You are on page 1of 17

‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬

‫‪391‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫الطبيعة القانونية لعقود أتمني االستثمار األجنيب‬


‫د‪.‬اللحياين ليلى‬
‫استاذة حماضرة "ب"‬
‫معهد احلقوق و العلوم السياسية‬
‫املركز اجلامعي مرسلي عبد هللا‪-‬‬
‫تيبازة‪-‬‬

‫ملخص‬
‫تعترب عقود أتمني االستثمارات األجنبية مبثابة اآللية األكثر جتاعا حلماية حقوق األطراف ومحاية‬
‫االستثمارات األجنبية و ترقيتها‪ ،‬و هي الغاية اليت تنشدها قواعد القانون الدويل عا جيعل هذه‬
‫العقود حتكمها املبادئ العامة اليت تنظمها هيآت التامني الدولية و يثري التساؤل حول الطبيعة‬
‫القانونية هلذه العقود و هل ميكن اعتبارها فعال من قبيل عقود التأمني ؟‬

‫‪The insurance contracts for foreign investments is considered as the‬‬


‫‪best element for protecting pioneers and promote and protecting the‬‬
‫‪foreign investments and promote it ,and this is the goal that the rules of‬‬
‫‪international law want to reach. And that what makes the general principles‬‬
‫‪which is organized by the international insurance agencies controls this‬‬
‫‪priciples and rise questions about the type of these contracts and wondering‬‬
‫‪if it take in consideration realy the rule of contract of insurance contract.‬‬

