Professional Documents
Culture Documents
م ـق ـ ـدم ـ ـة:
إن القانون البنكي يتميز بكونه من أبرز القطاعات التي تدعم التنمية االقتصادية والتي
تدور حول النقود واالئتمان وذلك من خالل تنظيمه للمهنة البنكية وكذا تحكمه في النقود
والرساميل داخل السوق الوطني.
وبالنظر لألهمية التي تحتلها البنوك لكونها تعد الممول الرئيسي للمشاريع االقتصادية،
عملت الد ول اإلسالمية على إيجاد صيغة تتالءم وتعاليم الشريعة اإلسالمية ،وتحترم
خصوصية الدين اإلسالمي ،لهذا عملت على احداث ما يسمى بالبنوك اإلسالمية أو التشاركية،
والتي تتوافق مع أحكام الشريعة اإلسالمية في جميع المعامالت التي تقدمها لعمالئها ،سواء
كانت هذه المنتجات و دائع أو حسابات بنكية ،كما تعمل على تلبية مختلف احتياجات التمويل
الخاصة بالعميل عبر توفير مجموعة من المنتجات.
هذا ويرجع تاريخ العمل بنظام البنك اإلسالمي أو ما يسمى بالبنوك التشاركية إلى سنة
1940عندما نشأت في ماليزيا "صناديق االدخار" التي تعمل بدون فائدة ،وفي سنة 1950
انتقلت فكرة التجربة إلى باكستان بوضع خدمات تمويلية تراعي التعاليم اإلسالمية ،بيد أن
هذه التجربة لم تجد لها تطبيقا إال في مصر سنة 1963بإنشاء بنوك االدخار المحلية تحت
إشراف الدكتور "أحمد النجار" ،وقد عرفت هذه التجربة نجاحا وقبوال وتجاوبا كبيرا من لدن
المواطن المصري المسلم ،ورغم قصر عمر هذه التجربة إال أنها أفادت بصفة عامة التمويل
اإلسالمي وساهمت في تطويره واالهتمام به.1
هذا وتشير الدراسات إلى أن أول ظهور لبنك إسالمي مرخص له من طرف السلطات هو
بنك دبي اإلسالمي لسنة ،1975وقد جاء االهتمام بإ نشاء هذا النوع من البنوك بعد توصيات
مؤتمر وزراء خارجية الدول اإلسالمية بجدة سنة 1972حيث ورد النص بضرورة إنشاء
بنك إسالمي دولي للدول اإلسالمية.2
أما فيما يخص المشرع المغربي فقد حاول فتح المجال للتعامالت اإلسالمية من خالل السماح
بتطبيق تجارب محدودة من أجل مواكبة االهتمام بالمالية اإلسالمية ،إلى أن بدأ الخوض بشكل
- 1جميلة الهبري ،الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،
كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة ابن زهر أكادير ،السنة الجامعية ،2019/2018الصفحة .6
- 2محمد حفو ،البنوك التشاركية بين غموض النص وتحديات الواقع العملي ،مجلة القانون واالعمال عدد ،17مارس
،2017ص .28
1
رسمي تجربة البنوك التشاركية سنة 2007إثر صدور توصية والي بنك المغرب ،3التي
أطرت المنتوج البنكي البديل ،وقد اقتصرت هذه الدورية على اعتماد ثالث منتجات فقط
"المرابحة ،المشاركة واالجارة" ،إال أنها اعترضتها عدة إشكاالت ،لعل أبرزها احتضانها من
قبل البنوك التقليدية نظرا لغياب بنك إسالمي بالمغرب .4
وأمام ضغط مجموعة من الفاعلين من أجل وضع إطار تشريعي للبنوك اإلسالمية ،أعدت
وزارة االقتصاد والمالية في غشت 2012مسودة رقم 103.12المتعلق بمؤسسات االئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها ،5والذي خصص شقه الثالث كامال للبنوك التشاركية أو البنوك
اإلسالمية كما هو متعارف عليه ،الشيء الذي منحها قوة تستمدها بكونها جزء من النظام
البنكي المغربي من جهة ،ومن جهة أخرى بصفتها بديال للبنوك التقليدية من خالل آليات
معامالتها ومنتجاتها التمويلية ،حيث عملت المادة 54من خالل القانون رقم 103.12على
تعريف البنوك التشاركية على أنها " :تعتبر بنوك تشاركية األشخاص االعتبارية الخاضعة
ألحكام هذا القسم ،والمؤهلة لمزاولة األنشطة المشار إليها في المادة األولى والمادتين 55
و 58من هذا القانون وكذا العمليات التجارية والمالية واالستثمارية بصفة اعتيادية بعد الرأي
بالمطابقة الصادر عن المجلس العلمي األعلى وفقا لمقتضيات المادة 62أدناه.
يجب أال تؤدى هذه األنشطة والعمليات المشار إليها أعاله إلى تحصيل أو دفع فائدة أو هما
معا".
ذلك أن بنك المغرب اعتم د خمسة بنوك تشاركية استنادا إلى مدى جاهزية البنوك للعمل
من ناحية التجهيز أساسا والمتمثلة في كل من " بنك الصفاء ،أمنية بنك ،بنك اليسر ،األخضر
بنك ،وبنك التمويل واالنماء".
وبغية تتبع األوضاع المالية للبنوك التشاركية والحرص على بلوغ أهدافها فإنها تخضع
لرقا بة بنكية يقوم بها البنك المركزي ومطابقة شرعية يقوم بها المجلس العلمي األعـــلى.
فالرقابة على البنوك التشاركية تشكل أهمية بالغة لكونها تعد ركيزة أساسية في تأمين
سالمة القطاع البنكي والحفاظ على السياسة النقدية للدولة .كما يكتسي هذا الموضوع أهمية
قانونية تتجلى في ابراز الجه ة الرقابية المتدخلة في الرقابة القانونية والشرعية على مستوى
البنوك التشاركية ،وأهمية اقتصادية بالنظر إلى كون البنوك التشاركية تعتمد باألساس على
مبدأ المشاركة في توزيع الربح والخسارة.
