You are on page 1of 20

‫ج‬

‫جامعة غرداية‬
‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬

‫المستوى‪:‬‬
‫التخصص‪:‬‬
‫المقياس‪:‬‬

‫تحت عنوان‪:‬‬

‫أساس المسؤولية الجنائية‬

‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطلبة‪:‬‬

‫د‪.‬‬

‫السنة الجامعية‪ 2022 :‬م ‪ 2023 /‬م‬


‫قائمة المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬

‫أ‬ ‫المقدمة‬

‫‪3‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية‬

‫‪4‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬حرية االختيار‬

‫‪5‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬اإلدراك‬

‫‪7‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية عند المذاهب الفقهية;‬

‫‪8‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المذهب التقليدي‬

‫‪10‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مذهب الحتمية‬

‫‪15‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪17‬‬ ‫قائمة المراجع‬


‫المقدمة‬
‫المقدمة‬

‫المقدمة‬

‫لقد اهتم الفكر الجنائي القدم بدراسة المسؤولية الجنائية حيث كان الشخص يسأل مسؤولية مطلقة على‬
‫أي ش خص يق وم بس لوك إج رامي تحت واليت ه‪ ،‬فك ان رب األس رة يس أل عن كاف ة أف راد أس رته حال ة‬
‫قي امهم بجريم ة‪ ،‬لكن األم ر تط ور فأص بحت المس ؤولية الجنائي ة مقص ورة على األفع ال ال تي يق وم به ا‬
‫الج اني‪ ،‬فك انت ك ذلك مطلق ة فلم تكن موان ع المس ؤولية متجلي ة بص ورة واض حة ذل ك أن الج اني يس أل‬
‫بالرغم من الظروف التي أحاطت به وقت ارتكابه للسلوك اإلجرامي‪ .‬وقد اهتمت الشريعة اإلسالمية‬
‫ك ذلك وأح اطت بمن تجب عليهم المس ؤولية الجنائي ة إذ تق ر الش ريعة المس ؤولية على اإلنس ان الحي‬
‫المكلف فإذا مات سقطت التكاليف ولم يعد محال للمسؤولية‪.‬‬

‫اإلشكالية‪ :‬ما هو مفهوم المسؤولية الجنائية؟‬

‫ا‬
‫المبحث األول‬
‫المبحث األول‬

‫المبحث األول‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية‬

‫تحث المس ؤولية الجنائي ة يتن اول األس اس ال ذي تق وم علي ه وبمع نى آخ ر ه ل مج رد ح دوث أم ال ب د من‬
‫شروط أخرى‪ ،‬فإذا ارتكب الجاني جريمة قتل فهل مجرد حدوث الجريمة يكفي لقيام مسؤوليته أم يتعين‬
‫توافر شرط أو شروط أخرى كحالته العقلية و درجة تمييزه و درجة اختياره‪ ،‬فهي من الناحية النظرية‬
‫األس اس ال ذي يجب أن تب نى علي ه المس ؤولية الجنائي ة و من الناحي ة التش ريعية األس اس ال ذي يس تلزمه‬
‫القانون الذي يحكم الواقعة لقيام المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫فالمسؤولية الجنائية هي عبارة عن التزام قانوني يتحمل التبعية أي التزام جزائي و هي في نفس الوقت‬
‫التزام تبعي‪ ،‬حيث أنها تنشأ بصفة أساسية مستقلة بذاتها‪ ،‬بل تنشأ دائما بالتبعية اللتزام قانون آخر و‬
‫‪1‬‬
‫هو االلتزام األصلي‪ ،‬ذلك لحمايته من عدم التنفيذ لضمان الوقاء االختياري به‪.‬‬

‫ومن المسلم به الفقه الجنائي أن صدور القاعدة التجريمية عبارة عن واقعة قانونية منشئمة لعالقة تمثل‬
‫الدول ة أح د أطرافه ا و يمث ل الف رد طرفه ا الث اني عالق ة قانوني ة تؤه ل ك ل منهم ا ألن تنش أ ل ه حقوق ا و‬
‫التزام ات متبادل ة‪ ،‬فالقاع دة تنش أ مباش رة على ع اتق الف رد التزام ا أص ليا غالب ا م ا يك ون موض وعه‬
‫االمتناع عن سلوك أو االتباع عن تحقيق الواقعة المعينة التي حددتها تلك القاعدة في صورة االلتزام‬
‫الع ام‪ .‬و ه ذا االل تزام من حيث عموميت ه يش به ذل ك االل تزام الس لبي الع ام المع روف في الق انون الم دني‬
‫الذي يكفل لصاحب الحق‪ ،‬الحق العيني مال عدم تعرض أحد له في المنفعة بذلك الحق و يستمد هذا‬
‫االلتزام مصدره من النص الجنائي في الشيء الذي يحدد ما هو محظور‪.‬‬

‫يقاب ل ه ذا االل تزام أن ينش أ للدول ة ح ق في أن يفي المل تزم اختي ار بالتزام ه ه ذا ب أن يبقى ممتنع ا عن‬
‫السلوك المحظور و عن تحقيق الواقعة المدنية في الشطر الحكمي للقاعدة التجريمية‪ ،‬و حقها هذا يقابله‬
‫ه ذا االل تزام ب ان ال تط الب الف رد إال باالمتن اع عن ارتك اب نفس الس لوك المحظ ورة و عن تحقي ق ذات‬
‫الواقع ة ب ان ال تط الب الف رد غال باالمتن اع عن ارتك اب نفس الس لوك المحظ ورة و عن تحقي ق ذات‬
‫الواقع ة المح ددة في تل ك القاع دة و من ينش أ للف رد مقاب ل ذل ك حق ه الشخص ي في أن يف ارق ك ل أن واع‬
‫السلوك األخرى و أن تحقق كافة الوقائع التي تخرج عن الحدود التي رسمها القاعدة للواقعة القانونية‬
‫المجرمة‪ ،‬هذه الحقوق و االلتزامات األصلية المتبادلة بين الدولة و الفرد التي أنشأتها القاعدة القانونية‬
‫سرعان م ا تتحول إلى جانبه ا اآلخر أي ج انب االلتزام الجزائي أو المسؤولية الجنائية‪ .‬إذا أدخ ل أحد‬
‫عمار عوابدي‪ ،‬نظرية المسؤولية االدارية دراسة تأصيلية تحليلية و مقارنة‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1994‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬
‫المبحث األول‬

