You are on page 1of 14

‫‪:‬‬ ‫مقدمة‬

‫يجب أن يستعمل صاحب الحق حقه في الحدود المقررة قانونيييا‬


‫دون تجاوز ودون إلحاق ضرر بالغير ويتطلب القييانون لحماييية صيياحب‬
‫الحق أن يقوم هذا الخييير بإثبييات ذلييك فييي غييالب الحيييان ‪ .‬كمييا أن‬
‫القانون يقيم أحيانا أخرى قرائن تعفي الشخص ميين الثبييات نهائيييا أو‬
‫تلقي عبء الثبات على المدعي ‪.‬‬
‫فهل للشييخص الحريية المطلقية فييي اسيتعمال حقييه أم هيي محييددة‬
‫ومقيدة بحدود ؟‬
‫وهل القانون حدد هذه الحدود ؟‬
‫ومن الذي يجب أن يثبت حقه ؟ وبماذا يثبت ذلك الحق ؟‬

‫خطة البحث‬
‫"استعمال واثبات الحق"‬
‫مقدمة‬
‫المبحث الول ‪:‬‬
‫استعمال الحق‬
‫المطلب الول ‪ :‬تطور نظرية التعسف في استعمال الحق‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬التعسف في استعمال الحق وجزاءته‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬أساس التعسف في استعمال الحق‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬إثبات الحق‬
‫المطلب الول ‪ :‬المذاهب المختلفة في إثبات الحق‬
‫المطلب الثاني ‪:‬عبء الثبات ومحله‬
‫المطلب الثالث ‪ :‬طرق الثبات‬
‫الخاتمة‬

‫المبحث الول ‪ :‬استعمال الحق‬


‫المطلب الول‪ :‬تطور نظرية التعسف في استعمال الحق‬
‫لقد لقيت نظرية التعسف في استعمال الحق رفضا من طييرف أصييحاب‬
‫المذهب الفردي الذين كانوا ل يقبلون أن يرد على حق المالييك فييي اسييتعماله‬
‫ملكه أي قيد إل في حالة واحدة‪ ،‬وهي وجوب عدم مجاوزة المالك حيدود حقييه‬
‫وقد كان هذا المذهب مسيطر على الفكر القييانوني‪ ،‬وكييان يييرى أن اسييتعمال‬
‫الشخص لحقه يجب أن يكييون مطلقييا دون قيييد‪ ،‬فالقاعييدة عنييد أصييحاب هييذا‬
‫المذهب هي أنه ل يمكيين ان ينسييب للشييخص وهييو يسييتعمل حقييه أي خطييأ‪.‬‬
‫والحقيقة هي أن الصورة التي تقبلها هذا المذهب‪ ،‬وهييي عييدم مجيياوزة حييدود‬
‫الحق ل تعتبر تعسفا في استعمال الحييق‪ ،‬وإذا اسييتعملها الشييخص يييدخل فييي‬
‫نطاق يمنع عليه دخوله أصييل فهنييا يعتييبر العمييل خطييأ يلييزم التعييويض‪ ،‬فليييس‬
‫للشييخص أن يتجيياوز حييدود ملكييه أو يييدخل ملكييية جيياره أو يبنييي عليهييا أو أن‬
‫يغرس فيها ‪.‬‬
‫وقد تأثر الفقيييه الفرنسييي بهييذا المييذهب‪ ،‬ففييي بداييية القييرن ‪ 19‬كييان يعتييبر‬
‫الحقوق مطلقة ومن يعمل في حييدود حقييه ل يسييأل مهمييا كييان الضييرر الييذي‬
‫يصيب الغير نتيجة ذلك فللشخص استعمال حقه كيفما شياء ول يكيون مسيئول‬
‫عن الضرر الذي يلحقه للغير ‪.‬‬
‫وكان الفقيه بلتيول يعييارض نظريية التعسيف فيي اسييتعمال الحيق بشيدة‬
‫ويرى أنها تتناقص مع مضمون الحق إذ متى كييان لشييخص حييق فل يتصييور أن‬
‫يتعسف فيه وقدرة جوسران على بلتيول بقييوله‪ " :‬إنييك تخلييط بييين كلميية‬
‫حق التي تعني ‪ Droit subjectif‬وكلمة ‪ Droit‬التي تعني القانون إذ من المتصييور‬
‫أن يكون للشخص حييق موافقييا لحييق ميين الحقييوق ‪ Droit subjectif‬ومخالفييا‬
‫للقانون في المجموعة‪ ،‬فالتعسييف فييي اسييتعمال الحييق يسييتلزم وجييود فعييل‬
‫يدخل في حدود مضمون الحق‪ ،‬فهو مشروع في ذاته وينقلييب إلييى فعييل غييير‬
‫مشروع لنحراف في غرضه أو لن نتيجته ل تتفق مع الغاية من الحق ‪.‬‬
‫وتطورت فيما بعد نظرية التعسف في استعمال الحق ولقيت تأييدا لدى الفقيه‬
‫والقضاء الفرنسييين عموميا‪ ،‬وبعيد أن كيان القضياء الفرنسيي يشيترط تيوافر‬
‫الخطأ العمدي من طييرف المتعسييف أي أن يكييون قييد قصييد الضييرار بييالغير‪،‬‬
‫فتطور وأصبح يعتبر الفعل تعسفا كلما ترتييب عليييه ضييرر أصييحاب الغييير ولييم‬
‫تتوفر لصاحب الحق مصلحة من استعماله‪.‬‬
‫أما الفقهاء المسلمون فقد كانوا ل يؤيدون فكرة التعسف في استعمال الحق‪،‬‬
‫إذ ل يمكن أن يكون الفعل غير مشروع إذا كان نتيجة ممارسة الشخص لحقييه‬
‫وفقا للمقولة ‪ ":‬الجواز الشرعي ينافي الضمان" ولكن ما لييم لبثييت الحييال أن‬
‫تطييورت وترسييمت نظرييية التعسييف فييي اسييتعمال الحييق‪ ،‬وأعطاهييا فقهييا‪.‬‬
‫المسلمين منذ القرن السادس الهجري أوسع تصوير‪ ،‬وكانوا هم الرائدييين فييي‬
‫هذا المضمار وسبقوا في ذلك الشرائع الغربية إذ لم يقتصروا على صورة تعمد‬
‫الضرار بالغير‪ ،‬بل اعتبروا الفعل تعسفا كلميا تخلفييت المصييلحة ليدى صياحب‬
‫الحق‪ ،‬وتجاوز الحدود المألوفيية المتعييارف عليهييا واهييم تطبيقييات ذلييك مضييار‬
