Professional Documents
Culture Documents
السنة الجامعية2022/2023:
شكر و عرفان
شكر و عرفان
قـال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم" :من لم يشكر الناس لم يشكر اهللا" صدق
رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم الحمد هللا على إحسانه و الشكر له على توفيقه
و إمتنانه و نشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له تعظيما لشأنه و نشهد أن
سيدنا و نبينا محمد عبده و رسوله الداعي إلى رضوانه صلى اهللا عليه و على آله
و أصحابه و أتباعه و سلم .بعد شكر اهللا سبحانه و تعالى على توفيقه لنا إلتمام
هذا البحث المتواضع أتقدم بجزيل الشكرالى :
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحا ً
ترضاه و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين
مقدمة
:مقدمة
يعرف القانون الجنائي بصفة عامة بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تبين الجرائم
وما يقررها أو يقابلها من عقوبات أو تدابير أمن ،إلى جانب القواعد األساسية والمبادئ
.العامة التي تحكم هذه الجرائم والعقوبات والتدابير
كما عرفت الجريمة بصفة عامة أيضا على أنها كل فعل الذي يتم ارتكابه ويكون منافيا
.للنظم االجتماعية السائدة او ضدها ،و يكون فيه خروج على القانون
والقاعدة أن للجريمة ثالثة أركان المتمثلة في الركن المعنوي وهو القصد الجاني بإرتكاب
الفعل متعمدا ،وثانيا الركن الشرعي وهو تجريم الفعل المخالف للقانون الذي ارتكبه الجاني
.بنص تجريم ،وأخيرا الركن المادي وهو القيام بالفعل المخالف للقانون من طرف الجاني
يعتبر الركن المادي للجريمة بأن له مظهر خارجي له يسمى السلوك االجرامي ،هذا األخير
.يصدر من االنسان سواء بإرادته أي إرادة سليمة ،او نتيجة ضغط أي إكراه
إن السلوك االجرامي ظاهرة خطيرة ليست وليدة اليوم ،وإنما رافق االنسان منذ القدم ،
.وعملت الدول جاهدة للحد منه
وفي الجزائر عمل المشرع الجزائري سن نصوص قانونية تجرم هذا السلوك ،والذي له
نطاق واسع من المفاهيم و مجال أوسع للقوانين الصادرة لردعه ،وهذا الموضوع هو محل
.دراستنا
2
مقدمة
كما تكمن أهميته بأنه من المواضيعـ التي يجب ردعها او على األقل الحد منها لضمان
.الحفاظ على النظام العام وبالتالي تحقيق المصلحة العامة
إن الدوافع التي كانت وراء إلى اختيارنا لموضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي
:فيمكن حصرها فيما يلي
عوامل شخصية بحثة تتجلى اساسا في الميول إلى القانون الخاص بصفة عامة والقانون-
.الجنائي بصفة خاصة
-موضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي من المواضيع التي تحدث جدال دائما للرأ
.العام
موضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي هو احد المواضيعـ التي برزت في الجزائر
:نهدف من خالل هذا الموضوع إلى ابراز الجوانب المتمثلة فيما يلي
– .إبراز آليات بروز السلوك االجرامي من أسباب انتشاره و وسائل الوقاية منه
3
مقدمة
– .إبراز دور القانون الجنائي في مكافحة هذا السلوك
موضوع السلوك االجرامي يعتبر من المواضيع الواسعة لكن من الناحية العامة وليس من-
.الناحية القانونية
محمد صبحي نجم ،المدخل إلى علم اإلجرام و علم العقاب ،ديوان المطبوعات الجامعية،
.الطبعة الثانية ،الجزائر1988 ،
اسحاق إبراهيم منصور ،موجز في علم اإلجرام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة
.الثانية ،الجزائر ،سنة 1991
4
مقدمة
:سابعا االشكالية
:ثامنا الخطة
:الفصل األول
االطار المفاهيمي
للسلوك االجرامي
:الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي
يعتبر السلوك االجرامي أحد الظواهر الخطيرة التي تهدد حياة المجتمع ،كذلك تثير الجدل
منذ القدم ،نظرا لتوسع مجاله ،وبالتالي له عدة مفاهيم تختلف باختالف العصور
.والنظريات والمذاهب التي يؤول إليها الفالسفة والعلماء والفقهاء ضمن هذا الموضوع
كما يكمن سبب بروز هذا السلوك لعدة عوامل ساهمت في انتشاره ،اذ اصبح كآفة حقيقية
غرزت في شتى المجاالت ،سواء اجتماعية ،سياسية ،اقتصادية ،وحتى المجال
1
التكنولوجي ،وخير مثال الجرائم االكترونية
حيث يسعى العالم بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة إلى ايجاد حلول لمجابهة والحد من
.السلوك االجرامي ،لتحقيق النظام العام بعناصره الثالث
:ومن هذا المنطلق ،قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين نبرز فيهما مايلي
محمد صبحي نجم ،المدخل إلى علم اإلجرام و علم العقاب ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الثانية ،الجزائر ،سنة ،1988ص1(.21
7
يختلف مفهوم السلوك االجرامي من جهة إلى أخرى ،من مجال إلى مجال ،وهذا باختالف
العصور ،إضافة الى التطور التكنولوجي الذي واكب هذه السنين ،وباختالف تخصص
.العلماء والفالسفة والفقهاء ،وأيضا بالنظر إلى تأثرهم بمختلف الجوانب
فمفهوم السلوك االجرامي هو مفهوم واسع غير دقيق ،مما يؤدي إلى اختالف النظريات
1
التي حاولت العمل للوصول إلى تعريف دقيق لهذا السلوك حسبهم
ومن جانب آخر هناك عدة مذاهب حاولت ايجاد تعريف لهذا السلوك ،والتي اختلفت بمرور
.السنين
:ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي
إسحاق ابراهيم منصور ،موجز في علم اإلجرام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة الثانية ،الجزائر ،سنة ،1991ص1(48
8
تعددت مفاهيم السلوك االجرامي بتعدد الفالسفة والنظريات و تعدد العصور،ـ هذا ما أدى
إلى عدم وجود مفهوم دقيق لتوضيح هذه الظاهرة الخطيرة ،و يعود سبب ذلك لدخولها في
شتى المجاالت ،فبرغم من تعدد مفاهيم السلوك االجرامي ،فالخاصية المشتركة أنه سلوك
مرفوض ومخالف للقانون الجنائي ،وبالتالي فلصاحبه عقوبة حسب نوع و جسامة الجريمة
1
المرتكبة من طرفه
ومن هذا المنطلق برزت عدة نظريات حاولت وضعمفهوم دقيق لهذا السلوك ،وبالتالي
.حصره في جانب معين ،وهذا ما سنطرق اليه في هذا المطلب
:وبهذا قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
9
الفصل األول:اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي
ان مفهوم السلوك االجرامي في نظرية التفكك االجتماعي يشمل ظواهر اجتماعية وثقافية
عديدة ،فهو يشير إلى تناقض وصراع المعايير الثقافية ،وضعف أثر قواعد السلوك
ومعاييره وصراع االدوار االجتماعية ،وأخيرا إلى انهيار الجماعات وبالتلي انهيار
1
وظيفتها.
وقد ربطت نظريات اجتماعية عديدة بين السلوك االجرامي والتفكك االجتماعي ،وافترضت
2
ان السلوك االجرامي ينشأ في ظل وجود مظهرا او اكثر من مظاهر التفكك االجتماعي.
حيث عرف ميشيل مان السلوك االجرامي من خالل ربطه بالتفكك االجتماعي على أنه
جملة من االضطربات تتدهور مع تفاقمها نتيجة تغير اجتماعي ،وبالتالي تؤثر سلبا على
3
الضبط االجتماعي بالمجتمع.
ومن النظريات ايضا التي قدمت في إطار التفكك االجتماعي نظرية "شو" ،الذي افترض
أن اكبر تجمع للمجرمين والجانحين يكون في أماكن تتسم بالتفكك االجتماعي ،بحيث
يصبح المجتمع كلي لهذه األماكن مفككا ،و تضعف رقابته على اعضائه ،وينعدم تكامل
النظم االجتماعية فيه ،وبالتالي فمن المتوقع أن تصبح األنماط االجرامية شائعة وتنتقل
4
بسهولة من شخص إلى اخر ،وبالتالي اكتساب سلوك االجرامي.