‫األطراف بالتزامه فيها فإذا كان هو الفرد الذي ارتكب السلوك المحظور أو حقق الواقعة المجرمة‪ ،‬تولد‬
‫التزامه بتحمل العقوبة إي أنشأت المسؤولية الجنائية للدول حقها الشخصي في مطالبة الجاني قضائية‬
‫ب أن يتحم ل تل ك العقوب ة ال تي ح ددها المش رع للش رع ق درا و نوع ا في الش ق الج زائي من قاعدت ه‬
‫التجريمية‪.‬‬

‫ومن ثم يصبح الجاني ملتزما باالستسالم لتنفيذ هذه العقوبة و الواقع أن الجزاء هنا يستعمل كجنس عام‬
‫يمكن أن يتضمن نوعين‪ ،‬األول واحد وهو الجزاء الثاني‪ ،‬فاألول هو الوسيلة التي تمنع اإلجرام يتميز‬
‫بعنصر عن اص طالح ي دل دالل ة وض عية على مع نى االل تزام الق انوني بتحم ل العقوب ة ال تي هدد المرء‬
‫بتوقيعها كجزاء لتحقيق الواقعة المجرمة التي تتضمنها تلك القاعدة‪.‬‬

‫تثبت المس ؤولية الجنائي ة على الش خص المتمت ع بالملك ات العقلي ة ال تي تمكن ه من حري ة االختي ار على‬
‫إثب ات الس لوك اإلج رامي من عدم ه‪ ،‬ف إذا غ ابت حري ة االختي ار له ذه الق درة على التمي يز فال من اط من‬
‫مساءلة هذا الشخص إضافة إلى كونه أهال لتوقيع الجزاء عليه بمعنى تكون لديه األهلية الجنائية‪.‬‬

‫وكذلك تثبت المسؤولية الجنائية بإتيان الجاني لسلوكه اإلجرامي و هو مدرك النتائج فعله و سلوكه هذا‬
‫واعيا في ذلك بأنه سوف يعتدي على مصلحة تحميها المجتمع‪.1‬‬

‫المطلب األول‪ :‬حرية االختيار‬

‫يتمتع اإلنس ان بملكات ذهني ة تس مح بالق درة على التمييز في إتي ان الس لوك اإلجرامي من عدمه و على‬
‫ذلك يكون أهال لوحده في تحمل المسؤولية الجنائية و يظهر هذا المبدأ جليا في كون الشخص الطبيعي‬
‫مسؤول جنائيا حتى و لو ارتكب جريمة لفائدة الشخص االعتباري‪ ،‬ذلك أن حرية االختيار ميزة نفسية‬
‫‪2‬‬
‫من خصائص اإلنسان ذاته‪.‬‬

‫فالشخص إذا ما اختل و عيد بسبب مرض أو علة فإنه يفقد المقدرة على حرية اختيار السلوك السوي‬
‫في الموقف الذي هو بصدده و إذا أتى سلوكا مجرما انتقت مساءلته النعدام حرية االختيار لديه و كذلك‬
‫الحال بالنسبة للشخص الذي يأتي سلوكا مجرما من جراء خطر مفاجئ ال قبل له بدفعه فال يكون لديه‬
‫ال وقت الختي ار س لوكه ذل ك أن هدف ه الوحي د ه و النج اة و الخالص بنفس ه من الهالك ح تى و ل و ك ان‬

‫‪ 1‬لحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي العام الديوان الوطني لألشغال التربوية ‪ -‬طبعة ‪.2002‬‬
‫‪ 2‬القاضي فريد الزعبي‪ ،‬الموسوعة الجزائية‪ ،‬المجلد األول المدخل إلى الحقوق والعلوم الجزائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار صادر للطباعة ‪ 1‬والنشر‪،‬‬
‫بيروت‪ 9،‬سنة ‪.1995‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث األول‬

‫السلوك مجرما ‪.‬وعليه فإذا ما ثبت أن اإلنسان عند إتيان السلوك اإلجرامي كانت لديه حرية االختيار‬
‫في اجتنابه و جبت مساءلته و قامت بذلك المسؤولية الجنائية إضافة إلى إدراك لنتائج فعله بمعنى انه‬
‫يدرك أن هذا الذي أتاه أو سوف يأتيه معاقب عليه قانونا‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اإلدراك‬

‫إن اإلدراك على ج انب ك ون ل ه الخي ار فيم ا ي أتي من األفع ال و فيم ا ي ترك مس وق ب أن يس لك مس لكا‬
‫يستحيل عليه بحكم تكوينه و ظروفه أن يسلك غيره مدركا في ذلك نتائج أفعاله و ما سوف يترتب عليه‬
‫‪1‬‬
‫من آثار من عقاب أو تدابير احترازية ذلك أن العقوبة غاية الردع و اإلصالح‪.‬‬

‫واإلدراك مالزم لل وعي فم تى ك ان الش خص واعي ا ألفعال ه ك ان م دركا لطبيعته ا و نتائجه ا على ج انب‬
‫صفتها الشرعية و غير الشرعية‪.‬‬

