Professional Documents
Culture Documents
كلية الحقوق
الدراسات العليا
دبلوم القانون العام
بحث بعنوان
( الشروع )
تحت اشراف
االستاذ الدكتور
احمد شوقي عمر ابو خطوة
استاذ القانون الجنائي
كلية الحقوق – جامعة المنصورة
اعداد الباحث
محمود سالم ابراهيم بدوي
2023_2022
1
خطة البحث
المقدمة
المبحث االول :ماهية الشروع
المطلب االول تعريف الشروع
المطلب الثاني :مراحل الشروع وانواعه
المطلب الثالث :الفرق بين الشروع و جرائم التعريض للخطر
المبحث الثاني :اركان الشروع في الجريمة
المطلب االول :الركن المادي ( البدء في تنفيذ الجريمة )
المطلب الثاني :الركن المعنوي ( قصد ارتكاب جناية او جنحة )
المطلب الثالث :عدم اتمام الجريمة لسبب خارج عن ارادة الجاني
المبحث الثالث :العقاب علي الشروع
المطلب االول :عقوبة الشروع في الجريمة
المطلب الثاني :الجريمة المستحيلة وعقابها
المبحث الرابع :عقوبة الشروع في جريمة القتل
الخاتمة
المراجع
الفهرس
2
المقدمة
الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها ،أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي كان الجاني
يسعى إلى بلوغها ،متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعا ً إلى سبب غير إرادي .فالجاني في هذا النموذج
قطع شوطا ً ملموسا ً على طريق إتمام الجريمة ،ولكن ذلك اإلتمام لم يحدث لسبب خارج عن إرادته :فمن
يطلق رصاصة على الغير بقصد قتله فتطيش رصاصته ،أو التصيبه إال بأذى طفيف ،أو يضع أخر يده على
سالحه فيمنعه من إطالق الرصاصة ،يعد قد استوفى بنشاطه نموذج الشروع في الجريمة المستهدفة أصالً
والتي حال دون تمامها عامل بعيد عن إرادة الجاني لواله لتحققت النتيجة.
وقد عرفت المادة 45من قانون العقوبات الشروع بأنه «....البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة
إذا أوقف أو خاب أثره ألسباب ال دخل إلرادة الفاعل فيها .وال يعتبر شروعا ً في الجناية أو الجنحة مجرد
العزم على ارتكابها وال األعمال التحضيرية لذلك ».
نطاق الشروع
إذا كان الشروع على النحو السابق جريمة خاصة ناقصة النتيجة التي كان الجاني يسعى إليها بسبب خارج
عن إرادته ،فإن ذلك يغطي في تطبيقات الشروع ثالثة فروض أساسية يجمع بينها عدم إفضاء نشاط الجاني
إلى نتيجة يمكن إلقاء تبعتها عليه قانوناً:الفرض األول :عدم إفضاء نشاط الجاني بالمرة إلى النتيجة اإلجرامية
المقصودة وال إلى أي نتيجة إجرامية أخرى أقل جسامة ،كإطالق رصاصة على شخص دون أن يصاب من
جرائها بأذى .والفرض الثاني :تتحقق فيه بعد نشاط الجاني ذات النتيجة اإلجرامية التي كان يسعى إليها دون
أن يمكن قانونا ً نسبتها إلى فعله ،النقطاع عالقة السببية بينهما؛ فثمة في هذا الفرض تحقق مادي للنتيجة
النهائية المقصودة دون أن تعتبر الجريمة تامة في مواجهة الجاني ،ألن النتيجة تُسند سببيا ً إلى عامل آخر.
ومن ذلك إطالق«أ» رصاصة تجاه«ب» بقصد قتله وإصابة هذا األخير بجرح بسيط يذهب على أثره إلى
المستشفى لتلقي اإلسعافات األولية حيث يتوفى على أثر تلقي عالج خاطئ .الفرض الثالث في الشروع ،هو
تخلف النتيجة النهائية المقصودة مع تحقق نتيجة أقل جسامة على أثر نشاط الجاني ،ومن ذلك إطالق
رصاصة على المجني عليه تصيبه وال تقتله ،فاإلصابة ذاتها تعد نتيجة إجرامية(أقل جسامة من الوفاة) في
جريمة الجرح العمد ،ولكن هذه النتيجة تذوب وتستغرق في نموذج قانوني أوسع هو الشروع في القتل ،وعنه
وحده يُسأل الجاني دون الجرح العمد.إن التشريعات الجنائية المعاصرة تحتفظ أساسا بفكرة الواقعة اإلجرامية
و تقيم فلسفة قانون العقوبات عليها دون أن تهمل قيمة العوامل الشخصية في تحديد النموذج التشريعي
للجريمة في تقدير العقوبة.
لذلك يعاقب القانون على األفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم و التي تكون ماديات الجريمة فالقانون
ال يعاقب على النوايا مهما كانت إجرامية دون أن يعبر عنها بفعل مادي ملموس ينتج أثره في العالم الخارجي
فالجريمة هي االعتداء الذي يصدر من الجاني ضد المجني عليه مخلفا له نتيجة ضارة و على ذلك نالحظ أن
عناصر الركن المادي للجريمة المادية هي السلوك أو الفعل اإلجرامي و النتيجة اإلجرامية المتحققة و أخيرا
العالقة التي تربط بين الفعل و النتيجة و تدعى العالقة السببية و إذا تم و استنفذ الجاني كل نشاطه و أفعاله
3
فإنه يرجو و ينتظر تحقق النتيجة فإذا تحققت تمت الجريمة و إذا لم تتحقق تبقى الجريمة ناقصة و بذلك
فالنتيجة هي األثر المادي الذي يتحقق.
فالجرائم المادية هي التي تتحقق فيها النتيجة اإلجرامية و يتحقق الضرر للمجني عليه لكن في بعض األحيان
ينفذ الجاني كل نشاطه اإلجرامي لكن يتعذر عليه تحقيق النتيجة اإلجرامية هنا تكون النتيجة القانونية أي
الضرر لم يلحق بالمجني عليه و إنما اعتدى عليه و على مصالحه التي يحميها القانون و هذا ما يطلق
بالشروع ،و خذا األخير يعتبر ركن مادي من أركان الجريمة و بما أن القانون يحمي المصالح و يعاقب على
الجرائم التي تلحق أضرار بالمصالح فكذلك يعاقب على محاوالت االعتداء عليها ألنه من المحتمل أن تصير
هذه المحاوالت حقيقية.
وعليه فإن الشروع هو مجرد مرحلة يبدأ فيها الجاني في تنفيذ نشاطه اإلجرامي ولكنه ال يحقق النتيجة
والقانون يعاقب على النتيجة التي تتحقق وتسبب الضرر للمجني عليه ،فما حكم الشروع ؟ هل يعاقب عليه ؟
وإن كان خناك عقـــاب فهل هو بنـفس عقـــــوبات الجريمة التامة ؟
موضوع البحث:
تهدف هذه الدراسة للحديث عن الشروع في الجريمة وأحكام الشروع ،ونطاق تطبيقه وأركانه ،وعقوبته
وبيان موقف التشريعات من الشروع وأحكام القضاء منه.
أهمية البحث:
تكمن أهمية البحث في بيان الجزاء الذي يقرره قانون العقوبات الفلسطيني بشكل خاص والتشريعات الجزائية
العربية بشكل عام ،علي كل من يرتكب السلوك اإلجرامي سواء تحققت النتيجة اإلجرامية أم لم تتحقق ،ألن
في كلتا الحالتين هناك اعتداء وسلوك إجرامي حدث فعالً.
ويعتبر الشروع في الجريمة من القواعد الموضوعية التي نظمها قانون العقوبات الفلسطيني ونص بشكل
صريح علي الجزاء ،والهدف من تطبيق هذا الجزاء علي المخالفين وهو تحقيق الردع الخاص والعام.
تساؤالت البحث:
يثير بحثنا هذا ويجب علي العديد من التساؤالت منها– :
1-ماهية الشروع وأنواعه ؟
2-ماهية أركان الشروع ؟
3-هل العقاب علي الشروع مثل العقاب علي الجريمة الكاملة ؟
4-ما هو نطاق الشروع ؟
5-هل يتوافر شروع في جميع أنواع الجرائم ؟
6-ما هو العقاب علي الشروع أو المحاولة اإلجرامية ؟
4
تمهيد:
اإلنسان كائن مزدوج في طبيعته خلق من مادة وروح .وأودع فيه نوعان من القوى ،نوع تأخذ بيده إلى الخير
وأخرى تدفعه إلى الشر وهذه الحقيقة ذكرها القرآن الكريم { ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد
افلح من زكاها وقد خاب من دساها } .نتج عن ذلك أن كان لإلنسان نوعان من السلوك ،ما يتفق مع األخالق
والقانون والنظام وما يختلف عنها .وغالبا ما يمر كال النوعين بمرحلتين :مرحلة داخلية نفسية ال عالقة لها
بالمادة وأخرى خارجية وذات طبيعة مادية تتحسسها الحواس .وكثيرا ما تسبق المرحلة النفسية المرحلة
المادية فال يقوم اإلنسان بتنفيذ عمل إال بعد التصميم على القيام به .وتسبق كال المرحلتين مرحلة تمهيدية فال
يصمم اإلنسان على عمل شيء إال بعد التفكير به مليا ،وال يقوم بتنفيذه إال بعد التمهيد لهذا التنفيذ والوصول
إلى مبتغاه.
