You are on page 1of 72

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫‪-‬جامعة باجي مختار ‪-‬عنابة‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬
‫تخصص قانون خاص‬
‫مذكرة تخرج لنيل شهادة الليسانس في القانون الخاص‬
‫‪:‬الموضوع‬

‫السلوك االجرامي في القانون الجنائي‬


‫‪:‬من إعداد الطالبة ‪:‬تحت أشراف‬
‫د‪/‬فريوي‬ ‫عمارة أمينة ياسمين‬

‫السنة الجامعية‪2022/2023:‬‬
‫شكر و عرفان‬
‫شكر و عرفان‬
‫قـال رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم‪" :‬من لم يشكر الناس لم يشكر اهللا" صدق‬
‫رسول اهللا صلى اهللا عليه و سلم الحمد هللا على إحسانه و الشكر له على توفيقه‬
‫و إمتنانه و نشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له تعظيما لشأنه و نشهد أن‬
‫سيدنا و نبينا محمد عبده و رسوله الداعي إلى رضوانه صلى اهللا عليه و على آله‬
‫و أصحابه و أتباعه و سلم‪ .‬بعد شكر اهللا سبحانه و تعالى على توفيقه لنا إلتمام‬
‫هذا البحث المتواضع أتقدم بجزيل الشكرالى ‪:‬‬

‫صاحبـ السيرة العطرة والفكر المستنيرفلقد كان له الفضل االول في بلوغي‬


‫التعليم العلي (والدي الحبيبـ ) اطال هللا في عمره‪ ,‬الى من وضعتني على طريق‬
‫الحياة وجعلتني رابط الجأش وراعتني حتى صرت كبيرة (امي الغالية ) والى‬
‫بسمة الحياة والتى كان دعائها سر نجاحي اغلى الحبايبـ (جدتي الغالية) الذين‬
‫أعانوني و شجعوني على اإلستمرار في مسيرة العلم و النجاح‪،‬و إكمال الدراسة‬
‫الجامعية و البحث؛ـ كما أتوجه بالشكر الجزيل إلى من شرفني بإشرافه على‬
‫مذكرة بحثي األستاذ الدكتور " فريوي"الذي لن تكفي حروف هذه المذكرة إليفـائه‬
‫حقه وتوجيهاته العلمية التي ال تقدر بثمن؛و التي ساهمت بشكل كبير في إتمام و‬
‫إستكمال هذا العمل؛ إلى كل أساتذة قسم القانون الخاص ‪.‬‬

‫رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحا ً‬
‫ترضاه و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين‬
‫مقدمة‬

‫‪ :‬مقدمة‬
‫يعرف القانون الجنائي بصفة عامة بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تبين الجرائم‬
‫وما يقررها أو يقابلها من عقوبات أو تدابير أمن ‪ ،‬إلى جانب القواعد األساسية والمبادئ‬
‫‪.‬العامة التي تحكم هذه الجرائم والعقوبات والتدابير‬

‫كما عرفت الجريمة بصفة عامة أيضا على أنها كل فعل الذي يتم ارتكابه ويكون منافيا‬
‫‪.‬للنظم االجتماعية السائدة او ضدها ‪ ،‬و يكون فيه خروج على القانون‬

‫والقاعدة أن للجريمة ثالثة أركان المتمثلة في الركن المعنوي وهو القصد الجاني بإرتكاب‬
‫الفعل متعمدا‪ ،‬وثانيا الركن الشرعي وهو تجريم الفعل المخالف للقانون الذي ارتكبه الجاني‬
‫‪.‬بنص تجريم ‪ ،‬وأخيرا الركن المادي وهو القيام بالفعل المخالف للقانون من طرف الجاني‬

‫يعتبر الركن المادي للجريمة بأن له مظهر خارجي له يسمى السلوك االجرامي‪ ،‬هذا األخير‬
‫‪.‬يصدر من االنسان سواء بإرادته أي إرادة سليمة ‪ ،‬او نتيجة ضغط أي إكراه‬

‫إن السلوك االجرامي ظاهرة خطيرة ليست وليدة اليوم ‪ ،‬وإنما رافق االنسان منذ القدم ‪،‬‬
‫‪ .‬وعملت الدول جاهدة للحد منه‬

‫وفي الجزائر عمل المشرع الجزائري سن نصوص قانونية تجرم هذا السلوك ‪ ،‬والذي له‬
‫نطاق واسع من المفاهيم و مجال أوسع للقوانين الصادرة لردعه ‪ ،‬وهذا الموضوع هو محل‬
‫‪ .‬دراستنا‬

‫‪ :‬أوال أهمية هذا الموضوع‬


‫تكمن اهمية دراستنا لموضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي على انه من المواضيع‬
‫الحساسة التي تشغل العالم بصفة عامة و الجزائر بصفة خاصة ‪ ،‬اضافة إلى اعتباره من‬
‫المواضيع? الكالسيكية ‪ ،‬والتي استحدثت و تطورت نتيجة التطور التكنولوجي والذي رافقه‬
‫‪.‬التطور للجرائم‬

‫‪2‬‬

‫مقدمة‬
‫كما تكمن أهميته بأنه من المواضيعـ التي يجب ردعها او على األقل الحد منها لضمان‬
‫‪ .‬الحفاظ على النظام العام وبالتالي تحقيق المصلحة العامة‬

‫‪:‬ثانيا أسباب اختيارالموضوع‬

‫إن الدوافع التي كانت وراء إلى اختيارنا لموضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي‬
‫‪ :‬فيمكن حصرها فيما يلي‬

‫عوامل شخصية بحثة تتجلى اساسا في الميول إلى القانون الخاص بصفة عامة والقانون‪-‬‬
‫‪.‬الجنائي بصفة خاصة‬

‫– موضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي من المواضيع التي تستهوينا لمواصلة‬

‫‪.‬المسار في هذا التخصص في شهادة الماستر‬

‫‪-‬موضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي من المواضيع التي تحدث جدال دائما للرأ‬

‫‪.‬العام‬

‫موضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي هو احد المواضيعـ التي برزت في الجزائر‬

‫‪.‬مؤخرا بشكل مخيف نتيجة إلى زيادة في ارتكاب الجرائم‬

‫‪ :‬ثالثا أهداف هذا الموضوع‬

‫‪:‬نهدف من خالل هذا الموضوع إلى ابراز الجوانب المتمثلة فيما يلي‬

‫– ‪.‬إبراز مفهوم السلوك االجرامي من نظريات و مذاهب التي تطرقت إليه‬

‫– ‪.‬إبراز آليات بروز السلوك االجرامي من أسباب انتشاره و وسائل الوقاية منه‬

‫‪ .‬إبراز السلوك االجرامي في شتى الجرائم‪-‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬
‫– ‪.‬إبراز دور القانون الجنائي في مكافحة هذا السلوك‬

‫‪:‬رابعا الصعوبات هذا الموضوع‬

‫‪:‬تكمن الصعوبات التي واجهتنا إلعداد هذا الموضوعـ المتمثلة في مايلي‬

‫– ‪.‬ندرة المراجع المتعلقة بموضوع السلوك االجرامي في القانون الجنائي‬

‫– ‪.‬ضيق الوقت إلعداد هذا الموضوع‬

‫– ‪.‬صعوبة التواصل مع االستاذ المشرف‬

‫موضوع السلوك االجرامي يعتبر من المواضيع الواسعة لكن من الناحية العامة وليس من‪-‬‬

‫‪.‬الناحية القانونية‬

‫‪:‬خامسا المنهج المتبع لهذا الموضوع‬

‫‪:‬اتبعنا لدراسة هذا الموضوعـ المنهج الوصفي من خالل‬

‫– ‪.‬اإللمام بكافة الجوانب السلوك االجرامي في القانون الجنائي‬

‫– ‪.‬إستخدام مجموعة من النصوص القانونية الجنائية ومراجع أخرى‬

‫‪:‬سادسة الدراسات المسابقة لهذا الموضوع‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬المدخل إلى علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫‪.‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪1988 ،‬‬

‫اسحاق إبراهيم منصور‪ ،‬موجز في علم اإلجرام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة‬
‫‪.‬الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪1991‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫‪:‬سابعا االشكالية‬

‫تتمثل اشكاليتنا في هذا الموضوع مايلي‪:‬‬


‫كيف ساهم المشرع في محاولة ردع السلوك االجرامي في القانون الجنائي؟‬

‫‪:‬ثامنا الخطة‬

‫لالجابة عن االشكالية السابقة قسمنا الموضوع? الى مايلي ‪:‬‬


‫الفصل األول خصصناه لإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‪.‬‬
‫الفصل الثاني خصصناه لالطار القانوني‪ 2‬للسلوك االجرامي‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪:‬الفصل األول‬

‫االطار المفاهيمي‬

‫للسلوك االجرامي‬
‫‪:‬الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫يعتبر السلوك االجرامي أحد الظواهر الخطيرة التي تهدد حياة المجتمع ‪ ،‬كذلك تثير الجدل‬
‫منذ القدم ‪ ،‬نظرا لتوسع مجاله ‪ ،‬وبالتالي له عدة مفاهيم تختلف باختالف العصور‬
‫‪.‬والنظريات والمذاهب التي يؤول إليها الفالسفة والعلماء والفقهاء ضمن هذا الموضوع‬

‫كما يكمن سبب بروز هذا السلوك لعدة عوامل ساهمت في انتشاره ‪ ،‬اذ اصبح كآفة حقيقية‬
‫غرزت في شتى المجاالت ‪ ،‬سواء اجتماعية ‪ ،‬سياسية ‪ ،‬اقتصادية ‪ ،‬وحتى المجال‬
‫‪1‬‬
‫التكنولوجي ‪ ،‬وخير مثال الجرائم االكترونية‬

‫حيث يسعى العالم بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة إلى ايجاد حلول لمجابهة والحد من‬
‫‪.‬السلوك االجرامي ‪ ،‬لتحقيق النظام العام بعناصره الثالث‬

‫‪:‬ومن هذا المنطلق ‪ ،‬قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين نبرز فيهما مايلي‬

‫‪.‬المبحث األول‪ :‬مفهوم السلوك االجرامي‪-‬‬

‫‪.‬المبحث الثاني‪:‬آليات بروز السلوك االجرامي‪-‬‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬المدخل إلى علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪،1988‬ص‪1(.21‬‬
‫‪7‬‬

‫الفصل األول‪:‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫المبحث األول‪ :‬نظريات السلوك االجرامي‬

‫يختلف مفهوم السلوك االجرامي من جهة إلى أخرى ‪ ،‬من مجال إلى مجال ‪ ،‬وهذا باختالف‬
‫العصور‪ ،‬إضافة الى التطور التكنولوجي الذي واكب هذه السنين ‪ ،‬وباختالف تخصص‬
‫‪.‬العلماء والفالسفة والفقهاء ‪ ،‬وأيضا بالنظر إلى تأثرهم بمختلف الجوانب‬

‫فمفهوم السلوك االجرامي هو مفهوم واسع غير دقيق ‪ ،‬مما يؤدي إلى اختالف النظريات‬
‫‪1‬‬
‫التي حاولت العمل للوصول إلى تعريف دقيق لهذا السلوك حسبهم‬

‫ومن جانب آخر هناك عدة مذاهب حاولت ايجاد تعريف لهذا السلوك ‪ ،‬والتي اختلفت بمرور‬
‫‪.‬السنين‬

‫‪:‬ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي‬

‫‪.‬المطلب األول‪ :‬نظريات السلوك االجرامي‪-‬‬

‫– ‪.‬المطلب الثاني‪:‬مذاهب السلوك االجرامي‬

‫إسحاق ابراهيم منصور‪ ،‬موجز في علم اإلجرام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪،1991‬ص‪1(48‬‬
‫‪8‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫المطلب األول‪ :‬نظريات السلوك االجرامي‬

‫تعددت مفاهيم السلوك االجرامي بتعدد الفالسفة والنظريات و تعدد العصور‪،‬ـ هذا ما أدى‬
‫إلى عدم وجود مفهوم دقيق لتوضيح هذه الظاهرة الخطيرة ‪ ،‬و يعود سبب ذلك لدخولها في‬
‫شتى المجاالت ‪ ،‬فبرغم من تعدد مفاهيم السلوك االجرامي ‪ ،‬فالخاصية المشتركة أنه سلوك‬
‫مرفوض ومخالف للقانون الجنائي ‪ ،‬وبالتالي فلصاحبه عقوبة حسب نوع و جسامة الجريمة‬
‫‪1‬‬
‫المرتكبة من طرفه‬

‫ومن هذا المنطلق برزت عدة نظريات حاولت وضعمفهوم دقيق لهذا السلوك ‪ ،‬وبالتالي‬
‫‪.‬حصره في جانب معين ‪ ،‬وهذا ما سنطرق اليه في هذا المطلب‬

‫‪:‬وبهذا قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫الفرع األول‪ :‬نظرية التفكك االجتماعي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية تصارع الثقافات‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬نظرية النفسية‪ C‬للسلوك االجرامي‬


‫عبد المنعم الحفني‪،‬موسوعة الطب النفسي‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪، 1992 ،‬ص‪1(23‬‬

‫‪9‬‬
‫الفصل األول‪:‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول‪ :‬نظرية التفكك االجتماعي‬

‫ان مفهوم السلوك االجرامي في نظرية التفكك االجتماعي يشمل ظواهر اجتماعية وثقافية‬
‫عديدة ‪ ،‬فهو يشير إلى تناقض وصراع المعايير الثقافية ‪ ،‬وضعف أثر قواعد السلوك‬
‫ومعاييره وصراع االدوار االجتماعية ‪ ،‬وأخيرا إلى انهيار الجماعات وبالتلي انهيار‬
‫‪1‬‬
‫وظيفتها‪.‬‬

‫وقد ربطت نظريات اجتماعية عديدة بين السلوك االجرامي والتفكك االجتماعي‪ ،‬وافترضت‬
‫‪2‬‬
‫ان السلوك االجرامي ينشأ في ظل وجود مظهرا او اكثر من مظاهر التفكك االجتماعي‪.‬‬

‫حيث عرف ميشيل مان السلوك االجرامي من خالل ربطه بالتفكك االجتماعي على أنه‬
‫جملة من االضطربات تتدهور مع تفاقمها نتيجة تغير اجتماعي ‪ ،‬وبالتالي تؤثر سلبا على‬
‫‪3‬‬
‫الضبط االجتماعي بالمجتمع‪.‬‬

‫ومن النظريات ايضا التي قدمت في إطار التفكك االجتماعي نظرية "شو" ‪ ،‬الذي افترض‬
‫أن اكبر تجمع للمجرمين والجانحين يكون في أماكن تتسم بالتفكك االجتماعي ‪ ،‬بحيث‬
‫يصبح المجتمع كلي لهذه األماكن مفككا‪ ،‬و تضعف رقابته على اعضائه‪ ،‬وينعدم تكامل‬
‫النظم االجتماعية فيه‪ ،‬وبالتالي فمن المتوقع أن تصبح األنماط االجرامية شائعة وتنتقل‬
‫‪4‬‬
‫بسهولة من شخص إلى اخر‪ ،‬وبالتالي اكتساب سلوك االجرامي‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬نظرية تصارع الثقافات‬

‫تصنف هذه النظرية ضمن النظريات االجتماعية و صاحبها هوعالم االجتماع واالجرام‬
‫األمريكي ثور ستين سيلين ‪ ,‬ومؤدى هذه النظرية أنه قواعد القانون الجنائي تعكس‬
‫األفكارالخلقية والمعنوية واآلداب لحضارة معينة في لحظة زمنية معينة ‪ ,‬فمهمة هذا القانون‬
‫‪)1‬مؤمنة فيصل مبارك محي الدين‪ ،‬علم االجتماع والعقاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪،2017‬ص‪65‬‬
‫احمد ابو زنط‪ ،‬اثر التفكك االجتماعي في انتشار ظاهرة الجريمة‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪،2016 ،‬ص‪2(31‬‬
‫مؤمنة فيصل مبارك محي الدين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(73‬‬
‫احمد ابو زنط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪4(40‬‬

