يتضح أن المشرع احتفظ بنفس النتائج المترتبة عن إبرام اتفاق
المصالحة ،سواء تجاه الدائنين الرئيسين أو تجاه جميع الدائنين الموقعين على االتفاق ،وفي هذا الصدد
وعلى خالف المقتضيات السابقة ،فإن المادة 556من القانون رقم 73.17جاءت بمستجد هام يتمثل في
التنصيص على إلزامية إشعار الدائنين غير المشمولين باالتفاق باآلجال الجديدة الممنوحة من طرف
رئيس المحكمة.
وهذا اإلجراء من شأنه أن يحول الدائنين في إطار مسطرة المصالحة من جزء المشكل إلى جزء
من الحل ،طالما سيكون على علم بكافة المراحل التي قطعتها مسطرة المصالحة.
ويسجل على المشرع المغربي في القانون رقم 17.73انه لم يضع ولو على وجه التقريب
تعريفا معياريا لتحديد الدائنين الرئيسين من الدائنين العادين ،إال أن الفقه بادر إلى سد هذه الثغرة ،إذ حدد
مفهوم الدائنين الرئيسين في حجم الدين ونسبته في الخصوم المترتبة على الذمة المالية للمدين ،وتحديد
هذا األمر يعتبر بالغ األهمية.
41
فالمشرع في المادة 556من القانون رقم 73.17تحدث عن وجوب المصادقة على اتفاق
المصالحة من طرف رئيس المحكمة في حالة موافقة جميع الدائنين وعن إمكانية المصادقة عليه في حالة
إبرام اتفاق مع الدائنين الرئيسين دون الحديث عن الحالة التي يوافق فيها الدائنين غير الرئيسين فقط.
يعتبر هذا أمرا منطقيا ،ألن القول بوجود دائنين غير رئيسيين يفترض عدم وجود صعوبات
وصلت إلى حد من الخطورة التي تزعزع الثقة في المقاولة إلى الدرجة التي تبرر فتح مسطرة المصالحة
بكل ثقلها.
وإذا كان المشرع قد راهن على مسطرة المصالحة كمسطرة غير قضائية لتصحيح صعوبات
المقاولة ،فإن مخاطر عدة تهددها ،وقد تعجل بفتح المسطرة القضائية للمعالجة ،ونخص بالذكر خاصية
السرية التي تقوم عليها الوقاية ،إذ أن صدور أمر الوقف المؤقت لإلجراءات طبقا للمادة 555من مدونة
التجارة يجعل العموم على علم بوضعيتها.
ولعل أهم مستجد تشريعي جاء به القانون رقم 73.17هو حق االمتياز الذي نصت عليه المادة
، 558حيث يتمتع الدائنين الذين وقعوا على اتفاق المصالحة ومنحوا أمواال جديدة لخزينة المقاولة
المدينة من أجل ضمان متابعة نشاطها واستمراريتها بحق األفضلية واألولوية في استيفاء ما منحوه من
أموال لفائدة المقاولة المدينة ،قبل كل الديون األخرى العالقة في ذمة المقاولة المدينة ،بما فيها الديون
المقررة في إطار المادتين 565و 590من القانون رقم 73.17والفقرة الثانية من المادة 652من
نفس القانون .غير أن حق األفضلية ال يستفيد منه الدائنون الموقعون على االتفاق الودي ،سواء بصفة
1
مباشرة أو غير مباشرة ،بالنسبة للمبالغ الممنوحة للمقاولة قبل فتح مسطرة المصالحة.
وانسجاما مع أهداف صدور القانون رقم 73.17والمتمثلة في إعادة تأهيل مساطر الوقاية كان
ال بد من المشرع المغربي أن يخلق تدابير تحفيزية تشجع قنوات التمويل على منح ديون للمقاولة في
مرحلة الوقاية وخاصة مسطرة المصالحة.
وهو ما تحقق بتخويل األشخاص الذين مولوا المقاولة بامتياز االمتيازات في استيفاء ديونهم قبل
كل الدائنين ،ولو كانوا مولوا المقاولة في مسطرة المعالجة التي تعرف تدهورا خطيرا جدا في وضعية
المقاولة.
ويمكن أن يفضي حق ام تياز االمتياز هذا إلى جعل مسطرة المصالحة مسطرة وقائية ناجعة
بامتياز.
42
وحسب المادة 559من القانون رقم 73.17فانه في حالة عدم تنفيذ االلتزامات الناجمة عن
االتفاق ،يعاين رئيس المحكمة بمقتضى أمر غير قابل ألي طعن ،فسخ هذا االتفاق وسقوط كل آجال
األداء الممنوحة وي حيل الملف إلى المحكمة لفتح مسطرة المعالجة مباشرة.
ويالحظ أن المشرع وسع من نطاق االختصاص التدخلي لرئيس المحكمة في مساطر الوقاية،
حينما جعل أمر فسخ اتفاق المصالحة من اختصاصه وليس من اختصاص محكمة الموضوع ،كما كان
عليه األمر سابقا ،وذلك تحقيقا للسرعة التي تتطل بها مسطرة الوقاية خصوصا وأن هذا األمر غير قابل
ألي طعن.
وإذا كان يحسب للقانون رقم ،73.17كما لنظيره الفرنسي وهذا خالفا لما كان عليه األمر قبل
تعديل 1996أن فسخ اتفاق الصلح الودي ال يؤدي بشكل مباشر إلى فتح مسطرة المعالجة ،اللهم إال إذا
نجم عن ذلك توقف عن ال دفع موجب لفتحها ،ويكون بذلك هذا الحكم كما لو لم ينجح اتفاق الصلح الودي
من أساسه حيث إن فشله ال يعني الفسخ التلقائي والمباشر للمسطرة القضائية للمعالجة.
لكن جديد القانون رقم 73.17من خالل الفقرة األخيرة من المادة 559من مدونة التجارة يتمثل
في المرور مباشرة إ لى مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية في حالة عدم تنفيذ المدين
اللتزاماته المترتبة عليه بناء على اتفاق المصالحة ،وكان باإلمكان له أن يترك الباب مفتوحا كذلك للجوء
1
إلى مسطرة اإلنقاذ متى كان ذلك ممكنا.
الفضل 11من قانون اإلفالس األمريكي ،و مدونة التجارة الفرنسية ،اللذان أطر هذه اإلمكانية القانونية بتنظيمها لمسطرة خاصة 2
43
تتميز مسطرة اإلنقاذ عن غيرها من المساطر االستباقية 1كانت أو مواكبة 2بعدة خصائص و
مميزات .أنها مسطرة إرادية (أوال) ،وأنها مسطرة وقائية (ثانيا) ،كما يبقى رئيس المقاولة محتفظا بكافة
صالحية التسيير(ثالثا).
أوال :مسطرة إرادية
و يتمثل ذلك من خالل عدم جواز فتحها إال بناء على طلب مقدم من رئيس المقاولة ،و على
خالف مسطرة التسوية و التصفية القضائية 3و هذا ما نصت عليه المادة 561من القانون73.17
"يمكن أن تفتح مسطرة اإلنقاذ بطلب من كل مقاولة ،دون أن تكون في حالة عدم التوقف عن الدفع،
تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها و من شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن
الدفع"
و يستفاد من خالل المادة أعاله أن المشرع المغربي سار على نهج نظيره الفرنسي في المادة
’401-620من مدونة التجارة الفرنسية ،حيث نص على الطابع اإلرادي لهذه المسطرة و يقصد بكونها
مسطرة إرادية أن لرئيس المقاولة كامل الحرية في إثارتها ،فالمشرع منح اإلختيار لرئيس المقاولة
بسلوكه من عدمه ،عن طريق وضع طلب بكتابة ضبط المحكمة المختصة ،و ما يستتبع من الطابع
اإلرادي تنزيل ألهداف القانون الجديد 73.17الذي وسع من صالحيات رئيس المقاولة بمنحه عدة
امكانيات للحفاظ على سلطاته داخل مقاولته و تحفيزه على بذل جهد في تسيرها و النهوض بها بل
والمحافظة على استمرارية استغاللها ،مع تحصين إرادته في تسير و مراقبة المقاولة قبل التوقف عن
الدفع.
ثانيا :مسطرة وقائية بأجهزة قضائية
و تمتاز مسطرة االنقاذ أيضا بكونها مسطرة وقائية بأجهزة قضائية ،و تتجلى أهميتها في
الرصد المبكر و اإلستباقي إلى اإلختالالت التي تعاني منها المقاولة قبل الوصول إلى مرحلة التوقف
عن الدفع ،الشيء الذي يفسر غياب فترة الريبة و استثناء المشرع مسطرة اإلنقاذ من أحكام الباب الحادي
عشر من القسم السادس من الكتاب الخامس من مدونة التجارة.5
و قد جاء بالحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش بما يلي " و لما كانت الغاية من
المساطر الجماعية هو منح فرصة للمقاولة من أجل تجاوز تعثرها و مواصلة نشاطها حفاظا على
مناصب الشغل ،فإن المحكمة ارتأت تمتيعها بفترة مالحظة من أجل تشخيص وضعيتها و تدبير سبل
تدليل الصعوبات التي تعتري استمرارية استغاللها و ذلك بالحكم بتحويل فتح مسطرة التسوية القضائية
في حقها.
1يقصد بالمساطر االستباقية كل من مسطرتي الوقاية الداخلية و الخارجية و هي إجراءات تستحضر الجانب اإلرادي و التشاركي
ألجهزتها.