‫الجوار‪ ،‬فل يتحمل الجار ما جاوز الحد المألوف من مضار الجوار ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬معايير التعسف في استعمال الحق وجزاؤه ‪:‬‬


‫‪ -1‬معايير التعسف في استعمال الحق ‪:‬‬
‫يعتبر الشخص متعسفا في استعمال حقه إذا تحققت إحدى الصور التي نصييت‬
‫عليها المادة ‪ 41‬مدني بما يلي " > يعتبر استعمال الحق تعسييفا فييي الحييوال‬
‫التالية ‪:‬‬
‫‪-‬إذا وقع بقصد الضرار بالغير‪.‬‬
‫‪-‬إذا كان يرمي إلى الحصول على فييائدة قليليية بالنسييبة للضييرر الناشييئ‬
‫للغير ‪.‬‬
‫‪-‬إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة ‪<.‬‬
‫ويستخلص من هذا النص أن معيار التعسف في استعمال الحق‪ ،‬إمييا أن يكييون‬
‫معيارا شخصيا وهذا ما تضمنته الفقرة الولى من المادة ‪ 41‬مدني ‪.‬‬
‫وإما أن يكون معيارا موضوعيا وهذا ما تضييمنته الفقرتييان الثانييية والثالثيية ميين‬
‫نفس المادة كما يعتبر الضرر الفاحش الذي يلحق بالجار معيارا موضوعيا ‪.‬‬
‫أ‪/‬المعيار الشخصي ‪ :‬قصد الضرار بالغير ‪:‬‬
‫يكون الشخص متعسفا إذا قصد الضييرار بييالغير‪ ،‬كميين يبنييي خطييأ فييي ملكييه‬
‫يقصد حجب النور عن جاره دون أن تتحقق له من ذلك أية فائدة‪ ،‬فهذا العمييل‬
‫يعد داخل في إطييار ملكييه واسييتعمال لحقييه‪ ،‬ولكيين إذا تييم إثبييات تييوافر قصييد‬
‫الضرار بالغير أعتبر متعسفا في اسييتعمال حقييه و قصييد الضييرار بييالغير ميين‬
‫أظهر صورة التعسف في استعمال الحييق ‪ ،‬فالقييانون ل يحمييي شخصييا قصييد‬
‫من فعله مجرد الضرار بالغير‪ ،‬و لتحقق هذه الصورة يجب أل يحقق العمل أية‬
‫منفعة لصاحبه أو يحقق لييه منفعيية تافهيية و فييي كلتييا الحييالتين نسييتخلص نييية‬
‫الضرار ‪.‬‬
‫ب‪/‬المعيار الموضوعي ‪:‬‬
‫إذا كان استعمال الحق يرمييي إلييى الحصييول علييى فييائدة قليليية بالنسييبة إلييى‬
‫الضرر الناشئ للغير ‪.‬‬
‫ففي هذه الحاليية يعتييبر الشييخص متعسييفا حييتى و لييو كييانت لييه مصييلحة فييي‬
‫استعمال حقه على وجه معين‪ ،‬وذلك بالنظر إلى أن هذه المصييلحة ل تتناسييب‬
‫مع الضرر الييذي يصيييب الغييير‪ ،‬إذ تكييون الفييائدة قليليية بالنسييبة للضييرر‪.‬كميين‬
‫يغرس أشجار عالية لتوفر نوع من الرطوبة‪ ،‬و يحجب بذلك النور عن جيياره‪ ،‬و‬
‫يمنعه من استعمال شرفته استعمال مألوفا‪ ،‬فيكون متعسفا في استعمال حقه‬
‫لن المصلحة التي يسعى إليها و هييي الحصييول علييى الرطوبيية قليليية الهمييية‬
‫بالنسبة للضرر الذي يصيب الغير‪ -‬و هو عدم استعمال الشرفة – و فييي نفييس‬
‫السياق تنص المادة ‪ 708/2‬على ما يلي‪ >> :‬غير أنه ليييس لمالييك الحييائط‬
‫أن يهدمه مختازا دون عذر قانوني إن كان هذا يضر الجييار الييذي يسييتر ملكييه‬
‫بالحائط <<النص العربي خاطئ في كلمة )قانوني( و صحتها )قوي( كمييا ورد‬
‫في النص الفرنسي فذه الصورة تقوم على أساس عدم التوازن بين المصييالح‬
‫المتضاربة لصاحب الحق والغييير فكلمييا كييانت فييائدة صيياحب الحييق أقييل ميين‬
‫الضرر الذي يصيب الغير أعتبر متعسفا في استعمال حقييه وليو لييم يكيين عييدم‬
‫التوازن نتيجة قصد الضرار بالغير ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم مشصصروعية المصصصلحة ‪ :‬وذلييك كاسييتعمال مالييك المنييزل لمنزلييه‬
‫لغييرض مخييالف للنظييام العييام أو الييداب العاميية‪ .‬وقييد يكييون المصييلحة غييير‬
‫مشروعة بصفة غير مباشرة مثال رب العمل الييذي يسييتعمل حقييه فييي فصييل‬
‫عامل نتيجة انخراطه في نقابة من نقابييات العمييال‪ ،‬أو المييؤجر الييذي يطييالب‬
‫المستأجر بإخلء العين المؤجرة بحجيية حيياجته للسييكن فيهييا بعييد إخفيياقه فييي‬
‫طلب زيادة الجرة عما يسمح بييه القييانون ‪.‬وهنيياك ميين يييرى أن هييذا المعيييار‬
‫معيار شخصي لن في هذه الصورة المصلحة غير المشروعة يتوفر فيها قصييد‬
‫الضرار بالغير‪ ،‬إل اني أرى أن القييانون أقييام التعسييف فييي هييذه الحالية علييى‬
‫معيار موضوعي وهو عدم مشروعية المصلحة دون العتداد بنية المتعسف ‪.‬‬
‫‪-3‬الضصصرر الفصصاحش‪ :‬ويمكييين إضيييافة الضيييرر الفييياحش إليييى المعيييايير‬
‫السابقة‪،‬ولقد نص عليه المشييرع فييي النصييوص المتعلقيية بمضييار الجييوار غييير‬
‫المألوفة‪ ،‬ويمكن اعتباره تطبيقا لحكام الشريعة السييلمية الييتي تقتضييي بييأن‬
