You are on page 1of 16

‫مقدمة‪:‬‬

‫لقد اهتم الفكر الجنائي القدم بدراسة المسؤولية الجنائية حيث كان الشخص يسأل مسؤولية مطلق ة على أي‬
‫شخص يقوم بسلوك إجرامي تحت واليته‪ ،‬فكان رب األسرة يسأل عن كافة أفراد أس رته حال ة قي امهم‬
‫بجريمة‪ ،‬لكن األمر تطور فأصبحت المسؤولية الجنائية مقصورة على األفعال التي يقوم بها الجاني‪ ،‬فكانت‬
‫كذلك مطلقة فلم تكن موانع المسؤولية متجلية بصورة واضحة ذلك أن الجاني يسأل بالرغم من الظ روف‬
‫التي أحاطت به وقت ارتكابه للسلوك اإلجرامي‪.‬‬
‫و قد اهتمت الشريعة اإلسالمية كذلك و أحاطت بمن تجب عليهم المس ؤولية الجنائي ة إذ تق ر الش ريعة‬
‫المسؤولية على اإلنسان الحي المكلف فإذا مات سقطت التكاليف و لم يعد محال للمس ؤولية‪ .‬كم ا تنث نى‬
‫المسؤولية الجنائية على األطفال الذين لم يحلموا لقوله تعالى‪" :‬إذا بلغ األطفال منكم الحلم فليس تأذنوا كم ا‬
‫استأذن الذين من قبلكم"‪ -.‬سورة النور اآلية ‪ -59‬و قوله ص "رفع القلم على ثالث الصبي حتى يحتلم‪ ،‬و‬
‫النائم حتى يستقيظ و المجنون حتى يعقل" كما تنتقي المسؤولية الجنائية عند المكره و ذلك لقوله تعالى "إال‬
‫من أكره و قلبه مطمئن باإليمان" سورة النحل اآلية ‪ 106‬و قوله تعالى ‪ :‬فمن اضطر غير باغ و ال ع اد‬
‫فال أثم عليه" سورة البقرة اآلية ‪ 172‬و قوله ص‪" :‬رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و م ا ! س تنكر ه و‬
‫عليه"‪.‬‬
‫و بالتالي نستخلص من هذه اآليات و األحاديث أن المسؤولية الجنائية ال تقوم في الشريعة اإلس المية على‬
‫الصبي حتى يبلغ أي حتى يكون أهال لفهم ما يفعل و يجب أن تقوم الصلة بين الفعل الجاهل و النتيجة كما‬
‫ال تقوم المسؤولية الجنائية على المكره و المجنون‪ ،‬و إن اإلنسان ال يسأل عن فعل أتاه غيره و بالتالي فإن‬
‫الشريعة اإلسالمية أقرت بأن المسؤولية الجنائية تقوم في غير هذه الحاالت المتمثلة في صغر السن الصبي‬
‫غير الحالمين المكره و المجنون حتى يعقل‪.‬‬
‫و اهتم التشريع الجنائي بتالزم سلوك الشخص في القيام ب الجرائم و الظ روف المحيط ة في ارتك اب‬
‫الجريمة‪ ،‬ذلك أن موضوع المسؤولية الجنائية يعتبر من أهم المواضيع في الدراسة الجنائية فإتيان السلوك‬
‫اإلجرامي كنا بصدد قيام المسؤولية الجنائية التي تستوجب بالضرورة ارتكازها على أساسين هم ا حري ة‬
‫االختيار و اإلدراك على أنه اختلف الفقه في هذه المسألة‪.‬‬
‫إن دراسة موضوع أسس المسؤولية الجنائية يقتضي بالضرورة معرفة موانع هذه المسؤولية و تعدادها ذلك‬
‫أنها ظروف تؤثر إلرادة الجاني فتفقد حرية االختيار و اإلدراك فيستوي لديه السلوك الس وي و الس لوك‬
‫اإلجرامي‪.‬‬
‫و عليه سوف تكون دراستنا لهذا الموضوع في فصلين فاألول حددناه في قيام المسؤولية الجنائية و نتطرق‬
‫من خالله إلى أساس المسؤولية الجنائية و ذلك بالتعرض إلى مفهوم حرية االختيار و اإلدراك كما نوضح‬
‫أسس المسؤولية الجنائية عند المذاهب الفقهية‪ ،‬الحتمي و التقليدي‪ ،‬و نتط رق لل ترجيح بين الم ذهبين و‬
‫نقترح بعض األسس للمسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫أما في الفصل الثاني فنتطرق إلى أشخاص المسؤولية الجنائية و ذل ك بتس ليط الض وء على الش خص‬
‫الطبيعي و الشخص االعتباري في إمكانية مساءلته جنائيا أم نفي المسؤولية عنه باإلض افة إلى التع رض‬
‫إلى موجب المسؤولية الجنائية في كون وقوع الجريمة شرطا الزما و تثار مسألة الحصانة الدبلوماسية‪.‬‬
‫الفصل األول‪ - :‬قيام المسؤولية الجنائية ‪:-‬‬

‫تعتبر المسؤولية الجنائية من النظريات األساسية في قانون العقوبات إال أن المشرع لم يقم بتحديدها بدق ة‬
‫حيث اكتفى بتحديد موانعها و بالتالي فسح المجال للفقه لكي يحدد هذه المعالم من الموانع وضحها المشرع‪.‬‬
‫و المسؤولية بوجه عام تكون إما بالقوة أو بالفعل ويراد بالمفهوم األول صالحية الشخص ألن يتحمل تبعية‬
‫سلوكه و بالتالي فهي صفة أو حالة في الشخص تالزمه سواء وقع منه ما يقتضي المساءلة أو بلم يقع منه‬
‫شيء بعد أما المفهوم الثاني فيراد به تحميل الشخص تبعة سلوك صدر منه حقيقة‪ ،‬و علي ه فالمس ؤولية‬
‫ليست مجرد صفة أو حالة قائمة بالشخص لتحمل الجزاء الجنائي الناشئ عما يرتكبه و لكنها باإلضافة إلى‬
‫ذلك فهي جزاء‪ ،‬كما أن المسؤولية الجنائية أنواع فقد تكون دينية أو خلقية أو قانونية و هذه الخيرة تختلف‬
‫باختالف الفروع فيمكن أن تكون مدينة أو إدارية أو جنائية أو دولية و يقصد بالمسؤولية الجنائية‪ ،‬صالحية‬
‫الشخص لتحمل الجزاء الجنائي الناشئ عما يرتكبه من جرائم و الجزاء له مظهرات هما العقوبة و التدبير‬
‫الوقائي و على هذا األساس يمكن تعريف المسؤولية بأنها صالحية الشخص لتحم ل العقوب ة و الت دبير‬
‫الوقائي الذي يقرره القانوني كأثر للجريمة التي ارتكبها‪ .‬لكن هذا التعرف يث ير مش كلة حيث أن هن اك‬
‫خالف بين العقوبة و التدبير الوقائي من حيث الطبيعة و الهدف و شروط االستحقاق حيث يمكن القول بأن‬
‫من كان أهال الرتكاب فهو أهل لتحميل التدبير الوقائي المقرر لها‪ ،‬لكن يختلف األمر بالنسبة للعقوبة فق د‬
‫تقع الجريمة من شخص و مع ذلك ال يكون أهال لتحميل عقوبتها‪ ،‬ألن استحقاق العقوبة يقتضي فضال عن‬
‫ارتكاب الجريمة شروطا أخرى فال يعاقب الشخص عن الجريمة التي ارتكبها‪.‬‬
‫و سوف نتعرض في هذا الفصل إلى أساس المسؤولية الجنائية من خالل التعرض على شروط قيامها التي‬
‫تعتمد على حرية االختيار و اآلراك كما سوف نتعرض إلى أشخاص المسؤولية الجنائية أي م تى تق وم‬
‫المسؤولية بالنسبة لكل من الشخص الطبيعي و الشخص االعتباري باإلض افة إلى ه ذا تع الج م وجب‬
‫المسؤولية الجنائية التي تعتبر وقوع الجريمة شرطا الزما حيث تثار مسألة الحصانة الدبلوماسية‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية‬


