You are on page 1of 26

‫جامعة عبد المالك السعدي‬

‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬


‫بــــــتطــــــــوان‬

‫شعبة‪ :‬القانون الخاص‬


‫مــــــــاستر‪ :‬قــــــــــانـون األعمــــــــــــال‬
‫وحدة‪ :‬القانون البنكي‬

‫عرض حــــــــــــول موضـــــــــــوع‪:‬‬

‫آليات الرقابة بالنسبة للبنوك التشاركية‬

‫مــن إعـــداد الــطـــلــبة الباحثين‪:‬‬

‫مريم بيلـــــــــــول‬ ‫محمد الخطـــــابي‬


‫لـيلى بــــــــــــوكر‬ ‫رضوان الخمليشي‬
‫هدى بــــــــــــــوكر‬ ‫عصـــام الحمدوني‬
‫إكرام الـــســنون‬ ‫زكيـــــــة بوشعــرة‬

‫تــــحـــت إشــــــــراف األستـــــــــاذة‪:‬‬


‫رشيدة بنسرغين‬

‫السنة الجامعية‪2022-2021 :‬‬


‫ي‬ ‫ح‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫ـ‬‫ــــ‬ ‫ب‬
‫ـــ م الله الر م ان الر ــــ م‬

‫م ـق ـ ـدم ـ ـة‪:‬‬

‫إن القانون البنكي يتميز بكونه من أبرز القطاعات التي تدعم التنمية االقتصادية والتي‬
‫تدور حول النقود واالئتمان وذلك من خالل تنظيمه للمهنة البنكية وكذا تحكمه في النقود‬
‫والرساميل داخل السوق الوطني‪.‬‬
‫وبالنظر لألهمية التي تحتلها البنوك لكونها تعد الممول الرئيسي للمشاريع االقتصادية‪،‬‬
‫عملت الد ول اإلسالمية على إيجاد صيغة تتالءم وتعاليم الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وتحترم‬
‫خصوصية الدين اإلسالمي‪ ،‬لهذا عملت على احداث ما يسمى بالبنوك اإلسالمية أو التشاركية‪،‬‬
‫والتي تتوافق مع أحكام الشريعة اإلسالمية في جميع المعامالت التي تقدمها لعمالئها‪ ،‬سواء‬
‫كانت هذه المنتجات و دائع أو حسابات بنكية‪ ،‬كما تعمل على تلبية مختلف احتياجات التمويل‬
‫الخاصة بالعميل عبر توفير مجموعة من المنتجات‪.‬‬
‫هذا ويرجع تاريخ العمل بنظام البنك اإلسالمي أو ما يسمى بالبنوك التشاركية إلى سنة‬
‫‪ 1940‬عندما نشأت في ماليزيا "صناديق االدخار" التي تعمل بدون فائدة‪ ،‬وفي سنة ‪1950‬‬
‫انتقلت فكرة التجربة إلى باكستان بوضع خدمات تمويلية تراعي التعاليم اإلسالمية‪ ،‬بيد أن‬
‫هذه التجربة لم تجد لها تطبيقا إال في مصر سنة ‪ 1963‬بإنشاء بنوك االدخار المحلية تحت‬
‫إشراف الدكتور "أحمد النجار"‪ ،‬وقد عرفت هذه التجربة نجاحا وقبوال وتجاوبا كبيرا من لدن‬
‫المواطن المصري المسلم‪ ،‬ورغم قصر عمر هذه التجربة إال أنها أفادت بصفة عامة التمويل‬
‫اإلسالمي وساهمت في تطويره واالهتمام به‪.1‬‬
‫هذا وتشير الدراسات إلى أن أول ظهور لبنك إسالمي مرخص له من طرف السلطات هو‬
‫بنك دبي اإلسالمي لسنة ‪ ،1975‬وقد جاء االهتمام بإ نشاء هذا النوع من البنوك بعد توصيات‬
‫مؤتمر وزراء خارجية الدول اإلسالمية بجدة سنة ‪ 1972‬حيث ورد النص بضرورة إنشاء‬
‫بنك إسالمي دولي للدول اإلسالمية‪.2‬‬
‫أما فيما يخص المشرع المغربي فقد حاول فتح المجال للتعامالت اإلسالمية من خالل السماح‬
‫بتطبيق تجارب محدودة من أجل مواكبة االهتمام بالمالية اإلسالمية‪ ،‬إلى أن بدأ الخوض بشكل‬

‫‪ - 1‬جميلة الهبري‪ ،‬الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة ابن زهر أكادير‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2019/2018‬الصفحة ‪.6‬‬
‫‪ - 2‬محمد حفو‪ ،‬البنوك التشاركية بين غموض النص وتحديات الواقع العملي‪ ،‬مجلة القانون واالعمال عدد ‪ ،17‬مارس‬
‫‪ ،2017‬ص ‪.28‬‬
‫‪1‬‬
‫رسمي تجربة البنوك التشاركية سنة ‪ 2007‬إثر صدور توصية والي بنك المغرب‪ ،3‬التي‬
‫أطرت المنتوج البنكي البديل‪ ،‬وقد اقتصرت هذه الدورية على اعتماد ثالث منتجات فقط‬
‫"المرابحة‪ ،‬المشاركة واالجارة"‪ ،‬إال أنها اعترضتها عدة إشكاالت‪ ،‬لعل أبرزها احتضانها من‬
‫قبل البنوك التقليدية نظرا لغياب بنك إسالمي بالمغرب ‪.4‬‬
‫وأمام ضغط مجموعة من الفاعلين من أجل وضع إطار تشريعي للبنوك اإلسالمية‪ ،‬أعدت‬
‫وزارة االقتصاد والمالية في غشت ‪ 2012‬مسودة رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،5‬والذي خصص شقه الثالث كامال للبنوك التشاركية أو البنوك‬
‫اإلسالمية كما هو متعارف عليه‪ ،‬الشيء الذي منحها قوة تستمدها بكونها جزء من النظام‬
‫البنكي المغربي من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى بصفتها بديال للبنوك التقليدية من خالل آليات‬
‫معامالتها ومنتجاتها التمويلية‪ ،‬حيث عملت المادة ‪ 54‬من خالل القانون رقم ‪ 103.12‬على‬
‫تعريف البنوك التشاركية على أنها‪ " :‬تعتبر بنوك تشاركية األشخاص االعتبارية الخاضعة‬
‫ألحكام هذا القسم‪ ،‬والمؤهلة لمزاولة األنشطة المشار إليها في المادة األولى والمادتين ‪55‬‬
‫و‪ 58‬من هذا القانون وكذا العمليات التجارية والمالية واالستثمارية بصفة اعتيادية بعد الرأي‬
‫بالمطابقة الصادر عن المجلس العلمي األعلى وفقا لمقتضيات المادة ‪ 62‬أدناه‪.‬‬
‫يجب أال تؤدى هذه األنشطة والعمليات المشار إليها أعاله إلى تحصيل أو دفع فائدة أو هما‬
‫معا"‪.‬‬
‫ذلك أن بنك المغرب اعتم د خمسة بنوك تشاركية استنادا إلى مدى جاهزية البنوك للعمل‬
‫من ناحية التجهيز أساسا والمتمثلة في كل من " بنك الصفاء‪ ،‬أمنية بنك‪ ،‬بنك اليسر‪ ،‬األخضر‬
‫بنك‪ ،‬وبنك التمويل واالنماء"‪.‬‬
‫وبغية تتبع األوضاع المالية للبنوك التشاركية والحرص على بلوغ أهدافها فإنها تخضع‬
‫لرقا بة بنكية يقوم بها البنك المركزي ومطابقة شرعية يقوم بها المجلس العلمي األعـــلى‪.‬‬
‫فالرقابة على البنوك التشاركية تشكل أهمية بالغة لكونها تعد ركيزة أساسية في تأمين‬
‫سالمة القطاع البنكي والحفاظ على السياسة النقدية للدولة‪ .‬كما يكتسي هذا الموضوع أهمية‬
‫قانونية تتجلى في ابراز الجه ة الرقابية المتدخلة في الرقابة القانونية والشرعية على مستوى‬
‫البنوك التشاركية‪ ،‬وأهمية اقتصادية بالنظر إلى كون البنوك التشاركية تعتمد باألساس على‬
‫مبدأ المشاركة في توزيع الربح والخسارة‪.‬‬

