You are on page 1of 6

‫المحور الســـــــادس ‪ :‬البطـــــالن‬

‫‪ ‬مقدمة‪:‬‬

‫‪     ‬إنّ ركن التراضي هو جوهر وأساس كل عقد طبقًا لما أكدته المادة ‪ 59‬من القانون المدني الجزائري‪ ،‬وقيام هذا‬
‫الركن بشكل صحيح ‪  ‬تستقيم على أساسه األركان األخرى‪ ،‬والمتمثلة في المحل والسبب‪ ،‬إضافة إلى ركن الشكلية في‬
‫بعض العقود األخرى‪ ،‬وبتخلف هذه األركان أو عدم قيامها بشكل صحيح كما نص عنه القانون يعني بطالن العقد ‪.‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬مفهـــوم البطــــــالن‬

‫‪   ‬يقتضي تحديد مفهوم البطالن تعريفه لغة ثم اصطالحا ثم تحديد أنواعه بشكل مفصل وهو ما نتعرض له في المطالب‬
‫التاليـــــــــة ‪.‬‬

‫المطلـــــب األول‪ :‬تعــــــريف البطــــالن‬

‫‪     ‬إن مصطلح البطالن له عدة تعريفات لذلك سنتعرض ألهمها وأبرزها وسنقوم بشرحها وتحليلها‪ ،‬وفي هذا المنطلق‬
‫وإصطالحا‪( ‬فرع أول)‪ ،‬ثم إلى تمييز‬
‫ً‬ ‫قسمنا هذا المطلب إلى فرعين سنتعرف فيه عن المقصود بمصطلح البطالن لغة‬
‫البطالن عما يشابهه من النظم األخرى‪( ‬فرع ثان)‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬تعريف البطالن لغة وإصطالحــًا‬

‫أوالً‪ :‬البطالن لغـــــة‬

‫‪     ‬يقصد بالبطالن لغة الفساد وسقوط الحكم ‪ ،‬فالعمل الباطل عمل ضائع أو خاسر أو عديم القيمة ‪.‬‬

‫‪  ‬وجاء في فاكهة البستان (بطل الشيء يبطل بطالنا) بضمهن بمعنى ذهب ضياعا ‪ ،‬وبطل في حديثه يبطل بطالة هزل ‪.‬‬

‫‪  ‬كما جاء أيضً ا بط ُ َل بطال وبطوال وبطالنًا (أي فسد‪ ،‬سقط حكمه ذهب ُخسرانًا وضياعً ا فهو باطل بطلة الشيء بالباطل‬
‫فهو مبطل الشيء ذهب به طباعا جعله باطل‪ ،‬الباطل صد الحق جمع أباطيل ‪.‬‬

‫‪   ‬وهناك من يرى أنّ البطالن هو سقوط الشيء لفساده ‪ ،‬والباطل ما ال ثبات له عند الفحص عنه ويتعدى بالهمزة فيقال‬
‫"أبطله"‪ ،‬و "بطل" ذهب ضياعً ا و ُخسران ًا‪.‬‬

‫ثانيـًــا ‪ :‬تعريف البطالن إصطالحــًـا‬

‫‪    ‬تعددت تعاريف البطالن‪ ،‬فقد عرفه الدكتور‪ ‬عبد الرزاق أحمد المنصور‪ ‬بأن بطالن العقد هو الجزاء الثانوي‬
‫على عدم استكمال العقد ألركانه كاملة مستوفية لشروطها‪.‬‬

‫‪   ‬فيرى أصحاب هذا الرأي أنه العقد الذي لم يستجمع الشروط الالزمة النعقاده ‪ ،‬وفي منطلق هذا الرأي يرى‬
‫الدكتور‪ ‬عبد الفتاح عبد الباقي‪  " ‬أن البطالن كجزاء هو في الواقع نظام ثانوي مواده اعتبار العقد ‪ ،‬أو‬
‫التصرف الثانوي بوجه عام غير قائم بسبب اختالل تكوينــــــــــــهـ‪." ‬‬

‫‪   ‬هو الجزاء الذي تخلفت فيه شرط من شروط االنعقاد‪ ،‬وهي الرضا والمحل والسبب والشكل في العقود الشكلية فال‬
‫يكون لهذا العقد وجود قانوني وال ينتج أي أثر‪.‬‬
‫كما ذهب الدكتور محمد جمال الدين زكي إلى أن البطالن جزاء صارم وضعه المشرع عند تخلف القواعد التي اوجب‬
‫إتباعها في إبرام العقد أي انه ال ينتجـ عنه اثر وال ينشأ عنه حق أو التزام ‪.‬‬

