You are on page 1of 20

‫محاضرات في مادة مناهج‬

‫العلوم القانونية واالجتماعية‬


‫‪-‬المحاضرة السابعة‪-‬‬

‫االفواج ‪ 1‬و ‪ 2‬و ‪3‬‬

‫ذ‪ .‬عبد اللطيف اهادي‬

‫‪1‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬كيفية اعداد وتحضير البحث العلمي‬

‫تمر عملية البحث العلمي بمجموعة من المراحل أو الخطوات المتسلسلة والمترابطة فيما بينها‬
‫فالبحث العلمي السليم يبدأ بعملية اختيار الموضوع وتحديد المشكلة البحثية التي تمثل البداية المنطقية‬
‫ألي جهد بحثي هادف‪ ،‬والقاعدة و األساس الذي يبني عليه الباحث جميع اجراءات البحث الالحقة من‬
‫صياغة لإلشكالية او للفرضيات العلمية وتحديد نوع الدراسة‪ ،‬ومنه تحديد المناهج المتبعة ونوع البيانات‬
‫او المعلومات المطلوبة (المطلب األول)‪ ،‬وال شك ان انجاز بحث علمي موثوق يستدعي باالضافة الى‬
‫اتباع خطوات متتالية ومرتبة ترتيبا منطقيا متسلسال‪ ،‬ضرورة استخدام أدوات بحثية‪ ،‬تمكن الباحث من‬
‫الوصول إلى نتائج مرضية (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬خطوات البحث العلمي‬

‫تمر عملية البحث العلمي بمجموعة من الم ا رحل أو الخطوات المتسلسلة والمت ا ربطة فيما‬
‫بينها‪ ،‬وفي هذا الصدد تبرز أول خطوة أمام الباحث مشكلة بذلك أول صعوبة من صعوبات البحث‬
‫العلمي‪ ،‬والمتمثلة في اختيار موضوع البحث وتحديده بدقة حتى تكون االنطالقة في القيام بالبحث‬
‫صحيحة وسليمة‪ ،‬وبناء على ذلك تتم بعدها صياغة كل من اإلشكالية والفرضيات العلمية حتى تكتمل‬
‫معالم الدراسة البحثية وفق منهجية صحيحة‬

‫الفقرة االولى‪ :‬اختيار موضوع البحث‬

‫البد ان نشير في بداية هذه الخطوة الى ان كل باحث‪ ،‬عندما يوجد في وضعية يرغب فيها‬
‫تحديد ظاهرة او موضوع من الموضوعات لدراسته‪ ،‬يكون عادة في حالة قلق وحيرة تفرضها رغبته‬
‫االكيدة في سالمة اختياره‪ ،‬وصحته‪ ،‬مع العلم ان االمر يتطلب فقط‪ ،‬االنطالق من موضوع يقتضي‬
‫البحث وبالتالي فكل موضوع يثير اهتمام الباحث فهو قابل للبحث والدراسة‪ ،‬ويمكن اختياره كمشروع‬
‫دون أي تردد‪.‬‬

‫وتحديد موضوع البحث هو اول خطوة تواجه الباحث وهي خطوة سابقة لتحديد اشكالية البحث‬
‫والمقصود بموضوع البحث المجال المعرفي الذي يختاره الباحث النتقاء اشكالية محددة منه لتكون‬
‫الموضوع الذي سيبحث فيه‪ ،‬فطالب الحقوق عندما يريد ان يكتب بحثا خالل دراسته الجامعية‬
‫(مشروع بحث نهاية الدراسة لنيل االجازة مثال او رسالة الماستر او اطروحة الدكتوراه) فيفترض ان‬

‫‪2‬‬
‫يحدد المجال الذي سيبحث فيه‪ ،‬هل سيختار موضوعا في العلوم االدارية ام في العلوم الجنائية ام في‬
‫علم السياسة؟‬

‫وتعد مسالة اختيار موضوع البحث العلمي من اهم خطوات البحث العلمي التي تتطلب تريثا‬
‫وصب ار بعد مصابرة عملية البحث والتنقيب وتقييم ما تراكم لدى الباحث من معلومات ومعارف علمية‬
‫في مجال تخصصه القانوني او السياسي او االقتصادي مثال‪ ،‬حيث يعد اختيار الموضوع الخطوة‬
‫االولى التي تسهل مختلف مراحل البحث‪ ،‬زكلما كان الباحث غير موفق في االختيار اعتبر ذلك احد‬
‫اسباب التعثر في انجاز بحثه العلمي‪.‬‬

‫وان اختيار موضوع البحث العلمي ليس هو بالضرورة اختيار عنوان البحث‪ ،‬حيث يتعلق‬
‫االمر االول بمسالة مجال البحث ونطاقه الموضوعي بشكل عام‪ ،‬بينما اختيار عنوان البحث هو‬
‫تحديد مجال البحث العلمي بدقة متناهية‪ ،‬باختيار فكرة او جزئية علمية في ذلك المجال الواسع من‬
‫التخصص العلمي في العلوم القانونية او السياسية كاختيار موضوع اشكالية العزوف السياسي او نمظ‬
‫التمييز االيجابي (الكوطا) لصالح النساء في العلوم السياسية‪ ،‬او التوقيع االلكتروني في موضوع‬
‫التجارة االلكترونية ضمن تخصص القانون التجاري او الدفاع الشرعي ضمن تخصص القانون‬
‫الجنائي‪.‬‬

‫وعموما ينصح الختيار موضوع البحث بما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬اختيار البحث في موضوع نرغب بالتعمق بدراسته ألن الطالب أدرى بميوله ورغباته من غيره‪،‬‬
‫وأن يكون في مجال تخصصه‪.‬‬
‫‪ ‬البحث ما أمكن عن مواضيع غير مبحوثة سابقا‪ ،‬واذا ما كانت مبحوثة فيجب أن يأتي برؤى‬
‫جديدة أو إعادة ترتيب المعلومات بمنهجية جديدة على األقل مع إضافة النكهة الشخصية إليها‪.‬‬
‫‪ ‬أهمية الموضوع‪ :‬أي مدى فائدته للطالب نفسه‪ ،‬أو للكلية‪ ،‬أو للطالب الالحقين أو التي يحتاجها‬
‫المجتمع والدولة‪ ،‬وأن يكون للبحث أهمية وقيمة علمية من الناحية النظرية والتطبيقية‪.‬‬
‫‪ ‬حصر الموضوع‪ :‬وذلك ضمن اإلطار الذي يسمح للطالب معالجته بعمق وبشكل واف وضمن‬
‫المهارت التي يتقنها‪ ،‬وأن ال يكون كبي ار ومتشعبا‪.‬‬
‫ا‬ ‫القدرات أو اإلمكانيات و‬
‫المرجع ‪:‬إن الباحث إجماال وطالب الحقوق خاصة ليسوا مثل جان جاك روس‬
‫‪ ‬توفر المصادر و ا‬
‫وال مونتيسكو ليكتبوا من ذاتهم‪ ،‬لذا فهم مضطرون لالستعانة بمصادر وم ارجع ليجمعوا منها‬