‫يعتبر استعمال الحييق تعسييفا إذا ألحييق بييالغير ضييررا فاحشييا‪ .‬وميين تطبيقييات‬
‫الضرر الفاحش ما نصت عليه المادة ‪ 691‬مدني بقولها‪ " :‬يجييب علييى المالييك‬
‫أل يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار‪ .‬وليس للجييار أن يرجييع‬
‫على جاره في مضار الجوار المألوفة غير أنييه يجييوز لييه أن يطلييب إزاليية هييذه‬
‫المضار إذا تجاوزت الحد المألوف وعلى القاضي أن يراعى فييي ذلييك العييرف‪،‬‬
‫وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة إلى الخرين والغرض الذي خصصت‬
‫له "‬
‫وتطبيقييات الضييرر الفيياحش متعييددة فيمييا يخييص مضييار الجييوار إذ يعتييد‬
‫بالضرر الفاحش ول ينظر إلى ينظر إلى مصلحة صاحب الحق حييتى لييو كييانت‬
‫جدية‪ ،‬فيجب الحد منهييا إذا لحييق الغييير ضييررا فاحشيا‪ ،‬فيي هييذا الصييدد تنيص‬
‫المادة ‪ 705‬مدني على ما يلي‪ " :‬للمالك إذا كانت له مصلحة جدية فييي تعلييية‬
‫الحائط المشترك ان يعليه بشرط أل يلحق بشريكه ضررا بليغا…"‬
‫‪ (2‬جزاء التعسف في استعمال الحق ‪:‬‬
‫إن جزاء التعسف في استعمال الحييق قييد يكييون جييزاء وقييائي وذلييك إذ ظهيير‬
‫التعسف في استعمال الحق بصفة واضييحة قبييل تمييامه‪ ،‬فيمكيين منييع صيياحب‬
‫الحق من الستعمال التعسفي لحقه‪ .‬أما في حالة حييدوث التعسييف فعل فييإنه‬
‫يحكم على المتعسف بالتعويض لصيالح المضيرور كمييا قييد يليزم كييذلك بإزالية‬
‫الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكنا ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أساس التعسف في استعمال الحق ‪:‬‬
‫يجب تحديد ما إذا كان التعسف في اسييتعمال الحييق صييورة مين صييور الخطييأ‬
‫التقصيييري إذ يييذهب الفقييه والقضيياء الفرنسيييان الحييديثان واغلييب المييؤلفين‬
‫العرب إلى إدخال نظرية التعسف في اسييتعمال الحيق فييي نظيام المسيؤولية‬
‫التقصيرية ويعتبر المتعسف قد ارتكب خطأ في اسييتعمال حقييه ويتحقييق ذلييك‬
‫متى انحرف عن سلوك الرجل العادي وذلك سواء أكان الخطأ عمييدي جسيييما‬
‫أم يسيرا غير انه يمكن الرد على هذا بأن التعسف قييد يتحقييق دون ان تتييوافر‬
‫مقومات الخطأ وذلك إذا ابتعد الشخص عن غاييية الحييق دون أن يكييون مخطييأ‬
‫ولو بذل في استعمال في استعمال حقه الحيطة والتبصير اليتي يبيذلها الرجيل‬
‫العادي‪.‬ويذهب البعض الخر من الفقهاء إلى إبعاد التعسف عيين مجييال الخطييأ‬
‫التقصيري إذ أن نطاق التعسف أوسع من ذلك لنه إذا كان من الممكن إقاميية‬
‫الصورة الولى الواردة في المادة ‪ 41‬التي يعتييبر فيهييا الشييخص متعسييفا فييي‬
‫استعمال حقه قصد الضرار بالغير‪ ،‬على أساس الخطأ فيهما بل يمكيين إقاميية‬
‫التعسف فيهما على أساس موضوعي فقط ويمكن كذلك تطبيق نفس الفكرة‬
‫على مضار الجوار غير المألوفة ‪.‬‬
‫ويلحظ أن الفقه الفرنسي نفسييه قييد انتهييى إلييى أن التعسييف ل يقييوم علييى‬
‫أساس الخطأ‪ ،‬بل يسأل الشخص عن الضرر الذي يلحقه بالجييار ولييو لييم يكيين‬
‫مخطأ ‪ .‬ويرى الستاذ علي سليمان أن‪ > :‬التعسييف فييي اسييتعمال الحييق قييد‬
‫استمد قوانيننا العربية من الشييريعة السييلمية أصييل‪ ،‬وهييذه الشييريعة ل تقيييم‬
‫المسؤولية في حالة التعدي على أساس الخطأ بل تنظر إليها نظرة موضييوعية‬
‫… فيعتبر التعسف في استعمال الحق مستقل عن نظام المسؤولية التقصيرية‬
‫…‪.<.‬‬
‫وعلى هذا الساس أرى أن نطاق نظرية التعسف فييي اسييتعمال الحييق أوسييع‬
‫من نطاق المسؤولية التقصيرية ومن الفضل اعتبارها تطبيقا لقواعييد العداليية‪،‬‬
‫فالمبالغة في الشيء حتى ولو كانت فيي إطيار القيانون‪ ،‬تيؤدي إليى الفوضيى‬
‫وإلى مخالفة القانون لذا يجب تقييدها ومسائلة الشخص عنهييا إذا ترتييب علييى‬
‫هذه المبالغة في استعمال الحق ضررا للغير ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬إثبصصات الحصصق ‪:‬‬


‫المطلب الول ‪ :‬المذاهب المختلفة في الثبات ‪:‬‬
‫الثبات هو إقامة الدليل أمام القضاء‪ ،‬وقد يلزم القاضي بهذا الدليل كما يمكيين‬
‫يلتزم به‪ ،‬وقد يفرض القانون على المتقاضين تقديم دليل معين‪ ،‬كما قد تييترك‬
‫الحرية للقاضي في التحري وذلك وفقا لعتماد مذهب من المييذاهب المختلفيية‬
‫في الثبات ما يلي أتعرض لها بالتفصيل التي ‪:‬‬
‫أ‪-‬مذهب الثبات المطلق ‪ :‬وتكون للقاضي وفقا لهذا المذهب سييلطة‬
