You are on page 1of 14

‫المطلب الثاني ‪ :‬خصائص القاعدة القانونية و أنواعها و تمييز القانون عن قواعد السلوك‬

‫االجتماعي‬

‫‪1‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬خصائص و أنواع القاعدة القانونية‬

‫القانون ‪ -‬كما سبق القول ‪ -‬هو مجموعة القواعد ال''تي تنظم الرواب''ط االجتماعي''ة وتق''وم على‬
‫احترامه'ا س'لطة عام'ة توق'ع الج'زاء على من يخالفه'ا ‪ .‬فالقاع'دة القانوني'ة هي الوح'دة ال'تي‬
‫يتك''ون منه''ا الق''انون في مجموع''ه ‪ ،‬وهي من واق''ع التعري''ف الس''ابق ‪ ،‬تتم''يز بأنه''ا قاع''دة‬
‫اجتماعية ‪ ،‬تتصف بالعموم والتجريد ‪ ،‬كما تنظم سلوك األفراد‪ ،‬وهي ملزمة للمخاطبين به''ا ‪.‬‬
‫ونتناول هذه الخصائص بشيء من التفصيل ‪:‬‬
‫خصائص القاعدة القانونية‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫أوال ‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية‬
‫وظيفة القانون هي تنظيم الروابط اإلجتماعية فال ق''انون إال حيث يوج''د مجتم''ع ألن اإلنس''ان‬
‫المنفرد على فرض وجوده ال يمكن أن يكون ل''ه عالق''ات م''ع غ''يره من الن''اس ثم إن الص''فة‬
‫االجتماعية لقواعد القانون ال تهم وعالقاته بافراده‪ ،‬ولذلك فالقانون ال ينظم من االنسان س''وى‬
‫سلوكه الخ''ارجي ‪ .‬والق''انون في تنظيم''ه ألعم''ال الن''اس وعالق''اتهم ال يتن''اول منه''ا إال ق''درا‬
‫معينا‪ ،‬فهو ال يتعرض لواجب االنسان نحو ربه أي عالقته بخالق''ه‪ ،‬وال بواجب''ه نح''و نفس''ه ‪،‬‬
‫كذلك ال يتعرض لبعض واجبات االنسان نحو الغير بل يترك االهتمام بها وتنظيمها إلى الدين‬
‫واالخالق ‪ .‬أي أن القانون ال ينفرد بتنظيم عالقات الن''اس في المجتم''ع‪ ،‬ب''ل تش''اركه في ذل''ك‬
‫قواع''د ال''دين وقواع''د االخالق ‪ .‬ي''ترتب على ك''ون القاع''دة اجتماعي''ة أن يتخص''ص الق''انون‬
‫بالمكان والزمان فالقانون مرأة للبيئة التي ينطبق عليها ‪ ،‬حيث يستجيب لظروفها وحاجياتها ‪،‬‬
‫فالقوانين تختلف باختالف المكان وتتطور في المجتم''ع الواح''د بتط''ور ال''زمن‪ ،‬فهي تت''ورفي‬
‫المجتمع حتى تستجيب لحاجياته الجديدة وتس''اير اتجاهات''ه المس''تحدثة ‪ ،‬ومن أج''ل ه''ذا ن''رى‬
‫المشرع يتدخل من وقت إلى آخر ‪ ،‬فيعدل القانون القائم أو يغير فيه بم''ا يتالءم م''ع الظ''روف‬
‫الجديدة في المجتمع إن االنظمة القانونية باعتبارها نتاجا فكريا تعكس أوض''اع االزم''ان ال''تي‬
‫تنبت فيها ‪ ،‬وال يصح فصلها عن الظروف االجتماعية المالبسة لنشأتها ‪ .‬إن الق''انون ال يمكن‬
‫‪ 1‬ذ‪ .‬الطيِّب الفصايلي ‪ ،‬المدخل لدراسة القانون ‪ ،‬نظرية القانون – نظرية الحق ‪ ،‬صفحة ‪١٥‬‬
‫‪ 2‬ذ ‪ .‬المحامي محمد نعمان ‪ :‬موجز المدخل للقانون ‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ 1975‬من ‪ 20‬و ‪ ،21‬د‪ .‬رأفت فخري محاضرات في القانون‬
‫المؤسسة المصرية ‪ . 1989‬ص ‪ 11‬و ‪12‬‬
‫أن ينظ''ر إلي''ه باعتب''اره وح''دة ذات كي''ان مس''تقل ق''ائم بذات''ه ب''ل يجب أن ي''درس من خالل‬
‫الظروف االجتماعية التي يظهر فيها والدور ال''ذي يق''وم ب''ه هن''اك ‪.‬وإال كي''ف نفس''ر في ظ''ل‬
‫القرن العشيرن تباين النظم االجتماعية والقانوني''ة من ش''عب إلى ش''عب فمثال ‪ ،‬يختل''ف نظ''ام‬
‫االسرة بين تع''دد الزوج''ات أو االقتص''ار على زوج''ة واح''دة ‪ ،‬وإباح''ة الطالق أو تحريم''ه ‪،‬‬
‫وإقرار نظ''ام المه''ر أو نفي''ة ‪ ،‬ه''ل يمكن إيض''اح ه''ذا التب''اين في االنظم''ة دون الرج''وع إلى‬
‫الظروف االجتماعية لكل شعب من الشعوب ؟‬
‫يتضح من ذلك أن الق''انون ل''ه عالق''ة وطي''دة ب''المجتمع ‪ ،‬وال يتص''ور كم''ا س''بقت المالحظ''ة‬
‫وجود قانون بدون مجتمع كما أنه لم يتبت عمليا وجود مجتمع يخلو من القواعد القانونية ول''و‬
‫ك''انت في ش''كل قواع''د عرفي''ة أو ديني''ة أو اخالقي''ة ‪ .‬فالقاع''دة القانوني''ة تعت''بر بح''ق قاع''دة‬
‫اجتماعية ويعبر عن ذلك التالزم بين القانون والمجتمع والمجتمع ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ثانيا‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة عامة و مجردة‬
‫القاع''دة القانوني''ة باعتباره''ا الخلي''ة األساس''ية في الق''انون م''ا هي إال الحط''اب موج''ه إلى‬
‫االشخاص ‪ ،‬بصفة عامة ومجردة‪ .‬فهي ال توجه إلى شخص معين بذاته وال إلى واقعة معين''ة‬
‫بذاتها ‪ ،‬وإنما يتعين الشخص أو االشخاص وكذلك الوق''ائع باألوص''اف والش''روط ‪ ،‬فالقاع''دة‬
‫القانوني''ة تنطب''ق إذا ت''وافر في الش''خص أو في الوقاع''ة ش''روط معين''ة أو أوص''اف معين''ة‬
‫وينصرف حكمها بالتالي إلى كل شخص أو واقعة تتحقق فيهما هذه األوصاف والشروط ‪.‬‬
‫وتطبيقا لذلك يعد قاعدة قانونية عامة ومجردة النص الذي يقرر أن ك''ل فع''ل ارتكب''ه االنس''ان‬
‫عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا للغير التزم مرتكبه بالتعويض‬
‫(الفصل ‪ 77‬من قانون االلتزامات والمعقود ) ‪ ،‬وكذلك القاعدة التي تقرر أهلية االنسان ببلوغ‬
‫الشخص س''ن الرش''د عن''دما يبل''غ ‪ 20‬س''نة شمس''ية كامل''ة (الفص''ل ‪137‬من مدون''ة االح''وال‬
‫الشخصية ) ‪.‬‬
‫وكذلك القاعدة التي تقرر كل من قتل نفسا عم''دا م''ع س''بق اإلص''رار والترص''د يع''اقب بأش''د‬
‫العقوبات وهي االعدام ( الفصل ‪ 393‬من القانون الجنائي )‪.‬‬

