You are on page 1of 25

‫جريمة التفالس‬

‫تقديم‪:‬‬
‫جاءت مدونة التجارة‪ 1‬المغربية بنظام ص عوبات المقاول ة في الكت اب الخ امس‪ 2‬منه ا أس وة‬
‫بغيرها من التشريعات المقارنة‪ ،‬وذلك لحماية النظام العام االقتص ادي واالجتم اعي والحف اظ‬
‫على حياة المقاولة‪ ،‬باعتبارها نواة االقتصاد المغربي‪ ،‬وزرع االطمئنان في نفوس المتعاملين‬
‫معها من م وردين ومنتجين وغ يرهم من الفرق اء االقتص اديين‪ ،‬وك ذا الحف اظ على مناص ب‬
‫الشغل التي توفرها كأهم دور اجتماعي تقوم به‪.‬‬
‫يفرض العمل بهذا النظام‪ ،‬الصعوبات التي تمر بها المقاوالت نتيجة التغيرات التكنولوجي ة أو‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫هذه التغيرات التي ال تعد دائما السبب الرئيسي في وجود هذه الص عوبات‪ ،‬فق د يك ون الس بب‬
‫الرئيسي فيها هو الطريقة غير الصحيحة وغير االمن ة في تس يير ه ذه المق اوالت من ط رف‬
‫من أسندت لهم مهام التسيير‪.‬‬
‫لذلك ت دخل المش رع ورتب مس ؤولية ه ؤالء عن التج اوزات المرتكب ة أثن اء ت وليهم ش ؤون‬
‫التسيير والمؤدية إلى تخبط الشركة في صعوبات مالية ينتج عنه ا في غ الب األحي ان توقفه ا‬
‫عن الدفع‪.‬‬
‫ومن أجل حماية الشركة ومصالح الغير المرتبطة بها من ه ذه التج اوزات والخروق ات‪ ،‬فق د‬
‫شدد‪ 3‬المشرع من مسؤوليتهم الجنائية‪ 4‬في حالة إعالن التسوية أو التصفية القضائية في ح ق‬
‫الشركة‪.‬‬

‫‪ ) 1‬القانون رقم ‪ 15.95‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.96.83‬بتاريخ ‪ 15‬ربيع االول ‪(1417‬ف اتح غش ت ‪ ،( 1996‬والمنش ور بالجري دة‬
‫الرسمية عدد ‪ 4418‬بتاريخ ‪ 3‬اكتوبر ‪.1996‬‬
‫‪ ) 2‬تم نسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم ‪ 15.95‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬بمقتضى المادة األولى‬
‫من القانون رقم ‪ 73.17‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.18.26‬بتاريخ ‪ 2‬شعبان ‪ )19 1439‬أبريل ‪ ،( 2018‬الجري دة الرس مية ع دد ‪6667‬‬
‫بتاريخ ‪ 6‬شعبان ‪ )23 1439‬أبريل ‪ ،( 2018‬ص ‪.2345‬‬
‫‪ ) 3‬فوصف المسؤولية بالمشددة جاء على اعتبار أن ا ألخطاء في التسيير وسوء التسيير من قبل المسير هي التي أدت إلى توقف الشركة عن ال دفع‬
‫وخضوعها لمساطر المعالجة‪ ،‬فكان الهدف هو حماية األهداف االقتصادية للدولة‪ ،‬ومصلحة الشركة وكذلك مصلحة الدائنين‪.‬‬
‫‪ ) 4‬إن تقدير المشرع لعدم كفاية الجزاءات المدنية في ردع مسيري هذه المقاوالت‪ ،‬هو ما جعله يتدخل لفرض حزم ة من الج زاءات الجنائي ة أك ثر‬
‫فعالية في حماية مصلحة الدائنين بصفة خاصة واالقتصاد الوطني بصفة عامة‪.‬‬
‫وتعد جريمة التفالس‪ 5‬إحدى ص ور ه ذه المس ؤولية المش ددة وال تي تتحق ق بارتك اب‬
‫المسير ألحد األفعال المنصوص عليها في المادة ‪ 754‬من مدونة التجارة‪ ،‬والتي لها أثر ب الغ‬
‫الخط ورة على إدارة وتس يير الش ركة واس تمرارها في مزاول ة نش اطها‪ ،‬وتع ريض أمواله ا‬
‫للضياع‪ ،‬وزعزعة الثقة في االئتمان وبث االضطراب في السوق‪.‬‬
‫ويهدف المشرع من خالل مسؤولية مسير الش ركة عن جريم ة التف الس‪ ،‬الحف اظ على‬
‫االئتمان التجاري‪ ،‬وتنقية الوسط االقتصادي من بعض األفعال التي تمس المقاوالت التي تع د‬
‫أحد أهم الهياكل والركائز التي يق وم عليه ا االقتص اد المغ ربي‪ ،‬وتخليقه ا عن طري ق حس ن‬
‫التسيير والشفافية في المعامالت التي تربطها بمحيطها‪ ،‬وكذا توفير ظروف مالئم ة لس يرها‪،‬‬
‫وحماية المتعاملين معها‪ ،‬وبصفة عامة الحفاظ على الضمان العام‪ .‬كل ه ذه األم ور له ا وق ع‬
‫ايجابي على مستوى االقتصاد الوطني‪ .‬لذلك لم يتردد المشرع في إنزال عقوبات زجرية على‬
‫المسير الضالع في ارتكاب هذه الجريمة‪ ،‬وهي العقوب ات المنص وص عليه ا في الم ادة ‪755‬‬
‫من مدونة التجارة‪ ،‬والعقوبة المدني ة اإلض افية المتعلق ة بس قوط أهليت ه التجاري ة ال واردة في‬
‫المادة ‪ 756‬من نفس المدونة‪.‬‬
‫ولإلحاطة بهذه الجريمة بشكل مس تفيض الب د من التع رف على ش روط قيامه ا وك ذا‬
‫األفعال المحققة لها) المطلب األول (‪ ،‬باإلضافة إلى اإلجراءات المسطرية للمتابع ة والعقوب ة‬
‫المقررة لها (المطلب الثاني (‪.‬‬

‫‪ ) 5‬نظم المشرع جريمة التفالس في الفصل األول من الباب الثاني ضمن القسم السابع من مدونة التجارة التي نسخ وع وض الكت اب الخ امس منه ا‬
‫الخاص بمساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬بمقتضى القانون رقم ‪ . 73.17‬وقد اعتمد المشرع في تبويب القسم السابع من هذا الق انون نوع ا من الدق ة حيث‬
‫عنون هذا القسم بالعقوبات وقسمه إلى بابين األول خصصه للعقوبات المدنية والثاني خصصه للعقوب ات الزجري ة ال تي ي دخل ض منها التف الس‪ .‬ه ذا‬
‫عكس ما كان عليه األمر سابقا قبل نسخ وتعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة‪ ،‬حيث كان القس م الخ امس يتض من ثالث ة أب واب تض من األول‬
‫العقوبات المالية والثاني سقوط األهلية التجارية‪ ،‬في حين خصص الباب الثالث من هذا القسم إلى التفالس والجرائم األخرى‪ ،‬وه ذا التب ويب في ه ن وع‬
‫من عدم الدقة ألنه لم يراعي التمييز بين العقوبات المدنية والعقوبات الزجرية وهذا ما تداركه المشرع في القانون الجديد كما سبق الذكر‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬الشروط واألفعال املؤدية لتحقق جريمة التفالس‬
‫إن إث ارة مس ؤولية مس ير الش ركة عن جريم ة التف الس‪ ،‬تتوق ف على ت وفر بعض‬
‫الشروط (الفقرة األولى (‪ ،‬وارتكاب ه ألفع ال ذات طبيع ة جرمي ة ح ددها المش رع في مدون ة‬
‫التجارة‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط قيام جريمة التفالس‬


‫لتسطير المتابعة عن جريمة التفالس استوجب المشرع ضرورة ت وفر بعض الش روط‬
‫المسبقة والمفترضة في هذا النوع من الجرائم‪ ،‬حددها في ضرورة صدور حكم بفتح مس طرة‬
‫المعالجة ضد الشركة المتوقفة عن الدفع بسبب سوء التسيير) أوال (‪ ،‬وضرورة اتسام المت ابع‬
‫بهذه الجريمة بصفة مسير) ثانيا (‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضرورة صدور حكم بفتح مسطرة املعالجة‬


‫إن متابعة مسير الشركة بجريمة التفالس يتوقف على صدور حكم يقضي بفتح مسطرة‬
‫التسوية أو التصفية القضائية‪ 6‬ضد الشركة‪ ،‬التي يت ولى مه ام تس ييرها‪ ،‬وه ذا الحكم يص در‬
‫‪7‬‬
‫عن المحكمة التجارية التي يوجد بدائرة نفوذها المقر االجتماعي للشركة‪ ،‬طبقا للم ادة‪581‬‬
‫من مدونة التجارة‪.‬‬
‫فلم يع د التوق ف عن ال دفع ال ذي ك انت تعاين ه المحكم ة الجنائي ة األس اس الق انوني لتحري ك‬
‫الدعوى العمومية بالتفالس ضد المدين‪ ،‬بل أصبح من الض روري للمتابع ة من أج ل التف الس‬
‫وتوقيع العقاب‪ ،‬صدور حكم من المحكمة التجارية بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية‬
‫ضد المدين‪ 8‬وقد حسم المشرع من خالل المادة ‪ 754‬من مدونة التجارة بعد نس خ وتع ويض‬
‫القانون رقم ‪ 73.17‬الكتاب الخامس من هذه المدونة‪ ،‬االختالف ال ذي ك ان س ائدا بخص وص‬
‫ما المقصود بافتتاح إجراء المعالجة كأساس اإلدانة بجريمة التف الس‪ ،‬ال وارد في الم ادة ‪721‬‬