‫‪3‬‬
‫مرجع في اللغة التي‬
‫المعلومات‪ ،‬لهذا فعليهم التأكد قبل اختيار موضوع ما‪ ،‬من أن هناك ا‬
‫يجيدونها لتساعدهم على إتمام البحث‬

‫ومن جهة اخرى يراعى في العنوان عادة المبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ ‬أن يكتب بعبارة مختصرة ولغة سهلة وواضحة ) أن يكون موج از)؛‬
‫‪ ‬أن يبدأ بكلمات محورية مثل‪ :‬دور القضاء الدستوري في حماية الحقوق والحريات او المسؤولية‬
‫الجنائية للشخص المعنوي؛‬
‫‪ ‬ان يعبر العنوان عن مضمون البحث ومحتواه دون زيادة أو نقصان‪.‬‬
‫‪ ‬أن يعكس بشكل كبير إشكالية البحث؛‬
‫‪ ‬أن تكون الكلمات محددة‪ ،‬مركزة وبعيدة عن أشكال التعميم أو التطويل؛‬
‫‪ ‬أن تكون واضحة وخالية من الغموض وااللتباس؛‬
‫‪ ‬أن تكون مباشرة تسهل فهم الفكرة وال تخدع القارئ ) المكتوب يق أر من عنوانه)‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مشكلة البحث‬

‫يبدأ البحث العلمي بموقف غامض يواجه الباحث‪ ،‬ويتجسد غموض هذا الموقف عندما يدرك‬
‫الباحث من خالل مالحظته أو تجاربه أو ممارسته اليومية أو اطالعاته أن شيئا ليس صحيحا أو يحتاج‬
‫إلى مزيد من الفهم واإليضاح والتفسير‬

‫وهذا الشعور بوجود خلل ما أو عدم فهم لظاهرة ما أو غموض ما حول أي موضوع أو موقف‬
‫غير طبيعي يمثل مرحلة اإلحساس بوجود مشكلة تشكل نقطة البداية في البحث العلمي‪ ،‬حيث يكون‬
‫للباحث إحساس يوجهه نحو المجال الذي تكون الدراسة أو البحث ضمنه ويدفعه للبحث وراء مسببات‬
‫هذا الخلل والغموض‪ ،‬والذي يطوره في مرحلة الحقة إلى تحديد موضوع للبحث العلمي بعد البحث وجمع‬
‫المعلومات واستطالع الدراسات السابقة عن جوانب الموضوع المختلفة حتى يتمكن من تحديد الموضوع‬
‫بدقة وتحديد أبعاده بصورة واضحة‪.‬‬

‫فاإلحساس بوجود مشكلة أو موقف غامض يعد الدافع الذي يجب أن يتشكل لدى الباحث ويخلق‬
‫لديه رغبة في البحث في ثنايا هذه المشكلة وفهمها‪ ،‬فهذه الخطوة تعد ضرورية كونها تولد عند الباحث‬

‫‪4‬‬
‫اهتماما وانجذابا نحو المشكلة البحثية والذي يعد ضروريا لالندفاع نحو البحث في المشكلة البحثية والعمل‬
‫على تفسيرها‪.‬‬

‫وتحديد المشكلة البحثية يعد من أهم خطواته البحث العلمي وتكمن أهميتها في تأثيرها الكبير في‬
‫جميع الخطوات الموالية‪ ،‬فاذا كانت محددة فانها ستوجه الباحث نحو الحل‪ ،‬اما اذا كانت غامضة فان‬
‫الباحث سيصرف وقتا طويال على جمع المعلومات والحقائق التي سيشعر بعد جمعها انها ليست ضرورية‬
‫له‪.‬‬

‫ويستمد الباحث مشكلة البحث من مجموعة من المصادر التي قد تسمح بتكوين دراية بالموضوع‪،‬‬
‫حيث طالما درس الموضوع بشكل معمق ال شك ان من حين الخر سيصادف مجموعة من المشاكل على‬
‫شكل ثغرات او نواقص او صعوبات‪ ،‬وقد يكون الباحث استمد معطيات هذه المشكلة من ابحاث ودراسات‬
‫غيره من الياحثين واالساتذة المختصين في الموضوع‪ ،‬او من خالل تشاوره مع غيره من االساتذة او‬
‫المختصين‪ ،‬ويعرضون عليه ما يواجه من مشاكل عديدة مما يحفز الباحث على اختيار احداها للبحث‬
‫والتنقيب فيها‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬اشكالية البحث العلمي‬

‫بعد اختيار موضوع البحث العلمي وتحديد المشكلة البحثية التي يريد الباحث د ا رستها بكل‬
‫وضوح يقوم الباحث حينها بصياغة اإلشكالية المتعلقة بهذا الموضوع‪ ،‬فكيفية صياغة اإلشكالية تعتبر‬
‫أيضا خطوة مهمة ألنها تتطلب التحديد والوضوح واالختصار وتتضمن مجاله ومحتواه وأهمية الموضوع‬
‫ونوع البحث الذي يقوم به الباحث‪ ،‬وهو أمر يتطلب معرفة واسعة وتحليال منطقيا‪ ، 1‬فصياغة اإلشكالية‬
‫تعتبر خطوة مهمة جدا في إعداد البحث العلمي وتقدم إنجازه‪.‬‬

‫فاإلشكالية هي عبارة عن ذلك التساؤل الكبير الذي يثير الباحث لكي يبحث له عن حل والمعبر‬
‫عن المشكلة التي يريد الباحث د ار ستها والوصول إلى حلول بشأنها‪ ،‬وهذا السؤال ال يؤكد القضية أوينفيها‬
‫وانما يأتي على صيغة استفهام واستفسار‪ .‬يطرحه الباحث حول موضوع يشغل ذهنه‪ ،‬يفصل هذا السؤال‬
‫العام إلى أسئلة جزئية‪ ،‬وباإلجابة عنها يكون الباحث قد أجاب عن السؤال العام‪.‬‬

‫فمثال ظاهرة اإلجهاض‪ ،‬موضوع يطرح إشكالية معينة‪ ،‬تتمحور حول كيفية وجود حل للظاهرة‪،‬‬
‫مما يقتضي طرح مجموعة من التساؤالت حول أسبابها وكيف يمكن إيجاد طرق ووسائل لحلها‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اشكالية البحث اذن هي السؤال الرئيسي الذي يبلور الفكرة المحورية التي يدور حولها موضوع‬
‫البحث‪ ،‬وبالتالي يتعين على الباحث تحديد اشكالية بحثه بداية في مقدمة البحث‪ ،‬واال فانه سيتيه الى‬
‫ما ال تحمد عقباه‪.‬‬