‫‪10‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫حماية تلك القيم واآلداب عن طريق قواعد قانونية تقرر الجزاءات الجنائية المختلفة لمن‬
‫‪1‬‬
‫تسول نفسه االعتداء عليها بأفعال يعتبرها القانون جرائم ‪.‬‬
‫وللتوضيح? اكثر نقول بأنه يوجد في المجتمع ثقافة عامة وثقافات الفرعية ‪ ,‬فالطفل يتلقى‬
‫داخل أسرته ثقافة معينة ‪ ,‬وقد يتلقى في المدرسة مع الزمالء ثقافة مغايرة لثقافه األسرة‬
‫وفي العمل قد يتلقى ثقافة ثالثة مغايرة للثقافتين السابقتين ‪,‬وكل هذه الثقافة تعتبر ثقافات‬
‫فرعيه‪ ,‬قد تتصادم فيما بينها وقد تتفق‪ ,‬كما قد تتصادم مع الثقافة العامة للمجتمع ‪,‬وهي الثقافة‬
‫المحمية في القانون الجنائيويكون تصارع الثقافات واضحا في الدول المتكونةمن عدة أعراق‬
‫أوعدة اديان ومذاهب‪ ،‬يتحتم فيها وجود عدة ثقافات ‪ ,‬ويتعذر معها في الوقت ذاته إيجاد‬
‫ثقافة عامة متفق عليها‪,‬والجرائمـ التي ترتكب بسبب تصارع الثقافات ترتكب عن قناعة من‬
‫أصحابها‪ ,‬فال ينتابهمشعوربالندم الن ما أقدموا عليه ال يعتبر إجراما في ثقافتهم الفرعية‬
‫‪2‬‬
‫الخاصة ‪.‬‬
‫أما في بعض الدول األوروبية مثل فرنسا تعيش عند جاليات لها ثقافتها الخاصة قد تصطدم‬
‫بثقافة الدولة العامة المحمية بالقانون ‪ ,‬فالقانون الفرنسي مثال يمنع تعدد الزوجات متماشيا‬
‫مع الثقافة العامة المسيحية ‪ ,‬واإلسالم ال يمنع ذلك فإذا أقدم مسلم على التعدد فهو في نظر‬
‫القانون المجرم وهو ال يشعر بذلك بتاتا‪ ,‬ومن أمثلة ذلك أيضا القانون الفرنسي الجديد الذي‬
‫يمنع استعمال األزياء الدينية في المدارسـ ومنها الحجاب ‪,‬وهو يصل التصارع الثقافي إلى‬
‫‪3‬‬
‫اقصى مداه ‪ ,‬قانون فرنسي يجرم الحجاب ‪ ,‬وتشريع إسالمي يفرضه ‪.‬‬
‫وكما توجد بين الشعوب والعراقيه ثقافات فرعية يوجد أيضا ثقافة فرعيه بين الشباب‬
‫والمراهقين وفي العديد من المجتمعات في الكثير من المراهقين ينظرون إلى قيمة الحب‬
‫ولذلك فهم يقدمون عليه دون أدنى تحفظ وعنده من التمرينات الخاصة ‪،‬‬
‫‪) 1‬القهوجي والشاذلي‪ ،‬علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،1999 ،‬ص‪91‬‬
‫‪)2‬القهوجي و الشاذلي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪.92‬‬
‫‪)3‬القهوجي و الشاذلي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪93‬‬
‫‪11‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫مما يجعلهم يشعرون بأن ذلك من وكده حقوقهم ونفس األمر بالنسبة لي الجرائم األخرى‬
‫حيث ينظر البعض إلى سرقة مثال بأنها فتنة وتوفيق في تحصيل المال في أيسر السبل‬
‫‪1‬‬
‫ويعتبر آخر فإن مثل مسميات األشياء تختلف بين الثقافة العامة والثقافة الفرعية‪.‬‬
‫إن هذه النظرية على جانب كبير من الصوابـ الخاصة في الجرائم التي ترتكب عن قناعة‬
‫من أصحابها وال شك أن جرائم الحروب ‪,‬وما يسمى بجرائم اإلرهاب أنما هيفي الحقيقة‬
‫صراع بين الثقافتين ‪,‬ثقافة ترى أن لها الحق في الهجوم ‪,‬و أخرى ترى أن لها الحق في‬
‫الدفاع ‪ ,‬واختالف الثقافات بين الشعوب أمرا منطقي ‪ ,‬واقوى ما يوحد اوما يقارب بين تلك‬
‫الثقافات هو الدين ‪,‬وبغيره ال يمكن ألي دولة أن تفرضثقافة عامة على جميع فئاتها ‪ ,‬فالبد‬
‫أن تكون السلوكات المجرمة مقبولة لدى الرأي العام ‪,‬وال بد ان يكون هدا الرأي متفقا مع‬
‫الدين ‪ ,‬فإذا فرضت الدولة ثقافة عامة غير مقبولة لدى الرأي العام أو قوانين ال تتماشى مع‬
‫دينه فستنتج الجرائم حتما ‪ ,‬وهذا ما يفسر فشل الدول االستعمارية في فرض قوانينها‬
‫خصوصا في البالد اإلسالمية ‪ ,‬كما يفسر االضطرابات والحروب األهلية التي تقع بين‬
‫األهالي في بعض الدول ‪ ,‬ففي بعض الدول اإلسالمية التي لم تحرم قوانينها بعض مع‬
‫حرمة اإلسالم كازنا و تناول المسكرات ‪ ,‬يؤدي ذلك ببعض األفراد إلى االعتداء على‬
‫هؤالء تحت مسمى تغيير المنكر الذي يوجبه اإلسالم ‪ ,‬ويقعون نتيجة ذلك تحت طائلة‬
‫‪2‬‬
‫القانون الذي يحمي الحريات العامة ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬نظرية النفسية للسلوك االجرامي‬
‫تفسر النظريات النغسية للسلوك االجرامي على أنه سلوك متعلم‪ ،‬يتم اكتسابه من خالل‬
‫مختلف عمليات التفاعل االجتماعي‪ ،‬وتحاول التفسيرات النفسية االجتماعية أن تقف كحلقة‬
‫وصل بين التفسيرات البيئية للجريمة‪ ،‬كما قدمتها النظريات البيئية‪ ،‬ومن بين التفسيرات‬
‫‪)1‬القهوجي و الشاذلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪94‬‬
‫‪)2‬القهوجي و الشاذلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪94‬‬
‫‪12‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫والتفاعالت المتبادلة بين الناس وبيئتهم االجتماعية‪ ،‬والتي تفسر لماذا يقدم بعض االشخاص‬
‫الى ارتكاب السلوك االجرامي وال يقدم البعض االخر‪.‬‬
‫ومن النظريات النفسية للسلوك االجرامي نظرية الضبط والتي تفترض أن هذا السلوك هو‬
‫االنحراف الذي يكون ساكنا لدى جميع الناس ‪ ،‬لذلك نجد بعضهم يمكن أن يسلكو سلوكا‬
‫‪1‬‬
‫مضادا للمجتمع‪ ،‬إذا لم يتعلم أن يفعل عكس ذلك ‪.‬‬
‫يؤكد هايرشي أن هناك أربعة متغيرات للضبط يمثل كل منها رابطة اجتماعية رئيسية‪،‬‬
‫وهي المودة وااللتزام واالندماج واالعتقاد‪ .‬وهذه المتغيرات من شأنها أن تساعد على عدم‬
‫تفشي الجرائم في المجتمع‪ .‬ويرتبط الشباب الصغير بالمجتمع بمستويات عديدة‪ ،‬ومن ثم فهم‬
‫‪:‬يختلفون فيما بينهم فيما يلي‬

‫الدرجة التي يتأثرون بها بتوقعات وآراء اآلخرين ‪-    ‬‬

‫المكافآت التي يحصلون عليها نتيجة لسلوكهم المحافظ ‪-    ‬‬

‫مدى التزامهم بالمعايير السائدة‪-     2‬‬

‫أما ريكلز فقدافترض انه كلما كان هناك احتواء خارجي كبير في المجتمع (متمثال في‬
‫الضبط االجتماعي) أمكن التحكم في معدل الجرائم‪ .‬فإذا كان المجتمع متكامال بصورة جيدة‪،‬‬
‫مع تحديد دقيق لألدوار االجتماعية‪ ،‬وحدود السلوك‪ ،‬والنظام العائلي الفعال واإلشراف‬
‫وتدعيم األفعال اإليجابية‪ ،‬فيمكن إذن احتواء انتشار الجرائم‪ .‬ولكن إذا كانت أساليب الضبط‬
‫الخارجية هذه ضعيفة أو غير موجودة‪ ،‬فإن االحتواء الداخلي (ممثال في القيود الداخلية‬
‫‪3‬‬
‫واألنا األعلى) يصبح هو المهم في الوقاية من االنزالق نحو االنحراف والجنوح‪.‬‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)76‬‬

‫منير العصرة‪ ،‬انحراف االحداث ومشكلة العوامل‪ ،‬المكتبـ المصري للطباعة والنشر‪ ،‬مصر‪،1974،‬ص ‪2)21‬‬
‫منير العصرة‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪3(23‬‬
‫‪13‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫ويبرز وجود االحتواء الداخلي الفعال من خالل مجموعة من المؤشرات أهمها قوة األنا‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والقدرة على تحمل اإلحباط‪ ،‬ومقاومة التشتت‪ ،‬والقدرة على إيجاد إشباعات بديلة ‪.‬‬

‫ورغم محاولة نظرية الضبط أن تقف موقفا وسطا بين الحتمية البيئية والتفسيرات المحدودة‬
‫للعوامل الشخصية في تفسيرها للسلوك اإلجرامي دون افتراض وجود عوامل فطرية‬
‫وراثية‪ ،‬فإنه يؤخذ عليها (وبالذات نظرية االحتواء) أنها تفسر جوانب محدودة من السلوك‬
‫‪2‬‬
‫الجانح أو اإلجرامي كما يدعى أصحابها‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مذاهب السلوك االجرامي‬

‫يعالج موضوع السلوك االجرامي عادة ضمن مادة علم االجرام ‪ ،‬عندما نتحدث على‬
‫السلوك االجرامي وما يمثله من تعقيد في جذوره و من تباين في تجلياته بشكل غير‬
‫مستقر ‪ ،‬فملزمين بالتطرق إلى المذاهب التي تناولت هذا الموضوع‪ ،‬وإذا كان السلوك‬
‫االجرامي يمثل صراعا نفسيا اجتماعيا بل وحتى بيولوجيا أو عضويا لصاحبه ‪،‬فاالكيد أن‬
‫هذه المذاهب اتفقت على السلوك االجرامي يدخل ضمن خانة الممنوعات المخالفة‬
‫للقانون‪،‬حيث ركزت هذه المذاهب على جذور السلوك اإلجرامي على ضوء العلماء الذين‬
‫يميلون إلى أحد هذه المدارس التي سنتطرق اليها ‪،‬حيث عملوا على شرح هذا السلوك و‬
‫‪.‬تحليله من خالل تحديد الفكر االنساني الذي أدى به الى هذا‬
‫‪:‬ومن خالل هذا المنطلق‪ ،‬قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫الفرع األول‪ :‬المذهب الفردي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المذهب االجتماعي‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬المذهب المختلط‬

‫‪)1‬محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪80‬‬


‫‪)2‬منير العصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪134‬‬
‫‪14‬‬
‫الفصل األول ‪ :‬اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول‪ :‬المذهب الفردي‬


‫تأثر أنصار هذا المذهب بالمنهج التجريبي في البحث القائم على المالحظة والتفسير‪،‬‬
‫فانطلقوا من شخصية المجرم وذاته من النواحي العضوية والنفسية والعقلية لتفسير السلوك‬
‫اإلجرامي ‪ ،‬ورغم انطالق أنصار هذا المذهب من نقطة واحدة (شخصية المجرم و ذاته)‪،‬‬
‫ومدى إسهامها في إحداث الجريمة‪ ،‬فإنهم اختلفوا في ما بينهم حول مدى قوة تأثير كل عامل‬
‫من العوامل الفردية‪ ،‬ومدى رجحانه على باقي العوامل‪ ،‬وأكثر المدارسـ شهرة في هذا‬
‫‪1‬‬
‫المذهب المدرسة الوضعية اٳليطالية‪.‬‬
‫والتي من أهم أقطابها‪ ،‬بل ومؤسسيها الطبيب االيطالي سيزار لمبروزو ‪ ،‬واألستاذ‬
‫انريكوفيري ورفاييل كاروفالو‪ ،‬وكان لمبروزو أول من نبه أذهان الباحثين في علم اإلجرام‪،‬‬
‫إلى دراسة شخصية المجرم على أساس علمي سليم‪ ،‬وقد ساعدته مهنته ‪-‬طبيبًا‪ -‬على التعمق‬
‫في دراسته‪ ،‬حتى خرج منها بنظريته التي ضمنها كتابه الشهير‪ ،‬الذي أصدره سنة ‪1876‬‬
‫‪2‬‬
‫عن «الرجل المجرم» أو «اإلنسان المجرم»‪.‬‬

‫وتتلخص نظرية لمبروزو‪ ،‬في أن المجرم يتميز عن غيره بصفات خاصة عضوية ونفســية؛‬
‫فمن الناحيــة العضــوية‪ ،‬الحــظ أن للمجــرم مالمح خاصــة‪ ،‬تكمن في عــدم انتظــام جمجمتــه؛‬
‫حيث شملت أبحاثه ثالث مئة وثالث وثمانونجمجمة لمجرمين موتى‪ ،‬وحوالي ســتةآالف من‬
‫المجرمين األحياء (بالضبط ‪ )5907‬الحظ من خاللها وجود تجويف غير عادي في ُمَؤ ِّخ َر ِة‬
‫‪3‬‬
‫الجمجمة‪ ،‬يشبه ذلك الذي يوجد لدى بعض الحيوانات الدنيا (القردة)‪.‬‬

‫‪) 1‬عبد الرحمن العيسوي‪ ،‬الوجيز في علم اإلجرام ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،1989 ،‬ص‪67‬‬

‫‪)2‬عبد الرحمن العيسوي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص ‪68‬‬

‫‪)3‬عبد الرحمن العيسوي‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪68‬‬


‫‪15‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫أما المدرسة التكوينية األمريكية ‪ ،‬من ابــرز المؤيــدين لنظريــة لمــبروزو في أمريكــا‪ ،‬أســتاذ‬
‫االنتروبولوجيــا بجامعــة هارفــارد ارنســت هوتــون ‪ ، ‬هــذا األخــير الــذي تنــاول بــالفحص‬
‫والتمحيص المجــرم األمــريكي‪ ،‬من خالل دراســة مــا ســبق من أبحــاث ودراســات حــول‬
‫ً‬
‫متخذا ألبحاثــه مجموعــات كبــيرة من المجــرمين وغــير المجــرمين‪ ،‬انتقــاهم من‬ ‫الموضوع‪،‬‬
‫ثماني واليات أمريكية‪ ،‬مراعيًا في اختيارهم ظــروفهم الخاصــة‪ ،‬وعامــل الجنس والجنســية‪.‬‬
‫وقد خلص هوتون في أبحاثه إلى وجود صــفات انحطاطيــة موروثــة (بيولوجيــة) يتمــيز بهــا‬
‫المجرمون‪ ،‬وٲن هذه الصفات تتعلق بشكل العينين واألنف والفم واألذنين والجبهة‪ ،‬ومقاييس‬
‫هــذه األعضــاء‪ .‬ولهــذا االنحطــاط والشــذوذ البــدني‪ ،‬الــذي يــدل على انحطــاط عقلي حســب‬
‫هوتون‪ ،‬أهمية في تــبرير الظــاهرة اإلجراميــة‪ ،‬هــذا فضــال عن اعتمــاده في بعض دراســاته‬
‫وتحديدا المتعلقة بسكان أمريكا الالتينية التصنيفـ الساللي العرقي ‪.1‬‬

‫كما استخلص هوتون من دراساته‪ ،‬أن من بين هؤالء المجــرمين يتمــيز مرتكبــوا نــوع معين‬
‫من الجــرائم بصــفات مشــتركة‪ ،‬تمــيزهم عمن يرتكبــون جــرائم من نــوع آخــر‪ ،‬فمثال هنــاك‬
‫صفات تميز مرتكبي الجرائم التي تقـع ضـد األشـخاص كجـرائم القتـل والنهب‪ ،‬حيث يتمـيز‬
‫مقترفوها بطول القامة ونحافة الجسم‪ ...‬في ما يتميز الذين يرتكبون الجرائم الجنســية بقصــر‬
‫القامة والوزن المفرط‪...‬‬

