You are on page 1of 33

‫املجلة الجزائرية للحقوق والعلوم السياسية ـ ـ املجلد ‪ ،70‬العدد ‪ )0700(70‬ـ ـ ص‪000 -087 .

‬‬

‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫‪International trade contracts negotiation - negotiation freedom and good-will‬‬
‫‪principle -‬‬

‫بوناح عبدالنور‬
‫جامعة باجي مختار عنابة(الجزائر)‪،‬‬
‫‪abdenour125@gmail.com‬‬

‫تاريخ النشر‪2122/02/10 :‬‬ ‫تاريخ اإلرسال‪ 2122/10/10 :‬تاريخ القبول‪2122/00/21 :‬‬


‫***********‬
‫ملخص‪:‬‬
‫تتناول هذه الورقة البحثية دراسة املبادئ الناظمة للتفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬فمرحلة‬
‫التفاوض وعلى الرغم من أهميتها في إنشاء العقود‪ ،‬إال أنها لم تحظى بالتنظيم من قبل املشرع الجزائري‪ ،‬ومن‬
‫قبل العديد مشرعي دول العالم‪ ،‬األمر الذي استدعى تنظيمها من خالل إعمال مبدأين أساسين‪ ،‬مبدأ حرية‬
‫التفاوض ومبدأ حسن النية‪.‬‬
‫يتولى مبدأ حسن النية ضبط حرية املتفاوضين بما يكفل التوازن بين مصالحهم‪ ،‬وعدم املساس‬
‫بحرية إرادتهم‪ ،‬إذ يترتب عن إعماله وقوع العديد من االلتزامات على عاتقهم‪ ،‬لعل أهمها االلتزام باإلعالم‬
‫وااللتزام بالسرية‪ ،‬اللذان يعتبران متقابالن ومتكامالن خالل مرحلة التفاوض‪ ،‬كون ما يتم تقديمه من‬
‫معلومات تنفيذا لألول‪ ،‬يتم التكتم عليها من قبل متلقيها‪ ،‬وعدم استغاللها إال بإذن صاحبها تنفيذا للثاني‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪:‬‬
‫حرية التفاوض‪ ،‬حسن النية‪ ،‬اإلعالم‪ ،‬سرية املعلومات‪ ،‬تجارة دولية‪.‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This research paper investigates the principles that govern the negotiation of‬‬
‫‪international trade contracts. Despite its importance in contract formation, the‬‬
‫‪negotiation stage was not regulated by Algerian legislators or many other‬‬
‫‪legislators around the world, necessitating its organization through the application‬‬
‫‪of two basic principles: the principle of freedom of negotiation and the principle of‬‬
‫‪good faith.‬‬
‫‪The principle of good faith governs negotiators' freedom to ensure a balance‬‬
‫‪between their interests while not impairing their freedom of will, because its‬‬
‫‪implementation entails the occurrence of many obligations on them, perhaps the‬‬
‫‪most important of which is the obligation to inform and the obligation to‬‬
‫‪confidentiality, which are viewed as mutually exclusive and complementary during‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫‪the negotiation stage, because the information provided in implementation of the‬‬
‫‪first, it is kept secret by its recipient, and it is not used except with the owner's‬‬
‫‪permission in the implementation of the second.‬‬
‫‪Key words:‬‬