- 3توصية بنك المغرب عدد 2007/33المتعلقة بمنتجات االجارة والمشاركة والمرابحة ،الصادرة بموجب قرار وزير
المالية رقم 984.89بتاريخ 13شتنبر .2007
- 4أنوار بوهالل وسكينة ألوات ،البنوك التشاركية بالمغرب من واقع الفراغ القانوني إلى مرحلة التقنين ،المجلة االلكترونية
لألبحاث القانونية ،2019عدد ،4ص .52
- 5ظهير شريف رقم 1.14.193الصادر في فاتح ربيع األول 24( 1436دجنبر ،)2014بتنفيذ القانون رقم 103.12
المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ،الجريدة الرسمية عدد ،6328بتاريخ 22يناير ،2015ص .462
2
وبالتالي فإن موضوع "آليات الرقابة بالنسبة للبنوك التشاركية" ،يدفعنا إلى طرح إشكالية
أساسية وهي كالتالي:
إلى أي حد ت وفق المشرع المغربي في إضفاء رقابته على البنوك التشاركية من خالل
اآلليات الرقابية للبنك المركزي والرقابة الشرعية للمجلس العلمي األعلى؟
ومن أجل مراقبة هذه اإلشكالية واالجابة عنها ،ارتأينا توظيف مجموعة من المناهج العلمية
لما لها من دور كبير في تنظيم البحوث العلمية من خالل اعتماد المنهج التحليلي لدراسة
النصوص القانونية المؤطرة لهذا الموضوع ،باإلضافة إلى المنهج الوصفي من خالل التطرق
ألبرز ا لنظم الرقابية سواء المتعلقة بالرقابة البنكية التي يمارسها بنك المغرب ،أو الرقابة
الشرعية للمجلس العلمي األعلى ووظيفة التقيد.
ولإلحاطة بالموضوع ارتأينا تقسيمه إلى مبحثين:
3
المبحث األول:
الرقاب ــة الق ــان ــونـ ـي ــة عـ ـلــى الـ ـبـ ـنــوك
ال ـتـ ـ ـشــارك ـيــة
4
المبحث األول :الرقابة القانونية عىل البنوك التشاركية
تعد البنوك التشاركية جزءا ال يتجزأ من الجهاز البنكي المغربي ،لذا فهي بحاجة لمراقبة
قانونية تتولى تيسير عملها ،وذلك حفاظا على مراكزها المالية من جهة ،ومن جهة أخرى
تعزيز الثقة في نفوس المتعاملين معها عامة والمودعين خاصة ،وبهذا أضحت الرقابة القانونية
بنوعيها الداخلية والخارجية من أهم األبعاد األساسية للعمل المصرفي.
فيما يتعلق بالرقابة الداخلية فهي تمارس من قبل كل من مراقب الحسابات والمودعين
المطلب األول ،أما بالنسبة للرقابة الخارجية وهي عنوان المطلب الثاني فتشمل رقابة بنك
المغرب ورقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية.
من أجل اإلحاطة بهذا المطلب ارتأينا تقسيمه إلى فقرتين ،فيما يخص الفقرة األولى
فسنتطرق فيها لدور مراقب الحسابات في مراقبة البنوك التشاركية ،على أن نخصص الفقرة
الثانية من هذا المطلب ،للحديث عن رقابة المودعين للبنوك التشاركية.
نظرا لما تتطلبه الرقابة الحسابية والمالية من خبرات فنية ومحاسبية ،فإن المشرع ألزم
البنوك التشاركية بضرورة تعيينها لمراقبين اثنين للحسابات وذلك بعد موافقة بنك المغرب،
فمن بين أهم شروط مزاولة هذه المهمة نجد ضرورة التقييد في جدول هيئة الخبراء
المحاسبين ،وأال يكون -ممارسها-من األشخاص الوارد تعدادهم في المادة 161من القانون
رقم 17.956المتعلق بشركة المساهمة ،ناهيك عن التوفر على جميع ضمانات االستقالل
-6ظهير شريف رقم 1.96.124صادر في 14من ربيع اآلخر 30 ( 1417غشت ،)1996بتنفيذ القانون رقم 17.95
المتعلق بشركة المساهمة ،الجريدة الرسمية عدد 4422بتاريخ 4جمادى اآلخرة 17( 1417أكتوبر ،)1996ص.2320 :
5
بالنسبة إلى المؤسسة الخاضعة للمراقبة وكذا أال يكونا ممثلين أو منتمين لمكاتب تجمع بينهما
روابط.
ونشير في هذا الصدد أن مهمة مراقب الحسابات على البنوك التشاركية تكمن باألساس في
التحقق من جميع دفاتر البنك ومستنداته وسجالته ،والتحقق من موجودات البنك والتزاماته،7
وكذا التأكد من مدى احترام التدابير المتعلقة بقواعد المحاسبة والقواعد االحترازية ونظام
المراقبة الداخلية.8
وننوه هنا أنه إلى جانب المهمة السابقة فهم معنيون بمهمة أخرى تم تحديدها بموجب المادة
100من القانون المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة ( 9)103.12في حكمها حيث
نصت المادة المذكورة على ما يلي" :يعهد إلى مراقبي الحسابات بمهمة مراقبة الحسابات وفقا
ألحكام القسم السادس من القانون رقم 17.95المتعلق بشركة المساهمة ،التأكد من احترام
التدابير المتخذة تطبيقا ألحكام المواد 71و 76و 77أعاله ،والتحقق من صدق المعلومات
المقدمة إلى الجمهور ومطابقتها".
باإلضافة لذلك يقوم مراقبو الحسابات بإعداد تقارير يبينون فيها نتائج قيامهم بمهمتهم وتبلغ
إ لى بنك المغرب ،كما يجب عليهم إبالغ والي بنك المغرب بكل فعل أو قرار يطلعون عليه
و يشكل خارقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها إذا كان من شأن ذلك أن
يضر بالوضعية المالية للبنك التشاركي ،أو أن يعرض استمرار استغالل البنك للخطر ،أو أن
يؤدي إلى تقديم تحفظات أو إلى رفض اإلشهاد على الحسابات.10
- 7جميلة الهبري" :الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية" ،مرجع سابق ،الصفحتان 64 :و.65
- 8دون ذكر اسم صاحب المقال" :البنوك اإلسالمية بالمغرب (البنوك التشاركية)" ،تجدونه على الموقع اإللكتروني التالي:
https://cfmota.blogspot.com/2019/04/blog-post.html?m=1.
9ظهير شريف رقم 1.14.193صادر في تاريخ ربيع األول 24( 1436ديسمبر ،)2014بتنفيذ القانون رقم 103.12
المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبر في حكمها ،الجريدة الرسمية عدد 6328بتاريخ فاتح ربيع الثاني 22 ( ،1436
يناير ،)2015ص.462 :
- 10دون ذكر اسم صاحب المقال" :البنوك اإلسالمية بالمغرب (البنوك التشاركية)" ،م س.