‫واسعة في التحري عن الوقائع الييتي عليييه‪ ،‬فيكييون لييه دور فعييال فييي تسيييير‬
‫الدعوى واستجماع الدلة‪ ،‬فهو الذي عنها ‪ .‬ويعاب على هذا المذهب أنه يعطي‬
‫سلطة واسعة وكبيرة للقاضي‪ ،‬مما قد يييؤدي الضييرار بالمتقاضيييين إذ يحتمييل‬
‫أن يتعرضوا لمفاجآت نتيجة اختلف التقدير من إلى آخر ويقلل من الثقيية فييي‬
‫نظام الثبات ‪.‬‬
‫ب‪-‬مذهب الثبات المقيد‪ :‬قد بفرض المشرع للثبات طرقييا محييددة‪،‬‬
‫فل يسيتطيع المتقاضيى إقامية اليدليل عليى حقيه بغيير الوسييلة اليتي حيددها‬
‫القانون‪ ،‬كما يكون القاضييي كييذلك ملزمييا بهييذه الطييرق‪ ،‬فهييذا المييذهب يقيييد‬
‫القاضي إلى أبعد الحدود ويحقق النسجام في تقدير القضاة مما يييترتب عليييه‬
‫استقرار المعاملت‪ ،‬إل انه يؤخذ على هذا النظام أن الحقيقة القضائية ل تتفق‬
‫أحيانا مع الحقيقة الفعلية أو الواقعية لن القاضي والمتقاضين ملزمون بطييرق‬
‫محددة فل يمكن إقامة الدليل على أمر واضح بغير الطرق التي حددها القانون‬
‫‪.‬‬
‫ج‪-‬مذهب الثبات المختلط ‪:‬يأخذ هييذا المييذهب بالثبييات المقيييد فييي‬
‫مسائل معينة كالمسائل المدنية التي يتطلب المشرع إثباتهييا بالكتابيية أمييا فييي‬
‫المسائل المدنية التي تشترط الكتابة لثباتها‪ ،‬فإثباتها يكون مطلقييا إذ للقاضييي‬
‫تقييدير شييهادة الشييهود أو القييرائن القضييائية وفقييا لقتنيياعه الشخصييي‪ ،‬أمييا‬
‫المسائل التجارية فيأخذ فيها بنظييام الثبييات المطلييق نظييرا لمييا تتطلبييه هييذه‬
‫المسائل من سرعة في التعامل‪،‬إذ يصعب إقامة الدليل عليها كتابيية فل يمكيين‬
‫تقييدها بأدلة معينة‪ ،‬وتأخذ معظم التشريعات –ومن بينها المشرع الجييزائري –‬
‫بالمذهب المختلط ‪ .‬وفي هذا المذهب المختلط يكون للقاضي موقييف وسييط‪،‬‬
‫إذ قد يكون له مطلق الحرية في المسائل المدنية‪ ،‬إذ يستطيع من تلقاء نفسه‬
‫المر بإجراء تحقيق في الوقائع التي تكون بطبيعتها قابلية للثبيات بيالبيئة مثل‪،‬‬
‫كما أن له أن يوجه اليمين المتممة إلى أحد الخصييوم ميين تلقيياء نفسييه أيضييا‪.‬‬
‫ويكون دور القاضي مقييدا وسيلبيا كلمييا قييده القييانون بأدلية معينيية‪ ،‬كوجييوب‬
‫العتداء بالدليل الكتابي مثل‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عبء الثصبات ومحصله ‪:‬‬
‫‪-1‬عبء الثبات‪ :‬نسييتطيع أن نييوجز الحييديث عيين عبييء الثبييات فييي‬
‫النقاط التالية ‪:‬‬
‫‪-‬يقه عبء الثبات على من يدعي وجود الحق ابتداء فمن يدعي إصابته بضييرر‬
‫من عمل غير مشروع يكون مكلفا بإثبات واقعة الفعييل الضييار بكافيية الطييرق‪،‬‬
‫بأن يقدم للقاضي أدلة الضرر الذي لحقه‪ ،‬وأدلة الخطيأ اليذي وقيع مين جيانب‬
‫المدعي عليه‪ ،‬وعلقة السببية بين الخطأ والضرر‪.‬‬
‫‪-‬وفي حالة دفع الدعاء من جانب المدعي عليه يقع على الخير عبييء الثبييات‬
‫كما لو أدعى الوفاء بالدين الثابت بالكتابيية مثل يلييتزم بتقيديم ميا يثبيت الوفيياء‬
‫كتابة لنه في هذه الحالة يعتييبر مييدعيا بييبراءة ذمتييه ميين ذلييك الييدين‪ ،‬ونفييس‬
‫الشيء بالنسييبة للمييدعي عليييه الييذي ينكيير وقييوع خطيييأ منييه أو ينكيير رابطيية‬
‫السببية بين سلوكه والضرر الذي أصاب المدعي في دعوى الفعل الضار‪.‬‬
‫‪-‬يعفى المدعي من إثبييات خطييأ المييدعي عليييه فييي الخطييأ المفييترض بقرينيية‬
‫قانونية‪ ،‬كما هو الحال في المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير‪ ،‬مثييل الضييرار‬
‫التي تقع من عديمي أو ناقص الهلية‪ ،‬او الحيوان‪ ،‬أو من اللة‪ ،‬أو ميين صيياحب‬
‫البناء ‪ ..‬فالمسؤول عن الرعاية والحاسيية فييي تلييك الحييالت‪ ،‬وكييذلك المتبييوع‬
‫المسئول فرضا عن خطأ تابعه‪ ،‬في جميع هذه الحوال ل يكلف المدعي بإثبات‬
‫أوجه الخطأ في السلوك الضار وإنما يكفيه إثبييات الضييرر وارتبيياطه بالسييلوك‬
‫الضار دوريا يكلف بإثبات الخطأ في سلوك من قام بالفعل الضار‪.‬‬
‫‪-‬في حالت الخطأ المفترض إذا أراد المدعي عليه بالتعويض المدعي أن ينفييي‬
‫مسئوليته عن الحادث الضار فعليه يقع إثبات العكس في المسئولية التقصيرية‬
‫عن فعل الغير دائما‬
‫‪-‬وإذا وجدت قرينة قانونييية فييي حييالت الخطييأ واجييب الثبييات وكييانت مقييررة‬
‫لصالح أحد الخصوم فإنه يعفى من إثبات الواقعة المتعلقيية بهييا وعلييى الخصييم‬
‫الخيير يقييع عبييء إثبييات عكييس تلييك القرينيية القانونييية ‪.‬ومثييال ذلييك إذا قييدم‬
