Professional Documents
Culture Documents
مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه
-دراسة مقارنة-
Portability range Settlement of administrative contract disputes
through arbitration (arbitrability) and the effects of resorting to it
-Comparative study-
1
عباس صادقي
Abbes SADEKI1
1ادلركز اجلامعي إيليزي (اجلزارر)sadeki.abbes@cuillizi.dz ،
اتريخ النشر2022/12/30 : اتريخ االستالم 2022/12/20 :اتريخ القبول2022/12/21 :
ملخص:
يقصد ابلقابلية للتحكيم مدى امكانية تسوية النزاع عن طريق التحكيم .ومن ادلالحظ أن حرص
ادلؤسسات ادلستثمرين األجانب على التمسك بشرط اللجوء ذلذه الوسيلة من وسارل تسوية النزاعات،
يهدف الستبعاد تطبيق قواعد القانون الوطٍت اليت يطبقها القاضي الوطٍت ادلختص ،وعلى ىذا األساس
فإن القواعد ادلوضوعية اليت تطبق على النزاع ىي يف الغالب قواعد األعراف التجارية الدولية ولوارح مراكز
وىيئات التحكيم الدويل ،وعليو سيكون الفصل وفقا لفلسفة التحكيم ودلنهجيتو الطبيعية كنظام "اتفاقي"
لتسوية ادلنازعات.
لقد سلط ىذه ادلقال الضوء على رلاالت إعمال التحكيم وآاثر اللجوء إليو يف منازعات العقود
اإلدارية .وشلا خلص إليو ضرورة أعادة النظر يف صياغة النصوص القانونية الوطنية خاصة ادلرتبطة ابلتحكيم،
وضرورة إعداد احملكمُت الوطنيُت دبراعاة حقيقة التنافس والطابع التجاري دلؤسسات التحكيم الدويل.
الكلمات املفتاحية :التحكيم ،القابلية للتحكيم ،العقود اإلدارية ،القضاء الوطٍت.
تصنيفات.K12, K33, K49. :JEL
Abstract:
Arbitrability means the extent to which a dispute can be settled by
arbitration. It is noted that the keenness of foreign investor institutions to
63
-دراسة مقارنة-مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه
: مقدمة.1
اتفاقا- وىو " اتفاق أطراف النزاع،من الوسارل ادلهمة يف تسوية النزاعات وسيلة التحكيم
ويكون القرار يف،جييزه القانون – على اختيار بعض األشخاص للفصل فيو بدال من القضاء ادلختص
فهو "نظام قضاري خاص خيتار فيو األطراف قضاهتم ويعهدون إليهم دبقتضى،1"ىذا الشأن ملزما ذلم
،اتفاق مكتوب دبهمة تسوية ادلنازعات اليت قد تنشأ أو نشأت ابلفعل خبصوص عالقاهتم التعاقدية
.2"واليت جيوز حسمها بطريق التحكيم وفقا دلقتضيات القانون والعدالة وإصدار قرار قضاري ملزم ذلم
أو يف اتفاق مستقل ملحق ابلعقد يتفق فيو األطراف،وقد يرد شرط التحكيم كبند من بنود العقد
ويف ىذه احلالة،على أن يتم الفصل يف ادلنازعات اليت قد تطرأ بينهم مستقبال عن طريق التحكيم
أما إذا وقع ىذا االتفاق بعد نشوء،"clause compromissoire" يسمى شرط التحكيم
.3"le compromis"النزاع فيسمى حينها مشارطة التحكيم
37
عباس صادقي
ولقد تعددت وجهات النظر بشأن طبيعة التحكيم كوسيلة لفض ادلنازعات؛ حيث قيل أبنو ذو
طبيعة قضارية ،وقيل أبنو ذو طبيعة اتفاقية عقدية .4وذىب اذباه اثلث العتباره ذو طبيعة سلتلطة( 5اتفاقية
وقضارية) ،فيما ذىب رأي آخر 6العتبار التحكيم نظام مستقل لو خصارصو وقواعده اليت سبيزه عن العمل
التعاقدي والعمل القضاري .وذُكر 7أبن التحكيم "ال يعترب ابدلعٌت الدقيق طريقا للتسوية الودية للنزاعات،
ولكنو ابألساس بديل جذري لعدالة القانون ادلشًتك".
