Professional Documents
Culture Documents
االجتماعي
1
الفقرة األولى :خصائص و أنواع القاعدة القانونية
القانون -كما سبق القول -هو مجموعة القواعد ال''تي تنظم الرواب''ط االجتماعي''ة وتق''وم على
احترامه'ا س'لطة عام'ة توق'ع الج'زاء على من يخالفه'ا .فالقاع'دة القانوني'ة هي الوح'دة ال'تي
يتك''ون منه''ا الق''انون في مجموع''ه ،وهي من واق''ع التعري''ف الس''ابق ،تتم''يز بأنه''ا قاع''دة
اجتماعية ،تتصف بالعموم والتجريد ،كما تنظم سلوك األفراد ،وهي ملزمة للمخاطبين به''ا .
ونتناول هذه الخصائص بشيء من التفصيل :
خصائص القاعدة القانونية:
2
أوال :القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية
وظيفة القانون هي تنظيم الروابط اإلجتماعية فال ق''انون إال حيث يوج''د مجتم''ع ألن اإلنس''ان
المنفرد على فرض وجوده ال يمكن أن يكون ل''ه عالق''ات م''ع غ''يره من الن''اس ثم إن الص''فة
االجتماعية لقواعد القانون ال تهم وعالقاته بافراده ،ولذلك فالقانون ال ينظم من االنسان س''وى
سلوكه الخ''ارجي .والق''انون في تنظيم''ه ألعم''ال الن''اس وعالق''اتهم ال يتن''اول منه''ا إال ق''درا
معينا ،فهو ال يتعرض لواجب االنسان نحو ربه أي عالقته بخالق''ه ،وال بواجب''ه نح''و نفس''ه ،
كذلك ال يتعرض لبعض واجبات االنسان نحو الغير بل يترك االهتمام بها وتنظيمها إلى الدين
واالخالق .أي أن القانون ال ينفرد بتنظيم عالقات الن''اس في المجتم''ع ،ب''ل تش''اركه في ذل''ك
قواع''د ال''دين وقواع''د االخالق .ي''ترتب على ك''ون القاع''دة اجتماعي''ة أن يتخص''ص الق''انون
بالمكان والزمان فالقانون مرأة للبيئة التي ينطبق عليها ،حيث يستجيب لظروفها وحاجياتها ،
فالقوانين تختلف باختالف المكان وتتطور في المجتم''ع الواح''د بتط''ور ال''زمن ،فهي تت''ورفي
المجتمع حتى تستجيب لحاجياته الجديدة وتس''اير اتجاهات''ه المس''تحدثة ،ومن أج''ل ه''ذا ن''رى
المشرع يتدخل من وقت إلى آخر ،فيعدل القانون القائم أو يغير فيه بم''ا يتالءم م''ع الظ''روف
الجديدة في المجتمع إن االنظمة القانونية باعتبارها نتاجا فكريا تعكس أوض''اع االزم''ان ال''تي
تنبت فيها ،وال يصح فصلها عن الظروف االجتماعية المالبسة لنشأتها .إن الق''انون ال يمكن
1ذ .الطيِّب الفصايلي ،المدخل لدراسة القانون ،نظرية القانون – نظرية الحق ،صفحة ١٥
2ذ .المحامي محمد نعمان :موجز المدخل للقانون ،دار النهضة العربية 1975من 20و ،21د .رأفت فخري محاضرات في القانون
المؤسسة المصرية . 1989ص 11و 12
أن ينظ''ر إلي''ه باعتب''اره وح''دة ذات كي''ان مس''تقل ق''ائم بذات''ه ب''ل يجب أن ي''درس من خالل
الظروف االجتماعية التي يظهر فيها والدور ال''ذي يق''وم ب''ه هن''اك .وإال كي''ف نفس''ر في ظ''ل
القرن العشيرن تباين النظم االجتماعية والقانوني''ة من ش''عب إلى ش''عب فمثال ،يختل''ف نظ''ام
االسرة بين تع''دد الزوج''ات أو االقتص''ار على زوج''ة واح''دة ،وإباح''ة الطالق أو تحريم''ه ،
وإقرار نظ''ام المه''ر أو نفي''ة ،ه''ل يمكن إيض''اح ه''ذا التب''اين في االنظم''ة دون الرج''وع إلى
الظروف االجتماعية لكل شعب من الشعوب ؟
يتضح من ذلك أن الق''انون ل''ه عالق''ة وطي''دة ب''المجتمع ،وال يتص''ور كم''ا س''بقت المالحظ''ة
وجود قانون بدون مجتمع كما أنه لم يتبت عمليا وجود مجتمع يخلو من القواعد القانونية ول''و
ك''انت في ش''كل قواع''د عرفي''ة أو ديني''ة أو اخالقي''ة .فالقاع''دة القانوني''ة تعت''بر بح''ق قاع''دة
اجتماعية ويعبر عن ذلك التالزم بين القانون والمجتمع والمجتمع .