‫وهكذا رد هوتون الجريمة إلى انحطاطية تكوينية موروثة‪ ،‬يتميز بها المجرمون وحدهم‬
‫يمكن َت َعرُّ فٌ َها من خالل مالمح المجرمين‪ ،‬وأوصافهم الجسدية؛ مؤي ًدا بذلك ما ذهب إليه‬
‫لمبروزو في كتابه «الرجل المجرم»‪ ،‬وان كان هوتون قد ارتأى في االنحطاطية‬
‫االجتماعية (المهنة‪ ،‬الحالة االجتماعية‪ )...‬داف ًعا أيضا لإلجرام وان لم يركز عليها كما فعل‬
‫‪2‬‬
‫بالنسبة إلى العوامل الفردية (الجسدية)‬
‫)‪1‬‬
‫احمد ابو زنط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪179‬‬

‫منير العصرة‪ ،‬مرجع سابق ص‪2(45‬‬


‫‪16‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المذهب االجتماعي‬


‫اتضحت اسس هذا المذهببعد أن أعلن لمبروزو عن أفكاره في كتابه الشهير «اإلنسان‬
‫المجرم»؛ الذي احدث ضجة بين صفوف الباحثين االجتماعيين في أوروبا وأمريكا‪ ،‬ودفع‬
‫بعضهم إلى رفض النظرية اللمبروزية جملة وتفصيال‪ ،‬رادين الجريمة إلى عوامل‬
‫اجتماعية‪ ،‬ومن ابرز هؤالء في أوروبا˸ دوركهايم والكاساني وتارد‪ ،‬مانوفرييه و ڤون‬
‫هامل ‪ ،‬ومن روادهذا المذهب في أمريكا نذكر˸ سيلين‪ ، ‬سذرالند ‪ ،‬وكريسي ‪ ،‬و قد بحث‬
‫علماء االجتماع السلوك اإلجرامي كظاهرة اجتماعية‪ ،‬شانها شان غيرها من الظواهر‬
‫االجتماعية‪ ،‬فاتسمت دراساتهم بطابع واقعي‪ ،‬يعتمد على دراسة كل حالة بشكل منفرد‬
‫لتحديد أسبابها‪ ،‬دون أن تتجه عناية الباحثين إلى وضع نظرية عامة تصدق على كافة‬
‫‪1‬‬
‫الحاالت المشابهة ‪.‬‬
‫الفرع الثالث ‪ :‬المذهب المختلط‬
‫يعتبر دي توليو أشهر رواده‪ ،‬حيث ينطلق من فكرة أساسية‪ ،‬تقوم على التكوين اإلجرامي‪ ‬؛‬
‫مفادها انه كما يتمتع اإلنسان بتكوين نفسي وتكوين عقلي وآخر عصبي‪ ،‬يجعله قابال‬
‫لإلصابة بأمراض معينة‪ ،‬فان لديه أيضا تكوي ًنا إجراميا إذا ما صادف مؤثرً ا‪ ،‬أو عامال‬
‫‪2‬‬
‫خارج ًّيا يوقظه‪ ،‬هاجت غرائز الفرد دونما رادع يكبحها ليقع في براثين الجريمة‪.‬‬
‫غير أن هذا االستعداد ال يوجد لدى كل فرد في المجتمع‪ ،‬وبتعبير آخر‪ ،‬فاألفراد األسوياء‪،‬‬
‫حسب دي توليو‪ ،‬ال يتأثرون بعوامل المحيط االجتماعي كما المجرمين الذين ال يستطيعون‬
‫مقاومة غرائزهم وكبحها‪ ،‬والتكيف مع البيئة االجتماعية بسبب الخلل العضوي والنفسي‬
‫‪3‬‬
‫المولد لالستعداد اإلجرامي‪.‬‬
‫سميرة أقرورو‪ ،‬الوجيز في أسس علم اإلجرام وأهم مدارسه‪ ،‬الناشر صوماديل‪ ،‬طبعة ‪ ، 2015‬المغرب‪ ،‬ص‪ 41‬إلى ص‪.74‬‬ ‫‪)1‬‬
‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.178‬‬ ‫‪)2‬‬
‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪200‬‬ ‫‪)3‬‬
‫‪17‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫وتقوم فكرة التكوين اإلجرامي‪ ،‬أو االستعداد اإلجرامي حسب دي توليو‪ ،‬على وجود نــوعين‬
‫من العوامل˸ األولى تكمن في وجود خلــل في النمــو العــاطفي لــدى المجــرم؛ بســبب عوامــل‬
‫داخلية تتصل بغرائزه‪ ،‬وهــو مــا يصــعب عليــه تقبــل القيم االجتماعيــة الســائدة في مجتمعــه‪.‬‬
‫والثانية تتمثل في العيــوب الجســمانية‪ ،‬الناجمــة عن الخلــل الــوظيفي ذي الصــلة بــاإلفرازات‬
‫الغددية‪ ،‬وهذا النوع من العوامل‪ ،‬هو الذي يخلــق الشخصــية الســيكوباتية غــير القــادرة على‬
‫‪1‬‬
‫التوافق مع المجتمع‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬آليات بروز السلوك االجرامي‬

‫تطرقنا في المبحث األول عن مفهــوم الســلوك االجــرامي بنــاءا على عــدة نظريــات‪ ،‬وكــذلك‬
‫درسنا المذاهب التي تناولت هذا الموضوع‪ ،‬حسب وجهة نظر كل مذهب‪.‬‬

‫وبخصــوص هــذا المبحث ســنتناول اليــات بــروز الســلوك االجــرامي من خالل التعمــق في‬
‫العوامــل الــتي ادت الى انتشــاره ‪ ،‬إضــافة الى التكلم وطــرح وســائل الوقايــة من الســلوك‬
‫االجرامي‪.‬‬

‫ومن خالل هذا المنطلق قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬عوامل انتشار السلوك االجرامي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل الوقاية من السلوك االجرامي‬

‫‪)1‬سميرة اقرور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪34‬‬


‫‪18‬‬

‫الفصالألول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫المطلب األول‪:‬عوامل انتشار السلوك االجرامي‬


‫إن السلوك االجرامي ظاهرة خطيرة تهدد حياة البشرية جمعاء في أي وقت‪ ،‬فهـذاـ الـسلـوكـ الـ‬
‫يـأتـي مـنـ فـراـغ‪،‬ـ بـل هـُناـكـ اـلعـديـدـ منـ اـلعـواـملـ اـلتـيـ تؤـديـ إـليـه‪،‬ـ وقـد أـشاـر اـلخـبرـاءـ وـعلـماـء‬
‫اـالـجتـماـع إـلىـ الـعوـامـلـ اـلتـيـ تكـونـ محـددـةـ فيـ اـلسـلوـكـ اـالـجرـامـي‪،‬ـ وـمنـ هذـهـ اـلعـواـملـ الـتيـ‬
‫سـندـرسـهاـ فيـ هذـا اـلمـطلـب‪.‬ـ‬
‫ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬العامل البيولوجي‬
‫الفرع الثاني‪ :‬العامل العائلي‬
‫الفرع الثالث‪ :‬العامل االقتصادي‬
‫الفرع األول‪ :‬العامل البيولوجي‬
‫المجرم وُ لد ليكون مجرماً" تلك نظرية العالم اإليطالي "تشيزري لومبروزو" الذي توصل"‬
‫إلى أنَّ المجرمين متشابهون في صفاتهم الخارجية كاآلذان الكبيرة والجبهة الصغيرة‬
‫والشعر المجعد واألذرع الطويلة والذقن الصغيرة والطول أو القصر غير العادي؛ أي‬
‫باعتقاده فإنَّ بعض البشر يولدون وهم يحملون صفات إجرامية وعدوانية ‪ ،‬لكن اختلف‬
‫الكثير من علماء االجتماع والنفس مع هذه النظرية‪ ،‬فالسلوك اإلجرامي ال يمكن أن يكون‬
‫موروثا ً كما نرث الطول ولون العينين ولون البشرة؛ وذلك بسبب عدم وجود غدد تحفز‬
‫‪1‬‬
‫السلوك اإلجرامي أو تحدد سلوك اإلنسان‪.‬‬

‫كما يدخل في اطار هذا العامل الدفاع عن النفس‪ ،‬حيثيقع اإلنسان أحيانا ً في مشكالت خطيرة‬
‫تدفع أحداً ما لتهديده بالقتل مثالً أو حتى محاولة قتله‪ ،‬فتدفعه غريزة البقاء إلى اتباع السلوك‬
‫اإلجرامي فيقوم بأفعال غير قانونية بهدف الدفاع عن نفسه‪ ،‬ويختلف نوع هذه األفعال‬
‫‪2‬‬
‫ودرجة خطورتها باختالف التهديد المعرض له والضغط النفسي الذي يعيشه‪.‬‬
‫القهوجي والشاذلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(108‬‬

‫منير العصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2) 220‬‬

‫‪19‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫إضافة إلى هذا ‪ ،‬تدخل اثبات الذات ضمن هذا العامل‪ ،‬حيث تختلف الطرائق التي يتبعها‬
‫البشر في إثبات قدراتهم في الحياة‪ ،‬فبعضهم يختار العلم أو المال وسيلة لذلك‪ ،‬وبعضهم‬
‫اآلخر يقوم بسلوكات عدوانية بهدف إثبات نفسه من خالل إخافة المحيطين به‪ ،‬لكن قد‬
‫يتطور األمر ويصل إلى السرقة والسلب أو االختطاف واالغتصاب‪ ،‬وغالبا ً ما يقوم بتطبيق‬
‫‪1‬‬
‫هذه الجرائم على أشخاص تحدوه سابقا ً وكسبوا التحدي فيريد االنتقام منهم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العامل العائلي‬


‫تعتبر التربية من أشهر أسس هذا العامل‪ ،‬قد يكون السبب وراء السلوك اإلجرامي قسوة‬
‫الوالدين‪ ،‬فتعرُّ ض اإلنسان للضرب والشتم والصراخ والعقاب في طفولته باستمرار يجعله‬
‫يعتاد على االعتداء ويقوم بتطبيقه على اآلخرين كلما سمحت له الفرصة بذلك‪ ،‬فمثالً نجد‬
‫طفالً يقوم بضرب القطط ومحاولة قتلهم أو تشويههم فنشعر بغرابة تصرفاته على الرغم من‬
‫سنه الصغير‪ ،‬إال أ َّنه يطبق على من هم أضعف منه ما يتم تطبيقه عليه من قِبل أهله ليكبر‬
‫‪2‬‬
‫الحقا ً ويصبح سلوكه إجراميا ً في الحياة‪.‬‬

‫الى جانب التربية‪ ،‬فاإلنسان وليد البيئة المحيطة به‪ ،‬لذلك إن كبر في بيئة تنظر إلى السرقة‬
‫أو الضرب أو القتل على أ َّنهم أمر طبيعي الحدوث فليس من الغريب قيامه بهذه األفعال‪،‬‬
‫فكما يتأثر اإلنسان بصالح من حوله يتأثر بفسادهم أيضاً‪ ،‬وينطبق األمر نفسه عندما تكثر‬
‫‪.‬مشاهدة األفالم والمسلسالت التي تعرض مشاهد العنف وتتحدث عن الجرائم‬

‫الشخص الناضج يمكنه استيعاب ذلك‪ ،‬ولكنَّ مشاهدة الطفل لتلك المشاهد قد تدفعه إلى‬
‫تقليدهم ليصبح السلوك اإلجرامي هو سلوكه الطبيعي‪ ،‬وبحسب ما ذكره الباحث "ألبرت‬
‫باندروا" فإنَّ الطفل يتعلم السلوك اإلجرامي من خالل نماذج أساسية ثالثة هي األسرة‬
‫‪3‬‬
‫والمحيط االجتماعي ووسائل اإلعالم‪.‬‬

‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(31‬‬


‫سميرة اقرور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)78‬‬

‫احمد ابو زنط‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3)301‬‬

‫‪20‬‬
‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫واخيرا أحد اركان العامل العائلي الحالة النفسية‪ ،‬اذال يمكن الفصل بين بعض‪ ‬االمراض‬
‫النفسية‪ ،‬والسلوك االجرامي مثل االنفصام واالكتئاب‪ ،‬أو حاالت الهوس التي تدفع اإلنسان‬
‫إلى ارتكاب الجرائم بدم بارد وكأنَّ عقله مغيَّب تماماً‪ ،‬فال يستطيع معرفة مدى خطورة‬
‫تصرفاته نتيجة غياب الوعي الالزم لتقدير نتائج أفعاله‪ ،‬فقد سمعنا أنَّ شخصا ً قام بقتل‬
‫زوجته وطفليه ثم انتحر بسبب ضغط نفسي كان يمر به لسنوات على الرغم من كونه‬
‫شخصا ً متعلما ً ويعمل بمكان جيد ولم يب ِد مسبقا ً أيَّة تصرفات مسيئة أو إجرامية‪ ،‬إال أ َّنه في‬
‫‪1‬‬
‫‪ ‬الواقع كان يعاني من اضطراب نفسي أدى إلى سلوكه اإلجرامي‬

‫الفرع الثالث ‪ :‬العامل االقتصادي‬

‫تنقسم العوامل االقتصادية الدافعة إلى السلوك اإلجرامي إلى عوامل اقتصادية عامة وخاصة‬
‫ويراد بالعوامل االقتصادية العامة تلك العوامل التي تتعلق بالمجتمع بأسره ومن أمثلتها‬
‫التطور االقتصادي وحالة الكساد االقتصادي والتقلبات االقتصادية والرخاء العام وغيرها‪,‬‬
‫أما العوامل االقتصادية الخاصة فيراد بها تلك العوامل التي تتعلق بأفراد المجتمع كال على‬
‫حده ومن أمثلتها حالة الفقر أو الغنى والبطالة هذا وتشكل العوامل االقتصادية سواء كانت‬
‫العامة أو الخاصة دافع للنية نحو ارتكاب السلوك اإلجرامي إال أنه ليس العامل الوحيد أو‬
‫الحاسم في ارتكاب هذا السلوك وانما هو يساهم في ذلك متى ما تضافرت معه عوامل‬
‫أخرى مساعدة ومن أهم الجرائم المرتكبة بسبب العامل االقتصادي‪ ،‬الجرائم االقتصادية‬
‫والمالية مثل جرائم التموين وجرائم التهريب الكمركي بسبب قسوة األعباء الضريبية‬
‫المفروضة على األفراد وجرائم التعامل بالنقد األجنبي خارج النطاق الذي تسمح به قوانين‬
‫‪2‬‬
‫النقد وكذلك الجرائم الواقعة على األموال ‪.‬‬

‫(‪1‬‬ ‫العوامل الخارجية للسلوك اإلجرامي‪ ,‬مقالة نشرت على شبكة االنترنيت على الموقع‬
‫‪،Www.djelfa.com‬ص‪2022،.7‬‬

‫محمد عبد هللا الوريكات‪ ،‬اصول علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مسقط‪ ،‬عمان‪،2004 ،‬ص‪2)30‬‬

‫‪21‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫حيث يدفع الفقر والحاجة إلى ارتكاب العديد من هذه الجرائم كالسرقة والنصبـ وخيانة‬
‫األمانة لعجز الفرد عن إشباع حاجاته بالطرق المشروعة وكذلك الجرائم الواقعة على‬
‫األشخاص حيث يظن البعض خطأ أن هذه الجرائم ليس لها عالقة بالعامل االقتصادي وهذا‬
‫ظن غير صحيح ألن العامل االقتصادي قد يكون دافع للنية الرتكاب هذه الجرائم مثل‬
‫جريمة إجهاض الزوجة أو قتل األطفال الحديثي الوالدة خشية اإلمالق وكذلك جريمة خطف‬
‫أحد األفراد ألجل الحصول على المال أو جريمة القتل بهدف الحصول على اإلرث وغيرها‬
‫وأيضا ً من الجرائم المرتكبة بسبب هذا العامل جرائم االعتداء على العرض سواء من قبل‬
‫األثرياء أو الفقراء فبالنسبة إلى األثرياء قد تكون كثرة أموالهم دافع نحو إشباع ملذاتهم‬
‫الشخصية بشكل غير مشروع كأن يكون ذلك عن طريق جرائم الزنا وفي نفس الوقت هو‬
‫دافع لبعض الفتيات للمتاجرة بأعراضهن نتيجة المشاكل االقتصادية فتكثر جرائم البغاء‬
‫والفسق والفجور‪ ,‬أما الفقراء فقد يرتكبون هذه الطائفة من الجرائم أيضا بسبب سوء أحوالهم‬
‫‪1‬‬
‫االقتصادية السيما الشباب الذي ال تمكنهم أحوالهم المادية من الزواج ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬وسائل الوقاية من السلوك االجرامي‬