2يقصد بالمساطر المواكبة كل من مسطرتي التسوية و التصفية القضائية ,و هي مواكبة لتوقف المقاولة عن الدفع باعتماد الحلول الالزمة لذلك و
مراقبتها.
3مصطفة بونجة و نهال اللواح .مرجع سابق .ص.167 :
4 Selon l'acticle 620.01...une procédure sauvegardé auverter sur demande d'un: débiteur, mentionné
44
و حيث أنه يتعين تعيين أجهزة المسطرة......لهذه األسباب حكمت المحكمة في جلستها العلنية
ابت دائيا و حضوريا ،بتحويل مسطرة اإلنقاذ المفتوحة في حق السيد س إلى مسطرة التسوية القضائية
مع تحديد تاريخ التوقف عن الدفع في الثمانية عشر شهرا السابقة لهذا الحكم ،مع اإلبقاء على نفس
أجهزة المسطرة و تكليف السنديك بمراقبة عملية التسيير مع باقي الصالحيات المخولة له قانونا مع
إعداد تقرير عن الموازنة المالية و االقتصادية و اإلجتماعية للمقاولة و اقتراح الحل المالئم لتصحيح
وضعية الشركة أمر كتابة الضبط بتسجيل ملخص بهذا الحكم بالسجل التجاري المدعي و نشر إشعار
به في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية و في الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من
صدوره مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل".1
ثالثا :إحتفاظ رئيس المقاولة بكافة صالحيات التسيير
و من خصائص هذه المسطرة أنه يتم من خاللها احتفاظ رئيس المقاولة بكافة صالحيته في
التسيير ،حيث نجد المادة 566من القانون 73.17تنص على أنه "يختص رئيس المقاولة بعملية
التسيير ".....و هذا يدل على أن رئيس المقاولة ينفرد بصالحيات تسييرها ،و يهدف المشرع من خالل
هذه اإل مكانية منح الثقة لرؤساء المقاولة و تشجيعهم على اإلنخراط اإليجابي في هذه المسطرة و تسهيل
خروجهم من الضائقة و الصعوبات التي تعترض مقاولتهم.
و تتجلى هذه الخاصية في طمأنة المتعاملين مع المقاولة بخصوص استمرار الروابط التجارية
فيما بينهم و بين المقاولة من خالل الحفاظ على طاقم التسيير من جهة و من ناحية أخرى طمأنة رئيس
المقاولة بخصوص و ضعه القانوني داخل المقاولة و تشجيعه على مواصلة جهوده إلنقاذ مقاولته.
باإلضافة إلى هذه الخصائص التي تتسم بها مسطرة اإلنقاذ ،فهناك أهداف يتم تحقيقها عبرها و
هذا ما سنتطرق إليه فيما يلي.
1حكم المحكمة التجارية ,بمراكش رقم 91الصادر بتاريخ 27/9/20118في الملف رقم .120/8302/2018
)أورده ,مصطفى بونجة .نهال اللواح .مرجع سابق .ص.(169:
45
إن الهدف األساسي من تذليل الصعوبات التي قد تع ترض المقاولة هو الحفاظ على استمرارية
نشاطها ،إذ أن توقف نشاط المقاولة يترتب عنه أثار و خيمة من جهة اإلضرار بالمقاولة و على
المتعاملين معها ،و من جهة أخرى اإلضرار باالقتصاد الوطني.
ثالثا :الحفاظ على مناصب الشغل
و يتجلى هذا الهدف من خالل التشجيع على إنشاء المقاوالت و ضمان تشغيل الشباب و
امتصاص البطالة ،و بالحفاظ على نشاط المقاولة من أجل ضمان استقرار الوضع االجتماعي للبالد و
ارتفاع القدرة الشرائية لدى األجراء و تحريك عجلة االقتصاد.
رابعا :تسديد الخصوم
إن أهم ما يعترض المقاولة في حياتها هو توقفها عن أداء ديونها في اآلجال المحددة ،و هو ما
يترتب عنه أضرار بالمقاولة نتيجة توقف تمويلها و فقدان الثقة بها ،و هو ما تهدف إليه مسطرة اإلنقاذ
عن طريق إيجاد حل توافقي بخصوص أداء الديون المتعثرة التي تكون بذمة المقاولة.
46
فهذه المادة سدت الباب أمام المدينين سيئي النية عن اللجوء إلى مساطر المعالجة فقد إليقاف
التنفيذ وأداء الديون الحالة ،بحي ث إنه لن تطبق مساطر المعالجة إال إذا ثبت أن المقاولة عاجزة عن تسديد
ديونها من خالل أصولها المتوفرة ال لمجرد التوقف عن الدفع فحسب.
وعليه ،فإن القانون رقم 17.73تجاوز إشكالية عويصة كانت تحد من فعالية مساطر المعالجة،
بل وتضر بدائني المقاولة ونأمل من القضاء التجاري أن يعمل على تحري الصرامة في تطبيق المفهوم
االقتصادي للتوقف عن الدفع الوارد في المادة .575
ومن جانب آخر ،فإن من خصائص اإلجراءات السابقة على صدور الحكم تعدد قنوات فتح
مسطرة التسوية أو التصفية القضائية.
إذ أن مرامي نظام صعوبات المقاولة كانت وراء إقرار قاعدة مسطرية جديدة في المنظومة
القانونية المغربية ،المتمثلة من خالل المواد من 576إلى 587من القانون رقم 17.73في االعتراف
1
لجهات متعددة من حقها أن تجعل المحكمة تضع يدها وتقضي بفتح المسطرة القضائية للمعالجة.
وفي هذا الصدد تنص المادة 576من القانون الجديد على أنه " يجب على رئيس المقاولة أن
يطلب فتح مسطرة التسوية القضائية في أجل أقصاه 30يوما من تاريخ توقف المقاولة عن الدفع".
وانطالقا من مقتضيات هذه المادة ،يالحظ أن المشرع المغربي جاء بمستجد هام ،يتمثل في
تحديد األجل الممنوح لرئيس المقاولة لتقديم طلب فتح المسطرة.
فبعدما كان هذا األجل محددة في 15يوما طبقا لمقتضيات السابقة من الكتاب الخامس لمدونة
التجارة ،حددت المادة 576مقتضيات جديدة أل جل تقديم رئيس المقاولة لطلبه الرامي إلى فتح المسطرة
2
في 30يوما التالية للتوقف عن الدفع ،وذلك تحت طائلة الحكم بسقوط األهلية التجارية.
ونستشف ،أن المشرع أخذ بعين االعتبار عنصر الزمن في حالة وجوبية تقديم رئيس المقاولة
طلب فتح المسطرة ،حيث إن تمديد هذا األجل لثالثين يوما قد يفيد في منح الفرصة لرئيس المقاولة لجمع
جميع الوثائق المتطلبة في هذا الطلب وتفادي الحكم عليه بالعقوبات التجارية.
47
وفي السياق نفسه تفتح مسطرة المعالجة بناء على مقال افتتاحي ألحد الدائنين ،جاء في الفقرة
األولى من المادة 578من القانون رقم 73.17ما يلي " يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى
ألحد الدائنين".
والمالحظ أن المادة 578منحت للدائنين كيفما كانت طبيعة دينهم أن يتقدموا بطلب فتح مسطرة
المعالجة ،لكن صيغة العم وم التي جاء بها المشرع من شأنها أن تخلق بعض االضطراب ،إذ يمكن للدائن
حتى وإن كان م قدار دينه هزيال طلب فتح المسطرة ،وال شك أن مثل هذه الخطوة تضر بسمعة المقاولة
وتثير الشكوك حول الوضعية الحقيقية لها ،والحل في تقديرنا أن على المحكمة التجارية أن تفعل المعايير
االقتصادية للتوقف عن الدفع لتالفي هذا المشكل.
وفي هذا اإلطار تنص المادة 578على أنه " يمكن للمحكمة أن تضع يدها على المسطرة إما
تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة أو من رئيس المحكمة في إطار ما تخوله له مسطرة الوقاية
الخارجية من اختصاصات".
ومن بين المستجدات التي جاء بها القانون رقم 73.17أنه وسع من نطاق الجهات المخول لها
طلب فتح مسطرة المعالجة ،وهذا ما هو واضح في المادة أعاله.
إذ أضاف المشرع رئيس المحكمة التجارية الذي له الحق في طلب فتح مسطرة المعالجة ،انطالقا
1
من تقنية اإلحالة في حدود االختصاص الذي أنيط به في مسطرة الوقاية الخارجية.
وإذا كان رئيس المحكمة حاضرا كجهاز محرك لمسطرة المعالجة حتى في القانون السابق ،فإن
القانون رقم 73.17تبنى الوضوح ونص عليه في صلب المادة 578كجهة أصيلة مخول لها فتح
المسطرة .وهو توجه محمود حيث إن المطلوب في النص القانوني تمام الوضوح ليسهل على المخاطبين
به تطبيقه.
وفضال عن ذلك ،واستناد إلى مقتضيات المادة 587من القانون رقم 73.17فإن المشرع خول
للنيابة العامة بالمحكمة التجارية إمكانية تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة في مواجهة المقاولة المتوقفة
عن دفع ديونها.
ولعل االعتراف بالحق للنيابة العامة في طلب فتح مسطرة المعالجة ضد كل مقاولة تكون في
1
حالة توقف عن دفع ديونها ،يجد مبرراته في كون النيابة العامة هي الحارسة للنظام العام االقتصادي.