تصنف هذه النظرية ضمن النظريات االجتماعية و صاحبها هوعالم االجتماع واالجرام
األمريكي ثور ستين سيلين ,ومؤدى هذه النظرية أنه قواعد القانون الجنائي تعكس
األفكارالخلقية والمعنوية واآلداب لحضارة معينة في لحظة زمنية معينة ,فمهمة هذا القانون
)1مؤمنة فيصل مبارك محي الدين ،علم االجتماع والعقاب ،القاهرة ،مصر ،2017ص65
احمد ابو زنط ،اثر التفكك االجتماعي في انتشار ظاهرة الجريمة ،عمان ،االردن،2016 ،ص2(31
مؤمنة فيصل مبارك محي الدين ،مرجع سابق ،ص3(73
احمد ابو زنط ،مرجع سابق ،ص4(40
10
الفصل األول :اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي
حماية تلك القيم واآلداب عن طريق قواعد قانونية تقرر الجزاءات الجنائية المختلفة لمن
1
تسول نفسه االعتداء عليها بأفعال يعتبرها القانون جرائم .
وللتوضيح? اكثر نقول بأنه يوجد في المجتمع ثقافة عامة وثقافات الفرعية ,فالطفل يتلقى
داخل أسرته ثقافة معينة ,وقد يتلقى في المدرسة مع الزمالء ثقافة مغايرة لثقافه األسرة
وفي العمل قد يتلقى ثقافة ثالثة مغايرة للثقافتين السابقتين ,وكل هذه الثقافة تعتبر ثقافات
فرعيه ,قد تتصادم فيما بينها وقد تتفق ,كما قد تتصادم مع الثقافة العامة للمجتمع ,وهي الثقافة
المحمية في القانون الجنائيويكون تصارع الثقافات واضحا في الدول المتكونةمن عدة أعراق
أوعدة اديان ومذاهب ،يتحتم فيها وجود عدة ثقافات ,ويتعذر معها في الوقت ذاته إيجاد
ثقافة عامة متفق عليها,والجرائمـ التي ترتكب بسبب تصارع الثقافات ترتكب عن قناعة من
أصحابها ,فال ينتابهمشعوربالندم الن ما أقدموا عليه ال يعتبر إجراما في ثقافتهم الفرعية
2
الخاصة .
أما في بعض الدول األوروبية مثل فرنسا تعيش عند جاليات لها ثقافتها الخاصة قد تصطدم
بثقافة الدولة العامة المحمية بالقانون ,فالقانون الفرنسي مثال يمنع تعدد الزوجات متماشيا
مع الثقافة العامة المسيحية ,واإلسالم ال يمنع ذلك فإذا أقدم مسلم على التعدد فهو في نظر
القانون المجرم وهو ال يشعر بذلك بتاتا ,ومن أمثلة ذلك أيضا القانون الفرنسي الجديد الذي
يمنع استعمال األزياء الدينية في المدارسـ ومنها الحجاب ,وهو يصل التصارع الثقافي إلى
3
اقصى مداه ,قانون فرنسي يجرم الحجاب ,وتشريع إسالمي يفرضه .
وكما توجد بين الشعوب والعراقيه ثقافات فرعية يوجد أيضا ثقافة فرعيه بين الشباب
والمراهقين وفي العديد من المجتمعات في الكثير من المراهقين ينظرون إلى قيمة الحب
ولذلك فهم يقدمون عليه دون أدنى تحفظ وعنده من التمرينات الخاصة ،
) 1القهوجي والشاذلي ،علم اإلجرام و علم العقاب ،ديوان المطبوعات الجامعية ،القاهرة ،مصر،1999 ،ص91
)2القهوجي و الشاذلي ،مرجع نفسه ،ص.92
)3القهوجي و الشاذلي ،مرجع نفسه ،ص93
11
مما يجعلهم يشعرون بأن ذلك من وكده حقوقهم ونفس األمر بالنسبة لي الجرائم األخرى
حيث ينظر البعض إلى سرقة مثال بأنها فتنة وتوفيق في تحصيل المال في أيسر السبل
1
ويعتبر آخر فإن مثل مسميات األشياء تختلف بين الثقافة العامة والثقافة الفرعية.
إن هذه النظرية على جانب كبير من الصوابـ الخاصة في الجرائم التي ترتكب عن قناعة
من أصحابها وال شك أن جرائم الحروب ,وما يسمى بجرائم اإلرهاب أنما هيفي الحقيقة
صراع بين الثقافتين ,ثقافة ترى أن لها الحق في الهجوم ,و أخرى ترى أن لها الحق في
الدفاع ,واختالف الثقافات بين الشعوب أمرا منطقي ,واقوى ما يوحد اوما يقارب بين تلك
الثقافات هو الدين ,وبغيره ال يمكن ألي دولة أن تفرضثقافة عامة على جميع فئاتها ,فالبد
أن تكون السلوكات المجرمة مقبولة لدى الرأي العام ,وال بد ان يكون هدا الرأي متفقا مع
الدين ,فإذا فرضت الدولة ثقافة عامة غير مقبولة لدى الرأي العام أو قوانين ال تتماشى مع
دينه فستنتج الجرائم حتما ,وهذا ما يفسر فشل الدول االستعمارية في فرض قوانينها
خصوصا في البالد اإلسالمية ,كما يفسر االضطرابات والحروب األهلية التي تقع بين
األهالي في بعض الدول ,ففي بعض الدول اإلسالمية التي لم تحرم قوانينها بعض مع
حرمة اإلسالم كازنا و تناول المسكرات ,يؤدي ذلك ببعض األفراد إلى االعتداء على
هؤالء تحت مسمى تغيير المنكر الذي يوجبه اإلسالم ,ويقعون نتيجة ذلك تحت طائلة
2
القانون الذي يحمي الحريات العامة .
الفرع الثالث :نظرية النفسية للسلوك االجرامي
تفسر النظريات النغسية للسلوك االجرامي على أنه سلوك متعلم ،يتم اكتسابه من خالل
مختلف عمليات التفاعل االجتماعي ،وتحاول التفسيرات النفسية االجتماعية أن تقف كحلقة
وصل بين التفسيرات البيئية للجريمة ،كما قدمتها النظريات البيئية ،ومن بين التفسيرات
)1القهوجي و الشاذلي ،مرجع سابق ،ص94
)2القهوجي و الشاذلي ،مرجع سابق ،ص94
12
والتفاعالت المتبادلة بين الناس وبيئتهم االجتماعية ،والتي تفسر لماذا يقدم بعض االشخاص
الى ارتكاب السلوك االجرامي وال يقدم البعض االخر.
ومن النظريات النفسية للسلوك االجرامي نظرية الضبط والتي تفترض أن هذا السلوك هو
االنحراف الذي يكون ساكنا لدى جميع الناس ،لذلك نجد بعضهم يمكن أن يسلكو سلوكا
1
مضادا للمجتمع ،إذا لم يتعلم أن يفعل عكس ذلك .
يؤكد هايرشي أن هناك أربعة متغيرات للضبط يمثل كل منها رابطة اجتماعية رئيسية،
وهي المودة وااللتزام واالندماج واالعتقاد .وهذه المتغيرات من شأنها أن تساعد على عدم
تفشي الجرائم في المجتمع .ويرتبط الشباب الصغير بالمجتمع بمستويات عديدة ،ومن ثم فهم
:يختلفون فيما بينهم فيما يلي
أما ريكلز فقدافترض انه كلما كان هناك احتواء خارجي كبير في المجتمع (متمثال في
الضبط االجتماعي) أمكن التحكم في معدل الجرائم .فإذا كان المجتمع متكامال بصورة جيدة،
مع تحديد دقيق لألدوار االجتماعية ،وحدود السلوك ،والنظام العائلي الفعال واإلشراف
وتدعيم األفعال اإليجابية ،فيمكن إذن احتواء انتشار الجرائم .ولكن إذا كانت أساليب الضبط
الخارجية هذه ضعيفة أو غير موجودة ،فإن االحتواء الداخلي (ممثال في القيود الداخلية
3
واألنا األعلى) يصبح هو المهم في الوقاية من االنزالق نحو االنحراف والجنوح.
منير العصرة ،انحراف االحداث ومشكلة العوامل ،المكتبـ المصري للطباعة والنشر ،مصر،1974،ص 2)21
منير العصرة ،مرجع نفسه ،ص3(23
13
ويبرز وجود االحتواء الداخلي الفعال من خالل مجموعة من المؤشرات أهمها قوة األنا،
1
والقدرة على تحمل اإلحباط ،ومقاومة التشتت ،والقدرة على إيجاد إشباعات بديلة .
ورغم محاولة نظرية الضبط أن تقف موقفا وسطا بين الحتمية البيئية والتفسيرات المحدودة
للعوامل الشخصية في تفسيرها للسلوك اإلجرامي دون افتراض وجود عوامل فطرية
وراثية ،فإنه يؤخذ عليها (وبالذات نظرية االحتواء) أنها تفسر جوانب محدودة من السلوك
2
الجانح أو اإلجرامي كما يدعى أصحابها.