فالسلوك بشكل عام هو مجموعة األفعال الداخلية ( الذهنية ) والخارجية ( المادية ) والتي بواسطتها يحقق
اإلنسان ما يريد خيرا ً فخير وإن شرا ً فشر .فمن يريد إقامة ملجئ لأليتام ،البد أن يفكر في الموضوع مليا،
موازنا بين حسناته وسيئاته فإذا ما رجحت الحسنات ينتقل إلى مرحلة أخرى أكثر أهمية أال وهي مرحلة
التصميم والعزم على تنفيذ العمل .ومتى بدأ بالتهيئة للتنفيذ فيكون قد انتقل من المرحلة النفسية إلى المرحلة
التمهيدية لمرحلة التنفيذ ،وهي إعداد وتحضير الوسائل الضرورية .وما أن يفرغ من التمهيد للمرحلة المادية
حتى ينتقل الى تنفيذ العمل والوصول إلى النتيجة التي أرادها الفاعل)**( .
ما قيل بالنسبة للسلوك النافع يقال أيضا في السلوك الضار وما يهدف إليه من نتيجة ضارة أو جرمية حيث
يمر الفاعل بنفس المراحل السابقة .فلو أراد شخص قتل آخر يتعين عليه أن يفكر في األمر ،ويوازن بين ما
يحقق رغباته ونزواته وبين ما يلحق به من إضرار .فإذا ما أوصله تفكيره إلى اإلتيان بفعل القتل فانه ينتقل
إلى مرحلة التصميم ليبدأ بعدها بتهيئة وتحضير الوسائل الالزمة للقيام بجريمة القتل مثل شراء سالح
والتدريب عليه ،وما أن يفرغ من المرحلة األخيرة حتى يبدأ التنفيذ وقد يصل إلى النتيجة أو ال يصل.
5
المبحث االول :ماهية الشروع
الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها ،أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي كان الجاني
يسعى إلى بلوغها ،متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعا ً إلى سبب غير إرادي .فالجاني في هذا النموذج
قطع شوطا ً ملموسا ً على طريق إتمام الجريمة ،ولكن ذلك اإلتمام لم يحدث لسبب خارج عن إرادته :فمن
يطلق رصاصة على الغير بقصد قتله فتطيش رصاصته ،أو التصيبه إال بأذى طفيف ،أو يضع أخر يده
على سالحه فيمنعه من إطالق الرصاصة ،يعد قد استوفى بنشاطه نموذج الشروع في الجريمة المستهدفة
أصالً والتي حال دون تمامها عامل بعيد عن إرادة الجاني لواله لتحققت النتيجة .
وقد عرفت المادة 45من قانون العقوبات الشروع بأنه «....البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة
إذا أوقف أو خاب أثره ألسباب ال دخل إلرادة الفاعل فيها .وال يعتبر شروعا ً في الجناية أو الجنحة مجرد
العزم على ارتكابها وال األعمال التحضيرية لذلك
نطاق الشروع
إذا كان الشروع على النحو السابق جريمة خاصة ناقصة النتيجة التي كان الجاني يسعى إليها بسبب خارج
عن إرادته ،فإن ذلك يغطي في تطبيقات الشروع ثالثة فروض أساسية يجمع بينها عدم إفضاء نشاط الجاني
إلى نتيجة يمكن إلقاء تبعتها عليه قانوناً:الفرض األول :عدم إفضاء نشاط الجاني بالمرة إلى النتيجة اإلجرامية
المقصودة وال إلى أي نتيجة إجرامية أخرى أقل جسامة ،كإطالق رصاصة على شخص دون أن يصاب من
جرائها بأذى .والفرض الثاني :تتحقق فيه بعد نشاط الجاني ذات النتيجة اإلجرامية التي كان يسعى إليها دون
أن يمكن قانونا ً نسبتها إلى فعله ،النقطاع عالقة السببية بينهما؛ فثمة في هذا الفرض تحقق مادي للنتيجة
النهائية المقصودة دون أن تعتبر الجريمة تامة في مواجهة الجاني ،ألن النتيجة تُسند سببيا ً إلى عامل آخر.
ومن ذلك إطالق«أ» رصاصة تجاه«ب» بقصد قتله وإصابة هذا األخير بجرح بسيط يذهب على أثره إلى
المستشفى لتلقي اإلسعافات األولية حيث يتوفى على أثر تلقي عالج خاطئ .الفرض الثالث في الشروع ،هو
تخلف النتيجة النهائية المقصودة مع تحقق نتيجة أقل جسامة على أثر نشاط الجاني ،ومن ذلك إطالق
رصاصة على المجني عليه تصيبه وال تقتله ،فاإلصابة ذاتها تعد نتيجة إجرامية(أقل جسامة من الوفاة) في
جريمة الجرح العمد ،ولكن هذه النتيجة تذوب وتستغرق في نموذج قانوني أوسع هو الشروع في القتل ،وعنه
وحده يُسأل الجاني دون الجرح العمد .
صورتا الشروع[
ثمة صورتان أساسيتان للشروع أوالهما :الشروع التام ،ويعرف كذلك بالجريمة الخائبة ،وفيها يستنفد الجاني
نشاطه اإلجرامي كامالً وتتخلف النتيجة لسبب خارج عن إرادته ،ومن ذلك أن يضرب شخص امرأة أو
يعطيها مادة بقصد إسقاطها فال يتحقق ذلك ،أو أن يطلق رصاصته تجاه المجني عليه فال يصيب هذا األخير،
أو أن يكسر خزينة لسرقة مستند معين فال يجده بها .ويدخل في صورة الشروع التام كذلك ما يعرف بالجريمة
المستحيلة ،وفيها يستنفد النشاط االإجرامي في ظروف كان يستحيل فيها تحقق النتيجة لعامل كان الجاني
يجهله ،كمحاولة السرقة من جيب خال ،أو قتل شخص فارق الحياة بالفعألو بسالح غير محشو برصاص ،أو
إسقاط امرأة غير حبلى
6
والصورة الثانية للشروع هي الشروع الناقص أو مايعرف بالجريمة الموقوفة ،وفيها ال يسنفد الجاني نشاطه
اإلجرامي حتى نهايته ،وإنما يوقفه أو يحبطه عامل خارجي فال يستكمل النشاط وال تتحقق النتيجة ،كما لو
تأهب «أ» إلطالق عيار ناري تجاه «ب» وتدخل «ج» فأمسك بيده وحال دون إطالق العيار؛ أو تسلق «أ»
سور منزل بقصد السرقة ولم يتم مشروعه على أثر رؤية رجل الشرطة قاد ًما نحوه ،وهكذا.
وليس ثمة فارق من الناحية القانونية بين صورتي الشروع فيما يتعلق بالتجريم والعقاب :فكل منهما يستكمل
[]11
عناصر الشروع ،ولكل منهما يتقرر ذات العقاب.
سياستا التجريم والعقاب بشأن الشروع[
في التنظيم القانوني للشروع يتنازع مذهبان يحددان موضعه في السياسة الجنائية بوجه عام ،أولهما؛ المذهب
الموضوعي ،وثانيهما ،المذهب الشخصي .وموضع الخالف بين المذهبين يتعلق بتحديد األساس الذي يبرر
التجريم والعقاب على الشروع؛ هل هو الخطورة الموضوعية للفعل الصادر عن الجاني ،أم هو الخطورة
الشخصية لهذا األخير بغض النظر عن خطورة الفعل؟
7
المطلب االول تعريف الشروع
الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها ،أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي كان الجاني
يسعى إلى بلوغها ،متى كان عدم تحقق تلك النتيجة راجعا ً إلى سبب غير إرادي .فالجاني في هذا النموذج
قطع شوطا ً ملموسا ً على طريق إتمام الجريمة ،ولكن ذلك اإلتمام لم يحدث لسبب خارج عن إرادته :فمن
يطلق رصاصة على الغير بقصد قتله فتطيش رصاصته ،أو التصيبه إال بأذى طفيف ،أو يضع أخر يده
على سالحه فيمنعه من إطالق الرصاصة ،يعد قد استوفى بنشاطه نموذج الشروع في الجريمة المستهدفة
أصالً والتي حال دون تمامها عامل بعيد عن إرادة الجاني لواله لتحققت النتيجة
وقد عرفت المادة 45من قانون العقوبات الشروع بأنه «....البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة
إذا أوقف أو خاب أثره ألسباب ال دخل إلرادة الفاعل فيها .وال يعتبر شروعا ً في الجناية أو الجنحة مجرد
العزم على ارتكابها وال األعمال التحضيرية لذلك
إذا كان الشروع على النحو السابق جريمة خاصة ناقصة النتيجة التي كان الجاني يسعى إليها بسبب خارج
عن إرادته ،فإن ذلك يغطي في تطبيقات الشروع ثالثة فروض أساسية يجمع بينها عدم إفضاء نشاط الجاني
إلى نتيجة يمكن إلقاء تبعتها عليه قانوناً:الفرض األول :عدم إفضاء نشاط الجاني بالمرة إلى النتيجة اإلجرامية
المقصودة وال إلى أي نتيجة إجرامية أخرى أقل جسامة ،كإطالق رصاصة على شخص دون أن يصاب من
جرائها بأذى .والفرض الثاني :تتحقق فيه بعد نشاط الجاني ذات النتيجة اإلجرامية التي كان يسعى إليها دون
أن يمكن قانونا ً نسبتها إلى فعله ،النقطاع عالقة السببية بينهما؛ فثمة في هذا الفرض تحقق مادي للنتيجة
النهائية المقصودة دون أن تعتبر الجريمة تامة في مواجهة الجاني ،ألن النتيجة تُسند سببيا ً إلى عامل آخر.