3
ثانيا :القاعدة القانونية قاعدة عامة و مجردة
القاع''دة القانوني''ة باعتباره''ا الخلي''ة األساس''ية في الق''انون م''ا هي إال الحط''اب موج''ه إلى
االشخاص ،بصفة عامة ومجردة .فهي ال توجه إلى شخص معين بذاته وال إلى واقعة معين''ة
بذاتها ،وإنما يتعين الشخص أو االشخاص وكذلك الوق''ائع باألوص''اف والش''روط ،فالقاع''دة
القانوني''ة تنطب''ق إذا ت''وافر في الش''خص أو في الوقاع''ة ش''روط معين''ة أو أوص''اف معين''ة
وينصرف حكمها بالتالي إلى كل شخص أو واقعة تتحقق فيهما هذه األوصاف والشروط .
وتطبيقا لذلك يعد قاعدة قانونية عامة ومجردة النص الذي يقرر أن ك''ل فع''ل ارتكب''ه االنس''ان
عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا للغير التزم مرتكبه بالتعويض
(الفصل 77من قانون االلتزامات والمعقود ) ،وكذلك القاعدة التي تقرر أهلية االنسان ببلوغ
الشخص س''ن الرش''د عن''دما يبل''غ 20س''نة شمس''ية كامل''ة (الفص''ل 137من مدون''ة االح''وال
الشخصية ) .
وكذلك القاعدة التي تقرر كل من قتل نفسا عم''دا م''ع س''بق اإلص''رار والترص''د يع''اقب بأش''د
العقوبات وهي االعدام ( الفصل 393من القانون الجنائي ).
3أنظر في هذا عبد الرزاق حسن فرج :المدخل للعلوم القانونية الجزء األول 1974 ،ص 13عبد السالم علي المزوغي :النظرية العامة لعلم
القانون ،الجزء االول ،ص . 35عبد المنعم فرج الصدة ،المرجع السابق فقرة . ١١
ففي مثل هذه القواعد القانوني''ة يتجلى التجري''د والعم''وم في أن أحك''ام ه''ذه القواع''د ال تقص''د
بشكل مسبق شخصا بذاته لكي تسري عليه ،ولكنها تقصد أي شخص يقع تحت طائلتها .فك''ل
من يسبب ضرارا للغير نتيجة خطئه ،وكل من يبلغ سن 21سنة ،وكل من يقت''ل نفس''ا عم''دا
مع سبق االصرار' والترصد كائنا من كان تسري عليه أحكام تلك القواع''د .وعلى العكس من
ذلك ال تعتبر قواعد قانونية عامة ومجرد القرارات الصادرة بمنح الرتب أو االلقاب أو بتعيين
الموظفين أو تلك التي تقضي بنزع ملكية أرض معينة للمنفعة العامة.
على أن خاص''ية العم''وم والتجري''د ه''ذه ال تح''ول دون اعتب''ار بعض القواع''د ال''تي يقتص''ر
تطبيقها على طائفة بعينه''ا من أف''راد المجتم''ع من قبي''ل القواع''د القانوني''ة كطائف''ة التج''ار أو
الطالب أو العمال أو الموظفين فكون هذه القواعد ال تسري إال على طائف''ة التج''ار أو العم''ال
أو الموظفين ال يحول دون اعتبارها متضمنة لقواعد قانونية ،إذ الخطاب فيها موجه إلى ك''ل
من يح''ترف مهن''ة من ه''ذه المهن دون تع''يين أو تحدي''د ،وب''ذلك تت''وافر له''ا خاص''ة العم''وم
والتجريد.
بل أن قاعدة القانون تظل عامة ومجردة ولو كانت تتعلق بش''خص واح''د طالم''ا أنه''ا تخاطب''ه
بوصفه ال بذاته كالقاعدة التي تح''دد واجب''ات رئيس الدول''ة تح''دد اختصاص''ات رئيس مجلس
الدولة (أو االمة).