‫‪ - 3‬توصية بنك المغرب عدد ‪ 2007/33‬المتعلقة بمنتجات االجارة والمشاركة والمرابحة‪ ،‬الصادرة بموجب قرار وزير‬
‫المالية رقم ‪ 984.89‬بتاريخ ‪ 13‬شتنبر ‪.2007‬‬
‫‪ - 4‬أنوار بوهالل وسكينة ألوات‪ ،‬البنوك التشاركية بالمغرب من واقع الفراغ القانوني إلى مرحلة التقنين‪ ،‬المجلة االلكترونية‬
‫لألبحاث القانونية ‪ ،2019‬عدد ‪ ،4‬ص ‪.52‬‬
‫‪ - 5‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.193‬الصادر في فاتح ربيع األول ‪ 24( 1436‬دجنبر ‪ ،)2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪103.12‬‬
‫المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6328‬بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ ،2015‬ص ‪.462‬‬
‫‪2‬‬
‫وبالتالي فإن موضوع "آليات الرقابة بالنسبة للبنوك التشاركية"‪ ،‬يدفعنا إلى طرح إشكالية‬
‫أساسية وهي كالتالي‪:‬‬
‫إلى أي حد ت وفق المشرع المغربي في إضفاء رقابته على البنوك التشاركية من خالل‬
‫اآلليات الرقابية للبنك المركزي والرقابة الشرعية للمجلس العلمي األعلى؟‬
‫ومن أجل مراقبة هذه اإلشكالية واالجابة عنها‪ ،‬ارتأينا توظيف مجموعة من المناهج العلمية‬
‫لما لها من دور كبير في تنظيم البحوث العلمية من خالل اعتماد المنهج التحليلي لدراسة‬
‫النصوص القانونية المؤطرة لهذا الموضوع‪ ،‬باإلضافة إلى المنهج الوصفي من خالل التطرق‬
‫ألبرز ا لنظم الرقابية سواء المتعلقة بالرقابة البنكية التي يمارسها بنك المغرب‪ ،‬أو الرقابة‬
‫الشرعية للمجلس العلمي األعلى ووظيفة التقيد‪.‬‬
‫ولإلحاطة بالموضوع ارتأينا تقسيمه إلى مبحثين‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الرقابة القانونية عىل البنوك التشاركية‬

‫المبحث الثان‪ :‬الرقابة ر‬


‫الشعية عىل البنوك التشاركية‬ ‫ي‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‪:‬‬
‫الرقاب ــة الق ــان ــونـ ـي ــة عـ ـلــى الـ ـبـ ـنــوك‬
‫ال ـتـ ـ ـشــارك ـيــة‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الرقابة القانونية عىل البنوك التشاركية‬

‫تعد البنوك التشاركية جزءا ال يتجزأ من الجهاز البنكي المغربي‪ ،‬لذا فهي بحاجة لمراقبة‬
‫قانونية تتولى تيسير عملها‪ ،‬وذلك حفاظا على مراكزها المالية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى‬
‫تعزيز الثقة في نفوس المتعاملين معها عامة والمودعين خاصة‪ ،‬وبهذا أضحت الرقابة القانونية‬
‫بنوعيها الداخلية والخارجية من أهم األبعاد األساسية للعمل المصرفي‪.‬‬

‫فيما يتعلق بالرقابة الداخلية فهي تمارس من قبل كل من مراقب الحسابات والمودعين‬
‫المطلب األول‪ ،‬أما بالنسبة للرقابة الخارجية وهي عنوان المطلب الثاني فتشمل رقابة بنك‬
‫المغرب ورقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬آليات الرقابة الداخلية عىل البنوك التشاركية‬

‫من أجل اإلحاطة بهذا المطلب ارتأينا تقسيمه إلى فقرتين‪ ،‬فيما يخص الفقرة األولى‬
‫فسنتطرق فيها لدور مراقب الحسابات في مراقبة البنوك التشاركية‪ ،‬على أن نخصص الفقرة‬
‫الثانية من هذا المطلب‪ ،‬للحديث عن رقابة المودعين للبنوك التشاركية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬دور مراقب الحسابات يف بسط الرقابة الداخلية‬

‫نظرا لما تتطلبه الرقابة الحسابية والمالية من خبرات فنية ومحاسبية‪ ،‬فإن المشرع ألزم‬
‫البنوك التشاركية بضرورة تعيينها لمراقبين اثنين للحسابات وذلك بعد موافقة بنك المغرب‪،‬‬
‫فمن بين أهم شروط مزاولة هذه المهمة نجد ضرورة التقييد في جدول هيئة الخبراء‬
‫المحاسبين‪ ،‬وأال يكون ‪-‬ممارسها‪-‬من األشخاص الوارد تعدادهم في المادة ‪ 161‬من القانون‬
‫رقم ‪ 17.956‬المتعلق بشركة المساهمة‪ ،‬ناهيك عن التوفر على جميع ضمانات االستقالل‬

‫‪ -6‬ظهير شريف رقم ‪ 1.96.124‬صادر في ‪ 14‬من ربيع اآلخر ‪ 30 ( 1417‬غشت ‪ ،)1996‬بتنفيذ القانون رقم ‪17.95‬‬
‫المتعلق بشركة المساهمة‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 4422‬بتاريخ ‪ 4‬جمادى اآلخرة ‪ 17( 1417‬أكتوبر ‪ ،)1996‬ص‪.2320 :‬‬
‫‪5‬‬
‫بالنسبة إلى المؤسسة الخاضعة للمراقبة وكذا أال يكونا ممثلين أو منتمين لمكاتب تجمع بينهما‬
‫روابط‪.‬‬

‫ونشير في هذا الصدد أن مهمة مراقب الحسابات على البنوك التشاركية تكمن باألساس في‬
‫التحقق من جميع دفاتر البنك ومستنداته وسجالته‪ ،‬والتحقق من موجودات البنك والتزاماته‪،7‬‬
‫وكذا التأكد من مدى احترام التدابير المتعلقة بقواعد المحاسبة والقواعد االحترازية ونظام‬
‫المراقبة الداخلية‪.8‬‬

‫وننوه هنا أنه إلى جانب المهمة السابقة فهم معنيون بمهمة أخرى تم تحديدها بموجب المادة‬
‫‪ 100‬من القانون المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة (‪ 9)103.12‬في حكمها حيث‬
‫نصت المادة المذكورة على ما يلي‪" :‬يعهد إلى مراقبي الحسابات بمهمة مراقبة الحسابات وفقا‬
‫ألحكام القسم السادس من القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركة المساهمة‪ ،‬التأكد من احترام‬
‫التدابير المتخذة تطبيقا ألحكام المواد ‪ 71‬و‪ 76‬و‪ 77‬أعاله‪ ،‬والتحقق من صدق المعلومات‬
‫المقدمة إلى الجمهور ومطابقتها"‪.‬‬

‫باإلضافة لذلك يقوم مراقبو الحسابات بإعداد تقارير يبينون فيها نتائج قيامهم بمهمتهم وتبلغ‬
‫إ لى بنك المغرب‪ ،‬كما يجب عليهم إبالغ والي بنك المغرب بكل فعل أو قرار يطلعون عليه‬
‫و يشكل خارقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها إذا كان من شأن ذلك أن‬
‫يضر بالوضعية المالية للبنك التشاركي‪ ،‬أو أن يعرض استمرار استغالل البنك للخطر‪ ،‬أو أن‬
‫يؤدي إلى تقديم تحفظات أو إلى رفض اإلشهاد على الحسابات‪.10‬‬