‫‪freedom of negotiation, good faith, the information, the confidentialité of‬‬
‫‪information , the international trade.‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫عقود التجارة الدولية كغيرها من العقود ذات األهمية االقتصادية الكبيرة‪ ،‬ال يتم إبرامها غالبا بإيجاب‬
‫وقبول فوريين‪ ،‬بل تحتاج ملا يعرف بالتفاوض عليها بين األطراف الراغبة في التعاقد بشأنها‪ ،‬هذا األخير وعلى‬
‫الرغم من أهميته في إنشاء العقود‪ ،‬إال أنه لم يحظى بالتنظيم من قبل العديد من مشرعي دول العالم‪ ،‬كالتشريع‬
‫الجزائري‪ ،‬املصري‪ ،‬والفرنس ي قبل تعديل القانون املدني الفرنس ي سنة ‪ ،2102‬بموجب األمر ‪ ،02 -030‬هذا‬
‫األخير قد أحدث إصالحات عميقة مست العديد من جوانبه لعل أهمها مرحلة التفاوض على العقود‪ ،‬بأن صارت‬
‫هذه األخيرة مرحلة مستقلة عن مرحلتي اإلبرام والتنفيذ‪.‬‬
‫إن عدم تنظيم املشرع الجزائري للمرحلة ما قبل التعاقدية‪ ،‬يفهم منه أن قد ترك لطرفي التفاوض حيزا‬
‫واسعا من الحرية عند التفاوض على العقود‪ ،‬هذه الحرية قد تكون سببا أو مصدرا لتعسف أحدهما في‬
‫استغاللها من خالل إتيان بعض التصرفات غير املشروعة‪ ،‬كقطع التفاوض على الرغم من وصوله ملرحلة‬
‫متقدمة‪ ،‬واعتقاد الطرف اآلخر أن العقد املتفاوض عليه سيتم إبرامه حتما‪ ،‬الذي من شأنه اإلضرار بمصالح‬
‫هذا األخير‪ ،‬الذي يكون قد بدل جهده ووقته‪ ،‬وأنفق أمواال كبيرة في سبيل ذلك‪ ،‬األمر الذي استلزم معه أن يسود‬
‫هذه املرحلة مبدأ ثان يتولى ضبط هذه الحرية‪ ،‬بالشكل الذي يحافظ على مصالح جميع األطراف‪ ،‬فكان إعمال‬
‫مبدأ حسن النيل خالل هذه املرحلة الخيار األفضل في سبيل تحقيق ذلك‪ ،‬هذا األخير ومن خالل ما يفرضه على‬
‫طرفي التفاوض من استقامة‪ ،‬ونزاهة‪ ،‬وتعاون‪ ،‬من شأنه أن يدعم الثقة بينهما خالل املرحلة ما قبل التعاقدية‪،‬‬
‫خاصة وأن العديد من االلتزامات املعاصرة لهذه املرحلة تتفرع عنه‪ ،‬وتجد أساس االلتزام بها فيه‪ ،‬إذ نجد كل من‬
‫االلتزام باإلعالم‪ ،‬الذي يلزم الطرف املتفاوض صاحب املعلومة بإعالم الطرف اآلخر بها‪ ،‬من شأنه جعل رضا هذا‬
‫األخير مستنيرا‪ ،‬ومن ثم ابرام عقد صحيح غير معرض لإلبطال لوجود عيب من عيوب الرضا‪ ،‬أو نتيجة لعدم‬
‫علم املشتري الكافي باملبيع‪ ،‬وكذلك التزام متلقي املعلومات ذات الطابع السري بمناسبة التفاوض‪ ،‬بعدم افشائها‪،‬‬
‫وعدم استغاللها دون إذن صاحبها خالل مرحلة التفاوض وبعدها‪ ،‬سواء أبرم العقد املنشود أو لم يبرم‪ ،‬إذ يعتبر‬
‫كل من هذين االلتزامين مظهرا من مظاهر االلتزام بحسن النية قبل التعاقد‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق يثور التساؤل حول‪ :‬دورمبدأي حرية التفاوض وحسن النية في تنظيم التفاوض على‬
‫عقود التجارة الدولية‪ ،‬بالقدر الذي يضمن حرية إرادة األطراف املتفاوضة من جهة‪ ،‬والحفاظ على التوازن‬
‫بين مصالحهم من جهة أخرى؟‪.‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫سيتم االعتماد في هذه الدراسة على كل من املنهج الوصفي‪ ،‬عند وصف التفاوض وعقود التجارة الدولية‪،‬‬