والتجريد والعموم في القاعدة القانونية يؤديان إلى تحقيق المساواة والع''دل justiceم''ا ال''ذي
يؤخد فيه بالوضع الغالب بالنسبة لجميع االشخاص ولكنهما قد ال يحققان العدال''ة ال''تي ينظ''ر
فيها إلى ظروف كل شخص للقاعدة على حدة .
و تتالزم صفة التجريد مع صفة العموم ،فال يتصور ص''فة للقاع''دة القانوني''ة دون أن تك''ون
ذات طابع تجريدي ،وكذلك ال يتصور أن تك''ون ه''ذه القاع''دة مج''ردة دون أن تك''ون عام''ة.
ووفقا لهذا التحديد يصدق اعتبار صفتي العموم والتجريد وجهين لخاصة واحدة.
وأخيرا نالح'ظ ب''أن خاص''ة التجري''د والعم''وم في القاع'دة القانوني''ة تمت''از بم''يزة هام'ة وهي
إخضاع كل من الحاكم والمحكوم لسيادة القانون حيث يتعين على الدول''ة في أعماله''ا -س''واء
أكانت أعماال تش'ريعية أم الئحي'ة أم ق'رارات إداري'ة -أن تك''ون مطابق''ة للق'انون ،وه'ذا م'ا
يسمى بمدأ الشرعية Principe de l'égalité .ولهذا نقول بأن القواعد القانونية تكون دائما
عامة ومجردة.
4
ثالثا :القاعدة القانونية قاعدة سلوك
تهدف القواعد القانونية إلى ضبط س''لوك االف''راد نح''و نظ''ائرهم في المجتم''ع .فترس''م له''ذا
السلوك حدودا معينة ال يتعداها ،فكل االعمال واألقوال الواقعة في نطاق ه''ذه الح''دود يقره''ا
القانون بصرف النظر عن نية فاعلها وبالعكس كل االعمال واالقوال الخارجة عنه''ا يحرمه''ا
القانون وبعبارة أخرى أن القاعدة القانونية ال تت''دخل إال في مي''دان الحي''اة الخارجي''ة وبص''دد
مايبدو من سلوك االفراد .فهي ال تنفذ إلى منطقة الضمير' وال تعني بمجرد التفك''ير م''ادام أن
ما يجول فيهما لم يبرز إلى الحيز الخارجي .
على أن هناك أعماال تحمل في ظاهرها أمارات الصحة يمكن أن تصبح غير ناف''ذة المفع''ول
ألن إرادة من قاموا بها لم تصدر صحيحة كما يتطلبها ومثال ذلك اعتبار التصرفات المش''وبة
بغلط أو تدليس قابلة للبطالن كما يق''ع فع''ل القاص''ر المخ''الف للق''انون ع''ديم الج''دوى فيغض
الطرف عنه وال يعاقب فاعله النعدام التمييز عنده .وأخيرا قد يقع حادثان كل منهم''ا مخ''الف
لنفس القاعدة القانونية كالقتل ،وتختلف مع ذلك النتائج الجنائية المترتبة على كل واحد منهم''ا
للسبب المتقدم نفسه ،وهو اعتبار الحالة العقلية أو النفسية لمرتكب الجريمة تبع'ا لم'ا إذا ك'ان
هناك سبق إصرار Premeditationأي نية مبيت'ة على ارتكابه'ا أو لم يكن هن'اك ش'يء من
ذلك.
وفي الشريعة االسالمية تقتون االعمال بالنيات ،ويعتد في تقدير الجزاء أو الثواب .وفي هذا
يقول هللا سبحانه وتعالى " :ال يؤاخذكم هللا باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم
وهللا غفور حليم .
ويقول الرسول "ص" " :إنما االعمال بالنيات وإنما لكل امرىء مانوى......
