You are on page 1of 5

‫د‪ .

‬يونس الحكيم‬

‫أستاذ باحث بجامعة موالي إسماعيل‬


‫الكلية المتعددة التخصصات ‪-‬الرشيدية‬

‫المــدخــل للـعلـوم القانــونـية‬


‫نظرية القانون‬
‫‪-2 -‬تمييز القاعدة القانونية عن غيرها من القواعد اآلخرى ‪-‬‬

‫السنة الجامعية ‪2021 -2020‬‬

‫‪1‬‬
‫التمييز بين القاعدة القانونية وغيرها من القواعد االجتماعية األخرى‬

‫ندرس فً هذا المطلب‪ ،‬أوال لتمٌٌز القاعدة القانونٌة عن غٌرها من القواعد‬


‫االجتماعٌة األخرى وثانيا ألساسها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬التمييز بين القاعدة القانونية وغيرها من القواعد االجتماعية األخرى‬

‫ٌتضح مما سبق‪ ،‬أن القانون عبارة عن مجموعة من القواعد العامة التً‬
‫تحكم سلوك األشخاص فً الجماعة‪ ،‬والتً ٌتعٌن علٌهم الخضوع لها ولو بالقوة‬
‫إذا لزم األمر‪.‬‬

‫إال أن مسألة تنظٌم سلوك األفراد داخل المجتمع لٌست خاصة بالقواعد‬
‫القانونٌة فقط‪ ،‬بل تتدخل فً تنظٌم السلوك اإلنسانً كذلك كل من قواعد‪:‬‬
‫المجامالت واألخالق والدٌن‪:‬‬

‫‪ - 1‬التمييز بين القواعد القانونية وقواعد المجامالت‪:‬‬

‫قواعد المجامالت هً مجموعة من العادات والتقالٌد التً ٌجري الناس‬


‫على إتباعها فً حٌاتهم فً مجتمع ما‪.‬‬

‫حٌث توجد فً كل مجتمع قواعد سلوك ٌتبعها الناس فً حٌاتهم الٌومٌة‪،‬‬


‫كالتحٌة عند اللقاء والتهنئة فً المناسبات السعٌدة‪ ،‬والعزاء فً الموت‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وإذا كانت قواعد المجامالت تتفق مع قواعد القانون فً أن كلٌهما ٌسعٌان‬


‫إلى تنظٌم سلوك األفراد فً المجتمع بحٌث ٌشعرون بإلزامٌة إتباعها لكنهما‬
‫ٌختلفان سواء من حٌث الغاٌة أومن حٌث الجزاء‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فمن حيث الغاية ‪ :‬فغاٌة القانون حفظ نظام المجتمع وضمان استقراره‬
‫وتحقٌق مصالح الجماعة‪ ،‬أما قواعد المجامالت فال ترقى إلى ذلك وتسعى فقط‬
‫إلى تحقٌق غاٌات عرضٌة ال ٌؤدي عدم احترامها إلى اضطراب الحٌاة‬
‫االجتماعٌة وال االنتقاص من المصلحة العامة‪.‬‬

‫أما من حيث الجزاء‪ :‬فإذا كان الجزاء فً قواعد القانون كما سبق هو جزاء‬
‫مادي تتولى السلطة العامة توقٌعه بما تملكه من وسائل الجبر واإلكراه‪ ،‬بٌنما‬
‫جزاء مخالفة قواعد المجامالت ما هو إال جزاء معنوي ‪،‬أدبً ٌقتصر على‬
‫استنكار الناس للسلوك المخالف‪.‬‬

‫التمييز بين القواعد القانونية والقواعد األخالقية‪:‬‬

‫األخالق هً مجموعة من الضوابط السلوكٌة لإلنسان والمثل والمبادئ‬


‫السامٌة المحددة لمعانً الخٌر والشر والحق والباطل فً مجتمع ما فً زمن معٌن‬
‫كتجنب الكذب والوفاء بالعهد واإلٌثار وعدم اإلضرار بالغٌر‪...‬‬

‫كل من قواعد األخالق وقواعد القانون قواعد سلوك‪ ،‬عامة ومجردة تحدد‬
‫للفرد ما ٌجب فعله وما ٌجب تركه‪ ،‬ولكل من هذه القواعد أهداف وغاٌات معٌنة‬
‫فً إطار المصلحة العامة‪.‬‬

‫وقد تم تشبٌه القانون واألخالق بالروح والجسد‪ ،‬األخالق أحاسٌس‬


‫ومشاعر ٌؤمن بها المرء وٌعتقد أنها هً الحق والخٌر والعدل وٌسٌر على هدٌها‬
‫والقانون كائن ملموس بوسائل محسوسة لعالج ظواهر ووقائع ملموسة‪.‬‬