‫تحث المسؤولية الجنائية يتناول األساس الذي تقوم عليه و بمعنى آخر هل مج رد ح دوث أم ال ب د من‬
‫شروط أخرى‪ ،‬فإذا ارتكب الجاني جريمة قتل فهل مجرد حدوث الجريمة يكفي لقي ام مس ؤوليته أم يتعين‬
‫توافر شرط أو شروط أخرى كحالته العقلية و درجة تمييزه و درجة اختياره‪ ،‬فهي من الناحي ة النظري ة‬
‫األساس الذي يجب أن تبنى عليه المسؤولية الجنائية و من الناحية التشريعية األساس الذي يستلزمه القانون‬
‫الذي يحكم الواقعة لقيام المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫فالمسؤولية الجنائية هي عبارة عن التزام قانوني يتحمل التبعية أي التزام ج زائي و هي في نفس ال وقت‬
‫التزام تبعي‪ ،‬حيث أنها تنشأ بصفة أساسية مستقلة بذاتها‪ ،‬بل تنشأ دائما بالتبعية اللتزام قانون آخر و ه و‬
‫االلتزام األصلي‪ ،‬ذلك لحمايته من عدم التنفيذ لضمان الوقاء االختياري به‪.‬‬
‫و من المسلم به الفقه الجنائي أن صدور القاعدة التجريمية عبارة عن واقعة قانونية منشئمة لعالق ة تمث ل‬
‫الدولة أحد أطرافها و يمثل الفرد طرفها الثاني عالقة قانونية تؤهل كل منهم ا ألن تنش أ ل ه حقوق ا و‬
‫التزامات متبادلة‪ ،‬فالقاعدة تنشأ مباشرة على عاتق الفرد التزاما أصليا غالبا ما يكون موضوعه االمتن اع‬
‫عن سلوك أو االتباع عن تحقيق الواقعة المعينة التي حددتها تلك القاعدة في صورة االلتزام العام‪ .‬و ه ذا‬
‫االلتزام من حيث عموميته يشبه ذلك االلتزام السلبي العام المعروف في القانون المدني الذي يكفل لصاحب‬
‫الحق‪ ،‬الحق العيني مال عدم تعرض أحد له في المنفعة بذلك الحق و يستمد هذا االلتزام مصدره من النص‬
‫الجنائي في الشيء الذي يحدد ما هو محظور‪.‬‬
‫يقابل هذا االلتزام أن ينشأ للدولة حق في أن يفي الملتزم اختيار بالتزامه هذا بأن يبقى ممتنعا عن الس لوك‬
‫المحظور و عن تحقيق الواقعة المدنية في الشطر الحكمي للقاعدة التجريمية‪ ،‬و حقها هذا يقابله هذا االلتزام‬
‫بان ال تطالب الفرد إال باالمتناع عن ارتكاب نفس السلوك المحظورة و عن تحقيق ذات الواقع ة ب ان ال‬
‫تطالب الفرد غال باالمتناع عن ارتكاب نفس السلوك المحظورة و عن تحقيق ذات الواقعة المحددة في تلك‬
‫القاعدة و من ينشأ للفرد مقابل ذلك حقه الشخصي في أن يفارق كل أنواع السلوك األخ رى و أن تحق ق‬
‫كافة الوقائع التي تخرج عن الحدود التي رسمها القاعدة للواقعة القانوني ة المجرم ة‪ ،‬ه ذه الحق وق و‬
‫االلتزامات األصلية المتبادلة بين الدولة و الفرد التي أنشئتها القاعدة القانونية سرعان ما تتحول إلى جانبها‬
‫اآلخر أي جانب االلتزام الجزائي أو المسؤولية الجنائية‪ .‬إذا أدخل أحد األطراف بالتزامه فيها فإذا كان هو‬
‫الفرد الذي ارتكب السلوك المحظور أو حقق الواقعة المجرمة‪ ،‬تولد التزامه بتحم ل العقوب ة إي أنش أت‬
‫المسؤولية الجنائية للدول حقها الشخصي في مطالبة الجاني قضائية بأن يتحمل تلك العقوبة ال تي ح ددها‬
‫المشرع للشرع قدرا و نوعا في الشق الجزائي من قاعدته التجريمي ة و من ثم يص بح الج اني ملتزم ا‬
‫باالستسالم لتنفيذ هذه العقوبة و الواقع أن الجزاء هنا يستعمل كجنس عام يمكن أن يتضمن ن وعين‪ ،‬األول‬
‫واحد وهو الجزاء الثاني‪ ،‬فاألول هو الوسيلة التي تمنع اإلجرام يتميز بعنصر عن اصطالح ي دل دالل ة‬
‫وضعية على معنى االلتزام القانوني بتحمل العقوبة التي هدد المرء بتوقيعه ا كج زاء لتحقي ق الواقع ة‬
‫المجرمة التي تتضمنها تلك القاعدة‪.‬‬
‫تثبت المسؤولية الجنائية على الشخص المتمتع بالملكات العقلية التي تمكنه من حرية االختيار على إثب ات‬
‫السلوك اإلجرامي من عدمه‪ ،‬فإذا غابت حرية االختيار لهذه القدرة على التمييز فال مناط من مساءلة ه ذا‬
‫الشخص إضافة إلى كونه أهال لتوقيع الجزاء عليه بمعنى تكون لديه األهلية الجنائية‪.‬‬
‫و كذلك تثبت المسؤولية الجنائية بإتيان الجاني لسلوكه اإلجرامي و هو مدرك النتائج فعله و س لوكه ه ذا‬
‫واعيا في ذلك بأنه سوف يعتدي على مصلحة تحميها المجتمع و القانون و عليه نتطرق لهذين الش رطين‬
‫في المطلبين التاليين‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حرية االختيار‬


‫يتمتع اإلنسان بملكات ذهنية تسمح بالقدرة على التمييز في إتيان السلوك اإلجرامي من عدمه و على ذل ك‬
‫يكون أهال لوحده في تحمل المسؤولية الجنائية و يظهر هذا المبدأ جليا في كون الشخص الطبيعي مسؤول‬
‫جنائيا حتى و لو ارتكب جريمة لفائدة الشخص االعتباري‪ ،‬ذلك أن حري ة االختي ار م يزة نفس ية من‬
‫خصائص اإلنسان ذاته‪.‬‬
‫فالشخص إذا ما اختل و عيد بسبب مرض أو علة فإنه يفقد المقدرة على حرية اختيار السلوك الس وي في‬
‫الموقف الذي هو بصدده و إذا أتى سلوكا مجرما انتقت مساءلته النعدام حرية االختيار لديه و كذلك الحال‬
‫بالنسبة للشخص الذي يأتي سلوكا مجرما من جراء خطر مفاجئ ال قبل له بدفعه فال يكون لدي ه ال وقت‬
‫الختيار سلوكه ذلك أن هدفه الوحيد هو النجاة و الخالص بنفسه من الهالك حتى و لو كان السلوك مجرما‪.‬‬
‫و عليه فإذا ما ثبت أن اإلنسان عند إتيان السلوك اإلجرامي كانت لديه حرية االختيار في اجتناب ه و جبت‬
‫مساءلته و قامت بذلك المسؤولية الجنائية إضافة إلى إدراك لنتائج فعله بمعنى انه يدرك أن هذا الذي أت اه‬
‫أو سوف يأتيه معاقب عليه قانونا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلدراك‬


‫إن اإلدراك على جانب كون له الخيار فيما يأتي من األفعال و فيما يترك مسوق بأن يسلك مسلكا يس تحيل‬
‫عليه بحكم تكوينه و ظروفه أن يسلك غيره مدركا في ذلك نتائج أفعاله و ما سوف يترتب عليه من آث ار‬
‫من عقاب أو تدابير احترازية ذلك أن العقوبة غاية الردع و اإلصالح‪.‬‬
‫و اإلدراك مالزم للوعي فمتى كان الشخص واعيا ألفعاله كان مدركا لطبيعته ا و نتائجه ا على ج انب‬
‫صفتها الشرعية و غير الشرعية‪.‬‬
‫و يعرف الفقه الوعي بأنه وضع ذهني تتجلى فيه الوظيفة الطبيعية للقوى العقلية بحيث يبنى بأن هذه القوى‬
‫تعمل بصورة صحيحة‪ ،‬فاتصال اإلنسان مع نفسه و مع العالم الخارجي يتم ضمن سباق عضوي و نفساني‬
‫بالغ العقيدة‪.‬‬
‫فالفكرة تتكون لدى اإلنسان ضمن عملية ذهنية مؤلفة من استنكار و تصور و ربط‪ ،‬فإذا ماتت هذه العملية‬
‫بصورة صحيحة كانت الفكرة سليمة بصورة متوافقة مع الحقيقة الثابتة أما إذا طرأ أي خلل على مص در‬
‫القوى العقلية اختل وعي الشخص مضطربا مما يحول دون إدراكه لحقيقة األمور‪ .‬و على ذلك فإنه م تى‬
‫توفرت حرية االختيار في إتيان السلوك اإلجرامي لدى الشخص و كان مدركا في ذلك لنت ائج أفعال ه و‬
‫جبت مساءلته جنائيا و توقيع الجزاء عليه حتى تحقق العقوبة غايتها في ذلك ال ردع و اإلص الح و ق د‬
‫تعددت المذاهب الفقهية في االعتماد على أساس المسؤولية الجنائية فهناك مذاهب قبلت حرية االختي ار و‬
‫اإلدراك كأساس للمسؤولية الجنائية و هناك من اعتمدت على أساس المس ؤولية االجتماعي ة الممثل ة في‬
‫الخطورة الكامنة في الجاني‪ ،‬فكان هناك مذهبان‪ ،‬المذهب التقليدي و المذهب الحتمي على أنه يرجح بينهما‬
‫بمذهب توفيقي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية عند المذاهب الفقهية‬