6
وتنتهي مهام مراقبي الحسابات ،إما طبقا للقواعد العامة ،أو إذا تدخل بنك المغرب
إلنهائها ،11بحيث جاء في منطوق المادة 106من قانون 103.12على أنه في حالة عدم
تقيده بأحكام الفصل الثاني من الباب الخامس المتعلق بمراقبة مؤسسات االئتمان من طرف
مراقبي الحسابات ،أو في حالة صدور عقوبات تأديبية في حقه من لدن هيئة خبراء المحاسبين،
أو عقوبات جنائية تطبيقا ألحكام القانون رقم 17.95المتعلق بشركة المساهمة ،فإن بنك
المغرب يقوم بإنهاء انتدابه عن طريق رفع أمر إلى األجهزة المقررة بالمؤسسات البنكية
الخاضعة لرقابته وتعويضه بمراقب حسابات آخر.
أوال وقبل الحديث عن الودائع ال في البنوك التشاركية أو البنوك التقليدية تجدر اإلشارة
إلى أن المودع في البنوك التشاركية مختلف عن المودع في البنوك التقليدية خاصة اصحاب
الودائع االستثمارية والحسابات االدخارية حيث تربطهم بالبنك التشاركي عالقة شراكة في
الربح والخسارة ،بخال ف المودعين في البنوك التقليدية الذين تربطهم عالقة مديونية بالبنك.
ومنه فإذا كانت الودائع االستثمارية تشكل جزء كبير من مصادر أموال البنوك التشاركية
اإلسالمية ،فإنه كان لزاما على المشرع المغربي أن يوفر جهاز يتولى حماية اصحاب الودائع
ومراقبة عمل البنوك التشاركية حماية لودائعهم داخل المؤسسة البنكية ،والغريب في األمر
أن الودائع االستثمارية تعد أهم مصدر أموال البنوك اإلسالمية وبالتالي عدم تخصيص لجنة
أو جمعية تتولى رقابة أموالهم داخل البنك التشاركي ،كما ان وضع لجنة لرقابة أموال
المودعين قد يكون لها دور إيجابي إضافة إلى حماية أموال المودعين والسهر على عدم وجود
أي اختالل في عمل البنك التشاركي ،وبالتالي العمل على إنجاح المؤسسة البنكية واستقرار
معاملتها في األسواق المالية كما أن الودائع البنكية تلعب دورا هاما في االستثمار بالنسبة
للبنوك التقليدية أو البنوك التش اركية لذلك وجب على المشرع وضع جهاز رقابي كفيل برقابة
الودائع البنكية وحماية حقوق المودعين .
- 11الحسين أمزي" :مقال بعنوان ،الرقابة على البنوك التشاركية في ضوء القانون المغربي" ،موجود على الرابط التالي:
https://www.mohamah.net/law/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84-
%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%A9-
%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-
./%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9
7
والزم هاجس حماية عمالء البنوك العديد من مشرعي القوانين البنكية المقارنة الحديثة
حيث نصت معظم القوانين على إنشاء أجهزة أو صناديق تختص من جهة تقديم الدعم المالي
لل مؤسسة البنكية التي تعاني من صعوبات قانونية أو مالية ،من شأنها أن تؤدي بها إلى التصفية
،ان لم تعالج ،ومن جهة اخرى بضمان ارجاع الودائع البنكية الى اصحابها ،ولم يشكل
التشريع المغربي استثناء ،فقد نصت المادة 128من القانون 103.12المتعلق بمؤسسات
االئتمان واله يئات المعتبرة في حكمها " بأن يحدث صندوق جماعي لضمان الودائع ألجل
حماية المودعين في حالة ضياع ودائعهم ".12
ومنه فان المشرع المغربي نص على مجموعة من المقتضيات لحماية الودائع البنكية
وضمان الحقوق المالية للمودعين ،لكنه لم ينص على صراحة على عن طرق ممارسة الرقابة
من طرف المودعين على ودائعهم ال في البنوك التقليدية وال المؤسسات البنكية التشاركية،
على الرغم من أن الودائع تشكل نسبة مهمة من مصادر أموال البنوك التشاركية
عهد المشرع المغربي وظيفة الرقابة الخارجية على البنوك التشاركية إلى بعض األجهزة
الخارجية الغير خاضعة للسلطة التنفيذية للبنك ،كبنك المغرب ،و وزير االقتصاد و المالية،
و كذا بعض الهيئات المتدخلة في القطاع البنكي ،قصد تظافر جهودها و العمل من أجل حماية
النشاط البنكي و ضمان مصلحة المودع ين مع التأكد من مدى مطابقة عمليات البنوك التشاركية
ألحكام الشريعة اإلسالمية ،و بذلك يكون المشرع المغربي قد ساوى بين البنوك التقليدية و
التشاركية من حيث الرقابة الخارجية ،حيث أن كليهما يخضعان لرقابة " بنك المغرب" )
الفقرة األولى ( ،و رقابة وزير االقتصاد و المالية ) الفقرة الثانية (.
وفقا للقانون األساسي لبنك المغرب رقم ،67.03يعتبر بنك المغرب مؤسسة عمومية تتمتع
باالستقالل المالي ،ويتولى تحديد كيفية تطبيق تدابير القانون البنكي والنصوص التنظيمية
الخاصة به ،كما يعتبر من المؤسسات األكثر فعالية في القطاع البنكي من خالل الرقابة التي
يمارسها على مؤسسات االئتمان.
ويظهر من خالل مواد القسم الخامس من القانون رقم 103.12المتعلق بمؤسسات االئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها ،خاصة المواد ،98 ،87 ،86 ،85 ،84 ،83 ،82 ،81 ،80
-12نور الدين الفقيهي" :المعين في فهم القانون البنكي المغربي" مطبعة طوب ،طبعة ،2016ص 120 :و.121
8
الدور الرقابي لبنك المغرب والذي يتجلى في مراقبة التقيد بتطبيق أحكام القانون المتعلق
بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ،والنصوص المتخذة لتطبيقه ،والتنظيم
اإلداري والمحاسبي ،والقواعد االحترازية.13
كما تمتد مظاهر رقابة بنك المغرب لتشمل تحديد قيمة الدرهم مقابل العمالت األجنبية ،في
إ طار نظام الصرف وسعر الدرهم ،وكذا االحتفاظ باحتياطات الصرف والقيام بتدبيرها ،كما
أضاف المشرع عدة اختصاصات لبنك المغرب بموجب القانون رقم ،103.12من أبرزها
السهر على تقيد الهي ئات الخاضعة لمراقبته بأحكام النصوص التشريعية المطبقة على مكافحة
غسل األموال وتمويل اإلرهاب ،14وذلك بتوفرها على نظام لليقظة والمراقبة الداخلية.
