You are on page 1of 5

‫السنة األولى المجموعة السادسة‬ ‫دروس في نظرية القانون‬ ‫د‪.

‬سعاد بوختالة‬

‫ثانيا‪ :‬خصائص القاعدة القانونية‬


‫القانون هو مجموعة القواعد المنظمة لسلوك األفراد و عالقاتهم داخل المجتمع‬
‫و المقترنة بجزاء يكفل احترامها‪ ,‬توقعه السلطة المختصة في الدولة على من يخالف ما‬
‫تقضي به قواعده من سلوك واجب االتباع‪.‬‬
‫يتبين من التعريف السابق للقاعدة القانونية خصائصها الجوهرية و التي تتميز بها هذه‬
‫األخيرة و هي ثالثة‪:‬‬
‫‪ -‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعي‪.‬‬
‫‪ -‬القاعدة القانونية قاعدة عامة و مجردة‪.‬‬
‫‪ -‬القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‪.‬‬
‫القاعدة القانونية قاعدة سلوك اجتماعي‪.‬‬ ‫‪.I‬‬
‫وجد القانون لتنظيم عالقات الناس بعضهم ببعض باعتبارهم أعضاء في جماعة واحدة‪,‬‬
‫و المجتمع المقصود بهذا المعنى هو المجتمع المنظم الذي توجد فيه سلطة تكون لها السيادة‬
‫على أفراده و يكون لها إجبارهم على طاعة أحكام القانون‪.‬‬
‫و القاعدة القانونية باعتبارها قاعدة سلوك اجتماعي تنصرف إلى األشخاص دون‬
‫غيرهم‪ ,‬سواء كانوا اشخاص طبيعيين أو أشخاص معنويين‪ ,‬و هي قاعدة تكليفية بمعنى أنها‬
‫تنطوي سواء على أمر أو نهي أو إباحة‪ ,‬ألجل تنظيم سلوكهم في المجتمع‪ ,‬فهي ال تقتصر‬
‫النصح و الترغيب‪ ,‬و من األمثلة عن القواعد القانونية التي تتضمن أم اًر باتباع‬
‫على مجرد ّ‬
‫سلوك معين المادة ‪ 1/107‬من التقنين المدني الجزائري إذ تنص على ما يلي ‪":‬يجب تنفيذ‬
‫العقد طبقاً لما اشتمل عليه و بحسن نية‪".‬‬
‫و من تلك التي تتضمن نهياً عن إتيان سلوك معين نص المادة ‪ 411‬مدني التي‬
‫تنص‪ " :‬ال يجوز للسماسرة و ال للخبراء أن يشتروا األموال المعهودة إليهم ببيعها أو‬
‫تقدير قيمتها سواء بأنفسهم مباشرة أو باسم مستعار‪".‬‬
‫معين ما نصت عليه المادة‬
‫أما من أمثلة القواعد القانونية التي تتضمن إباحة سلوك ّ‬
‫ّ‬
‫‪ 81‬مدني جزائري بقولها‪ " :‬يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد أن‬
‫يطلب إبطاله‪".‬‬
‫السنة األولى المجموعة السادسة‬ ‫دروس في نظرية القانون‬ ‫د‪.‬سعاد بوختالة‬

