Professional Documents
Culture Documents
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
International trade contracts negotiation - negotiation freedom and good-will
principle -
بوناح عبدالنور
جامعة باجي مختار عنابة(الجزائر)،
abdenour125@gmail.com
1Julie joly - Hurard, conciliation et médiation judiciaires, presses universitaires d’Aix Marseille,
2003, p 90.
بوناح عبدالنور
ــــــــ
يتحدد موضوعه ،إال بطريقة جزئية ال تكفي في جميع األحوال النعقاد العقد" ،1فعند التمعن في التعريف
السالف الذكر ،نجد أنه قد تضمن اإلشارة إلى اتفاق التفاوض (عقد التفاوض) ،والذي يتعهد بموجبه أطرافه
بالدخول في التفاوض ،والسير فيه إلى غاية إبرام العقد النهائي املنشود.
من خالل التعاريف السابقة للتفاوض في مجال العقود ،تبرز لنا العديد من الخصائص في هذا األخير
تتمثل في أن التفاوض عملية تواصلية تمهد للعقد النهائي ،تتطلب طرفين على األقل ،يتوليان التوفيق بين
مصالحهما املتعارضة بغية الوصول إلى إبرام العقد املنشود ،الذي قد ينعقد عند نهاية املفاوضات كما قد
تنقطع هذه األخيرة دون بلوغ ذلك اإلبرام.
ثانيا -أهمية التفاوض على عقود التجارة الدولية
التفاوض باعتباره ظاهرة اجتماعية ،هو ليس وليد اليوم ،فقد مورس مند القدم في جميع املجاالت ،إال أن
أهميته لم تكن باألهمية التي هو عليها اآلن ،فقد زادت كثيرا في القرنين املاض ي والحالي ،نتيجة للتطور الحاصل في
جميع املجاالت ،2خاصة في مجال إبرام العقود ذات األهمية االقتصادية الكبيرة ،التي صار التفاوض عليها ذو
أهمية ال تقل عن أهمية تنفيذها ،باعتبار أن التفاوض الجيد يضمن التنفيذ الناجح لها ،وهو ما نجده منطبقا
على عقود التجارة الدولية ،فنتيجة لقيمتها االقتصادية الكبيرة فإنها ال تتم بإيجاب وقبول فوريين ،بل تحتاج إلى
مفاوضات قد تطول وقد تقصر ،يتم من خاللها مناقشة جميع العناصر املتعلقة بمحلها ،ليكون التطابق بين
اإليجاب والقبول الناتج بين أطرافها ما هو إال نتيجة طبيعية للتفاوض عليها.
هذا وتلعب فاملفاوضات دورا وقائيا ،سواء تم إبرام العقد التجاري الدولي أو لم يبرم ،3من خالل املساهمة
بشكل كبير في خفض احتمال وقوع نزاع بين األطراف املتفاوضة طيلة مدة سريان العقد ،فمن خالل التفاوض
يعرف كل طرف حقوقه والتزاماته ،واملسؤولية املترتبة عن اإلخالل بهذه األخيرة ،وطرق تسوية النزاعات الناشئة
عنه ،والقانون الواجب التطبيق عليه ،4كما تعد املفاوضات مرجعا هاما في تفسير العقد خالل مرحلة التنفيذ
إذا ما نشأ نزاع حول شرط من شروطه ،5وذلك بالرجوع ملا تتضمنه من دراسات متبادلة ومناقشات ،تستند إليها
1نبيل إسماعيل الشبالق ،الطبيعة القانونية ملسؤولية األطراف في مرحلة ما قبل العقد :دراسة في العقود الدولية لنقل
التكنولوجيا ،مجلة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،املجلد ،2العدد ،2103 ،12ص.301
2- Mahmoud El sehly, La période précontractuelle : Étude comparée des régimes français et
égyptien, thèse pour obtenir le doctorat en droit, Université de Toulouse, 2018, p 09.
3أحمد عبد الكريم سالمة ،النظام القانوني ملفاوضات العقود الدولية ،مجلة األمن والقانون ،مجلد ،00عدد ،10أكاديمية
شرطة دبي ،2113 ،ص .232
4وافية بوعش ،عن اختالل التوازن في عقد ترخيص استغالل العالمة التجارية ،مجلة أبحاث قانونية وسياسية ،العدد ،10
جامعة محمد الصديق بن يحي ،جيجل ،2102 ،ص .302
5نصير يزيد أنيس ،مرحلة ما قبل إبرام العقد :دراسة مقارنة ،نظرية الخطأ في أثناء التفاوض والقطع التعسفي للمفاوضات،
مجلة املنارة للبحوث والدراسات ،ج ،10مجلد ،10العدد ،13جامعة آل البيت ،2110 ،ص .20
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
الجهة املختصة في الفصل في النزاع ،سواء كانت هذه األخيرة محكمة أو هيئة تحكيم ،للتعرف على إرادة
املتعاقدين املشتركة ،وما قد اتجهت إلى إحداثه خالل املفاوضات التمهيدية.1
الفرع الثاني :ماهية عقود التجارة الدولية
عقود التجارة الدولية باعتبارها محل التفاوض في دراستنا ال بد من بيان ماهيتها ،من خالل التعرض أوال
إلى مفهومها (أوال) ،ثم االنتقال إلى بيان أنواعها (ثانيا) ،والهيئات املكلفة بها (ثالثا).
أوال -مفهوم عقود التجارة الدولية
لقد اتسع الجدال حول مفهوم العقد التجاري الدولي ،فالفقهاء لم يتفقوا على تعريف جامع مانع له،
ومرد ذلك إلى املعيار املعتمد في تحديد دولية العقد التجاري ،حيث نجد كل من املعيار القانوني واالقتصادي،
باإلضافة إلى معيار ثالث عرف باملعيار املزدوج تولى الجمع بين هذين األخيرين.
-0املعيارالقانوني
يعتبر العقد دوليا وفقا للمعيار القانوني إذا ارتبطت عناصره القانونية بأكثر من نظام قانوني واحد ،هذه
العناصر قد تتعلق بأطرافه كاختالف جنسيتهم أو موطنهم ،كما قد تتعلق بالعقد كاختالف مكان إبرام العقد عن
مكان تنفيذه.2
لقد بين املشرع التونس ي متى يعتبر العقد دوليا بموجب املادة 12من القانون ،300-02التي جاء نصها":
تعتبر دولية ،العالقة القانونية التي ألحد عناصرها املؤثرة على األقل صلة بنظام أو بعدة أنظمة قانونية غير
النظام القانوني التونس ي" ،يفهم من املادة السالفة الذكر أن املشرع التونس ي اعتبر العالقة القانونية دولية متى
كان أحد عناصرها املؤثرة لها صلة بدولة أو أكثر غير الدولة التونسية ،كأن يكون موطن أحد أطراف العقد ليس
في تونس ،أو أن مكان أو تنفيذ العقد لم يتم في هذه األخيرة.
تجدر اإلشارة إلى أن اختالف جنسية طرفي العقد ال يكفي لجعل هذا األخير دوليا مالم يشتمل على عنصر
أجنبي آخر كاختالف موطنهما ،وهو الحكم الذي تضمنته املادة 10من اتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود البيع
الدولي للبضائع ،التي جاء نصها ":تطبق أحكام هذه االتفاقية على عقود بيع البضائع املعقودة بين أطراف توجد
-1ميثاق طالب عبد حمادي الجبوري ،النظام القانوني لعقد الترخيص باستعمال العالمة التجارية :دراسة مقارنة ،ط ،10دار
الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،2100-2102،ص ص ،012-010أنظر كذلك:
Mahmoud EL Sehly,op.cit,p.16
2محمد حبار ،القانون الدولي الخاص ،ط ،10الرؤى للنشر والتوزيع ،الجزائر ،2103 ،ص .022
3القانون رقم ،00-02الصادر في 20نوفمبر ،0002املتضمن إصدار مجلة القانون الدولي الخاص التونسية ،الرائد الرسمي،
عدد ،02الصادر بتاريخ 0ديسمبر .0002
بوناح عبدالنور
ــــــــ
أماكن عملهم في دول مختلفة ،...ال تؤخذ في االعتبار جنسية األطراف وال الصفة املدنية أو التجارية لألطراف أو
للعقد في تحديد تطبيق هذه االتفاقية".
-0املعيار االقتصادي
يعود الفضل للقضاء الفرنس ي في وضع املعيار االقتصادي الذي يتم بموجبه تحديد دولية العقد ،حيث
كانت البداية مع قضاء MATTERالذي اعتبر العقد الدولي :ذلك العقد الذي ينتج " حركة مد وجزر عبر الحدود،
تبادل قيم بين البلدين" ،هذا التعريف لم يدم العمل به طويال ،فقد أعقبه صدور قرارين ملحكمة النقص
الفرنسية ":يعتبر العقد دوليا إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية" ،1كأن يترتب عليه نقل بضاعة من دولة ألخرى
مقابل نقل الثمن من الثانية إلى األولى.
بالرجوع لقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية ،210-12نجد أن املشرع الجزائري قد اعتبر بموجب املادة
0130التحكيم التجاري دوليا ،التحكيم الذي يخص النزاعات املتعلقة باملصالح االقتصادية لدولتين على األقل،
أي أنه أخذ باملعيار االقتصادي دون القانوني ،في حين كان األمر مختلف في ظل املرسوم التشريعي ،10-03الذي
سبق له األخذ باملعيارين القانوني واالقتصادي ،بموجب املادة 252مكرر منه،
تجدر اإلشارة إلى أن نص املادة 0130قد تضمن عبارة " املصالح االقتصادية لدولتين" بدال من عبارة"
مصالح التجارة الدولية" ،إذ نعتقد أن كال العبارتين تؤديان نفس املعنى ،كما أن عبارة " لدولتين على األقل" ،ال
يقصد منها وجوب اختالف جنسية أطراف العقد حتى يعتبر دوليا ،وإنما تفيد تعلق النزاع بمصالح اقتصادية
ألكثر من دولة ،ومن التطبيقات القضائية الفرنسية التي أكدت ذلك ،نجد القرار الصادر عن مجلس قضاء
باريس في 03ديسمبر ،00055الذي اعتبر العقد دوليا "العقد املبرم بين فرنسيين ،حيث كان أحدهما يقطن
بكندا ،تم إعطاءه وكالة من أجل ضمان البيع في كندا و الواليات املتحدة األمريكية ،أنابيب تم إنتاجها في فرنسا
و بهذا تكون قد أدت إلى إعمال مصالح التجارة الدولية ".3
هذا وقد اعتبر األستاذ محمد حبار 4أنه ":متى اعتبر العقد دوليا باملعيار القانوني ،فإنه ال يكون حتما دوليا
باملعيار االقتصادي ،غير أن العكس يبقى غير صحيح" ،معنى ذلك أن كل عقد دولي باملعيار االقتصادي هو عقد
دولي باملعيار القانوني.