ىذا ،ويذكر 8أبنو ال يوجد اتفاق حول تعريف التحكيم يف القانون اخلاص ،وىي ادلالحظة اليت
ت صح أيضا ابلنسبة للتحكيم يف القانون العام ،ويرى ىذا الرأي بضرورة توافر أربعة عناصر (معايَت) لوصف
وسيلة التسوية ابلتحكيم وىي "أنو نظام اتفاقي للتسوية ،يقوم من خاللو زلكم أو زلكمون (أفراد)،
خيتارون من قبل األطراف ،إلصدار قرار يفصل يف النزاع" .مع اإلشارة إىل أن طبيعة األطراف أو طبيعة
النزاع ليست معايَت زلددة أو معرفة.
وإذا كان نظام التحكيم قد ُعرف كنظام لتسوية النزاعات بُت اخلواص واستقرت قواعده ،وأجازتو
أغلب التشريعات ،فإن اعتماده كوسيلة لتسوية نزاعات عقود الدولة-دبا فيها العقود اإلدارية-مل يكن على
ىذا النحو ،حيث مل تتم إجازتو إال حديثا ،ومل يتم النص على أحكامو وضوابط للجوء إليو إال يف العقود
األخَتة .فما ىو موقف التشريعات ادلقارنة والتشريع اجلزارري من التحكيم يف العقود اإلدارية؟ وما ىي
حدود إعمالو وآاثر اللجوء إليو؟
إجابة على ذلك يتم التطرق لنقطتُت أساسيتُت :أوذلما حبث جواز اللجوء للتحكيم يف العقود
اإلدارية ،مث النظر يف "مدى قابلية التحكيم" أي رلاالت التحكيم وآاثره يف ىذا النوع من العقود .وذلك
ابعتماد ادلنهج ادلقارن وادلنهج التحليلي .على أن يتم استخالص أىم النتارج وذكر بعض ادلقًتحات.
.2جواز اللجوء للتحكيم يف العقود اإلدارية
يتم فيما يلي حبث جواز اللجوء للتحكيم يف العقود اإلدارية يف القانون الفرنسي والقانون
ادلصري ،مث يف القانون اجلزارري.
1.2جواز اللجوء للتحكيم يف العقود اإلدارية يف القانون الفرنسي
38
مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه-دراسة مقارنة-
حث ادلشرع الفرنسي على سلوك سبل التسوية البديلة للنزاعات وبصفة خاصة التحكيم إىل
دبوجب قانون 24-16أغسطس ،1790حيث أن ثوار "الثورة الفرنسية" أبدو قلقهم من القضاة ومن
تفسَتىم للقانون شلا دفعهم دلأسسة التحكيم .وقد قررت ادلادة الثانية من ىذا القانون حرية احملكمُت يف
عدم االلتزام ابلتطبيق الصارم للقانون واألشكال واالجراءات القضارية ،وحبرية االختيار بُت قواعد القانون
ومبادئ االنصاف عند إصدار أحكامهم التحكيمية.9
وخالفا لذلك ،نص القانون ادلدين لسنة 1804على عدم جواز جلوء األشخاص العامة للتحكيم،10
وىو ما تضمنتو ادلادة .112060واستثناء من ذلك أجاز قانون الطلب العمومي جلوء اذليئات العامة
ادلتعاقدة للتحكيم "ابلنسبة للنزاعات ادلتعلقة ابلتنفيذ ادلايل لألشغال العامة وعقود التوريد للدولة والسلطات
احمللية" ،ويف احلاالت اليت جييز فيها القانون ذلك .12على أن أيذن ابلتحكيم دبوجب مرسوم صادر عن
الوزير ادلختص والوزير ادلسؤول عن االقتصاد ابلنسبة لعقود اإلدارة ادلركزية.13
2.2جواز اللجوء للتحكيم يف العقود اإلدارية يف القانون املصري
أجاز التشريع ادلصري صراحة التحكيم يف العقود اإلدارية دبوجب القانون رقم 9لسنة 1997
