Professional Documents
Culture Documents
لقد أبانت التجربة العملية أن أغلب المقاوالت ال تلجأ إلى القضاء إال إذا امتدت الجرثومة
االقتصادية والقانونية و االجتماعية لكل أوصالها ، 1بشكل يتعذر معه إنقاذها أو عالجها ،
مما دفع المشرع إلى استحداث مسطرة اإلنقاذ ،و التي خصص لها القسم الثالث من الكتاب
الخامس المتعلق بصعوبات المقاولة .
فهذه المسطرة تعتبر من ضمن أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم 73.17
المتعلق بنسخ و تعويض الكتاب الخامس من مدونة التجارة ،و قد تم تبنيها بعدما تبين فشل
منظومة الوقاية ،2ذلك أن عدم قدرة المقاوالت على أداء الديون التي في ذمتها أو بلوغها
لمرحلة تكون وضعيتها مختلة بشكل ال رجعة فيه و ما يترتب على ذلك من أضرار يصعب
تداركها سيؤثر ال محالة على المصلحة االقتصادية العامة على اعتبار أن المقاولة تشكل
الركيزة األساسية لالقتصاد الوطني ،واعتبارا لذلك سار المشرع من خالل إقرار هذه
المسطرة وقاية المقاولة من الصعوبات التي تعترضها و العبور بالمقاولة إلى بر األمان .
فالمشرع يروم من خاللها توفير الوسائل و اآلليات الالزمة للتعاطي معها بنوع من
الجدية و تحفيز رئيس المقاولة نحو تحريك إجراءاتها ،و ضمان نجاعة مسطرة الصلح
التي كانت تفشل في كثير من الحاالت ألسباب متعددة ، 3ولكي يتحقق هذا الغرض كان البد
من وضع إطار قانوني يتسم بالبساطة والمرونة ،و هو ما يتبين من خالل الشروط الالزم
توفرها إلعمال هذه المسطرة و كذلك اإلجراءات التي يلزم سلوكها حتى يمكن االستفادة
منها.
و من خالل ما سبق و لدراسة النظام القانوني لمسطرة اإلنقاذ ،سنقوم بالتطرق
لخصائص هذه المسطرة و شروطها (المبحث األول) ،و كذلك ببيان كيفية سلوكها بتوضيح
ضوابط إعمالها (المبحث الثاني ).
- 1يونس عبد الحكيم ''مساطر صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17و العمل القضائي –دراسة مقارنة ، '' -مطبعة
النجاح الجديدة-الدارالبيضاء ،الطبعة األولى ، 2019ص.64:
- 2كمال دزاز ''،قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة –إجراءات الوقاية و اإلنقاذ نموذجا " -رسالة لنيل دبلوم
الماستر ،تخصص القانون و المقاولة ،جامعة موالي إسماعيل ،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية مكناس،
السنة الجامعية ، 2016-2015ص .95 :
- 3عمر يدير "،األجهزة المتدخلة في مسطرة اإلنقاذ في ضوء القانون رقم 73/17المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة،".
مجلة المهن القانونية و القضائية ،مطبعة األمنية –الرباط ،العدد الثاني نوفمبر ، 2018ص.40 :
1
لئن كانت مسطرة اإلنقاذ تم اقتباسها من مدونة التجارة الفرنسية ،فذلك ناتج عن كونها
تتضمن مجموعة من اآلليات و الميكانزمات التي يسعى من خاللها الحفاظ على النسيج
االقتصادي ،من خالل مساعدة المقاولة لتجاوز الصعوبات التي تعترض استمراريتها.
فإقرار هذه المسطرة جاء نتيجة التعديالت التي طالت مساطر صعوبات المقاولة و بعد
دراسة المقتضيات التي تقوم عليها لدى المشرع الفرنسي ،و لعل أهم ما يميز هذه المسطرة
هي تلك الخصائص التي تتمتع بها (المطلب األول) و سيرا على النهج المرن الذي اعتمده
المشرع في إطار هذه المسطرة فقد نص على مجموعة من الشروط(المطلب الثاني) التي
يلزم توافرها لالستفادة منها.
المطلب األول :خصائص مسطرة اإلنقاذ
تتميز مسطرة اإلنقاذ بمجموعة من الخصائص ،و المتمثلة في كونها مسطرة
إرادية(الفقرة األولى ) و ذات طبيعة مختلطة (الفقرة الثانية) إضافة إلى احتفاظ رئيس
المقاولة بصالحياته تجاه المقاولة (الفقرة الثالثة)
الفقرة األولى :الطبيعة اإلرادية لمسطرة اإلنقاذ
تثبت الصفة اإلرادية أو االختيارية لمسطرة اإلنقاذ ،من خالل استئثار المدين وحده حق
تحريكها طالما أن هذه المسطرة قررت من أجل مساعدته في تجاوز الصعوبات التي تعاني
منها مقاولته ،4فإذا كان بإمكانه وضع حد لهذه الصعوبات دون تدخل المحكمة ،فال يجبر
على طلب المساعدة .
إذاك فرئيس المقاولة يتمتع من حيث سلوك مسطرة اإلنقاذ بالسلطة التقديرية
5
فاللجوء إلى مسطرة اإلنقاذ يكتسي طابعا جوازيا و ليس وجوبيا ،فتبقى صالحية
تقرير إخضاع المقاولة لها أمرا متروكا لحرية المدين و إرادته و يتبين ذلك من خالل ما
نصت عليه المادة 561من مدونة التجارة ،و يترتب عن ذلك استبعاد الدائن و النيابة العامة
من تقديم طلب فتح هذه المسطرة ،بل إن المحكمة ال يمكنها أن تفتح هذه المسطرة من تلقاء
- 4محمد كرام " ،مساطر صعوبات المقاولة في التشريع المغربي في ضوء القانون رقم ، " 73.17المطبعة و الوراقة
الوطنية –مراكش ، -الطبعة األولى ،2019ص .89:
5
-Laetitia Antonini-cochin et Laurence-caroline henry,''L’essentiel du droit des entreprises en
difficulté'', Gualino, 6e édition 2017, page: 63 .
- 6نصت المادة 578من مدونة التجارة '' يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى ألحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه
.يمكن للمحكمة أيضا أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة ،أو من رئيس المحكمة في إطار ما
تخوله له الوقاية الخارجية من اختصاصات ''.
- 7نصت الفقرة األولى من المادة 651من مدونة التجارة '' تفتتح المحكمة مسطرة التصفية القضائية تلقائيا أو بطلب من
رئيس المقاولة أو الدائن أو النيابة العامة ،إذا تبين لها أن وضعية المقاولة مختلة بشكل ال رجعة فيه''.
2
نفسها ،و ال يحق ألي شخص آخر في المقاولة ما لم يكن رئيس المقاولة بمفهوم المادة
546من القانون 73.17أن يستعمل هذا الحق .
و بالتالي ،فإعمال مسطرة اإلنقاذ غير مرتبط بسلوك باقي مساطر الوقاية األخرى
باألولوية ،أو باستنفاذها إذ يمكن في مرحلة أولى ،أال يلجأ رئيس المقاولة إلى مسطرة
اإلنقاذ إال بعد سلوك باقي مساطر الوقاية كما يمكنه تفعيل ميكانزماتها مباشرة. 8
و يظهر أن المشرع المغربي سار منحى المشرع الفرنسي 9الذي منح رئيس المقاولة
وحده الحرية في سلوك هذه المسطرة ،و إضافة إلى ذلك وعلى خالف المشرع المغربي
فقد منح المشرع الفرنسي المحكمة إمكانية دعوة المدين لسلوك مسطرة المصالحة عند تقديم
طلب فتح مسطرة اإلنقاذ ذلك كلما تبين للمحكمة إمكانية تجاوز الصعوبات التي تعرقل
استمرارية المقاولة 10دون اعتماد مسطرة اإلنقاذ ،غير أن المدين رغم ذلك فتبقى له
الحرية في سلوك مسطرة المصالحة من عدم ذلك .
و هذا المقتضى لم ينص عليه المشرع المغربي ،غير أننا نعتقد أنه يمكن للمحكمة كلما
تبين لها ذلك توجيه رئيس المقاولة لسلوك سلوك مسطرة المصالحة باعتبارها إحدى
المساطر االستباقية 11التي يتم إعمالها عند عدم بلوغ المقاولة لمرحلة التوقف عن الدفع،
باعتبار أن المحكمة في إطار مساطر صعوبات المقاولة تتدخل ليس بصفتها القضائية
فحسب بل باعتبارها جهاز مساعد للمقاولة ،تحاول من خالل السلطات الممنوحة لها
الحفاظ على النسيج االقتصادي الوطني .
و على سبيل المقارنة فقانون اإلفالس األمريكي منح إمكانية طلب فتحها للمدين رئيس
المقاولة و كذلك لدائنيه ،12حيث أنه لم يحصر إمكانية سلوك هذه المسطرة للمدين فحسب و
إنما أيضا للدائنين ،و اعتبر اللجوء إليها من قبل الدائنين بأنها حالة غير إرادية لسلوك
المسطرة النتفاء إرادة المدين.
3
فمنح اإلمكانية للدائنين من قبل المشرع األمريكي لطلب سلوك إجراءات مسطرة إعادة
التنظيم(مسطرة اإلنقاذ) ،يمكن أن ينظر إليه مقتضى ال يخلو من أهمية ،حيث أن الدائنين
بطلبهم هذا يجددون الثقة في المدين و يمنحونه فرصة لتسديد ديونهم ،دون انتظار بلوغ
المقاولة لمرحلة التوقف عن الدفع لطلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية .
الفقرة الثانية :الطبيعة المختلطة لمسطرة اإلنقاذ
لئن كانت المقتضيات المنظمة لمساطر صعوبات المقاولة المنصوص عليها في مدونة
التجارة حددت مساطر الوقاية(القسم الثاني من الكتاب الخامس) 13و مساطر المعالجة رغم
حذف المشرع هذه التسمية في إطار القانون 73.17و التي تتضمن مسطرة التسوية(القسم
الرابع من الكتاب الخامس) و التصفية القضائية(القسم الخامس من الكتاب الخامس) ،
فيطرح تساؤل حول الطبيعة القانونية لمسطرة اإلنقاذ ؟
بالرجوع إلى المقتضيات القانونية المنظمة لمسطرة اإلنقاذ يتبين أنها ذات طبيعة
مختلطة أو مزدوجة ،إذ تعتبر مسطرة وقائية (( )préventifأوال) و عالجية
(( )curativeثانيا) ،لذلك فطبيعة مسطرة اإلنقاذ تعد من أهم الخصائص التي تتمتع بها .
أوال :مسطرة وقائية
فمسطرة اإلنقاذ تعتبر مسطرة وقائية لكونها مفتوحة في وجه المقاوالت غير المتوقفة
عن دفع ديونها ،هدفها األساسي وقاية و إنقاذ هذه المقاوالت من الوصول إلى مرحلة
التوقف عن الدفع كما هو الشأن بالنسبة لمساطر الوقاية ،14اذ أن إنقاذ المقاولة تعتبر
ميكانيزما متماسكا للوقاية ،يتم استعماله اذا كانت تمر بوضعية صعبة ،لكنها لم تصل بعد
لمرحلة التوقف عن الدفع .
و لئن كانت المساطر الجماعية متمثلة في مساطر المعالجة ،فمسطرة اإلنقاذ باعتبارها
مسطرة وقائية فهي تعتبر أول مسطرة جماعية وقائية ، 15ذلك أن هذه المسطرة ستتيح
التشخيص المبكر لوضعية المقاولة التي تعاني من الصعوبات قبل بلوغها لمرحلة تكون
وضعيتها ميؤوس منها ،لذلك كان الهدف من تقريرها تحقيق ثالث غايات 16و هي ضمان
استمرارية نشاط المقاولة من خالل مساعدتها على تجاوز الصعوبات التي تعاني منها
- 13يتضمن القسم الثاني من الكتاب الخامس المعنون بمساطر الوقاية ،كل من مسطرة الوقاية الداخلية –الباب األول – و
مسطرة الوقاية الخارجية و مسطرة الوكيل الخاص و المصالحة –الباب الثاني – .
- 14يونس عبد الحكيم ،م.س ،ص.64 :
15
-Sara Donjon ,’’la procédure de sauvegarde accélérée’’ ,mémoire pour l’obtention du
master , spécialité droit des affaires-droit des PME et PMI- ,université de reims champagne-
ardenne, année universitaire 2014-2015, page :14 .
- 16و هو ما نصت عليه المادة 560من مدونة التجارة " تهدف مسطرة اإلنقاذ إلى تمكين المقاولة من تجاوز صعوباتها،
وذلك من أجل ضمان
استمرارية نشاطها ،والحفاظ على مناصب الشغل بها ،وتسديد خصومها".
4
ووقايتها من مرحلة التوقف عن الدفع ،و كذلك الحفاظ على مناصب الشغل 17بها و تسديد
الخصوم التي عليها .
ثانيا :مسطرة عالجية
و من جهة أخرى فمسطرة اإلنقاذ تعد مسطرة عالجية لكون تبنيها هو تعبير عن تجاوز
اختصاص مختلف األجهزة الداخلية للمقاولة واألجهزة الخارجية ،التي تعمل تحت إشراف
رئيس المحكمة التجارية ،لصالح المحكمة التجارية التي تتدخل في مسطرة اإلنقاذ بكافة
أجهزتها و آلياتها المعتمدة في مسطرة التسوية القضائية كالقاضي المنتدب و السنديك و
المراقبين وغيرهم ،لكن بشرط أن ال تكون المقاولة قد توقفت عن دفع ديونها الحالة.18
إضافة إلى ذلك فتالقي مسطرة اإلنقاذ مع مسطرة المعالجة ،يتجلى في عالج
الصعوبات التي تعترض استمرارية المقاولة و التي ال يستطيع رئيس المقاولة تجاوزها
لوحده باالعتماد على قدراته اإلستراتيجية في التسيير و اإلدارة ،و كذلك في كون بعض
المقتضيات المنظمة لمسطرة اإلنقاذ هي شبيهة لتلك المعتمدة في إطار مسطرة المعالجة
خاصة و أن مدونة التجارة تضمنت في قسمها السادس 19من الكتاب الخامس على القواعد
المشتركة لمسطرة اإلنقاذ و مسطرتي التسوية و التصفية القضائية .
فتحفيز رئيس المقاولة على تفعيل هذه المسطرة يشكل معطى أساسي لها ،حيث تذوب
إجراءات المعالجة القضائية المتسمة بالصرامة مع إجراءات الوقاية ذات الطابع اإلرادي
ليتمخض عن ذلك مسطرة متميزة في بنائها القانوني. 20
الفقرة الثالثة :احتفاظ رئيس المقاولة بكافة صالحياته
من اآلليات التحفيزية لسلوك هذه المسطرة ،احتفاظ رئيس المقاولة بصالحية التسيير
التي يتمتع بها تجاه المقاولة ،و بذلك فهو يسير و يدبر أمور المقاولة من خالل المادة 566
من م.ت التي تنص على أنه'' يختص رئيس المقاولة بعمليات التسيير ،ويبقى خاضعا
بخصوص أعمال التصرف وتنفيذ مخطط اإلنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقريرا بذلك
للقاضي المنتدب''.
و بالتالي يتبين على أن رئيس المقاولة يحتفظ على صالحية التسيير و اإلدارة (أوال) اال
أنه يخضع للرقابة من حيث أعمال التصرف (ثانيا) .
- 17فمسطرة االنقاذ تمكن كذلك من الحماية على المستوى االجتماعي من خالل الحفاظ على مناصب الشغل اذ أن تلك
الصعوبات التي تعاني منها ان لم يتم تجاوزها ستؤدي الى عرقلة سير المقاولة و يمكن أن تؤدي بها الى االندثار و الذي
يؤثر على الطبقة الشغيلة.
- 18يونس الحكيم ،م.س ،ص.64:
- 19المواد من 670الى 735من مدونة التجارة.
- 20كمال الدزاز ،م.س ،ص.103 :
5
يتبين أن المشرع المغربي في إطار مسطرة اإلنقاذ و على غرار نظيره الفرنسي، 21
قد تبنيا منطقا مغايرا لوضعية المدين 22في تدبير نشاطه التجاري مقارنة مع مساطر
المعالجة التي يمكن أن يتدخل فيها السنديك كجهاز خارجي عن المقاولة في تسييرها ،و هذه
اإلمكانية هي التي جاء بها الفصل 11من قانون اإلفالس األمريكي.
فقد تمر المقاولة بصعوبات مالية و يمكن أن ال تعزى لرئيسها بل يمكن ألسباب
خارجية ككون مدين المقاولة أو زبونها خاضع بدوره ألحد مسطرتي المعالجة ،فقد عبر
أحد الباحثين 23على أن منع رئيس المقاولة من سلطاته التي يتمتع بها يعتبر كعقوبة غير
منصفة ،رغم أنه يتمتع بالكفاءة من خالل مزاولة مهامه حيث يمكن أن تكون الصعوبات
التي تعاني منها المقاولة ليست ناتجة عن سوء تسييره أو سوء إدارته.
فرغم أن الحكم القاضي بفتح مسطرة اإلنقاذ و إن كان يتضمن تعيين ألجهزة قضائية ،
فان ذلك ال يحول دون استمرار المدين في إدارة مقاولته ،إذ يبقى على رأسها و يعد هذا
من أهم اآلليات التي تقوم عليها إجراءات إعادة التنظيم. 24
21
-Selon l’article L622-3 du c.com « Le débiteur continue à exercer sur son patrimoine les
actes de disposition et d'administration, ainsi que les droits et actions qui ne sont pas compris
dans la mission de l'administrateur.