48
إال أنه ،وفي ظل الممارسة العملية المرتبطة بعمل النيابة العامة داخل المحاكم التجارية فال يجب
أن نكون كثيري التفاؤل كي نعول عليها لتقديم هذا الطلب ،ألنه سيكون مطلوب منها إثبات حالة التوقف
عن الدفع ،حيث لن يتأتى لها الوقوف حولها إال من خالل حالة عدم تنفيذ االلتزامات المبرمة في إطار
2
المصالحة.
وعالوة على ذلك ،فإن دور النيابة العامة داخل المحاكم التجارية يوصف بالهشاشة ،ألن النيابة
العامة داخل هذه المحاكم ليس لها من الوسائل الزجرية كما يتيح لها االطالع على واقع المقاوالت
المغربية ،ولم يجد البعض حرجا بوصف النيابة العامة داخل المحاكم التجارية والحالة هاته بأنها لها
وجود هيكلي وغياب وظيفي.
وفي سياق البحث عن مدى فعالية اإلجراءات السابقة لصدور الحكم القاضي بفتح مسطرة
المعالجة ،نصت المادة 582من القانون رقم 73.17في الفقرة األخيرة على أنه" تبت المحكمة في
الطلب الرامي بفتح هذه المسطرة بعد 15يوما من رفع الدعوى".
ولعل تحديد مدة 15يوم راجع لما تتطلبه المسطرة من سرعة البت في الطلب ،غير أن هذا
3
األجل يبقى قصيرا خصوصا وأنه عمليا يصعب على المحكمة التقيد بهذا األجل.
وال يمكن لمساطر صعوبات المقاولة أن تفعل دون وجود أجهزة تسهر على تطبيقها ،ولذلك نص
المشرع في المادة 670من القانون رقم 73.17على أنه " تعين المحكمة في حكم فتح المسطرة
القاضي المنتدب والسنديك ،كما تعين نائبا للقاضي المنتدب ،وتسند إليه نفس المهام إذا عاق هذا
األخير مانع".
يمنع إسناد القاضي المنتدب أو السنديك إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة
الرابعة بإدخال الغاية أو أصهارهم".
وسيرا على نهج القانون الفرنسي ،ونظرا لتسهيل وتيسير مهام القاضي المنتدب ،فإن القانون رقم
17.73من خالل المادة 670سمح وألول مرة في القانون المغربي بتعيين نائب للقاضي المنتدب تسند
إليه نفس المهام إذا عاق مانع األول.
49
وقد تخوف البعض من تعيين نائب القاضي المنتدب ،ألن إشكال يطرح يتعلق بآليات التعاون
والتنسيق بينهما ،خاصة وأن القانون يتحدث عن تكليف النائب كلما عاق القاضي المنتدب مانع ال ندرك
1
ما هو طبيعته.
إال أننا ال نتفق مع هذا الر أي ،وال نؤيد هذا التخوف ألن نفس المهام المنوطة بالقاضي المنتدب
تناط أيضا بنائبه ،وبالتالي كل واحد منهم يتحمل مسؤوليته الشخصية في إطار اإلجراءات التي يباشرها.
ومن أهم األجهزة المكلفة بالسهر على تطبيق مساطر المعالجة السنديك ،إذ يشكل المفتاح الرئيس
لحل المشاك ل التي تتخبط فيها المقاولة وقد ارتبط السنديك بنظام المساطر الجماعية من بدايتها ،فقد كان
جهازا أساسيا في نظام اإلفالس كان يمثل كتلة الدائنين ،وال زال دوره متعاظما على نظام صعوبات
2
المقاولة ،حيث أضحى يمثل مجموع المصالح التي جاء هذا النظام لحمايتها ومحاولة التوفيق بينها.
ويتجلى دور السنديك في مساطر المعالجة على وجه الخصوص فيما نصت عليه المادة 673
من القانون رقم 73.17التي جاء فيها" يكلف السنديك بمراقبة تنفيذ مخطط اإلنقاذ وبتسيير عملية
التسوية والتصفية القضائية ابتداء من تاريخ صدور الحكم فتح المسطرة حتى قفلها.
يتعين على السنديك بمناسبة القيام بمأموريته أن يحترم االلتزامات القانونية والتعاقدية
المفروضة على رئيس المقاولة.
تحدد بموجب نص تنظيمي المؤهالت المطلوبة لمزاولة مهام السنديك واألتعاب المستحقة عن
هذه المهام".
ومن ايجابيات هذا النص ،أنه علق ممارسة مهام السنادكة على نص تنظيمي ،يضمن الكفاءة
والحنكة في شخص السنديك ،ونأمل أن يصدر هذا النص التنظيمي في القريب العاجل كما نأمل أن
يتضمن معايير لضمان الكفاءة ،وال يمك ن أن تكون هذه المعايير إال بتوفر السنديك على إجازة في القانون
أو إجازة في االقتصاد ،وحسنا فعل المشرع عندما علق ممارسة مهمام السنديك على صدور نص
تنظيمي ،خاصة إذا علمنا أن النصوص التنظيمية تكون أكثر تفصيال ،وال شك في أن هذا النص يحمل
50
في طياته شروطا تتماشى والمسؤولية الجسيمة التي يضطلع بها السنديك ،فهو عنصر مهم في نجاح
مساطر المعالجة من الصعوبات التي تعترض المقاولة وتؤثر على سيرها.
وقد حدد المشرع مختلف الشكليات لنشر وشهر الحكم القاضي بفتح المسطرة ،حتى يتم إعالم
جميع دائني المقاولة وتمكي نهم من المساهمة في مسطرة التسوية ومراقبتها ،وتمثل هذه اإلجراءات في
اإلشارة للحكم في السجل التجاري المحلي والسجل التجاري المركزي فور النطق به.
كما أ وجب المشرع وفي إطار تجديده للمسطرة إشهار الحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة أن
يتم تسجيل هذا الحكم بسجالت المحافظة العقارية تفاديا أل ي تفويت ألموال المقاولة التي يمكن أن يلتجأ
إليها المدين سيء النية طبقا للمادة 585من القانون رقم .17.73
يقصد بفترة إعداد الحل الفترة الزمنية الفاصلة بين صدور حكم التسوية القضائية والمدة المحددة
إلعداد مخطط التسوية الذي سيعرض على المحكمة في شكل اقتراح ،2ويقوم السنديك في هاته المرحلة
بدور هام ،فهو المكلف بإعداد هذا التقرير ،وفي سبيل اضطالعه بهذه المهمة يسلك مجموعة من
اإلجراءات الختيار الحل المناسب ،تأتي في طليعتها إعداد الموازنة االقتصادية واالجتماعية والمالية
للمقاولة ،كذلك استشارة الدائنين ورئيس المقاولة ،كما أنه يعمل على تلقي العروض من الغير.
وفي إطار بحثنا عن تعزيز المشرع المغربي في القانون رقم 73.17لفترة إعداد الحل ارتأينا
التطرق إلى استشارة السنديك لرئيس المقاولة والدائنين (أوال) على أن نسلط الضوء على مولود جديد
أتى به هذا القانون سيساهم دون شك في تقوية وتعز يز فترة إعداد الحل ،ويتعلق األمر بجمعية الدائنين
(ثانيا).
1كريم أيت بال ،استمرارية املقاولة في اطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي ،دار السالم للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة
األولى ،2008ص .44
2أحمد شكري السباعي ،م س ،ص .290
51
أوال :دور استشارة رئيس المقاولة والدائنين في تعزيز فترة إعداد الحل
في إطار االستشارات التي يقوم بها السنديك ،ألزمه المشرع في صلب القانون رقم 73.17
باستشارة رئيس المقاولة باعتباره المعني األول بالصع وبات التي تتخبط فيها المقاولة ،وذلك بالرغم من
أن المادة 1601من القانون السالف الذكر ،لم تشر بصورة صريحة إلى استشارة رئيس المقاولة ،لكن
بالتأمل في مقتضيات المادة 2602من شأنه التأكيد على أن المشرع المغربي سعى إلى إشراك رئيس
المقاولة في إعداد الحل المناسب ب شكل ضمني ،خاصة وأن البيانات المرفقة بالرسالة التي يتوجب على
السنديك إرفاقها بها والموجهة للدائنين ،تقتضي أن يكون السنديك قد قام باستشارة رئيس المقاولة وتلقى
مقترحاته.
وما يعزز هذا الطرح ،كون المشرع المغربي في المادة 605أكد على ضرورة استشارة
السنديك لرئيس المقاولة أيضا بعد االنتهاء من إعداد تقريره المتعلق بالموازنة المنصوص عليها في
المادة ، 595الذي يبلغه السنديك لرئيس المقاولة ،بحيث يتعين على هذا األخير إبداء مالحظاته
بخصوص هذا التقرير خالل أجل 8أيام ،وهذا اإلجراء يعتبر خطوة حسنة من شأنها المساهمة بكل تأكيد
في تعزيز فترة إعداد الحل ،خاصة إذا علمنا أن رئيس المقاولة معني بالمقام األول بهذه الفترة ،لكن ما
يعاب على المشرع المغربي أنه لم يأتي بجديد بخصوص استشارة رئيس المقاولة ،سوى إشراكه منذ
البداية في إيجاد الحل المناسب إلنقاذ المقاولة والخروج بها إلى بر اآلمان.
وفي إطار سعي السنديك إلى بلورة الحل المناسب للمقاولة المتعثرة يقوم كذلك باستشارة الدائنين
للتعرف على موقفهم من اآلجال أو التخفيضات التي سيقترحها في المخطط ،سواء قام باستشارتهم بشكل
فردي أو جماعي.
