Professional Documents
Culture Documents
علم االجرام
1
RedOne Hm
2
RedOne Hm
ليست بالضرورة طبيعية وإنما هي مجموعة من األهداف واإلغراءات التي ينتجها المجتمع وتكرسها الثقافة السائدة فيه ،فإن عدم
توفير اإلمكانيات وإتاحة الفرص لجميع فئات المجتمع لتحقيقها فإنه من الضروري أن يظهر أفراد يعمدون إلى وسائل غير مشروعة
في تحقيق إشباع ما تتطلبه الثقافة بعد أن تعذر تحقيقها بوسائل مشروعة ،هكذا ميز "ميرتون" بين عنصرين هامين هما :األهداف
والمعايير؛
-االهداف هي تلك االهتمامات التي تكون مشروعة وتشكل آمال وتطلعات يسعى كل فرد لتحقيقها وتتدرج بالترتيب حسب أهميتها في
سلم القيم االجتماعية.
-أما المعايير :هي مجموع القواعد التي تحكم السلوك وتضبط وسائل الوصول إلى األهداف فسلوك اإلنسان مرتبط بهذين العنصرين
ومدى ترابط العالقة بينهما وكلما كانت الصلة متوازنة كان السلوك متوازنا ،وإذا تم التركيز على األهداف دون اعتبار للمعايير
تصبح كل الوسائل مشروعة أو غير مشروعة مقبولة في نظر الشخص لتحقيقها وبالتالي ينتج السلوك اإلجرامي عن هذا االختالل.
الفرع الثالث :نظرية االختالط التفاضلي او الجماعات المتباينة "سوزيرالند" يرفض" سوزيرالند" اعتبار السلوك اإلجرامي سلوكا
موروثا ،فاإلجرام ال يورث ،وإنما يكتسب بالتعلم الذي يحدث من نتيجة انخراط الفرد في جماعة ،ويحدد نوع وقواعد السلوك والقيم
السائدة فيها ما إذا كان الفرد سيتعلم اإلجرام أم ال ،فإن كان أفراد هذه الجماعة ممن يحترمون القانون ويلتزمون بأوامره ونواهيه،
تخلق الفرد بأخالقهم وتعلم منهم السلوك المتفق مع القانون ،أما إن كانوا ممن يؤيدون انتهاك القوانين ويميلون لمخالفتها ،فالغالب
أن ينهج الفرد نهجهم ويتعلم منهم خصالهم مما يؤهله القتراف الفعل اإلجرامي ،فيكون انحرافه أمرا مؤكدا إذا اقتصر في عالقاته
على أفراد جماعته ،وعزل الجماعات األخرى التي يغلب على أفرادها احترام القانون .
حسب "سذرالند" ال يمكن إرجاع السلوك اإلجرامي في جميع األحوال إلى الفقر أو إلى مجرد عوامل سائدة كالظروف والعوامل
النفسية واالجتماعية التي تتصل بالفقر والفقراء ،فهناك أشخاص ينتمون إلى طبقات غنية ومع ذلك يرتكبون بعض الجرائم كجزء
من نشاطاتهم المهنية وهنا جاء تركيزه على الجرائم التي يرتكبها ذوي الياقات البيضاء أو الجرائم الخاصة ،لذلك فهو يرى أن
السلوك اإلجرامي يتعلمه األغنياء والفقراء على السواء بطريقة واحدة وبعمليات متشابهة ،بذلك حاول "سذرالند" شرح سلوك
المنحرف المتعلم أو المكتسب الذي يظهر نتيجة صراع بين معايير الثقافات المختلفة التي يتكون منها المجتمع األمريكي ،هذا السلوك
يظهر حينما تطغى المعايير الجانحة في جماعة ما على المعايير المتكيفة التي تحكم المجتمع الكلي .