وباعتبار البنوك التشاركية مؤسسات ائتمان وجزء ال يتجزأ من الجهاز البنكي ،األمر الذي
يجعلها تخضع لنفس النظام الرقابي الذي يطبق على البنوك التقليدية ،كما تتمظهر خصوصية
رقابة بنك المغرب على البنوك التشاركية من خالل إصدار مناشير ودوريات تنظم العمل
الرقابي لبنك المغرب على البنوك التشاركية ،ومن خالل القانون رقم 103.12الذي ينظم
عالقة هيئات المطابقة 15والبنوك المركزية مع البنوك التشاركية.
هذا وتكتسي اآلليات والطرق الرقابية للبنك المركزي شكلين أساسيين ،إما رقابة مستندية
أو رقابة ميدانية.
أوال :الرقابة المستندية
ترتكز الرقابة المستندية على فحص الوثائق والمستندات المحاسبية واالحترازية ،حيث
تنجز هذه الرقابة على أساس التقارير والبيانات واإلحصائيات التي ترسلها البنوك التشاركية
إلى بنك المغرب بانتظام ،كما تتدعم ايضا بالمقابالت المنتظمة التي يجريها المكلفون بالرقابة
مع إطارات ومسيري مؤسسات االئتمان.16
ثانيا :الرقابة الميدانية
تهدف الرقابة الميدانية إلى دراسة وفحص المركز المالي للمؤسسة البنكية التشاركية
بمجموع فروعها وإداراتها في وقت واحد ،للتحقق من مدى سالمة المركز المالي للبنك
التشاركي ،وتقويم نظم العمل والرقابة الداخلية المطبقة ،والتحقق من صحة البيانات
- 13تنص الفقرة األولى والثانية من المادة 80من ق .ر 103.12المتعلق ب :م ا ه م ح على أنه " :يعهد إلى بنك المغرب
بمراقبة تقيد مؤسسات االئتمان بأحكام هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه ".
- 14تنص المادة 96من القانون رقم 103.12على أنه :يعهد إلى بنك المغرب بالسهر على تقيد الهيئات الخاضعة لمراقبته
بأحكام النصوص التشريعية المطبقة على مكافحة غسل األموال وتمويل اإلرهاب والنصوص المتخذة لتطبيقها ".
- 15ا ستخدم المشرع المغربي مصطلح "هيئات المطابقة " بدال للمصطلح الشائع في البنوك اإلسالمية بالدول العربية وهو
مصطلح " الرقابة الشرعية " ،وذلك لكون هذه التسمية تشير إلى أن الهيئات الشرعية تنظر فقط في مدى مطابقة العمليات
لمبادئ الشريعة اإلسالمية ،وقد خصص لها القانون رقم 103.12الباب الثاني المعنون بهيئات المطابقة من القسم الثالث
الخاص بالبنوك التشاركية ،وذلك من المادة 62إلى .65
- 16أ حمد ضويفي :عالقة البنك المركزي بالبنوك التجارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر تخصص قانون األعمال ،السنة
الدراسية ،1999جامعة الجزائر كلية الحقوق بن عنكون ،ص.96 :
9
واالحصائيات الدورية وغير الدورية التي يقدمها إلى البنك المركزي ،وفحص مدى التزام
البنوك التشاركية بالتشريعات المصرفية والمنشورات الصادرة من البنوك المركزية.17
يعتبر وزير االقتصاد والمالية من الجهات المتدخلة في القطاع البنكي والتي خول لها
المشرع اختصاصات هامة تروم الحفاظ على انتظام العمل البنكي ،بحيث يلعب دورا محوريا
في القطاع البنكي المغربي ،إذ كان في السابق يصطبغ بطابع استشاري قبل أن يصبح تقريريا
بموجب مرسوم ،1967حيث أعطاه هذا األخير اختصاصات هامة مرتبطة بتنظيم ورقابة
مؤسسات االئتمان ،إذ يقوم بدور رئيس فيما يتعلق بوضع وتوجيه وتنفيذ ما سطرته الدولة
في المجال النقدي والمالي.18
إضافة إلى ذلك فوزير االقتصاد والمالية حسب المادة 27من القانون 103.12المتعلق
بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها هو الذي يرأس المجلس الوطني لالئتمان
واالدخار ،فهو بهذا يتدخل في القرارات التي تهم جميع اإلجراءات المتعلقة بجمع األموال
المتلقاة من الجمهور ،وشروط منح المكافآت وتحديد الشروط الخاصة بمدة االئتمانات وأسعار
الفائدة المستحقة .وبما أن الوزير المكلف بالمالية يكون ممثال في أغلب الهيئات االستشارية
المحدثة بموجب القانون البنكي ،فهذا يجعله يتحكم في توجيه رأيها بخصوص قرارات تنظيم
نشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها.19
إال أن رقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية يمكن القول عنها أنها رقابة
غير مباشرة ،تتمثل في إخراج المقتضيات القانونية المتعلقة بالبنوك التشاركية سنة 2014
ألول مرة في تاريخ المغرب ،فرقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية تظل
ضعيفة ألن معظم وسائل الرقابة البنكية تم اسندها إلي البنك المركزي أو بنك المغرب الذي
أصبح يتمتع بصالحيات واسعة في مجال العمل البنكي ومراقبة مؤسسات االئتمان.
وتجدر اإلشارة إلى أنه باإلضافة إلى رقابة البنك المركزي ورقابة وزير االقتصاد والمالية
يساعد بنك المغرب في اداء مهمته الرقابية على البنوك التشاركية اجهزة استشارية متنوعة،
غير ان هذه الهيئات ال تصدر سوى توصيات أو آراء في القضايا موضوع االستشارة ،ويبقى
اتخاد القرار بيد بنك المغرب ،ورغم ان توصياتها غير ملزمة لهذا االخير إال انه ملزم
باستطالع رأيها في القضايا المحددة قانونا والتي تدخل في اختصاص كل هيأة على حدى،
وإال اعتبرت القرارات الصادرة عن بنك المغرب دون استطالع رأي احدى الهيئات قرارات
- 17شوقي كوتار :رقابة بنك المغرب على مزاولة المهنة البنكية ،الطبعة األولى ،2015 ،مطبعة دار القلم ،ص 49 :و.50
- 18نور الدين الفقيهي ،المعين في فهم القانون البنكي المغربي ،مطبعة RIVEطبعة نونبر ،2018ص .41
-19المرجع نفسه والصفحة نفسها.