‫وبالرغم من هذا التداخل الكبٌر فقد حاول الفقهاء التمٌٌز بٌن قواعد‬
‫القانون وقواعد األخالق استنادا الختالف الغاٌة والنطاق والجزاء بالنسبة إلٌهما‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫فبخصوص الغاية تهدف األخالق بصورة رئٌسٌة إلى تحقٌق قٌم شخصٌة‬
‫كمالٌة تكرس الطمأنٌنة والسالمة الداخلٌة لإلنسان و سمو النفس و بلوغ الكمال‬
‫الفردي‪ ،‬بٌنما ٌهدف القانون قبل كل شًء إلى تحقٌق الطمأنٌنة والسالمة العامة‬
‫أو الخارجٌة وتأمٌن النظام فً المجتمع أي تحقٌق قٌم اجتماعٌة نفعٌة‪ ،‬لذلك ٌعتبر‬
‫القانون نظام اجتماعً واألخالق نظام فردي شخصً‪.‬‬

‫أما من حٌث النطاق ‪ ،‬فنطاق القانون هو فً الواقع أقل سعة من نطاق‬


‫األخالق‪ ،‬ذلك أن القانون إنما ٌهتم فقط بقسم من أعمال اإلنسان وتصرفاته ال بها‬
‫كلها‪ ،‬وهذا القسم ٌتضمن التصرفات التً تدخل فً نطاق سلوكه االجتماعً‬
‫وعالقاته مع غٌره من أفراد المجتمع‪ ،‬بٌنما تشمل قواعد األخالق هذا النوع من‬
‫تصرفات اإلنسان‪ ،‬وتشمل أٌضا تصرفاته الخاصة التً تدخل فً نطاق سلوكه‬
‫الفردي حتى ولو لم ٌكن لها من أثر فً عالقاته باآلخرٌن‪.1‬‬

‫لهذا فاألخالق أوسع من القانون لكونها تهتم بعالقة الفرد مع نفسه ومع غٌره‪،‬‬
‫كما تمتد لتشمل النٌة الداخلٌة‪.‬‬

‫ومن حٌث الجزاء‪ :‬فإذا كان الجزاء فً القواعد القانونٌة كما سبق ٌتمٌز‬
‫بكونه جزاء مادي منظم توقعه السلطة العامة فً حق المخالف‪ ،‬فإن الجزاء فً‬
‫القواعد األخالقٌة جزاء معنوي ٌتمثل فً تأنٌب الضمٌر أو استنكار الجماعة‪ ،‬فال‬
‫توجد سلطة علٌا ترغم على احترام القواعد األخالقٌة‪.‬‬

‫‪- 2‬التمييز بين القواعد القانونية وقواعد الدين‪:‬‬

‫ٌقصد بالدٌن مجوعة القواعد التً أنزلها هللا سبحانه وتعالى على األنبٌاء‬
‫والرسل فً شكل أوامر ونواهً قصد تبلٌغها للناس للعمل بها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫وقواعد الدٌن تنظم ثالثة أنواع من الروابط‪ :‬الرابطة األولى هً التً تقوم‬
‫بٌن الفرد وبٌن خالقه وتسمى بالعبادات من صالة وزكاة وصٌام وحج وغٌرها‬
‫من الشعائر والرابطة الثانية فهً التً تقوم بٌن الفرد وأقرانه فً المجتمع وتسمى‬
‫بالمعامالت من بٌع وإٌجار وزواج وطالق‪...‬أما الرابطة الثالثة فهً تنظم عالقة‬
‫الفرد بنفسه‪.‬‬

‫وٌتفق الدٌن مع القانون فً تنظٌم العٌش داخل الجماعة‪ ،‬كما ٌنظم القانون‬
‫قضاٌا سبق للدٌن أن نظمها‪ ،‬كما هو الشأن فً القواعد المتعلقة باألحوال‬
‫الشخصٌة كالزواج والطالق ونسب وحضانة ونفقة وإرث ووصٌة ‪...‬إلخ‪.‬‬

‫وتختلف القواعد القانونٌة عن قواعد الدٌن من حٌث الغاٌة والجزاء‪:‬‬

‫بتنظٌم سلوك األفراد‬ ‫فمن حٌث الغاية ‪ ،‬فإذا كانت القواعد الدٌنٌة تهتم كذلك‬
‫داخل المجتمع فه ي تنظم أٌضا عالقة المرء بربه‪ ،‬وعالقة المرء بنفسه‪ ،‬كما أنه‬
‫ٌحاسب اإلنسان على نواٌاه المحضة‪ ،‬أما غاٌة القانون نفعٌة ألن قواعده تهدف‬
‫تحقٌق للمساواة واألمن بٌن أفراد المجتمع‪.‬‬
‫ا‬ ‫إلى تنظٌم السلوك الخارجً للفرد‬

‫أما من حٌث الجزاء فإذا كانت كل من قواعد الدٌن وقواعد القانون لها جزاء‬
‫ٌوقع عند مخالفة أي منهما‪ ،‬فإن مضمون هذا الجزاء ٌختلف فً األولى عن‬
‫الثانٌة‪ .‬فالجزاء القانونً؛ جزاء دنٌوي ‪ -‬مادي ‪ -‬حال توقعه السلطة العامة‪ ،‬أما‬
‫الجزاء الدٌنً فهو جزاء أخروي مؤجل (وقد ٌصاحبه جزاء دنٌوي) ٌوقعه هللا‬
‫سبحانه وتعالى فً حق المخالف‪.‬‬

‫‪5‬‬

You might also like