‫‪ ) 6‬تنص المادة ‪ 583‬من مدونة التجارة على ما يلي‪ " :‬تقضي المحكمة بالتسوية القضائية إذا تبين لها أن وض عية المقاول ة ليس ت مختل ة بش كل ال‬
‫رجعة فيه‪ ،‬وإال فتقضي بالتصفية القضائية‪.‬‬
‫‪ )7‬جاء في المادة ‪ 581‬ما يلي‪ " :‬ينعقد االختصاص للمحكمة التابع لدائرة نفوذها مكان مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر االجتماعي للشركة‪.‬‬
‫تكون المحكمة‪ ،‬المفتوحة مسطرة التسوية أمامها‪ ،‬مختصة للنظر في جميع الدعاوى المتصلة بها‪.‬‬
‫تدخل في إطار اختصاص المحكمة‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬الدعوى المتعلقة بتسيير المسطرة أو التي يقتضي حلها تطبيق مقتضيات هذا القسم "‪.‬‬
‫‪ ) 8‬بوشرة فقيهي‪" ،‬جريمة التفالس والجرائم الملحقة بها "‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬جامعة محمد الخامس كلي ة العل وم القانوني ة‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ -‬السويسي – السنة الجامعية ‪ ، 4200 -2003‬ص ‪.11‬‬
‫من مدونة التجارة قبل صدور القانون الجديد حيث جاء في هذه الم ادة‪" :‬ي دان بالتف الس في‬
‫حال افتتاح إجراء المعالجة‪ ،"...‬وهذا المقتضى يطرح إشكال ما المقصود ب إجراء المعالج ة‬
‫الذي أورده المشرع في هذه المادة هل التسوية القضائية والتصفية القضائية مع ا أم أن االم ر‬
‫يتعلق بالتسوية القضائية فقط كمفهوم لمسطرة المعالج ة؟ فال ب أس من الت ذكير به ذا االنقس ام‬
‫في الرأي‪.‬‬
‫هناك اتجاهان بخصوص هذه المسألة‪:‬‬
‫االتج اه األول‪ 9‬ي رى أن ه ال يمكن المتابع ة بجريم ة التف الس إال إذا ك انت المس طرة‬
‫المفتوحة ضد المدين تتمثل في التسوية القضائية دون التص فية القض ائية‪ ،‬وق د عللت الباحث ة‬
‫بوشرة فقيهي‪ 10‬ذلك بقولها‪... " :‬فالمقصود بالمعالجة في المادة ‪ 721‬هو إجراء التس وية دون‬
‫التصفية القضائية‪ ،‬وسندنا في ذلك أمران أساسيان‪:‬‬
‫‪ -‬أن المش رع المغ ربي في إط ار تنظيم ه للكت اب الخ امس من مدون ة التج ارة والمتعل ق‬
‫بص عوبات المقاول ة ف رق بين مس اطر المعالج ة ‪-‬والمتمثل ة في التس وية‪-‬ومس اطر التص فية‬
‫القضائية‪.‬‬
‫‪ -‬كما أن المادة ‪ 721‬من مدونة التجارة صريحة في اشتراط فتح المعالجة القضائية فقط"‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ف ذهب إلى عكس االتج اه األول بقول ه‪" :‬ال يمكن إدان ة رئيس‬ ‫أم ا االتج اه الث اني‬
‫المقاولة المدين بالتفالس الرتكاب ه واح د أو أك ثر من األفع ال أو الوق ائع المجرم ة في الم ادة‬
‫‪ 721‬إال إذا صدر ضده أوال حكم بفتح مسطرة من مس اطر المعالج ة‪ ،‬س واء ك انت مس طرة‬
‫التسوية القضائية (التصحيح القضائي) أو التصفية القضائية"‪.‬‬
‫ونحن نرى أن المقصود بإجراء المعالجة في المادة ‪ 721‬من المدونة هو ص دور حكم‬
‫بالتس وية أو التص فية القض ائية‪ ،‬ألن الش ائع على مس توى الفق ه وال ح تى على المس توى‬
‫القضائي أن مساطر المعالجة تدخل ض منها المس طرتين مع ا‪ ،‬باإلض افة إلى أن ه ال يعق ل أن‬
‫يفلت المسير الذي أتى أحد األفعال الموجبة لعقوبة التف الس بمج رد أن الش ركة ال تي يس يرها‬
‫حكم عليها بفتح مسطرة التصفية القضائية‪ ،‬وهذا ما سيفقد مسطرة التصفية القض ائية طابعه ا‬
‫‪ ) 9‬امحمد لفروجي‪" ،‬صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ال دار البيض اء‪ ،‬ف براير ط‪ .‬أولى‪،2000 ،‬‬
‫ص‪.440 .‬‬
‫‪ ) 10‬بوشرة فقيهي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪. 15-14‬‬
‫‪ ) 11‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪.460‬‬
‫الترهيبي في مواجهة المسير السيء النية‪ ،‬وكذلك حماية الدائنين في مواجهة ه ؤالء‪ .‬زد على‬
‫ذلك‪ ،‬أن المشرع لو أراد مسطرة دون أخرى لنص على ذلك بشكل صريح‪.12‬‬
‫وكما سبق القول فالمشرع حسم هذا الخالف من خالل المادة ‪ 754‬من مدون ة التج ارة‬
‫بعد صدور القانون الجديد حيث نصت على أنه‪ " :‬يدان بالتفالس في حال افتتاح التس وية أو‬
‫التصفية القضائية‪ ،"...‬سائرا على منوال المشرع الفرنسي الذي اعتبر أن المتابع ة من أج ل‬
‫جريمة التفالس تتحقق سواء كانت المسطرة المفتوحة تسوية قضائية أو معالجة قضائية‪. 13‬‬
‫ه ذا وتج در اإلش ارة أن الحكم بفتح مس طرة التس وية أو التص فية القض ائية في وج ه‬
‫الشركة‪ ،‬يستوجب شرط توق ف ه ذه األخ يرة عن أداء ديونه ا التجاري ة وال ذي يح دده الحكم‬
‫نفسه والذي يجب أال يتجاوز ‪18‬شهرا السابقة لصدوره طبقا للمادة ‪.14713‬‬
‫والسؤال الذي يطرح هنا هل هذا الحكم ملزم للقضاء الزج ري ال ذي ل ه اختص اص البت في‬
‫الجريمة؟‬
‫لقد تخلت مقتضيات مدونة التج ارة بخص وص جريم ة التف الس عن نظري ة اإلفالس الفعلي‪،‬‬
‫وخضوع القانون الجن ائي للق انون التج اري بخص وص المتابع ة عن جريم ة التف الس‪ ،‬إذ ال‬
‫يمكن إثارة المتابعة إال بعد وجود حكم تجاري يقضي بفتح مسطرة المعالجة في حق المدين‪.‬‬
‫إال أن بعض المحاكم خالفت هذا المقتضى‪ ،‬حيث ذهبت محكمة االستئناف بالدار البيض اء أن‬
‫المحكمة الزجرية غير مرتبطة بما انتهت إليه المحكمة التجاري ة من ش هر إفالس الش ركة أو‬
‫إلغاء الحكم المشهر لذلك‪ ،‬وذلك الختالف طبيعة اإلفالس عن طبيع ة التف الس كجريم ة‪ ،‬وأن‬
‫تحقق هذه األخ يرة ال يتوق ف على إص دار المحكم ة المدني ة لحكمه ا بإش هار االفالس وإنم ا‬
‫‪15‬‬
‫‪.‬‬ ‫يتوقف على عناصر الجنحة‬

‫‪ ( 12‬الحسن الزاكلو‪ " ،‬مسؤولية الشريك المسير في الشركة ذات المسؤولية المح دودة من ش ريك وحي د "‪ ،‬رس الة لني ل دبل وم الماس تر في الق انون‬
‫الخاص‪ ،‬ماستر قانون األعمال‪ ،‬جامعة القاضي عياض‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬مراكش‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬
‫‪13‬‬
‫‪) - L’article 197, la loi 25 janvier 1985.‬‬
‫‪( 14‬تنص المادة ‪ 713‬على ما يلي‪ " :‬يعين حكم فتح المسطرة تاريخ التوقف عن الدفع ال ذي يجب أن ال يتج اوز‪ ،‬في جمي ع األح وال‪ ،‬ثماني ة عش ر‬
‫شهرا قبل فتح المسطرة‪.‬‬
‫إذا لم يعين الحكم هذا التاريخ‪ ،‬تعتبر بداية التوقف عن الدفع من تاريخ الحكم‪.‬‬
‫مع مراعاة مقتضيات الفقرة األولى أعاله‪ ،‬يمكن تغيير تاريخ التوقف عن الدفع‪ .‬مرة أو عدة مرات وذلك بطلب من السنديك‪.‬‬
‫يجب تقديم طلب تغيير التاريخ إلى المحكمة قبل انتهاء أجل الخمسة عشر يوما التالية للحكم ال ذي يح دد مخط ط االس تمرارية أو مخط ط التف ويت أو‬
‫التالية إليداع قائمة الديون إذا تم الحكم بالتصفية القضائية‬
‫‪( 15‬قرار رقم ‪ ، 9422‬قضية عدد ‪ ، 7835‬صادر عن إستئنافية الدار البيضاء بتاريخ ‪12-2003.- 10‬‬
‫كما أن القضاء الزجري في بعض الدول ال يأخذ بتاريخ التوق ف عن ال دفع المح دد في الحكم‬
‫التج اري‪ ،‬كق رار محكم ة النقض الفرنس ية الص ادر بت اريخ ‪ 18‬نون بر ‪ ،1991‬والقض اء‬
‫الزجري اللبناني‪.16‬‬
‫إذن الش رط األول واألساس ي لقي ام جريم ة التف الس يقتض ي بالدرج ة األولى ص دور حكم‬
‫تجاري يقضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد الشركة‪ ،‬لكن هذا الش رط الب د‬
‫أن يقترن ايضا باتصاف المتابع بهذه الجريمة بصفة مسير الشركة المفتوح ة ض دها مس طرة‬
‫التسوية أو التصفية القضائية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حمل املتابع بجريمة التفالس صفة مسير الشركة‬


‫بالرجوع إلى المادة ‪ 17736‬من مدونة التجارة التي أحالت عليها الم ادة ‪ 754‬الخاص ة‬
‫بجريمة التفالس‪ ،‬نجدها تميز بين نوعين من مسيري الشركات‪ ،‬مس يرين ق انونيين ومس يرين‬

‫فعل يين يتقاضون أج را عن ذلك أم ال‪ ،‬فمتابعة مس ير الشركة بجريمة التفالس تتحقق سواء كان‬