ومع ذلك فاالصل فيما يتعلق بتطبيق القاعدة القانونية أن يس''مو االعتب''ار الم''ادي أي الس''لوك
الخارجي لالف''راد على االعتب''ار ال''ذهني أو النفس''ي ،بمع''نى أن الق''انون ال يت''دخل في نواي''ا
4د .حسام الدين كامل االهواني مبادئ القانون دار النهضة العربية 1975ص -5حسين النوري :دروس موجزة في القاعدة القانونية والحق
1973ص 7د .محمد علي عرفة مبادئ العلوم القانونية مكتبة النهضة المصرية الطبعة الثانية ص 34جميل الشرقاوي مبادئ القانون ،دار
النهضة العرية ،ص 11
االنسان طالما أنها كامنة في الضمير ولم تترجم بأعمال خارجي''ة ،على أن''ه إذا ظه''رت ه''ذه
النوايا إلى الحيز الخارجي ودخلت في حيز التنفيذ نجد أن الق''انون في بعض االحي''ان يتغلغ''ل
للبحث عنها ،ففي القتل مثال لو اقتصر االمر على التفكير في إزهاق روح إنس''ان فال يت''دخل
القانون ألنه من الصعب معرفة هذه النية ،كما أن مجرد التفكير فيها ال يحدث ض''ررا بأح''د ،
إنما إذا بدىء في تنفيذها بأعمال خارجية أمكن الدخول إلى منطقة الضمير لمعرفة ما إذا كان
القتل مصحوبا بسبق إصرار أم غير مصحوب به .
وإذا أردنا أن نحلل القاعدة القانونية نجد أنها ترتب أثرا معينا والحكم هو االم''ر ال''ذي يقض''ي
به القانون ويربط نفاذه بتحقق الفرض .فالقاعدة مثال التي تقضي بأن كل فع''ل س''بب ض''ررا
بالغير يلزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر تتضمن فرضا وحكما ،ف''الفرض هن''ا ه''و حص''ول
فعل االضرار بالغير ،والحكم هو جبر هذا الضرر عن طريق التعويض من طرف المسؤول
عن الفعل الضار .
ومثل هذا التعليل قد ال يظهر بوضوح في بعض القواعد القانونية ،وبصفة خاصة ،تل''ك ال''تي
تقوم بوضع تعريف لنظام قانوني معين .فمثال النص القانوني الذي يتولى تعريف عق''د ال''بيع
أو عقد االيجار قد ال تستلخص منه ألول وهلة فكرة الفرض والحكم .
ولكن التأمل فيه يفيد أن المقصود بالتعريف هو تقرير المشرع في نفس الوقت بأن كل وض''ع
يصدق عليه وصف البيع او االيجار وفقا للتعري''ف ال''وارد في النص ،يخض''ع لحكم القواع''د
الخاصة بهذه العقود .
والقاعدة القانونية في توجيهها لسلوك األف''راد تتض''من إباح''ة فعال أو أم''را يفع''ل أو نهي''ا عن
فعل ،وقد يرد ذلك في عبارة صريحة كما في القاعدة التي تكشف عن إحدى الحريات العامة
أو تلك التي تلزم القيام بالخدمة العسكرية والغالب أن يرد ذلك بصورة ضمنية ،فالقاعدة ال''تي
تقضي ببطالن التعامل في ترك''ة إنس''ان على قي''د الحي''اة (الفص''ل 61من ق''انون االلتزام''ات
والعقود ) يستفاد منها شرعية التعامل في االشياء األخرى .والقاعدة التي تقضي بأن كل فعل
سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه ب''التعويض (الفص''ل 77من ق.ل.م) يس''تفاد منه''ا ض''منيا
النهي عن االضرار بالغير.
رابعا :القاعدة القانونية قاعدة ملزمة: 5
القاعدة القانونية -ليست قاعدة نصح وإرشاد ،بل هي قاعدة قهر وإجبار .
فالقاعدة القانونية ،والحال كذلك ،ملزمة مقترنة بجزاء مادي توقعه الس''لطة العام''ة على من
يخالفها ،وعلى ذلك فإن الج''زاء ه''و االث''ر الم''ترتب على مخالف''ة القواع''د القانوني''ة ،وتوقي''ع
الجزاء منوط بالسلطة العامة وليس باالفراد .
فالجزاء في القاعدة القانوني''ة ه''و ال''ذي من ش''أنه أن يكف''ل له''ا االح''ترام وه''و وس''يلة إجب''ار
االفراد على إطاعة القواعد القانونية عند االقتضاء .لذلك يعرف الجزاء بأنه نوع من الض''رر'
المادي توقعه الدولة بواسطة محاكمها على من يخالف القانون على اح''ترام قواع''ده وتنفي''ذها
مما يظهر لن''ا أن خاص''ة الج''زاء هي من أب''رز خص''ائص القاع''دة القانوني''ة ،فهي تم''يز لن''ا
القاعد لنا القاعدة القانونية عن غيرها من قواع''د الس''لوك المفروض''ة على االنس''ان بمقتض''ى
أوامر الدين أو االخالق أو مجرد التقاليد والعادات المرعية .فتعريف القانون ال يكم''ل إال إذا
6
ذكر فيه عنصر الجزاء.