En outre, sous réserve des dispositions des articles L. 622-7 et L. 622-13, les actes de gestion
» courante qu'accomplit seul le débiteur sont réputés valables à l'égard des tiers de bonne foi.
- 22لذلك نجد أن قانون االفالس األمريكي و يصطلح على المدين في اطار اعادة تنظيم المقاولة (مسطرة االنقاذ) ب
’’ ''debtor in possessionو التي استعملها الفقه الفرنسي لبيان هذه الخاصية التي تتمتع بها مسطرة االنقاذ ،فمصطلح
Possessionيقصد به الحيازة ،أي أن المقصود هو أن المدين يحوز صالحياته تجاه المقاولة .
23
- Sophie Stankiewicz Murphy , « l’influence du droit américain de la faillite en droit
français des entreprises en difficulté vers un rapprochement des droits?», thèse pour
l’obtention du doctorat, spécialité droit , université de strasbourg , ecole doctorale , année
universitaire 2010-2011, p : 32 .
- 24فإجراءات إعادة التنظيم أو تنظيم الديون ،يقصد بها مسطرة االنقاذ نفسها ذلك أن المشرع األمريكي استعمل مصطلح
'' ''REORGANIZATIONكداللة على مسطرة اإلنقاذ أي إعادة التنظيم و هذا المصطلح اعتمده كذلك المشرع
'' Cette procédure est destinée à faciliter la réorganisation de الفرنسي
''l'entrepriseفي المادة .L620-1
- 25مصطفى بونجة و نهال اللواح" ،مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم - 17.73دراسة عملية وتحليلية للكتاب
الخامس من مدونة التجارة في ضوء مستجدات القانون رقم 17.73الصادر بتاريخ ،" -23-04-2018مطبعة ليتوغراف
طنجة ،الطبعة األولى ، ، 2018ص .169:
26
- Laetitia Antonini-cochin et Laurence-caroline henry , o.p , p: 79 .
6
لكن في نظرنا فتعيين تلك األجهزة ال يتعارض و ممارسة المدين صالحياته ذلك أن
تلك األجهزة تتدخل بصفتها مراقبة على احترام المدين اللتزاماته في مخطط اإلنقاذ و
ضمان تنفيذه حماية للدائنين و المقاولة بدورها دون التدخل فيما يخض تسيير المقاولة.
بل األكثر من ذلك فاحتفاظ المدين بكافة صالحياته تجاه المقاولة أو باألحرى حيازته
صالحية التسيير ( ، )debtor in possessionهو المحور األساسي الذي وجدت من
أجله هذه المسطرة اذ يمكن القول أن مساطر صعوبات المقاولة ذات صبغة اقتصادية أكثر
مما هي قانونية حيث يرجى من خاللها الحفاظ على كيان اقتصادي .
وهذه القاعدة على درجة عالية من األهمية على اعتبار أن إقرارها من شأنه طمأنة رؤساء
المقاولة بخصوص وضعهم القانوني داخل المقاولة ،وبالتالي تشجيعهم على سلوك هذه
المسطرة ،هذا فضال على أن تجديد الثقة في المسيرين من شأنه أن يدفعهم إلى االنخراط
بصفة إيجابية في المسطرة إليجاد الحلول المناسبة والعملية لتخطي تلك الصعوبات.27
ثانيا :الرقابة على أعمال التصرف
إذا كان رئيس المقاولة حرا في جميع أعمال اإلدارة و التسيير التي تهم السير العادي
للمقاولة ، 28و عدم خضوعه لمراقبة السنديك في شأنها ،فقد قيده المشرع في ما يخص
أعمال التصرف و تنفيذ مخطط اإلنقاذ بموجب المادة 566من مدونة التجارة.
حيث يمكن أن تتمثل هذه أعمال التصرف التي يجريها ،في تفويتات أو إبرام صلح أو
تراض مع الغير أو تقديم ضمانات عينية في شكل رهون حيازية أو على األصل التجاري
أو رهن رسمي أو أي نوع آخر من الرهون ،و التي ال يستطيع إجرائها دون الحصول على
موافقة أو ترخيص القاضي المنتدب طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 29594من
مدونة التجارة ،المحال عليها بموجب المادة 569من نفس المدونة في فقرتها الثانية .
وعلى الرغم من هذه المراقبة فإنها ال تؤثر على أحقية رئيس المقاولة في إدارة
المقاولة و استمراريته فيها ،بحيث ال يكون مهددا بنزع هذه السلطات من يده كما هو الشأن
في التسوية القضائية ،كما أنه ال يحق للمحكمة أن تعلق اعتماد المخطط على استبدال مسير
أو مسيرين كما هو الشأن في التسوية القضائية. 30
لذلك و سيرا على النهج الذي اعتمده المشرع من خالل إبقاء رئيس المقاولة مختصا
بصالحية تسيير ،فقد نص في المادة 574من مدونة التجارة "ال تطبق على مسطرة اإلنقاذ
مقتضيات الباب الحادي عشر من القسم السادس من هذا الكتاب ".
-27كلمة السيد وزير العدل األستاذ محمد أوجار بمناسبة تقديم مشروع قانون رقم 17-73بنسخ وتعويض الكتاب الخامس
من القانون رقم 15.95المتعلق بمدونة التجارة فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة أمام لجنة الفالحة والقطاعات
اإلنتاجية بمجلس المستشارين.
- 28محمد كرام ،م.س ،ص .141 :
- 29تنص المادة 594من مدونة التجارة على أنه " يرخص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو السنديك بتقديم رهن أو
رهن رسمي و بالتوصل الى صلح أو تراض".
- 30جاء في الفقرة األولى من المادة 600من مدونة التجارة ''يمكن للمحكمة ،إن كانت استمرارية المقاولة تستدعي ذلك،
أن تعلق اعتماد مخطط
تسوية المقاولة على استبدال مسير أو عدة مسيرين وذلك بناء على طلب السنديك أو تلقائيا".
7
فالمقتضيات المستثناة طبقا للمادة السابقة تنص على فترة الريبة 31على اعتبار أن مسطرة
اإلنقاذ من شروطها عدم توقف المقاولة عن الدفع ،و هذه الفترة يمكن أن تؤدي إلى إبطال
التصرفات التي أجراها رئيس المقاولة.
و لئن كان المشرع اعتمد هذه اآللية التحفيزية ،لجعل المدين يتفاعل بدور ايجابي
تجاه مسطرة اإلنقاذ ،فقد من منحه كذلك ميزة أخرى تتمثل في عدم تعرض رئيس المقاولة
للعقوبات المالية أو المهنية الجنائية و هو ما يستدل من خالل المواد 738و 745و 754
من مدونة التجارة .
وهو عكس ما هو عليه الشأن فيما يتعلق بمسطرة التسوية والتصفية القضائية ،ذلك
أن القانون ،17-73وإن كان قد نص على عقوبات مدنية وجنائية في حق مسيري المقاولة
موضوع التسوية القضائية أو التصفية القضائية في حاالت محددة ،فإنه رفعا من جاذبية
مسطرة اإلنقاذ ،وتشجيعا من المشرع لرؤساء المقاولة على سلوك هذه المسطرة ،قبل
الوصو ل إلى مرحلة التوقف عن الدفع ،فإنه لم يتم إقرار عقوبات في مواجهة رؤساء هذه
المقاوالت متى تعلق األمر بمسطرة اإلنقاذ.
المطلب الثاني :شروط فتح مسطرة اإلنقاذ
لئن كان المشرع منح المقاولة مكنة لتجاوز الصعوبات التي تعترضها دون تنازل
رئيسها عن صالحية التسيير من خالل اللجوء الى مسطرة اإلنقاذ ،فقد ألزم المدين الذي
يريد االستفادة منها أن يحترم شروطها حتى يعتد بالطلب المقدم و تتمثل تلك الشروط في
توافر الصفة التجارية (الفقرة األولى) و عدم التوقف عن الدفع (الفقرة الثانية ) و تواجد
صعوبات جدية (الفقرة الثالثة) .
- 31فترة الريبة ،تعتبر فيها تصرفات المدين باطلة على اعتبار أنه أجرى تلك التصرفات رغم وقوع المقاولة في مرحلة
التوقف عن الدفع ،و تبتدئ هذه الفترة حسب الفصل 712من مدونة التجارة "تبتدئ فترة الريبة من تاريخ التوقف عن
الدفع و لغاية حكم فتح المسطرة ،تضاف اليها مدة سابقة على التوقف بالنسبة لبعض العقود " .
- 32و قد جاء في مسودة المشروع أيضا في المادة األولى منه على أنه '' يمكن فتح مسطرة اإلنقاذ بطلب كل تاجر ''..و
نصت المادة 561من الصيغة األولى من مشروع تعديلي على ''يمكن أن تفتح مسطرة اإلنقاذ بطلب من كل مقاولة تجارية
''..و يتبين أن المشرع سار بصفة تغييرية حيث انتقل من لفظ تاجر إلى لفظ مقاولة تجارية إلى أن اعتمد في القانون المنفذ
لفظ المقاولة فحسب ،و ذلك طالما أنه تم تعريفها المقاولة في إطار المادة . 546
8
تلك الصفة مع مراعاة مسطرة الوقاية الداخلية التي تطبق على الشركات التجارية فقط دون
المقاوالت التجارية الفردية .
أوال :الصفة التجارية للشخص الطبيعي
تعتبر صفة التاجر ،شرطا أساسيا لكي يتم تطبيق مسطرة اإلنقاذ على الشخص
الطبيعي ،و الشروط الالزم توفرها الكتساب هذه الصفة تتمثل من خالل الممارسة
االعتيادية أو االحترافية لألنشطة الواردة في المادتين السادسة 33و السابعة 34من مدونة
التجارة ،غير أن التعداد الوارد في هاتين المادتين جاء على سبيل المثال و ليس على سبيل
الحصر ،بدليل أن المادة 358من ذات المدونة نصت على أن صفة التاجر تكتسب في حالة
مزاولة أحد األنشطة المماثلة لتلك المنصوص عليها في المادتين 6و . 7
إضافة إلى مزاولة تلك األنشطة بصفة اعتيادية أو احترافية ،يتعين أن يتوفر الشخص
الطبيعي التاجر على األهلية القانونية 36المحددة في إطار مدونة األسرة 37و التي تخول له
- 33تنص المادة 6من مدونة التجارية على " :مع مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع بعده المتعلق بالشهر في
السجل التجاري ،تكتسب صفة تاجر بالممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التالية:
.1شراء المنقوالت المادية أو المعنوية بنية بيعها بذاتها أو بعد تهيئتها بهيئة أخرى
أو بقصد تأجيرها؛
.2إكتراء المنقوالت المادية أو المعنوية من أجل إكرائها من الباطن؛
.3شراء العقارات بنية بيعها على حالها أو بعد تغييرها؛
.4التنقيب عن المناجم والمقالع واستغاللها؛
.5النشاط الصناعي أو الحرفي؛
.6النقل؛
.7البنك والقرض والمعامالت المالية؛
.8عملية التأمين باألقساط الثابتة؛
.9السمسرة والوكالة بالعمولة وغيرهما من أعمال الوساطة؛
.10استغالل المستودعات والمخازن العمومية؛
.11الطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها؛
.12البناء واألشغال العمومية؛
.13مكاتب ووكاالت األعمال واألسفار واإلعالم واإلشهار؛
.14التزويد بالمواد والخدمات؛
.15تنظيم المالهي العمومية؛
.16البيع بالمزاد العلني؛
.17توزيع الماء والكهرباء والغاز؛
.18البريد والمواصالت؛
.19التوطين".
- 34و تنص المادة 7من مدونة التجارة ":تكتسب صفة تاجر أيضا بالممارسة االعتيادية أو االحترافية لألنشطة التالية:
.1كل عملية تتعلق بالسفن والطائرات وتوابعها؛
.2كل عملية ترتبط باستغالل السفن والطائرات وبالتجارة البحرية والجوية".
- 35جاء في المادة 8من مدونة التجارة " تكتسب صفة تاجر كذلك بالممارسة االعتيادية أو االحترافية لكل نشاط يمكن أن
يماثل
األنشطة الواردة في المادتين 6و". 7
- 36وأكد المشرع على األهلية التجارية من خالل ما جاء في المادة 12التي تنص على أنه '' تخضع األهلية لقواعد
األحوال الشخصية "..و تحيل هذه المادة على مدونة األسرة في مادتها 209التي أن األهلية يتمتع بها البالغ لسن الرشد
القانوني و المتمثل في 18سنة شمسية كاملة .
وهناك حاالت خاصة يمكن أن يتمتع فيها باألهلية التجارية كتلك المتعلقة بالقاصر المأذون له باالتجار ،و كذلك القاصر
الذي نال الترشيد (المادة 13من مدونة التجارة و التي تحيل على المادتين 226و 218من مدونة األسرة ) و بالتالي تسري
عليهما نفس األحكام التي تسري على كاملي األهلية .
9
ممارسة النشاط التجاري ،و أن تمارس األنشطة بكيفية مستقلة تنعدم فيها أي تبعية لشخص
آخر ،أي أن يمارس الشخص النشاط التجاري بصفة مستقلة باسمه الشخصي أو لحسابه
الخاص و ليس لحساب شخص آخر.
أما بالنسبة للحرفي فهو يكتسب الصفة التجارية بدليل المادة السادسة من مدونة التجارة
في بندها الخامس التي تضمنت النشاط الحرفي و الصناعي ،و من خالل أن القانون
73.17لم يعد يشير إلى مصطلح الحرفي مكتفيا بعبارة المقاولة على خالف القانون
القديم ،38إذاك فالشخص الطبيعي الحرفي له إمكانية تقديم طلب فتح مسطرة اإلنقاذ ،39كلما
تعرض لصعوبات تعيق استمرارية نشاطه و التي يمكن أن تؤدي به في أجل قريب لمرحلة
التوقف عن الدفع.
و إذا كان القانون المغربي قد قصر تطبيق المساطر الجماعية 40و التي تعد مسطرة
اإلنقاذ من ضمنها على التاجر ،فان القانون الفرنسي أضاف المزارع و مربي المواشي
طبقا للقانون رقم 88-1202بتاريخ ، 198841 /12/30و كذلك كل من يمارس مهنة
- 37ظهير شريف رقم 1.04.22صادر في 12من ذي الحجة 3(1424فبراير )2004بتنفيذ القانون رقم 70.03بمثابة
مدونة األسرة ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5184بتاريخ 14ذو الحجة 5 ( 1424فبراير ،) 2004ص .418الذي
تم تعديله بمقتضى القانون رقم 102.15الرامي الى تعديل المادة 16من القانون 70.03بمثاية مدونة األسرة ،الصادر
بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.2بتاريخ فاتح ربيع االخر 12( 1437يناير ، )2016المنشور بالجريدة الرسمية عدد
6433بتاريخ 14ربيع االخر 25( 1437يناير )2016ص .420
- 38فمدونة التجارة قبل دخول القانون 73.17تضمنت عبارة الحرفي من خالل ما جاء في المادة '' 560تطبق مساطر
معالجة صعوبات المقاولة على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم عند
الحلول ،بما في ذلك الديون الناجمة عن االلتزامات المبرمة في إطار االتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556
أعاله".
ويتبين أن المشرع المغربي استجاب لالنتقادات التي كانت قد وجهت اليه في ظل القانون القديم من خالل ما يتبين من المادة
أعاله ،اذ كان يورد الحرفي الى جانب مصطلح التاجر .
- 39و لئن كانت للحرفي الشخص الذاتي إمكانية فتح مسطرة اإلنقاذ فالقضاء المغربي و من خالل ما توصلنا اليه لم يعرض
عليه طلب فتحها من قبل الحرفي لحدود كتابة هذه األسطر ،غير أن القضاء الفرنسي صدرت من قبله مجموعة من األحكام
القاضية بفتح مسطرة االنقاذ تجاه الشخص الطبيعي الحرفي ،كالحكم رقم 2015F02751الصادر عن المحكمة التجارية
لغرينوبل ( )Grenobleبتاريخ 29/12/2015و الذي قضى بفتح مسطرة اإلنقاذ و تعيين األجهزة القضائية المتدخلة فيها
بعدما تأكد من توفر شروطها القانونية .
Jugement du 29/12/2015 de tribunal de commerce de Grenoble n°2015F02751 «….. la
demande présentée par le requérant tend à obtenir le bénéfice de la procédure de sauvegarde
visée l’article L.620-1 du code de commerce .
……..
L’entreprise ne se trouve pas en état de cessation des paiements mais rencontrant toutefois des
difficultés importantes ,il convient de lui faire bénéficier de la procédure de sauvegarde .
Par ces motifs
le tribunal statuant publiquement en premier ressort par décision…..
Prononce l’ouverture de la procédure de sauvegarde au profit de
» …Monsieur ……. Artisan personne physique
تم االطالع عليه بالموقع االلكتروني www .doctrine.fr :بتاريخ 01/05/2019على الساعة .23:33
- 40لئن كانت المساطر الجماعية تطبق على األشخاص الذين يزاولون نشاط تجاري رغم وقوعهم في حالة الحظر أو
السقوط أو التنافي ،بدليل أن المادة 11من مدونة التجارة والتي تنص على أنه ":يعتبر تاجرا كل شخص اعتاد ممارسة
نشاط تجاري رغم وقوعه في حالة الحظر أو السقوط أو التنافي " ،فمسطرة االنقاذ ال يمكن أن يستفيد منها الشخص
الطبيعي الذي يزاول نشاط تجاري رغم وقوعه في حالة تنافي ،و هو تحصيل حاصل طالما أنه يزاول بصفة غير قانونية.