10
معيبة شكال ويمكن الطعن فيها امام الجهة المختصة ،وتساهم هذه االجهزة عن طريق إبداء
أرائها في تحسين وتطوير مستوى الرقابة على البنوك.
ويتعلق األمر بالهيئات االستشارية المتدخلة في ممارسة الرقابة علـى البنوك التشاركية
والمتمثلة في (لجنة مؤسسات االئتمان ،المجلس الوطني لالئتمان واالدخار ،واللجنة التأديبية
لمؤسسات االئتمان) ،وهيئات تنسيقية تتكون من (الجمعية المهنية للبنوك ولجنة التنسيق
والرقابة على المخاطر الشمولية).
11
المبحث ال ـثــان:
الــرقــاب ــة الـ ـشــرعـ ـيــة ع ـلــى الـ ـبـ ـنــوك
ال ـتـ ـ ـشــارك ـيــة
12
المبحث الثان :الرقابة ر
الشعية عىل البنوك التشاركية ي
حتم إحداث البنوك التشاركية ضرورة وجود هيئة رقابية شرعية تضبط وترشد عمل هذه
األخيرة وتحكم قواعدها لتجعلها تواكب أحكام الشريعة اإلسالمية.20
الشيء الذي يحيلنا إلى معالجة مبحثنا من خالل التطرق في (المطلب األول) إلى مفهوم
الرقابة الشرعية وأهدافها وفي (المطلب الثاني) إلى أجهزة الرقابة الشرعية.
المطلب األول :مفهوم الرقابة ر
الشعية وأهدافها
إن الحديث عن الرقابة الشرعية كأحد أهم المفاهيم التي يتم تداولها على مستوى البنوك
التشاركية يقتضي منا في هذا المطلب التطرق في (الفقرة األولى) لتعريف الرقابة الشرعية
وفي (الفقرة الثانية) ألهداف الرقابة الشرعية
الفقرة االوىل :تعريف الرقابة ر
الشعية
تشكل الرقابة الشرعية أحد الركائز األساسية على مستوى العمل البنكي التشاركي وذلك
من خالل مزجها بين تتبع سير األعمال والتصرفات البنكية وفحص مدى التزام هذه
المؤسسات بالقواعد الشرعية.21
هذا وقد تم تعريف الرقابة الشرعية للبنوك التشاركية بكونها رصد وتتبع مدى مطابقة أعمال
المؤسسة المالية ألحكام الشريعة اإلسالمية.22
ويقصد بها أيضا متابعة وتحليل األعمال والتصرفات التي تقوم بها المؤسسات المالية
اإلسالمية للتأكد من كونها تتماشى وقواعد الشريعة اإلسالمية ،وذلك عبر استخدام مجموعة
من اآلليات التي يتم من خاللها بيان المخالفات وتصويبها وكذا تقديم التقارير إلى الجهات
المختصة.23
وتعني الرقابة الشرعية أيضا وجود هيئة تراقب أعمال البنوك التشاركية وتتأكد من مطابقتها
ألحكام الشريعة.
- 20رشيد صبيح ،هيئات الرقابة الشرعية بين الدور الشرعي والقانوني ،منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية ،مطبعة
دار السالم الرباط العدد ،2016 1ص .47
-21جميلة الهبري ،الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية ،م س ،ص .72
-22حمزة عبد الكريم حماد ،الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية ،مقال منشور على الرابط اإللكتروني:
https : islamonline.net.تاريخ اإلطالع .2021/12/5
23جميلة الهبري ،الرقابة القانونية والشرعية على البنوك التشاركية ،مرجع سابق ،ص .72-71
13
والمالحظ من خالل مجموع التعاريف المذكورة أنه وعلى الرغم من اختالفها في الصياغة
إال أنها تجمع حول فكرة واحدة وهي ضرورة تحقق السالمة الشرعية في المعامالت البنكية
التشاركية.
الفقرة الثانية :أهداف الرقابة ر
الشعية
تحقق الرقابة الشرعية للبنوك التشاركية مجموعة من األهداف لعل أهمها يتمثل فيما يلي:
-التحقق من مدى مطابقة المعامالت البنكية لقواعد الشريعة اإلسالمية
-التركيز على اآلثار األخالقية لألنشطة الممولة من قبل البنوك التشاركية
-المراقبة والمتابعة المستمرة والتدقيق في المعامالت البنكية والتحقق من مشروعيتها وتقويم
24
الخاطئ منها وتقديم البديل الشرعي عنه
-طمأنة المتعاملين مع هذه المؤسسات على مدى شرعية العقود والمعامالت التي يتم تقديمها
-تطوير العمل البنكي التشاركي وإيجاد صيغ تمويلية واستثمارية توافق الشريعة اإلسالمية
-اإلجابة عن تساؤالت المتعاملين مع المؤسسات البنكية التشاركية فيما يتعلق بشرعية بعض
25
إجراءاتها وتوضيح رأي الهيئة الشرعية فيها
-النظر في المعامالت التي يظن أنها وقعت مخالفة لقواعد الشريعة.26
المطلب الثان :جهاز الرقابة ر
الشعية ي
ا
لقد عملت كل الدول التي نظمت البنوك االسالمية على فرض الرقابة عليها ،لكونها تعتبر
ذات أهمية كبرى على المستوى االقتصادي ،غير أن هذا الجهاز المكلف بالرقابة يختلف
وتختلف تسميته من تشريع آلخر ،لكن أكثر التسميات تداوال هي هيئة أو لجنة الرقابة
الشرعية-المستشار أو المراقب أو المجلس الشرعي-هيئة الفتوى والرقابة الشرعية-إدارة
الفتوى والبحوث.
