Professional Documents
Culture Documents
1
على أَّنه ِم َن المفيد أن نذكر أَّن تعريًفا مما سبق -وهو األخير تحديًد ا -يشير إلى
أَّن هناك اتجاهين للمناهج من حيث الهدف:
أحدهما :يكشف عن الحقيقة ،وُيسَّم ى منهج االختراع .
وآخرهما :يبرهن أو ُيعِّد ل من مفاهيم سائدة ،وُيسمى منهج التصنيف .
ومع أَّن المنهج فيما َس َبق ،وبناًء على ما ورد ِم ن معناه في معاجم اللغة يعني أو
ُيشتُّم منه ،أو يفيد معنى "الخطة" المعروفة لدى الباحثين عن َد التخطيط لبحوثهم ،
إَّال أَّن هن اك فرًق ا جوهرّي اً يجب اإلشارة إليه هن ا ،وه و أَّن المنهج في مج ال
الدراس ات األكاديمية يع ني :الوس يلة أو اآلل ة ال تي به ا يق وم الباِح ث على دراس ة
موض وِع ه ،وتحليل مادت ه الِع لمَّي ة َو ْف َق أس لوب ُيع نى على ذل ك من قبل المنهج
الف ني ،أو النفس ي ،أو الت اريخي ،أو اإلقليمي ،أو االجتم اعي ...إلى آِخ ِر تلك
المن اهج المعروف ة في مج ال الِّد راس ات النقدَّي ة ،وبذلك يك ون التمييز واض ًح ا بين
الخَّطة والمنهج مع ما بينهما من تقارب .
أما المنهجية فُيعنى بها:
"اتباع مجموعة من المعايير والتقنيات والوسائل َقْب ل البحث ،وفي إثنائه" ،ولمزيد
من التوض يح والدالل ة على الَف ْر ق بين المنهج والمنهجية ،ن ورد هن ا م ا َذ َك ره د.
إميل يعق وب بقول ه " :ونميل إلى التمييز بين المنهج والمنهجية" ؛ اس تناًد ا إلى
االعتبارات التالية :
.1أَّن "المن اهج" وْص ف ألعم ال العلم اء المتق ِّد مين ،وطرائ ق بحوثهم وأس اليبهم ،
اهج ، ابقة للمن طلحاتهم في العلوم ،والبْح ث العلمي س ومص
أم ا "المنهجَّي ة" فمجموعُة مع ايير وتقنيات ووس ائل يجب اِّتباعه ا قبَل البحث وفي
إثنائه.
.2أَّن المنهجية ،كالمنهج ،وصفَّية؛ ألَّنها ت بِّين كيف يقوم الباحثون بأبحاثهم ،لكَّنها
تختلف عنه في أنها معيارية في الوقت نفسه؛ ألَّنها تق ِّد م للباحث مجموعَة الوسائل
والتقنيات الواجب اتباُع ها.
.3أَّن من اِه َج الِّد راس ة تختلف من علم إلى آَخ َر ،فلألدب مناهج ه ،وك ذلك للغ ة،
وللتاريخ ،والبيولوجيا ،والِّر ياضيات ،أما المنهجية فواحدة عموًم ا.
2
.4أَّن المن اهج ُتط ْر ح عادة للنق د والتق ويم ،فيفص ل م ا له ا وم ا عليه ا ،وأيه ا أْو لى
باالِّتباع ،وما المنهج المناسب من الِّد راسات ،أما المنهجية ،فمعاييُر وتقنياٌت يجب
التزامها لتوفير الجهد ،وعدم إضاعة الوقت ،وتسديد الُخ طى على الطريق العلمي
الصحيح.
.5أَّن المناهج مرتبطة بالمنطق وطرق االستدالل واالستنتاج ،ولذلك فهي تتط َّو ر
وتتعَّد ل من حين آلخر ،أما المنهجية فأضحْت -عموًم ا -جملة قواعد ثابتة .
البحث :
في اللغة :الحفر والتنقيب ،ومنه قول -اهلل تعالى َ﴿ :-فَبَع َث الَّلُه ُغ َر اًب ا َيْبَح ُث ِفي
اَأْلْر ِض ﴾ [المائ دة ، ]31 :ويأتي بمع نى االجته اد وبذل الَج ْه د في موض وٍع م ا ،
وجمع المسائل التي تتصل به ،ومنه سميت سورة (براءة) بالبحوث ؛ ألَّنها َبحثْت
عن المنافقين وَكَش فْت ما يدور في قلوبهم .