‫واجماال تظهر إشكالية أي بحث في مقدمته التي توضح عددا من النقاط‪ ،‬من أبرزها أسئلة أو‬
‫تساؤالت علينا أن نجيب عليها خالل البحث‪ ،‬وعلى أساس هذه التساؤالت نعمد إلى تقسيم بحثنا‪.‬‬

‫ـ إن تكوين اإلشكالية في ذهن الباحث تستدعي األخذ بما يلي‪:‬‬

‫ـ صياغتها صياغة جيدة‪ ،‬تتوخى الدقة والوضوح حتى تكون انطالقة البحث انطالقة سليمة‪.‬‬

‫ـ اختيار المفاهيم المفاتيح للمشكلة‪ ،‬مما يساعد الباحث على التحديد الجيد للموضوع وفهم‬
‫الغاية من البحث‪.‬‬

‫وكل هذا سيساهم ال محالة في طرح إشكالية البحث بشكل دقيق‪ ،‬واختيار المفاهيم المناسبة‪،‬‬
‫التي تمكن الباحث من الوصول إلى األهداف التي رسمها لبحثه‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬وضع الفرضيات العلمية للموضوع‬

‫بعد تحديد الباحث للمشكلة البحثية المراد د ارستها وصياغتها في إشكالية علمية واضحة‪ ،‬فإن على‬
‫الباحث بعدها االنتقال إلى مرحلة أخرى يقوم بموجبها بتحديد فرضيات وصياغتها تكون بمثابة جسر يتم‬
‫من خالله الوصول إلى نتائج معينة انطالقا منها باعتبارها حلوال مبدئية يبني عليها الباحث دراسته‬
‫وصوال إلى تأكيدها أو نفيها‪.‬‬

‫والفرضيات او الفرضية هي تفسير مؤقت‪ ،‬يحاول االجابة عن تساؤل داخل إطار مفاهيمي‬
‫ونظري‪ ،‬بقصد التحقق‪ ،‬وتعتبر الفرضية جواب مؤقت عن إشكالية لم تنته دراستها بعد‪.‬‬

‫والفرضيات لها وظيفتين أساسيتين‪ ،‬أولها اقتراح تفسيرات للظاهرة المدروسة‪ ،‬وثانيهما توجيه‬
‫جهود الباحث وتجميعها فيما يتماشى والسؤال الرئيسي إلشكالية البحث‪ .‬وتكمن أهمية وضع‬
‫الفرضيات في كونها تجنب الباحث من السقوط في متاهات البحث‪.‬‬

‫ومن ضمن الشروط التي تحكم الفرضيات‪:‬‬

‫ـ وضوح في المفاهيم‪ ،‬بحيث يجب أن يكون للمفهوم المعنى المقصود‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ـ أن تصاغ الفروض بإيجاز‪ ،‬حتى تكون عملية التحقق ممكنة‪.‬‬

‫ـ أن تكون الفرضيات قابلة لالختيار‪.‬‬

‫ـ أن ال يعتريها التناقض‪.‬‬

‫ـ سهولة الربط بين النظريات التي تم التوصل إليها مسبقا نتيجة التراكم المعرفي‪.‬‬

‫ـ وضع مجموعة من الفروض بدال من فرضية واحدة على أساس أن تكون الفرضية قابلة‬
‫للتحليل واستخالص النتائج‪.‬‬

‫ومن ضمن مميزات الفروض‪:‬‬

‫ـ التصريح‪ :‬يوضح الباحث جملة عالقات بين عناصر الموضوع‪.‬‬

‫ـ التنبؤ‪ :‬وهو عبارة عن تخمين فيما يمكن أن يكتشف على مستوى الواقع‪.‬‬

‫ومن هنا فالفرضية هي وسيلة التحقق االمبريقي‪ ،‬الذي يعتبر خاصية من خصائص البحوث‬
‫العلمية‪ ،‬على أساس مقارنة االفتراضات بالواقع من خالل المالحظة‪.‬‬

‫وللفروض اشكال‪:‬‬

‫ـ فرضية أحادية المتغير‪ :‬حيث يتم التركيز على متغير واحد متحكم في الظاهرة‪ ،‬مثال الفقر‬
‫هو السبب المباشر في الهدر المدرسي‪ .‬فعنصر النقاش هو الفقر‪.‬‬

‫ـ فرضية ثنائية المتغير‪ :‬بمعنى وجود عنصرين متحكمين في الظاهرة‪ ،‬فتبنى الفرضية على‬
‫أساس عنصرين‪ ،‬مثال نسبة المواليد ترتفع في المناطق القروية أكثر من المناطق الحضرية‪.‬‬

‫ـ فرضية متعددة المتغير‪ :‬بمعنى وجود ظواهر متعددة في نفس الموضوع‪ ،‬مثال الفقر‬
‫والمخدرات والتفكك األسري يؤدي إلى الهدر المدرسي‪.‬‬

‫الفقرة الخامسة‪ :‬مقدمة البحث ومحتواها‬

‫تشمل المقدمة مجموعة من العناصر أو النقاط األساسية المتعلقة بمكونات البحث‪ ،‬حيث إن‬
‫صياغة المقدمة بالطريقة الصحيحة له األثر البالغ في البحث العلمي وبالتالي البد من توخي الحذر‬
‫والدقة في تدوين أفكار المقدمة وكتابتها ومراجعتها أكثر من مرة حيث إنها تجمع أفكار البحث والمشروع‬

‫‪7‬‬
‫العلمي فهي التي تحفز همة القارئ أو تحبطه ألنها تقدم الفكرة األساسية عن نوايا الكاتب وعن غايته من‬
‫معالجة الموضوع من خالل إظهار األسباب الرئيسية التي دفعته الختيار البحث‪ ،‬فهي د ارسة مستقلة‬
‫وهامة كونها توضح الروابط بين أبواب وفصول البحث‪ ،‬تطرح خطة البحث‪ ،‬وتبرز األساس الذي بني‬
‫عليه البحث‪ .‬وهي عادة تخصص للتعريف بالموضوع المعالج ونطاقه وأهميته والفائدة القانونية منه‬
‫واإلشكالية التي تتمحور حولها) التساؤالت التي سيتم اإلجابة عليها(‪ ،‬والمنهجية المتبعة‪ ،‬والتصميم‬
‫األولي وسنعدد فيما يلي أبرز النقاط التي تتناولها المقدمة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬اإلطار العام‬

‫يعد اإلطار العام أو التمهيد جزءا أساسيا من المقدمة ومن العناصر المهمة التي ال يمكن‬
‫االستغناء عنها والتمهيد ال ينبغي أن يكون طويال حيث ال بد أن يتناسب حجمه مع حجم البحث ‪ ،‬وهو‬
‫يشير إلى اإلطار العلمي واالجتماعي الذي جاء فيه الموضوع فيبين صلة موضوع البحث بالموضوع‬
‫العام للحقل المعرفي الذي يجري البحث في محيطه‬