ادلعدل للقانون رقم 27لسنة 1994اخلاص ابلتحكيم يف ادلواد ادلدنية والتجارية ،واشًتطت ادلادة األوىل
منو أن تتم إجازة شرط التحكيم دبوافقة الوزير ادلختص وال جيوز لو تفويض ىذا االختصاص.14
وقبل التعديل ادلذكور (سنة )1997تعددت آراء الفقو واجتهادات القضاء إزاء تفسَت نصوص
القانون احملدد الختصاصات رللس الدولة ،مث ازاء القانون 27لسنة ،1994وأثناء سراين ىذا األخَت
قبل تعديلو وحسما للمسألة ،أفىت رللس الدولة " بعدم صحة شرط التحكيم يف منازعات العقود اإلدارية"
.15شلا أاثر اخلالف بُت رليز للتحكيم ومانع لو-بدليل عدم ورود العقود اإلدارية ضمن مواد ىذا
وحال للخالف ادلشار إليو صدر تعديل لقانون التحكيم ابلقانون رقم 9لسنة 1997إبضافة القانون -ا
فقرة اثنية إىل ادلادة األوىل منو ،وذلك على النحو التايل ":وابلنسبة إىل منازعات العقود اإلدارية يكون
االتفاق على التحكيم دبوافقة الوزير ادلختص أو من يتوىل اختصاصو ابلنسبة لألشخاص االعتبارية العامة،
وال جيوز التفويض يف ذلك".
3.2جواز اللجوء للتحكيم يف العقود اإلدارية يف القانون اجلزائري
39
عباس صادقي
نصت ادلادة 442من قانون اإلجراءات ادلدنية الصادر سنة ( 1966ادللغى) على أنو " :ال
ُ
جيوز للدولة ولألشخاص العامة اللجوء إىل التحكيم" .وبقي ىذا احلكم حىت صدور ادلرسوم التشريعي رقم
12-93ادلؤرخ يف 1993-10-5الذي أجاز يف ادلادة 41منو شرط التحكيم ،16ودبوجبو مت تعديل
قانون اإلجراءات ادلدنية ادلذكور ،فأصبحت ادلادة 442تنص على أنو " ال جيوز لألشخاص العامة اللجوء
إىل التحكيم إال يف عالقات التجارة الدولية".
وبعد إلغاء القانون القدمي وصدور قانون اإلجراءات ادلدنية والتجارية سنة 2008فقد نصت
ادلادة 1006منو على أنو " ال جيوز لألشخاص ادلعنوية العامة أن تطلب التحكيم ،ما عدا يف عالقاهتا
االقتصادية الدولية أو يف إطار الصفقات العمومية" .وما يظهر من ىذا النص أن التشريع اجلزارري جييز
التحكيم يف العقود اإلدارية الدولية ،وجييزه أيضا يف إطار الصفقات العمومية اليت قد تربم مع متعاملُت
وطنيُت أو أجانب.
ومن جهة أخرى ،فقد نصت ادلادة 24من القانون رقم 09-16ادلتضمن ترقية االستثمار
على أن" :خيضع كل خالف بُت ادلستثمر األجنيب والدولة اجلزاررية ،يتسبب فيو ادلستثمر ،أو يكون بسبب
إجراء ازبذتو الدولة اجلزاررية يف حقو ،للجهات القضارية اجلزاررية ادلختصة اقليميا ،إال يف حالة وجود
اتفاقيات ثنارية أو متعددة األطراف أبرمتها الدولة اجلزاررية ،تتعلق ابدلصاحلة والتحكيم ،أو يف حالة وجود
اتفاق مع ادلستثمر ينص على بند تسوية يسمح للطرفُت ابالتفاق على ربكيم خاص" .وىو ذات احلكم
الذي تضمنتو ادلادة 17من األمر رقم 03-01ادلتعلق بتطوير االستثمار ،ادلعدل وادلتمم(ادللغى) وتضمنو
قبل ذلك نص ادلادة 41من ادلرسوم التشريعي رقم (1712- 93ادللغى).