1Cf. Civ. 19 février 1930 et 27 janvier 1931, RCDIP, 1935, 514, S, 1933, I, 141, note Niboyet
أشار إليه كمال عليوش قربوع ،القانون الدولي الخاص الجزائري :تنازع القوانين ،ج ،10ط ،13دار هومة ،2100 ،ص .320
2القانون رقم ،10-12املؤرخ في 25فبراير ،2112املتضمن قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية .ألغت املادة 0122أحكام األمر
،052-22املؤرخ في 2جوان ،0022املعدل و املتمم و املتضمن قانون اإلجراءات املدنية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،20الصادر في
23أبريل . 2112
3كمال عليوش قربوع ،مرجع سبق ذكره ،ص .203
4محمد حبار ،مرجع سبق ذكره ،ص .022
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
-3املعياراملزدوج
نتيجة للتطبيقات القضائية الفرنسية للمعيار االقتصادي ،فقد برزت ثغرات عند تطبيق هذا األخير ،رأت
املحاكم الفرنسية تجنبها من خالل دمج املعيارين االقتصادي والقانوني ،عرف هذا الدمج باملعيار املزدوج يتم
األخذ به عند الحكم بدولية العقد ،ومن التطبيقات الفضائية الفرنسية التي قضت بذلك ،نجد الحكم الصادر
عن محكمة استئناف تولوز ،الصادر في 22أكتوبر ":0022الجمع بين املعيارين يجسد الصفة األجنبية للرابطة
العقدية على نحو أفضل".1
لقد أخذ املشرع الجزائري باملعيار املزدوج في ظل املرسوم التشريعي 10-03املتعلق باإلجراءات املدنية
امللغى ،2وذلك بموجب املادة 252مكرر ،التي نصت على أنه ":يعتبر دوليا ،بمفهوم هذا الفصل التحكيم الذي
يخص النزاعات املتعلقة بالتجارة الدولية ،والذي يكون فيه مقر أو موطن أحد الطرفين على األقل في الخارج".
بعد صدور قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية الجديد ،10-12قد تم التخلي عن املعيار القانوني في تحديد
دولية العقد ،واإلبقاء فقط على املعيار االقتصادي ،بموجب املادة 0130السالفة الذكر أعاله.
ثانيا -أنواع عقود التجارة الدولية
لعقود التجارة الدولية أنواع عديدة ،يلعب كل منها دورا هاما في صعيد املبادالت التجارية ،نتيجة لتعددها
فسنقتصر على ذكر أهمها ،واألكثر انتشار في مجال التجارة الدولية:
أ) -عقد البيع الدولي للبضائع
يعتبر عقد البيع الدولي للبضائع من أهم عقود التجارة الدولية ،يعرف بعقد البيع التصديري ،3نتيجة
ألهميته في مجال التجارة الدولية بالنسبة لجميع البلدان مهما كان نظامها القانوني ،فقد تم وضع اتفاقية دولية
بشأنه عرفت باتفاقية فيينا 0021بشأن البيع الدولي للبضائع.
ب) -عقود الوكالة والوساطة التجارية الدولية
ظهرت عقود الوكالة والوساطة التجارية الدولية نتيجة تزايد النشاط التجاري ،واتساع نطاق الخدمات
التي تتطلبها التجارة الدولية ،ما أدى إلى صعوبة تعامل الشركات مع املستهلكين مباشرة ،فكان االعتماد على
1يسرى عوض عبد هللا ،عقود التجارة الدولية ،مفاوضاتها ،إبرامها ،تنفيذها ،إصدارات مكتب اليسرى للمحاماة واالستشارات،
الخرطوم ،2110 ،ص .02
2املرسوم التشريعي رقم ،10-03املؤرخ في 25أبريل ،0003يعدل و يتمم األمر رقم ،052-22املؤرخ في 2يونيو ،0022واملتضمن
قانون اإلجراءات املدنية ،الجريدة الرسمية ،العدد ،20املوافق 20أبريل .0003
3محمد حسين منصور ،العقود الدولية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،2110 ،اإلسكندرية ،ص .20
بوناح عبدالنور
ــــــــ
الوسطاء الحل األنسب لتجاوز هذه الصعوبات ،كعقد املمثل التجاري ،الوكيل بالعمولة ،املوزع التجاري،
الوكيل التجاري.1
ج) -عقد االمتيازالتجاري
يعتبر عقد االمتياز التجاري وليد حاجة الشركات واملؤسسات الكبرى لتسويق منتجاتها أو تقديم خدماتها
إلى الشركات واملؤسسات التي ال تملكها ،فقد صار أداة فعالة لغزو األسواق العاملية ،وشكل من أشكال
االستثمارات غير املباشرة ،2يمكن الوقوف على معامله من خالل تعريف األستاذ عمر سعد هللا له بأنه ":اتفاق
يقوم بموجبه صاحب أي مشروع ناجح بمنح اسمه وعالمته إلى املستثمرين الراغبين في االستثمار في نفس
النشاط ممن لديهم الخبرة ،وعلى املستفيد االلتزام بتطبيق السياسات واإلجراءات واإلرشادات التي يوفرها له
مانح االمتياز ،وكذلك االستفادة من الخبرات واملهارات والدعم الذي يقدمه مانح االمتياز في التدريب واملساعدة
الفنية ،ومقابل ذلك يدفع املستفيد للمانح رسوما تتمثل في نسب مئوية من صافي املبيعات تختلف من حيث
قيمتها ونسبتها من شركة ألخرى حسب طبيعتها وسمعتها".3
د) -عقد الترخيص الصناعي
عقد الترخيص الصناعي عرفته األستاذة مريم كريد بأنه ":العقد الذي يرخص بموجبه مالك الترخيص
للمرخص له الحق باستعمال واستغالل تكنولوجيا معينة ،سواء أكانت محمية كبراءات االختراع ،أو غير محمية
كاملعرفة الفنية ،بما فيها األسرار الصناعية ،ملدة معينة لقاء مقابل معين" ،4من خالل التعريف السابق لعقد
الترخيص الصناعي يتضح أن هذا العقد من العقود الناقلة للتكنولوجيا من الدول املتطورة إلى الدول النامية،
ويلعب دورا هاما في الحياة االقتصادية والتجارية العاملية ،كما يحقق مصالح كل من املرخص واملرخص له.
ه) -عقد اإليجارالتمويلي الدولي
يعتبر عقد اإليجار التمويلي الدولي من الوسائل املستحدثة في مجال منح االئتمان في مجال التجارة الدولية
وقانون األعمال ،عرف من قبل الفقه على أنه ":عملية ثالثية األطراف ،تحتوي على عقدين أساسيين :عقد البيع
-الذي بمقتضاه تتملك املؤسسة املالية املؤجرة األصل محل عقد التأجير التمويلي -وعقد التأجير التمويلي
الذي تقوم من خالله املؤسسة املالية بتأجير األصل اإلنتاجي للمشروع املستفيد ،نظير سداد األجرة املتفق
1عبدالكريم عسالي ،ماهية عقد اإليجار التمويلي الدولي ،املجلة األكاديمية للبحث القانوني ،املجلد ،10العدد ،12جامعة عبد
الرحمن ميرة بجاية ،2101 ،ص .030
2عمر سعد هللا ،مرجع سبق ذكره ،ص .002
بوناح عبدالنور
ــــــــ
لتتبنى مختلف الدول قواعد موحدة للقانون الخاص ،تجدر اإلشارة إلى أن الجزائر ليست عضوا في املعهد ،ومن
املستحسن انضمامها إليه ،كونه يعمل على توحيد القانون الخاص.1
ب) -الهيئات غيرالحكومية املكلفة بالتجارة الدولية
إضافة إلى الهيئات الحكومية املكلفة بالتجارة الدولية ،فقد وجدت هيئات أخرى غير حكومية تعنى بهذه
األخيرة ،أنشأها أفراد متخصصون في قانون التجارة الدولية ،يشتركون فيها بصفة شخصية ،وال يمثلون
حكومات معينة ،تمثلت في كل من غرفة التجارة الدولية ( ،)0واللجنة البحرية الدولية (.)2
-)0غرفة التجارة الدولية
غرفة التجارة الدولية منظمة غير حكومية في قطاع األعمال ،أنشئت سنة 0000من قبل ممثلين للميادين
االقتصادية ،تعنى بالتجارة الدولية مقرها باريس ،تسمى أيضا باملنظمة العاملية لألعمال التجارية ،تهدف إلى":
ضمان العمل الفعال واملستمر في الحقول االقتصادية والقانونية من أجل املساهمة في النمو املتجانس لقطاع
التجارة الدولي وتحريره".2
صدرت عن غرفة التجارة الدولية عدة أعمال قانونية ،كالقواعد املوحدة للضمانات التعاقدية نشرة رقم
،325الدليل لوضع العقود التجارية الدولية نشرة رقم ،201نظام املصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية
لسنة ...0022إلخ ،3كما للغرفة دور مهم في تسوية منازعات عقود التجارة الدولية ،من خالل نظام التحكيم
التجاري الدولي الذي وضعته.4
-)0اللجنة البحرية الدولية
تعتبر اللجنة البحرية الدولية أقدم منظمة دولية غير حكومية تعنى بالقانون البحري واملمارسات
التجارية ،أنشئت سنة 0200في أنفرس ببلجيكا ،تظم ممثلين عن الهيئات املشتغلة بالتجارة الدولية ،ورجال
قانون متخصصون في القانون البحري ،باإلضافة إلى البنوك املتخصصة في االعتمادات املستندية ،ومالك
السفن والشاحنين ،وشركات التأمين البحرية...إلخ ،تهدف إلى توحيد القانون البحري واألعراف والعادات
املمارسة في املجال البحري ،قامت هذه اللجنة بوضع العديد من املعاهدات قصد تحقيق ذلك ،عرفت
بمعاهدات بروكسل ،كمعاهدة توحيد بعض قواعد سندات الشحن 25أوث ،0022ومعاهدة توحيد بعض
1توفيق ميلود مباركي ،وضع قواعد التجارة الدولية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في قانون األعمال املقارن ،كلية
الحقوق جامعة وهران ،2101-2110 ،ص .00
2أسماء بعلوج ،غرفة التجارة الدولية في ميزان القانون واالجتهاد القضائي الجزائريين ،مجلة ضوت القانون ،املجلد ،10العدد
،13جامعة خميس مليانة ،2120 ،ص .221
3توفيق ميلود مباركي ،مرجع سبق ذكره ،ص .20
4محمد نصر محمد ،الوسيط في عقود التجارة الدولية ،ط ،10دار الكتب العلمية ،بيروت ،2102 ،ص .002
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
قواعد تحديد املسؤولية ملالك السفت املبرمة في 25أوث ،0022ومعاهدة توحيد بعض القواعد املتعلقة بنقل
الركاب بطريق البحر املبرمة في 20أبريل .10020
املطلب الثاني :مضمون وحدود مبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية
نتيجة لعدم تنظيم املرحلة ما قبل التعاقدية من قبل املشرع الجزائري على غرار العديد من مشرعي دول
العالم ،كاملشرع املصري والفرنس ي قبل تعديل القانون املدني الفرنس ي سنة ،2102فقد استلزم األمر أن يسود
هذه املرحلة العديد من املبادئ بغية تنظيمها ،فكان ملبدأ حرية التفاوض الحيز األكبر في ذلك خالل هذه
املرحلة ،الذي ومن خالل إعماله يمكن لكل طرف من أطراف التفاوض الدخول في هذا األخير ،وقطعه دون أن
تترتب في جانبه أيه مسؤولية ،ما دام أ ن ذلك القطع لم يكن تعسفيا ،وغير منافيا لحسن النية ،هذا املبدأ
ونتيجة ألهميته ينبغي بيان مضمونه (الفرع األول) ،ثم بيان حدوده ،باعتبار أنه ال يمكن أخده بصورة مطلقة،
حفاظا على مصالح جميع األطراف املتفاوضة ،ودعما للثقة بينهم خالل املرحلة ما قبل التعاقدية (الفرع الثاني).