‫ثانيا‪:‬التأصيل المفاهيمي للموضوع‬

‫يتعين على الباحث تحديد المفاهيم األساسية‪ ،‬التي تساعده على التحليل والبرهنة والتفسير‪ ،‬من‬
‫أجل التحكم في موضوعه‪ ،‬ويتبين للمتتبع الهدف من الدراسة‪.‬‬

‫فعدم وضوح المفاهيم يشكل عائقا أمام الباحث‪ ،‬ويخلق ارتباكا لدى القارئ‪ ،‬لكون المفهوم قد‬
‫يتخذ معاني متعددة‪ ،‬فقد يكون للمفهوم وظيفة بنائية ووظيفية‪ .‬لذا يجب على الباحثين أن يحددوا‬
‫المفاهيم الواردة في بحوثهم‪.‬‬

‫كما يجب على الباحث أن يقتصر فقط على تحديد المفهوم الوارد في عنوان البحث‪ ،‬بل يتعين‬
‫التعريف بالمفاهيم األساسية في البحث‪.‬‬

‫أضف إلى هذا ال يجب نقل التعريف من كتب غير متخصصة‪ ،‬بل يتعين إيراد التعاريف من‬
‫المراجع األصلية‪ ،‬وهذا يتطلب من الباحث بدل مجهود معرفي وبدني من أجل الحصول على هذه‬
‫المراجع‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ثالثا‪ :‬الدراسة التاريخية للموضوع‬

‫يمكن تقديم د ارسة تاريخية للمشكلة‪ ،‬وذلك من خالل وضع الموضوع في سياقه التاريخي‪ ،‬من‬
‫اجل الوقوف على التطور الذي عرفه موضوع البحث‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أهمية وأهداف الموضوع‬

‫تعد كتابة أهمية الموضوع من األمور الواجب اتباعها من قبل الباحث من أجل كتابة بحث علمي‬
‫على النحو المتفق عليه‪ ،‬لذا يقوم الباحث بكتابة األهمية التي ي ارها في الموضوع للفرد والمجتمع والتي‬
‫بالتالي تبرر اختياره لموضوعه البحثي دون غيره من المواضيع‪ ،‬فمن شأن ذلك أن يساعد الباحث على‬
‫إتمام الفكرة العامة للموضوع والتي بدأت تتشكل من خالل اإلطار العام‪ ،‬وتحديد الفائدة التي يمكن أن‬
‫يستخلصها وبالتالي فاألهمية تشمل أسباب اختيار موضوع البحث‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬اهداف الموضوع‬

‫تمثل أهداف البحث الغاية أو ما يصبو إليه الباحث العلمي من خالل العمل الذي يقدمه في‬
‫مجال التخصص وبالتالي فيجب على كل باحث أن يحدد األهداف قبل القيام بالبحث لما ينطوي عليه من‬
‫أهمية من أجل الوصول إلى النتائج‪.‬‬

‫الدرسة هذا ألن كثي ار من‬


‫والبد من التنويه أن هناك فرقا شاسعا بين أهمية الموضوع وأهداف ا‬
‫الباحثين يخلطون بين المصطلحين أو يغفلون أحدهما فكالهما من عناصر المقدمة األساسية فأهمية‬
‫الموضوع متعلقة بالموضوع محل البحث ككل أما األهداف فهي متعلقة بالدراسة التي يقدمها الباحث‬
‫زاالغراض التي يرغب في تحقيقها من خاللها حيث تعد األهداف في طليعة ما يناقشه األساتذة والخبراء‬
‫في رسائل الماستر والدكتوراه فهي تحدد وجهة العمل العلمي بشكل عام وال يستقيم أي عمل دون تحديد‬
‫أهدافه بدقة‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬الدراسات السابقة‬

‫الدراسات السابقة هي تلك البحوث التي تم إنجازها في ميادين البحث العلمي‪ ،‬سواء أكانت في‬
‫مراكز البحوث أم الجامعات واالكاديميات العلمية أم التي أجيزت بعد مناقشة في الندوات والمؤتمرات‬
‫العلمية المتخصصة‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وفي الدراسات القانونية‪ ،‬كثي ار ما تتشابه الدراسات‪ ،‬ويصعب إيجاد دراسة جديدة إال ما ندر‪.‬‬
‫لذا فهذه الفقرة تعد من أهم النقاط للباحث‪ ،‬فكثير من ق اررات اللجان مبنية بشكل كبير على هذه الفقرة‬
‫وقدرة الباحث إثبات نفسه‪.‬‬

‫يذكر الباحث في هذه الفقرة ما كتب في موضوعه‪ ،‬أو في جانب من جوانبه من الرسائل‬
‫العلمية ( الرسائل والدكتوراه) ‪ ،‬والكتب والبحوث العلمية‪ ،‬فيذكر عنوان البحث‪ ،‬واسم الباحث‪ ،‬ويذكر‬
‫موج از مقتضبا له‪ ،‬ثم يذكر جوانب النقص والقصور فيه‪ ،‬مع الحرص على عدم الطعن في الباحثين‬
‫السابقين أو التقليل من جهودهم‪.‬‬

‫ومن المتفق عليه عند علماء المنهجية أن من أهم عناصر خطة البحث عنصر الدراسات‬
‫السابقة‪ ،‬ألنه يعكس أمانة الباحث واحترامه للتقاليد الجامعية من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى يجعل مسيرة‬
‫الدراسات الجامعية متصلة دون إهمال لجهود المتقدمين‪.‬‬

‫ومما يلزم الباحث عند عرضه للدراسات السابقة أن يبين نظراته النقدية الفاحصة في تلك‬
‫الدراسات‪ ،‬وذلك لكي يمكن لمناقشي الخطة أن يتعرفوا على قدرة الباحث وامكانيته في التوصل لنتائج‬
‫مهمة لم تتوصل لها تلك الدراسات‪ ،‬وتتجلى أهمية هذا العرض النقدي للدراسات السابقة في أمرين‬
‫مهمين‪:‬‬

‫ـ تفادي تكرار البحوث‪.‬‬

‫ـ إيجاد المسوغات المقنعة لدراسة الموضوع الذي تم اختياره‪.‬‬

‫ومن أخطاء في عرض الدراسات السابقة‪:‬‬

‫ـ اإلجمال في عرض الدراسة وعدم ذكر فصولها وأبوابها‪.‬‬

‫ـ إدراج المقاالت والكتيبات ضمن الدراسات السابقة‪.‬‬

‫ـ عدم إيراد المعلومات الكاملة عن الدراسة مثل تاريخ النشر أو مكانها إذا كانت رسالة‬
‫أكاديمية ومتى نوقشت‪.‬‬

‫ـ ال يبين الباحث بشكل واضح الفرق بين بحثه أو ما ينوي بحثه وبين الدراسة السابقة وما‬
‫ينوي إضافته على الدراسة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ـ اعتزاز الباحث بنفسه وهضمه جهد الباحثين اآلخرين أو إلزامهم الباحثين السابقين بما ال‬
‫يلزمه‪.‬‬