‫‪   ‬وفي نفس هذا المعنى يرى الدكتور توفيق فرج بأن البطالن هو " جزاء لتخلف عنصر في العناصر األساسية سواء‬
‫بتخلف ركن في أركانه أو شرط في شروط صحته" ويرى في نفس الرأي أيضا الدكتور أنور سلطان "‪.‬‬

‫‪    ‬ويذهب األستاذ‪ ‬نصر الدين محمد زغلول‪ ‬إلى تبني فكرة أن البطالن هو انعدام لألثر الثانوي الذي ينبغي وضعه‬
‫للفعل خسر إلى أن لغط إعالم األثر الثانوي يعني أن البطالن جزاء لتخف األوضاع التي تطلبها القانون ‪.‬‬

‫‪   ‬يرى الدكتور‪ ‬جميل الشرقاوي‪ ،  ‬بأن البطالن وصف يلحق التصرف الثانوي ذاته نتيجة عيب وليس جزاء وجيه إلى‬
‫آثاره مباشرة ‪ ،‬ويلحق العيب بالتصرف إذا خالف قاعدة تتعلق بإبرام التصرف وينتمي إلى أن هذا الوصف يؤدي إلى‬
‫عدم نفاذ التصرف ‪.‬‬

‫الفرع الثانـــــي‪ :‬التمييز بين البطالن والفسخ‬

‫‪    ‬إنّ البطالن يعود إلى تخلف ركن من أركان العقد أو اختالله ‪ ،‬بمعنى أن هناك علة حين إبرام العقـــــــــد ‪.‬‬

‫‪     ‬كما يرد على عقد نشأ بشكل غير سليم قانوني ًا‪ ،‬أما الفسخ فهو ح ّل الرابطة العقدية حيث قد تتغير أحد المتعاقدين‬
‫اللتزاماتــــــه ‪.‬‬

‫‪      ‬كما تعتبر نظرية البطالن أوسع من نظرية الفسخ فالفسخ ال يكون إال في العقود التي تولد التزامات متبادلة أما‬
‫البطالن فيمكن تطبيقه بغض النظر عن كون العقد ملزما لجانب واحد‪  ‬أو جانبين وكذلك البطالن هو عدم الصحة وعدم‪ ‬‬
‫النفاد‪.‬‬

‫ثانيــا‪ :‬الفرق بين البطالن ونظام عدم النفاد‬


‫ً‬

‫‪    ‬يتميزـ البطالن عن عدم النفاد لكون العقد الباطل منعدم الوجود ثانويا بالنسبة للمتعاقدين نفسيهما وبالنسبة للغير‬
‫كذلك ‪ ،‬أ ّم ا في حالة عدم النفاد العقد فهو موجود ثانويا وصحيح بين المتعاقدين ومنعدم بالنسبة للغير ‪.‬‬

‫‪  ‬يقصد بعدم النفاذ عدم االحتجاج بآثار العقد في مواجهة الغير‪ ،‬ويتفرق البطالن عن عدم النفاذ في كون األول يتمسك به‬
‫أحد طرفي العقد في حين ال يتمسك بعدم النفاد إالّ من هو من الغيـــــــــر ‪.‬‬

‫‪      ‬كما يتفرق البطالن من عدم النفاذ في أن األول ال يرتب آثاره بين طرفي التعاقد وال بالنسبة للغير‪ ،‬بينما عدم النفاذ‬
‫ينشأ العقد صحيحا يرتب آثاره بين متعاقديه لكنه ال يرتب هذه اآلثار في ذات الغيــــر‪.‬‬

‫‪     ‬والبطالن إذا كان مترتباـ على عدم توافر صحة العقد يرتفع عن طريق اإلجازة الصريحة أو الضمنية‪ ،‬أمّا عدم النفاذ‬
‫فينتهي عن طريق إقرار الغير للعقد‪ ،‬كإقرار بيع ملك الغير بمعرفة المالك الحقيقي‪.‬‬

‫المطلب الثانــــي‪ :‬أنــواع البطـــــــــالن‬

‫‪   ‬للبطالن أنواع لذا سنتطرق إلى النوع األول من البطالن أال وهو البطالن المطلق الذي نظمه المشرع الجزائري في‬
‫المواد من ‪ 99‬إلى ‪ ،102‬أ ّم ا النوع الثاني سنتعرف فيه على البطالن النســـــبي الذي نجده في المواد في ‪ 103‬إلى‬
‫‪ 105‬من القانون المدني الجزائــــري‬