وابستقراء نصوص القانون على ضوء ما قرره ادلشرع اجلزارري يف ادلادة 1006من قانون
اإلجراءات ادلدنية واإلدارية أنو " ميكن لكل شخص اللجوء إىل التحكيم يف احلقوق اليت لو مطلق التصرف
فيها ".يتبُت أن احملكم ال يستطيع أن يعلن عدم مشروعية ىذه القرارات ،كما أنو ال ميكن أن تكون زلال
للمنازعة أمام ىيئة التحكيم ،ومرد ذلك عدم توافر معيار ادلنازعة اإلدارية القابلة للتحكيم يف ىذا النوع من
ادلنازعات ،وىو تعلق ادلنازعة حبق مايل يقبل الصلح والتصرف فيو والذي يكون زللو قضاء حقوق.
وبتطبيق ىذا ادلعيار العام على ادلنازعات الناشئة عن العقود اإلدارية يتضح أن الذي جيوز اللجوء إىل
التحكيم بشأنو يقتصر فقط على ما يتمخض عن العقد اإلداري من حقوق مالية تقبل الصلح والتصرف
40
مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه-دراسة مقارنة-
دون أن يشمل فحص مشروعية القرارات اإلدارية القابلة لالنفصال عن العقد ،ذلك أن الطبيعة القانونية
للمنازعات ادلتعلقة هبذه القرارات واليت تنتمي إىل قضاء ادلشروعية ال ميكن أن زبضع للتحكيم ،وتعترب
دعوى اإللغاء ىي الوسيلة الوحيدة لفحص مشروعية ىذه القرارات".18
.3حدود وأثر إعمال التحكيم يف منازعات العقود اإلدارية
شلا سبق ،يتبُت أن اللجوء للتحكيم ال يكون بصدد كل ادلنازعات احملتمل وقوعها ،كما أن للجوء
إليو لو أاثر قانونية واقتصادية مهمة ،وىو ما يتم التطرق لو فيما يلي.
1.3القابلية للتحكيم وحدود اللجوء إليه يف منازعات العقود اإلدارية
إن من أىم أسس التحكيم ىي ما يعرف ابلقابلية للتحكيم ( .)l'arbitrabilitéويقصد هبذا
ادلصطلح "مدى امكانية تسوية النزاع عن طريق التحكيم ،وذلك مرتبط ابإلجابة على السؤال :ما إذا كان
موضوع الدعوى سلصصا للمحاكم الوطنية أم ال دبوجب أحكام القوانُت الوطنية" وىي "القابلية للتحكيم
ادلوضوعية" فقد يكون موضوع النزاع يتعلق دبسألة حساسة تتعلق ابلسياسة العامة للدولة ويقع الفصل فيها
حصرا ضمن اختصاص احملاكم الوطنية دبوجب القانون الوطٍت .كما أن القابلية للتحكيم قد تتوقف على
مدى السماح ذليئات أو كياانت قانونية معينة ابللجوء للتحكيم بناء على قانون أو إذن وىي "قابلية
التحكيم الشخصي" .وعلى ىذا األساس ترتبط القابلية للتحكيم بتطور القواعد العامة للعقود اإلدارية،
فال يقبل شرط التحكيم إال إذا أجازه القانون صراحة ،أو مل مينع من اتباعو ،أو يستنتج اجازتو من خالل
الصالحيات اليت خيوذلا القانون للسلطات العامة.19
وهبذا الصدد فإنو من ادلقرر 20أبن "للعدالة اإلدارية صلة ابلقانون اإلداري بقدر ما ربدده قواعد
اختصاص القضاء اإلداري .حيث أن اختصاص السلطة القضارية ابلفصل يف كل ادلنازعات ىو اختصاص
أصيل ،يعرب عن سيادة الدولة يف فرض قانوهنا الداخلي بواسطة السلطة ادلختصة بذلك "القضاء" .وىذا
الوضع الطبيعي والدستوري مل يواءم نظرة ادلؤسسات التجارية والصناعية كالشركات متعددة اجلنسيات مثال،
زبوفها من خضوعها للقانون وللقضاء الوطنيُت يف الدول ادلضيفة ،يف حال نشبت فهذه األخَتة أبدت ُّ
بينهما خالفات حول تنفيذ العقود اليت تُربمها معها ،واستعاضت عن ذلك ابشًتاطها للتحكيم .ومل يكن