‫والمقترح في الدراسات السابقة‪:‬‬

‫ـ ذكر الدراسات التي تحدثت عن جزئية من جزئيات فكرة البحث‪ ،‬وهنا يوضح الفرق بينهما‬
‫إجماال وبإيجاز‪.‬‬

‫ـ الدراسات التي تناولت نفس فكرة الموضوع‪ ،‬وهنا يبين الباحث الفرق بين دراسته وتلك‬
‫الدراسات‪ ،‬وما الجديد التي يميز بحثه عنها‪ ( .‬والفرق بين دراستي وهذه الدراسة‪.)...‬‬

‫سابعا‪ :‬إشكالية الموضوع‬

‫كما مر معنا يجب أن تكون اإلشكالية دقيقة جدا‪ ،‬وواضحة وموضوعة في إطار زمني ومكاني‬
‫محددين وال تقتصر االشكالية على طرح سؤال معين‪ ،‬بل تصاغ على شكل نص توليفي يتفرع عنه‬
‫أسئلة البحث األساسية كما اشرنا الى ذلك اعاله‪.‬‬

‫ثامنا‪ :‬الفرضيات‬

‫بعد تحديد اإلشكالية يحدد الباحث فرضيات الدراسة والتي تعبر عن إجابات محتملة ومؤقتة‬
‫لإلشكالية فهي مرتبطة بها ارتباطا وثيقا ويمكن أن يضع الباحث عدة فرضيات تتناسب وفصول البحث‬
‫ومحاوره األساسية‪.‬‬

‫تاسعا‪ :‬المناهج والمقاربات‬

‫ان تحديد المناهج والمقاربات يعد خطوة أساسية ومهمة تمكن الباحث من االعالن عن المنهج‬
‫المتبع لدراسة الموضوع‪ ،‬الذي يلتزم به منذ البداية‪ ،‬لكن هناك من يلتزم الصمت‪ ،‬وال يعلن عن المنهج‬
‫المتبع‪ ،‬تاركا األمر للقارئ كي يكشف المنهج او المناهج المتبعة في الدراسة‪ ،‬خصوصا بالنسبة‬
‫للمواضيع التي تستدعي التنبؤ بفروض علمية متعددة المتغيرات‪.‬‬

‫ويحدد الباحث ايضا من خالل هذا العنصر األدوات المنهجية األخرى التي يستعان بها في هذا‬
‫البحث‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫عاش ار‪ :‬خطة البحث(التصميم االولي للموضوع)‬

‫وهي التي نعرضها في آخر مقدمة البحث‪ ،‬حيث تفيد تمكن الباحث من موضوع البحث‬
‫بوضعه خارطة طريق مسيرته العلمية‪ ،‬وتبرز خبرته وتمكنه من اشكالية البحث من خالل عملية‬
‫تبويبه لموضوع الدراسة‪ ،‬وتفيد عملية التبويب ليس االشارة الى كل تفاصيل البحث‪ ،‬بل االكتفاء الى‬
‫التمفصالت او المحاور الكبرى لموضوع الدراسة‪ ،‬من خالل االعالن عن ابواب البحث وفصوله‬
‫كتقسيمات اساسية للبحث‪.‬‬

‫الفقرة السادسة‪ :‬تصميم الموضوع‬

‫إن وضع التصميم هو بمثابة البوصلة التي توجه الباحث‪ ،‬ورسم صورة عنه‪ ،‬وكل عنصر فيها‬
‫يكمل جانبا من جوانب تلك الصورة‪ ،‬إنها أشبه ما تكون بالخارطة التي يضعها المهندس المعماري‬
‫لبناء منزل أو عمارة‪ .‬كما تجنبه الخروج عن الموضوع‪ ،‬وتمكنه من االحاطة بالموضوع من كل‬
‫جوانبه‪ .‬وتقسيم البحوث العلمية قد يكون ثنائيا أو تقسيما ثالثيا‪ ،‬لكن في غالب األحيان ما يتم تقسيم‬
‫الموضوع تقسيما ثنائيا‪ ،‬لما له من أهمية في التحكم في الموضوع‪ ،‬وتنظيم األفكار تنظيما جيدا‪.‬‬

‫وعادة ما يقسم البحث إلى أقسام‪ ،‬واألقسام تتكون من فصول‪ ،‬والفصول تتكون من مباحث‪،‬‬
‫والمباحث تتألف من مطالب‪ ،‬والمطالب تتوزع على فقرات‪ ،‬والفقرات تتفرع إلى أوال‪ ،‬ثانيا‪ ،‬ثالثا‪،‬‬
‫وهكذا‪..‬‬

‫ومن األمور التي ينبغي مراعاتها عند وضع التصميم‪:‬‬

‫ـ البد من الترابط بين عنوان الموضوع وأقسامه‪ ،‬وبين فصوله ومباحثه‪ ،‬وبين مباحثه ومطالبه‪،‬‬
‫وهكذا حتى يظهر أن البحث كتلة واحدة مترابطة األجزاء‪ ،‬ولو غيرت موقع قسم أو فصل شعرت‬
‫باالضطراب وعدم التناسق واالنسجام‪ ،‬ولهذا ينبغي على الباحث أن يسأل نفسه عند وضع األقسام‬
‫والفصول والمباحث‪ :‬لماذا أضع هذا القسم؟ أو الفصل هنا؟ وما وجه العالقة بين هذا الفصل وعنوان‬
‫القسم؟ وهكذا‪.‬‬

‫ـ يراعي في ترتيب االقسام والفصول والمباحث أن تكون على أساس التسلسل العقلي‪ ،‬أو‬
‫الناحية الزمنية أو بحسب األهمية ونحو ذلك‪.‬‬

‫ـ ينبغي أن تكون عناوين األقسام والفصول والمباحث شاملة لما تحتويه‪ ،‬مانعة من دخول‬
‫غيرها فيها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ـ يراعى في العناوين أن تكون واضحة في داللتها على المراد منها‪.‬‬

‫ـ يراعى في العناوين أن تكون قصيرة بقدر اإلمكان‪.‬‬

‫الفقرة السابعة‪ :‬خاتمة البحث‬

‫من حيث الشكل هي آخر ما يتضمنه البحث‪ ،‬وتشكل ملخصا نهائيا له ‪.‬وفيها يقوم الباحث‬
‫ببلورة النتائج واألفكار واألجوبة‪ ،‬التي يتوصل إليها‪ ،‬على ضوء تحليالته المتضمنة في صياغة الموضوع‪.‬‬

‫بهذا يجب أن ال تحتوي على معلومات أو حقائق جديدة تضاف إلى البحث ‪.‬كما ال يجوز فيها‬
‫مرجع تؤيد فكرة ما ‪.‬بل هي مجرد وصف سريع لهذا البحث وللنتائج والمقترحات‬
‫االقتباس أو اإلشارة إلى ا‬
‫والتوصيات التي توصل إليها الباحث‪.‬‬

