Professional Documents
Culture Documents
ملخص
تعترب عقود أتمني االستثمارات األجنبية مبثابة اآللية األكثر جتاعا حلماية حقوق األطراف ومحاية
االستثمارات األجنبية و ترقيتها ،و هي الغاية اليت تنشدها قواعد القانون الدويل عا جيعل هذه
العقود حتكمها املبادئ العامة اليت تنظمها هيآت التامني الدولية و يثري التساؤل حول الطبيعة
القانونية هلذه العقود و هل ميكن اعتبارها فعال من قبيل عقود التأمني ؟
مقدمة
تعترب االستثمارات األجنبية اآللية األكثر فعالية و جناحا لدفع عجلة التنمية يف الدول املضيفة
لالستثمار ،إال أهنا حتتاج إىل آلية تذلل هلا العقبات اليت تعرتضها و تبدد املخاوف اليت تنتاهبا ،لذا
عملت هيآت دولية على إجياد آلية دولية و فعالة تعمل على محايتها يف إطار اتفاقيات دولية
لتامني االستثمار األجنيب و اليت متثلت يف عقد اتمني االستثمار األجنيب.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
(العدد الخامس -جوان )2018 392
يعرف عقد التامني الذي تربمه هيئة التامني الدولية أبنه العقد الذي تلتزم مبوجبه هيئة التامني
بتعويض املستثمر املؤمن لديها عن األضرار اليت تصيبه من حتقق اخلطر الذي امن ضده بسبب
تصرف الدولة املضيفة لالستثمار و ذلك مقابل قسط معلوم يدعه املستثمر.
إن حماولة تكييف 1العقود اليت تربمها هيئات التامني الدولية تتسم بقدر من الصعوبة حيث ال
يتم ذلك وفقا ألحكام نظام قانوين وطين معني .كما نتلف النظم القانونية يف تعريف هذه العقود،
فالبعض يعرفها بعقد الضمان و البعض عقد التامني و البعض اآلخر يعرفها بعقد الكفالة ،كما أن
االتفاقيات يف ذاهتا مل تتفق على مصطلح معني للعقد و مل تتخذ موقفا حمددا من هذه العقود،
ابإلضافة إىل عدم وجود إمجاع يف الصياغة املستخدمة لتحديد العالقة بني املستثمر والوسيلة
القانونية اليت تقدمها الدولة املضيفة لالستثمار سواء كانت هيئة ضمان او غريها.
تسمي النظم التشريعية الدولية عقد الضمان مبسميات تلفة و توحيد يف اهلدف و الغرض
الذي من اجله ابرم عقد الضمان بني الطرفني ،فتسميه التشريعات األمريكية املنظمة للموضوع
بعبارة "ضمان االستثمار " ،و تستعمل نفس العبارة يف اجلهة اإلدارية املختصة إببرام عقود
الضمان مع املستثمرين ،بل أن هذه العقود توصف صراحة مبوجب نصوصها على أهنا عقود
ضمان ،)Contrats de garantiesأما التشريعات األملانية املنظمة لرب مج االستثمارات
فتستعمل عبارة –الضمان –و هناك اختالفات عاثلة يف تشريعات وطنية أخرى.
استخدمت االتفاقيات الدولية إلنشاء هيئات الضمان حسب دراسة للبنك الدويل يف هذا
.
املوضوع تفيد صراحة على اهنا تستعمل لفظي التامني و الضمان
ابلنسبة للوكالة الدولية فهي أكثر وضوحا ،استعملت لفظ الضمان دون غريه من األلفاظ،
فيما جاء عنوان االتفاقية املنشئة للمؤسسة هو اتفاقية املؤسسة العربية لضمان االستثمار و ائتمان
الصادرات اي استعملت لفظ الضمان )garantieيف عنوان االتفاقية ،فيما استعملت لفظ
التامني ) assuranceيف صلب االتفاقية ،2عا يعين ان اللفظني يستعمالن ابلرتادف و التبادل،
فيما جاءت العقود اليت تصدرها املؤسسة حتمل عنوان " عقد اتمني استثمار مباشر"" ،عقد ضمان
معدات مقاوالت" ،أو" عقد ضمان قروض" .فيما استعملت االتفاقية املنشئة للمؤسسة
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
393 (العدد الخامس -جوان )2018
اإلسالمية لتامني االستثمار لفظ التامني فيما ُيص االستثمارات و لفظ االئتمان فيما ُيص
الصادرات و مل يرد لفظ الضمان على اإلطالق.