ومن ذلك إطالق«أ» رصاصة تجاه«ب» بقصد قتله وإصابة هذا األخير بجرح بسيط يذهب على أثره إلى
المستشفى لتلقي اإلسعافات األولية حيث يتوفى على أثر تلقي عالج خاطئ .الفرض الثالث في الشروع ،هو
تخلف النتيجة النهائية المقصودة مع تحقق نتيجة أقل جسامة على أثر نشاط الجاني ،ومن ذلك إطالق
رصاصة على المجني عليه تصيبه وال تقتله ،فاإلصابة ذاتها تعد نتيجة إجرامية(أقل جسامة من الوفاة) في
جريمة الجرح العمد ،ولكن هذه النتيجة تذوب وتستغرق في نموذج قانوني أوسع هو الشروع في القتل ،وعنه
وحده يُسأل الجاني دون الجرح العمد
8
المطلب الثاني :مراحل الشروع وانواعه
يعاقب القانون على األفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم و التي تكون ماديات الجريمة فالقانون ال
يعاقب على النوايا مهما كانت إجرامية دون أن يعبر عنها بفعل مادي ملموس ينتج أثره في العالم الخارجي
فالجريمة هي االعتداء الذي يصدر من الجاني ضد المجني عليه مخلفا له نتيجة ضارة و على ذلك نالحظ أن
عناصر الركن المادي للجريمة المادية هي السلوك أو الفعل اإلجرامي و النتيجة اإلجرامية المتحققة و أخيرا
العالقة التي تربط بين الفعل و النتيجة و تدعى العالقة السببية ويسبق السلوك اإلجرامي مراحل تتولد لدي
الجاني تنقسم إلي نفسية مثل مرحلة التفكير وأخري مادية تتمثل في مرحلة اإلعداد والتحضير والشروع في
السلوك اإلجرامي.
الفرع األول :مرحلة التفكير
و يراد بها مرحلة النشاط الذهني و النفسي الذي يدور داخل شخصية الجاني فتطرأ فكرة ارتكاب الجريمة
على ذهنه و يراود نفسه بين دوافع اإلقدام على الجريمة و دوافع اإلحجام عن اقترافها و بعدها يعقد الجاني
العزم على ارتكاب الجريمة
و المشرع الفلسطيني واألردني والبحريني والليبي والقطري ال يهتم بما يدور في ذهن الشخص و ال يعاقب
عليه ،إال إذا ظهر في صورة نشاط خارجي كاالتفاق مع الغير الرتكاب الجرائم ففي هذه الحالة يرى المشرع
أنه يعد فعال خطيرا يهدد المصالح التي يحميها المشرع فيجرمها.
والتشريع ال يعاقب علي أفعال التهديد أو التحريض أو االتفاق ،لكنه يعاقب علي تلك السلوكيات باعتبارها
جرائم مستقلة وقائمة بذاتها بصرف النظر عما يحدث بعد ذلك ،فهي جرائم خطر ال يعد العقاب عليها عقابا
علي مجرد التفكير في الجريمة ،بل الجزاء يكون عن جريمة نفذت فعال ً ،أي جريمة تامة وليس محاولة
الرتكاب جريمة لم تتم.
الفرع الثاني :مرحلة التحضير
بعد العزم على الجريمة يبدأ االستعداد لها بأعمال تحضيرية لتنفيذ الجريمة كأن يشتري سالحا و يتدرب على
استعماله ثم يراقب المجني عليه في مواعيد هو يدرس األمكنة التي يرتادها ،فهذه كلها أفعال تحضيرية ال تعد
بدورها شروعا ،و تفلت من العقاب بوصفها مرحلة في الجريمة غير أن الشارع قد يرى بعض تلك األعمال
التي تعتبر تحضيرية الرتكاب جريمة معينة ما يمكن أن يكون فعال خطرا فيجرمه بصفة جريمة مستقلة
كمجرد تقليد المفاتيح ،فهو وإن كان عمال تحضيريا بالنسبة لجريمة السرقة إال أن المشرع رأى بأن هذا الفعل
يهدد المصالح التي يحميها القانون فجرمه بصفة مستقلة.
الفرع الثالث :مرحلة الشروع
إذا تجاوز الجاني مرحلة التحضير للجريمة بدأ في تنفيذها ،و بذلك يدخل في مرحلة جديدة تسمى الشروع ،و
هذا العمل الذي يقترفه الجاني ينطوي على تهديد للمجتمع بخطر معين مما دفع المشرع إلى تجريمه إذا ما
وقفت الجريمة عند هذه المرحلة و يتم هذا الوقف إما بسبب تدخل عامل خارجي منع الجاني من الوصول إلى
غايته ،أو بسبب فشل الجاني في تنفيذ الجريمة رغم قيامه بنشاطه كامال ،و عندئذ يكون بصدد الشروع في
الجريمة الذي يعاقب عليه المشرع ،و يطلق على الحالة األولى بالجريمة الموقوفة والثانية بالجريمة الخائبة
9
كما اعتبر المشرع الجزائري مرحلة الشروع هي المرحلة التي يتجاوز فيها الجاني مرحلتي التفكير
والتحضير ليسلك الجريمة ،و لكن ال يصل إلى التنفيذ الكامل للجريمة.
و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل الجاني و الجريمة في الجنايات و بعض الجنح.
فمثالً الشخص الذي لم يتمكن من إتالف حواسيب المجني عيه بواسطة نشر فيروسات مدمرة بسبب تمكن
المبرمج من وضع برنامج حماية من الفيروسات لتلك الحواسيب يعتبر أنه حاول ارتكاب الجريمة ،والشخص
الذي لم يتوصل بسلوكه من تدمير منزل غريمه بسبب ال دخل إلرادته فيه وهو عدم انفجار المفرقعات يعتبر
مرتكبا لجريمة محاولة إتالف مال الغير
وقد استقر القضاء الجزائري علي أنه لثبوت المحاولة يجب توافر الشروط التالية ( -1البدء في التنفيذ -2أن
يوقف التنفيذ أو يخيب أثره ألسباب ال دخل إلرادة الفاعل فيها -3أن يقصد به ارتكاب جناية أو جنحة.
أنواع الشروع
10
المطلب الثالث :الفرق بين الشروع و جرائم التعريض للخطر
منذ ظهور المدرسة الوضعية ومن بعدها مدرسة الدفاع االجتماعي بدأ الفقه الجنائي يوجه نظر المشرع إلى
ضرورة تجريم بعض صور السلوك الذي يحمل في طياته مخاطر يمكن أن ً تصيب الحقوق والقيم التي
يحميها القانون الجنائي ،وذلك تأكيدا على أن دور القانون ليس التدخل بعد وقوع الجريمة لمعاقبة الجاني
وجميع من ساهموا معه في ارتكابها فحسب ،بل يمكن أن يتدخل ًا بحكمة ” الوقاية خير من العالج“ ،فيجرم
بعض السلوك في مرحلة سابقة على وقوع الجريمة أخذ ) )1 .من هنا ظهرت بجانب ”جرائم الضرر الخطر
قبل تحقق أي ضرر فعلي جراء هذا السلوك )” ) résultat de délitsأو ”الجرائم المادية ) matériels
”)،délitsطائفة أخرى من الجرائم يطلق عليها ”جرائم الخطر ”)، ) risque du délitsأو ”الجرائم
الشكلية )، ”) )2، ) formels délitsأو ” الجرائم العائقة أو ”جرائم المنع أو الوقاية ) prévention de
)”infractions lesوالحائلة والمانعة من تحقق الضرر) obstacles - délits.