‫المستأجر مخالصة عن الوفاء بأجرة الشهر الرابع من هييذا العييام تعتييبر قرينيية‬
‫قانونية على سداد الجرة المستحقة من قبل عن العين المييؤجرة لييه‪ ،‬ويعفييى‬
‫من إثبات الوفيياء بييالجرة عيين الشييهور السييابقة‪ ،‬وينتقييل عبييء الثبييات إلييى‬
‫المؤجر لكي يدلل على عدم الوفاء حتى يثبت العكس وهو أمر صعب دائما‬
‫‪-‬بعض التشريعات ينص على القواعد الموضيوعية للثبيات فيي صيلب القيانون‬
‫المدني وينص على الشكلية للثبات )الجرائية( في قييانون الجييراءات المدنييية‬
‫والتجارية )قانون المرافعات(… في حين يذهب بعييض التشييريعات إلييى النييص‬
‫علييى قواعييد الثبييات بنوعيهييا فييي قييانون الجييراءات المدنييية …‪ .‬وتييذهب‬
‫التشييريعات الخييرى إلييى إصييدار قييانون مسييتقل للثبييات يجمييع القواعييد‬
‫الموضوعية والجرائية للثبات معا ‪ .‬ويهمنا بأن نبيت ان التشريع الجزائري أخذ‬
‫بالنظام الول فنص على القواعد الشكلية في قانون الجراءات المدنية ‪.‬‬
‫‪-2‬محل الثبات ‪ :‬يقصد بمحل الثبات تلك الواقعة القانونية المنشييئة‬
‫للحق لنها هي مصدر الحق وبإثبات المصدر يثبت نشوء الحق ووجوده وسوف‬
‫نتكلم عن محل الثبات في الواقعة المادية وفي التصرف القانوني ‪.‬‬
‫الواقعة المادية لقانون‪ :‬سبق القول أن الواقعة المادية القانونية قد تكون‬
‫من فعل الطبيعة وحييدها ول دخييل للنسييان فييي إحييداثها كييالولدة وقييد تكييون‬
‫الواقعة المادية قانونية أيضا يترتب عليها القيانون أثييار معينيية وهييي مين عمييل‬
‫النسان كالعمل الضار وغير المشروع كالجريمة‪ ،‬وكلما كانت الواقعيية المادييية‬
‫مصدر للحق المتنازع عليه كانت هذه الواقعة بالذات هييي محييل الثبييات أمييام‬
‫القضاء أي تكون هي مييا ينبغييي إقاميية الييدليل علييى إثبيياته حييتى وجييود الحييق‬
‫ويشترط في الواقعة المادية القانونية التي تكون محل للثبات شروط هي ‪:‬‬
‫‪-1‬أن تكون متعلقصصة بالصصدعوى ‪ :‬ومييؤدي هييذا الشييرط أن تكييون الواقعيية‬
‫المراد لها علقة بالحق موضوع النزاع والبداهة ل لزوم لثبات واقعيية ل تتعلييق‬
‫بموضوع الحق المتنازع عليه أمام القضاء‪.‬‬
‫‪-2‬يجب أن تكون الواقعة منتجصصة فصصي الثبصصات ‪ :‬يقصييد بهييذا أن تكييون‬
‫الواقعة مقنعة للقاضيين ولو في أحد عناصرها‪ ،‬وفي هييذا الصييدد تنييص المييادة‬
‫‪ 64‬إجراءات مدنية يجوز المر بالتحقيق لثبييات الوقييائع الييتي تكييون بطبيعتهييا‬
‫قابلة للثبات بشهادة الشهود والييتي يكييون المحقييق فيهييا حيييادي ومنتحييا فييي‬
‫الدعوى ‪.‬‬
‫‪-3‬أن تكون جائزة القيود‪ :‬المقصود في الشرط أن تكييون الواقعيية المييراد‬
‫إثباتها على فرض صحتها وإمكان ثبوتهييا‪ ،‬ويجييوز للمحكميية قبولهييا كييدليل فييي‬
‫الدعوى قضائية فلو تصورنا أن محل الحق المدعي به من الثبات الخارجة عن‬
‫دائرة التعامل ويحرم التعامل فيها كالنقد ‪،‬ففييي هييذه الحييالت تكييون الواقعيية‬
‫المراد إثباتها غير جائزة القبول قانونيا أمام المحكمة ‪.‬‬
‫‪/2‬التصرف القانوني ‪ :‬سييبق أن عرفنييا بييأن التصييرفات القانونييية هييي‬
‫المصادر الدارية للحقوق لن نشوء الحق وقيامه يتوقييف علييى إرادة الشييخص‬
‫سواء فييي العقييود التبادلييية أو فييي التصييرفات بييإرادة منفييردة‪ ،‬وبهييذا تختلييف‬
‫التصرفات القانونية عن الوقائع المادييية القانونييية‪ ،‬حييتى تلييك الوقييائع المادييية‬
‫التي تكون بفعل الشخص ذاته في العمال الضارة وغير المشيروعة كيالجرائم‬
‫وأشباه الجرائم بل وحتى في الجرائم العمدية‪ ،‬لننييا كمييا ذكرنييا ميين قبييل أنييه‬
‫حتى في الجرائم العمدييية الييتي يرتكبهييا الجيياني بييإرادته الحييرة ويتييوافر لييديه‬
‫القصد الجاني ونية الجرام تكون الجريمة ذاتهييا عمدييية أي إرادييية ولكيين حييق‬
‫المجني عليه أو ذويه في التعويض عن الضرر الناشييئ عنهييا ذليك الحيق يرتبييه‬
‫القانون على فعله الضار دون أن يكون للمجرم إرادة للحقييوق الناشييئة ولهييذا‬
‫تعتبر الجرائم أعمال غير مشروعة وتعتبر مصادر غير إرادييية للحقييوق الناشييئة‬
‫عنها في حين أن الجييرائم عمديية كمييا قلنييا فييالعبرة بنشيأة الحييق رغييم إرادة‬
‫الملتزم به‪ .‬والتصرفات القانونية باعتبارها مصادر إرادية للحقوق تختلييف أيضييا‬
‫عن الواقع المادية من حييث الثبييات‪ ،‬وذلييك لن مصيادر الحقييوق هيي العقيود‬
‫وهي من صنع الشخاص مع توافر الرادة الصييحيحة للشييخاص وتلييك الرادات‬