‫تزايد السلوك االجرامي مع مرور الزمن زيادة مخيفة ‪ ،‬حيث اصبحت الجرائم تمارس‬
‫بصفة عادية و متكررة ‪ ،‬ويعود سبب ذلك إلى العوامل المذكورة سلفا ‪ ،‬إذ اصبح ينتهك‬
‫‪.‬حرمة االنسان وعرضه و حتي حياته‬
‫لذلك‪ ،‬تسعى الدول جاهدة و منها الجزائر لوضع اساليب مختلفة لمجابهة او حتى الحد من‬
‫‪.‬هذه الظاهرة الخطيرة‪ ،‬و تكمن هذه االساليب في وسائل للوقاية منه‬

‫‪:‬وبهذا المنطلق‪ ،‬قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(92‬‬

‫‪22‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول ‪ :‬الوسائل المعنوية‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الوسائل المادية‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الوسائل القانونية‬

‫الفرع األول‪ :‬الوسائل المعنوية‬

‫يمكنالوقايةمنالسلوكاالجراميعبرالوعظواالرشادوالنصحوذكراالمورالسلبيةوالمخاطروهذاالتوـ‬
‫جيهيكونمباشرليتعلمالطفلكيفيسلكطريقمعينيتناغممععمرهومرحلةنموهومتطلباتحياتهاليوميةدوـ‬
‫نانحرافعنالقواعدواألعرافاالجتماعية‪ .‬والطـريقـةغيـرالمباشـرةهيطريقةاإليحاء‪.‬ـ‬
‫كأنيلقناألطفاألحسنالشعرفيالحكموأحسنالنصائحواألخبارويمنعواالنظرفيالشعرالسخيفوقدثبتفيعل‬
‫‪1‬‬
‫مالنفسماللطريقتينمنأثركبيرفيتربيةالطفل‪.‬ـ‬

‫ايضامناساليبالوقاية‪,‬‬
‫المــحـاكـاةوالقدوةالصالحةفللمحاكاةأثراًكبيراًفيالتربيةالخلقيةوالعقليةوذلكألنالتقليدعاملرئيسيفياـ‬
‫لمرحلةاألولىلتكوينالعادة‪،‬فالطفليرىالشيءيفعألمامهفيحاكيهويكررهحتىيصيرعادةله‪،‬لهذاأوصىا‬
‫بنسينابمايناديبهعلمالنفساليومبأنالمقلديجبأنيكونقدوةطيبةونموذجاًحسناً‪،‬حتىاليتركأثراًسيئاًفينفسال‬
‫طفاللمقلدحيثثبتفيعلمالنفسأنالقدوةتبنيالطفإلنكانتخيرةصالحة‪،‬وتهدمهإنكانتفاسدةأل َّنهبطبيعتهيحا‬
‫‪2‬‬
‫كيمايحدثفيالمجتمعالذييحيطبه‪،‬حسناًكانأوقبيحاً‪.‬‬
‫منير العصرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(203‬‬

‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(109‬‬

‫‪23‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫‪:‬كذلك تدخل ضمن الوسائل المعنوية لمحاربة السلوك االجرامي فيمايلي‬

‫‪ .‬نشر الوعي الديني من خالل األئمة في المساجد‬

‫‪.‬تطهير النفوس من الحقد من خالل نشر فكرة التسامح‬

‫‪ .‬حماية األشخاص من الوقوع ضحايا للجريمة من خالل محاربة المحيط الفاسد‬


‫‪1‬‬
‫تنمية دور االعالم االيجابي و خاصة المجتمع‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬الوسائل المادية‬

‫‪:‬تكمن الوسائل المادية للوقاية من السلوك االجرامي فيمايلي‬

‫‪.‬تحسين مستوى التعليم‬

‫وضع برامج تدريب قائمة على المهارات و تصميم مختلف البرامج المفيدة‬

‫زيادة عروض التوظيف من خالل توسيع نطاق فرص المواطنين في العمل‬

‫محاربة الفقر من خالل تقديم الدعم المادي‬

‫دعم الشركات الناشئة لتوظيف المواطنين‬

‫االهتمام بخريجي الجامعاتـ و كذلك خريجي المعاهد‬

‫‪.‬إشراك الشباب في الحياة السياسية‬


‫‪2‬‬
‫دعم مبادرات التي تدعو إلى نشر ثقافة التسامح‬

‫‪) 1‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬نظرات معاصرة في علم اإلجرام‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الكويت ‪ ،2011 ،‬ص ‪56‬‬
‫‪)2‬عبد الوهاب حومد‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪57‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الوسائل القانونية‬

‫‪:‬تكمن الوسائل القانونية للوقاية من السلوك االجرامي فيمايلي‬

‫‪.‬وضع إجراءات ردعية لكل مخالف للقانون‬

‫‪.‬تعزيز دور القانون الجنائي في مكافحة هذا السلوك‬

‫تطبيق نصوص القانونية تطبيقا كامال بحذافيرها‬

‫‪.‬القيام بدوريات يومية من طرف الشرطة والدرك الوطني عبر االحياء المعروفة بالجريمة‬

‫تعزيز دور النيابة العامة والقضاء‬

‫‪.‬اعتماد نظام التقاضي االلكتروني‬

‫غرس مبدأ القانون الجنائي هو قانون انساني‬

‫سن القانون العقابي حديث موحد‬

‫اعتماد وسائل بديلة للعمل الجنائي والعقوبات‬


‫‪1‬‬
‫إستخدام الحد األدنى من العقوبات‬
‫‪.‬العوامل االجرامية للسلوك االجرامي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)23‬‬

‫‪25‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫االطار القانوني‬
‫للسلوك االجرامي‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬اإلطار القانوني للسلوك اإلجرامي‬
‫يعتبر السلوك االجرامي ظاهرةقديمةارتبطتبوجوداالنسان البدائيعلىاألرض‪،‬فال يمكنتصور‬
‫وقوع جريمة نتيجة هذا السلوك بدون إنسان ‪.‬‬
‫وبمرور الزمن ‪ ،‬ومن خالل التطور الحاصل في شتى المجاالت ‪،‬تطورت الجرائم و ازدادت‬
‫ببروز السلوك االجرامي في الساحة‪ ،‬وبالتالي ظهور جرائم جديدة التي تكاثرت بصفة‬
‫معتبرة ‪ ،‬لهذا البد من استحداث قانون العقوبات ليواكب هذا التطور‪.‬‬
‫فالسلوك االجرامي والجريمة هو فعليمنعه القانونويقررلمرتكبيهعقوبة‪ ،‬وهذه االخيرة يجب‬
‫أن تتالئم مع درجة الجرم المرتكب‪ ،‬وبعض حاالت االمتناع التي يعاقب عليها‪.‬‬
‫ومنهفالجريمةهيفعألوامتناعيحضرهالقانونويقرعقوبةلمن ارتكبها‪.‬‬
‫ونتيجة لتنوع وتعدد الجرائم ‪،‬كانتهذه االخيرةترتكبمنطرفشخصواحدبمفردهمثلما‬
‫كانمعروفافيالسابق‪ ،‬فتقع المسؤولية الجنائية عليه وحده‪.‬‬
‫أما في الحاضر‪،‬أصبحتترتكبمنطرفعدةأشخاص‪ ،‬وبالتالي تقع عليهم المسؤولية الجنائية‬
‫كلهم ‪ ،‬وهذه السلوكيات االجرامية يعاقب عليها قانون العقوبات مثلما يشير النص‬
‫التجريمي ‪ ،‬وتعرف بالظروف العادية‪.‬‬
‫ومن خالل مقولة لكل قاعدة استثناء‪ ،‬هناك جرائم ترتكب لكن ال يعاقب عليها قانون‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫بالرغم من انها تدخل ضمن الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات وبالرغم من‬
‫توافر كل األركان والسلوك االجرامي ‪ ،‬وهذه تدخل ضمن الظروف االستثنائية‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين نبرز فيهما مايلي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬السلوك االجرامي في الظروف العادية‬
‫المبحث الثاني‪ :‬السلوك االجرامي في الظروف االستثنائية‬

‫‪27‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫المبحث األول‪ :‬السلوك االجرامي في الظروف العادية‬

‫تتميز السلوكيات االجرامية في الظروف العادية بعدة أنواع للجرائم ‪ ،‬فهناك منها من‬
‫ترتكب من طرف شخص واحد ‪ ،‬وهناك من ترتكب من طرف عدة أشخاص باختالف‬
‫‪.‬السلوك االجرامي لكليهما‪ ،‬هذه االخيرة ما تسمى المساهمة الجنائية‬

‫وبالرجوعإلىالمشرعالجزائريفقدوضعأحكامالمساهمةالجنائیةتحتعنوانـ‬
‫"المساهمةفيالجریمةفيقانونالعقوباتمعرفاكلمنالفاعلوالشریكفيالمادةالواحد واالربعونوالثانيةـ‬
‫‪1‬‬
‫واالربعون منهذا القانون ‪.‬‬

‫حیثنصتالمادةالواحدة واالربعون على أنه "‬


‫یعتبرفاعالكلمنساهممساهمةمباشرةفيتنفیذالجریمةأوحرضعلىارتكابالفعلبالهبةأوالوعدأوالتهدیدأـ‬
‫‪2‬‬
‫وإساءةاستعمااللسلطةأوالوالیةأوالتحایألوالتدلیسالجرمي"‪.‬‬

‫وجاءتالمادةالثانية واالربعون ب"‬


‫یعتبرشریكافيالجریمةمنلمیشتركاشتراكامباشرا‪،‬ولكنهساعدبكاللطرقأوعاونالفاعألوالفاعلینعلىا‬
‫‪3‬‬
‫رتكاباألفعااللتحضیریةأوالمسهلةأوالمنفذةلهامععلمهبذلك"‪.‬ـ‬
‫وبهذا ‪ ،‬فالمساهمة الجنائية لها صورتان ‪ ،‬تتمثل االولى في المساهمة المباشرة ‪ ،‬والثانية في‬
‫‪.‬المساهمة الغير مباشرة‬

‫األمر رقم ‪،66/156‬مؤرخفي ‪ 08‬یونیو‪ 1966 ،‬یتضمنقانونالعقوبات‪ ،‬المعدل والمتمم‪ ،‬العدد‪ ،07‬فبراير ‪1(.2014‬‬

‫المادة ‪ ،41‬قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬مرجع نفسه‪2( .‬‬

‫‪.‬المادة ‪،42‬قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬مرجع نفسه)‪3‬‬

‫‪28‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اإلطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫‪:‬ومن خالل هذا المنطلق‪ ،‬قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي‬

‫المطلب األول‪ :‬السلوك االجرامي في المساهمة الجنائية‪ C‬االصلية‬

‫المطلب الثاني‪ :‬السلوك االجرامي في المساهمة الجنائية‪ C‬التبعية‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫المطلب األول‪ :‬السلوك االجرامي في المساهمة الجنائية االصلية‬

‫تعني المساهمة الجنائية االصلية المباشرة في الجريمة القیامبدوررئیسيفيارتكابها‪،‬بحیثالیمكن‬


‫‪1‬‬
‫تصور قيام جريمة ما ‪ ،‬إال وكان فيها فعل أصلي‪.‬‬

‫فيهذهالصورةیقومالمساهمبدورأصليفيـ تنفيذ الجريمة او جزء منه ‪،‬ويطلق على مرتكبها‬


‫‪.‬المساهم االصلي (الفاعل االصلي) أو المحرض او الفاعل المعنوي‬

‫تنفیذالجریمةأوجزءمنه‪،‬ویطلقعلىمرتكبهاالمساهماألصليأوالمحرضأوالفاعل‬

‫‪.‬المعنوي‬

‫یمكنأنیرتكبالفعالألصليللجریمةمنطرفشخصواحدوبمفرده‪ ،‬فهناتقوم‬
‫‪2‬‬
‫الجریمةثمرةنشاطه‪،‬وبالتاليیكونالشخصهوفاعلهاالوحید‪.‬‬

‫غیرأنه يمكن أنیكونذلكالفعلنتیجةعّدةأشخاص‪،‬فهنایمكن اعتبراهم جميعا فاعلين‬

‫‪.‬اصليين او مساهمين اصليين جميعا‬

‫وبالتالي فالمساهمة الجنائية االصلية بالنظرإلىمفهومالفاعليختلف إذا كان الفاعل ماديا او‬
‫‪3‬‬
‫محرضا او فاعل معنوي‪.‬‬

‫وبالنظر إلى اركان المساهمة الجنائية االصلية‪ ،‬فيجب توافر الركن الشرعي والمعنوي‬
‫‪ .‬وأخيرا الركن المادي ‪،‬نظرا الرتباطه بالسلوك االجرامي‬

‫‪.‬حيث يعتبر هذا األخير المظهر الخارجي الركن المادي‬

‫سمير عالية ‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،2010 ،‬ص‪1(400‬‬
‫سمير عالية‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪2(426‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪ ،2012،‬ص‪3(.127‬‬

‫‪30‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫إنالركنالماديللمساهمةاألصلیةتتكونمنمجموعنشاطالمساهمیناألصلیینـ الذين يهدفون إلى‬


‫‪ .‬تحقيق النتيجة االجرامية اال هي الجريمة‬

‫هذه االخيرة‪ ،‬تقع طبقا للعالقة السببية المادية التي تربط بين فعل كل فاعل لتلك الجريمة‬
‫‪1‬‬
‫ونشاطه‪.‬‬

‫اضافة لهذا‪ ،‬غيره من الفاعلين لتلك الجريمة‪ ،‬أي بمعنى اخر ‪ ،‬أن الفاعل هو من ابرز إلى‬
‫‪2‬‬
‫حيز الوجود للعناصر التي تؤلف الجريمة‪.‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬تعددصورالفاعالألصلي ‪ ،‬لذلكسوفنتعرضإلىالركنالماديللفاعاللمباشرثم المحرض‬


‫وفي االخير للفاعل المعنوي‬

‫‪:‬ومن خالل هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫الفرع األول‪ :‬الفاعل المباشر‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المحرض‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الفاعل المعنوي‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(231‬‬


‫منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬الجزائر‪،2006 ،‬ص‪2(190‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول‪ :‬الفاعل المباشر‬

‫تم إعطاء تعريف للفاعل المباشر من طرف المشرع بإستقراء نصالمادةالواحدة واالربعون‬
‫‪:‬السالفة الذكرمنقانونالعقوباتالجزائريوالتيتنصعلىمایليـ‬

‫یعتبرفاعالًكلمنساهممساهمةمباشرةفيتنفیذالجریمة‪."...‬ـ ‪"1‬‬

‫أيكالألفعااللتنفیذیةالمكونةـ للركن المادي للجريمة‪ ،‬باعتبار أن مظهره الخارجي هو السلوك‬


‫‪.‬االجرامي الممارس من طرف هذا الفاعل‬

‫اذال يعد من قام بها سواء شخص واحد أو عدة أشخاص‪ ،‬وكلمنقامبهذه األفعال يكون فاعال‬
‫‪2‬‬
‫مباشرا ويحاسب كما لو ارتكبها لوحده‪.‬‬

‫ومثال على هذا‪ ،‬إذا اشترى الجاني سكينا لدى شخص او بائع ‪ ،‬لكن الجاني استعمله لزهق‬
‫روحالمجني عليه وأرداه قتيال‪ ،‬فهنایكونالجانيلوحدهفاعألصليمادام أنه نفذ ركن المادي‬
‫‪3‬‬
‫للجريمة بإرادته لوحده‪ ،‬ويالتالي ليس للبائع أي سلوك اجرامي‪.‬‬