‫واملنهج التحليلي عند تحليل مختلف النصوص القانونية‪ ،‬واآلراء الفقهية‪ ،‬واألحكام القضائية التي تناولت مبدأي‬
‫حرية التفاوض وحسن النية‪.‬‬
‫في محاولة اإلجابة عن اإلشكالية السالفة الذكر‪ ،‬سيتم تقسيم الدراسة إلى مبحثين‪ ،‬مبحث أول خاص‬
‫بمبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬ومبحث ثان متعلق بمبدأ حسن النية في التفاوض‪.‬‬
‫املبحث األول‬
‫مبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫قبل التطرق ملبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية كمبدأ أساس ي في املرحلة ما قبل التعاقدية‪،‬‬
‫ّ‬
‫ال بد من التعرض أوال ملاهية التفاوض كأداة أساسية إلنشاء عقود التجارة الدولية‪ ،‬وكذلك ملاهية هذه األخيرة‬
‫من خالل التعريف بها‪ ،‬وبيان أنواعها‪ ،‬والهيئات املعنية بها‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬ماهية التفاوض وعقود التجارة الدولية‬
‫عقود التجارة الدولية باعتبارها من العقود ذات األهمية االقتصادية الكبيرة‪ ،‬فإنها ال تبرم بإيجاب وقبول‬
‫فوريين‪ ،‬وإنما تحتاج ملا يسمى بالتفاوض عليها‪ ،‬األمر الذي يستلزم منا التطرق ملاهية هذا األخير من جهة (الفرع‬
‫األول)‪ ،‬وماهية عقود التجارة الدولية باعتبارها محال للتفاوض من جهة أخرى (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬ماهية التفاوض‬
‫لبيان ماهية التفاوض البد من التطرق أوال إلى مفهومه (أوال)‪ ،‬ثم إبراز أهميته في مجال إنشاء العقود‬
‫بصفة عامة‪ ،‬وعقود التجارة الدولية بصفة خاصة (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم التفاوض‬
‫نتيجة ألهمية التفاوض في إنشاء العقود ذات القيمة االقتصادية الكبيرة‪ ،‬فقد حظي باهتمام الفقه‪،‬‬
‫حيث عرف من قبله أنه‪ ":‬الفترة االستكشافية التي يتبادل خاللها املتعاقدون املستقبليون‪ ،‬وجهات نظرهم‪،‬‬
‫ويناقشون مقترحات بعضهم البعض من أجل تحديد محتوى العقد‪ ،‬دون ضمان إبرامه"‪ ،1‬من خالل التعريف‬
‫السابق تبين الهدف من املفاوضات‪ ،‬وهو تبادل االقتراحات واملساومات بين أطراف التفاوض‪ ،‬من أجل تحديد‬
‫التزامات العقد النهائي املنشود‪ ،‬دون أن يكونوا ملزمين بتتويج املفاوضات بإبرامه‪.‬‬
‫أما بالنسبة لغير الفقه‪ ،‬فنجد غرفة التجارة الدولية قد عرفت التفاوض بموجب حكم تحكيمي صادر‬
‫عنها على أنه‪ ":‬مرحلة يتعهد فيها الطرفان بالتفاوض أو متابعة التفاوض‪ ،‬بغرض التوصل إلى إبرام عقد لم‬

‫‪1‬‬‫‪Julie joly - Hurard, conciliation et médiation judiciaires, presses universitaires d’Aix Marseille,‬‬
‫‪2003, p 90.‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫يتحدد موضوعه‪ ،‬إال بطريقة جزئية ال تكفي في جميع األحوال النعقاد العقد"‪ ،1‬فعند التمعن في التعريف‬
‫السالف الذكر‪ ،‬نجد أنه قد تضمن اإلشارة إلى اتفاق التفاوض (عقد التفاوض)‪ ،‬والذي يتعهد بموجبه أطرافه‬
‫بالدخول في التفاوض‪ ،‬والسير فيه إلى غاية إبرام العقد النهائي املنشود‪.‬‬
‫من خالل التعاريف السابقة للتفاوض في مجال العقود‪ ،‬تبرز لنا العديد من الخصائص في هذا األخير‬