‫فالقاعدة القانونية إذن هي قاعدة تقويمية‪ ,‬ألنها تضع قواعد لتحديد ما يجب أن يكون‬
‫عليه سلوك األفراد في المجتمع ال بما هو عليه فعال هذا السلوك‪.‬‬
‫القاعدة القانونية قاعدة عامة و مجردة‪.‬‬ ‫‪.II‬‬
‫تتحقق صفة العمومية و التجريد في القاعدة القانونية إذا كان الخطاب موجها إلى‬
‫األشخاص بصفاتهم ال بذواتهم‪ ,‬كما يتناول الوقائع و التصرفات بشروطها‪ ,‬فإذا تحقق الشرط‬
‫أو الصفة طبقت القاعدة القانونية‪.‬‬
‫‪ .1‬المقصود بالتجريد في القاعدة القانونية‪.‬‬
‫يراد بالتجريد في القاعدة القانونية خضوع الوقائع المتماثلة أو األشخاص المتواجدين في‬
‫ظروف متطابقة لنفس القواعد القانونية‪ ,‬و يتعّلق التجريد بصياغة القاعدة القانونية فهي‬
‫أن‬
‫محددة‪ ,‬بمعنى ّ‬
‫معين ال يرتبط بشخص أو واقعة ّ‬‫تتعلق منذ نشأتها بمركز أو وضع ّ‬
‫صياغتها تخلو من الصفات و الشروط الخاصة التي تؤدي إلى تطبيقها على شخص معين‬
‫بذاته أو على واقعة محددة بقيمتها‪.‬‬
‫و هدف المشرع من صياغة القاعدة القانونية صياغة مجردة هو تحقيق المساواة‬
‫و يكون ذلك عن طريق االعتداد بالوضع الغالب في المجتمع‪ ,‬حيث تقوم هذه المساواة على‬
‫أساس العدل ‪ La justice‬الذي يؤخذ فيه بالوضع الغالب بالنسبة لجميع األشخاص‪ ,‬فمثال‬
‫سن الرشد ب ‪ 19‬سنة كاملة بمقتضى المادة ‪ 40‬من التقنين‬
‫تحدد ّ‬
‫عند صياغة القاعدة التي ّ‬
‫سن النضج العقلي على أساس الوضع الغالب‬ ‫المدني الجزائري‪ ,‬راعى فيها المشرع متوسط ّ‬
‫في المجتمع الجزائري‪ ,‬مع ّأنه قد تكون هناك فئة من ّ‬
‫الناس تبلغ النضج العقلي قبل بلوغ هذه‬
‫النضج الكافي إالّ بعد مضي‬‫السن‪ ,‬كما قد تكون هناك فئة أخرى من الناس ال يتوفر لها ّ‬
‫كل شخص‬ ‫السن‪ ,‬و لو ترك المشرع للقاضي تحديد سن الرشد حسب حالة ّ‬ ‫مدة من بلوغ هذه ّ‬
‫على حدا ّلدى ذلك إلى عدم االستقرار في المجتمع و بالتالي عدم الثقة في القواعد القانونية‬
‫و قدرتها على تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع‪.‬‬
‫‪ .2‬المقصود بعمومية القاعدة القانونية‪.‬‬
‫تكون القاعدة القانونية عامة من حيث تطبيقها فهي توجه خطابها إلى األشخاص‬
‫أن‬
‫بصفاتهم ال بذواتهم و هي أيضا عامة من حيث الوقائع و العالقات التي تنظمها بحيث ّ‬
‫بتكرر الحاالت المماثلة‪.‬‬
‫يتكرر ّ‬
‫تطبيقها ّ‬
‫السنة األولى المجموعة السادسة‬ ‫دروس في نظرية القانون‬ ‫د‪.‬سعاد بوختالة‬