‫اما اذا لجأ شخصانلقتاللمجنيعلیهفیطعناهبطعناتتؤديإلىوفاته‪،‬فهنانرىأنهماقام‬


‫‪4‬‬
‫معا بتنفیذالركنالماديللجریمة ‪ ،‬إذنفكالهمافاعالً اصليا‬

‫أمااالشتراك المباشرفيالشریعةیقصدبهاالشتراكـ فيالجریمةبطریقفعليوهو‬


‫‪5‬‬
‫االشتراك االصلي الذي يقال للمشترك أنه فاعل أصلي‬

‫المادة الواحدة واالربعون ‪،‬قانون العقوباتـ الجزائري‪ ،‬مرجع سابق‪1( .‬‬


‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(290‬‬
‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(178‬‬
‫احسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز فيشرحالقانونالجنائيالعام‪،‬دونطبعة؛دارهومة‪،‬الجزائر‪،2003 ،‬ص‪4(.112‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬شرحقانونالعقوباتالجزائري ‪،‬القسمالعام‪،‬دونطبعة؛موفمللنشر‪،‬الجزائر‪،2009 ،‬ص‪5(45‬‬

‫‪32‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫والمحكمةتقضيبحجیةالشيءالمقضيفیهبالنسبةللقتاللعمدي‪،‬إذیعتبرفاعالًاصليا مباشرا كل من‬


‫‪1‬‬
‫ساهم مساهمة مباشرة في ارتكاب الفعل اإلجرامي المادي‪.‬‬

‫وأبرز مثال على هذا ‪ ،‬كأن ينهال أشخاص على الضحية بالضرب حتى وفاتها‪ ،‬وقد تقسم‬

‫‪.‬األدوارفیمابینهم‪ ،‬كأن يقوم أحدهم بالحراسة واألخر بإمساك الضحية والثالث بضربها‬

‫فكلواحدمنهمیعتبرفاعالً اصليا ‪،‬مادامت نيتهم متحدة على ارتكاب الفعل االجرامي من جهة‪،‬‬
‫وبروز سلوكهم اإلجرامي وهو القتل من جهة اخري ‪ ،‬وكانوا متواجدين على مسرح‬
‫‪2‬‬
‫الجريمة من جهة ثالثة‪.‬‬

‫وبهذا‪،‬فتعريف الفاعل المباشر‬


‫هومنقامبالعماللماديالمكونللجريمةفهوعليسبياللمثالمنأطلقالنارعليالمجنيعليهأوطعنهبسكينفأرادـ‬
‫‪3‬‬
‫هقتيالأومنادخليدهفيجيبالمعطفواختلسمنهالمبلغالمالي‪.‬‬

‫والفاعاللمباشرليسفقطمنينفذالعماللماديحتىنهايتهإذيصلحوصفالفاعاللماديعليمنحاوالرتكابالجري‬
‫‪4‬‬
‫مةبلوحتىمنارتكبجريمةخائبة‪.‬‬

‫أما فيما يخص عقوبة الفاعل المباشر‪ ،‬فإن‬


‫أغلبالتشریعاتفنجدهالمتحددالعقوبةالمقررةبالنسبةللفاعلـ المباشرفي الجريمة‪ ،‬ألن حكم القانون‬
‫‪.‬كان واضحا في هذا الشأن‬
‫‪1‬‬
‫مما استدعى عدم الزامية النص على المادة القانونية التي تقرر عقوبة الفاعل المباشر‪.‬‬

‫منصور رحماني مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)179‬‬

‫‪.‬عبد الرحمن خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)289‬‬


‫عادل قورة‪ ،‬محاضراتفيقانونالعقوبات‪،‬ـ القسمالعام "الجریمة"‪ ،‬دونطبعة؛دیوانالمطبوعاتالجامعیة‪،‬عنابة‪،‬الجزائر‪,2001،‬ص‪3(67‬‬
‫عبد هللا سليمان‪ ،‬شرحقانونالعقوباتالجزائري‪،‬القسمالعام‪،‬الجزءاألول" الجریمة"؛ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،1995 ،‬ص‪4(56‬‬

‫‪.‬عبد هللا اوهيبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪5)100‬‬

‫‪33‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬المحرض‬

‫لقدخرجالمشرعالجزائريعناالتجاه التقليدي الذي أقر باعتبار المحرض مجرد‬

‫‪.‬شريك وليس فاعل ‪ ،‬لكن قانون العقوبات الجزائري يقر بأن المحرض فاعال للجريمة‬

‫وجاء هذا بعد التعديل الذي اقره المشرع الجزائري في قانون العقوبات سنة ‪ 1982‬تحت‬
‫رقم ‪04/82.1‬‬

‫وبهذا‪ ،‬نجد نص المادة الواحدة واالربعون السالفة الذكر والتي نصت على‪ :‬يعتبر فاعال كل‬
‫من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ‬
‫الجريمةأوحرضعلىارتكابالفعلبالهبةأوالوعدأوالتهدیدأوإساءةاستعمااللسلطةأوالوالیةـ أو التحايل‬
‫‪2‬‬
‫او التدليس االجرامي‪.‬‬

‫ويعرفالفقهالتحریضبأنهقیامالشخصبدفعغیرهعلىاقترافـ جریمةمعینة‪ ،‬و‬

‫‪.‬تحریضهعلىالقیامبهاوتقویةتصمیمهعلىارتكابها‪،‬منأجلتحقیقهدفمعین‬

‫كذلك يعرف على انه خلقالتصمیمعلىارتكابجریمةلدىشخصأخربنیةدفعهإلىـ‬


‫‪3‬‬
‫تنفیذهاأومجردمحاولةخلقذلكالتصمیم‪.‬ـ‬

‫وهناك تعريف اخر يتمثل في الضغط القوي على ارادة الشخص الذي سيكون الفاعل‬
‫‪4‬‬
‫االصلي ‪،‬بحیثیزرعفیهالخوفأواألمل‪.‬ـ‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(.80‬‬


‫‪.‬منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)23‬‬

‫‪3)Jacques Henri –Robert, Droit pénal généra, sans édition; collection Thémis, 1998, p.322.‬‬

‫عبد هللا سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪4)99‬‬


‫‪34‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫ويقصد بالتحريض ايضا خلق او زرع فكرة جريمة في نفس الفاعل و دعمها اليه ان كانت‬
‫‪.‬غير راسخة او غير حاسمة‬

‫ومادام أنالتحریضهوخلقفكرةآثمةلدىشخصأخر‪،‬لیحفزهعلىاقتراف الجريمة‪ ،‬فالمادة الواحد‬


‫واالربعون السالفة الذكر‪ ،‬حددتاألفعااللتيیقومبهاالمحرضوالتيتدلعلىفعلهوتشجععلیهـ ‪ ،‬وهي‬
‫بدورها أفعال مادية ملموسة‪ ،‬إال انها تخرجمننطاقهاإبداءالرأيوالنصح ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫هذهاألفعااللمادیةخمسةوسائلمحددةعلى سبيل الحصر‪.‬‬

‫واول هذه الوسائل هي الهبة ‪ ،‬حيث‬


‫یسعىالمحرضإلىتحریضالغیرواقتناعهبارتكابالجریمةبمقابلماليأوعقاريأوأيشيءأخریمكنتقییمهب‬
‫مالیقدمهلهكهبة‪ ،‬شریطةتقدیمالهبةقبالرتكاب الجريمة لكي تعتبر وسيلة من وسائل‬
‫التحريض‪،‬ام إذا قام بها المحرض بعد ارتكاب الجريمة ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فالتعدوسیلةبلهيتعتبركمكافأةللمحرضإلىمقترفالجریمة‪.‬ـ‬

‫اما ثانيا فهو الوعد‪ ،‬حيث یسعىالمحرضالقتناعالغیربارتكابالجریمةمقابلوعدیقطعهعلىنفسهـ ‪،‬‬


‫‪3‬‬
‫فالوعدأوسعمنالهبة‪ ،‬ألنه قد يشمل هبة او امتياز او غير ذلك‪.‬‬

‫ثالثا فيكمن في عنصر التهديد‪ ،‬فهویفیدمعنىالضغطعلىإاردةالغیرإلقناعهبتنفیذالجریمةـ ‪ ،‬وذلك‬


‫‪4‬‬
‫إما بالقتألوبأيأذىإذالمیرتكبالجریمة‪،‬ويمكن أن يكون التهديد ماديا او معنويا‪.‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(34‬‬


‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(123‬‬
‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(167‬‬
‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪4(232‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫كما تعتبر اساءة استعمال سلطة من عناصر التحريض‪،‬‬


‫وذلكأنیكونللمحرضمكانأوسلطةقانونیة‪،‬ـ علىالغیرإلقناعهعلىتنفیذمشروعهاإلجراميومثالذلك ‪،‬‬
‫سلطةالرئیسعلىالمرؤوس‪،‬ویستغاللرئیسهذهالسلطةالمخولةلهویقنعبذلكالمرؤوسبارتكابالجریمة‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬

‫وكذلك ايضا سلطة الخادم على مخدومه واقناعه بدس السم للزائر‪،‬‬
‫كمایمكنأنتكونصورةالتأثیرأساسهاالسلطةالوالئیةمثلسلطةاألبعلىابنهفیكوناألولمحرضاـ والثاني‬
‫‪.‬منفذا‬

‫واخيرا التدليس االجرامي‪ ،‬هنایقومالمحرضبالتحایلعلىالغیرإلقناعهبتنفیذـ‬

‫الجریمة‪ ،‬و‬
‫فیهایتعمدالمحرضإلىالكذبوقدیعضدهبأفعاألوبأقواألخرىلغیرهتدفعهإلىارتكابالجریمة‪،‬‬
‫كأنتقعسرقةعلیه‪ ،‬ویعمدالمحرضأنیدلهعلىغیرالسارق‪ ،‬لینتقممنه‪ ،‬وقد يعتمد كذبه على افعال‬
‫‪2‬‬
‫مفتعلة او شهادات زور‪.‬‬

‫إلىجانبالوسائاللخمسةالمحددةفيالمادة الواحدة واالربعون السالفة الذكر‪ ،‬البد ان يكون‬


‫التحريض مباشرا‪ ،‬یعنيخلقفكرةالجریمةفينفسـ المحرضصراحة‪،‬ـ‬
‫فالیكونمحرضاستهدفإثارةالبغضوالكراهيةـ فيالغیرحتىلو ادى ذلك الرتكاب الجريمة‪ ،‬كذلك‬
‫‪3‬‬
‫الشرطالثالثأنیكونالتحریضیعنيتوجیهاألمرإلىشخصمعینإلقناعهبارتكابـ الجريمة‪.‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(133‬‬


‫عبد هللا سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)122‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(178‬‬

‫‪36‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثالث‪ :‬الفاعل‪ C‬المعنوي‬

‫تنصالمادة الخامسة واألربعون من قانون العقوبات الجزائري على‬


‫منیحملشخصایخضعللعقوبةبسببـ وضعهأوصفتهالشخصیةعلىارتكابجريمةـ يعاقب بالعقوبة‬
‫‪1‬‬
‫المقررة لها‪.‬‬

‫وبهذا اليمكن اعتبار الفاعل المعنوي محرضا‪ ،‬ألنهما يتفقان فقط في أن یریدانتحقیق‬

‫نتیجةویسعیانإلىتنفیذهابواسطةغیرهما‪ ،‬إال انهما یختلفانمنحیثأنالمحرضیلجأ دائما‬


‫إلىشخصأهالًللمسؤولیةالجنائیةفيحینیلجأالفاعاللمعنويإلىصغیرـ السن او المجنون الرتكاب‬
‫الجريمة‪،‬‬
‫بحیثیسیطرالفاعاللمعنويعلىالغیرعدیمالمسؤولیةالجنائیةسیطرةتامةتجعلمنالمنفذأداةفيیدیسخره‪،‬‬
‫اما الفاعل االصلي فهو يختلف عن الفاعل المعنوي‪ ،‬ألن‬
‫الفاعالألصليیقومبارتكابالجریمةبنفسهبمساعدةغيرهـ وله سيطرة‬
‫علىمجرىتنفیذالجریمةفيحینأنالفاعاللمعنويال صلة له تماما بالتنفيذ‪ ،‬بل يقوم به شخص ثاني‬
‫‪2‬‬
‫غير مسؤول جنائيا ‪.‬‬

‫فالفاعاللمعنويال یحققمنالجریمةسوىركنهاالمعنوي‪ ،‬أما‬


‫الشخصعدیمالمسؤولیةالجنائیةیقومبتنفیذالركنالماديفقط‪،‬ـ أي أنه لم يقم اال بالركن المادي‬
‫الذيمن خالله‬
‫‪3‬‬
‫تمتالجریمةدونأنیتوافرفيحقهالركنالمعنوي‪،‬فهویجهلعدممشروعیةاألفعااللتياقترفها‪.‬ـ‬

‫المادة ‪، 45‬قانون العقوبات الجزائري مرجع سابق (‪1‬‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(238‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(156‬‬

‫‪37‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫أما عن الوسائل التي يقوم بها الركن المادي للفاعل المعنوي ‪ ،‬لم يحدده القانون ‪ ،‬ألن‬
‫المشرع یعتدبجمیعالوسائلبدونتمییز‪ ،‬و‬
‫التيتؤديبدورهاإلىحماللشخصغیرالمسؤولعلىتنفیذالجریمة‪ ،‬فقدیلجأإلىاإلغارءوالترغیبأوالتهدید‪،‬ـ‬
‫والترهیبوذلكلسیطرةعلىالمنفذ‪،‬ـ لیتمكنبعدذلكبتوجیههالرتكابالجریمة‪،‬ـ ألن‬
‫الفاعاللمعنويیعتمدعلىإستراتیجیة اوال‬
‫‪1‬‬
‫علىمنفذهبجمیعالوسائلویعدالتأكدمنذلكسعىالفاعاللمعنويبتحریكهنحوارتكابالجریمة ‪.‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(310‬‬

‫‪38‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬السلوك االجرامي في المساهمة الجنائية التبعية‬

‫المساهمة الجنائية التبعية هي عبارة عن نشاط أو سلوك يرتبط بالفعل الجرمي الصادر من‬
‫الفاعل األصلي للجريمة مما يؤدي إلى إدخال مرتكب هذا النشاط تحت طائلة العقاب إذ أن‬
‫نشاط المساهم التبعي أو سلوكه ال يتضمن تنفيذاً للـركن المادي للجريمة‪ ،‬ولكن هذا ال يمنع‬
‫من القول بوجود رابطة بين هذا السلوك أو النشاط والفعل اإلجرامي ونتيجة هذه الرابطة‬
‫‪1‬‬
‫هي رابطة السببية ‪.‬‬

‫فالمساهمة التبعية تستوجب أن يكون هناك نشاط صادر من الشريك وهذا النشاط غير مجرَّ م‬
‫في القانون لذاته ولوال صلته بالفعل اإلجرامي الذي يرتكبه الغير لما وقع على الشريك‬
‫العقاب‪ ،‬وعليه فأن الشريك وما يقوم به من نشاط يستمد صفته اإلجرامية من أجرام الفاعل‬
‫األصلي للجريمة‪ ،‬فهو كما يعرفه الدكتور أحمد فتحي سرور بأنه (إعارة قاصرة على‬
‫‪2‬‬
‫الجريمة دون مرتكبها) ‪.‬‬

‫وبالنسبة لتعریف الشریك فهو ذلك الشخص الذي ساهم في ارتكاب الجریمة‪ ،‬إذ ال یقوم‬
‫‪،‬بدور في تكوین الركن المادي للجریمة‪ ،‬بل یقوم باألعمال تحضیریة ال عقاب علیها‬

‫بحیث تعتبر هذه األعمال مرتبطةبفعل إجرامي برابطة سببية‪ ،‬وبالنظر إلى هذا النشاط ال‬
‫يعد تنفيذا للجريمة‪ ،‬ألنه لیس مساهم أصلي بل مساهم تبعي أو ثانوي‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫‪3‬‬
‫لشكاللنشاط فقد یكون مناألعمال المجهزة لوقوع الجریمة أوالمسهلة والمتممة الرتكابها‪.‬‬

‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(213‬‬

‫عبد الرحمن خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)123‬‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(34‬‬

‫‪39‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫‪:‬ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫الفرع األول‪ :‬السلوك االجرامي للشريك‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النتيجة االجرامية‪ C‬للشريك‬

‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة السببية‪ C‬للشريك‬


‫‪40‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول‪ :‬السلوك االجرامي للشريك‬