‫مقدمة‬
‫تعترب االستثمارات األجنبية اآللية األكثر فعالية و جناحا لدفع عجلة التنمية يف الدول املضيفة‬
‫لالستثمار‪ ،‬إال أهنا حتتاج إىل آلية تذلل هلا العقبات اليت تعرتضها و تبدد املخاوف اليت تنتاهبا‪ ،‬لذا‬
‫عملت هيآت دولية على إجياد آلية دولية و فعالة تعمل على محايتها يف إطار اتفاقيات دولية‬
‫لتامني االستثمار األجنيب و اليت متثلت يف عقد اتمني االستثمار األجنيب‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪392‬‬
‫يعرف عقد التامني الذي تربمه هيئة التامني الدولية أبنه العقد الذي تلتزم مبوجبه هيئة التامني‬
‫بتعويض املستثمر املؤمن لديها عن األضرار اليت تصيبه من حتقق اخلطر الذي امن ضده بسبب‬
‫تصرف الدولة املضيفة لالستثمار و ذلك مقابل قسط معلوم يدعه املستثمر‪.‬‬
‫إن حماولة تكييف‪ 1‬العقود اليت تربمها هيئات التامني الدولية تتسم بقدر من الصعوبة حيث ال‬
‫يتم ذلك وفقا ألحكام نظام قانوين وطين معني‪ .‬كما نتلف النظم القانونية يف تعريف هذه العقود‪،‬‬
‫فالبعض يعرفها بعقد الضمان و البعض عقد التامني و البعض اآلخر يعرفها بعقد الكفالة‪ ،‬كما أن‬
‫االتفاقيات يف ذاهتا مل تتفق على مصطلح معني للعقد و مل تتخذ موقفا حمددا من هذه العقود‪،‬‬
‫ابإلضافة إىل عدم وجود إمجاع يف الصياغة املستخدمة لتحديد العالقة بني املستثمر والوسيلة‬
‫القانونية اليت تقدمها الدولة املضيفة لالستثمار سواء كانت هيئة ضمان او غريها‪.‬‬
‫تسمي النظم التشريعية الدولية عقد الضمان مبسميات تلفة و توحيد يف اهلدف و الغرض‬
‫الذي من اجله ابرم عقد الضمان بني الطرفني‪ ،‬فتسميه التشريعات األمريكية املنظمة للموضوع‬
‫بعبارة "ضمان االستثمار "‪ ،‬و تستعمل نفس العبارة يف اجلهة اإلدارية املختصة إببرام عقود‬
‫الضمان مع املستثمرين‪ ،‬بل أن هذه العقود توصف صراحة مبوجب نصوصها على أهنا عقود‬
‫ضمان ‪،)Contrats de garanties‬أما التشريعات األملانية املنظمة لرب مج االستثمارات‬
‫فتستعمل عبارة –الضمان –و هناك اختالفات عاثلة يف تشريعات وطنية أخرى‪.‬‬
‫استخدمت االتفاقيات الدولية إلنشاء هيئات الضمان حسب دراسة للبنك الدويل يف هذا‬
‫‪.‬‬
‫املوضوع تفيد صراحة على اهنا تستعمل لفظي التامني و الضمان‬
‫ابلنسبة للوكالة الدولية فهي أكثر وضوحا‪ ،‬استعملت لفظ الضمان دون غريه من األلفاظ‪،‬‬
‫فيما جاء عنوان االتفاقية املنشئة للمؤسسة هو اتفاقية املؤسسة العربية لضمان االستثمار و ائتمان‬
‫الصادرات اي استعملت لفظ الضمان ‪ )garantie‬يف عنوان االتفاقية‪ ،‬فيما استعملت لفظ‬
‫التامني ‪ ) assurance‬يف صلب االتفاقية‪ ،2‬عا يعين ان اللفظني يستعمالن ابلرتادف و التبادل‪،‬‬
‫فيما جاءت العقود اليت تصدرها املؤسسة حتمل عنوان " عقد اتمني استثمار مباشر"‪" ،‬عقد ضمان‬
‫معدات مقاوالت"‪ ،‬أو" عقد ضمان قروض"‪ .‬فيما استعملت االتفاقية املنشئة للمؤسسة‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪393‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫اإلسالمية لتامني االستثمار لفظ التامني فيما ُيص االستثمارات و لفظ االئتمان فيما ُيص‬
‫الصادرات و مل يرد لفظ الضمان على اإلطالق‪.‬‬
‫ان احلسم يف هذه املسألة ال ميكن حتقيقه دون ربطها بنظام قانوين معني‪ ،‬فتحديد طبيعة العقد‬
‫ليست مسألة مطلقة و امنا ينظر اليها طبقا للتقسيمات املتبعة يف قانون حمدد دون غريه من‬
‫القوانني‪ ،‬و من مثة فان حتديد طبيعة العقد مبعناها الواسع يتم قي ظل النظام القانوين الداخلي‬
‫لطريف العقد‪.‬‬
‫أما إذا كان العقد بني هيئة دولية و مستثمر فالغالب أن العقد الذي ينظم العالقة بينهما يربم‬
‫يف إطار قانون دولة معينة‪ ،‬إما قانون دولة املستثمر أو قانون دولة ُيتارها الطرفان‪.‬‬
‫لكن األمر ُيتلف إذا تعلق بعقد طرفاه أو أطرافه دولتان أو دولة وهيئة دولية أو دولة ومنظمة‬
‫دولية و هو ما يبعث مباشرة على الرجوع إىل القواعد العامة للقانون الدويل‪ ،‬و نكون عندئذ أمام‬
‫اتفاقية دولية تتوافر فيها شروط االتفاقية الدولية طبقا التفاقية فينا لقانون املعاهدات‪.3‬‬
‫إن هذا االختالف يف التسمية بني اتمني أو ضمان يقود إىل البحث عن أوجه الشبه‬
‫واالختالف بني عقود التامني و الضمان اليت تناولتها االتفاقيات الدولية لضمان االستثمار األجنيب‬
‫قصد بيان الوصف القانوين السليم على هذه العقود‪.‬‬
‫كما أن الطبيعة الدولية أو اإلقليمية لنظام التامني قد أضفت على أحكامه طابعا خاصا يتفق‬
‫و هذه الطبيعة عا يزيد من أمهية هذه األحكام اليت تصدت عقود التامني لتفاصيلها ابعتباره‬
‫الوسيلة اخلاصة لتحقيق ذلك‪ ،‬لكن محاية االستثمارات األجنبية و ترقيتها غاية تنشدها قواعد‬
‫القانون الدويل و مثيالهتا يف القوانني الداخلية للدول املصدرة لرأس املال و املضيفة لالستثمارات‬
‫‪.4‬‬
‫الدولية‬
‫إذا كانت عقود التامني ستظل حمكومة ابملبادئ العامة اليت تضمنتها اتفاقية هيئة التامني‪ ،‬فان‬
‫عموم هذه املبادئ و عدم تطرقها للتفاصيل يثري التساؤل عن الطبيعة القانونية لعقد التامني الذي‬
‫يربمه اهليئات الدولية للتامني على االستثمار األجنيب‪ ،‬و هل ميكن اعتباره فعال من قبيل عقود‬
‫التامني ؟‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪394‬‬
‫إن حتديد الطبيعة القانونية لعقد اتمني استثمار أجنيب أو تكييفه ليس أمرا ذو قيمة نظرية حبتة‪،‬‬
‫بل يتسم بقدر كبري من األمهية العملية‪ ،‬فإذا قرر ان هذه العقود من قبيل عقود التامني فان ذلك‬
‫سوف يدفعنا إىل اللجوء للمبادئ العامة لعقد التامني يف النظم القانونية حال خلو العقد من قاعدة‬
‫حتكم املسالة حمل النزاع‪ ،‬أما إذا انتهينا إىل اعتبارها من قبيل عقود الكفالة‪ ،‬فان ذلك سوف‬