وسواء تم استشارتهم بشكل جماعي أو فردي ،فإن القانون رقم 73.17ألزم السنديك بإلحاق
الرسالة أو االستدعاء بعدة بيانات نصت عليها المادة 602وهي " :
1ينص على أنه "يبلغ السنديك للمراقبين املقترحات التي يتقدم بها من اجل تسديد الديون وذلك تبعا إلعدادها وتحت مراقبة القاض ي
املنتدب .
يحصل السنديك سواء فرديا أو جماعيا ،على موافقة كل دائن صرح بدينه بشأن اآلجال والتخفيضات التي يطلبها منهم لضمان تنفيذ
مخطط استمرارية املقاولة في أحسن األحوال .وفي حالة استشارته لهم فرديا ،يكون عدم الجواب داخل اجل ثالثين يوما ابتداء من تلقي
رسالة السنديك بمثابة موافقة" وهذا املقتض ى ذاته كانت تنص عليه املادة 585من املقتضيات السابقة امللغاة.
2تنص على أنه " يرفق ما يلي برسالة السنديك ،سواء تعلق األمر باستشارة فردية او جماعية :بيان لوضعية أصول وخصوم املقاولة مع
بيان تفصيلي للخصوم ذات االمتياز والخصوم العادية.
اقتراحات السنديك ورئيس املقاولة مع اإلشارة إلى الضمانات املمنوحة"...
52
-1بيان لوضعية أصول وخصوم المقاولة مع بيان تفصيلي للخصوم ذات االمتياز والخصوم
العادية؛
-3رأي المراقبين".
مما يستدعي االنتباه ،أن المشرع المغربي لم يدخل أية تغيرات على استشارة الدائنين ،فهاته
ذا تها المقتضيات التي كانت تنص عليها المادة 586الملغاة.
وبالتالي ضمانا إلنقاذ المقاولة التي توجد على شفى حفرة من السقوط ،ومن تم استمرارية
نشاطها بالنسبة للمستقبل كان لزاما على المشرع إيجاد آلية للوصول إلى هذا المبتغى ،فكان التخفيض من
اآلجال ونسبة الديون هو ا لحل المناسب ،لكن ذلك رهين بتضحية الدائنين وقبولهم خوض غمار تجربة
محفوفة بالمخاطر ،ولكنها تضحية ليست مجانية ،بل أقر المشرع مجموعة من الضمانات تحفز هؤالء
الدائنين على اإلقدام على ذلك.
لكل هذا وذاك ،أعطى المشرع للسنديك طبقا للمادة 601من القانون رقم 73.17صالحيات
هامة للقيام باستشارة الدائنين حول التضحيات التي يمكنهم تقديمها للمقاولة المدينة من أجل إنقاذها متى
1
أمكن ذلك.
وهذا بحد ذاته يمثل تعزيزا لفترة إعداد الحل ،خاصة إذا تكللت هذه االستشارة بقبول الدائنين
للتخفيضات أو اآلجال الجديدة ،ألن ذلك من شأنه المساهمة في ضمان بقاء المقاولة داخل النسيج
االقتصادي ،وبالتالي الحفاظ على الثالوث االقتصادي المتمثل في الحفاظ على فرص الشغل وكذا إنعاش
االقتصاد وأداء ديون الدائنين.
وجدير بالذكر ،أن المشرع ميز على مستوى استشارة الدائنين بخصوص الوسيلة التي تتم بها،
فعندما يعتزم الس نديك تحديد موقف كل دائن ما بشكل فردي ،فهو يقوم بتوجيه رسالة إليه تتضمن
مقترحاته ،ويكون هذا الدائن ملزما باإلجابة على تلك المقترحات داخل أجل ثالثين يوما من تلقيه للرسالة
2
تحت طائلة اعتبار عدم جوابه بمثابة موافقة على مقترحات السنديك.
53
لكن ،الذي كان يؤاخذ على المشرع المغربي في ظل النص القديم – 585-وما يزال مكرسا في
القانون الجديد رقم 73.17وبالضبط في الفقرة الثانية من المادة ،601أنه لم يشر إلى أن الرسالة
الموجهة للدائن في إطار استشارته الفردية ،يجب أن يتوصل بها بصفة قانونية تحت طائلة عدم االعتداد
باآلجال ،أضف إلى ذلك اعتبار المشرع المغربي لعدم الرد على الرسالة بمثابة الموافقة ،خاصة وأن
السكوت أمر قد يحمل على الموافقة أو الرفض ،ولهذا حبذا لو كان المشرع المغربي أعاد النظر في هذه
المقتضيات وجعلها أكثر مرونة للدفع بعجلة إعداد الحل نحو األمام.
وفي المقابل ،إذا ما ق رر السنديك استشارة الدائنين بصفة جماعية بخصوص مقترحاته ،فإنه
يوجه استدعاء لهؤالء من أجل عقد اجتماع 1معهم تحت رئاسته ،وقد أعطت المادة 603من القانون رقم
73.17للسنديك مكنة نشر هذا االستدعاء بجريدة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية وتعليقه في اللوحة
المخصصة لهذا الغرض في المحكمة.
ويتضح على أن ،المشرع المغربي قد أحاط االستشارة الجماعية بضمانات قانونية هامة –مقارنة
مع االستشارة الفردية -من شأنها إرساء أرضية للتواصل بين السنديك والدائنين في جو يطبعه التعاون
والحرص على مصلحة المقاولة ومعها مصالح الدائنين ،خاصة وأن األمر بتقديم تضحيات مالية من
طرف هؤالء اآلخرين يعني الدائنين ،وهذا معطى سيساهم دون شك في تعزيز فترة إعداد الحل.
وما يعزز هذا القول ،كون السنديك يقدم للدائنين أثناء هذا االجتماع تقريرا عن وضعية المقاولة
وعن سير نشاطها منذ فتح المسطرة ،وبالتالي موافقتهم على االقتراحات التي يقدمها السنديك بشأن تسديد
الخصوم ،بمعنى أن السنديك يسلك طريق الحكامة من خالل الوضوح والشفافية في إبراز الوضعية
الحقيقية للمقاولة بالنسبة للدائنين.
وال تقتصر استشارة السنديك على الدائنين ،بل ألزمه المشرع بتبليغ المراقبين المقترحات التي
يرغب في تقديمها للدائنين ،حسب الفقرة األولى من المادة ،602وكذلك استشارتهم –أي المراقبين-
حول األجوبة التي توصل بها من قبل الدائنين ،وهذا إجراء إضافي من شأنه تعزيز فترة إعداد الحل
باالنفتاح على كل األفراد المعنيين بها وإشراكهم في الوصول إلى المخطط المناسب.
ويتعين أن ينعقد هذا االجتماع ما بين اليوم الخامس عشر والواحد والعشرين من توصلهم باالستدعاء. 1
54
في سبيل تحقيق الغايات التي جاء ألجلها القانون الجديد رقم ،73.17فإن المشرع لم يكتف فقط
بالتنصيص واستحداث مساطر جديدة كفيلة بذلك ،وإنما أضاف كذلك بعض األجهزة الجديدة في نظام
صعوبات المقاولة ،لعل من بينها جهاز "جمعية الدائنين".
وتعرف جمعية الدائنين بكونها هيئة تضم في عضويتها كافة الدائنين في مسطرة التسوية
1
القضائية ،وتتداول بشأن مجموعة من النقاط التي لها عالقة بوضعية المقاولة وسير المسطرة.
وتتكون جمعية الدائنين حسب المادة 606من القانون الجديد المنظم لمساطر معالجة صعوبات
المقاولة ،وبقوة القانون في كل شركة تجارية خاضعة إللزام ية تعيين مراقب الحسابات ،أو كل مقاولة
فردية أو جماعية يتجاوز رقم معامالتها السنوية 25مليون درهم ،وتشغل ما ال يقل عن 25أجير خالل
السنة السابقة لفتح المسطرة.
كما يجوز للمحكمة حسب الفقرة الثانية من نفس المادة ،606وبناء على طلب السنديك
وبموجب حكم قضائي معل ل تشكيل جمعية الدائنين في غياب الشروط السالفة الذكر ،متى توفرت أسباب
2
وجيهة لذلك ،يبينها السنديك في تقريره ويبررها.
ورغبة من المشرع في ضمان استقرار هذه الجمعية والتسريع من وثيرة مساهمتها في الوصول
إلى الحل المناسب لتسوية وضعية المقاولة ،أكد في الفقرة الثالثة من المادة 606على أن الحكم القاضي
بإحداث جمعية الدائنين ،ال يقبل أي طعن سواء كان عادي أو غير عادي ،والعلة في ذلك تكمن في عدم
تعطيل انشغال سير المساطر والمشاورات في فترة حرجة من حياة المقاولة ،يتعين فيها البحث عن حلول
جديدة لتسوية وضعيتها وليس اإلغراق في مطالبات قضائية جديدة المقاولة في غنى عنها.
وقد راعى المشرع المغربي التنوع في تشكيل هذه اللجنة مانحا للسنديك رئاسة الجمعية –
باستثناء الحالة التي تنعقد فيها قصد اقتراح استبدال السنديك -نظرا لما له من دراية وخبرة ،3كما أعطى
حق العضوية لرئيس المقاولة والدائنين المسجلين في قائمة الديون المصرح بها والتي لم يبد السنديك بعد
1تقديم مشروع قانون رقم 73.17املتعلق بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة القانون رقم ،15.95فيما يخص مساطر
صعوبات املقاولة ،بتاريخ 9أبريل .2018
2إن املتمعن في هذه الشروط يتضح له ،على أن تأليف جمعية الدائنين يكون إما وجوبيا وهو ما نصت عليه الفقرة األولى من املادة ،606أو
جوازيا وذلك طبقا ملا هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من ذات املادة.