‫یسأاللمساهمالتبعيعنالجریمةالمرتكبةإذاأخذاالشتراكإحدىاألفعااللتيحصرهانصالقانون‪،‬‬
‫فالیجوزإضافةأفعاألخرىإلیها‪،‬أوالقیاسعلىالحاالتالواردةضمنه‪،‬ـ ألن‬
‫‪1‬‬
‫هذهالوسائلخارجةعننطاقالمسؤولیة‪ ،‬ولو كان نشاطه تشجيعا لفاعل الجريمة‪.‬‬
‫أما قانونالعقوباتالجزائريفإنالنشاطاإلجرامي نجدهفيالمادتین الواحدة واالربعون و الثانية‬
‫واألربعون السالفتا الذكر‪ ،‬و‬
‫‪2‬‬
‫المذكورةعلىسبیاللحصرالوسائاللمستخدمةمنطرفالشریكوهيالمساعدة واالعتياد‪.‬‬

‫فتعرف المساعدة على أنها تقديم يد العون للفاعل االصلي فيرتكب الجريمة بناءا عليه‪،‬‬
‫وتكون من خالل األعمال التحضيرية والتي تعرف على أنها‬
‫األعمااللتيتسبقمرحلةالتنفیذوالیمكنحصرها‪ ،‬فهذهاألعمالتعد‬
‫منبابالمساعدةالسابقةوالتينعنيبهااألعمااللتحضيرية والتجهيزية‪ ،‬والعقابعلیهاإذاوقفتدون‬
‫تنفيذها‪ ،‬أما اذا وقعت الجريمة بناءا عليها ‪،‬فإن صاحبها يعد شريكا بالمساعدة و‬
‫‪3‬‬
‫یتعینعقابهعلىهذااألساس‪.‬ـ‬

‫أما االعمال المسهلة لتنفيذ الجريمة ‪ ،‬هي یتدخاللشریكلتقدیم يد المساعدة للفاعل‬


‫الذيبدأالجریمةبغیةتمكینهمناالستماررفیهاوإنهائهاعلىالنحوالذيیضمنتحقیقالنتیجةاإلجراميةالتيی‬
‫صبوإلیها ‪ ،‬إال أنه یشترطالقانوناال یكونالشریكمتواجدفيمسرح الجريمة أثناءتقدیمالمساعدة‪،‬‬
‫ألنه لوبقيالشریكهناكوبدأالفاعالألصليفيتنفیذالجریمةفیعتبرالشخصالذيقدمالمساعدة فاعال‬
‫‪4‬‬
‫اصليا معه‪.‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(324‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(124‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(189‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪4(125‬‬

‫‪41‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬النتيجة االجرامية للشريك‬

‫إنقیامالمساهمالتبعيبنشاطه سواء المساعدةأوالمعاونةأوإیواءاألشرار یرتبعلىذلكارتكاب‬


‫المساهم االصلي لجريمته‪ ،‬أما‬
‫تحدیدالنتیجةاإلجراميةللمساهمالتبعيالتثیرصعوبةتذكروذلكبالتحققمنالركنالماديلجریمةالمساهم‬
‫األصليبوجودنصیجرمالنشاطأوالفعاللذيصدرعنالفاعلوالتحققمنالركنالماديبأركانهالثالثةمنحیثال‬
‫‪1‬‬
‫نشاطوالنتیجةاإلجرامیةوكذاالعالقةـ السببية بينهما ‪.‬‬

‫وفي نفس الشئ بالنسبةللركنالمعنويیعنيالنیةأوالقصد‪،‬‬


‫فإذاماتمالتحققمنهذهاألركانفإناستظهارالنتیجةاإلجرامیةللمساهمالتبعيـ امرا سهال ‪ ،‬إال‬
‫أنالفقهالجنائيیرىبأندارسةهذهالنتیجةتثیرمشكلتينـ هما االشتراك في االشتراك والشروع في‬
‫‪2‬‬
‫االشتراك‪.‬‬

‫فاالشتراك في االشتراك هو ارتكاب الجريمة من قبل عدة أشخاص‪ ،‬قد يكون التقاؤهم على‬
‫مسرحها مجرد مصادفة‪ ،‬أو قد يعقدون بينهم اتفاقاً‪ ،‬بعد مداولة وتقليب رأي‪ ،‬ينطلقون بعدئذ‬
‫مجتمعين أو متفرقين‪ ،‬إلى ارتكابها‪ .‬واألصل أن تكون الجريمة من فعل شخص واحد‪ ،‬ذلك‬
‫أن كل من يقارف جريمة يحرص على أن ال يطلع عليها أحد‪ ،‬خشية افتضاح أمره‪ ،‬فإذا‬
‫وقع في يد العدالة‪ ،‬نظرت المحكمة المختصة في التهمة واألدلة‪ ،‬فإن قنعت بجرميته عاقبته‪،‬‬
‫‪3‬‬
‫وإن لم تقنع بها قضت ببراءته‪.‬‬
‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(201‬‬

‫سمير عالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(23‬‬

‫احمد ابو زنط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(120‬‬

‫‪42‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫أما الشروع في االشتراك في الجريمة فهو ارتكاب فعل أو سلوك محظور في القانون لكن‬
‫‪1‬‬
‫بدون اكتمال الركن المادي للجريمة ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬العالقة السببية للشريك‬


‫لقیام المساهمة التبعیة ال یكفي ذلك نشاط الشریك و نشاط الفاعل األصلي وال النتیجة‬
‫اإلجرامية التي تحققت بفعل نشاطهم ‪ ،‬بل یتعین لمساءلة الشریك أن تتوفر عالقةسببية بین‬
‫فعال االشتراك والجریمة المقترفة من طرف الفاعل األصلي‪ ،‬ألن كل من ساهم في سبيل‬
‫الجريمة يعد نشاطهم السبب في إحداث النتیجة اإلجرامیة‪ ،‬فإذا انقطعت العالقةالسببية‪ ،‬فإن‬
‫‪2‬‬
‫كل من قام بأفعال المساعدة ال یسأل عن الجریمة بوصفهشريكا فيها‪.‬‬

‫تكمن أهمیةالعالقة السببية بین نشاط المساهم التبعي و الجریمة في أنها عنصر في الركن‬

‫المادي للمساهمة التبعیة ‪ ،‬فإن انتفت یتالشى ذلك الركن‪ ،‬و لم یعد الشریك محاللمساءلة‪،‬‬
‫ألن نشاطه لم یكن له تأثیر في وقوع الجریمة‪ ،‬ألنه يعتبر اجنبيا عنها‪ ،‬و نجد هناك معاییر‬
‫العتبار أن نشاط المساهم التبعي له تأثیر وصلة بالعالقة السببية‪ ،‬وذلك إذا ثبت أن الجريمة‬
‫ما كانت ترتكب لو لم یأتي الشریك بنشاطه فهنا العالقة السببية متوافرة على الرغم من ذلك‬
‫‪3‬‬
‫بین هذا النشاط و الجریمة إذا كان له دور في اتخاذها بصورة معينة ‪.‬‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(122‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(210‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3(234‬‬

‫‪43‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬السلوك االجرامي في الظروف االستثنائية‬

‫تكمن القاعدة االساسية في أن‬


‫‪.‬كلشخصیرتكبجریمةتكونمخالفةألحكامالقانونالعقوبات‪،‬یستوجبتوقیعأقصىالعقوبةعلیهكأصلعام‬

‫إالأنهوكاستثناءمناألصلقدترتكبمنقبلبعضاألشخاص‪،‬وبالرغممنذلكالتتممعاقبتهم‪،‬وذلكنظرالوج‬
‫‪.‬ودبعضاألسبابالتيتبیحارتكابالجریمة‬
‫حيث‬
‫تنزعالوصفالمجرمعنهاوتجعلهامباحةوتسمىبالمشروعیةاالستثنائیةتمییزالهاعنالمشروعیةالعادی‬
‫‪.‬ة‬

‫فهذهاألخیرةتتحققفيالحالةالتيتنعدمفیهاالجریمةفاألصلفیهاأنكالألفعالهيأفعالمباحة‬
‫‪.‬ومشروعةوهذاالینجرعنهأيعقاب‬

‫فالبرغم من أنه هذا السلوك يعتبر إجرامي لكن ال يعاقب فاعله ‪،‬فهو يدخل ضمن الظروف‬
‫‪.‬االستثنائية ‪ ،‬وهنا نتكلم عن اباحة الفعل المجرم‬

‫‪:‬ومن هنا‪ ،‬ارتأينا إلى تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نعالج فيهما مايلي‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية اسباب االباحة‬

‫المطلب الثاني‪ :‬اسباب االباحة في القانون العقوبات‬

‫‪44‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫المطلب األول‪ :‬ماهية اسباب االباحة‬

‫تعبر أسباب االباحة عن ظروف موضوعية عينة لصيقة بماديات الجريمة‪ ،‬أي بالركن‬
‫المادي للجريمة‪ ،‬وال عالقة لها إطالقا بشخصية الجاني ونفسيته‪ ،‬بمعنى اقتران أسباب‬
‫اإلباحة بالركن المادي للجريمة‪،‬وبالتالي بالسلوك االجرامي باعتباره مظهر الخارجي للركن‬
‫‪.‬المادي‪ ،‬ال بالركن المعنوي لها‬

‫وهي إذا ما توافرت أخرجت الفعل من دائرة التجريم إلى دائرة اإلباحة‪ ،‬أي تؤدي إلى‬
‫‪.‬سيرورة الفعل مباحا بعدما كان مجرما‬

‫كما تتميز اسباب اإلباحة بعدة أنواع‪ ،‬بحسب التقسيمات المختلفة التي أوردها الفقه‪ ،‬غير أن‬
‫‪.‬المشرع حصرها بعددها وموضوعها وجوهرها‬

‫وتتشابه اسباب االباحة مع العديد من األفكار الجنائية المشابهة لها‪ ،‬غير أنها تختلف عنها‪،‬‬
‫‪.‬وأهم ما تختلف فيه عن هذه األفكار من حيث اآلثار القانونية المترتبة عليها‬

‫‪.‬كما يختلف مفهوم اسباب االباحة باختالف القانون ‪ ،‬إضافة الى استمدت من عدة مصادر‬

‫‪:‬ومن هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم اسباباالباحة‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اثار اسباب االباحة‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مصادر اسباب االباحة‬

‫‪45‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم اسباب االباحة‬


‫أسباب اإلباحة عبارة عن ظروف موضوعيةـ عينية حددها المشرع‪ ،‬وجعل من أهم آثارها‬
‫نفي الصفة التجريمية عن الفعل بعدما كان مجرما‪ ،‬أي نفي الصفة غير المشروعة عن‬
‫‪1‬‬
‫الفعل بالرغم من تطابقه مع النموذج التشريعي للجريمة التي تضمنها النص العقابي‪.‬‬

‫لذا يمكن تعريفها بأنهاالحاالت التي ترفع عن الفعل صفة الجريمة وتجعله مباحا بالرغم من‬
‫‪.‬تطابقه مع الواقعة المجرمة بنص القانون‬

‫وذلك ألن القانون ذاته هو الذي سمح بارتكاب هذا الفعل في ظل توفر مثل هذه الظروف‪،‬‬
‫كونها ظروف إذا ما اقترنت بالفعل جردته من معنى العنوان ‪ ،‬والعدوان هو سبب التجريم‬
‫‪2‬‬
‫بداية‪.‬‬

‫لذا يمكن اعتبار أسباب اإلباحة عبارة عن قيود ترد على النص التجريمي فتعطل مفعوله‪،‬‬
‫‪.‬وتخرج الواقعة المتضمنةـ في النص من دائرة التجريم إلى دائرة اإلباحة‬

‫أي تجعل من الفعل مشروعا بعدما كان يتصف بعدم المشروعية‪ .‬وبالتالي إن كان األصل‬
‫في األفعال اإلباحة‪ ،‬واالستثناء التجريم‪ ،‬فأسباب اإلباحة استثناء على هذا االستثناء عن‬
‫‪3‬‬
‫التجريم‪.‬‬

‫أما تعريف اسباب االباحة في القانون الجنائي الدولي‪ ،‬فتعرف على انها تلك األسباب التي‬
‫إذا ما توافرت في الفعل أو السلوك اإلجرامي أخرجته من دائرة اإلجرام إلي دائرة اإلباحة‬
‫وهناك أسباب متفق عليها وهناك أسباب غير متفق عليها وتتمثل أسباب اإلباحة فيما يلي‪ :‬ما‬
‫‪4‬‬
‫أمر به القانون‪،‬ما أذن به القانون‪،‬الدفاع الشرعي‪،‬حالة الضرورة‪،‬ورضاء المجني عليه‪.‬‬

‫احمد ابو زنط‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)270‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)309‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪3)125‬‬

‫‪4)46‬‬ ‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪101‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اثار اسباب االباحة‬


‫يمكن تبين آثار أسباب اإلباحة من التمييز الذي قمنا به بينها وبين موانع المسؤولية وموانع‬
‫العقاب‪ ،‬إذ في حال ما توفر سبب من أسباب اإلباحة في الفعل‪ ،‬فإنه تترتب عليه العديد من‬
‫‪:‬اآلثار القانونية التي تفاديا للتكرار نوجزها في النقاط التالية‬
‫توفر سبب من أسباب اإلباحة‪ ،‬يجعل من الفعل الذي يعد في الحاالت العادية جريمة فعال ‪1-‬‬
‫مباحا‪ ،‬أي الفعل الذي يشكل بحسب األصل جريمة إذا ما اقترف في الظروف العادية‪ ،‬إذا‬
‫ما اقترن بسبب من أسباب اإلباحة عد فعال مباحا‪ ،‬مما ينفي كل مسؤولية عنه ويحول دون‬
‫‪.‬توقيع أي جزاء على مقترفه‪ .‬سواء تمثل في عقوبة أو تدبير أمن‬
‫انتفاء المسؤولية الجنائية في حالة توفر سبب من أسباب اإلباحة يقود أيضا إلى انتفاء ‪2-‬‬
‫المسؤولية المدنية‪ ،‬إذ ال يمكن للشخص أن يعوض عن فعل يسمح به القانون وقد يأمر به‬
‫‪.‬أحيانا‪ .‬أو يرخص به في الكثير من األحيان‬
‫كقاعدة عامة‪ ،‬يستفيد من أسباب اإلباحة كل من ساهم في الفعل المقترن به‪ ،‬باعتبار ‪3-‬‬
‫أسباب اإلباحة تنصب على الفعل ذاته ال على الفاعلين‪ .‬كونها أسباب موضوعيةـ عينية ال‬
‫‪.‬ذاتية أو شخصية‬

‫الجهل بأسباب اإلباحة أو الغلط فيها ال يحول دون استفادة الشخص منها‪ ،‬كون أسباب ‪4-‬‬
‫اإلباحة ظروف عينية موضوعية‪ ،‬في حين الجهل والغلط أسباب نفسية وشخصية‪ ،‬وال‬
‫‪1‬‬
‫يجوز إعمال هذا النوع في مجال ماديات الجريمة‪.‬‬
‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)56,57‬‬

‫‪47‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مصادر اسباب االباحة‬


‫بالنظر لما يترتب على أسباب اإلباحة من آثار قانونية‪ ،‬وأهمها تقييد النص التجريمي بالرغم‬
‫‪.‬من قيمته وأهميته وأهدافه‬

‫فالمنطق يوجب أن يكون المشرع هو المحدد والمقدر للظروف التي يعتبرها سببا من‬
‫‪1‬‬
‫أسباب اإلباحة‪ ،‬ما دام هو الذي حدد األفعال التي تشكل جرائم‪.‬‬

‫لذا فمن المنطقي أن تكون أسباب اإلباحة محددة على سبيل الحصر في قانون العقوبات‪،‬‬
‫غير أن هذا الحصر يتعلق بموضوعها ال بمصدرها‪ ،‬إذ سبق القول عند دراسة نتائج مبدأ‬
‫الشرعية الجنائية‪ ،‬أنه تستثنى هذه القواعد العامة ( مثل حظر التفسير والقياس وأحادية‬
‫المصدر)ـ في حال تعلق األمر بمصلحة المتهم‪ ،‬إذ يجوز بالتالي أن يكون مصدر اإلباحة‬
‫غير قانون العقوبات‪ ،‬وذلك ال يخل بقولنا بوجوب أن تكون محددة حصرا بموضوعها‪ ،‬كما‬
‫يجوز اللجوء إلى القياس في مجال أسباب اإلباحة‪ ،‬وكذا التفسير الواسع لها‪ ،‬إذ مبدأ‬
‫الشرعية الجنائية يقضي بأن يكون القانون المصدر الوحيد‪ ،‬ويحظر القياس والتفسير الواسع‬
‫في مسائل التجريم والعقاب‪ ،‬ال في المجاالت التي تخدم صالح المتهم‪ ،‬كأسباب اإلباحة‬
‫وموانع المسؤولية وموانع العقاب‪ .‬لذا فأسباب اإلباحة يمكن أن تجد مصدرها في الشريعة‬
‫اإلسالمية أو العرف أو فروع القانون غير الجنائية‪ ،‬أو مبادئ العدالة وأحكام القانون‬
‫الطبيعي‪ ،‬على أن ترد بموضوعها إلى حالة من الحاالت التي تضمنها قانون العقوبات‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫وذلك ما يتضح عند دراستنا لهذه األسباب تباعا‪.‬‬
‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)58‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع نفسه‪ ،‬ص‪2)59‬‬

