You are on page 1of 34

‫مقاالت قانونية‬ ‫في الواجهة‬

‫المساعدة القضائية والقانونية بين منطوق النص القانوني ومدى‬


‫فعاليتها في المحاكم المغربية‬
‫• ‪ 7‬أكتوبر‪12٬908 2020 ,‬‬ ‫‪admin‬‬

‫‪ ‬‬

‫المساعدة القضائية والقانونية بين منطوق النص القانوني ومدى فعاليتها في المحاكم‬
‫المغربية‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫من إنجاز الطالب ‪ ‬الباحث في العلوم القانونية‬

‫‪ ‬‬

‫زكرياء العظمي‪Zakariae EL Admi                                         ‬‬

‫تقــــــديم‪:‬‬
‫‪     ‬ارتبط مفهوم العدالة في التاريخ الحديث بالتقاضي أمام المحاكم‬
‫التي أنشأتها الدول لتكون فيصلا في النزاعات الحقوقية ‪،‬وحكما عدلا‬
‫في ايقاع العقوبات على مرتكبي الجرائم بهدف ضمان الحقوق وفرض‬
‫سيادة القانون كنتيجة نهائية‪ ،‬إلا أن الممارسات العملية مع مرور‬
‫السنوات أظهرت عجز الفئات غير المقتدرة ماديا عن الوصول للنظام‬
‫القضائي والاستعانة بمحام يمثلها لضمان المحاكمة العدالة مما أدى إلى‬
‫ظهور‪  ‬ما يعرف بالمساعدة القضائية والقانونية إحدى أهم حلقات‬
‫التمكين القانوني ‪.‬‬
‫‪     ‬وقد ظهر نظام المساعدة القضائية لأول مرة في فرنسا بمقتضى‬
‫مرسوم ‪ 16/22‬غشت ‪ ، 1790‬تم بعد ذلك صدر أول قانون‬
‫متكامل للمساعدة القضائية بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪ 1851‬الذي بموجبه‬
‫تتكفل الدولة بتقديم الرعاية للمواطنين الذين لا قدرة لهم على أداء‬
‫رسوم أو أتعاب المحامي وذلك بتحقيق مبدأ المساواة القانونية[‪ . ]1‬أما‬
‫في المغرب فقد أثبت فعاليته كذلك للحفاظ على الحقوق من الانتهاك‬
‫بعد اصدار المرسوم الملكي المتعلق بالمساعدة القضائية بتاريخ فاتح نونبر‬
‫‪.1966‬‬
‫‪     ‬إن أساس المساعدة هو اتاحة فرصة لمن ليس له إمكانية مادية‬
‫لممارسة حقوقه أمام القضاء لاستفادة من مجانية الدفاع و الإعفاء‬
‫إقرارا لمبدأ المساواة‪  ‬القانونية التي نصت عليها المواثيق الدولية الخاصة‬
‫بحقوق الإنسان ولهذا الغرض تم إحداثها ‪.‬‬
‫‪     ‬فالمساعدة التي يستفيد منها المتقاضي تدخل في إطار الرسالة‬
‫الإنسانية النبيلة ‪،‬حيث أنه في السنوات الأخيرة بدأت مبادرة‬
‫المجتمع المنفتح للعدالة وهي إحدى البرامج التي تمكن المواطنين من‬
‫السعي الى التعزيز والدعم والتمكين القانوني للمجتمعات المحلية الفقيرة‬
‫والمستضعفة [‪.]2‬‬
‫‪     ‬إلا أن فعالية المساعدة داخل المحاكم تواجهها صعوبات نظرا‬
‫لمجموعة من العوامل و الإكراهات التي تعترض المتقاضين هذا ما‬
‫يجعلنا نحدد كل من ماهية المساعدة القضائية وأنوعها وأثرها‬
‫(المطلب الأول )‪ ،‬اضافة إلى الفرق الذي يميزها عن ‪ ‬المساعدة‬
‫القانونية ومجالات تدخلها (المطلب الثاني )‪ ،‬و أخيرا مدى فعالية‬
‫كل من المساعدتين داخل المحاكم المغربية (المطلب الثالث )‪.‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬
‫المطلب الأول‪ :‬ماهية المساعدة القضائية وأنوعها‪    :‬‬
‫‪ ‬‬

‫الفقرة أولى‪ :‬مفهوم‪  ‬المساعدة القضائية ‪:‬‬


‫‪    ‬إقرارا من المشرع المغربي وبعد وعيه بثقل المصاريف القضائية على المتقاضين احدث‬
‫المشرع مرسوم ملكي متعلق بالمساعدة القضائية في نونبر ‪، 1/11/1966‬هو مبدأ‬
‫دستوري تم التأكيد عليه ‪ 2011‬بمقتضى الفصل ‪ 121‬منه ‪،‬الذي جاء فيه بأن يكون‬
‫التقاضي مجانيا في الحاالت المنصوص عليها قانونا لمن ال يتوفر على الموارد المالية‬
‫الكافية للتقاضي ‪.‬‬

‫‪    ‬وكما نص عليه مشروع التنظيم القضائي الجديد الذي لم تنتهي كل تفاصيله في المادة‬
‫السادسة منه ”طبقا ألحكام الفصل ‪ 121‬من الدستور‪ ،‬يكون التقاضي مجانيا في الحاالت‬
‫المنصوص عليها قانونا لمن ال يتوفر على الموارد الكافية للتقاضي‪.‬‬

‫وتتم االستفادة من المساعدة القضائية والمساعدة القانونية طبقا للشروط التي يحددها‬
‫القانون ”‬

‫‪    ‬على هذا األساس يمكن تحديد مفهوم المساعدة القضائية ‪،‬إذ يعرفها الدكتور ادريس‬
‫العبدالوي[‪ ” ]3‬بأنها تدبير أقره المشرع لمصلحة المتداعيين الذين ال تمكنهم حالتهم المادية‬
‫من دفع نفقات الدعوى ‪،‬فيستطيعون بموجبه رفع هذه الدعوى والسير بها وإتمام جميع‬
‫اجراءات التحقيق فيها ‪ ،‬حتى صدور الحكم وتبليغه والطعن فيه عند االقتضاء بالطرق‬
‫القانونية وإجراء تنفيذه ‪،‬وتسخير محام يساعدهم في خصومتهم مجانا … “‬

‫‪   ‬ويقصد بها كذلك اعفاء المتقاضي مدعي‪  ‬كان أو مدعى عليه أو متدخال في الدعوى من‬
‫أداء رسوم ‪ ،‬وكذا تعيين محام ينوب عن المعني باألمر [‪  ]4‬وكذا الرسوم القضائية‬
‫والمصاريف بعد التأكد وإثبات عسر الفئة التي ال تتوفر على الموارد الكافية للتقاضي ‪.‬‬

‫‪   ‬بالتالي يتبين على أن جل ‪ ‬المفاهيم تصب في منحى واحد ‪،‬كما أن المساعدة القضائية‬
‫التي يستفيد منها المتقاضي تدخل في اطار الرسالة االنسانية النبيلة ‪ ،‬وهناك العديد من‬
‫الحاالت التي أعفى فيها المشرع المغربي من أداء الرسوم القضائية بشكل نهائي[‪ ]5‬لعل‬
‫أهمها‪.‬‬

‫‪   –   ‬التقاضي أمام أقسام قضاء القرب المادة ‪،  ]6[6‬‬

‫‪   –   ‬طلب االلغاء بسبب تجاوز السلطة ‪،‬‬

‫‪  –   ‬دفع بعدم االختصاص أمام المحكمة االبتدائية واإلدارية ‪،‬‬

‫‪  –   ‬مجانية استئناف كافة أحكام المحاكم االدارية ‪، 80.03‬‬


‫‪   ‬عموما فإنه بالرجوع للقانون المغربي السيما المرسوم الملكي المتعلق بالمساعدة القضائية‬
‫نجده يؤكد على منح المساعدة لمعدومي الدخل[‪ ]7‬ذلك بمقتضى المادة األولى التي جاء‬
‫فيها‪ ”  :‬يمكن منح المساعدة القضائية لدى جميع محاكم المملكة وكيفما كان الحال إلى‬
‫األشخاص والمؤسسات العمومية أو ذات المصلحة العمومية والجمعيات الخصوصية‬
‫القائمة بعمل اسعافي والمتمتعة بالشخصية المدنية والجنسية المغربية التي نظرا لعدم‬
‫كفاية مواردها تكون غير قادرة على ممارسة حقوقها أو الدفاع عنها أمام القضاء ‪ ،‬وذلك‬
‫عالوة على الحالة التي يستفيد منها األجانب من هذه المساعدة عمال بالمعاهدات ‪.‬‬

‫‪  ‬وتطبق هذه المساعدة على كل نزاع وعلى المطالبات بالحق المدني أمام محاكم التحقيق‬
‫وإصدار األحكام ‪ ،‬كما تطبق خارج كل نزاع أعمال القضاء اإلداري واألعمال التحفظية‬
‫……‪”.‬‬

‫‪ ‬من النص يتبين على أن من يستفيد من المساعدة هم على سبيل الحصر‪:‬‬

‫‪ –  ‬األشخاص الطبيعيين‪،‬‬

‫‪ –  ‬المؤسسات العمومية أو ذات المصلحة العمومية‪،‬‬

‫‪ –  ‬الجمعيات الخصوصية القائمة بالعمل اإلسعافي‪ ،‬والمتمتعة بالشخصية المدنية‪،‬‬

‫‪ –  ‬األجانب شريطة وجود معاهدة تسمح بمنح المساعدة القضائية لهؤالء‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬أنواع المساعدة القضائية‪:  ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬تتم االستفادة من المساعدة القضائية مبدئيا [‪ ]8‬على نوعين ‪،‬فهي إما بناء على طلب‪  ‬أو‬
‫بحكم القانون ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫أوال ‪ :‬المساعدة القضائية بناء على طلب‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬تقتصر على طرف وحده سواء أكان مدعيا أو مدعى عليه مستأنفا أو مستأنفا عليه‪،‬‬
‫طالبا للنقض أو مطلوب للنقض‪.‬‬
‫‪   ‬لهذا فإنه على الراغب في الحصول على المساعدة تقديم طلب‪  ‬كتابي معفي من الرسوم‬
‫بالنسبة لجميع المحاكم ‪ ،‬الى وكيل الملك بالمحكمة االبتدائية أو وكيل العام ‪ ‬الملك بمحكمة‬
‫االستئناف و النقض‪  ‬ورئيس المحكمة االدارية‪،  ‬حيث يجتمع أعضاء المكتب لهذه الغاية‬
‫ويتكون من أعضاء حددهم المرسوم الملكي ‪،‬ويكون الطلب الكتابي مرفوق بالوثائق التالية‬
‫‪.‬‬