3خاصة وأن املشرع املغربي في القانون الجديد رقم 17.73عمل على تأهيل دور السنديك وذلك بتوسيع دائرة صالحياته ،كما انه اشترط
شروط جديدة للتعين في جهاز السنديك ،بل أكثر من ذلك نظرا لحساسية املهمة التي يقوم بها السنديك وعظم املسؤولية أوقف املشرع
املغربي ذلك على صدور نص تنظيمي من شأنه التفصيل أكثر في الشروط التي يتعين توفرها في الشخص حتى يتسنى له تولي مهمة السنديك،
وهذا يشكل ضمانة إضافية تعززت بها مساطر صعوبات املقاولة.
55
رأيه بخصوص اقتراح قبولها أو رفضها ،والدائنين الذين أدرجت مقررات قبول ديونهم في القوائم
الخاصة بها والمودعة لدى كتابة الضبط.
أضف إلى ذلك ،أن هذه الت ركيبة من شأنها أن تساهم في إعادة التوازن بين سلطات رئيس
المقاولة والدائنين ،وذلك بفرض إشراك هؤالء بصورة فعلية ومسؤولة في اختيار الحل المناسب
1
لتصحيح وضعية المقاولة وبلورة مشروع مخطط التسوية.
وتنعقد جمعية الدائنين للتداول بشأن إما مشرع مخطط التسوية الستمرارية نشاط المقاولة أو
مخطط التفويت أو التصفية الذي أ عده السنديك ،وإما لمشروع مخطط التسوية الستمرارية نشاط المقاولة
الذي يقترحه الدائنون في إطار ما يسمى بالمخطط البديل حينما ترفض جمعية الدائنين مخطط التسوية
2
المقدم من طرف السنديك وتقترح مخططا جديدا.
باإلضا فة إلى ذلك ،تختص جمعية الدائنين بالتداول بشأن تغيير أهداف ووسائل مخطط
االستمرارية طبقا لمقتضيات المادة ، 629وذلك حينما يعتزم السنديك رفع تقريره إلى المحكمة بهذا
الخصوص ،فإعداد السنديك لهذا التقرير متوقف على شرط تداول جمعية الدائنين في شأنه موضوعه أي
مخطط االستمرارية.
وتنعقد جمعية الدائنين حسب المادة 609بدعوة من السنديك ،وفي حالة عدم قيامه بذلك من
طرف القاضي المنتدب تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو واحد أو أكثر من الدائنين.
وتتم دعوة الجمعية لالنعقاد بواسطة إشعار ينشر في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية
والقضائية واإلدارية ،ويعلق في لوحة معدة لهذا الغرض في المحكمة ،كما يمكن الدعوة إلى انعقادها
بواسطة استدعاء يوجه إلى الدائنين في موطنهم المختار ،أو بطريقة الكترونية.
ولصحة مداوالت جمعية الدائنين ،يشرط أن يحضرها الدائنون الذين يمتلكون على األقل ثلثي
ا لديون المصرح بها ،وفي حالة عدم توفر هذا النصاب يحرر رئيس الجمعية –السنديك -محضرا بهذا
الشأن ،ويحدد فيه تاريخا جديدا النعقاد الجمعية على أال يتجاوز أجل عشرة أيام من تاريخ انعقادها،
وينشر إشعار بذلك في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية وتكون حينها المداوالت صحيحة أيا
3
كان مبلغ الدين الذي يمتلكه الحاضرون.
56
وتتخذ القرارات التي يتم التداول فيها في جمعية الدائنين بموجب محضر اجتماع يحرره رئيس
الجمعية عندما يوافق عليها الدائنون المالكون الحاضرون لمبلغ إجمالي للديون يمثل أكثر من نصف مبلغ
ديون الدائنين الذين شاركوا في التصويت .وتكون قرارات الجمعية المتخذة بصورة قانونية ملزمة
1
للدائنين المتخلفين عن الحضور.
وتفضي مداوالت جمعية الدائنين إلى الموافقة على مشروع مخطط التسوية المقترح من قبل
السنديك ،يقوم هذا األخير في اليوم الموالي لتاريخ انعقاد الجمعية برفع المخطط المصادق عليه إلى
2
المحكمة ،للمصادقة عليه داخل اجل عشرة أيام من تاريخ إحالته عليها.
إذن خالصة القول ،أن جمعية الدائنين تشكل آلية جديدة يساهم من خاللها الدائنون في بلورة
مشروع مخطط التسوية ،وبالتالي شكل قفزة نوعية وقيمة مضافة لمساطر معالجة صعوبات المقاولة ،من
خاللها يتم إشراك الدائنين في اختيار الحل المالئم لوضعية المقاولة ،وفي ذلك تفعيل لآلليات التواصلية
التشاركية داخل المقاولة.
بالرغم من حسنات هذه اآللية الجديدة أي جمعية الدائنين ،إال أنه ما يؤاخذ على المشرع المغربي
أنه حصرها في مرحلة إعداد مشروع التسو ية القضائية دون باقي المساطر وخاصة اإلنقاذ ،وربما ما
يبرر ذلك هو حساسية المرحلة التي تكون المقاولة وصلت إليها من توقف عن الدفع وديون حالة
ومطالب بها من طرف الدائنين ،ولكن ذلك ال يلغي مطلب تمديد مفعول جمعية الدائنين حتى يشمل
مسطرة اإلنقاذ ،وذلك سيرا على نهج المشرع الفرنسي ،خاصة وأن تفعيل جمعة الدائنين في مسطرة
اإلنقاذ من شأنه المساهمة بشكل أكبر في إخراج المقاولة من الصعوبات التي قد تعترضها ،إذا علمنا أنها
في مرحلة اإلنقاذ ال تكون متوقفة عن الدفع ،وبالتالي وضعيتها غير مختلة ويمكن تصحيحها بسهولة
تفاديا للسقوط في مساطر المعالجة.
57
ورغبة منا في مقاربة المقتضيات الجديدة ،ارتأينا تسليط الضوء على جوانب الفعالية في هذه
المساطر وذلك من خ الل الوقوف على حقيقة النفس الجديد الذي أعطاه المشرع لمساطر التسوية
القضائية (الفقرة األولى) ،على أن نحاول الكشف عن مدى تدعيم مسطرة التصفية القضائية (الفقرة
الثانية).
يعتبر مخطط االستمرارية من أهم المخططات التي تعتمدها المحكمة على إثر انتهاء مرحلة
إعداد الحل النهائي ،حيث يقوم السنديك بإعداد الموازنة االقتصادية والمالية واالجتماعية للمقاولة،
وبانتهاء هذه الموازنة يرفع تقريرا إلى المحكمة المفتوحة أمامها مسطرة التسوية.
وتقضي المحكمة بحصر مخطط االستمرارية ،متى ثبت لها إمكانية استمرارية قيام المقاولة
بنشاطها ،وكانت هناك رغبة جدية لتسوية وضعيتها ،وفي ذلك ضمان الستمرارية النشاط االقتصادي
للمقاولة وضمان حد معين من مناصب الشغل ،وكذلك أن يثبت للمحكمة قدرة المقاولة على تسديد
1
خصومها بالشكل المتفق عليه.
وعليه ،فإن توفر الشروط السابقة كفيل بجعل المحكمة تختار حصر مخطط االستمرارية ،ألنه
الحل األمثل إلخراج المقاولة من الصعوبات المتعثرة فيها ،وإيصالها إلى بر األمان ،في حالة التقيد
بااللتزامات المفروضة في إطار مخطط التسوية.
وبعدما يتم حصر مخطط االستمرارية من طرف المحكمة ،وإذا اقتضت الضرورة
بتوقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط ،فإن المشرع كان حكيما وحاول تحري الدقة في
اإلجراءات المصاحبة لذلك ،ومن بين الجوانب التي أحاطها المشرع بالرعاية وإعادة التأهيل العقود
58
الجارية ،1فبالرجوع إلى المادة 588نجدها تنص على أنه " بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ
العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة .ويفسخ العقد بقوة القانون
بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا.
يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح
المسطرة ،وال يترتب عن عدم تنفيذ هذه االلتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة
الخصوم.
عندما ال يختار السنديك متابعة تنفيذ العقد ،يمكن ان يؤدي ذلك الى دعوى للتعويض عن
األضرار يدرج مبلغه في قائمة الخصوم".
غير أنه يمكن للطرف اآلخر تأجيل إرجاع المبالغ الزائدة التي دفعتها المقاولة تنفيذا للعقد إلى
حين البت في دعوى التعويض عن األضرار.
ال يمكن أن يترتب عن مجرد فتح التسوية القضائية تجز ئة أو إلغاء أو فسخ العقد ،على الرغم من
أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي".
من خالل هذه المادة يالحظ أن المشرع المغربي راهن وعقد اآلمال على استمرارية المقاولة في
أفق إسعافها ،فكان بديهيا أن يسند للسنديك مهمة ضمان استمرار العقود الجارية التي تربط المقاولة مع
المتعاملين معها ،دون إرادة المدين –رئيس المقاولة -أو الدائنين.
والمالحظ ،أن المشرع المغربي وضع مصير العقود الجارية بيد السنديك ،ألن هذا األخير هو
األقدر دون شك على معرفة األصلح للمقاولة في إطار الحفاظ على مصالحها ،ألنها في أمس الحاجة
إلى استمرارية نشاطها ،ومادام السنديك يمثل الجهة القضائية ،كان البد أن تتوفر فيه شروط الحياة ومن
2
تم ستكون مصلحة المقاولة بالنسبة إليه هي األولى بالحماية رغما عن مصالح باقي المتدخلين.