لقد عمل المشرع المغربي من خالل القانون رقم 103.12بإناطة مهمة رقابة البنوك
التشاركية بالمجلس العلمي األعلى ،27حيث ألزم هذه األخيرة بأن ترفع تقريرا إلى هذا المجلس
عند نهاية كل سنة محاسبتية توضح فيه مدى مطابقة أعمالها ونشاطاتها مع لآلراء المطابقة،
ومن أجل فرض مزيد من الرقابة ،وتسهيل عمل المجلس العلمي ،عمل المشرع على إصدار
الظهير رقم 1.15.02في 20يناير 2015القاضي بتتميم الظهير رقم 1.03.300الصادر
في 22أبريل 2004المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية ،حيث تم إحداث اللجنة الشرعية
للمالية التشاركية ،28ومن أجل معرفة المزيد عن هذه اللجنة سنقوم أوال ببيان تنظيمها ،ثم
سنتطرق ثانيا إلى بيان المهام المنوطة بها.
- 27لقد كانت مسودة قانون 103.12في صيغتها األولى اختارت تسمية لجنة الشريعة المالية كان الهدف منها مالئمة
المنتوجات البنكية للشريعة اإلسالمية.
- 28نور الدين الفقيهي ،المعين في القانون البنكي المغربي ،م س ،ص .175
- 29بشرى اعراب ،الرقابة على البنوك التشاركية ،ر سالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص قوانين التجارة
واألعمال ،السنة الجامعية ،2018 ،ص .84
- 30نفس المرجع ،ص .85
15
-الخبراء المستشارين الدائمين:
تستعين اللجنة على األقل بخمسة خبراء دائمين يختارون من بين األشخاص الذاتيين أو
االعتباريين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة في مجاالت القانون والمالية التشاركية والمعامالت
البنكية وقطاع التأمينات وسوق الرساميل ،ويتم تعيينهم بمقرر لألمين العام وتحدد وضعيتهم
بموجب عقود.
-الخبراء المستشارون والمؤقتون:
باإلضافة إلى الخبراء المستشارون الدائمين يمكن لمنسق اللجنة أن يدعوا كل شخص من
ذوي الخبرة واالختصاص إلى حضور االجتماعات وذلك من أجل تقديم إفادات إلى اللجنة
بخصوص القضايا المعروضة عليها.
-مجموعات عمل متخصصة:
من أجل ضمان حسن سير وتنظيم أشغال اللجنة الشرعية للمالية التشاركية ،فقد أتاح لها
المشرع إمكانية تشكيل مجموعات عمل متخصصة من بين أعضائها تقوم بدراسة القضايا
المعروضة عليها وإعداد تقارير مفصلة بشأنها.
-الجهات المتعاملة مع اللجنة:
تعمل اللجنة الشرعية للمالية التشاركية على استقبال طلبات إبداء الرأي في األنشطة
والعمليات المشار إليها في الفصل المادة الثالثة من الظهير الشريف رقم 1.03.300عن
طريق:
بنك المغرب ،بالنسبة لطلبات إبداء الرأي المقدمة من قبل مؤسسات االئتمان والهيئات
المعتبرة في حكمها.
هيئة مراقبة التأمينات واالحتياط االجتماعي ،بالنسبة لطلبات إبداء الرأي المقدمة من قبل
مقاوالت التأمين المعتمدة.
الهيئة المغربية لسوق الرساميل ،بالنسبة لطلبات إبداء الرأي المقدمة من قبل الجهة
الراغبة في إصدار شهادات الصكوك.31
ثانيا :مهام اللجنة الشرعيةا :مهام اللجنة الشرعية.
تقع على عاتق اللجنة الشرعية للمالية التشاركية العديد من المهام تروم في مجملها إلى تحقيق
رقابة دقيقة على العمليات البنكية والتأكد من أنها تتوافق مع أحكام الشريعة اإلسالمية ،وعموما
فإن مهام هذه اللجنة تتلخص فيما يلي:
- 31نور الدين الفقيهي ،المعين في القانون البنكي المغربي ،م س ،ص .173
16
-1إبداء الرأي بشأن مطابقة المنتوجات المالية التشاركية التي تقدمها مؤسسات االئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها لزبنائها ،ونماذج العقود المتعلقة بهذه المنتوجات ،ألحكام
الشريعة اإلسالمية ومقاصدها ،كلما كان تقديم هذه المنتوجات وإبرام العقود المتعلقة بها رهينا
بصدور الرأي المذكور طبقا للتشريع الجاري به العمل؛
-2إبداء الرأي بشأن مطابقة مضمون المناشير التي يصدرها والي بنك المغرب ألحكام
الشريعة اإلسالمية ومقاصدها ،المتعلقة بالمنتوجات المالية التشاركية ،والودائع االستثمارية.
والعمليات التي ينجزها صندوق ضمان ودائع البنوك التشاركية؛
-3إبداء الرأي بصفة خاصة بشأن مطابقة عمليات التأمين التكافلي التي تقوم بها مقاوالت
التأمين وإعادة التأمين ،في إطار المالية التشاركية ،ألحكام الشريعة اإلسالمية ومقاصدها،
وذلك طبقا للتشريع الجاري به العمل؛
-4إبداء الرأي بشأن مطابقة عمليات إصدار شهادات الصكوك طبقا للتشريع الجاري به العمل
مع أحكا م الشريعة اإلسالمية ومقاصدها .كيفما كانت الجهة المصدرة لها.
أما عن طريقة عمل اللجنة العلمية ،فإنها تعمل على إبداء رأيها في األنشطة المعروضة
عليها المتعلقة بالمالية التشاركية ،وذلك بناء على تقرير مفصل وموثق تتضمن المعطيات
المتعلقة بكل نشاط أو عملية أو نمو ذج أو مشروع من مشاريع المناشير المراد إصدارها
واالستنتاجات التي توصلت إليها بشأن مدى مطبقتها ألحكام الشريعة اإلسالمية ،وتصدر
اللجنة العلمية للمالية التشاركية آراءها باسم هذا األخير ،وبإجماع أعضائها الذين شاركوا في
مداوالتها ،مع تعليلها.32
العلم األعىل ومدى إلزامية قراراته
ي الفقرة الثانية :وظيفة التقييد بآراء المجلس
سنقف في هذه الفقرة عند التقييد بآراء المجلس األعلى (أوال) ثم ننتقل للحديث عن مدى
إلزامية القرارات الصادرة عن المجلس األعلى (ثانيا).