ىذا األمر زلل موافقة من قِبل الدول ،21إذ رأت يف ىذا االشًتاط اىتزازا للثقة يف مؤسساهتا القضارية
ادلاسة خلدمات تلك ادلؤسسات والشركات ،وعجز كثَت من الدول على االستغناء الوطنية .إال أن احلاجة ّ
41
عباس صادقي
عنها يف تنفيذ برارلها واصالحاهتا االقتصادية ،دفعها للقبول بشرط التحكيم وتنازذلا عن شلارسة سلطاهتا
القضارية.22
وبصدد حبث مشروعية الفصل يف النزاع عن طريق التحكيم ميارس القضاء اإلداري دورا ىاما يف
التحقق من العناصر سالفة الذكر (القابلية للتحكيم) ،عند مراجعتو حلكم التحكيم .ويف ذلك قضى رللس
الدولة الفرنسي يف قراره الصادر بتاريخ 2016-11-9أبن القاضي اإلداري خيتص ابلفصل-يف ادلقام
األول-فيما إذا كان النزاع ميكن أن يكون ابلفعل موضوع ربكيم ،مث يسلط رقابتو على نقاط زلددة يف
حكم التحكيم وىي :صحة تشكيل زلكمة التحكيم وسالمة صدور حكمها ،والتأكد من حيادىا .مث
ينظر ما يتعلق ابلرقابة ادلوضوعية من حيث صحة إبرام العقد ادلعٍت ابلتحكيم من حيث تكوينو
ومشروعيتو ...وأنو ال يتضمن تنازال عن أي من صالحيات السلطات العامة وال ينطوي على أي سلالفة
للنظام العام.23
2.3أاثر اللجوء للتحكيم يف منازعات العقود اإلدارية
إن التساؤل العام الذي أاثره التحكيم ىو كيف ميكن أن تكون النزاعات ادلتعلقة "بسيادة
الدولة" بُت أايدي عدد قليل من احملكمُت اخلواص24؟ أما التساؤل الرريس الذي أاثره التحكيم كوسيلة
لفض منازعات العقود اإلدارية ىو مدى أتثر األخَتة ابلقانون الذي تطبقو ىيئة التحكيم عندما ال يفرق
بُت قواعد القانون العام وقواعد القانون اخلاص استنادا إلرادة األطراف يف اختيار القانون الواجب التطبيق
أو عند اذباه احملكم الختيار ىذا القانون عند غياب إرادة األطراف.25
فقد نصت ادلادة 1023من قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية على أن "يفصل احملكمون وفقا
لقواعد القانون" .ونصت ادلادة ( 1050ربت عنوان التحكيم التجاري الدويل) على أن "تفصل زلكمة
التحكيم يف النزاع عمال بقواعد القانون الذي اختاره األطراف ،ويف غياب ىذا االختيار تفصل حسب
قواعد القانون واألعراف اليت تراىا مالرمة" .وذبدر االشارة إىل أن قانون احملروقات 26رقم 07-05ادلعدال
ُ
وادلت امم ،قد تضمن حكما يف غاية األمهية ،فقد نصت ادلادة 58منو بعد ذكرىا لتسوية اخلالفات الناشئة
ُ
عن تنفيذ عقود احملروقات بطريقي ادلصاحلة والتحكيم على أن" :يُطباق القانون اجلزارري ،وال سيما ىذا
القانون والنصوص ادلتخذة لتطبيقو لتسوية اخلالفات" .فهل مفاد ىذا النص ىو السماح بتطبيق التحكيم
كأسلوب معروف لتسوية ادلنازعات خيتار فيو األطراف زلكميهم والقانون ادلطبّق عليهم-كما نصت على
42
مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه-دراسة مقارنة-
ذلك ادلادة 1050ادلذكورة أنفا-أو يُقصد بو ضرورة تطبيق القانون اجلزارري (وال سيما قانون احملروقات)
حىت يف حالة اللجوء للتحكيم الدويل؟
.4اخلامتة:
إن اآلاثر احلقيقية ادلًتتبة على إجازة التحكيم يف العقود اإلدارية تتجسد عمليا يف الصعوابت
وادلخاطر ادلالية واالقتصادية اليت تلحق ابلطرف ادلتضرر الذي غالبا ما يكون الدولة.