‫‪ - 7‬جميلة الهبري‪" :‬الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية"‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحتان‪ 64 :‬و‪.65‬‬
‫‪ - 8‬دون ذكر اسم صاحب المقال‪" :‬البنوك اإلسالمية بالمغرب (البنوك التشاركية)"‪ ،‬تجدونه على الموقع اإللكتروني التالي‪:‬‬
‫‪https://cfmota.blogspot.com/2019/04/blog-post.html?m=1.‬‬
‫‪ 9‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.193‬صادر في تاريخ ربيع األول ‪ 24( 1436‬ديسمبر ‪ ،)2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪103.12‬‬
‫المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبر في حكمها‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 6328‬بتاريخ فاتح ربيع الثاني ‪22 ( ،1436‬‬
‫يناير ‪ ،)2015‬ص‪.462 :‬‬
‫‪ - 10‬دون ذكر اسم صاحب المقال‪" :‬البنوك اإلسالمية بالمغرب (البنوك التشاركية)"‪ ،‬م س‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫وتنتهي مهام مراقبي الحسابات‪ ،‬إما طبقا للقواعد العامة‪ ،‬أو إذا تدخل بنك المغرب‬
‫إلنهائها‪ ،11‬بحيث جاء في منطوق المادة ‪ 106‬من قانون ‪ 103.12‬على أنه في حالة عدم‬
‫تقيده بأحكام الفصل الثاني من الباب الخامس المتعلق بمراقبة مؤسسات االئتمان من طرف‬
‫مراقبي الحسابات‪ ،‬أو في حالة صدور عقوبات تأديبية في حقه من لدن هيئة خبراء المحاسبين‪،‬‬
‫أو عقوبات جنائية تطبيقا ألحكام القانون رقم ‪ 17.95‬المتعلق بشركة المساهمة‪ ،‬فإن بنك‬
‫المغرب يقوم بإنهاء انتدابه عن طريق رفع أمر إلى األجهزة المقررة بالمؤسسات البنكية‬
‫الخاضعة لرقابته وتعويضه بمراقب حسابات آخر‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مراقبة البنوك التشاركية من طرف المودعي‬

‫أوال وقبل الحديث عن الودائع ال في البنوك التشاركية أو البنوك التقليدية تجدر اإلشارة‬
‫إلى أن المودع في البنوك التشاركية مختلف عن المودع في البنوك التقليدية خاصة اصحاب‬
‫الودائع االستثمارية والحسابات االدخارية حيث تربطهم بالبنك التشاركي عالقة شراكة في‬
‫الربح والخسارة‪ ،‬بخال ف المودعين في البنوك التقليدية الذين تربطهم عالقة مديونية بالبنك‪.‬‬
‫ومنه فإذا كانت الودائع االستثمارية تشكل جزء كبير من مصادر أموال البنوك التشاركية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬فإنه كان لزاما على المشرع المغربي أن يوفر جهاز يتولى حماية اصحاب الودائع‬
‫ومراقبة عمل البنوك التشاركية حماية لودائعهم داخل المؤسسة البنكية‪ ،‬والغريب في األمر‬
‫أن الودائع االستثمارية تعد أهم مصدر أموال البنوك اإلسالمية وبالتالي عدم تخصيص لجنة‬
‫أو جمعية تتولى رقابة أموالهم داخل البنك التشاركي‪ ،‬كما ان وضع لجنة لرقابة أموال‬
‫المودعين قد يكون لها دور إيجابي إضافة إلى حماية أموال المودعين والسهر على عدم وجود‬
‫أي اختالل في عمل البنك التشاركي‪ ،‬وبالتالي العمل على إنجاح المؤسسة البنكية واستقرار‬
‫معاملتها في األسواق المالية كما أن الودائع البنكية تلعب دورا هاما في االستثمار بالنسبة‬
‫للبنوك التقليدية أو البنوك التش اركية لذلك وجب على المشرع وضع جهاز رقابي كفيل برقابة‬
‫الودائع البنكية وحماية حقوق المودعين ‪.‬‬

‫‪ - 11‬الحسين أمزي‪" :‬مقال بعنوان‪ ،‬الرقابة على البنوك التشاركية في ضوء القانون المغربي"‪ ،‬موجود على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.mohamah.net/law/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84-‬‬
‫‪%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-‬‬
‫‪./%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9‬‬
‫‪7‬‬
‫والزم هاجس حماية عمالء البنوك العديد من مشرعي القوانين البنكية المقارنة الحديثة‬
‫حيث نصت معظم القوانين على إنشاء أجهزة أو صناديق تختص من جهة تقديم الدعم المالي‬
‫لل مؤسسة البنكية التي تعاني من صعوبات قانونية أو مالية ‪،‬من شأنها أن تؤدي بها إلى التصفية‬
‫‪ ،‬ان لم تعالج‪ ،‬ومن جهة اخرى بضمان ارجاع الودائع البنكية الى اصحابها ‪ ،‬ولم يشكل‬
‫التشريع المغربي استثناء ‪،‬فقد نصت المادة ‪ 128‬من القانون ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات‬
‫االئتمان واله يئات المعتبرة في حكمها " بأن يحدث صندوق جماعي لضمان الودائع ألجل‬
‫حماية المودعين في حالة ضياع ودائعهم "‪.12‬‬
‫ومنه فان المشرع المغربي نص على مجموعة من المقتضيات لحماية الودائع البنكية‬
‫وضمان الحقوق المالية للمودعين‪ ،‬لكنه لم ينص على صراحة على عن طرق ممارسة الرقابة‬
‫من طرف المودعين على ودائعهم ال في البنوك التقليدية وال المؤسسات البنكية التشاركية‪،‬‬
‫على الرغم من أن الودائع تشكل نسبة مهمة من مصادر أموال البنوك التشاركية‬

‫الثان‪ :‬آليات الرقابة الخارجية عىل البنوك التشاركية‬


‫المطلب ي‬

‫عهد المشرع المغربي وظيفة الرقابة الخارجية على البنوك التشاركية إلى بعض األجهزة‬
‫الخارجية الغير خاضعة للسلطة التنفيذية للبنك‪ ،‬كبنك المغرب‪ ،‬و وزير االقتصاد و المالية‪،‬‬
‫و كذا بعض الهيئات المتدخلة في القطاع البنكي‪ ،‬قصد تظافر جهودها و العمل من أجل حماية‬
‫النشاط البنكي و ضمان مصلحة المودع ين مع التأكد من مدى مطابقة عمليات البنوك التشاركية‬
‫ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬و بذلك يكون المشرع المغربي قد ساوى بين البنوك التقليدية و‬
‫التشاركية من حيث الرقابة الخارجية‪ ،‬حيث أن كليهما يخضعان لرقابة " بنك المغرب" )‬
‫الفقرة األولى (‪ ،‬و رقابة وزير االقتصاد و المالية ) الفقرة الثانية (‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬الرقابة من طرف البنك المركزي‬

‫وفقا للقانون األساسي لبنك المغرب رقم ‪ ،67.03‬يعتبر بنك المغرب مؤسسة عمومية تتمتع‬
‫باالستقالل المالي‪ ،‬ويتولى تحديد كيفية تطبيق تدابير القانون البنكي والنصوص التنظيمية‬
‫الخاصة به‪ ،‬كما يعتبر من المؤسسات األكثر فعالية في القطاع البنكي من خالل الرقابة التي‬
‫يمارسها على مؤسسات االئتمان‪.‬‬
‫ويظهر من خالل مواد القسم الخامس من القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬خاصة المواد ‪،98 ،87 ،86 ،85 ،84 ،83 ،82 ،81 ،80‬‬