‫الحرة هي محور العقود المنشئة للحقوق‪ .‬ولهييذا نجييد المشييرع غالبييا يسييتلزم‬
‫لثبات الحقوق العقدية دليل معينا هو الثبات بالكتابيية بحسييب الصييل كقاعييدة‬
‫عامة‪ .‬ولكن لهذه القاعييدة اسييتثناء ان فييي القييانون المييدني الجييزائري نصييت‬
‫عليهما المادة ‪ 333‬بقولها أن التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها عيين ‪1000‬‬
‫دج أو تكون قيمتها غير محددة‪ ،‬ل تثبييت بشييهادة الشييهود ولبييد ميين أن تكييون‬
‫ثابتة بالكتابة وذلك فيما عدا المعاملت التجارية‪ .‬ومعنى ذلك أنييه يسييتثني ميين‬
‫قاعدة إثبات الحقوق بالكتابة في العقود حالتان ‪:‬‬
‫أ‪-‬ىىىىى ى ىىىىى ى‪ :‬المعيياملت التجارييية لنهييا تقييوم علييى عنصييري الثقيية‬
‫والسرعة معا‪.‬‬
‫ب‪-‬ىىىىىى ىىىىىىى‪ :‬هي التصرفات القانونية التي تكون قيمتهييا ‪ 1000‬دج‬
‫فأقل سواء كانت التصرفات منشئة للحييق أو كييان يييترتب عليهييا انقضيياء ذلييك‬
‫الحق ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬طريق الثبات ‪:‬‬
‫تنص التشريعات عادة على طرق الثبات ووسائله‪ ،‬وفي بعييض الحييالت تحييدد‬
‫الدلة التي يجب تقديمها للقضاء في دعاوى معينة‪ ،‬وبالتالي تعتبر وحدها جائزة‬
‫القبول دون غيرها‪ .‬وبوجه عام يمكن حصر أهم وسييائل الثبييات أمييام القضيياء‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫الكتابة ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫شهادة الشهود )البينات(‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫القرائن القانونية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -4‬حجية الشيء المقضي به ‪.‬‬
‫‪ -5‬القرار )العتراف(‪.‬‬
‫اليمين ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫‪ -7‬المعاينة ‪.‬‬
‫تقارير الخبراء‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫وسنتكلم بإيجاز عن كل وسيلة من وسائل الثبات فيما يلي ‪:‬‬
‫أول‪ :‬الكصصتابصة ‪:‬‬
‫تعتبر الكتابة من أهم طرق الثبات في عهدها الحاضر ‪ ،‬و لقد مر بنا أن المادة‬
‫‪ 333‬مدني جزائري تضمنت حكما مؤداه أنه في غير المسائل التجارية ل يجوز‬
‫الثبات إل بالكتابة سواء لثبات وجود الحق أو لثبييات الوفيياء بييه انقضيياءه لي‬
‫سبب آخر تجاوزت قيمة التعرف القانوني ألف دينار جييزائري أو كييانت القيميية‬
‫غير محددة ‪.‬‬
‫و بمفهوم المخالفة لهذا النص نستطيع القول بأنه المعاملت التجارييية المدنييية‬
‫التي تكون قيمتها ألف دينار فأقل‪ ،‬و كذلك في المعاملت التجارية عامة مهمييا‬
‫كان حجمها أو قيمتها‪ ،‬فالثبات جائز و يكون مقبول أمام القضاء بكافة و سائله‬
‫بغير الكتابة‪ ،‬كشهادة الشهود و المحادثات الهاتفيية و غيرهيا ومين البيديهي أن‬
‫الكتابة تصلح وسيلة للثبات في المواد التجارية وفي المييواد المدنييية إذا كييانت‬
‫‪ 1000‬دينار فأقل و ذلك من باب أولى‪.‬‬
‫و الكتابة نوعان كتابة رسمية و كتابة عرفية ‪ .‬فالكتابة الرسييمية يقصييد بهييا مييا‬
‫تكون ميين عمييل موظييف رسييمي مختييص كمييا هييو الحييال فييي عقييود الرهيين‬
‫الرسمي‪ .‬أما الكتابة العرفية فهي التي يقوم بها الفراد فيما بينهم دون تييدخل‬
‫موظف رسمي و لكل من النوعين حجية خاصة كدليل للثبات بحسب نصوص‬
‫القانون ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شهادة الشهود)البينات(‪ :‬يقصد بشهادة الشهود‪ ،‬القوال الييتي‬
‫يدلى بها الشخاص في ساحات القضاء بشأن إثبات أو نفي واقعة قانونييية أيييا‬
‫كان نوعها ‪.‬‬
‫و لهذا نقول بأن الشهود نوعيان‪ ،‬شيهود إثبيات و شيهود نفيي‪ ،‬و للمحكمية أن‬
‫تستمع إلى الشهود دائما سواء كانوا للنفي أو للثبات لكي تتجلى الحقيقية ‪.‬‬
‫و تقبل شهادة الشهود كدليل إثبات في المواد التجارية عمومييا ‪ ،‬و كييذلك فييي‬
‫المواد المدنية في حدود اللف دينار ل أكييثر كمييا عرفنييا ميين مضييمون المييادة‬
‫‪ 333‬مدني‪ ،‬ما لم يوجد نص قانوني بخلف ذلك ‪.‬‬
‫ولكن الشهادات أي البيانات أيا كان نوعها و أيا كييان الشييخاص الييذين يييؤدون‬
‫الشهادة ل تكون ملزمة للقاضي بل تخضع لتقديره‪ .‬فله أن يقبل شهادة واحييد‬
‫من الشهود كدليل إثبات أو نفي يقنع بييه و يرفييض شييهادتين متضيياربتين‪ ،‬فييي‬
‫نفس الدعوى و نفس الموضوع ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬القرائن القانونية والقضائية ‪ :‬القرينيية القانونييية الييتي ينييص‬
