You are on page 1of 3

‫الدرس الثّاني‪ :‬إشكالية موضوع البحث‬

‫إ ّن لكل ختصص علمي مواضيع ومشكالت حبث ودراسة‪ ،‬بعضها احرتق وأتى أكله وبعضها‬
‫اآلخ ر مل يبص ر الن ور فهو حيت اج للبحث والتفس ري والتوض يح‪ .‬وط رح مش كل أو موض وع حبث ليس‬
‫ب األمر اهلني‪ ،‬ب ل حيت اج إىل ص ياغة وقولب ة علمي ة حتدد املش كل العلمي املط روح وح دود تداخل ه م ع‬
‫إشكاالت وموضوعات أخرى وحماولة رسم تصور لطريقة معاجلته أو اإلجابة عن تساؤالته‪ .‬وهو ما‬
‫ندعوه صياغة إشكالية الدراسة أو البحث‪ .‬فماذا نعين بإشكالية البحث؟‬
‫ّأوال‪ :‬مفهوم اإلشكالية‬
‫إ ّن لإلشكالية يف البحث العلمي تعريفات متنوعة منها‪ :‬ما ذكره "موريس أجنرس" إذ يرى أ ّن‬
‫التقص ي والبحث‬ ‫اإلش كاليّة عب ارة عن ع رض اهلدف من البحث على هيئ ة س ؤال يتض ّمن إمكاني ة ّ‬
‫سؤال يهدف إىل معرفة‬ ‫هبدف الوصول إلجابة حمددة‪ 1.‬وترى رجاء دويدي أ ّن اإلشكالية عبارةٌ عن ٍ‬
‫العالق ة ال يت ترب ط بني متغرّي ات البحث‪ ،‬ويتحق ق الغ رض من البحث باإلجاب ة عن ه ذا الس ؤال‪ّ .2‬أم ا‬
‫الباحثان الرامي وفايل‪ :‬فرييان أ ّن "االشكالية هي بناء من املعلومات يؤدي ربطها إىل احداث فجوة‬
‫ل دى الب احث ت رتجم إىل حال ة من الدهش ة أو يث ري لدي ه تس اؤال من الق وة حبيث يدفع ه إىل القي ام‬
‫‪3‬‬
‫بالبحث‪".‬‬
‫بن اءً على م ا س بق خنلص إىل أ ّن اإلش كالية جمموع ةٌ من التس اؤالت ال يت حتت اج إىل إجاب ات‪،‬‬
‫وال يت تُط رح من قِب ل الب احث أثن اء قراءت ه ح ول موض وع البحث‪ ،‬وجُي يب عنه ا الب احث بع د اتّباع ه‬
‫سؤال واحد أو‬ ‫ألساليب البحث والتقصي‪ ،‬وعند كتابة البحث يتم صياغة تلك التساؤالت على هيئة ٍ‬
‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫فكل حبث يتميّ ز بإشكالية خاصة مُت يّ زه عن غريه من األحباث اليت تبحث يف نفس‬ ‫ُّ‬
‫‪4‬‬ ‫ِع ّدة ٍ‬
‫أسئلة حبثيّ ة‪.‬‬
‫املوضوع أو املشكلة‪.‬‬
‫وح ىت يتس ىن للب احث أو الط الب الب احث ط رح مش كلة حبثي ة ج ديرة بالدراس ة واالهتم ام‬
‫العلمي يشرتط بعض الشروط مثل ‪:‬‬