يعالج موضوع السلوك االجرامي عادة ضمن مادة علم االجرام ،عندما نتحدث على
السلوك االجرامي وما يمثله من تعقيد في جذوره و من تباين في تجلياته بشكل غير
مستقر ،فملزمين بالتطرق إلى المذاهب التي تناولت هذا الموضوع ،وإذا كان السلوك
االجرامي يمثل صراعا نفسيا اجتماعيا بل وحتى بيولوجيا أو عضويا لصاحبه ،فاالكيد أن
هذه المذاهب اتفقت على السلوك االجرامي يدخل ضمن خانة الممنوعات المخالفة
للقانون،حيث ركزت هذه المذاهب على جذور السلوك اإلجرامي على ضوء العلماء الذين
يميلون إلى أحد هذه المدارس التي سنتطرق اليها ،حيث عملوا على شرح هذا السلوك و
.تحليله من خالل تحديد الفكر االنساني الذي أدى به الى هذا
:ومن خالل هذا المنطلق ،قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
وتتلخص نظرية لمبروزو ،في أن المجرم يتميز عن غيره بصفات خاصة عضوية ونفســية؛
فمن الناحيــة العضــوية ،الحــظ أن للمجــرم مالمح خاصــة ،تكمن في عــدم انتظــام جمجمتــه؛
حيث شملت أبحاثه ثالث مئة وثالث وثمانونجمجمة لمجرمين موتى ،وحوالي ســتةآالف من
المجرمين األحياء (بالضبط )5907الحظ من خاللها وجود تجويف غير عادي في ُمَؤ ِّخ َر ِة
3
الجمجمة ،يشبه ذلك الذي يوجد لدى بعض الحيوانات الدنيا (القردة).
) 1عبد الرحمن العيسوي ،الوجيز في علم اإلجرام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،القاهرة ،مصر،1989 ،ص67
أما المدرسة التكوينية األمريكية ،من ابــرز المؤيــدين لنظريــة لمــبروزو في أمريكــا ،أســتاذ
االنتروبولوجيــا بجامعــة هارفــارد ارنســت هوتــون ، هــذا األخــير الــذي تنــاول بــالفحص
والتمحيص المجــرم األمــريكي ،من خالل دراســة مــا ســبق من أبحــاث ودراســات حــول
ً
متخذا ألبحاثــه مجموعــات كبــيرة من المجــرمين وغــير المجــرمين ،انتقــاهم من الموضوع،
ثماني واليات أمريكية ،مراعيًا في اختيارهم ظــروفهم الخاصــة ،وعامــل الجنس والجنســية.
وقد خلص هوتون في أبحاثه إلى وجود صــفات انحطاطيــة موروثــة (بيولوجيــة) يتمــيز بهــا
المجرمون ،وٲن هذه الصفات تتعلق بشكل العينين واألنف والفم واألذنين والجبهة ،ومقاييس
هــذه األعضــاء .ولهــذا االنحطــاط والشــذوذ البــدني ،الــذي يــدل على انحطــاط عقلي حســب
هوتون ،أهمية في تــبرير الظــاهرة اإلجراميــة ،هــذا فضــال عن اعتمــاده في بعض دراســاته
وتحديدا المتعلقة بسكان أمريكا الالتينية التصنيفـ الساللي العرقي .1
كما استخلص هوتون من دراساته ،أن من بين هؤالء المجــرمين يتمــيز مرتكبــوا نــوع معين
من الجــرائم بصــفات مشــتركة ،تمــيزهم عمن يرتكبــون جــرائم من نــوع آخــر ،فمثال هنــاك
صفات تميز مرتكبي الجرائم التي تقـع ضـد األشـخاص كجـرائم القتـل والنهب ،حيث يتمـيز
مقترفوها بطول القامة ونحافة الجسم ...في ما يتميز الذين يرتكبون الجرائم الجنســية بقصــر
القامة والوزن المفرط...
وهكذا رد هوتون الجريمة إلى انحطاطية تكوينية موروثة ،يتميز بها المجرمون وحدهم
يمكن َت َعرُّ فٌ َها من خالل مالمح المجرمين ،وأوصافهم الجسدية؛ مؤي ًدا بذلك ما ذهب إليه
لمبروزو في كتابه «الرجل المجرم» ،وان كان هوتون قد ارتأى في االنحطاطية
االجتماعية (المهنة ،الحالة االجتماعية )...داف ًعا أيضا لإلجرام وان لم يركز عليها كما فعل
2
بالنسبة إلى العوامل الفردية (الجسدية)
)1
احمد ابو زنط ،مرجع سابق ،ص179
وتقوم فكرة التكوين اإلجرامي ،أو االستعداد اإلجرامي حسب دي توليو ،على وجود نــوعين
من العوامل˸ األولى تكمن في وجود خلــل في النمــو العــاطفي لــدى المجــرم؛ بســبب عوامــل
داخلية تتصل بغرائزه ،وهــو مــا يصــعب عليــه تقبــل القيم االجتماعيــة الســائدة في مجتمعــه.
والثانية تتمثل في العيــوب الجســمانية ،الناجمــة عن الخلــل الــوظيفي ذي الصــلة بــاإلفرازات
الغددية ،وهذا النوع من العوامل ،هو الذي يخلــق الشخصــية الســيكوباتية غــير القــادرة على
1
التوافق مع المجتمع.
تطرقنا في المبحث األول عن مفهــوم الســلوك االجــرامي بنــاءا على عــدة نظريــات ،وكــذلك
درسنا المذاهب التي تناولت هذا الموضوع ،حسب وجهة نظر كل مذهب.
وبخصــوص هــذا المبحث ســنتناول اليــات بــروز الســلوك االجــرامي من خالل التعمــق في
العوامــل الــتي ادت الى انتشــاره ،إضــافة الى التكلم وطــرح وســائل الوقايــة من الســلوك
االجرامي.
ومن خالل هذا المنطلق قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي:
كما يدخل في اطار هذا العامل الدفاع عن النفس ،حيثيقع اإلنسان أحيانا ً في مشكالت خطيرة
تدفع أحداً ما لتهديده بالقتل مثالً أو حتى محاولة قتله ،فتدفعه غريزة البقاء إلى اتباع السلوك
اإلجرامي فيقوم بأفعال غير قانونية بهدف الدفاع عن نفسه ،ويختلف نوع هذه األفعال
2
ودرجة خطورتها باختالف التهديد المعرض له والضغط النفسي الذي يعيشه.
القهوجي والشاذلي ،مرجع سابق ،ص1(108
19
إضافة إلى هذا ،تدخل اثبات الذات ضمن هذا العامل ،حيث تختلف الطرائق التي يتبعها
البشر في إثبات قدراتهم في الحياة ،فبعضهم يختار العلم أو المال وسيلة لذلك ،وبعضهم
اآلخر يقوم بسلوكات عدوانية بهدف إثبات نفسه من خالل إخافة المحيطين به ،لكن قد
يتطور األمر ويصل إلى السرقة والسلب أو االختطاف واالغتصاب ،وغالبا ً ما يقوم بتطبيق
1
هذه الجرائم على أشخاص تحدوه سابقا ً وكسبوا التحدي فيريد االنتقام منهم.
الى جانب التربية ،فاإلنسان وليد البيئة المحيطة به ،لذلك إن كبر في بيئة تنظر إلى السرقة
أو الضرب أو القتل على أ َّنهم أمر طبيعي الحدوث فليس من الغريب قيامه بهذه األفعال،
فكما يتأثر اإلنسان بصالح من حوله يتأثر بفسادهم أيضاً ،وينطبق األمر نفسه عندما تكثر
.مشاهدة األفالم والمسلسالت التي تعرض مشاهد العنف وتتحدث عن الجرائم
الشخص الناضج يمكنه استيعاب ذلك ،ولكنَّ مشاهدة الطفل لتلك المشاهد قد تدفعه إلى
تقليدهم ليصبح السلوك اإلجرامي هو سلوكه الطبيعي ،وبحسب ما ذكره الباحث "ألبرت
باندروا" فإنَّ الطفل يتعلم السلوك اإلجرامي من خالل نماذج أساسية ثالثة هي األسرة
3
والمحيط االجتماعي ووسائل اإلعالم.