‫سبب ضر اًر للغير ليتفادى ضر اًر أكبر محدقا به أو‬


‫بأن "من ّ‬
‫فالقاعدة التي تقضي ّ‬
‫بغيره‪ ,‬ال يكون ملزماً إالّ بالتعويض الذي يراه القاضي مناسباً" (المادة ‪ 130‬مدني) تخاطب‬
‫كل من تتوفر فيه صفة من تسبب في ضرر للغير بغرض تفادي ضرر أكبر محدق به أو‬
‫ّ‬
‫بغيره‪ ,‬فالعبرة بتوافر الصفة في الشخص ال بالشخص ذاته‪ ,‬فهي إذن عامة من حيث‬
‫تطبيقها‪.‬‬
‫و تبقى القاعدة القانونية عامة و لو كان الخطاب موجها لفئة معينة من األشخاص‬
‫كالتجار و المحامين و القضاة ‪.....‬إلخ‪ ,‬بل هي قاعدة عامة و لو كان خطابها موجها إلى‬
‫شخص واحد كأن تخاطب رئيس الجمهورية مثال ألنها تخاطبه بصفته ال بذاته‪ ,‬وهذه الصفة‬
‫تعني كل من توّلى هذا المنصب أو سيتواله في المستقبل‪.‬‬
‫عدة أشخاص و لكنهم معينين بذواتهم‬
‫يخص شخصا واحدا أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما إذا كان الخطاب‬‫ّ‬
‫كالقرار الذي يعين موظفاً‪ ,‬فإنه ليس قاعدة قانونية لعدم توفر خاصية أو صفة العمومية فيه‪.‬‬
‫القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‪.‬‬ ‫‪.III‬‬
‫يراد بكون القاعدة القانونية قاعدة ملزمة ‪ obligatoire‬أن يكون لها جزاء مادي توقعه‬
‫السلطة العامة جب ار على من يخالفها‪ ,‬فهدف القانون هو إقامة النظام في المجتمع و كفالة‬
‫األمن فيه‪ ,‬و لكن و لضمان احترام القاعدة القانونية يجب أن تقترن هذه األخيرة بجزاء مادي‬
‫رادع‪ ,‬حيث تكون هناك سلطة عامة تقوم على احترام هذه القاعدة فتتولى توقيع الجزاء على‬
‫المخالف بما لها من قوة القهر و اإلجبار‪.‬‬
‫أن اإللزام في القاعدة القانونية ال يتصور وجوده ما لم تقترن هذه األخيرة‬
‫و هذا معناه ّ‬
‫بجزاء يوقع على الشخص الذي يخالف األمر الوارد بها‪ ،‬فالجزاء واإللزام الزمان لوجود قاعدة‬
‫السلوك سواء تعلق األمر بالقاعدة القانونية أو بقواعد السلوك األخرى ‪.‬‬
‫و لكن ما يميز قواعد القانون عن قواعد السلوك األخرى هو طبيعة هذا الجزاء فبينما‬
‫يتمثل في هذه األخيرة في استنكار المجتمع أو غضب الرأي العام‪ ,‬فإن الجزاء في قواعد‬
‫القانون يتمثل دائما في وسيلة من وسائل القهر التي تباشرها السلطة العامة في المجتمع‬
‫وهي سلطة الدولة‪.‬‬
‫نتعرف فيما يلي على خصائص الجزاء المميز للقاعدة القانونية و أنواعه ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬خصائص الجزاء‪:‬‬
‫السنة األولى المجموعة السادسة‬ ‫دروس في نظرية القانون‬ ‫د‪.‬سعاد بوختالة‬