‫يدفعنا اىل اللجوء للمبادئ العامة هلذه العقود وهكذا ‪.5‬‬
‫أترجح االختالف بني اعتبار العقود اليت تربمها اهليآت الدولية أن تكون عقود ضمان أو عقود‬
‫اتمني‪ ،‬لذا حناول من خالل هذا املقال حتديد الطبيعة القانونية للعقود اليت تربمها هذه اهليآت على‬
‫اعتبارها عقود ضمان استثمار أجنيب من خالل مقارنتها بعقود التامني من حيث األركان و من‬
‫حيث العناصر اليت ينطوي عليها العقدين‪ ،‬ابإلضافة إىل اآلاثر املرتتبة عنها‪ ،‬و عليه قسمنا اخلطة‬
‫إىل ثالث مباحث‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬مقارنة عقود اتمني االستثمار األجنيب و عقد التامني من حيث األركان‬
‫ميكن أن ينظر إىل التأمني من زاويتني األوىل ابعتباره عملية فنية و الثانية ابعتباره عقد‪.‬‬
‫فعملية التامني تتمثل يف أن شخصا معينا مستعينا ابإلحصاءات املوجودة و بطرق االحتماالت‬
‫حيول أن جيمع األشخاص الذين يتعرضون خلطر واحد و جيعلهم يدفعون مبلغا معينا من النقود‬
‫على أن يتعهد هلم بدفع مبل حمدد إذا نزلت أبحدهم الكارثة املتفق عليها‪.6‬‬
‫ميكن أن ينظر إىل التأمني من حية اثنية بوصفه عقدا خاصا‪ ،‬اى من عقود القانون اخلاص‬
‫يقوم على الرتاضي بني أطرافه و له حمل و سبب و يرتتب عليه التزامان أمهها التزام املؤمن له بدفع‬
‫‪.‬‬
‫القسط و التزام املؤمن أبداء التعويض املتفق عليه‬
‫يتشابه عقد ضمان االستثمار مع عقد التامني و غريه من العقود يف العالقة التعاقدية الثنائية‬
‫يف ضوء الفقه التقليدي يف النظام الالتيين لألركان الثالثة للعقد و هي ‪ :‬الرضا‪ ،‬احملل و السبب‪.‬‬
‫املطلب ‪:1‬ركن الرضا‬
‫يقوم عقد التامني على الرتاضي بني املؤمن و املستأمن‪ ،‬كما ان الطرفني اللذان يتم التعاقد‬
‫بينهما يف عقد اتمني االستثمار االجنيب هو هيئة التامني و املستثمر األجنيب املستفيد من املشروع‪،‬‬
‫و ينصب الرتاضي بني الطرفني و يف احلالتني على تغطية املخاطر اليت يتضمنها العقد‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪395‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫األصل أن إرادة هيئة التامني و إرادة املستثمر األجنيب كافية كركن يف العقد حسب االتفاقيات‬
‫الدولية لضمان االستثمار‪ ،‬إال أن يف عقود التامني اليت تربمها هذه اهليئات تشرتط املوافقة املسبقة‬
‫للدولة املضيفة لالستثمار و يف حاالت أخرى تشرتط موافقة الدولة اليت ينتمي إليها املستثمر على‬
‫تنفيذ االستثمار أو على إبرام عقد التامني بني ملستثمر و هيئة التامني‪ .7‬و يف هذه احلالة يصبح‬
‫العقد خطوة الحقة للموافقة املشرتطة من طرف آخر دون أن يفقد العقد صفته أبنه عقد يتم برضا‬
‫الطرفني‪.8‬‬
‫إال أن املؤسسة العربية لضمان االستثمار اشرتطت املوافقة املسبقة للدولة املضيفة لالستثمار‬
‫ابلنسبة جلميع عمليات االستثمارات املراد أتمينها لدى املؤسسة ما عدا عمليات التصدير‬
‫واالسترياد و عملية اإلجيار اليت ال يشرتط فيها موافقة الدولة املضيفة ‪.9‬فيما اشرتطت الوكالة الدولية‬
‫موافقة الدولة املضيفة جلميع االستثمارات املؤمن عيها‪.‬‬
‫أما املؤسسة اإلسالمية فلم تشرتط املوافقة املسبقة للدولة املضيفة بل اشرتطت أن يقدم‬
‫طلب التامني ابالشرتاك من قبل الدولة املضيفة و الشخص طالب التامني‪.‬‬
‫املطلب‪ :2‬ركن احملل‬
‫حمل عقد التامني هو األخطار املؤمن ضدها و حمل عقود هيئات التامني األخطار الواردة يف‬
‫العقد التجارية أو غري التجارية )‪ ،‬ففي احلالتني يتماثل حمل العقد و ال مينع اختالف األخطار حمل‬
‫العقدين من متاثل احملل فيهما‪ ،‬والشك أن جدة املخاطر غري التجارية هي السبب يف عدم قيام‬
‫شركات التامني العادية إبدراجها ضمن األخطار اليت يغطيها عقود التامني يف العادة‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فيمكن القول أن خطر احلرب مثال ميكن التامني ضده يف التامني البحري‪ ،‬إذن فمحل العقدين‬
‫واحد و هو اخلطر‪.10‬‬
‫فمبل التعويض الذي تلتزم هيئة التامني بدفعه عند حدوث اخلطر و حتقق اخلسارة هو مبثابة‬
‫حمل التزامه األساسي يف مواجهة املستثمر و يقابله ذلك من حيث الشكل ال املوضوع التزام‬
‫املستثمر بدفع األقساط إىل هيئة الضمان املتعاقد معه‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪396‬‬
‫املطلب‪ :3‬ركن السبب‬
‫سبب عقود هيئات التامني مياثل سبب عقد التامني‪ ،‬فمن حية سبب التزام املستثمر‬
‫املضمون بدفع القسط ملؤسسة التامني هو التزام األخرية بتعويضه حال تعرضه إلحدى املخاطر‬
‫املغطاة‪ ،‬وسبب التزام مؤسسة التامني ابلتعويض هو التزام املستثمر أبداء األقساط هلا‪ ،‬أو بعبارة‬
‫أخرى إن سبب التزام املؤسسة هو ما حتصل عليه من أقساط دورية من املستثمر املؤمن له‪.11‬‬
‫فالدافع الرئيسي الذي من اجله يدخل املستثمر يف عقد التامني كطرف هو ابلدرجة األوىل‬
‫يهدف إىل حتقيق الطمأنينة‪ ،‬و ضمان استثماره يف اخلارج ضد املخاطر غري التجارية اليت ُيشى‬
‫وقوعها يف أي وقت‪ ،‬اما ابلنسبة هليئة التامني فان السبب املباشر اللتزامها اجتاه الطرف الثاين ليس‬
‫الرسوم و األقساط الزهيدة اليت تتلقاها من املستثمر و ليس رغبة اهليئة يف حتقيق كسب مادي‬
‫تتلقاه نتيجة نشاطه‪ ،‬إمنا حقيقة هذا السبب املباشر يتمثل يف قيام املستثمر ابستثماره و استغالل‬
‫أمواله يف القطاعات االقتصادية املختلفة‪ ،‬اليت من شاهنا املسامهة يف تنمية اقتصادايت الدول‬
‫املضيفة لالستثمار‪ ،‬و هو يف حقيقة األمر يعترب سبب كايف لدفع هيئة التامني على التعاقد مع‬
‫املستثمر‪ ،‬فاهليئة تلتزم بتعويض املستثمر يف حالة إصابته اسائر مجة عن غري جتارية تشجيعا له‬