- 41محمد كرام ،م.س ،ص.61 :
10
حرة ، 42إمكانية تقديم طلب لفتح مسطرة اإلنقاذ ،و يتبين لنا أن المشرع الفرنسي استثنى
من األشخاص الطبيعية األجراء و الموظفين .
و لئن كانت مدونة التجارة الفرنسية ،أدرجت المزارع ضمن األشخاص الخاضعين
لمسطرة اإلنقاذ ،فالقانون الفدرالي األمريكي لإلفالس استثناه من إمكانية الخضوع لمسطرة
إعادة التنظيم. )chapter 11( 43
غير أن ما تجدر اإلشارة إليه ،هو تواجد وضعيات خاصة تندرج في إطار الشخص
الذاتي التاجر ،و نذكر كل من المسير الحر 44لألصل التجاري 45و الذي يكتسب صفة
تاجر 46و يخضع لاللتزامات التي تفرضها تلك الصفة ،فله امكانية سلوك هذه المسطرة
على خالف المسير المأجور الذي يسير األصل التجاري بمقابل أجر يتقاضاه من مالك
األصل .
و كذلك ماجاء في القانون 47114.13المتعلق بالمقاول الذاتي 48و التساؤل
المطروح هو هل تثبت له الصفة التجارية رغم أن المشرع أعفاه من التقييد في السجل
التجاري 49؟ يمكن القول أنه يخضع إلجراءات هذه المسطرة طالما أن المادة األولى من
قانون 114.13حددت مجال عمل المقاول الذاتي في المجال التجاري و الصناعي و
الخدماتي ،وهي من األنشطة التي تم التنصيص عليها في إطار المادة 6و 7من مدونة
التجارة كما أن مدونة التجارة الفرنسية منحت للمقاول الذاتي()auto-entrepreneur
إمكانية سلوك مسطرة اإلنقاذ. 50
ثانيا:الصفة التجارية للشخص االعتباري
- 42و ذلك كمهنة الطب أو المحاماة أو مهنة التوثيق أو الهندسية الى غير ذلك من األعمال المهنية المدنية
43
-Sophie Stankiewicz Murphy , o.p , p :213.
- 44عرف المشرع عقد التسيير الحر في إطار المادة 152من م.ت'' عقد يوافق بمقتضاه مالك األصل التجاري أو مستغله
على إكرائه كال أو بعضا لمسير يستغله تحت مسؤوليته''
- 45يقصد باألصل التجاري حسب مدلول المادة 79من مدونة التجارة "مال منقول معنوي يشمل جميع األموال المنقولة
المخصصة لممارسة نشاط تجاري أو عدة أنشطة تجارية ".
- 46المادة 153من م .ت" يكتسب المسير الحر صفة التاجر ويخضع لجميع االلتزامات التي تخولها هذه الصفة.
ينشر عقد التسيير الحر في أجل الخمسة عشر يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول
لها نشر اإلعالنات القانونية.
يجب على المكري إما أن يطلب شطب اسمه من السجل التجاري وإما أن يغير تقييده الشخصي بالتنصيص صراحة على
وضع األصل في التسيير الحر.
يخضع انتهاء التسيير الحر إلجراءات الشهر ذاتها".
- 47ظهير شريف رقم 1.15.06صادر في 29من ربيع اآلخر 19 ( 1436فبراير )2015بتنفيذ القانون رقم 13.114
المتعلق بنظام المقاول الذاتي ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6342الصادرة بتاريخ 21جمادى األولى 12 ( 1436
مارس ،)2015الصفحة .1593
- 48تنص المادة األولى من قانون 114.13المتعلق بالمقاولة الذاتي ":يعتبر مقاوال ذاتيا كل شخص طبيعي يزاول بصفة
فردية نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو يقدم خدمات و ال يتجاوز رقم األعمال السنوي المحصل عليه 500000درهم
اذا كان النشاط الذي يمارسه يندرج ضمن األنشطة الصناعية و الحرفية و التجارية ".
- 49المادة 2من القانون " 114.13يستفيد المقاول الذاتي من االمتيازات التالية ...............:
-االعفاء من الزامية التقييد بالسجل التجاري "....
50
-- Laetitia Antonini-cochin et Laurence-caroline henry , o.p , p: 62 .
11
52
بالنسبة للشركات التجارية المنظمة بمقتضى القانون 515.96أو القانون رقم 17.95
فإنها تخضع لمسطرة اإلنقاذ ،على اختالفها باستثناء شركة المحاصة التي تستقل بأحكام
خاصة بحسب ما إذا كان غرضها مدنيا أو تجاريا على اعتبار أنها ال تكتسب الشخصية
المعنوية و ال تسجل بالسجل التجاري ،53فإذا كان غرض شركة المحاصة مدنيا فهي تعد
شركة مدنية و تستبعد بالتالي من نطاق مساطر صعوبات المقاولة ،و ذلك على خالف كون
غرضها تجاريا ففي هذه الحالة تكون شركة تجارية و تخضع بالتالي لمسطرة اإلنقاذ ،و إن
كان الشركاء هم الذين يخضعون لها لكون الشركة في حد ذاتها ال تتمتع بالشخصية
المعنوية.
و باستثناء الشركة أعاله فان سائر الشركات التجارية األخرى يمكن أن تكون موضوع
فتح مسطرة اإلنقاذ سواء تلك المنظمة بمقتضى القانون ، 5.96و هي شركة التضامن و
شركة التوصية البسيطة و شركة التوصية باألسهم و الشركة ذات المسؤولية المحدودة
بنوعيها ،و سواء تعلق األمر بشركة المساهمة المنظمة بموجب القانون رقم 17.95علما
بأن جميع هذه الشركات تكتسب الشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها بالسجل
التجاري .
لكن قد يثار إشكال بخصوص الشركات التي ال زالت في طور التأسيس و مع ذلك
تعاني من صعوبات قد تؤدي بها إلى التوقف عن الدفع وهي ال زالت في مهدها و قبل
اكتسابها الشخصية المعنوية ،هل يمكن إخضاعها لمسطرة اإلنقاذ ؟ يمكن القول أنه في هذه
الحالة طالما أن الشركة بمفهومها القانوني لم تقم بعد فان مسؤولية األعمال المنجزة يتحملها
المؤسسون ومن تم تفتح في مواجهتهم المسطرة إن تحققت الشروط األخرى عمال بالمادة
5427من قانون 17.95و المادة 551من قانون .5.96
- 51الظهير الشريف رقم 1.97.49الصادر في 5شوال 13( 1417فبراير ) 1997بتنفيذالقانون رقم 5.96المتعلق
بشركة التضامن و شركة التوصية البسيطة و شركة التوصية باألسهم و الشركة ذات المسؤولية المحددة و شركة المحاصة
،منشور بالجريدة الرسمية عدد 4478بتاريخ 23ذي الحجة ( 1417فاتح ماي )1997ص ، 1058المعدل بمقتضى
القانون رقم 24.10الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.39بتاريخ 29من جمادى االخرة 2 ( 1432يونيو 2011
) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5956بتاريخ 27رجب 30 ( 1432يونيو ) 2011ص . 3082
- 52قانون رقم 17.95المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124صادر في 14من ربيع
اآلخر 30( 1417أغسطس ،)1996الجريدة الرسمية عدد 4422بتاريخ 4جمادى اآلخرة 17( 1417أكتوبر )1996
ص ،2320المعدل بمقتضى قانون رقم 20.19الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.78بتاريخ 23من شعبان
29( 1440أبريل ،)2019الجريدة الرسمية عدد 6773بتاريخ 23من شعبان 29( 1440أبريل ،)2019ص .2177
- 53المادة 88من القانون " 5.96ال وجود لشركة المحاصة إال في العالقات بين الشركاء ،وال ترمي إلى علم الغير بها.
ال تتمتع بالشخصية المعنوية.
ال تخضع ألي تقييد في السجل التجاري وال ألي إجراء من إجراءات الشهر ،ويمكن إثبات وجودها بكافة الوسائل.
يمكن أن تنشأ بفعل الواقع".
-54تنص المادة 27من قانون 17.95المتعلق بشركات المساهمة '' يسأل األشخاص الذين قاموا بعمل باسم شركة في طور
التأسيس قبل اكتسابها الشخصية المعنوية ،على وجه التضامن بصفة مطلقة ،عن األعمال التي تمت باسمها إال إذا تحملت
الجمعية العامة األولى العادية أو غير العادية للشركة االلتزامات الناشئة عن هذه األعمال بعد تأسيسها تقييدها بشكل
قانوني.
يعتبر حينئذ هذه االلتزامات كما لو قامت بها الشركة منذ البداية''.
- 55تنص المادة 1من قانون 5.96في فقرتها األخيرة '' تطبق أحكام المواد 2و 3و 5و 8و 11و 12و ........... 27من
القانون رقم 17.95المتعلق بشركات المساهمة على الشركات موضوع هذا القانون فيما إذا كانت متالئمة واألحكام الخاصة
بها''.
12
و بالتالي فالشخص االعتباري له إمكانية سلوك مسطرة اإلنقاذ طالما كان في إطار
شركة تجارية سواء شركة األشخاص أو األموال أو الشركة المختلطة ،باستثناء الشركات
المدنية و التعاونيات ،و كذلك المجموعات ذات النفع االقتصادي المنظمة بمقتضى القانون
رقم ، 5613.97رغم أنها تخضع للتسجيل في السجل التجاري بما جاء في القانون
بموجب المادة 37من مدونة التجارة ، 57و تكتسب تبعا لذلك الشخصية المعنوية 58و
رغم خضوعها كذلك للقانون المتعلق بالكراء التجاري ، 59إال أنها ال تكتسب الصفة
التجارية ما لم يكن غرضها تجاريا و هو ما تضمنته المادة 5من قانون 13.97التي
نصت على أن صفة المجموعة ذات النفع االقتصادي تستمد من غرضها الذي أسست من
أجله .
و بصفة عامة فكل األشخاص المعنوية التي لم تتخذ شكل شركة تجارية ،تستبعد من
نطاق تطبيق مسطرة اإلنقاذ،و على خالف المشرع المغربي فالمشرع الفرنسي (المادة
(60L620-1فقد كان أكثر شمولية و أوسع نطاقا من خالل إعمال هذه المسطرة حيث لم
يعتد بالصفة التجارية كشرط للخضوع لمسطرة اإلنقاذ فحسب ،بل وسع من دائرة
األشخاص الخاضعين لها ،كالمجموعات ذات النفع االقتصادي دون اعتداد بصفتها و كذلك
التعاونيات و الشركات المدنية المهنية و الزراعية بل و حتى الجمعيات 61سواء اتصفت
بالمنفعة العامة أو لم تتصف بها ،أي أنه أخضع األعمال المدنية في نطاق الخاضعة
لمسطرة اإلنقاذ .
- 56ظهير شريف رقم 1.99.12صادر في 18من شوال 5( 1419فبراير )1999بتنفيذ القانون رقم 13.97المتعلق
بالمجموعات ذات النفع االقتصادي ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4678بتاريخ 14ذي الحجة ( 1419فاتح أبريل
)1999ص ،679كما تم تعديله القانون رقم 69.13الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.29في 21من جمادى
األولى 12( 1436مارس ،)2015المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6348بتاريخ 12جمادى اآلخرة 2( 1436أبريل
)2015ص .3521
- 57تنص المادة 37من مدونة التجارة ":يلزم بالتسجيل في السجل التجاري األشخاص الطبيعيون و المعنويين ،مغاربة
كانوا أو أجانب ،الذين يزاولون نشاطا تجاريا في تراب المملكة .
و يلزم بالتسجيل عالوة على ذلك -4... :كل مجموعة ذات نفع اقتصادي".
- 58الفقرة األولى من المادة 4من قانون رقم 13.97المتعلق بالمجموعات ذات النفع االقتصادي " تتمتع المجموعة ذات النفع
االقتصادي كيفما كان غرضها بالشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري دون أن يترتب على هذا
التقييد افتراض الصفة التجارية للمجموعة".
- 59ظهير شريف رقم 1.69.99صادر في 13شوال 18( 1437يوليو )2016بتنفيذ القانون رقم 49.16المتعلق بكراء
العقارات أو المحالت المخصصة لالستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي ،المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6490
بتاريخ 7ذو القعدة 11( 1437أغسطس )2016ص .5857
60
- selon l’article du code de commerce L620-2 Modifié par Ordonnance n°2010-1512 du 9
décembre 2010 - art. 3’’La procédure de sauvegarde est applicable à toute personne exerçant
une activité commerciale ou artisanale, à tout agriculteur, à toute autre personne physique
exerçant une activité professionnelle indépendante, y compris une profession libérale soumise
à un statut législatif ou réglementaire ou dont le titre est protégé, ainsi qu'à toute personne
morale de droit privé.
A moins qu'il ne s'agisse de patrimoines distincts de l'entrepreneur individuel à responsabilité
limitée, il ne peut être ouvert de nouvelle procédure de sauvegarde à l'égard d'un débiteur déjà
soumis à une telle procédure, ou à une procédure de redressement judiciaire ou de liquidation
judiciaire, tant qu'il n'a pas été mis fin aux opérations du plan qui en résulte ou que la
’’procédure de liquidation n'a pas été clôturée.
- 61أما بالنسبة للمشرع األمريكي من خالل قانون االفالس ،فقد استثنى الجمعيات الخيرية (associations
) philanthropiquesمن نطاق اعمال الفصل 11منه .
13
و بذلك فالمشرع الفرنسي سار على منوال المشرع األمريكي الذي منح إمكانية فتح هذه
المسطرة من قبل شخص ذاتي أو اعتباري ،يزاول نشاط تجاري أو مدني. 62
لذلك فالتساؤل المطروح هو سبب إقصاء المشرع المغربي الشركات المزاولة لألعمال
المدنية من نطاق مسطرة اإلنقاذ بالخصوص ؟ و نعتقد أنه من األجدر إخضاعها لمسطرة
اإلنقاذ أو باألحرى تحديد معايير يجب أن تتمتع بها إلخضاعها لمسطرة اإلنقاذ كتوفرها
على رأس مال مادي معين و رأس مال المادي(األجراء) محدد ،و مثال ذلك المصحات
الطبية و التي في األغلب منها تتوفر على عدد كبير من األجراء و تتعامل مع مجموعة من
الدائنين.
الفقرة الثانية :عدم التوقف عن الدفع
لئن كان من بين شروط فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ،بلوغ المقاولة
لمرحلة التوقف عن الدفع ،فمسطرة اإلنقاذ رغم أنها تعتبر من المساطر الجماعية فيلزم أن
ال تكون متوقفة عن الدفع على غرار مساطر الوقاية ،كما هو الشأن بالنسبة للمشرع
الفرنسي ،63ومن ثم لم يعد التوقف عن الدفع فيصال بين المساطر الوقائية الحبية و بين
المساطر العالجية القضائية من خالل استحداث مسطرة اإلنقاذ.
و على خالف ذلك رغم اعتبار مسطرة المصالحة من المساطر الوقائية ،فالمشرع
الفرنسي 64مكن المقاولة المتوقفة عن الدفع و التي لم يتجاوز أمد توقفها عن الدفع 45
يوما ،من تقديم طلب االستفادة من مسطرة المصالحة و التي تعتبر من المستجدات التي
جاء بها قانون ، 26/07/2005أي أن هذه المسطرة لم تعد حكرا على المقاوالت التي
تعاني من صعوبات خفيفة ،بل بإمكان حتى تلك التي توقفت عن ديونها الحالة و المستحقة
أن تستفيد من هذه المسطرة ،بشرط أن تكون متوقفة عن الدفع حديثا.65
و شرط عدم التوقف عن الدفع الذي يمكن من فتح مسطرة اإلنقاذ إضافة إلى الشروط
السابقة ،يتمثل من خالل عدم وجود المقاولة في وضعية استحالة لمجابهة أصولها للخصوم
التي عليها و هو ما نصت عليه المادة 561من م ت ،فحالة التوقف عن الدفع تضمنته
المادة 575من ذات المدونة في فقرتها الثانية '' تثبت حالة التوقف عن الدفع متى تحقق
عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها
المتوفرة ،بما في ذلك الديون الناتجة عن االلتزامات المبرمة في إطار االتفاق الودي
المنصوص عليه في المادة 556أعاله''.
62
-Sophie stankiewicz murphy , o.p, p: 24,25.
63
-art L620-1 c. com
64
- art L611-4 du code de commerce(modifié par ordonnance n°2010-1512 du 9 décembre
2010-art.2) « ll est institué, devant le tribunal de commerce, une procédure de conciliation
dont peuvent bénéficier les débiteurs exerçant une activité commerciale ou artisanale qui
éprouvent une difficulté juridique, économique ou financière, avérée ou prévisible, et ne se
’’trouvent pas en cessation des paiements depuis plus de quarante-cinq jours.
- 65يمكن القول على أن المشرع الفرنسي حينما منح إمكانية سلوك مسطرة المصالحة للمدين المتوقف عن الدفع لمدة 45
يوما ،يحاول من خاللها اقناع المدين على أن مسطرة المصالحة بإمكانها وضع حد للتوقف عن الدفع .
14
فالمشرع في إطار هذه المادة أخذ بالمفهوم الحديث للتوقف عن الدفع ،عكس المفهوم
التقليدي للتوقف عن الدفع الذي أخذت به المادة 560من الكتاب الخامس المنسوخ من
مدونة التجارة و التي كانت تنص على أنه " تطبق مساطر معالجة صعوبات المقاولة على
كل تاجر و كل حرفي و كل شركة تجارية ،ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم
عند الحلول "..