‫– نسخة من بطاقة التعريف ‪،‬‬

‫– شهادة تثبت حالة االحتياج ‪،‬‬

‫– شهادة تثبت عدم التسجيل في جدول الضرائب ‪،‬‬

‫– نسخة من مقال افتتاحي ‪،‬‬

‫‪   ‬أما إذا تعلق األمر باألشخاص المعنوية الخاصة والتي تم االشارة لها‪ ،‬فيشترط أن يكون‬
‫غرضها اسعافيا مع إثبات عدم كفاية مواردها المالية [‪. ]9‬‬

‫‪   ‬بالتالي فالمساعدة القضائية بناء على طلب فتتقرر لطالبها في حدود الدعوى المقدمة‬
‫بشأنها‪ ،‬وتنتهي بمجرد صدور الحكم عن المحكمة التي قدم الطلب أمام وكيل الملك لديها ‪،‬‬
‫بمعنى أنها تنتهي بانتهاء المرحلة التي تمت فيها ‪ .‬وإن رغب المعني في االستفادة منها في‬
‫المرحلة القضائية الالحقة‪،  ‬فما عليه إال أن يتقدم بطلب جديد إلى ممثل النيابة العامة[‪]10‬‬
‫‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫ثانيا ‪ :‬المساعدة القضائية بحكم القانون ‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪    ‬تتم االستفادة من هذه المساعدة األطراف المحددة بموجب القانون ويتعلق األمر‬
‫‪،‬بالمطلقة في دعوى النفقة‪  ‬واألجراء مدعين كانوا أو مدعى عليهم ‪ ،‬والدعوى أمام قضاء‬
‫القرب ‪ ،‬وطلبات الغاء القرارات اإلدارية ‪ ،‬كما أنها تمتد االستفادة في المساعدة القضائية‬
‫إلى ذوي حقوق الطرف أيضا‪.‬‬

‫‪    ‬وبالتالي فالمساعدة بحكم القانون تتميز بنوع من التوسع من حيث النطاق إذ ال تقتصر‬
‫فقط على النتائج المباشرة للدعوى وإنما تتجاوز ذلك بكثير خاصة من حيث النطاق الزمني‬
‫‪ .‬و‪  ‬تتقرر لصاحبها ابتدائيا و استئنافيا فتستمر إلى حين مرحلة البث على مستوى الدرجة‬
‫األولى ‪ .‬وبعد ذلك ال يستفيد منها أمام محكمة النقض إال بتقديم طلب وإال وجب عليه أداء‬
‫كل الصائر والرسوم والمصاريف التي تتطلبها مرحلة التقاضي أمام محكمة النقض‪.‬‬
‫‪ ‬نستشف من هذين النوعين أنه من أجل استفادة هؤالء األشخاص من المساعدة القضائية‬
‫البد من شروط ‪:‬‬

‫‪ –  ‬تقديم الطلب ‪.‬‬

‫‪ –  ‬إثبات حالة العسر ‪ ،‬ومن تم فإن رئيس مكتب المساعدة القضائية [‪ ، ]11‬ال يفتح ملف‬
‫طالب المساعدة القضائية إال اذا كان هذا األخير يتوفر على شهادتين العوز وعدم أداء‬
‫الضريبة التي تعتبر بمثابة قرينة على عسره ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفقرة الثالثة ‪ :‬آثار المساعدة القضائية‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬تترتب على المساعدة القضائية أثارا ال تخلو من أهمية سواء بالنسبة للمستفيد من‬
‫المساعدة القضائية أو بالنسبة لسريان األجل‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬أوال‪ :‬المستفيد من المساعدة‪.‬‬

‫‪    ‬حسب الفصل ‪ 10‬من المرسوم الملكي ‪ 1966‬السيما الفقرة األخيرة “… وال يسوغ‬
‫للمستفيد من المساعدة القضائية الذي يرفع استئنافا أصليا أو طلبا للنقض أن ينتفع من‬
‫أجل طرق الطعن المذكورة بالمساعدة القضائية الجديد إال إذا منحت إياه بمقرر جديد‪”.‬‬

‫‪    ‬يتضح أن المستفيد من المساعدة القضائية ال يمكن أن يمارس الطعن ضد حكم صادر‬
‫في نزاع ‪ ،‬إال بعد سلوك مسطرة جديدة وإال اذا حصل من جديد على قرار يمنحه‬
‫المساعدة وفق الفصل ‪ ، 10‬وحسب هذا األخير يتبن بأنه لم يتناول( طعن بالتعرض و‬
‫اعادة النظر) إنما اقتصر على ذكر االستئناف والنقض ‪ ،‬وعليه بإمكانه االستفادة في هذه‬
‫الحالة دون أن يكون ملزما بسلوك مسطرة جديدة للحصول على مساعدة مادام المنع ال‬
‫يكون إال بنص صريح‪.‬‬

‫‪    ‬كذلك من االثار التي تواجه المستفيد من المساعدة القضائية أن هذه األخيرة ال تمنح إال‬
‫مؤقتا ‪ ،‬حيث يمكن سحبها في أي مرحلة من مراحل الدعوى انتهت بصدور حكم أم ال ‪،‬‬
‫وذلك فيما إذا أثبت أن حالة العسر قد زالت نتيجة توفر المستفيد على موارد أو استفادته‬
‫من مبالغ مالية نتيجة تنفيذ حكم لفائدته ‪ ،‬كما يمكن أن تسحب إذا تم التشطيب على‬
‫الدعوى أو تمت المصالحة بين الخصوم أو لوحظ تماطل من طرف المستفيد يبدو منه أنه‬
‫ال يرغب في متابعة الدعوى( الفقرة الثالثة من فصل ‪ 13‬من المرسوم )‪.‬‬
‫‪   ‬تجوز المطالبة بالسحب إما من طرف النيابة العامة ‪ ،‬أو ممثل وزير المالية أو تلقائيا من‬
‫المكتب ‪ ،‬ويكون في كل الحاالت مدعما بأسباب الفصل ‪ 15‬من المرسوم ‪ .‬ويترتب عن‬
‫السحب مطالبة المستفيد من أداء األتعاب واألجور ‪ ‬ومختلف التسبيقات التي اعفي منها‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪  ‬ثانيا‪ :‬بالنسبة لألجل‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪    ‬تتعلق أثار المساعدة القضائية كذلك باألجل‪ ،‬فإذا كان الطلب ال يوقف األجل أمام‬
‫المحاكم‪  ‬االبتدائية واالستئناف ‪ ‬لكونه ليس طلبا قضائيا‪ ،  ‬فإنه امام محكمة النقض‪  ‬يوقف‬
‫األجل ‪ ،‬وال يبدأ هذا السريان إال من يوم التبليغ بقرار منح أو رفض المساعدة القضائية‬
‫للمعني باألمر طبقا للفقرة األخيرة من الفصل ‪ 6‬من المرسوم ” … يوقف ألجل بشأن محكمة‬
‫النقض ابتدءا من ايداع طلب‪  ‬المساعدة القضائية بالنيابة أو النيابة العامة للمحكمة …”‪ ،‬‬
‫لذلك يتعين على المعني تقديم طلبه إلى وكيل العام للملك حتى يستفيد من وقف األجل‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ماهية المساعدة القانونية ومجاالت تدخلها ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفقرة األولى مفهوم المساعدة القانونية‪:‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪“    ‬الحق يقال على أن هذا النظام كان معروفا في األنظمة الغربية حيث عمل المشرع‬
‫المغربي على إحداثه وسماه بقانون الولوج إلى القانون والعدالة الصادر بتاريخ ‪ 10‬يوليوز‬
‫‪ 1991‬والذي تم تعديله هو األخر بقانون ‪ 18‬دجنبر ‪ 1998‬بمقتضى قانون ‪ 98.1163‬‬
‫المتعلق بالولوج إلى‪  ‬القانون وإلى التسوية السليمة للمنازعات”[‪. ]12‬‬

‫‪    ‬وقد أشار مشروع القانون ‪ 38.15‬المتعلق بالتنظيم القضائي أول مرة للمساعدة‬
‫القانونية في المادة السادسة منه التي جاء فيها أنه “طبقا ألحكام الفصل ‪ 21‬من الدستور‬
‫‪ ،‬يكون التقاضي مجانيا في الحاالت المنصوص عليها قانونا لمن ال يتوفر على الموارد‬
‫الكافية للتقاضي ‪.‬‬

‫تتم االستفادة من المساعدة القضائية والقانونية طبق للشروط التي يحددها القانون “‪،‬‬
‫‪    ‬بالتالي فهي عمل يقوم على المشورة والمساعدة والتمثيل القانوني لألشخاص الذين ال‬
‫يملكون الوسائل الكافية للتقاضي أمام المحاكم‪ ،‬نظرا لعامل األمية أو غير ذلك‪ ،‬هذه‬
‫المساعدة كجزء من برامج تحقيق الوصول للعدالة ضمن مجموعة من الشروط التي تحدد‬
‫فاعلية تقديم الخدمة وتحقيق عدالة نزيهة قابلة لإلنقاذ والتطبيق ‪.‬‬

‫‪    ‬كما أنها وسيلة لالستفادة من اإلرشاد والتوعية بمختلف الوسائل الممكنة لتسهيل الولوج‬
‫إلى العدالة ‪ ،‬كما أنها نظام تسعى الدولة المغربية إلى إحداثه ‪ ،‬والغرض األساسي منه هو‬
‫تمكين جميع المواطنات والمواطنين من تحقيق المبتغى في أسرع وقت وبأقل تكلفة بل‬
‫وفي أحسن ظروف وعادة ما يتم تقديمها للفئات غير الملمة بالمسائل القانونية‪ ،‬ويعد‬
‫ميثاق اصالح منظومة العدالة والذي دعى سنة ‪ 2013‬وبالضبط الهدف الرئيسي الرابع‬
‫“ارتقاء بفعالية و نجاعة القضاء [‪ ”]13‬إلى ضرورة احداث مساعدة قانونية وذلك في‬
‫التوصية رقم ‪ 131‬وكذا تسهيل الولوج إلى المحاكم من خالل نظام المساعدة القانونية‬
‫المجانية ‪.‬‬

‫‪   ‬وتجدر اإلشارة إلى أنه هناك اختالف بين كل من المساعدة القانونية والقضائية نشير‬
‫إلى بعضها باختصار ‪:‬‬

‫– تهدف المساعدة القانونية إلى رفع الوعي القانوني لدى عموم المواطنين وذلك بتقديم‬
‫استشارات قانونية‪  ‬بطريقة غير مباشرة تكريسا لحقوقهم وإظهارا اللتزاماتهم فهي عبارة‬
‫عن نصح و ارشاد و توجيه ‪. ‬‬

‫– أما المساعدة القضائية فهي نظام استحدث بمقتضى المرسوم الملكي الصادر في نونبر‬
‫‪ 1996‬المعتبر بمثابة نظام ‪ ‬المساعدة القضائية ‪ ،‬ومن خالله ‪ ،‬يتم إعفاء المتقاضين‬
‫المعوزين الذين يثبت عسرهم عن أداء المصاريف القضائية أو أتعاب الدفاع ‪.‬‬