‫المشرع عليها كدليل إثبات تعفي من تقررت صالحه من عبييء الثبييات‪ ،‬وميين‬
‫أمثلتها قرينة الوفاء بالقساط السابقة عند ثبوت الوفاء بقسط الجرة اللحييق‬
‫وعلى ذلك نصت المادة ‪ 449‬مدني بقولها‪:‬‬
‫" الوفاء بقسط من الجرة يعتبر قرينة الوفاء بالقسيياط السييابقة حييتى يقييوم‬
‫الدليل على عكس ذلك" ‪ .‬وتفسير ذلك أنه في دعوى المطالبة بإيجار المعييين‬
‫إذا قدم المستأجر ما يفيد قيامه بسداد اليجييار عيين الشيهر الرابييع مين العييام‬
‫الحالي مثل يعتبر ذلك قرينة على سييداد جميييع القسيياط السييابقة علييى ذلييك‬
‫التاريخ‪ ،‬وعلى المؤجر ان يثبت العكس إذا أراد أي أنه يصبح الملييزم بالثبييات‪.‬‬
‫أما القرائن القضائية فيقصد بها كييل مييا يستخلصييه القاضييي ميين أميير معلييوم‬
‫للدللة على أمر مجهول فهي أدلة استنتاجية‪ ،‬ولهييذا يجييوز للطييرف الخيير أن‬
‫يثبت العكس إذا مكنه من ذلك ‪ .‬وجرى العرف القييانوني علييى أن القرينيية أي‬
‫كان نوعها فهي أدنى من مستوى الدليل في مجييال الثبييات أي ل ترقييى إلييى‬
‫قيمته في نطاق الثبات القضائي ومعنييى ذلييك أن القرينيية تحتيياج إلييى قرينيية‬
‫أخرى تسندها كدليل إثبات‪ ،‬بينمييا الييدليل يكييون بمييرده كافيييا لثبييات الواقعيية‬
‫القانونية أو نفيها ‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬حجيصصة الشصصيء المقضصصي بصصه ‪ :‬الحكييم النهييائي الفاصييل فييي‬
‫موضوع الدعوى يعتبر عنوانا للحقيقة والعدالة في نفس الوقت‪ .‬ولذلك تكييون‬
‫له حجيته فيي مواجهية الكافية أي بالنسيبة لطيراف الخصيومة ولغيرهيم مين‬
‫الناس ولهذا يعبر عن الحكم النهائي في الدعوى بأنه حجة قضائية وأن له قوة‬
‫الشيء المقضي‪ .‬لذلك يعتبر الحكم النهائي سببا من أسباب انقضاء الييدعوى‪،‬‬
‫بل هو السبب الطبيعي والعادي لنتهاء الدعاوى‪ ،‬فهو خاتميية مراحييل الييدعوى‬
‫وهو الذي يحسم المنازعات القضائية أيا كان نوعها‪ .‬ويصيدر الحكيم النهيائي ل‬
‫يجوز إعادة رفع النزاع إلى أي جهيية قضييائية أخييرى طالمييا لييم يتغييير أطييراف‬
‫الدعوى ومحلها وسببها‪ .‬ويمكن الحتجاج بالحكم القضائي النهائي كدليل علييى‬
‫صحة ما جاء فيه واستخدام هذا الحكم كدليل للثبات في دعوى قضائية أخرى‬
‫لحسم نزاع يتصل بالنزاع الذي فصل فيه نهائيا ‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬القرار القضائي ‪ :‬من المبادئ المقررة في الفقه القييانوني‬


‫ان القرار القضييائي يعتييبر سيييد الدليية فييي الثبييات أمييام الجهييات القضييائية‪،‬‬
‫والقرار القضائي بقصد بييه اعييتراف المييدعي عليييه بصييحة الواقعيية القانونييية‬
‫المدعي بها‪ .‬ولهذا نقول إذا أقر المدعي عليه امام المحكمة بميديونيته بيالحق‬
‫المدعي به عليه‪ ،‬كان هذا القرار من جانبه دليل على ثبوت حييق المييدعي‪ .‬ول‬
‫تجوز تجزئة القرار بل يتوجب على القاضييي فييي هييذه الحاليية الحكييم لصييالح‬
‫المدعي‪ ،‬والقرار دليل قاطع في الثبات‪ ،‬اما في المييواد الجنائييية فقييد نصييت‬
‫المادة ‪ 213‬إجراءات جزائييية علييى مييا يييأتي " العييتراف شييأنه كشييأن جميييع‬
‫عناصر الثبات يترك لحرية تقدير القاضي" ‪ .‬ولشييك ان المشييرع يقصييد بهييذا‬
‫النص الواضح ان يخول القاضي حق تحييري الحقيقيية لتحقيييق العداليية فلييه ان‬
‫يلتفت عن العتراف القضائي إذا كان غير صحيح أو كان نتيجة إكراه مييادي او‬
‫معنوي‪ .‬اما إذا كان العتراف ل يشوبه عيب فإنه يعتبر دليل متميزا في الثبات‬
‫القضائي ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬الصيمصيصن ‪ :‬يقصييد بيياليمين أداء القسييم‪ ،‬أي يحلييف الشييخص‬
‫بالله العظيم أن يقول الحييق ول شيييء غييير الحييق‪ ،‬وإل تعتييبر شييهادته باطليية‬
‫قانونا‪ ،‬وجرى العمل ان يؤدى الشهود اليمين القانونية قبل إبداء أقوالهم أمييام‬
‫المحكمة‪ ،‬كما يقسم أيضا المترجمون والخبراء وغيرهييم مميين يبييدون أراءهييم‬
‫في حالت انتداب الخبراء‪ ،‬وذلك للتأكيد من أنهييم سيييؤدون شييهاداتهم بييالحق‬
‫والصدق‪ .‬والخصوم أيضا قد يييؤدون اليمييين كوسيييلة ميين وسييائل الثبييات مييع‬
‫ملحظة أن اليمين نوعان‪ :‬اليمين المتممة ‪ ،‬واليمين الحاسمة ‪.‬‬
‫واليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي ميين تلقيياء نفسييه إلييى أي أطييراف‬