حيث يتبين من خالل المادة 561أن التوقف عن الدفع 66يتمثل في عدم قدرة المقاولة
فردية أو جماعية على سداد الديون المستحقة المطالب بها بسبب عدم كفاية األصول
المتوفرة ،ذلك أن المقاولة وقعت في نوع من عدم الموازنة بكون خصومها تفوق األصول
التي تقوم عليها المقاولة ،فاللجوء إلى مسطرة اإلنقاذ يكون في حالة كون الصعوبات التي
تعاني منها و يمكن أن تؤدي بها إلى التوقف عن الدفع في وقت قريب.
وقد جاء في الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش "حيث أن المحكمة وبموجب
الحكم رقم 90الصادر بتاريخ 2018/08/02في الملف عدد 2018/8315/92القاضي
بفتح مسطرة اإلنقاذ في حق السيد س واستنادا للمادة 564من مدونة التجارة فإنه إذا تبين
بعد فتح مسطرة اإلنقاذ أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم
القاضي بفتح هذه المسطرة ،تعاين المحكمة حالة التوقف وتحدد تاريخه وفق مقتضيات
المادة 713أدناه ،وتقضي بتحويل مسطرة اإلنقاذ إلى تسوية قضائية أو تصفية قضائية،
وفق مقتضيات المادة 583أدناه.67" ....
و ما يستنتج أن تحقق واقعة التوقف عن الدفع ينهض كأثر سلبي يحول دون تطبيق
مسطرة اإلنقاذ ،فالمحكمة بعد الحكم بفتح مسطرة اإلنقاذ تقضي بتحويلها إلى تسوية
قضائية أو تصفية قضائية ،وفقا لمقتضيات المادة 68564من نفس القانون ،هذه المادة التي
نصت على أن المحكمة تقضي بالتسوية القضائية إذا تبين لها أن وضعية المقاولة ليست
مختلة بشكل ال رجعة فيه ،وإال فتقضي بالتصفية القضائية.
- 66و يتضح من خالل المواد المذكورة المتعلقة بالتوقف عن الدفع أن هذا األخير يقوم على ثالثة عناصر و المتمثلة في :
الخصوم المستحقة المطالب بها :أي تلك الديون التي يحق للدائن المطالبة بها دون أن تتوقف على اجل أو شرط ،و يستوي
أن يكون الدين مدنيا أو تجاريا ،اال أنه يجب أن يكون مستحقا و غير منازع فيه .و كذلك أن يكون الدين مطالبا به في وقت
استحقاقه ،غير أن طبيعة المطالبة يمكن أن تكون قضائية أو غير قضائية على اعتبار أن المشرع أورد عبارة الديون في
المادة 575من مدونة التجارة بصفة عامة .
األصول المتوفرة :أي كتلك المبالغ المتوفرة في خزينة المقاولة و في حساباتها البنكية و القيم المنقولة أو األوراق التجارية
القابلة للخصم أو األداء ،و بعبارة أدق األصول القابلة للتصرف و المتمثلة في األموال و المبالغ التي تضمن األداء الفوري
للديون .
استحالة مجابهة الخصوم المستحقة باألصول المتوفرة :أي أن تلك الديون العالقة في ذمة المقاولة و التي لم تستطع تأديتها ،
تفوق األصول التي تتوفر عليها المقاولة .
-67حكم المحكمة التجارية بمراكش رقم 91الصادر بتاريخ 2018/09/27في الملف رقم .2018/8302/120أشار اليه
مصطفى بونجة و نهال اللواح ،م.س ،ص.174 :
- 68تنص المادة 564من م.ت في فقرتها األولى على أنه ":إذا تبين ،بعد فتح مسطرة اإلنقاذ ،أن المقاولة كانت في حالة
توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح هذه المسطرة ،تعاين المحكمة حالة التوقف وتحدد تاريخه وفق
مقتضيات المادة 713أدناه ،وتقضي بتحويل مسطرة اإلنقاذ إلى تسوية قضائية أو تصفية قضائية ،وفق مقتضيات المادة
583أدناه".
15
و باعتبار المشرع المغربي و المشرع الفرنسي أدرجا شرط عدم التوقف عن الدفع في
إطار شروط فتح مسطرة اإلنقاذ ،فالمشرع األمريكي لم ينص على مثل هذا الشرط إذ لم
يعتد بأي شرط ذو صبغة مالية تجاه المدين ،أي سواء كان تواجد حالة التوقف عن الدفع أو
لم تتواجد فالمدين حر في سلوك مسطرة اإلنقاذ. 69
الفقرة الثالثة :مواجهة المقاولة لصعوبات
يتمثل الشرط الثالث الذي يلزم توفره هو تواجد صعوبات تجاه المقاولة ،ذلك أن المدين
عند تقديمه لطلب فتح مسطرة اإلنقاذ يجب أن يبين فيه الصعوبات المراد تجازوها و هي
من أهداف مسطرة اإلنقاذ فقد جاء في المادة '' 560تهدف مسطرة اإلنقاذ إلى تمكين
المقاولة من تجاوز صعوباته،وذلك من أجل ضمان استمرارية نشاطها ،والحفاظ على
مناصب الشغل بها ،وتسديد خصوم '' .و يتبين أن المشرع لم يحدد طبيعتها (أوال) و أنها
يجب أن تتصف بالجدية (ثانيا)
فالغاية من إحداث على هذه المسطرة تتمثل في تمكين المحكمة من التشخيص المبكر
للمقاوالت التي تعاني من الصعوبات 70للحيلولة دون اندثارها.
أوال :طبيعة الصعوبات المعترضة
قبول طلب فتح المسطرة رهين بمدى جدية هذه الصعوبات أي أن تكون ذات طابع
خطير ،فال يمكن للمدين تضمين صعوبات يمكن تجاوزها دون حاجة إلى تدخل أجهزة
أخرى ،و هذا المقتضى له بعد في ما يتعلق بحماية الدائنين ألن عدم التحقق من جدية هذه
الصعوبات سيحول هذه المسطرة إلى مسطرة كيدية ،يسعى من خاللها اإلضرار بالدائنين.
ويستنتج من خالل المادة أعاله أن المشرع لم يحدد طبيعة الصعوبات المبررة لفتح
المسطرة ،و لم يحصرها أسوة بمسطرة المصالحة ، 71و ما إن جاء لفظ الصعوبات بصفة
عامة في المادة 561من مدونة التجارة ،فالصعوبات يمكن أن تكون ذات طابع اقتصادي
أو قانوني أو اجتماعي أو مالي ، 72طالما أن المشرع حدد الصعوبات في إطار مسطرة
الوقاية الداخلية 73أو الخارجية .
69
- Sophie stankiewicz murphy , o .p , p : 24 .
- 70مصطفى بونجة و نهال اللواح ،م.س ،ص.170:
- 71نصت المادة 551من مدونة التجارة " تفتح مسطرة المصالحة أمام كل مقاولة ،دون أن تكون في وضعية التوقف عن
الدفع ،تعاني من صعوبات اقتصادية أو مالية أو لها حاجيات ال يمكن تغطيتها بواسطة تمويل يناسب إمكانياتها.
يتضمن الطلب الذي يتقدم به رئيس المقاولة عرضا حول الوضعية المالية واالقتصادية و االجتماعية والحاجيات التمويلية
للمقاولة ،و كذا وسائل مواجهتها" .
و بالتالي فالصعوبات التي تبرر اللجوء الى مسطرة المصالحة هي صعوبات ذات طبيعة اقتصادية أو مالية أو تمويلية .
- 72فالصعوبات المذكورة جلها يمكن أن تعيق استمرارية المقاولة ،غير أنه في غالب األحوال فالصعوبة التي تأزم
المقاولة هي ذات الطابع المالي ألنها مرتبطة بشكل وثيق مع المتعاملين مع المقاولة و يتبين كذلك أيضا من خالل اثار
الناتجة عن فتح المسطرة في منع المدين من أداء الديون و وقف المتابعات الفردية .
- 73المادة'' 547إذا لم يعمل رئيس المقاولة ،تلقائيا ،على تصحيح االختالل الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على استغاللها ،يبلغ
إليه مراقب الحسابات ،إن وجد أو أي شريك في الشركة ،الوقائع أو الصعوبات ،خاصة الصعوبات ذات الطبيعة القانونية أو
االقتصادية أو المالية أو االجتماعية ،التي من شأنها اإلخالل باستمرارية استغاللها ،وذلك داخل أجل ثمانية أيام من اكتشافه
لها برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل ،يدعوه فيها إلى تصحيح ذلك االختالل''.
16
فتقييم مدى انسجام الصعوبة مع مسطرة اإلنقاذ و االستجابة لفتحها تدخل ضمن السلطة
التقديرية الواسعة للمحكمة لتحديد طبيعة هذه الصعوبة،74و خاصة التأكد من جديتها و
درجة حدتها و تأثيرها على مستقبل المقاولة .
ثانيا :جدية الصعوبات المعترضة
هكذا يجب أن تكون الصعوبات التي تعاني منها المقاولة حقيقية ومبررة وجدية ،بحيث
ال تكون للتاجر القدرة على تجاوزها وقام بما يلزم من إجراءات وتدابير قصد التغلب عليها
لكنها ظلت قائمة رغم استنفاذها ،وليس صعوبات بسيطة يلجأ إليها المدين تحايال على
حقوق دائنيه وتأخيرا الستيفاء ديونهم ،75كما يجب أن تكون من شأن هذه الصعوبات أن
تؤدي بالمقاولة في أجل قريب للتوقف عن الدفع ،بمعنى أن وضعية المقاولة تكون أقرب
للدخول إلى مساطر المعالجة.
فهذا الشرط أشارت اليه المادة( ) L620-1من مدونة التجارة الفرنسية ،إضافة إلى
ذلك فالمشرع الفرنسي ألزم المدين بتوضيح الصعوبة أي بيان سببها مع تبرير األسباب التي
أدت الى عدم إمكانيته تجاوزها 76تحت طائلة رفض الطلب عند تخلفها ، 77إذ كان حريا
بالمشرع المغربي السير على نفس المنوال حيث أن بيان السبب سواء المتعلق بالصعوبة أو
الذي عاق المدين لتجاوزها 78يظهر نوعا من جدية الطلب الذي تقدم به المدين.
و هذا يقترب نوعا ما من الشرط الذي نص عليه قانون اإلفالس األمريكي و المتمثل
في كون من تقدم بطلب فتح مسطرة إعادة التنظيم مدينا ، 79و أن يكون ذلك الدين حقيقي
- 74لبنى بوهمتاين '' ،مسطرة االنقاذ '' ،رسالة لنيل دبلوم الماستر ،تخصص قانون األعمال و المقاوالت ،جامعة محمد
الخامس الرباط ،كلية العلوم القانونية و االجتماعية و االقتصادية السويسي ،السنة الجامعية ، 2015-2014ص .20:
- 75منال منصور '' ،النظام القانوني لمسطرة االنقاذ على ضوء مستجدات القانون رقم 17.73المتعلق بمساطر صعوبات
المقاولة'' ،مجلة المهن القانونية و القضائية ،مطبعة األمنية –الرباط ،العدد الثاني ،نوفمبر ، 2018صفحة .29
76
-Laëtitia lethielleux , "droit des entreprises en difficultés", gualino , 3e édition 2012, p:89.
- 77أي أن المدين يلزم عليه بيان الصعوبة و جديتها و سببها و كذلك السبب الذي عاق المدين على تجاوزها من تلقاء نفسه،
و تخلف أي منها يؤدي الى رفض الطلب
- 78غير أن التأكد من تلك األسباب أو الوقوف عليها رغم عدم الزامية المدين ببيانها من قبل المشرع المغربي ،يمكن أن
يتم من خالل االجراءات التي تمر منها المقاولة من استماع لرئيسها أو من خالل الوثائق المدلى بها أو المعلومات المتحصل
عليها ،أي أن هناك مجموعة من المراحل التي تمر منها المسطرة كفيلة بابراز تلك األسباب .
- 79اعتمد المشرع األمريكي على شرطين حتى يعتد بالطلب المقدم لالستفادة من مسطرة اعادة التنظيم (مسطرة االنقاذ) ،
اضافة الى شرط كون مقدم الطلب مدينا و الذي يتبين أنه شرط بديهي على اعتبار أن مسطرة االنقاذ بل مساطر صعوبات
المقاولة ال تعمل اال اذا كانت هناك مديونية من قبل المقاولة.
هناك شرط يتمثل باالختصاص الترابي لمحاكم الواليات المتحدة ،بكون المدين يزاول نشاطه أو له أصول داخل الواليات
المتحدة ،غير أن هذا الشرط يكتسي نوعا من المرونة فال يتم حصره فقط بتوافر مقر اجتماعي أو مؤسسة للمدين داخل
الوالية بل يمكنه طلب فتح المسطرة حتى و ان كان يتوفر على أموال داخل بنوك الدولة أو أن أحد المساهمين في الشركة
ذو جنسية أمريكية .
فهناك قرار شهير متعلق بقضية ’’ ‘’YOKOSو هي شركة روسية ،غير انها تتوفر على حساب بنكي لدى بنك يتواجد
بمدينة هوستن األمريكية و أن مسؤولها المالي ذو جنسية أمريكية اضافة الى أن 15%من أسهمها تعود لمستثمرين
أمريكيين وتقدمت المقاولة بطلب فتح مسطرة اعادة التنظيم أمام المحكمة األمريكية الى أن طلبها تم رفضه ليس بعلة كونها
Sophie شركة روسية بل لكون المدين سيئ النية حتى كان مبتغاه مماطلة أحد دائنيه ألداء الدين .
stankiewicz murphy , o.p , p : 23 .
فهذا الشرط األخير يتشابه نوعا ما مع المستجد الذي نص عليه المشرع المغربي و المتمثل في المساطر العابرة للحدود و
التي يمكن اللجوء الى المساطر الوطنية عبرها من قبل ممثل أجنبي غير أن هذا المقتضى حصره المشرع في اطار مساطر
المعالجة و هو ما يتسدل من خالل المادة 778التي أحالت على شروط مسطرة التسوية القضائية في المادة .575
17
حتى ال يسعى المدين من خالل هذه المسطرة إلى اإلضرار بأحد المتعاملين معه ،و هنا
نتبين أن القاضي يتأكد من حسن النية المدين حتى ال يسعى من طلبه هذا التملص من
االلتزامات التي عليه أو الديون التي في إمكانه أدائها دون سلوك هذه المسطرة.80
و بذكرنا هذا الشرط لدى المشرع األمريكي ،و الذي يعتبر من المسلمات لدى المشرع
المغربي و الفرنسي ،فيمكن القول أن أساسه يتمثل في كون طبيعة الصعوبة في إطار
الفصل 11من قانون اإلفالس األمريكي هي المتعلقة بالصعوبة المالية.
و لئن كانت التشريعات التي سبق ذكرها ،اشترطت على المدين أن تتوافر صعوبات
جدية إلمكانية طلبه فتح مسطرة اإلنقاذ ،فالقاضي بمجرد توصله من الطلب يتأكد من حسن
نية المدين ،فالمشرع األمريكي بمنحه إمكانية الدائنين تقديم طلب فتح المسطرة فالقاضي
األمريكي كذلك يسعى للبحث عن حسن نية الدائن حتى ال يستغل هذه اإلمكانية لإلضرار
بمدينه أو باألحرى اإلضرار بالمقاولة التي تعامل معها ،و اال تعرض لعقوبات نتيجة
تقديمه طلب بصفة تعسفية.81
و من خالل ما سبق يتبين لنا أن الصعوبات التي تواجه المقاولة تقوم على ثالثة
عناصر و التي يمكن أن نجملها في:
يجب أن تكون الصعوبات مبررة :أي ال يسعى من ورائها المدين اإلضرار
بدائني المقاولة ،من خالل تضمين بعض الصعوبات التي في إمكانه تجاوزها
دون تدخل المحكمة ،و باألساس كالصعوبات المالية التي تنتج عن عدم أداء
دين مستحق و مطالب به باعتبارها الصعوبات األكثر قبوال 82لفتح المسطرة .
فعدم صدق الصعوبات يؤكد على سوء نية المدين ،حيث جزاه المشرع بنقيض
قصده و ذلك حماية للدائنين المتعاملين مع المقاولة .
استحالة التغلب على الصعوبات :و ذلك يتمثل في عدم قدرة المقاولة اعتمادا
على أجهزتها الداخلية ،تذليل تلك الصعوبات أو باألحرى الحد منها دون
مساعدة ،بمعنى أن المقاولة ال تتوفر على التمويل الذاتي أو اإلمكانات الذاتية
الالزمة أو الكفيلة بتجاوز هذه الصعوبات .
- 80كحالة شركة الخطوط الجوية كونتيننتال( .)Continental Airlinesفتقدمت هذه الشركة بطلب لالستفادة من الفصل
11من قانون االفالس األمريكي غير أن الشركة لم تكن في أي صعوبة مالية ،فقد تقدمت الشركة بطلب لإلفالس في عام
1983بهدف كسب النزاع العمالي مع النقابة ،للتملص من حقوق األجراء ،واالتفاق الجماعي للشركة ،و القانون
االجتماعي و النظام العام .
Sophie stankiewicz murphy , o.p , p: 24 .
81
- l’arrêt JHON RICHARDS HOMES « le crénacier a été condamné à deux millions de
dollars en dommage et intérêts pour avoir demandé l’ouverture d’une procédure involontaire
» alors que la créance en question faisait l’objet d’un litige en cour
Sophie stankiewicz murphy , o.p , p: 213 .
- 82و يتضح ذلك من خالل القضايا المعروضة على أنظار المحكمة التجارية بخصوص صعوبات المقاولة ،حيث يتبين
على أن جل الصعوبات التي تعاني منها المقاوالت الخاضعة لصعوبات المقاولة هي تلك المتعلقة بالوضعية المالية للمقاولة .