‫إن تحديد أساس المسؤولية الجنائية يعتبر أمرا ال غنى عنه عند رسم السياسة الجنائية و يتن اول األس اس‬
‫الذي ترتكز عليه األحكام القانونية الجنائي و بالتالي يعاقب المجتمع بمقتضاه فهو ال ذي ي بين الش روط‬
‫الالزمة توفرها لقيام المسؤولية الجنائية و هو الذي يحدد كونه رد فعل اجتماعي إزاء الجريمة وهو ال ذي‬
‫يقتصر على العقوبة أو التدبير االحترازي أو تمكن الجمع بينهما‪.‬‬
‫و تبرز أهمية تحديد أساس المسؤولية بصفة خاصة بالنسبة لطوائف المجرمين ال ذين يش كل س لوكهم و‬
‫حالتهم الخاصة خطورة على المجتمع كالشواذ و العائ دين و ليس أدل على ذل ك من اختالف الفق ه في‬
‫النظرة للعود و االعتياد‪.‬‬
‫و يذهب التقليدون إلى أن سبب تشديد عقوبة العائد أو المعتاد يقوم على افتراض توافر أذناب أش د لدي ه‪،‬‬
‫مرجعه إرادة أكثر إصرار على الشر بدليل عدم اعتداله بالتحذير القضائي السابق توجيهه له على أن هناك‬
‫جانبا آخر من الفقهاء التقليدين يرون أن العود و االعتياد ينقص من درجة أذناب الفاعل و سندهم في ذلك‬
‫أن تكرار ارتكاب الجرائم يكون عادة تؤثر على اإلرادة فتنقص منها‪.‬‬
‫و في الجانب اآلخر نجد أنصار المدرسة الوضعية ينك رون على اإلطالق حري ة اإلرادة و ي رون في‬
‫ضروب السلوك اإلنساني كافة – ومنه الجريمة نتيجة حتمية يحكمها قانون الس ببية و تح ددها مختل ف‬
‫الظروف الشخصية و البيئة و لهذا فإنهم ال يقيمون رد فعل االجتم اعي حي ال العائ د أو المعت اد على‬
‫مسؤوليته األدبية و لكن على أساس من حالة الخطورة الكامنة فيه‪.‬‬
‫و قد جرت محاوالت عديدة للتوفيق بين تنادي به المدرسة التقليدية من أجل حرية االختب ار هي أس اس‬
‫المسؤولية و ما تقوم به المدرسة الوضعية من حتمية‪ ،‬كما طالب بعض الفقه اء بالتج اوز عن الحث في‬
‫أساس المسؤولية قوال منهم أن هذه مسألة فلسفية ال دخل للقانون الوضعي بها‪.‬‬
‫لقد تفرقت اآلراء في البحث عن أساس المسؤولية الجنائية فانقسم الفكر القانوني في تناوله لهذا الموض وع‬
‫إلى مذهبان أحدهما يبني المسؤولية على أساس حرية اإلنسان في االختبار و هذا هو المذهب التقلي دي و‬
‫المذهب الحتمية الذي بينهما على أساس الخطورة اإلجرامية للجاني على انه يرجع بين المذهبين بم ذهب‬
‫توقيفي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المذهب التقليدي‬


‫ساد هذا المذهب أوال بين جميع المشتغلين بالمسائل الجنائي ة و ال ي زال ح تى الي وم متبع ا في أغلب‬
‫التشريعات‪ ،‬و هو المذهب التقليدي في تحديد أساس المسؤولية و مناط مس ؤولية الج اني مرده ا أن في‬
‫وسعة األحجام على ارتكاب الجريمة بدال من اإلقدام عليها فإذا أقدم عليها عد مسؤوال أدبيا لحصيانه أوامر‬
‫المشرع و نواهيه و يستطرد أنصار هذا الرأي بأنه مهما كانت ثقل الدوافع التي تضغط على إرادة الف رد‬
‫لتوجيهه وجهة فإن من المؤكد أن يبقى لديه القدرة على أن يميز بين الخير و الشر و الصواب و الخطأ و‬
‫عليه أن يتبع طريق الخير و يبتعد عن طريق الشر بحكم واجب األخالق أو اآلداب التي عليه أن يراعيها‪،‬‬
‫فإذا عاد عن طريق الخير و اقدم على الجريمة فقد اخطأ يشعر ضميره بقبحه و من ثم فق د حقت علي ه‬
‫المسؤولية و أن أي رد فعل في المجتمع ال يراعي هذه الحقيقة و ال يكون فقط مخالفا للعناص ر األولي ة‬
‫للعدالة بل منافيا أيضا للمنطق و المعقول‪.‬‬
‫و ال يعنى القول بحرية االختيار أن اإلرادة تحدد بعيدا عن كل مؤثر فإن االعتراف بهذه الجريمة يعني أن‬
‫اإلنسان إذا واجهته مؤثرات متعددة بعضهما يدفعه إلى العمل و البعض يرغبه عنه فسيظل له دائما القدرة‬
‫على االختيار و في ذلك يذهب الرأي إلى أن اإلنسان إذا ما وجهته مؤثرات مختلف ة فإن ه ال يتص رف‬
‫كالحيوان الذي تجئ ردود أفعاله تلقائيا بل على العكس يتصرف بطريقة إيجابية إذ يختار الطري ق ال ذي‬
‫يسلكه بين عدة طرق تعرض أمامه و لكن الطريق المؤثر الذي يغرى اإلنسان باتباعه وه و في اختي اره‬
‫لهذا الطريق ال يخضع تلقائيا لقوة المؤثرات جل الختياره هو‪ :‬و يرى أصحاب ه ذا الم ذهب أن حري ة‬
‫االختيار و ما يترتب على سوء االختيار من مسؤولية ضميره هي األساس الوحيد المتصورة للمس ؤولية‬
‫فإن الشهور بهاله سنده في ضمير كل شخص و ما دام اإلنسان يتطلب الثناء على ما يصنع فإنه و الش ك‬
‫يستحق العقاب على ما يرتكب و ال يصح للقانون أن يهدر إحدى العقائد األساسية التي تسود المجتمع ب ل‬
‫أنهم يرون في االعتراف بحرية االختيار ما يدفع الفرد على أن يعمل دائما على انتهاج السبيل األمث ل و‬
‫إلى زيادة طاقاته للتغلب على التوازع الريرة التي قد تعرض له و القول بعكس ذلك يجعل الشخص مقدرة‬
‫عليه و ال قبل له و ال إرادة له في إحداثها و سيتتبع هذا القول أنه إذا نتفت حرية االختيار انتفت بالت الي‬
‫المسؤولية و إذا قل نصيب الفرد من هذه الحرية خفت مسئوليته تبعا لذلك و نتيجة لهذا المبدأ إذا إنع دمت‬
‫حرية االختيار لدى شخص ما لجنون أو صغر من انتفت مسؤولية ضميره فال يمكن إسناد الخطأ إلي ه أي‬
‫ال يمكن اعتباره مخطئا و بالتالي فال تنهض قبله المسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫على أن الفقه التقليدي كان ينظر إلى حرية االختيار و المسؤولية الفردية باعتبارها مجرد مفاهيم مج ردة‪،‬‬
‫األمر الذي جعله ينظر للجاني ككائن مجرد كمخلوق منصور عقال و لذلك فقد اهتم بالجريم ة على أنه ا‬
‫كائن قانوني و ليست مظهرا لسلوك الجاني‪ ،‬بل كشيء مجرد له طبيعة مستقلة و ثابتة و يرجع هذا المسلك‬
‫من المدرسة على خشيتها من الحكم الذي كان سائدا قبل الثورة الفرنسية مما جعلها تتمسك ب القول ب ان‬
‫الناس مستاؤون دون تفرقة على أساس شخصية كل منهم‪ ،‬غير أن الظلم الذي كشف عن تط بيق ق وانين‬
‫الثورة التي وضعت لكل جريمة عقوبة من حد واحد مقدرة على أساس موض وعي بحث‪ ،‬جع ل الفق ه‬
‫التقليدي بهجر بعض الشيء‪ ،‬الفكرة المجردة لإلنسان سواء الحر‪ ،‬غير أنه اكتفى لتحقيق متطلبات العدال ة‬
‫بتقدير لمختلف مظاهر االنحرافات التي تتكون منها الجريمة وفقا للمقياس العام المتبع‪ ،‬لذلك فإن العدالة ال‬
‫تحتاج في نظرهم إال إلى موظف أمين قادر على تطبيق العقوبة المحددة في القانون‪.‬‬
‫و تأسيسا على ذلك فقد نظر هذا الفقه إلى العائد أو المعتاد على أنه مسؤول أدبي ا عن عودت ه الرتك اب‬
‫الجريمة و أن هذا التكرار يعتبر ظرفا مشددا يمكن من تشديد العقوبة على أن يرجع في استخالص ه ذا‬
‫الظرف لمعايير موضوعية بحتة قائمة على الجرائم التي سبق الحكم عليه بسببها‪.‬‬
‫على أن اقتصار الفقه التقليدي على مجرد تشديد العقوبة دون اقتراح أي وسيلة أخرى‪ ،‬أدى إلى اإلسراف‬
‫في الحكم على العائدين و المعتادين بعقوبات قصيرة المدة و كان هذا االتجاه في الوقت نفسه منطقي ا على‬
‫ما ذهب إليه هذا الفقه من ضرورة قياس العقوبة على قدر المسؤولية األدبية و لما كانت هذه المسؤولية في‬
‫رأي البعض قد شابه بعض المقصور لتخلف في تقدير العائد أو المعتاد راجع لضعف إرادته‪ ،‬ل ذلك رأي‬
‫هؤالء عدم التغاني في تقدير الخطأ المنسوب إليه‪ ،‬األمر الذي يؤدي على تخفيف العقوبة‪.‬‬
‫يرى أنصار هذا المذهب أن أساس المسؤولية يمكن في حرية االختيار‪ ،‬فاإلنسان البالغ العاقل ل ه ملك ات‬
‫عقلية تسمح له بالقدرة على التمييز بين الخير و الشر‪ ،‬بين الطيب و الخبيث‪ ،‬بين الحالل و الحرام‪ ،‬مدركا‬
‫لعواقب أفعاله متحكما في سلوكه أتيا في ذلك من األفعال ما أراد‪ ،‬فالش خص إذا ارتكب فعال نهي عن ه‬
‫القانون أو امتنع عن فعل أمر به القانون وجبت مسائلته عما وقع منه‪.‬‬
‫و على ذلك فإن مسؤولية الشخص ال تنتفي إال إذا فقد هذا األخير قدرته على االختيار ذل ك أن معاقبت ه‬
‫سوف تكون ظلما من جهة و غير مجدية من جهة أخرى‪ .‬‬
‫وذلك أن الغاية من العقاب هي الردع و ال تتحقق هذه الغاية بالعقاب مع التجرد من قدرة اإلدراك أو حرية‬
‫االختيار‪.‬‬
‫و عليه فإن المذهب التقليدي يكون قد قبل حرية االختيار و اإلدراك كأساس للمسؤولية الجنائية ف إذا م ا‬
‫غاب ذلك انتفت مسؤولية الجاني‪ .‬‬