20
الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي
واخيرا أحد اركان العامل العائلي الحالة النفسية ،اذال يمكن الفصل بين بعض االمراض
النفسية ،والسلوك االجرامي مثل االنفصام واالكتئاب ،أو حاالت الهوس التي تدفع اإلنسان
إلى ارتكاب الجرائم بدم بارد وكأنَّ عقله مغيَّب تماماً ،فال يستطيع معرفة مدى خطورة
تصرفاته نتيجة غياب الوعي الالزم لتقدير نتائج أفعاله ،فقد سمعنا أنَّ شخصا ً قام بقتل
زوجته وطفليه ثم انتحر بسبب ضغط نفسي كان يمر به لسنوات على الرغم من كونه
شخصا ً متعلما ً ويعمل بمكان جيد ولم يب ِد مسبقا ً أيَّة تصرفات مسيئة أو إجرامية ،إال أ َّنه في
1
الواقع كان يعاني من اضطراب نفسي أدى إلى سلوكه اإلجرامي
تنقسم العوامل االقتصادية الدافعة إلى السلوك اإلجرامي إلى عوامل اقتصادية عامة وخاصة
ويراد بالعوامل االقتصادية العامة تلك العوامل التي تتعلق بالمجتمع بأسره ومن أمثلتها
التطور االقتصادي وحالة الكساد االقتصادي والتقلبات االقتصادية والرخاء العام وغيرها,
أما العوامل االقتصادية الخاصة فيراد بها تلك العوامل التي تتعلق بأفراد المجتمع كال على
حده ومن أمثلتها حالة الفقر أو الغنى والبطالة هذا وتشكل العوامل االقتصادية سواء كانت
العامة أو الخاصة دافع للنية نحو ارتكاب السلوك اإلجرامي إال أنه ليس العامل الوحيد أو
الحاسم في ارتكاب هذا السلوك وانما هو يساهم في ذلك متى ما تضافرت معه عوامل
أخرى مساعدة ومن أهم الجرائم المرتكبة بسبب العامل االقتصادي ،الجرائم االقتصادية
والمالية مثل جرائم التموين وجرائم التهريب الكمركي بسبب قسوة األعباء الضريبية
المفروضة على األفراد وجرائم التعامل بالنقد األجنبي خارج النطاق الذي تسمح به قوانين
2
النقد وكذلك الجرائم الواقعة على األموال .
(1 العوامل الخارجية للسلوك اإلجرامي ,مقالة نشرت على شبكة االنترنيت على الموقع
،Www.djelfa.comص2022،.7
محمد عبد هللا الوريكات ،اصول علم اإلجرام و علم العقاب ،دار المعارف ،مسقط ،عمان،2004 ،ص2)30
21
حيث يدفع الفقر والحاجة إلى ارتكاب العديد من هذه الجرائم كالسرقة والنصبـ وخيانة
األمانة لعجز الفرد عن إشباع حاجاته بالطرق المشروعة وكذلك الجرائم الواقعة على
األشخاص حيث يظن البعض خطأ أن هذه الجرائم ليس لها عالقة بالعامل االقتصادي وهذا
ظن غير صحيح ألن العامل االقتصادي قد يكون دافع للنية الرتكاب هذه الجرائم مثل
جريمة إجهاض الزوجة أو قتل األطفال الحديثي الوالدة خشية اإلمالق وكذلك جريمة خطف
أحد األفراد ألجل الحصول على المال أو جريمة القتل بهدف الحصول على اإلرث وغيرها
وأيضا ً من الجرائم المرتكبة بسبب هذا العامل جرائم االعتداء على العرض سواء من قبل
األثرياء أو الفقراء فبالنسبة إلى األثرياء قد تكون كثرة أموالهم دافع نحو إشباع ملذاتهم
الشخصية بشكل غير مشروع كأن يكون ذلك عن طريق جرائم الزنا وفي نفس الوقت هو
دافع لبعض الفتيات للمتاجرة بأعراضهن نتيجة المشاكل االقتصادية فتكثر جرائم البغاء
والفسق والفجور ,أما الفقراء فقد يرتكبون هذه الطائفة من الجرائم أيضا بسبب سوء أحوالهم
1
االقتصادية السيما الشباب الذي ال تمكنهم أحوالهم المادية من الزواج .
تزايد السلوك االجرامي مع مرور الزمن زيادة مخيفة ،حيث اصبحت الجرائم تمارس
بصفة عادية و متكررة ،ويعود سبب ذلك إلى العوامل المذكورة سلفا ،إذ اصبح ينتهك
.حرمة االنسان وعرضه و حتي حياته
لذلك ،تسعى الدول جاهدة و منها الجزائر لوضع اساليب مختلفة لمجابهة او حتى الحد من
.هذه الظاهرة الخطيرة ،و تكمن هذه االساليب في وسائل للوقاية منه
:وبهذا المنطلق ،قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
22
يمكنالوقايةمنالسلوكاالجراميعبرالوعظواالرشادوالنصحوذكراالمورالسلبيةوالمخاطروهذاالتوـ
جيهيكونمباشرليتعلمالطفلكيفيسلكطريقمعينيتناغممععمرهومرحلةنموهومتطلباتحياتهاليوميةدوـ
نانحرافعنالقواعدواألعرافاالجتماعية .والطـريقـةغيـرالمباشـرةهيطريقةاإليحاء.ـ
كأنيلقناألطفاألحسنالشعرفيالحكموأحسنالنصائحواألخبارويمنعواالنظرفيالشعرالسخيفوقدثبتفيعل
1
مالنفسماللطريقتينمنأثركبيرفيتربيةالطفل.ـ
ايضامناساليبالوقاية,
المــحـاكـاةوالقدوةالصالحةفللمحاكاةأثراًكبيراًفيالتربيةالخلقيةوالعقليةوذلكألنالتقليدعاملرئيسيفياـ
لمرحلةاألولىلتكوينالعادة،فالطفليرىالشيءيفعألمامهفيحاكيهويكررهحتىيصيرعادةله،لهذاأوصىا
بنسينابمايناديبهعلمالنفساليومبأنالمقلديجبأنيكونقدوةطيبةونموذجاًحسناً،حتىاليتركأثراًسيئاًفينفسال
طفاللمقلدحيثثبتفيعلمالنفسأنالقدوةتبنيالطفإلنكانتخيرةصالحة،وتهدمهإنكانتفاسدةأل َّنهبطبيعتهيحا
2
كيمايحدثفيالمجتمعالذييحيطبه،حسناًكانأوقبيحاً.
منير العصرة ،مرجع سابق ،ص1(203
23
وضع برامج تدريب قائمة على المهارات و تصميم مختلف البرامج المفيدة
) 1عبد الوهاب حومد ،نظرات معاصرة في علم اإلجرام ،مجلة الحقوق ،بدون طبعة ،الكويت ،2011 ،ص 56
)2عبد الوهاب حومد ،مرجع نفسه ،ص57
24
الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي
.القيام بدوريات يومية من طرف الشرطة والدرك الوطني عبر االحياء المعروفة بالجريمة
25
الفصل الثاني
االطار القانوني
للسلوك االجرامي
الفصل الثاني :اإلطار القانوني للسلوك اإلجرامي
يعتبر السلوك االجرامي ظاهرةقديمةارتبطتبوجوداالنسان البدائيعلىاألرض،فال يمكنتصور
وقوع جريمة نتيجة هذا السلوك بدون إنسان .
وبمرور الزمن ،ومن خالل التطور الحاصل في شتى المجاالت ،تطورت الجرائم و ازدادت
ببروز السلوك االجرامي في الساحة ،وبالتالي ظهور جرائم جديدة التي تكاثرت بصفة
معتبرة ،لهذا البد من استحداث قانون العقوبات ليواكب هذا التطور.
فالسلوك االجرامي والجريمة هو فعليمنعه القانونويقررلمرتكبيهعقوبة ،وهذه االخيرة يجب
أن تتالئم مع درجة الجرم المرتكب ،وبعض حاالت االمتناع التي يعاقب عليها.
ومنهفالجريمةهيفعألوامتناعيحضرهالقانونويقرعقوبةلمن ارتكبها.
ونتيجة لتنوع وتعدد الجرائم ،كانتهذه االخيرةترتكبمنطرفشخصواحدبمفردهمثلما
كانمعروفافيالسابق ،فتقع المسؤولية الجنائية عليه وحده.
أما في الحاضر،أصبحتترتكبمنطرفعدةأشخاص ،وبالتالي تقع عليهم المسؤولية الجنائية
كلهم ،وهذه السلوكيات االجرامية يعاقب عليها قانون العقوبات مثلما يشير النص
التجريمي ،وتعرف بالظروف العادية.
ومن خالل مقولة لكل قاعدة استثناء ،هناك جرائم ترتكب لكن ال يعاقب عليها قانون
العقوبات.
بالرغم من انها تدخل ضمن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات وبالرغم من
توافر كل األركان والسلوك االجرامي ،وهذه تدخل ضمن الظروف االستثنائية.
ومن هذا المنطلق قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين نبرز فيهما مايلي:
المبحث األول :السلوك االجرامي في الظروف العادية
المبحث الثاني :السلوك االجرامي في الظروف االستثنائية
27
تتميز السلوكيات االجرامية في الظروف العادية بعدة أنواع للجرائم ،فهناك منها من
ترتكب من طرف شخص واحد ،وهناك من ترتكب من طرف عدة أشخاص باختالف
.السلوك االجرامي لكليهما ،هذه االخيرة ما تسمى المساهمة الجنائية
وبالرجوعإلىالمشرعالجزائريفقدوضعأحكامالمساهمةالجنائیةتحتعنوانـ
"المساهمةفيالجریمةفيقانونالعقوباتمعرفاكلمنالفاعلوالشریكفيالمادةالواحد واالربعونوالثانيةـ
1
واالربعون منهذا القانون .