‫‪ 1‬أجنرس موريس‪ ،‬منهجية البحث العلمي يف العلوم االنسانية‪ ،‬تدريبات عملية‪ ،‬تربوزيد صحراوي وآخرون‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬دار القصبة‪،‬‬
‫‪.2002‬‬
‫‪ 2‬كمال عويسي (‪ ،)2019-2‬معايري ومصادر صياغة اإلشكالية البحثية اجليدة‪ ،‬صفحة ‪.1,6,7,8‬‬
‫‪ 3‬أ‪.‬الرامي وب‪.‬فايل‪ ،‬البحث يف االتصال‪ .‬عناصر منهجية‪ ،‬تر فضيل دليو وآخرون‪ ،‬ط‪، 2‬خمرب علم االجتماع واالتصال للبحث‬
‫والرتمجة‪ ،‬قسنطينة‪، 2002 ،‬ص ‪721‬‬
‫‪ 4‬رقية بوسنان‪ ،‬مشكلة البحث‪ ،‬املفهوم‪ ،‬الصياغة‪ ،‬اخلصائص‪ ،‬جامعة األمري عبد القادر‪ :‬جملة الباحث العلمي‪ ،‬صفحة ‪ ،79‬جزء العدد‬
‫‪.39‬‬
‫‪-‬أن يكون مشرف ومؤطر الدراسة هو من اقرتح هذه اإلشكالية على الطالب الباحث لدراستها أو‬
‫يكون املشرف قَبل املوضوع املقرتح من طرف الطالب ووجه وأطر طريقة طرح اإلشكالية ‪.‬‬
‫‪-‬ميكن أن تك ون املش كالت العلمي ة املطروح ة للبحث بغ رض تق دمي حل ول من اق رتاح مؤسس ات أو‬
‫خمابر علمية تشتغل يف نفس حقل ختصص الطالب أو الباحث ‪.‬‬
‫‪-‬ميكن أيضا للدراسات السابقة اليت تناولت نفس املشكلة أن تكون مصدرا لصياغة مشكلة حبثية ‪/‬‬
‫إشكالية اعتماد على التوصيات واملقرتحات اليت توصلت إليها الدراسات السابقة ‪.‬‬
‫‪-‬يعترب التخصص الذي ت َك ون فيه الباحث واخلربة اليت أكتسبها من هذا التخصص عامال مهما أيضا‬
‫يف توجيه الباحث الختيار مشكالت وموضوعات حبث جدية ‪.‬‬
‫ومن أجل أن تكون اإلشكالية املطروحة قد متت صياغتها بطريقة علمية وسليمة‪ ،‬جيب توفر الشروط‬
‫التالية ‪:‬‬
‫ض رورة تعب ري اإلش كالية عن مش كل ‪ /‬أو إش كال علمي حقيق يت ي بني ح رية الب احث اجتاه‬ ‫‪‬‬
‫الص عوبة واإلهبام والغم وض ال ذي يكتن ف ه ذه املش كلة البحثي ة ال يت على الب احث أن يكش ف عن ه‬
‫ويوضحه ‪.‬‬
‫أن تستمد اإلشكالية من اجملال املعريف للباحث ومن ختصصه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضرورة أن تكون مضبوطة وبدقة وال تتضمن إطنابا وال حشوا لفظيا وال تناقضا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ضرورة أن تكون واضحة يف مصطلحاهتا ومفرداهتا العلمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ض رورة أن تط رح املش كلة املدروس ة يف ص يغة إش كالية تنطل ق من تص ور ‪ /‬بن اء يت درج من‬ ‫‪‬‬
‫األفكار والتوضيح العام والكلي إىل ما هو خاص وجزئي مبعين ينطلق من نظرة كلية إىل نظرة جزئية‬
‫(من الكل إىل اجلزء)‪.‬‬
‫جيب أن تتضمن اإلشكالية متغريين أو عدة متغريات يتم الربط بينهما أو بينها مجيعا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫على الباحث جتنب طرح التساؤالت املغلقة يف اإلشكالية واليت تتم اإلجابة عنها بال أو نعم‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بل عليه طرح تساؤالت تثري نقاشا وتفكريا حول مشكلة معينة ‪.‬‬
‫على الباحث صياغة إشكالية تقبل االختبار امليداين والتحقق منها يف الواقع من خالل عملية‬ ‫‪‬‬
‫البحث والربهنة ‪.‬‬
‫وهكذا نرى أن اإلشكالية ركن أساسي يف البحث العلمي وال ميكن للباحث االستغناء عنها ‪ ،‬فهي‬
‫تقدم إضافة كبرية للبحث العلمي ‪ ،‬وتساعد الباحث على الوصول للحل ‪ ،‬كما تقدم العون للقارئ ‪،‬‬
‫وتسهل عليه مسألة فهم البحث العلمي ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مراحل صياغة اإلشكالية‪:‬‬
‫صياغة إشكالية للبحث مهمة جيتهد الباحث فيها مع بداية االشتغال على موضوع البحث‪،‬‬
‫فهي العنص ر ال ذي ت رد إلي ه ك ل أس ئلة حياول البحث اإلجاب ة عنه ا‪ ،‬كم ا أهنا النقط ة ال يت يراجعه ا‬
‫الب احث يف ك ل م رة ليتفق د مع امل ح دود البحث‪ .‬وفيم ا ي أيت اخلط وات األساس ية ال يت جيب إتباعه ا‬
‫لصياغة إشكالية ‪:‬‬
‫‪-1‬مرحل ة اإلحس اس باملش كلة ‪ :‬وه ذا من خالل حتدي د الب احث للمج ال املع ريف للتخص ص ال ذي‬
‫ت َك ون في ه وقيامه بص ياغة عن وان البحث حمل الدراسة وال ذي س يحول ه ذا اإلحس اس باملوض وع إىل‬
‫قلق علمي حياول الباحث أن جييب عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬مرحلة اإلحصاء واالستطالع‪ :‬يتعلق األمر جبمع املعطيات واملعلومات والبيانات اخلاصة مبشكلة‬
‫البحث وحماولة استطالع هذه املشكلة يف الواقع ويف امليدان‪.‬‬
‫‪ -3‬مرحلة التحليل‪ :‬يقوم فيه الباحث بتفكيك وحتليل البيانات واملعلومات املستطلعة بغرض ضبط‬
‫العناصر املكونة ملشكلة البحث‪.‬‬
‫‪-4‬مرحلة صياغة اإلشكالية ‪ :‬وهي مرحلة التعبري اللفظي والكتابة للمشكلة بناء على خمتلف العناصر‬
‫اليت تتكون منها واملستقاة من املراحل السابقة واليت تُطرح يف شكل تساؤالت واسئلة علمية حول‬
‫املشكلة ‪.‬‬

You might also like