‫‪    ‬ويمكن ادراج المساعدة القانونية ضمن الحق في الحصول على المعلومة الذي نص عليه‬
‫الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬كحق لجميع المواطنات والمواطنين بمقتضى الفصل ‪ 27‬من‬
‫الدستور ” للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات ……”[‪ ]14‬هذا الحق الذي‬
‫صدر على إثره قانون ‪ 31.03‬المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة[‪ ]15‬مع مراعاة‬
‫بعض االستثناءات ‪ ، ‬الذي يعد من بين أهم المساعدات القانونية من أجل تحسين ظروف‪ ‬‬
‫استقبال المواطنات والمواطنين بالمحاكم وتعميم المعلومة القانونية والقضائية ‪،‬التي‬
‫يمكن سلوكها للمحافظة عليها‪ ،‬حيث تعد ‪ ‬هذه الحقوق من أهم الطرق لممارسة حق‬
‫التقاضي ‪.‬‬

‫‪    ‬يعمل كذلك مشروع ‪ 38.15‬الذي لم تنتهي كل تفاصيله على تجسيد المساعدة القانونية‬
‫من خالل إحداث مكتب للمساعدة االجتماعية في كل محكمة من المحاكم بالمملكة ومن‬
‫أجل تمكين عموم المتقاضين من تعرف ولو بصورة نمطية عن حقوقهم وواجباتهم‬
‫المرتبطة باإلجراءات اإلدارية والقضائية وهذا ما نأمل أن يحققه كل من قانون الحق في‬
‫الحصول على المعلومات[‪ ، 31.03  ]16‬وكذا مشروع ‪ 38.15‬من خالل احداث مكاتب‬
‫واستجابة المحكمة الدستورية له‪  ‬اللذان يعدان من مظاهر المساعدة القانونية ‪ .‬هذه‬
‫المساعدة التي تهدف الى رفع الوعي لدى المواطنين تكريسا لحقوقهم و اظهارا‬
‫اللتزاماتهم‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫الفقرة الثانية‪  :‬مجاالت تدخل المساعدة القانونية ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪     ‬لعل بداية نشوء المساعدة القانونية كان لحماية األشخاص الذين ال يملكون الكفاية‬
‫والقدرة لمتابعة وتحصيل حقوقهم وهذا نابع ‪،‬من فكرة أن تكون العدالة في متناول‬
‫الجميع ‪،‬فمن بينهم الفئات األكثر عرضة اإلنهاك وأصحاب االحتياجات الخاصة ‪،‬وفئة‬
‫األطفال واألرامل والالجئين وضحايا االتجار بالبشر‪]17[.‬‬

‫‪   ‬وعلى هذا األساس‪  ‬تتعدد مجاالت المساعدة القانونية وهي مستمرة في التطور‬
‫والتحديث طالما أن التصرفات البشرية متطورة ومتجددة ‪   ‬فعلى مستوى قضاء األسرة‬
‫وكذا التكفل بالنساء ‪ ،‬واألطفال وضحايا العنف وقد انطلق هذا المسار بمختلف المحاكم من‬
‫أجل البحث عن أنجع السبل التنسيق فقد أصدرت وزارة العدل دليال للتكفل القضائي‬
‫بالنساء واألطفال سنة [‪ 2010]18‬رغم قدمه إال أنه كانت له فعالية في المستقبل مثل‬
‫اصدار قانون ‪ 103.13‬المتعلق بممارسة العنف ضد النساء ‪ ،‬كما أن التكفل يطال االطفال‬
‫في مختلف الوضعيات ‪ ،‬وتوسيع استفادة النساء المعوزات والفئات الهشة هذه التي غالبا‬
‫ما تحتاج للحصول على المساعدة القانونية والتي تدعو كافة النظم لها وتتجلى هذه‬
‫المساعدة في العدالة الصديقة للطفل الحدث‪.‬‬

‫‪   ‬وسعيا نحو توفير خبراء نفسين مختصين في علم نفس الطفل لدى المحاكم وتنمية‬
‫العمل بشراكات مع كل من المجتمع المدني والجمعيات ‪ ،‬قد أكد وزير العدل بن عبد القادر‬
‫على أن الوزارة اتخذت إجراءات العملية لتفعيل نظام المساعدة كذلك لفائدة المهاجرين‬
‫لضمان تمتعهم بقواعد المحاكمة العادلة تشمل حماية ضحايا الجريمة والمؤازرة بمحام‬
‫وترجمان[‪   .]19‬إذا كانت هذه المبادرة تسير في االتجاه الصحيح ‪،‬نحو تحسين ظروف‬
‫االستقبال ومساعدة المتقاضين ‪،‬وتسهيل الولوج للخدمات القضائية ‪ ،‬فإنه ينبغي التفكير‬
‫في وضع تصور واضح لطبيعة عمل هذه المؤسسة ومجاالت تدخلها‪ ،‬ومساعدة المتقاضين‬
‫وسائر المرتفقين ‪ ،‬قانونيا ومسطريا ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬مدى فعالية المساعدة القضائية والقانونية في المحاكم المغربية ‪    .‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪    ‬نؤكد في هذا الشق أنا المساعدة القضائية في المغرب مؤسسة نظمت بمقتضى المرسوم‬
‫الملكي المعتبر بمثابة قانون صادر سنة ‪ ، 1966‬وإذا كان هذا األخير أي النص القانوني‬
‫المنظم للمساعدة يعود إلى فترة الستينيات من القرن المنصرم ‪،‬فإن عملية االستفادة منه‬
‫بشكل كبير ال تتحقق للعديد من‪  ‬مرتفقي العدالة في العقد الثاني من القرن ‪ 21‬مع العلم أن‬
‫المساعدة تمنح لفائدة فئة معينة تعيقها صعوبات من أجل تحقيق المطلب األسمى الذي‬
‫يتمثل في األمن القضائي الذي بموجبه يتم حماية الحقوق [‪   .]20‬‬

‫‪     ‬يتضح على أن المشرع المغربي استلزم مجموعة من الشروط واإلجراءات المعقدة في‬
‫أحيان كثيرة لالستفادة من المساعدة ‪ ،‬ذلك وأن مكتب المساعدة القضائية ال يمكن له فتح‬
‫ملف طالب المساعدة اال اذا كان يتوفر على شهادتي العوز وعدم أداء الضريبة مع إجراء‬
‫بحث بواسطة السلطة المحلية أو الشرطة القضائية [‪ . ]21‬‬

‫‪    ‬رغم ذلك فإنه تبين على أن‪  ‬المساعدة القضائية تحظى باهتمام كبير من قبل الوزارة‬
‫تفعيال لحق المواطنين في الولوج إلى العدالة وضمان أداء مستحقات المحامين‬
‫المعينين[‪ ، ]22‬وعلى هذا األساس يمكن التطرق لبعض االحصاءات السنوية إلثبات مدى‬
‫استجابة مرسوم المساعدة للمواطنين ‪ ،‬حيث يتبين على أن المساعدة القضائية بمحكمة‬
‫النقض يميل إلى قبول طلبات المساعدة استنادا إلى العسر وجدية الطلب‪ .‬‬

‫‪    ‬يتبين على أن عدد الملفات التي تم البث فيها بقبول الطلب يفوق بكثير تلك التي تم‬
‫البث فيها برفض الطلب ‪  ،‬في هذا السياق فإن عدد الطلبات المساعدة القضائية‬
‫المسجلة[‪ ، ]23‬بلغ خالل ‪ 2013‬ما يناهز ‪ 137‬طلب‪ ،  ‬وفي سنة ‪  2014‬تراجع حيث وصل‬
‫الى‪ 106  ‬طلب‪ ،  ‬وفي سنة ‪ 2015 ‬ناهز العدد ‪ 152‬طلب‪ ،  ‬أما في سنة ‪ 2017‬ارتفع‬
‫العدد ليصل الى ‪ 283‬طلب‪ ،‬أما بخصوص مآل الطلبات فإن مكتب المساعدة أصدر خالل‬
‫‪ 2018‬ما مجموع ‪ 79‬قرار بقبول طلب المساعدة‪ ،‬منها ‪ 67‬قرار بتعين ومؤازرة المحامي‬
‫واإلعفاء من الرسوم في حالة إثبات العسر وعدم المماطلة‪ .‬إال أنه تقرر رفض مجموع من‬
‫الطلبات إما من خالل التشطيب عليها أو إحالتها على االختصاص ‪ ‬حيث أنه في سنة‬
‫‪ 2016‬تضمن المعدل ‪ 28‬طلب ‪ ،‬وخالل‪  ‬سنة ‪  2017‬تضاعف العدد ليصبح ‪ 48‬طلب ‪ ،‬أما‪ ‬‬
‫سنة ‪ 2018‬استقر العدد في ‪ 44 ‬طلب ‪ ،‬حيث أكد الوزير على أن عدد المستفيدين شهد‬
‫ارتفاعا في السنوات المنصرمة وأشار الوزير كذلك إلى أن قيمة المبالغ المنفذة في إطار‬
‫هذا النظام وصلت ‪ 17‬مليار درهم سنة ‪   2018‬بصفة كلية ‪.‬‬

‫‪ ‬ورغم فعالية هذا المرسوم إال أنه يثير صعوبات تتمثل في كل من تعقد اإلجراءات‪ ،‬وتعدد‬
‫الوثائق التي قد تكلف مصاريف اضافية للمتقاضين‪ ،‬عدم شمول مقتضيات المساعدة لبعض‬
‫مراحل الدعوى‪ ،‬هيمنة جهاز النيابة العامة على مكاتب المساعدة القضائية‪ ،‬ولتجاوز هذه‬
‫االختالالت يمكن‪:‬‬

‫– مراجعة القانون المنظم للمساعدة القضائية بشكل يجعله متالئم مع روح الدستور‬
‫والمواثيق الدولية ‪.‬‬
‫– اعتماد بطاقة الرميد كأحد معايير الاستفادة من المساعدة‬
‫القضائية ‪.‬‬
‫– احداث مؤسسة عمومية تتكون ادارتها من هيئات حقوقية وكذا‬
‫الفاعلين في المجتمع المدني والأطر المهنية تحت رعاية رئيس‬
‫الحكومة[‪. ]24‬‬
‫‪ ‬‬

‫خــــــاتـــمة‪:‬‬

‫‪    ‬لطالما شكل موضوع المساعدة القضائية جدال واسعا نظرا لطبيعة األطر المؤسسية ‪،‬‬
‫ولطبيعة األدوار التنظيمية من المسؤوليات واالختصاصات ‪ ،‬وتجب اإلشارة إلى أن العمل‬
‫بالمساعدة المحدثة بالمرسوم يحتاج إلى تضافر جهود فردية ومؤسسية على حد سواء في‬
‫إطار قانوني وبشراكة بين األطر المهنية ذات العالقة والجمعيات والفاعل األساسي أال‬
‫وهو المحامي ‪ ‬ومؤسسات المجتمع المدني ‪ ،‬ووزارة العدل ‪ ،‬وكذا المجلس األعلى للسلطة‬
‫القضائية ‪ ،‬ومراكز التأهيل ورعاية األطفال ‪ ،‬تحت سلطة المشرع التخاذ كافة التدابير‬
‫التشريعية لضمان التنفيذ والتطبيق الفعال للمساعدة القضائية والقانونية ‪ ،‬غير أن هذه‬
‫األخيرة أكثر سعة ألن المساعدة القضائية تقف عند اجراءات التقاضي بينما المساعدة‬
‫القانونية تتصل بكافة‪  ‬الحقوق‪  ‬التي يمنحها الدستور والقانون للمواطن الذي يحتاج إلى‬
‫فهم ‪ ‬حقوقه السياسية ‪ ،‬وكيفية ممارسة حقوقه االقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬

‫‪   ‬فكل هذه الحقوق تمارس خارج نطاق العمل القضائي‪ ،‬إال إذا حصل اعتداء أو خرق لها‬
‫فإن القضاء يتدخل بناء على طلب من المتضرر لحماية الحق‪ .‬كل هذا من أجل تعميم األمن‬
‫واالستقرار للرفع من كفاءة العمل القانوني والحقوقي‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫[‪  ]1‬النقيب المكاوي بنعيسى المساعدة القضائية بين مجانية الدفاع‪  ‬وأداء األتعاب في القانون‬
‫المغربي ص ‪.5‬‬

‫[‪  ]2‬مقدمو المساعدة القانونية المجتمعين دليل الممارسين المساعدة القانونية‪  ‬ص ‪.5‬‬

‫[‪ ]3‬ادريس العبدالوي “الوسيط في شرح المسطرة المدنية ” القانون القضائي الخاص ص‬
‫‪.283‬‬
‫‪ ‬محمد القادوري المساعدة القضائية مجلة رسالة المحاماة العدد ‪ 2‬ص ‪]4[.‬‬

‫[‪  ]5‬محمد بالهاشمي تسولي االعفاء من اداء الرسوم القضائية ومجانية الدفاع في التشريع‬
‫المغربي ص ‪.7‬‬

‫[‪  ]6‬قضاء القرب هو قضاء مجاني معفى من الرسوم بشكل عام وفف ما نصت عليه المادة ‪6‬‬
‫من قانون ‪، 42.10‬تكون المسطرة قضاء ‪ ‬القرب مجانية ومعفاة من جميع الرسوم القضائية ‪.‬‬

‫[‪   ]7‬عبد الرحمان الشرقاوي التنظيم القضائي بين العدالة المؤسساتية والعدالة المكملة أو‬
‫البديلة ص ‪.27‬‬

‫[‪   ]8‬عبد القادر قرموش ‪ ‬قراءة في ضوء التعديالت‪  ‬القانونية الجديدة ومشروع قانون‬
‫التنظيم القضائي‪  ‬الجديد ‪   38.15‬ص ‪.37‬‬

‫[‪  ]9‬يشترط في الشخص المعنوي أن يكون مؤسسة عمومية ذات مصلحة عمومية أن يكون‬
‫متمتع بالشخصية المعنوية غير قادر على ممارسة حقوقه‬

‫[‪  ]10‬عبد الكريم الطالب التنظيم القضائي دراسة عملية ص ‪40‬‬

‫[‪  ]11‬يتكون مكتب المساعدة القضائية وكيل الملك لدى المحكمة االبتدائية ‪،‬نائبه ممثل لوزارة‬
‫المالية‪  ‬محام تعينه المحكمة ‪ ،‬لدى محكمة االستئناف وكيل عام للملك و نائبه وباقي أعضاء‬
‫المكتب مثل المحكمة االبتدائية آما لدى محكمة النقض وكيل عام للملك ثالث مستشارين‬
‫ممثل لدى‪  ‬وزارة المالية‪  ‬وقد اسند المشرع رئاسة المكاتب قضاة النيابة العامة ‪ ،‬ويقوم بمهام‬
‫كاتب المكتب موظف لدى كتابة الضبط أو من النيابة العامة‪.‬‬

‫[‪  ]12‬عبد الرحمان الشرقاوي مرجع سابق ‪ ‬ص ‪.26‬‬

‫[‪  ]13‬ميثاق اصالح منظومة العدالة ‪ ‬الهدف الرئيسي الرابع االرتقاء بفعالية ونجاعة القضاء ص‬
‫‪.77‬‬

‫[‪  ]14‬الدستور المغربي ” الباب الثاني الحريات والحقوق األساسية “ص ‪.21‬‬

‫[‪  ]15‬قانون ‪ 31.03‬المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة جريدة الرسمية ‪ 6655‬بتاريخ‬
‫‪ 12‬مارس ‪.2018‬‬

‫[‪  ]16‬عبد الرحيم أمين عدالة القرب بالمغرب محاولة وضع مقومات وتقيم‪  ‬الحصيلة أطروحة‬
‫دكتوراه ص ‪.79‬‬

‫[‪  ]17‬صدام أبو عزام‪  ‬المساعدة القانونية ‪،‬نظرة حول التنظيم والمأسسة ص ‪.18‬‬

‫[‪  ]18‬من بين االهداف التي جاء بها الدليل ‪:‬‬


‫– توفير اليات لتأطير الممارسة العلمية‬

‫– توحيد اليات تكفل على كافة المحاكم‬

‫– تثبيت اإلجراءات وتعميمها‬

‫– توخي السرعة والفعالية والنجاعة‪  ‬في تطبيق القانون بغية التكفل بالنساء واألطفال ‪.‬‬

‫[‪  ]19‬ندوة دولية “الهجرة في ضل التحوالت كونية وتأثيرها على المرجعيات القانونية‪.‬‬

‫[‪  ]20‬يونس العياشي األمن القانوني والقضائي وأثرها في التنمية االقتصادية واالجتماعية ص‬
‫‪.6‬‬

‫[‪   ]21‬الحق في اللولوج إلى العدالة ومعايير المحاكمة العادلة ص ‪.119‬‬

‫[‪   ]22‬كلمة الوزير السابق أوجار يوم االثنين‪  ‬بالرباط‪  ‬حول االستفادة من المساعدة القضائية‬
‫‪.2019/02/04‬‬

‫[‪   ]23‬عدد الطلبات المساعدة القضائية بالنيابة العامة لمحكمة النقض خالل سنوات ‪2013‬‬
‫‪.2018-‬‬

‫[‪   ]24‬مقترح الجمعية الفدرالية للشباب ص ‪.48‬‬


‫مقاالت قانونية‬ ‫في الواجهة‬

‫تعليق على حكم المحكمة الادار ية بالرباط‬


‫عدد ‪ 875‬بتاريخ ‪ 05/03/2019‬في‬
‫الملف رقم ‪( 1599/7112/2018‬‬
‫التعو يض عن الخطأ القضائي )‪ ‬‬
‫• ‪ 6‬أكتوبر‪2020 ,‬‬ ‫‪admin‬‬ ‫‪5٬800 ‬‬

‫‪ ‬‬

‫تعليق على حكم المحكمة االدارية بالرباط عدد ‪875‬‬

‫بتاريخ ‪ 05/03/2019‬في الملف رقم ‪ ( 1599/7112/2018‬التعويض عن الخطأ‬


‫القضائي )‪ ‬‬

‫بقلم األستاذ خالد الهانــــــي منتدب قضائي‪  ‬من الدرجة الثانية‬

‫‪                                          ‬حاصل على األهلية لمزاولة مهنة المحاماة‬


‫‪                                                                                      ‬ماستر القانون‬
‫والممارسة القضائية كلية الحقوق السويسي ‪– ‬الرباط‪-‬‬

‫الوقائع‬

‫تتلخص وقائع النازلة في الحكم الصادر عن المحكمة االدارية ‪ ‬بالرباط أن المدعي‬


‫السيد ……تقدم بمقال بواسطة نائبه أمام المحكمة االدارية بالرباط عرض فيه انه‬
‫كان يعمل بتقسيمة الضرائب المتعددة االختصاصات بمدينة ………… كعون خدمة‬
‫مكلف بالحراسة الليلية بالتناوب مع زميله المسمى …… ‪ ,‬وانه بتاريخ‬
‫‪ 25/12/2005‬تعرضت المصلحة التي يعمل بها الى السرقة ‪ ,‬حيث تم االستيالء‬
‫على مجموعة من الطوابع المخزنية توبع على اثرها من طرف النيابة العامة من‬
‫اجل جناية اختالس اموال عمومية عن طريق الكسر واستعمال مفاتيح مزورة‬
‫اثناء قيامه بعمله وبسبب وظيفته وتبديد مستندات مالية طبق للفصل ‪ 241‬من‬
‫القانون الجنائي وهي التهم التي احيل من اجلها على غرفة جنايات االموال لدى‬
‫محكمة االستئناف بالرباط التي اصدرت قرارها بتاريخ ‪ 03‬يناير ‪ 2007‬في الملف‬
‫الجنائي عدد ‪ 9/06/33‬القاضي بإدانته من اجل ما نسب اليه وتحكم عليه بخمس‬
‫سنوات حبسا نافذا وغرامة قدرها ‪ 5000.00‬درهم‪ (  ‬خمسة االف درهم ) مع‬
‫الصائر واالجبار ……معللة قرارها بان انكاره تكذبه وتفنده ظروف القضية والقرائن‬
‫المحيطة بها والمتعلقة بوجود اثار دمائه على احد االزرار الكهربائية بمسرح‬
‫الجريمة وعلى تناقضه مع زميله من حيث اتصاله به على الساعة السابعة و ‪42‬‬
‫دقيقة وليس الساعة السادسة و ‪ 30‬دقيقة وتصريحه لما صعد الى مسرح الجريمة‬
‫استعان بوالعة االنارة‪  ‬وليس بهاتفه النقال كما صرح زميله المذكور ‪ ,‬وان هذا‬
‫القرار تم تأييده من طرف غرفة الجنايات االستئنافية بمحكمة االستئناف بالرباط‬
‫بتاريخ ‪ 09‬ماي ‪ 2007‬في الملف عدد ‪ ,  03/2007/34‬غير ان محكمة النقض‬
‫اصدرت قرارها بتاريخ ‪  12/03/2008‬في الملف الجنائي عدد ‪14882/2007‬‬
‫قضت فيه بنقض وابطال القرار المذكور وارجاع الملف الى نفس المحكمة‪  ‬لتبث‬
‫فيه من جديد حيث اصدرت من جديد قرارها بعد النقض بتاريخ ‪ 05‬نونبر ‪2008‬‬
‫في الملف الجنائي عدد ‪ 7/2008/34‬اعتبرت فيه ان القرار االبتدائي اقتصر على‬
‫ذكر قرائن استنتج منها ادانة المتهم بأفعال انكرها من خالل جميع مراحل البحث‬
‫والمحاكمة وبكونه مستخدم باإلدارة وكان يتحرك وسطها لصفته هاته بكل حرية‬
‫ومن المحتمل ان يكون قد اصابه جرح وبدون شعور منه علق دمه بأحد االزرار‬
‫الكهربائية وقتها وتصادف ذلك مع وقوع الفعل الجرمي المتعلق باالختالس ‪ ,‬وان‬
‫رجال الشرطة استغلوا هذه الواقعة كدليل للبحث ضده وانه امام انكاره وباستثناء‬
‫القرائن المذكورة التي ال تعتبر قرائن قوية وقانونية يمكن االعتماد عليها وحدها‬
‫كدليل مادي إلثبات التهمة في حقه االمر الذي يستوجب الغاء القرار المستأنف‬
‫وتصديا الحكم بعدم مؤاخذته من اجل مانسب اليه وببراءته منها‪.‬‬