األمر رقم ،66/156مؤرخفي 08یونیو 1966 ،یتضمنقانونالعقوبات ،المعدل والمتمم ،العدد ،07فبراير 1(.2014
28
:ومن خالل هذا المنطلق ،قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي
29
الفصل الثاني :االطار القانوني للسلوك االجرامي
تنفیذالجریمةأوجزءمنه،ویطلقعلىمرتكبهاالمساهماألصليأوالمحرضأوالفاعل
.المعنوي
یمكنأنیرتكبالفعالألصليللجریمةمنطرفشخصواحدوبمفرده ،فهناتقوم
2
الجریمةثمرةنشاطه،وبالتاليیكونالشخصهوفاعلهاالوحید.
وبالتالي فالمساهمة الجنائية االصلية بالنظرإلىمفهومالفاعليختلف إذا كان الفاعل ماديا او
3
محرضا او فاعل معنوي.
وبالنظر إلى اركان المساهمة الجنائية االصلية ،فيجب توافر الركن الشرعي والمعنوي
.وأخيرا الركن المادي ،نظرا الرتباطه بالسلوك االجرامي
سمير عالية ،الوسيط في شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة األولى ،المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع ،لبنان ،2010 ،ص1(400
سمير عالية ،مرجع نفسه ،ص2(426
عبد الرحمان خلفي ،محاضرات في القانون الجنائي العام ،الطبعة الثانية ،دار الهدى ،الجزائر ،2012،ص3(.127
30
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
هذه االخيرة ،تقع طبقا للعالقة السببية المادية التي تربط بين فعل كل فاعل لتلك الجريمة
1
ونشاطه.
اضافة لهذا ،غيره من الفاعلين لتلك الجريمة ،أي بمعنى اخر ،أن الفاعل هو من ابرز إلى
2
حيز الوجود للعناصر التي تؤلف الجريمة.
:ومن خالل هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
31
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
تم إعطاء تعريف للفاعل المباشر من طرف المشرع بإستقراء نصالمادةالواحدة واالربعون
:السالفة الذكرمنقانونالعقوباتالجزائريوالتيتنصعلىمایليـ
یعتبرفاعالًكلمنساهممساهمةمباشرةفيتنفیذالجریمة."...ـ "1
اذال يعد من قام بها سواء شخص واحد أو عدة أشخاص ،وكلمنقامبهذه األفعال يكون فاعال
2
مباشرا ويحاسب كما لو ارتكبها لوحده.
ومثال على هذا ،إذا اشترى الجاني سكينا لدى شخص او بائع ،لكن الجاني استعمله لزهق
روحالمجني عليه وأرداه قتيال ،فهنایكونالجانيلوحدهفاعألصليمادام أنه نفذ ركن المادي
3
للجريمة بإرادته لوحده ،ويالتالي ليس للبائع أي سلوك اجرامي.
32
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
وأبرز مثال على هذا ،كأن ينهال أشخاص على الضحية بالضرب حتى وفاتها ،وقد تقسم
.األدوارفیمابینهم ،كأن يقوم أحدهم بالحراسة واألخر بإمساك الضحية والثالث بضربها
فكلواحدمنهمیعتبرفاعالً اصليا ،مادامت نيتهم متحدة على ارتكاب الفعل االجرامي من جهة،
وبروز سلوكهم اإلجرامي وهو القتل من جهة اخري ،وكانوا متواجدين على مسرح
2
الجريمة من جهة ثالثة.
والفاعاللمباشرليسفقطمنينفذالعماللماديحتىنهايتهإذيصلحوصفالفاعاللماديعليمنحاوالرتكابالجري
4
مةبلوحتىمنارتكبجريمةخائبة.
33
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
.شريك وليس فاعل ،لكن قانون العقوبات الجزائري يقر بأن المحرض فاعال للجريمة
وجاء هذا بعد التعديل الذي اقره المشرع الجزائري في قانون العقوبات سنة 1982تحت
رقم 04/82.1
وبهذا ،نجد نص المادة الواحدة واالربعون السالفة الذكر والتي نصت على :يعتبر فاعال كل
من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ
الجريمةأوحرضعلىارتكابالفعلبالهبةأوالوعدأوالتهدیدأوإساءةاستعمااللسلطةأوالوالیةـ أو التحايل
2
او التدليس االجرامي.
.تحریضهعلىالقیامبهاوتقویةتصمیمهعلىارتكابها،منأجلتحقیقهدفمعین
وهناك تعريف اخر يتمثل في الضغط القوي على ارادة الشخص الذي سيكون الفاعل
4
االصلي ،بحیثیزرعفیهالخوفأواألمل.ـ
3)Jacques Henri –Robert, Droit pénal généra, sans édition; collection Thémis, 1998, p.322.
ويقصد بالتحريض ايضا خلق او زرع فكرة جريمة في نفس الفاعل و دعمها اليه ان كانت
.غير راسخة او غير حاسمة
35
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
وكذلك ايضا سلطة الخادم على مخدومه واقناعه بدس السم للزائر،
كمایمكنأنتكونصورةالتأثیرأساسهاالسلطةالوالئیةمثلسلطةاألبعلىابنهفیكوناألولمحرضاـ والثاني
.منفذا
الجریمة ،و
فیهایتعمدالمحرضإلىالكذبوقدیعضدهبأفعاألوبأقواألخرىلغیرهتدفعهإلىارتكابالجریمة،
كأنتقعسرقةعلیه ،ویعمدالمحرضأنیدلهعلىغیرالسارق ،لینتقممنه ،وقد يعتمد كذبه على افعال
2
مفتعلة او شهادات زور.
36
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
وبهذا اليمكن اعتبار الفاعل المعنوي محرضا ،ألنهما يتفقان فقط في أن یریدانتحقیق
37
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
أما عن الوسائل التي يقوم بها الركن المادي للفاعل المعنوي ،لم يحدده القانون ،ألن
المشرع یعتدبجمیعالوسائلبدونتمییز ،و
التيتؤديبدورهاإلىحماللشخصغیرالمسؤولعلىتنفیذالجریمة ،فقدیلجأإلىاإلغارءوالترغیبأوالتهدید،ـ
والترهیبوذلكلسیطرةعلىالمنفذ،ـ لیتمكنبعدذلكبتوجیههالرتكابالجریمة،ـ ألن
الفاعاللمعنويیعتمدعلىإستراتیجیة اوال
1
علىمنفذهبجمیعالوسائلویعدالتأكدمنذلكسعىالفاعاللمعنويبتحریكهنحوارتكابالجریمة .
38
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
المساهمة الجنائية التبعية هي عبارة عن نشاط أو سلوك يرتبط بالفعل الجرمي الصادر من
الفاعل األصلي للجريمة مما يؤدي إلى إدخال مرتكب هذا النشاط تحت طائلة العقاب إذ أن
نشاط المساهم التبعي أو سلوكه ال يتضمن تنفيذاً للـركن المادي للجريمة ،ولكن هذا ال يمنع
من القول بوجود رابطة بين هذا السلوك أو النشاط والفعل اإلجرامي ونتيجة هذه الرابطة
1
هي رابطة السببية .
فالمساهمة التبعية تستوجب أن يكون هناك نشاط صادر من الشريك وهذا النشاط غير مجرَّ م
في القانون لذاته ولوال صلته بالفعل اإلجرامي الذي يرتكبه الغير لما وقع على الشريك
العقاب ،وعليه فأن الشريك وما يقوم به من نشاط يستمد صفته اإلجرامية من أجرام الفاعل
األصلي للجريمة ،فهو كما يعرفه الدكتور أحمد فتحي سرور بأنه (إعارة قاصرة على
2
الجريمة دون مرتكبها) .
وبالنسبة لتعریف الشریك فهو ذلك الشخص الذي ساهم في ارتكاب الجریمة ،إذ ال یقوم
،بدور في تكوین الركن المادي للجریمة ،بل یقوم باألعمال تحضیریة ال عقاب علیها
بحیث تعتبر هذه األعمال مرتبطةبفعل إجرامي برابطة سببية ،وبالنظر إلى هذا النشاط ال
يعد تنفيذا للجريمة ،ألنه لیس مساهم أصلي بل مساهم تبعي أو ثانوي ،أما بالنسبة
3
لشكاللنشاط فقد یكون مناألعمال المجهزة لوقوع الجریمة أوالمسهلة والمتممة الرتكابها.