‫)‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مذهب الحتمية‬
‫أنشأ هذا المذهب نتيجة للتقدم المطرد في العلوم الطبيعية و نجاحها في الكشف عن األسباب المختلفة لكثير‬
‫من الظواهر الطبيعية و كذلك رأي كثير من المشتغلين بالعلوم االجتماعية أن الجريمة ليست ثمرة حري ة‬
‫االختيار بل اعتبرها ظاهرة إنسانية ال بد من أن تحكمها هي األخرى أسباب مختلفة سواء ك انت أس باب‬
‫طبيعية أو عضوية أو نفسية تؤدي إليها حتما و أن القول بحرية االختيار ال تعدو أن تكون وهما شخص يا‬
‫يكذبه الواقع العضوي و النفسي و محاولة الهروب من التعمق في دراسة أسباب الجريمة بإلقاء اللوم كل ه‬
‫على الجاني‪ ،‬و يرد أنصار هذا المذهب عما اتهمه به خصومهم من أن الحتمية تؤدي إلى الجمود و ع دم‬
‫مواجهة الجريمة باعتبار أنها نتيجة حتمية المناص من وقوعها و يرون بأن هذا الق ول في ه خل ط بين‬
‫الحتمية و القدرية فليست الحتمية بمعناها الصحيح مثالية الخمول و الجمود بل تدفع دائما إلى العمل و إلى‬
‫التحري عن األسباب لمقاومتها فتمتنع بالتالي نتائجها و أن اإليمان بتسلسل األسباب يجعلها تنظر للج اني‬
‫كضحية للظروف االجتماعية الداخلية و الخارجية فليس هناك م ذنبون و لكن خط رون و بس بب ه ذه‬
‫الخطورة يجب أن يوضع كل من يخرق قاعدة من قواعد قانون العقوبات بحيث ال يستطيع اإلض رار‪ ،‬إذ‬
‫أن من حق المجتمع أن يدافع عن نفسه بل أن ذلك هو واجبه و لهذا ال يقيم أنصار الحتمية فكرة الج زاء‬
‫على المسؤولية مما يؤدي إلى عدم إمكانية اتخاذ أية إجراءات حيال عديمي اإلدراك أو تخفيف العقوب ات‬
‫الموقعة على ناقصي التمييز أو االختيار بالرغم من خطورة هؤالء على المجتمع و ثبوت ارتفاع نس بتهم‬
‫بين مجموع المجرمين‪.‬‬
‫و يرى هؤالء أن التقليديين و حتى المحدثين منهم في درجة تقديرهم لدرجة مسؤولية الجاني ينظرون إليه‬
‫كما لو كان موضوعا تحت ناقوس من زجاج بينما ينظرون إليه هم من خالل مختلف الظروف الشخصية‬
‫و البيئية و االجتماعية فاستعداد المجرم الذاتي لإلجرام و ما يحيط به من الظروف االجتماعية كالجه ل و‬
‫الفقر و سوء التربية و خطاء السوء و ما يساعد على ذلك من تغيير في الفصول و غيره ا من العوام ل‬
‫الطبيعية كلها تتدخل بنصيب كبير أو ضئيل في حدوث الجريمة‪ ،‬فالجريمة ما هي اإلنتاج الزم الجتم اع‬
‫هذه العوامل المختلفة و متى توافرت لدى شخص ما فهو مسوق حتما إلى ارتكاب الجريمة إذ أن ه م تى‬
‫توافرت األسباب و ترتبت النتيجة و يستطرد أصحاب هذا الرأي بأن القول بأن الجريم ة نتيج ة حتمي ة‬
‫لعوامل مختلفة ليس معناه ترك فاعلها و شأنه ألنها مقدرة عليه‪ ،‬بل يتعين على المجتمع أن تتخ ذ عندئ ذ‬
‫الوسائل الكفيلة بحماية‪ ،‬فكما الفرد محتوم عليه وقوع الجريمة تحت تلك العوامل المختلفة كلك فإن المجتمع‬
‫محتوم عليه الرد على فعل الجاني دفاعا عن كيانه فالعبرة في اختيار التدبير الذي تتخ ذ حي ات الج اني‬
‫قسم بعض أنصار هذا المذهب المج رمين إلى فئ ات‬ ‫ليست هي درجة مسئوليته بل درجة خطورته لذلك ّ‬
‫أربعة ‪ :‬‬
‫‪ .1‬المجرمون بالوالدة‪.‬‬
‫‪ .2‬المجرمون بالعاطفة‪ .‬‬
‫‪ .3‬المجرمون بالمصادفة‪ .‬‬
‫‪ .4‬المجرمون المجانين‪ .‬‬
‫و نرى هؤالء يتخذون حيال كل فئة التدبير الذي يتفق مع خطورة أفرادها و قد أضاف فريق آخر من هذا‬
‫المذهب إلى أن التقسيمات خاصة بالمجرمين المعتادين‪ ،‬و قد جلب هذا االصطالح أنص ار و رج ال علم‬
‫اإلجرام‪ ،‬و كان له أثره في إثراء الكتابات عن هؤالء المجرمين و اقتراح التدابير التي تتفق مع حالتهم‪.‬‬
‫و استطرد هذا الفريق إلى القول أن المبادئ األساسية التي تستلمها العدالة االجتماعية تنحصر في مبدأين ‪:‬‬
‫الردع و العقاب و أن أية محاولة بين هذين المبدأين لن تؤدي إلى حل‪ ،‬إال أن ترك أحدها و األخذ بالمب دأ‬
‫اآلخر و القول بالردع يستدعي تركيز االنتباه على الجريمة كوحدة موضوعية و على العكس من ذلك فإن‬
‫العقاب يؤدي إلى االهتمام بفاعل الجريمة‪ ،‬فال يقتصر على الضرر المترتب على الجريمة بل يتع د أ إلى‬
‫األهم منه وهو الخطر الذي يمثله المتهم‪.‬‬
‫ويخيف أصحاب هذا الرأي بأن الفهم التجريبي ألهلية ارتكاب الجرائم يجب أن ينص ب ليس فق ط على‬
‫لحظة ارتكاب الجريمة أو على الفترة التي تسبقها بل يجب أن يهدف إلى تحقيق الدفاع الوقائي و ال دفاع‬
‫العقابي ‪.‬‬
‫إن هذا النظر أصبح له وظيفة قانونية في العدالة الجنائية فإن فكرة الج زاء يجب أن تق اس‪ ،‬ليس وفق ا‬
‫للجريمة أو وفقا للواجب الذي انتهك أو وفقا للدفاع اإلجرامي و لكن وفقا لخطورة الجاني‪ ،‬و يجب أن تتخذ‬
‫معيارا شخصيا يحل محل المعيار الموضوعي في تحديد التدبير الذي يتخذ حيال المتهم ‪.‬‬
‫و في بعض الفقهاء من هذه المدرسة أن حالة هذه الخطورة تستدعي مواجهة أمرين هما خطورة الج اني‬
‫من ناحية و قابلية التكييف في الحياة االجتماعية من ناحية أخرى‪ ،‬و تواجه خط ورة الج اني بالت دابير‬
‫البوليسية الوقائية‪ ،‬بينما ترتبط قابليته للتكييف باألغراض العملية للعدالة االجتماعية و تقوم حالة الخطورة‬
‫االجتماعية وما تستتبعه من تدابير فبل ارتكاب الجريمة‪ ،‬أما قابليته للتكييف فال تثور إال بعد وقوع الجريمة‬
‫و يقصد مالءمة الجزاء المتخذ لحالة الخطورة الجنائية التي عليها المتهم‪ ،‬و قد أي د بعض الفقه اء ه ذه‬
‫التفرقة في المؤتمر الدولي الثاني لعلم اإلجرام‪ .‬و تكمن هذه التفرقة من تحاشي الخشية من اتخ اذ معي ار‬
‫الحالة الخطرة سبيال لالعتداء على الحريات الفردية كما أنها تمكن من ناحية أخرى من التغلب على كثير‬
‫من المتناقضات التي وقع فيها االتحاد الدولي لقانون العقوبات و بعض الفقهاء الذين ي رون أن الجريم ة‬
‫تواجه بالعقوبة بينما تستدعي حالة الخطورة تدبيرا احترازيا و أن يقتصر معيار الحالة الخطرة على بعض‬
‫فئات من المجرمين و هم العائدون و الشواذ و القصر الخطرون‪ ،‬فهذه التفرقة لن تؤدي بن ا إلى الت ورط‬
‫مقدما في تحديد من هو المجرم الخطر و المجرم الغير خطر إذ البحث في اتحاد تدبير احترازي لن يث ور‬
‫إلى بعد ارتكاب الجريمة و بسبب حالة الشخص الخطرة التي تستشف من احتماالت عودته للجريمة و هذه‬
‫االحتماالت تختلف باختالف فئة المجرمين‪.‬‬
‫فاحتمال عودة المجرم بالعاطفة أقل من احتمال عودة المجرم المجنون \او المجرم المعتاد‪ ،‬و على هذا فإن‬
‫حالة الخطورة االجتماعية يقصد بها مواجهة خطر ارتكاب الجريمة‪ ،‬بينما حالة الخطورة اإلجرامية ي راد‬
‫لها أن تواجه خطر العود‪.‬‬
‫و يعيب البعض على المدرسة التقليدية أنها فصلت بطريقة حاسمة بين الوقاية و الجزاء بالرغم من أنهم ا‬
‫ليس اال وجهين للدفاع االجتماعي ذاته‪ ،‬و يجب العمل على التوفيق بينهما في النشاط الذي تقوم به الدول ة‬
‫ضد الجريمة‪ ،‬على أن يكون لكل من هذين الوجهين تنظيم قانونية خاص‪ ،‬ألن لكل منهما نقط ة انطالق و‬
‫غرض مختلف‪.‬‬
‫و تتحقق الوقاية باإلجراءات البوليسية لألمان و ببدائل العقوبة أما الجزاء فيتحقق عن طريق جهاز العدالة‬
‫الجنائية الذي ال يتخذ إال بعد ارتكاب جريمة بهدف منع العود بواسطة تدابير احترازية غير محددة المدة‪.‬‬
‫مؤيدي ما تقدم أن أنصار هذا الرأي ينظرون إلى الجريمة باعتبارها ذنبا يستقبحه الضمير و يترتب علي ه‬
‫المسؤولية الجنائية‪ ،‬و ال تصبح العقوبة جزاء هذا الذنب تفضي بالمجازاة عليه العدالة المطلقة أو العدال ة‬
‫مع المصلحة‪ ،‬و إنما تصبح وظيفة العقاب مجرد وسيلة للدفاع عن المجتم ع‪ ،‬و تختل ف الوس يلة تبع ا‬
‫الختالف األشخاص‪ ،‬و أن التعبير بالعقوبة عن هذه الوسيلة خطأ في التسمية‪ ،‬ذل ك أن فك رة التفك ير و‬
‫إرضاء الشعور بالعدل ال يعني بها المجتمع عند تقدير هذه الوسيلة فهو إنما يعني بالدفاع عن نفسه ووقاية‬
‫آمنة في المستقبل‪ ،‬لذلك فإنه ال ينظر إلى الجاني نظرة الثأر و التشفي منه‪ ،‬ب ل العكس ينظ ر باعتب اره‬
‫منكوب سيئ الحظ و يعمل على إصالحه بقدر المستطاع‪.‬‬
‫و مجمل القول أنه بينما ال يكفي أصحاب المذهب التقليدي في قيام المسؤولية الجنائية بصدور الجريمة من‬
‫الفرد بل يشترطون حلقه وسطى بينهما و هي أن يكون الجاني مخطأ‪ ،‬فإن أص حاب الم ذهب ال واقعي‬
‫يغفلون تلك الحلقة الوسطى و يكتفون بمجرد صور الجريمة هي الفرد فخط ورة الف رد ليس ت ذنب ه و‬
‫مسئوليته األدبية هي المسؤولية أمام المجتمع و يكتفي في ذلك صدور الجريمة من الفرد أي إسناد الفع ل‬
‫الضار إليه‪.‬‬
‫لم ير تكر أنصار هذا المذهب على حرية االختيار كأساس للمسؤولية الجنائية على غرار المذهب التقليدي‬
‫فالحقيقية في رأيهم أن السلوك اإلجرامي شأنه شأن كافة الظواهر الطبيعية و االجتماعية خاض ع لق انون‬
‫السببية‪ ،‬ناشئ عن تفاعل بين شخصية الجاني و ظروف بيئية خاصة‪.‬‬
‫فالمذهب الوضعي ينادي بالخطورة اإلجرامية الكامنة في الجاني كأساس بديل للمسؤولية الجنائي ة ال تي‬
‫ترتكز على حرية االختيار‪ ،‬ذلك أن هذه الخطورة تدفع المجتمع بأن يوجهها و يبعد عن نفسه عواقبه ا و‬
‫هذا األمر الذي أدى إلى اتساع إقامة المسؤولية على هذا األساس فتشمل بذلك الصغير و الكبير‪ ،‬العاقل و‬
‫المجنون ‪ ،‬ذلك أن أساس المسؤولية ليس حرية االختيار و اإلدراك‪ ،‬إنما الخطورة اإلجرامية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬الترجيح بين المذهبين‬