‫ويعرف الفقه الوعي بأنه وضع ذهني تتجلى فيه الوظيفة الطبيعية للقوى العقلية بحيث يبنى بأن هذه‬
‫القوى تعمل بصورة صحيحة‪ ،‬فاتصال اإلنسان مع نفسه و مع العالم الخارجي يتم ضمن سباق عض وي‬
‫و نفساني بالغ العقيدة‪.‬‬

‫ف الفكرة تتك ون ل دى اإلنس ان ض من عملي ة ذهني ة مؤلف ة من اس تنكار و تص ور و رب ط‪ ،‬ف إذا م اتت ه ذه‬
‫العملي ة بص ورة ص حيحة ك انت الفك رة س ليمة بص ورة متوافق ة م ع الحقيق ة الثابت ة أم ا إذا ط رأ أي خل ل‬
‫‪2‬‬
‫على مصدر القوى العقلية اختل وعي الشخص مضطربا مما يحول دون إدراكه لحقيقة األمور‪.‬‬

‫وعلى ذلك فإنه متى توفرت حرية االختيار في إتيان السلوك اإلجرامي لدى الشخص و كان مدركا في‬
‫ذلك لنتائج أفعاله و جبت مساءلته جنائيا و توقيع الجزاء عليه حتى تحقق العقوبة غايتها في ذلك الردع‬
‫واإلصالح و قد تعددت المذاهب الفقهية في االعتماد على أساس المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫فهن اك م ذاهب قبلت حري ة االختي ار و اإلدراك كأس اس للمس ؤولية الجنائي ة و هن اك من اعتم دت على‬
‫أس اس المس ؤولية االجتماعي ة الممثل ة في الخط ورة الكامن ة في الج اني‪ ،‬فك ان هن اك م ذهبان‪ ،‬الم ذهب‬
‫التقليدي و المذهب الحتمي على أنه يرجح بينهما بمذهب توفيقي‪.‬‬

‫‪ 1‬رضا فرج شرح قانون العقوبات الجزائري الكتاب االول قانون العقوبات القسم العام الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ 2‬عبد هللا سليمان شرح قانون العقوبات‪ 9‬القسم العام‪ ،‬الجزء األول " الجريمة دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع عين مليلة (الجزائر)‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫المبحث الثاني‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أساس المسؤولية الجنائية عند المذاهب الفقهية‬

‫إن تحديد أساس المسؤولية الجنائية يعتبر أمرا ال غنى عنه عند رسم السياسة الجنائية و يتناول األساس‬
‫الذي ترتكز عليه األحكام القانونية الجنائي و بالتالي يعاقب المجتمع بمقتضاه فهو الذي يبين الشروط‬
‫الالزم ة توفرها لقيام المسؤولية الجنائي ة و هو الذي يحدد كون ه رد فعل اجتم اعي إزاء الجريم ة وهو‬
‫ال ذي يقتص ر على العقوب ة أو الت دبير االح ترازي أو تمكن الجم ع بينهم ا‪ .‬وت برز أهمي ة تحدي د أس اس‬
‫المسؤولية بصفة خاصة بالنسبة لطوائف المجرمين الذين يشكل سلوكهم و حالتهم الخاصة خط ورة على‬
‫‪1‬‬
‫المجتمع كالشواذ و العائدين و ليس أدل على ذلك من اختالف الفقه في النظرة للعود و االعتياد‪.‬‬

‫ويذهب التقليديون إلى أن سبب تشديد عقوبة العائد أو المعتاد يقوم على افتراض توافر أذناب أشد لديه‪،‬‬
‫مرجعه إرادة أكثر إصرار على الشر بدليل عدم اعتداله بالتحذير القضائي السابق توجيهه له على أن‬
‫هناك جانبا آخر من الفقهاء التقليدين يرون أن العود و االعتياد ينقص من درجة أذناب الفاعل و سندهم‬
‫في ذلك أن تكرار ارتكاب الجرائم يكون عادة تؤثر على اإلرادة فتنقص منها‪.‬‬

‫وفي الج انب اآلخ ر نج د أنص ار المدرس ة الوض عية ينك رون على اإلطالق حري ة اإلرادة و ي رون في‬
‫ضروب السلوك اإلنساني كافة – ومنه الجريمة نتيجة حتمية يحكمها قانون السببية و تحددها مختلف‬
‫الظ روف الشخص ية و البيئ ة و له ذا ف إنهم ال يقيم ون رد فع ل االجتم اعي حي ال العائ د أو المعت اد على‬
‫مسؤوليته األدبية و لكن على أساس من حالة الخطورة الكامنة فيه‪.‬و قد جرت محاوالت عديدة للتوفيق‬
‫بين تن ادي ب ه المدرس ة التقليدي ة من أج ل حري ة االختب ار هي أس اس المس ؤولية و م ا تق وم ب ه المدرس ة‬
‫الوض عية من حتمي ة‪ ،‬كم ا ط الب بعض الفقه اء بالتج اوز عن الحث في أس اس المس ؤولية ق وال منهم أن‬
‫ه ذه مس ألة فلس فية ال دخ ل للق انون الوض عي به ا‪.‬لق د تف رقت اآلراء في البحث عن أس اس المس ؤولية‬
‫الجنائية فانقسم الفكر القانوني في تناوله لهذا الموضوع إلى مذهبان أحدهما يبني المسؤولية على أساس‬
‫حري ة اإلنس ان في االختب ار و ه ذا ه و الم ذهب التقلي دي و الم ذهب الحتمي ة ال ذي بينهم ا على أس اس‬
‫‪2‬‬
‫الخطورة اإلجرامية للجاني على انه يرجع بين المذهبين بمذهب توقيفي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المذهب التقليدي‬


‫‪ 1‬فتوح عبد هللا الشاذلي‪ -‬شرح قانون العقوبات القسم العام الكتاب الثاني المسؤولية في الجزاء دار الهدى مطبوعات الجامعة‪ -‬طبعة ‪.1997‬‬
‫‪ 2‬رضي فرج‪-‬شرح قانون العقوبات‪ 9‬الجزائري األحكام العامة للجريمة ش‪ .‬وللنشر والتوزيع طبعة ‪.1976‬‬