‫تتمثل في أن التفاوض عملية تواصلية تمهد للعقد النهائي‪ ،‬تتطلب طرفين على األقل‪ ،‬يتوليان التوفيق بين‬
‫مصالحهما املتعارضة بغية الوصول إلى إبرام العقد املنشود‪ ،‬الذي قد ينعقد عند نهاية املفاوضات كما قد‬
‫تنقطع هذه األخيرة دون بلوغ ذلك اإلبرام‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أهمية التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫التفاوض باعتباره ظاهرة اجتماعية‪ ،‬هو ليس وليد اليوم‪ ،‬فقد مورس مند القدم في جميع املجاالت‪ ،‬إال أن‬
‫أهميته لم تكن باألهمية التي هو عليها اآلن‪ ،‬فقد زادت كثيرا في القرنين املاض ي والحالي‪ ،‬نتيجة للتطور الحاصل في‬
‫جميع املجاالت‪ ،2‬خاصة في مجال إبرام العقود ذات األهمية االقتصادية الكبيرة‪ ،‬التي صار التفاوض عليها ذو‬
‫أهمية ال تقل عن أهمية تنفيذها‪ ،‬باعتبار أن التفاوض الجيد يضمن التنفيذ الناجح لها‪ ،‬وهو ما نجده منطبقا‬
‫على عقود التجارة الدولية‪ ،‬فنتيجة لقيمتها االقتصادية الكبيرة فإنها ال تتم بإيجاب وقبول فوريين‪ ،‬بل تحتاج إلى‬
‫مفاوضات قد تطول وقد تقصر‪ ،‬يتم من خاللها مناقشة جميع العناصر املتعلقة بمحلها‪ ،‬ليكون التطابق بين‬
‫اإليجاب والقبول الناتج بين أطرافها ما هو إال نتيجة طبيعية للتفاوض عليها‪.‬‬
‫هذا وتلعب فاملفاوضات دورا وقائيا‪ ،‬سواء تم إبرام العقد التجاري الدولي أو لم يبرم‪ ،3‬من خالل املساهمة‬
‫بشكل كبير في خفض احتمال وقوع نزاع بين األطراف املتفاوضة طيلة مدة سريان العقد‪ ،‬فمن خالل التفاوض‬
‫يعرف كل طرف حقوقه والتزاماته‪ ،‬واملسؤولية املترتبة عن اإلخالل بهذه األخيرة‪ ،‬وطرق تسوية النزاعات الناشئة‬
‫عنه‪ ،‬والقانون الواجب التطبيق عليه‪ ،4‬كما تعد املفاوضات مرجعا هاما في تفسير العقد خالل مرحلة التنفيذ‬
‫إذا ما نشأ نزاع حول شرط من شروطه‪ ،5‬وذلك بالرجوع ملا تتضمنه من دراسات متبادلة ومناقشات‪ ،‬تستند إليها‬

‫‪ 1‬نبيل إسماعيل الشبالق‪ ،‬الطبيعة القانونية ملسؤولية األطراف في مرحلة ما قبل العقد‪ :‬دراسة في العقود الدولية لنقل‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬مجلة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪ ،2103 ،12‬ص‪.301‬‬
‫‪2-‬‬ ‫‪Mahmoud El sehly, La période précontractuelle : Étude comparée des régimes français et‬‬
‫‪égyptien, thèse pour obtenir le doctorat en droit, Université de Toulouse, 2018, p 09.‬‬
‫‪ 3‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬النظام القانوني ملفاوضات العقود الدولية‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪ ،‬مجلد ‪ ،00‬عدد‪ ،10‬أكاديمية‬
‫شرطة دبي‪ ،2113 ،‬ص ‪.232‬‬
‫‪ 4‬وافية بوعش‪ ،‬عن اختالل التوازن في عقد ترخيص استغالل العالمة التجارية‪ ،‬مجلة أبحاث قانونية وسياسية‪ ،‬العدد ‪،10‬‬
‫جامعة محمد الصديق بن يحي‪ ،‬جيجل‪ ،2102 ،‬ص ‪.302‬‬
‫‪ 5‬نصير يزيد أنيس‪ ،‬مرحلة ما قبل إبرام العقد‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬نظرية الخطأ في أثناء التفاوض والقطع التعسفي للمفاوضات‪،‬‬