‫مس يرا قانوني ا أو مس يرا فعلي ا يكفي فق ط ارتكاب ه ألح د األفع ال ال واردة في املادة ‪. 754‬فق د يكون‬

‫مسيرا قانونيا للشركة‪ ،‬والعبرة في تحديد مسؤوليته الجنائية عن جريمة التفالس‪ ،‬هي بالوقت الذي‬

‫تتوافر فيه الصفة القانونية عند قيامه بالنشاط‪ ،18‬فاملسير الذي توقف عن مزاولة مهام التسيير‬

‫في وقت الحق لتعرض الشركة لصعوبات ال يحول دون مساءلته‪.‬‬

‫وعليه فالقاضي الجنائي له الصالحية الكاملة في تحدي د م دى اتص اف المس ير بص فة‬


‫المسير القانوني‪ ،‬برجوعه إلى النظام األساسي للشركة أو أي وثيقة تس اعده في التوص ل إلى‬
‫ذلك‪ ،‬خاصة أن دور المحكم ة التجاري ة يقتص ر فق ط على فتح مس طرة التس وية أو التص فية‬
‫القضائية ضد الشركة‪.‬‬

‫( أنظر إلياس ناصيف‪" ،‬الكامل في قانون التجارة‪ -‬االفالس‪"-‬منشورات البحر المتوس ط ومنش ورات عوي دات‪ ،‬ب يروت‪ ،‬ب اريس‪ ، 1982 ،‬ص ‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪627‬‬
‫‪( 17‬تنص المادة ‪ 736‬على ما يلي‪ " :‬تطبق مقتض يات ه ذا القس م على مس يري المقاول ة الفردي ة أو ذات ش كل ش ركة وال تي ك انت موض وع فتح‬
‫المسطرة‪ ،‬سواء كانوا مسيرين قانونيين أو فعليين‪ ،‬يتقاضون أجرا أم ال "‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪) SORDINO (M.C), « Banqueroute et autres infractions », J.C.P, éd.G, T3, 1993, p.120‬‬
‫وقد يكون مسير الشركة مسيرا فعليا‪ ،‬يتدخل في الش ؤون اإلداري ة والتس يير ويتخ ذ ق رارات‬
‫ملزمة للشركة‪ ،‬رغم وجود مسير قانوني تم تعيينه للقيام بهذه المهام‪.‬‬
‫وللقاضي الجنائي أيضا سلطة تقديرية في تحديد مدى قيام هذا المسير بأعم ال التس يير الفعلي‬
‫للشركة‪ ،‬اعتمادا على تدخله المستمر في شؤون التدبير والتسيير للشركة والتزام هذه األخيرة‬
‫بقراراته‪.‬‬
‫وفي ه ذا اإلط ار قض ت الغرف ة الجنائي ة لمحكم ة النقض الفرنس ية بتأيي د ق رار محكم ة‬
‫االس تئناف ال تي أدانت مس يرا فعلي ا وفق ا للم ادتين ‪ 195‬و‪ 197‬من ق انون ‪ 25‬ين اير ‪1985‬‬
‫الخاصتان بالمسيرين القانونيين والفعليين‪. 19‬‬
‫وعليه فالمتابع بجريم ة التف الس‪ ،‬الب د أن يحم ل ص فة مس ير الش ركة موض وع التس وية أو‬
‫التصفية القضائية‪ ،‬سواء ك ان مس يرا قانوني ا أو مس يرا فعلي ا يتقاض ى أج را عن ذل ك أم ال‪،‬‬
‫وذلك بهدف تجنب الغش في اإلدارة وحفظ حقوق الدائنين‪.20‬‬
‫إذن وبعد ذكرنا لشروط متابعة مسير الشركة موضوع التسوية أو التصفية القضائية بجريم ة‬
‫التفالس‪ ،‬يأتي الدور لدراسة األفعال المكونة لهذه الجريمة التي حددتها المادة ‪ 754‬من مدون ة‬
‫التجارة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬األفعال الجرمية املكونة لجريمة التفالس‬


‫لقد حددت المادة ‪ 754‬األفعال ال تي تس توجب إدان ة مس ير الش ركة موض وع التس وية أو‬
‫التصفية القضائية بجريمة التفالس بقولها‪ " :‬يدان بالتفالس في حال افتتاح التسوية أو التص فية‬
‫القضائية األشخاص المشار إليهم في المادة ‪ 736‬أعاله الذين ت بين أنهم ارتكب وا أح د األفع ال‬
‫التالية‪:‬‬
‫قاموا إما بعمليات شراء قصد البيع بثمن أقل من السعر الج اري أو لج أوا إلى وس ائل‬ ‫‪‬‬
‫مجحفة قصد الحصول على أموال بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة المعالجة‪.‬‬
‫اختلسوا أو أخفوا كال أو جزءا من أصول المدين‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قاموا تدليسيا بالزيادة في خصوم المدين‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪19‬‬
‫‪) Cass-crim, 7décembre 1992, p : 92-80-627‬‬
‫‪( 20‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬ص‪104.‬‬
‫قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو امتنعوا عن‬ ‫‪‬‬
‫مسك أي حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك"‪.‬‬
‫بالرجوع إلى هذه المادة نجد أن المسير القانوني أو الفعلي للشركة هو المخاطب بمقتض ياتها‪،‬‬
‫وهذه ا ألفعال يمكن تقسيمها إلى أفعال تمس الذمة المالية للشركة مباش رة‪( ،‬أوال)‪ ،‬وأفع ال ال‬
‫تمس ذمة الشركة مباشرة (ثانيا‪( .‬‬

‫أوال‪ :‬األفعال املاسة بذمة الشركة مباشرة‬


‫الشراء من أجل البيع بثمن أقل من السعر الجاري أو استعمال وسائل‬ ‫‪.1‬‬
‫مجحفة للحصول على أموال تجنب أو تؤخر فتح مسطرة املعالجة‪.‬‬

‫الشراء من أجل البيع بثمن أقل من السعر الجاري‪.‬‬ ‫أ‪.‬‬


‫ويقصد به‪ ،‬تلك العمليات التي ترمي إلى اقتناء كميات كبيرة من السلع والبضائع وذلك‬
‫بنية بيعها حاال وبسعر أقل من س عرها في الس وق بقص د الحص ول على الس يولة ال تي تمكن‬
‫‪21‬‬
‫الشركة من مواجهة الديون الحالة‪ ،‬وبالتالي تحقيق استمرارية مصطنعة لحياة المقاولة‬
‫وتجب اإلشارة أنه ال يجب الخلط بين البيع بثمن أق ل من الس عر الج اري‪ ،‬وال بيع بالخس ارة‪.‬‬
‫فهذا األخير‪ ،‬ال يعد فعال مكونا لجريمة التفالس المنصوص عليه ا في مدون ة التج ارة‪ ،‬وإنم ا‬
‫تع اقب علي ه مقتض يات الم ادة ‪ 2276‬من الق انون رقم ‪ 23104.12‬الخ اص بحري ة األس عار‬
‫والمنافسة‪.‬‬

‫‪( 21‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪109 .‬‬


‫‪( 22‬تنص المادة ‪ 76‬من القانون رقم ‪ 104.12‬الخاص بحرية االسعار والمنافسة على ما يلي ‪ " :‬يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرام ة من‬
‫عشرة آالف (‪ )10.000‬إلى خمسمائة ألف (‪ )500.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪ ،‬كل من افتعل أو ح اول افتع ال رف ع أو تخفيض س عر‬
‫سلع أو خدمات أو سندات عامة أو خاصة‪ ،‬باستعمال أية وسيلة كانت لنشر معلومات كاذبة أو افتراءات أو بتقديم ع روض في الس وق قص د اإلخالل‬
‫بسير األسعار أو عروض مزايدة على األسعار التي طلبها الباعة أو باستخدام أية وسيلة أخرى من وسائل التدليس‪.‬‬
‫عندما يتعلق رفع أو تخفيض األسعار المفتعل بالمواد الغذائية أو الحبوب أو الدقيق أو المواد الطحينية أو المشروبات أو العقاقير الطبي ة أو الوق ود أو‬
‫السماد التجاري‪ ،‬يعاقب بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات وبغرامة ال يزيد مبلغها عن ثمانمائة ألف (‪ )800.000‬درهم‪.‬‬
‫يمكن أن ترفع مدة الحبس إلى خمس سنوات والغرام ة إلى ملي ون (‪ )1.000.000‬درهم إذا تعلقت المض اربة بم واد غذائي ة أو بض ائع ال ت دخل في‬
‫الممارسة االعتيادية لمهنة المخالف "‪.‬‬
‫‪( 23‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.116‬صادر في ‪ 2‬رمضان ‪ 30( 1435‬يونيو ‪ )2014‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 104.12‬المتعلق بحرية األس عار والمنافس ة‬
‫منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6276‬الصادرة بتاريخ ‪ 26‬رمضان ‪ 24( 1435‬يوليو ‪ ، )2014‬ص‪6077 .‬‬
‫ويتعين على القضاء الزجري التثبت من كل الظروف المحيطة بعمليات البيع والشراء‬
‫كنوعية البضائع ودرجة جودتها وسعرها أثناء بيعها ومقارنته بثمن شرائها وإجراءات بيعها‪،‬‬
‫وذلك من أجل ثبوت الجريمة‪.‬‬