ان احلسم يف هذه املسألة ال ميكن حتقيقه دون ربطها بنظام قانوين معني ،فتحديد طبيعة العقد
ليست مسألة مطلقة و امنا ينظر اليها طبقا للتقسيمات املتبعة يف قانون حمدد دون غريه من
القوانني ،و من مثة فان حتديد طبيعة العقد مبعناها الواسع يتم قي ظل النظام القانوين الداخلي
لطريف العقد.
أما إذا كان العقد بني هيئة دولية و مستثمر فالغالب أن العقد الذي ينظم العالقة بينهما يربم
يف إطار قانون دولة معينة ،إما قانون دولة املستثمر أو قانون دولة ُيتارها الطرفان.
لكن األمر ُيتلف إذا تعلق بعقد طرفاه أو أطرافه دولتان أو دولة وهيئة دولية أو دولة ومنظمة
دولية و هو ما يبعث مباشرة على الرجوع إىل القواعد العامة للقانون الدويل ،و نكون عندئذ أمام
اتفاقية دولية تتوافر فيها شروط االتفاقية الدولية طبقا التفاقية فينا لقانون املعاهدات.3
إن هذا االختالف يف التسمية بني اتمني أو ضمان يقود إىل البحث عن أوجه الشبه
واالختالف بني عقود التامني و الضمان اليت تناولتها االتفاقيات الدولية لضمان االستثمار األجنيب
قصد بيان الوصف القانوين السليم على هذه العقود.
كما أن الطبيعة الدولية أو اإلقليمية لنظام التامني قد أضفت على أحكامه طابعا خاصا يتفق
و هذه الطبيعة عا يزيد من أمهية هذه األحكام اليت تصدت عقود التامني لتفاصيلها ابعتباره
الوسيلة اخلاصة لتحقيق ذلك ،لكن محاية االستثمارات األجنبية و ترقيتها غاية تنشدها قواعد
القانون الدويل و مثيالهتا يف القوانني الداخلية للدول املصدرة لرأس املال و املضيفة لالستثمارات
.4
الدولية
إذا كانت عقود التامني ستظل حمكومة ابملبادئ العامة اليت تضمنتها اتفاقية هيئة التامني ،فان
عموم هذه املبادئ و عدم تطرقها للتفاصيل يثري التساؤل عن الطبيعة القانونية لعقد التامني الذي
يربمه اهليئات الدولية للتامني على االستثمار األجنيب ،و هل ميكن اعتباره فعال من قبيل عقود
التامني ؟
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
(العدد الخامس -جوان )2018 394
إن حتديد الطبيعة القانونية لعقد اتمني استثمار أجنيب أو تكييفه ليس أمرا ذو قيمة نظرية حبتة،
بل يتسم بقدر كبري من األمهية العملية ،فإذا قرر ان هذه العقود من قبيل عقود التامني فان ذلك
سوف يدفعنا إىل اللجوء للمبادئ العامة لعقد التامني يف النظم القانونية حال خلو العقد من قاعدة
حتكم املسالة حمل النزاع ،أما إذا انتهينا إىل اعتبارها من قبيل عقود الكفالة ،فان ذلك سوف
يدفعنا اىل اللجوء للمبادئ العامة هلذه العقود وهكذا .5
أترجح االختالف بني اعتبار العقود اليت تربمها اهليآت الدولية أن تكون عقود ضمان أو عقود
اتمني ،لذا حناول من خالل هذا املقال حتديد الطبيعة القانونية للعقود اليت تربمها هذه اهليآت على
اعتبارها عقود ضمان استثمار أجنيب من خالل مقارنتها بعقود التامني من حيث األركان و من
حيث العناصر اليت ينطوي عليها العقدين ،ابإلضافة إىل اآلاثر املرتتبة عنها ،و عليه قسمنا اخلطة
إىل ثالث مباحث.