- 32نور الدين الفقيهي ،المعين في القانون البنكي المغربي ،م س ،ص .178
17
-التعرف على مخاطر عدم مطابقة عملياتها وأنشطتها لآلراء بالمطابقة التي
يصدرها المجلس العلمي األعلى وفقا لمقتضيات المادة 62أعاله والوقاية منها؛
-ضمان تتبع وتطبيق لآلراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي األعلى
المذكور ومراقبة احترامها؛
-السهر على وضع واحترام الدليل والمساطر الواجب احترامها؛
-التوصية باعتماد التدابير المطلوبة في حالة عدم احترام مؤكد للشروط -
المفروضة عند تقديم منتوج للجمهور صدر في شأنه عن المجلس العلمي األعلى
السالف الذكر رأي بالمطابقة"....
هذا فيما يتعلق بالمها م الموكولة لوظيفة التقييد ،أما بخصوص شروط كيفية سيرها
وتكوينها فالمشرع لم يحددها من خالل القانون ،103.12بل أحال ذلك على منشور يصدره
والي بنك المغرب بعد استطالع رأي لجنة مؤسسات االئتمان ،األمر الذي ينطبق أيضا على
التقرير الواجب رفعه من طرف البنوك التشاركية إلى بنك المغرب بخصوص مطابقة نشاطها
لمقتضيات القسم الثالث المتعلق بالبنوك المذكورة.33
كما نالحظ أن المادة 64من قانون 103.12من مؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في
حكمها ،لم تدرج المجلس العلمي األعلى ألخذ برأيه في مسألة تحديد شروط وكيفيات سير
وظيفة التقيد ،باعتباره يشكل الرقابة الشرعية العليا ،ووظيفة التقيد تمثل الرقابة الشرعية
الداخلية المختصة بكل بنك تشاركي على حدة.
ثانيا :مدى إلزامية القرارات الصادرة عن المجلس العلمي األعلى
تعتبر استقاللية الرقابة الشرعية ،وإلزامية قراراتها ،من المبادئ األساسية إلعطاء الرقابة
الشرعية حقها في القيام بدورها في االفتاء والتوجيه والمراجعة ،وال توجد أي قيمة للرقابة
الشرعية إذا لم تكن قراراتها ملزمة للبنك ،ألن الفتوى الصادرة عنها حكم شرعي واجب
اتباعه شرعا.34
وتتخذ إلزامية قرارات الرقابة الشرعية مكانة مهمة داخل الهيكل التنظيمي للبنك ،سواء
من حيث كيفية تطبيق القرار داخل البنك بشكل عام ،أو من حيث القوة الشخصية لألعضاء
من خالل تمسكهم بآرائهم وفرضها على اإلدارة ،وبالرغم من أن النظام التأسيسي لبعض
المصارف اإلسالمية – البنوك التشاركية -لم ينص على أن قرارات الرقابة الشرعية ملزمة،
إال أن األمر أصبح عرفا يلزم إدارة البنك ،فأغلبية المصارف اإلسالمية تلتزم بضرورة
- 33نورالدين الفقهي ،المعين في فهم القانون البنكي المغربي ،م س ،ص .180
- 34بشرى اعراب ،الرقابة على البنوك التشاركية ،م س ،ص .93 :
18
مراجعة الرقابة الشرعية للعقود من الناحية الشرعية ،وصياغتها بما يتفق مع الشرع وااللتزام
بما تقره هذه الرقابة.35
من خالل هذا يمكن القول أن قرارات الهيئة ملزمة ،بغض النظر عن وضعها في النظام
األساسي للبنك ،ألن الفتوى الشرعية حكم شرعي واجب اتباعه ،فإذا اقتصر دور المجلس
األعلى على بيان الدور الرقابي دون النص على إلزامية اآلراء الصادرة عنه فإن هذا سيؤدي
إلى فقدان آلية الرقابة الشرعية التي يقوم بها المجلس المذكور ،خصوصا وأن المشرع
المغربي أعطى أهمية بالغة للرقابة الشرعية وخصص لها بابا خاصا وهو الباب الثاني من
القسم السادس وسمها بهيئات المطابقة في قانون مؤسسات االئتمان الهيئات المعتبرة في
حكمها ،وبالرجوع الى المادة 64م ن القانون المذكور نجدها واضحة بشأن إلزامية الفتاوى
واآلراء بالمطابقة الصادرة عن اللجنة الشرعية للمالية التشاركية ،وذلك في كل معامالتها
ومنتجاتها وعقودها التي تقدمها لعمالئها.36
- 35أحمد عبد العفو مصطفى العليات ،الرقابة الشرعية على أعمال المصارف اإلسالمية ،أطروحة استكماال لمتطلبات
درجة الماجستير في الفقه والتشريع ،كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ،فلسطين ،2006 ،ص .105
- 36بشرى اعراب ،الرقابة على البنوك التشاركية ،م س ،ص .95 :
19
خـــاتــمــة:
خالصة للقول ،فأن البنوك التشاركية تتميز عن غيرها من البنوك التقليدية من حيث
خصوصياتها القائمة على عدم التعامل بالفوائد الربوية .كما تتميز بكونها تخضع لنوعين من
الرقابة ،رقابة قانونية يقوم بها البنك المركزي ،ورقابة شرعية تعمل على الحفاظ على التزام
هذه البنوك بمبادئ الشريعة االسالمية والتي يتوالها المجلس العلمي األعلى الذي يعمل على
اصدار اآلراء بالمطابقة التي تخضع لها العمليات التجارية والمالية واالستثمارية وعقود
المنتجات التمويلية واالستثمارية التي تقدمها البنوك لعمالئها ،والتي ال يمكن اعتمادها إال بعد
أخذ الرأي فالمطابقة لقواعد وأحكام الشريعة االسالمية ،هذا وقد عمل المشرع المغربي على
إحداث "وظيفة التقيد" التي تحمل على فحص وتحديد مدى التزام المؤسسات المالية ومنتجاتها
التمويلية واالستثمارية بمبادئ الشريعة ،وكذا إلى مدر وخضوعها وتطبيقها لآلراء بالمطابقة
الصادرة عن المجلس العلمي األعلى.
والمغرب يعد من الدول المسايرة للبنوك التشاركية ،إال أن ممارستها لنشاطها يتم في ظل
قوانينه السابقة ،وبالتالي فإن القانون ال بنكي لم يتم أقلمته مع العمل البنكي التشاركي ،مما
يتضح معه أن الطريق صعب أمام البنوك التشاركية بالمغرب.
لذا بات من الضروري العمل على إحداث قوانين خاصة بالبنوك التشاركية ،وأن تكون
اآلليات الرقابية البنكية تتميز بالخصوصية الشرعية وتختلف عن اآلليات الرقابية للبنوك
التقليدية.