‫مجلة املنارة للبحوث والدراسات‪ ،‬ج ‪ ،10‬مجلد‪ ،10‬العدد ‪ ،13‬جامعة آل البيت‪ ،2110 ،‬ص ‪.20‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫الجهة املختصة في الفصل في النزاع‪ ،‬سواء كانت هذه األخيرة محكمة أو هيئة تحكيم‪ ،‬للتعرف على إرادة‬
‫املتعاقدين املشتركة‪ ،‬وما قد اتجهت إلى إحداثه خالل املفاوضات التمهيدية‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬ماهية عقود التجارة الدولية‬
‫عقود التجارة الدولية باعتبارها محل التفاوض في دراستنا ال بد من بيان ماهيتها‪ ،‬من خالل التعرض أوال‬
‫إلى مفهومها (أوال)‪ ،‬ثم االنتقال إلى بيان أنواعها (ثانيا)‪ ،‬والهيئات املكلفة بها (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم عقود التجارة الدولية‬
‫لقد اتسع الجدال حول مفهوم العقد التجاري الدولي‪ ،‬فالفقهاء لم يتفقوا على تعريف جامع مانع له‪،‬‬
‫ومرد ذلك إلى املعيار املعتمد في تحديد دولية العقد التجاري‪ ،‬حيث نجد كل من املعيار القانوني واالقتصادي‪،‬‬
‫باإلضافة إلى معيار ثالث عرف باملعيار املزدوج تولى الجمع بين هذين األخيرين‪.‬‬
‫‪ -0‬املعيارالقانوني‬
‫يعتبر العقد دوليا وفقا للمعيار القانوني إذا ارتبطت عناصره القانونية بأكثر من نظام قانوني واحد‪ ،‬هذه‬
‫العناصر قد تتعلق بأطرافه كاختالف جنسيتهم أو موطنهم‪ ،‬كما قد تتعلق بالعقد كاختالف مكان إبرام العقد عن‬
‫مكان تنفيذه‪.2‬‬
‫لقد بين املشرع التونس ي متى يعتبر العقد دوليا بموجب املادة ‪ 12‬من القانون ‪ ،300-02‬التي جاء نصها‪":‬‬
‫تعتبر دولية‪ ،‬العالقة القانونية التي ألحد عناصرها املؤثرة على األقل صلة بنظام أو بعدة أنظمة قانونية غير‬
‫النظام القانوني التونس ي"‪ ،‬يفهم من املادة السالفة الذكر أن املشرع التونس ي اعتبر العالقة القانونية دولية متى‬
‫كان أحد عناصرها املؤثرة لها صلة بدولة أو أكثر غير الدولة التونسية‪ ،‬كأن يكون موطن أحد أطراف العقد ليس‬
‫في تونس‪ ،‬أو أن مكان أو تنفيذ العقد لم يتم في هذه األخيرة‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن اختالف جنسية طرفي العقد ال يكفي لجعل هذا األخير دوليا مالم يشتمل على عنصر‬
‫أجنبي آخر كاختالف موطنهما‪ ،‬وهو الحكم الذي تضمنته املادة ‪ 10‬من اتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود البيع‬
‫الدولي للبضائع‪ ،‬التي جاء نصها‪ ":‬تطبق أحكام هذه االتفاقية على عقود بيع البضائع املعقودة بين أطراف توجد‬

‫‪-1‬ميثاق طالب عبد حمادي الجبوري‪ ،‬النظام القانوني لعقد الترخيص باستعمال العالمة التجارية‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،10‬دار‬
‫الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،2100-2102،‬ص ص‪ ،012-010‬أنظر كذلك‪:‬‬
‫‪Mahmoud EL Sehly,op.cit,p.16‬‬
‫‪ 2‬محمد حبار‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬ط ‪ ،10‬الرؤى للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2103 ،‬ص ‪.022‬‬