ومن بين المؤاخذات التي وجهت ل "سذرالند" كون الفرد في كثير من األحيان ال يكون مجبرا على االنتماء إلى جماعات منحرفة ،إن
لم يكن هو شخص منحرف ،كما أنه لم يأخذ بعني االعتبار االختالفات داخل المجموعة الواحدة ودور الفرد في هذا االختالف ففي
الوقت الذي يتبنى البعض موقفا إجراميا ينجح آخرون في احترام القانون ويكون العنصر من المجموعة قادرا على التأثير واالختيار
بين أحد الجانحين وتركيز "سذرالند" على التعلم واستبعاد العامل الشخصي الداخلي اصطدم بطروحات تقول عكس ذلك ،ألن الفرد قد
ال يكون في حاجة لمن يعلمه السلوك المنحرف بقدر ما يكون في حاجة إلى تعلم السلوك السوي فالطفل مثال بطبيعته ميال إلى الكذب
والخداع وإذا ترك بغير تربية وال تهذيب فإنه يكبر نازعا إلى اإلجرام.
الفرع الرابع :النظرية البيئية " كليفورد شو " ارتكزت مقاربة " شو " للظاهرة اإلجرامية على المعطيات واألوضاع االقتصادية
واالجتماعية لمنطقة محددة بحيث تكون هذه األوضاع هي المسؤولة عن الجريمة بها ،وهو ما يعني أن الجانب العضوي والنفسي
للفرد ليست هي العامل الحاسم بل الظروف االقتصادية السائدة والمحيط االجتماعي والبيئي ،وقد ركز "شو" في نظريته على
المجاالت العمرانية والسكانية غير المالئمة والتي تنتشر فيها كل أشكال الجرائم (أحياء الضواحي -هوامش المدن) ،وهو ما يجعل
شو يلتقي موضوعية مع نظرية " الكساني" في دور الوسط االجتماعي في الجنوح.
وقد ساهمت أبحاث "شو" في تركيز االهتمام على المراكز الحضرية والظاهرة اإلجرامية والتي خلصت إلى وجود نوع من التمايز ما
بين جرائم البوادي وجرائم الحواضر
الفصل الثاني :نظريات اخرى
المبحث االول :التفسير التكاملي للظاهره اإلجراميه
اتضح لنا من النظريتين السابقتين قصور التحليالت السابقة يرجع ذلك إلى أنها ركزت اهتمامها على عامل وأغفلت عوامل أخرى
كثيرة ،أو حاولت أن تقدم تفسيرا ً جزئيا ً لنمط إجرامي معين على وجه التحديد .فضالً عن هيمنة فكرة الحتمية على كافة النظريات
السابقة ،بمعنى أن العوامل العضوية أو النفسية أو االجتماعية واحدة بعد األخرى تقتضي حتما ً ارتكاب السلوك اإلجرامي على نحو
يجعل األخير يخضع لقوانين أقرب لقوانين الطبيعة والرياضيات.
ولما كان السلوك اإلجرامي ظاهرة فردية في حياة الفرد وكذا ظاهرة اجتماعية في حياة المجتمع ،فيجب أن يأتي التفسير جامعا ً لكال
األمرين في ذات الوقت ،وإال جاء التحليل قاصرا ً مشوبا ً بالعيوب .فما يصلح لتفسير إجرام السارق المحترف ال يصلح لتفسير إجرام
القاتل أو إجرام الدم العارض .وما يصلح لتفسير جرائم اآلداب ال يصلح لتفسير الجرائم الضريبية والجمركية...وهكذا .من هنا نشأ
االتجا ه التكاملي في تفسير الظاهرة اإلجرامية الذي يجمع بين االتجاه التكويني واالتجاه االجتماعي في إطار تفسير واحد تلتقي فيه
عوامل شخصية بأخرى اجتماعية .فالظاهرة اإلجرامية تنبع من "إنسان يعيش في مجتمع" ،أو هي باألحرى فاعل وفعل وال يمكن
اجتزائها في أحدهما فقط.