‫وان هذا القرار اصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به بعد ما قضت محكمة النقض‬
‫برفض طلب النقض المقدم ضده من طرف النيابة العامة وذلك بمقتضى القرار‬
‫الصادر عنه بتاريخ ‪ 24‬يونيو ‪ 2009‬في الملف الجنائي عدد ‪, 3146/2009‬‬
‫ونتيجة لهذه الوضعية قضى رهن االعتقال‪  ‬االحتياطي ما يناهز سنتين و عشرة‬
‫اشهر‪  ‬مما الحق به ضررا بليغا ناتجا عن اعتقاله‪  ‬وحرمانه من حقه في الحرية وعن‬
‫ظروف اعتقاله والحق ضررا بأسرته التي اضطرت لالنتقال اسبوعيا لزيارته‬
‫بالسجن المحلي بسال طيلة مدة اعتقاله وان هذا االعتقال ناتج عن سوء تقدير‪ ‬‬
‫قضاة الحكم لوسائل االثبات المتوفرة لديهم وتخلفهم عن البحث في توفر‪  ‬اركان‬
‫الجريمة المنسوبة اليه واكتفائهم بسرد الوسائل التي اعتبروها كافية وقوية إلدانته‬
‫وهو ما شكل خطأ قضائيا بمفهوم المادة ‪ 122‬من دستور المملكة مما يستوجب‬
‫تعويضه عنه ألجله يلتمس الحكم على المدعى عليهم (‪-1‬الدولة في شخص رئيس‬
‫الحكومة بمكاتبه بالرباط ‪ -2‬وزارة العدل في شخص وزيرها بمكاتبه بالرباط ‪-3‬‬
‫الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط ‪ -4‬المجلس االعلى للسلطة القضائية في‬
‫شخص الرئيس المنتدب بمكاتبه بالرباط)‪.‬‬

‫بأدائه لفائدته مبلغ ‪ 600.000.00‬درهم جبرا للضرر الحاصل له جراء حرمانه من‬
‫حريته طوال الفترة المذكورة مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى‬
‫عليهم الصائر‪  ‬وان المحكمة االدارية بالرباط اصدرت حكمها القاضي برفض الطلب‬
‫وتحميل رافعه الصائر ‪.‬‬
‫التعليق ‪:‬‬

‫يثير هذا الحكم وكذلك موضوع الدعوى سؤاال عريضا يتعلق بالمسؤولية المفترضة‬
‫للقاضي في ضوء الدستور والتشريع واالتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب‪.‬‬

‫لقد أقر الدستور المغربي لسنة ‪ 2011‬في الفصل ‪ 122‬منه ‪ ” :‬حق لكل متضرر من‬
‫خطأ قضائي الحصول على تعويض تمنحه الدولة ‪.‬‬

‫فالحكم عدد ‪ 875‬الصادر بتاريخ ‪ 05/03/2013‬في الملف رقم ‪ 18/7112/599‬‬


‫ادارية الرباط لم يحسم في عدة نقاط قانونية وقضائية مهمة والتي تتعلق بمفهوم‬
‫المسؤولية المفترضة للقاضي ‪  ,‬وهل الخطأ القضائي المرتب للتعويض هل هو‬
‫الخطأ الجسيم المغتفر او الخطأ الجسيم غير المغتفر الذي يقع فيه القاضي ‪ ,‬وان‬
‫الخطأ الذي ال يحتاج الى اثبات هو ذلك الخطأ المفترض في اطار تطبيق نظرية‬
‫المخاطر والتي ال محل لتطبيقها على مستوى الخطأ القضائي ‪.‬‬

‫لقد كان االجتهاد القضائي الصادر عن ادارية الرباط هو رفض طلب التعويض الذي‬
‫تقدم به الضحية جراء حصوله على البراءة بعد اعتقاله لمدة سنتين وعشرة اشهر‪.‬‬

‫وقد قرر الحكم االداري بان تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 122‬من الدستور المغربي‬
‫يقتضي صدور قانون خاص بالتعويض عن حاالت االعتقال االحتياطي على غرار ما‬
‫اقره المشرع الفرنسي او يحدد المقصود بالخطأ القضائي وكذلك يبين الحدود‬
‫الفاصلة بين هدف كفالة حق التعويض للمتضرر وتكريس حقه في مقاضاة الدولة‬
‫عن هذا الخطأ وضمان استقالل القضاء وبالتالي بيان حاالت مسؤولية القاضي‬
‫الشخصية والمسؤولية المرفقية القائمة على الخطأ ‪ ,‬وتلك التي ال تحتاج الى اثباته‬
‫باعتباره خطأ مفترضا في اطار تطبيق نظرية المخاطر‪ .‬واضاف بانه ال مجال‬
‫لتطبيق نظرية المخاطر في هذه الحالة النعدام موجباتها لكون النص الدستوري‬
‫يتحدث عن الخطأ او الغلط في تطبيق القانون ‪,‬وان الطلب الرامي الى التعويض‬
‫عن الخطأ القضائي غير مؤسس ويتعين الحكم برفضه وتطبيقا للدستور والقانون‬
‫رقم‪ 90.41  ‬المحدثة بموجبه المحاكم االدارية والقانون الجنائي قضى برفض‬
‫الطلب وتحميل رافعه الصائر‪  ‬ولذلك اعتقد ان الحكم الصادر عن ادارية الرباط قد‬
‫بث في اشكالية قانونية دقيقة من شانها طرح الموضوع لالجتهاد‪.‬‬

‫وفي نظري المتواضع ان الحكم االداري الصادر في القضية موضوع التعليق جانب‬
‫الصواب حيث ان البث في الطلب يستوجب بالضرورة بيان اساس المسؤولية عن‬
‫العمل القضائي وتجدر االشارة الى ان المسؤولية االدارية عموما تستند في أساسها‬
‫على نظرية الخطأ الناتج اهمال اال في حاالت استثنائية تكريسا لمبدا سيادة الدولة‬
‫وحجية االمر المقضي به ‪ ,‬اال ان مجال المسؤولية االدارية قد تجاوز هذه النظرية‬
‫الثقليدية اذ أصبحت مسؤولية االدارة‪  ‬واردة على اساس المخاطر‪  ‬التي يمكن ان‬
‫تنتج عن نشاطاتها غير المشروعة بغض النظر عن أي خطأ‪  ‬قد ترتكبه في اطار‬
‫قيامها بالمهام المنوطة بها ‪.‬‬
‫اعتبارا فقط للمخاطر المتصلة بطبيعة المرفق القضائي الذي تضطلع بتسييره او‬
‫بالنشاط الذي تقوم به ‪ ,‬وبهذا توج المغرب مساره الحقوقي والقانوني باالستجابة‬
‫للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب بدون تحفظ ومن بينها العهد الدولي‬
‫للحقوق المدنية والسياسية ‪ ,‬وكذا مبادئ احترام حقوق االنسان وكذا الضمانات‬
‫الحمائية لحقوق المتقاضين كما هي متعارف عليها دوليا ‪ ,‬وبذلك أقر مسؤولية‬
‫الدولة عن الخطأ القضائي الذي يعد من اهم المستجدات التي جاءت بها المادة‬
‫‪ 122‬من دستور ‪ 2011‬وبذلك شكل الحدث ثورة نوعية في المسار التشريعي‬
‫المغربي‪.‬‬

‫كما أن مقومات الدولة تقوم على مبدأ التوازن بين حقوق المتقاضين وواجباتهم‬
‫في تحمل االعباء وتحقيق مبدأ التكافل الذي نص عليه الدستور في الفصل ‪ 40‬منه‬
‫فان الدولة تكون بالمقابل ملزمة بتحمل مخاطر االضرار التي تسببها اعمالها‬
‫ونشاطاتها وان مسؤوليتها عن ذلك تندرج في اطار المسؤولية عن المخاطر التي‬
‫تتحقق بمجرد حصول الفعل الضار‪  ‬وإثبات المتضرر كون الضرر الذي لحقه ناتج‬
‫عنه مباشرة بصرف النظر عن وقوع الخطأ من جانب االدارة من عدمه ومدى‬
‫جسامته وتوفر الدولة على االمكانيات الفعلية لتجنب الفعل الضار من عدمه ويعد‬
‫ذلك بمثابة تكريس لمنطق العدالة الذي يحتم رفع الضرر عن المتضرر مهما كان‬
‫مصدره بدون االلتفات الى خطأ الدولة وكذا تطور موضوع المسؤولية عن االخطاء‬
‫القضائية الذي كرسه دستور المملكة المغربية ‪.‬‬

‫لذلك فان مسؤولية الدولة قائمة على الضرر الالحق بالضحية المتضرر والمتمثل في‬
‫اعتقاله وقضائه مدة محددة في السجن تصل سنتين وعشرة اشهر رغم براءته‬
‫بدون ما حاجة الى ضرورة اثبات الخطأ من جانب الدولة‪.‬‬

‫ويبقى تقدير التعويض للسلطة التقديرية للقضاء االداري بناء على وقوفه على مدى‬
‫حجم االضرار المادية والمعنوية المطلوب التعويض عنها من خالل الحجج‬
‫والمؤيدات المدلى بها وكذا الشواهد الطبية المدلى بها أو حتى اللجوء الى اجراء‬
‫خبرة قضائية لتحديد الضرر الذي تعرض له صاحب الطلب ‪.‬‬

‫وهناك قرارات قضائية تؤسس لذلك نموذجا القرار الصادر عن محكمة االستئناف‬
‫االدارية بمراكش تحت عدد ‪ 335‬بتاريخ ‪ 19‬فبراير ‪ 2015‬في الملف عدد‬
‫‪ 1642/1914/2013‬وكذا القرار‪  ‬الصادر عن االستئناف االدارية بمراكش ايضا‬
‫بتاريخ ‪ 04‬اكتوبر ‪ 2017‬في الملف عدد ‪. 415/7114/2017‬‬

‫هذا االتجاه تبنته أيضا المحكمة االدارية بمراكش من خالل الحكم رقم ‪223‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 28‬فبراير‪ 2018  ‬في الملف رقم ‪ 1318/7112/2017‬الذي اسس‬
‫لقاعدة مفادها ‪:‬‬