‫إذا كان أساس العقاب بين حرية االختيار و الحتمية يعتبر أبرز الموضوعات التي زادت فيها شقة الخالف‬
‫بين المدرسة التقليدية و المدرسة الوضعية فإن ذلك يرجع لما لهذا الموضوع من أهمية‪ ،‬باعتب اره نقط ة‬
‫البدأ في إقامة صرح العدالة الجنائية‪ ،‬األمر الذي جعل جميع المشتغلين بالمس اءل الجنائي ة أي ا ك انت‬
‫المدارس التي يشتركون في هذه المعركة إما بـ‪:‬‬
‫‪ -1‬االنضمام إلى حد الرأيين‬
‫‪ -2‬محاولة التوفيق بينهما على سند من أن كل منهما ينطوي على جانب من الحقيقة و كل منهم ا يعيب ه‬
‫التطرف في الرأي‪.‬‬
‫‪ -3‬الزعم بعدم أهمية هذا الخالف ألنه يتعلق بمشاكل نظرية غير ذات صبغة علمية‪.‬‬
‫‪ -4‬اقتراح أسس جديدة للمسؤولية الجنائية‪.‬‬
‫‪-‬إن القضية الجبر و االختيار هي قضية شائكة واستطاعت أن تجلب اهتمام لكثير من العلماء و الفالس فة‬
‫لكن يمكن القول بأن مذهب االختيار أو حرية اإلرادة هو األقرب إلى الصواب حيث يمكن اعتباره أس اس‬
‫المسؤولية عامة و الجنائية خاصة ألنه ال يصطدم مع النظرة العلمية و يتفق مع المفاهيم االجتماعية ال تي‬
‫يتأثر بها المشرع عند وضعه للقواعد القانونية‪.‬‬
‫فهناك بعض الفقهاء يعتنقون مذهب الحرية لكن ال ينكر الجبرية و ذلك من النظرة الفلسفية حيث أن الكون‬
‫يخضع لتسلسل سببي و أن حلقاته مرتبطة ببعضها البعض حيث أن كل شخص هو إحدى هذه الحلقات أي‬
‫أن الجريمة هي إحداهما إذن فهي نتيجة حتمية لحلقة سابقة لها كما أنها سبب حتمي لحلقة الحقة عليها‪.‬‬
‫و العتبارات قانونية ال يجب التركيز على هذا الج انب العلمي بق در م ا يجب الترك يز على الج انب‬
‫االجتماعي الذي يقر بحرية االختيار التي هي حسب هذا الفريق من الفقهاء " و إن لم تكن حقيقة علمية إلى‬
‫إنها مع ذلك فكرة اجتماعية قانونية و هذا يكفي العتبارها أساس تقوم عليه المسؤولية الجنائية ‪"..‬‬
‫و من الفقهاء من يعتبر حرية االختيار أساس المسؤولية لكن ال يمكن التدليل على صحتها ألنها بديهي ة و‬
‫البديهيان ال يمكن إثباتها بدليل أو برهان و لكن العقل يسلم بها لشدة وضوحها‪ ،‬فعند التسليم بوج ود إرادة‬
‫إنسانية يجب التسليم بحرية هذه اإلرادة‪ ،‬ألن الحرية هي من لوازم اإلرادة فاإلنسان عندما يخطئ يع اني‬
‫من تأنيب الضمير و هذا دليل على إدراكه أنه سلك طريقا ما كان ينبغي أن يسلكه أي كان له الخيار أثناء‬
‫سلوكه هذا الطريق و منه فال يمكن القول بالحتمية أو الجبرية المطلقة ألنها تلغي كل األحك ام الديني ة و‬
‫األخالقية و القانونية ألنها كلها تأمر و تنهي و هذا دليل على اختيار الشخص ألنه يخضع لكل هذه األوامر‬
‫و النواهي‪ ،‬ألنه يستطيع ضبط سلوكه في طاعة هذه األوامر و النواهي‪ ،‬لكن إنكار الجبري ة ال يع ني أن‬
‫إرادة اإلنسان حرة بصفة مطلقة‪ ،‬ألنها ليست مستقلة بنفسها و ال هي منعزلة عما يحيط بها ‪.‬‬
‫" و إذا طرحنا الجدل العلمي و الفلسفي جانبا و احتكمنا إلى المفاهيم السائدة في المجتمع لوجدنا أن عام ة‬
‫الناس ينظرون إلى هذه المسألة بنظرة معتدلة‪ ،‬فهم يؤمنون بفطرتهم بالجبر و االختيار معا وهم يمزج ون‬
‫بين األمرين على ما فيهما من تناقض مزجا تطمئن له النفوس و تستقيم به حياتهم فهم يؤمون بالقض اء و‬
‫القدر و لكنهم يؤمنون في الوقت نفسه بحرية اإلنسان في اختيار أفعاله و يحكمون عليه تبعا الختياره " ‪.‬‬
‫كما \أن للجانب االجتماعي دور في اعتبار المشرع أن اإلرادة حرة و مخت ارة و خاص ة من الج انب‬
‫القانوني ألن المشرع ال يمكن أن يتجاهل هذا الجانب ألن القانون وجد لخدمة المجتمع‪.‬‬