وأم ا في االص طالح :فهن اك تعريف ات كث يرة ت دور بعُض ها حول كون ه وس يلًة
لالس تعالم واالستقص اء المنَّظم ،ال ذي يق وم به الباحث بَغ ض اكتشاف معلوم اٍت
َر
جديدة ،أو تطوير وتصحيح ،أو تحقيق معلوماٍت موجودة بالفعل ،ومن بْي ن هذه
التعريفات :
إن ه :تقرير واٍف يقِّد م ه باحث عن عم ل َتعَّه ده وأتَّم ه ،على أن يشمَل التقرير ك َّل
مراحل الدراسة ،منذ كانت فكرة حتى صارْت نتائَج مدَّو نة ،مرئية مؤَّيدة بالُح جج
واألسانيد .
أو :استقص اء دقيق يه دف إلى اكتشاف حق ائَق وقواعَد عام ة يمكن التحقيق منه ا
مستقبًال .
أو ه و :الوقوف على مفهوم ه ،والتع ُّر ف على جوانبه المختلف ة إذا نقب فيه ،
وفحصْت أجزاؤه ينتهي فيه الباحُث إلى حقيقة ،ويوضح جوهره .
أو هو :وسيلٌة للِّد راسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حٍّل لمشكلة محدودة ،وذل ك
عن طريق التقص ي الشامل وال دقيق لجميع الشواهد واألدَّل ة ،ال تي يمكن التحق ُق
منها ،والتي تتصل بهذه المشكلة المحَّد دة .
ومن التعريفات أيًض ا :
3
أَّن البحث :ه و م ا يشمل ك َّل إنت اج يكتبه ال دارس أو األس تاذ في موض وٍع من
موض وعات الِع لم أو األدب ،أو فك رة من أفكارهم ا ،أو مشكلة من مشكالتهما ،
سواء كان هذا اإلنتاج :
.1مقالة مطَّو لة واسعة ،نطلق عليها ُك تيًبا ،كان القدماء ُيطلقون عليها اسَم رسالة
أو محاضرة .
.2أو كتاًبا مختلف الَحْج م ،وغالًبا ما يبدأ الكتاب بصفحات تقاِر ب المائة ،وتزداد
صفحاُته حتى تبلغ المئات ،فإن زادْت زيادًة مسرفة ،قِّس م الكتاب أجزاًء ،حسب
موضوعاته وأبوابه الكبرى .
.3رس الة جامعَّي ة يتق َّد م به ا الباحث لنيل درج ة علمية ،وَيْقُص ر بعض العلم اء
البحَث على ما هو دون الِّر سالة والكتاب من المقاالت العلمَّي ة المطَّو لة أو الموجزة
،فال يطلقون على الكتاب وال على الرسالة الجامعية اسَم بحث .
وإ ذا ك ان الغ رض من البْح ث مختلًف ا ،ف إَّن ج وهره يتمَّثل في إث ارة مشكلة من
مشكالت الِع لم -كم ا أس لْفنا -وَع ْر ض ها عرًض ا جيًد ا ،وبيان وجه ة حٍّل ه ذه
المشكلة .
وعلى ما تق َّد م من توضيح لك ٍّل من معنى المنهج والبْح ث ،فإَّن إضافة المنهج إلى
البحث يع ني :من اهج البحث والم راد ،عندئ ذ :المجموعة المنَّظم ة من المبادئ
العاَّم ة ،والطرق الِف علَّية التي يستعين بها الباحُث في حل مشكالت بحثه ،والَّس ْي ر
به حس َب الخط ة المنَّظم ة لمادت ه ،يع رض أج زاءه ،ويس توفي جوانبه ،محِّلًال
ومناقًش ا ،ومستدًّال ومبرهًنا ،مرجًح ا ومصِّو ًبا َو فَق القانون الذي يحكم أية محاولة
للِّد راسة والتقويم على اُألسس السليمة ،منتهًيا من كل ذلك إلى النتائج التي توَّص ل
إليها من دراسته ،مقترًح ا ما يراه على غيره في مجاله الستكمال جوانب أخر من
موضوعه ،لم تكن في خطته أو تكشفها في أثناء َبْح ِثه جديرة بالتناول المستقِّل .
وبناء عليه نستطيع أن نصنع أو نختار التعريَف التالي للداللة على مضمون ك ِّل ما
س بق ،وه و أَّن منهج البحث ( :ه و عبارة عن الط رق المقَّنن ة والمنَّظم ة ،ال تي
يسلكها الباحث في معالجة موضوٍع ما من الموضوعات ،أو إيجاد حٍّل لمشكلة ما
4
،كشًفا واختراًع ا ،أو ت دليًال وبرهاًن ا ،متفًق ا م ع م ا تع اَر َف عليه الباحثون ،
وانتهوا إليه في أسلوب وطريقة الَعْر ض التي تناسب موضوعه ) .
5