املبحث األول :مقارنة عقود اتمني االستثمار األجنيب و عقد التامني من حيث األركان
ميكن أن ينظر إىل التأمني من زاويتني األوىل ابعتباره عملية فنية و الثانية ابعتباره عقد.
فعملية التامني تتمثل يف أن شخصا معينا مستعينا ابإلحصاءات املوجودة و بطرق االحتماالت
حيول أن جيمع األشخاص الذين يتعرضون خلطر واحد و جيعلهم يدفعون مبلغا معينا من النقود
على أن يتعهد هلم بدفع مبل حمدد إذا نزلت أبحدهم الكارثة املتفق عليها.6
ميكن أن ينظر إىل التأمني من حية اثنية بوصفه عقدا خاصا ،اى من عقود القانون اخلاص
يقوم على الرتاضي بني أطرافه و له حمل و سبب و يرتتب عليه التزامان أمهها التزام املؤمن له بدفع
.
القسط و التزام املؤمن أبداء التعويض املتفق عليه
يتشابه عقد ضمان االستثمار مع عقد التامني و غريه من العقود يف العالقة التعاقدية الثنائية
يف ضوء الفقه التقليدي يف النظام الالتيين لألركان الثالثة للعقد و هي :الرضا ،احملل و السبب.
املطلب :1ركن الرضا
يقوم عقد التامني على الرتاضي بني املؤمن و املستأمن ،كما ان الطرفني اللذان يتم التعاقد
بينهما يف عقد اتمني االستثمار االجنيب هو هيئة التامني و املستثمر األجنيب املستفيد من املشروع،
و ينصب الرتاضي بني الطرفني و يف احلالتني على تغطية املخاطر اليت يتضمنها العقد.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
395 (العدد الخامس -جوان )2018
األصل أن إرادة هيئة التامني و إرادة املستثمر األجنيب كافية كركن يف العقد حسب االتفاقيات
الدولية لضمان االستثمار ،إال أن يف عقود التامني اليت تربمها هذه اهليئات تشرتط املوافقة املسبقة
للدولة املضيفة لالستثمار و يف حاالت أخرى تشرتط موافقة الدولة اليت ينتمي إليها املستثمر على
تنفيذ االستثمار أو على إبرام عقد التامني بني ملستثمر و هيئة التامني .7و يف هذه احلالة يصبح
العقد خطوة الحقة للموافقة املشرتطة من طرف آخر دون أن يفقد العقد صفته أبنه عقد يتم برضا
الطرفني.8
إال أن املؤسسة العربية لضمان االستثمار اشرتطت املوافقة املسبقة للدولة املضيفة لالستثمار
ابلنسبة جلميع عمليات االستثمارات املراد أتمينها لدى املؤسسة ما عدا عمليات التصدير
واالسترياد و عملية اإلجيار اليت ال يشرتط فيها موافقة الدولة املضيفة .9فيما اشرتطت الوكالة الدولية
موافقة الدولة املضيفة جلميع االستثمارات املؤمن عيها.
أما املؤسسة اإلسالمية فلم تشرتط املوافقة املسبقة للدولة املضيفة بل اشرتطت أن يقدم
طلب التامني ابالشرتاك من قبل الدولة املضيفة و الشخص طالب التامني.