‫استعمال وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال لتجنب أو تأخير‬ ‫ب‪.‬‬
‫فتح مسطرة املعالجة‪.‬‬
‫يتطلب ثب وت الط ابع المجح ف للوس ائل المس تعملة من ط رف المس ير للش ركة من‬
‫القاضي الزجري الدق ة الالزم ة‪ ،‬ألن ه يص عب من الناحي ة العملي ة التفرق ة م ا بين اس تعمال‬
‫وسائل مجحفة واستعمال تقنيات خطيرة في التمويل‪ ،‬ذلك ألن بعض تقنيات التمويل قد ت ؤدي‬
‫بشكل إيجابي إلى إخراج المقاولة من الصعوبات التي تعترض ها‪ ،‬في حين أن بعض ها األخ ر‬
‫وإن كان أقل حجما وأكثر نفعا قد يؤدي بالمقاولة إلى الخسارة‪ ،24‬كما أن األمر يزيد تعقي دا‬
‫في معرفة الحد الفاصل بين الوسائل التي تعد مجحفة ال تخدم مصلحة الشركة‪ ،‬وتلك ال تي‬
‫تدخل ضمن التسيير العادي لها‪.‬‬
‫وهناك من الفقه من اعتبر الوسائل المجحفة تشمل كافة األساليب والخط ط والعملي ات‬
‫التي ترمي إلى الحصول على أموال تحقيق ا الس تمرارية مص طنعة للمقاول ة ال تي تعترض ها‬
‫صعوبات‪ ،25‬أو هي عبارة عن طرق مختلفة تهدف جميعها إلى خداع الغير‪ ،‬ح ول إمكاني ات‬
‫المقاولة وإلى تأخير فتح مسطرة المعالجة‪.26‬‬
‫وأهم مث ال على اس تعمال وس ائل مجحف ة‪ ،‬لج وء المس ير إلى االق تراض من البن وك بفائ دة‬
‫مرتفعة جدا‪ ،‬أو حصوله على قرض عادي لكنه ال يالئم قدرات الش ركة المالي ة‪ ،‬ب النظر إلى‬
‫رقم معامالتها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪) DENIS Pascal, “ Banqueroute”, Encyclopédie juridique, Dalloz, Rép. Pén, Dalloz, mars 1996. P.9‬‬
‫‪( 25‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪110 .‬‬
‫‪( 26‬إلياس ناصيف‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪643 .‬‬
‫والقاضي الزجري ملزم بتقدير الطابع المجحف للوسائل المس تعملة‪ ،‬حيث يمكن ل ه االعتم اد‬
‫على العالقة ما بين وسائل التموي ل من جه ة‪ ،‬وتكلفته ا من جه ة ثاني ة‪ ،‬وذل ك حس ب الق درة‬
‫المالية للمقاولة‪.27‬‬
‫وخالصة القول أن قيام المسير بالشراء من أجل ال بيع بثمن أق ل من الس عر الج اري‪،‬‬
‫واستعمال وسائل مجحفة قصد الحصول على أموال‪ ،‬يتطلب قصد جنائي عام يتجلى في علمه‬
‫بطبيعة النشاط ال ذي يق وم ب ه وأن ه في غ ير ص الح الش ركة‪ ،‬واتج اه إرادت ه إلى إتي ان تل ك‬
‫األفعال‪ ،‬كما يتطلب قصد جنائي خ اص يتمث ل في ني ة المس ير تجنب أو ت أخير فتح مس طرة‬
‫التسوية أو التصفية القضائية في حق الشركة التي يتولى مهام تسييرها‪.‬‬

‫اختالس أو إخفاء كال أو جزءا من أصول املدين‬ ‫‪.2‬‬


‫لم يكن ه دف المش رع من تج ريم فع ل اختالس وإخف اء ج زء من أص ول الم دين‬
‫(الش ركة) س وى تف ادي األض رار ال تي تلح ق ب ه عن طري ق االنتق اص من أص وله بش كل‬
‫مقص ود‪ ،‬وش ل قدرت ه على االس تمرار مم ا ينعكس س لبا على الض مان الع ام االقتص ادي‬
‫واالجتماعي‪.‬‬

‫واالختالس ه و ذل ك التص رف في أم وال الش ركة عن طري ق االس تعمال أو االس تغالل أو‬

‫التص رف‪ ،‬فكل فع ل إرادي أو اس تعمال إرادي انص ب على الذم ة املالي ة للم دين بع د التوق ف عن‬

‫الدفع‪ ،‬يشكل اختالسا لألصول‪.28‬‬

‫هذا وقد عرفته محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها‪ 29‬بأنه‪" :‬ك ل تص رف إرادي‬
‫يقع على أحد عناصر الذمة المالية للمدين بعد التوقف عن الدفع إضرارا بحقوق الدائنين"‬
‫ويجب أن يقع اختالس األصول من المتهم شخصيا‪ ،‬وهكذا ال نكون أمام اختالس معاقب عليه‬
‫بالتفالس إذا قام مصفي الشركة بتفويت أصلها التجاري لفائدة ش ركة ثاني ة‪ ،‬دون أن يعلم ب أن‬

‫‪( 27‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪ 110 .‬و ‪111‬‬


‫‪( 28‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪113 .‬‬
‫‪29‬‬
‫‪) Cass.crim, 24 Avril 1984, Note, DENIS Pascal, op.cit, p.10‬‬
‫لمسير الشركة األولى له مصالح بهذه األخيرة‪ ،‬فالمسير هنا لم يقم بالتصرف شخص يا في أي‬
‫من عناصر أصول الشركة الخاضعة للمساطر الجماعية‪.30‬‬
‫ويمكن في هذا اإلطار التساؤل عن مدى قيام فع ل االختالس بفع ل س لبي للمس ير‪ ،‬ك التراجع‬
‫مثال عن بعض المعامالت التي تدخل في مصلحة الشركة‪.‬‬
‫إن بعض الفقه الفرنسي يرى بأنه ال أهمي ة لطبيع ة التص رف‪ ،‬فس واء ك ان إيجابي ا أو س لبيا‬
‫يجب تكييفه على أنه اختالس األصول وذلك راجع لكون النتائج تكون وخيمة بالنسبة للمقاولة‬
‫في كلتا الحالتين‪ ،‬غير أنه يضيف بأن بعض األحكام القضائية تعت بر بأن ه ال وج ود الختالس‬
‫األصول كلما تعلق األمر بإهمال أو بتصرف سلبي‪.31‬‬
‫أما فعل اإلخف اء فيقص د ب ه‪ ،‬م واراة المس ير لج زء أو ك ل أص ول الش ركة بعي دا عن أعين‬
‫الدائنين أو الغير‪ ،‬ونكون أمام إخفاء ألصول الشركة عن دما يمتن ع المس ير عن التص ريح في‬
‫ميزانية الشركة عند وضعه لها بمال أو ع دة أم وال ال تي ال يش ير إليه ا مطلق ا ويحتف ظ به ا‬
‫لنفسه‪. 32‬‬
‫ويقع المسير في ه ذا الفع ل في ح ال امتناع ه عن التص ريح في ميزاني ة الش ركة لج زء من‬
‫األموال وكذا تمويه الدائنين بفكرة خاطئة عن أصول الشركة‪ .‬وتج در اإلش ارة أن ه غالب ا م ا‬
‫يصاحب اإلخفاء فعل االختالس‪ ،‬ويندمجان فيكيفان تكييفا واحدا‪. 33‬‬
‫يتضح مما سبق أن فعل االختالس أو اإلخفاء تكون نتيجته في جميع األحوال‪ ،‬حرمان المسير‬
‫دائني الشركة من كل أو بعض أصول الشركة التي تعد ضمانا أساس يا ل ديونهم‪ ،‬ويتب ادر إلى‬
‫الذهن مدى اشتراط تحقق فعلي االختالس أو اإلخفاء في فترة س ابقة عن توق ف الش ركة عن‬
‫الدفع أو بعد ذلك؟‬
‫بخصوص هذا السؤال انقسم القضاء الفرنسي إلى اتجاهين‪ ،‬فبعض المحاكم اش ترطت‬
‫أن يكون فعل االختالس الحقا للتوقف عن الدفع‪ ،‬وذل ك لتجنب التع دد الص وري بين جريم ة‬
‫التفالس عن طريق اختالس األصول وجريمة إساءة استعمال أموال الشركة‪.‬‬

‫‪( 30‬بوشرة فقيهي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪81 .‬‬


‫‪( 31‬رزان سباطة‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪80،81 .‬‬
‫‪( 32‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪.‬س‪ ،‬ص‪115 .‬‬
‫‪33‬‬
‫‪) SORDINO (M.c), «Le délit de banqueroute : Contribution à un droit pénal des procédures collectives », litéc,‬‬
‫‪1996, p.300‬‬
‫غير أن بعض المحاكم األخرى اتجهت اتجاها معاكسا واعتبرت جنح ة التف الس قائم ة س واء‬
‫كانت تلك األفعال سابقة أو الحقة للتوقف عن الدفع‪ ،‬طالما أنها (األفعال) تهدف إلى تفادي أو‬
‫تأخير الكشف عن هذا التوقف‪ ،‬أو كلما كان من شأنها المساس بحجم األص ول المت وفرة وفي‬
‫ظروف تجعل مرتكبها عاجزا عن مواجهة الخصوم المستحقة‪.34‬‬

‫الزيادة التدليسية في خصوم املدين‬ ‫‪.3‬‬

‫يتحقق هذا الفعل بزيادة المسير في خصوم الشركة تدليسيا وإثقال كاهله ا ب ديون غ ير‬
‫حقيقية‪ ،‬م ع علم ه بت دهور وض عيتها‪ ،‬وبالت الي تع ريض ال دائنين الحقيقين لمزاحم ة دائ نين‬
‫وهميين فتتضاءل الحصة التي يحصل عليها كل دائن‪ ،‬مما يس تتبع تقلي ل حظ وظ اس تمرارية‬
‫‪35‬‬
‫الشركة‬
‫وقد ترك المشرع لقاض ي الموض وع س لطة تقديري ة في تحدي د الوس ائل واألفع ال ال تي من‬
‫شأنها أن تؤدي إلى الزيادة تدليسيا في خصوم الشركة‪.‬‬
‫ويعد هذا الفعل الحالة الوحيدة من حاالت التفالس التي عبر فيها المشرع عن الني ة االجرامي ة‬
‫للمسير باستعماله عبارة "تدليسيا"‪ ،‬حيث يفترض هنا أن يكون المسير على علم بالتعدي على‬
‫حقوق ال دائنين بإدخ ال دي ون دائ نين وهم يين لم زاحمتهم‪ ،‬والتقلي ل من حظ وظ اس تمرارية‬
‫الشركة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬األفعال التي ال تمس ذمة الشركة مباشرة‬