الفرع األول :مضمون مبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية
مبدأ حرية التفاوض حتى يتم بيان مضمونه وحدوده ،ينبغي أوال التمييز بينه وبين ما يقترب منه من
مبادئ ،كمبدأ حرية التعاقد ،اللذان قد تم التمييز بينهما من قبل الباحث Radu Stancuفي أطروحته ،حيث
اعتبرهما يختلفان عن بعضهما البعض من حيث دور كل منهما ،فمبدأ حرية التفاوض على العقد يهدف أساسا
إلى تطوير إطار عمل يمكن أن تتم فيه املفاوضات ،في حين يهدف مبدأ الحرية التعاقدية إلى تمكين األطراف من
تحديد محتوى عقدهم بحرية ،2فاملتمعن في مصطلحي حرية التفاوض ،وحرية التعاقد ،يدرك أن كالهما
منبثقان عن مبدأ سلطان اإلرادة ،األمر الذي قد يؤدي إلى الخلط بينهما عند الباحثين ،رغم أن كل منهما يختلف
عن اآلخر من حيث الدور ،وكذلك من حيث املضمون ،ذلك أن مبدأ حرية التفاوض يمنح لكل شخص الحق في
الدخول في التفاوض أو عدم الدخول فيه (أوال) ،كما يسمح له باالنسحاب منه في أي وقت يشاء أيضا (ثانيا) ،في
حين يمنحه مبدأ حرية التعاقد الحق في التعاقد أو عدم التعاقد ،وتضمين عقده ما يشاء من بنود.
أوال -حرية الدخول في التفاوض واختيارالطرف املتفاوض معه
يقتض ي مبدأ حرية التفاوض أن يكون لألطراف الراغبة في التعاقد الحرية التامة في بدأ التفاوض عند
الوقت واملكان الذين يرونه مناسبا ،وبالطريقة التي تخدم مصالحهم وتتالءم مع حاجاتهم ،فالتفاوض يمكن أن
يكون حول طاولة واحدة ،كما يمكن أن يكون عن بعد ،والذي يعرف بالتفاوض اإللكتروني.
1نصت املادة 0012من القانون املدني الفرنس ي املستحدثة بموجب األمر ،030-02على أنه ":لكل شخص الحرية في التعاقد أو
عدم التعاقد ،واختيار املتعاقد اآلخر وتحديد محتوى وشكل العقد ضمن الحدود التي وضعها القانون"...
2رفاه كريم رزوقي كربل ،االعتبار الشخص ي وأثرة في تنفيذ العقد اإلداري ،مجلة املحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية،
املجلد ،12العدد ،13جامعة بابل ،العراق ،2102 ،ص .525
3
CA Colmar, 29 août 2012, n° 11/00041
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
مبدأ حرية التفاوض كمبدأ ناظم ملرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية ،يجد حدودا له بإعمال مبدأ
حسن النية (أوال) ،كما يجد حدود له تعرف بالحدود االتفاقية ،التي تجد مصدر االلتزام بها في اتجاه أطراف
التفاوض إلى إلزام أنفسهم بها (ثانيا) ،هذه الحدود تتمثل في:
أوال -حدود مبدأ حرية التفاوض الناتجة عن إعمال مبدأ حسن النية
ينتج عن إعمال مبدأ حسن النية عدم ترك مبدأ حرية التفاوض من غير قيود أو حدود تحده ،كل ذلك
بهدف تجنب تعسف أحد األطراف املتفاوضة في استعمال حريته التفاوضية ،وعدم اإلضرار بالطرف اآلخر.
يعد االلتزام باالستمرار في التفاوض التزاما مكمال لاللتزام بالدخول فيه ،فهو الذي من شأنه منح قيمه
لهذا األخير ،إذ ال معنى للدخول في التفاوض إن لم تكن هناك استمرارية فيه ،1فاملفاوضات باعتبارها مرحلة
تحضيرية تتضمن مجرد عروض ،وتتميز بعنصر االحتمال ،فقد تصل في نهايتها إلى إبرام العقد املنشود ،2كما قد
تصل إلى طريق مسدود تنتهي عنده ،فاألطراف املتفاوضة لهم الحرية التامة في الدخول فيها ،وكذلك في الخروج
منها ،وفقا ملبدأ حرية التفاوض ،كما أنهم ليسوا ملزمين بالوصول إلى إبرامه ،إذ تبقى لكل منهم الحرية في قطعها
دون أدنى مسؤولية ،3مالم يقترن ذلك بخطأ ألحق ضررا بالطرف اآلخر كالقطع التعسفي لها دون أي مبرر ،مما
يترتب عليه التعويض للطرف املضرور ،خاصة في الحالة التي تحرز فيه األطراف املتفاوضة تقدما كبيرا في
التفاوض حول العقد ،مما يجعل إبرامه أمرا مؤكدا ،ليتفاجأ بعد ذلك أحدهم بقطع التفاوض من قبل
املتفاوض اآلخر ،وفي ذلك نجد ف 12من املادة 12من البند 05من مبادئ اليونيدروا املتعلقة بعقود التجارة
الدولية قد اعتبرت الطرف املتفاوض مسؤوال في حالة تفاوضه أو قطعه املفاوضات بسوء نية ،في حالة إلحاقه
ضررا بالطرف اآلخر.
لقد اعتمدت املدرسة الفرنسية على عدم التعسف في استعمال الحق ،كأساس لحظر وقف التفاوض من
قبل أحد املتفاوضين ،ومن التطبيقات القضائية التي أخدت بذلك ،نجد القرار الصادر عن محكمة النقض
الفرنسية عام 0020في قضية ،Monoprixالتي اعتبرت فيه ":وقف التفاوض دون سبب مشروع يعد شكال من
أشكال التعسف في استعمال الحق دون الحاجة إلى البحث في نية هذا الشخص ،األمر الذي يستوجب منه
التعويض" ،في حين اعتبرت في قرار آخر أن قطع التفاوض دون سبب مشروع ،يعتبر مظهرا من مظاهر سوء نية
املتفاوض ،حيث جاء نص القرار ":في حالة ما إذا وصلت املفاوضات إلى مرحلة اعتقد فيها الطرف املتفاوض
1أشار إليه :محمود فياض ،مدى التزام األنظمة القانونية املقارنة بمبدأ حسن النية في مرحلة التفاوض على العقد ،مجلة
الشريعة والقانون ،العدد ،52اإلمارات العربية املتحدة ،2103 ،ص .220
2
Mahmoud Elsehly, op, cit, p22.
3
Joanna Schmidt-Szalewski, La période précontractuelle en droit français, Revue Internationale de
droit comparé. V 42, N° 2, 1990, p 559.
4أنس عبد املهتري فريحات ،النظام القانوني للمفاوضات في القوانين الوضعية والشريعة اإلسالمية :دراسة تأصيلية مقارنة ،ط
،10منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،2102 ،ص .322
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
االتفاق عليه ،1تترتب في حالة مخالفته قيام املسؤولية العقدية في جانب املخالف ،2أما بالنسبة لاللتزام بالسير
فيها ونجاحها فهو التزام ببدل عناية ،إذ يكفي أن يبدل كل منهم العناية الالزمة خالل التفاوض ،3وهو ما نجده
يتناسب مع طبيعة املفاوضات.
ب) -البنود الهادفة إلى ضمان جدية األطراف املتفاوضة
عقد التفاوض من خالل وظيفته التنظيمية لعملية التفاوض على العقود غالبا ما يتضمن العديد من
البنود ،يكون الهدف منها أساسا ضمان جدية األطراف املتفاوضة خالل التفاوض على العقد املنشود ،من بينها
االلتزام باالستمرار في التفاوض وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة ( ،)0وااللتزام بعدم إجراء مفاوضات
موازية(.)0
-)0االلتزام باالستمرارفي التفاوض وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة
قد تعمد األطراف املتفاوضة إلى إيراد بند في عقد التفاوض يقض ي بإلزام جميع األطراف باالستمرار في
التفاوض وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة ،فهذا االلتزام في الحقيقة يعد مكمال لاللتزام بالدخول في التفاوض،
إذ ال معنى للدخول في هذا األخير إن لم تكن هناك استمرارية فيه ،فهذا القيد االتفاقي الوارد على حرية التفاوض
من شأنه دعم الثقة بين املتفاوضين ،وضمان الجدية والحد األدنى من األمن التفاوض ي بين األطراف املتفاوضة،
الذي من شأنه تيسير الوصول إلى إبرام العقد النهائي.