18
أن يكون من شأن الصعوبات أن تؤدي في أجل قريب إلى التوقف عن الدفع:
أي أن الصعوبات التي تعرقل عمل المقاولة ،تتسم بطابع خطير عليها و عدم
الحد منها و تصحيح وضعيتها ،سيؤدي بها إلى التوقف عن الدفع مما ينتج
عنه عدم إمكانية سلوك المقاولة مسطرة اإلنقاذ ،ألنه في هذه الحالة يتم فتح
مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية.
لئن كانت هذه هي الشروط التي نص عليها المشرع الزمة الستفادة من مميزات
مسطرة اإلنقاذ ،فما هي اإلجراءات الالزم سلوكها لطلب فتح هذه المسطرة ؟
المبحث الثاني :ضوابط إعمال مسطرة اإلنقاذ
حدد المشرع المغربي مجموعة من الشروط الشكلية الواجب سلوكها لفتح مسطرة
اإلنقاذ ،و حدد اإلجراءات الواجب إتباعها من قبل المدين حتى يستفيد من هذه المسطرة
بعدما يتوفر على الشروط القانونية التي تتيح له اللجوء إلى المحكمة قصد فتحها.
و سنعمل على التطرق إلجراءات فتح المسطرة التي يلزم على المدين سلوكها (المطلب
األول) على أن نحدد اإلجراءات التي تسلكها المحكمة (المطلب الثاني )
المطلب األول :إجراءات المتبعة من قبل المدين لفتح مسطرة اإلنقاذ
فاللجوء إلى المحكمة قصد فتح مسطرة اإلنقاذ ،يستلزم على المدين المرور من
اإلجراءات التي نص عليها المشرع و التي تبتدئ بتقديم طلب فتح المسطرة(الفقرة األولى)
مع إرفاقه بمشروع مخطط اإلنقاذ (الفقرة الثالثة) للجهة المختصة بالبت فيه (الفقرة الثانية)
.
الفقرة األولى:تقديم طلب فتح المسطرة
على اعتبار أن هذه المسطرة ذات طبيعة اختيارية للمدين ،فمتى ما رغب في سلوكها
وجب عليه تقديم الطلب(أوال) إلى المحكمة المختصة ،مع إرفاقه بالوثائق التي أوجبها
المشرع(ثانيا).
أوال :من حيث شكلية الطلب
باعتبار مسطرة االنقاذ مسطرة اختيارية ،فالطلب الرامي الى االستفادة منها يقدم من
قبل التاجر الشخص الطبيعي أو من قبل الممثل القانوني للمقاولة و ينبغي إيداعه لدى كتابة
ضبط المحكمة المختصة طبقا للفقرة األولى من المادة 561من مدونة التجارة ،و بالتالي
فال يمكن ألطراف أخرى لها الرغبة و المصلحة في تقديم طلب فتح مسطرة اإلنقاذ
كالشريك مثال .
19
فالطلب المقدم من قبل المدين إلى الجهة القضائية المختصة من أجل افتتاح مسطرة
اإلنقاذ و االستفادة من المميزات اإلجرائية و الموضوعية لهذه المسطرة محكوم بالعديد من
الشكليات الواجب مراعاتها حتى يحض بالقبول.83
و لئن كان المشرع ألزم رئيس المقاولة ببيان نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل
استمرارية نشاط المقاولة ،فالطلب يلزم أن يكون مكتوبا حيث يجب أن يتضمن العديد من
المعطيات المتعلقة بالمركز المالي للمقاولة مع ذكر تلك الصعوبات ،كما أنه يجب التعريف
بالمقاولة من خالل بيان اسمها و ذكر مقرها االجتماعي ،و ذلك على خالف المشرع
الفرنسي 84أو األمريكي 85اللذان حددا نموذجا لطلب فتح المسطرة .
فطلب فتح المسطرة يمكن أن يتخذ شكل مقال مكتوب محرر من قبل محام ،ذلك أن
المسطرة في إطار الدعاوى التجارية هي كتابية ،و خاصة أن المدين يكون ملزما بأن يشير
إلى مجموعة من البيانات المتعلقة بالمقاولة و الصعوبات و كذلك أن يمكن في حالة تعذره
تقديم وثيقة أن يبين السبب الذي حال دون ذلك .
و بما أن مسطرة اإلنقاذ هي مسطرة اختيارية فإنها غير مقرونة بأجل ،على خالف
مسطرة التسوية القضائية التي توجب على رئيس المقاولة تقديم طلب فتح المسطرة داخل
أجل 30يوما التالية للتوقف عن الدفع. 86
ثانيا :من حيث الوثائق الواجب اإلدالء بها عند تقديم الطلب.
عند تقديم طلب فتح المسطرة من قبل رئيس المقاولة ،يتعين أن يتضمن هذا الطلب
تحديدا لنوع الصعوبات التي من شأنها أن تخل بنشاط المقاولة ،كما أنه يتوجب عليه إرفاق
طلبه بالوثائق المشار إليها في المادة 87577من مدونة التجارة المتعلقة بالتسوية القضائية،
20
و يتبين من خالل هذه المادة أن المشرع المغربي جاء بثالث وثائق جديدة تنضاف الى ما
كانت تنص عليه المادة 562من القانون القديم اسوة الى ما سار عليه المشرع الفرنسي
وهي :
-قائمة األجراء و الممثلين
-نسخة من النوذج 7من السجل التجاري المتعلق بالتقييدات المسلمة من كتابة
الضبط.88
-وضعية الموازنة بالمقاولة خالل 3أشهر األخيرة .
فمقتضيات المادة 577من القانون 73.17هى نفسها التي أشارت اليها المادة
( )R621-1من مدونة التجارة الفرنسية اضافة الى وثائق أخرى لم ينص عليها المشرع
المغربي كادالء بشهادة تفيد لعدم خضوع المقاولة لمسطرة الوكيل الخاص أو المصالحة، 89
و على خالف ذلك فالمشرع األمريكي 90ألزم المدين بتقديم أربعة وثائق فحسب و المتمثلة
في جداول األصول والخصوم و جدول اإليرادات والنفقات الحالية ،جدول العقود الجارية
التنفيذ وعقود اإليجار غير المنتهية و الوضعية المالية للمقاولة.
21
وفي حالة تعذر تقديم إحدى هذه الوثائق أو اإلدالء بها بشكل غير كامل ،يجب على
رئيس المقاولة أن يبين األسباب التي حالت دون ذلك ،كما يمكن لرئيس المقاولة ،إضافة إلى
الوثائق المذكورة في المادة أعاله ،اإلدالء بكل وثيقة معززة لطلبه ،تبين بشكل واضح نوع
الصعوبات التي تعتري نشاط المقاولة.
و قد نادت بعض الفعاليات النقابية 91بمجلس المستشارين في اطار الحفاظ على حقوق
الطبقة الشغيلة ،بضرورة ارفاق الطلب الذي يقدمه رئيس المقاولة الى كتابة ضبط المحكمة
في اطار المادة 577من مدونة التجارة ،بمحضر رأي لجنة المقاولة المنصوص عليها في
مدونة الشغل 92في المادة 464و التي جاء فيها '' تحدث في كل مقاولة تشغل اعتياديا
خمسين أجيرا على األقل لجنة استشارية تسمى لجنة المقاولة '' اال أن هذا المقترح تم
رفضه.
الفقرة الثانية :المحكمة المختصة.
يتعين التمييز فيما يخص الجهة المختصة بتلقي طلب فتح مسطرة االنقاذ بين القواعد
المتعلقة بتحديد االختصاص النوعي(أوال) ،و بين القواعد المتعلقة بتحديد االختصاص
المحلي(ثانيا) .
أوال :االختصاص النوعي
بالرجوع الى القانون القاضي باحداث المحاكم التجارية 9353.95من خالل ما جاء في
المادة 11منه ،الذي بين صراحة االختصاص الحصري للمحكمة التجارية بالنسبة لمساطر
صعوبات المقاولة عند تحديده لالختصاص المحلي لهذه المحكمة.
حيث جاءت المادة 11من هذا القانون تنص على ما يلي" :استثناء من أحكام الفصل
28من قانون المسطرة المدنية ،ترفع الدعاوى ... - :يما يتعلق بصعوبات المقاولة إلى
المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر االجتماعي للشركة ."...
و بالتالي فالمشرع اعتبر مسطرة االنقاذ من مساطر المقاوالت غير المتوقفة عن الدفع،
و قد أخضعها الختصاص قضاء الموضوع على خالف مساطر الوقاية و المصالحة التي
يرجع اختصاص البت فيها لرئيس المحكمة ، 94و تبين هنا أن المشرع المغربي في مسطرة
االنقاذ وفقا للقانون 73.17قد تخلى عن التمييز الذي كان معتمدا في الكتاب الخامس من
القانون 15.95الملغى ،بين مساطر المعالجة القضائية المتعلقة بالمقاوالت المتوقفة عن
- 91تدخل ممثل مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس المستشارين بتاريخ 18رجب 5( 1439أبريل )2018
منشور بالجريدة الرسمية للبرلمان ،عدد 50بتاريخ 29رجب 16( 1439أبريل ) 2018ص 4299و ما بعدها .
- 92ظهير شريف رقم 1.03.194صادر في 14رجب 11(1424شتنبر )2003بتنفيذ القانون رقم 65.99المتعلق بمدونة
الشغل ،منشور في الجريدة الرسمية عدد 5167بتاريخ 13شوال 8( 1424دجنبر )2003صفحة 3969و ما بعدها .
- 93قانون رقم 53.95القاضي باحداث محاكم تجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.65صادر في 4شوال
12( 1417فبراير )1997الجريدة الرسمية عدد 4482بتاريخ 8محرم 15( 1418ماي )1997صفحة ،1141المعدل
بمقتضى القانون رقم 1.13بنسخ و تعويض الباب الثالث المتعلق بمسطرة األمر باألداء من القسم الرابع من قانون
المسطرة المدنية و المادة 22من القانون 53.95القاضي باحداث المحاكم التجارية ،الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم
1.14.14بتاريخ 4جمادى األولى 6( 1435مارس ، ) 2014الجريدة الرسمية عدد 6240بتاريخ 18جمادى األولى
20( 1435مارس )2014صفحة .3229
- 94يونس الحكيم ،م.س ،ص .67 :
22
الدفع و التي تبقى من اختصاص المحكمة التجارية و مصير مساطر المقاوالت غير
المتوقفة عن الدفع و التي يرجع االختصاص للبت فيها لرئيس المحكمة التجارية .
وهو نفس المقتضى الذي نصت عليه مدونة التجارة الفرنسية ، 95اذ أن الجهة المختصة
هي المحكمة التجارية ،طالما أن المدين له الصفة التجارية على اعتبار أن المشرع الفرنسي
وسع من دائرة األشخاص الذين يمكن لهم طلب فتح هذه المسطرة ،حتى في حالة مزاولة
عمل مدني غير أن االختصاص يكون في هذه الحالة للمحكمة العليا.
ثانيا:االختصاص المحلي
بالوقوف عند مقتضيات المادة 581من القانون رقم ،17-73نصت هذه المادة على
ما يلي:
"ينعقد االختصاص للمحكمة التابع لدائرة نفوذها مكان مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر
االجتماعي للشركة.
تكون المحكمة ،المفتوحة مسطرة التسوية أمامها ،مختصة للنظر في جميع الدعاوى
المتصلة بها.
تدخل في إطار اختصاص المحكمة ،بصفة خاصة ،الدعوى المتعلقة بتسيير المسطرة أو
التي يقتضي حلها تطبيق مقتضيات هذا القسم".96
اذن فنفس قواعد االختصاص المحلي بالنسبة لمسطرة التسوية القضائية هي التي تطبق
في اطار مسطرة االنقاذ ،لتكون المحكمة المختصة هي محكمة مكان وجود مؤسسة التاجر
الرئيسية أو المقر االجتماعي للشركة وتبقى هذه المحكمة مختصة للنظر في جميع الدعاوى
المتصلة بمسطرة المعالجة المفتوحة أمامها.
و بالنسبة لالختصاص المحلي على مستوى التشريع الفرنسي 97فهو نفسه الذي سار
عليه المشرع المغربي ،اضافة الى ذلك في حالة كون المقر االجتماعي لشركة خارج
الدولة الفرنسية و تواجد فرع تابع لها داخلها فالجهة المختصة محليها التي يتواجد داخل
95
- selon l’article L621-1 en sa première alinéa du code de commerce « Le tribunal
compétent est le tribunal de commerce si le débiteur exerce une activité commerciale ou
» artisanale. Le tribunal de grande instance est compétent dans les autres cas.
-96وهذا ما كانت تنص عليه كذلك المادة 566من مدونة التجارة السابقة.
97
-selon l’article R600-1 du code de commerce (modifié par Décret n°2018-452 du 5 juin
2018 - art. 4) :« Sans préjudice des dispositions du 2° de l'article L. 721-8 et de l'article R.
662-7, le tribunal territorialement compétent pour connaître des procédures prévues par le
livre VI de la partie législative du présent code est celui dans le ressort duquel le débiteur,
personne morale, a son siège ou le débiteur, personne physique, a déclaré l'adresse de son
entreprise ou de son activité. A défaut de siège en territoire français, le tribunal compétent est
celui dans le ressort duquel le débiteur a le centre principal de ses intérêts en France.
Toutefois, en cas de changement de siège de la personne morale dans les six mois ayant
précédé la saisine du tribunal, le tribunal dans le ressort duquel se trouvait le siège initial
demeure seul compétent. Ce délai court à compter de l'inscription modificative au registre du
» commerce et des sociétés du siège initial.
23
دائرة نفوذها ذلك الفرع ،و ان تعددت الفروع فالمحكمة المختصة هي التي يتواجد بها فرع
الرئيسي( )le centre principaleفي دائرتها .
غير أن المقرر القضائي القاضي بفتح مسطرة االنقاذ 98يلزم أن يتم تذييله بالصيغة
التنفيذية( )l’exequatureمن قبل الدولة التي يتواجد بها المقر االجتماعي للمقاولة،99و
هذه االمكانية هي متاحة في التشريع المغربي لمسطرتي التسوية و التصفية القضائية من
خالل ما جاء في الباب الثالث المعنون باالعتراف بالمساطر األجنبية من القسم التاسع من
الكتاب الخامس من مدونة التجارة ،دون مسطرة االنقاذ .
و مواكبة لمشروع التنظيم القضائي ،و الذي نص على إحداث أقسام متخصصة
بالمحاكم االبتدائية طبقا للمادة 10042من المشروع ،بالمدن التي ال تتواجد بها محكمة
تجارية ،فيمكن أن يتم تقديم الطلب إلى هذا القسم طالما أن المقر االجتماعي أو مؤسسة
التاجر تتواجد داخل دائرة المحكمة االبتدائية .
فالمشرع يسعى من خالل هذا المشروع تقريب القضاء التجاري من التجار الذين
يتواجدون بمد ن ال تتوفر على محكمة تجارية ،غير أن هذا المقتضى تم انتقاده فأحد
اآلراء 101أكد على أن إحداث أقسام تجارية من شأنه أن يؤدي إلى فقدان حلقة من االجتهاد
التجاري من جهة و من جهة ثانية سيؤدي التنظيم الجديد إلى محو شخصية المحاكم
المتخصصة مهما بدلت من جهود للحفاظ عليها ،غير أنه في نظرنا رغم وجاهة هذا الرأي
إال أن هذه األقسام ستعزز الرقابة على المقاوالت الخاضعة لمساطر صعوبات المقاولة
طالما كان مقرها االجتماعي يتواجد خارج دائرة المحكمة التجارية .
و بالنسبة للمقاوالت الحديثة النشأة التي يصعب عليها الحصول على مقر اجتماعي،
103
فالقانون 10289.17المتعلق بتوطين المقاوالت ،يسمح لهذه المقاوالت إمكانية توطين
نشاطها في محل اإلقامة الشخصي للمقاول أو لدى شركة أخرى كتوطين فرع لدى الشركة
األم أو توطين النشاط التجاري لدى إحدى مكاتب االستشارة القانونية أو لدى إحدى وكاالت
التوطين، 104و بالت الي فاالختصاص المحلي يكون للمحكمة التجارية للمكان الذي يختاره
التاجر كوطن له عند االقتضاء .
- 98غير أن المدين ال يمكنه االستفادة من مسطرة االنقاذ اذا كان موضوع مسطرة من مساطر صعوبات المقاولة تم فتحها
99
- Laetitia Antonini-cochin et Laurence-caroline henry , o.p , p:66,67 .
- 100تنص المادة 42من مشروع تنظيم القضائي (كما وافق عليه مجلس النواب بتاريخ 7يونيو " )2016تشمل المحاكم
االبتدائية ذات الوالية العامة –المحاكم االبتدائية ذات الوالية العامة المشتملة على أقسام متخصصة في القضاء التجاري و
أقسام متخصصة في القضاء االداري"....
- 101عبد اللطيف الشنتوف ''،المحاكم التجارية بين دعوات االبقاء و رغبة البعض في االلغاء '' الكلمة االفتتاحية ،مجلة
العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية ،مطبعة األمنية الرباط ،العدد األول ، 2015 ،صفحة5 :و . 6
- 102القانون رقم 89.17المعدل للقانون 15.97المتعلق بمدونة التجارة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.110
بتاريخ 2جمادى األولى 9(1440يناير )2019؛ المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6745بتاريخ 14جمادى األولى1440
( 21يناير )2019ص. 14
- 103يقصد بالتوطين حسب المادة 544-1من القانون " 89.17عقد يضع بمقتضاه شخص ذاتي أو اعتباري ،يسمى
ال ُموطن لديه ،مقر مقاولته أو مقره االجتماعي رهن إشارة شخص آخر ذاتي أو اعتباري ،يسمى ال ُموطن إلقامة مقر مقاولته
أو مقره االجتماعي ،حسب الحالة".