‫‪7‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫س اد ه ذا الم ذهب أوال بين جمي ع المش تغلين بالمس ائل الجنائي ة و ال ي زال ح تى الي وم متبع ا في أغلب‬
‫التشريعات‪ ،‬و هو المذهب التقليدي في تحديد أساس المسؤولية و مناط مسؤولية الجاني مردها أن في‬
‫وسعة األحجام على ارتكاب الجريمة بدال من اإلقدام عليها فإذا أقدم عليها عد مسؤوال أدبيا لحصيانه‬
‫أوامر المشرع و نواهي ه و يستطرد أنص ار هذا الرأي بأن ه مهما كانت ثقل الدوافع التي تض غط على‬
‫إرادة الف رد لتوجيه ه وجه ة ف إن من المؤك د أن يبقى لدي ه الق درة على أن يم يز بين الخ ير و الش ر و‬
‫الص واب و الخط أ و علي ه أن يتب ع طري ق الخ ير و يبتع د عن طري ق الش ر بحكم واجب األخالق أو‬
‫اآلداب التي عليه أن يراعيها‪ ،‬فإذا عاد عن طريق الخير و اقدم على الجريمة فقد اخطأ يشعر ضميره‬
‫بقبح ه و من ثم فق د حقت علي ه المس ؤولية و أن أي رد فع ل في المجتم ع ال ي راعي ه ذه الحقيق ة و ال‬
‫‪1‬‬
‫يكون فقط مخالفا للعناصر األولية للعدالة بل منافيا أيضا للمنطق و المعقول‪.‬‬

‫وال يعنى القول بحرية االختيار أن اإلرادة تحدد بعيدا عن كل مؤثر فإن االعتراف بهذه الجريمة يعني‬
‫أن اإلنسان إذا واجهته مؤثرات متعددة بعضهما يدفعه إلى العمل و البعض يرغبه عنه فسيظل له دائما‬
‫الق درة على االختي ار و في ذل ك ي ذهب ال رأي إلى أن اإلنس ان إذا م ا وجهت ه م ؤثرات مختلف ة فإن ه ال‬
‫يتص رف ك الحيوان ال ذي تجئ ردود أفعال ه تلقائي ا ب ل على العكس يتص رف بطريق ة إيجابي ة إذ يخت ار‬
‫الطريق الذي يسلكه بين عدة طرق تعرض أمامه و لكن الطريق المؤثر الذي يغرى اإلنسان باتباعه‬
‫وهو في اختياره لهذا الطريق ال يخضع تلقائيا لقوة المؤثرات جل الختياره هو‪ :‬و يرى أصحاب هذا‬
‫الم ذهب أن حري ة االختي ار و م ا ي ترتب على س وء االختي ار من مس ؤولية ض ميره هي األس اس الوحي د‬
‫المتصورة للمسؤولية فإن الشهور بهاله سنده في ضمير كل شخص و ما دام اإلنسان يتطلب الثن اء على‬
‫م ا يص نع فإن ه و الش ك يس تحق العق اب على م ا ي رتكب و ال يص ح للق انون أن يه در إح دى العقائ د‬
‫األساسية التي تسود المجتمع بل أنهم يرون في االعتراف بحرية االختيار ما يدفع الفرد على أن يعمل‬
‫دائما على انتهاج السبيل األمثل و إلى زيادة طاقاته للتغلب على التوازع الريرة التي قد تعرض له و‬
‫القول بعكس ذلك يجعل الشخص مقدرة عليه و ال قبل له و ال إرادة له في إحداثها و سيتتبع هذا القول‬
‫أن ه إذا نتفت حري ة االختي ار انتفت بالت الي المس ؤولية و إذا ق ل نص يب الف رد من ه ذه الحري ة خفت‬
‫مسئوليته تبعا لذلك و نتيجة لهذا المبدأ إذا إنعدمت حرية االختيار لدى شخص ما لجنون أو صغر من‬
‫انتفت مسؤولية ضميره فال يمكن إسناد الخطأ إليه أي ال يمكن اعتباره مخطئا و بالتالي فال تنهض قبله‬
‫المسؤولية الجنائية‪.‬‬

‫‪ 1‬رضي فرج‪-‬شرح قانون العقوبات‪ 9‬الجزائري األحكام العامة للجريمة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫على أن الفق ه التقلي دي ك ان ينظ ر إلى حري ة االختي ار و المس ؤولية الفردي ة باعتباره ا مج رد مف اهيم‬
‫مجردة‪ ،‬األمر الذي جعله ينظر للجاني ككائن مجرد كمخلوق منصور عقال و لذلك فقد اهتم بالجريمة‬
‫على أنه ا ك ائن ق انوني و ليس ت مظه را لس لوك الج اني‪ ،‬ب ل كش يء مج رد ل ه طبيع ة مس تقلة و ثابت ة و‬
‫يرجع هذا المسلك من المدرسة على خشيتها من الحكم الذي كان سائدا قبل الثورة الفرنسية مما جعلها‬
‫تتمسك بالقول بان الناس مستاؤون دون تفرقة على أساس شخصية كل منهم‪ ،‬غير أن الظلم الذي كشف‬
‫عن تطبيق قوانين الثورة التي وضعت لكل جريمة عقوبة من حد واحد مقدرة على أساس موضوعي‬
‫بحث‪ ،‬جع ل الفق ه التقلي دي بهج ر بعض الش يء‪ ،‬الفك رة المج ردة لإلنس ان س واء الح ر‪ ،‬غ ير أن ه اكتفى‬
‫لتحقيق متطلبات العدالة بتقدير لمختلف مظاهر االنحرافات التي تتكون منها الجريمة وفقا للمقياس العام‬
‫المتبع‪ ،‬لذلك فإن العدالة ال تحتاج في نظرهم إال إلى موظف أمين قادر على تطبيق العقوبة المحددة في‬
‫القانون‪.‬‬