عالوة على إعطاء المجلس العلمي األعلى جميع الصالحيات بغية اتخاذ جميع التدابير
الالزمة عند اخالل البنوك التشاركية باآلراء بالمطابقة ،وكذا منحه صالحية الرقابة المستمرة
على أعمال هذه األخيرة.
ناهيك على ضرورة االنفتاح على تجارب البنوك االسالمية للدول األخرى بهدف كسب
المزيد من التجارب حول المالية االسالمية بهدف تطوير المنتجات التمويلية وآليات الرقابة
القانونية والشرعية.
20
ونتمنى أن نكون قد وفينا في إعطاء هذا العرض حقه من الدراسة والتحليل ليكون قيمة
مضافة للمهتمين بهذا المجال ،ولقد بذلنا قصارى جهدنا فيه ،فإن أصبنا فذلك مرادنا وإن
أخطئنا فلنا شرف المحاولة والتعلم.
" ربنا ال تزغ قلوبنا بعد أن هديتنا ،وهب لنا من دلنك رمحة ،انك أنت الوهاب "
سورة آل عمران ،اآلية 8
صدق هللا العظمي
21
الئـ ـح ـة ال ـم ـراج ـع:
❖ الكتب:
-شوقي كوتار ،رقابة بنك المغرب على مزاولة المهنة البنكية ،الطبعة األولى،2015 ،
مطبعة دار القلم.
❖ الرسائل الجامعية:
-بشرى اعراب ،الرقابة على البنوك التشاركية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص تخصص قوانين التجارة واألعمال ،السنة الجامعية.2019-2018 :
-جميلة الهبري ،الرقابة القانونية والمطابقة الشرعية على البنوك التشاركية ،رسالة لنيل
دبلوم نهاية التكوين في سلك الماستر المتخصص القانون والبنوك التشاركية والتأمينات
التكافلية ،جامعة ابن زهر كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكادير ،السنة
الجامعية .2019 / 2018
-أحمد عبد العفو مصطفى العليات ،الرقابة الشرعية على أعمال المصارف اإلسالمية،
أطروحة استكماال لمتطلبات درجة الماجستير في الفقه والتشريع ،كلية الدراسات العليا
في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ،فلسطين2006 ،
-محمد ضويفي ،عالقة البنك المركزي بالبنوك التجارية ،رسالة لنيل دبلوم الماستر
تخصص قانون األعمال ،السنة الدراسية ،1999جامعة الجزائر كلية الحقوق بن
عنكون.
❖ المجالت:
-عمر صوصي وفؤاد بلمودن :الرقابة الشرعية على التمويالت اإلسالمية المصرفية،
المجلة اإللكترونية لألبحاث القانونية ،العدد . 2019 .4
-رشيد صبيح ،هيئات الرقابة الشرعية بين الدور الشرعي والقانوني ،منشورات مجلة
المنارة للدراسة القانونية ،مطبعة دار السالم الرباط العدد .2016 1
22
-أنوار بوهالل وسكينة ألوات ،البنوك التشاركية بالمغرب من واقع الفراغ القانوني إلى
مرحلة التقنين ،المجلة االلكترونية لألبحاث القانونية ،2019عدد .4
-محمد حفو ،البنوك التشاركية بين غموض النص وتحديات الواقع العملي ،مجلة القانون
واالعمال عدد ،17مارس .2017
❖ المقاالت:
-حمزة عبد الكريم حماد :الرقابة الشرعية في المصارف اإلسالمية :مقال منشور في
الموقع اإللكتروني:
https : islamonline.net.
-دون ذكر اسم صاحب المقال" :البنوك اإلسالمية بالمغرب (البنوك التشاركية)"،
التالي: اإللكتروني الموقع على تجدونه
https://cfmota.blogspot.com/2019/04/blog-post.html?m=1.
-الحسين أمزي" :مقال بعنوان ،الرقابة على البنوك التشاركية في ضوء القانون
التالي: الرابط على موجود المغربي"،
https://www.mohamah.net/law/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9
%84-%D8%AD%D9%88%D9%84-
%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D8%A7%D8%A8%D8%A9-
%D8%B9%D9%84%D9%89-
%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%88%D9%83-
%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%
./D9%8A%D8%A9
23
الفهـــــرس:
مــقــــدمــــة1 ................................................................................................ :
المبحث األول :الرقابة القانونية على البنوك التشاركية 4....................................................
المطلب األول :آليات الرقابة الداخلية على البنوك التشاركية 5 .............................................
الفقرة األولى :دور مراقب الحسابات في بسط الرقابة الداخلية 5 ...........................................
الفقرة الثانية :مراقبة البنوك التشاركية من طرف المودعين 7 .............................................
المطلب الثاني :آليات الرقابة الخارجية على البنوك التشاركية 8 ...........................................
الفقرة األولى :الرقابة من طرف البنك المركزي 8 ...........................................................
أوال :الرقابة المستندية 9 .....................................................................................
ثانيا :الرقابة الميدانية 9 ......................................................................................
الفقرة الثانية :رقابة وزير االقتصاد والمالية على البنوك التشاركية 10 ...................................
المبحث الــثــاني :الــرقــابـــة الـــشــرعـــيــة عـــلــى الـــبـــنــوك الــتـــــشــاركــيــة 12 ................
المطلب األول :مفهوم الرقابة الشرعية وأهدافها 13 ........................................................
الفقرة االولى :تعريف الرقابة الشرعية 13 ..................................................................
الفقرة الثانية :أهداف الرقابة الشرعية 14 ..................................................................
المطلب الثاني :جهاز الرقابة الشرعية 14 ...................................................................
الفقرة األولى :رقابة المجلس العلمي األعلى 15 ............................................................
أوال :تنظيم اللجنة الشرعية للرقابة 15 ......................................................................
ثانيا :مهام اللجنة الشرعية 16 ...............................................................................
الفقرة الثانية :وظيفة التقييد بآراء المجلس العلمي األعلى ومدى إلزامية قراراته 17 ....................
أوال :التقييد بآراء المجلس العلمي األعلى 17 ...............................................................
ثانيا :مدى إلزامية القرارات الصادرة عن المجلس العلمي األعلى 18 .....................................
خـــاتــمــة20 ............................................................................................. :
الئــــحــة الــمـــراجـــع22 ............................................................................... :
الفهـــــرس24 ............................................................................................ :
24
25