‫على تنفيذ االستثمارات اليت يغطيها عقد التامني‪.12‬‬
‫كما ان هدف هيئة التامني من التعويض أن يرتتب على التامني تقليل احتماالت اخلسارة اليت‬
‫تلحق املستثمرين املستفيدين من التامني‪ ،‬أما السبب املصلحي الذي يدفع هيئة التامني إىل تقدمي‬
‫التزامها هو ما أيمل حتقيقه عند قيام املستثمر بتنفيذ االستثمار من حتقق مصا معتربة لدى‬
‫الدولة أو الدول املنشئة هليئة التامني‪ ،‬وهي مصا جتتمع لدى أكثر من طرف‪ ،‬فينظر إليها من‬
‫خالل العائد الذي حتققه الدول املصدرة لرأس املال‪ ،‬أو ما جتنيه الدول املستوردة له‪ ،‬أو الفائدة‬
‫اليت يكتسبها املستثمر‪ ،‬أو ينظر إىل هذه املصلحة من خالل األطراف الثالثة جمتمعة‪.‬‬
‫املبحث الثاين ‪ :‬مقارنة عقود اتمني االستثمار األجنيب و عقد التامني من حيث العناصر‬
‫إن الغرض من عقد التأمني سواء كان بني هيئة وطنية أم دولية‪ ،‬ومهما كانت طبيعة املستثمر‬
‫و أاي كان نوع االستثمارات اليت يغطيها التأمني هي يف جوهرها تعهد من جانب هذه اهليئة أو‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪397‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫الدولة أبن تتحمل عن املستثمر املتعاقد معها اخلسائر النامجة عن املخاطر اليت قد يتعرض هلا‬
‫االستثمار‪.‬‬
‫و مهما يكن النظام القانوين الذي ينفذ يف نطاقه عقد الضمان او عقد التأمني فانه يقوم على‬
‫ثالث عناصر أساسية ‪ :‬اخلطر‪ ،‬القسط املدفوع‪ ،‬مبل التعويض‪.‬‬
‫املطلب‪ :1‬عنصر اخلطر‬
‫يعترب اخلطر العنصر األساسي يف عقد التأمني و الذي ُيشاه املستثمر و يهدد استثماره‪ ،‬لذا‬
‫يلجأ إىل هيئة التأمني أو الدولة املتعاقد معها للتحمل اخلسائر اليت تنجم عن حتقق أحد أو بعض‬
‫أو كل املخاطر املغطاة يف عقد التامني ‪.‬‬
‫ميكن تعريف اخلطر على أنة احتمال اخلسارة‪ ،‬كذلك ميكن تعريف اخلطر على انه احتمال‬
‫احلصول على عائد على االستثمار اقل من العائد املتوقع‪ ،‬ومن أحسن تعاريف اخلطر هو النظر‬
‫إليه على انه التغري يف العائد على االستثمار حول العائد املتوقع على االستثمار‪.‬‬
‫أما اخلطر املقصود تغطيته بعقد اتمني االستثمار األجنيب يف هذه األحوال هو اخلطر الذي‬
‫يتعذر تغطيته عن طريق التأمني التجاري املعتاد‪ ،‬و إال ملا كان هناك مربر خاص إلنشاء نظام‬
‫الضمان الدويل‪ ،13‬و يوصف اخلطر الذي يشمله هذا النظام عادة " اخلطر السياسي أو اخلطر‬
‫الغري التجاري " ‪ 14‬الذي تتعرض له االستثمارات األجنبية‪،‬إال أن اخلطر ُيتلف حبسب نظام‬
‫الضمان املأخوذ به بني أطراف العقد‪ ،‬فهذا اخلطر ليس دائم خطرا سياسيا‪ ،‬و لكنه يف املقابل‬
‫دائما خطر غري حمقق الوقوع و ليس إلرادة املتعاقدين دور يف وقوعه‪ ،‬كما ان اخلطر حمل عقد‬
‫الضمان او عقد التأمني ال ينتج عن إخالل من جانب طرف اثلث ابلتزام قانوين على عاتقه يف‬
‫مواجهة املستثمر املتعاقد‪.‬‬
‫فعنصر اخلطر و احلال هذا ينجم عن واقعة خارجة عن العقد‪ ،‬كأن تكون تصرف معني تقوم به‬
‫الدولة املضيفة لالستثمار‪ ،‬أو تكون واقعة مادية كاحلرب أو كارثة طبيعية أو اضطراابت أمنية‪،‬‬
‫بغض النظر عن تكييفها من وجهة نظر القانون الدويل أو القانون الداخلي ألن ذلك قد يضفي‬
‫على هذه الوقائع نوع من التربير الذي يواجه به املستثمر و حيرمه من التعويض‪ ،‬لذا استوجب‬
‫الضمان دون رعاية االعتبارات القانونية داخلية كانت أم دولية‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪398‬‬
‫املطلب‪: 2‬عنصر األقساط‬
‫يقصد هبا األقساط اليت يدفعها املستثمر‪ ،‬و ال يرتبط مقدارها الكمي يف مرحلة تطور النظام‬
‫أبي أسس و حساابت رايضية ‪ ،15‬يتم اعتمادها مسبقا قبل وقوع اخلسائر احملتملة‪ ،‬و ابلتايل فانه‬
‫ال يراعي يف شان قيمتها أن تكون ابلضرورة جمموع ما يدفعه املستثمر من أقساط هليئة الضمان‬
‫املتعاقد معها كافية لتغطية اخلسائر اليت التزمت بتغطيتها يف حال إصابة املستثمر اسارة يف‬
‫استثماره‪.‬‬
‫يرى البعض أن هذه األقساط اليت تقع على عاتق املستثمر اجتاه اهليئة الضامنة لالستثمار أو‬
‫الدولة املستقبلة الستثماره تقرتب أكثر من صفة الرسوم كمقابل للخدمة اإلدارية اليت تتوالها اهليئة‬
‫أو اجلهة الوطنية املختصة هبذا املوضوع‪ ،‬و ليس لاللتزام املايل الذي يستوجب دفعه عند حتقق‬
‫اخلطر‪ ،‬فاألقساط اليت يدفعها املستثمر ال تعترب ادخارا له من طرف هيئة الضمان تعرض استثماره‬
‫للخطر املضمون‪ ،‬بل التزام املستثمر يدفع األقساط هو عبارة عن مسامهة منه يف تثمني األعباء‬
‫اإلدارية هليئة التامني املتعاقد معها‪ ،‬كما أهنا و إن اعتربت كذلك فهي زهيدة القيمة ال يكفي‬
‫لتعويضه ابملقارنة بقيمة التعويض الذي حيصل عليه عند تعرض استثماره ألي خطر اتفق على‬
‫تغطيته بعقد التامني بني الطرفني‪.‬‬
‫فيما ميكن القول حسب رأي آخر‪ ،‬نوافقه‪ ،‬سواء اعترب القسط رمسا أو مقابل خدمات إدارية‬
‫هليئة التامني‪ ،‬فانه التزام مرتبط بتعويضه عن اخلسارة عند حتقق اخلطر املضمون‪ ،‬فتوقف املستثمر‬
‫عن دفع األقساط أو أتخره يف الدفع يعد إخالل ابلتزاماته التعاقدية‪ ،‬عا يؤدي إىل فس العقد من‬
‫تلقاء نفسه و ابلتايل فقدان املستثمر حلقه يف التعويض ‪.16‬‬
‫يتم يف الغالب حتديد األقساط بطريقة حتكمية دون إخضاعها للتسميات املعروفة عن حتديد‬
‫أقساط التامني التجاري‪ ،‬مبعىن أهنا ال تعتمد على التقسيم الداخلي بني القسط الصايف مقابل‬
‫حتمل اخلطر) و القسط اجلاري الذي يشمل ابإلضافة إىل ذلك التكاليف املضافة مقابل النشاط‬
‫التجاري لشركة التامني)‪.17‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪399‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫املطلب‪: 3‬عنصر مبلغ التعويض‬