‫وتأسيسا على ذلك فقد نظر هذا الفقه إلى العائد أو المعتاد على أنه مسؤول أدبيا عن عودته الرتكاب‬
‫الجريمة و أن هذا التكرار يعتبر ظرفا مشددا يمكن من تشديد العقوبة على أن يرجع في استخالص هذا‬
‫الظرف لمعايير موضوعية بحتة قائمة على الجرائم التي سبق الحكم عليه بسببها‪.‬‬

‫على أن اقتص ار الفق ه التقلي دي على مج رد تش ديد العقوب ة دون اق تراح أي وس يلة أخ رى‪ ،‬أدى إلى‬
‫اإلسراف في الحكم على العائدين و المعتادين بعقوبات قصيرة المدة و كان هذا االتجاه في الوقت نفسه‬
‫منطقيا على ما ذهب إليه هذا الفقه من ضرورة قياس العقوبة على قدر المسؤولية األدبية و لما كانت‬
‫ه ذه المس ؤولية في رأي البعض ق د ش ابه بعض المقص ور لتخل ف في تق دير العائ د أو المعت اد راج ع‬
‫لضعف إرادته‪ ،‬لذلك رأي هؤالء عدم التغاني في تقدير الخطأ المنسوب إليه‪ ،‬األمر الذي يؤدي على‬
‫‪1‬‬
‫تخفيف العقوبة‪.‬‬

‫يرى أنصار هذا المذهب أن أساس المسؤولية يمكن في حرية االختيار‪ ،‬فاإلنسان البالغ العاقل له ملكات‬
‫عقلي ة تس مح ل ه بالق درة على التمي يز بين الخ ير و الش ر‪ ،‬بين الطيب و الخ بيث‪ ،‬بين الحالل و الح رام‪،‬‬
‫م دركا لع واقب أفعال ه متحكم ا في س لوكه أتي ا في ذل ك من األفع ال م ا أراد‪ ،‬فالش خص إذا ارتكب فعال‬
‫نهي عن ه الق انون أو امتن ع عن فع ل أم ر ب ه الق انون وجبت مس ائلته عم ا وق ع من ه‪.‬و على ذل ك ف إن‬
‫مسؤولية الشخص ال تنتفي إال إذا فقد هذا األخير قدرته على االختيار ذلك أن معاقبته سوف تكون ظلما‬

‫‪ 1‬رضي فرج‪-‬شرح قانون العقوبات‪ 9‬الجزائري األحكام العامة للجريمة‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫من جهة و غير مجدية من جهة أخرى‪ .‬وذلك أن الغاية من العقاب هي الردع و ال تتحقق هذه الغاية‬
‫بالعقاب مع التجرد من قدرة اإلدراك أو حرية االختيار‪.‬و عليه فإن المذهب التقليدي يكون قد قبل حري ة‬
‫‪1‬‬
‫االختيار و اإلدراك كأساس للمسؤولية الجنائية فإذا ما غاب ذلك انتفت مسؤولية الجاني‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬مذهب الحتمية‬

‫أنشأ هذا المذهب نتيجة للتقدم المطرد في العلوم الطبيعية و نجاحها في الكشف عن األسباب المختلفة‬
‫لكث ير من الظ واهر الطبيعي ة و ك ذلك رأي كث ير من المش تغلين ب العلوم االجتماعي ة أن الجريم ة ليس ت‬
‫ثمرة حرية االختيار بل اعتبرها ظاهرة إنسانية ال بد من أن تحكمها هي األخرى أسباب مختلفة سواء‬
‫ك انت أس باب طبيعي ة أو عض وية أو نفس ية ت ؤدي إليه ا حتم ا و أن الق ول بحري ة االختي ار ال تع دو أن‬
‫تكون وهما شخصيا يكذبه الواقع العضوي و النفسي و محاولة الهروب من التعمق في دراسة أسباب‬
‫الجريم ة بإلق اء الل وم كل ه على الج اني‪ ،‬و ي رد أنص ار ه ذا الم ذهب عم ا اتهم ه ب ه خص ومهم من أن‬
‫الحتمية تؤدي إلى الجمود و عدم مواجهة الجريمة باعتبار أنها نتيجة حتمية ال مناص من وقوعها و‬
‫يرون بأن هذا القول فيه خلط بين الحتمية و القدرية فليست الحتمية بمعناها الصحيح مثالية الخمول و‬
‫الجم ود ب ل ت دفع دائم ا إلى العم ل و إلى التح ري عن األس باب لمقاومته ا فتمتن ع بالت الي نتائجه ا و أن‬
‫اإليمان بتسلسل األسباب يجعلها تنظر للجاني كضحية للظروف االجتماعية الداخلية و الخارجية فليس‬
‫هناك مذنبون و لكن خطرون و بسبب هذه الخطورة يجب أن يوضع كل من يخرق قاعدة من قواعد‬
‫قانون العقوبات بحيث ال يستطيع اإلضرار‪ ،‬إذ أن من حق المجتمع أن يدافع عن نفسه بل أن ذلك هو‬
‫واجبه و لهذا ال يقيم أنصار الحتمية فكرة الجزاء على المسؤولية مما يؤدي إلى عدم إمكانية اتخاذ أية‬
‫إج راءات حي ال ع ديمي اإلدراك أو تخفي ف العقوب ات الموقع ة على ناقص ي التمي يز أو االختي ار ب الرغم‬
‫‪2‬‬
‫من خطورة هؤالء على المجتمع و ثبوت ارتفاع نسبتهم بين مجموع المجرمين‪.‬‬