تجدر اإلشارة إلى أن االلتزام باالستمرار في التفاوض يمكن التحلل منه من قبل كل طرف من أطراف
التفاوض إذا كانت هناك أسباب معقولة أو مشروعة تبرر ذلك ،فمثال إذا لم تحرز املفاوضات أي تقدم رغم
مسعى املتفاوضين لتقدمها ،وعدم تالقي مصالحهم وابتعاد وجهات نظرهم ،ففي هذه الحالة يحق لكل طرف
طلب االنسحاب منها ،دون أن يشكل انسحابه خطأ يبرر قيام املسؤولية العقدية في حقه ،غير أنه في الحالة
العكسية أي الحالة التي تحرز فيه املفاوضات تقدما كبيرا ،ثم يعمد أحد املتفاوضين إلى قطعها دون سبب
مشروع ،اعتبر مخطئا وقامت معه مسؤوليته العقدية ،وفي ذلك قضت محكمة استئناف ميالنو في عام 0020في
1هدية عبد الحفيظ مفتاح بن هندي ،التنظيم االتفاقي للمفاوضات في اإلطار العقدي صورها وآثارها ،مجلة الجامعة األسمرية
اإلسالمية ،عدد ،00الجامعة األسمرية ،ليبيا ،2102 ،ص .225
2محمد محسن إبراهيم النجار ،عقد االمتياز التجاري :دراسة في نقل املعرفة الفنية ،ط ،10دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
،2100ص .000
3آية بلعقون ،املفاوضات اإللكترونية ،مجلة الباحث للدراسات األكاديمية ،املجلد ،10العدد ،10جامعة باتنة 10الحاج
لخضر ،2121 ،ص .205
بوناح عبدالنور
ــــــــ
قضية " Biancaبعدم التزام الطرف املتفاوض في الوصول إلى نتيجة نهائية بالتعاقد عند نهاية املفاوضات،
مالم تكن هذه األخيرة قد وصلت ملرحلة متقدمة ،بعثت الطرف اآلخر إلى االعتقاد بحتمية توقيع العقد ".1
بالرجوع ملبادئ اليونيدروا املتعلقة بعقود التجارة الدولية ،نجد أنها هي األخرى قد اعتبرت بموجب الفقرة
12من املادة 12من البند ،05املتفاوض مسؤول في حالة تفاوضه أو قطعه املفاوضات بسوء نية ،في حالة
إلحاقه أضرارا بالطرف اآلخر.
-)0االلتزام بعدم إجراء مفاوضات موازية
االلتزام بعدم إجراء مفاوضات موازية أحد أهم القيود االتفاقية الواردة على حرية التفاوض ،سواء كان
ذلك القيد واقعا على جميع املتفاوضين أو أحدهم فقط ،والذي تم تعريفه من قبل الفقه على أنه ":عقد يلتزم
بمقتضاه أحد الطرفين أو كالهما باالمتناع عن إجراء مفاوضات موازية مع الغير ملدة معينة" ،2بما يمكن معه
الفهم أن حظر املفاوضات املوازية ال يكون واجبا على أطراف التفاوض إال في حالة االتفاق الصريح على ذلك،
حيث يعتبر خروجا عن األصل الذي يجيز لكل طرف التفاوض مع أكثر من شخص حول نفس الصفقة ،3وهو ما
أخذ به االجتهاد القضاء الفرنس ي حتى قبل تعديل الق.م.ف لسنة ،21024طاملا لم يخل هذا املتفاوض بمبدأ
حسن النية في التفاوض ،إعماال ملبدأ حرية التفاوض ،باإلضافة إلى عدم وجود التزام قانوني يقض ي بقيام أحد
أطراف التفاوض بإعالم الطرف اآلخر باملفاوضات املوازية التي قد يجريها على نفس الصفقة ،إال أن هذه الحرية
في التفاوض ليست مطلقة فقد تتجه األطراف املتفاوضة إلى تقييدها باالتفاق على حصرية التفاوض سواء كان
تبادليا أو يقع على عاتق طرف واحد ،5كما قد تتقيد بقيد آخر غير اتفاقية ،وهو ما نجده في الحالة تحرز فيه
املفاوضات تقدما كبير إلى الحد الذي يجعل التوقيع على العقد أمرا حتميا ومؤكدا ،كأن يتفق األطراف على
جميع الشروط الجوهرية وغير الجوهرية للعقد ،وإرجاء التوقيع عليه لزمن معلوم.6
عند االتفاق على حظر املفاوضات املوازية يجب وضع حدودا زمنية لهذا الحظر ،باعتبار أنه ال يجوز أن
يكون مؤبدا أو ملدة غير محددة ،ملا فيه من تعارض مع مبدأ حرية التفاوض ،وهو ما خلص إليه مجلس اللوردات
اإلنجليزي سنة 0002في القضية التي جمعت بين "وولفورد" و "ميلز" ،حينما اعتبر غل يد املتفاوض من
fondements et règles applicables dans une perspective, D’harmonisation, thèse pour obtenir le grade
doctorat en droit université de Strasbourg, 2010, P 216.
6محمود فياض ،مرجع سبق ذكره ،ص .222
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
التفاوض مع الغير ألجل غير محدد بناء على شرط حصرية التفاوض يعتبر غير جائز ،وهو نفس الحكم الذي
أخذت به محكمة استئناف الواليات املتحدة األمريكية "الدرجة الثالثة" سنة 0022في القضية الشهيرة التي
جمعت بين "Grace Retail" :و ".1"Gross man
باإلضافة إلى الحدود الزمنية لاللتزام بعدم إجراء مفاوضات موازية ،فإن أن هذا االلتزام يجب أيضا أن
يحدد من حيث املوضوع ،باعتبار أن تركه من غير تحديد قد يؤدي باإلضرار بمصالح الطرف املدين بااللتزام،
وهو ما تم األخذ به من قبل القضاء اإلنجليزي.2
املبحث الثاني
مبدأ حسن النية في التفاوض على عقود التجارة الدولية
يحكم املرحلة ما قبل التعاقدية مبدأين أساسيين ،األول هو حرية التفاوض الذي مفاده الدخول والخروج
من املفاوضات دون أي مسؤولية ،والثاني هو ممارسة هذه الحرية وفقا ملبدأ حسن النية ،باعتبار أن جعل األولى
من غير قي ود من شأنه اإلضرار بالطرف اآلخر في التفاوض ،ويجعل املرحلة ما قبل التعاقدية مرحلة خطرة،3
األمر الذي استلزم معه إعمال مبدأ حسن النية كضابط لسلوك األطراف خالل مرحلة التفاوض على العقد،4
وخلق التوازن بين حرية التفاوض من جهة ،والحد األدنى من األمن القانوني خالل املرحلة ما قبل التعاقدية من
جهة أخرى 5،حيث يبقى مبدأ حسن النية مفروضا على املتفاوضين حتى وإن كان ال يوجد بينهم أي رابط قانوني
بعد .6
مبدأ حسن النية ونتيجة ألهميته ينبغي التطرق إلى ماهيته ،من خالل التعرض إلى مفهومه ،وبيان مظاهر
تحلي األطراف املتفاوضة به خالل التفاوض (املطلب األول) ،هذه املظاهر ال يمكن أن تكتمل إال بوجود التزامين
أساسيين خالل هذه املرحلة ،أولهما االلتزام باإلعالم ،وثانيهما االلتزام بالسرية (املطلب الثاني).
املطلب األول :ماهية مبدأ حسن النية في التفاوض على عقود التجارة الدولية
1صليحة بن أحمد ،املسؤولية املدنية في حالة قطع املفاوضات ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون الخاص،
جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة ،2110-2112 ،ص .32
2محمد عرفان الخطيب ،املبادئ املؤطرة لنظرية العقد في التشريع املدني الفرنس ي الجديد :دراسة نقدية تأصيلية مقارنة ،مجلة
كلية القانون الكويتية العاملية ،العدد ،12السنة السابعة ،الكويت ،2100 ،ص .215
3منيرة جمادي ،تأثير مهارات االتصال على عملية التفاوض دراسة ميدانية على عينة من املؤسسات بوالية عنابة ،أطروحة
مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في إدارة األعمال ،كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير ،جامعة باجي مختار ،عنابة-2102 ،
،2100ص .00
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
اآلخر ،1كما يعد مظهرا من مظاهر حسن النية التزام كل من طرفي التفاوض بعدم إجراء مفاوضات موازية مع
الغير ،دون علم مسبق من قبل الطرف اآلخر في التفاوض.2
هذا ويمكن أن يتجلى سوء نية املتفاوض من خالل العديد من املمارسات ،يكون الهدف منها أساسا
اإلضرار بالطرف اآلخر ،كأن يدخل في التفاوض بنية عدم التعاقد ،3قصد تفويت الفرصة على املتفاوض معه أو
على الغير بشأن املحل املتفاوض عليه ،4كما يعتبر قطع التفاوض دون أي سبب جدي أحد أهم مظاهر سوء نية
املتفاوض ،خاصة في الحالة التي يكون فيها التفاوض قد وصل إلى مراحل متقدمة ،لدرجة اعتقاد الطرف اآلخر
أن العقد النهائي قد قرب إبرامه ،5وهو ما قضت به محكمة النقض الفرنسية حينما اعتبرت وصول املفاوضات
إلى مرحلة اعتقد فيها الطرف املتفاوض بحتمية التعاقد ،يجعل قطع أحد أطراف التفاوض املفاوضات بدون
سبب مشروع ،عمال مخالفا ملقتضيات حسن النية ،متى تسبب في ضرر للطرف اآلخر في التفاوض ،6ومن ثم فإن
قطع املفاوضات وفقا ملا يتناسب مع مبدأ حسن النية ،والذي ال يترتب عنه أي ضرر للطرف اآلخر يبقى أمرا
مشروعا ،بل حقا من حقوق أطراف التفاوض املترتب عن مبدأ حرية التفاوض ،7حيث قيل في ذلك ":يمكن للمرء
أن يجلب حصانا إلى املاء ،ولكن ال أحد يستطيع جعله يشرب" ،8وعلى العموم فإن قطع التفاوض في البداية
1فطيمة نساخ بولقان ،أخلقة العالقة العقدية ،املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية ،املجلد ،52العدد
،12كلية الحقوق ،جامعة الجزائر ،2105 ،10ص .315
2عهود أحمد حسين خليفات ،مدى انسحاب ودور مبدأ حسن النية على مراحل ما قبل وأثناء وبعد تنفيذ العقود املدنية ،مجلة
العلوم القانونية واالجتماعية ،املجلد ،15العدد ،10جامعة زيان عاشور ،الجلفة ،2121 ،ص .523
3نصت مبادئ UNIDROITفي املادة 05-0-2على التفاوض بسوء نية ،حيث اعتبرت الطرف الذي يتفاوض أو يقطع
املفاوضات بسوء نية يكون مسؤوال عما لحق بالطرف اآلخر من أضرار ،واعتبرت أنه من قبيل سوء النية على وجه الخصوص
دخول الطرف في التفاوض أو استمراره فيه بالرغم من نيته املسبقة بعدم التوصل إلى اتفاق مع الطرف اآلخر ،وكذلك األمر
بالنسبة ملشروع إصالح قانون العقود الفرنس ي لسنة 2110الذي نص في مادته 02على أنه:
"La faute est notamment constituée lorsque l’une des parties a entamé ou a poursuivi des
négociations sans intention de parvenir à un accord ".