‫‪ -12‬نور الدين الفقيهي‪" :‬المعين في فهم القانون البنكي المغربي" مطبعة طوب‪ ،‬طبعة ‪ ،2016‬ص‪ 120 :‬و‪.121‬‬
‫‪8‬‬
‫الدور الرقابي لبنك المغرب والذي يتجلى في مراقبة التقيد بتطبيق أحكام القانون المتعلق‬
‫بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬والنصوص المتخذة لتطبيقه‪ ،‬والتنظيم‬
‫اإلداري والمحاسبي‪ ،‬والقواعد االحترازية‪.13‬‬
‫كما تمتد مظاهر رقابة بنك المغرب لتشمل تحديد قيمة الدرهم مقابل العمالت األجنبية‪ ،‬في‬
‫إ طار نظام الصرف وسعر الدرهم‪ ،‬وكذا االحتفاظ باحتياطات الصرف والقيام بتدبيرها‪ ،‬كما‬
‫أضاف المشرع عدة اختصاصات لبنك المغرب بموجب القانون رقم ‪ ،103.12‬من أبرزها‬
‫السهر على تقيد الهي ئات الخاضعة لمراقبته بأحكام النصوص التشريعية المطبقة على مكافحة‬
‫غسل األموال وتمويل اإلرهاب‪ ،14‬وذلك بتوفرها على نظام لليقظة والمراقبة الداخلية‪.‬‬
‫وباعتبار البنوك التشاركية مؤسسات ائتمان وجزء ال يتجزأ من الجهاز البنكي‪ ،‬األمر الذي‬
‫يجعلها تخضع لنفس النظام الرقابي الذي يطبق على البنوك التقليدية‪ ،‬كما تتمظهر خصوصية‬
‫رقابة بنك المغرب على البنوك التشاركية من خالل إصدار مناشير ودوريات تنظم العمل‬
‫الرقابي لبنك المغرب على البنوك التشاركية‪ ،‬ومن خالل القانون رقم ‪ 103.12‬الذي ينظم‬
‫عالقة هيئات المطابقة‪ 15‬والبنوك المركزية مع البنوك التشاركية‪.‬‬
‫هذا وتكتسي اآلليات والطرق الرقابية للبنك المركزي شكلين أساسيين‪ ،‬إما رقابة مستندية‬
‫أو رقابة ميدانية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة المستندية‬
‫ترتكز الرقابة المستندية على فحص الوثائق والمستندات المحاسبية واالحترازية‪ ،‬حيث‬
‫تنجز هذه الرقابة على أساس التقارير والبيانات واإلحصائيات التي ترسلها البنوك التشاركية‬
‫إلى بنك المغرب بانتظام‪ ،‬كما تتدعم ايضا بالمقابالت المنتظمة التي يجريها المكلفون بالرقابة‬
‫مع إطارات ومسيري مؤسسات االئتمان‪.16‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرقابة الميدانية‬
‫تهدف الرقابة الميدانية إلى دراسة وفحص المركز المالي للمؤسسة البنكية التشاركية‬
‫بمجموع فروعها وإداراتها في وقت واحد‪ ،‬للتحقق من مدى سالمة المركز المالي للبنك‬
‫التشاركي‪ ،‬وتقويم نظم العمل والرقابة الداخلية المطبقة‪ ،‬والتحقق من صحة البيانات‬

‫‪ - 13‬تنص الفقرة األولى والثانية من المادة ‪ 80‬من ق‪ .‬ر ‪ 103.12‬المتعلق ب‪ :‬م ا ه م ح على أنه‪ " :‬يعهد إلى بنك المغرب‬
‫بمراقبة تقيد مؤسسات االئتمان بأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه "‪.‬‬
‫‪ - 14‬تنص المادة ‪ 96‬من القانون رقم ‪ 103.12‬على أنه‪ :‬يعهد إلى بنك المغرب بالسهر على تقيد الهيئات الخاضعة لمراقبته‬
‫بأحكام النصوص التشريعية المطبقة على مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب والنصوص المتخذة لتطبيقها "‪.‬‬
‫‪ - 15‬ا ستخدم المشرع المغربي مصطلح "هيئات المطابقة " بدال للمصطلح الشائع في البنوك اإلسالمية بالدول العربية وهو‬
‫مصطلح " الرقابة الشرعية "‪ ،‬وذلك لكون هذه التسمية تشير إلى أن الهيئات الشرعية تنظر فقط في مدى مطابقة العمليات‬
‫لمبادئ الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وقد خصص لها القانون رقم ‪ 103.12‬الباب الثاني المعنون بهيئات المطابقة من القسم الثالث‬
‫الخاص بالبنوك التشاركية‪ ،‬وذلك من المادة ‪ 62‬إلى ‪.65‬‬
‫‪ - 16‬أ حمد ضويفي‪ :‬عالقة البنك المركزي بالبنوك التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون األعمال‪ ،‬السنة‬
‫الدراسية ‪ ،1999‬جامعة الجزائر كلية الحقوق بن عنكون‪ ،‬ص‪.96 :‬‬
‫‪9‬‬
‫واالحصائيات الدورية وغير الدورية التي يقدمها إلى البنك المركزي‪ ،‬وفحص مدى التزام‬
‫البنوك التشاركية بالتشريعات المصرفية والمنشورات الصادرة من البنوك المركزية‪.17‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة وزير االقتصاد والمالية عىل البنوك التشاركية‬

‫يعتبر وزير االقتصاد والمالية من الجهات المتدخلة في القطاع البنكي والتي خول لها‬
‫المشرع اختصاصات هامة تروم الحفاظ على انتظام العمل البنكي‪ ،‬بحيث يلعب دورا محوريا‬
‫في القطاع البنكي المغربي‪ ،‬إذ كان في السابق يصطبغ بطابع استشاري قبل أن يصبح تقريريا‬
‫بموجب مرسوم ‪ ،1967‬حيث أعطاه هذا األخير اختصاصات هامة مرتبطة بتنظيم ورقابة‬
‫مؤسسات االئتمان‪ ،‬إذ يقوم بدور رئيس فيما يتعلق بوضع وتوجيه وتنفيذ ما سطرته الدولة‬
‫في المجال النقدي والمالي‪.18‬‬
‫إضافة إلى ذلك فوزير االقتصاد والمالية حسب المادة ‪ 27‬من القانون ‪ 103.12‬المتعلق‬
‫بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها هو الذي يرأس المجلس الوطني لالئتمان‬
‫واالدخار‪ ،‬فهو بهذا يتدخل في القرارات التي تهم جميع اإلجراءات المتعلقة بجمع األموال‬
‫المتلقاة من الجمهور‪ ،‬وشروط منح المكافآت وتحديد الشروط الخاصة بمدة االئتمانات وأسعار‬
‫الفائدة المستحقة‪ .‬وبما أن الوزير المكلف بالمالية يكون ممثال في أغلب الهيئات االستشارية‬
‫المحدثة بموجب القانون البنكي‪ ،‬فهذا يجعله يتحكم في توجيه رأيها بخصوص قرارات تنظيم‬
‫نشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها‪.19‬‬
‫إال أن رقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية يمكن القول عنها أنها رقابة‬
‫غير مباشرة‪ ،‬تتمثل في إخراج المقتضيات القانونية المتعلقة بالبنوك التشاركية سنة ‪2014‬‬
‫ألول مرة في تاريخ المغرب‪ ،‬فرقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية تظل‬
‫ضعيفة ألن معظم وسائل الرقابة البنكية تم اسندها إلي البنك المركزي أو بنك المغرب الذي‬
‫أصبح يتمتع بصالحيات واسعة في مجال العمل البنكي ومراقبة مؤسسات االئتمان‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى رقابة البنك المركزي ورقابة وزير االقتصاد والمالية‬
‫يساعد بنك المغرب في اداء مهمته الرقابية على البنوك التشاركية اجهزة استشارية متنوعة‪،‬‬
‫غير ان هذه الهيئات ال تصدر سوى توصيات أو آراء في القضايا موضوع االستشارة‪ ،‬ويبقى‬
‫اتخاد القرار بيد بنك المغرب‪ ،‬ورغم ان توصياتها غير ملزمة لهذا االخير إال انه ملزم‬
‫باستطالع رأيها في القضايا المحددة قانونا والتي تدخل في اختصاص كل هيأة على حدى‪،‬‬
‫وإال اعتبرت القرارات الصادرة عن بنك المغرب دون استطالع رأي احدى الهيئات قرارات‬

‫‪ - 17‬شوقي كوتار‪ :‬رقابة بنك المغرب على مزاولة المهنة البنكية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2015 ،‬مطبعة دار القلم‪ ،‬ص‪ 49 :‬و‪.50‬‬
‫‪ - 18‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬المعين في فهم القانون البنكي المغربي‪ ،‬مطبعة ‪RIVE‬طبعة نونبر ‪ ،2018‬ص ‪.41‬‬
‫‪ -19‬المرجع نفسه والصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫معيبة شكال ويمكن الطعن فيها امام الجهة المختصة‪ ،‬وتساهم هذه االجهزة عن طريق إبداء‬
‫أرائها في تحسين وتطوير مستوى الرقابة على البنوك‪.‬‬
‫ويتعلق األمر بالهيئات االستشارية المتدخلة في ممارسة الرقابة علـى البنوك التشاركية‬
‫والمتمثلة في (لجنة مؤسسات االئتمان‪ ،‬المجلس الوطني لالئتمان واالدخار‪ ،‬واللجنة التأديبية‬
‫لمؤسسات االئتمان)‪ ،‬وهيئات تنسيقية تتكون من (الجمعية المهنية للبنوك ولجنة التنسيق‬
‫والرقابة على المخاطر الشمولية)‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫المبحث ال ـثــان‪:‬‬
‫الــرقــاب ــة الـ ـشــرعـ ـيــة ع ـلــى الـ ـبـ ـنــوك‬
‫ال ـتـ ـ ـشــارك ـيــة‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثان‪ :‬الرقابة ر‬
‫الشعية عىل البنوك التشاركية‬ ‫ي‬