‫تتجلى هذه األفع ال في الحال ة األخ يرة من الم ادة ‪ 754‬ال تي تنص على أن ه‪ " :‬ي دان‬
‫بالتفالس في حال افتتاح التسوية أو التصفية القضائية األشخاص المشار إليهم في الم ادة ‪736‬‬
‫أعاله الذين تبين أنهم ارتكبوا أحد األفعال التالية‪...:‬‬
‫قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو‬ ‫‪.4‬‬
‫امتنعوا عن مسك أية حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك"‪.‬‬

‫‪( 34‬أنظر بخصوص مصادر هذه القرارات بشرى فقيهي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪83 .‬‬
‫‪( 35‬ياسين امساعف‪" ،‬التفالس كجريمة اقتصادية شروطه وأثاره"‪ ،‬مق ال منش ور بالمجل ة المغربي ة لق انون األعم ال والمق اوالت‪ ،‬الع دد ‪ 6‬ش تنبر‬
‫‪ ، 2004‬ص‪72 .‬‬
‫ويعد مسك المحاسبة بشكل قانوني من طرف المس ير‪ ،‬من أهم الخ دمات الجليل ة ال تي‬
‫تعود بالفائدة الكبيرة على المتعاملين مع الش ركة‪ ،‬حيث تعطي ص ورة ص ادقة عن الوض عية‬
‫االقتصادية للشركة‪ ،‬كما أنه ا تقي المس ير من العقوب ات المفروض ة قانون ا في حال ة مخالف ة‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وقد عرف الدكتور امحمد لفروجي المحاسبة بأنها‪" :‬فرع من العل وم االقتص ادية‪ ،‬يه دف إلى‬
‫تسجيل مفصل لمختلف الحركات التي لها قيمة اقتصادية‪ ،‬وذلك من أجل تيسير تدبير الشؤون‬
‫المالية والتجارية والصناعية"‪.36‬‬
‫ونظرا ألهمية مسك المحاسبة وفق م ا يق رره الق انون‪ ،37‬فق د ألزمه ا المش رع على مس يري‬
‫الشركات التجاري ة‪ ،‬وذل ك تحت طائل ة ج زاء التف الس المنص وص علي ه في الم ادة الس ابقة‬
‫الذكر‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى الحالة األخيرة من هذه المادة نجد االختالالت التي تشوب المحاسبة تتمث ل في‬
‫مسك محاسبة وهمية وإخفاء وثائق حسابية ثم عدم مسك أية محاسبة‪.‬‬

‫مسك محاسبة وهمية‬ ‫أ‪.‬‬


‫ويقص د بالمحاسبة الوهمية في نظر البعض‪ ، 38‬بأنه ا تل ك ال تي يتم فيه ا تعم د خ داع‬

‫الغير‪ ،‬وذلك عن طريق تسجيل عمليات غير حقيقية في المحاسبة‪ ،‬والتي من شأنها أن ت ؤدي‬
‫إلى تغي ير الص ورة الحقيقي ة للوض عية المالي ة للمقاول ة‪ .‬واعت بر بعض الفق ه الفرنس ي أن‬
‫المحاسبة الوهمي ة تتجلى عن دما نك ون أم ام مس ك محاس بتين بعناي ة‪ ،‬األولى رس مية وغ ير‬
‫حقيقية‪ ،‬وهي التي تقدم لألغيار من أجل االطالع عليه ا‪ ،‬أم ا الثاني ة فهي حقيقي ة يحتف ظ به ا‬
‫المسير لنفسه‪.39‬‬

‫‪ ( 36‬امحمد لفروجي‪" ،‬التاجر وقانون التجارة بالمغرب"‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط الثانية‪ ، 1999 ،‬ص‪323 .‬‬
‫‪( 37‬ظه ير ش ريف رقم ‪ 1.92,138‬ص ادر في ‪ 30‬من جم ادى االخ رة ‪ 25(1413‬ديس مبر ‪ ) 1992‬بتنفي د الق انون رقم ‪ 9.88‬المتعل ق بالقواع د‬
‫المحاسبية الواجب على التجار العمل بها‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4183‬بتاريخ ‪ 5‬رجب ‪ 30 (1413‬ديسمبر ‪)1992‬ص ‪1867‬‬
‫‪( 38‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪118 ،‬‬
‫‪39‬‬
‫‪(DERRIDA (Fernand) et GODE (Pierre) et SORTAIS (Jean-Pierre), “Redressement et liquidation juridique‬‬
‫‪des enterprises”,3éme éd, Ed. Dalloz, 1991, p. 464.‬‬
‫أم ا بخص وص تعري ف القض اء‪ ،‬فق د ذهبت محكم ة النقض الفرنس ية إلى اعتب ار المحاس بة‬
‫وهمية حينما ترتكز على عمليات حسابية ليس لها أي أساس قانوني‪.40‬‬
‫ولقاضي الموضوع سلطة تقديرية واسعة في اعتبار المحاسبة وهمية تستوجب متابعة المسير‬
‫بجريمة التفالس وله أن يكيفها تكييفا أخر‪.‬‬
‫أما بخصوص الني ة االجرامي ة ل دى المس ير فال تط رح أي إش كال م ادام أن مس ك محاس بة‬
‫وهمية ال يمكن تصوره بدون علم بالخطأ وبسوء نية مرتكبها‪.‬‬

‫إخفاء وثائق محاسباتية‬ ‫ب‪.‬‬

‫يهدف المسير من وراء هذا الفعل إزالة ومحو األدل ة ال تي تثبت التزامات ه‪ ،‬ووض عية‬
‫الشركة التي يت ولى ش ؤون تس ييرها‪ .‬ويقص د بفع ل اإلخف اء م واراة الوث ائق أو إبعاده ا عن‬
‫إطالع الغير‪ ،‬وخاصة الدائنين‪ ،‬سواء عن طريق وضعها في مكان ال تصل إلي ه م راقبتهم أو‬
‫‪41‬‬
‫عن طريق تمزيقها أو إحراقها أو إتالفها بأي طريقة من طرق اإلتالف‬
‫وقيام الفعل الجرمي في حق المسير ال يس توجب إخف اء ك ل الوث ائق المحاس باتية‪ ،‬إنم ا يكفي‬
‫إخفاء تلك المتعلقة بإبراز وضعية الشركة والعمليات التجارية التي قامت به ا‪ ،‬ويبقى لقاض ي‬
‫الموضوع سلطة واسعة في تحديد أهميتها في إظهار المركز المالي للشركة‪.‬‬
‫وهنا يطرح السؤال بخصوص قيام المسير بإخفاء الوثائق المحاسبية وبعد ذلك أظهرها‪ ،‬فه ل‬
‫يمكن متابعته بجريمة التفالس في هذه الحالة؟‬
‫في ه ذا الص دد‪ ،‬ذهبت محكم ة االس تئناف بب اريس في حكمه ا الص ادر بت اريخ ‪17‬‬
‫دجن بر ‪ ،1986‬إلى إدان ة المس ير في ه ذه الحال ة على أس اس أن الجريم ة في جوهره ا ق د‬
‫ارتكبت واكتملت عناصرها بارتكاب فعل اإلخفاء وال يؤثر في هذا إعادة إظهار الوث ائق بع د‬
‫‪42‬‬
‫ذلك‬
‫وتجدر اإلشارة أن مجرد إهمال المسير لتلك الوثائق ال يق وم س ببا لمتابعت ه بجريم ة التف الس‬
‫إنما يلزم أن تتجه إرادته إلى فعل إخفاء وإبعاد الوثائق المحاسبية عن أنظار الغير‪ ،‬باإلض افة‬
‫إلى إدراكه أنه يقوم بفعل معاقب عليه قانونا‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫‪( Cass.crim, 26 mars 1990. Voir Denis (Pascal), op, cit, p. 13.‬‬
‫‪ ) 41‬صالح الدين الرشيد‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪123 ،‬‬
‫‪ ) 42‬بوشرة فقيهي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪94 .‬‬
‫عدم مسك املحاسبة‬ ‫ت‪.‬‬
‫يترتب عن امتناع المسير عن مس ك أي ة محاس بة متابعت ه بجريم ة التف الس‪ ،‬غ ير أن‬
‫المشرع لم يبين ما المقصود باالمتناع عن مسك أية حسابات‪ ،‬وفي سبيل تجاوز هذا الغموض‬
‫فقد ذهب البعض في هذا الصدد إلى اعتبار ه ذا الفع ل متمثال في غي اب مطل ق ألي تقيي دات‬
‫حسابية‪ .43‬ولإلشارة فقد إنقسم القضاء الفرنسي في تفسيره للمقتضيات الخاصة بعدم مسك أي‬
‫محاسبة إلى اتجاهين‪:‬‬
‫حيث يرى االتجاه األول بضرورة االعتماد على التفسير الضيق للنص‪ ،‬ويعلل موقف ه‬
‫هذا‪ ،‬بكون الجريمة ال تقوم إال عندما يكون هناك غياب تام للمحاسبة‪ ،‬فحسب هذا االتجاه‪ ،‬إذا‬
‫قام مسير شركة بتقديم بعض الوثائق دون أخرى أو كان هناك عدم انتظام في مسك المحاسبة‬
‫فالجريمة ال تقوم‪.‬‬
‫أما االتجاه الث اني‪ ،‬ف يرى بض رورة األخ ذ بالتفس ير الواس ع لمقتض يات ه ذه الفق رة‪،‬‬
‫فحسب هذا االتجاه تقوم جنحة التفالس‪ ،‬كلما ثبت في حق المسير عدم مسكه ألي ة محاس بة أو‬
‫أن المحاسبة الممسوكة مخالفة للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في مدونة التجارة‪.44‬‬
‫تجب اإلشارة إلى أن الحاالت الثانية والثالثة والرابعة من الم ادة ‪ 754‬تع د من ض من‬
‫الحاالت التي تستوجب كذلك تمديد المسطرة إلى المسير والواردة ضمن المادة ‪ ، 45740‬وهنا‬
‫ترجع السلطة إلى القاضي الجنائي لتقدير مدى خط ورة تل ك األفع ال واعتباره ا مش كلة إم ا‬
‫لعقوبة مدنية أو لعقوبة جنائية‪.‬‬

‫‪ ) 43‬أنظر بوشرة فقيهي‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪97 .‬‬