4
Adra Zouhal, op, cit, p 54.
أنظر أيضا :محمد محسن إبراهيم النجار ،مرجع سبق ذكره ،ص .003
5عبدو محمد ،النظام القانوني للتفاوض على عقود األعمال في ضوء التشريع الجزائري ،أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه
في القانون ،جامعة البليدة ،2102-2100 ،12ص 355وما بعدها.
6محمود فياض ،مرجع سبق ذكره ،ص .220
7عهود أحمد حسين خليفات ،مرجع سبق ذكره ،ص .522
8
« One can bring a horse to the water but nobody can make it drink», cité par: Sylvette Guillemard ,
Qualification juridique de la négociation d’un contrat et nature de l’obligation de bonne foi, Revue
générale de droit, v 25,n 01, 1994, p 61.
بوناح عبدالنور
ــــــــ
بكون مقبوال ،ثم تأخذ حرية هذا القطع تضيق أكثر فأكثر كلما تقدمت املفاوضات ،وكلما زاد اعتقاد املتفاوضين
أن العقد املتفاوض عليه في طريقه لإلبرام.1
الفرع الثاني :أساس االلتزام بمبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض
تعد مرحلة التفاوض مرحلة جد هامة في انشاء عقود التجارة الدولية ،التي وعلى الرغم من أهميتها لم
تحظى بالتنظيم من قبل املشرع الجزائري ،مما جعلها توصف باملرحلة الخطرة على أطرافها ،األمر الذي استلزم
معه تنظيمها من خالل إعمال مبادئ تحكمها ،كمبدأ حسن النية الذي يتولى تأمين عملية التفاوض من خالل
وضع قيود ،وحدود لحرية التفاوض ،بإلقاء على عاتق طرفيه االلتزام بالتحلي بالنزاهة ،والشرف ،والصدق،
واألمانة أثناء التفاوض ،هذا املبدأ يحتاج إلى أساس لاللتزام به خالل مرحلة التفاوض على العقد ،إذ ينبغي
التمييز في ذلك بين حالتين ،األولى عند غياب اتفاق على التفاوض أو نص قانوني يلزم طرفي التفاوض بالتفاوض
بحسن نية (أوال ) ،أما الثانية في حالة وجود اتفاق على التفاوض ،أو وجود نص قانوني ،يلزم طرفي التفاوض على
مراعاة حسن النية عند التفاوض على العقد (ثانيا).
أوال -أساس االلتزام بالتفاوض بحسن نية في غياب اتفاق التفاوض أو نص تشريعي يكرسه
غالبا ما يحتاج إبرام عقود التجارة الدولية إلى مرحلة ما قبل تعاقدية ،يتولى من خاللها طرفي التفاوض
الراغبان في التعاقد التفاوض عليها ،وهما في قيامهما بذلك قد ال يتفقان على صياغة اتفاق للتفاوض لتنظيم
عملية التفاوض على العقد النهائي املنشود ،لكن هذا ال يعني إعمال مبدأ حرية التفاوض من دون قيود ،باعتبار
أنه في الحالة العكسية قد يؤدي إلى استغالل أحدهما تلك الحرية ،والقيام ببعض املمارسات التي قد تضر
بمصالح الطرف اآلخر ،كقطع املفاوضات دون إشعار سابق ،األمر الذي استلزم معه تأمين هذه املرحلة من
خالل إعمال مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض ،2الذي وإلى يومنا هذا لم يكرس بعد من قبل املشرع
الجزائري في هذه املرحلة.
إن غياب نص تشريعي يكرس مبدـأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض ،وكذلك غياب عقد التفاوض
ليكون مصدرا لاللتزام به بين املتفاوضين ،3قد أدى إلى اختالف الفقه حول مسألة األساس القانوني لاللتزام به
خالل املرحلة ما قبل التعاقدية ،حيث اتجه جانب منه إلى سحب حكم املادة 107من القانون املدني الجزائري،
ليشمل املرحلة ما قبل التعاق دية ،إذ ال يمكن حسبهم تنفيذ العقد طبقا ملا اشتمل عليه وبحسن نية ،إذا لم يتم
التفاوض عليه من البداية بحسن نية ،في حين اتجه جانب آخر منه ،وعلى رأسهم الفقيه STARKإلى اعتبار
1
Adra Zouhal, op, cit, p 55.
2رشيد ساسان ،التأسيس القانوني لاللتزام باإلعالم ما قبل التعاقدي في مجال عقود األعمال :عقد الترخيص التجاري نموذجا،
مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،املجلد ،00العدد ،12جامعة باجي مختار -عنابة ،2100 ،ص .220
3أم كلثوم صبيح محمد ،املفاوضات املمهدة للتعاقد ماهيتها وأحكامها :دراسة مقارنة بين الواقع العملي والفراغ التشريعي ،مجلة
كلية الحقوق جامعة النهرين ،املجلد ،02العدد ،10العراق ،املجلد ،2102 ،02ص .311
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
التحلي بحسن النية خالل مرحلة التفاوض ،يقتض ي اإلدالء بحد أدنى من املعلومات قبل إبرام العقد املنشود،
من قبل طرفي التفاوض ،وإال اعتبر املدين بها مرتكبا ملناورات تدليسية ،1إذ ينبغي على طرفي التفاوض االبتعاد
عن جميع وسائل الغش والخداع "التدليس اإليجابي" ،والسكوت السيئ النية "التدليس السلبي" ،بأن يسلكا
السلوك اإليجابي املألوف في التفاوض ،من صدق ،ونزاهة ،وأمانة ،وتعاون مع الطرف اآلخر ،2في حين ذهب
اتجاه ثالث إلى االعتماد على العلم الكافي باملبيع كأساس لاللتزام بمبدأ حسن النية خالل التفاوض ،باعتبار أن
العقد املبرم ال يمكن أن يكون صحيحا إال إذا حدث هذا العلم قبل إبرامه سواء خالل مرحلة التفاوض ،أو خالل
مرحلة اإلبرام.
عند التمعن في املواقف الفقهية السافة الذكر ،التي جعلت من امتداد تطبيق املادة 010السالفة الذكر،
خالل املرحلة ما قبل التعاقدية ،واجتناب عيب التدليس ،والعلم الكافي باملبيع ،أسسا لاللتزام بحسن النية
خالل هذه املرحلة ،يجدها جميعا لها أثر في جعل هذا األخير مبدأ عام يحكم جميع العقود بين األشخاص ،في
جميع مراحلها ،وأساسا مشتركا المتداد مبدأ حسن النية إلى مرحلة التفاوض عليها.3
ثانيا -االلتزام بالتفاوض بحسن نية في حالة وجود عقد تفاوض أو نص قانوني يكرسه
إن العقود املهمة غالبا ما يحرص أصحابها على إبرام عقد تفاوض بشأنها لتنظيم عملية التفاوض عليها،
وهو ما نجده منطبقا على عقود التجارة الدولية ،ليكون بذلك االلتزام بمبدأ حسن النية أحد االلتزامات املترتبة
عن عقد التفاوض ،والذي يترتب عن مخالفته قيام املسؤولية العقدية في جانب الطرف املخالف ،4كما أن
التطورات الحاصلة في السنوات األخيرة في ميدان التفاوض على العقود ،وإجماع الفقه والقضاء على ضرورة
التزام أطراف التفاوض بمبدأ حسن النية خالل التفاوض ،قد أدى باملشرعين إلى تكريس هذا االلتزام في املرحلة
السابقة على التعاقد ،ليكون بذلك مصدر االلتزام به هو القانون ،كاملشرع اإليطالي بموجب املادة 0330من
القانون املدني اإليطالي ،التي نصت ":يلتزم األطراف أثناء املفاوضات وإبرام العقد بما يتفق وحسن النية"،
واملشرع الفرنس ي من خالل التعديل األخير الذي أجراه على القانون املدني الفرنس ي سنة ،2102الذي كرس
واجب االلتزام بمبدأ حسن النية خالل التفاوض ،بموجب املادة 0012التي نصت ":يجب التفاوض على العقود
1أكرم محمود حسين البدو ،محمد صديق محمد عبد هللا ،أثر موضوعية اإلرادة في مرحلة املفاوضات ،مجلة الرافدين للحقوق،
املجلد ،03العدد ،20جامعة املوصل ،العراق ،2100 ،ص .220
2العربي بلحاج ،مشكالت املرحلة السابقة على التعاقد في ضوء القانون املدني الجزائري :دراسة مقارنة" ،د .ط ،ديوان
املطبوعات الجامعية ،الجزائر ،2100 ،ص .01
3أنس عبد املهتري فريحات ،مرجع سبق ذكره ،ص .532
4حمدي محمود بارود ،املبادئ التي تحكم التفاوض في العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ومضمون االلتزام بها :مبدأ حسن النية
ومقتضياته دراسة تأصيلية تحليلية ،مجلة الجامعة اإلسالمية ،املجلد ،02العدد ،10غزة ،2112 ،ص .253
بوناح عبدالنور
ــــــــ
وإبرامها ،وتنفيذها بحسن نية ،"..فمن خالل نص املادة السالفة الذكر ،صار مبدأ حسن النية التزاما قانونيا
مفروضا على أطراف التفاوض خالل مرحلة املفاوضات ،وكذلك عند إبرام العقد وتنفيذه ،فال حاجة بعد صدور
هذا النص إلى اتفاقهم على االلتزام به ،كما ال يمكنهم االتفاق على استبعاده أو الحد منه ،فهو وفقا ملا جاء في
فقرة 12من املادة 0012من النظام العام ،ما من شأنه تعزيز األمن القانوني واستقرار املعامالت ،نتيجة لهيمنة
مبدأ حسن النية على جميع مراحل العقد.1
املطلب الثاني :االلتزامات املترتبة عن إعمال مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض
تتفرع عن مبدأ حسن النية العديد من االلتزامات ،التي وإن لم تجد أساس قانوني لها للقول بوجوب
االلتزام بها خالل املرحلة ما قبل التعاقدية ،فإنها تجد في مبدأ حسن النية األساس الذي تستند إليه في إلزام
األطراف املتفا وضة بالتقيد بها ،والتي يمكن تصنيفها إلى مجموعتين أساسيتين :مجموعة أولى تمثل االلتزامات
التي تعنى بتنوير اإلرادة ،التي من بينها االلتزام باإلعالم (الفرع األول) ،ومجموعة ثانية تمثل االلتزامات التي تكفل
جدية اإلرادة ،كااللتزام بالسرية (الفرع الثاني) ،2هذان االلتزامان يعتبران متالزمان ومتكامالن خالل مرحلة
التفاوض على عقود التجارة الدولية.