‫حتم إحداث البنوك التشاركية ضرورة وجود هيئة رقابية شرعية تضبط وترشد عمل هذه‬
‫األخيرة وتحكم قواعدها لتجعلها تواكب أحكام الشريعة اإلسالمية‪.20‬‬
‫الشيء الذي يحيلنا إلى معالجة مبحثنا من خالل التطرق في (المطلب األول) إلى مفهوم‬
‫الرقابة الشرعية وأهدافها وفي (المطلب الثاني) إلى أجهزة الرقابة الشرعية‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الرقابة ر‬
‫الشعية وأهدافها‬

‫إن الحديث عن الرقابة الشرعية كأحد أهم المفاهيم التي يتم تداولها على مستوى البنوك‬
‫التشاركية يقتضي منا في هذا المطلب التطرق في (الفقرة األولى) لتعريف الرقابة الشرعية‬
‫وفي (الفقرة الثانية) ألهداف الرقابة الشرعية‬
‫الفقرة االوىل‪ :‬تعريف الرقابة ر‬
‫الشعية‬

‫تشكل الرقابة الشرعية أحد الركائز األساسية على مستوى العمل البنكي التشاركي وذلك‬
‫من خالل مزجها بين تتبع سير األعمال والتصرفات البنكية وفحص مدى التزام هذه‬
‫المؤسسات بالقواعد الشرعية‪.21‬‬
‫هذا وقد تم تعريف الرقابة الشرعية للبنوك التشاركية بكونها رصد وتتبع مدى مطابقة أعمال‬
‫المؤسسة المالية ألحكام الشريعة اإلسالمية‪.22‬‬
‫ويقصد بها أيضا متابعة وتحليل األعمال والتصرفات التي تقوم بها المؤسسات المالية‬
‫اإلسالمية للتأكد من كونها تتماشى وقواعد الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وذلك عبر استخدام مجموعة‬
‫من اآلليات التي يتم من خاللها بيان المخالفات وتصويبها وكذا تقديم التقارير إلى الجهات‬
‫المختصة‪.23‬‬
‫وتعني الرقابة الشرعية أيضا وجود هيئة تراقب أعمال البنوك التشاركية وتتأكد من مطابقتها‬
‫ألحكام الشريعة‪.‬‬

‫‪ - 20‬رشيد صبيح‪ ،‬هيئات الرقابة الشرعية بين الدور الشرعي والقانوني‪ ،‬منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية‪ ،‬مطبعة‬
‫دار السالم الرباط العدد ‪ ،2016 1‬ص ‪.47‬‬
‫‪ -21‬جميلة الهبري‪ ،‬الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪ -22‬حمزة عبد الكريم حماد‪ ،‬الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية‪ ،‬مقال منشور على الرابط اإللكتروني‪:‬‬
‫‪ https : islamonline.net.‬تاريخ اإلطالع ‪.2021/12/5‬‬
‫‪ 23‬جميلة الهبري‪ ،‬الرقابة القانونية والشرعية على البنوك التشاركية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72-71‬‬
‫‪13‬‬
‫والمالحظ من خالل مجموع التعاريف المذكورة أنه وعلى الرغم من اختالفها في الصياغة‬
‫إال أنها تجمع حول فكرة واحدة وهي ضرورة تحقق السالمة الشرعية في المعامالت البنكية‬
‫التشاركية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهداف الرقابة ر‬
‫الشعية‬

‫تحقق الرقابة الشرعية للبنوك التشاركية مجموعة من األهداف لعل أهمها يتمثل فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬التحقق من مدى مطابقة المعامالت البنكية لقواعد الشريعة اإلسالمية‬
‫‪ -‬التركيز على اآلثار األخالقية لألنشطة الممولة من قبل البنوك التشاركية‬
‫‪ -‬المراقبة والمتابعة المستمرة والتدقيق في المعامالت البنكية والتحقق من مشروعيتها وتقويم‬
‫‪24‬‬
‫الخاطئ منها وتقديم البديل الشرعي عنه‬
‫‪ -‬طمأنة المتعاملين مع هذه المؤسسات على مدى شرعية العقود والمعامالت التي يتم تقديمها‬
‫‪ -‬تطوير العمل البنكي التشاركي وإيجاد صيغ تمويلية واستثمارية توافق الشريعة اإلسالمية‬
‫‪ -‬اإلجابة عن تساؤالت المتعاملين مع المؤسسات البنكية التشاركية فيما يتعلق بشرعية بعض‬
‫‪25‬‬
‫إجراءاتها وتوضيح رأي الهيئة الشرعية فيها‬
‫‪ -‬النظر في المعامالت التي يظن أنها وقعت مخالفة لقواعد الشريعة‪.26‬‬
‫المطلب الثان‪ :‬جهاز الرقابة ر‬
‫الشعية‬ ‫ي‬
‫ا‬
‫لقد عملت كل الدول التي نظمت البنوك االسالمية على فرض الرقابة عليها‪ ،‬لكونها تعتبر‬
‫ذات أهمية كبرى على المستوى االقتصادي‪ ،‬غير أن هذا الجهاز المكلف بالرقابة يختلف‬
‫وتختلف تسميته من تشريع آلخر‪ ،‬لكن أكثر التسميات تداوال هي هيئة أو لجنة الرقابة‬
‫الشرعية‪-‬المستشار أو المراقب أو المجلس الشرعي‪-‬هيئة الفتوى والرقابة الشرعية‪-‬إدارة‬
‫الفتوى والبحوث‪.‬‬

‫‪ - 24‬ذ‪ .‬نورالدين الفقيهي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬الصفحة ‪.146-173‬‬


‫‪ -25‬جميلة الهبري‪ ،‬م س‪ ،‬الصفحة ‪.74- 73‬‬
‫‪ -26‬عمر صوصي وفؤاد بلمودن‪ ،‬الرقابة الشرعية على التمويالت اإلسالمية المصرفية‪ ،‬المجلة اإللكترونية لألبحاث‬
‫القانونية‪ ،‬العدد ‪ 2019 .4‬ص ‪.286‬‬
‫‪14‬‬
‫العلم األعىل‬
‫ي‬ ‫الفقرة األوىل‪ :‬رقابة المجلس‬

‫لقد عمل المشرع المغربي من خالل القانون رقم‪ 103.12‬بإناطة مهمة رقابة البنوك‬
‫التشاركية بالمجلس العلمي األعلى‪ ،27‬حيث ألزم هذه األخيرة بأن ترفع تقريرا إلى هذا المجلس‬
‫عند نهاية كل سنة محاسبتية توضح فيه مدى مطابقة أعمالها ونشاطاتها مع لآلراء المطابقة‪،‬‬
‫ومن أجل فرض مزيد من الرقابة‪ ،‬وتسهيل عمل المجلس العلمي‪ ،‬عمل المشرع على إصدار‬
‫الظهير رقم ‪ 1.15.02‬في ‪ 20‬يناير ‪ 2015‬القاضي بتتميم الظهير رقم ‪ 1.03.300‬الصادر‬
‫في ‪ 22‬أبريل ‪ 2004‬المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية‪ ،‬حيث تم إحداث اللجنة الشرعية‬
‫للمالية التشاركية‪ ،28‬ومن أجل معرفة المزيد عن هذه اللجنة سنقوم أوال ببيان تنظيمها‪ ،‬ثم‬
‫سنتطرق ثانيا إلى بيان المهام المنوطة بها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تنظيم اللجنة الشرعية للرقابة‬