هذا الجزاء يختلف في قاعدة عنه في أخرى .وعلة هذا االختالف أن الجزاء إن هو إال وسيلة
يستهدف بها تحقيق غاية معينة ،هي ضمان احترام قاعدة القانون قانون تتباين فيما تأمر به .
وإذا اختلف الجزاء في القواعد القانوني''ة ،ف''إن ه''ذا االختالف ي''تركز في طبيعت''ه وفي قوت''ه،
فالخالف في طبيعة الج''زاء ي''أتي من اختالف مض''مون القواع''د القانوني''ة ،ومن وج''وب أن
يتناسب الجزاء مع ما تأمر به كل قاعدة .ولهذا يختلف جزاء قواعد القانون الجنائي عن جزاء
قواعد المدني .فجزاء القاعدة ال''تي تح''رم الس''رقة مثال ه''و الحبس ،حال''ة أن ج'زاء القاع''دة
المدنية التي تأمر المدين بأن يفي بالدين المستحق عليه هو إمكان الحجز على أمواله واستيفاء
الدين من ثمنها رغما عنه.
أما الخالف في قوة الجزاء ،فمرده إلى اختالف القواعد في أهميتها من حيث اتص''الها بكي''ان
المجتمع .
5د .محمود جمال الدين زكي دروس مقدمة لطلبة الدراسات القانونية ، 1969ص 75 :وما بعدها -السنهوري وحشمت أوستيت Kأصول القانون
أو المدخل لدراسة القانون ، 1946ص - 12 :د.حسن النوري ،المرجع السابق ،ص - 9,8 :عبد الرزاق حسن فرج ،المدخل للعلوم القانونية
الجزء االول ، 1974ص 18 :و 119
6من ذلك يفهم لماذا مثلت العدالة وهي تمسك بإحدى يديها ميزانا وتقبض في نفس الوقت على رمح باألخرى ولقد وضح أحد قادة الفكر الفرنسيين
وهو الفيلسوف باسكال ،تلك الرابطة الوثيقة بين القوة والقانون بطريقة هي أية في البالغة فقال " :العدالة المجردة من القوة عاجزة والقوة غير
العادلة استبداد ،فيتحتم اذن وضع العدالة والقوة معا ،بالسعي إلى أن يكون العدل قويا وأن تكون القوة عادلة .
فالقاعدة التي تحرم القتل أكثر خطورة من تلك التي تحرم الس''رقة ول''ذلك ن''رى ج''زاء االولى
يصل أحيانا إلي االعدام .
وإذا كان الجزاء يختلف في طبيعته وقوته باختالف القاعدة القانوني''ة ال''تي تتض''منه ،إال أن''ه
يمكن رد كافة أنواعه بحسب وقت توقيعه والغاية التي يستهدفها إلى نوعين :
-1جزاء يوق''ع قب''ل أن تق''ع مخالف''ة القاع''دة القانوني''ة ،ويس''مى ب''الجزاء الم''انع Sanction
. preventiveومثاله تدخل السلطة العامة لمنع التجمهر أو التظهار أو التع''دي على االمالك
أو على االشخاص .
2الجزاء الذي يفرض بعد مخالف'ة القاع''دة القانوني''ة ،ويس''مى ب''الجزاء الت'اديبي أو ال''ردعي
، Sanction repressiveويهدف إلى تأديب المخالف وزجره بحيث يك''ون ذل''ك زج''را ل''ه
وردها لغيره مما يساعد على منع تكرار وقوع الحبس أو السجن على من يسرق م''ال غ''يره،
وعقوبة االعدام على من يقتل نفسا بريئة.
أنواع القاعدة القانونية
يصنف الفقه القاعدة القانوني'ة إلى تص''نيفات وتقس''يمات متع''ددة ،فهن'اك تص''نيف يعتم'د على
التمييز بين القواعد الموضوعية' والقواعد الشكلية ،وهناك أيضا التصنيف الق''ائم على أس''اس
التمييز بين القواعد المكتوبة والقواعد غير المكتوبة ،إضافة للقواعد اآلمرة والقواعد المكملة،
7
وأخيرا قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص.