39
:ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
یسأاللمساهمالتبعيعنالجریمةالمرتكبةإذاأخذاالشتراكإحدىاألفعااللتيحصرهانصالقانون،
فالیجوزإضافةأفعاألخرىإلیها،أوالقیاسعلىالحاالتالواردةضمنه،ـ ألن
1
هذهالوسائلخارجةعننطاقالمسؤولیة ،ولو كان نشاطه تشجيعا لفاعل الجريمة.
أما قانونالعقوباتالجزائريفإنالنشاطاإلجرامي نجدهفيالمادتین الواحدة واالربعون و الثانية
واألربعون السالفتا الذكر ،و
2
المذكورةعلىسبیاللحصرالوسائاللمستخدمةمنطرفالشریكوهيالمساعدة واالعتياد.
فتعرف المساعدة على أنها تقديم يد العون للفاعل االصلي فيرتكب الجريمة بناءا عليه،
وتكون من خالل األعمال التحضيرية والتي تعرف على أنها
األعمااللتيتسبقمرحلةالتنفیذوالیمكنحصرها ،فهذهاألعمالتعد
منبابالمساعدةالسابقةوالتينعنيبهااألعمااللتحضيرية والتجهيزية ،والعقابعلیهاإذاوقفتدون
تنفيذها ،أما اذا وقعت الجريمة بناءا عليها ،فإن صاحبها يعد شريكا بالمساعدة و
3
یتعینعقابهعلىهذااألساس.ـ
41
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
فاالشتراك في االشتراك هو ارتكاب الجريمة من قبل عدة أشخاص ،قد يكون التقاؤهم على
مسرحها مجرد مصادفة ،أو قد يعقدون بينهم اتفاقاً ،بعد مداولة وتقليب رأي ،ينطلقون بعدئذ
مجتمعين أو متفرقين ،إلى ارتكابها .واألصل أن تكون الجريمة من فعل شخص واحد ،ذلك
أن كل من يقارف جريمة يحرص على أن ال يطلع عليها أحد ،خشية افتضاح أمره ،فإذا
وقع في يد العدالة ،نظرت المحكمة المختصة في التهمة واألدلة ،فإن قنعت بجرميته عاقبته،
3
وإن لم تقنع بها قضت ببراءته.
محمد صبحي نجم ،مرجع سابق ،ص1(201
42
أما الشروع في االشتراك في الجريمة فهو ارتكاب فعل أو سلوك محظور في القانون لكن
1
بدون اكتمال الركن المادي للجريمة .
تكمن أهمیةالعالقة السببية بین نشاط المساهم التبعي و الجریمة في أنها عنصر في الركن
المادي للمساهمة التبعیة ،فإن انتفت یتالشى ذلك الركن ،و لم یعد الشریك محاللمساءلة،
ألن نشاطه لم یكن له تأثیر في وقوع الجریمة ،ألنه يعتبر اجنبيا عنها ،و نجد هناك معاییر
العتبار أن نشاط المساهم التبعي له تأثیر وصلة بالعالقة السببية ،وذلك إذا ثبت أن الجريمة
ما كانت ترتكب لو لم یأتي الشریك بنشاطه فهنا العالقة السببية متوافرة على الرغم من ذلك
3
بین هذا النشاط و الجریمة إذا كان له دور في اتخاذها بصورة معينة .
43
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
إالأنهوكاستثناءمناألصلقدترتكبمنقبلبعضاألشخاص،وبالرغممنذلكالتتممعاقبتهم،وذلكنظرالوج
.ودبعضاألسبابالتيتبیحارتكابالجریمة
حيث
تنزعالوصفالمجرمعنهاوتجعلهامباحةوتسمىبالمشروعیةاالستثنائیةتمییزالهاعنالمشروعیةالعادی
.ة
فهذهاألخیرةتتحققفيالحالةالتيتنعدمفیهاالجریمةفاألصلفیهاأنكالألفعالهيأفعالمباحة
.ومشروعةوهذاالینجرعنهأيعقاب
فالبرغم من أنه هذا السلوك يعتبر إجرامي لكن ال يعاقب فاعله ،فهو يدخل ضمن الظروف
.االستثنائية ،وهنا نتكلم عن اباحة الفعل المجرم
:ومن هنا ،ارتأينا إلى تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي
44
تعبر أسباب االباحة عن ظروف موضوعية عينة لصيقة بماديات الجريمة ،أي بالركن
المادي للجريمة ،وال عالقة لها إطالقا بشخصية الجاني ونفسيته ،بمعنى اقتران أسباب
اإلباحة بالركن المادي للجريمة،وبالتالي بالسلوك االجرامي باعتباره مظهر الخارجي للركن
.المادي ،ال بالركن المعنوي لها
وهي إذا ما توافرت أخرجت الفعل من دائرة التجريم إلى دائرة اإلباحة ،أي تؤدي إلى
.سيرورة الفعل مباحا بعدما كان مجرما
كما تتميز اسباب اإلباحة بعدة أنواع ،بحسب التقسيمات المختلفة التي أوردها الفقه ،غير أن
.المشرع حصرها بعددها وموضوعها وجوهرها
وتتشابه اسباب االباحة مع العديد من األفكار الجنائية المشابهة لها ،غير أنها تختلف عنها،
.وأهم ما تختلف فيه عن هذه األفكار من حيث اآلثار القانونية المترتبة عليها
.كما يختلف مفهوم اسباب االباحة باختالف القانون ،إضافة الى استمدت من عدة مصادر
:ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
45
لذا يمكن تعريفها بأنهاالحاالت التي ترفع عن الفعل صفة الجريمة وتجعله مباحا بالرغم من
.تطابقه مع الواقعة المجرمة بنص القانون
وذلك ألن القانون ذاته هو الذي سمح بارتكاب هذا الفعل في ظل توفر مثل هذه الظروف،
كونها ظروف إذا ما اقترنت بالفعل جردته من معنى العنوان ،والعدوان هو سبب التجريم
2
بداية.
لذا يمكن اعتبار أسباب اإلباحة عبارة عن قيود ترد على النص التجريمي فتعطل مفعوله،
.وتخرج الواقعة المتضمنةـ في النص من دائرة التجريم إلى دائرة اإلباحة
أي تجعل من الفعل مشروعا بعدما كان يتصف بعدم المشروعية .وبالتالي إن كان األصل
في األفعال اإلباحة ،واالستثناء التجريم ،فأسباب اإلباحة استثناء على هذا االستثناء عن
3
التجريم.
أما تعريف اسباب االباحة في القانون الجنائي الدولي ،فتعرف على انها تلك األسباب التي
إذا ما توافرت في الفعل أو السلوك اإلجرامي أخرجته من دائرة اإلجرام إلي دائرة اإلباحة
وهناك أسباب متفق عليها وهناك أسباب غير متفق عليها وتتمثل أسباب اإلباحة فيما يلي :ما
4
أمر به القانون،ما أذن به القانون،الدفاع الشرعي،حالة الضرورة،ورضاء المجني عليه.
الجهل بأسباب اإلباحة أو الغلط فيها ال يحول دون استفادة الشخص منها ،كون أسباب 4-
اإلباحة ظروف عينية موضوعية ،في حين الجهل والغلط أسباب نفسية وشخصية ،وال
1
يجوز إعمال هذا النوع في مجال ماديات الجريمة.
منصور رحماني ،مرجع سابق ،ص1)56,57
47
فالمنطق يوجب أن يكون المشرع هو المحدد والمقدر للظروف التي يعتبرها سببا من
1
أسباب اإلباحة ،ما دام هو الذي حدد األفعال التي تشكل جرائم.
لذا فمن المنطقي أن تكون أسباب اإلباحة محددة على سبيل الحصر في قانون العقوبات،
غير أن هذا الحصر يتعلق بموضوعها ال بمصدرها ،إذ سبق القول عند دراسة نتائج مبدأ
الشرعية الجنائية ،أنه تستثنى هذه القواعد العامة ( مثل حظر التفسير والقياس وأحادية
المصدر)ـ في حال تعلق األمر بمصلحة المتهم ،إذ يجوز بالتالي أن يكون مصدر اإلباحة
غير قانون العقوبات ،وذلك ال يخل بقولنا بوجوب أن تكون محددة حصرا بموضوعها ،كما
يجوز اللجوء إلى القياس في مجال أسباب اإلباحة ،وكذا التفسير الواسع لها ،إذ مبدأ
الشرعية الجنائية يقضي بأن يكون القانون المصدر الوحيد ،ويحظر القياس والتفسير الواسع
في مسائل التجريم والعقاب ،ال في المجاالت التي تخدم صالح المتهم ،كأسباب اإلباحة
وموانع المسؤولية وموانع العقاب .لذا فأسباب اإلباحة يمكن أن تجد مصدرها في الشريعة
اإلسالمية أو العرف أو فروع القانون غير الجنائية ،أو مبادئ العدالة وأحكام القانون
الطبيعي ،على أن ترد بموضوعها إلى حالة من الحاالت التي تضمنها قانون العقوبات،
2
وذلك ما يتضح عند دراستنا لهذه األسباب تباعا.