‫‪ 3‬أنظر في هذا عبد الرزاق حسن فرج ‪ :‬المدخل للعلوم القانونية الجزء األول ‪ 1974 ،‬ص ‪ 13‬عبد السالم علي المزوغي ‪ :‬النظرية العامة لعلم‬
‫القانون ‪ ،‬الجزء االول ‪ ،‬ص ‪ . 35‬عبد المنعم فرج الصدة‪ ،‬المرجع السابق فقرة ‪. ١١‬‬
‫ففي مثل هذه القواعد القانوني''ة يتجلى التجري''د والعم''وم في أن أحك''ام ه''ذه القواع''د ال تقص''د‬
‫بشكل مسبق شخصا بذاته لكي تسري عليه‪ ،‬ولكنها تقصد أي شخص يقع تحت طائلتها ‪ .‬فك''ل‬
‫من يسبب ضرارا للغير نتيجة خطئه ‪ ،‬وكل من يبلغ سن ‪ 21‬سنة‪ ،‬وكل من يقت''ل نفس''ا عم''دا‬
‫مع سبق االصرار' والترصد كائنا من كان تسري عليه أحكام تلك القواع''د ‪ .‬وعلى العكس من‬
‫ذلك ال تعتبر قواعد قانونية عامة ومجرد القرارات الصادرة بمنح الرتب أو االلقاب أو بتعيين‬
‫الموظفين أو تلك التي تقضي بنزع ملكية أرض معينة للمنفعة العامة‪.‬‬
‫على أن خاص''ية العم''وم والتجري''د ه''ذه ال تح''ول دون اعتب''ار بعض القواع''د ال''تي يقتص''ر‬
‫تطبيقها على طائفة بعينه''ا من أف''راد المجتم''ع من قبي''ل القواع''د القانوني''ة كطائف''ة التج''ار أو‬
‫الطالب أو العمال أو الموظفين فكون هذه القواعد ال تسري إال على طائف''ة التج''ار أو العم''ال‬
‫أو الموظفين ال يحول دون اعتبارها متضمنة لقواعد قانونية ‪ ،‬إذ الخطاب فيها موجه إلى ك''ل‬
‫من يح''ترف مهن''ة من ه''ذه المهن دون تع''يين أو تحدي''د‪ ،‬وب''ذلك تت''وافر له''ا خاص''ة العم''وم‬
‫والتجريد‪.‬‬
‫بل أن قاعدة القانون تظل عامة ومجردة ولو كانت تتعلق بش''خص واح''د طالم''ا أنه''ا تخاطب''ه‬
‫بوصفه ال بذاته كالقاعدة التي تح''دد واجب''ات رئيس الدول''ة تح''دد اختصاص''ات رئيس مجلس‬
‫الدولة (أو االمة)‪.‬‬
‫والتجريد والعموم في القاعدة القانونية يؤديان إلى تحقيق المساواة والع''دل ‪ justice‬م''ا ال''ذي‬
‫يؤخد فيه بالوضع الغالب بالنسبة لجميع االشخاص ولكنهما قد ال يحققان العدال''ة ال''تي ينظ''ر‬
‫فيها إلى ظروف كل شخص للقاعدة على حدة ‪.‬‬
‫و تتالزم صفة التجريد مع صفة العموم ‪ ،‬فال يتصور ص''فة للقاع''دة القانوني''ة دون أن تك''ون‬
‫ذات طابع تجريدي ‪ ،‬وكذلك ال يتصور أن تك''ون ه''ذه القاع''دة مج''ردة دون أن تك''ون عام''ة‪.‬‬
‫ووفقا لهذا التحديد يصدق اعتبار صفتي العموم والتجريد وجهين لخاصة واحدة‪.‬‬
‫وأخيرا نالح'ظ ب''أن خاص''ة التجري''د والعم''وم في القاع'دة القانوني''ة تمت''از بم''يزة هام'ة وهي‬
‫إخضاع كل من الحاكم والمحكوم لسيادة القانون حيث يتعين على الدول''ة في أعماله''ا ‪ -‬س''واء‬
‫أكانت أعماال تش'ريعية أم الئحي'ة أم ق'رارات إداري'ة ‪ -‬أن تك''ون مطابق''ة للق'انون ‪ ،‬وه'ذا م'ا‬
‫يسمى بمدأ الشرعية ‪Principe de l'égalité .‬ولهذا نقول بأن القواعد القانونية تكون دائما‬
‫عامة ومجردة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ثالثا ‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة سلوك‬
‫تهدف القواعد القانونية إلى ضبط س''لوك االف''راد نح''و نظ''ائرهم في المجتم''ع ‪ .‬فترس''م له''ذا‬
‫السلوك حدودا معينة ال يتعداها ‪ ،‬فكل االعمال واألقوال الواقعة في نطاق ه''ذه الح''دود يقره''ا‬
‫القانون بصرف النظر عن نية فاعلها وبالعكس كل االعمال واالقوال الخارجة عنه''ا يحرمه''ا‬
‫القانون وبعبارة أخرى أن القاعدة القانونية ال تت''دخل إال في مي''دان الحي''اة الخارجي''ة وبص''دد‬
‫مايبدو من سلوك االفراد ‪ .‬فهي ال تنفذ إلى منطقة الضمير' وال تعني بمجرد التفك''ير م''ادام أن‬
‫ما يجول فيهما لم يبرز إلى الحيز الخارجي ‪.‬‬
‫على أن هناك أعماال تحمل في ظاهرها أمارات الصحة يمكن أن تصبح غير ناف''ذة المفع''ول‬
‫ألن إرادة من قاموا بها لم تصدر صحيحة كما يتطلبها ومثال ذلك اعتبار التصرفات المش''وبة‬
‫بغلط أو تدليس قابلة للبطالن كما يق''ع فع''ل القاص''ر المخ''الف للق''انون ع''ديم الج''دوى فيغض‬
‫الطرف عنه وال يعاقب فاعله النعدام التمييز عنده ‪ .‬وأخيرا قد يقع حادثان كل منهم''ا مخ''الف‬
‫لنفس القاعدة القانونية كالقتل ‪ ،‬وتختلف مع ذلك النتائج الجنائية المترتبة على كل واحد منهم''ا‬
‫للسبب المتقدم نفسه ‪ ،‬وهو اعتبار الحالة العقلية أو النفسية لمرتكب الجريمة تبع'ا لم'ا إذا ك'ان‬
‫هناك سبق إصرار ‪ Premeditation‬أي نية مبيت'ة على ارتكابه'ا أو لم يكن هن'اك ش'يء من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وفي الشريعة االسالمية تقتون االعمال بالنيات ‪ ،‬ويعتد في تقدير الجزاء أو الثواب ‪ .‬وفي هذا‬
‫يقول هللا سبحانه وتعالى ‪ " :‬ال يؤاخذكم هللا باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم‬
‫وهللا غفور حليم ‪.‬‬
‫ويقول الرسول "ص" ‪ " :‬إنما االعمال بالنيات وإنما لكل امرىء مانوى‪......‬‬
‫ومع ذلك فاالصل فيما يتعلق بتطبيق القاعدة القانونية أن يس''مو االعتب''ار الم''ادي أي الس''لوك‬
‫الخارجي لالف''راد على االعتب''ار ال''ذهني أو النفس''ي ‪ ،‬بمع''نى أن الق''انون ال يت''دخل في نواي''ا‬
‫‪ 4‬د‪ .‬حسام الدين كامل االهواني مبادئ القانون دار النهضة العربية ‪ 1975‬ص ‪ -5‬حسين النوري ‪ :‬دروس موجزة في القاعدة القانونية والحق‬
‫‪ 1973‬ص ‪ 7‬د‪ .‬محمد علي عرفة مبادئ العلوم القانونية مكتبة النهضة المصرية الطبعة الثانية ص ‪34‬جميل الشرقاوي مبادئ القانون‪ ،‬دار‬
‫النهضة العرية‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫االنسان طالما أنها كامنة في الضمير ولم تترجم بأعمال خارجي''ة ‪ ،‬على أن''ه إذا ظه''رت ه''ذه‬
‫النوايا إلى الحيز الخارجي ودخلت في حيز التنفيذ نجد أن الق''انون في بعض االحي''ان يتغلغ''ل‬
‫للبحث عنها ‪ ،‬ففي القتل مثال لو اقتصر االمر على التفكير في إزهاق روح إنس''ان فال يت''دخل‬
‫القانون ألنه من الصعب معرفة هذه النية‪ ،‬كما أن مجرد التفكير فيها ال يحدث ض''ررا بأح''د ‪،‬‬
‫إنما إذا بدىء في تنفيذها بأعمال خارجية أمكن الدخول إلى منطقة الضمير لمعرفة ما إذا كان‬
‫القتل مصحوبا بسبق إصرار أم غير مصحوب به ‪.‬‬
‫وإذا أردنا أن نحلل القاعدة القانونية نجد أنها ترتب أثرا معينا والحكم هو االم''ر ال''ذي يقض''ي‬
‫به القانون ويربط نفاذه بتحقق الفرض ‪ .‬فالقاعدة مثال التي تقضي بأن كل فع''ل س''بب ض''ررا‬
‫بالغير يلزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر تتضمن فرضا وحكما ‪ ،‬ف''الفرض هن''ا ه''و حص''ول‬
‫فعل االضرار بالغير ‪ ،‬والحكم هو جبر هذا الضرر عن طريق التعويض من طرف المسؤول‬
‫عن الفعل الضار ‪.‬‬
‫ومثل هذا التعليل قد ال يظهر بوضوح في بعض القواعد القانونية‪ ،‬وبصفة خاصة‪ ،‬تل''ك ال''تي‬
‫تقوم بوضع تعريف لنظام قانوني معين ‪ .‬فمثال النص القانوني الذي يتولى تعريف عق''د ال''بيع‬
‫أو عقد االيجار قد ال تستلخص منه ألول وهلة فكرة الفرض والحكم ‪.‬‬
‫ولكن التأمل فيه يفيد أن المقصود بالتعريف هو تقرير المشرع في نفس الوقت بأن كل وض''ع‬
‫يصدق عليه وصف البيع او االيجار وفقا للتعري''ف ال''وارد في النص ‪ ،‬يخض''ع لحكم القواع''د‬
‫الخاصة بهذه العقود ‪.‬‬
‫والقاعدة القانونية في توجيهها لسلوك األف''راد تتض''من إباح''ة فعال أو أم''را يفع''ل أو نهي''ا عن‬
‫فعل ‪ ،‬وقد يرد ذلك في عبارة صريحة كما في القاعدة التي تكشف عن إحدى الحريات العامة‬
‫أو تلك التي تلزم القيام بالخدمة العسكرية والغالب أن يرد ذلك بصورة ضمنية‪ ،‬فالقاعدة ال''تي‬
‫تقضي ببطالن التعامل في ترك''ة إنس''ان على قي''د الحي''اة (الفص''ل ‪ 61‬من ق''انون االلتزام''ات‬
‫والعقود ) يستفاد منها شرعية التعامل في االشياء األخرى ‪ .‬والقاعدة التي تقضي بأن كل فعل‬
‫سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه ب''التعويض (الفص''ل ‪ 77‬من ق‪.‬ل‪.‬م) يس''تفاد منه''ا ض''منيا‬
‫النهي عن االضرار بالغير‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬القاعدة القانونية قاعدة ملزمة‪: 5‬‬
‫القاعدة القانونية ‪ -‬ليست قاعدة نصح وإرشاد‪ ،‬بل هي قاعدة قهر وإجبار ‪.‬‬
‫فالقاعدة القانونية ‪ ،‬والحال كذلك ‪ ،‬ملزمة مقترنة بجزاء مادي توقعه الس''لطة العام''ة على من‬
‫يخالفها‪ ،‬وعلى ذلك فإن الج''زاء ه''و االث''ر الم''ترتب على مخالف''ة القواع''د القانوني''ة‪ ،‬وتوقي''ع‬
‫الجزاء منوط بالسلطة العامة وليس باالفراد ‪.‬‬
‫فالجزاء في القاعدة القانوني''ة ه''و ال''ذي من ش''أنه أن يكف''ل له''ا االح''ترام وه''و وس''يلة إجب''ار‬
‫االفراد على إطاعة القواعد القانونية عند االقتضاء‪ .‬لذلك يعرف الجزاء بأنه نوع من الض''رر'‬
‫المادي توقعه الدولة بواسطة محاكمها على من يخالف القانون على اح''ترام قواع''ده وتنفي''ذها‬
‫مما يظهر لن''ا أن خاص''ة الج''زاء هي من أب''رز خص''ائص القاع''دة القانوني''ة ‪ ،‬فهي تم''يز لن''ا‬
‫القاعد لنا القاعدة القانونية عن غيرها من قواع''د الس''لوك المفروض''ة على االنس''ان بمقتض''ى‬
‫أوامر الدين أو االخالق أو مجرد التقاليد والعادات المرعية ‪ .‬فتعريف القانون ال يكم''ل إال إذا‬
‫‪6‬‬
‫ذكر فيه عنصر الجزاء‪.‬‬
‫هذا الجزاء يختلف في قاعدة عنه في أخرى ‪ .‬وعلة هذا االختالف أن الجزاء إن هو إال وسيلة‬
‫يستهدف بها تحقيق غاية معينة ‪ ،‬هي ضمان احترام قاعدة القانون قانون تتباين فيما تأمر به ‪.‬‬
‫وإذا اختلف الجزاء في القواعد القانوني''ة‪ ،‬ف''إن ه''ذا االختالف ي''تركز في طبيعت''ه وفي قوت''ه‪،‬‬
‫فالخالف في طبيعة الج''زاء ي''أتي من اختالف مض''مون القواع''د القانوني''ة ‪ ،‬ومن وج''وب أن‬
‫يتناسب الجزاء مع ما تأمر به كل قاعدة‪ .‬ولهذا يختلف جزاء قواعد القانون الجنائي عن جزاء‬
‫قواعد المدني ‪ .‬فجزاء القاعدة ال''تي تح''رم الس''رقة مثال ه''و الحبس ‪ ،‬حال''ة أن ج'زاء القاع''دة‬
‫المدنية التي تأمر المدين بأن يفي بالدين المستحق عليه هو إمكان الحجز على أمواله واستيفاء‬
‫الدين من ثمنها رغما عنه‪.‬‬
‫أما الخالف في قوة الجزاء ‪ ،‬فمرده إلى اختالف القواعد في أهميتها من حيث اتص''الها بكي''ان‬
‫المجتمع ‪.‬‬