‫اوال ‪ :‬أنه يحق لكل متضرر من خطأ قضائي الحصول على تعويض تتحمله الدولة‬
‫طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 122‬من دستور المملكة لسنة ‪.2011‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي تعتبر مسؤولية بدون خطأ استنادا‬
‫الى نظرية المخاطر القائمة على مجرد حصول الضرر وبغض النظر عن وجود اي‬
‫خطأ قد يرتكبه مرفق القضاء باعتباره مرفقا من مرافق الدولة‪.‬‬

‫وهذا االتجاه سلكه المشرع الفرنسي عبر اقراره لقانون خاص بالتعويض عن حاالت‬
‫االعتقال االحتياطي ‪ ,‬لكن االجتهاد القضائي الفرنسي ذهب الى ابعد من ذلك حيث‬
‫اعتبرت محكمة فرنسية ان طول اجراءات التقاضي انكار للعدالة وحكمت‬
‫للمتضررين بتعويض قدره ‪ 476‬الف يورو‪ (  ‬اربعمائة وستة وسبعون الف يورو)‪ ‬‬
‫وهو الحكم الذي اعتبرت من خالله المحكمة االبتدائية لمدينة مو‪,  Meaux   ‬‬
‫الواقعة في الشمال الشرقي للعاصمة باريس ( الحكم الصادر بتاريخ ‪ 22‬مارس‬
‫‪ 2017‬تحت عدد ‪ ) 319/2017‬أن التأخيرات الطويلة جدا والغير المبررة التي‬
‫عرفتها جلسات نظر دعواهم امام محكمة الشغل يشكل انكارا للعدالة‪.‬‬

‫وقد عللت المحكمة قضائها بان انكار العدالة يكون قائما عندما ال تستطيع الدولة‬
‫وضع وسائل وادوات العمل الضرورية امام العدالة لحسم النزاعات في اجال‬
‫معقولة وان نزاعات الشغل تقتضي صدور احكام سريعة ال يجب ان تتعدى سبعة‬
‫اشهر والحال ان المسطرة في الملفات موضوع االدعاء تجاوزت السنتين وان‬
‫بعضها وصل الى خمس سنوات‪.‬‬

‫ولذلك أدانت المحكمة الدولة الفرنسية وحكمت عليها ان تؤدي لكل متقاض من‬
‫‪ 120‬تعويضا حددته في مبلغ يتراوح ما بين ‪ 3000.00‬اورو ( ثالثة االف يورو )‬
‫و ‪ 4500.00‬يورو ( اربعة االف وخمسمائة اورو ) حسب الوقت الذي استغرقته‬
‫قضيته وينتظر ما ستسفر عنه القرار االستئنافي بعد استئناف الدولة الفرنسية‬
‫للحكم ‪.‬‬

‫اذن فاالتجاه الفقهي الحديث ينادي بوجوب التعويض عن المسؤولية المفترضة‬


‫للقضاء نظرا لما تمليه المقتضيات الدستورية والتشريعية واالتفاقيات الدولية‪.‬‬

‫وسأكتفي بهذا التعليق المتواضع أمال في أن يسهم باقي الزمالء واالساتذة‬


‫االفاضل بإسهاماتهم القيمة في هذا المجال وذلك قصد تسليط مزيدا من االضواء‬
‫على هذا الموضوع الهام والدقيق واهلل ولي التوفيق ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫المصادر والمراجع المعتمدة ‪:‬‬

‫العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ‪.‬‬


‫الدستور المغربي لسنة ‪.2011‬‬
‫القانون رقم ‪ 90-41‬المحدث للمحاكم االدارية ‪.‬‬
‫القانون الجنائي المغربي‪.‬‬
‫قرارات واحكام قضائية‪.‬‬

‫‪ ‬‬
‫مقاالت قانونية‬ ‫في الواجهة‬

‫القاضي والظروف الطارئة في التشر يع‬


‫المدني المغربي‬
‫• ‪ 28‬سبتمبر‪2020 ,‬‬ ‫‪admin‬‬ ‫‪7٬436 ‬‬

‫‪ ‬‬

‫القاضي والظروف الطارئة في التشريع المدني المغربي‬

‫‪                             ‬‬

‫‪                                                         ‬أيوب لعزيري‬

‫‪                                           ‬طالب باحت بسلك الماستر القانون المدني والتجاري‬

‫‪                                               ‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‬

‫مقدمة ‪:‬‬

‫يواجه المغرب ومعه العالم في الوقت الراهن أزمة صحية غير مسبوقة تسبب بها‬
‫فيروس كورونا‪  ‬كوفيد ‪ ]1[ 19‬والذي أصاب حالة من الذعر لدى جميع المواطنين نظرا‬
‫للسرعة الكبيرة التي ينتشر بها ‪ ،‬وقد نتج عن هذا الفيروس ركود اقتصادي وتوقيف‬
‫حركة االنتعاش التجاري والمالي لألفراد والجماعات‪ ،..‬بسبب الحجر الصحي الناتج عن‬
‫اإلغالق الكلي الذي فرضته السلطات العمومية لمواجهة الفيروس في الفترات األولى‬
‫لظهوره ‪ ،‬وقد أدى هذا الوضع إلى إرباك المعامالت المالية لألفراد وتوقيف تنفيذ العقود‬
‫وتأجيل تنفيذ بعضها إلى موعد أخر ‪ ،‬كما تم توقيف سريان األجل التشريعي‬
‫والتنظيمي لممارسة الحقوق بمقتضى مرسوم حالة الطوارئ الصحية [‪ . ]2‬وخالل هذه‬
‫المدة ونظرا للتوقف الذي طال عديد القطاعات االقتصادية والتجارية والصناعية‬
‫وغيرها ‪ ،‬تطرح نظرية الظروف الطارئة أهمية قصوى بسبب ما سينتج عنها من أثار‬
‫بسبب الجائحة ‪ ‬والسيما في هذه الظرفية‪ ،‬فيطالب الدائن ‪ ‬المدين ‪ ‬بتنفيذ التزامه رغم‬
‫الصعوبة التي أصبح عليها‪ ،  ‬فيقوم هذا األخير بالدفع بأن االلتزام الملقى عليه أصبح‬
‫مرهقا في تنفيذه ويصيبه من الضرر بما ال تتحمل طاقته ‪ ،‬ويطالب على إثرها ‪ ‬إما‬
‫تخفيض االلتزام –كما الشأن في عقود االيجار أو المقاولة – أو اإلعفاء منه و تأجيله ‪،‬‬
‫فإذا استجاب الدائن ‪ ‬نكون أمام تعديل إرادي للعقد من لدن األطراف ‪ ،‬أما في حالة‬
‫واجه طلبه بالرفض وتمسك بالتنفيذ‪  ‬كما هو متفق عليه فال يبقى للدائن إال اللجوء‬
‫للقضاء من أجل التدخل لخفض االلتزام إلى حدوده المعقولة ‪ ،‬في إطار ما يطلق عليه‬
‫بالظروف الطارئة ‪ ،‬وتقضي هذه األخيرة‪  ‬وجود عقد يربط الدائن والمدين في ظروف‬
‫عادية ومستقرة إال أنه أثناء التنفيذ تحدث ظروف طارئة – كما هو الشأن بالنسبة‬
‫لفيروس كورونا ‪-‬تؤثر على تنفيذ المدين للعقد وتجعله مرهقا له ‪ ،‬يترتب عليه اختالل‬
‫التوازن االقتصادي بين المتعاقدين ‪ .‬وباستقرائنا لمحتوى الفصل ‪ 230‬من ق إ ع الذي‬
‫نص فيه المشرع على أن ” االلتزامات التعاقدية المنشئة على وجه صحيح تقوم مقام‬
‫القانون بالنسبة إلى منشئيها ” وتبعا لذلك فنظرية الظروف الطارئة تعد خروجا عن‬
‫مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ‪ ،‬الذي يفرض أن العقد متى ما نشئ صحيح مستوفيا‬
‫أركانه وشروطه فليس ألحد من أطرافه أن يقوم بنقضه أو تعديله ولو من طرف سلطة‬
‫القضاء نفسه ‪ .‬ويطرح اإلشكال المرتبط بموضوع الدراسة أن المشرع المغربي لم ينظم‬
‫المقتضيات المتعلقة بالظروف الطارئة ‪ ،‬كما أنه لم نعتر على أحكام أو قرارات قضائية‬
‫تقر هذه النظرية ‪.‬‬

‫فكيف سيتعامل القضاء المغربي إذن مع نظرية الظروف الطارئة ؟‬

‫وهي إشكالية تتفرع عنها مجموعة من األسئلة من قبيل ‪:‬‬

‫ما أنواع مطالب الدائن للتمسك بتنفيذ العقد ؟‬

‫ما هي مطالب المدين للتمسك بالظروف الطارئة ؟‬

‫و كيف سيتعامل القاضي المدني مع هذه النظرية ؟‬

‫وهي أسئلة نجيب عنها في التصميم األتي ‪:‬‬

‫الفقرة األول ‪ :‬مطالب الدائن والمدين المرتبطة بالظروف الطارئة‬

‫الفقرة الثاني ‪ :‬سلطة القاضي في الحكم بإقرار نظرية الظروف‪  ‬بالظروف الطارئة‬

‫‪ ‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬مطالب الدائن والمدين المرتبطة بالظروف الطارئة‬

‫أن هذه الدعوى المرتبطة بالظروف الطارئة ال تقتصر فقط على المدين ‪ ،‬فالدعوى قد‬
‫تكون معروضة على القضاء من جانب الدائن الذي يتمسك بالمطالبة بتنفيذ العقد رغم‬
‫ما طرأ عليه من ظروف خارجة عن إرادة‪  ‬المتعاقد‪ ،‬ففي الحالتين معا فالدعوى تعرض‬
‫على القضاء ألول مرة إما من جانب المدين أو الدائن في االلتزام ويؤدي ‪ ‬تمسك‬
‫المدين بالظروف الطارئة وإثبات شروطها والمطالبة على إثرها من القضاء بتخفيض‬
‫قيمة االلتزام إلى الحد المعقول ‪ ،‬وضع القضاء أمام موقف محرج نظرا للغياب‬
‫التشريعي والسند القانوني إلقرارها ‪ .‬نتطرق في (أوال) لمطالب الدائن المرتبطة‬
‫بالظروف الطارئة ‪ ،‬على أن نتطرق في‪ (  ‬ثانيا ) لمطالب المدين‬
‫أوال ‪ :‬مطالب الدائن المرتبطة بالظروف الطارئة ‪ ‬‬

‫يتمسك الدائن الذي يطالب بتنفيذ العقد بمبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ سلطان اإلرادة‬