املطلب :2ركن احملل
حمل عقد التامني هو األخطار املؤمن ضدها و حمل عقود هيئات التامني األخطار الواردة يف
العقد التجارية أو غري التجارية ) ،ففي احلالتني يتماثل حمل العقد و ال مينع اختالف األخطار حمل
العقدين من متاثل احملل فيهما ،والشك أن جدة املخاطر غري التجارية هي السبب يف عدم قيام
شركات التامني العادية إبدراجها ضمن األخطار اليت يغطيها عقود التامني يف العادة ،ومع ذلك
فيمكن القول أن خطر احلرب مثال ميكن التامني ضده يف التامني البحري ،إذن فمحل العقدين
واحد و هو اخلطر.10
فمبل التعويض الذي تلتزم هيئة التامني بدفعه عند حدوث اخلطر و حتقق اخلسارة هو مبثابة
حمل التزامه األساسي يف مواجهة املستثمر و يقابله ذلك من حيث الشكل ال املوضوع التزام
املستثمر بدفع األقساط إىل هيئة الضمان املتعاقد معه.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
(العدد الخامس -جوان )2018 396
املطلب :3ركن السبب
سبب عقود هيئات التامني مياثل سبب عقد التامني ،فمن حية سبب التزام املستثمر
املضمون بدفع القسط ملؤسسة التامني هو التزام األخرية بتعويضه حال تعرضه إلحدى املخاطر
املغطاة ،وسبب التزام مؤسسة التامني ابلتعويض هو التزام املستثمر أبداء األقساط هلا ،أو بعبارة
أخرى إن سبب التزام املؤسسة هو ما حتصل عليه من أقساط دورية من املستثمر املؤمن له.11
فالدافع الرئيسي الذي من اجله يدخل املستثمر يف عقد التامني كطرف هو ابلدرجة األوىل
يهدف إىل حتقيق الطمأنينة ،و ضمان استثماره يف اخلارج ضد املخاطر غري التجارية اليت ُيشى
وقوعها يف أي وقت ،اما ابلنسبة هليئة التامني فان السبب املباشر اللتزامها اجتاه الطرف الثاين ليس
الرسوم و األقساط الزهيدة اليت تتلقاها من املستثمر و ليس رغبة اهليئة يف حتقيق كسب مادي
تتلقاه نتيجة نشاطه ،إمنا حقيقة هذا السبب املباشر يتمثل يف قيام املستثمر ابستثماره و استغالل
أمواله يف القطاعات االقتصادية املختلفة ،اليت من شاهنا املسامهة يف تنمية اقتصادايت الدول
املضيفة لالستثمار ،و هو يف حقيقة األمر يعترب سبب كايف لدفع هيئة التامني على التعاقد مع
املستثمر ،فاهليئة تلتزم بتعويض املستثمر يف حالة إصابته اسائر مجة عن غري جتارية تشجيعا له
على تنفيذ االستثمارات اليت يغطيها عقد التامني.12
كما ان هدف هيئة التامني من التعويض أن يرتتب على التامني تقليل احتماالت اخلسارة اليت
تلحق املستثمرين املستفيدين من التامني ،أما السبب املصلحي الذي يدفع هيئة التامني إىل تقدمي
التزامها هو ما أيمل حتقيقه عند قيام املستثمر بتنفيذ االستثمار من حتقق مصا معتربة لدى
الدولة أو الدول املنشئة هليئة التامني ،وهي مصا جتتمع لدى أكثر من طرف ،فينظر إليها من
خالل العائد الذي حتققه الدول املصدرة لرأس املال ،أو ما جتنيه الدول املستوردة له ،أو الفائدة
اليت يكتسبها املستثمر ،أو ينظر إىل هذه املصلحة من خالل األطراف الثالثة جمتمعة.
املبحث الثاين :مقارنة عقود اتمني االستثمار األجنيب و عقد التامني من حيث العناصر
إن الغرض من عقد التأمني سواء كان بني هيئة وطنية أم دولية ،ومهما كانت طبيعة املستثمر
و أاي كان نوع االستثمارات اليت يغطيها التأمني هي يف جوهرها تعهد من جانب هذه اهليئة أو
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
397 (العدد الخامس -جوان )2018
الدولة أبن تتحمل عن املستثمر املتعاقد معها اخلسائر النامجة عن املخاطر اليت قد يتعرض هلا
االستثمار.
و مهما يكن النظام القانوين الذي ينفذ يف نطاقه عقد الضمان او عقد التأمني فانه يقوم على
ثالث عناصر أساسية :اخلطر ،القسط املدفوع ،مبل التعويض.