الفرع األول :االلتزام باإلعالم عند التفاوض على عقود التجارة الدولية
يعتبر االلتزام باإلعالم أحد أهم االلتزامات املتفرعة عن مبدأ حسن النية ،وأحد مظاهر التحلي به خالل
مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية ،األمر الذي يستدعي التطرق إليه من خالل بيان مفهومه (أوال) ،ثم
تحديد محله (ثانيا) ،ونطاقه (ثالثا).
أوال -مفهوم االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض
عرف االلتزام باإلعالم من قبل الفقه على أنه" التزام يترتب على من يتملك معلومات عن موضوع العقد
املزمع إبرامه ،أن يلقي الضوء عليه حتى يكون الطرفان على بينة مما هما مقبالن عليه من التزامات ،ومنافع
يعوالن عليها في العقد" ،3من خالل التمعن في التعريف السالف الذكر ،يتضح أنه لم يتم اإلشارة فيه إلى مصدر
االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض على العقود ،الذي قد يكون القانون ،وفقا للتعديل الحاصل في الق .م.
ف لسنة ،2102كما قد يكون عقد التفاوض مصدره ،وفي غياب ما سبق يكون مقتض ى من مقتضيات حسن
1حامد شاكر محمود الطائي ،العدول في االجتهاد القضائي :دراسة قانونية تحليلية مقارنة ،ط ،10املركز العربي للدراسات
والبحوث العلمية ،مصر ،2102 ،ص .221
2شرف علي خالد بعيرات ،آثار اإلخالل بمبدأ حسن النية في مرحلة املفاوضات العقدية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في
القانون ،جامعة اليرموك ،األردن ،2102 ،ص .12
3عائشة قصار الليل ،االلتزام باإلعالم اإللكتروني السابق للتعاقد ،مجلة الحقوق والعلوم السياسية ،املجلد ،10العدد ،13
جامعة زيان عاشور الجلفة ،2102 ،ص ،00 -02أنظر كذلك :خالد ممدوح إبراهيم ،حماية املستهلك في العقد اإللكتروني ،ط
،10دار الفكر الجامعي ،مصر ،2112 ،ص .02
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
حسن النية ،كما أن هذا التعريف قد اقتصر فقط على املعلومات املتعلقة بموضوع العقد ،لتكون محال لاللتزام
باإلعالم ،في حين توجد معلومات أخرى تعد ذات أهمية كصفة أطرافه ،والتي تلعب دورا بارزا في العقود القائمة
على االعتبار الشخص ي مثل عقد الترخيص ،هذه املعلومات سيتم بيانها في العنصر املوالي.
ثانيا -محل االلتزام باإلعالم في عقود التجارة الدولية
يتولى املدين باإلعالم إعالم الطرف اآلخر خالل مرحلة التفاوض ،بجميع املعلومات والبيانات الجوهرية
املتعلقة بمحل التعاقد ،والتي من شأنها تكوين رضا مستنير لديه عند إقباله على إبرام العقد ،1وهو ما أكد عليه
املشرع الفرنس ي صراحة ،بموجب املادة 0002مكرر 10من الق .م .ف املعدل سنة ،2102حينما اعتبر التزام
املدين باإلعالم مقتصرا على املعلومات والبيانات الحاسمة في تكوين رضا الدائن بااللتزام باإلعالم ،واملتعلقة
أساسا بموضوع العقد ،أو في صفة من صفات األطراف ،كما يمكن الرجوع للقواعد العامة الستنباط املعلومات
والبيانات التي تعد جوهرية بالنسبة للمقبل على التعاقد حول عقود التجارة الدولية ،من خالل االعتماد على
نظرية عيوب اإلرادة لتحديد محل االلتزام باإلعالم ،تفاديا إلبطال العقد لعيب التدليس أو الغلط ،وكذلك
لقاعدة العلم الكافي باملبيع لتحديد تلك املعلومات ،في الحالة التي يكون فيها العقد املتفاوض عليه عقد بيع دولي.
إن القواعد العامة وعلى الرغم من مساهمتها في بيان محل االلتزام باإلعالم ،من خالل إلزام الطرف
صاحب املعلومة بإعالم الطرف اآلخر بجميع املعلومات الجوهرية املتعلقة بالعقد ،إال أنها قد أثبتت محدوديتها
باعتبار أنها ال تشمل جميع املعلومات ،فقد تكون هناك معلومات ثانوية ومع ذلك تهم الطرف اآلخر ،على األقل
فيما يتعلق بالتعاقد بشروط أفضل من جانبه ،ليكون بذلك إقرار االلتزام باإلعالم كالتزام مستقل خالل مرحلة
التفاوض على العقد األكثر نجاعة واستجابة ملصالح جميع األطراف ،كما أن إعمال نظرية عيوب اإلرادة يكون
عند إبرام العقد وليس عند التفاوض عليه ،مما يجعل نطاق االلتزام باإلعالم أوسع من نطاق هذه األخيرة ،2ذات
األمر نجده منطبقا على قاعدة العلم الكافي باملبيع ،فأثرها يبقى محدود ويقتصر فقط على عقود البيع دون
العقود األخرى ،مما يجعل تكريس االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض على العقود أمرا حتميا.
ثالثا -نطاق االلتزام باإلعالم في عقود التجارة الدولية
إن الغاية من فرض االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض على العقود هو إزالة الهوة ،والفرق الصارخ في
املعرفة حول محل العقد املتفاوض عليه ،بين األطراف املتفاوضة الراغبة في التعاقد ،وهو بذلك ليس التزام
مطلق ،بل له نطاق يحده حتى ال يتكل الدائن بااللتزام باإلعالم على املدين بهذا األخير ،واتخاذ موقفا سلبيا بعدم
1يسرى عوض عبد هللا ،املفاوضات التجارية الدولية :مفاوضاتها وإبرامها وتنفيذها ،ط ،10إصدارات مكتب اليسرى للمحاماة
واالستشارات ،الخرطوم ،2102 ،ص .000
2أسعد احمد هلدير ،نظرية الغش في العقد :دراسة تحليلية مقارنة في القانون املدني ،د .ط ،دار الكتب العلمية ،بيروت،2100 ،
ص ص .050 -052
بوناح عبدالنور
ــــــــ
االستعالم عن كل ما يتعلق بالعقد املتفاوض عليه ،هذا النطاق يمكن تحديد أبعاده من خالل شرطين
أساسيين ،حيث يشترط في املدين باإلعالم أن يكون عاملا بكافة املعلومات والبيانات املتعلقة بالعقد ،فإذا كان
جاهال لها ال يقع هذا االلتزام على عاتقه ،1وهو أمر جد منطقي إذ ال يعقل تكليف هذا األخير بإعالم الطرف اآلخر
بما يجهله أساسا ،أو ليس في إمكانه العلم به ،2وباإلضافة إلى علمه باملعلومة يجب أن يكون عاملا كذلك بتأثيرها
في رضا الطرف اآلخر ،أي مميزا بين املعلومات األساسية ،و بين تلك الثانوية التي ال تؤثر في رضا الدائن بها ،سواء
علم بها أو لم يعلم ،3في حين يشترط في الدائن باإلعالم أن يكون جهله مشروعا بهذه املعلومات ،إذ ال مجال للكالم
عن االلتزام باإلعالم إذا كان هذا األخير عاملا بها ،أو توافرت له اإلمكانيات الالزمة لالطالع عليها عن طريق
االستعالم ،ذلك أن الغاية من فرض هذا االلتزام هو إزالة االختالل في العلم بين طرفي العملية التفاوضية ،فإذا
لم يكن هناك اختالل فال طائل من فرضه ،4فحدود االلتزام باإلعالم دائما ما تقف عند حدود واجب االستعالم،
إذ يقع على الدائن باإلعالم واجب الحرص واملحافظة على مصالحه من خالل االستعالم عن كل ما يتعلق بالعقد
املتفا وض عليه ،وبالشخص املتفاوض معه إذا كان العقد املتفاوض عليه من عقود االعتبار الشخص ي ،5فال
ينتظر بذلك من الغير أن يكون أحرص منه على مصالحه ،خاصة إذا كان الدائن باإلعالم محترفا ،6ومن ثم ال
يحق لهذا األخير التحجج بجهله لها ،ويطالب الطرف اآلخر باإلدالء بها إال في حالة استحالة حصوله عليها.
الفرع الثاني :االلتزام بالسرية عند التفاوض على عقود التجارة الدولية
حتى يتم السير الحسن لعملية التفاوض على عقود التجارة الدولية ،البد من وجود التزامين متكاملين،
أولهما االلتزام باإلعالم ،الذي بموجبه يلتزم أحد أطراف التفاوض ،بتمكين الطرف اآلخر من جميع املعلومات
والبيانات املتعلقة بمحل العقد املتفاوض عليه ،ليأتي الثاني وهو االلتزام بالسرية من أجل املحافظة على سرية
هذه األخيرة وعدم استغاللها إال بإذن من صاحبها ،ما من شأنه تحقيق التوازن بين مصالح األطراف املتفاوضة،
وبعث الثقة وال طمأنينة في نفوسهم ،األمر الذي يستلزم التعريف بهذا االلتزام كأحد تطبيقات مبدأ حسن النية
(أوال) ،ثم بيان مضمونه (ثانيا) وتحديد نطاقه (ثالثا).
أوال -التعريف بااللتزام بالسرية خالل التفاوض على عقود التجارة الدولية
1حاتم مولود ،إدراج االلتزام بالتبصير في إصالح القانون املدني الفرنس ي لسنة 2102وأثره على نظرية االلتزام في القانون املدني
الجزائري ،املجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية ،املجلد ،13العدد ،12جامعة الواد ،2100 ،ص .00
2محمد حامد محمود ،زهراء عبد املنعم عبد هللا ،النظام القانوني للتفاوض اإللكتروني ،مجلة جامعة تكريت للحقوق ،املجلد
،13العدد ،12العراق ،2100 ،ص .222
3عيس ى بخيث ،مرجع سبق ذكره ،ص .22
4حاتم مولود ،مرجع سبق ذكره ،ص .00
5مها نصيف جاسم ،رشا عامر صادق ،التفاوض اإللكتروني ،مجلة مداد اآلداب ،املجلد ،10العدد ،05كلية اآلداب الجامعة
العراقية ،العراق ،2102 ،ص .502
6صليحة بن أحمد ،مرجع سبق ذكره ،ص ،002أنظر كذلك :عيس ى بخيث ،مرجع سبق ذكره ،ص .23
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
يعتبر االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض من أهم االلتزامات التي من شأنها بعث الثقة في نفس
املتفاوضين ،وتأمين فترة ما قبل التعاقد ،إذ يعتبر هذا االلتزام مقابال ،ومكمال لاللتزام باإلعالم ،باعتبار أنه
يهدف إلى املحافظة على سرية املعلومات التي تم اإلدالء بها بمناسبة التفاوض ،تنفيذا لهذا األخير ،وهو بذلك
يعتبر مظهرا ومقتض ى من مقتضيات مبدأ حسن النية ،عرف من قبل الفقه على أنه ":ذلك االلتزام الذي يفرض
على املتفاوض في العقد ،التزام الصمت بخصوص كل ما يصل إلى علمه أو يكتشفه أثناء التفاوض".1
من خالل التعريف السابق الذكر ،نجد أن املتفاوض الذي تلقى معلومات سرية بمناسبة التفاوض ملزم
باملحافظة على سريتها ،غير أن هذا التعريف قد أغفل جانب مهم من مضمون االلتزام بالسرية ،وهو عدم
استغالل هذه املعلومات سواء خالل مرحلة التفاوض أو بعد انقضائها من دون إذن مسبق من صاحبها ،وهو ما
سيتم بيانه في العنصر املوالي.