1العقود الجارية هي تلك العقود التي انعقدت قبل النطق بفتح املسطرة القضائية ولم تستنفد آثارها الرئيسية يوم النطق بفتح املسطرة
القضائية ،وهي كذلك تلك العقود التي قض ى بفسخها بمقتض ى حكم لم يحز بعد قوة الش يء املقض ي به.
2وهذا ما يستشف من خالل الفرة االولى من املادة " 588بامكان السنديك وحده ان يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة املتعاقد
بشأنها للطرف املتعاقد مع املقاولة "...
59
وبالتالي ،فإن للسنديك وحده سلطة تقديرية في تقرير استمرار أو عدم استمرار ارتباط المقاولة
بهذا النوع من العقود ،وذلك بحسب حاجة المقاولة وفائدة أو عدم فائدة استمرار هذه العقود الجارية أو
1
بعضها أو إحداها.
بالرغم من ذلك ،منح المشرع طبقا للمادة 588للمتعاقد مع المقاولة الحق في طلب الفسخ،
ويكون هذا الفسخ بقوة القانون إذا وجه طلب للسنديك بذلك وظل دون جواب لمدة تفوق شهر .كما أن
المشرع فرض على المتعاقد مع المقاولة الوفاء بالتزاماته رغم عدم تنفيذ المقاولة اللتزاماتها السابقة لفتح
مسطرة المعالجة ،وهذا األمر يشكل نفس جديد لمسطرة التسوية القضائية ،إذ انتصر المشرع للمصلحة
االقتصادية للمقاولة ضدا على أي مقتضى قانوني آخر أو شرط تعاقدي.
وفي إطار المادة 588دائما وحماية لمصلحة فئة مهمة داخل المقاولة أي األجراء الذين
يعتبرون من أهم األهداف التي يسعى القانون إلى حمايتها ،ألزم المشرع إذا كانت هذه االستمرارية
ستؤدي إلى فسخ عقود الشغل أن يتم إشعار المندوب اإلقليمي للشغل ،وعامل العمالة المعني من طرف
السنديك ،وذلك تحت طائلة عدم سريان هذا الفسخ ،وهذا من باب السهر على منح هؤالء األجراء كل
الضمانات المخولة لهم في هذا السياق بمقتضى مدونة الشغل.
ويسجل للقانون رقم 17.73من خالل الفقرة األخيرة من المادة 588إقرار استثناء عقود الشغل
من تطبيق المقتضيات أحكام العقود الجارية -وحسن فعل المشرع -فقد شكل عدم إدراج هذا االستثناء
في نظام صعوبة المقاولة منذ 1996نقطة ضعف كبيرة في نظام المساطر الجماعية ،ويكون القانون
المغربي بذلك قد سار على خطى نظيره الفرنسي ،وتشكل هذه اإلضافة ثورة في نظام العقود الجارية،
في إطار القانون المغربي.
كما أنه وفيما يتعلق بسلطات المحكمة في اشتراط عدم قابلية تفويت بعض األموال في الحكم
الذي يحصر مخطط االستمرارية أو يغيره إال بإذنها ،وتحدد المحكمة مدة هذا المنع الذي يمكن أن يشمل
2
كل مدة تنفيذ مخطط االستمرارية أو جزء منها فقط.
وبغية اطالع ا لمتعاملين مع المقاولة واألغيار على هذا المنع ومعرفة نوع وطبيعة األموال
المشمولة به ،نصت الفقرة األخيرة من المادة 526على ضرورة تقييد ذلك بالسجل التجاري للمقاولة،
وذلك حتى يكونون على بينة من طبيعة ومدى ذلك المنع ،وهو نفس ما كانت تنص عليه المادة 594من
المقتضيات السابقة الملغاة من مدونة التجارة.
60
غير أن ،المادة 526جاءت بتحصين هام وجديد ألموال المقاولة ،ذلك أنه فضال على ضرورة
تسجيل الحكم القاضي بإمكانية تفويت هذه األموال بالسجل التجاري للمقاولة ،فإنه يجب أن يتم التقيد
كذلك عند االقتضاء بسجالت المحافظة على األم الك العقارية ،وكذا بالسجالت الخاصة بتسجيل السفن
والطائرات ،وباقي السجالت األخرى المعدة لهذا الغرض ،حسب الحالة.
وهذا كما سبقت اإلشارة ،من باب تعزيز الضمانات للمتعاملين مع المقاولة ،وتوضيح وضعتها
لألغيار ،وسد باب التحايل الذي يمكن أن يشوب هذه المرحلة ،وما يزكي هذا هو تنصيص القانون على
عدم مواجهة المشتري حسن النية بالبطالن في حالة عدم القيام بهذا التسجيل.
وفيما يتعلق بتصفية الخصوم ،أضاف المشرع إمكانية المحكمة في عدم تأجيل أداء الديون
الصغيرة في حدود نسبة ،% 5من مجموع المبالغ المعتمدة في المخطط شريطة أال يتجاوز كل واحد
منها نسبة % 0.5من المبالغ المذكورة ،وذلك من باب حماية الدائنين -الذين إن صح القول -غير
الرئيسيين بالنسبة للمقاولة.1
وبالرجوع للمادة 695فانه ال يمكن للكفيل المتضامن أو غير المتضامن أن يتمسك بمخطط
االستمرارية ،وبالتالي ال يمكنهم التمسك أو االحتج اج بما تم تضمينه في مخطط االستمرارية من آجال
جديدة للديون أو تخفيضات لهذه الديون بنسبة معينة ،بحيث يمكن الرجوع عليهم عند حلول اآلجال
2
األولى للديون وبقيمتها كاملة دون تخفيض.
وفي عالة عدم تنفيذ المقاولة اللتزاماتها المحددة في المخطط أو لم تحترم أجل تنفيذها ،فإن
المشرع نص على أنه "يتعين" عوض "يمكن" للمحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين وبعد
االستماع إلى السنديك واستدعاء رئيس المقاولة ،بفسخ المخطط وتقرير التصفية القضائية ،وفي إعادة
هذه الصياغة إجبار على والوجوب وليس جواز سلوك هذا اإلجراء ،بمعنى أن المحكمة ملزمة بسلوك
مسطرة الفسخ وليست مخيرة كما كان في السابق ،وهذا ما تنص عليه المادة 630إذ ورد فيها " إذا لم
تنفذ المقاولة التزاماتها المحددة في المخطط ،أو لم تنفذ هذا المخطط في اآلجال المحددة ،يتعين على
61
المحكمة أن تقضي تلقائيا أو بطلب من أحد الدائنين ،وبعد االستماع إلى السنديك واستدعاء رئيس
المقاولة ،بفسخ مخطط االستمرارية وتقرير التصفية القضائية للمقاولة."...
ومن المقتضيات الجديدة التي نصت علها هذه المادة هي استدعاء رئيس المقاولة قصد استفساره
عن الدواعي التي جعلته ال يتقيد بااللتزامات المنصوص عليها في إطار مخطط االستمرارية ،هذا األمر
لم يكن منصوص عليه من قبل.
إذن ،يالحظ أن المشرع المغربي حاول من خالل المقتضيات الجديدة التي أدخلها على مسطرة
التسوية القضائية ،خاصة في شقها المتعلق باعتماد مخطط التسوية من بث نفس جديد في جوهر مسطرة
التسوية القضائية ،وهذا أمر ي حسب له ،ولعل استثناء عقود الشغل من السلطة التقديرية للسنديك يبقى
إضافة نوعية تنضاف للتشريع المغربي الذي يعنى بمصير المقاولة.
إن المقتضيات التي تنظم مخطط التفويت لم يطرأ عليها أي تغيير ،إذ عملت المادة 635من
القانون رقم 17.73على تحديد الغرض من التفويت ،والذي هو اإلبقاء على نشاط المقاولة الذي من
شأنه أن يستغل بشكل مستقل والمحافظة على كل أو بعض مناصب الشغل.
فالمحكمة يمكنها أن تقض ي باعتماد مخطط لتفويت المقاولة ألحد األغيار كحل آخر في إطار
التسوية القضائية ،وذلك متى اتضح لها من جهة أنه ال توجد هناك أي إمكانية من أجل استمرار المقاولة
بنفس المسير أو المسيرين ،سواء لرفض أو عدم قدرة هؤالء اآلخرين عن تقديم تمويالت جديدة من أجل
إنقاذ المقاولة ،أو لرفض الدائنين تقديم تضحيات جديدة وتمسكهم بتحصيل ديونهم ولوجود عروض جدية
تم تقديمها من األغيار من اجل ذلك.
ويكون التفويت كليا أو جزئيا ،وفي هذه الحالة األخيرة يجب أال يؤدي إلى إنقاص قيمة األموال
غير المفوتة ،ويجب أن يتعلق بمجموع عناصر اإلنتاج الت ي تكون قطاعا أو عدة قطاعات ألوجه النشاط
كاملة ومستقلة ،كما أنه وفي حالة غياب مخطط الستمرارية المقاولة ،تباع األمالك غير المضمنة في
مخطط التفويت ،ويمارس السنديك كل الحقوق ويقيم كل الدعاوى الخاصة بالمقاولة وفق الكيفية والطرق
1
المنصوص عليها بشأن التصفية القضائية.