‫‪48‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬اإلطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أنواع اسباب االباحة‬


‫إن انتفاء سبب من أسباب اإلباحة عنصر يقوم عليه الركن الشرعي للجريمة‪ ،‬فإذ توافرت‬
‫أحد أسباب اإلباحة خرج الفعل عن نطاق نص التجريم وانتفت الصفة غير المشروعة عنه‬
‫وردته إلى أصله وهو المشروعية بعدما كان مجرما وعلة ذلك أن انتفاء علة التجريم ال‬
‫يح ِمل الفعل معنى العدوان إذا ما أرتكب في ظروف معينة ما يبرر إباحته (كالشخص الذي‬
‫‪1‬‬
‫يقتل دفا ًعا عن النفس‪ ،‬الجراحة للتطبيب‪.)...‬‬

‫كما تتنوع أسباب االباحة في القانون الجنائي بتنوع السلوكات االجرامية‪ ،‬وهذا ما جاء به‬
‫المشرع الجزائري في مختلف نصوص قانون العقوبات‪ ،‬والذي اعتبرها كظرف استثنائي‬
‫تحدده ظروف ارتكاب الجريمة‪ ،‬حيث حصر اسباب االباحة في ثالثة انواع‪،‬وهذا ما‬
‫‪.‬سنتتطرق اليه في هذا المطلب‬

‫‪:‬ومن خالل هذا المنطلق قسمنا هذا المطلب إلى ثالثة فروع نبرز من خاللهم مايلي‬

‫الفرع األول‪:‬ما أمر به القانون‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ما أذن به القانون‬

‫الفرع الثالث‪:‬الدفاع الشرعي‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)134‬‬

‫‪49‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫الفرع األول‪ :‬ما أمر به القانون‬


‫يعتبرالنوع االول بأنه مايأمر بها القانون مباشرة وتتم تنفيذا ألمر صادر عن سلطة عامة‬
‫‪.‬شرعية (مدنية كانت أو عسكرية)‬

‫حيث تعتبر هذه األفعال مباحة ال تقوم الجريمة بتوافرها (القانون سبب إباحتها) (مثال‪:‬‬
‫‪.‬موظف ينفذ عقوبة اإلعدام صادر عن المحكمة‪)...‬‬

‫بالرجوع إلى النص القانوني نجد أن المادة ‪ 39‬لم تحدد األفعال التي تشملها اإلباحة إذا‬
‫ارتكبت باء على أمر القانون أو بإذنه ‪.‬فقد جاء مدلول النص عاما وشامال بحيث يشمل‬
‫جميع األفعال التي تعتبر جرائم لو لم يأمر أو يأذن بها القانون ‪ .‬فتنفيذ القانون وخاصة في‬
‫تحقيق الجرائم ومتابعة منفذيها تقتضي تدخل السلطة العامة بالتفتيش والحجز واالستجواب‬
‫واالعتقال والسجن بعد صدور الحكم باإلدانة وكلها أعماال تعتبر اعتداء على الحريات‬
‫‪1‬‬
‫العامة لو لم يأمر أو يأذن بها القانون ‪.‬‬

‫يكمن تنفيذ ما امر به القانون في سر إباحة األفعال التي يأمر بها القانون ‪،‬في النص القانوني‬
‫‪ .‬ذاته‬

‫فليس من المنطق أن يأمر القانون بفعل معين ثم يجرمه بعد ذلك ‪ .‬فإذا ما رأى المشرع‬
‫ضرورة التدخل ‪ -‬رعاية لمصلحة اجتماعية ـ بتعطيل نص التجريم وتبرير الخروج عليه‬
‫‪2‬‬
‫في حالة معينة ‪.‬‬
‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1)61‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2)78‬‬

‫‪50‬‬

‫الفصل الثاني اإلطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫فإن ذلك يعني إباحته ضمن الشروط التي حددها القانون ‪ ،‬فالشاهد المطلوب منه اإلدالء‬
‫بشهادته بموجب المادة ‪ 89‬من قانون اإلجراءات العقوبات ال يرتكب جريمة إفشاء األسرار‬
‫أو القذف أو السب بحق المتهم عند اإلدالء بشهادته ‪ ،‬وكذلك من علم بوجود خطط أو أفعال‬
‫إلرتكاب جرائم الخيانة والتجسس أو الجرائم التي من طبيعتها اإلضرار بالدفاع الوطني‬
‫عليه أن يبلغ عنها السلطة العسكرية أو اإلدارية أو القضائية فور علمه بها ‪ ،‬وال يتضمن‬
‫‪1‬‬
‫ذلك التبليغ جريمة إفشاء األسرار ‪.‬‬

‫ومن أمثله ما يأمر به القانون أيضا ‪،‬ما ورد في قانون الصحة العمومية من نصوص توجب‬
‫على الطبيب التبليغ على حالة مرض معدي ‪ ،‬وال يعد تبليغ هذا جريمة إفشاء سر المهنة‬
‫‪2‬‬
‫المنصوص عليه في المادة ‪ 301‬من قانون العقوبات ‪ .‬‬
‫تنفيذ األمر الصادر من سلطة مختصة ‪ :‬ويدخل ضمن إباحة األفعال بناء على أمر القانون‬
‫تنفيذ األمر الصادر عن سلطة مختصة ‪ ،‬وذلك أن القانون يوجب على الموظف المرؤوس‬
‫إطاعة رئيسه طبقا للتدرج التسلسلي في الوظيف العمومي ‪ ،‬وعليه فإن إطاعة المرؤوسـ‬
‫‪3‬‬
‫لرئيسه ليست إال تطبيقا لما أمر به القانون‪.‬‬

‫وقد يتطلب القانون أن تصدر أوامر السلطة بشكلية معينة فيجب مراعاتها ‪ ،‬ومثال ذلك‬
‫وجوب أن يصدر أمراإلحضار عن قاضي التحقيق كتابة ( المادة ‪ 109‬ق إ ج ) ‪ .‬ففي مثل‬
‫هذه الحالة يجب على عون القوة العمومية أن يتلقى أمرا باالحضار ‪ ،‬فليس له أن ينفذ بال‬
‫‪ ،‬أمر اإلحضار مدعيا أنه ينفذ أمر القانون مباشرة‬

‫المادة ‪، 89‬قانون العقوبات الجزائري السالف الذكر‪ ،‬مرجع سابق (‪1‬‬


‫المادة ‪،301‬قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬مرجع نفسه)‪2‬‬

‫الفقرة الثانية‪،‬المادة‪،301‬قانون العقوبات الجزائري ‪،‬مرجع نفسه)‪3‬‬

‫‪51‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬


‫كما ال يجوز له إحضار المتهم بدون احضار كتابي مدعيا أنه تلقى األمر شفاهة ‪.‬فنص‬
‫المادة ‪ 109‬من قانون اإلجراءات الجزائية واضح في ذلك ‪ .‬إذ توجب أن يذكر في كل أمر‬
‫نوع التهمة ومواد القانون المطبقة مع إيضاح هوية المتهم وتاريخ األمر وتوقيع القاضي‬
‫‪1‬‬
‫الذي أصدره ومهره بخاتمه‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ما يأذن به القانون‬

‫القانون يجيز في حاالت معينة ويرخص ممارسة عمل معين (بدون ترخيص أعتبر ذلك‬
‫العمل جريمة)‪ ،‬والفرق بين ما يأمر به القانون وبين ما يأذن به‪:‬‬
‫األول إجباري يجب القيام به ويترتب على مخالفته قيام المسؤولية الجزائية‪ ،‬أما الثاني‬
‫‪2‬‬
‫اختياري يقوم به الشخص أو يمتنع ال تقوم المسؤولية الجزائية‪.‬‬
‫اما أنواع األعمال التي يأذن بها القانون‪،‬فهي نوعين‪.‬‬

‫النوع االول الحاالت التي يأذن بها القانون للموظف العام باستعمال سلطته التقديرية في‬
‫حدود الرخصة المعطاة له‪ ،‬فعمله هنا ال يعد جريمة ألنه مستند إلى إذن من القانون (رخصة)‬
‫‪3‬‬
‫عمل مباح (مثال‪ :‬تفتيش المنازل‪.)...‬‬
‫اما النوع الثاني‪،‬فهو الحاالت التي يأذن بها القانون للممارسة أحد الحقوق المقررة‪ :‬من بينها‬
‫‪ -‬حق التأديب المقر بموجب الشريعة اإلسالمية والعرف‪( :‬األب على أوالده‪ ،‬زوجته‪ ،‬معلم‬
‫على تلميذه‪.)...‬‬

‫‪)1‬المادة ‪,109‬قانون العقوبات الجزائري ‪،‬مرجع سابق‬

‫‪)2‬منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪67‬‬

‫‪)3‬منصور رحماني ‪،‬مرجع نفسه‪،‬ص‪69‬‬

‫‪52‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫‪ -‬حق ممارسة ومباشرة األعمال الطبية (بشروط) عمليات جراحية ال تعد اعتداء على‬
‫الجسم‪.‬‬
‫(كالمالكمة)‪ .‬‬ ‫‪ -‬حق ممارسة األلعاب الرياضية‪ :‬استعمال العنف وفق قواعد اللعبة‬

‫كما منح القانون للموظف العام سلطة تقديرية مباشرة بعض أعمال وظيفته ‪ ،‬وعليه فإذا قام‬
‫الموظف بعمله ضمن هذه الرخصة المعطاة له من القانون فإن عمله ال يعد جريمة إستنادا‬
‫إلى أن العمل مباح بإذن القانون‪ .‬وأحكام ذلك كثيرة في قانون اإلجراءات الجزائية ‪ ،‬وعلى‬
‫سبيل المثال يجيز القانون لمأمور الضبط القضائي تفتيش المنازل (م‪ )44‬واالطالع على‬
‫المستندات ( م ‪ )54‬ومنع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة ريثما ينتهي من اجراءات‬
‫‪1‬‬
‫تحرياته ( م‪ ) 50‬وله أن يحتجر شخصا أو أكثر ( م‪...) 51‬إلخ‪.‬‬
‫كل ذلك ضمن شروط يحددها القانون ‪ ،‬واتباع الشروط التي يحددها القانون أمر ضروري‬
‫العتبار أن العمل مباحا ‪،‬واهمالها أو تجاوزها يجعل العمل غير مشروع ‪.‬‬
‫ففي تفتيش المنازل ـ على سبيل المثال ـ يلزم القانون مأمور الضبط القضائي أن يجري‬
‫تفتيشه بوجود صاحب المنزل ‪ ،‬وبغيابه يستدعي من ينوب عنه وإذا تعذر ذلك وجب إجراء‬
‫التفتيش بحضور شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطة مأمور الضبط القضائي ‪.‬فإذا‬
‫لم تراع هذه الشروط أعتبر القيام بالتفتيش باطال (م‪ )48‬ال يمكن تبريره واعتباره سببا‬
‫‪2‬‬
‫لإلباحة ‪ .‬‬
‫‪-‬كما يجب أن تنفذ هذه األعمال بحسن نية ‪ ،‬ويعني ذلك أن تتفق نقاصد مأمور الضبط‬
‫القضائي مع الغاية التي يتغيها القانون ‪ .‬فالقانون خول مأمور الضبط القضائي منع أي‬
‫شخص من مغادرة مكان الجريمة لمصلحة التحقيق وسعيا للوصول إلى الحقيقة ‪،‬‬

‫‪)1‬منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪71‬‬

‫‪)2‬عبد هللا سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪169‬‬

‫‪53‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬


‫فإذا استغل مأمور الضبط القضائي سلطته التقديرية لمنع الشخص من مغادرة المكان‬
‫بغرض آخر ‪ ،‬كالنتقام منه مثال فإن عمله هذا غير مشروع وال يبرر إباحة الفعل ‪.‬‬
‫كما تدخل ضمن األعمال التي يإذن بها القانون ممارسة الشخص لحق له مقرر في القانون‬
‫على أن ال يقتصر معنى القانون هنا على قانون العقوبات ‪ ،‬إذ يقصد به كل قاعدة قانونية‬
‫بمعنى عام ‪ ،‬فيدخل ضمنه العرف والشريعة اإلسالمية والقوانين الوضعية األخرى ويمكننا‬
‫أن نجمل هذه الحقوق في حق التأديب وحق مباشرة األعمال الطبية وممارسة بعض االلعاب‬
‫‪1‬‬
‫الرياضية ‪.‬‬
‫كما تقرر الشريعة اإلسالمية أن للزوج حق تأذيب زوجته‪ ،‬ضمن شروط التقيد بالغاية التي‬
‫من أجلها منح هذا الحق وفي حدود الوسائل التي قررتها‪ ،‬فالغاية هي التهذيب ووسيلة ذلك‬
‫هو أن يلجأ الزوج إلى الوعظ أوال ثم الهجر في المضجع وأخيرا الضرب? ‪.‬‬
‫فإذا لم يلتزم الزوج بالغاية فليس له أن يحتج بهذا الحق ‪ ،‬كمن يضرب زوجته لالنتقام منها ‪.‬‬
‫كما أنه عليه يلتزم بالوسائل التي حددها الشرع فيبدأ بالوعظ ثم الهجر‪ ،‬فإذا بدأ بالضرب فإن‬
‫عمله غير مبرر وال يمكنه االحتجاج بحقه في التأذيب ‪ ،‬وحتى إذا إلتزم بالغاية واتبع الوسائل‬
‫كما حددها المشرع فليس له التذرع بهذا الحق لضرب زوجته ضربا مبرحا أو شديدا ‪،‬‬
‫‪2‬‬
‫فالضرب المباح هو الضرب الخفيف الذي ال يترك أثرا ‪.‬‬
‫كما يحق لألب أن يؤدب إبنه ‪،‬وهو حق يتعلق بالوالية على النفس وشرط تبرير هذا الفعل أن‬
‫يتقيد األب بغاية تأديب إبنه ‪.‬‬
‫ويساهم العرف أحيانا في تقرير هذا الحق بالنسبة لتأديب التالميذ الصغار إذ يجوز للمعلم‬
‫ضرب تلميذه ضربا خفيفا بهدف التأديب ‪ ،‬كما يجوز لملن الحرفة أن يستعمل الضرب‬
‫‪3‬‬
‫الخفيف لتأديب من يتعلم على يديه الحرفة ‪.‬‬

‫‪)1‬منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪77‬‬

‫‪)2‬عبد الرحمن خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪96‬‬

‫‪54‬‬ ‫‪)3‬عبد هللا اوهايبية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪51‬‬


‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫كما يعترف القانون بمهنة الطب وينظمها ويأذن للطبيب بمعالجة المرضى? لتخليصهم من‬
‫األمراض التي تحل بهم ‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن يؤدي االعتراف بالحق إلى االعتراف بالوسائل التي تؤدي إليه فاالعتراف‬
‫بالتطبيب يقتضى حتما االعتراف بالوسائل التي تؤدي إلى العالج ‪،‬وعلة ذلك أن العمل الطبي‬
‫ال يحمل بذاته اعتداء على جسم المريض فهو على العكس يسعى إلى شفائه ليستعيد سيره‬
‫‪1‬‬
‫الطبيعي أو تخليصه من أي آفة لحقت به ‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬الدفاع الشرعي‬

‫يعرف الدفاع الشرعي بأنه استعمال القوة الالزمة لصد خطر اعتداء حال غير مشروع عن‬
‫النفس أو الغير أو مال مملوك للشخص أو للغير و لكي يتحقق الدفاع الشرعي البد من‬
‫توفرشروط في العدوان و شروط في فعل الدفاع ‪ ،‬ألن الدفاع الشرعي أساسه استعمال‬
‫‪2‬‬
‫الشخص لقدر من العنف اتجاه شخص اخر يهدده سواء في شخصه أو في ماله بخطر‪.‬‬