‫لكن ال يجوز بأي حال من األحوال ان تكون الخاتمة مجرد ملخص لما تضمنه الموضوع من‬
‫تحليالت‪ ،‬إنما يجب أن تعبر عن اإلجابة التي يقدمها الباحث لإلشكالية المطروحة ‪.‬تلك اإلجابة التي‬
‫توصل اليها الباحث من خالل التحليالت التي تضمنها الموضوع يضاف إليها ما ما يستخلصه من اقت‬
‫راحات وتوصيات مناسبة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ادوات البحث العلمي‬

‫إن التفكير في إنجاز البحث العلمي يستدعي أوال التفكير في األدوات التي يتعين على الباحث‬
‫االلتزام بها في إنجازه لبحثه‪ ،‬وتتعدد األدوات حسب طبيعة الموضوع‪ ،‬إذ تمكنه من جمع البيانات‬
‫والمعلومات‪ ،‬التي تساعده على الدراسة الدقيقة للموضوع‪ ،‬وكذا االحاطة به من كل جوانبه‪ .‬ومن بين‬
‫هذه األدوات نجد العينة‪ ،‬المقابلة‪ ،‬المالحظة ثم االستمارة االستبيانية‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬العينة‬

‫إن الحديث عن العينة يستدعي أوال تحديد مفهوم مجتمع البحث ( مجتمع الدراسة األصلي)‪،‬‬
‫من أجل الوقوف على أهميتها ودورها في إنجاز البحث العلمي‪.‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف مجتمع البحث‬

‫يقصد بمجتمع البحث هو مجموعة عناصر خاصة أو عدة خصائص مشتركة تميزها عن‬
‫غيرها من العناصر األخرى التي يجري عليها البحث أو التقصي‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ـ مجتمع البحث هو مجموعة منتهية أو غير منتهية من العناصر المحددة مسبقا‪ ،‬التي ترتكز‬
‫عليها المالحظات‪ .‬ويمكن أن نستدل على ذلك بمثال‪:‬‬

‫ـ طلبة الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية هم مجموع األشخاص أو األفراد الذين في هذه‬
‫الكلية‪.‬‬

‫ـ سكان المغرب هم مجموع األشخاص واألفراد المقيمين بالمغرب‪.‬‬

‫ـ إن اعتمادنا على مجتمع البحث معناه تحديد المقياس الذي يجمع بين األفراد واألشياء‪،‬‬
‫ويميزهم عن غيرهم من األفراد أو األشياء األخرى‪ .‬فالدراسة في الكلية المتعددة التخصصات بالرشدية‬
‫مقياس يشمل كل األشخاص الذين يدرسون بالكلية‪.‬‬

‫واالقامة في المغرب هي مقياس يشمل كل األشخاص الذين يعيشون في المغرب من نفس‬


‫المجموعة السكانية‪ ،‬الذي يميزهم عن تلك المجموعة التي ال تعيش في المغرب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬تحديد مجتمع البحث‬

‫إن اختيار مجتمع البحث يستدعي تحديد مجتمع البحث الذي نريد فحصه‪ ،‬وأن نحدد المقاييس‬
‫المستعملة من أجل حصر مجتمع البحث‪:‬‬

‫ـ هل الدراسة تشمل كل مستويات التعليم ( ابتدائي‪ ،‬إعدادي‪ ،‬ثانوي ‪ ،‬جامعي)؟‬

‫ـ هل األمر يتعلق بأساتذة الكلية بمختلف الشعب‪ ،‬أم أن األمر يقتصر على شعبة واحدة؟‬

‫ـ هل الدراسة تقتصر على تخصص معين‪ ،‬مثال األساتذة الذين يدرسون شعبة القانون؟‬

‫وبهذا يتم تحديد مجتمع البحث‪ ،‬الذي سيكون محل الدراسة‪ :‬أساتذة شعبة القانون بالكلية‬
‫المتعددة التخصصات‪ ،‬في التعليم العام‪ ،‬شعبة القانون‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬مفهوم المعاينة‬

‫العينة هي عبارة عن مجموعة جزئية من مجتمع الدراسة‪ ،‬اختيارها معينة واجراء الدراسة‬
‫عليها‪ ،‬ومن ثم استخدام تلك النتائج وتعميمها على كامل مجتمع الدراسة األصلي‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫إذن العينة هي مجموعة فرعية من عناصر مجتمع بحث معين‪ ،‬أي ذلك الجزء من مجتمع‬
‫البحث‪ ،‬الذي يرتكز حوله البحث‪.‬‬

‫هذه العملية تسمح بانتقاء مجموعة فرعية من مجتمع البحث بهدف تكوين عينة نسميها‬
‫بالمعاينة‪ .‬وفي هذا اإلطار يوجد نوعين من المعاينة‪ :‬المعاينة االحتمالية والمعاينة غير االحتمالية‪.‬‬

‫المعاينة االحتمالية هي تلك التي تعتمد على نظرية االحتمالية‪ ،‬وهي النظرية التي تسمح‬
‫بحساب الممكن‪ ،‬أي احتمال وقوع الحدث‪ ،‬وتكون المعاينة احتمالية عندما يكون لكل عنصر من‬
‫مجتمع البحث األصلي حظ محدد ومعروف مسبقا ليكون من بين العناصر المكونة للعينة‪ ،‬غير أنه‬
‫يجب أن تكون لدينا قائمة تشكل كل عناصر مجتمع البحث المراد دراسته‪.‬‬

‫هذه القائمة نطلق عليها اسم قاعدة مجتمع البحث‪ ،‬ومن خالل هذه القائمة سيتم سحب العينة‪.‬‬

‫المعاينة االحتمالية‪:‬‬

‫وتنقسم إلى ثالثة أنواع‪:‬‬

‫ـ المعاينة العشوائية البسيطة أو المنظمة‪.‬‬

‫ـ المعاينة الطبقية‪.‬‬

‫ـ المعاينة العنقودية‪.‬‬

‫أ ــ المعاينة العشوائية البسيطة‬

‫بمعنى أن العينة تؤخذ بطريقة عشوائية‪ ،‬بحيث تتجمع فيها جميع وحدات المجتمع‪ ،‬إما عن‬
‫طريق القرعة أو عن طريق الجدول العشوائي‪ ،‬بحيث يتم اختيار مجتمع البحث بطريقة عشوائية‪.‬‬

‫ب ــ العينة المنتظمة‬

‫يتم اختيار مجتمع البحث بناء على عينة عشوائية‪ ،‬ولكن على أساس فرق عددي منتظم‪.‬‬
‫فمثال يضع الباحث رقما يمثل عناصر أو وحدات العينة‪ ،‬مثال الرقم ‪ 5‬في هذه الحالة تكون العينة‬
‫ممثلة فيها كل العناصر التي تحمل الرقم ‪ 5‬ولكن بشكل منتظم‪ 5 :‬ـ ‪ 11‬ـ ‪ 15‬ـ ‪...‬‬