أيضا ما جاء في الفصل 580منق.ل.ع.م ،الذي نص على أنه "يلتزم المشتري بتس''لم الش''يء
المبيع في المكان والوقت اللذين يحددهما العقد .فإذا س''كت العق''د عن البي''ان ،ولم يج''ر بش''أنه
عرف التزم المشتري بأن يتس''لم الم''بيع ف''ورا ،إال م'ا يقتض''يه تس''لمه من زمن .وإذا لم يتق''دم
المشتري لتسلم المبيع ،أو إذا تقدم لتسلمه ،ولكنه لم يعرض في نفس الوقت أداء ثمن''ه ،عن''دما
يكون هذا الثمن معجال ،وجب اتباع القواعد المتعلقة بمطل الدائن.
وإذا لزم تسليم األشياء المبيعة على ع''دة دفع''ات ،ف''إن ع''دم تس''لم الدفع''ة األولى ي''رتب نفس
اآلثار التي يرتبها عدم تسلم األشياء كلها .كل ذلك ما لم يقع اتفاق بين الطرفين على خالفه".
لم يتفق الفقه على معيار واحد للتفريق بين القواعد اآلم''رة والقواع''د المكمل''ة؛ وعموم''ا ،ف''إن
هناك معيارين اثنين ،األول يعتبر معيارا ش''كليا أو لفظي''ا ،حيث يمكنن''ا التع''رف على طبيع''ة
القاعدة القانونية بالرجوع إلى النص ذاته ،أي من خالل الرجوع إلى عبارات النص ذاتها لم''ا
تشتمل عليه من ألفاظ ؛ فإذا اتضح من أ ألفاظ النص أنه ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكام''ه
كانت القاعدة آمرة ،بينما إذا تبين من عبارات النص صحة االتفاقات المخالفة ألحكام'ه ك'انت
القاعدة مكملة.
أما المعيار الثاني ،فه''و المعي''ار المعن''وي أو الموض''وعي؛ ال''ذي يعتم''د للتمي''يز بين القواع''د
اآلمرة والقواعد المكملة على مدى صلة وارتب''اط أحك''ام النص بالنظ''ام الع''ام واآلداب؛ حيث
تكون القاعدة المتصلة بالنظام العام واآلداب قاعدة آمرة ،أما غيرها فهي تعت''بر قاع''دة مكمل''ة
والمعيار المعنوي أصعب من المعيار األول الذي يعتبر سهال للغاية لدرجة دفعت بعض الفقه
إلى القول بأن تحدي''د القاع'دة بن'اء على المعي'ار الش'كلي ال يحت'اج لب'دل أي مجه'ود عقلي أو
مباشرة أية سلطة تقديرية .
والسبب في صعوبة هذا المعيار يرجع باألساس إلى صعوبة تحديد مفهوم النظ''ام الع''ام ال''ذي
يعتبر من المفاهيم المرنة التي يصعب تحديدها تحديدا دقيق''ا؛ ف''البعض" ذهب إلى الق''ول ب''أن
المقصود بالنظام العام ه'و عب''ارة عن األس''اس السياس''ي واالجتم'اعي واالقتص'ادي والخلقي
الذي يقوم عليه كيان الجماعة كما يرسمه نظامها القانوني.
عموما فإن المقصود به هو ذلك المفه'وم ال''ذي يه''دف لحماي'ة المص''لحة العام''ة للمجتم''ع من
تج''اوزات اإلرادات الفردي''ة ،وذل''ك بمن''ع ه''ذه اإلرادات من مخالف''ة القواع''د المعت''برة ل''دى
مجتمع ما بأنها ضرورية للمجتمع.
رابعا :قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص
تنقسم القاعدة القانونية من حيث طبيعتها إلى قواع''د الق''انون الع''ام وقواع''د الق''انون الخ''اص؛
والمعيار األساسي للتمييز بين هاذين الن''وعين من القواع''د يرج''ع باألس''اس إلى م''دى وج''ود
الدولة كطرف في العالقة القانونية التي تحكمها تلك القواعد؛ ذلك أن''ه إذا ك''انت الدول''ة طرف'ا
في العالقة القانوني'ة باعتباره''ا ص'احبة الس''يادة والس''لطة ،ف'إن ه'ذه العالق''ة تك''ون خاض'عة
للقانون العام.