- 104عز الدين بنستي “توطين المقاوالت التجارية على ضوء مشروع القانون رقم 68.13بتتميم مدونة التجارة” مجلة
القضاء التجاري العدد الثاني – مطبعة المعارف الجديدة – الرباط -السنة االولى .2013ص 48 :
24
الفقرة الثالثة :مشروع مخطط اإلنقاذ
زيادة على الوثائق المنصوص عليها بموجب المادة 577المذكورة ،فإنه يتوجب إرفاق
الطلب بمشروع مخطط اإلنقاذ ،ذلك أن المادة 562من القانون 17-73كذلك ،نصت على
أنه '' يجب على رئيس المقاولة ،تحت طائلة عدم القبول ،أن يرفق طلبه بمشروع مخطط
اإلنقاذ''.
فعدم تقديم مخطط اإلنقاذ ،فمصير الطلب المقدم من طرف رئيس المقاولة الفتتاح
مسطرة اإلنقاذ هو عدم القبول ،غير أن المدين يمكن له أن يتقدم بطلب جديد مع إرفاقه
بمشروع مخطط اإلنقاذ طالما أن الحكم بعدم القبول ال يكتسي أي حجية غير أن التساؤل
المطروح هل يمكن للمحكمة أن تنذر رئيس المقاولة لتقديم المخطط ؟
في غياب أي مقتضى قانوني يمنح للمحكمة تلك الصالحية ،فيمكن القول أن لها إمكانية
إنذار المدين بتقديم مشروع المخطط و أن تحدد له اجل لتقديمه على أن ال يتجاوز األجل
المحدد للمحكمة في االستماع لرئيس المقاولة ،رغم أن المادة 562من مدونة التجارة
جاءت بصفة صريحة .
ويحدد مشروع مخطط اإلنقاذ جميع االلتزامات الضرورية إلنقاذ المقاولة وطريقة
الحفاظ على نشاطها وعلى تمويلها -كإضافة نشاط أو فسخ بعض عقود الشغل و كذلك
اللجوء إلى القروض عند وجود أصول تضمنها أو الرفع من قيمة الرأسمال ،-باإلضافة إلى
كيفيات تصفية الخصوم بتحديد قيمة التخفيضات من الديون الموعود بها من طرف بعض
الدائنين و تحديد أجال تسديد الديون وفق جدول زمني يالءم الحفاظ على حقوق الدائنين،
والضمانات الممنوحة قصد تنفيذ مشروع المخطط المذكور كااللتزام بعدم تفويت بعض
األموال التي تعتبر ضرورية الستمرار نشاط المقاولة ،فمخطط اإلنقاذ يعد محور
المسطرة ،حيث ما ان تم الحكم بفتح المسطرة يلزم على المدين تنفيذ المخطط بكافة
االلتزامات التي تضمنها .
و قد جاء في حكم المحكمة التجارية بالدارالبيضاء .."105و حيث انه باالطالع على
ملف النازلة اتضح بأن رئيس المقاولة قد أدلى فضال على الوثائق المتطلبة في المادة 577
من مدونة التجارة ،بمشروع مخطط اإلنقاذ و الذي أكد من خالله بأن الشركة سوف تعمل
على أداء ديونها باعتماد المخطط المقترح من طرفه اعتبارا لمبلغ االستثمارات التي
حصلت عليها و المحددة في مبلغ 400مليون درهم ".
فالمدين مطالب بتقديم مشروع مخطط اإلنقاذ مع الطلب ليتم البت فيه قضائيا ،ويتضمن
هذا المخطط جميع العناصر التي من شأنها تنوير القضاء وإعطاء الوضعية الصحيحة عن
المقاولة كااللتزامات الضرورية من أجل إنقاذ المقاولة والوسائل التي من شأنها أن تحافظ
على استمرارية النشاط ،وكذا كيفية تصفية الخصوم وضمانات تنفيذ المخطط.
- 105حكم المحكمة التجارية بالدارالبيضاء رقم 92الصادر بتاريخ 12يوليوز 2018في الملف رقم . 2018/8301/59
أشار اليه يونس عبدالحكيم ،م.س ،ص. 70 :
25
و لئن كان المشرع المغربي اقتبس هذه المسطرة من مدونة التجارة الفرنسية ،فهذه
األخيرة لم تلزم المدين بإرفاق مشروع المخطط مع طلب فتح المسطرة فهو ال ينجز إال بعد
فتح المسطرة و ذلك لكون المدين يستفيد من مساعدة األجهزة المتدخلة في المسطرة و التي
لها تجربة في التعامل مع الصعوبات التي تواجه المقاوالت ،و التي تقدم إرشادات له. 106
و رغم ذلك فالمشرع المغربي بإلزامه رئيس المقاولة بتقديم مشروع مسبقا قبل الحكم
و البث في الطلب ،فهو يسعى من وراء ذلك البحث عن حسن نية المدين و تفاعله االيجابي
مع المسطرة ،اذ أن تقديمه للمشروع يظهر نوعا من إرادته الجادة في تجاوز الصعوبات و
الحلول التي يوفرها و التي يسعى من خاللها مساعدة المقاولة.
المطلب الثاني :اإلجراءات المتبعة من قبل المحكمة
سنعمل على تحديد اإلجراءات السابقة على البت في طلب فتح مسطرة اإلنقاذ (الفقرة
األولى) ،و كذلك النطق بالحكم في الطلب (الفقرة الثانية) و األجهزة التي يتم تعيينها
(الفقرة الثالثة).
الفقرة األولى :اإلجراءات األولية قبل البث في الطلب
يلزم على المحكمة قبل البت في طلب فتح المسطرة االستماع إلى رئيس المقاولة (ثانيا)
و التأكد من وضعية المقاولة من خالل االستعانة بأي شخص ذو فائدة (ثالثا) و أن يقوم
رئيس المحكمة المختصة بتحديد مصاريف إشهار و نشر المسطرة (أوال).
و ما نستنتجه من خالل هذا النص ،أن رئيس المحكمة يقوم بتحديد تلك المصاريف فور
توصله بالطلب من كتابة الضبط و بالتالي فالتساؤل المطروح هو هل رئيس المحكمة
يحددها عند بسط رقابته على ذلك الطلب و مرفقاته ؟ أو هل يقوم برقابة نسبية 107؟
106
-Jean-Philippe Robic et Sébastian Lemeunier , ‘’l’entrepreneur face à l’entreprise en
difficulté’’ , imprimerie de boeck-bruxelles Bélgique ,1e édition 2017 , page :101 .
- 107ونقصد من خالل رقابة النسبية ،أي رئيس المحكمة ال يبحث أو باألحرى ال يتعمق في دراسة الطلب و ما قدم له أي
يتأكد من الشروط الشكلية أو بالبيانات أو غير ذلك مما ال يؤثر بشكل وثيق في جوهر الطلب و موضوعه .
26
يمكن القول على أن رئيس المحكمة يحدد المصاريف ،دون التفصيل في طلب المدين و
التعمق فيه ،طالما أن االختصاص في النظر في مسطرة االنقاذ يكون من قبل محكمة
الموضوع و أن تحديد هذه المصاريف بشكل مسبق يتمثل في عدم ضياع الوقت عند الحكم
بفتح المسطرة و ذلك حتى ال يتوقف نشر الحكم و شهره على أداء المدين لمصاريفه حيث
يمكن أن يماطل في األداء و بالتالي سيشكل ذلك ضياعا للوقت.
و التساؤل في حالة عجز المدين أو باألحرى المقاولة عن أداء تلك المصاريف هل
يمكن ألحد الدائنين تأديتها على أن تعتبر دينا على المقاولة؟ و ذلك على غرار مسطرة
التسوية بما جاء في الفقرتين األخيرتين من المادة 577من مدونة التجارة التي تنص على
أنه ''يحدد رئيس المحكمة ،عند تقديم طلب فتح مسطرة التسوية ،مبلغا لتغطية مصاريف
اإلشهار وتسيير هذه المسطرة ،يودع فورا بصندوق المحكمة من طرف المقاولة.
وفي حالة عجز المقاولة عن األداء ،يمكن أن تؤدى المصاريف المذكورة من طرف
الدائن الذي له مصلحة في فتح مسطرة التسوية ،وفي هذه الحالة ،تعتبر المصاريف المؤداة
من قبل الدائن دينا على المقاولة''.
فقد سار أحد الباحثين 108على أن تلك اإلمكانية متاحة في مسطرة اإلنقاذ بخصوص
مصاريف إشهار و نشر المسطرة ،غير أننا ال نوافقه الرأي و ذلك بكون هذه المصاريف
في إطار مسطرة اإلنقاذ تؤدى قبل الحكم بفتح المسطرة بل قبل البت في الطلب و بالتالي
فأي عالقة مع الدائنين تكون منتفية ،و كذلك أن هذه المسطرة هي إرادية اذ أن المدين يعلم
بأحقية أداء المصاريف قبل البت في طلبه دون إغفال أن عجز المدين عن أدائه للمصاريف
يمكن أن يبين على أن المقاولة بلغت مرحلة التوقف عن الدفع .
بالنسبة لهذه المصاريف لم يحدد قيمتها من طرف المشرع المغربي فهي تحدد بصفة
جزا فية من قبل رئيس المحكمة التجارية ،نفس الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي إال أن هذه
المصاريف محدد مسبقا من قبل كتابة الضبط لدى المحكمة التجارية ، 109على خالف
المشرع األمريكي 110الذي حددها في إطار القانون الفدرالي لإلفالس .
ثانيا :االستماع لرئيس المقاولة
نصت الفقرة األولى من المادة '' 563تبت المحكمة في طلب فتح مسطرة اإلنقاذ ،بعد
استماعها لرئيس المقاولة بغرفة المشورة ،خالل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه
إليها''.
- 109فالمحكمة التجارية لباريس ،حددت مصاريف األولية الواجب أدائها عند تقديم طلب فتح مسطرة االنقاذ بما قدره
300يورو ،و بما أنها مصاريف أولية فيمكن القول على أنها غير قارة أي يمكن أن يلزم المدين بأداء مصاريف أخرى.
www.greffe-tc-paris.fr
- 110يؤدي المدين مصاريف مسطرة اعادة التنظيم المنظمة بمقتضة الفصل 11من قانون االفالس األمريكي بما قدره
1167دوالر ،و مصاريف األجهزة المتدخلة في المسطرة بما قدره 550دوالر
www.federalrulesofbankruptcyprocedure.orgاطلع عليه بتاريخ 2019/05/02على الساعة 14:00
27
و مما يستفاد من المادة أعاله أنه يتعين على المحكمة المختصة و قبل البت في الطلب
المقدم إليها ،أن تعمل على استدعاء رئيس المقاولة المعني باألمر داخل األجل المحدد لها
للبت في الطلب بمجرد توصلها و التثبت من أن لديه رغبة جادة في تجاوز الوضع الذي
تعانيه المقاولة ،فهذا اإلجراء وجوبي بالنسبة للمحكمة و الذي يترتب عن مخالفته إلغاء
الحكم القاضي بفتح أو رفض المسطرة لعيب في الشكل و للمس بحقوق الدفاع.
و رغم عدم التنصيص على طريقة استدعاء رئيس المقاولة ،إال أنه يمكن الرجوع إلى
القواعد العامة في قانون المسطرة المدنية الفصول ، 39-38-37كما أن المادة 15من
القانون المحدث للمحاكم التجارية ينص على أن توجيه االستدعاء يتم بواسطة عون قضائي
وفقا ألحكام القانون المنظم لمهنة المفوضين القضائيين. 111
و كذلك يمكن ان يتم استدعاؤه بطريقة الكترونية حسب ما تنص عليه الفقرة األخيرة
من المادة 545من القانون 73.17التي تنص على أنه " يتعين القيام بجميع االجراءات
المتعلقة بمساطر صعوبات المقاولة المنصوص عليها في هذا الكتاب بطريقة الكترونية وفق
الكيفيات المحددة بموجب نص تنظيمي " .
و لعل االستماع لرئيس المقاولة في غرفة المشورة أو استدعائه للمثول أمامها ،تبرر
الرغبة في تفادي اإلضرار بائتمانه أو بث الذعر في المتعاملين معه أو التشكيك في مالءة
ذمته و زعزعة الثقة به في فترة سريان اإلجراءات ،التي قد تنتهي بإصدار حكم في
الموضوع بفتح المسطرة أو رفضه ذلك أن االستماع أمام غرفة المشورة يكتسي طابعا
سريا .
غير أن المالحظ أن قانون 73,17اقتصر فقط على استدعاء رئيس المقاولة وحده
قصد التشاور معه حول مستقبل المقاولة متناسيا بذلك أن استمرارية المقاولة شأن عام يهم
فئات أخرى ،األمر الذي تداركه المشرع الفرنسي 112الذي وسع من دائرة األشخاص
الممكن االستماع إليهم لتشمل ممثل لجنة المقاولة و في حالة غيابه مندوب أو ممثل العمال.
إضافة إلى ذلك فالمشرع الفرنسي و لئن منح إمكانية تقديم طلب فتح المسطرة من قبل
المزاولين ألعمال مدنية ،فممثلي الهيئة المهنية التي ينتمي إليها المدين يتم االستماع إليهم
كذلك في غرفة المشورة .
- 111القانون رقم 81.03المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.23بتاريخ
15محرم 14( 1427فبراير ، )2006المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5400بتاريخ فاتح صفر 2( 1427مارس 2006
) ص .559
112
-Selon l’ article L621-1 du code de commerce en sa première et deuxième alinéa (Modifié
par LOI n°2016-1547 du 18 novembre 2016 - art. 99 (V)) :
« Le tribunal statue sur l'ouverture de la procédure, après avoir entendu ou dûment appelé en
chambre du conseil le débiteur et les représentants du comité d'entreprise ou, à défaut, des
délégués du personnel.
En outre, lorsque le débiteur exerce une profession libérale soumise à un statut législatif ou
réglementaire ou dont le titre est protégé, le tribunal statue après avoir entendu ou dûment
appelé, dans les mêmes conditions, l'ordre professionnel ou l'autorité compétente dont, le cas
» échéant, il relève.
28
غير أن التساؤل المطروح يتمثل في الحالة التي يتوصل فيها رئيس المقاولة المعني
باألمر باالستدعاء إال أنه يتخلف عن المثول أمام غرفة المشورة ؟ فإذا كان من شأن عدم
تفاعل رئيس المقاولة مع االستدعاء الموجه إليه يعرقل سير اإلجراءات فانه قياسا على
مسطرة المعالجة ال يؤدي بالضرورة إلى وقف سير اإلجراءات األخرى ،خاصة ما يهم
االستماع إلى كل من تقدر المحكمة موجبا لتكوين قناعتها حول الوضعية االقتصادية و
المالية و االجتماعية الحقيقية للمقاولة من خالل الصالحيات المخول لها بموجب الفقرة
الثانية من المادة 563من م.ت . 113
فضال عن ذلك فان رفض حضور المدين المعني أمام المحكمة المختصة بالرغم من
توصله بكيفية قانونية ،يعتبر تراجعا منه عن الطلب الذي تقدم به و بالتالي يتعين على
المحكمة أن تقرر التشطيب على القضية من جدول الجلسات إلى أن يتم إلغاؤها إذا لم يطلب
المدين متابعة النظر في طلبه.114
و من جانب اخر فان عدم امتثال رئيس المقاولة لالستدعاء قد ينبئ عن سوء نيته في
أن يكشف وضعه الحقيقي ،بحيث اذا تبين للمحكمة في حالة توقف عن الدفع أمكنها أن
تقضي بفتح المسطرة القضائية للمعالجة تطبيقا للفصل 564من مدونة التجارة ،و ان دل
هذا المعطى على شيء فانه يدل على الدور التدخلي و االيجابي للمحكمة حيث يمكن أن
تضع يدها تلقائيا على القضية كلما توفرت لها المبررات لذلك و بغض النظر عن أي طلب
اخر ،شأن طلب فتح مسطرة االنقاذ و هو تدخل من شأنه أن يعزز االلتقائية االجرائية ما
بين مسطرتي الوقاية و المعالجة .
ثالثا :التأكد من وضعية المقاولة
جاء في الفقرة الثانية من المادة 563من مدونة التجارة " يمكن للمحكمة ،قبل البت،
الحصول على المعلومات الخاصة بالحالة المالية واالقتصادية واالجتماعية للمقاولة،
ويمكن لها ،عند االقتضاء ،االستعانة بخبير".
فمن خالل هذه المادة يتبين أن المشرع منح المحكمة إمكانية البحث في وضعية المقاولة
اعتمادا على المعلومات المتعلقة بوضعيتها المالية و االقتصادية واالجتماعية ،أي أنها
ليست ملزمة بهذا اإلجراء طالما أنها تحققت من وضعيتها خاصة عند االستماع لرئيس
المقاولة و استنادا للوثائق الذي تقدم بها .
غير انه في بعض الحاالت قد ال تنجح المحكمة في الوقوف على الوضعية الحقيقية للمقاولة
خصوصا اذا تخلف رئيس المقاولة عن الحضور ،و ال تتوفر المحكمة على الوثائق التي
- 113المادة '' 563تبت المحكمة في طلب فتح مسطرة اإلنقاذ ،بعد استماعها لرئيس المقاولة بغرفة المشورة ،خالل أجل
خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه إليها.
يمكن للمحكمة ،قبل البت ،الحصول على المعلومات الخاصة بالحالة المالية و االقتصادية واالجتماعية للمقاولة ،ويمكن لها،
عند االقتضاء ،االستعانة بخبير.