‫‪3‬القانون رقم ‪ ،00-02‬الصادر في ‪ 20‬نوفمبر ‪ ،0002‬املتضمن إصدار مجلة القانون الدولي الخاص التونسية‪ ،‬الرائد الرسمي‪،‬‬
‫عدد ‪ ،02‬الصادر بتاريخ ‪ 0‬ديسمبر ‪.0002‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫أماكن عملهم في دول مختلفة‪ ،...‬ال تؤخذ في االعتبار جنسية األطراف وال الصفة املدنية أو التجارية لألطراف أو‬
‫للعقد في تحديد تطبيق هذه االتفاقية"‪.‬‬
‫‪ -0‬املعيار االقتصادي‬
‫يعود الفضل للقضاء الفرنس ي في وضع املعيار االقتصادي الذي يتم بموجبه تحديد دولية العقد‪ ،‬حيث‬
‫كانت البداية مع قضاء ‪ MATTER‬الذي اعتبر العقد الدولي‪ :‬ذلك العقد الذي ينتج " حركة مد وجزر عبر الحدود‪،‬‬
‫تبادل قيم بين البلدين"‪ ،‬هذا التعريف لم يدم العمل به طويال‪ ،‬فقد أعقبه صدور قرارين ملحكمة النقص‬
‫الفرنسية‪ ":‬يعتبر العقد دوليا إذا تعلق بمصالح التجارة الدولية"‪ ،1‬كأن يترتب عليه نقل بضاعة من دولة ألخرى‬
‫مقابل نقل الثمن من الثانية إلى األولى‪.‬‬
‫بالرجوع لقانون اإلجراءات املدنية واإلدارية ‪ ،210-12‬نجد أن املشرع الجزائري قد اعتبر بموجب املادة‬
‫‪ 0130‬التحكيم التجاري دوليا‪ ،‬التحكيم الذي يخص النزاعات املتعلقة باملصالح االقتصادية لدولتين على األقل‪،‬‬
‫أي أنه أخذ باملعيار االقتصادي دون القانوني‪ ،‬في حين كان األمر مختلف في ظل املرسوم التشريعي ‪ ،10-03‬الذي‬
‫سبق له األخذ باملعيارين القانوني واالقتصادي‪ ،‬بموجب املادة ‪ 252‬مكرر منه‪،‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن نص املادة ‪ 0130‬قد تضمن عبارة " املصالح االقتصادية لدولتين" بدال من عبارة"‬
‫مصالح التجارة الدولية"‪ ،‬إذ نعتقد أن كال العبارتين تؤديان نفس املعنى‪ ،‬كما أن عبارة " لدولتين على األقل"‪ ،‬ال‬
‫يقصد منها وجوب اختالف جنسية أطراف العقد حتى يعتبر دوليا‪ ،‬وإنما تفيد تعلق النزاع بمصالح اقتصادية‬
‫ألكثر من دولة‪ ،‬ومن التطبيقات القضائية الفرنسية التي أكدت ذلك‪ ،‬نجد القرار الصادر عن مجلس قضاء‬
‫باريس في ‪ 03‬ديسمبر ‪ ،00055‬الذي اعتبر العقد دوليا "العقد املبرم بين فرنسيين‪ ،‬حيث كان أحدهما يقطن‬
‫بكندا‪ ،‬تم إعطاءه وكالة من أجل ضمان البيع في كندا و الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬أنابيب تم إنتاجها في فرنسا‬
‫و بهذا تكون قد أدت إلى إعمال مصالح التجارة الدولية "‪.3‬‬
‫هذا وقد اعتبر األستاذ محمد حبار ‪4‬أنه‪ ":‬متى اعتبر العقد دوليا باملعيار القانوني‪ ،‬فإنه ال يكون حتما دوليا‬
‫باملعيار االقتصادي‪ ،‬غير أن العكس يبقى غير صحيح"‪ ،‬معنى ذلك أن كل عقد دولي باملعيار االقتصادي هو عقد‬
‫دولي باملعيار القانوني‪.‬‬

‫‪1Cf. Civ. 19 février 1930 et 27 janvier 1931, RCDIP, 1935, 514, S, 1933, I, 141, note Niboyet‬‬

‫أشار إليه كمال عليوش قربوع‪ ،‬القانون الدولي الخاص الجزائري‪ :‬تنازع القوانين‪ ،‬ج ‪ ،10‬ط ‪ ،13‬دار هومة‪ ،2100 ،‬ص ‪.320‬‬
‫‪ 2‬القانون رقم ‪ ،10-12‬املؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ ،2112‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية‪ .‬ألغت املادة ‪ 0122‬أحكام األمر‬