‫‪ )1‬أنه جزاء مادي محسوس‪ :‬بمعنى أنه يتخذ مظه ار خارجيا يقوم على اإلجبار الذي‬
‫تباشره السلطة العامة بالقوة المادية‪.‬‬
‫‪ )2‬أنه جزاء حال غير مؤجل‪ :‬فهو يوقع بمجرد ثبوت مخالفة القاعدة القانونية حال حياة‬
‫المخالف‪.‬‬
‫‪ )3‬أنه جزاء توقعه السلطة العامة‪ :‬بمعنى أن هذا الجزاء تختص بتوقيعه السلطة العامة‬
‫في المجتمع و باسمه عن طريق القوة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الجزاء‪.‬‬
‫تقسيم الجزاء من حيث طبيعته‬ ‫‪.I‬‬
‫‪ )1‬الجزاء عقاب‪ :‬يتخذ الجزاء صورة العقوبة عندما يزيد مقداره بكثير عن الضرر‬
‫الحاصل‪ ،‬فهو ال يتناسب بتاتا مع الضرر فالعبرة في الجزاء العقابي هي االنتقام من‬
‫الشخص الذي خالف القاعدة القانونية من جهة والردع لغيره من الناس من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬
‫‪ )2‬الجزاء إصالح‪ :‬يعد الجزاء اصالحا إذا كان مناسبا للضرر المسبب نتيجة لمخالفة‬
‫القاعدة القانونية بمعنى أن الجزاء هنا يساوي الضرر‪ ،‬ويكون الهدف منه إصالح‬
‫ومحو الضرر الناتج عن مخالفة قاعدة قانونية‪ ,‬كإلزام البائع بتسليم المبيع أو عن‬
‫طريق التعويض‪.‬‬
‫‪ )3‬الجزاء مزايا‪ :‬لقد سايرت فكرة الجزاء التطور الذي عرفه المجتمع حيث لم يعد العقاب‬
‫الشكل المفضل لبعث األفراد على احترام القانون‪ ,‬فبدل توقيع الجزاء بصورة سلبية‬
‫أصبح يطبق بطريقة إيجابية حيث يستفيد الفرد من مزايا عند تطبيقه للقواعد القانونية‬
‫كإعفائه من الرسوم الضريبية أو االستفادة من إعانات الدولة‪.‬‬
‫تقسيم الجزاء من حيث مجاله‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ )1‬الجزاء الجنائي‪ :‬وهو ذلك الذي يوقع على مخالفة قاعدة من قواعد القانون الجنائي‬
‫وهو أشد أنواع الجزاء‪ ،‬وينقسم إلى نوعين‪:‬‬
‫‪ -‬عقوبات جسدية أو بدنية‪ :‬تتمثل في اإلعدام والسجن المؤبد أو المؤقت والحبس‪.‬‬
‫‪ -‬عقوبات مالية‪ :‬و التي تسمى بالغ ارمات وهي مبلغ مالي يدفعه المحكوم عليه جزائيا‬
‫للخزينة العمومية‪.‬‬
‫السنة األولى المجموعة السادسة‬ ‫دروس في نظرية القانون‬ ‫د‪.‬سعاد بوختالة‬

‫‪ )2‬الجزاء المدني‪ :‬هو الجزاء الذي يترتب على مخالفة قاعدة من قواعد القانون المدني‬
‫يرمي إلى جبر الضرر الذي لحق المضرور‪ ،‬فقد يكون جبر هذا الضرر عينا فيلزم‬
‫المدين بتنفيذ عين ما التزم به بمختلف الطرق القانونية أو الحكم عليه بتعويضات‬
‫و قد يتمثل كذلك في بطالن التصرفات القانونية و عدم نفاذها‪.‬‬
‫‪ )3‬الجزاء اإلداري‪ :‬وهو الجزاء المترتب على مخالفة قاعدة من قواعد القانون اإلداري‬
‫ومن صوره ما يشبه الجزاء المدني كبطالن القرار اإلداري أو عدم نفاذه في مواجهة‬
‫شخص معين‪.‬‬
‫‪ )4‬الجزاء التأديبي‪ :‬و هو جزاء ذو طابع عقابي يتمثل في العقوبة التي يسلطها رب‬
‫العمل على العامل أو الموظف الذي خالف قواعد العمل كالفصل والتوبيخ ‪...‬إلخ‬
‫ويتميز بأنه يوقع من طرف السلطة اإلدارية و ليس من طرف السلطة القضائية‪.‬‬
‫‪ )5‬الجزاء السياسي‪ :‬وهو ذلك الذي يوقع على الدولة باعتبارها عضوا في المجتمع‬
‫الدولي‪ ،‬قد يتمثل في استعمال القوة العسكرية و الحصار االقتصادي أو السياسي‬
‫أو قطع العالقات الديبلوماسية‪...‬إلخ‪.‬‬

You might also like