اما الشروع فقد عرفت المادة 45من قانون العقوبات الشروع بأنه «لبدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية
او جنحة ،اذا أوقف او خاب اثره بسبب ال دخل ألرادة الفاعل فيها» .
ويتضح من هذا النص أن الشروع هو جريمة ناقصة ،بسبب تخلف بعض عناصر الركن المادي في الجريمة،
وهو النتيجة اإلجرامية .أي أن الشروع يفترض توافر كل عناصر الجريمة التامة فيما عدا النتيجة .فنكون
بصدد الشروع إذا اقترف الجاني الفعل الذي أراد به تحقيق النتيجة ولكن فعلـه لم يفض إليها.
11
المبحث الثاني :اركان الشروع في الجريمة
أركان الشروع
تقوم الجريمة في صورة الشروع على ثالثة عناصر رئيسية ،وذلك حسبما يبين من نص المادة 45من قانون
العقوبات ،وهي:
البدء في التنفيذ
موضع البدء في التنفيذ في مسار الجريمة
ال مجال للشروع في الجريمة إال إذا قطع الجاني ،على طريق الجريمة ،مسافة يمكن معها القول بأنه قد بدأ
في تنفيذها .ولكن تحديد ذلك ليس باألمر اليسير .ويرجع هذا إلى أن المشروع اإلجرامي ،في الجرائم الكبرى
على وجه الخصوص ،يمر بمسار طويل يبدأ بالمرحلة النفسية الخالصة ،ثم التحضير الرتكاب الجريمة ،ثم
البدء في تنفيذها ،ثم تنفيذها كاملة
أما المرحلة النفسية ،ففيها تتولد فكرة الجريمة وتتبلور تدريجيًا حتى تنقلب إلى عزم وتصميم على ارتكابها.
والقاعدة أنه ال تجريم وال عقاب على مايدور داخل النفس مهما بدا العزم قاطعًا ،والقول بغير ذلك مؤداه تدخل
ً
فضال عن أنه سافر في مكنون األنفس ،ومطاردة قانونية لمجرد النوايا ،وفتح لباب التعسف على مصراعيه.
ال خطورة من التصميم اإلجرامي المجرد ،ألنه يجوز لصاحبه أن يعدل عنه دون عائق قبل بدأ التنفيذ ،ومن
حسن السياسة التشريعية تشجيعه على ذلك .وقد أكد المشرع هذا المعنى بوضوح في الفقرة الثانية من المادة
عا في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها
45بقوله «ال يعد شرو ً
متبلورا ،وذلك حينما يقدر أن تصميم
ً ومع ذلك ،يتدخل المشرع أحيانًا ويجرم عز ًما أو تصمي ًما إجراميًا
الجاني قد اقترن بفعل خارجي يعبر عن خطورة ملموسة ،فيخلق حينئذ من هذا الوضع جريمة قائمة بذاتها.
ومن ذلك أن يتخذ العزم صورة تهديد شفوي أو مكتوب بارتكاب قتل ،أو أن يعبر عن التصميم باالنضمام إلى
مكررا من قانون
ً عصابة إجرامية أو بتآمر بين عدة أشخاص الرتكاب جريمة ماسة بأمن الدولة (المادة 86
العقوبات)
معيار البدء في التنفيذ
القصد الجنائي
يعد القصد الجنائي (الركن المعنوي) هو الركن الثاني الذي يفترضه الشروع .و قد أشارت إليه صراحة المادة
( )45من قانون العقوبات وهو يتطلب أن يكون الجاني قد أرتكب الفعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة معينة
في صورة تامة .والمشرع ال يعاقب على الشروع في جميع الجرائم ،مما يعني أن إتجاه قصد الجاني إلى
ارتكاب جريمة معينة يتيح التعرف على حكم القانون في الشروع فيها.
12
ماهية القصد الجنائي في الشروع
جوهر القصد الجنائي في الشروع هو اإلرادة اآلثمة المتجهة إلى إحداث النتيجة اإلجرامية التي تخلفت لسبب
غير اختياري ،وهي ذات اإلرادة التي يلزم توافرها لقيام الجريمة التامة :فاإلرادة متجهة في الحالتين نحو
إتمام الجريمة ،بغض النظر عن عدم تحقق النتيجة المقصودة في الشروع ]15[.فمن يطلق رصاصة على آخر
بقصد قتله وتحدث الوفاة بالفعل يتطابق القصد الجنائي لديه مع قصد شخص آخر يطلق رصاصة مماثلة فال
[]16
تصيب المجني عليه سوى بأذى بسيط.
ويلزم أن يتوافر في القصد الجنائي في الشروع عنصران :اتجاه اإلرادة إلى إتمام الجريمة من ناحية،
واتجاهها إلى ارتكاب جريمة معينة من ناحية أخرى.
ويتطلب القانون المصري لقيام الشروع اتجاه القصد الجنائي إلى ارتكاب جناية أو جنحة :فال شروع في
المخالفات ،لضآلة المصلحة المحمية في هذا الفرض
عنصرا الز ًما لقيام الشروع حصر مجال هذا األخير في الجرائم التيً يترتب على اعتبار القصد الجنائي
تستقيم طبيعتها وفكرة الشروع ،أي التي يتخذ الركن المعنوي _ فيها_ صورة القصد الجنائي .أما تلك التي ال
تقوم على القصد الجنائي فال مجال للشروع فيها ]16[.فمن ناحية ،ال شروع في الجرائم غير العمدية ،وهي
التي يتخذ الركن المعنوي فيها صورة الخطأ غير العمدي :ففي هذا األخير ال تتجه اإلرادة إلى إحداث النتيجة
اإلجرامية ،ومن ثم اليتصور الشروع فيها ،مهما كانت خطورة الفعل على المصلحة محل الحماية الجنائية.
عا فيوتطبيقًا لذلك ،فإن اإلهمال في صيانة آلة على نحو ينذر بانفجارها وإصابة الغير أو وفاته اليعد شرو ً
قتل غير عمدي أو إصابة غير عمدية ،وكذلك الحال بشأن قيادة سيارة على نحو يهدد حياة الغير بالخطر:
عا في قتل غير عمدي ،ولكنه قد يمثل جريمة قائمة بذاتها إذا كان القانون يجرم فعل القيادة
فذلك ليس شرو ً
الخطرة في ذاته؛ وقد يفضي ذلك إلى قتل الغير أو إصابته خطأ ،وحينئذ يسأل عن قتل خطأ أو إصابة غير
عمدية
ومن ناحية أخرى ،ال شروع في الجرائم متجاوزة أو متعدية القصد :ففي هذا النوع من الجرائم يتجه القصد
الجنائي إلى نتيجة محددة ،ولكن تقع على أثر فعل الجاني نتيجة أشد جسامة فيحمله القانون تبعتها ،على الرغم
من أن إرادته لم تتجه إليها .ومن ذلك :جريمة الضرب المفضي إلى موت ،والتي تتجه فيها اإلرادة األثمة إلى
المساس بسالمة الجسم دون إزهاق الروح .ومن البديهي أنه ال يتصور الشروع في هذا النوع من الجرائم
لتخلف قصد إحداث النتيجة المتفاقمة ابتدا ًء ،ومن ثم عدم توافر الشروع.
13
المطلب االول :الركن المادي ( البدء في تنفيذ الجريمة )
الركن المادي للشروع
يتكون الركن المادي للشروع من عنصرين هما البدء في التنفيذ والوقف الالإرادي للتنفيذ ،وفيما نفصل كل
عنصر وفق ما يلي
حيث أن وضع حد بين األعمال التحضيرية التي ال يعاقب عليها القانون يقتضي وضع معيار ثابت يفصل بين
المرحلتين ،و لتحديد معيار فاصل في هذا الشأن ال مفر من الرجوع إلى المعايير الفقهية السائدة في شأنها و
قد جرى الفقه على تصنيف اآلراء المختلفة التي قيلت في هذه المعايير إلى مذهبين:
المذهب الموضوعي ( المادي ) الذي يهتم بالفعل المادي الذي أرتكب فعال و بخطواته اإلجرامية.
ويذهب أنصار هذا المذهب إلى القول أن البدء في التنفيذ هو السلوك الذي يبدأ به الجاني تحقيق الركن المادي
للجريمة ،فالركن المادي في جريمة القتل يتمثل في سلوك يؤدي إلى إزهاق روح المجني عليه .
وتجدر اإلشارة أن هذا االتجاه يمتاز بدقته وسهولة تطبيقه ولكنه انتقد علي أساس انه يضيق من نطاق
الشروع ،ويعرض المصالح والحقوق للخطر
والمذهب الشخصي الذي يهتم بإرادة الجاني واتجاه إرادته إلى السلوك اإلجرامي وهو المذهب الذي استقر
عليه العمل في القضاء الفرنسي و الذي أخذ منه المشرع الفرنسي ،ويهتم هذا المذهب بخطورة الشخصية
اإلجرامية للجاني أكثر من االهتمام بالفعل نفسه.