‫ا إن عدد أعضاء اللجنة الشرعية يختلف حسب اختالف النظام األساسي لكل دولة‪ ،‬وكذلك‬
‫ال يمكن التأكد من معرفة العدد النموذجي إال بمعرفة حجم البنك وأنشطته وفروعه‪.29‬‬
‫وعموما فإن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية تتكون من منسق وتسعة أعضاء‪ ،‬ومن الشروط‬
‫الواجب توافرها في هؤالء األعضاء تكمن في شرطين أساسين‪:‬‬
‫‪ -‬أن يكونوا من العلماء والفقهاء المشهود لهم بالمعرفة الراسخة واإللمام الواسع بأحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪.‬‬
‫‪ -‬أن تكون لهم القدرة على اإلفتاء وبيان حكم الشرع في القضايا المعروضة‪.‬‬
‫‪ -‬أن ال يكونوا لهم عضوية ف ي أي جهاز ألي هيئة أو مؤسسة من الهيئات والمؤسسات‬
‫المشار إليها في الفصل الخامس من هذا الظهير المنظم لهذه اللجنة‪.30‬‬
‫من خالل النظر إلى تكوين اللجنة الشريعة للمالية التشاركية‪ ،‬والشروط الواجب توافرها في‬
‫أعضائها يتضح أن المشرع حاول أن يختار بعناية دقيقة األشخاص الذين ستناط بهم مهمة‬
‫مراقبة أعمال البنوك التشاركية‪ ،‬وحاول كذلك أن يمتع هذه اللجنة بنوع من االستقاللية‪ ،‬لكن‬
‫بالرغم من ذلك فإن هذه األخير تحتاج وهي في ممارسة مهامها إلى أجهزة أخرى تساعدها‬
‫وتسهل عليها مهامها‪ ،‬تتكون هذه األجهزة من مجموعة من الخبراء على النحو التالي‪:‬‬

‫‪ - 27‬لقد كانت مسودة قانون ‪ 103.12‬في صيغتها األولى اختارت تسمية لجنة الشريعة المالية كان الهدف منها مالئمة‬
‫المنتوجات البنكية للشريعة اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ - 28‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬المعين في القانون البنكي المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.175‬‬
‫‪ - 29‬بشرى اعراب‪ ،‬الرقابة على البنوك التشاركية‪ ،‬ر سالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص قوانين التجارة‬
‫واألعمال‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2018 ،‬ص ‪.84‬‬
‫‪ - 30‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪15‬‬
‫‪ -‬الخبراء المستشارين الدائمين‪:‬‬
‫تستعين اللجنة على األقل بخمسة خبراء دائمين يختارون من بين األشخاص الذاتيين أو‬
‫االعتباريين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة في مجاالت القانون والمالية التشاركية والمعامالت‬
‫البنكية وقطاع التأمينات وسوق الرساميل‪ ،‬ويتم تعيينهم بمقرر لألمين العام وتحدد وضعيتهم‬
‫بموجب عقود‪.‬‬
‫‪ -‬الخبراء المستشارون والمؤقتون‪:‬‬
‫باإلضافة إلى الخبراء المستشارون الدائمين يمكن لمنسق اللجنة أن يدعوا كل شخص من‬
‫ذوي الخبرة واالختصاص إلى حضور االجتماعات وذلك من أجل تقديم إفادات إلى اللجنة‬
‫بخصوص القضايا المعروضة عليها‪.‬‬
‫‪ -‬مجموعات عمل متخصصة‪:‬‬
‫من أجل ضمان حسن سير وتنظيم أشغال اللجنة الشرعية للمالية التشاركية‪ ،‬فقد أتاح لها‬
‫المشرع إمكانية تشكيل مجموعات عمل متخصصة من بين أعضائها تقوم بدراسة القضايا‬
‫المعروضة عليها وإعداد تقارير مفصلة بشأنها‪.‬‬
‫‪ -‬الجهات المتعاملة مع اللجنة‪:‬‬
‫تعمل اللجنة الشرعية للمالية التشاركية على استقبال طلبات إبداء الرأي في األنشطة‬
‫والعمليات المشار إليها في الفصل المادة الثالثة من الظهير الشريف رقم ‪ 1.03.300‬عن‬
‫طريق‪:‬‬
‫بنك المغرب‪ ،‬بالنسبة لطلبات إبداء الرأي المقدمة من قبل مؤسسات االئتمان والهيئات‬
‫المعتبرة في حكمها‪.‬‬
‫هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي‪ ،‬بالنسبة لطلبات إبداء الرأي المقدمة من قبل‬
‫مقاوالت التأمين المعتمدة‪.‬‬
‫الهيئة المغربية لسوق الرساميل‪ ،‬بالنسبة لطلبات إبداء الرأي المقدمة من قبل الجهة‬
‫الراغبة في إصدار شهادات الصكوك‪.31‬‬
‫ثانيا‪ :‬مهام اللجنة الشرعيةا‪ :‬مهام اللجنة الشرعية‪.‬‬
‫تقع على عاتق اللجنة الشرعية للمالية التشاركية العديد من المهام تروم في مجملها إلى تحقيق‬
‫رقابة دقيقة على العمليات البنكية والتأكد من أنها تتوافق مع أحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وعموما‬
‫فإن مهام هذه اللجنة تتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ - 31‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬المعين في القانون البنكي المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.173‬‬
‫‪16‬‬
‫‪ -1‬إبداء الرأي بشأن مطابقة المنتوجات المالية التشاركية التي تقدمها مؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها لزبنائها‪ ،‬ونماذج العقود المتعلقة بهذه المنتوجات‪ ،‬ألحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪ ،‬كلما كان تقديم هذه المنتوجات وإبرام العقود المتعلقة بها رهينا‬
‫بصدور الرأي المذكور طبقا للتشريع الجاري به العمل؛‬
‫‪ -2‬إبداء الرأي بشأن مطابقة مضمون المناشير التي يصدرها والي بنك المغرب ألحكام‬
‫الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪ ،‬المتعلقة بالمنتوجات المالية التشاركية‪ ،‬والودائع االستثمارية‪.‬‬
‫والعمليات التي ينجزها صندوق ضمان ودائع البنوك التشاركية؛‬
‫‪-3‬إبداء الرأي بصفة خاصة بشأن مطابقة عمليات التأمين التكافلي التي تقوم بها مقاوالت‬
‫التأمين وإعادة التأمين‪ ،‬في إطار المالية التشاركية‪ ،‬ألحكام الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪،‬‬
‫وذلك طبقا للتشريع الجاري به العمل؛‬
‫‪ -4‬إبداء الرأي بشأن مطابقة عمليات إصدار شهادات الصكوك طبقا للتشريع الجاري به العمل‬
‫مع أحكا م الشريعة اإلسالمية ومقاصدها‪ .‬كيفما كانت الجهة المصدرة لها‪.‬‬
‫أما عن طريقة عمل اللجنة العلمية‪ ،‬فإنها تعمل على إبداء رأيها في األنشطة المعروضة‬
‫عليها المتعلقة بالمالية التشاركية‪ ،‬وذلك بناء على تقرير مفصل وموثق تتضمن المعطيات‬
‫المتعلقة بكل نشاط أو عملية أو نمو ذج أو مشروع من مشاريع المناشير المراد إصدارها‬
‫واالستنتاجات التي توصلت إليها بشأن مدى مطبقتها ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وتصدر‬
‫اللجنة العلمية للمالية التشاركية آراءها باسم هذا األخير‪ ،‬وبإجماع أعضائها الذين شاركوا في‬
‫مداوالتها‪ ،‬مع تعليلها‪.32‬‬
‫العلم األعىل ومدى إلزامية قراراته‬
‫ي‬ ‫الفقرة الثانية‪ :‬وظيفة التقييد بآراء المجلس‬

‫سنقف في هذه الفقرة عند التقييد بآراء المجلس األعلى (أوال) ثم ننتقل للحديث عن مدى‬
‫إلزامية القرارات الصادرة عن المجلس األعلى (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التقييد بآراء المجلس العلمي األعلى‬