‫‪ ) 44‬أنظررزان سباطة‪ ،‬م‪،‬س‪ ،‬ص‪90،91 .‬‬
‫‪ ) 45‬تنص المادة ‪ 740‬على مايلي‪ " :‬في حالة التسوية أو التصفية القضائية لش ركة م ا‪ ،‬يجب على المحكم ة أن تفتح مس طرة التس وية أو التص فية‬
‫القضائية تجاه كل مسؤول يمكن أن تثبت في حقه إحدى الوقائع التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬التصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة؛‬
‫‪ .2‬إبرام عقود تجارية ألجل مصلحة خاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته؛‬
‫‪ . 3‬استعمال أموال الشركة أو ائتمانها بشكل يتنافى مع مصالحها ألغراض شخصية أو لتفضيل مقاولة أخرى له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة؛‬
‫‪ . 4‬مواصلة استغالل به عجز بصفة تعسفية لمصلحَه خاصة من شأنه أن يؤدي إلى توقف الشركة عن الدفع؛‬
‫‪ . 5‬مسك محاسبة وهمية أو العمل على إخفاء وثائق محاسبة الشركة أو االمتناع عن مسك كل محاسبة موافقة للقواعد‬
‫القانونية؛‬
‫‪ .6‬اختالس أو إخفاء كل األصول‪ ،‬أو جزء منها‪ ،‬أو الزيادة في خصوم الشركة بكيفية تدليسية؛‬
‫‪ .7‬المسك‪ ،‬بكيفية واضحة‪ ،‬لمحاسبة غير كاملة أو غير صحيحة "‪.‬‬
‫ومما تجب اإلشارة اليه كذلك في هذا اإلطار أن إتيان المسير للحاالت أو األفعال ال واردة في‬
‫المادة ‪ 754‬يستوجب س قوط أهليت ه التجاري ة كعقوب ة إض افية لجريم ة التف الس طبق ا للم ادة‬
‫‪ ،46746‬حيث يكون للمحكمة العادية صالحية النطق بهذا الحكم وإنزال العقوبة اإلضافية‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬إجراءات املتابعة عن جريمة التفالس وعقوبتها‬


‫‪ ) 46‬تنص المادة ‪ 746‬على ما يلي‪ " :‬يجب على المحكمة أن تضع يدها في جميع مراحل المسطرة من أجل النطق بالحكم‪ ،‬عند االقتضاء‪ ،‬بسقوط‬
‫األهلية التجارية عن كل مسؤول في شركة تجارية اقترف أحد األفعال المنصوص عليها في المادة ‪ 740‬أعاله "‪.‬‬
‫إن توفر شروط متابعة مسير شركة خاض عة لمس طرة التس وية القض ائية أو التص فية‬
‫القضائية عن جريمة التفالس‪ ،‬وارتكابه ألحد األفعال المكونة لهذه الجريمة التي سبق ذكره ا‪،‬‬
‫يحتم علينا التطرق لإلجراءات التي يتم سلوكها خالل أط وار المتابع ة به ذه الجريم ة(الفق رة‬
‫األولى)‪ ،‬وكذا العقوبة المقررة لها‪(،‬الفقرة الثانية(‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلجراءات املسطرية للمتابعة‬


‫الب د أن نش ير في ه ذا اإلط ار إلى المحكم ة المختص ة للنظ ر في دع وى جريم ة التف الس‬
‫وإجراءاتها (أوال)‪ ،‬على أن نشير ايضا إلى شهر الحكم باإلدانة والتقادم (ثانيا(‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬املحكمة املختصة وإجراءات تحريك الدعوى العمومية‬


‫يع ود االختص اص للنظ ر في دع اوى التف الس للمحكم ة االبتدائي ة‪ ،‬وليس المحكم ة‬
‫التجاري ة‪ ،‬رغم ارتب اط ه ذه الجريم ة بمس اطر معالج ة ص عوبات المقاول ة ال تي يع ود‬
‫االختصاص فيها للمحاكم التجارية‪ ،‬وقد نص ت على ه ذا المقتض ى الفق رة األولى من الم ادة‬
‫‪ 759‬من مدونة التجارة بقولها‪" :‬تعرض الدعوى على أنظار القضاء الزجري إما بمتابعة من‬
‫النيابة العامة أو من طرف السنديك بصفته طرفا مدنيا‪."...‬‬
‫وال يوجد ما يمنع المشرع من أن يقرر منح اختصاص واسع للمحاكم التجارية يجعلها‬
‫تنظر كذلك‪ ،‬إلى‪ .‬جانب القضايا التجارية‪ ،‬في الجرائم االقتصادية التابعة أو المرتبطة بها وما‬
‫أكثرها في م ادة التج ارة‪ 47‬والنياب ة العام ة داخ ل المح اكم االبتدائي ة هي ص احبة الح ق في‬
‫تحريك المتابعة بجريمة التف الس‪ ،‬وليس النياب ة العام ة ل دى المح اكم التجاري ة‪ ،‬طبق ا للم ادة‬
‫أعاله‪ ،‬ه ذا ويمكن له ا أن تطلب من الس نديك أن يس لمها جمي ع العق ود والوث ائق ال تي في‬
‫حوزته‪ 48‬ويجوز للسنديك هو األخر إلى جانب النياب ة العام ة تحري ك ال دعوى العمومي ة في‬
‫جريمة التفالس طبقا للمادة ‪ 759‬السابقة الذكر بصفته طرف ا م دنيا‪ .‬والمالح ظ أن ه ذه الم ادة‬
‫قامت بإقصاء الدائنين في تحريك هذه الدعوى‪ ،‬رغم اعتبارهم المتضرر األول من خروق ات‬
‫مسيري الشركات‪ ،‬هذا عكس ما كانت تنص عليه المادة ‪ 362‬من قانون ‪.1913‬‬

‫‪47‬‬
‫) أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪466 .‬‬
‫‪48‬‬
‫) تنص المادة ‪ 760‬على أنه ‪" :‬يمكن للنيابة العامة ان تطلب من السنديك ان يسلمها جميع العقود و الوثائق التي بحوزته" ‪.‬‬
‫من خالل ما سبق يتضح أن المسير المرتكب لألفعال الواردة في المادة ‪ 754‬أو أحدها‪ ،‬يت ابع‬
‫بجريمة التفالس أمام المحكمة العادية (االبتدائية)‪ ،‬عن طري ق تحري ك ال دعوى العمومي ة من‬
‫قبل النيابة العامة بهذه المحكمة أو من قبل السنديك‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شهر الحكم باإلدانة والتقادم‬


‫يخض ع الحكم الص ادر في ح ق المس ير الم دان بجريم ة التف الس إلج راءات الش هر‬
‫والنشر الواردة في المادة ‪ 49 744‬من مدونة التج ارة المح ال عليه ا وفق ا للفق رة الثاني ة من‬
‫المادة ‪ 759‬من نفس المدون ة بقوله ا‪... " :‬تطب ق المقتض يات المنص وص عليه ا في الم ادة‬
‫‪ ." 744‬وهذه اإلجراءات حسب المادة ‪ 744‬هي ‪:‬‬
‫‪ -‬تبليغ المقررات الصادرة إلى األطراف من طرف كاتب الضبط‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى هذه المقررات في السجل التجاري‪.‬‬
‫‪ -‬نشر مستخرج منها في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية وفي الجريدة الرسمية‪.‬‬
‫‪ -‬تعليق مستخرج من المقررات على اللوحة المخصصة لهذا الغرض في المحكمة‪.‬‬
‫وال يكون الحكم الصادر من المحكمة الجنائية مشموال بالنفاذ المعجل بقوة القانون‪ ،‬ألن المادة‬
‫‪ 50761‬استثنت من طائلته األحكام الصادرة في م ادة التف الس المنص وص عليه ا في الفص ل‬
‫األول من الباب الثاني من القسم السابع‪ ،‬الخاص بالعقوبات‪.‬‬
‫أما بخصوص طرق الطعن في المق ررات الص ادرة بش أن جريم ة التف الس فتخض ع ألحك ام‬
‫قانون المس طرة الجنائي ة طبق ا للم ادة ‪ ، 51767‬وليس لألحك ام ال واردة في مدون ة التج ارة‪،‬‬
‫(المواد من ‪ 761‬إلى ‪ ،)766‬المتعلقة بالطعون ضد األحكام واألوامر القضائية الص ادرة عن‬
‫المحكمة التجارية بشأن التسوية والتصفية القضائية‪.‬‬

‫‪ ) 49‬تنص المادة ‪ 744‬على مايلي‪ " :‬يبلغ كاتب الضبط المقررات الصادرة تطبيقا لهذا الباب إلى األطراف‪ .‬ويشار إليها في السجل التجاري المحلي‬
‫والسجل التجاري المركزي وينشر مستخرج منها في صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية والقضائية واإلدارية وفي الجري دة الرس مية وتعل ق‬
‫على اللوحة المخصصة لهذا الغرض في المحكمة "‪.‬‬
‫‪ ) 50‬تنص المادة ‪ 761‬على مايلي‪ " :‬تكون األحكام واألوامر الصادرة في مساطر اإلنقاذ والتسوية والتصفية القضائية مشمولة بالنفاذ المعجل بق وة‬
‫القانون عدا تلك المشار إليها في الفصل الثاني من الباب األول من القسم السابع وفي الفصلين األول والث اني من الب اب الث اني من القس م الس ابع‪ ،‬من‬
‫هذا الكتاب‪.‬‬
‫غير أنه يمكن تقديم طلبات ايقاف النفاذ المعجل المشمولة به المقتضيات القاضية بالتصفية أو التفويت الكلي‪ ،‬بمقال مستقل عن الدعوى األص لية أم ام‬
‫المحكمة التي تنظر في اإلستئناف‪.‬‬
‫تبت محكمة االستئناف في غرفة المشورة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب"‪.‬‬
‫‪ ) 51‬تنص المادة ‪ 767‬على مايلي‪ " :‬تخضع الطعون ضد المق ررات الص ادرة في م ادة التف الس والج رائم األخ رى لمقتض يات ق انون المس طرة‬
‫الجنائية‪.‬‬
‫أما تقادم الدعوى العمومية المثارة ضد المسير بشأن جريمة التفالس‪ ،‬فال يسري إال من تاريخ‬
‫النطق بالحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة ضد الشركة‪ ،‬حينما تك ون األفع ال المجرم ة ق د‬
‫ظهرت قبل هذا التاريخ‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 758‬من مدونة التجارة‪.52‬‬
‫أما في حالة ظهور أو ارتكاب المس ير لألفع ال المجرم ة طبق ا للم ادة ‪ ،754‬بع د الحكم بفتح‬
‫مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ضد الشركة التي يتولى تسييرها‪ ،‬فالدعوى العمومي ة ال‬
‫تتقادم إال بعد مرور أربع سنوات ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنح ة‪ ،‬طبق ا للقاع دة‬
‫العامة المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية‪.53‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬العقوبة املطبقة على جريمة التفالس‬