ومن ثم فإن القواعد التي ينظمها الق'انون الع'ام هي ال'تي تك'ون الدول'ة طرف'ا فيه'ا باعتباره'ا
صاحبة السيادة والسلطة ،في حين أن القواعد التي ينظمها القانون الخاص هي التي ال تكون
الدولة طرفا فيها بهذا الوصف ،وإنما بوصفها هيئة معنوية عادية تتعامل كغيرها من األفراد.
بن''اء على ذل''ك ،ف''إن المقص''ود بالق''انون الع''ام ه''و مجموع''ة القواع''د القانوني''ة ال''تي تنظم
التصرفات والمعامالت التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها ص''احبة الس''لطة والس''يادة؛ في
حين أن المقصود بالقانون الخاص هو مجموع''ة القواع''د ال''تي تنظم التص''رفات والمع''امالت
القانونية القائمة بين األفراد فيم'ا بينهم ،أو بينهم وبين الدول'ة حينم'ا تت''دخل كش''خص معن''وي
عادي يقوم بأعمال عادية بعيدة عن أعمال السيادة والسلطة.
قلنا المعيار األساسي ،على اعتبار أن هناك معايير أخرى؛ لعل أهمه''ا :غ''ير أن ه''ذا المعي''ار
تعرض المجموعة من االنتقادات ،من بينه''ا ص''عوبة معرف''ة الح''دود الفاص''لة بين المص''لحة
العامة والمصلحة الخاصة؛ وأيضا كون القواعد التي تهدف إلى تحقيق المص'لحة العام'ة ليس
قاصرا على قواعد القانون العام .في مقابل هذا الرأي ،فإن هناك جانبا آخ''ر من الفق''ه ،يعتم''د
معيار الخصائص الجوهرية للقواع'د القانوني''ة ،ذل''ك أن الق''انون الع''ام غالب''ا م'ا يتس'م بكون'ه
قانون ،آمر مع ما يترتب عن ذلك من خضوع الفرد إلرادة الدولة في الوقت ال''ذي يعت''بر في''ه
القانون الخاص قانونا ليبراليا مبني على الحرية ،كم''ا ه''و الش''أن بالنس''بة للعالق''ات التعاقدي''ة
التي تخضع لمبدأ سلطان اإلرادة ،مع ما ي''ترتب عن ذل''ك من ع''دم إمكاني''ة إل''زام األف''راد إال
بمقدار ما التزموا به.
معيار المصلحة ،أي المعيار الراجع لغاية القواعد القانونية ،حيث يهدف القانون الع'ام تحقي''ق
المصلحة العامة وبالتالي فهو يهدف لخدمة المجتمع وتسبيقها عما سواها ،بينما يهدف القانون
الخاص إلى تحقيق مصلحة الفرد باألساس.
وقد تعرض هذا المعيار للعدي''د من االنتق''ادات لع''ل أهمه''ا ه''و أن''ه ليس ص''حيحا ك''ل قواع''د
القانون العام هي قواعد إخضاع للف''رد ،فال يمكن تص''ور ذل''ك فيم''ا يخص الحري''ات الفردي''ة
المقررة للمواطنين .مثال على ذلك ،عقد اإليجار المبرم بين الدولة باعتبارها شخص معن''وي
عادي وشخص مؤجر؛ حيث يخضع لقواعد القانون الخاص.
11
الفقرة الثانية :تمييز قواعد القانون وقواعد السلوك االجتماعي األخرى و عالقته بالعلوم األخرى
استعرضنا سابقا أن القواعد القانونية غايتها المثلى التي تس''عى إلى الوص''ول إليه''ا هي تنظيم
العيش في المجتمع ويشاركها في هذا المسعى الحميد سائر القواعد االجتماعية األخ''رى ،لكن
هذا ال يعني أن القواعد القانونية متماثلة تمام التماثل مع القواعد االجتماعية األخرى؛ ب''ل هي
تتم''يز عن بعض''ها تم''يزاً كب''يرا ،س''نظهره فيم''ا ي''أتي ،ب''دءاً بقواع''د الع''ادات والمج''امالت
والتقاليد ثم قواعد األخالق.