‫والدفاع الشرعي له شروط‪ ،‬اولهم ان يكون العدوان حاال ‪ ،‬و لفظ العدوان ليس السلوك في‬
‫حد ذاته و انما يقصد به كذلك الخطر الذي يتهدد الحق‪ ،‬و يشرط أن يكون حاال‪ ،‬و قد عبر‬
‫‪3‬‬
‫عن ذلك المشرع في م ‪ 39‬ق ع "الضرورة? الحالة"‪.‬‬

‫أما الشرط الثاني فهو ان يكون العدوان غير مشروع‪ ،‬يعتبر العدوان غير مشروع اذا كان‬
‫يتهدد حقا يحميه القانون الجنائي وبالتالي فان العدوان يجب أن يكون مشكال جريمة من‬
‫‪4‬‬
‫الجرائم المنصوص عليها قانونا‪.‬‬

‫عبد الرحمان العيسوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(70‬‬

‫عبد هللا سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(222‬‬

‫المادة ‪ ،39‬قانون العقوبات الجزائري‪ ،‬مرجع سابق (‪3‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪4(79‬‬

‫‪55‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫وبخصوص الشروط الواجب توافرها في الدفاع الشرعي أيضا هي صفة المدافع ‪ ،‬أن يكون‬
‫‪.‬المدافع ذا صفة بمعنى أن المشرع أعطى حق الدفاع للمعتدى عليه في شخصه أو ماله‬

‫كما أنه ثبت الحق في الدفاع عن الغير في شخصه أو ماله وال يشترط قيام عالقة بين المدافع‬
‫وهذا الغير والحكمة من ذلك أن المشرع يرى في حماية الحق وليس صفة المدافع‪ ،‬فمادام‬
‫‪1‬‬
‫فعل المدافع عن الغير يحمي الحق فهنا يقوم الدفاع الشرعي‪.‬‬

‫إلى جانب هذا الشرط ‪ ،‬هناك أيضا نية الدفاع ‪ ،‬فال يعقل أن تتعرض لشخص لم يتعرض لك‪،‬‬
‫‪.‬و كذلك اللزوم‪ ،‬أن تكون مجبرا على ارتكاب الفعل االجرامي لحماية النفس‬

‫أما الشرط األخير فهو التناسب‪،‬يشرط في فعل الدفاع أن يكون متناسبا مع جسامة العدوان ‪،‬‬
‫‪.‬و يعبر عن ذلك وجوب التزام حدود الدفاع‬

‫‪.‬بحيث يجب على الشخص عندما يستعمل حق الدفاع الشرعي أن يدافع في حدود المعقول‬

‫وقد اختلف الفقه في تحديد معيار التناسب وخلصوا الى القول بأن التناسب يتمثل دائما في‬
‫‪.‬كون الدفاع المتمثل في قدر من القوة الزما لدفع الخطر‬

‫فكرة التناسب تدخل في السلطة التقديرية للقاضي (التناسب يدخل في الوسيلة)‪ ،‬والمعيار‬
‫‪2‬‬
‫الذي يستخدمه هو معيار الرجل المعتاد‪.‬‬

‫كما أحاط المشرع الجزائري في نفس المادة ‪2-39‬ق ع فعل الدفاع بقيود عديدة ‪،‬ألنه لم يحدد‬
‫‪،‬أفعال الدفاع ‪ ،‬فأطلق النص و أباح كل فعل من شأنه درء الخطر المحدق بالمدافع‬

‫سمير عالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪1(56‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪2(128‬‬

‫‪56‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫و لكن مع ضرورة توافر شروط معينة في العدوان (الخطر) و شروط أخرى في فعل‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬الدفاع‬
‫لكننا نجد أن المشرع أضاف في نص المادة ‪ 40‬ق ع حاالت خاصة للدفاع الشرعي اتفق‬
‫على تسميتها بالحاالت الممتازة ألن المشرع نص صراحة على أفعال الدفاع التي يمكن أن‬
‫‪2‬‬
‫يلجأ اليها المدافع‪.‬‬

‫فقد أباح القتل والجرح والضرب بدون شرط التناسب مع جسامة االعتداء‪ ،‬على عكس ما‬
‫‪3‬‬
‫هو مبين في نص المادة ‪39/2‬‬

‫أما بخصوص القرينة القانونية ‪،‬فبقراءة نص المادة ‪ 40‬ق ع فإننا نجد أن الشرع الجزائري‬
‫وضع قرينة قانونية على توافر شروط الدفاع في بعض الحاالت‪ ،‬فليس على المدافع هنا أن‬
‫يثبت توافر شروط الدفاع في فعله‪ ،‬فهناك قرينة على ذلك‪ ،‬فقط عليه أن يثبت أنه قام بفعل‬
‫الدفاع في حالة من الحاالت المنصوص عليها في المادة ‪40.4‬‬

‫فاذا كانت بسيطة‪ ،‬فأنها ال تختلف كثيرا على ما هو كائن في نص المادة ‪ ،39/2‬وذلك أنه‬
‫يمكن لسلطات التحقيق أن تجد بين عناصر الدعوى ما يفيد عدم قيام الحاالت الخاصة في‬
‫‪.‬المادة ‪ 40‬ق ع‬

‫أما إذا كانت قرينة قاطعة فإنها ال تقبل االثبات العكسي وان سلطات التحقيق عليها انهاء‬
‫‪.‬الدعوى لعدم وجود الجريمة أصال‬

‫المادة ‪،39‬قانون العقوبات? الجزائري‪ ،‬مرجع سابق (‪1‬‬

‫المادة ‪،40‬قانون العقوبات? الجزائري‪ ،‬مرجع سابق (‪2‬‬

‫الفقرة الثانية للمادة ‪,39‬قانون العقوبات? الجزائري‪ ،‬مرجع سابق (‪3‬‬

‫الفقرة الثانية للمادة ‪,40‬قانون العقوبات? الجزائري‪ ،‬مرجع سابق (‪4‬‬

‫‪57‬‬
‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‬

‫بالرغم من أن المشرع الجزائري يتماشى مع االعتداد بنية الجاني وبشخصيته وارادته على‬
‫‪.‬اعتداده بالفعل المرتكب‪ ،‬فان هذه القرينة هي قرينة بسيطة تقبل اثبات العكس‬

‫والمتفق عليه هو أنها قاطعة بالنسبة لعدم اثبات المدافع لشروط الدفاع الشرعي‪ ،‬وبسيطة أنه‬
‫يمكن لجهة االتهام تقديم الدليل على عدم وجود حالة من الحاالت الممتازة للدفاع شرعي‬
‫‪.‬كعدم توافرالليل أو انعدام التسلق‬
‫‪58‬‬

‫خاتمة‬
‫‪:‬خاتمة‬
‫‪.‬إنالسلوكاإلجراميسلوكإنسانيينشأداخاللمجتمعويرتبطبهوجوداًأوعدما ً‬

‫وإنالسلوكاإلنسانيبشكلعاموالسلوكاإلجراميبشكلخاصاليمكنإرجاعهإلىعامألومجموعةعواملمحد‬
‫‪.‬دةبذاتهابمعنىأنالعواماللدافعةللنيهنحوالسلوكاإلجراميهيعواملعديدةكماذكرنهاسابقا‬

‫‪ .‬وأياًكاننوعهذهالعواملفإ ّنهامرتبطةبالجانيلتكونحافزاًالتخاذالسلوكاإلجراميالمضادللمجتمع‬

‫‪.‬يمكناستخالصنوعينللدافعفيمجاالإلباحةوالتجريموهماالدافعالمُشرّ وعوالدافعغيرالمشروع‬

‫‪.‬وبالنسبةإلىالدافعالمُشرّ عهوذلكالدافعالذيالتترتبعليهجريمةعندمايكونشرطمنشروطاإلباحة‬

‫وبالتالياليمكنمسائلةفاعلهكمافيحالةأداءالواجبحيثيكونالدافعمنالقيامبالفعلهولماتأمربهالقوانينكالدفـ‬
‫‪.‬اعالشرعيالذياليزالبحاجةإلىدراساتمتخصصةوخاصةفيقانونالعقوباتالجزائريـ‬

‫‪.‬باعتبارهالدفاعالشرعيحالةدائمةالوقوعفيالحياةاليوميةوالمطروحةأمامالقضاء‬

‫اماالدافعغيرالمُشرّ وعهوذلكالدافعالذييجرمهالقانونويترتبعليهمسائلةفاعلهكمتمشرحهخاللدراستن‬
‫‪.‬ا‬

‫‪60‬‬
‫قائمة‬
‫المراجع‬
‫‪:‬قائمة المراجع‬

‫‪:‬الكتب‬

‫محمد صبحي نجم‪ ،‬المدخل إلى علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪1988‬‬

‫إسحاق ابراهيم منصور‪ ،‬موجز في علم اإلجرام‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬سنة ‪1991‬‬

‫عبد المنعم الحفني‪،‬موسوعة الطب النفسي‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‪،‬مصر‪1992 ،‬‬

‫مؤمنة فيصل مبارك محي الدين‪ ،‬علم االجتماع والعقاب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪2017‬‬

‫احمد ابو زنط‪ ،‬اثر التفكك االجتماعي في انتشار ظاهرة الجريمة‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪2016 ،‬‬

‫القهوجي والشاذلي‪ ،‬علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪1999 ،‬‬

‫منير العصرة‪ ،‬انحراف االحداث ومشكلة العوامل‪ ،‬المكتب المصري للطباعة والنشر‪،‬‬
‫مصر‪1974،‬‬

‫عبد الرحمن العيسوي‪ ،‬الوجيز في علم اإلجرام ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬القاهرة‪،‬‬
‫مصر‪1989 ،‬‬

‫سميرة أقرورو‪ ،‬الوجيز في أسس علم اإلجرام وأهم مدارسه‪ ،‬الناشر صوماديل‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ، 2015‬المغرب‬

‫‪62‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫محمد عبد هللا الوريكات‪ ،‬اصول علم اإلجرام و علم العقاب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مسقط‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪2004‬‬

‫عبد الوهاب حومد‪ ،‬نظرات معاصرة في علم اإلجرام‪ ،‬مجلة الحقوق‪ ،‬بدون طبعة‪ ،‬الكويت‬

‫‪2011 ،‬‬

‫سمير عالية ‪ ،‬الوسيط في شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم العام‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬المؤسسة‬
‫الجامعية للنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪2010 ،‬‬

‫عبد الرحمان خلفي‪ ،‬محاضرات في القانون الجنائي العام‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الهدى‪،‬‬
‫الجزائر‪2012،‬‬

‫منصور رحماني‪ ،‬الوجيز في القانون الجنائي العام‪ ،‬دار العلوم للنشر والتوزيع‪ ،‬دون طبعة‪،‬‬
‫الجزائر‪2006 ،‬‬

‫احسن بوسقيعة‪ ،‬الوجيز فيشرحالقانون الجنائي العام‪،‬دونطبعة؛دارهومة‪ ،‬الجزائر‪2003 ،‬‬

‫عبد هللا اوهايبية‪ ،‬شرحقانونالعقوباتالجزائري ‪،‬القسمالعام‪،‬دونطبعة؛موفمللنشر‪،‬الجزائر‪،‬ـ‬


‫‪2009‬‬

‫عادل قورة‪ ،‬محاضراتفيقانونالعقوبات‪ ،‬القسمالعام "الجریمة"‪ ،‬دونطبعة؛‬


‫دیوانالمطبوعاتالجامعیة‪،‬عنابة‪،‬الجزائر‪،‬ـ‪2001‬‬

‫‪63‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫عبد هللا سليمان‪ ،‬شرحقانونالعقوباتالجزائري‪،‬القسمالعام‪،‬الجزءاألول"ـ الجریمة"؛ديوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪1995 ،‬‬

‫‪Jacques Henri –Robert, Droit pénal généra, sans édition; collection‬‬


‫‪Thémis, 1998‬‬

‫‪:‬األوامر‬

‫األمر رقم ‪ ،66/156‬مؤرخفي ‪ 08‬یونیو‪ 1966،‬یتضمنقانونالعقوبات‪ ،‬المعدل والمتمم ‪،‬‬


‫العدد‪ ،07‬فبراير ‪2014‬‬

‫‪:‬المقاالت‬

‫العوامل الخارجية للسلوك اإلجرامي‪ ,‬مقالة نشرت على شبكة االنترنيت على الموقع‬

‫‪2022.,www.djelfa.com‬‬

‫‪64‬‬
‫الفهرس‬

‫‪:‬الفهرس‬
‫مقدمة‪..................................................‬ص‪1‬‬

‫الفصل األول اإلطار المفاهيمي للسلوك االجرامي‪........‬ص‪7‬‬

‫المبحث األول مفهوم السلوك االجرامي‪.................‬ص‪8‬‬

‫المطلب األولنظريات السلوك االجرامي‪...............‬ص‪9‬‬

‫الفرع األول نظرية التفكك االجتماعي‪..................‬ص‪10‬‬

‫الفرع الثاني نظرية تصارع الثقافات‪....................‬ص‪11‬‬

‫الفرع الثالث نظرية النفسية للسلوك االجرامي‪...........‬ص‪12‬‬

‫المطلب الثاني مذاهب السلوك االجرامي‪...............‬ص‪14‬‬

‫الفرع األول المذهب الفردي‪...........................‬ص‪15‬‬

‫الفرع الثاني المذهب االجتماعي‪.......................‬ص‪17‬‬

‫الفرع الثالث المذهب المختلط‪.........................‬ص‪18‬‬

‫المبحث الثاني آليات بروز السلوك االجرامي‪..........‬ص‪19‬‬

‫‪66‬‬

‫الفهرس‬
‫المطلب األول عوامل انتشار السلوك االجرامي‪.......‬ص‪20‬‬

‫الفرع األول العامل البيولوجي‪........................‬ص‪21‬‬

‫الفرع الثاني العامل العائلي‪..........................‬ص‪22‬‬

‫الفرع الثالث العامل االقتصادي‪.....................‬ص‪23‬‬

‫المطلب الثاني وسائل الوقاية من السلوك االجرامي‪..‬ص‪23‬‬

‫الفرع األول وسائل معنوية‪.........................‬ص‪24‬‬

‫الفرع الثاني وسائل مادية‪..........................‬ص‪24‬‬

‫الفرع الثالث وسائل قانونية‪........................‬ص‪25‬‬

‫الفصل الثاني االطار القانوني للسلوك االجرامي‪...‬ص‪27‬‬

‫المبحث األول السلوك االجرامي في الظروف العادية‪..‬ص‪28‬‬

‫المطلب األول السلوك االجرامي في المساهمة الجنائية االصلية‪..‬ص‪30‬‬

‫الفرع األول الفاعل المباشر‪............................‬ص‪32‬‬

‫الفرع الثاني المحرض‪.................................‬ص‪34‬‬

‫‪67‬‬

‫الفهرس‬
‫الفرع الثالث الفاعل المعنوي‪...........................‬ص‪37‬‬

‫المطلب الثاني السلوك االجرامي في المساهمة الجنائية التبعية‪..‬ص‪39‬‬

‫الفرع األول السلوك االجرامي للشريك‪.........................‬ص‪41‬‬

‫الفرع الثاني النتيجة االجرامية للشريك‪........................‬ص‪42‬‬

‫الفرع الثالث العالقة السببية‪.................................‬ص‪43‬‬

‫المبحث الثاني السلوك االجرامي في الظروف االستثنائية‪......‬ص‪44‬‬

‫المطلب األول ماهية اسباب االباحة‪.........................‬ص‪45‬‬

‫الفرع األول مفهوم اسباب االباحة ‪...........................‬ص‪46‬‬

‫الفرع الثاني اثار اسباب االباحة ‪............................‬ص‪47‬‬

‫الفرع الثالث مصادر اسباب االباحة ‪.........................‬ص‪48‬‬

‫المطلب الثاني أنواع اسباب االباحة‪...........................‬ص‪49‬‬

‫الفرع األول مايأمر به القانون ‪.................................‬ص‪50‬‬

‫الفرع الثاني ما يأذن به القانون ‪................................‬ص‪52‬‬

‫‪68‬‬

‫الفهرس‬
‫الفرع الثالث الدفاع الشرعي ‪........................‬ص‪55‬‬

‫خاتمة‪.............................................‬ص‪60‬‬

‫قائمة المراجع ‪.....................................‬ص‪62‬‬

‫الفهرس ‪............................................‬ص‪66‬‬

‫‪69‬‬

You might also like