‫‪ -I‬المدرسة التقليدية الحديثة‪( :‬التوفيقية)‪.‬‬

‫كان أول المتصدين لنق االتجاهات الحتمية التي اعتنقها أنصار المذهب الواقعي أبصار المدرسة التقليدي ة‬
‫الجديدة التي ظهرت كرد فعل لهذه االتجاهات الحتمية إذ نادى هؤالء أن شعور كل إنسان بحريته يجب أن‬
‫يظل أساس المسؤولية و أن هذا الشعور ليس وهما ‪ ،‬ففي جميع األعمال اإلرادية يتصرف الف رد وه و‬
‫يشعر بأنه حر بل أنه يستطيع أن ينقل لآلخرين هذا الشعور و أن إدراك الشخص لقدرته على إجراء خيار‬
‫بين عدة أمور و أن هذا الخيار يعتبر عماد الحياة االجتماعية و بالتالي فإن مفهوم المسؤولية األدبية عالوة‬
‫على انه اصطالح جرى به القول و تغلغل في أعماق الجميع ال يجب التخلي عنه لصالح مف اهيم أخ رى‬
‫أكثر تعقيدا مثل الخطورة أو الحالة الخطرة أو األهلية الجنائية‪.‬‬
‫و تتفق التوصية التي خلصت إليها حلقة الدراسات ال تي عق دت في ستراس يورغ س نة ‪1959‬م لبحث‬
‫موضوع المسؤولية مع آراء المدرسة التقليدية الحديثة إذ أكدت الحلقة أهمية الشعور بالمسؤولية كعامل من‬
‫عوامل الضبط االجتماعي على أنها قصرت نطاق المسؤولية على األصحاء ذوي اإلدراك العقلي السليم‪.‬‬
‫و إذا كانت التشريعات الحديثة تكاد تجمع على اعتناق فكرة حرية االختيار سواء نصت عليها صراحة أو‬
‫قبلتها ضمنيا و أقامت الجزاء بناءا على ذلك على المسؤولية األدبية فإن هذا االتجاه نفسه ال يزال مسيطرا‬
‫عل التعديالت التي أدخلت على هذه التشريعات و على مشروعات القوانين التي ستحل محلها و من ذل ك‬
‫القانون الصادر في فرنسا في ‪ 22‬ديسمبر ‪ 1958‬الخاص باألحداث يشترط لتوافر مسئوليتهم ثبوت الخطأ‬
‫و اإلدراك و مشروع قانون العقوبات األلماني ‪.‬‬
‫و يميل المشرع المصري في التعديالت التي يدخلها على قانون العقوبات التي تؤثر بهذه النظرية‪.‬‬

‫‪-II‬االتحاد الدولي لقانون العقوبات ‪:‬‬

‫تعتبر اآلراء التي نادى بها االتحاد الدولي لقانون العقوبات أول و أبرز المحاوالت التي قيلت للتوفي ق بين‬
‫ما ذهب إليه أنصار المدرسة التقليدية الحديثة و أنصار المدرسة الوضعية و قد ارتكزت فلسفة االتحاد على‬
‫دعامتين رئيسيتين أولهما أن مهمة قانون العقوبات هي الكفاح ضد الجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعي ة و‬
‫ثانيهما أن على قانون العقوبات و التشريعات الجنائية مراع اة النت ائج ال تي تس فر عنه ا الدراس ات‬
‫اإلنتروبولوجية و االجتماعية و لدى كانت هاتان الدعامتان تدالن بوضوح على االتجاه الوضعي لالتح اد‬
‫إلى أنه مع ذلك رفض بإصرار اآلخذ بالحتمية‪ ،‬كما نادى بها أنصار المدرسة الوضعية قوال منه أن ه من‬
‫المستحيل إثباتها كما أنه من المستحيل إثبات حرية اإلرادة فإن مبدأ السببية يفقد مدلوله في عمار األسباب‬
‫المتغايرة الالنهائية و يضيع في التيه الذي يقع فيه مبدأ الحرية‪.‬‬
‫لذلك فقد طالب االتحاد رجال القانون باال يغرقوا في نطاق األفكار الفلس فية‪ ،‬ب ل عليهم التس ليم ج دال‬
‫بالشعور الداخلي للفرد بحريته سواء كان هذا الشعور حقيقة أو مجر وهم فإنه ال يهم‪ ،‬إذ أن لهذا الش عور‬
‫أهمي قصوى في عمليات التكيف االجتماعي و لهذا المنحنى الذي أخذت به المدرسة التوفيقية ميزتان فهو‬
‫يتجنب الخوض في المبادئ الفلسفية التي نادى بها الوضعيون و خصومهم و يمكن من ناحية أخ رى من‬
‫مراعاة متطلبات الدفاع االجتماعي التي تعتبر في نظر أنصار هذه المدرسة األساس الصحيح لحق العقاب‪،‬‬
‫إذ أن تعقد الحياة االجتماعية جعل من الصعب أحيانا إقامة الدليل عن الخطأ كلما حدث ضرر ل ذلك يجب‬
‫أن يستند قانون العقوبات على فكرة الدفاع االجتماعي التي تقبل قيام حق الدولة في التدخل بغ ير اس تناد‬
‫كلي على الخطأ و المسؤولية‪.‬‬
‫و تسلم نظرية الدفاع الجتماعي وفق لمدلولها األول الذي قال به رجال االتحاد الدولي بالحري ة النس بية‬
‫لألفراد‪ ،‬غير أنها ليست مبنية على أساس المفهوم الميتافيزيقي لحرية االختبار فهي تع رف اإلرادة بأنه ا‬
‫العمليات التي تجعل الشخص يقرر أن يفعل أوال يفعل‪ ،‬أن يتصرف او ال يتصرف‪ ،‬فهي المحدد المباش ر‬
‫للتصرفات دون دخول في تفاصيل تهدف إلى معرفة هل هذه اإلرادة حرة أو تخضع لمبدأ السببية‪.‬‬
‫و ال تطلب هذه النظرية في قانون العقوبات قانونا تكفيريا أو رادعا بل يجب أن يراعى فقط حالة الخطورة‬
‫التي عليها المتهم‪ ،‬و كان أنصاره يقصرون حالة الخطورة أوال على المجرمين العائدين ثم اتس ع نطاقه ا‬
‫حتى شمل غير األصحاء و المجرمين المعتادين و المحترفين و يترتب على اآلخذ بالحالة الخط رة وفق ا‬
‫للنظرية األولى للدفاع االجتماعي ثالثة نتائج رئيسية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن االعتداء بها يستتبع بالضرورة التسليم باصطالح المجرم الخطر و بالفعل أثرى ه ذا االص طالح‬
‫العديد من التشريعات الجنائية أكثر من إثرائه للفقه‪ ،‬فقد تضمنته تشريعات كثيرة في الدول األوروبية‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة األخذ بفكرة العزل أو اإلبعاد بالنسبة للمجرمين الخطرين‪ ،‬إذ أن ربط مفهوم الحالة الخط رة‬
‫بالدفاع عن المجتمع يؤدي منطقيا إلى هذه النتيجة حتى يمكن وضعهم خارج دائرة األضرار ولو اس تمر‬
‫هذا العزل أو األبعاد طوال الحياة مادامت حالة الخطورة باقية‪.‬‬
‫‪ -3‬ضرورة تطبيق نظام العقوبات غير المحددة إذ أن اإلجراء الذي يتخذ حيال المجرم الخط ر ال يح دد‬
‫وفقا للمعايير الخلقية و بالمقابلة للجريمة المرتكبة‪ ،‬بل يستهدف ضمان الدفاع عن المجتمع بإبعاده عن م ا‬
‫ظل خطرا و على أن يترك البت في اإلفراج عنه لسلطة إدارية طبية واجتماعية و قد كان لمبادئ االتحاد‬
‫الدولي لقانون العقوبات أثرها الواضح على كثير من التشريعات الوضعية في أوربا و أمريكا و لم يقتصر‬
‫تأثير المدرسة التوفيقية على التشريعات بل تعداه إلى الفقه فانضمت إليها الحركة التي ظهرت في إس بانيا‬
‫باسم " علم اإلجرام الحديث" و المدرسة الفنية‪ -‬القانون اإليطالية‪.‬‬