ويأخذ الفقه في فرنسا وبريطانيا وألمانيا بهذا المذهب ،حيث يهدف إلى التوسيع من نطاق الشروع في
الجريمة فال يعول علي شكل السلوك الصادر عن الجاني ،بل عما ينم عته هذا السلوك من خطورة إجرامية
لديه ،علي عكس المذهب المادي الذي يركز علي السلوك اإلجرامي
موقف المشرع والقضاء الفلسطيني من المذهبين /اخذ المشرع الفلسطيني بالمذهب الشخصي كمعيار للفعل
الذي يعد بدءا ً في التنفيذ أم ال ،كما قضت محكمة النقض المصرية بأنه ال يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ
الفاعل بتنفيذ جزء من األعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي العتبار لته شرع في ارتكاب جريمة
أن يبدأ في تنفيذ فعل سابق مباشرة علي تنفيذ الركن المادي لها ومؤد له حتما
ونحن نري انه ال يشترط أن يؤدي السلوك حاالً إلي ارتكاب الجريمة بل يكتفي أن يؤدي مباشرة إلي ارتكابها
ومثال ذلك كمن يرغب في التسبب عمدا ً إلي إفساد نظام تشغيل الكتروني ،فهذا الفعل وان كان ال يؤدي حاالً
إلي ارتكاب الجريمة إال انه قاطع الداللة علي انعقاد النية علي تنفيذها.
14
الفرع الثاني :عدم إتمام الجريمة لسبب ال دخل إلرادة الجاني فيه
من شروط الركن المادي للشروع هو وقف التنفيذ أو خيبة أثره و هو أن يقف هذا التنفيذ أو يخب أثره ألسباب
ال دخل إلرادة الفاعل فيها ،و هذا يعني أنه يجب أال يعدل الجاني باختياره عن تحقيق الجريمة ،و وجوب
التوقف أو الخيبة لكي ال تصبح جريمة تامة.
وعليه يجب أن يكون العدول عن الجريمة غير إرادي ومثال ذلك ،إذا قاوم المجني عليه الجاني ومنعه من
تنفيذ الجريمة أو تدخل شخص ثالث لهذا الغرض)
وتجدر اإلشارة إلي أن السياسة الجنائية الحديثة تتجه إلي عدم قيام الشروع إذا تحقق العدول االختياري الن
في ذلك تشجيعا علي عدم ارتكاب الجريمة وتدعيم العوامل المانعة من اإلجرام في مواجهة العوامل الدافع
إليه.
وننوه إلي أن هناك فرضية تقرر أن يكون عدول الجاني مختلطا أي اضطراريا ً من جهة وإراديا من جهة
أخري ومثال ذلك كمن يرغب في تصوير فتاة خلسة ،ويري شخص مقبالً نحوه فيعتقد أنه قادما ً للقبض عليه
فيتوقف عن تنفيذ جريمته ،واختلف الفقهاء في هذه المسألة ،فذهب رأي إلي اعتبار العدول إرادي علي أساس
أن البدء في التنفيذ لم يتوقف ألسباب خارجة عن إرادة الجاني بل كان يستطيع الجاني االسترسال في التنفيذ
ولكنه عدل إراديا عن التنفيذ.
ولكن هذا الرأي ال يمكن التسليم به ألن عدول الجاني لم يكن تلقائيا ً خالصا بل كان سببه وقائع خارجية .
وذهب رأي للقول بفكرة العدول الغالب فإن كان العدول اإلرادي هو الغالب يتوافر الشروع في الواقعة ،أما
أن كان العدول االضطراري هو الغالب فيتوافر فيها.
ولكن هذا الرأي يعيبه صعوبة تطبيقه لعدم دفته حيث أن المنطق يقتضي اعتبار العدول في هذه الحالة
اضطراريا ً ومثال ذلك من يدخل بطاقة صراف إلي بقصد سلب مال صاحب البطاقة ولكنه لم يعثر علي مال
يكون عدوله غير إراديا ً ويتوافر الشروع في حقه ،بينما يكون العدول اختياريا ً إذا وجد المال ولم يسرقه .
15
المطلب الثاني :الركن المعنوي ( قصد ارتكاب جناية او جنحة )
16
المطلب الثالث :عدم اتمام الجريمة لسبب خارج عن ارادة الجاني
عدم اتمام الجريمة ::يتمثل الركن الثالث في جريمة الشروع في عدم إتمام الجريمة بسبب ال دخل الرادة
الجاني فيها .وذلك هو الذي عناه المشرع بقوله « اذا أوقف او خاب اثره بسبب ال دخل الرادة الجاني فيه»،
ولذلك سوف نعرض الصور المختلفة للشروع.
هي الصورة التي يبدأ الجاني فيها تنفيذ الجريمة ،ولكن يوقف النشاط اإلجرامي قبل بلوغ النتيجة وبالتالي فان
الجريمة ال تتم بسبب اضطراری کالقبض عليه او استيقاظ اهل المنزل في حالة السرقة مثالً .ويبين من ذلك
ان الجاني لم يكمل نشاطه االجرامي ،أي لم يأت كل األفعال التنفيذية الالزمة للجريمة ،وانما اضطر الى
ايقافه اضرارا ،فالقاتل الذي يهم باطالق الرصاص على غريمه ثم يمنع من ذلك بواسطة شخص ثالث او
بواسطة رجل البوليس تكون جريمته موقوفة رغم ارادته .وكذلك فان القاتل الذي يحشو مسدسه بالرصاص ثم
يطلق رصاصة على عدوه اصابته اصابة بسيطة ،وقبل ان يهم باطالق رصاصة ثانية انتزع منه المسدس
شخص آخر أو المجنى عليه نفسه ،فيكون الجاني شارعا ،وتكون الصورة هي الجريمة الموقوفة.
المهم في جميع صور الجريمة الموقوفة انها تعبر عن وقف نشاط الجاني االجرامي ومنعه من اتمام جريمته.
وال يكون لهذا االيقاف لنشاط الجاني معنى في نطاق القانون الجنائي اال اذا كان اجباريا ،اى رغم ارادة
الجاني الذي اتجهت نيتة واالفعال التي اتاها ،الى اتمام الجريمة بحيث لو ترك وشأنه التم ارتكاب الجريمة.
وتثور مشكلة التفرقة بين ما يسمى بالعدول االختياري عن اتمام الجريمة أو ايقافها بسبب اضطراري ،ألنه
من الممكن ان يعدل الجاني بارادته عن اتمام ارتكاب الجريمة ،فهل يسأل الفاعل في هاتين الحالتين؟الحالتين؟
حكم العدول االختياري ::تتطلب المادة 45عقوبات للعقاب على الشروع في الجريمة ان يوقف تنفيذ الجريمة
لسبب ال دخل الرادة الجاني فيه .ومعنى ذلك بمفهوم المخالفة انه اذا عدل الجاني باختياره عن اتمام ارتكاب
الجريمة فال عقاب عليه .ومن البديهي ان يكون هذا العدول بعد البدء في تنفيذ الجريمة ،وإال فاننا ال نكون
اصال بصدد الشروع .فاذا بدأ لص في تنفيذ جريمة السرقة وتسلق سور
المنزل ،وهم بالفعل ان يسرق ولكنه سمع اذان الفجر فارتد الى رشـده وصحا ضميره ،وترك المسروقات
وعاد ثانيا الى منزله ،فانـه يكـون قـد عـدل بـصورة اختيارية عن اتمام جريمته .وكذلك بالنسبة لجريمة القتل،
فان الجاني الذي تربص لشخص آخر لقتله وصوب سالحة اليه ،وبينما يهم بأطالق الرصاص عليه أخذته
الشفقه باألسـرة الكبيرة التي يعولهـا غريمه ،فالقى سالحه وعدل عن أطـالق
17
الرصاص .والقاعدة هي أن العدول االختياري يحدث اسمه ويستفيد منه الجاني وال يسأل عن الشروع.
وقد تختلط صورة العدول االختياري بالتوبة الفعالة ::وهي الحالة التي يتم فيها الشخص جريمته ولكنه يندم
عليها ويحاول اصالح ما افسده ،كأن يعيد اللص المسروقات التي سرقها فعال الى حيث كانت .والفارق
واضح بين الصورتين ،ذلك النه في حالة العدول فان السرقة لم تتم بالفعل ،بينما في حالة التوبة الفعالة فان
الجريمة قد تمت وانتهى األمر ،ولكن الجاني بعد ان شعر بالندم حاول ان يزيل
اثرها ،والقاعدة انه ال أثر للتوبه على استحقاق الجاني للعقاب ،ولكن ذلك يمكن ان يكون له اثره في تخفيف
العقوبة باستعمال الظروف القضائية المخففة.