‫تعتبر وظيفة التقييد آلية هامة للرقابة داخل البنوك التشاركية حيث تسهر على تنفيذ آراء‬
‫المجلس العلمي األعلى‪ ،‬وألجل هذا خصها المشرع بمجموعة من المهام حددها المشرع في‬
‫المادة ‪ 64‬من قانون ‪ 103.12‬التي جاء فيها‪:‬‬
‫" يجب على البنوك التشاركية أن تحدث وظيفة للتقيد بآراء المجلس العلمي األعلى تقوم بما‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪ - 32‬نور الدين الفقيهي‪ ،‬المعين في القانون البنكي المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.178‬‬
‫‪17‬‬
‫‪ -‬التعرف على مخاطر عدم مطابقة عملياتها وأنشطتها لآلراء بالمطابقة التي‬
‫يصدرها المجلس العلمي األعلى وفقا لمقتضيات المادة ‪ 62‬أعاله والوقاية منها؛‬
‫‪ -‬ضمان تتبع وتطبيق لآلراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي األعلى‬
‫المذكور ومراقبة احترامها؛‬
‫‪ -‬السهر على وضع واحترام الدليل والمساطر الواجب احترامها؛‬
‫‪ -‬التوصية باعتماد التدابير المطلوبة في حالة عدم احترام مؤكد للشروط‬ ‫‪-‬‬

‫المفروضة عند تقديم منتوج للجمهور صدر في شأنه عن المجلس العلمي األعلى‬
‫السالف الذكر رأي بالمطابقة‪"....‬‬
‫هذا فيما يتعلق بالمها م الموكولة لوظيفة التقييد‪ ،‬أما بخصوص شروط كيفية سيرها‬
‫وتكوينها فالمشرع لم يحددها من خالل القانون ‪ ،103.12‬بل أحال ذلك على منشور يصدره‬
‫والي بنك المغرب بعد استطالع رأي لجنة مؤسسات االئتمان‪ ،‬األمر الذي ينطبق أيضا على‬
‫التقرير الواجب رفعه من طرف البنوك التشاركية إلى بنك المغرب بخصوص مطابقة نشاطها‬
‫لمقتضيات القسم الثالث المتعلق بالبنوك المذكورة‪.33‬‬
‫كما نالحظ أن المادة ‪ 64‬من قانون ‪ 103.12‬من مؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في‬
‫حكمها‪ ،‬لم تدرج المجلس العلمي األعلى ألخذ برأيه في مسألة تحديد شروط وكيفيات سير‬
‫وظيفة التقيد‪ ،‬باعتباره يشكل الرقابة الشرعية العليا‪ ،‬ووظيفة التقيد تمثل الرقابة الشرعية‬
‫الداخلية المختصة بكل بنك تشاركي على حدة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى إلزامية القرارات الصادرة عن المجلس العلمي األعلى‬
‫تعتبر استقاللية الرقابة الشرعية‪ ،‬وإلزامية قراراتها‪ ،‬من المبادئ األساسية إلعطاء الرقابة‬
‫الشرعية حقها في القيام بدورها في االفتاء والتوجيه والمراجعة‪ ،‬وال توجد أي قيمة للرقابة‬
‫الشرعية إذا لم تكن قراراتها ملزمة للبنك‪ ،‬ألن الفتوى الصادرة عنها حكم شرعي واجب‬
‫اتباعه شرعا‪.34‬‬
‫وتتخذ إلزامية قرارات الرقابة الشرعية مكانة مهمة داخل الهيكل التنظيمي للبنك‪ ،‬سواء‬
‫من حيث كيفية تطبيق القرار داخل البنك بشكل عام‪ ،‬أو من حيث القوة الشخصية لألعضاء‬
‫من خالل تمسكهم بآرائهم وفرضها على اإلدارة‪ ،‬وبالرغم من أن النظام التأسيسي لبعض‬
‫المصارف اإلسالمية – البنوك التشاركية ‪ -‬لم ينص على أن قرارات الرقابة الشرعية ملزمة‪،‬‬
‫إال أن األمر أصبح عرفا يلزم إدارة البنك‪ ،‬فأغلبية المصارف اإلسالمية تلتزم بضرورة‬

‫‪ - 33‬نورالدين الفقهي‪ ،‬المعين في فهم القانون البنكي المغربي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.180‬‬
‫‪ - 34‬بشرى اعراب‪ ،‬الرقابة على البنوك التشاركية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.93 :‬‬
‫‪18‬‬
‫مراجعة الرقابة الشرعية للعقود من الناحية الشرعية‪ ،‬وصياغتها بما يتفق مع الشرع وااللتزام‬
‫بما تقره هذه الرقابة‪.35‬‬
‫من خالل هذا يمكن القول أن قرارات الهيئة ملزمة‪ ،‬بغض النظر عن وضعها في النظام‬
‫األساسي للبنك‪ ،‬ألن الفتوى الشرعية حكم شرعي واجب اتباعه‪ ،‬فإذا اقتصر دور المجلس‬
‫األعلى على بيان الدور الرقابي دون النص على إلزامية اآلراء الصادرة عنه فإن هذا سيؤدي‬
‫إلى فقدان آلية الرقابة الشرعية التي يقوم بها المجلس المذكور‪ ،‬خصوصا وأن المشرع‬
‫المغربي أعطى أهمية بالغة للرقابة الشرعية وخصص لها بابا خاصا وهو الباب الثاني من‬
‫القسم السادس وسمها بهيئات المطابقة في قانون مؤسسات االئتمان الهيئات المعتبرة في‬
‫حكمها‪ ،‬وبالرجوع الى المادة ‪ 64‬م ن القانون المذكور نجدها واضحة بشأن إلزامية الفتاوى‬
‫واآلراء بالمطابقة الصادرة عن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية‪ ،‬وذلك في كل معامالتها‬
‫ومنتجاتها وعقودها التي تقدمها لعمالئها‪.36‬‬

‫‪ - 35‬أحمد عبد العفو مصطفى العليات‪ ،‬الرقابة الشرعية على أعمال المصارف اإلسالمية‪ ،‬أطروحة استكماال لمتطلبات‬
‫درجة الماجستير في الفقه والتشريع‪ ،‬كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس‪ ،‬فلسطين‪ ،2006 ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ - 36‬بشرى اعراب‪ ،‬الرقابة على البنوك التشاركية‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.95 :‬‬
‫‪19‬‬
‫خـــاتــمــة‪:‬‬

‫خالصة للقول‪ ،‬فأن البنوك التشاركية تتميز عن غيرها من البنوك التقليدية من حيث‬
‫خصوصياتها القائمة على عدم التعامل بالفوائد الربوية‪ .‬كما تتميز بكونها تخضع لنوعين من‬
‫الرقابة‪ ،‬رقابة قانونية يقوم بها البنك المركزي‪ ،‬ورقابة شرعية تعمل على الحفاظ على التزام‬
‫هذه البنوك بمبادئ الشريعة االسالمية والتي يتوالها المجلس العلمي األعلى الذي يعمل على‬
‫اصدار اآلراء بالمطابقة التي تخضع لها العمليات التجارية والمالية واالستثمارية وعقود‬
‫المنتجات التمويلية واالستثمارية التي تقدمها البنوك لعمالئها‪ ،‬والتي ال يمكن اعتمادها إال بعد‬
‫أخذ الرأي فالمطابقة لقواعد وأحكام الشريعة االسالمية‪ ،‬هذا وقد عمل المشرع المغربي على‬
‫إحداث "وظيفة التقيد" التي تحمل على فحص وتحديد مدى التزام المؤسسات المالية ومنتجاتها‬
‫التمويلية واالستثمارية بمبادئ الشريعة‪ ،‬وكذا إلى مدر وخضوعها وتطبيقها لآلراء بالمطابقة‬
‫الصادرة عن المجلس العلمي األعلى‪.‬‬
‫والمغرب يعد من الدول المسايرة للبنوك التشاركية‪ ،‬إال أن ممارستها لنشاطها يتم في ظل‬
‫قوانينه السابقة‪ ،‬وبالتالي فإن القانون ال بنكي لم يتم أقلمته مع العمل البنكي التشاركي‪ ،‬مما‬
‫يتضح معه أن الطريق صعب أمام البنوك التشاركية بالمغرب‪.‬‬
‫لذا بات من الضروري العمل على إحداث قوانين خاصة بالبنوك التشاركية‪ ،‬وأن تكون‬
‫اآلليات الرقابية البنكية تتميز بالخصوصية الشرعية وتختلف عن اآلليات الرقابية للبنوك‬
‫التقليدية‪.‬‬
‫عالوة على إعطاء المجلس العلمي األعلى جميع الصالحيات بغية اتخاذ جميع التدابير‬
‫الالزمة عند اخالل البنوك التشاركية باآلراء بالمطابقة‪ ،‬وكذا منحه صالحية الرقابة المستمرة‬
‫على أعمال هذه األخيرة‪.‬‬
‫ناهيك على ضرورة االنفتاح على تجارب البنوك االسالمية للدول األخرى بهدف كسب‬
‫المزيد من التجارب حول المالية االسالمية بهدف تطوير المنتجات التمويلية وآليات الرقابة‬
‫القانونية والشرعية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ونتمنى أن نكون قد وفينا في إعطاء هذا العرض حقه من الدراسة والتحليل ليكون قيمة‬
‫مضافة للمهتمين بهذا المجال‪ ،‬ولقد بذلنا قصارى جهدنا فيه‪ ،‬فإن أصبنا فذلك مرادنا وإن‬
‫أخطئنا فلنا شرف المحاولة والتعلم‪.‬‬