62
والمالحظ على مخطط التفويت مقارنة مع مخطط االستمرارية ،أنه أكثر ضررا بالنسبة لرئيس
المقاولة ويشكل خطورة على ملكيته للمقاولة ،خاصة وإذا علمنا أن التفويت ينقل الملكية إلى األغيار
الذين يتقدمون بعروض إلى السنديك أثناء فترة إعداد الحل ،وذلك طبقا للمادة 598من القانون رقم
، 17.73التي منحت لألغيار بمجرد فتح مسطرة التسوية تقديم عروض إلى السنديك بهدف الحفاظ على
المقاولة.
وما يسجل للمشرع المغربي في هذا اإلطار ،أنه منع بموجب الفقرة األخيرة من المادة 598
العروض التي يتقدم بها مسيرو المقاولة سواء تقدموا بها بصورة مباشرة أو عن طريق شخص وسيط،
وذلك حماية وصيانة لحقوق الدائنين ،وكذا منعا للتحايل الذي قد يؤدي إلى اإلضرار بمصالح المقاولة.
باستثناء هذين النقطتين بقيت جل المقتضيات التي تنظم التفويت كما هي سواء تعلق األمر
بالتزامات المفوت إليه ،أو فيما يخص اآلثار المترتبة عن حصر مخطط التفويت ،أو قفل المحكمة
لمسطرة التفويت ،وهذا ما جعلنا نعنون الفقرة بمظاهر الجمود.
من خالل القانون 73.17عمل المشرع بالنص ع لى مقتضى جديد يتعلق بحالة فتح هذه
المسطرة ،فبعد ما كان يشير الى انها تفتح في وجه كل مقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه ،عمل على
إعادة الصياغة ،إذ باإلشارة الى انها تفتح تلقائيا او بطلب من رئيس المقاولة ،أو الدائن أو النيابة العامة،
إذا تبين أن المقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه ،كما أنه حافظ على جل المقتضيات الخاصة بهذه المرحلة،
باستثناء بعضها و يتعلق األمر بمرحلة بيع االصول ،خصوصا في المادة 657التي تنص " يمكن
للسنديك بترخيص من القاضي المنتدب و رئيس المقاولة أن يقوم بمصالحة و إبرام صفقة تخص
جميع النزاعات التي تهم الدائنين جماعة بما فيها الحقوق و الدعاوى العقارية" .عند ابرام السنديك
للمصالحة بشأن صفقة تخص نزاعات جميع الدائنين وذلك بترخيص من القاضي المنتدب ،و رئيس
المقاولة محل التصفية ،تم الغاء المقتضى المتعلق بمصادقة المحكمة ،إذا تعلق االمر بصفقة غير
محدودة ،او تتجاوز االختصاص النهائي للمحكمة.
إذ أن مدونة التجارة السابقة في الفقرة الثانية منه تنص على مصادقة المحكمة تحت طائلة عدم القبول
تنص 1أما االن في ظل مدونة التجارة الجديدة فأنه بإمكان السنديك ابرام االتفاق بعد الحصول على االذن
من القاضي المنتدب.
1حيث تنص المادة 652من مدونة التجارة سابقا خصوصا في الفقرة الثانية ان دلك قائم على مصادقة المحكمة اد تنص في الفقرة التانية"ادا كان
موضوع المصالحة او الصفقة دا قيمة غير محدودة او تتجاوز االختصاص النهائي للمحكمة ،فإنها تخضع لمصادقة المحكمة"
63
أما فيما يتعلق بقفل المسطرة ،فأن أ هم مستجد جاء به القانون ،ما يتعلق بحالة قفل التصفية
القضائية و العمليات الخاصة بها ،الى امكانية اعادة فتح هذه المسطرة بطلب من كل دي مصلحة ،و
بموجب حكم معلل متى تبين ان هناك اموال لهم لم يتم تحقيقها ،او دعاوى لم تباشر لفائدة الدائنين ،و من
شأنها اعادة تأسيس أصول المقاولة و هذ ا فيه تدارك ألمر عدم تحقيق بعض األصول ،احيانا ألسباب
عدة ،مما يمكن ان تضيع معه حقوق دائنيها ال سيما إذ ا ما كانت قيمتها مرتفعة ،يمكن ان تأثر في سير
المسطرة ،و السؤال الذي يطرح هنا حول ما إذا تم إعادة فتح مسطرة التصفية وظهور اصول جديدة
للمقاولة مما سيجعلها غير مختلة بشكل ال رجعة فيه ،من شأنه أن يعيد فتح مسطرة أخرى غير التصفية
القضائية ،فالظاهر ان الفقرة االخيرة من المادة 669من المدونة تجيز اعادة فتح مسطرة التصفية
1
لفائدة ،الدائنين ،فماذا عن مصلحة المقاولة و امكانية استمرارية نشاطها ؟
من خالل ما تم النص عليه اعاله ،يتبين ان ما جاء به المشرع من مقتضيات منظمة لتصفية
القضائية في القانون 73.17يعد امرا غاية في االهمية ،خصوصا ان هذا فيه ضمان لحقوق الدائنين و
استخالص ديونهم ،على اكمل وجه ،بالرغم من اننا كنا نأمل ،ان يتجاوز المشرع االرتباك التشريعي
الدي يطال جرائم التفالس التي تدان بها المقاولة ،لكن لم يتم ذلك ،وهذا ما يزيد من تأكيد فرضية الوجود
الهيكلي لنيابة العامة ،و الغياب الوظيفي لها داخل المحكمة التجارية ،التي نأمل في يوم من االيام ،ان
تعزز وظائفها داخل هدا النوع من المحاكم و مع ذلك فالقانون ،73.17يشهد له بالدقة بخصوص كل ما
يتعلق بمسطرة التصفية القضائية ،وهو ما يستشف من المستجدات المنظمة في طياته.
خاتمة
في الختام ما يسعنا القول سوى أن هذا الموضوع ،ما هو إال محاولة ألثارة النقاش القانوني ،و تقديم ما
سمحت به الفرصة من معلومات و اجتهادات لمست بشكل أو بأخر موضوع "نقائص مساطر صعوبات
المقاولة"
وبعد أ ن تعرضنا لثغرات التي عانت منها النصوص القانونية المنظمة للكتاب الخامس المتعلق
بصعوبات المقاولة ،وبالنظر الى الدور الفعال الذي تلعبه المقاوالت و الذي يتجسد في جلب االستثمارات
االجنبية و تشجيع المقاولين المغاربة على اللجوء الى النشاط المقاوالتي و ما في دلك من توفير
لمناصب الشغل و تحريك عجلة االقتصاد ،عمل المشرع و هو في اطار حفاظه على المقاوالت
بالمغرب ،ابتدع قانون جديد عرف بالقانون 73.17المتعلق بصعوبات المقاولة و الدي جاء معدال و
معوضا للقانون 15.95خصوصا في الكتاب الخامس منه ،راهن المشرع من خالله على رؤية جديدة
إلصالح المقاوالت المتعثرة بالمغرب ،فكما نعلم جميعا ان تدعيم القوانين و تنظيمها جيدا فيه كسب لثقة
المستثمرين و اغرائهم باللجوء الى اختيار المقاوالت داخل المغرب ،لذلك لوحظ ان ما قام به المغرب
في ميدان االعمال من خالل القانون 73.17يعد قفزة تشريعية محكمة عرفها المغرب.
ذلك أ ن هدا القانون جاء بمقتضيات جديدة على درجة من االهمية ،حيث تم التخلي عن مجموعة من
المقتضيات التي اعترت القانون القديم وعطلت وضيفته في انقاد المقاولة ،كما ان احداث مسطرة اإلنقاذ
و ما تتوفر عليه من امتيازات ،كألية لحماية المقاولة يعد امرا جد فعال ،حيث اعتبر البعض ان هذه
المسطرة تعد مفاجئة من العيار الثقيل ليصبح عدد المساطر االن ست مساطر كلها في خدمة المقاولة،
64
فبعدما كان الكل متحمسا لصدور القانون القديم المعنون بإجراءات الوقاية و المعالجة من صعوبات
المقاولة ،كل اآلمال كانت معقودة عليه بالنظر الى الترسانة التشريعية التي فيها من الجمالية و الروعة
في التسطير ،قابلتها بعد مرور بضع سنوات قليلة االزمة في التطبيق جاء المشرع بالقانون 73.17لكن
على الرغم من كل المجهودات المبذولة بخصوص هذ ا القانون ،اال ان هناك ثغرات لم يتجاوزها المشرع
دلك ان ضعف تفعيل دور االجهزة المتدخلة في مساطر صعوبات المقاولة وكذلك فشل تدبير الزمن
القانوني و القضائي كانوا السبب في فشل القانون القديم و على الرغم من المقتضيات المتضمنة في
القانون 73.17و الهادفة الى تفادي هذه المشاكل اال ان هناك اشكاالت لم يتم تفاديها.
لكن على العموم فهذا القانون يحسب للتشريع المغربي ،ألنه تضمن إيجابيات عديدة .و ما ينبغي القول
أن تعثر المقاوالت بالمغرب ال يحصر في التشريع المنظم لها ،بل هو نتيجة مجموعة من األسباب
األخرى التي يجب النظر فيها لعل أولها ،عقلية المقاولين المغاربة ،تمهيد األرضية الالزمة ،تحديد
المسؤولية عن الفشل ،باإلضافة إلى ضعف تدخل الدولة من خالل العمل على مساندة المقاوالت كما أن
الرهان الذي يعمل المشرع على تحقيقه في هذا المجال و الذي يتجسد في اإلنتقال من قضاء المنازعة
إلى قضاء المبادرة يعد أمرا صعبا في غياب أي تكوين للقضاة و تأهيلهم في ميدان األعمال ،باإلضافة
إلى قلة عدد المحاكم التجارية و غيرها من العوامل.