‫الفــــرع األول ‪ :‬البطالن المُطلـــق‬


‫‪    ‬يكون العقد باطالً بطالنًا مطلقا إذا لم يستوف كل أركانه ‪ ،‬أو تخلف شرط المشروعية كأن يكون المحل أو السبب‬
‫غير مشروعين أو أحدهما ‪ ،‬ففي هذه الحالة قد ينعقد العقد لكونه استكمل أركانه ‪ ،‬إال انه يكون باطال بطالنا مطلقا لعدم‬
‫مشروعية المحل أو السبب‪.‬‬

‫‪   ‬البطالن المطلق معناه أن العقد لم ينعقد صحيحا فيجوز لكل ذي مصلحة التمسك بالبطالن‪ ،‬وال يترتب على العقد‬
‫الباطل بطالنا مطلقا‪  ‬أي إمكانية لتصحيحه باإلجازة‪  ‬أو التقادم‪.‬‬

‫‪    ‬ويكون العقد باطال إذا لم يتوفر ركن أو أكثر من أركانه (المحل أو السبب)‪ ،‬أو يكون التراضي فيه منعدم أو مشوب‬
‫بعيب من عيوب التراضي ‪ ،‬يكون محل العقد فيه مستحيال أي غير ممكن الوجود أو غير معين أو غير مشروع لمخالفته‬
‫للنظام العام واآلداب العامة‪.‬‬

‫‪   ‬يترتّب البطالن المطلق حسب المادة ‪ 92/2‬ببطالن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة حتى ولو كان برضاه‬
‫"‪...‬غير أن التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضاه إال في األحوال المنصوص عليها في القانون "‬
‫‪ ،‬وكذلك نص القانون على بطالن بيعـ الوفاء في ذلك نص المادة ‪ 396‬ق م ج "‪ ...‬يكون البيع باطال إذا احتفظ البائع يوم‬
‫البيع بحق استرداد الشيء المبيع في أجل معين ‪."...‬‬

‫‪   ‬البطالن المطلق ال ترد عليه اإلجازة وال يسقط الحق في طلب بطالنه إال بعد مرور مدة التقادم ‪ 15‬سنة ‪ .‬لكن مع ذلك‬
‫فإنه ال يمكن أن يصبح صحيحا مهما مضى من الزمن ألنه عقد معدوم والعدم ال يخلق شيًئا‪.‬‬

‫‪ ‬الفـــــرع الثانــــي‪ :‬البطـــــالن النسبــــــي‬

‫‪   ‬البطالن النسبي ينعقد العقد فيه صحيح ًا‪ ،‬و يبطل كذلك ما لم يطعن المتعاقد في صحته ويكون العقد باطالً نسبيًا أو‬
‫قابالً للبطالن ‪ ،‬إذا كان رضى المتعاقد مشُوبًا بأحد عيوب التراضي كالغلط أو التدليس أو اإلكراه أو الغبن أو كان‬
‫المتعاقد ناقص األهلية وعلى عكس البطالن المطلق ‪ ،‬فان البطالن النسبي تخلفه اإلجازة والتقادم ‪ ،‬فمن هذه الحالة يعود‬
‫العقد صحيحاـ مالم يطعن في صحته المتعاقد الذي كان رضاه معيبا أو كان البطالن النسبي مقررا لمصلحته ‪.‬‬

‫‪   ‬وقد حدد القانون مدة المطالبة باإلبطال بمضي ‪ 10‬سنوات‪  ‬من يوم انعقاد العقد‪ ،‬وذلك طبقا لما جاء بالمادة ‪ 107‬‬
‫يشرط أن في اإلبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خالل ‪ 5‬سنوات ‪ "...‬ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص األهلية‬
‫من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب‪ ،‬وفي حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذي يكتشف فيه ‪ ،‬وفي حالة اإلكراه من يوم‬
‫انقطاعه ‪ ،‬غير أنه ال يجوز التمسك بحق اإلبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت ‪ 10‬سنوات من وقت تمام العقد‪"...‬‬
‫‪.‬‬

‫‪    ‬وتنص المادة ‪ 99‬من ق م ج بأنه "‪  ‬إذا جعل القانون ألحد المتعاقدين حق في إبطال‪ ،‬فليس للمتعاقد اآلخر‬
‫أن يتمسكـ بهذا الحق‪"... ‬‬