‫العنصر الثالث يف عقد الضمان هو مبل التعويض الذي يقع على عاتق هيئة الضمان الضامنة‬
‫لالستثمار يف حالة وقوع خسارة مجة عن خطر متفق على تغطيته‪ ،‬و يعترب مبل التعويض دينا‬
‫احتماليا يف ذمة اهليئة الضامنة لالستثمار‪ ،‬إال انه دين غري حمقق الوقوع‪ ،‬مبعىن انه قد ال يقع أصال‬
‫يف املستقبل‪ ،‬كما أن هيئة الضمان ال تدفع مبل التعويض جملرد وقوع اخلطر‪ ،‬و إمنا تدفعه تغطية‬
‫للخسارة النامجة عنه و يف حدود هذه اخلسارة بشرط أال تتجاوز املبل املتفق عليه‪ ،‬فقد حيدث‬
‫اخلطر و لكن ال يقابله دفع مبل تعويض من قبل هيئة الضمان‪ ،‬كون التعويض يرتبط أساسا‬
‫بتحقق اخلسارة النامجة عن ذلك اخلطر‪ ،‬و عليه فان التزام هيئة الضمان بدفع التعويض ُيضع‬
‫ملبدأ التعويض مبا يقتضيهم عدم الزايدة يف املبل املدفوع عن الضرر و من أعمال قاعدة نسبية‬
‫التعويض يف تغطية الضرر و دون ربطها ابألقساط اليت يدفعها املستثمر هليئة الضمان‪.‬‬
‫تبعا ملا سبق‪ ،‬فان العناصر األساسية لعقد الضمان املتمثلة يف اخلطر و القسط الذي يدفعه‬
‫املؤمن و مبل التعويض ترتبط مجيعها ابلعالقة الثنائية بني اهليئة الضامنة لالستثمار و املستثمر‪ ،‬وال‬
‫نضع ابلضرورة للعالقة اجلماعية بني اهليئة و جمموع املستثمرين املتعاقدين معها‪ ،‬ألن فكرة توزيع‬
‫اخلسارة على جمموع املستثمرين – لصا مستثمر واحد – غري متوفرة يف عقد الضمان بني‬
‫املستثمر و اهليئة‪.18‬‬
‫إال انه إبمكان هيئة الضمان و لو نظراي ابقتضاء أقساط مالية قصد جتميع موارد مالية كافية‬
‫ملواجهة اخلسائر املشمولة ابلضمان على النحو الذي متارسه مؤسسات التامني‪ ،‬إال أن هذا‬
‫األسلوب من شانه أن يثقل كاهل املستثمر يف زايدة التزاماته املالية‪ ،‬و خالف ذلك فهو حباجة‬
‫لوسيلة تضمن رأس ماله و تشجعه على استثماره و ليس يف مطالبته أوال بدفع أقساط مالية‬
‫مرتفعة قد ال حتقق وسيلة الضمان يف حالة االعتماد عليها‪.‬‬
‫ان هذا الوضع سوف ُيرج عملية الضمان عن إطار تشجيع االستثمارات يف اخلارج و معونة‬
‫الدولة املضيفة هلا‪ ،‬و هو اإلطار الذي ظهر من اجله نظام ضمان االستثمارات‪.19‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪400‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬مقارنة عقود اتمني االستثمار األجنيب و عقد التامني من حيث اآلاثر‬
‫اآلاثر اليت ترتبها عقود املؤسسة متاثل تلك اليت يرتبها عقد التأمني فمن جهة ترتب عقود‬
‫املؤسسة التزاما على املستثمر املضمون أبداء أقساط التامني‪ ،‬كما تلزمه إبعالن اخلطر عند التعاقد‬
‫و األخطار بتغريه بعد ذلك و ما تضمنه العقد من التزامات‪ ،‬و يف مقابل ذلك تلزم هذه العقود‬
‫املؤسسة بتعويض هذا املستثمر حال تعرضه ألحد األخطار املضمونة و يصدق نفس األمر‬
‫‪.20‬‬
‫ابلنسبة لعقد التأمني‬
‫فمبل التعويض الذي تلتزم هيئة الضمان بدفعه عند حدوث اخلطر و حتقق اخلسارة هو مبثابة‬
‫حمل التزامها األساسي يف مواجهة املستثمر و يقابله ذلك من حيث الشكل ال املوضوع التزام‬
‫املستثمر بدفع األقساط إىل هيئة الضمان املتعاقد معها‪ ،‬ميكن تلخيص أهم االلتزامات يف املطالب‬
‫التالية‪.‬‬
‫املطلب‪ :1‬التزامات املستثمر املؤمن له‬
‫يفرض العقد املربم بني املستثمر و هيئة التأمني التزامات على عاتق املستثمر املؤمن له‪ ،‬و هي‬
‫نفس االلتزامات اليت تفرضها عقود التامني‪.‬‬
‫‪-1‬االلتزامات اليت يفرضها مبدأ حسن النية ‪:‬‬
‫يلتزم املستثمر املؤمن له ابن يقرر بدقة وقت إبرام العقد كل البيا ت و الظروف املعلومة لديه‪،‬‬
‫و كذلك كل االتفاقيات و الرتتيبات اليت يكون طرفا فيها او على علم هبا و اليت تؤثر على قبول‬
‫هيئة التامني تغطية اخلطر أو تؤثر يف شروط العقد‪ ،‬كما يعترب التوقيع على العقد إقرار من املؤمن له‬
‫بصحة مجيع املعلومات و البيا ت املقدمة منه‪.21‬‬
‫‪-2‬االلتزامات املتعلقة ابلبياانت اخلاصة ابالستثمار املؤمن عليه‪:‬‬
‫يلتزم املستثمر املؤمن له ان حيتفظ يف مقر عمله الرئيسي او أي مكان اخر توافق عليه هيئة‬
‫التامني ابلبيا ت اليت قد تطلب منه خاصة التقارير الدورية‪ ،‬السجالت املتعلقة ابالستثمار و دفاتر‬
‫احلساابت‪ ،‬السجالت املعدة طبقا لألصول احملاسبية‪ ،‬اليت تتضمن املعلومات الكافية عن قيمة‬
‫صايف االستثمار و عوائده ابإلضافة إىل مدفوعاته و مصروفاته و معلوماته اخلاصة ابالستثمار‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪401‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫وتداول حصصه و أسهمه اليت يشملها التامني‪ ،‬و يتعني أن تكون كافة البيا ت املقدمة معتمدة‬
‫من حماسب قانوين مستقل‪.‬‬
‫‪-3‬االلتزام أبداء األقساط احملددة‬
‫يعترب التزام املستثمر املؤمن له أبداء األقساط احملددة شرط أساسي لقيام هيئة التامني ابلتزام‬
‫التعويض‪ ،‬فقد أجازت االتفاقيات وضع معدالت تلفة ألقساط التامني السنوية حسب نوع‬
‫اخلطر املطلوب تغطيته‪ ،‬و من مث فان القسط احملدد للخطر السياسي ُيتلف عن القسط احملدد‬
‫خلطر حتويل العملة او احلروب سواء بنسبة اقل أو أكثر على سبيل املثال‪.‬‬
‫‪-4‬التزام املستثمر بتنفيذ االستثمار‬
‫يلتزم املستثمر املؤمن له بتنفيذ االستثمار يف البلد املضيف رغم أن مؤسسة التامني ليست طرفا‬
‫يف عقد االستثمار الذي يتم بني املستثمر و البلد املضيف‪ ،‬إال أن االلتزام بتنفيذ االستثمار يعترب‬
‫السبب و حمل التزام املستثمر يف عقد التامني‪،‬ذلك أن هيئة التامني الدولية ال هتدف يف حقيقة‬
‫األمر إىل حتقيق األرابح و إمنا هتدف إىل حتقيق التنمية و التبادل التجاري بني الدول املتعاقدة أو‬
‫يف البلدان النامية‪.‬‬