‫‪ 5‬د‪ .‬محمود جمال الدين زكي دروس مقدمة لطلبة الدراسات القانونية ‪ ، 1969‬ص ‪ 75 :‬وما بعدها ‪ -‬السنهوري وحشمت أوستيت‪ K‬أصول القانون‬
‫أو المدخل لدراسة القانون ‪ ، 1946‬ص ‪ - 12 :‬د‪.‬حسن النوري‪ ،‬المرجع السابق ‪ ،‬ص ‪ - 9,8 :‬عبد الرزاق حسن فرج ‪ ،‬المدخل للعلوم القانونية‬
‫الجزء االول ‪ ، 1974‬ص ‪ 18 :‬و ‪119‬‬
‫‪ 6‬من ذلك يفهم لماذا مثلت العدالة وهي تمسك بإحدى يديها ميزانا وتقبض في نفس الوقت على رمح باألخرى ولقد وضح أحد قادة الفكر الفرنسيين‬
‫وهو الفيلسوف باسكال ‪ ،‬تلك الرابطة الوثيقة بين القوة والقانون بطريقة هي أية في البالغة فقال ‪ " :‬العدالة المجردة من القوة عاجزة والقوة غير‬
‫العادلة استبداد‪ ،‬فيتحتم اذن وضع العدالة والقوة معا ‪ ،‬بالسعي إلى أن يكون العدل قويا وأن تكون القوة عادلة ‪.‬‬
‫فالقاعدة التي تحرم القتل أكثر خطورة من تلك التي تحرم الس''رقة ول''ذلك ن''رى ج''زاء االولى‬
‫يصل أحيانا إلي االعدام ‪.‬‬
‫وإذا كان الجزاء يختلف في طبيعته وقوته باختالف القاعدة القانوني''ة ال''تي تتض''منه ‪ ،‬إال أن''ه‬
‫يمكن رد كافة أنواعه بحسب وقت توقيعه والغاية التي يستهدفها إلى نوعين ‪:‬‬
‫‪ -1‬جزاء يوق''ع قب''ل أن تق''ع مخالف''ة القاع''دة القانوني''ة ‪ ،‬ويس''مى ب''الجزاء الم''انع ‪Sanction‬‬
‫‪. preventive‬ومثاله تدخل السلطة العامة لمنع التجمهر أو التظهار أو التع''دي على االمالك‬
‫أو على االشخاص ‪.‬‬
‫‪ 2‬الجزاء الذي يفرض بعد مخالف'ة القاع''دة القانوني''ة ‪ ،‬ويس''مى ب''الجزاء الت'اديبي أو ال''ردعي‬
‫‪، Sanction repressive‬ويهدف إلى تأديب المخالف وزجره بحيث يك''ون ذل''ك زج''را ل''ه‬
‫وردها لغيره مما يساعد على منع تكرار وقوع الحبس أو السجن على من يسرق م''ال غ''يره‪،‬‬
‫وعقوبة االعدام على من يقتل نفسا بريئة‪.‬‬
‫أنواع القاعدة القانونية‬
‫يصنف الفقه القاعدة القانوني'ة إلى تص''نيفات وتقس''يمات متع''ددة‪ ،‬فهن'اك تص''نيف يعتم'د على‬
‫التمييز بين القواعد الموضوعية' والقواعد الشكلية ‪ ،‬وهناك أيضا التصنيف الق''ائم على أس''اس‬
‫التمييز بين القواعد المكتوبة والقواعد غير المكتوبة‪ ،‬إضافة للقواعد اآلمرة والقواعد المكملة‪،‬‬
‫‪7‬‬
‫وأخيرا قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية‬