‫ويرى هؤالء أن التقليديين و حتى المحدثين منهم في درجة تقديرهم لدرجة مسؤولية الجاني ينظرون‬
‫إلي ه كم ا ل و ك ان موض وعا تحت ن اقوس من زج اج بينم ا ينظ رون إلي ه هم من خالل مختل ف الظ روف‬
‫الشخص ية و البيئي ة و االجتماعي ة فاس تعداد المج رم ال ذاتي لإلج رام و م ا يحي ط ب ه من الظ روف‬
‫االجتماعية كالجهل و الفقر و سوء التربية و خطاء السوء و ما يساعد على ذلك من تغيير في الفصول‬
‫و غيره ا من العوام ل الطبيعي ة كله ا تت دخل بنص يب كب ير أو ض ئيل في ح دوث الجريم ة‪ ،‬فالجريم ة م ا‬
‫عبد الحكيم فودة ‪ -‬الموسوعة الجنائية الحديثة التعليق على قانون العقوبات المجلد األول ‪ -‬دار الفكر و القانون بالمنصورة ‪ -‬طبعة ‪.2002‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد هللا سليمان ‪ -‬شرح قانون العقوبات القسم العام الجزء األول ‪ -‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪ -‬طبعة ‪.1998‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪10‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫هي اإلنتاج الزم الجتماع هذه العوامل المختلفة و متى توافرت لدى شخص ما فهو مسوق حتما إلى‬
‫ارتكاب الجريمة إذ أنه متى توافرت األسباب و ترتبت النتيجة و يستطرد أصحاب هذا الرأي بأن القول‬
‫بأن الجريمة نتيجة حتمية لعوامل مختلفة ليس معناه ترك فاعلها و شأنه ألنها مقدرة عليه‪ ،‬بل يتعين‬
‫على المجتمع أن تتخذ عندئذ الوسائل الكفيلة بحماية‪ ،‬فكما الفرد محتوم عليه وقوع الجريمة تحت تلك‬
‫العوام ل المختلف ة كل ك ف إن المجتم ع محت وم علي ه ال رد على فع ل الج اني دفاع ا عن كيان ه ف العبرة في‬
‫قس م بعض‬
‫اختيار التدبير الذي تتخذ حيات الجاني ليست هي درجة مسئوليته بل درجة خطورته لذلك ّ‬
‫أنص ار ه ذا الم ذهب المج رمين إلى فئ ات أربع ة ‪ .1 :‬المجرم ون ب الوالدة‪ .2.‬المجرم ون بالعاطف ة‪.3 .‬‬
‫المجرمون بالمصادفة‪ .4 .‬المجرمون المجانين‪ .‬و نرى هؤالء يتخذون حيال كل فئة التدبير الذي يتفق‬
‫م ع خط ورة أفراده ا و ق د أض اف فري ق آخ ر من ه ذا الم ذهب إلى أن التقس يمات خاص ة ب المجرمين‬
‫المعتادين‪ ،‬و قد جلب هذا االصطالح أنصار و رجال علم اإلجرام‪ ،‬و كان له أثره في إثراء الكتابات‬
‫عن هؤالء المجرمين و اقتراح التدابير التي تتفق مع حالتهم‪.‬‬

‫واس تطرد ه ذا الفري ق إلى الق ول أن المب ادئ األساس ية ال تي تس تلمها العدال ة االجتماعي ة تنحص ر في‬
‫مبدأين ‪ :‬الردع و العقاب و أن أية محاولة بين هذين المبدأين لن تؤدي إلى حل‪ ،‬إال أن ترك أحدها و‬
‫األخ ذ بالمب دأ اآلخ ر و الق ول ب الردع يس تدعي ترك يز االنتب اه على الجريم ة كوح دة موض وعية و على‬
‫العكس من ذلك فإن العقاب يؤدي إلى االهتمام بفاعل الجريمة‪ ،‬فال يقتصر على الضرر المترتب على‬
‫الجريمة بل يتعد أ إلى األهم منه وهو الخطر الذي يمثله المتهم‪.‬‬

‫ويخيف أصحاب هذا الرأي بأن الفهم التجريبي ألهلية ارتكاب الجرائم يجب أن ينصب ليس فقط على‬
‫لحظة ارتكاب الجريمة أو على الفترة التي تسبقها بل يجب أن يهدف إلى تحقيق الدفاع الوقائي و الدفاع‬
‫العق ابي ‪.‬إن ه ذا النظ ر أص بح ل ه وظيف ة قانوني ة في العدال ة الجنائي ة ف إن فك رة الج زاء يجب أن تق اس‪،‬‬
‫ليس وفقا للجريمة أو وفقا للواجب الذي انتهك أو وفقا للدفاع اإلجرامي و لكن وفقا لخطورة الجاني‪ ،‬و‬
‫يجب أن تتخ ذ معي ارا شخص يا يح ل مح ل المعي ار الموض وعي في تحدي د الت دبير ال ذي يتخ ذ حي ال‬
‫المتهم ‪.‬و في بعض الفقه اء من ه ذه المدرس ة أن حال ة ه ذه الخط ورة تس تدعي مواجه ة أم رين هم ا‬
‫خط ورة الج اني من ناحي ة و قابلي ة التك ييف في الحي اة االجتماعي ة من ناحي ة أخ رى‪ ،‬و تواج ه خط ورة‬
‫الجاني بالتدابير البوليسية الوقائية‪ ،‬بينما ترتبط قابليته للتكييف باألغراض العملية للعدالة االجتماعية و‬
‫تق وم حال ة الخط ورة االجتماعي ة وم ا تس تتبعه من ت دابير فب ل ارتك اب الجريم ة‪ ،‬أم ا قابليت ه للتك ييف فال‬

‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫تثور إال بعد وقوع الجريمة و يقصد مالءمة الجزاء المتخذ لحالة الخطورة الجنائية التي عليها المتهم‪،‬‬
‫و ق د أي د بعض الفقه اء ه ذه التفرق ة في الم ؤتمر ال دولي الث اني لعلم اإلج رام‪ .‬و تكمن ه ذه التفرق ة من‬
‫تحاشي الخشية من اتخاذ معيار الحالة الخطرة سبيال لالعتداء على الحريات الفردية كما أنها تمكن من‬
‫ناحي ة أخ رى من التغلب على كث ير من المتناقض ات ال تي وق ع فيه ا االتح اد ال دولي لق انون العقوب ات و‬
‫بعض الفقهاء الذين يرون أن الجريمة تواجه بالعقوبة بينما تستدعي حالة الخطورة تدبيرا احترازيا و‬
‫أن يقتص ر معي ار الحال ة الخط رة على بعض فئ ات من المج رمين و هم العائ دون و الش واذ و القص ر‬
‫الخط رون‪ ،‬فه ذه التفرق ة لن ت ؤدي بن ا إلى الت ورط مق دما في تحدي د من ه و المج رم الخط ر و المج رم‬
‫الغ ير خط ر إذ البحث في اتح اد ت دبير اح ترازي لن يث ور إلى بع د ارتك اب الجريم ة و بس بب حال ة‬
‫الش خص الخط رة التي تستش ف من احتم االت عودت ه للجريم ة و هذه االحتم االت تختل ف ب اختالف فئ ة‬
‫‪1‬‬
‫المجرمين‪.‬‬

‫فاحتمال عودة المجرم بالعاطفة أقل من احتمال عودة المجرم المجنون \او المجرم المعتاد‪ ،‬و على هذا‬
‫ف إن حال ة الخط ورة االجتماعي ة يقص د به ا مواجه ة خط ر ارتك اب الجريم ة‪ ،‬بينم ا حال ة الخط ورة‬
‫اإلجرامي ة ي راد له ا أن تواج ه خط ر الع ود‪.‬و يعيب البعض على المدرس ة التقليدي ة أنه ا فص لت بطريق ة‬
‫حاس مة بين الوقاي ة و الج زاء ب الرغم من أنهم ا ليس اال وجهين لل دفاع االجتم اعي ذات ه‪ ،‬و يجب العم ل‬
‫على التوفيق بينهما في النشاط الذي تقوم به الدولة ضد الجريمة‪ ،‬على أن يكون لكل من هذين الوجهين‬
‫تنظيم قانوني ة خ اص‪ ،‬ألن لك ل منهم ا نقط ة انطالق و غ رض مختل ف‪.‬و تتحق ق الوقاي ة ب اإلجراءات‬
‫البوليسية لألمان و ببدائل العقوبة أما الجزاء فيتحقق عن طريق جهاز العدالة الجنائية الذي ال يتخذ إال‬
‫‪2‬‬
‫بعد ارتكاب جريمة بهدف منع العود بواسطة تدابير احترازية غير محددة المدة‪.‬‬

‫مؤيدي ما تقدم أن أنصار هذا الرأي ينظرون إلى الجريمة باعتبارها ذنبا يستقبحه الضمير و يترتب‬
‫عليه المسؤولية الجنائية‪ ،‬و ال تصبح العقوبة جزاء هذا الذنب تفضي بالمجازاة عليه العدالة المطلقة أو‬
‫العدالة مع المصلحة‪ ،‬و إنما تصبح وظيفة العقاب مجرد وسيلة للدفاع عن المجتمع‪ ،‬و تختلف الوسيلة‬
‫تبعا الختالف األشخاص‪ ،‬و أن التعبير بالعقوبة عن هذه الوسيلة خطأ في التسمية‪ ،‬ذلك أن فكرة التفكير‬
‫و إرضاء الشعور بالعدل ال يعني بها المجتمع عند تقدير هذه الوسيلة فهو إنما يعني بالدفاع عن نفسه‬
‫ووقاي ة آمن ة في المس تقبل‪ ،‬لذلك فإن ه ال ينظ ر إلى الج اني نظ رة الث أر و التش في من ه‪ ،‬ب ل العكس ينظر‬

‫‪ 1‬عوض محمد عوض ‪ -‬قانون العقوبات‪ 9‬القسم العام ‪-‬دار الجامعة الجديدة للنشر طبعة ‪2000‬‬
‫‪ 2‬رمسيس‪ -‬بهناء النظرية العامة للقانون الجنائي ‪ -‬دار المنشأة المعارف للنشر ‪ -‬طبعة ‪.1997‬‬

‫‪12‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫باعتب اره منك وب س يئ الح ظ و يعم ل على إص الحه بق در المس تطاع‪ .‬ومجم ل الق ول أن ه بينم ا ال يكفي‬
‫أص حاب الم ذهب التقلي دي في قي ام المس ؤولية الجنائي ة بص دور الجريم ة من الف رد ب ل يش ترطون حلق ه‬
‫وسطى بينهما و هي أن يكون الجاني مخطأ‪ ،‬فإن أصحاب المذهب الواقعي يغفلون تلك الحلقة الوسطى‬
‫و يكتفون بمجرد صور الجريمة هي الفرد فخطورة الفرد ليست ذنبه و مسئوليته األدبية هي المسؤولية‬
‫أمام المجتمع و يكتفي في ذلك صدور الجريمة من الفرد أي إسناد الفعل الضار إليه‪ .‬لم ير تكر أنصار‬
‫هذا المذهب على حرية االختيار كأساس للمسؤولية الجنائية على غرار المذهب التقليدي فالحقيقية في‬
‫رأيهم أن الس لوك اإلج رامي ش أنه ش أن كاف ة الظ واهر الطبيعي ة و االجتماعي ة خاض ع لق انون الس ببية‪،‬‬
‫ناش ئ عن تفاع ل بين شخص ية الج اني و ظ روف بيئي ة خاص ة‪ .‬فالم ذهب الوض عي ين ادي ب الخطورة‬
‫اإلجرامية الكامنة في الجاني كأساس بديل للمسؤولية الجنائية التي ترتكز على حرية االختيار‪ ،‬ذلك أن‬
‫ه ذه الخط ورة ت دفع المجتم ع ب أن يوجهه ا و يبع د عن نفس ه عواقبه ا و ه ذا األم ر ال ذي أدى إلى اتس اع‬
‫إقامة المسؤولية على هذا األساس فتشمل بذلك الصغير و الكبير‪ ،‬العاقل و المجنون ‪ ،‬ذلك أن أساس‬
‫المسؤولية ليس حرية االختيار و اإلدراك‪ ،‬إنما الخطورة اإلجرامية‪.1‬‬