‫‪ ،052-22‬املؤرخ في ‪ 2‬جوان ‪ ،0022‬املعدل و املتمم و املتضمن قانون اإلجراءات املدنية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬الصادر في‬
‫‪ 23‬أبريل ‪. 2112‬‬
‫‪ 3‬كمال عليوش قربوع‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.203‬‬
‫‪ 4‬محمد حبار‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.022‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪ -3‬املعياراملزدوج‬
‫نتيجة للتطبيقات القضائية الفرنسية للمعيار االقتصادي‪ ،‬فقد برزت ثغرات عند تطبيق هذا األخير‪ ،‬رأت‬
‫املحاكم الفرنسية تجنبها من خالل دمج املعيارين االقتصادي والقانوني‪ ،‬عرف هذا الدمج باملعيار املزدوج يتم‬
‫األخذ به عند الحكم بدولية العقد‪ ،‬ومن التطبيقات الفضائية الفرنسية التي قضت بذلك‪ ،‬نجد الحكم الصادر‬
‫عن محكمة استئناف تولوز‪ ،‬الصادر في ‪ 22‬أكتوبر ‪ ":0022‬الجمع بين املعيارين يجسد الصفة األجنبية للرابطة‬
‫العقدية على نحو أفضل"‪.1‬‬
‫لقد أخذ املشرع الجزائري باملعيار املزدوج في ظل املرسوم التشريعي ‪ 10-03‬املتعلق باإلجراءات املدنية‬
‫امللغى‪ ،2‬وذلك بموجب املادة ‪ 252‬مكرر‪ ،‬التي نصت على أنه‪ ":‬يعتبر دوليا‪ ،‬بمفهوم هذا الفصل التحكيم الذي‬
‫يخص النزاعات املتعلقة بالتجارة الدولية‪ ،‬والذي يكون فيه مقر أو موطن أحد الطرفين على األقل في الخارج"‪.‬‬
‫بعد صدور قانون اإلجراءات املدنية واإلدارية الجديد ‪ ،10-12‬قد تم التخلي عن املعيار القانوني في تحديد‬
‫دولية العقد‪ ،‬واإلبقاء فقط على املعيار االقتصادي‪ ،‬بموجب املادة ‪ 0130‬السالفة الذكر أعاله‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬أنواع عقود التجارة الدولية‬
‫لعقود التجارة الدولية أنواع عديدة‪ ،‬يلعب كل منها دورا هاما في صعيد املبادالت التجارية‪ ،‬نتيجة لتعددها‬
‫فسنقتصر على ذكر أهمها‪ ،‬واألكثر انتشار في مجال التجارة الدولية‪:‬‬
‫أ)‪ -‬عقد البيع الدولي للبضائع‬
‫يعتبر عقد البيع الدولي للبضائع من أهم عقود التجارة الدولية‪ ،‬يعرف بعقد البيع التصديري‪ ،3‬نتيجة‬
‫ألهميته في مجال التجارة الدولية بالنسبة لجميع البلدان مهما كان نظامها القانوني‪ ،‬فقد تم وضع اتفاقية دولية‬
‫بشأنه عرفت باتفاقية فيينا ‪ 0021‬بشأن البيع الدولي للبضائع‪.‬‬
‫ب)‪ -‬عقود الوكالة والوساطة التجارية الدولية‬
‫ظهرت عقود الوكالة والوساطة التجارية الدولية نتيجة تزايد النشاط التجاري‪ ،‬واتساع نطاق الخدمات‬
‫التي تتطلبها التجارة الدولية‪ ،‬ما أدى إلى صعوبة تعامل الشركات مع املستهلكين مباشرة‪ ،‬فكان االعتماد على‬

‫‪1‬يسرى عوض عبد هللا‪ ،‬عقود التجارة الدولية‪ ،‬مفاوضاتها‪ ،‬إبرامها‪ ،‬تنفيذها‪ ،‬إصدارات مكتب اليسرى للمحاماة واالستشارات‪،‬‬
‫الخرطوم‪ ،2110 ،‬ص ‪.02‬‬
‫‪ 2‬املرسوم التشريعي رقم ‪ ،10-03‬املؤرخ في ‪ 25‬أبريل ‪ ،0003‬يعدل و يتمم األمر رقم ‪ ،052-22‬املؤرخ في ‪ 2‬يونيو ‪ ،0022‬واملتضمن‬