‫من بين التقسيمات الواردة على القاع''دة القانوني''ة‪ ،‬تل''ك ال''تي تم''يز بين القواع''د الموض''وعية'‬
‫والقواعد الشكلية؛ والمقصود ب''األولى‪ ،‬أي بقواع''د الموض''وع‪ ،‬هي تل''ك القواع''د ال''تي تح''دد‬
‫الحقوق والواجبات في إطار العالقة التي تنظمها‪ .‬‬
‫وهكذا نجد أن أغلب القواعد القانونية الواردة في مدونة االلتزامات والعقود أو مدونة التج''ارة‬
‫أو مدونة الشغل عبارة عن قواعد موضوعية تتكفل بتنظيم مص''ادر الحق''وق وآثاره''ا وأيض''ا‬
‫الجزاءات المترتبة عن عدم تنفيذها‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد الرحمان الشرقاوي ‪ ،‬نظرية القانون‪ -‬نظرية الحق ‪ ،‬الفرع الثاني – المبحث األول ‪ .‬صفحة ‪ ٥١ – ٥٠ – ٤٩‬ش‪٥٣-٥٢‬‬ ‫‪7‬‬
‫أما المقصود بقواعد الش'كل‪ ،‬فهي مجم'وع القواع''د ال'تي تتكف'ل بتنظيم اإلج'راءات ومختل''ف‬
‫الوس''ائل ال''تي يمكن اتباعه''ا من أج''ل ض''مان اح''ترام الحق''وق ال''تي وردت في القواع''د‬
‫الموضوعية' وطبيعة الجزاءات ال''تي تس''ري في ح''ق مخالفه''ا؛ ولع''ل المج''ال الط''بيعي له''ذه‬
‫‪8‬‬
‫القواعد الشكلية هو ما يسمى بالقانون اإلجرائي المتمثل في قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القواعد المكتوبة‪ 3‬والقواعد غير المكتوبة‬