‫وأخيرا ال نجد ما نختم به هذا العرض إال كالم هللا عز وجل‪:‬‬

‫" ربنا ال تؤاخذان ان نسينا أو أخطأان "‬


‫سورة البقرة‪ ،‬اآلية ‪286‬‬

‫" ربنا ال تزغ قلوبنا بعد أن هديتنا‪ ،‬وهب لنا من دلنك رمحة‪ ،‬انك أنت الوهاب "‬
‫سورة آل عمران‪ ،‬اآلية ‪8‬‬
‫صدق هللا العظمي‬

‫"تم بحمد هللا "‬

‫‪21‬‬
‫الئـ ـح ـة ال ـم ـراج ـع‪:‬‬

‫❖ الكتب‪:‬‬
‫‪ -‬شوقي كوتار‪ ،‬رقابة بنك المغرب على مزاولة المهنة البنكية‪ ،‬الطبعة األولى‪،2015 ،‬‬
‫مطبعة دار القلم‪.‬‬

‫‪ -‬نورالدين الفقيهي‪ ،‬المعين في فهم القانون البنكي المغربي‪ ،‬الطبعة ‪ ،2018‬مطبعة‪:‬‬


‫‪ ،RIVE‬ص‪.180 :‬‬
‫‪ -‬نور الدين الفقيهي‪" ،‬المعين في فهم القانون البنكي المغربي" مطبعة طوب‪ ،‬طبعة‬
‫‪2016‬‬
‫‪-‬‬

‫❖ الرسائل الجامعية‪:‬‬
‫‪ -‬بشرى اعراب ‪ ،‬الرقابة على البنوك التشاركية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص تخصص قوانين التجارة واألعمال‪ ،‬السنة الجامعية‪.2019-2018 :‬‬
‫‪ -‬جميلة الهبري‪ ،‬الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم نهاية التكوين في سلك الماستر المتخصص القانون والبنوك التشاركية والتأمينات‬
‫التكافلية‪ ،‬جامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكادير‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.2019 / 2018‬‬
‫‪ -‬أحمد عبد العفو مصطفى العليات‪ ،‬الرقابة الشرعية على أعمال المصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫أطروحة استكماال لمتطلبات درجة الماجستير في الفقه والتشريع‪ ،‬كلية الدراسات العليا‬
‫في جامعة النجاح الوطنية في نابلس‪ ،‬فلسطين‪2006 ،‬‬
‫‪ -‬محمد ضويفي‪ ،‬عالقة البنك المركزي بالبنوك التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر‬
‫تخصص قانون األعمال‪ ،‬السنة الدراسية ‪ ،1999‬جامعة الجزائر كلية الحقوق بن‬
‫عنكون‪.‬‬

‫❖ المجالت‪:‬‬
‫‪ -‬عمر صوصي وفؤاد بلمودن‪ :‬الرقابة الشرعية على التمويالت اإلسالمية المصرفية‪،‬‬
‫المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية‪ ،‬العدد ‪. 2019 .4‬‬
‫‪ -‬رشيد صبيح‪ ،‬هيئات الرقابة الشرعية بين الدور الشرعي والقانوني‪ ،‬منشورات مجلة‬
‫المنارة للدراسة القانونية‪ ،‬مطبعة دار السالم الرباط العدد ‪.2016 1‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -‬أنوار بوهالل وسكينة ألوات‪ ،‬البنوك التشاركية بالمغرب من واقع الفراغ القانوني إلى‬
‫مرحلة التقنين‪ ،‬المجلة االلكترونية لألبحاث القانونية ‪ ،2019‬عدد ‪.4‬‬
‫‪ -‬محمد حفو‪ ،‬البنوك التشاركية بين غموض النص وتحديات الواقع العملي‪ ،‬مجلة القانون‬
‫واالعمال عدد ‪ ،17‬مارس ‪.2017‬‬

‫❖ المقاالت‪:‬‬
‫‪ -‬حمزة عبد الكريم حماد‪ :‬الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية‪ :‬مقال منشور في‬
‫الموقع اإللكتروني‪:‬‬
‫‪https : islamonline.net.‬‬
‫‪ -‬دون ذكر اسم صاحب المقال‪" :‬البنوك اإلسالمية بالمغرب (البنوك التشاركية)"‪،‬‬
‫التالي‪:‬‬ ‫اإللكتروني‬ ‫الموقع‬ ‫على‬ ‫تجدونه‬
‫‪https://cfmota.blogspot.com/2019/04/blog-post.html?m=1.‬‬

‫‪ -‬الحسين أمزي‪" :‬مقال بعنوان‪ ،‬الرقابة على البنوك التشاركية في ضوء القانون‬
‫التالي‪:‬‬ ‫الرابط‬ ‫على‬ ‫موجود‬ ‫المغربي"‪،‬‬
‫‪https://www.mohamah.net/law/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9‬‬
‫‪%84-%D8%AD%D9%88%D9%84-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%B9%D9%84%D9%89-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%‬‬
‫‪./D9%8A%D8%A9‬‬

‫‪23‬‬
‫الفهـــــرس‪:‬‬
‫مــقــــدمــــة‪1 ................................................................................................ :‬‬
‫المبحث األول‪ :‬الرقابة القانونية على البنوك التشاركية ‪4....................................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬آليات الرقابة الداخلية على البنوك التشاركية ‪5 .............................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬دور مراقب الحسابات في بسط الرقابة الداخلية ‪5 ...........................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مراقبة البنوك التشاركية من طرف المودعين ‪7 .............................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬آليات الرقابة الخارجية على البنوك التشاركية ‪8 ...........................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬الرقابة من طرف البنك المركزي ‪8 ...........................................................‬‬
‫أوال‪ :‬الرقابة المستندية ‪9 .....................................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرقابة الميدانية ‪9 ......................................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬رقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية ‪10 ...................................‬‬
‫المبحث الــثــاني‪ :‬الــرقــابـــة الـــشــرعـــيــة عـــلــى الـــبـــنــوك الــتـــــشــاركــيــة ‪12 ................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مفهوم الرقابة الشرعية وأهدافها ‪13 ........................................................‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬تعريف الرقابة الشرعية ‪13 ..................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬أهداف الرقابة الشرعية ‪14 ..................................................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬جهاز الرقابة الشرعية ‪14 ...................................................................‬‬
‫الفقرة األولى‪ :‬رقابة المجلس العلمي األعلى ‪15 ............................................................‬‬
‫أوال‪ :‬تنظيم اللجنة الشرعية للرقابة ‪15 ......................................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مهام اللجنة الشرعية ‪16 ...............................................................................‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬وظيفة التقييد بآراء المجلس العلمي األعلى ومدى إلزامية قراراته ‪17 ....................‬‬
‫أوال‪ :‬التقييد بآراء المجلس العلمي األعلى ‪17 ...............................................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬مدى إلزامية القرارات الصادرة عن المجلس العلمي األعلى ‪18 .....................................‬‬
‫خـــاتــمــة‪20 ............................................................................................. :‬‬
‫الئــــحــة الــمـــراجـــع‪22 ............................................................................... :‬‬
‫الفهـــــرس‪24 ............................................................................................ :‬‬

‫‪24‬‬
25

You might also like