‫‪  ‬كما تنص المادة ‪  100‬أيضا "‪ ‬يزول حق إبطال العقد باإلجازة الصريحة أو الضمنية وتستند اإلجازة إلى‬
‫التاريخ الذي تم فيه العقد‪ ،‬دون إخالل بحقوق الغيــــر‪."... ‬‬

‫‪ ‬المبحث الثانـي‪ :‬سقـــوط حــق البطــالن‬

‫‪   ‬سوف نركز في هذا المبحث على أساسيين أال وهما اإلجازة ثم التقادم ‪.‬‬

‫المطلـــــب األول ‪ :‬اإلجــــــــازة‬


‫‪   ‬نصت المادة ‪ 100‬مدني " يزول حق إبطال العقد باإلجازة الصريحة ‪ ،‬أو الضمنية ‪ ،‬وتستند اإلجازة إلى‬
‫التاريخ الذي تم فيه العقد ‪ ،‬دون اإلخالل بحقوق الغير‪."... ‬‬

‫‪  ‬واإلجازة هي تصرف قانوني من جانب واحد يتنازل بموجبه المتعاقد الذي تقرر اإلبطال لمصلحته عن حقه في إبطال‬
‫العقد‪ ،‬والذي يجبر العقد هو وحده في تثبيت له حقه التمسك بالبطالن‪ ،‬فناقص األهلية ومن شاب رضاه عيب هما اللذان‬
‫تصدر عنهما اإلجازة ‪ ،‬وينبغي في هذا المقام التنويه إلى ضرورة التميز بين اإلجازة واإلقرار وهذا األخير عمل قانوني‬
‫أيضً ا لكنه يصدر عن غير المتعاقدين بجعل العقد نافذا في مواجهته بخالف اإلجازة التي تصدر من المتعاقد نفسه‪.‬‬

‫‪   ‬واإلجازة هي تنازل المتعاقد عن حقه في طلب إبطال العقد‪ ،‬فهي تصرف قانوني من جانب واحد يتنازلـ بمقتضاه‬
‫المخير عن حقه في إبطال العقد‪ ،‬و اإلجازة نوعان‪ :‬صريحـــــة وضمنيـــــة‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلجازة الصريحة‬

‫‪     ‬وتكون اإلجازة صريحة إذا انصرفت إرادة المخير إلى إجازة العقد ‪ ،‬فيقوم بالتصرف القانوني بقصد التنازل عن‬
‫حقه في إبطال العقد ‪ ،‬فيكون الغرض من هذا التصرف هو التنازل ال غير وقد يتم هذا التصرف كتابة أو كالما أو حتى‬
‫باإلشارة ‪...‬الخ‬

‫ثانيًــا‪ :‬اإلجازة الضمنية‬

‫‪    ‬عندما تنصرف إرادة المتعاقد إلى أمر آخر يفهم منه بأنه قد تنازل عن حقه في إبطال العقد كان يقوم المتعاقد بتنفيذ‬
‫العقد ال إجازته ‪ ،‬ولكن بما أن العقد قابل لإلبطال‪ ،‬ومع ذلك أشرف على تنفيذه فيفهم من هذا الموقف أن المتعاقد قد‬
‫تنازل عن حقه في إبطال العقد‪   .‬ويقع عبء إثبات اإلجازة للعقد على الطرف اآلخر وليس على من أجاز العقد ‪ ،‬وله‬
‫في ذلك أن يقيم الدليل على وقوعها بجميعـ الطرق كالبينة أو القرائن‪ ،‬ولكن إذا وقعت اإلجازة فهل لها أثر رجعي ؛‬
‫وبعبارة أخرى ‪ ،‬إذا أجاز لمن تقرر له حق إبطال العقد ‪ ،‬وطبق ًا إلى قواعد ‪ ‬المادة ‪ 100‬من القانون المدني الجزائري ‪:‬‬
‫"وتستند اإلجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد دون إخالل بحقوق الغير "‪ ‬وهذا يعني أن اإلجازة لها أثر‬
‫رجعي بنص القانون يعود إلى وقت انعقاد العقد وهو ما ذهب إليه بعض الفقهاء أيضً ا ‪.‬‬

‫‪ ‬‬

‫" فتعني أن اإلجازة إذا وقعت يجب أال تمس من حقوق الغير التي نشأت قبل وقوعها‪ ،‬ويقصد بالغير الخلف الخاص‬
‫الذي اكتسب على المال حقا عينيا أو تلقى ملكية الحق ذاته قبل اإلجازة‪.‬‬