ثانيا -مضمون االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض
عند تحليل االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية ،يتبين أنه متكون من شقين
أساسيين ،شق أول يتمثل في عدم إفشاء املعلومات السرية التي اطلع عليها املتفاوض بمناسبة التفاوض (أ)،
وشق ثاني يتمثل في االلتزام بعدم استغاللها لحسابه الخاص دون إذن صاحبها (ب).
أ) -امتناع املتفاوض عن إفشاء املعلومات السرية التي اطلع عليها بمناسبة التفاوض
يتطلب التفاوض على عقود التجارة الدولية قيام أحد طرفي التفاوض أو كالهما ،بإعالم الطرف اآلخر
بجميع امل علومات الجوهرية املتعلقة بمحل العقد املتفاوض عليه ،إضافة إلى تمكينه من العديد من املعلومات
ذات الطابع السري واملتعلقة بالجانب املالي والفني واملنهي ،2وبهذا يكون الطرف املتلقي لهذه املعلومات ملزما بعدم
إفشائها للغير بأي شكل من األشكال ،سواء من قبله هو أو من طرف خبرائه وتابعيه ،وسواء أبرم العقد النهائي
املتفاوض عليه أولم يبرم ،وهو ما تم التأكيد عليه من قبل مبادئ اليونيدروا املتعلقة بالعقود التجارية الدولية في
مادتها ، 02-0-2التي نصت على أنه ":يلتزم من يحصل على معلومة معينة خالل املفاوضات بأن ال يفش ي هذه
املعلومة أو يستخدمها بطريقة غير سليمة في أغراضه الشخصية ،يستوي في ذلك أن يكون العقد قد انعقد أو
لم ينعقد ،"...وعليه فإذا ما أخل متلقي املعلومات بالتزامه بالسرية ،قامت بذلك مسؤوليته عن تعويض الطرف
املتضرر صاحب هذه املعلومات ،بغض النظر عن طبيعة تلك املسؤولية تقصيرية كانت أو عقدية.3
1أرجيلوس رحاب ،مسعودي يوسف ،اإلطار القانوني للتفاوض في العقد اإللكتروني ،مجلة معالم لدراسات القانونية
والسياسية ،املجلد ،12العدد ،13جامعة أدرار ،2102 ،ص .25
2سليمان قنقارة ،لعيرج بورويس ،اإلشكاالت القانونية الواقعة على عقد ترخيص استغالل براءة االختراع في مرحلة تكوينه:
دراسة تحليلية ،مجلة القانون والعلوم السياسية ،املجلد ،12العدد ،10املركز الجامعي النعامة ،2102 ،ص .220
3نعيم مغبغب ،الفرانشايز :دراسة في القانون املقارن ،ط ،12منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،2110 ،ص .022
بوناح عبدالنور
ــــــــ
ب) -امتناع املتفاوض عن استغالل املعلومات السرية التي اطلع عليها بمناسبة التفاوض دون إذن صاحبها
ال يكفي العتبار املتفاوض املدين بااللتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض ملتزما بالسرية ،التزامه فقط
بعدم إفشاء املعلومات السرية التي اطلع عليها بمناسبة التفاوض ،بل يجب عليه أيضا أن يمتنع عن استغاللها
لفائدته ،بدون إذن صاحبها ،1باعتبار أنه قد يدخل في تفاوض مع الغير فقط من أجل التجسس أو االطالع على
ما يملكه هذا األخير من تقنيات وتطبيقات ،وغيرها من املعارف الفنية التي يعجز عن الوصول إليها بمجهوده
الخاص أو بالطرق القانونية ،ليقوم بعدها بقطع التفاوض أو يتعمد إفشاله ،ثم يباشر بعد ذلك استغالل ما
قد تلقاه من معلومات سرية لصالحه ،ما يجعله س يء النية ،ومخالفا ملبدأ حسن النية في التفاوض ،ومن
التطبيقات القضائية املتعلقة بااللتزام بالسرية ،وعدم استغالل ما تم االطالع عليه بمناسبة التفاوض ،نجد
القضية التي جمعت بين شركة ، Smithوشركة ، Dravoهذه األخيرة قد أدينت من قبل محكمة االستئناف،
بأن اعتبرت قد استغلت أسرار شركة Smithالتي تحصلت عليها بمناسبة التفاوض دون إذن من هذه األخيرة.2
ثالثا -نطاق االلتزام بالسرية عند التفاوض على عقود التجارة الدولية
يتحدد نطاق االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية من خالل ثالث عناصر،
أوال من حيث موضوع املعلومات الواجب املحافظة على سريتها ،حيث اتجه جانب من الفقه إلى اعتبار أن جميع
املعلومات املتحصل عليها بمناسبة التفاوض تعتبر سرية أيا كانت طبيعتها ،في حين ذهب جانب آخر منه إلى
كذلك3، القول بأنه يجب على األطراف املتفاوضة االتفاق على تحديد املعلومات املعتبرة سرية ،والتي ال تعتبر
فإذا ما تم إغفال ذلك تولى القاض ي تحديدها وفقا لسلطته التقديرية مع مراعاة خصوصية كل حالة ونوع كل
عقد ،4أما العنصر الثاني فهو تحديد األشخاص امللزمون باملحافظة على سرية املعلومات ،سواء كان ذلك
بالنسبة ملتلقيها ،أو خبرائه ...إلخ ،إذ غالبا ما يحرص أصحاب هذه املعلومات على إحاطتها بالضمانات الالزمة
حتى ال يتم إفشاءها أو استغاللها ،من خالل اتخاذ بعض اإلجراءات االحتياطية ،كاشتراط الحصول على تصريح
كتابي مسبق من متلقيها ،5أما العنصر الثالث واألخير فهو متعلق بتحديد مدة االلتزام بالسرية ،حيث ذهب
جانب من الفقه إلى اعتبار االلتزام بالسرية التزام أبدي ،يستمر إلى حين أن تفقد هذه املعلومات طابعها السري
بانتقالها إلى علم العامة ،بشرط أن يكون هذا العلم ناتج لسبب أجنبي ،من دون أن يكون املدين بااللتزام سببا في
1مها نصيف جاسم ،رشا عامر صادق ،مرجع سبق ذكره ،ص .502
2معمر بوطبالة ،مرجع سبق ذكره ،ص .030
3
Betty Mercedes Martinez - Cardenas, La Responsabilité Précontractuelle, Étude comparative des
régimes colombien et français, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit, Université Panthéon-
Assas, 2013, p 249.
4مهند وليد حامد قنديل ،السرية في مفاوضات عقود نقل التكنولوجيا ،دراسة تحليلية مقارنة ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة
املاجستير في القانون ،جامعة األزهر ،غزة ،2100 ،ص .30
5نفس املرجع ،ص .22
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
ذلك ،في حين ذهب اتجاه آخر إلى اعتبار أنه ال يعقل جعل االلتزام بالسرية التزاما أبديا ،إذ يجب تقييده بمدة
زمنية معقولة ،باعتبار أن املعلومات الذي أضفى عليها صاحبها الطابع السري ،تفقد قيمتها مع الزمن بشكل
تلقائي.1
خاتمة:
من خالل دراستنا للمبادئ الناظمة للتفاوض على عقود التجارة الدولية ،نجد أن املرحلة ما قبل
التعاقدية يحكمها مبدأين أساسيين ،األول هو مبدأ حرية التفاوض الذي مفاده أن لكل طرف الحرية التامة في
الدخول أو عدم الدخول في التفاوض حول عقود التجارة الدولية ،وحرية الخروج منه من دون أن تترتب في جانبه
أية مسؤولية اتجاه الطرف اآلخر ،باعتبار أنه ملزم فقط بالتفاوض وليس ملزم بإبرام العقد املتفاوض عليه،
طاملا كان انسحابه منه قد تم وفقا ملقتضيات مبدأ ثان ،واملتمثل في مبدأ حسن النية ،فإعمال هذا األخير من
شأنه خلق التوازن بين مصالح األطراف املتفاوضة ،باعتبار أنه يضبط حرية التفاوض خالل املرحلة ما قبل
التعاقدية ،وعدم تركها من غير قيود أو حدود ،فالعالقة بين هذين املبدأين هي عالقة تكامل.
إن إعمال مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية يترتب عنه العديد من
االلتزامات ،لعل أهمها في مجال عقود التجارة الدولية ،نجد كل من االلتزام باإلعالم ،وااللتزام بالسرية
التعاقدي ،إذ ما يتم اإلدالء به من معلومات من قبل أحد األطراف املتفاوضة إلى الطرف اآلخر تنفيذا لألول ،يتم
التكتم عليها وعدم استغاللها إال بإذن صاحبها ،سواء خالل مرحلة التفاوض أو حتى بعدها تنفيذا للثاني ،فهذان
االلتزامان يعتبران أيضا متكاملين ومتقابلين ،فوجود األول يترتب عنه بداهة وجود الثاني ،حماية وحفاظا على
مصالح جميع األطراف املتفاوضة على عقود التجارة الدولية.
بعد عرض النتائج املتوصل إليها ،نقترح ما يلي:
-تنظيم املرحلة ما قبل التعاقدية من قبل املشرع الجزائري ،دون اإلخالل بمبدأ حرية التفاوض.
-تكريس مبدأ حسن النية صراحة خالل مرحلة التفاوض على العقود ،من خالل إجراء تعديل لنص املادة 010
من القانون املدني الجزائري ،ليصير مطابقا لنص املادة 0012من القانون املدني الفرنس ي ،التي جاء نصها":
يجب أن يتم التفاوض على العقود ،وإبرامها وتنفيذها بحسن نية".