‫يميز الفقه أيضا بين نوعين من القواعد القانونية؛ فهناك القواعد المكتوبة ‪ .83‬يميز والقواع''د‬
‫غير المكتوبة والمعيار المميز بينهما هو الكتابة؛ فإذا كانت القاعدة مكتوبة من طرف الس''لطة‬
‫المختصة بإصدار النص القانوني كانت قاعدة مكتوبة‪ ،‬وهذا هو الوضع‬
‫بالنسبة لجل الدول في عصرنا الحالي كما هو الشأن بالنسبة للقانون المغربي‪ .‬‬
‫أما إذا كانت القاعدة غ''ير مكتوب''ة من قب''ل الس''لطة التش''ريعية‪ ،‬فإنن''ا نك''ون إزاء قاع''دة غ''ير‬
‫مكتوبة؛ وهذا هو حال الع'رف‪ ،‬حيث إن الخض'وع له'ذا الن'وع من القواع'د ن'اتج عن ش'عور‬
‫الجماعة بوجوب ذلك‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬القواعد اآلمرة و القواعد المكملة‬
‫لعل أح''د أهم التص''نيفات ال''تي تخض''ع له''ا القاع''دة القانوني''ة ه''و للف''رق بين القواع''د اآلم''رة‬
‫والقواعد المكملة‪9‬؛ وهذا التقسيم يجد أساسه في القوة اإللزامية للقاعدة القانونية‪.‬‬
‫يقص''د بالقواع''د اآلم''رة تل''ك القواع''د ال''تي ال يج''وز لألف''راد االتف''اق على مخالف''ة أحكامه''ا؛‬
‫والسبب في ذلك يعود لكون هذا النوع من القواعد ينظم أمورا تتصل بكيان المجتمع ومقوماته‬
‫األساسية‪.‬‬
‫أما القواعد المكملة‪ ،‬وهي التي تسمى بالقواعد المفسرة وأيضا بالقواع'د المق'ررة‪ ،10‬فهي تل'ك‬
‫القواعد التي يجوز لألفراد مخالفة أحكامه'ا؛ نظ'را ألن ه'ذا الن'وع من القواع'د ينظم مص'الح‬
‫خاصة لألفراد ‪ ،‬حيث ال يتصل بكيان المجتمع أو مقوماته األساسية‪ .‬‬
‫‪8‬‬
‫‪Jacques Héron et Thierry Le Bars: Droit Judiciaire Privé, Montchrestien, 4èmeédition/2010 Georges de Leval:‬‬
‫‪Elements de procédure civile, 2émcédition, Larcier-Bruxelles/2005.‬‬
‫‪ 9‬محمد نور فرحات‪ :‬مبادئ نظرية القانون‪ ،‬دار الثقافة للطباعة والنشر ‪ /‬القاهرة‪1979 ،‬؛ ص‪ 69 :‬تسمى هذه القواعد بالمفسرة‪ ،‬لكونها‪ K‬تفسر‬
‫إرادة المتعاقدين؛ كما أنها تسمى بالمقررة‪ ،‬نظرا ألنها‪ K‬تقرر بأن إرادة األفراد المفترضة اتجهت لألخذ بأحكامها‪.‬‬
‫‪ 10‬وقد ذهب أحد الباحثين‪ ،‬إلى أنه بسبب‪ K‬عدم توفر الثقافة القانونية لألفراد‪ ،‬ونظرا ألن األفراد كثيرا ما يسهون عن تنظيم كثير من التفاصيل‬
‫القانونية في تعاملهم‪ ،‬فقد من المشرع مجموعة أخرى من القواعد يهدف التسهيل على األفراد ومساعدتهم في تنظيم معامالتهم‪ .‬فهذه القواعد‬
‫األخيرة‪ .‬تعد بمثابة نموذج للتعامل‪ ،‬لألفراد أن يتبعوه ولهم أن يطرحوه جانبا ويتفقوا على ما يخالفه‪ .‬محمد نور فرحات مبادئ نظرية القانون‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للطباعة والنشر ‪ /‬القاهرة ‪1979‬؛ ص‪70 :‬‬
‫‪ ‬تعتبر هذه القواعد المكملة كثيرة السيما في المادة المدنية والتجاري''ة مقارن''ة ب''األولى‪ ،‬نظ''را‬
‫لهيمنة مبدأ الحرية الفردية من ذلك م'ا ج'اء في الفص'ل ‪ 577‬من ق'انون االلتزام''ات والعق''ود‬
‫المغربي‪ ،‬الذي نص على ما يلي على المشتري دفع الثمن في الت''اريخ‪  ‬وبالطريق''ة المح''ددين‬
‫في العقد‪ ،‬وعند سكوت العقد يعتبر البيع قد أبرم معجل الثمن ويلتزم المشتري بدفع''ه في نفس‬
‫وقت حصول التسليم"‪.‬‬