‫)‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬األسس المقترحة للمسؤولية الجنائية‪:‬‬
‫نادى بعض الفقهاء تفاديا لالنتقادات التي وجهت للمذهبين السالفي الذكر اقترح أسس جدي دة على أس اس‬
‫الحتمية مع تحديد من كل فكرة للخطأ و الواجب يؤدي إلى بروز الضمير الخلقي وزعزعة كي ان ق انون‬
‫العقوبات كما أنه ليس بالزم إقامة المسؤولية اعتمادا على المفهوم المدرسي لحري ة االختي ار و يكفي في‬
‫رأيه القامة المسؤولية توفر شرطين‪:‬‬
‫‪ -‬وحدة الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬التماثل االجتماعي‪.‬‬
‫و المراد بوحدة الشخصية أن تكون شخصية الجاني حين ارتكاب الجريمة هي ذات شخص ية وقت تنفي ذ‬
‫العقوبة و بهذا ال يعد المجنون مسؤوال ألن شخصيته ليست واحدة كما أن التماثل االجتماعي يفترض قدرا‬
‫من التشابه إنتفت بالتالي المسؤولية‪ ،‬على أن هذه النظرية يعيبها القصور عن تفسير المسؤولية فإن عبارة‬
‫وحدة الشخصية عبارة غامضة و إذا كان للمقصود بها أن الشخص عند ارتكابه الجريمة يكون في حال ة‬
‫نفسية أو عقلية مختلفة عن الحالة العادية فإن ذلك يؤدي إلى إفالت الجاني من العقاب في أغلب األح وال‬
‫إذا ارتكب الجريمة وهو في حالة غضب أو انفعال تختلف عن حالته العادية و من ناحية أخرى فإن األخذ‬
‫بهذا المعيار يؤدي إلى ضرورة توقيع العقاب على المجنون إذا كانت حالته وقت ارتكاب الجريم ة مث ل‬
‫حالته وقت الحكم عليه‪ ،‬كما أن معيار التماثل االجتماعي قد يؤدي إلى إهدار مقتضيات الدفاع عن المجتمع‬
‫إذا ما ارتكب الجريمة شخص يختلف عن أفراد المجتمع الذي ارتكب فيه جريمتهـ و ينكر البعض اآلخر‬
‫حرية االختيار و يقيم المسؤولية على ما أسماه القدرة على التصرف الطبيعي وفقا للب واعث ف إن ك ان‬
‫مرتكب الجريمة غير قادر على هذا التصرف وفقا للمعايير االجتماعية‪.‬‬
‫إن هذا الرأي يعيبه الغموض فهو لم يحدد البواعث التي تتحكم في التصرف ‪ ،‬فقد تردد أنصاره بين القول‬
‫بالبواعث الخلقية و االجتماعية التي تؤثر على التصرف و بين الباعث السلبي الراج ع إلى الخ وف من‬
‫العقوبة المستقلة و من ثمة أعتراض عمله آخر على هذا المبدأ ومرجعه أن األخذ ب ه ي ؤدي إلى انتق اء‬
‫المسؤولية إذا كان التصرف نتيجة اختيار غير طبيعي ليس عاطفي وهو أمر ال يمكن التسليم به‪ ،‬و يذهب‬
‫فريق ثالث إلى إحالل مفهوم األهلية الجنائية محل المسؤولية و يعتبر الشخص أهال جنائيا إذا كان يمكن ه‬
‫أن يستشعر وقت ارتكاب الجريمة خوفا أو رهبة من العقوبة بمعنى انهم يؤسسون المس ؤولية على م دى‬
‫تأثير العقوبة وقت ارتكاب الجريمة في ضمير الفاعل باعتبارها دافعا مضادا للدافع اإلجرامي و على ه ذا‬
‫فإن األهلية الجنائية قد تكون كاملة أو معينة أو باطلة‪.‬‬
‫قياسا على األهلية المدنية وفقا لدرجة تأثر الجاني من العقوبة المستقبلة و يرى أنصار هذا الرأي أنه يمكن‬
‫تحاشي ما يترتب على األخذ بالمسؤولية المخففة من مضايقات عملي ة تمث ل في تخفي ف العقوب ة على‬
‫المجرمين الخطرين إذ أنه بالمسؤولية المخففة من مضايقات عملية تمثل في تخفيف العقوبة على المجرمين‬
‫الخطرين إذ انه وفقاله يقاس اإلجراء الذي يتخذ حبالهم وفقا لدرجة مسئوليتهم األدبية بل بمراع اة أهلي ة‬
‫الجنائية األمر الذي يتيح إخضاعهم لتدبير عالجي يتفق مع حالتهم و ي راعي في ال وقت نفس ه درج ة‬
‫خطورتهم و قد افتقدت هذه النظرية على أساس أن الشخص الذي يرتكب جريمة إنما يفعل ذلك ألنه وقت‬
‫ارتكابها ال يرتدع من التهديد بالعقوبة و على ذلك فإن الشخص المسؤول هو ال ذي يق دم على ارتك اب‬
‫الجريمة أي الذي ال يثار بشأنه المسؤولية الجنائية و من ناحية أخرى فإن الرهبة من العقوب ة حال ة من‬
‫حاالت اإلدراك التي عليها الشخص و على هذا فإن فكرتها ال تأثير أية عالقة بين الفرد و الفعل ب الرغم‬
‫من أن لهذه العالقة أهمية كبيرة في تحديد المسؤولية و يبين من استعراض هذه النظريات إنه ا لم تحق ق‬
‫النتائج التي تدعوا إليها فإن المبادئ المقول بها لتحل محل حرية االختيار غامضة و فجة و ليست كافي ة‬
‫لتبرير المسؤولية و فضال عن ذلك فإن فكرتي القدرة على الترف و الرهبة من العقوبة تفرض في الف رد‬
‫القدرة على االختيار بين الدوافع التي تدعوا للقيام بالفعل من ناحية و بين الضرر المتوقع من العقوب ة من‬
‫ناحية أخرى‪ ،‬قدرة على االختيار في الواقع إال جوهر حرية اإلرادة و الرأي الصحيح الذي نناصره يتف ق‬
‫مع ما يراه اغلب الفقهاء المعاصرين من إمكان التوفيق بين مذهبي حرية االختيار و الحتمية فلك ل منه ا‬
‫نصيب من الحقيقة و كال منهما يعيبه التطرف‪.‬‬

‫فليس بصحيح القول بأن اإلنسان يتمتع بحرية مطلقة إذ أنه يخضع و ال شك لمؤثرات عضوية و نفسية و‬
‫اجتماعية تحد من هذه الحرية‪ ،‬فمن ناحية أخرى و من غير المنطقي مساواة اإلنسان بمختل ف الظ واهر‬
‫الطبيعية في استجابته لمبدأ السببية فهو مزود بالعقل الذي يمكنه من أعمال إرادته في حدود حريته النسبية‬
‫و لم تستطع قوانين السببية حتى اآلن أن تعطي تفسير كامال للسلوك اإلنساني إذ أن ذلك يتطلب تقدما كبيرا‬
‫في العلوم اإلنسانية كعلمي النفس و األنتروبولوجيا الجنائي و في رأي البعض أن مشكلة حرية االختيار لم‬
‫تعد ذات ميتافيزيقا فقد أمكن لعلم النفس أن يصيغها في قالب علمي فحقيقة المشكلة تتعلق فقط بكمية جه د‬
‫التيقظ التي يمكن بذلها في لحظة معينة فإن اإلرادة تتوقف دائما على فكرة تدفع للعمل و لكن لما كنا نواجه‬
‫باستمرار بأفكار مختلفة و ليس بفكرة واحدة إذ أن ذلك يعتبر حالة مرضية كحالة األفكار التسلكية فإن جهد‬
‫التيقظ ينصب على قبول فكرة واحدة مع استبعاد األفكار األخرى أيا كان الميل إليها و يظهر جهد التيق ظ‬
‫في التمسك بباعث مثالي و شريف للكبح جماع الدوافع الغريزية و الشريرة و في عدم اإلقدام على األفعال‬
‫العدوانية أو الممنوعة و قبل اإلقدام على الجريمة تثور في شعور الفرد عدة أفكار تدفعه إلى ارتكابه ا و‬
‫عدة أفكار أخرى تنفره منها فإذا استطاع تثبيت األفكار الثانية أقدم الشخص على ارتكاب و قد يؤدي جهد‬
‫التيقظ في النهاية إلى تشبيه األفكار الشريرة باألفكار الطبية حتى يتغير كلية شعور الشخص فتستوي لدي ه‬
‫مختلف النوازع و الشخص ذو اإلرادة القوية هو الذي يستجيب لصوت العقل مهما كان ضعيف و يتمسك‬
‫به و يؤكده في شعوره و يغض الطرف عن األفكار أو النوازع التي تعيد به عن سواء السبيل و ال يب دوا‬
‫جهد التيقظ كرد فعل من نمط محدد إزاء الفكرة التي تحاول أن تفرض نفسيا علينا بل كمتغير مستقل يم ر‬
‫بسلسلة متطورة من المتغيرات بين معطيات ثانية هي كل الحاالت و بواعثها و أخالقنا ‪...‬الخ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ - :‬أشخاص المسؤولية الجنائية –‬


‫إن كل مرتكب ألفعال مجرمة توجب مساءلته جنائيا‪ ،‬بالنسبة للشخص الطبيعي ال يثار أي إي إشكال طالما‬
‫أنه مخاطب بأكوام القانون الجنائي على أنه ترمي التشريعات الحديثة إلى مساءلة األشخاص االعتبارية‪.‬‬
‫و سوف نوضح ذلك من خالل هذين المبحثين‪ :‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الشخص الطبيعي‬


‫من المسلم به أنه يلزم في الجاني أن تكون لديه األهلية الجنائية حتى يتسنى مساءلته فالشخص يستطيع أن‬
‫يتصرف يصدر منه أي نشاط‪ ،‬فإذا بني هذا األخير على أساس حرية االختيار و كان مدركا لنتائج أفعال ه‬
‫بأنه يكون الفعل الذي أتاه معاقب عليه قانونا و تحققت فيه شروط قيام المسؤولية الجنائية ذلك أنه يمتل ك‬
‫قدرات و ملكات ذهنية تسمح له بتمييز األفعال المعاقب عليها قانونا من غيرها‪ .‬إال أنه قد تطرأ ظ روف‬
‫خارجية فتؤثر على إرادة هذا الشخص فتحد من حرية اختياره فيكون مكرمها في إتيان أفعال مجرمة‪.‬‬
‫كما قد يكون الخطر حاال به محدقا إياه من كل جانب فال يستطيع خالص نفسه و النجاة‪.‬‬
‫إال بإتيان سلوك مجرم فتكون بذلك ضرورة حالة ال يمكن دفعها‪ ،‬كأن يكون كذلك تحث تأثير مسكر يفقده‬
‫وعيه و إدراكه فتنتفي مساءلته‪.‬‬
‫أما إذا غابت هذه الظروف السابق تعدادها و أتى الشخص سلوكا مجرما وجبت مساءلته و توقيع العق اب‬
‫عليه بفرض الردع و حماية مصلحة المجتمع من الخطورة الكامنة فيه‪.‬‬
‫أما إذا تحققت فيه مالمح إعادة إدماجه استفاد من ظروف مخففة و بالتالي يكون الشخص الطبيعي وح ده‬
‫مسؤوال جنائيا‪.‬‬
‫لكن إلى جانب مسؤولية هذا الشخص الطبيعي ترمي التشريعات الحديثة إلى مساءلة األشخاص االعتبارية‬
‫كتقييد نشاطها و الحد من أهميتها و سوف نوضح ذلك في المبحث التالي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الشخص االعتباري‪ ‬‬