‫المطلــــب الثانــي ‪ :‬التقـــــادم‬

‫‪    ‬الفرع األول ‪ :‬دعوى البطالن المطلق‬

‫‪ ‬تقضي الفقرة الثانية من المادة ‪ 102‬ق م ج بأنه "‪ ‬تسقط دعوى البطالن بمضي خمس عشرة سنة من وقت‬
‫إبرام العقد‪  " ‬فالتقادم الذي تقرره هذه المادة هو تقادم مسقط للحق في التمسك بدعوى البطالن بالنسبة للعقد الباطل‬
‫بطالنا مطلقا؛ بحيث ال يجوز لمن تقرر لمصلحته البطالن المطلق أن يرفع دعوى بطالن العقد إذا مضت خمس عشرة‬
‫سنة من تاريخ إبرام العقد ‪ ،‬فإذا سلم المشتري ثمن المبيع إلى البائع وكذلك سلم البائعـ الشيء المبيع إلى المشتري وهذا‬
‫بناءاـ على العقد الباطل ثم مضت خمس عشرة سنة على تاريخ إبرام العقد ال يستطيع كل من البائع أو المشتري رفع‬
‫دعوى بطالن العقد بسبب سقوطها بالتقادم ‪.‬‬

‫‪   ‬الفرع الثانــي ‪ :‬دعوى البطالن النسبــي‬

‫‪    ‬تقضي المادة ‪ 101‬ق م ج على أنه "‪ ‬يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسكـ به صاحبه خالل عشر‬
‫سنوات‪ " ‬فدعوى إبطال العقد‪ ‬القابل لإلبطال‪ ‬تسقط إذا لم يتمسك من تقررت لمصلحته بحقه في إبطال العقد‪ ،‬وبهذا‬
‫يستقر العقد ويزول الخطر الذي كان يهدده باالنهيار وتظل جميع اآلثارـ التي ترتبت عليه‪ ،‬وتبدأ مدة التقادم بالنسبة‬
‫لناقص األهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب‪ ،‬أما إذا كان العقد قابال لإلبطال بسبب الغلط أو التدليس أو اإلكراه‬
‫ففي حالة اكتشاف الغلط أو التدليس فتبدأ مدة ‪ 10‬سنوات من يوم هذا االكتشاف‪ ،‬أما بالنسبة لإلكراه فتبدأ من يوم‬
‫انقطاعه‪ ،‬وإذا لم يكتشف الغلط أو التدليس ولم ينقطع اإلكراه فإن الحق بطلب إبطال العقد يسقط بخمس عشرة سنة من‬
‫يوم انعقاد العقد ‪.‬‬

‫المبحــث الثالـث‪ :‬اآلثار المترتبة على البطــــالن‬

‫سوف نتناول بالدراسة آثار البطالن بالنسبة للمتعاقدين أوال ثم بالنسبة للغير ‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬بالنسبة للمتعاقديــن‬

‫‪    ‬سواء كان البطالن وقت االنعقاد أو انه تقرر لعقد لإلبطال فالبطالن منعدم ‪ ،‬ومن ثم فال اثر للعقد ويعاد المتعاقدان‬
‫إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد‪ ،‬وذلك طبقًا لنص المادة ‪ 103/1‬من التقنين المدني الجزائري "‪ ...‬يُعاد المتعاقدان‬
‫إلى الحالة التي كان عليها قبل العقد‪ ،‬في حالة بطالن العقد أو إبطاله بأن هذا كان مستحيالً جاز الحكم‬
‫بتعويض معادل"‪.‬‬

‫‪    ‬الفــــرع األول ‪ :‬اآلثار العرضية للعقد الباطل ‪.‬‬

‫‪    ‬العقد الباطل ليس عالقة قانونًا كعقد إذا هو ال وجود له ‪ ،‬لكنه عمل مادي أو واقعة قانونية وهو بهذا المثابة قد ينتج‬
‫اثر قانونيًا ليس هو األثر ال على الذي يترتب على العمل القانوني باعتبارهـ عقدا‪ ،‬بل هو اثر عرضي يترتب على العمل‬
‫المادي فاعتباره واقعة قانونية‪ .‬ومع ذلك فانه إذا كان العقد الباطل يعتبر كان لم يكن ويعود الطرفان إلى ما كان عليه قبل‬
‫العقد وان هذا األثر يترتب بالنسبة المتعاقدين وبالنسبة للغير‪ ،‬فان هناك استثناءات ترد في الصدد إذ قد تترتب على العقد‬
‫الباطل بعد اآلثار كما قد ترتب آثار بمناسبته وفي هذه اآلثار ما قد ترتب على العقد بصفة أصلية ومما باشرت بحقه‬
‫عرضة‬