املطلب :1عنصر اخلطر
يعترب اخلطر العنصر األساسي يف عقد التأمني و الذي ُيشاه املستثمر و يهدد استثماره ،لذا
يلجأ إىل هيئة التأمني أو الدولة املتعاقد معها للتحمل اخلسائر اليت تنجم عن حتقق أحد أو بعض
أو كل املخاطر املغطاة يف عقد التامني .
ميكن تعريف اخلطر على أنة احتمال اخلسارة ،كذلك ميكن تعريف اخلطر على انه احتمال
احلصول على عائد على االستثمار اقل من العائد املتوقع ،ومن أحسن تعاريف اخلطر هو النظر
إليه على انه التغري يف العائد على االستثمار حول العائد املتوقع على االستثمار.
أما اخلطر املقصود تغطيته بعقد اتمني االستثمار األجنيب يف هذه األحوال هو اخلطر الذي
يتعذر تغطيته عن طريق التأمني التجاري املعتاد ،و إال ملا كان هناك مربر خاص إلنشاء نظام
الضمان الدويل ،13و يوصف اخلطر الذي يشمله هذا النظام عادة " اخلطر السياسي أو اخلطر
الغري التجاري " 14الذي تتعرض له االستثمارات األجنبية،إال أن اخلطر ُيتلف حبسب نظام
الضمان املأخوذ به بني أطراف العقد ،فهذا اخلطر ليس دائم خطرا سياسيا ،و لكنه يف املقابل
دائما خطر غري حمقق الوقوع و ليس إلرادة املتعاقدين دور يف وقوعه ،كما ان اخلطر حمل عقد
الضمان او عقد التأمني ال ينتج عن إخالل من جانب طرف اثلث ابلتزام قانوين على عاتقه يف
مواجهة املستثمر املتعاقد.
فعنصر اخلطر و احلال هذا ينجم عن واقعة خارجة عن العقد ،كأن تكون تصرف معني تقوم به
الدولة املضيفة لالستثمار ،أو تكون واقعة مادية كاحلرب أو كارثة طبيعية أو اضطراابت أمنية،
بغض النظر عن تكييفها من وجهة نظر القانون الدويل أو القانون الداخلي ألن ذلك قد يضفي
على هذه الوقائع نوع من التربير الذي يواجه به املستثمر و حيرمه من التعويض ،لذا استوجب
الضمان دون رعاية االعتبارات القانونية داخلية كانت أم دولية.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
(العدد الخامس -جوان )2018 398
املطلب: 2عنصر األقساط
يقصد هبا األقساط اليت يدفعها املستثمر ،و ال يرتبط مقدارها الكمي يف مرحلة تطور النظام
أبي أسس و حساابت رايضية ،15يتم اعتمادها مسبقا قبل وقوع اخلسائر احملتملة ،و ابلتايل فانه
ال يراعي يف شان قيمتها أن تكون ابلضرورة جمموع ما يدفعه املستثمر من أقساط هليئة الضمان
املتعاقد معها كافية لتغطية اخلسائر اليت التزمت بتغطيتها يف حال إصابة املستثمر اسارة يف
استثماره.
يرى البعض أن هذه األقساط اليت تقع على عاتق املستثمر اجتاه اهليئة الضامنة لالستثمار أو
الدولة املستقبلة الستثماره تقرتب أكثر من صفة الرسوم كمقابل للخدمة اإلدارية اليت تتوالها اهليئة
أو اجلهة الوطنية املختصة هبذا املوضوع ،و ليس لاللتزام املايل الذي يستوجب دفعه عند حتقق
اخلطر ،فاألقساط اليت يدفعها املستثمر ال تعترب ادخارا له من طرف هيئة الضمان تعرض استثماره
للخطر املضمون ،بل التزام املستثمر يدفع األقساط هو عبارة عن مسامهة منه يف تثمني األعباء
اإلدارية هليئة التامني املتعاقد معها ،كما أهنا و إن اعتربت كذلك فهي زهيدة القيمة ال يكفي
لتعويضه ابملقارنة بقيمة التعويض الذي حيصل عليه عند تعرض استثماره ألي خطر اتفق على
تغطيته بعقد التامني بني الطرفني.
