You are on page 1of 4

‫‪.

‬المبحث الثاني‬

‫التمييز بين القواعد القانونية و غيرها من القواعد االجتماعية األخرى‬

‫ليست القاعدة القانونية وحدها تهدف لتنظيم سلوكيات أفراد مجتمع ما‪ ,‬بل توجد أيضا إلى جانبها‬
‫قواعد أخرى لها نفس الغاية‪ ,‬تتمثل هذه القواعد في قواعد الدين‪ ,‬و قواعد األخالق‪ ,‬و قواعد‬
‫المجامالت و العادات‪ ,‬و أحيانا هذه القواعد يتم خلطها مع قواعد القانون في بعض أوجه‪ .‬لذا‬
‫وجب علينا تمييز بين هذه القواعد على النحو التالي‬

‫المطلب ‪ .1‬قواعد القانون و قواعد المجامالت و العادات‬

‫المطلب ‪ .2‬قواعد القانون و قواعد األخالق‬

‫المطلب ‪ .3‬قواعد القانون و قواعد الدين‬

‫المطلب ‪ .1‬قواعد القانون و قواعد المجامالت و العادات‬

‫هي مجموعة العادات و التقاليد االجتماعية الموجودة في كل مجتمع و التي اتفق أفراده على‬
‫مراعاتها في المناسبات و تعامالتهم اليومية‪ ,‬و هي متوارثة جيال بعد جيل‪ .‬و من هذه القواعد‪:‬‬
‫طريقة إلقاء التحية؛ تق ًديم العزاء‪ ،‬تبادل الزيارات في المناسبات‪ ،‬أو كتلك التي ترعى بين الدول‬
‫في السلك الدبلوماسي عند التقاء ممثلهم ببغضهم البعض‪ ,‬أو عند حفل رسمي أو حين توقيع‬
‫…اتفاقية‬

‫وتتشابه هذه القواعد مع القواعد القانونية في أنها تحكم سلوك األفراد داخل المجتمع‪ ,‬ولكنها على‬
‫الرغم من ذلك تختلف عنها في الجزاء‪,‬فجزاء مخالفة المجامالت و العادات تتمثل في المعاملة‬
‫بالمثل أو استنكار الجماعة في حين أن جزاء قواعد القانون جزاء مادي‪ ،‬وحال‪ ،‬ومنظم‪ ،‬وتوقعه‬
‫‪.‬السلطة العامة على من يخالفها‬

‫فقواعد المجامالت والتقاليد ال ترقى إلى المستوى الذي يجعل السلطة تدخل لفرض الجزاء المادي‬
‫على من يخالفها‪ .‬في حين‪ ،‬ترتبط القاعدة القانونية بتحقيق النظام واألمن واالستقرار داخل‬
‫المجتمع‪ .‬لذا‪ ،‬البد من فرض احترامها بجزاء مادي محسوس من طرف السلطة العامة على كل‬
‫‪.‬من يخالفها‬

‫المطلب ‪ .2‬قواعد القانون وقواعد األخالق‬

‫يقصد بقواعد األخالق مجموعه المبادئ والتعاليم المثالية التي يعتبرها الجانب األكبر من أفراد‬
‫المجتمع‪ ،‬في وقت معين‪ ،‬قواعد السلوك يجب على األفراد احترامها وإتباعها‪ .‬مثال ذلك‪ ،‬القواعد‬
‫التي تحث على فعل الخيرات وجذب المحظورات‪ ،‬وكذلك الدعوة إلى التعاون والمساعدة‬
‫‪.‬الضعفاء‪ ،‬و الوفاء بالعهد و الصدق في القول‬

‫قواعد األخالق‪ ،‬قواعد نسبية تختلف من مجتمع إلى أخر‪ ،‬أن تختلف داخل المجتمع الواحد من‬
‫فترة زمنية إلى فترة وأخرى‪ .‬وتتفق هذه القواعد مع قواعد القانون في أن كال منهما قواعد سلوك‬
‫االجتماعية‪ ،‬تسعى إلى الحفاظ على استقرار األمن داخل المجتمع‪ ،‬كما تتشابه هذه القواعد مع‬
‫قواعد القانون فان كثيرا من األفعال التي تجرمها األخالق مثل السرقة والنصب وخيانة األمانة‪،‬‬
‫‪.‬تنتهي عنها تنهى عنها القواعد القانونية‬

‫وعلى رغم من وجود تشابه بين قواعد األخالق وقواعد القانون إلى أنهما يختلفان في بعض‬
‫األمور كالنطاق دائرتهما‪ .‬فاألولى أوسع من الثانية‪ ،‬حيث أنها تنظم عالقة اإلنسان بغيره‪ ،‬وتفرض‬
‫عليه واجبات نحو نفسه كما أنها تهتم بالمقاصد و النوايا المحضة و تحاسب عليها‪ ،‬وبالتالي فهي‬
‫تتشابه مع قواعد الدين‪ .‬أما قواعد القانون ال تهتم إال بعالقة الفرد نحو اآلخرين وال تهتم إال‬
‫‪.‬بالسلوك الخارجي األفراد دون البحث عن المقاصد والنوايا إال في حاالت محدودة‬