‫املطلب‪ :2‬التزام هيئة التامني‬
‫تنقضي العالقة بني املستثمر و هيئة التامني ابستالم التعويض املستحق‪،‬غري انه يف بعض‬
‫احلاالت متتد العالقة إىل ما بعد ذلك‪ ،‬و ذلك اذا كان التعويض الذي حصل عليه تعويض مؤقت‪،‬‬
‫اذ يستطيع املستثمر املؤمن له ان يطالب هيئة التامني إبعادة النظر فيه و إعطائه تعويضا كامال‬
‫وهنائيا‪ ،‬كما متتد العالقة يف حالة ما اذا تبني هليئة التامني ان املبل الذي أدته للمؤمن له قد صرف‬
‫له دون وجه حق‪ ،‬فتطالبه برده‪.‬‬
‫دفع التعويض للمستثمر املؤمن له‬ ‫‪-1‬‬
‫بعد وقوع اخلطر املشمول ابلتامني و بتوفر مجيع الشروط اليت يستحق هبا املؤمن له التعويض‪،‬‬
‫فان أهم التزام تقدمه هيئة التامني و الذي يهتم به املستثمر حلد ما فهو دفع التعويض له عما‬
‫أصاب استثماره من ضرر جراء حتقق اخلطر‪ .‬غري ان التزام هيئة التامني بدفع التعويض ُيضع لعدة‬
‫شروط تضمنها عقود التامني املربمة بني الطرفني‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪402‬‬
‫‪-2‬التعويض املؤقت و إعادة النظر فيه‬
‫عند حدوث بعض املخاطر املؤمن عليها و اليت تتسبب يف ضرر لالستثمار املشمول ابلتامني‪،‬‬
‫قد يتعذر على هيئة التامني حتديد األضرار الفعلية اليت أصابت املستثمر املؤمن خاصة عندما‬
‫يتعلق األمر اطر احلرب و االضطراابت الداخلية‪ ،‬ففي هذه احلالة حيق هليئة التامني أبداء تعويض‬
‫مؤقت للمستثمر املؤمن مع إلزامها إبعادة النظر فيه يف اجل حمدد يف عقود التامني قصد تعويضه‬
‫هنائيا‪ ،‬حيث ميكن أن يكون التعويض اقل من التعويض املؤقت أين تلتزم هيئة التامني أبداء بقية‬
‫املبل الذي يستحقه املؤمن له‪ ،‬ويف حالة ما إذا كان املبل املدفوع أكثر عا يستحقه املستثمر املؤمن‬
‫فانه يلزم هذا األخري برد املبل إىل هيئة التامني‪.‬‬
‫‪- 3‬اسرتداد التعويض‬
‫التعويض ‪22‬يف‬ ‫بعد دفع مبل التعويض للمستثمر املؤمن‪،‬جيوز هليئة التامني اسرتداد مبل‬
‫حاالت معينة تضمنتها عقود التامني و يتعلق األمر‪:‬‬
‫‪-‬نلف احد شروط استحقاق التعويض‬
‫‪-‬إخالل املستثمر املؤمن ابلتزام من التزاماته اليت يفرضها العقد‬
‫‪-‬حصوله على تعويض يتجاوز املبل املستحق‬
‫املالحظ أن اسرتداد مبل التعويض عندما يتجاوز املبل املستحق فانه يشمل حالة التعويض‬
‫املؤقت و ال يشمل التعويض النهائي للمستثمر‬
‫اخلامتة‬
‫يبدو أن االختالف يف التسمية أو يف استعمال العبارات اليت استعملتها االتفاقيات الدولية‬
‫لضمان االستثمار"ضمان" أو" أتمني " ال أتثري له على مضمون العقد خاصة و أن إرادة األطراف‬
‫املتعاقدة تصب يف معىن معني و هو حتقيق التامني ضد اخلسائر اليت قد يتعرض هلا املستثمر يف‬
‫الدولة املضيفة‪.‬‬
‫رغم تطابق عقود هيئات التأمني الدولية مع عقد التامني على النحو الذي درسناه‪ ،‬فقد‬
‫يعرتض هذا التحليل على أساس عملييت الضمان و التامني ال جيمعهما هدف واحد فضال عن‬
‫اختالفهما يف األساس الفين‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪403‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫من حية يرى البعض أن عملية التامني تقوم على هدف حتقيق اكرب قدر من الربح يف حني أن‬
‫عملية الضمان يراد هبا تشجيع انتقال رؤوس األموال بني الدول املتعاقدة و تنمية اقتصاد الدول‬
‫املضيفة‪ ،‬فالربح ليس من األهداف اليت تسعى لتحقيقه هيئات الضمان و ال يعترب معيار لتقدير‬
‫جناحها‪ ،‬لذا ميكن هلا أن تواصل نشاطها رغم حتقيق اخلسارة إذا ما حققت أهدافها‪.23‬‬
‫من حية أخرى يرى البعض أن عملية التامني أساسها االعتماد على القوانني اإلحصائية واليت‬
‫حتدد األخطار اليت ميكن التامني ضدها و مقدار القسط الذي يدفعه املؤمن له و مقدار التعويض‬
‫الذي يستحقه إذا ما حدث اخلطر املؤمن ضده‪ .24‬يف حني أن عناصر عملية الضمان ليست‬
‫معلومة مسبقا الن األخطار املؤمن ضدها ال ميكن إخضاعها للقوانني اإلحصائية نظرا لعدم متاثلها‬
‫يف كثري من احلاالت‪ ،‬كما أن األقساط اليت يؤديها املستثمر ال ترتبط يف مقدارها بقيمة التعويض‬
‫الذي حيصل عليه‪ ،‬بل يتم حتديدها يف الغالب بطريقة حتكمية ال نضع للتقسيمات املعروفة ابلنسبة‬
‫ألقساط التامني التجاري‪ .‬ابإلضافة إىل أن التعويض ال ميكن حتديده بصورة دقيقة وفقا لألسس‬
‫‪.25‬‬
‫السابقة نظرا لتعذر ذلك‬
‫ميكن مع ذلك الرد على الرأيني السابقني‪: 26‬‬
‫من جهة يالحظ أن الربح ليس عنصرا جوهراي يف عملية التامني‪ ،‬حيث أن التامني االجتماعي‬
‫ال يقوم على أساس فكرة الربح بل على أساس تغطية املخاطر اليت يتعرض هلا اخلاضعون له‪ ،‬كما‬
‫أن التزام املستثمر بتنفيذ االستثمار يف البلد املضيف يعد أكثر من مكسب ابلنسبة هليئة التامني‬
‫كونه جيسد أهدافها يف حتقيق التنمية‪.‬‬
‫من جهة أخرى فان عملية التامني ال تعتمد دائما على القوانني اإلحصائية فهناك التامني‬
‫التباديل الذي ال يستند إىل األسس السابقة‪ ،‬بل يقوم على أساس مسامهة أطراف فيه يف تعويض‬
‫من حلقت اخلسائر منهم و هنا نكون بصدد عملية اتمني رغم انتفاء األسس الفنية‪.‬‬
‫نالحظ ابإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فان االتفاقيات مل تفرق بني التامني و الضمان حيث استعملت‬
‫املصطلحني‪ ،‬الضمان عند التحدث عن عملية االستثمار و التامني يف العقود‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪404‬‬
‫ميكن القول حسب ما دراسته يف هذا املوضوع‪ ،‬انه ال يوجد مانع من اعتبار العقود اليت‬
‫تربمها اهليئات الدولية للتامني على االستثمار األجنيب من قبيل عقود التامني رغم انتفاء هدف‬
‫الربح ومتاثل عقد الضمان مع عقد التامني‪.‬‬
‫اهلوامش‬