فيما ميكن القول حسب رأي آخر ،نوافقه ،سواء اعترب القسط رمسا أو مقابل خدمات إدارية
هليئة التامني ،فانه التزام مرتبط بتعويضه عن اخلسارة عند حتقق اخلطر املضمون ،فتوقف املستثمر
عن دفع األقساط أو أتخره يف الدفع يعد إخالل ابلتزاماته التعاقدية ،عا يؤدي إىل فس العقد من
تلقاء نفسه و ابلتايل فقدان املستثمر حلقه يف التعويض .16
يتم يف الغالب حتديد األقساط بطريقة حتكمية دون إخضاعها للتسميات املعروفة عن حتديد
أقساط التامني التجاري ،مبعىن أهنا ال تعتمد على التقسيم الداخلي بني القسط الصايف مقابل
حتمل اخلطر) و القسط اجلاري الذي يشمل ابإلضافة إىل ذلك التكاليف املضافة مقابل النشاط
التجاري لشركة التامني).17
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
399 (العدد الخامس -جوان )2018
وتداول حصصه و أسهمه اليت يشملها التامني ،و يتعني أن تكون كافة البيا ت املقدمة معتمدة
من حماسب قانوين مستقل.
-3االلتزام أبداء األقساط احملددة
يعترب التزام املستثمر املؤمن له أبداء األقساط احملددة شرط أساسي لقيام هيئة التامني ابلتزام
التعويض ،فقد أجازت االتفاقيات وضع معدالت تلفة ألقساط التامني السنوية حسب نوع
اخلطر املطلوب تغطيته ،و من مث فان القسط احملدد للخطر السياسي ُيتلف عن القسط احملدد
خلطر حتويل العملة او احلروب سواء بنسبة اقل أو أكثر على سبيل املثال.
-4التزام املستثمر بتنفيذ االستثمار
يلتزم املستثمر املؤمن له بتنفيذ االستثمار يف البلد املضيف رغم أن مؤسسة التامني ليست طرفا
يف عقد االستثمار الذي يتم بني املستثمر و البلد املضيف ،إال أن االلتزام بتنفيذ االستثمار يعترب
السبب و حمل التزام املستثمر يف عقد التامني،ذلك أن هيئة التامني الدولية ال هتدف يف حقيقة
األمر إىل حتقيق األرابح و إمنا هتدف إىل حتقيق التنمية و التبادل التجاري بني الدول املتعاقدة أو
يف البلدان النامية.
املطلب :2التزام هيئة التامني
تنقضي العالقة بني املستثمر و هيئة التامني ابستالم التعويض املستحق،غري انه يف بعض
احلاالت متتد العالقة إىل ما بعد ذلك ،و ذلك اذا كان التعويض الذي حصل عليه تعويض مؤقت،
اذ يستطيع املستثمر املؤمن له ان يطالب هيئة التامني إبعادة النظر فيه و إعطائه تعويضا كامال
وهنائيا ،كما متتد العالقة يف حالة ما اذا تبني هليئة التامني ان املبل الذي أدته للمؤمن له قد صرف
له دون وجه حق ،فتطالبه برده.