تمييز قواعد القانون وقواعد السلوك االجتماعي األخرى
أوال :قواعد القانون وقواعد العادات والمجامالت والتقاليد
د .عبد الرحمان الشرقاوي ،نظرية القانون ،المبحث الرابع ،صفحة ٣٢- ٣١ -٣٠ 11
ال يخل مجتمع إنساني من قواع''د تواض''ع عليه''ا أف''راده في عالق''اتهم وص''التهم اليومي''ة ،أو
يألفونها في ملبسهم وما ينبغي أن يكون عليه مظهرهم.
فتم قواعد تتطلبها المجامالت ويفرضها التهذيب الحسن والتمدن والتحضر ،مثل :التحية عند
اللقاء باإلش''ارات المعت''ادة والتعزي''ة في الم''وت والمواس''اة في الملم''ات ،والتهنئ''ة في الف''رح
كازدياد مولود ،أو زواج ،أو نجاح في امتحان .
وهناك قواعد تفرضها الع''ادات والتقالي''د كاالعتن''اء ب'الملبس وحس'ن المظه'ر ،وه'ذه تختل''ف
باختالف الرجال والنساء .فجميع هذه القواعد وما شاكلها قواعد يأتمر بها األفراد في سلوكهم
االجتماعي بل وقد يعدها أفراد المجتمع ملزمة لهم وبالتالي
يستنكرون الخروج عليها ،تأسيس''ا على أنه''ا قواع''د اجتماعي''ة ي''ترتب على مخالفته''ا ج''زاء
يتمثل في استنكار الناس .
وهذا هو السبب الذي أدى إلى القول باعتبار الجزاء معيارا للتمييز بين قواعد القانون وقواعد
المجامالت والتقاليد والعادات وإذا كان الجزاء في الثانية ال يتجاوز استنكار هنا هو م''ا س''بب
هذا الناس ،فهو في األولى إجبار تحتكر السلطة العامة في المجتمع توقيعه على المخالف .
12الدكتور حسن كيرة المرجع السابق ،صفحة ،28،والدكتور توفيق فرج المرجع السابق ،صفحة ،28
والدكتور خالد عبد هللا عيد المرجع السابق ،صفحة .20
الذي يقضي باسترداد ما دفع لسبب مخالف ...لألخالق الحميدة وك''ذا أيض''ا الفص''ل 108من
قانون االلتزامات والعقود الذي يقضي بأن الشرط يبطل إذا خالف األخالق».
وهذا ال يعني أن القانون يتحد مع األخالق؛ ب''ل يظ''ل ك''ل منهم''ا في مكان''ه س''اعيا إلى غايت''ه
الخاصة به مع مالحظة أن األخالق كلما انتقل من مكان خلفه القانون لالس''تحواد علي''ه ،مث''ل
قانون السير في الطرق العام''ة ،وتحدي''د مواعي''د للطعن في األحك''ام ،واش''تراط الرس''مية في
بعض التص''رفات فه''ذه أم''ور تنظيمي''ة بحت''ة حتمته''ا فك''رة النف''ع االجتم''اعي ،وفي المقاب''ل
فالقانون بدوره ال يمد يده إلى جميع ما تقضي به األخالق ،فمثال بالصدق والش''جاعة والنف''اق
13
اهتمام األخالق بها .
14
عالقة القانون بالعلوم األخرى
نعلم أن الق''انون مجموع''ة من القواع''د القانونية ال''تي ته''دف الى تنظيم س''لوك االف''راد في
المجتمع و تحمي النشاط الفردي بما يتفق مع مصلحة الجماع''ة ،فه''و أيض''ا من العل''وم ال''تي
تدرس االنسان باعتباره فردا من المجتمع مما يجعله في صلة بغيره من العلوم
الدراسة التاريخية تعين على فهم النظم التاريخية المعاصرة ال''تي ك''انت نتيج''ة تط''ور طوي''ل
على م''دى الت''اريخ و من''ه المس''اعدة على التوص''ل الى التفس''ير و الفهم الص''حيحين للنظ''ام
القانوني المعاصر مع سبقه من انظمة القانون .باخد المشرع ما ثبتت نجاعته و طرح ما تبثت
عيوبه.
االقتصاد يحدد القواعد التي تنظم الجوانب المختلفة النشاط االقتص''ادي من انت''اج و توزي''ع و
استهالك و عالقته بالقانون تتجلى في كون االخير ينظم العقود باعتبارها اداة لتداول االم''وال
و تصريف الخدمات و اغلملكية و السجل التجاري ،و يتاثر هة االخ''ر بالم''دهب االقتص''ادي
السائد في المجتمع.