‫‪ 1‬املقصود من التكييف هنا هو حتديد الطبيعة القانونية للتصرفات حمل البحث‪ ،‬و هبذه املثابة ال ينصرف‬
‫هذا االصطالح اىل نظرية التكييف يف القانون الدويل اخلاص‪.‬‬

‫‪ 2‬تذهب املادة الثانية ‪ )2‬منها إىل أن الغرض من املؤسسة هو اتمني املستثمر العريب‪ ،‬و املادة ‪)18‬‬
‫منها تشرتط يف املستثمر الذي يقبل طرفا يف عقد التامني‪.‬‬

‫‪ 3‬اتفاقية فينا لقانون املعاهدات املربمة يف ‪ ،1969/05/23‬و ينبغي على أطراف االتفاقية الدولية التقيد‬
‫ابلشروط اليت وضعتها اتفاقية فينا خاصة إذا أراد األطراف االحتجاج هبا يف مواجهة جهات معينة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪)2 D.Carreau. P. Juillard.Droit international économique. 4eme‬‬
‫‪édition.1998.p 502-503‬‬

‫‪ 5‬هشام خالد د‪.‬هشام خالد‪،‬خصائص و طبيعة عقد الضمان‪،‬االستثمار العريب‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‬
‫‪ ،1988‬ص‪299‬‬

‫‪ 6‬برهام عطا هللا‪،‬أساسيات التامني‪،‬ص‪19‬‬

‫‪ 7‬املادة‪ 15‬من اتفاقية الوكالة الدولية لضمان االستثمار و املادة ‪ 7/15‬من اتفاقية املؤسسة العربية و‬
‫املادة ‪-3/18‬أ من اتفاقية املؤسسة اإلسالمية لضمان االستثمار‪.‬‬

‫‪ 8‬إبراهيم شحاتة‪،‬الضمان الدويل لالستثمارات األجنبية‪،‬دار النهضة العربية‪،‬ص ‪41‬‬