‫الخصييومة فييي الييدعوى بغييرض اتمييام اقتنيياعه بقرينيية معينيية‪ ،‬وهييذه اليمييين‬
‫المتممة ل أثر لها‪ ،‬لن القاضي له أن يأخذ بها ولييه ان يلتفييت عنهييا حييتى بعييد‬
‫قيام الخصم بحلف اليمين‪ .‬ومن المعلوم ان للخصم ان يحلف اليمين المتممة‬
‫إذا طلبها القاضي وله أن يمتنع عن أداء اليمين‪ ،‬حيث ل يتقرر حتمييا بأدائهييا أو‬
‫النكول عنها حسم النزاع إيجابيا أو سلبيا‪.‬‬
‫أمت اليمين الحاسمة فهي التي يوجهها الخصم المدعي للمدعي عليه‪ ،‬عنييدما‬
‫يعجز عن إثبات حقه الذي يدعيه‪ ،‬ويطلب منه ان يقسم على صحة مييا يييدعي‬
‫به عليه أو عدم صحته‪ ،‬وبحسب نص القانون تحسم هذه اليمين النزاع‪ .‬بحيييث‬
‫لو أداها المدعي عليه وقييرر عييدم صييحة الدعيياء المقييام ضييده فييإن المييدعي‬
‫يخسر دعواه‪ ،‬أمييا إذا امتنييع المييدعي عليييه مين حلييف اليمييين الحاسييمة فييإن‬
‫المدعي يربح دعواه‪ ،‬حيث يعتبر ذلك دليل إثبات علييى صييحة مييا ادعيياه‪.‬وفييي‬
‫المواد الجنائية ل يحلف المدعي المييدني اليمييين‪ ،‬ول يعتييبر شيياهدا لنييه يعتييبر‬
‫خصما حتى ولو كان هو المجني عليه‪ ،‬مع أنه في حالة عدم ادعائه مدنيا يعتبر‬
‫شاهد الثبات الول في الدعوى العمومية ويحلف اليمين باعتباره شاهدا ‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬المعصايصنة ‪ :‬يقصد بالمعاينة النتقال إلى مكان النزاع لمشاهدته‬
‫على الطبيعة بقصد التوصل إلى معرفة الحقيقيية والفصييل فييي الييدعوى علييى‬
‫ضوء نتيجة المعاينة‪ .‬وقد تنتقل المحكمة بهيئتها القضييائية لجييراء المعاينيية إذا‬
‫كانت هناك مبررات وذلك لستجلء الملبسات الغامضة في موضييوع النييزاع‪،‬‬
‫وللمعاينة أثر بالغ في استظهار الحقائق‪ .‬وقد تضمن قانون الجراءات المدنييية‬
‫الجزائري النص على أنه يجوز لقاضي المحكميية أن يييأمر ميين تلقيياء نفسييه أو‬
‫بناء على طلب الخصوم بالنتقال للمعاينة‪ .‬وأنه يجييوز للقاضييي ان يستصييحب‬
‫من يختاره ميين أهييل الخييبرة للسييتعانة بييه عنييد إجييراء المعاينيية والسترشيياد‬
‫بخبرته الفنية فييي موضييوع النييزاع‪ .‬كمييا أجيياز المشييرع للقاضييي أثنيياء إجييراء‬
‫المعاينة ان يسمع الشهود الذين يرى لزوما لسييماع شييهاداتهم بعييين المكييان‪.‬‬
‫ويجب أن يحرر محضيير بالمعاينيية ويوقييع عليييه القاضييي وميين كيياتب الجلسيية‬
‫وتثبت فيه إجراءات المعاينة وما يثبت منها‪ ،‬على ان يودع هذا المحضر بملييف‬
‫الدعوى‪.‬كما نص المشرع علييى أن مصييروفات النتقييال للمعاينيية تضيياف إلييى‬
‫مصروفات الدعوى ‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬تقارير الخبراء ‪ :‬كييثيرا مييا يلجييأ القضيياة إلييى السييتعانة بأهييل‬
‫الخبرة من أطباء أو مهندسين او فنيين‪ ،‬لجراء الفحص والبحث والتحليييل فيي‬
‫الدعاوى التي تثار فيها مشاكل تقنية مثل مضاهاة الخطوط عند الدعاء بتزوير‬
‫المحررات وتكون لتقارير أولئك الخييبراء أهمييية قانونييية كقييرائن او أدليية فييي‬
‫الثبات القضائي‪ .‬وقييد نظييم المشييرع فييي قييانون الجييراءات المدنييية قواعييد‬
‫الستعانة بالخبراء أمام المحاكم وأجاز للقاضي أن يستعين بخبير أو بعييدد ميين‬
‫الخبراء لجراء أعمال الخبرة في الدعوى المطروحيية عليييه‪ ،‬سييواء ميين تلقيياء‬
‫نفسه أو بناء على طلب الخصوم‪ .‬وللقاضي أن يختار هييؤلء الخييبراء ميين بييين‬
‫المقيدين بجدول الخبراء بالمجلس القضائي أو من غيرهيم بشيرط ان يحلفيوا‬
‫اليمين القانونية‪ .‬ويلتزم الخبراء بتقديم تقاريرهم عن المهييام الييتي كلفييوا بهييا‬
‫من قبل المحكمة في الجال التي يحددها لهم القاضي الذي انتييدبهمن ويجييوز‬
‫للقاضي مناقشتهم في المحكمة لستجلء ما كييان غامضييا فييي تلييك التقييارير‪.‬‬
‫وبهذا نكون قد استكملنا باب اثبات الحق وننتقل إلى البيياب الخييامس والخييير‬
‫لكي نبحث زوال الحق أي انقضاء الحق ‪.‬‬
‫من كل ما سبيق نستطييع أن نوجيز الكيلم فيي أن‬
‫القيانون‬
‫فعل ييقر بحيق الشخيص وييحمييه ليكن إذا استيعمل هيذا‬
‫اليشخيص حيقيه بيدون تعسيف واستعيمليه في اليحيدود‬
‫القيانونيية الشرعية وأييضا إذا أثيبت هيذا الشيخص حيقيه‬
‫بالطيرق القيانيونييية‬

‫د‪ /‬فريد محمدي زواوي‬


‫مدخل إلى العلوم القانونية‬
‫نيظيريية الحيييق‬
‫اسحاق إبراهيم منصور‬
‫نظريتا القانون والحق‬

You might also like