‫‪15‬‬
‫ومن هذا المنطلق تبقى العينة آلية أساسية إلنجاز البحث العلمي‪ ،‬إذ تساهم في تطويره‬
‫وتجويده‪ ،‬من خالل جمع المعلومات والبيانات‪ ،‬ومن ثم الوصول إلى معلومات دقيقة حول الموضوع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬المقابلة‬

‫وهي وسيلة الستطالع الرأي وجمع المعلومات عن طريق سؤال جواب‪ ،‬مما يتيح التعبير‬
‫المباشر بين مرسل ومستقبل في إطار عالقة حوار‪ ،‬وقد أصبحت المقابلة خصوصا منذ النصف‬
‫الثاني من القرن العشرين تشكل أداة فعالة في استطالع الرأي العام‪ ،‬ووسيلة استقصاء سوسيولوجية‬
‫مخصصة الستقبال معلومات حول موضوع ما من فئات اجتماعية مختلفة‪ .‬وتعد هذه األداة وسيلة‬
‫ناجعة لجمع المعلومات بطريقة شفوية‪ ،‬حيث الميل هنا يكون من طرف كثير من الناس في تقديم‬
‫المعلومة وبتلقائية أكثر‪ ،‬من تقديمها بشكل كتابي‪ ،‬وتتبع هذه األداة خاصة مع أناس ال يتقنون الكتابة‪،‬‬
‫وكذا األطفال‪.‬‬

‫يتعين على الباحث أن يكون في استعماله لطريقة المقابلة ذكيا ومرحا‪ ،‬حتى يتقبله الناس‬
‫ويساعدونه على جمع المعلومات المرغوب فيها‪ .‬وترتكز المقابلة على مجموعة من المبادئ من بينها‪:‬‬

‫ـ تحديد األشخاص الذين ستجرى معهم المقابلة‪.‬‬

‫ـ إعداد األسئلة الموجهة للمبحوث‪.‬‬

‫ـ اختيار موعد المقابلة مناسب لوقت المبحوث‪.‬‬

‫ـ شرح الغاية من المقابلة والتعريف بشخص الباحث‪.‬‬

‫أضف إلى هذه المبادئ يجب على الباحث أن يتصف بمجموعة من الصفات‪ ،‬تمكنه من جمع‬
‫أكبر قدر من المعلومات حول الموضوع‪ ،‬تتمثل في‪:‬‬

‫ـ عدم التعالي على المبحوث‪ ،‬بمعنى أن تكون له القدرة على التواصل معه‪.‬‬

‫ـ ترك المجال للمبحوث إلبداء رأيه‪ ،‬وعدم مقاطعته‪ ،‬بمعنى جعل المبحوث يشعر بنوع من‬
‫االرتياح‪.‬‬

‫ـ عدم معارضته له‪ ،‬وتهييئ الجو المناسب الستجوابه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ ‬أنواع المقابلة‬

‫تتعدد وتختلف المقابلة بحسب الطريقة التي تجرى بها‪ ،‬فقد تكون فردية أو جماعية‪ .‬ففي حالة‬
‫المقابلة الفردية يكون هناك سؤال جواب ما بين الباحث والمبحوث حول موضوع البحث‪ .‬أما في حالة‬
‫المقابلة الجماع ية فيتم فتح النقاش حول نقطة من نقاط الموضوع‪ ،‬وترك الحوار والنقاش يتم ما بين‬
‫أفراد المجموعة دون توجيه أو تدخل من الباحث‪ ،‬حتى يندمج أفراد المجموعة فيما بينهم‪ ،‬مما يمكن‬
‫الباحث من جمع أكبر قدر من المعلومات والبيانات‪.‬‬

‫كما تنقسم المقابلة إلى رسمية وغير رسمية‪ ،‬فالرسمية هي تلك التي يعتمد من خاللها الباحث‬
‫أسئلة محددة‪ .‬أما غير الرسمية فهي مقابلة مرنة‪ ،‬مفتوحة‪ ،‬إذ من الممكن أن تكون بدون تحديد بموعد‬
‫زمني لها‪ ،‬وهذا النوع من المقابلة يلزم الباحث بأن يكون تابع لوقت فراغ المبحوث‪.‬‬

‫كما نجد نوع آخر من المقابلة‪ ،‬ويتوزع إلى مقابلة حرة أو غير موجهة‪ ،‬ومقابلة موجهة‪.‬‬
‫فالمقابلة الحرة هي التي يترك للمبحوث الحرية في الجواب عن السؤال بطريقته دون توجيه من‬
‫الباحث‪ ،‬بحيث يشعر الباحث بدون أي إكراه يمارس عليه من طرف الباحث‪.‬‬

‫أما المقابلة الموجهة هي التي تعتمد على نظام األسئلة المفتوحة‪ ،‬وهذا النوع خاضع لتوجيه‬
‫الباحث بهدف الحصول على أجوبة دقيقة ومركزة‪ .‬لكن هذا النوع يستدعي اطالع ودراية واسعة بمجال‬
‫البحث بما يكفل الوضع الدقيق لألسئلة‪ ،‬من حيث المضمون والتناسق على مستوى السياق‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬المالحظة‬

‫يقصد بالمالحظة تلك المشاهدة الدقيقة للظاهرة االجتماعية مع االستعانة بأساليب البحث‪،‬‬
‫والدراسة التي تتالءم مع الظاهرة المدروسة‪.‬‬

‫وتنقسم المالحظة إلى صنفين‪:‬‬

‫أوال ــ المالحظة البسيطة‬

‫هي المالحظة العادية‪ ،‬التي يقوم بها االنسان العادي للظواهر التي يصادفها‪ ،‬وهي مالحظة‬
‫عفوية وغير مفكر فيها‪ ،‬وتعتمد على الحواس والتجربة بلغة بسيطة‪ ،‬إضافة إلى ترك الموضوع خاما‬
‫في الطبيعة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ثانيا ــ المالحظة العلمية‬

‫يقصد بها المالحظة التي تكون منظمة وهادفة‪ ،‬يتبع فيها الباحث مجموعة من اإلجراءات‬
‫والخطوات‪ ،‬التي تمكنه من دراسة الظاهرة دراسة علمية‪ .‬فالمالحظة العلمية حسب فرانسيس بيكون‬
‫هي أداة من أدوات تجميع المواد‪ ،‬أي المواد الخاصة بظاهرة معينة‪.‬‬

‫فالتجريب العلمي هو إعداد خطة مسبقة (النظرية) يعبر عنها بلغة هندسية في مكان غير‬
‫الطبيعة ( المختبر)‪.‬‬