‫بما أن المشرع نص على التفالس واعتبرها جريمة تتحق ق بارتك اب المس ير لألفع ال‬
‫المنصوص عليها في المادة ‪ 754‬من مدونة التجارة أو إلح داها‪ ،‬فمن المنطقي أن ينص على‬
‫عقوبات تطبق على مرتكب ه ذه الجريم ة‪ ،‬فقاع دة " ال جريم ة وال عقوب ة إال بنص " غ ير‬
‫مفعلة بالنسبة للمسير هنا‪ ،‬هذه العقوبات التي يرمي من خاللها المشرع الحفاظ على الض مان‬
‫العام واالئتمان‪ ،‬والقطع مع سوء نية بعض مسيري الشركات في تولي‬
‫شؤون هذه الشركات واستمراريتها باعتبارها نبض االقتصاد الوطني‪ ،‬ل ذلك ص نف المش رع‬
‫هذه العقوبات إلى عقوبات أصلية (أوال)‪ ،‬وأخرى إضافية (ثانيا (‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العقوبات األصلية‬

‫جاء في المادة ‪ 54755‬من مدونة التجارة أنه‪" :‬يع اقب المتف الس ب الحبس من س نة إلى خمس‬
‫سنوات وبغرامة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 100.000‬درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط‪."...‬‬

‫‪ ) 52‬تنص المادة ‪ 758‬على مايلي‪ " :‬ال يسري تقادم الدعوى العمومية لتطبيق مقتضيات الفص لين األول والث اني من ه ذا الب اب إال من ي وم النط ق‬
‫بحكم فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية‪ ،‬حينما تكون األفعال المجرمة قد ارتكبت قبل هذا التاريخ "‪.‬‬
‫‪ ) 53‬تنص المادة ‪ 5‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪ " :‬تتقادم الدعوى العمومية‪ ،‬مالم تنص قوانين خاصة على خالف ذلك بمرور ‪:‬‬
‫‪ -‬خمسة عشرة سنة ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية‪.‬‬
‫‪ -‬اربع سنوات ميالدية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة‪.‬‬
‫‪ -‬سنة ميالدية كاملة تبتدئ من تاريخ ارتكاب المخالفة‪.‬‬
‫غير انه اذا كان الضحية قاصرا او تعرض العتداء جرمي ارتكبه في حقه احد اصوله او من له عليه رعاية او كفالة او سلطة‪ ،‬ف إن ام د التق ادم يب دأ‬
‫في السريان من جديد لنفس المدة ابتداء من تاريخ بلوغ الضحية سن الرشد المدني"‪.‬‬
‫‪ ) 54‬تنص المادة ‪ 755‬على ما يلي‪ " :‬يعاقب المتفالس بالحبس من س نة إلى خمس س نوات وبغرام ة من ‪ 10.000‬إلى ‪ 100.000‬درهم أو بإح دى‬
‫هاتين العقوبتين فقط‪.‬‬
‫يتعرض المشاركون في التفالس لنفس العقوبات وإن لم تكن لهم صفة مسيري المقاولة‪.‬‬
‫عندما يكون المتفالس مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات أسهم مسعرة ببورصة القيم‪ ،‬تضاعف العقوبات المنصوص عليها في الفق رة األولى من ه ذه‬
‫المادة "‪.‬‬
‫ويالحظ أن من بين مستجدات مدونة التجارة لسنة ‪ 1996‬وبعدها القانون ‪ 73.17‬ال ذي نس خ‬
‫وعوض الكتاب الخامس الخاص بمس اطر ص عوبات المقاول ة من ه ذه المدون ة‪ ،‬أن العقوب ة‬

‫أص بحت اختياري ة بين الحبس والغرام ة‪ ،‬بينم ا كانت العقوب ة في ظ ل ق انون التج ارة امللغى حبس ية‬

‫فق ط‪ .‬ونعتق د أن ه ذا ي دخل ض من التوج ه الجدي د للمش رع املغ ربي على غ رار نظ يره الفرنسي في‬

‫الحد من العقاب‪ ،‬وإعطاء األولوية للمحافظة على استمرارية املقاولة‪ ،55‬واملشرع زود القضاة باليات‬

‫للرأفة التي تقاس بميزان العدالة وقناعة القضاة الذين ينظرون في طبيعة الفعل املرتكب وخطورته‬

‫واألض رار ال تي ح دثت وظ روف ح دوثها‪ ،‬تق دير يمكن من االس تغناء عن العقوب ة الحبس ية الس البة‬

‫للحرية واالكتفاء بالغرامة فحسب‪ 56‬وتجب اإلشارة أنه ال يعاقب عن املحاولة في جريمة التفالس‪،‬‬

‫ألن املش رع اس توجب في ه ذه األفع ال أن تكون إيجابي ة من املس ير‪ ،‬كم ا أن العق اب عن املحاول ة‬

‫يقتضي وج ود نص ق انوني‪ ،‬وبرجوعن ا الى النص وص املنظم ة لجريم ة التف الس لم نج د مقتضى‬

‫قانوني يعاقب املسير على محاولة إتيان األفعال املشكلة لهذه الجريمة‪.‬‬

‫مما س بق يمكن الق ول أن المحكم ة الزجري ة ملزم ة بمج رد ت وفر ش روط اإلدان ة‪ ،‬بتط بيق‬
‫العقوبات السابقة في حق المسير لفعل أو أكثر من األفع ال المكون ة لجريم ة التف الس الس ابق‬
‫شرحها أنفا‪ ،‬دون أن تكون لها أية سلطة تقديرية لتوقيع العقاب من عدمه‪.‬‬
‫فإيقاع العقاب حتمي أو وجوبي وليس جوازيا‪ ،‬إال أن لها سلطة تقديرية كاملة لتكييف الوق ائع‬
‫والحكم باإلدانة أو البراءة‪ ،‬وتقدير ظروف التخفيف أو التشديد‪ ،‬والحكم ب الحبس والغرام ة أو‬
‫بإحدى العقوبتين فقط‪.57‬‬

‫ثانيا‪ :‬العقوبات اإلضافية‬

‫‪55‬‬
‫) بشرى فقيهي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪111 .‬‬
‫‪56‬‬
‫) أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪462 .‬‬
‫‪57‬‬
‫) أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪466 .‬‬
‫جاء في المادة ‪ 756‬من مدونة التجارة أنه‪ " :‬يتعرض كذلك لس قوط األهلي ة التجاري ة‬
‫المنصوص عليه في الفصل الثاني من الباب األول من هذا القسم كعقوبة إض افية األش خاص‬
‫المدانون من أجل الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل "‪.‬‬
‫وسقوط األهلية التجارية للمسير في هذه الحالة يكون لها طابع زج ري بحكم تعلقه ا بالعقوب ة‬
‫الزجرية األصلية المحكوم بها عليه في جريمة التفالس‪ ،‬وبالتالي فالمحكمة المختصة بإصدار‬
‫هذه العقوبة هي المحكمة اإلبتدائية التي تنظر في جريم ة التف الس وليس المحكم ة التجاري ة‪،‬‬
‫ومن تم فهي التي تنطق بالعقوبتين معا األصلية واإلضافية‪.‬‬
‫كما أن األمر ال يتعلق بسقوط األهلية التجارية كعقوبة إضافية زجرية جوازية‪ ،‬وإنما كعقوب ة‬
‫إضافية زجرية وجوبية‪ ،‬وبذلك فال يسع المحكمة االبتدائي ة ال تي ت دين الش خص المت ابع به ا‬
‫أمامها بإحدى جرائم التفالس إال أن تطبق عليه سقوط األهلية التجارية كعقوبة إضافية‪ ،‬وذل ك‬
‫على خالف الق انون الفرنس ي لس نة ‪ 1985‬ال ذي نص ص راحة في الفق رة األولى من مادت ه‬
‫‪ 201‬على أن األمر يتعلق بعقوبة إضافية جوازية‪.58‬‬
‫وما يثير االس تغراب أن المحكم ة الجنائي ة ال تي تنظ ر في دع وى التف الس تحكم هي‬
‫األخرى بسقوط األهلية التجارية كعقوبة إضافية ض د األش خاص الم دانين‪ ،‬وب ذلك ق د نك ون‬
‫إزاء حكمين بسقوط األهلية التجارية‪ ،‬واحد صادر عن المحكمة التجارية والث اني ص ادر عن‬
‫المحكمة الجنائية‪ ،‬وقد عمد التشريع الفرنسي إلى حل هذه المشكلة بإعطاء أولوي ة التنفي ذ إلى‬
‫الحكم الجنائي‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ ،‬يكون الحكم الجن ائي وح ده القاب ل للتنفي ذ‪( ،‬الم ادة ‪ 201‬ف‪.‬‬
‫‪،59)2‬ألن الزجر الجنائي أقوى وأسبق من الج زاء أو المؤي د الم دني أو التج اري خاص ة إن‬
‫كانت النتيجة واحدة ‪ .60‬ويطرح اإلشكال بخصوص رد االعتبار المنصوص علي ه في الم ادة‬
‫‪ ،61753‬فأي من المحكمتين سيرفع إليه المسير المحكوم عليه بسقوط أهليت ه التجاري ة طلب ه‬
‫لرد اعتباره؟‬