‫يقصد بالشخص االعتباري مجموعة من األشخاص و األموال تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة في ذل ك‬
‫عن األشخاص المكونين لها و لقد عددته المادة ‪ 40‬من القانون المدني الجزائري في " الدولة و الوالي ة و‬
‫البليدة و المؤسسة و الدواوين العامة ضمن الشروط التي يقررها الق انون و المؤسس ات االش تراكية و‬
‫التعاونية و كل مجموعة يمنحها القانون الشخصية االعتبارية"‪.‬‬
‫و لقد بدأت فكرة مساءلة الشخص المعنوي أو االعتباري جنائيا في أمريكا في الوالي ة " نيوي ورك" حيث‬
‫نصت المادة ‪ 13‬من قانون العقوبات الذي صدر في أول ديسمبر ‪1782‬م على عقاب الشخص االعتباري‬
‫بغرامة قدرها ‪ 5000‬دوالر بدال من العقوبات السالبة للحرية التي توقع على الشخص الطبيعي ثم بعد ذلك‬
‫انتشرت الفكرة في أمريكا و إنجلترا و في الدول التي أخذت عنها‪.‬‬
‫و في عام ‪ 1929‬استعرضت مؤتمر بوخارست مسؤولية الش خص المعن وي و اختتم الم ؤتمر على أن‬
‫الشخص االعتباري تتوافر لديه األهلية القانونية و لكن ال تتوافر فيه األهلية الجنائية الرتكاب الجريم ة و‬
‫هو في ذلك يتشابه مع عديمي األهلية من األشخاص الطبيعيين‪ .‬فال توقع على الشخص المعنوي عقوبة و‬
‫إنما تتخذ تدابير احترازية كالحل و الوقف و تقييد النشاط‪.‬‬
‫و يستند الرأي الراجع في النفقة و القضاء إلى عدم االعتراف للشخص االعتباري باألهلية الجنائي ة على‬
‫حجة أن تلك األهلية تقوم على اإلدراك و حرية اإلرادة بمعنى على عناصر ذهنية و نفسية التي يتمتع بها‬
‫اإلنسان فقط دون غيره فهو الذي ارتكب الجريمة و هو الذي يتحمل المسؤولية الجنائية حتى و لو كان قد‬
‫ارتكب الجريمة لحساب الشخص االعتباري‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى أنه يمكن أن تطبق عليه العقوبات المقررة للجرائم كاإلعدام و العقوبات السالبة للحري ة‪،‬‬
‫إال أنه إذا ما هدد الشخص االعتباري مصالح المجتمع مثال بكثرة ممارس ة الرش وة من ط رف ممثلي‬
‫الشخصي االعتباري وجب اتخاذ تدابير احترازية اتجاهه‪.‬‬
‫و قد نص المشرع الجزائري في المادة ‪ 09‬فقرة ‪ 05‬من قانون العقوبات على خل الش خص االعتب اري‬
‫ضمن العقوبات التكميلية كذلك نص في المادة ‪ 17‬على أن حل الشخص االعتباري هو صنعه من ممارسة‬
‫نشاطه و لو كان تحث اسم آخرين أو مديرين أو أعضاء مجلس إدارة أو مس يرين على ح ل الش خص‬
‫االعتباري تصفية أمواله مع المحافظة على حقوق الغير حسن النية‪.‬‬
‫كما أنه قد تتخذ ضد الشخص االعتباري تدابير األمن العينية و هذا ما نصت عليه الم ادة ‪ 25‬من ق انون‬
‫العقوبات و المتمثلة في‪ :‬مصادر األموال‪ -‬إغالق المؤسسة و يكون الغلق مؤقتا أو نهائيا ضمن الحاالت و‬
‫الشروط المنصوص عليها في المادة ‪.26‬‬

‫الخاتمة ‪:‬‬
‫إن موضوع المسؤولية الجنائية ال يزال محل اهتمام الفقه الجنائي‪ ،‬فاألساس في قيام المس ؤولية الجنائي ة‬
‫مبني على حرية االختيار و اإلدراك‪ ،‬فاإلنسان متى كان حرا في إتيان السلوك اإلجرامي من عدمه أصبح‬
‫محل قيام مساءلته جنائيا‪.‬‬
‫هذا باإلضافة إلى اإلدراك فالشخص إذا اختلطت عليه األمور فاستوى لديه المباح بالمحضور و فقد ب ذلك‬
‫عناصر التركيبية الذهنية في إتيان أصل الفكرة محل الدراسة كانت الغاية من عقابه دون جدوى‪ ،‬ذل ك أن‬
‫هذه الغاية تمكن في الردع و اإلصالح‪ ،‬فإذا أنزلنا الجزاء عليه كنا بصدد االنتقام منه و ليس بتحقيق ه ذا‬
‫الردع و اإلصالح‪.‬‬
‫و قد تتعدد هذه الظروف التي تحل على إرادة الشخص فتفقده حرية االختي ار و اإلدراك فتك ون بص دد‬
‫موانع المسؤولية الجنائية‪ ،‬و هذه الموانع قد عددها المشرع الجزائري في ‪ 03‬عناصر هي الجنوب ص فر‬
‫السين و اإلكراه‪.‬‬
‫كما تطرقنا من خالل هذه المذكرة إلى االختالفات المتعددة التي وقعت بين المذاهب الفقهية حول األس اس‬
‫التي يرتكز عليها لقيام المسؤولية الجنائية فباإلضافة إلى حرية االختيار و اإلدراك فقد ن ادى البعض من‬
‫أصحاب تلك المذاهب بالحتمية (الجبرية) أي أن اإلنسان مجبر و ليس مخير في إتيان السلوك اإلجرامي و‬
‫أن كل أفعاله قضاء و قدر‬

‫المراجع‪:‬‬
‫المسؤولي ة الجنائية بين حرية االختيار والحتمية ‪ ،‬المجلة الجنائية القومية‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬يوليو ‪.1965‬‬ ‫ّ‬ ‫األلفي‪ ،‬محمد عبدالعزيز‪،‬‬ ‫‪)1‬‬
‫الجزائي !!ة للش !!خص المعن !!وي في ظ !!ل ق !!انون العقوب !!ات الج !!زائي‪ ،‬ب !!دون اس !!م مؤل !!ف‪ ،‬منش !!ور على الموق !!ع‬
‫ّ‬ ‫!ؤولية‬
‫بحث بعن !!وان المس ! ّ‬ ‫‪)2‬‬
‫اإللكتروني ‪.http:// www. startime55. forum‬‬
‫األولى‪ ،‬الق!!اهرة مكتب!!ة الحل!!بي‪،‬‬
‫ب!!در‪ ،‬محم!!د عب!!د المنعم؛ الب!!درواي‪ ،‬عب!!د المنعم‪ ،‬مبادئ الق انون الروم اني تاريخ ه ونظمه‪ ،‬الطبع!!ة ّ‬ ‫‪)3‬‬
‫‪.1956‬‬
‫الجنائية للشخص المعنوي‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة الجزائر‪2006 ،‬‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫بشوش‪ ،‬عائشة‪،‬‬ ‫‪)4‬‬
‫العامة للقانون الجنائي ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬منشأة المعارف‪.1968 ،‬‬ ‫النظرية ّ‬
‫ّ‬ ‫بهنام‪ ،‬رمسيس‪،‬‬ ‫‪)5‬‬
‫ب!!و س!!قيعة‪ ،‬حس!!ن‪ ،‬الوج يز في الق انون الج زائي الخ اص‪ ،‬الج!!رائم الواقع!!ة على األش!!خاص‪ ،‬الج!!رائم الواقع!!ة على األم!!وال‪ ،‬الج!!زء‬ ‫‪)6‬‬
‫األول‪ ،‬طبعة‪.2005‬‬
‫ّ‬
‫بو سقيعة‪ ،‬حسن‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬طبعة ‪.2004‬‬ ‫‪)7‬‬
‫الجمال‪ ،‬مصطفى؛ عبد الرحمن‪ ،‬حمدي‪ ،‬مبادئ القانون‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.1975 ،‬‬ ‫‪)8‬‬
‫األولى‪ ،‬دار النهض!!ة‪،‬‬
‫الجزائي ة للشخص المعنوي وفق قانون العقوبات الفرنسي‪ ،‬جامع !ة! الق!!اهرة‪ ،‬الطبع!!ة ّ‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية‬
‫ّ‬ ‫سالم‪ ،‬عمر‪،‬‬ ‫‪)9‬‬
‫‪.1995‬‬
‫العربية ‪.1996‬‬
‫ّ‬ ‫سرور‪ ،‬أحمد فتحي‪ ،‬الوسيط في قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪)10‬‬
‫األولى دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪.1976 ،‬‬
‫العامة للحق‪ ،‬الطبعة ّ‬
‫النظرية ّ‬
‫ّ‬ ‫سرور‪ ،‬محمد شكري‪،‬‬ ‫‪)11‬‬
‫األولى‪ ،‬الدار العلمية الدولية ودار الثقاف!!ة للنش!!ر والتوزي!!ع‪ ،‬عم!!ان‪،‬‬
‫العامة في قانون العقوبات‪ ،‬الطبعة ّ‬
‫السعيد‪ ،‬كامل‪ ،‬شرح األحكام ّ‬ ‫‪)12‬‬
‫‪.2002‬‬
‫العامة للحق‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ !،‬اإلسكندرية‪.1999 ،‬‬
‫ّ‬ ‫النظرية‬
‫ّ‬ ‫أبو السعود‪ ،‬رمضان‪ ،‬شرح مقدمة القانون المدني‬ ‫‪)13‬‬
‫األول‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬طبعة ‪.1962‬‬
‫العامة لاللتزام‪ ،‬الجزء ّ‬
‫النظرية ّ‬
‫ّ‬ ‫سلطان‪ ،‬أنور‪،‬‬ ‫‪)14‬‬
‫األولى‪ ،‬دار المعارف بمصر‪.1980 ،‬‬
‫المعنوية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬الطبعة ّ‬
‫ّ‬ ‫المسؤولية الجنائية لألشخاص‬
‫ّ‬ ‫صالح‪ ،‬إبراهيم علي‪،‬‬ ‫‪)15‬‬

You might also like