‫أ – مبدأ القوة الملزمة للعقد‬

‫ويقصد بهذا المبدأ أن ما اتفق عليه األطراف بمحض إرادتهم يلزمهم وال يمكن لهما بعد‬
‫ذلك التنصل من االلتزامات الملقاة عليهما بدعوى اإلرهاق في التنفيذ إال في حالة اتفقا‬
‫على ذلك أو في الحاالت المنصوص عليها قانونا ‪ ،‬وهذا ما نص عليه المشرع في‬
‫الفصل ‪ 230‬من ق إ ع المغربي ” االلتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم‬
‫مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها ‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في الحاالت‬
‫المنصوص عليها في القانون ” ومعنى ذلك أن العقد يلزم كال المتعاقدين بوجوب‬
‫احترام وتنفيذ ما تضمنه ‪ ،‬كما يجب على القاضي أن يلتزم بأحكامه ‪ ،‬ويمنع عليه أن‬
‫يغير في العقد ما قد يراه مخالفا ‪ ،‬فالعقد الذي يجمع المتعاقدين يعد بمثابة القانون‬
‫الواجب التطبيق عليهما والذي يمنعه من اللجوء إلى قواعد العدالة للمنع الصريح من‬
‫المشرع ‪ ،‬وبالتالي فاإلرادة هنا هي مناط القوة الملزمة للعقد وال يجوز المساس بها‬
‫مهما تغيرت الظروف ولو أصبحت معها هذه األخيرة مرهقة للمدين‬

‫ب –مبدأ سلطان اإلرادة‬

‫ويقصد بمبدأ سلطان اإلرادة أن اإلرادة وحدها كافية إلنشاء العقد والتصرف الشرعي‬
‫بوجه عام وهذا ما يعرف بقاعدة الرضائية في العقود[‪ ، ]3‬كما يقصد به أيضا حرية‬
‫اإلرادة في تحديد اآلثار المترتبة على العقد أو التصرف وهذا ما يعرف بقاعدة العقد‬
‫شريعة المتعاقدين [‪]4‬‬

‫ومبدأ سلطان اإلرادة يمنح األطراف الحق في إنشاء ما يشاؤون من العقود غير‬
‫مقيدين في ذلك بأنواع العقود التي نظمها المشرع في القانون المدني ( والتي يطلق‬
‫عليها العقود المسماة ) ‪ ،‬كما يكون لإلرادة األطراف الحرية في تحديد آثار العقد ‪ ،‬فال‬
‫تتقيد باآلثار التي يرتبها المشرع على عقد من العقود فقط ‪ ،‬وإنما يكون لها بما لها من‬
‫سلطان ‪ ،‬الحرية في تضييق هذه اآلثار أو توسيعها أو حذفها ‪ ،‬كما يكون لإلرادة الحرية‬
‫في تعديل آثار العقد بعد إبرامه ‪ ،‬وكذا الحق في إنهاء العقد[‪]5‬‬

‫ومن ثم فإن مبدأ سلطان اإلرادة ‪ ‬يقوم على عنصرين أساسيين في التعاقد هما ‪:‬‬

‫‪-‬عنصر الحرية ‪ :‬حيث تعد الحرية هي الركيزة األساسية في التعاقد ‪ ،‬بمعنى أن‬
‫اإلرادة الحرة تهيمن على جميع الحقوق وااللتزامات ‪ ،‬ومن ثم ال يلتزم أحد بعقد‬
‫لم يكن طرفا فيه كما ال يكتسب أحدأ حقا من عقد لم يشترك فيه ‪ ،‬والمقصود‬
‫باالرادة الحرة هي التي تكون قادرة على إبرام العقد بعد فحصه ودراسته دراسة‬
‫جيدة في ضوء مصلحة الطرفين والتوازن بين تلك المصالح دون ضغط أو إجبار‬
‫من أحد ‪ ،‬وبتحقيق مصلحة الطرفين تتحقق مصلحة المجتمع ‪ ،‬ألن مصلحة‬
‫المجتمع أو المصلحة العامة في المجتمع تتكون من مجموع المصالح الفردية‬
‫للمتعاقدين[‪]6‬‬

‫‪ -2‬عنصر المساواة ‪ :‬أن تحقيق المساواة المطلقة أمرا صعب تحقيقه وبالتالي فال يقصد‬
‫هنا بالمساواة الفعلية وليس المساواة القريبة من المساواة الحقيقية أو الفعلية أمام‬
‫القانون ‪ ،‬فالمساواة القانونية ال المساواة االقتصادية هي التي تكفل في النهاية تحقيق‬
‫المصلحة العامة ألن المصلحة الخاصة – وهي أساس المصلحة العامة – لن تتحقق إال‬
‫إذا اعتبر الناس متساوين أمام القانون في كافة عقودهم[‪]7‬‬

‫وهكذا فإن الدائن يتمسك بتنفيذ العقد في الدعوى المرفوعة أمام القضاء ‪ ،‬قاصدا من‬
‫ورائها الحيلولة دون تدخل القاضي بسلطته التقديرية إلسعاف المدين بتخفيض‬
‫التزامه المرهق رغم ما يشوبه من ظروف طارئة ‪.‬إال أنه مع ذلك فالمدين يتمسك بعد‬
‫إثبات شروط الظروف الطارئة بمطالبته التي يبقى للقضاء سلطة األخذ بها من عدمه‬

‫ثانيا ‪ :‬مطالب المدين في رفع الدعوى المرتبطة بالظروف الطارئة‬

‫إن إنصاف المدين عند رفع الدعوى يجب أن ينبني على أسس مقنعة للقضاء من األجل‬
‫األخذ بها ‪ ،‬ومن بين مطالب المدين نجد ‪:‬‬

‫أ – مبدأ استقرار األمن القضائي‬

‫إن لجوء المدين للقضاء يكون بالنظر للثقة المترسخة له عما تحظى به هذه المؤسسة‬
‫من أداة لتحقيق الحقوق بين األفراد وحمايتها ‪ ،‬وكذلك رغبة منه في‪  ‬استقرار‬
‫المعامالت التي تأثرت بسبب الجائحة المتعلقة بفيروس كورونا‪ ،‬فالمدين المكتري يجد‬
‫نفسه أمام إرهاق كبير في أداء أجرة الكراء بسبب الظروف االقتصادية التي أفقدته‬
‫عمله أو مدخوله اليومي ‪ ،‬فمن غير المعقول وال المقبول ترك المدين وحده يواجه‬
‫مصيره ويتحمل بمفرده نتائج تلك الظروف الغير متوقعة ‪ ،‬فيفترض في القضاء أن‬
‫يقوم بدوره بتكييف الوقائع القانونية وتحقيق التوازن المفترض في العقود‪ ،‬دون‬
‫إمكانية إجحاف طرف على األخر‬

‫ب –حماية استقرار المعامالت‬

‫إن المبالغة في التمسك بالقوة الملزمة للعقد من قبل القضاء يؤدي إلى التضحية بمبدأ‬
‫استقرار المعامالت ‪ ،‬دون مراعاة ما قد تتأثر به العالقات التعاقدية أثناء تنفيذها ‪،‬‬
‫فالعقد ال يجب أن يكون التوازن فيه حاضرا فقط أثناء التعاقد بل يجب أن يمتد ذلك‬
‫إلى حين التنفيذ ‪ ،‬كما أن القول بضرورة االلتزام بالتنفيذ من جانب المدين يؤدي الى‬
‫نتيجة حتمية ‪ ،‬وهي انقضاء االلتزام بعد التنفيذ الذي ال يرتضيه المدين ‪ ‬من القضاء ‪،‬‬
‫وبالتالي فالقاضي بطريقة غير مباشرة يساهم في ضرب استقرار المعامالت واألمن‬
‫القانوني بين األفراد والتشجيع على انحالل العقود ‪ ،‬دون اعتبار لما تشكله هذه العقود‬
‫في تنشيط الدورة االقتصادية داخل المجتمع ‪ ،‬باعتبارها‪  ‬الوسيلة الوحيدة‪  ‬لتداول‬
‫األموال والثروات وتبادل السلع والخدمات ومختلف المنافع بين األفراد‬
‫ج – مبادئ العدالة واالنصاف‬

‫يقصد بها تدخل القاضي من أجل إقرار اجتهاد ال نص فيه وذلك من خالل البحث‬
‫واالستقصاء في النازلة المعروضة عليه والحكم فيها بناء على قواعد العدالة واإلنصاف‬

‫إال أن اإلشكال الذي يواجه القاضي هنا أن اللجوء إلى هذه الوسيلة يكون في حالة‬
‫عدم وجود نص في المصادر األخرى للقانون دون أن ننسى أن المشرع منع بكيفية‬
‫صريحة تدخل القاضي من أجل خفض االلتزام المرهق للمدين ( الفصل ‪ 230‬من ق إ ع‬
‫)‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحكم الصادر في دعوى الظروف الطارئة‬

‫بعد تأكد القاضي في النازلة المعروضة عليه من أن جميع شروط الدعوى متوفرة وأن‬
‫المدين مرهق في تنفيذه لاللتزام بعد إثباته لشروط الظروف الطارئة فإن حكمه يكون‬
‫كاألتي ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬إلزام المدين بالتنفيذ‬

‫إن القاضي في ‪ ‬هذه الحالة ‪ ‬سيكون ‪ ‬أمام ‪ ‬تطبيق للنص القانوني ‪  ،‬والذي ينص على‬
‫القوة الملزمة للعقد دون إمكانية تدخله من أجل تخفيض قيمة االلتزام ولو تغيرت‬
‫الظروف التي تم إبرام العقد فيها‪  ‬بسبب جائحة كورونا ‪ ،‬فهو يستند إلى غياب السند‬
‫التشريعي ‪ ‬الذي يخوله ألخذ بنظرية الظروف الطارئة ‪ ،‬وهو األمر الذي ينص عليه‬
‫المشرع في الفصل ‪ 230‬من ق إ ع ” االلتزامات التعاقدية المنشئة على وجه صحيح‬
‫تقوم ‪ ‬مقام ‪ ‬القانون ‪ ‬بالنسبة ‪ ‬إلى منشئيها ‪ ،‬وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا أو في‬
‫الحاالت المنصوص عليها في القانون ”‪ .‬وفي هذا الصدد بالذات ‪ ،‬فإن مختلف المحاكم‬
‫المغربية في عموميتها تمیز تمييزا واضحا فيما يخص عدم تنفيذ االلتزامات التعاقدية‬
‫‪ ،‬بين االستحالة المطلقة التي تعترض تنفيذ العقد ومجرد الصعوبة المادية أو‬
‫االقتصادية ‪ ،‬فتقضي بانقضاء العقد في الحالة األولى تطبيقا ألحكام القوة القاهرة ‪،‬‬
‫وتقضي بوجوب تنفيذه في الحالة الثانية ‪ ،‬تطبيقا للعقد واستبعاد نظرية الظروف‬
‫الطارئة[‪ ، ]8‬وهكذا جاء في قرار لمحكمة االستئناف بالرباط [‪” ]9‬ال يجوز تعطيل القوة‬
‫الملزمة للعقد بدعوى أن االلتزامات الناتجة عنه قد أصبحت باهضة التكاليف نتيجة‬
‫لظروف استثنائية غير متوقعة ‪ . ”..‬وبما أنه من الممكن أن يتحايل قاضي الموضوع‬
‫على أحكام القانون للوقوف إلى جانب المدين الذي تعترضه ظروف مادية أو‬
‫اقتصادية جد صعبة أثناء تنفيذه اللتزاماته العقدية ‪ ،‬عن طريق إعمال قواعد التفسير‬
‫أو التأويل لتغيير مضمون العقد بكيفية يحتمل معها تطبيق نظرية الظروف الطارئة ‪،‬‬
‫فقد قرر المجلس األعلى ‪ ،‬انطالقا من مقتضيات الفصل [‪ 461]10‬من قانون‬
‫االلتزامات والعقود ” اليكون هناك محل للتفسير عندما تكون عبارات العقد واضحة …‬
‫»[‪ ،]11‬وفي قرار آخر ”إذا كان بإمكان قاضي الموضوع تفسير العقود التي حررها‬
‫األطراف ‪ ،‬فإنه ال يستطيع تحت ستار التفسير تحریف بنودها الواضحة والصريحة …‬
‫”[‪ ]12‬للوصول إلى غايات أخرى ال تتضمنها اإلرادة المشتركة للمتعاقدين‬
‫وتجب اإلشارة أن المدين بإمكانه إضافة طلب إضافي للطلب األصلي من أجل منحه‬
‫مهلة للميسرة باعتبار أن هذه األخيرة تعد طلب مكمل للطلب األصلي ‪ ،‬وقد نص‬
‫المشرع على على هذه المهلة القضائية في الفصل ‪ ‬في الفقرة الثانية من الفصل ‪243‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع والذي ينص على أن” ومع ذلك‪ ،‬يسوغ للقضاة‪ ،‬مراعاة منهم لمركز المدين‪،‬‬
‫ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق‪ ،‬أن يمنحوه آجاال معتدلة للوفاء‪ ،‬وأن‬
‫يوقفوا إجراءات المطالبة‪ ،‬مع إبقاء األشياء على حالها”‪ ،‬وبذلك فالمشرع منح القضاء‬
‫سلطة تقديرية في منح مهلة الميسرة من عدمه ‪.‬‬