حكـم الـعـدول االضطراري :يفترض العدول االضطراري أن هناك عوامل خارجية مستقلة عن إرادة الفاعل
حالت بينه وبين المعنى في إتمام ما بدأه ،كأن يضبط الفاعل وهو يقوم بالسرقة ،أو اإلمساك به وهو يهرب
بعد صعودة على سطح المنزل ،عند شعوره بأن رجل البوليس قد شاهده ،أو بأن أهل المنزل قد أحسوا به.
وفي حالة إيقاف الجريمة بسبب اضطراري فإنه يتحقق الشروع المعاقب
عليه .ومن هنا كانت اهمية التفرقة بين الصورتين ،ألن العدول االختياري ال يعاقب عليه القانون ،وذلك
تشجيعا للناس وحثهم على العدول دون خشية العقاب ،حتى ولو كانوا قد بدأوا تنفيذ الجريمة بالفعل ،وفي ذلك
تتحقق مصلحة أكيدة للمجتمع .وللتفرقة بين العدول االختياري وإيقاف الجريمة بسبب اضطراری قدم الفقه
معيارا خالصته أنه إذا كان العدول راجعا الى اسباب ذاتيه تتعلق بشخص
الجاني وضميرة ووجدانه ،فإن العدول يكون اختياريا مانعا للعقاب ،ويسمى .بالعدول التلقائي ،أما اذا كان
السبب وقف تنفيذ الجريمة يرجع الى عوامل خارجية اجبرت الجاني على إيقاف نشاطه اإلجرامي كالقبض
عليه أو مقاومة المجنى عليه
فيكون العدول اضطراريا .حينئذ وال تثور مشكلة العدول االختياري إال في صورة الجريمة الموقوفة ،فال
يتصور في الجريمة الخائبة.
وتتمثل هذه الصورة في قيام الجاني بكل نشاطه اإلجرامي ،إال ان النتيجة اإلجرامية ال تتحقق لسبب ال دخل
إلرادته الجاني فيه( ،مثل من يطلق عيارا ناريا على شخص بقصد قتله ،فيخطأه أو لم يصبه في مقتل ويشفى
من إصابته .فالجاني أتى كل السلوك المحقق لجريمة القتل ولكن النتيجة اإلجرامية لم تقع لسبب خارج عن
إرادته هو.
18
(ج) الجريمـة المستحيلة:
جـ -الجريمة المستحيلة :في هذه الصورة يرتكب الجاني السلوك اإلجرامي كامالً وال تتحقق النتيجة
اإلجراميـة لـسبب خارج عن إرادته ،وهـو ان السلوك اإلجرامي يتضمن منذ ارتكابه وبالنظر الى الظروف
التي ارتكب فيها استحالة وقوع الجريمة.
فالجريمة المستحيلة تتفق مع الجريمة الموقوفة في ان الجاني قد بذل كل نشاطه االجرامي ،ولكن الجريمة
كان يستحيل ان تتم في الظروف التي ارتكبت فيها ،مثل ان يطلق الجاني عيارا ناريا على الشخص الذي يريد
قتله ويتبين انه كان قد توفى قبل ذلك بساعات ،او يظهر ان السالح غير صالح لالستعمال ،او من يفتح خزانة
لسرقة ما بها من اموال ومجوهرات فيجدها خاوية او يحاول سرقة
وتكون االستحالة نسبية من حيث الوسيلة اذا كانت الوسيلة غير كافية لتحقيق الغرض ،كمن يضع في االكل
كمية من السم غير كافية لقتل عدوه ،او من يطلق النار من بندقية صالحة اصال ولكن لم يخرج العيار لسبب
من االسباب .وقد نجح هذا الرأي في التخفيف من التطرف الذي انتهى اليه فعاقب على بعض صور االستحالة
التي تشكل خطورة معينه في الظروف التي ارتكبت فيها ،كما انه يتفق مع التفسير المنطقى لصورة الجريمة
الخائبه التي يعاقب عليها القانون اسوة بالجريمة الموقوفة.
ولكن اخذ على هذا الرأى انه يقيم تفرقة تحكمية لالستحالة ال تستند الى اساس سليم ،فالجريمة اما ان تكون
ممكنة او مستحيلة الوقوع وال وسط بينهما ،ثم انه بالتدقيق في صور االستحالة النسبية فأنـه يبين انها ليست
اقل استحالة في الظروف التي وقعت وفيها عن االستحالة المطلقة.
موقف القضاء من مشكلة الجريمة المستحيلة ::يتضح من استقراء أحكام القضاء المصري في شأن الجريمة
المستحيلة ،أن محكمة النقض عندنا قد أخذت بالتفرقة بين االستحالة المطلقه ،واالستحالة النسبية ،وعاقبت
على الثانية دون األولى ،فقد قضت بأنه " متى كانت المادة المستعملة للتسميم صالحة بطبيعتها إلحداث
النتيجة المبتغاة فال محل لألخذ بنظرية الجريمة المستحيلة ،ألن مقتضى القول بهذه النظرية أال يكون في
اإلمكان تحقق الجريمة مطلقا النعدام الغاية التي ارتكبت من أجلها الجريمة أو لعدم صالحية الوسيلة التي
استخدمت الرتكابها
كما قضي بالعقاب على الشروع في التسميم إذا كانت المادة المستعملة قد أعطيت بكمية غير كافية إلحداث
الوفاة أو كان مذاقها السيئ حائال دون تناول المجني عليه الكمية الكافية منها ،وقضي بالعقاب كذلك على
19
الشروع في التسميم عن طريق وضع زئبق في أذن المجني عليه على الرغم من أن هذا الفعل ال يؤدي الى
حدوث الوفاة إال إذا كانت باألذن جروح ،وهو ما لم يكن متحققا في حالة المجني
عليه ،وقضي بالعقاب على الشروع في النصب على الرغم من أن المجني عليه كان عالما بكذب الجاني
بحيث كان انخداعه بحيلته مستحيال.
وقـد حـكـم كـذلك بانـه مـا دامـت الوسيلة تصلح بطبيعتهـا لتحقيـق الغـرض المقصود منها ،ولكن الجريمة لم
تتحقق بسبب ظرف خارج عن ارادة الجاني ،فإنه بعد شارعا« .فاذا كان المتهم قد انتوى قتل المجنى عليه
واستعمل لذلك الغرض بندقية ثبتت صالحيتها ،إال ان المقذوف لـم ينطلق منها لفساد كبسولته ،وقد ضبطت
معه طلقة أخرى سليمة ولكن الفرصة لم تتح له الستعمالها .فان قول
الحكم باستحالة الجريمة استحالة مطلقة استنادا الى فساد كبسولة الطلقة التي استعملها المتهم ،هو قول ال يتفق
وصحيح القانون».
وقضت أيضا محكمة النقض في حكم آخـر بمـا يفيد االخـذ بالتفرقة بين االستحالة المطلقة واالستحالة النسبية
فقالت «ال تعتبر الجريمة في عداد الجرائم المستحيلة إال اذا لم يكن في االمكان تحقيقها مطلقا ،كأن تكون
الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البته لذلك .اما اذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها ولكن لم
تتحقق بسبب ظرف آخر خارج عن ارادة الجاني ،فانه ال يصح القول باالستحالة».
20
المبحث الثالث :العقاب علي الشروع
نظم المشرع احكام العقاب على الشروع في الجريمة في المادتين 46و 47من قانون العقوبات معتمدا ً في
ذلك على مبدأ المساواة بين العقوبة في الشروع وعقوبة الجريمة التامة.
أما عن نطاق العقاب على الشروع في الجريمة ،فنفرق بين المخالفات والجنح والجنايات
- ۱ال عقـاب عـلـى الـشروع في المخالفات :وذلك وفقا لنص المادة 45عقوبات والذي حدد نوعي الجرائم
المتصور الشروع فيها ،وهما الجنايات والجنح،
واستبعد بذلك المخالفات ،ويتضح ذلك من قول هذه المادة « ...بقصد ارتكاب
جناية او جنحة ،»...ويرجع عدم العقاب على الشروع في المخالفات الى تفاهتها.
2 -عقاب الشروع في الجنح ::نص المشرع على قاعدة عامة للعقاب على الشروع في الجنح في المادة 47
عقوبات بقولها «تعين قانونا الجنح التي يعاقب على الشروع فيها ،وكذلك عقوبة هذا الشروع».
ويبين من هذا النص انه ال عقاب على الشروع في الجنح إال اذا نص القانون علي ذلك في صدد كل حالة علي
حدي ،وذلك علي عكس الحال بالنسبة للجنايات ،فالقاعدة ان الشروع معاقب علية اال اذا ً كان هناك نص
علي غير ذلك في حاله بعينها.
وجدير بالذكر أن هناك بعض الجرائم في أصلها جنح وال عقاب على الشروع فيها ،ولكنها قد تقترن بظرف
مشدد فتتحول الى جنايات فيعاقب على الشروع فيها.
21
مثال ذلك اتالف المزروعات (المادتان 368 ،367عقوبات).