ففي أغلب الدول (خاصة العربية) 27تتواصل ربذيرات اخلرباء من آاثر التحكيم ادلالية ،خاصة يف
ادلشاريع الكربى اليت تتعاقد فيها الدولة مع الشركات وادلؤسسات األجنبية .28ودلواجهة ذلك مت اقًتاح
"إصالح كامل منظومة العقود الدولية من أول التفاوض على العقد حىت صياغتو وتوقيعو وتنفيذه ومتابعتو
وحل ادلشاكل النامجة ،كي ال نضطر إىل التحكيم الدويل ،ووجوب إعادة النظر يف كل ما يتعلق ابلتحكيم
والتسوايت وضماانت االستثمار واتفاقيات ضمان ومحاية االستثمار.29"...
وابلنظر دلا سبق ،يستحسن ذكر ادلقًتحات التالية:
-1االعتماد على اخلربة الوطنية وإعداد اسًتاتيجية واضحة لتكوين زلكمُت وخرباء وطنيُت ،من
خالل تكوين متخصص أيخذ بعُت االعتبار مناىج وتقنيات التحكيم ،التفاوض حول العقود احلكومية
وفن صياغتها ،ادلنطق التنافسي والرحبي دلؤسسات التحكيم الدويل،
-2إيالء عناية خاصة بصياغة النصوص القانونية ذات العالقة (قانون الصفقات العمومية)،
وكذلك حسن صياغة العقود والعمل على ذبنب غموض النصوص وتضارهبا وتناقضها ،وهتيئتها لتكون
نصوص مرجعية قابلة للتطبيق على منازعات العقود الدولية بصفة خاصة.
-3العمل على ضمان شفافية إبرام العقود والصفقات العمومية وحسن صياغة بنودىا.
.5قائمة املراجع:
أوال :املصادر واملراجع ابللغة العربية
-1املؤلقات:
-أمحد عبد الكرمي سالمة ،التحكيم يف ادلعامالت ادلالية الداخلية والدولية ،دار النهضة العربية.2006 ،
43
عباس صادقي
-علي عبد األمَت قبالن ،أثر القانون اخلاص على العقد اإلداري ،ج ،2ط ،1مكتبة زين احلقوقية
واألدبية ،لبنان.2011 ،
-ماجد راغب احللو ،التحكيم يف العقود اإلدارية ،دار اجلامعة اجلديدة ،االسكندرية ،مصر.2004 ،
-زلمود سلتار أمحد بريري ،التحكيم التجاري الدويل ،ط ،3دار النهضة العربية ،القاىرة ،مصر.2007 ،
-وارل عز الدين يوسف ،التحكيم يف العقود اإلدارية ذات الطابع الدويل دراسة مقارنة بُت مصر وفرنسا
والدول العربية ،دار النهضة العربية ،القاىرة ،مصر.2010 ،
-2األطروحات والرسائل اجلامعية:
-نساخ سفيان ،التحكيم يف عقود استغالل النفط يف القانون اجلزارري ،مذكرة ماجستَت ،كلية احلقوق
والعلوم السياسية ،جامعة عبد الرمحان مَتة جباية.2014-2013،
-سليم بشَت ،احلكم التحكيمي والرقابة القضارية ،أطروحة دكتوراه ،كلية احلقوق ،جامعة احلاج خلضر
ابتنة.2012-2011 ،
-عديل دمحم عبد الكرمي ،النظام القانوين للعقود ادلربمة بُت الدول واألشخاص األجنبية ،أطروحة دكتوراه،
كلية احلقوق والعلوم السياسية ،جامعة أيب بكر بلقايد تلمسان.2011-2010 ،
-دمحم بن عمر ،أثر التحكيم على العقود اإلدارية يف التشريع اجلزارري وادلقارن-الصفقات العمومية منوذجا-
مذكرة ماجستَت ،كلية احلقوق والعلوم السياسية ،جامعة دمحم بوضياف ادلسيلة.2016-2015 ،
-3املقاالت:
-صربينة جبايلي ،سلتار بو عبد هللا ،التحكيم واختصاص القاضي اإلداري يف منازعات العقود اإلدارية يف
ضوء قانون اإلجراءات ادلدنية واإلدارية ،09-08رللة العلوم اإلنسانية ،جامعة قسنطينة ،1اجمللد أ،
العدد ،43جوان .2015
-4النصوص القانونية
-ادلرسوم التشريعي 12-93ادلؤرخ يف 1993-10-5ادلتعلق بًتقية االستثمار (ادللغى) ،ج.رج.ج،
عدد 1993-64مؤرخة يف .1993-10-10
-ادلرسوم التشريعي رقم 12-93ادلؤرخ يف 19ربيع الثاين عام 1414ادلوافق 5أكتوبر ،1993ادلتعلق
بًتقية االستثمار ،ج ر ج ج عدد ،1993/64مؤرخة يف .1993-10-10ملغى بنص ادلادة 35
من األمر رقم 03-01ادلعدل وادلتمم ادلتضمن ترقية االستثمار ادللغى أيضا دبوجب نص ادلادة 38من
44
مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه-دراسة مقارنة-
:االحاالت واهلوامش
.162 . ص،2004 ، مصر، االسكندرية، دار اجلامعة اجلديدة، التحكيم يف العقود اإلدارية، ماجد راغب احللو1
وارل عز: مقتبسُت عن.19. ص،2006 ، دار النهضة العربية، التحكيم يف ادلعامالت ادلالية الداخلية والدولية، أمحد عبد الكرمي سالمة2
، مصر، القاىرة، دار النهضة العربية، التحكيم يف العقود اإلدارية ذات الطابع الدويل دراسة مقارنة بُت مصر وفرنسا والدول العربية،الدين يوسف
.18 . ص،2010
.6 . ص،2007 ، مصر، القاىرة، دار النهضة العربية،3 ط، التحكيم التجاري الدويل، زلمود سلتار أمحد بريري3
4
ASSILA Yassine, Le caractère contractuel et juridictionnel de l'arbitrage commercial,
Article publié le 15/04/2016, Disponible sur le site :(16-10-2020 À l'heure 13:00)
https://www.conseil-juridique.net/assila-yassine/article/caractere-contractuel-
juridictionnel-arbitrage-
.288 . ص،2011 ، لبنان، مكتبة زين احلقوقية واألدبية،1 ط،2 ج، أثر القانون اخلاص على العقد اإلداري، علي عبد األمَت قبالن5
-2011 ، جامعة احلاج خلضر ابتنة، كلية احلقوق، أطروحة دكتوراه، احلكم التحكيمي والرقابة القضارية، سليم بشَت: مزيد من التفصيل أنظر6
.68-56 . ص ص،2012
7
Laurent JOURDAA, Le développement des règlements conventionnels des litiges en
droit administratif, Colloque "De la mobilisation du fait à la réalisation du droit", Oct
2014, TOULON, France, p. 15. https://hal.archives-ouvertes.fr/hal-01911627
46
-دراسة مقارنة-مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه
8
Eleanor MCGRIGOR, L’arbitrage en droit public suisse Une comparaison avec la
France, les États-Unis et l’arbitrage d’investissement, L.G.D.J, 2015, pp. 9-11.
9
Christophe JUHEL, ARBITRAGE EN ARBITRAGE, ARBITRAGE EN ÉQUITÉ :
perspectives historiques, Annales de l’université d’Alger, Volume 25, No1, 2014, pp. 132-
133.