‫عبدالحميد الشواربي و عزالدين الديناصوري ‪ -‬المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات و االجراءات الجنائية ‪ -‬طبعة ‪.1989‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪13‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬

‫الخاتمة‬

‫إن موضوع المسؤولية الجنائية ال يزال محل اهتمام الفقه الجنائي‪ ،‬فاألساس في قيام المسؤولية الجنائية‬
‫مب ني على حري ة االختي ار و اإلدراك‪ ،‬فاإلنس ان م تى ك ان ح را في إتي ان الس لوك اإلج رامي من عدم ه‬
‫أصبح محل قيام مساءلته جنائيا‪ .‬هذا باإلضافة إلى اإلدراك فالشخص إذا اختلطت عليه األمور فاستوى‬
‫لديه المباح بالمحظور و فقد بذلك عناصر التركيبية الذهنية في إتيان أصل الفكرة محل الدراسة كانت‬
‫الغاية من عقابه دون جدوى‪ ،‬ذلك أن هذه الغاية تمكن في الردع و اإلصالح‪ ،‬فإذا أنزلنا الجزاء عليه‬
‫كنا بصدد االنتقام منه و ليس بتحقيق هذا الردع و اإلصالح‪.‬و قد تتعدد هذه الظروف التي تحل على‬
‫إرادة الشخص فتفقده حرية االختيار و اإلدراك فتكون بصدد موانع المسؤولية الجنائية‪ ،‬و هذه الموانع‬
‫قد عددها المشرع الجزائري في ‪ 03‬عناصر هي الجنوب صفر السين و اإلكراه‪.‬كما تطرقنا من خالل‬
‫هذه المذكرة إلى االختالفات المتعددة التي وقعت بين المذاهب الفقهية حول األساس التي يرتكز عليها‬
‫لقي ام المس ؤولية الجنائي ة فباإلض افة إلى حري ة االختي ار و اإلدراك فق د ن ادى البعض من أص حاب تل ك‬
‫المذاهب بالحتمي ة (الجبري ة) أي أن اإلنس ان مج بر و ليس مخ ير في إتي ان الس لوك اإلجرامي و أن ك ل‬
‫أفعاله قضاء و قدر‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫المراجع‬

‫رضا فرج شرح قانون العقوبات الجزائري الكتاب االول قانون العقوبات القسم العام‬ ‫‪.1‬‬
‫الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫رض ي ف رج‪-‬ش رح ق انون العقوب ات الجزائ ري األحك ام العام ة للجريم ة ش‪ .‬وللنش ر‬ ‫‪.2‬‬
‫والتوزيع طبعة ‪.1976‬‬
‫رمسيس‪ -‬بهناء النظرية العامة للقانون الجنائي ‪ -‬دار المنشأة المعارف للنشر ‪ -‬طبعة‬ ‫‪.3‬‬
‫‪.1997‬‬
‫عب د الحكيم ف ودة ‪ -‬الموس وعة الجنائي ة الحديث ة التعلي ق على ق انون العقوب ات المجل د‬ ‫‪.4‬‬
‫األول ‪ -‬دار الفكر و القانون بالمنصورة ‪ -‬طبعة ‪.2002‬‬
‫عبد اهلل سليمان ‪ -‬شرح قانون العقوبات القسم العام الجزء األول ‪ -‬ديوان المطبوعات‬ ‫‪.5‬‬
‫الجامعية ‪ -‬طبعة ‪.1998‬‬
‫عبد اهلل سليمان شرح قانون العقوبات القسم العام‪ ،‬الجزء األول " الجريمة دار الهدى‬ ‫‪.6‬‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع عين مليلة (الجزائر)‪.‬‬
‫عبدالحميد الشواربي و عزالدين الديناصوري ‪ -‬المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات‬ ‫‪.7‬‬
‫و االجراءات الجنائية ‪ -‬طبعة ‪.1989‬‬
‫عم ار عواب دي‪ ،‬نظري ة المس ؤولية االداري ة دراس ة تأص يلية تحليلي ة و مقارن ة‪ ،‬دي وان‬ ‫‪.8‬‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪.1994‬‬
‫عوض محمد عوض ‪ -‬قانون العقوبات القسم العام ‪-‬دار الجامعة الجديدة للنشر طبعة‬ ‫‪.9‬‬
‫‪2000‬‬
‫فتوح عبد اهلل الشاذلي‪ -‬شرح قانون العقوبات القسم العام الكتاب الثاني المسؤولية في‬ ‫‪.10‬‬
‫الجزاء دار الهدى مطبوعات الجامعة‪ -‬طبعة ‪.1997‬‬
‫القاضي فريد الزعبي‪ ،‬الموسوعة الجزائية‪ ،‬المجلد األول المدخل إلى الحقوق والعلوم‬ ‫‪.11‬‬
‫الجزائية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دار صادر للطباعة ‪ 1‬والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬سنة ‪.1995‬‬
‫لحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي العام الديوان الوطني لألشغال التربوية ‪-‬‬ ‫‪.12‬‬
‫طبعة ‪.2002‬‬

‫‪17‬‬

You might also like