‫ومن هنا تتميز المالحظة العادية عن المالحظة العلمية‪ ،‬في كون األولى يكون الموضوع‬
‫خام‪ ،‬التعبير اإلنشائي والرواية الحسية‪ .‬بينما المالحظة العلمية تتم في المختبر‪ ،‬وتعتمد لغة‬
‫الرياضيات‪ ،‬لها خطوات واجراءات محددة‪.‬‬

‫ومن شروط المالحظة العلمية التي يتم اعتمادها من طرف الباحث‪ ،‬التي تضفي على البحث‬
‫الصفة العلمية‪ ،‬ال بد من توفر الشروط التالية‪:‬‬

‫ـ االنضباط والتنظيم‪ ،‬أي وجود اشكالية تطرحها الظاهرة‪ ،‬وتتطلب اإلجابة عنها وضع فروض‬
‫علمية بغية التحقق من صحتها‪ .‬وهذه الفروض تبقى مقصودة وموجهة من طرف الباحث على أساس‬
‫الترابط والترتيب المنطقي للمعلومات‪.‬‬

‫ـ الموضوعية الواجب توفرها في الباحث‪ ،‬من خالل ترك مسافة بينه وبين الموضوع المدروس‪،‬‬
‫أي تجنب الذاتية‪ ،‬ودراسة الظاهرة دراسة موضوعية‪.‬‬

‫ـ يجب أن يكون اختيار الموضوع بشكل دقيق‪ ،‬واختيار المفاهيم المناسبة لمعالجة الموضوع‪.‬‬

‫ـ كما يجب أن يكون الباحث سليما على المستوى العقلي والنفسي حتى يتمكن من التركيز‬
‫على موضوع البحث‪.‬‬

‫ـ العمل على تدوين كل ما يتم مالحظته‪ ،‬وال يقتصر على اعتماد الذاكرة‪ ،‬ألن الذاكرة قد‬
‫يعتريها النسيان‪ ،‬مما يؤدي إلى الوقوع في األخطاء‪.‬‬

‫ـ امتالك رصيد معرفي مهم‪ ،‬يمكن الباحث من التمكن من الموضوع المدروس‪ ،‬واإلحاطة به‬
‫من كل جوانبه‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ثالثا‪ :‬أنواع المالحظة‬

‫تتفرع المالحظة إلى أنواع من بينها‪:‬‬

‫ـ بسيطة‪ :‬وهي التي تتم من طرف عامة الناس حول ظاهرة معينة‪ ،‬بوصفها لها خصائصها‬
‫المميزة لها‪.‬‬

‫ـ علمية‪ :‬يتم اعتمادها من طرف ذوي االختصاص‪ ،‬بناء على قوانين معينة‪ ،‬ومضبوطة‬
‫ودقيقة‪ ،‬لها خطوات واجراءات محددة‪ ،‬تروم باألساس تفسير الظاهرة تفسي ار علميا‪.‬‬

‫ـ بدون مشاركة‪ :‬يقتصر الباحث على المالحظة دون إبداء الرأي‪ ،‬ودون أن يشارك في اتخاذ‬
‫القرار‪ ،‬بل يكتفي بمالحظة كيفية سير الظاهرة‪ .‬مثال حضور الباحث أطوار سير الجلسات البرلمانية‪،‬‬
‫حضور الباحث عملية االنتخابات‪ ،‬حيث يكتفي الباحث بتدوين ما يالحظه‪.‬‬

‫ـ بالمشاركة‪ :‬يعتبر الباحث جزء من الموضوع‪ ،‬بحيث يشارك في صنع الظاهرة‪ ،‬فهو يشارك‬
‫في مجتمع البحث‪ .‬مثال دراسة ظاهرة التسول‪ ،‬معايشة مجتمعات مختلفة دينيا أو ثقافيا‪ ،‬من أجل‬
‫الفهم الدقيق للموضوع‪.‬‬

‫كل ما هنالك أن هناك مجموعة من الصعوبات تكتنف المالحظة‪ ،‬سواء على مستوى‬
‫الموضوع أو على مستوى الباحث نفسه‪.‬‬

‫الفقرة الرابعة‪ :‬االستمارة االستبيانية‬

‫تعتبر أداة من أدوات البحث العلمي‪ ،‬بواسطتها يتم جمع المعلومات حول الظاهرة المدروسة‪،‬‬
‫وهي مجموعة من األسئلة تقدم لألفراد بهدف االجابة عنها‪ .‬واالستمارة هي وسيلة معقدة‪ ،‬بحيث يجب‬
‫على الباحث أن يكون على علم بموضوع بحثه‪ ،‬حتى يتمكن من تحديد األسئلة المراد اإلجابة عنها‪،‬‬
‫وتخضع لمجموعة من الشروط منها‪:‬‬

‫ـ التعريف بموضوع البحث‪.‬‬

‫ـ أن تكون األسئلة واضحة وبسيطة وفي متناول المبحوث‪.‬‬

‫ـ أن تكون األسئلة قصيرة‪.‬‬

‫ـ تجنب المفاهيم غير الواضحة‪.‬‬


‫‪19‬‬
‫ـ وضع نظام لألسئلة‪ ،‬حيث هناك أسئلة رئيسية وأخرى ثانوية‪.‬‬

‫ـ ارتباط األسئلة بالمستوى الثقافي والعلمي للعينة المستجوبة‪.‬‬

‫وتنقسم االستمارة إلى عدة أنواع‪ ،‬استمارة ذات أسئلة مفتوحة‪ ،‬وأخرى ذات أسئلة مغلقة‪ ،‬ثم‬
‫استمارة ذات أسئلة مفتوحة ومغلقة‪ .‬فالمفتوحة هي تلك األسئلة التي تعطي تناسقا على مستوى‬
‫األجوبة داخل االستمارة‪ .‬وتكون متسلسلة ومتتابعة عكس األسئلة المغلقة التي تكون محددة في‬
‫اإلجابة إما بنعم‪ ،‬أو ال‪ .‬أما األسئلة المفتوحة المغلقة فهي ذات شقين‪ ،‬أسئلة مغلقة متبوعة بأسئلة‬
‫مفتوحة‪ ،‬من اجل التوضيح‪.‬‬

‫أما من حيث التواصل يمكن الحديث عن نوعين من االستمارة‪:‬‬

‫ـ االستمارة البريدية‪ :‬التي تتم عن طريق ارسال االستمارة إلى المستجوب عبر البريد‪ ،‬حيث‬
‫يقوم المستجوب بملئها ومعاودة ارسالها عبر البريد‪ ،‬سواء البريد العادي أو البريد االليكتروني‪.‬‬

‫ـ االستمارة التي تسلم من المستجوب إلى المستجوب‪ ،‬أساسها التواصل المباشر‪ ،‬مما يضمن‬
‫التأكد من توصل المستجوب باالستمارة‪ ،‬والتأكيد عليه بضرورة التفاعل معها‪.‬‬

‫‪21‬‬

You might also like