‫أيضا ما جاء في الفصل ‪ 580‬منق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬م‪ ،‬الذي نص على أنه "يلتزم المشتري بتس''لم الش''يء‬
‫المبيع في المكان والوقت اللذين يحددهما العقد‪ .‬فإذا س''كت العق''د عن البي''ان‪ ،‬ولم يج''ر بش''أنه‬
‫عرف التزم المشتري بأن يتس''لم الم''بيع ف''ورا‪ ،‬إال م'ا يقتض''يه تس''لمه من زمن‪ .‬وإذا لم يتق''دم‬
‫المشتري لتسلم المبيع‪ ،‬أو إذا تقدم لتسلمه‪ ،‬ولكنه لم يعرض في نفس الوقت أداء ثمن''ه‪ ،‬عن''دما‬
‫يكون هذا الثمن معجال‪ ،‬وجب اتباع القواعد المتعلقة بمطل الدائن‪.‬‬

‫وإذا لزم تسليم األشياء المبيعة على ع''دة دفع''ات ‪ ،‬ف''إن ع''دم تس''لم الدفع''ة األولى ي''رتب نفس‬
‫اآلثار التي يرتبها عدم تسلم األشياء كلها‪ .‬كل ذلك ما لم يقع اتفاق بين الطرفين على خالفه"‪.‬‬
‫لم يتفق الفقه على معيار واحد للتفريق بين القواعد اآلم''رة والقواع''د المكمل''ة؛ وعموم''ا‪ ،‬ف''إن‬
‫هناك معيارين اثنين‪ ،‬األول يعتبر معيارا ش''كليا أو لفظي''ا‪ ،‬حيث يمكنن''ا التع''رف على طبيع''ة‬
‫القاعدة القانونية بالرجوع إلى النص ذاته‪ ،‬أي من خالل الرجوع إلى عبارات النص ذاتها لم''ا‬
‫تشتمل عليه من ألفاظ ؛ فإذا اتضح من أ ألفاظ النص أنه ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكام''ه‬
‫كانت القاعدة آمرة‪ ،‬بينما إذا تبين من عبارات النص صحة االتفاقات المخالفة ألحكام'ه ك'انت‬
‫القاعدة مكملة‪.‬‬
‫أما المعيار الثاني‪ ،‬فه''و المعي''ار المعن''وي أو الموض''وعي؛ ال''ذي يعتم''د للتمي''يز بين القواع''د‬
‫اآلمرة والقواعد المكملة على مدى صلة وارتب''اط أحك''ام النص بالنظ''ام الع''ام واآلداب؛ حيث‬
‫تكون القاعدة المتصلة بالنظام العام واآلداب قاعدة آمرة‪ ،‬أما غيرها فهي تعت''بر قاع''دة مكمل''ة‬
‫والمعيار المعنوي أصعب من المعيار األول الذي يعتبر سهال للغاية لدرجة دفعت بعض الفقه‬
‫إلى القول بأن تحدي''د القاع'دة بن'اء على المعي'ار الش'كلي ال يحت'اج لب'دل أي مجه'ود عقلي أو‬
‫مباشرة أية سلطة تقديرية‪ .‬‬
‫والسبب في صعوبة هذا المعيار يرجع باألساس إلى صعوبة تحديد مفهوم النظ''ام الع''ام ال''ذي‬
‫يعتبر من المفاهيم المرنة التي يصعب تحديدها تحديدا دقيق''ا؛ ف''البعض" ذهب إلى الق''ول ب''أن‬
‫المقصود بالنظام العام ه'و عب''ارة عن األس''اس السياس''ي واالجتم'اعي واالقتص'ادي والخلقي‬
‫الذي يقوم عليه كيان الجماعة كما يرسمه نظامها القانوني‪.‬‬
‫عموما فإن المقصود به هو ذلك المفه'وم ال''ذي يه''دف لحماي'ة المص''لحة العام''ة للمجتم''ع من‬
‫تج''اوزات اإلرادات الفردي''ة‪ ،‬وذل''ك بمن''ع ه''ذه اإلرادات من مخالف''ة القواع''د المعت''برة ل''دى‬
‫مجتمع ما بأنها ضرورية للمجتمع‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص‬
‫تنقسم القاعدة القانونية من حيث طبيعتها إلى قواع''د الق''انون الع''ام وقواع''د الق''انون الخ''اص؛‬
‫والمعيار األساسي للتمييز بين هاذين الن''وعين من القواع''د يرج''ع باألس''اس إلى م''دى وج''ود‬
‫الدولة كطرف في العالقة القانونية التي تحكمها تلك القواعد؛ ذلك أن''ه إذا ك''انت الدول''ة طرف'ا‬
‫في العالقة القانوني'ة باعتباره''ا ص'احبة الس''يادة والس''لطة‪ ،‬ف'إن ه'ذه العالق''ة تك''ون خاض'عة‬
‫للقانون العام‪.‬‬
‫ومن ثم فإن القواعد التي ينظمها الق'انون الع'ام هي ال'تي تك'ون الدول'ة طرف'ا فيه'ا باعتباره'ا‬
‫صاحبة السيادة والسلطة‪ ،‬في حين أن القواعد التي ينظمها القانون الخاص هي التي ال تكون‬
‫الدولة طرفا فيها بهذا الوصف‪ ،‬وإنما بوصفها هيئة معنوية عادية تتعامل كغيرها من األفراد‪.‬‬
‫بن''اء على ذل''ك‪ ،‬ف''إن المقص''ود بالق''انون الع''ام ه''و مجموع''ة القواع''د القانوني''ة ال''تي تنظم‬
‫التصرفات والمعامالت التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها ص''احبة الس''لطة والس''يادة؛ في‬
‫حين أن المقصود بالقانون الخاص هو مجموع''ة القواع''د ال''تي تنظم التص''رفات والمع''امالت‬
‫القانونية القائمة بين األفراد فيم'ا بينهم‪ ،‬أو بينهم وبين الدول'ة حينم'ا تت''دخل كش''خص معن''وي‬
‫عادي يقوم بأعمال عادية بعيدة عن أعمال السيادة والسلطة‪.‬‬
‫قلنا المعيار األساسي‪ ،‬على اعتبار أن هناك معايير أخرى؛ لعل أهمه''ا‪ :‬غ''ير أن ه''ذا المعي''ار‬
‫تعرض المجموعة من االنتقادات‪ ،‬من بينه''ا ص''عوبة معرف''ة الح''دود الفاص''لة بين المص''لحة‬
‫العامة والمصلحة الخاصة؛ وأيضا كون القواعد التي تهدف إلى تحقيق المص'لحة العام'ة ليس‬
‫قاصرا على قواعد القانون العام‪ .‬في مقابل هذا الرأي‪ ،‬فإن هناك جانبا آخ''ر من الفق''ه‪ ،‬يعتم''د‬
‫معيار الخصائص الجوهرية للقواع'د القانوني''ة‪ ،‬ذل''ك أن الق''انون الع''ام غالب''ا م'ا يتس'م بكون'ه‬
‫قانون ‪،‬آمر مع ما يترتب عن ذلك من خضوع الفرد إلرادة الدولة في الوقت ال''ذي يعت''بر في''ه‬
‫القانون الخاص قانونا ليبراليا مبني على الحرية‪ ،‬كم''ا ه''و الش''أن بالنس''بة للعالق''ات التعاقدي''ة‬
‫التي تخضع لمبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬مع ما ي''ترتب عن ذل''ك من ع''دم إمكاني''ة إل''زام األف''راد إال‬
‫بمقدار ما التزموا به‪.‬‬