في األخير تبقى مسألة دخول القانون 73.17المتعلق بصعوبات المقاولة حيز التنفيذ أمر جيد و رؤية
جديدة حول واقع سياسة النهوض بالمقاوالت بالمغرب ،لكن األمر ال يرتبط فقط بالتشريع .فالتشريع
السليم رهين بالتطبيق الجيد من قبل القضاء و هذا األخير بدوره بحاجة لمجموعة من اآلليات التي
ستحفزه في أداء المطلوب منه ،و ال زلنا متفائلين بهذا الخصوص ألن مجهودات المغرب في هذا المجال
قائمة و من األولويات ،لذلك نطمح لزيادة تدخل الدولة في هذا المجال و النهوض بالقطاع المقاوالتي و
الرقي به في المراتب العليا.
65
الئحة المراجع
الكتب
✓ احمد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض
المقاولة ،و مساطر معالجتها ،الجزء األول ،الطبعة الثالثةـ ،2006مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط .
✓ محمد كرم ،الموجز مساطر صعوبة المقاولة في التشريع المغربي ،الجزء األول،
الطبعة األولى ،2010 ،المطبعة الوراقة الوطنية ،مراكش.
✓ عبد الرحيم شميعة ،إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة طبقا للقانون
رقم ،81.14الطبعة األولى ،2015 ،مطبعة مكتبة سجلماسة ،مكناس.
✓ عبداللطيف الشنتوف ،دور رئيس المحكمة التجارية في وقاية المقاولة من
الصعوبات ،الطبعة األولى ،2012مكتبة دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع،
الرباط.
✓ عالل فالي ،مساطر معالجة صعوبات المقاولة ،الطبعة الثانية ،2015دار السالم
للطباعة و النشر والتوزيع ،الرباط.
✓ أحمد شكري السباعي ،الوسيط في الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر
معالجتها ،الجزء الثاني ،الطبعة الثانية ،2007 ،دار نشر المعرفة ،الرباط.
✓ أحمد الفروجي ،وقف عن الدفع في قانون صعوبات ،2005 ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء.
✓ عبدالواحد الصفوري ،التوقف عن الدفع بين الفقه والقانون و القضاء ،الطبعة
األولى ،2008مطبعة إبن سينا ،الدار البيضاء.
✓ أمحمد لفروجي ،وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة ،دراسة تحليلية و
نقدية في ضوء القانون المغربي و القانون المقارن.
✓ االستاد احمد شكري السباعي ،الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي
تعترض المقاولة و مساطر معالجتها ،الجزء الثالث ،2006 ،مطبعة المعارف
الجديدة ،الرباط.
✓ عبد الرحيم شميعة ,شرح احكام صعوبات المقاولة في ضوى القانون ،73.17
الطبعة الثانية ،مطبعة مكتبة سجل ماسة .مكناس طبعة 2018
✓ مصطفى بونجة مساطر صعوبات المقاولة وفق للقانون رقم 73.17دراسة عملية و
تحليلية للكتاب الخامس من مدونة التجارة في ضوء مستجدات القانون 73.17
الصادر بتاريخ ، 2018/04/23الطبعة األولى.2018 ،
✓ كريم أيت بال ،استمرارية المقاولة في اطار التسوية القضائية على ضوء العمل
القضائي ،دار السالم للطباعة والنشر ،الرباط ،الطبعة األولى .2008
66
✓ فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد الجزء االول ،نظرية التاجر و النشاط
التجاري ،الطبعة االولى 2015الجزء االول
✓ خديجة مضي :محاضرات في مادة مساطر الوقاية و المعالجة من صعوبات
المقاولة ،الطبعة األولى.2015/2014 ،
المجاالت
✓ عمر السكتاني ،المجلة المغربية لدراسات و االستشارات القانونية العدد 3-2السنة
الثانية الطبعة االمنية الرباط
✓ مينة أكنسوس ،وقاية ومعالجة صعوبات المقاولة ،دراسة مقارنة للقوانين المغربية
والفرنسية ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد 1998 ،82
✓ مجلة المحامي دورية تصدر عن هيئة المحامين بمراكش عدد خاص بالمنازعات
التجارية ،العدد 71يوليوز . 2018
✓ ادريس بن شقرون ،القاضي و صعوبات المقاولة ،مجلة القصر ،ع ،4يناير 2003
✓ نور الدين لعرج ،التوقف عن الدفع و إشكاالته ،الندوة الجهوية الثامنة حول موضوع
"صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خالل إجتهادات المجلس األعلى"،
طنجة 22-21 ،يونيو 2007
✓ محمد قرطوم ،التوقف عن الدفع و سلطة القضاء في إستجابة لطلبات التسوية ،مجلة
المحاكم التجارية وزارة العدل العدد ،1ماي 2004
✓ نهال اللواح ،مستجدات القانون 17 . 23المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة -
مساطر الرقابة صعوبات المقاولة نموذجا ،سلسة المحامي العدد 71سنة 2018
األطروحات و الرساالت
✓ عبدالرحيم شميعة ،اآلليات القانونية لتدخل المساهم الغير المسير في تدبير شركة
المساهمة نحو حكامة جيدة ،أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في الحقوق ،فاس /2011
.2010
✓ كمال دزاز ،قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة مسطرة الوقاية " إجراءات
الوقاية و اإلنقاذ نموذجا" ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة
موالي اسماعيل مكناس ،السنة الجامعية 2016/2015
✓ فات حة مشماشي "أزمة معالجة صعوبة المقاولة" أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في
القانون الخاص السنة الجامعية 2007-2006
القوانين
✓ ظهير شريف رقم 1.96.83صادر في 15من ربيع األول ( 1417فاتح أغسطس
)1996بتنفيذ القانون رقم 15.96المتعلق بمدونة التجارة.
67
✓ القانون رقم 73.17القاضي بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من القانون رقم
15.96المتعلق بمدونة التجارة.
✓ القانون رقم المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف
1.96.124صادر في 14من ربيع اآلخر 30( 1417أغسطس .)1996
✓ ظهير الشريف رقم 1.97.49الصادر في 5شوال 13 ( 1417فبراير )1997
بتنفيذ القانون رقم 5.96المتعلق بشركة التضامن و شركة التوصية البسيطة و
شركة التوصية باألسهم و الشركة ذات المسؤولية المحدودة و شركة المحاصة.
✓ ظهير الشريف رقم 1.99.12صادر في 18من شوال 5( 1419فبراير )1999
بتنفيذ القانون رقم 13.97المتعلق بالمجموعات ذات النفع اإلقتصادي.
✓ ظهير شريف رقم 1.03.194صادر في 14من رجب 11( 1424سبتمبر )2003
بتنفيذ القانون 65.99المتعلق بمدونة الشغل.
المقاالت و المواقع اإللكترونية
✓ حنان البكوري ،محاضرات في قانون صعوبة المقاولة.
✓ تقديم مشروع قانون رقم 73.17المتعلق بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة
التجارة القانون رقم ،15.95فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة ،بتاريخ 9أبريل
.2018
✓ ثغرات و عيوب مساطر صعوبات المقاولة ،مجلة البحوث القانونية 28 ،أبريل
.2015
✓ قانون األعمال ،المجلة القانونية ،المنشور عبر الرابط:
www.alkanounia.com
✓ مساطر صعوبات المقاولة ،ثغرات و العيوب ،مجلة قانون األعمال ،المنشور عبر
الرابط:
www.droitetentreprise.com
الأحكام و القرارات
68
حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء ،رقم 99/103بتاريخ 5يناير ✓
1999في ملف عدد 98/3894مأخوذ من موقع المعرفة القانونية.
حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرباط عدد 33بتاريخ 2000/11/8في الملف ✓
رقم 99-3-5
قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالرباط بتاريخ 2007/6/7في ملف ✓
رقم .017
حكم رقم 344الصادر بتاريخ 2016/07/15في الملف رقم 2016/8316/111 ✓
بالمحكمة التجارية بمراكش ،غير منشور.
قرار صادر عن محكمة اإلستئناف التجارية بمراكش ،رقم 1133بتاريخ 07/20 ✓
2016في الملف رقم .2015/8319/172
حكم صادر عن المحكمة التجارية طنجة في الملف رقم 8319/15بتاريخ ✓
.2015/10/22
69
الملحق
70
71
72
73
الفهرس
مقدمة 2.................................................................................................................................
الفصل األول :أزمة معالجة صعوبات المقاولة قبل تعديل الكتاب الخامس من م ت 4.....................................
74
الفقرة الثالثة :االشكاالت المتعلقة بواقعة التوقف عن الدفع 27 ............................................................
الفقرة االولى :قصور مبدأ اإلستمرارية و إشكالية العقود الجارية 29 ....................................................
الفصل الثاني :القانون 73.17القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة وهاجس الحفاظ
على المقاولة34 ......................................................................................................................
المبحث األول :إعادة تأهيل مساطر الوقاية كآلية لحماية المقاولة 34 ....................................................
الفقرة األولى :مسطرة الوقاية الداخلية في ضوء القانون 34 .................................................... 73.17
الفقرة الثانية :إعادة هيكلة مسطرة الوقاية الخارجية على ضوء 37 ............................................ 73.17
المبحث الثاني :القانون 73.17و رهان إصالح المسطرة القضائية للمعالجة 46 ......................................
المطلب األول :محاولة تشريعية لتالفي إشكاالت ما قبل حصر المخطط 46 ...............................................
75
الفقرة الثانية :تدعيم مسطرة التصفية القضائية 63 ...........................................................................
76