‫‪ ) 58‬بشرى فقيهي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪114 .‬‬


‫‪ ) 59‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬م‪ ،‬س‪ ،‬ص‪421 .‬‬
‫‪ ) 60‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪422 .‬‬
‫‪ ) 61‬تنص املادة ‪ 753‬على ما يلي‪ " :‬يمكن للمعني باألمر‪ ،‬في جميع األحوال‪ ،‬أن يطلب من املحكمة أن ترفع عنه‪ ،‬كليا أو جزئيا سقوط‬
‫األهلية التجارية أو عدم أهلية ممارسة وظيفة عمومية انتخابية‪ ،‬إذا ما قدم مساهمة كافية ألداء النقص الحاصل في األصول‪.‬‬
‫يترتب رد االعتبار عن صدور مقرر املحكمة بالرفع الكامل لسقوط األهلية التجارية أو عدم األهلية االنتخابية "‪.‬‬
‫هل على المعني باألمر أن يقدم طلبه لك ل من المحكم ة التجاري ة والمحكم ة الزجري ة ألج ل‬
‫الحصول على رد اعتباره؟ أم أن تقديم طلب واحد ألي من المحكمتين كاف لرده؟‬
‫المشرع المغربي لم يتدخل من خالل إصداره للقانون الجديد رقم ‪ 72.17‬الذي نسخ وع وض‬
‫الكتاب الخامس الخاص بمساطر صعوبات المقاولة من مدونة التجارة لحل هذا اإلشكال‪ ،‬انما‬
‫احتفظ بنفس المقتضيات الواردة بهذه االخيرة في نسختها القديمة‪ .‬وهو حيف يطال ط الب رد‬
‫االعتبار الذي عوض أن يتوجه مباشرة للمحكمة المختصة قانونا في رد اعتب اره‪ ،‬يج د نفس ه‬

‫تائها بين ردهات املحكمة التجارية والزجرية‪ .‬لهذا يجب على األقل قبول طلبه من إحدى املحكمتين‬

‫دون إث ارة ع دم اختصاص ها‪ .‬ه ذا في انتظ ار ت دخل املش رع في مناس بة تش ريعية مقبل ة لح ل ه ذا‬

‫االشكال حفاظا على حقوق املتقاضين‪.‬‬

‫وعليه فالمسير المحكوم عليه بسقوط أهليت ه التجاري ة كعقوب ة إض افية يس ترد اعتب اره وف ق‬
‫إحدى الكيفيات المنصوص عليه ا في الم ادتين ‪ 752‬و‪ 753‬تطبيق ا للم ادة ‪ 756‬ال تي نص ت‬
‫على سقوط األهلية التجارية لمسير الشركة كعقوبة اضافية‪.‬‬
‫من خالل كل ما سبق يمكن الوصول إلى نتيجة مفادها أن المشرع أحس ن ص نعا حينم ا نص‬
‫على متابعة مسير الشركة المرتكب لألفعال المش كلة لجريم ة التف الس‪ ،‬ه ذه األفع ال ال تي لم‬
‫تكن لتقع تحت طائلة التجريم بمقتضى القواعد العامة في القانون الجنائي‪ ،‬رغم أن بعض ا من‬
‫هذه االفعال قد يبدو مشكال لفعل جرمي أخر منص وص علي ه في الق انون الجن ائي‪ ،‬كجريم ة‬
‫النصب واالحتيال والتزوير وغيرها من الجرائم التي تقع كث يرا في مج ال الم ال واألعم ال‪،‬‬
‫إال أن كل جريمة لها تكييفها الخاص بها‪ ،‬والقاضي الجنائي له دور كبير في تصنيفها إم ا في‬
‫اط ار جريم ة التف الس أو في إط ار الج رائم األخ رى المنص وص عليه ا في القواع د العام ة‬
‫للقانون الجنائي‪.‬‬
‫كما أن تجريم تلك األفعال المش كلة لجريم ة التف الس ال تي يقترفه ا مس ير الش ركة‪ ،‬ال يه دف‬
‫المشرع من خاللها‪ ،‬زجر هذا المس ير الس يء الني ة فحس ب‪ ،‬ب ل يه دف أيض ا إلى عقاب ه أو‬
‫زجره‪ ،‬بناء على عدم كفاءته في التسيير التي أدت إلى اإلضرار بالشركة ودائنيها واالقتصاد‬
‫الوطني ككل‪ .‬إال أن ما يؤاخ ذ على المش رع بخص وص تنظيم ه لجريم ة التف الس‪ ،‬ب دءا من‬
‫متابعة مرتكبها ووصوال للبت فيها‪ ،‬يتجلى في االختص اص‪ ،‬فمنح المش رع االختص اص في‬
‫هذه الجريمة للمحاكم االبتدائية‪ ،‬ينم عن سلبه اختصاص المحاكم التجاري ة في ه ذه الجريم ة‪،‬‬
‫ألن األمر يتعلق بمجال المال واألعمال‪ ،‬الذي تختص به المحاكم التجاري ة لوح دها‪ ،‬رغم أن‬
‫هذه الجريمة يتداخل فيها ما هو جنائي وما هو تجاري‪ .‬لذلك فإنشاء محاكم اقتص ادية زجري ة‬
‫تنظر في الخروقات التي ترتكب في التسيير‪ ،‬وإبعادها عن اختصاص المحاكم االبتدائية لع دم‬
‫تخصص ها في مج ال الم ال واألعم ال‪ ،‬أم ر يحتم ه الواق ع وك ثرة الج رائم ال تي تق ع به ذا‬
‫الخصوص‪ ،‬أو على األقل تفعيل جهاز النيابة العامة بالمحاكم التجارية لمتابع ة مرتك بي ه ذه‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫كما أن قص ر المش رع إث ارة متابع ة المس ير بجريم ة التف الس على النياب ة العام ة بالمح اكم‬
‫االبتدائية أو بطلب من السنديك واستبعاد الدائنين بهذا الطلب أمر في ه ن وع من اإلجح اف في‬
‫ح ق ه ؤالء‪ ،‬ألن ص فتهم في ه ذه المس طرة ثابت ة ألنهم المتض ررين الرئيس يين من ه ذه‬
‫الجريمة‪ ،‬لهذا يجب على المشرع إع ادة النظ ر في النص وص المنظم ة له ذه ال دعوى ومنح‬
‫الحق للدائنين في اثارة الدعوى في جريمة التفالس‪.‬‬
‫استعمال المشرع لعبارات فضفاضة قابلة للتأويل من ط رف القاض ي س تكون وس يلة إلدان ة‬
‫المسير دون وجه حق‪ ،‬ومن بين هذه العبارات مثال استعمال وسائل مجحف ة‪...‬فنأم ل أن يعي د‬
‫المش رع النظ ر في بعض النص وص المتض منة لعب ارات تقب ل أك ثر من تأوي ل واس تبدالها‬
‫بعبارات أكثر وضوحا وتركيزا تفاديا للزج بمسيري الشركات في السجون دون وجه ح ق أو‬
‫اثقال كاهلهم بغرامات هم في غنى عنها‪.‬‬
‫كما ال يجب اغفال التي ه ال ذي يس قط في ه المحك وم علي ه بجريم ة التف الس وال راغب في رد‬
‫اعتباره بما فيه مسير الشركة‪ ،‬حول الجهة المختص ة ب رد اعتب اره‪ ،‬فالمش رع ت رك الوض ع‬
‫على ماهو عليه بع د نس خ وتع ويض الكت اب الخ امس من مدون ة التج ارة بمقتض ى الق انون‬
‫‪ ،73.17‬ولم يبين هل طلب رد االعتبار يوجه للمحكمة التجارية أم للمحكمة االبتدائية‪.‬‬
‫نأم ل أن يت دخل المش رع في أق رب فرص ة إليج اد ح ل له ذا اإلش كال‪ ،‬الرتباط ه بحق وق‬
‫األش خاص‪ ،‬وتفعيال للنجاع ة القض ائية على أرض الواق ع والمتمثل ة في ش ق منه ا بتس ريع‬
‫االجراءات القضائية وجودتها‪.‬‬
‫والمالحظ ة الرئيس ية ال تي يمكن إب داؤها من خالل دراس تنا لمس ؤولية المس ير عن جريم ة‬
‫التف الس‪ ،‬ه و أن الق انون ‪ 73.17‬ال ذي نس خ وع وض الكت اب الخ امس من مدون ة التج ارة‬
‫الخاص بمساطر صعوبات المقاولة لم يأتي بجديد بخصوص هذه الجريم ة باس تثناء مقتض ى‬
‫يتيم وهو إزالة التض ارب الواق ع بخص وص المقص ود بالعب ارة ال واردة في الم ادة ‪ 721‬من‬
‫مدونة التجارة " يدان بجريمة التفالس في حال ة افتت اح مس طرة المعالج ة‪ ،"...‬ه ل المقص ود‬
‫بمسطرة المعالجة هو التسوية القضائية أم التصفية القضائية‪ ،‬حيث ت دارك االم ر في الق انون‬
‫الجديد ونص في المادة ‪ 754‬أن األمر يتعلق بافتتاح التسوية أو التص فية القض ائية كم ا س بق‬
‫بيانه سابقا‪ ،‬بقوله‪ ":‬يدان بالتفالس في حال افتتاح التسوية أو التصفية القضائية‪."...‬‬
‫الفهرس‬

‫املطلب األول‪ :‬الشروط واألفعال املؤدية لتحقق جريمة التفالس‬

‫الفقرة األولى‪ :‬شروط قيام جريمة التفالس‬

‫أوال ‪ :‬ضرورة صدور حكم بفتح مسطرة املعالجة‬


‫ثانيا ‪ :‬حمل املتابع بجريمة التفالس صفة مسير الشركة‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األفعال الجرمية املكونة لجريمة التفالس‬

‫أوال ‪ :‬األفعال املاسة بذمة الشركة مباشرة‬


‫ثانيا ‪ :‬األفعال التي ال تمس ذمة الشركة مباشرة‬

‫املطلب الثاني‪ :‬إجراءات املتابعة عن جريمة التفالس وعقوبتها‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬اإلجراءات املسطرية للمتابعة‬


‫أوال ‪ :‬املحكمة املختصة وإجراءات تحريك الدعوى العمومية‬
‫ثانيا ‪ :‬شهر الحكم باإلدانة والتقادم‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬العقوبة املطبقة على جريمة التفالس‬


‫أوال ‪ :‬العقوبات األصلية‬
‫ثانيا ‪ :‬العقوبات اإلضافية‬

You might also like