‫معيار المصلحة‪ ،‬أي المعيار الراجع لغاية القواعد القانونية‪ ،‬حيث يهدف القانون الع'ام تحقي''ق‬
‫المصلحة العامة وبالتالي فهو يهدف لخدمة المجتمع وتسبيقها عما سواها‪ ،‬بينما يهدف القانون‬
‫الخاص إلى تحقيق مصلحة الفرد باألساس‪.‬‬

‫وقد تعرض هذا المعيار للعدي''د من االنتق''ادات لع''ل أهمه''ا ه''و أن''ه ليس ص''حيحا ك''ل قواع''د‬
‫القانون العام هي قواعد إخضاع للف''رد‪ ،‬فال يمكن تص''ور ذل''ك فيم''ا يخص الحري''ات الفردي''ة‬
‫المقررة للمواطنين‪ .‬مثال على ذلك‪ ،‬عقد اإليجار المبرم بين الدولة باعتبارها شخص معن''وي‬
‫عادي وشخص مؤجر؛ حيث يخضع لقواعد القانون الخاص‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬تمييز قواعد القانون وقواعد السلوك االجتماعي األخرى و عالقته بالعلوم األخرى‬
‫استعرضنا سابقا أن القواعد القانونية غايتها المثلى التي تس''عى إلى الوص''ول إليه''ا هي تنظيم‬
‫العيش في المجتمع ويشاركها في هذا المسعى الحميد سائر القواعد االجتماعية األخ''رى‪ ،‬لكن‬
‫هذا ال يعني أن القواعد القانونية متماثلة تمام التماثل مع القواعد االجتماعية األخرى؛ ب''ل هي‬
‫تتم''يز عن بعض''ها تم''يزاً كب''يرا ‪ ،‬س''نظهره فيم''ا ي''أتي‪ ،‬ب''دءاً بقواع''د الع''ادات والمج''امالت‬
‫والتقاليد ثم قواعد األخالق‪.‬‬
‫تمييز قواعد القانون وقواعد السلوك االجتماعي األخرى‬
‫أوال ‪ :‬قواعد القانون وقواعد العادات والمجامالت والتقاليد‬

‫د‪ .‬عبد الرحمان الشرقاوي ‪ ،‬نظرية القانون ‪ ،‬المبحث الرابع ‪ ،‬صفحة ‪٣٢- ٣١ -٣٠‬‬ ‫‪11‬‬
‫ال يخل مجتمع إنساني من قواع''د تواض''ع عليه''ا أف''راده في عالق''اتهم وص''التهم اليومي''ة‪ ،‬أو‬
‫يألفونها في ملبسهم وما ينبغي أن يكون عليه مظهرهم‪.‬‬

‫فتم قواعد تتطلبها المجامالت ويفرضها التهذيب الحسن والتمدن والتحضر‪ ،‬مثل ‪ :‬التحية عند‬
‫اللقاء باإلش''ارات المعت''ادة والتعزي''ة في الم''وت والمواس''اة في الملم''ات‪ ،‬والتهنئ''ة في الف''رح‬
‫كازدياد مولود‪ ،‬أو زواج‪ ،‬أو نجاح في امتحان‪ .‬‬
‫وهناك قواعد تفرضها الع''ادات والتقالي''د كاالعتن''اء ب'الملبس وحس'ن المظه'ر‪ ،‬وه'ذه تختل''ف‬
‫باختالف الرجال والنساء‪ .‬فجميع هذه القواعد وما شاكلها قواعد يأتمر بها األفراد في سلوكهم‬
‫االجتماعي بل وقد يعدها أفراد المجتمع ملزمة لهم وبالتالي‬
‫يستنكرون الخروج عليها ‪ ،‬تأسيس''ا على أنه''ا قواع''د اجتماعي''ة ي''ترتب على مخالفته''ا ج''زاء‬
‫يتمثل‪  ‬في استنكار الناس‪ .‬‬
‫وهذا هو السبب الذي أدى إلى القول باعتبار الجزاء معيارا للتمييز بين قواعد القانون وقواعد‬
‫المجامالت والتقاليد والعادات وإذا كان الجزاء في الثانية ال يتجاوز استنكار هنا هو م''ا س''بب‬
‫هذا الناس‪ ،‬فهو في األولى إجبار تحتكر السلطة العامة في المجتمع توقيعه على المخالف‪ .‬‬

‫ثانيًا‪ :‬قواعد القانون و قانون األخالق‬


‫يجدر الذكر أن معالم التمييز بين القانون و األخالق لم تحدد تحدي'دًا بيّن''ا إال ابت''داء من الق''رن‬
‫الثامن عشر‪ 12‬بيد أن هذا ال يعني أن استقرار معالم التفرقة بين الق''انون واألخالق ض''من له''ا‬
‫التحديد الكافي‪ ،‬فهي بالرغم من ذلك مازال القانون واألخالق مت'داخلين ولبي'ان ذل'ك الب'د من‬
‫سلوك السبل التالية ‪:‬‬
‫بالرغم من استقرار التمييز بين القانون واألخالق فإنه لم يحل دون التقائهما في قواعد قانونية‬
‫كثيرة‪ ،‬مث'ل القواع'د القانوني'ة ال'تي تع'اقب على انته'اك اآلداب «الفص''ول إلى ‪ 496‬الق''انون‬
‫الجنائي‪ ،‬وكذا القاعدة القانوني''ة ال''تي تقض''ي بع''دم مش''روعية الس''بب في حال''ة كون''ه مخالف''ا‬
‫لألخالق الحميدة (الفصل ‪ 62‬من قانون االلتزام''ات والعق''ود) والفص''ل ‪ 72‬من نفس الق''انون‬