منصور رحماني ،مرجع سابق ،ص1)58
48
كما تتنوع أسباب االباحة في القانون الجنائي بتنوع السلوكات االجرامية ،وهذا ما جاء به
المشرع الجزائري في مختلف نصوص قانون العقوبات ،والذي اعتبرها كظرف استثنائي
تحدده ظروف ارتكاب الجريمة ،حيث حصر اسباب االباحة في ثالثة انواع،وهذا ما
.سنتتطرق اليه في هذا المطلب
:ومن خالل هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي
49
حيث تعتبر هذه األفعال مباحة ال تقوم الجريمة بتوافرها (القانون سبب إباحتها) (مثال:
.موظف ينفذ عقوبة اإلعدام صادر عن المحكمة)...
بالرجوع إلى النص القانوني نجد أن المادة 39لم تحدد األفعال التي تشملها اإلباحة إذا
ارتكبت باء على أمر القانون أو بإذنه .فقد جاء مدلول النص عاما وشامال بحيث يشمل
جميع األفعال التي تعتبر جرائم لو لم يأمر أو يأذن بها القانون .فتنفيذ القانون وخاصة في
تحقيق الجرائم ومتابعة منفذيها تقتضي تدخل السلطة العامة بالتفتيش والحجز واالستجواب
واالعتقال والسجن بعد صدور الحكم باإلدانة وكلها أعماال تعتبر اعتداء على الحريات
1
العامة لو لم يأمر أو يأذن بها القانون .
يكمن تنفيذ ما امر به القانون في سر إباحة األفعال التي يأمر بها القانون ،في النص القانوني
.ذاته
فليس من المنطق أن يأمر القانون بفعل معين ثم يجرمه بعد ذلك .فإذا ما رأى المشرع
ضرورة التدخل -رعاية لمصلحة اجتماعية ـ بتعطيل نص التجريم وتبرير الخروج عليه
2
في حالة معينة .
منصور رحماني ،مرجع سابق ،ص1)61
50
فإن ذلك يعني إباحته ضمن الشروط التي حددها القانون ،فالشاهد المطلوب منه اإلدالء
بشهادته بموجب المادة 89من قانون اإلجراءات العقوبات ال يرتكب جريمة إفشاء األسرار
أو القذف أو السب بحق المتهم عند اإلدالء بشهادته ،وكذلك من علم بوجود خطط أو أفعال
إلرتكاب جرائم الخيانة والتجسس أو الجرائم التي من طبيعتها اإلضرار بالدفاع الوطني
عليه أن يبلغ عنها السلطة العسكرية أو اإلدارية أو القضائية فور علمه بها ،وال يتضمن
1
ذلك التبليغ جريمة إفشاء األسرار .
ومن أمثله ما يأمر به القانون أيضا ،ما ورد في قانون الصحة العمومية من نصوص توجب
على الطبيب التبليغ على حالة مرض معدي ،وال يعد تبليغ هذا جريمة إفشاء سر المهنة
2
المنصوص عليه في المادة 301من قانون العقوبات .
تنفيذ األمر الصادر من سلطة مختصة :ويدخل ضمن إباحة األفعال بناء على أمر القانون
تنفيذ األمر الصادر عن سلطة مختصة ،وذلك أن القانون يوجب على الموظف المرؤوس
إطاعة رئيسه طبقا للتدرج التسلسلي في الوظيف العمومي ،وعليه فإن إطاعة المرؤوسـ
3
لرئيسه ليست إال تطبيقا لما أمر به القانون.
وقد يتطلب القانون أن تصدر أوامر السلطة بشكلية معينة فيجب مراعاتها ،ومثال ذلك
وجوب أن يصدر أمراإلحضار عن قاضي التحقيق كتابة ( المادة 109ق إ ج ) .ففي مثل
هذه الحالة يجب على عون القوة العمومية أن يتلقى أمرا باالحضار ،فليس له أن ينفذ بال
،أمر اإلحضار مدعيا أنه ينفذ أمر القانون مباشرة
51
القانون يجيز في حاالت معينة ويرخص ممارسة عمل معين (بدون ترخيص أعتبر ذلك
العمل جريمة) ،والفرق بين ما يأمر به القانون وبين ما يأذن به:
األول إجباري يجب القيام به ويترتب على مخالفته قيام المسؤولية الجزائية ،أما الثاني
2
اختياري يقوم به الشخص أو يمتنع ال تقوم المسؤولية الجزائية.
اما أنواع األعمال التي يأذن بها القانون،فهي نوعين.
النوع االول الحاالت التي يأذن بها القانون للموظف العام باستعمال سلطته التقديرية في
حدود الرخصة المعطاة له ،فعمله هنا ال يعد جريمة ألنه مستند إلى إذن من القانون (رخصة)
3
عمل مباح (مثال :تفتيش المنازل.)...
اما النوع الثاني،فهو الحاالت التي يأذن بها القانون للممارسة أحد الحقوق المقررة :من بينها
-حق التأديب المقر بموجب الشريعة اإلسالمية والعرف( :األب على أوالده ،زوجته ،معلم
على تلميذه.)...
52
-حق ممارسة ومباشرة األعمال الطبية (بشروط) عمليات جراحية ال تعد اعتداء على
الجسم.
(كالمالكمة) . -حق ممارسة األلعاب الرياضية :استعمال العنف وفق قواعد اللعبة
كما منح القانون للموظف العام سلطة تقديرية مباشرة بعض أعمال وظيفته ،وعليه فإذا قام
الموظف بعمله ضمن هذه الرخصة المعطاة له من القانون فإن عمله ال يعد جريمة إستنادا
إلى أن العمل مباح بإذن القانون .وأحكام ذلك كثيرة في قانون اإلجراءات الجزائية ،وعلى
سبيل المثال يجيز القانون لمأمور الضبط القضائي تفتيش المنازل (م )44واالطالع على
المستندات ( م )54ومنع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة ريثما ينتهي من اجراءات
1
تحرياته ( م ) 50وله أن يحتجر شخصا أو أكثر ( م...) 51إلخ.
كل ذلك ضمن شروط يحددها القانون ،واتباع الشروط التي يحددها القانون أمر ضروري
العتبار أن العمل مباحا ،واهمالها أو تجاوزها يجعل العمل غير مشروع .
ففي تفتيش المنازل ـ على سبيل المثال ـ يلزم القانون مأمور الضبط القضائي أن يجري
تفتيشه بوجود صاحب المنزل ،وبغيابه يستدعي من ينوب عنه وإذا تعذر ذلك وجب إجراء
التفتيش بحضور شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطة مأمور الضبط القضائي .فإذا
لم تراع هذه الشروط أعتبر القيام بالتفتيش باطال (م )48ال يمكن تبريره واعتباره سببا
2
لإلباحة .
-كما يجب أن تنفذ هذه األعمال بحسن نية ،ويعني ذلك أن تتفق نقاصد مأمور الضبط
القضائي مع الغاية التي يتغيها القانون .فالقانون خول مأمور الضبط القضائي منع أي
شخص من مغادرة مكان الجريمة لمصلحة التحقيق وسعيا للوصول إلى الحقيقة ،
53
كما يعترف القانون بمهنة الطب وينظمها ويأذن للطبيب بمعالجة المرضى? لتخليصهم من
األمراض التي تحل بهم .
ومن الطبيعي أن يؤدي االعتراف بالحق إلى االعتراف بالوسائل التي تؤدي إليه فاالعتراف
بالتطبيب يقتضى حتما االعتراف بالوسائل التي تؤدي إلى العالج ،وعلة ذلك أن العمل الطبي
ال يحمل بذاته اعتداء على جسم المريض فهو على العكس يسعى إلى شفائه ليستعيد سيره
1
الطبيعي أو تخليصه من أي آفة لحقت به .
الفرع الثالث :الدفاع الشرعي
يعرف الدفاع الشرعي بأنه استعمال القوة الالزمة لصد خطر اعتداء حال غير مشروع عن
النفس أو الغير أو مال مملوك للشخص أو للغير و لكي يتحقق الدفاع الشرعي البد من
توفرشروط في العدوان و شروط في فعل الدفاع ،ألن الدفاع الشرعي أساسه استعمال
2
الشخص لقدر من العنف اتجاه شخص اخر يهدده سواء في شخصه أو في ماله بخطر.
والدفاع الشرعي له شروط ،اولهم ان يكون العدوان حاال ،و لفظ العدوان ليس السلوك في
حد ذاته و انما يقصد به كذلك الخطر الذي يتهدد الحق ،و يشرط أن يكون حاال ،و قد عبر
3
عن ذلك المشرع في م 39ق ع "الضرورة? الحالة".