دفع التعويض للمستثمر املؤمن له -1
بعد وقوع اخلطر املشمول ابلتامني و بتوفر مجيع الشروط اليت يستحق هبا املؤمن له التعويض،
فان أهم التزام تقدمه هيئة التامني و الذي يهتم به املستثمر حلد ما فهو دفع التعويض له عما
أصاب استثماره من ضرر جراء حتقق اخلطر .غري ان التزام هيئة التامني بدفع التعويض ُيضع لعدة
شروط تضمنها عقود التامني املربمة بني الطرفني.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
(العدد الخامس -جوان )2018 402
-2التعويض املؤقت و إعادة النظر فيه
عند حدوث بعض املخاطر املؤمن عليها و اليت تتسبب يف ضرر لالستثمار املشمول ابلتامني،
قد يتعذر على هيئة التامني حتديد األضرار الفعلية اليت أصابت املستثمر املؤمن خاصة عندما
يتعلق األمر اطر احلرب و االضطراابت الداخلية ،ففي هذه احلالة حيق هليئة التامني أبداء تعويض
مؤقت للمستثمر املؤمن مع إلزامها إبعادة النظر فيه يف اجل حمدد يف عقود التامني قصد تعويضه
هنائيا ،حيث ميكن أن يكون التعويض اقل من التعويض املؤقت أين تلتزم هيئة التامني أبداء بقية
املبل الذي يستحقه املؤمن له ،ويف حالة ما إذا كان املبل املدفوع أكثر عا يستحقه املستثمر املؤمن
فانه يلزم هذا األخري برد املبل إىل هيئة التامني.
- 3اسرتداد التعويض
التعويض 22يف بعد دفع مبل التعويض للمستثمر املؤمن،جيوز هليئة التامني اسرتداد مبل
حاالت معينة تضمنتها عقود التامني و يتعلق األمر:
-نلف احد شروط استحقاق التعويض
-إخالل املستثمر املؤمن ابلتزام من التزاماته اليت يفرضها العقد
-حصوله على تعويض يتجاوز املبل املستحق
املالحظ أن اسرتداد مبل التعويض عندما يتجاوز املبل املستحق فانه يشمل حالة التعويض
املؤقت و ال يشمل التعويض النهائي للمستثمر
اخلامتة
يبدو أن االختالف يف التسمية أو يف استعمال العبارات اليت استعملتها االتفاقيات الدولية
لضمان االستثمار"ضمان" أو" أتمني " ال أتثري له على مضمون العقد خاصة و أن إرادة األطراف
املتعاقدة تصب يف معىن معني و هو حتقيق التامني ضد اخلسائر اليت قد يتعرض هلا املستثمر يف
الدولة املضيفة.
رغم تطابق عقود هيئات التأمني الدولية مع عقد التامني على النحو الذي درسناه ،فقد
يعرتض هذا التحليل على أساس عملييت الضمان و التامني ال جيمعهما هدف واحد فضال عن
اختالفهما يف األساس الفين.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
403 (العدد الخامس -جوان )2018
من حية يرى البعض أن عملية التامني تقوم على هدف حتقيق اكرب قدر من الربح يف حني أن
عملية الضمان يراد هبا تشجيع انتقال رؤوس األموال بني الدول املتعاقدة و تنمية اقتصاد الدول
املضيفة ،فالربح ليس من األهداف اليت تسعى لتحقيقه هيئات الضمان و ال يعترب معيار لتقدير
جناحها ،لذا ميكن هلا أن تواصل نشاطها رغم حتقيق اخلسارة إذا ما حققت أهدافها.23
من حية أخرى يرى البعض أن عملية التامني أساسها االعتماد على القوانني اإلحصائية واليت
حتدد األخطار اليت ميكن التامني ضدها و مقدار القسط الذي يدفعه املؤمن له و مقدار التعويض
الذي يستحقه إذا ما حدث اخلطر املؤمن ضده .24يف حني أن عناصر عملية الضمان ليست
معلومة مسبقا الن األخطار املؤمن ضدها ال ميكن إخضاعها للقوانني اإلحصائية نظرا لعدم متاثلها
يف كثري من احلاالت ،كما أن األقساط اليت يؤديها املستثمر ال ترتبط يف مقدارها بقيمة التعويض
الذي حيصل عليه ،بل يتم حتديدها يف الغالب بطريقة حتكمية ال نضع للتقسيمات املعروفة ابلنسبة
ألقساط التامني التجاري .ابإلضافة إىل أن التعويض ال ميكن حتديده بصورة دقيقة وفقا لألسس
.25
السابقة نظرا لتعذر ذلك
ميكن مع ذلك الرد على الرأيني السابقني: 26
من جهة يالحظ أن الربح ليس عنصرا جوهراي يف عملية التامني ،حيث أن التامني االجتماعي
ال يقوم على أساس فكرة الربح بل على أساس تغطية املخاطر اليت يتعرض هلا اخلاضعون له ،كما
أن التزام املستثمر بتنفيذ االستثمار يف البلد املضيف يعد أكثر من مكسب ابلنسبة هليئة التامني
كونه جيسد أهدافها يف حتقيق التنمية.