ال تواجه المحكمة بأي مقتضى يتعلق بالسر المهني.
تطبق بشأن آثار الحكم بفتح مسطرة اإلنقاذ وإجراءات الشهر والنشر والتبليغ مقتضيات المادة 584أدناه''.
- 114المادة 47من المسطرة المدينة
29
تساعدها على تكوين قناعتها ،في هذه الحالة فان المشرع مكنها من وسائل تستطيع من
خاللها تقصي وضعية المقاولة .
و لئن كان االستماع إلى رئيس المقاولة مرده التأكد من الوضعية الحقيقية للمقاولة و
التأكد من الصعوبات المعترضة للمقاولة ،فالمحكمة أيضا لها صالحية باالستعانة بأي
شخص قصد الحصول على المعلومات المتعلقة بالمقاولة أو االستعانة بخبير و هو ما
تضمنته المادة 563من م.ت ،حيث يمكن أن تطلب إعداد تقرير فني عن المقاولة أو تقديم
استشارة تقنية حول وضعية المقاولة ولعل سبب االستعانة بهذه الفئات أن يعزز الطابع
التشاوري و التشاركي بغية الوقوف على الوضع الحقيقي للمقاولة فأي إجراء من هذا القبيل
يكون كفيال لتزويد المحكمة بالمعلومات لتكوين قناعتها .
فالمحكمة ال تتقيد بما ضمنه رئيس المقاولة في طلبه ،بحيث يحق لها الحصول على
المعلومات الخاصة بالحالة المالية و االقتصادية و االجتماعية للمقاولة من أي شخص أو
جهة لها عالقة بالمقاولة ،كخبير الحسابات أو مراقب حساباتها أو وكالتها البنكية أو أحد
عمالها أو حتى محاميها. 115
ونفس الشأن تضمنته مدونة التجارة الفرنسية(المادة ،)L621-1حيث يتم تعيين قاضي
مكلف بالبحث أو التحقيق( )juge enquêteurفي وضعية المقاولة ،و الذي يمكن حسب
اختياره أن يستعين بخبير يساعده في البحث ،و يلزم عليه أن يعد تقرير لما توصل إليه في
ما يتعلق بوضعية المقاولة و يرفقه بتقرير الخبير ،و يتم إيداع تلك التقارير لدى كتابة ضبط
المحكمة المختصة .
الفقرة الثانية :البت في الطلب من قبل المحكمة.
إن البت في طلب فتح مسطرة اإلنقاذ من قبل المحكمة التجارية المختصة يجب ان يكون
داخل األجل المحدد له (أوال) ،و الذي يمكن أن يصدر عنه مقرر قضائي بفتح مسطرة
اإلنقاذ (ثانيا) و الذي يتضمن تعيين األجهزة القضائية فيه(ثالثا).
جاء في الفقرة األولى المادة 563من م .ت " تبت المحكمة في طلب فتح مسطرة
اإلنقاذ ،بعد استماعها لرئيس المقاولة بغرفة المشورة ،خالل أجل خمسة عشر يوما من
تاريخ تقديمه إليها''.
ومن خالل هذه المادة يتبين على أن األجل الذي يتعين على المحكمة المختصة أن تقوم
فيه بالبت في الطلب هو 15يوما من تاريخ تقديم الطلب إليها ،و هو ما تداركه المشرع من
خالل القانون 73.17على اعتبار أن الصيغة األولى من المشروع التعديلي لم تحدد أجال
للمحكمة .
30
فقد عبر أحد الفقهاء 116على أن هذا األجل جاء قصيرا نوعا ما ،فمن الصعوبة بما كان
احترام أجل خمسة عشر يوما ،حيث أن المحكمة التجارية ال تبت في الموضوع اال بعد
المداولة و تحرير األحكام بشكل كامل ،و يعني من الناحية العملية أن نصف المدة المحددة
في المادة 563من القانون 73.17يستغرقها التحرير ،و ما يتبقى منها الستدعاء رئيس
المقاولة و مثوله أمام غرفة المشورة ،لذلك يتعين األخذ بعين االعتبار الظروف و
اإلجراءات المرتبطة بذلك فال يعقل أن يتم التنصيص على أجل قد يبدو معقوال و لكنه من
الناحية العملية ال يتم احترامه ،بل ال يمكن احترامه .
لكن من أجل ضمان مسطرة االنقاذ في تصحيح وضعيتها -المالية أو االقتصادية أو
االجتماعية أو االقتصادية -و الحيلولة دون تدهورها وصولها لمرحلة الوقف عن الدفع
المبرر الفتتاح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ،يقتضي العمل البت في طلب فتح
مسطرة االنقاذ داخل أجل قصير و خاصة أن الصعوبات التي تمر بها هذه المقاولة يجب أن
تمكن في أجل قريب من التوقف عن الدفع ،لذلك فاألجل الممنوح للمحكمة كفيل بالتسريع
بفتح المسطرة طالما أن الشروط الموضوعية و الشكلية متوفرة .
و من الناحية العملية فالحكم عدد 123الصادر عن المحكمة التجارية بالدارالبيضاء بتاريخ
01أكتوبر ، 2018يتبين أن المحكمة احترمت األجل المحدد لها ،على اعتبار أن
المقاولة تقدمت بطلب فتح المسطرة بتاريخ 2018/09/05و أن المدة الفاصلة بين تقديم
الطلب و النطق بالحكم هي خمسة عشر يوما .
على خالف المشرع المغربي فالمشرع الفرنسي في إطار مدونة التجارة لم يحدد
للمحكمة األجل الذي يتعتين أن تقوم فيه بالبت في الطلب ،إال أنه غالبا تكون المدة الفاصلة
بين البت في الطلب و الحكم القاضي بفتح المسطرة هي شهرين. 117
رفض الطلب الذي تقدم به رئيس المقاولة الفتتاح مسطرة االنقاذ ،اذا ما تبين
للمحكمة أن الصعوبات المستدل بها و التي تعترض المقاولة الستمرارية نشاطها ،ال
- 116عبدالرحيم شميعة " ،شرح أحكام نظام مساطر صعوبات معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون ، " 73.17
مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة األولى ، 2018 ،ص.131 :
117
-Laetitia Antonini-Cochin et Laurence-Caroline Henry , o .p , p : 67. « une période
d’environ deux mois s’écoule entre la saisine du tribunal et le jugement d’iuverture . cette
» … période est mise à profit pour assurer l’information du tribunal
31
تستدعي فتح مسطرة االنقاذ .
وفي هذا اإلطار جاء في حكم المحكمة التجارية بالدارالبيضاء رقم 100بتاريخ
118 19/07/2018رفض طلب فتح مسطرة االنقاذ لما يلي " و حيث انه كانت فلسفة
االنقاذ ترمي الى تمكين المقاولة من حماية قضائية مبكرة بغية مساعدتها خالل أزماتها
االقتصادية و المالية التي قد تعاني منها خالل حياتها ،فان هذه المسطرة تفترض حسن نية
رئيس المقولة في تطبيق مخطط االنقاذ ،و رغبته األكيدة في عدم الوصول إلى مرحلة
التوقف عن الدفع و حيث ان فتح مسطرة االنقاذ يهدف الى مساعدة المقاولة من أجل تسوية
وضعيتها ،و ليس من أجل تسهيل تنفيذ التزاماتها التي صعب عليها تنفيذها ألسباب غير
متوقعة " .
تحويل مسطرة اإلنقاذ إلى تسوية قضائية أو تصفية قضائية ،وفقا لمقتضيات المادة
583من مدونة التجارة ،التي نصت على أن المحكمة تقضي بالتسوية القضائية إذا تبين
لها أن وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل ال رجعة فيه ،وإال فتقضي بالتصفية القضائية.
وقد جاء في الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بمراكش "ولما كان التوقف عن الدفع
كشرط موضوعي لفتح مسطرة التسوية القضائية في حق المقاولة يثبت في حالة عجزها
عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة بما في ذلك
الديون الناتجة عن االلتزامات المبرمة في إطار االتفاق الودي المنصوص عليه في المادة
556أعاله وفقا للمادة 575من مدونة التجارة ،فإنه استنادا للمعطيات أعاله تكون المقاولة
متوقفة عن الدفع ،إال أن االختالل الذي تعاني منه المقاولة قابل للتصحيح بالنظر إلى
توفرها على إمكانيات تجعلها قادرة على مواجهة الديون المتراكمة عليها ،خاصة توفرها
على عنصر مهم من األصول المتداولة وقيمة مهمة من الموجودات باإلضافة إلى أصول
جارية التي من شأنها أن تمكنها من استمرارية نشاطها ،خاصة وأنها عبرت عن رغبتها في
مواصلة نشاطها وتشغيلها لعدد مهم من العمال يتقاضون أجورهم بانتظام .ولما كانت الغاية
من المساطر الجماعية هو منح فرصة للمقاولة من اجل تجاوز تعثرها ومواصلة نشاطها
حفاظا على مناصب الشغل ،فإن المحكمة ارتأت تمتيعها بفترة مالحظة من أجل تشخيص
وضعيتها وتدبير سبل تدليل الصعوبات التي تعتري استمرارية استغاللها وذلك بالحكم
بتحويل فتح مسطرة التسوية القضائية في حقها".119
قبول طلب فتح مسطرة االنقاذ المقدم من طرف رئيس المقاولة ،الستيفائه الشروط
الموضوعية و الشكلية و اقتناع المحكمة لما توصلت اليه حول وضعية المقاولة ،و األمر
بنشر و شهر الحكم القاضي بفتح مسطرة اإلنقاذ ،وتعيين األجهزة المتدخلة في المسطرة .
32
جاء في الفقرة األخيرة من المادة 563من القانون " 73.17تطبق بشأن اثار الحكم بفتح
المسطرة و اجراءات الشهر و النشر و التبليغ مقتضيات المادة 584أدناه ''.و بالتالي
فاجراءات شهر و تبليغ الحكم القاضي بفتح مسطرة االنقاذ تخضع لمقتضيات المادة
.120584
يتضح من قراءة المادة 584من م.ت أن اجراءات شهر حكم فتح المسطرة عرفت تعديالت
و اضافات جديدة عما كانت عليه في ظل القانون القديم ،بحيث وسع المشرع من وسائل
االشهار حتى يكون األغيار و كذا جميع االدارات المرتبطة بالمقاولة المفتوح في حقها
المسطرة على علم بالحكم الصادر.121
فالحكم يشار إليه في السجل التجاري المحلي و المركزي للمدين فور النطق به ،و على
اعتبار السجل التجاري ذو وظيفة إخبارية إذ يمكن لكل شخص يهمه األمر االطالع عليه،
و ذلك حماية للمعامالت التجارية .
و لم يكتف المشرع بالنشر في السجل التجاري فحسب بل ألزم كاتب الضبط اإلشارة إلى
الحكم بسجالت المحافظة على األمالك العقارية ،و ذلك كحالة توفر المقاولة على عقارت
محفظة ،فهذا اإلجراء من بين أهم المستجدات التي جاء بها القانون ، 73.17اذ أن
القانون القديم لم يتضمن كهذا االجراء حيث كان بعض رؤساء المقاولة يعمدون إلى تفويت
عقارات المقاولة بمجرد صدور حكم فتح مسطرة التسوية التصفية القضائية بعد إخفائهم عن
مصالح المحافظة العقارية .و يتبين لنا أن من شأن هذا اإلجراء حماية أموال و أصول
المقاولة و حماية الدائنين و إلزام محرري العقود بالتأكد من صفة و أهلية رئيس المقاولة
بضرورة اإلدالء بما يفيد عدم خضوعه لمسطرة من المساطر الجماعية.
و كذلك فحكم المحكمة يشار إليه كذلك في السجالت الخاصة بتسجيل السفن و الطائرات أو
غيرها من السجالت المعدة لنفس الغاية ،إضافة إلى نشر إشعار في صحيفة مخول لها نشر
اإلعالنات القانونية و القضائية و اإلدارية و في الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من
صدور الحكم ،على أن يقوم كاتب الضبط بتعليق إشعار بالحكم على اللوحة المخصصة
لتعليق اإلعالنات بالمحكمة التجارية المصدرة للحكم .
و لئن كان المشرع الفرنسي أخضع األشخاص االعتبارية أو الذاتية المزاولين ألعمال مهنية
مدنية إضافة إلى حاملي الصفة التجارية الذين يشار في سجلهم التجاري حكم فتح مسطرة
- 120تنص المادة 584من مدونة التجارة " يسري أثر الحكم القاضي بفتح المسطرة من تاريخ صدوره ويشار إليه في
السجل التجاري المحلي والسجل التجاري المركزي فور النطق به.
يقوم كاتب الضبط بنشر إشعار بالحكم ،يتضمن إسم المقاولة كما هو مقيد في السجاللتجاري ،و كذا رقم تسجيلها به ،في
صحيفة مخول لها نشر اإلعالنات القانونية والقضائيةواإلدارية .و في الجريدة الرسمية داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ
صدوره ،و يدعو الدائنين إلى التصريح بديونهم للسنديك المعين .و يعلق هذا اإلشعار على اللوحة المعدة لهذا
الغرضبالمحكمة المصدرة للحكم فور النطق به.
تجب اإلشارة إلى الحكم بسجالت المحافظة على األمالك العقارية أو بالسجالتالخاصة بتسجيل السفن والطائرات ،أو غيرها
من السجالت المعدة لنفس الغاية حسب الحالة.
يبلغ كاتب الضبط الحكم إلى رئيس المقاولة والسنديك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ صدوره".
- 121محمد كرام ،م.س ،ص.121 :
33
اإلنقاذ ،فالحكم القاضي بفتح المسطرة بالنسبة للحرفي يشار إليه في قائمة المزاولين
ألعمال حرفية و في سجل خاص بالنسبة للهنيين مفتوح لدى المحكمة العليا( tribunal de
، 122)grande instanceو ذلك داخل نفس األجل المذكور الذي نص عليه القانون
73.17و هو ثمانية أيام من تاريخ صدور الحكم .
و يقع على كاتب الضبط فضال عن واجبات اإلشهار ،واجب آخر يكمن في ضرورة تبليغ
الحكم الصادر بفتح مسطرة اإلنقاذ إلى رئيس المقاولة و السنديك داخل أجل ثمانية أيام من
صدوره ، 123و ان كان نفاذ هذا الحكم ال يتوقف على نشره أو تبليغه إال أنهما يكتسيان
أهمية قصوى في مجال التصريح بالديون و الطعن في الحكم .
و بالنسبة لمدونة التجارة الفرنسية إضافة إلى تبليغ حكم فتح مسطرة اإلنقاذ إلى السنديك و
رئيس المقاولة ،فقد ألزمت تبليغه إلى وكيل الجمهورية ،124و الوكالء المعينين من قبل
المحكمة.
122
-Laetitia Antonini-Cochin et Laurence-Caroline Henry , o .p , p :69.
- 123فمدونة التجارة الملغاة كانت تنص على تبليغ الحكم بفتح التسوية الى المقاولة و حسب دون السنديك .
- 124فوكيل الجمهورية الفرنسية ،له اختصاصات النيابة العامة في الدولة المغربية .
- 125يصطلح الفقه الفرنسي على القاضي المنتدب '' ، "le chef orchestre de la procédureللداللة على مركزه
المحوري في اطار مساطر المعالجة ،اذ يجب أن يكون على دراية بكل الخطوات التي تم قطعها خالل مراحل المسطرة .
34
– 127L621-9المحال عليها بمقتضى المادة - 128L621-4 -من مدونة التجارة الفرنسية
في فقرتها األولى ،فهذه المهمة تجعله دائم الحضور بحكم مراقبته الدائمة ألجهزة المسطرة
اآلخرين كالسنديك و المراقبين، 129و يمكن القول على أن رئيس المقاولة باعتبار أن
مسطرة اإلنقاذ تمنح له مزاولة صالحية التسيير و اإلدارة يمكن أن يعتبر من بين أجهزة
المسطرة التي تخضع للمراقبة من قبل القاضي المنتدب .
و من المستجدات التي جاء بها قانون 73.17تعيين نائب للقاضي المنتدب ،اذ أن
القانون الملغى 130لم يتضمن تعيين هذا األخير ،إال أن القضاء دأب على تعيين نواب
للقضاة المنتدبين في أحكام فتح المسطرة ،حفاظا على استمرارية هذا المرفق و سدا للعوائق
التي من شأنها الحيلولة دون ممارسة القضاة المنتدبين لمهامهم كالمرض و العطلة و
غيرهما .
اال أن مدونة التجارة الفرنسية ،منحت للمحكمة إمكانية تعيين عدة قضاة منتدبين في حالة
الضرورة.131
و يمكن للمحكمة التجارية أن تعين القاضي المنتدب من بين أعضاء هيئة الحكمة التي
132
بتت في طلب فتح المسطرة طالما أن مدونة التجارة لم تتضمن مقتضى مخالف لذلك
أسوة بالمدونة الملغاة ،أو قد تعين قاضيا آخر خارج عن الهيئة ،إلى أنه من الناحية العملية
فكل محكمة تجارية ابتدائية تحدد قائمة السادة القضاة المنتدبين الذين سيكلفون بهذه المهام
عند انعقاد الجمعية العمومية في الخمسة عشرة يوما األولى من شهر دجنبر من كل
سنة.133
127
- selon le premier alinéa de l’article L621-9 du code de commerce (Modifié par ordonnance
n°2008-1345 du 18 décembre 2008-art.16) Le juge-commissaire est chargé de veiller au
’’déroulement rapide de la procédure et à la protection des intérêts en présence.