أما الشرط الثاني فهو ان يكون العدوان غير مشروع ،يعتبر العدوان غير مشروع اذا كان
يتهدد حقا يحميه القانون الجنائي وبالتالي فان العدوان يجب أن يكون مشكال جريمة من
4
الجرائم المنصوص عليها قانونا.
55
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
وبخصوص الشروط الواجب توافرها في الدفاع الشرعي أيضا هي صفة المدافع ،أن يكون
.المدافع ذا صفة بمعنى أن المشرع أعطى حق الدفاع للمعتدى عليه في شخصه أو ماله
كما أنه ثبت الحق في الدفاع عن الغير في شخصه أو ماله وال يشترط قيام عالقة بين المدافع
وهذا الغير والحكمة من ذلك أن المشرع يرى في حماية الحق وليس صفة المدافع ،فمادام
1
فعل المدافع عن الغير يحمي الحق فهنا يقوم الدفاع الشرعي.
إلى جانب هذا الشرط ،هناك أيضا نية الدفاع ،فال يعقل أن تتعرض لشخص لم يتعرض لك،
.و كذلك اللزوم ،أن تكون مجبرا على ارتكاب الفعل االجرامي لحماية النفس
أما الشرط األخير فهو التناسب،يشرط في فعل الدفاع أن يكون متناسبا مع جسامة العدوان ،
.و يعبر عن ذلك وجوب التزام حدود الدفاع
.بحيث يجب على الشخص عندما يستعمل حق الدفاع الشرعي أن يدافع في حدود المعقول
وقد اختلف الفقه في تحديد معيار التناسب وخلصوا الى القول بأن التناسب يتمثل دائما في
.كون الدفاع المتمثل في قدر من القوة الزما لدفع الخطر
فكرة التناسب تدخل في السلطة التقديرية للقاضي (التناسب يدخل في الوسيلة) ،والمعيار
2
الذي يستخدمه هو معيار الرجل المعتاد.
كما أحاط المشرع الجزائري في نفس المادة 2-39ق ع فعل الدفاع بقيود عديدة ،ألنه لم يحدد
،أفعال الدفاع ،فأطلق النص و أباح كل فعل من شأنه درء الخطر المحدق بالمدافع
56
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
و لكن مع ضرورة توافر شروط معينة في العدوان (الخطر) و شروط أخرى في فعل
1
.الدفاع
لكننا نجد أن المشرع أضاف في نص المادة 40ق ع حاالت خاصة للدفاع الشرعي اتفق
على تسميتها بالحاالت الممتازة ألن المشرع نص صراحة على أفعال الدفاع التي يمكن أن
2
يلجأ اليها المدافع.
فقد أباح القتل والجرح والضرب بدون شرط التناسب مع جسامة االعتداء ،على عكس ما
3
هو مبين في نص المادة 39/2
أما بخصوص القرينة القانونية ،فبقراءة نص المادة 40ق ع فإننا نجد أن الشرع الجزائري
وضع قرينة قانونية على توافر شروط الدفاع في بعض الحاالت ،فليس على المدافع هنا أن
يثبت توافر شروط الدفاع في فعله ،فهناك قرينة على ذلك ،فقط عليه أن يثبت أنه قام بفعل
الدفاع في حالة من الحاالت المنصوص عليها في المادة 40.4
فاذا كانت بسيطة ،فأنها ال تختلف كثيرا على ما هو كائن في نص المادة ،39/2وذلك أنه
يمكن لسلطات التحقيق أن تجد بين عناصر الدعوى ما يفيد عدم قيام الحاالت الخاصة في
.المادة 40ق ع
أما إذا كانت قرينة قاطعة فإنها ال تقبل االثبات العكسي وان سلطات التحقيق عليها انهاء
.الدعوى لعدم وجود الجريمة أصال
57
الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي
بالرغم من أن المشرع الجزائري يتماشى مع االعتداد بنية الجاني وبشخصيته وارادته على
.اعتداده بالفعل المرتكب ،فان هذه القرينة هي قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس
والمتفق عليه هو أنها قاطعة بالنسبة لعدم اثبات المدافع لشروط الدفاع الشرعي ،وبسيطة أنه
يمكن لجهة االتهام تقديم الدليل على عدم وجود حالة من الحاالت الممتازة للدفاع شرعي
.كعدم توافرالليل أو انعدام التسلق
58
خاتمة
:خاتمة
.إنالسلوكاإلجراميسلوكإنسانيينشأداخاللمجتمعويرتبطبهوجوداًأوعدما ً
وإنالسلوكاإلنسانيبشكلعاموالسلوكاإلجراميبشكلخاصاليمكنإرجاعهإلىعامألومجموعةعواملمحد
.دةبذاتهابمعنىأنالعواماللدافعةللنيهنحوالسلوكاإلجراميهيعواملعديدةكماذكرنهاسابقا
.وأياًكاننوعهذهالعواملفإ ّنهامرتبطةبالجانيلتكونحافزاًالتخاذالسلوكاإلجراميالمضادللمجتمع
.يمكناستخالصنوعينللدافعفيمجاالإلباحةوالتجريموهماالدافعالمُشرّ وعوالدافعغيرالمشروع
.وبالنسبةإلىالدافعالمُشرّ عهوذلكالدافعالذيالتترتبعليهجريمةعندمايكونشرطمنشروطاإلباحة
وبالتالياليمكنمسائلةفاعلهكمافيحالةأداءالواجبحيثيكونالدافعمنالقيامبالفعلهولماتأمربهالقوانينكالدفـ
.اعالشرعيالذياليزالبحاجةإلىدراساتمتخصصةوخاصةفيقانونالعقوباتالجزائريـ
.باعتبارهالدفاعالشرعيحالةدائمةالوقوعفيالحياةاليوميةوالمطروحةأمامالقضاء
اماالدافعغيرالمُشرّ وعهوذلكالدافعالذييجرمهالقانونويترتبعليهمسائلةفاعلهكمتمشرحهخاللدراستن
.ا
60
قائمة
المراجع
:قائمة المراجع
:الكتب
محمد صبحي نجم ،المدخل إلى علم اإلجرام و علم العقاب ،ديوان المطبوعات الجامعية،
الطبعة الثانية ،الجزائر ،سنة 1988
إسحاق ابراهيم منصور ،موجز في علم اإلجرام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،الطبعة
الثانية ،الجزائر ،سنة 1991
مؤمنة فيصل مبارك محي الدين ،علم االجتماع والعقاب ،القاهرة ،مصر 2017
احمد ابو زنط ،اثر التفكك االجتماعي في انتشار ظاهرة الجريمة ،عمان ،االردن2016 ،
القهوجي والشاذلي ،علم اإلجرام و علم العقاب ،ديوان المطبوعات الجامعية ،القاهرة،
مصر1999 ،
منير العصرة ،انحراف االحداث ومشكلة العوامل ،المكتب المصري للطباعة والنشر،
مصر1974،
عبد الرحمن العيسوي ،الوجيز في علم اإلجرام ،ديوان المطبوعات الجامعية ،القاهرة،
مصر1989 ،
سميرة أقرورو ،الوجيز في أسس علم اإلجرام وأهم مدارسه ،الناشر صوماديل ،طبعة
، 2015المغرب
62
قائمة المراجع
محمد عبد هللا الوريكات ،اصول علم اإلجرام و علم العقاب ،دار المعارف ،مسقط ،عمان،
2004
عبد الوهاب حومد ،نظرات معاصرة في علم اإلجرام ،مجلة الحقوق ،بدون طبعة ،الكويت
2011 ،
سمير عالية ،الوسيط في شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة األولى ،المؤسسة
الجامعية للنشر والتوزيع ،لبنان2010 ،
عبد الرحمان خلفي ،محاضرات في القانون الجنائي العام ،الطبعة الثانية ،دار الهدى،
الجزائر2012،
منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار العلوم للنشر والتوزيع ،دون طبعة،
الجزائر2006 ،
63
قائمة المراجع
عبد هللا سليمان ،شرحقانونالعقوباتالجزائري،القسمالعام،الجزءاألول"ـ الجریمة"؛ديوان
المطبوعات الجامعية ،الجزائر1995 ،
:األوامر
:المقاالت
العوامل الخارجية للسلوك اإلجرامي ,مقالة نشرت على شبكة االنترنيت على الموقع
2022.,www.djelfa.com
64
الفهرس
:الفهرس
مقدمة..................................................ص1
66
الفهرس
المطلب األول عوامل انتشار السلوك االجرامي.......ص20
67
الفهرس
الفرع الثالث الفاعل المعنوي...........................ص37
68
الفهرس
الفرع الثالث الدفاع الشرعي ........................ص55
خاتمة.............................................ص60
الفهرس ............................................ص66
69