Professional Documents
Culture Documents
يونس الحكيم
1
التمييز بين القاعدة القانونية وغيرها من القواعد االجتماعية األخرى
ٌتضح مما سبق ،أن القانون عبارة عن مجموعة من القواعد العامة التً
تحكم سلوك األشخاص فً الجماعة ،والتً ٌتعٌن علٌهم الخضوع لها ولو بالقوة
إذا لزم األمر.
إال أن مسألة تنظٌم سلوك األفراد داخل المجتمع لٌست خاصة بالقواعد
القانونٌة فقط ،بل تتدخل فً تنظٌم السلوك اإلنسانً كذلك كل من قواعد:
المجامالت واألخالق والدٌن:
2
فمن حيث الغاية :فغاٌة القانون حفظ نظام المجتمع وضمان استقراره
وتحقٌق مصالح الجماعة ،أما قواعد المجامالت فال ترقى إلى ذلك وتسعى فقط
إلى تحقٌق غاٌات عرضٌة ال ٌؤدي عدم احترامها إلى اضطراب الحٌاة
االجتماعٌة وال االنتقاص من المصلحة العامة.
أما من حيث الجزاء :فإذا كان الجزاء فً قواعد القانون كما سبق هو جزاء
مادي تتولى السلطة العامة توقٌعه بما تملكه من وسائل الجبر واإلكراه ،بٌنما
جزاء مخالفة قواعد المجامالت ما هو إال جزاء معنوي ،أدبً ٌقتصر على
استنكار الناس للسلوك المخالف.
كل من قواعد األخالق وقواعد القانون قواعد سلوك ،عامة ومجردة تحدد
للفرد ما ٌجب فعله وما ٌجب تركه ،ولكل من هذه القواعد أهداف وغاٌات معٌنة
فً إطار المصلحة العامة.
وبالرغم من هذا التداخل الكبٌر فقد حاول الفقهاء التمٌٌز بٌن قواعد
القانون وقواعد األخالق استنادا الختالف الغاٌة والنطاق والجزاء بالنسبة إلٌهما:
3
فبخصوص الغاية تهدف األخالق بصورة رئٌسٌة إلى تحقٌق قٌم شخصٌة
كمالٌة تكرس الطمأنٌنة والسالمة الداخلٌة لإلنسان و سمو النفس و بلوغ الكمال
الفردي ،بٌنما ٌهدف القانون قبل كل شًء إلى تحقٌق الطمأنٌنة والسالمة العامة
أو الخارجٌة وتأمٌن النظام فً المجتمع أي تحقٌق قٌم اجتماعٌة نفعٌة ،لذلك ٌعتبر
القانون نظام اجتماعً واألخالق نظام فردي شخصً.
لهذا فاألخالق أوسع من القانون لكونها تهتم بعالقة الفرد مع نفسه ومع غٌره،
كما تمتد لتشمل النٌة الداخلٌة.
ومن حٌث الجزاء :فإذا كان الجزاء فً القواعد القانونٌة كما سبق ٌتمٌز
بكونه جزاء مادي منظم توقعه السلطة العامة فً حق المخالف ،فإن الجزاء فً
القواعد األخالقٌة جزاء معنوي ٌتمثل فً تأنٌب الضمٌر أو استنكار الجماعة ،فال
توجد سلطة علٌا ترغم على احترام القواعد األخالقٌة.
ٌقصد بالدٌن مجوعة القواعد التً أنزلها هللا سبحانه وتعالى على األنبٌاء
والرسل فً شكل أوامر ونواهً قصد تبلٌغها للناس للعمل بها.
4
وقواعد الدٌن تنظم ثالثة أنواع من الروابط :الرابطة األولى هً التً تقوم
بٌن الفرد وبٌن خالقه وتسمى بالعبادات من صالة وزكاة وصٌام وحج وغٌرها
من الشعائر والرابطة الثانية فهً التً تقوم بٌن الفرد وأقرانه فً المجتمع وتسمى
بالمعامالت من بٌع وإٌجار وزواج وطالق...أما الرابطة الثالثة فهً تنظم عالقة
الفرد بنفسه.
وٌتفق الدٌن مع القانون فً تنظٌم العٌش داخل الجماعة ،كما ٌنظم القانون
قضاٌا سبق للدٌن أن نظمها ،كما هو الشأن فً القواعد المتعلقة باألحوال
الشخصٌة كالزواج والطالق ونسب وحضانة ونفقة وإرث ووصٌة ...إلخ.
بتنظٌم سلوك األفراد فمن حٌث الغاية ،فإذا كانت القواعد الدٌنٌة تهتم كذلك
داخل المجتمع فه ي تنظم أٌضا عالقة المرء بربه ،وعالقة المرء بنفسه ،كما أنه
ٌحاسب اإلنسان على نواٌاه المحضة ،أما غاٌة القانون نفعٌة ألن قواعده تهدف
تحقٌق للمساواة واألمن بٌن أفراد المجتمع.
ا إلى تنظٌم السلوك الخارجً للفرد
أما من حٌث الجزاء فإذا كانت كل من قواعد الدٌن وقواعد القانون لها جزاء
ٌوقع عند مخالفة أي منهما ،فإن مضمون هذا الجزاء ٌختلف فً األولى عن
الثانٌة .فالجزاء القانونً؛ جزاء دنٌوي -مادي -حال توقعه السلطة العامة ،أما
الجزاء الدٌنً فهو جزاء أخروي مؤجل (وقد ٌصاحبه جزاء دنٌوي) ٌوقعه هللا
سبحانه وتعالى فً حق المخالف.
5