‫وتعد مهلة الميسرة تطبيقا يقترب من نظرية الظروف الطارئة ‪ ،‬فالمدين الذي يرى‬
‫نفسه أن الحكم لن يصدر في صالحه فيمكنه اللجوء الى هذه المكنة من أجل طلب‬
‫أجل للوفاء بإلتزامه ‪ ،‬وهو ما يحسب للمشرع المغربي بتنظيمه لهذه المؤسسة التي‬
‫سيكون وقعها كبيرا خصوصا في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها المغرب ‪ ،‬آخذا‬
‫بمبدأ الموازنة بين مبدأ استقرار المعامالت ‪ ‬والموازنة بين مصلحة الدائن و المدين‬
‫الذي اعترضه ظرف طارئ خارج عن إرادته حال بينه وبين تنفيذ االلتزام داخل األجل‬
‫المتفق عليه‪ ،‬وبالتالي فإن مسالة تقدير منح األجل من عدمه هي مسألة واقع يستقل‬
‫بها القضاة بناء على سلطتهم التقديرية ‪ ،‬وقد صدر بهذا الصدد قرار عن المجلس‬
‫األعلى جاء فيه”ليس هناك ما يلزم محكمة الموضوع أن تمكن المكتري الذي لم ينفذ‬
‫التزامه من مهلة الميسرة”[‪]13‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الحكم بإقرار نظرية الظروف الطارئة‬

‫إن القاضي في هذه الحالة سيخرج عن التطبيق الحرفي لنص الفصل ‪ 230‬من قانون‬
‫االلتزامات‪  ‬والعقود ‪ ،‬وذلك من خالل إعماله لسلطته التقديرية والحكم بتخفيض‬
‫االلتزام إلى حدوده المعقولة ‪ ،‬وهو ما يعد أمر خارج عن اختصاصه وعن المبادئ‪ ‬‬
‫المعمول بها في المغرب وهي مبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ سلطان اإلرادة‬

‫إن استجابة القضاء تدل على سعيه من أجل تحقيق العدالة التعاقدية واستقرار‬
‫المعامالت في هذه الظرفية االستثنائية التي تمر بها البالد ‪ ،‬فهو تعبير واضح عن‬
‫سلطة المالئمة المطلقة التي يتمتع بها دون حاجته إلى االلتزام بالنصوص التشريعية ‪،‬‬
‫فاالنطالقة دائما ما تكون من القضاء من خالل اجتهاداته القضائية التي تعمل محكمة‬
‫النقض على إقرارها دون إلزام باقي المحاكم بها ‪ ،‬قبل أن يتدخل المشرع من أجل‬
‫تنظيم هذه النظرية ‪ ،‬فال بد أن يأخد القضاء المبادرة ما دام أن الدور يبقى على‬
‫محكمة النقض إما بإقرار هذه النظرية أو الطعن في القرار وإلزام المدين بالتنفيذ‬

‫ويجب اإلشارة أن هذه السلطة التقديرية التي استعملها قاضي الموضوع تعد سلطة‬
‫غير مبنية على أساس ولو كان يستند فيها على قواعد العدالة واإلنصاف ‪ ،‬باعتبار أن‬
‫هذه األخيرة ال يتم اللجوء إليها إال في حالة غياب النص القانوني والحال أننا أمام نص‬
‫صريح يمنع القاضي بالتدخل لتعديل العقد بين األطراف[‪ ، ]14‬وبالتالي فالقاضي يعد‬
‫متجاوزا‪  ‬الختصاصه ‪ ،‬فالسلطة التقريرية تخول له بناء على نص صريح من المشرع ‪،‬‬
‫وهو األمر الغير متوفر في التشريع المدني المغربي ما دام أن الظروف الطارئة لم يتم‬
‫تنظيمها بعد ‪ ،‬وهكذا فإن القول بهذا األمر يؤدي إلى نتيجة حتمية وهي إمكانية الطعن‬
‫في الحكم الصادر من القاضي باالستئناف أو النقض حسب األحوال‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫إن الغياب التشريعي و القضائي لنظرية الظروف الطارئة سيؤثر بال شك على جميع‬
‫العقود المستمرة التنفيذ خالل هذه الجائحة فالظروف الطارئة هي األخت التوأم للقوة‬
‫القاهرة فال يمكن االكتفاء بتنظيم أحداهما عن األخرى ‪ ،‬كما أن هذه الظرفية‬
‫االستثنائية التي تمر بها البالد شهدت ارتفاع في عدد النزاعات ‪ ‬المتعلقة بتنفيذ العقود‬
‫والتي ‪ ‬ستصطدم بغياب تنظيم محكم لهذه النظرية من قبل المشرع المغربي ‪.‬وهو ما‬
‫نأمل معه من القضاء المغربي أن يتبنى هذه النظرية ويخرجها إلى حيز التطبيق ضغطا‬
‫منه على المشرع للعمل على تنظيمها بنصوص خاصة ‪ ،‬فحتى لو‪  ‬قلنا أن المشرع‬
‫يتمسك بالقوة الملزمة للعقد فإن ذلك ال يغني عن إقرار توازن كما فعلت عدة تشريعات‬
‫أجنبية التي ألزمت المدين بالتنفيذ ‪ ‬مع إ مكانية إثارته للظروف الطارئة‬

‫[‪  ]1‬فيروس أطلق عليه هذا االسم ألول مرة جائحة‪”  ‬كوفيد‪” 19-‬والمعروفة أيضا‬
‫باسم جائحة فيروس كورونا‪ ،‬وهي جائحة عالمية مستمرة حالًي ا ‪ ،‬سببها فيروس‬
‫كورونا‪  ‬المرتبط بالمتالزمة التنفسية الحادة الشديدة سارس ‪ ،‬وقد تفشى المرض للمرة‬
‫األولى في مدينة ووهان الصينية في أوائل شهر ديسمبر عام ‪ ،2019‬وقد تم تسجيل‬
‫أول إصابة بالمغرب بتاريخ ‪ 02‬مارس ‪2020‬‬

‫[‪  ]2‬مرسوم بقانون رقم ‪ 292.20.2‬المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ‬
‫الصحية وإجراءات اإلعالن عنها الصادر في ‪ 28‬من رجب ‪ 1441‬الموافق ل ‪ 23‬مارس‬
‫‪ 2020‬الجريدة الرسمية عدد ‪6867‬‬

‫[‪  ]3‬وليد صالح مرسي رمضان ‪.‬القوة الملزمة للعقد –دراسة مقارنة – دار الجامعة‬
‫الجديدة االسكندرية ‪2009‬ص‪51‬‬

‫[‪ ]4‬رمضان محمد أبو السعود ‪ .‬مبادئ اإللتزام في القانون المصري واللبناني ‪.‬الدار‬
‫الجامعة –القاهرة سنة ‪ 1984‬ص ‪27‬‬

‫[‪  ]5‬رمضان محمد أبو السعود ‪ .‬مبادئ اإللتزام في القانون المصري واللبناني ‪.‬نفس‬
‫المرجع أعاله ‪.‬ص ‪25‬‬

‫[‪ ]6‬عبد الرزاق السنهوري ‪.‬نظرية العقد ‪.‬الجزء األول ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص ‪ 99‬وما‬
‫[‪  ]6‬عبد الرزاق السنهوري ‪.‬نظرية العقد ‪.‬الجزء األول ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص ‪ 99‬وما‬
‫بعدها‬

‫[‪ ]7‬القاضي حلمي بهجت بدوي ‪.‬أصول االلتزامات ‪.‬الكتاب األول ‪.‬نظرية العقد ‪.‬مطبعة‬
‫نوري القاهرة ‪.‬سنة ‪ 1943‬م ص ‪66‬‬

‫[‪  ]8‬محمد الكشبور ‪.‬نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة ‪.‬دون ذكر‬
‫المطبعة ‪.‬الطبعة األولى ‪ 1413‬الموافق ل ‪ 1993‬ص‪165‬‬

‫[‪  ]9‬قرار ‪ 13‬يناير ‪ 1950‬أورده الدكتور محمد الكشبور في كتابه نظام التعاقد‬
‫ونظريتا القوة القاهرة والظروف الطارئة‪  ‬ص ‪165‬‬

‫[‪  ]10‬ينص هذا الفصل على أنه ‪:‬‬

‫”إذا كانت ألفاظ العقد صريحة إمتنع البحث عن قصد صاحبها ”‬

‫[‪  ]11‬قرار بتاريخ ‪ 10‬يوليوز ‪ 1962‬منشور بالمجلة المغربية للقانون ‪RMD 1963‬‬
‫ص ‪ 169‬وما يليها‬

‫[‪  ]12‬قرار بتاريخ ‪ 26‬مارس ‪ 1964‬منشور بالمجلة المغربية للقانون ‪RMD 1964‬‬
‫ص ‪ 249‬ومايليها‬

‫[‪   ]13‬قرار المجلس األعلى بتاريخ ‪ 1969/12/17‬ملف عدد‪ 850/06‬منشور بمجلة‬


‫االجتهاد القضائي عدد ‪ 1‬ص ‪237‬‬

‫[‪  ]14‬الفصل ‪ 230‬من ق إ ع‬

You might also like