ويتوزع هذا االتجاه بين نظريات عديدة و اهمها نظرية التكوين اإلجرامي ،التي صاغها األستاذ اإليطالي بينينو دي توليو في مؤلفه
حول "األنثروبولوجيا الجنائية" في عام ، 1945لتكون خير مثال على هذا االتجاه..
اوال -مضمون نظرية توليو
-1فكرة االستعداد اإلجرامي لم تقتصر هذه النظرية علي فكرة تعدد االسباب التي تؤدي الي تحقق السلوك االجرامي ،وإنما بينت
كيفية تفاعل هذه االسباب مع بعضها في إنتاج الظاهرة االجرامية .
3
RedOne Hm
وتقوم هذه النظرية علي أن المجرم يكون لديه استعداد بعدم تقبل قواعد السلوك االجتماعي واحترام االخرين في المجتمع ،وهو ما
يمكن أن يطلق عليه االستعداد االجرامي لدي الفرد .ولكن هذا االستعداد االجرامي يعتبر حاله ساكنة ال تؤدي بالضرورة الي ارتكاب
الجريمة وإنما تخلق لدي الفرد ميال تجاه اإلجرام .وهذا الميل ال يتحول الي جريمة اال إذا اقترن وتفاعل مع عوامل أخري خارجية ،
بحيث يمكن القول أن أن الجريمة ما هي إال نتيجة تفاعل عوامل داخلية تتعلق بتكوين الشخص وعوامل خارجية تتعلق بالبيئة
المحيطة .
-2أساليب الكشف عن االستعداد اإلجرامي وذهب دي توليو الي أن الكشف عن االستعداد االجرامي لدي الفرد يتطلب دراسة
متكاملة لتكوينة من ثالث نواحي هي :
الناحية االولي تتعلق بدراسة االعضاء الخارجية للجسم للتعرف علي ما يتوافر لديه من شذوذ ،حيث الحظ دي توليو تميز المجرمين
عن غيرهم بنسة كبيرة من العيوب الجسمانية .
الناحية الثانية تتعلق بدراسة وظائف األعضاء واالجهزة الداخلية كالجهاز الدوري والتنفسي والبولي والهضمي و التناسلي ،
ودراسة إفرازات الغدد الي غير ذلك ،حيث الحظ دي توليو وجود خلل في بعض هذه الوظائف واالجهزة لدي المجرمين بنسبة أكبر
من وجودها لدي غير المجرمين .
الناحية الثالثة تتعلق بدراسة الناحية النفسية للفرد للوقوف علي مدي نشاط غرائزه وحاجاته .وقد لوحظ أن المجرم غالبا ما يكون
مصابا بشذوذ في بعض الغرائز مثل الشذوذ الذي يصيب غريزة التملك فيؤدي الي ارتكاب جرائم االعتداء علي المال ،وشذوذ
غريزة الدفاع الذي يدفع الي ارتكاب جرائم االعتداء علي االشخاص ،وشذوذ الغريزة الجنسية التي تؤدي الي ارتكاب جرائم االعتداء
علي العرض .
وذهب دي توليو الي أن االستعداد االجرامي لدي الشخص يظل كامنا الي أن يوقظه ويتفاعل معه بعض العوامل والمؤثرات الخارجية
مما يدفع الفرد الي ارتكاب الجريمة .ويقرر دي توليو أن هذا االستعداد االجرامي ال يتوافر لدي جميع الناس ،بدليل أن العوامل
الخارجية التي تدفع المجرم الرتكاب الجريمة ال تحدث هذا التأثير لدي غير المجرمين .
والعلة في ذلك أن السلوك االجرامي أشبه بالمرض الذي تتوقف إصابة الجسم به علي قدر ما يتمتع به من مناعة وقدرة علي مقاومة
جراثيمه .وكذلك الوضع بالنسبة للسلوك االجرامي حيث يتوقف ارتكاب الجريمة علي ضعف قدرة الشخص علي التكييف مع
مقتضيات الحياة االجتماعية بسبب ما يصيبه من خلل عضوي و نفسي أدي الي توافر االستعداد اإلجرامي لديه .