128
art L621-4 (C.com en sa premier alinéa) Modifié par loi n °2016-1547 du 18 novembre
2016 –art .99 (V) «Dans le jugement d'ouverture, le tribunal désigne le juge-commissaire dont
les fonctions sont définies à l'article L. 621-9. Il peut, en cas de nécessité, en désigner
plusieurs. Le président du tribunal, s'il a connu du débiteur en application du titre Ier du
» présent livre, ne peut être désigné juge-commissaire.
- 129محمد كرام ،م.س ،ص.114:
- 130جاء في المادة 637من مدونة التجارة الملغاة المادة " تعين المحكمة في حكم فتح المسطرة القاضي المنتدب
والسنديك.
يمنع إسناد مهمة القاضي المنتدب أو السنديك إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية".
131
-art L621-4 du c.com
- 132اضافة ذلك ،فتعيين القاضي من هيئة الحكم ال يمس بمبدأ الحياد الملزم على القاضي ،اذا أنه ال ترابط بين مهام
القاضي المنتدب و المهام التي يقوم بها فال يملك هذا األخير أي سلطة لتعديل أو مراجعة الحكم الصادر ،إضافة إلى ذلك
فالحكم يصدر من قبل هيئة جماعية و التي ينسب لها الحكم القاضي بفتح المسطرة و يجعله منفصال عن أشخاصا مكونين
لها ،كما أن القاضي.
- 133المهدي شبو "مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة – دراسة مقارنة "-سلسلة الدراسات القانونية
المعاصرة ،المطبعة والوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة األولى ،2006ص .48:
35
فالقانون الفرنسي يشترط أن يتم اختيار القاضي المنتدب من بين أعضاء المحكمة
الذين يتوفرون على أقدمية ال تقل عن سنتين ،على أن ال يكون رئيس المحكمة الذي
134
أشرف على مسطرة الوقاية الخارجية أو المصالحة المفتوحة لفائدة المدين من ذي قبل
.و احتراما لمبدأ النزاهة و الحياد التي يجب أن يتحلى بها القاضي المنتدب وهو يؤدي
مهمته ،يجب أن ال يكون هذا األخير في جميع الحاالت من أقارب رئيس المقاولة أو
مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو من أصهار هؤالء. 135
و لئن كانت للمحكمة التجارية صالحية تعيين القاضي المنتدب فالتساؤل يثار حول
سلطة محكمة االستئناف التجارية في تعيين القاضي المنتدب ال سيما عندما تقرر التصدي
للحكم االبتدائي القاضي بفتح المسطرة وإبطاله ؟ يمكن القول على أنها تقوم بتعيين القاضي
المنتدب بعد إبطال الحكم القاضي بفتح المسطرة والتصدي له وإصدار حكم جديد ،استنادا
الى المادة 19من قانون احداث المحاكم التجارية ،و التي تقضي بتطبيق قواعد المسطرة
المدنية أمام محاكم االستئناف التجارية ،على اعتبار أن االستئناف ذو أثر ناشر
للدعوى ،136فتنتقل بذلك لها االختصاصات التي كانت للمحكمة االبتدائية التجارية عند البت
في طلب فتح مسطرة اإلنقاذ ،و التي منها تعيين القاضي المنتدب.
أسندت إلى القاضي المنتدب مهام في إطار المادة 672من مدونة التجارة ، 137و
المتمثلة في البت بموجب أوامر والئية في الطلبات التي ال تتضمن منازعات ،كما هو
الشأن في الترخيص الذي يمنحه للسنديك أو لرئيس المقاولة من أجل التوصل إلى صلح
أو تقديم رهن رسمي ،أو البت في طلب رفع الحجز على أموال المقاولة المدينة .
أو بموجب أوامر قضائية التي يصدرها للبت في المنازعات ،التي تنشأ بين األطراف
المعنية كرفع أو رفض سقوط الدين الذي لم يتم التصريح به داخل األجال المحددة ،أو
كالبت في التعرضات المقدمة من األشخاص المعنيين ضد المقررات النهائية الصادرة عنه.
36
و األوامر التي يصدرها القاضي المنتدب ،تودع في كتابة ضبط المحكمة التجارية ،
لكي يتمكن األطراف و األغيار من التعرض عليها أو تقديم الطعون ضدها. 138
فقد شبه أحد الباحثين 139القاضي المنتدب برئيس المحكمة على اعتبار أنه يبت في
الطلبات االستعجالية و الوقتية و اإلجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة و كذا الشكاوي
المقدمة ضد أعمال السنديك ،إال أن هذا التشبيه ال ينصرف الى منحه اختصاصات قاضي
األمور المستعجلة في إطار صعوبات المقاولة ،خاصة عند المادة 21من قانون إحداث
المحاكم التجارية.
وعلى خالف ذلك فقد اعتبرته أحد اآلراء 140محكمة قائمة بالذات على اعتبار أنه
يتقلد مجموعة من األدوار القضائية في آن واحد ،إذ له صفة قاضي المستعجالت و قاضي
لألوامر الوالئية و هو االختصاص المعروف أساسا لرئيس المحكمة التجارية ،و كذلك فهو
يبت في الطلبات المتصلة بالموضوع خصوصا في إطار تحقيق الديون فيعتبر بذلك
كمحكمة المسطرة –قضاء الموضوع . -
و نعتقد على أن القاضي المنتدب له نفس اختصاصات رئيس المحكمة التجارية في حدود
اختصاص مسطرة اإلنقاذ ،ذلك أن مقتضيات المادة 21من قانون إحداث المحاكم التجارية،
هي شبيهة لتلك المذكورة في المادة 672من م.ت ،و رغم كون القانون الملغى لم يتضمن
هذه اإلشارة بصفة صريحة إال أن القضاء 141دأب على منحه اختصاصات مسندة لرئيس
المحكمة التجارية.
ب-السنديك
تعتبر مؤسسة السنديك أحد األجهزة األساسية في مسطرة االنقاذ ،فيعد كوكيل يعينه
القضاء لمساعدة كل من الدائنين للوصول إلى حقوقهم والمقاولة المدينة إلى الوفاء بديونها
من خالل تنفيذ مخطط االنقاذ ،و كل ذلك في إطار قواعد تراعى من خاللها البعد
االجتماعي واالقتصادي لدور المقاولة عموما في التنمية.
فالمحكمة تقوم بتعيين السنديك في الحكم القاضي بفتح مسطرة اإلنقاذ ،و الذي يجب
أن ال يكون من أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو من
أصهار هؤالء كما هو الشأن بالنسبة للقاضي المنتدب فالسنديك ،ولئن كنا نوافق رأي أحد
37
الباحثين 142على أن المنع يجب أن يشمل حتى أقارب الدائنين ،حتى يمكنه ممارسة مهامه
أكثر استقاللية ،فهو يتقمص في نفس اآلن دور الدفاع عن مصالح متعارضة لذلك يجب
عليه الحرص على التوفيق فيما بينها بكثير من النزاهة واالستقالل ودون تحيز ألي طرف.
و أسند المشرع في القانون 73.17مهام السنديك إلى األغيار أو باألحرى بذوي الخبرة،
على اعتبار أن القانون الملغى أسند مهمة السنديك لكتابة الضبط و بالرغم من ذلك فمن
الناحية العملية فالمحكمة تعين السنديك من مراقبي الحسابات 143أو الخبراء المحاسبين،144
لذلك يتبين أن المشرع فطن إلى خطورة هذه المهام و قضى في الفقرة األخيرة من المادة
673من م.ت " تحدد بنص تنظيمي المؤهالت المطلوبة لمزاولة مهام السنديك و األتعاب
المستحقة بنص تنظيمي".
ونؤكد على أن هذا المقتضى الذي جاء به المشرع من خالل النص تنظيمي الذي يحدد
المؤهالت المطلوبة للسنديك ،ذو أهمية في مساطر صعوبات المقاولة و ليس مسطرة
اإلنقاذ فحسب ،و إن كان المشرع لم يحصر تعيين السنديك من كتابة الضبط فحسب وإنما
أيضا لألغيار ،فإن األمر ال يخلو من سلبيات قد يكون لها انعكاس سيء على المسطرة ،و
من بينها عدم إلمام الغير المعين كسنديك بالجوانب اإلجرائية و القانونية التي تتخلل
المسطرة المكلف بتسييرها قد يحول دون القيام بذلك أحسن قيام ،أضف إلى هذا أن لجوء
المحكمة إلى إسناد مهمة السنديك إلى الغير غالبا ما يكون مكلفا للمقاولة بسبب المبالغ
المهمة كأتعاب و أجر ،لذلك فمن األفضل أن يعتمد المشرع على معايير لمزاولة مهمة
السنديك من خالل اشتراط تكوين قانوني و اقتصادي من خالل النص التنظيمي المشار اليه.
ففي إطار مسطرة اإلنقاذ ،فالسنديك مكلف بمراقبة تنفيذ مخطط اإلنقاذ و كذا أعمال
التصرف التي يمكن أن يجريها رئيس المقاولة ،ضمانا لنجاح مسطرة اإلنقاذ و حماية
المقاولة ،و كذا الدائنين على اعتبار أنه يتصرف باسمهم و لفائدتهم مع مراعاة الحقوق
38
الموكولة لجمعية الدائنين و المراقبين ،145و الذي يجب عليه إخبارهم و استشارتهم و
اطالع القاضي المنتدب بمالحظات المراقبين. 146
و كذلك األمر بالنسبة للقانون الفرنسي ،الذي نص على االختصاصات التي يتمتع بها
السنديك تتم من قبل شخص يسمى المدير القضائي ومن بين شروط تعيينه ،يجب أن تتوفر
المقاولة على أكثر من 20أجيرا وأن يكون رقم معامالتها أكبر من 3ماليين يورو دون
احتساب الضرائب ، 147على أنه عند غياب هذه الشروط فتعيين المدير القضائي يكون
بصفة اختيارية ،هذا األخير يقوم بمساعدة رئيس المقاولة بإعداد مخطط اإلنقاذ ،و يقرر
مواصلة العقود الجارية أو عدم ذلك ،و يكلف بإطالع القاضي المنتدب أو النيابة العامة
بسير المسطرة ،148على خالف المادة 149 674من م.ت التي ألزمت السنديك باطالع
القاضي المنتدب فحسب دون النيابة العامة .
و بالنسبة للقانون األمريكي لإلفالس ،فالسنديك يعتبر موظفا حكوميا ،و يعين من
قبل المدعي العام األمريكي ،له نفس االختصاصات التي يتمتع بها السنديك في ظل
التشريع الفرنسي و المغربي ،اال أنه يتميز من خالل أنه يسعى لحماية مصالح الدولة و
خاصة مصالح الدائنين العاديين اذ يعهد اليه بصفة اختيارية تعيين جمعية الدائنين مشكلة من
هؤالء الدائنين فحسب ،وفي حالة عدم ذلك يكتسب الصفة للتصرف باسمهم و لفائدتهم .150
يمكن أن تقوم المحكمة باستبدال السنديك بطلب من النيابة العامة أو من قبل القاضي
المنتدب تلقائيا أو بناءا على تشك لديه من قبل رئيس المقاولة أو أحد الدائنين ،إال أنه إذا لم
يبت في التشكي المقدم لديه داخل أجل 15يوما أمكن رئيس المقاولة أو الدائن تقديم طلب
استبدال السنديك للمحكمة .
un administrateur judiciaire lorsque la procédure est ouverte au bénéfice d’un débiteur dont le
nombre de salariés et le chiffre d’affaires hors taxes sont inférieurs à des seuils fixés par
décret en Conseil d’Etat. Dans ce cas, les dispositions du chapitre VII du présent titre sont
applicables. Jusqu’au jugement arrêtant le plan, le tribunal peut, à la demande du débiteur, du
mandataire judicaire ou du ministère public, décider de nommer un administrateur
judiciaire’’.
148
- Laetitia Antonini-cochin et Laurence-caroline henry,o .p , p : 70.
- 149تنص المادة 674من م.ت" يخبر السنديك القاضي المنتدب بسير المسطرة .ويمكن لهما في أي وقت أن يطلبا االطالع
على كل العقود أو الوثائق المتعلقة بالمسطرة.
يطلع وكيل الملك القاضي المنتدب ،بناء على طلب هذا األخير أو تلقائيا ،على الرغم من أية مقتضيات تشريعية مخالفة،
على جميع المعلومات المتوفرة لديه والتي يمكن أن تكون مفيدة في المسطرة".
و نفس المقتضيات نصت عليهم المادة 641من القانون الملغى.
150
- Sophie Stankiewicz Murphy , o.p , p :88. « l’US Trustee s’assure , tout particulièrement ,
de la protection des intérêts des créances chirographaires .En effet, le code de la faillite
évoque la désignation obligatoire, par l’US Trustee , d’un comité des de créanciers , constitué
» de créanciers chirographaires…..
39
ج-المراقبون
حماية لمصالح الدائنين 151و تعزيزا لدورهم في إطار مسطرة اإلنقاذ ،و تعزيز حقهم
في اإلعالم خالل كافة مراحل المسطرة و ضمانا لشفافيتها ،ألزم بتعيين مراقب الذي يعهد
اليه مساعدة القاضي المنتدب والسنديك في مهمة مراقبة ادارة المقولة ،وباطالع الدائنين
بما تحقق من مهمتهم في مراحل المسطرة .
و يتم تعيين المراقب من قبل القاضي المنتدب ،الذي يكون من بين الدائنين الذين
يتقدمون إليه بطلب في الموضوع ،152فيعين واحد إلى ثالثة مراقبين أشخاصا ذاتيين أو
اعتباريين ،و ينبغي أن يكون واحدا من الدائنين على األقل من بين الدائنين الحاملين
لضمانات و أن يكون آخر من الدائنين العاديين .
كما أن االستثناء الذي تخضع له األجهزة السابق ذكرها ،في عدم تواجد رابطة قرابة أو
مصاهرة مع المدين فيخضع له كذلك المراقب ،و ذلك يبين النهج الذي اعتمده المشرع في
ضمان حياد األجهزة التي يتم تعيينها في مسطرة اإلنقاذ و المساطر األخرى .
و هذا بخالف المشرع الفرنسي الذي رفع من عدد المراقبين ،حيث أجاز في المادة
L621-10من مدونة التجارة الفرنسية للقاضي المنتدب إمكانية تعيين واحد إلى خمسة
مراقبين من ضمن الدائنين الذين يتقدمون بطلب بهذا الخصوص ،عند فتح مسطرة اإلنقاذ
تجاه المدين ،153فيعين دائنين حاملين للضمانات و ثالثة دائنين عاديين .
و لهم نفس اختصاصات المراقبين في ظل القانون 73.17اضافة الى اختصاصات أخرى،
إال أنه يمكن أن تثبت لهم الصفة للتصرف باسم الدائنين و لفائدتهم في حالة عدم تعيين
المدير القضائي ،و لئن كان المراقبين في ظل التشريع الفرنسي لهما اختصاصات أوسع من
- 151إضافة إلى المراقب فالمشرع جاء بمستجد في إطار القانون 73.17المتمثل في إحداث تمثيلية للدائنين عبر تشكيل
جمعية الدائنين ،وعلى غرار المشرع الفرنسي فالمشرع المغربي لم يلزم بتشكيل هذه الجمعية في إطار مسطرة االنقاذ ،و
على اعتبار أن المشرع األمريكي ألزم بتعيينها في إطار الفصل 11حيث أن االختصاصات التي تقوم بها هي تلك
الممنوحة للمراقبين في ظل التشريع الفرنسي و المغربي.
- 152جاء في المادة 678من م.ت ما يلي ":يعين القاضي المنتدب واحدا إلى ثالثة مراقبين من بين الدائنين الذين يتقدمون
إليه بطلب .و يمكن أن يكون المراقبون أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين.
عندما يعين القاضي المنتدب عدة مراقبين ،يسهر على أن يكون واحد منهم على األقل من بين الدائنين الحاملين لضمانات
وأن يكون آخر من بين الدائنين العاديين.
ال يمكن تعيين أي من أقارب رئيس المقاولة إلى غاية الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو أصهاره كمراقب أو كممثل عن
شخص اعتباري تم اختياره كمراقب.
يساعد المراقبون السنديك في أعماله والقاضي المنتدب في مهمة مراقبة إدارة المقاولة .ويمكنهم االطالع على جميع الوثائق
التي يتوصل بها السنديك .ويلتزمون بهذا الخصوص بسرية الوثائق واإلجراءات التي يطلعون عليها.
يبلغ المراقبون الدائنين اآلخرين بما تحقق من مهمتهم في كل مرحلة من مراحل المسطرة.
يقوم المراقب بعمله بالمجان؛ ويمكن أن يمثل بأحد تابعيه بموجب توكيل خاص أو بمحام.
يمكن للمحكمة أن تعزل المراقبين بناء على اقتراح من القاضي المنتدب أو السنديك" .
- 153كما سبق الذكر فالمشرع الفرنسي أخضع األشخاص المزاولين ألعمال مدنية لمسطرة اإلنقاذ ،ففي هذه الحالة فالهيئة
المهنية التي ينتمي إليها أو السلطة التابع لها هي التي تعين كمراقب في إطار مسطرة اإلنقاذ .
40
نظيره المغربي ،فالمشرع األمريكي سار على نهج أوسع اذ أنه منح المراقبين صالحيات
واسعة. 154
فالمادة 678من القانون 73.17جاءت بمقتضى لم تتضمنه المادة 645من القانون
الملغى ،و يتمثل في تنصيص صراحة على أن المراقب يقوم بعمله بصفة مجانية كما أنه
يمكن أن يمثل بواسطة أحد تابعيه أو محام بتوكيل خاص.
154
- Sophie Stankiewicz Murphy , o.p , p :96.
41