والمالحظ انه في الحاالت التي نص المشرع فيها على عقاب الجنح ،فانه قد جرى على ان يكون الشروع اقل
من العقاب المقرر للجريمة التامة .غير انه في بعض الجنح ساوى المشرع بين عقوبة الشروع وعقوبة
الجريمة التامة كما يبدو من نص المادة 170عقوبات التي تجرم كل من نقل او شرع في نقل المفرقعات أو
المواد القابلة لاللتهاب في القطارات او المركبات األخـرى ،والمادة ٢٢٨عقوبات الخاصة بادخال البضائع
الممنوعة أو نقلها او حملها في الطريق لبيعها او عرضها للبيع او اخفاها او شرع في ذلك.
3-عقوبة الشروع في الجنايات ::نظم المشرع قواعد العقاب في حالة الشروع في الجنايات في المادة 46
بقوله « يعاقب على الشروع في الجنايات بالعقوبة االتية اال اذا نص قانونا على خالف ذلك» :
بالسجن المشدد مدة ال تزيد على نصف الحد االقصى المقرر قانونا ،او غرامة ال تزيد على خمسين جنيها
مصريا ،إذا كانت عقوبة الجنايات
أما العقوبات التبعية والتكميلية فمن المتعين توقيعها دون تغيير ،إذ ال يجوز استبعادها أو تخفيفها ما لم يقرر
المشرع ذلك بالنسبة لجريمة أو عقوبة معينة.
(ب) اذا كانت العقوبة المقررة للجناية هي السجن المشدد ،فقد اعطى المشرع سلطة تقديرية اوسع بان اعطى
للقاضي صالحية الحكم ،اما بنفس نوع العقوبة ،وفي هذه الحالة ال يجب أن تزيد مدتها على نصف الحد
االقصى المقرر لعقوبة الجريمة التامة أو النزول الى عقوبة السجن ،وهي العقوبة التي تلي السجن المشدد في
الدرجة.
22
(جـ) بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بعقوبة السجن اذا وقعت تامة تكون العقوبة بالنسبة للشروع في هذة
الحالة السجن مدة ال تزيد على نصف الحـد االقصى المقرر للجريمة التامة أو الحبس ،ولكن زاد على ذلك
بان اباح للقاضي الحكم بعقوبة الغرامة التي ال تزيد على خمسين جنيها .وهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن
ان تكون العقوبة االصلية في الجناية هي الغرامة.
(د) ان الشروع في الجناية يعتبر جناية دائما ً وإذا كانت القاعدة طبقا للمادة 46عقوبات أن يكون العقاب على
الشروع في الجريمة أقل من عقاب الجريمة التامه ،إال ان المشرع استثنى من هذه القاعدة بعض الجرائم حيث
ساوى فيها بين عقاب الشروع والجريمة التامة .مثال لذلك ما نصت عليـه المـواد ۱۰۳ ،۱۰۳مکررا،۱۰٤ ،
۱۰٤مكررا من قانون العقوبات التي ساوت بين العقوبة في حالة طلب الرشوة او اخذها بالفعل .وكذلك نص
المادة ٢٦٨عقوبات المتعلقة بجريمة هتك العرض التي ساوت بين هتك عرض انسان بالقوة او بالتهديد او
الشروع في ذلك.
واذا كانت القاعدة ان الشروع معاقب عليه في الجنايات دائمـا فـان هناك حاالت استثناها المشرع من العقوبة
العتبارات خاصة مثل ما نصت عليه المادة ٢٦٤عقوبات من عدم العقاب على الشروع في االجهاض.
والحكمة في ذلك واضحة وهي تشجيع مرتكب هذه الجريمة الخاصة التي تتعلق بحماية الجنين على العدول
حتى ال يمضى في تنفيذ عزمه االجرامي بوسائل اخرى طالما انه معاقب على اية حال.
23
المطلب الثاني :الجريمة المستحيلة وعقابها
الشروع والجريمة المستحيلة
الجريمة المستحيلة هي تلك التي يأتي فيها الجاني نشا ً
طا بقصد تحقيق نتيجة إجرامية يستحيل ماديًا أو قانونًا
أن تتحقق لسبب كان يجهله ،مهما بلغ قدر العناية التي يبذلها لتحقيقها ،وذلك إما ألن موضوع الجريمة ذاته
غير موجود ،وإما ألن الوسيلة التي يستخدمها غير صالحة في الظروف التي استعملت فيها إلحداث النتيجة.
وهكذا تبدو المصلحة المحمية جنائيًا في هذا الفرض غير مهددة بخطر ما ،حيث كان نشاط الجاني منذ بدايته
محكو ًما عليه بالفشل وخيبة األثر .ومن قبيل ذلك :محاولة شخص السرقة من جيب خال أو من خزينة خاوية،
أو إجهاض امرأة يعتقدها حبلى بينما هي ليست كذلك ،أو قتل شخص قد مات بالفعل.
وقد ثار منذ عهد بعيد جدل حول ما إذا كان من المالئم إلحاق الجريمة المستحيلة بالجريمة الخائبة والعقاب
على الشروع فيهما بذات الشروط.
ونقطة البداية في الجدل الذي أثارته فكرة الجريمة المستحيلة هي أنه إذا كان الشروع يتطلب بدء في التنفيذ،
فإن هذا يفترض للوهلة األولى أن يكون التنفيذ الكامل ممكنًا لو لم يوقف أو يخيب أثره .وهذا يقود إلى تساؤل
آخر يرتبط به حل مشكلة الجريمة المستحيلة :هل يشترط للعقاب على الشروع أن يكون تحقيق النتيجة ممكنًا
في ذاته ،أي من الناحية الواقعية ،أم يكفي أن يكون ذلك ممكنًا حسب تقدير الجاني ،بصرف النظر عن مدى
تطابق تقدير ،بصرف النظر عن مدى تطابق تقديره مع حقيقة األمور؟
اإلجابة على هذه التساؤالت تتوقف على المذهب المتبنى في سياستي التجريم والعقاب بشأن الشروع.
ويخرج عن إطار الجريمة المستحيلة ،رغم تداخلها الظاهري معها ،ما يعرف ( بالجرائم الخارقة للطبيعة)،
كاالستعانة بالسحر أو الشيطان أو تعويذة أو ممارسة طقوس معينة إللحاق أذى بالغير أو لتحقيق نتيجة
(إجرامية) أخرى.
الجريمة المستحيلة :في هذه الصورة يرتكب الجاني السلوك اإلجرامي كامالً وال تتحقق النتيجة اإلجراميـة
لـسبب خارج عن إرادته ،وهـو ان السلوك اإلجرامي يتضمن منذ ارتكابه وبالنظر الى الظروف التي ارتكب
فيها استحالة وقوع الجريمة.
فالجريمة المستحيلة تتفق مع الجريمة الموقوفة في ان الجاني قد بذل كل نشاطه االجرامي ،ولكن الجريمة
كان يستحيل ان تتم في الظروف التي ارتكبت فيها ،مثل ان يطلق الجاني عيارا ناريا على الشخص الذي يريد
قتله ويتبين انه كان قد توفى قبل ذلك بساعات ،او يظهر ان السالح غير صالح لالستعمال ،او من يفتح خزانة
لسرقة ما بها من اموال ومجوهرات فيجدها خاوية او يحاول سرقة
وتكون االستحالة نسبية من حيث الوسيلة اذا كانت الوسيلة غير كافية لتحقيق الغرض ،كمن يضع في االكل
كمية من السم غير كافية لقتل عدوه ،او من يطلق النار من بندقية صالحة اصال ولكن لم يخرج العيار لسبب
من االسباب .وقد نجح هذا الرأي في التخفيف من التطرف الذي انتهى اليه فعاقب على بعض صور االستحالة
التي تشكل خطورة معينه في الظروف التي ارتكبت فيها ،كما انه يتفق مع التفسير المنطقى لصورة الجريمة
24
الخائبه التي يعاقب عليها القانون اسوة بالجريمة الموقوفة.
ولكن اخذ على هذا الرأى انه يقيم تفرقة تحكمية لالستحالة ال تستند الى اساس سليم ،فالجريمة اما ان تكون
ممكنة او مستحيلة الوقوع وال وسط بينهما ،ثم انه بالتدقيق في صور االستحالة النسبية فأنـه يبين انها ليست
اقل استحالة في الظروف التي وقعت وفيها عن االستحالة المطلقة.