‫‪ 9‬املادة‪15‬مكرر‪ 6/1‬و املادة ‪ 15‬مكرر ‪ 2/2‬من اتفاقية املؤسسة العربية لضمان االستثمار‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪405‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫‪ 10‬هشام خالد‪،‬عقد ضمان االستثمار‪ ،‬القانون الواجب التطبيق و تسوية املنازعات اليت تثور بشانه‪ ،‬دار‬
‫الفكر اجلامعي االسكندرية‪ ،‬طبعة ‪،2000‬ص ‪319‬‬
‫‪.11‬إبراهيم شحاتة‪ ،‬الضمان الدويل لالستثمارات األجنبية‪،‬املرجع السابق‪،‬ص‪41‬‬
‫‪ 12‬امحد السعيد شرف الدين‪،‬عقود التامني و عقود الضمان واقعها احلايل و حكمها الشرعي ) مطبعة‬
‫حسان ‪،1986‬ص ‪57-56‬‬

‫‪ 13‬يقصد ابخلطر يف عقد التأمني احلادث االحتمايل املستقبل‪ ،‬ومعين كون احلادث احتماليا أنه قد يقع‬
‫وقد ال يقع‪ ،‬دون أن يكون وقوعه أو عدم وقوعه متوقفا علي إرادة أحد املتعاقدين‪ ،‬بل أن ذلك موكول‬
‫إيل القدر وحده‪ ،‬وذلك كموت املؤمن علي حياته أو بقائه حيا إيل وقت معني‪ ،‬أو غرق البضاعة‪ ،‬أو‬
‫حريق املنزل املؤمن عليه‪ .‬فهذه وغريها أمور احتمالية‪ ،‬قد حتدث وقد ال حتدث‪.‬‬

‫‪ 14‬إبراهيم شحاتة‪،‬الضمان الدويل الستثمارات األجنبية‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.38‬‬


‫‪ 15‬سامي عفيفي حا ‪،‬التامني الدويل‪،‬اخلطر التاميين‪،‬اتمينات النقل الدويل‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪،1988‬ص ‪ 23‬و مابعدها‬
‫‪ 16‬املادة ‪ 27‬من عقد استثمار مباشر للمؤسسة العربية‬
‫‪ 17‬سامي عفيفي حا ‪،‬التامني الدويل‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪ 23‬و مابعدها‬
‫‪ 18‬ابراهيم ديدي‪،‬االتفاقيات الدولية لضمان االستثمار‪،‬شهادة ماجستري يف القانون الدويل و العالقات‬
‫الدولية ‪ 2002/2001‬ص ‪155/154‬‬

‫‪Jean Jacques.Rey ,Eric Robert.Institution Economiques 19‬‬


‫‪International(I.E.I) 2 eme. Edition.Bruylant‬‬
‫‪ 20‬إبراهيم شحاتة‪،‬الضمان الدويل الستثمارات األجنبية‪،‬املرجع السابق‪،‬ص ‪38‬‬
‫‪ 21‬املادة ‪ 1/10‬من عقد اتمني استثمار مباشر للمؤسسة العربية‪ ،‬ايضا‪،‬حممد شرعان‪،‬اخلطر يف عقد‬
‫التامني‪،‬توزيع املعارف ابإلسكندرية‪،‬ص ‪ 43‬و ما بعدها‬

‫‪ 22‬املادة ‪ 24‬من عقد استثمار مباشر للمؤسسة العربية‬


‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬ ‫‪406‬‬

‫‪ 23‬هشام خالد‪،‬عقد ضمان االستثمار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪320‬‬


‫‪ 24‬برهام عطا هللا‪،‬اساسيات التامني‪ ،‬مرجع السابق‪-‬ص ‪21‬‬
‫‪ 25‬إبراهيم شحاتة‪،‬الضمان الدويل الستثمارات األجنبية‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪39/38‬‬

‫‪ 26‬هشام خالد‪،‬عقد ضمان االستثمار‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.321‬‬

‫قائمة املصادر و املراجع‬


‫‪-‬االتفاقية الدولية املتعلقة إبنشاء املؤسسة العربية لضمان االستثمار و ائتمان الصادرات املوقعة يف‬
‫‪ 1974‬و املعدلة يف ‪.2007‬‬
‫‪ -‬االتفاقية الدولية املتعلقة إبنشاء املؤسسة اإلسالمية لتأمني االستثمار و ائتمان الصادرات ‪1995‬‬
‫‪-‬االتفاقية الدولية املتعلقة إبنشاء الوكالة الدولية لضمان االستثمار ‪1985‬‬
‫‪ -‬اتفاقية فينا لقانون املعاهدات املربمة يف ‪1969/05/23‬‬
‫‪ -‬هشام خالد د‪.‬هشام خالد‪،‬خصائص و طبيعة عقد الضمان‪،‬االستثمار العريب‪ ،‬مؤسسة شباب اجلامعة‬
‫‪.1988‬‬
‫‪-‬برهام عطا هللا‪،‬أساسيات التامني‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم شحاتة‪،‬الضمان الدويل لالستثمارات األجنبية‪،‬دار النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -‬هشام خالد‪،‬عقد ضمان االستثمار‪ ،‬القانون الواجب التطبيق و تسوية املنازعات اليت تثور بشانه‪ ،‬دار‬
‫الفكر اجلامعي االسكندرية‪ ،‬طبعة ‪.2000‬‬
‫‪ -‬امحد السعيد شرف الدين‪،‬عقود التامني و عقود الضمان واقعها احلايل و حكمها الشرعي ) مطبعة‬
‫حسان ‪.1986‬‬
‫‪-‬سامي عفيفي حا ‪،‬التامني الدويل‪،‬اخلطر التأميين‪،‬أتمينات النقل الدويل‪ ،‬الدار املصرية اللبنانية‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪.1988‬‬
‫‪ -‬حممد شرعان‪،‬اخلطر يف عقد التامني‪،‬توزيع املعارف ابإلسكندرية‪.‬‬
‫مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية ‪ -‬مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية‬
‫‪407‬‬ ‫(العدد الخامس ‪ -‬جوان ‪)2018‬‬

‫‪ -‬ابراهيم ديدي‪،‬االتفاقيات الدولية لضمان االستثمار‪،‬شهادة ماجستري يف القانون الدويل و العالقات‬


‫الدولية ‪.2002/2001‬‬
‫‪D.Carreau. P. Juillard.Droit international économique. 4eme édition.1998-‬‬
‫‪Jean Jacques.Rey ,Eric Robert.Institution Economiques International(I.E.I) -‬‬
‫‪2 eme. Edition.Bruylant‬‬

You might also like