‫الفـــرع الثانــــي ‪ :‬اآلثـــــار األصليـــة للعقــــد الباطـــــــل ‪ ‬‬

‫‪       ‬يترتب على اآلثار األصلية للعقد الباطل بوصفه تصرفا قانونيا غير موجود بحكم القانون ‪ ،‬وهذا من أجل حماية‬
‫الغير حسن النية ؛ مثال ذلك ‪ :‬العقد الصوري فهو يعتبر عقدا قائما بالنسبة للغير حسن النية ‪ ،‬أعمال اإلدارة كاإليجارـ ‪،‬‬
‫تطبيق مبدأ "‪ ‬الخطأ الشائع " في حالة الوارث الظاهر‪ ،‬الدائن الظاهر‪ ،‬الوكيل الظاهر استثناءاـ فنجد بأن القضاء في‬
‫تلك األمثلة جميعا يطبق شروط العقد الباطل بصفة استثنائيةـ ‪ ،‬ويعتبر هذا االستثناءـ في قاعدة قانونية أخرى هي قاعدة‬
‫عدم جواز قضاء التصرف في حق الغير ‪.‬‬

‫المطلب الثانــي‪ :‬آثار البطالن بالنسبة لغير المتعاقدين‬


‫‪   ‬يترتب على بطالن العقد أو إبطاله انعدام آثاره ‪ ،‬حيث يزول العقد وتزول كافة اآلثار التي رتبها منذ إبرامه ال منذ‬
‫إبطاله عمال بفكرة األثر الرجعي ‪.‬‬

‫‪     ‬وسنتطرق إلى آثار البطالن بالنسبة لغير المتعاقدين في فرعين ‪ ،‬نخصص الفرع األول المقصود بالغير والفرع‬
‫الثاني لقاعدة األثر الرجعي للبطالن ‪.‬‬

‫الفـــــرع األول ‪ :‬المقصود بالغيـــــــــر‬

‫‪     ‬ال يقتصر أثر بطالن العقد على المتعاقدين فحسب بل يمتد إلى الغير ‪ ،‬ألنّ للبطالن اثر مطلق بالنسبة للكافة‪.‬‬

‫الفــــرع الثانـي ‪ :‬قاعدة األثــــــر الرجعي للبطـــــالن‬

‫‪     ‬القاعدة أن البطالن له اثر رجعي ليس في عالقة المتعاقدين فقط ‪ ،‬بل وبالنسبة للغير أيضً ا‪ ،‬فإذا باع "أ" أشياء إلى‬
‫"ب" ثم جاء "ج" ‪ ،‬معتمدا على أن البيع صحيح واشترى حق الدين هو في ذمة "ب" ثم أبطل بعد ذلك عقد البيع األول (‬
‫بين أ وَ ب ) فإنّ مؤدى إعمال أثر البطالن هو إنهيار البيعـ بأثر يستند إلى الماضي ‪ ،‬أو إذا كان "ب" لم يملك الشيء‪،‬‬
‫وحين باع "ج" باع له ملك الغير وهو "أ" على أساس انّه يملك الشيء ألن فاقد الشيء ال يعطيه ‪ ،‬وعلى ذلك يسقط البيع‬
‫الثاني (بين ب و ج) وكذلك إذا رتب "ب"لحقا من الحقوق على شيء و ليكن عقارا ‪ ،‬كالرهن أو اإليجار ‪ ،‬فإنها تعتبر‬
‫صادرة من غير مالك ‪  .‬والواقع أن إطالق قاعدة األثر الرجعي للبطالن تؤدي إلى عدم استقرار المعامالت المدنية و‬
‫إلى اإلضرار بالثقة و اإلئتمان ‪ ،‬خاصة إذا كان الخلف الخاص حسن النية ‪ ،‬أي ال يعلم أن هذا التصرف مهدد باإلبطال‬
‫أو باطل ‪ ،‬وواضح أيضا أن العدالة تقضي بحماية الغير حسن النية من تاريخ البطالن من مجمل األضرارـ الجسيمة التي‬
‫قد تلحق بهم ‪ ،‬بل أن الصالح العام نفسه‪ ،‬يقضي بتلك الحماية ‪ ،‬ضمانًا لالئتمان العام وحفاظًا على الثقة التي يجب أن‬
‫تكون بين المتعاقدين ‪.‬‬

You might also like