-جعل االلتزام باإلعالم التزاما مستقال في املرحلة السابقة على التعاقد إلى جانب االلتزام بحسن النية ،مثل ما تم
تكريسه في التعديل األخير الذي مس القانون املدني الفرنس ي سنة .2102
-0أميرة ويشاوي ،عقد االمتياز التجاري ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون العام ،كلية الحقوق،
جامعة قسنطينة .2105-2102 ،10
بوناح عبدالنور
ــــــــ
-0توفيق ميلود مباركي ،وضع قواعد التجارة الدولية ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في قانون األعمال
املقارن ،كلية الحقوق جامعة وهران.2101-2110 ،
-3شرف علي خالد بعيرات ،آثار اإلخالل بمبدأ حسن النية في مرحلة املفاوضات العقدية ،مذكرة مقدمة لنيل
شهادة املاجستير في القانون ،جامعة اليرموك ،األردن.2102 ،
-4صليحة بن أحمد ،املسؤولية املدنية في حالة قطع املفاوضات ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في
القانون الخاص ،جامعة قاصدي مرباح ،ورقلة.2110-2112،
-5ملا عبدهللا صادق سلهب ،مجلس العقد اإللكتروني ،رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون ،جامعة
النجاح الوطنية ،فلسطين.2112 ،
-6مصطفى خضير نشمي ،النظام القانوني للمفاوضات التمهيدية للتعاقد ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة
املاجستير في القانون الخاص ،جامعة الشرق األوسط ،األردن.2102-2103 ،
-7مهند وليد حامد قنديل ،السرية في مفاوضات عقود نقل التكنولوجيا ،دراسة تحليلية مقارنة ،مذكرة مقدمة
لنيل شهادة املاجستير في القانون ،جامعة األزهر ،غزة.2100 ،
رابعا :املقاالت العلمية
-0أحمد عبد الكريم سالمة ،النظام القانوني ملفاوضات العقود الدولية ،مجلة األمن والقانون ،مجلد ،00
عدد ،10أكاديمية شرطة دبي.2113 ،
-0أرجيلوس رحاب ،مسعودي يوسف ،اإلطار القانوني للتفاوض في العقد اإللكتروني ،مجلة معالم لدراسات
القانونية والسياسية ،املجلد ،12العدد ،13جامعة أدرار.2102 ،
-3أسماء بعلوج ،غرفة التجارة الدولية في ميزان القانون واالجتهاد القضائي الجزائريين ،مجلة ضوت القانون،
املجلد ،10العدد ،13جامعة خميس مليانة.2120 ،
-4أكرم محمود حسين البدو ،محمد صديق محمد عبد هللا ،أثر موضوعية اإلرادة في مرحلة املفاوضات ،مجلة
الرافدين للحقوق ،املجلد ،03العدد ،20جامعة املوصل.2100 ،
-5أم كلثوم صبيح محمد ،املفاوضات املمهدة للتعاقد ماهيتها وأحكامها :دراسة مقارنة بين الواقع العملي والفراغ
التشريعي ،مجلة كلية الحقوق ،املجلد ،02العدد ،10جامعة النهرين ،العراق.2102 ،
-6آية بلعقون ،املفاوضات اإللكترونية ،مجلة الباحث للدراسات األكاديمية ،املجلد ،10العدد ،10جامعة باتنة
10الحاج لخضر.2121 ،
-0حاتم مولود ،إدراج االلتزام بالتبصير في إصالح القانون املدني الفرنس ي لسنة 2102وأثره على نظرية االلتزام
في القانون املدني الجزائري ،املجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية ،املجلد ،13العدد ،12جامعة الواد،
.2100
التفاوض على عقود التجارة الدولية -مبدأ حرية التفاوض وحسن النية -
ـــــــــــــــ
-8حسام الدين كامل األهواني ،املفاوضات في الفترة قبل التعاقدية ومراحل إعداد العقد الدولي ،مجلة العلوم
القانونية واالقتصادية ،املجلد ،32العدد ،12كلية الحقوق ،جامعة عين شمس.0002 ،
-9حمدي محمود بارود ،املبادئ التي تحكم التفاوض في العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ومضمون االلتزام بها:
مبدأ حسن النية ومقتضياته دراسة تأصيلية تحليلية ،مجلة الجامعة اإلسالمية ،املجلد ،02العدد ،10الجامعة
اإلسالمية ،غزة.2112 ،
-07رشيد ساسان ،التأسيس القانوني لاللتزام باإلعالم ما قبل التعاقدي في مجال عقود األعمال :عقد الترخيص
التجاري نموذجا ،مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية ،املجلد ،00العدد ،12جامعة باجي مختار
عنابة.2100 ،
-00رفاه كريم رزوقي كربل ،االعتبار الشخص ي وأثرة في تنفيذ العقد اإلداري ،مجلة املحقق الحلي للعلوم
القانونية والسياسية ،املجلد ،12العدد ،13جامعة بابل ،العراق.2102 ،
-00سليمان قنقارة ،لعيرج بورويس ،اإلشكاالت القانونية الواقعة على عقد ترخيص استغالل براءة االختراع في
مرحلة تكوينه :دراسة تحليلية ،مجلة القانون والعلوم السياسية ،املجلد 12العدد ،10املركز الجامعي النعامة،
.2102
-03عائشة قصار الليل ،االلتزام باإلعالم اإللكتروني السابق للتعاقد ،مجلة الحقوق والعلوم السياسية ،املجلد
،10العدد ،13جامعة زيان عاشور الجلفة.2102 ،
-04عبدالكريم عسالي ،ماهية عقد اإليجار التمويلي الدولي ،املجلة األكاديمية للبحث القانوني ،املجلد ،10
العدد ،12جامعة عبدالرحمن ميرة بجاية.2101 ،
-05عهود أحمد حسين خليفات ،مدى انسحاب ودور مبدأ حسن النية على مراحل ما قبل وأثناء وبعد تنفيذ
العقود املدنية ،مجلة العلوم القانونية واالجتماعية ،املجلد ،15العدد ،10جامعة زيان عاشور ،الجلفة،
الجزائر.2121 ،
-06عيس ى بخيث ،آثار العوملة على املسؤولية السابقة على التعاقد ،األكاديمية للدراسات االجتماعية
واإلنسانية ،املجلد ،10العدد ،12جامعة حسيبة بن بوعلي ،الشلف.2105 ،
-00فطيمة نساخ بولقان ،أخلقة العالقة العقدية ،املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية،
املجلد ،52العدد ،12كلية الحقوق ،جامعة الجزائر .2105 ،10
-08محمد حامد محمود ،زهراء عبد املنعم عبد هللا ،النظام القانوني للتفاوض اإللكتروني ،مجلة جامعة تكريت
للحقوق ،املجلد ،13العدد.2100 ،12
بوناح عبدالنور
ــــــــ
-09محمد عرفان الخطيب ،املبادئ املؤطرة لنظرية العقد في التشريع املدني الفرنس ي الجديد :دراسة نقدية
تأصيلية مقارنة ،مجلة كلية القانون الكويتية العاملية ،العدد ،12السنة السابعة.2100 ،
-07محمود فياض ،مدى التزام األنظمة القانونية املقارنة بمبدأ حسن النية في مرحلة التفاوض على العقد،
مجلة الشريعة والقانون ،العدد ،52اإلمارات العربية املتحدة.2103 ،
-00مها نصيف جاسم ،رشا عامر صادق ،التفاوض اإللكتروني ،مجلة مداد اآلداب ،املجلد ،10العدد ،05كلية
اآلداب الجامعة العراقية.2102،
-00نبيل إسماعيل الشبالق ،الطبيعة القانونية ملسؤولية األطراف في مرحلة ما قبل العقد :دراسة في العقود
الدولية لنقل التكنولوجيا ،مجلة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية ،املجلد ،2العدد .2103 ،12
-03نصير يزيد أنيس ،مرحلة ما قبل إبرام العقد :دراسة مقارنة ،نظرية الخطأ في أثناء التفاوض والقطع
التعسفي للمفاوضات ،مجلة املنارة للبحوث والدراسات ،ج ،10مجلد ،10العدد ،13جامعة آل البيت.2110 ،
-04هدية عبد الحفيظ مفتاح بن هندي ،التنظيم االتفاقي للمفاوضات في اإلطار العقدي صورها وآثارها ،مجلة
الجامعة األسمرية اإلسالمية ،عدد ،00الجامعة األسمرية ،ليبيا.2102 ،
-05وافية بوعش ،عن اختالل التوازن في عقد ترخيص استغالل العالمة التجارية ،مجلة أبحاث قانونية
وسياسية ،العدد ،10جامعة محمد الصديق بن يحي ،جيجل.2102 ،
باللغة األجنبية:
I- Textes Juridiques :
1- code civile français Dispose sur : https://codes.droit.org/PDF/Code%20civil.pdf
2- ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016 portant réforme du droit des contrats,
du régime général et de la preuve des obligations
II- OUVRAGES:
1-Barthélemy Mercadal, Patrice Macqueron, Le droit des affaires en france, principes
et approhe pratique du droit des affaires et des activités professionnelle, éditions
frances lefebvre, 2004.
2-Julie joly - Hurard, conciliation et médiation judiciaires, presses universitaires
d’Aix Marseille, 2003.
III- THESES :
1-Betty Mercedes Martinez-Cardenas, La Responsabilité Précontractuelle, Étude
comparative des régimes colombien et français, thèse pour obtenir le grade doctorat
en droit, Université Panthéon-Assas, 2013.
2- Luis Fernando Kuyven, La Responsabilité précontractuelle dans le commerce
international :fondements et règles applicables dans une perspective,
- مبدأ حرية التفاوض وحسن النية- التفاوض على عقود التجارة الدولية
ـــــــــــــــ
D’harmonisation, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit université de
Strasbourg, 2010.
3- Mahmoud Elsehly, La période précontractuelle : Étude comparée des régimes
français et égyptien, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit, Université de
Toulouse, 2018.
4-Radu Stancu, L’évolution de la responsabilité civile dans la phase Précontractuelle:
comparaison entre le droit civil français et le droit civil roumain à la lumière du droit
eurppéen, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit, université de Strasbourg,
2015.
IV- ARTICLES:
1-Adra Zouhal, Réforme du droit des obligations « les négociations précontractuelles
», Revue juridique de l’Ouest, n° 03, 2016.
2- Joanna Schmidt-Szalewski, La période précontractuelle en droit français. Revue
internationale de droit comparé. V42, N°2, 1990.
3-Sylvette Guillemard , Qualification juridique de la négociation d’un contrat et
nature de l’obligation de bonne foi, Revue générale de droit, v 25,n01, 1994.
V- Jurisprudences:
1-Cass. Com, 26 novembre 2003, nº 00-10243.
.2- CA Colmar, 29 août 2012, n° 11/00041.