‫‪ 12‬الدكتور حسن كيرة المرجع السابق‪ ،‬صفحة ‪ ،28،‬والدكتور توفيق فرج المرجع السابق‪ ،‬صفحة ‪،28‬‬
‫والدكتور خالد عبد هللا عيد المرجع السابق‪ ،‬صفحة ‪.20‬‬
‫الذي يقضي باسترداد ما دفع لسبب مخالف‪ ...‬لألخالق الحميدة وك''ذا أيض''ا الفص''ل ‪ 108‬من‬
‫قانون االلتزامات والعقود الذي يقضي بأن الشرط يبطل إذا خالف األخالق»‪.‬‬
‫وهذا ال يعني أن القانون يتحد مع األخالق؛ ب''ل يظ''ل ك''ل منهم''ا في مكان''ه س''اعيا إلى غايت''ه‬
‫الخاصة به مع مالحظة أن األخالق كلما انتقل من مكان خلفه القانون لالس''تحواد علي''ه‪ ،‬مث''ل‬
‫قانون السير في الطرق العام''ة‪ ،‬وتحدي''د مواعي''د للطعن في األحك''ام‪ ،‬واش''تراط الرس''مية في‬
‫بعض التص''رفات فه''ذه أم''ور تنظيمي''ة بحت''ة حتمته''ا فك''رة النف''ع االجتم''اعي‪ ،‬وفي المقاب''ل‬
‫فالقانون بدوره ال يمد يده إلى جميع ما تقضي به األخالق‪ ،‬فمثال بالصدق والش''جاعة والنف''اق‬
‫‪13‬‬
‫اهتمام األخالق بها ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫عالقة القانون بالعلوم األخرى‬
‫نعلم أن الق''انون مجموع''ة من القواع''د القانونية ال''تي ته''دف الى تنظيم س''لوك االف''راد في‬
‫المجتمع و تحمي النشاط الفردي بما يتفق مع مصلحة الجماع''ة‪ ،‬فه''و أيض''ا‪  ‬من العل''وم ال''تي‬
‫تدرس االنسان باعتباره فردا من المجتمع مما يجعله في صلة بغيره من العلوم‪ ‬‬

‫أ‌) عالقة القانون بالتاريخ‪:‬‬

‫الدراسة التاريخية تعين على فهم النظم التاريخية المعاصرة ال''تي ك''انت نتيج''ة تط''ور طوي''ل‬
‫على م''دى الت''اريخ و من''ه المس''اعدة على التوص''ل الى التفس''ير و الفهم الص''حيحين للنظ''ام‬
‫القانوني المعاصر مع سبقه من انظمة القانون‪ .‬باخد المشرع ما ثبتت نجاعته و طرح ما تبثت‬
‫عيوبه‪.‬‬

‫ب‌) عالقة القانون بالفلسفة‪:‬‬


‫الفلسفة علم ما وراء الطبيعةو ما وراء الماديات ترتك''ز على التفك''ير و التأم''ل المج''رد ال''دي‬
‫يتجاوز التفاصيل ليتناول االشكاالت بطريقة كلية و شاملة‪ .‬و القانون ايضا له فلسفته الخاصة‬
‫‪ 13‬انظر في تاريخ التفرقة بين القانون واألخالق الدكتور خالد هللا عيد‪ ،‬محاضرات في فلسفة القانون‪ ،‬صفحة ‪ 33-32‬وحسن كيرة في كتابيه‬
‫أصول القانون‪ ،‬صفحة ‪ 38-37‬والمدخل لدراسة القانون المرجع السابق‪ ،‬صفحة ‪.29‬‬
‫‪ 14‬بحث ودراسة عالقة القانون بالعلوم االخرى‬
‫‪https://www.law-arab.com/‬‬
‫به التي تهتم باساس القانون و اهدافه و مبادئه و االفكار و الموجهات الم''ؤطرة ل''ه‪ ،‬من اج''ل‬
‫الوقوف على الحالة التي يجب ان يكون عليه''ا الق''انون و مقابلت''ه بم''ا ه''و ك''ائن فعال بوض''ع‬
‫حقيقة مثالية امام حقيقة قائمة و ايضا الفلسفة تنير الطريق الدي يوضح الغموض عند دراس''ة‬
‫فرع من فروع القانون‪.‬‬

‫ت‌) عالقة القانون بالسياسة ‪ :‬‬


‫القانون ينظم السلطات العامة في الدولة في عالقاتها ببعضها البعض و بيان حقوق وو اجبات‬
‫االفراد و القانون يتاثر حين وضعه بالتوجه السياسي السائد‪.‬‬

‫ث‌) عالقة القانون بعلم االجتماع‪:‬‬


‫‪ ‬علم االجتم''اع ي''درس الظ''واهر االجتماعي''ة من حيث اس''بابها و نتائجه''او يض''ع القواع''د‬
‫لمواجهتها مما يغني السياسة التشريعية مثاله تسجيل معد الطالق مرتفع يدفع المشرع الت''دخل‬
‫بنص''وص تش''ريعية تح''ول دون التعس''ف في''ه‪ ،‬كم''ا ان''ه ي''درس البيئ''ة للوق''وف على مالئم''ة‬
‫القوانين المقتبسة من بيئات اخرى‪ ‬‬
‫‪.‬‬
‫ج‌) عالقة القانون باالقتصاد‪:‬‬

‫االقتصاد يحدد القواعد التي تنظم الجوانب المختلفة النشاط االقتص''ادي من انت''اج و توزي''ع و‬
‫استهالك و عالقته بالقانون تتجلى في كون االخير ينظم العقود باعتبارها اداة لتداول االم''وال‬
‫و تصريف الخدمات و اغلملكية و السجل التجاري‪ ،‬و يتاثر هة االخ''ر بالم''دهب االقتص''ادي‬
‫السائد في المجتمع‪.‬‬

You might also like