موقف القضاء من مشكلة الجريمة المستحيلة ::يتضح من استقراء أحكام القضاء المصري في شأن الجريمة
المستحيلة ،أن محكمة النقض عندنا قد أخذت بالتفرقة بين االستحالة المطلقه ،واالستحالة النسبية ،وعاقبت
على الثانية دون األولى ،فقد قضت بأنه " متى كانت المادة المستعملة للتسميم صالحة بطبيعتها إلحداث
النتيجة المبتغاة فال محل لألخذ بنظرية الجريمة المستحيلة ،ألن مقتضى القول بهذه النظرية أال يكون في
اإلمكان تحقق الجريمة مطلقا النعدام الغاية التي ارتكبت من أجلها الجريمة أو لعدم صالحية الوسيلة التي
استخدمت الرتكابها
كما قضي بالعقاب على الشروع في التسميم إذا كانت المادة المستعملة قد أعطيت بكمية غير كافية إلحداث
الوفاة أو كان مذاقها السيئ حائال دون تناول المجني عليه الكمية الكافية منها ،وقضي بالعقاب كذلك على
الشروع في التسميم عن طريق وضع زئبق في أذن المجني عليه على الرغم من أن هذا الفعل ال يؤدي الى
حدوث الوفاة إال إذا كانت باألذن جروح ،وهو ما لم يكن متحققا في حالة المجني
عليه ،وقضي بالعقاب على الشروع في النصب على الرغم من أن المجني عليه كان عالما بكذب الجاني
بحيث كان انخداعه بحيلته مستحيال.
وقـد حـكـم كـذلك بانـه مـا دامـت الوسيلة تصلح بطبيعتهـا لتحقيـق الغـرض المقصود منها ،ولكن الجريمة لم
تتحقق بسبب ظرف خارج عن ارادة الجاني ،فإنه بعد شارعا« .فاذا كان المتهم قد انتوى قتل المجنى عليه
واستعمل لذلك الغرض بندقية ثبتت صالحيتها ،إال ان المقذوف لـم ينطلق منها لفساد كبسولته ،وقد ضبطت
معه طلقة أخرى سليمة ولكن الفرصة لم تتح له الستعمالها .فان قول
الحكم باستحالة الجريمة استحالة مطلقة استنادا الى فساد كبسولة الطلقة التي استعملها المتهم ،هو قول ال يتفق
وصحيح القانون».
وقضت أيضا محكمة النقض في حكم آخـر بمـا يفيد االخـذ بالتفرقة بين االستحالة المطلقة واالستحالة النسبية
فقالت «ال تعتبر الجريمة في عداد الجرائم المستحيلة إال اذا لم يكن في االمكان تحقيقها مطلقا ،كأن تكون
الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة البته لذلك .اما اذا كانت الوسيلة صالحة بطبيعتها ولكن لم
تتحقق بسبب ظرف آخر خارج عن ارادة الجاني ،فانه ال يصح القول باالستحالة».
25
المبحث الرابع :عقوبة الشروع في جريمة القتل
تناول قانون العقوبات رقم 58لسنة ،1937وتعديالته الشروع في القتل ،فعرفت المادة 45من قانون
العقوبات ،وتعديالته معنى الشروع بأنه« :هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو
خاب أثره ألسباب ال دخل إلدارة الفاعل فيها ،وال يعتبر شروعا في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على
ارتكاب وال األعمال التحضيرية لذلك».
أخبار متعلقة
ونصت المادة 46على أنه« :يعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات اآلتية ،إال إذا نص قانونا ً على خالف
ذلك :بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجناية اإلعدام ،وبالسجن المشدد إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد،
وبالسجن المشدد مدة ال تزيد على نصف الحد األقصى المقرر قانونا ،أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية
السجن المشدد ،وبالسجن مدة ال تزيد على نصف الحد األقصى المقرر قانونا أو الحبس إذا كانت عقوبة
الجناية السجن المشدد ،وبالسجن مدة ال تزيد على نصف الحد األقصى المقرر قانونا أو الحبس إذا كانت
عقوبة الجناية السجن.
كما نصت المادة 47على أن تعين قانونا الجنح التي يعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع.
مكررا« :يزاد بمقدار المثل الحد األدنى للعقوبة المقررة ألي جريمة إذا وقعت من بالغ
ً وأوضحت المادة 116
على طفل ،أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الوالية أو الوصاية عليه أو المسؤول عن مالحظته وتربيته أو
من له سلطة عليه ،أو كان خاد ًما عند من تقدم ذكرهم».
26
الخاتمة
إن الجدل الفقهي الذي ثار حول هذا الموضوع إن دل على شيء إنما يدل على خطورة هذا الفعل و أهميته
العملية التي نجد تطبيقات كثيرة في العمل القضائي فيما بعد بدءا في التنفيذ يعاقب عليه ،و بين ما هو عمل
تحضيري ال عقاب عليه.
اهتمام الفقهاء بالتفرقة بين الجرائم التامة والجرائم غير التامة والعمل التحضيري والبدء في التنفيذ ،والعدول
االختياري والجريمة المستحيلة هذه كلها أمور ساهمت في تحديد األعمال التي يعد من قبيل الشروع وحددت
أي شروع يمكن العقاب عليه ،والمشرع الجزائري كغيره من المشرعين نص على الشروع وعاقب عليه هذا
ألن الشروع يهدد مصلحة المجتمع ألن عمله إذا لم يوقف لسبب يجهله فإن النتيجة ستتحقق وبالتالي يكون
أستهدف المجتمع.
التوصيات:
-1العمل علي تطبيق مبدأ سيادة القانون
2توحيد قانون العقوبات الفلسطيني المطبق في قطاع غزة والضفة الغربية
3-محاربة الجريمة وتحقيق الردع العام والخاص للمجرمين والعابثين باستقرار المجتمع
4-كفالة المحاكمة العادلة والعلنية للمتهمين بما يضمن سالمة األحكام القضائية
5-تطوير نصوص قانون العقوبات الفلسطيني بما يضمن تأثيم الجرائم االلكترونية والحديثة بما
يواكب تطور المجتمع.
27
المراجع
*القرآن الكريم
**د أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ،ص 85دار النهضة العربية القاهرة
1-المادة 1/30قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74لسنة 1936
2-المادة 96من مشروع القانون الجنائي العربي الموحد
3-المادة 45من القانون الكويتي
4-الدكتور ساهر الوليد ،األحكام العامة في قانون العقوبات الفلسطيني الجزء األول ص 263
5-الدكتور عبد القادر جرادة مبادئ قانون العقوبات الفلسطيني المجلد األول ص164
6-الدكتور أحمد عوض بالل ،مبادئ قانون العقوبات المصري ص ،312دار النهضة العربية القاهرة
7-الدكتور أحمد فتحي سرور ،مرجع سابق ص 439
8-الدكتور محمود نجيب حسني ،علم العقاب ص ،96دار النهضة العربية الطبعة الثالثة
9-الدكتور عبد القادر جرادة ،مرجع سابق ص167
10-حكم المحكمة العليا الجزائرية في القضية رقم 82315جلسة 1991/12/5
11-الدكتورة أمال عبد الرحيم عثمان ،شرح قانون العقوبات ص ،206دار النهضة العربية
12-الدكتور ساهر الوليد ،مرجع سابق ص262
13-الدكتور عبد القادر جرادة ،مرجع سابق ص170
14-الدكتور أحمد فتحي سرور ،الوسيط في قانون العقوبات ص 4439
15-الدكتور محمود نجيب حسني ،مرجع سابق ص 812
16-نص جنائي مصري رقم 2185لسنة 1963جلسة 1995/1/18
17-الدكتور عبد القادر جرادة ،مرجع سابق ص 176
18-الدكتور محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات ص 3879
19-الدكتور أحمد عوض بالل ،مرجع سابق ص 346
20-الدكتور محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات ص 387
21-الدكتور أحمد فتحي سرور ،الوسيط في شرح قانون العقوبات ص 461
22-الدكتور عبد القادر جرادة ،مرجع سابق ص 176
23-الدكتور عبد القادر جرادة ،مرجع سابق ص 181
24-الدكتور ساهر الوليد ،مرجع سابق ص278
25-الدكتور علي بدوي ،األحكام العامة في القانون الجنائي ،الجزء األول ص 481
28
الفهرس
المقدمة 3 .................................................................................................
المبحث االول :ماهية الشروع 6 ......................................................................
المطلب االول تعريف الشروع 8 .......................................................................
المطلب الثاني :مراحل الشروع وانواعه 9 ..........................................................
المطلب الثالث :الفرق بين الشروع و جرائم التعريض للخطر 11 ................................
المبحث الثاني :اركان الشروع في الجريمة 12 ....................................................
المطلب االول :الركن المادي ( البدء في تنفيذ الجريمة ) 14 .....................................
المطلب الثاني :الركن المعنوي ( قصد ارتكاب جناية او جنحة ) 16 .............................
المطلب الثالث :عدم اتمام الجريمة لسبب خارج عن ارادة الجاني 17 ...........................
المبحث الثالث :العقاب علي الشروع 21 ............................................................
المطلب االول :عقوبة الشروع في الجريمة21 .....................................................
المطلب الثاني :الجريمة المستحيلة وعقابها 24 ....................................................
المبحث الرابع :عقوبة الشروع في جريمة القتل 26 ...............................................
الخاتمة 27 ...............................................................................................
المراجع 28 ..............................................................................................
الفهرس 29 ..............................................................................................
29