10
François DESSEILESS, Les musées à forme d’établissement public administratif
peuvent-ils recourir à l’arbitrage ?, Revue de la Faculté de droit de l’Université de Liège,
3/2015, p. 506.
: من القانون ادلدين على ما يلي2060 تنص ادلادة11
"On ne peut compromettre sur les questions d'état et de capacité des personnes, sur celles
relatives au divorce et à la séparation de corps ou sur les contestations intéressant les
collectivités publiques et les établissements publics et plus généralement dans toutes les
matières qui intéressent l'ordre public….".
: من قانون الطلب العمومي على ما يليL2197-6 تنص ادلادة12
"Par dérogation aux dispositions du premier alinéa de l’article 2060 du code civil, le
recours à l’arbitrage pour le règlement des litiges opposant les personnes publiques à
leurs cocontractants dans l’exécution des marchés publics est possible pour les litiges
relatifs à l’exécution financière des marchés publics de travaux et de fournitures de
l’Etat..."
: من قانون الطلب العمومي على ما يليR2197-25 تنص ادلادة13
"Pour l’Etat, le recours à l’arbitrage dans les cas mentionnés à l’article L. 2197-6 est
autorisé par décret pris sur le rapport du ministre compétent et du ministre chargé de
l’économie".
مقتبس،2006-04-23 بتاريخ،53 للسنة ق11498 حكم صادر يف الدعوى رقم، زلكمة القضاء اإلداري دبصر: يف بيان ذلك14
. وما بعدىا590 ص، ادلرجع السابق، دمحم عبد اجمليد امساعيل:عن
رلموعة ادلبادئ اليت قررهتا اجلمعية العمومية،1997-2-22 بتاريخ،339/1/54 فتوى صادرة يف ادللف رقم، رللس الدولة دبصر15
. وما بعدىا132 . ص،2000 إىل يونيو سنة1996 من أكتوبر سنة،1 ج،لقسمي الفتوى والتشريع
-10 مؤرخة يف1993-64 عدد،ج.رج. ج،) ادلتعلق بًتقية االستثمار (ادللغى1993-10-5 ادلؤرخ يف12-93 ادلرسوم التشريعي- 16
.1993-10
ج ر ج ج عدد، ادلتعلق بًتقية االستثمار،1993 أكتوبر5 ادلوافق1414 ربيع الثاين عام19 ادلؤرخ يف12-93 ادلرسوم التشريعي رقم- 17
ادلعدل وادلتمم ادلتضمن ترقية االستثمار ادللغى أيضا03-01 من األمر رقم35 ملغى بنص ادلادة.1993-10-10 مؤرخة يف،1993/64
-3 مؤرخة يف،2016/46 رقم،ج.ج.ر. ج، ادلتضمن ترقية االستثمار2016-8-3 ادلؤرخ يف09-16 من القانون38 دبوجب نص ادلادة
.2016-8
التحكيم واختصاص القاضي اإلداري يف منازعات العقود اإلدارية يف ضوء قانون اإلجراءات ادلدنية، سلتا ر بو عبد هللا، صربينة جبايلي18
.255 . ص،2015 جوان،43 العدد، اجمللد أ،1 جامعة قسنطينة، رللة العلوم اإلنسانية،09-08 واإلدارية
19
Eleanor MCGRIGOR, L’arbitrage en droit public suisse Une comparaison avec la
France, les États-Unis et l’arbitrage d’investissement, L.G.D.J, 2015, p. 449.
20
Pierre DELVOLVÉ, (INTERVENTION) Colloque du 17 septembre 1990 à la
Chambre de commerce et d'industrie de Paris, Association Française D'arbitrage, Paris,
1990, p. 16.
47
عباس صادقي
48
مدى قابلية تسوية منازعات العقود اإلدارية عن طريق التحكيم وأاثر اللجوء إليه-دراسة مقارنة-
ادلعروف ... ،والقاضي السابق واخلبَت القانوين ادلستشار ىشام رجب" .ندوة" جريدة ادلصري اليوم ،اتريخ .2018-10-24اتريخ االطالع
الرابط على متاح )8:40 الساعة (2020-11-22
https://www.almasryalyoum.com/news/details/1336593
49