من جهة أخرى فان عملية التامني ال تعتمد دائما على القوانني اإلحصائية فهناك التامني
التباديل الذي ال يستند إىل األسس السابقة ،بل يقوم على أساس مسامهة أطراف فيه يف تعويض
من حلقت اخلسائر منهم و هنا نكون بصدد عملية اتمني رغم انتفاء األسس الفنية.
نالحظ ابإلضافة إىل ذلك ،فان االتفاقيات مل تفرق بني التامني و الضمان حيث استعملت
املصطلحني ،الضمان عند التحدث عن عملية االستثمار و التامني يف العقود.
مجلة دائرة البحوث والدراسات القانونية والسياسية -مخبر المؤسسات الدستورية والنظم السياسية
(العدد الخامس -جوان )2018 404
ميكن القول حسب ما دراسته يف هذا املوضوع ،انه ال يوجد مانع من اعتبار العقود اليت
تربمها اهليئات الدولية للتامني على االستثمار األجنيب من قبيل عقود التامني رغم انتفاء هدف
الربح ومتاثل عقد الضمان مع عقد التامني.
اهلوامش
1املقصود من التكييف هنا هو حتديد الطبيعة القانونية للتصرفات حمل البحث ،و هبذه املثابة ال ينصرف
هذا االصطالح اىل نظرية التكييف يف القانون الدويل اخلاص.
2تذهب املادة الثانية )2منها إىل أن الغرض من املؤسسة هو اتمني املستثمر العريب ،و املادة )18
منها تشرتط يف املستثمر الذي يقبل طرفا يف عقد التامني.
3اتفاقية فينا لقانون املعاهدات املربمة يف ،1969/05/23و ينبغي على أطراف االتفاقية الدولية التقيد
ابلشروط اليت وضعتها اتفاقية فينا خاصة إذا أراد األطراف االحتجاج هبا يف مواجهة جهات معينة.
4
)2 D.Carreau. P. Juillard.Droit international économique. 4eme
édition.1998.p 502-503
5هشام خالد د.هشام خالد،خصائص و طبيعة عقد الضمان،االستثمار العريب ،مؤسسة شباب اجلامعة
،1988ص299
7املادة 15من اتفاقية الوكالة الدولية لضمان االستثمار و املادة 7/15من اتفاقية املؤسسة العربية و
املادة -3/18أ من اتفاقية املؤسسة اإلسالمية لضمان االستثمار.
10هشام خالد،عقد ضمان االستثمار ،القانون الواجب التطبيق و تسوية املنازعات اليت تثور بشانه ،دار
الفكر اجلامعي االسكندرية ،طبعة ،2000ص 319
.11إبراهيم شحاتة ،الضمان الدويل لالستثمارات األجنبية،املرجع السابق،ص41
12امحد السعيد شرف الدين،عقود التامني و عقود الضمان واقعها احلايل و حكمها الشرعي ) مطبعة
حسان ،1986ص 57-56
13يقصد ابخلطر يف عقد التأمني احلادث االحتمايل املستقبل ،ومعين كون احلادث احتماليا أنه قد يقع
وقد ال يقع ،دون أن يكون وقوعه أو عدم وقوعه متوقفا علي إرادة أحد املتعاقدين ،بل أن ذلك موكول
إيل القدر وحده ،وذلك كموت املؤمن علي حياته أو بقائه حيا إيل وقت معني ،أو غرق البضاعة ،أو
حريق املنزل املؤمن عليه .فهذه وغريها أمور احتمالية ،قد حتدث وقد ال حتدث.