‫من ناحية المصدر‪ ،‬القواعد األخالقية مستمدة من أفكار مستقرة في كل فرد من أفراد المجتمع و‬
‫ضمير الجماعة سواء كان مصدرها معتقدات دينية أم مناهج الفلسفية‪ .‬أما القاعدة القانونية‬
‫‪.‬فمصدرها التشريع أو ما تعارف عليه الناس من سلوكه و اعتقد بأنه أمر الزم‬

‫كذلك تختلفان في غايتهما اتجاه المجتمع‪ ،‬فقواعد األخالق غاياتها مثاليه تهدف إلى تكوين أفراد‬
‫نموذجين في مجتمع وترقى بهم إلى مرتبه الكمال حيث إنها تأمرهم بالتحلي بصفات حميدة‪.‬‬
‫بخالف قواعد القانون التي غايتها نفعية‪ ،‬حيث تسعى إلى إقرار نظام داخل المجتمع‪ ،‬و تحقيق‬
‫‪.‬المساواة بين األفراد‪ ،‬وتحقيق العدالة‬
‫من حيث الجزاء‪ ،‬فمخالفة قواعد األخالق لها جزاء معنوي يتمثل في تأنيب الضمير‪ ،‬واستنكار‪،‬‬
‫واستهجان الجماعة للتصرف غير أخالقي‪ ،‬كما أن هذا الجزاء غير محدد وغير موكل توقيعه‬
‫للسلطة‪ .‬و عكس ذلك جزاء مخالفه قواعد القانون‪ ،‬فهو جزاء منظم منصوص عليه في القانون‪،‬‬
‫‪.‬توقعه السلطة العامة على المخالف‬

‫و رغم االختالف الموجود بين قواعد القانون وقواعد األخالق‪ ،‬فان القانون ال يرقى وال يتقدم إال‬
‫بمقدار ما يتأثر به من قواعد األخالق‪ ،‬لهذا حرصت المجتمعات المتقدمة على قيام بتقنين ما تراه‬
‫‪.‬مناسبا من هذه القواعد‬

‫المطلب‪ .3‬قواعد القانون وقواعد الدين‬

‫قواعد الدين هي سلسلة األوامر والنواهي الربانية المنزلة من الخالق الى المخلوق عن طريق‬
‫رسله لحكم النشاط البشري و إرشاد الناس وهاديتهم إلى ما فيه الصالح والخير والنفع والتواب في‬
‫الدارين وإسعاد المجتمع ونشر العدل والمحبة في عالقات الناس‪ ،‬فعليهم االلتزام بإتباعها والعمل‬
‫‪.‬بتعاليمها و إال عرضوا أنفسهم في لغضب هللا وعقابه‬

‫نطاق قواعد الدين أوسع من نطاق القانون‪ ،‬حيث ان األولى ال تقتصر على تنظيم عالقة الفرد‬
‫بغيره‪ ،‬بل تشمل أيضا عالقته بخالقه وعالقته بغيره‪ .‬أما قواعد القانون فال تنظم إال عالقة الفرد‬
‫بغيره من األفراد‪ .‬مع مراعاة أن عند تنظيمها للعالقات الناشئة بين األفراد ال تهتم باألفعال‬
‫والتصرفات التي يكون لها مظهر خارجي دون االعتداد بالنوايا طالما لم تظهر إلى حيز الوجود‪،‬‬
‫‪.‬أما قواعد الدين فإنها تهتم بالنوايا تعتد بها وترتب عليها أثارا‬

‫من حيث المصدر‪ ،‬يبقى مصدر قواعد الدينية مصدر سماوي‪ ،‬ألنها من صنع الخالق‪ ،‬بينما القاعدة‬
‫القانونية من صنع البشر‪ ،‬حيث تتكفل السلطة التشريعية بين القوانين وتتكفل السلطة التنفيذية‬
‫‪.‬بالسهر على تنفيذها‬

‫أما الغاية من قواعد الدين غاية مثالية‪ ،‬ارتقاء بالنفس البشرية وتطوير الروح وتزكيتها للوصول‬
‫بها إلى مرتبة السمو الكمال‪ .‬والغاية من القانون غاية نفعية‪ ،‬تهدف إلى المحافظة على النظام‬
‫‪.‬داخل المجتمع وتحقيق التوازن بين مصالح األفراد‬

‫من ناحية الجزاء‪ ،‬فالجزاء في القاعدة الدينية جزاء دنيوي وأخروي‪ ،‬فاهلل يوقع الجزاء على‬
‫المخالف في اآلخرة‪ ،‬و ولي األمر يوقعه في الدنيا‪ ،‬أما الجزاء في القاعدة القانونية‪ ،‬فهو جزاء‬
‫دنيوي مادي‪ ،‬كمعاقبة السارق بالحبس‪ ،‬والقاتل باإلعدام أو المؤبد‪ ،‬وتتكفل السلطة العامة بتطبيق‬
‫‪.‬القانون والعمل على ضمان االحترام قواعد في المجتمع‬

You might also like