-3انواع االستعداد االجرامي وقد قسم " دي توليو" االستعداد االجرامي الي نوعين ،االول استعداد اجرامي أصيل والثاني استعداد
اجرامي عارض .فاالستعداد االجرامي االصيل يتميز بالثبات واالستمرار ويرجع الي وجود خلل عضوي ونفسي لدي الفرد يجعله
يميل الي ارتكاب الجريمة وقد يصل ذلك الي حد االعتياد علي ارتكابها وكذلك اإلقدام علي أشدها خطورة .أما االستعداد االجراي
العارض فهو ذو صفة عارضة ويرجع الي عوامل داخلية تتعلق بتكوين الفرد والي عوامل خارجية تؤثر علي الفرد وتضعف من
قدرته علي التحكم في نزعاته الفطرية فيرتكب الجريمة علي سبيل المصادفة .
-4انواع المجرمين واستنادا الي فكرة االستعداد االجرامي قسم " دي توليو" المجرمين الي نوعين هما المجرم المجنون والمجنون
المجرم .فالمجرم المجنون هو شخص يرجع ارتكابه للجريمة الي تكوين كامن فيه وسابق علي إصابته بالجنون ،ولذلك فإن شفاء
هذا المجرم من جنونه ال يمنع من احتمال عودته الي ارتكاب الجريمة ألن لديه االستعداد االجرامي لذلك وهذا االستعداد يتصف
بالثبات واالستمرار .أما المجنون المجرم فيرجع سبب ارتكابه للجريمه الي إصابته بالجنون فقط ،ولذلك فإن شفاء هذا المجرم من
جنونه يؤدي الي سبب زوال إجرامه وذلك لعدم توافر استعداد إجرامي لديه سابق علي إصابته بالجنون .
ثانيا :تقديرالنظرية
تميزت هذه النظرية بالنظرية التكاملية في تفسير الظاهرة االجرامية مستندة في ذلك الي العوامل الفردية المتعلقة بتكوين المجرم
وشخصيته وإلي العوامل الخارجية المحيطة به ،وهي بذلك تجنبت التطرف الذي اتسمت به كل من نظريات االتجاه الفردي واالتجاه
االجتماعي .
ومع ذلك فقد أخذ على هذه النظرية بعض المالحظات .
-أولي هذه المالحظات ،أن فكرة االستعداد اإلجرامي يصعب التسليم بها لكونها ال تصدق علي جميع أنواع الجرائم ،ألن الجريمة
كواقعة قانونية تختلف من زمان آلخر ومن مكان آلخر حسب ما يسود مجتمع ما في زمان ما من قيم ومصالح تدفع المشرع الي
التدخل لحمايتها وهو ما يطلق عليه الجريمة المصطنعة ،وعليه فإن فكرة االستعداد االجرامي ال تصلح لتفسير هذه النوعية من
الجرائم .ولذلك قيل بأن فكرة االستعداد االجرامي تصلح فقط لتفسير ما يطلق عليه تعبير " الجريمة الطبيعية " التي قال بها
جاروفالو وهي الجريم ة التي تتعارض مع القيم األخالقية واالجتماعية الراسخة في الضمير اإلنساني مثل جريمة القتل وجريمة
السرقة .
وثاني هذه المالحظات ،أن هذه النظرية تقود الي اعتبار العوامل االجتماعية غير كافية بمفردها لدفع الفرد الي ارتكاب الجريمة ،
باعتبار أن ذلك ال يتم إال إذا تفاعلت مع استعداد إجرامي كامن لدي الشخص وما عليها إلي أن توقظه لتحدث الجريمة .
ومجمل القول أن تفسير الظاهرة االجرامية تفسيرا عمليا يجب أن يستند الي الجمع بين العوامل الفردية والعوامل الخارجية.
4