‫قانون اإلجراءات املدنية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬املوافق ‪ 20‬أبريل ‪.0003‬‬
‫‪ 3‬محمد حسين منصور‪ ،‬العقود الدولية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،2110 ،‬اإلسكندرية‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫الوسطاء الحل األنسب لتجاوز هذه الصعوبات‪ ،‬كعقد املمثل التجاري‪ ،‬الوكيل بالعمولة‪ ،‬املوزع التجاري‪،‬‬
‫الوكيل التجاري‪.1‬‬
‫ج)‪ -‬عقد االمتيازالتجاري‬
‫يعتبر عقد االمتياز التجاري وليد حاجة الشركات واملؤسسات الكبرى لتسويق منتجاتها أو تقديم خدماتها‬
‫إلى الشركات واملؤسسات التي ال تملكها‪ ،‬فقد صار أداة فعالة لغزو األسواق العاملية‪ ،‬وشكل من أشكال‬
‫االستثمارات غير املباشرة‪ ،2‬يمكن الوقوف على معامله من خالل تعريف األستاذ عمر سعد هللا له بأنه‪ ":‬اتفاق‬
‫يقوم بموجبه صاحب أي مشروع ناجح بمنح اسمه وعالمته إلى املستثمرين الراغبين في االستثمار في نفس‬
‫النشاط ممن لديهم الخبرة‪ ،‬وعلى املستفيد االلتزام بتطبيق السياسات واإلجراءات واإلرشادات التي يوفرها له‬
‫مانح االمتياز‪ ،‬وكذلك االستفادة من الخبرات واملهارات والدعم الذي يقدمه مانح االمتياز في التدريب واملساعدة‬
‫الفنية‪ ،‬ومقابل ذلك يدفع املستفيد للمانح رسوما تتمثل في نسب مئوية من صافي املبيعات تختلف من حيث‬
‫قيمتها ونسبتها من شركة ألخرى حسب طبيعتها وسمعتها"‪.3‬‬
‫د)‪ -‬عقد الترخيص الصناعي‬
‫عقد الترخيص الصناعي عرفته األستاذة مريم كريد بأنه‪ ":‬العقد الذي يرخص بموجبه مالك الترخيص‬
‫للمرخص له الحق باستعمال واستغالل تكنولوجيا معينة‪ ،‬سواء أكانت محمية كبراءات االختراع‪ ،‬أو غير محمية‬
‫كاملعرفة الفنية‪ ،‬بما فيها األسرار الصناعية‪ ،‬ملدة معينة لقاء مقابل معين"‪ ،4‬من خالل التعريف السابق لعقد‬
‫الترخيص الصناعي يتضح أن هذا العقد من العقود الناقلة للتكنولوجيا من الدول املتطورة إلى الدول النامية‪،‬‬
‫ويلعب دورا هاما في الحياة االقتصادية والتجارية العاملية‪ ،‬كما يحقق مصالح كل من املرخص واملرخص له‪.‬‬
‫ه)‪ -‬عقد اإليجارالتمويلي الدولي‬
‫يعتبر عقد اإليجار التمويلي الدولي من الوسائل املستحدثة في مجال منح االئتمان في مجال التجارة الدولية‬
‫وقانون األعمال‪ ،‬عرف من قبل الفقه على أنه‪ ":‬عملية ثالثية األطراف‪ ،‬تحتوي على عقدين أساسيين‪ :‬عقد البيع‬
‫‪ -‬الذي بمقتضاه تتملك املؤسسة املالية املؤجرة األصل محل عقد التأجير التمويلي ‪ -‬وعقد التأجير التمويلي‬
‫الذي تقوم من خالله املؤسسة املالية بتأجير األصل اإلنتاجي للمشروع املستفيد‪ ،‬نظير سداد األجرة املتفق‬

‫‪ 1‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.22 -20‬‬


‫‪ 2‬أميرة ويشاوي‪ ،‬عقد االمتياز التجاري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة قسنطينة‬
‫‪ ،2105-2102 ،10‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 3‬عمر سعد هللا‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ :‬النظرية املعاصرة‪ ،‬ط ‪ ،13‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،2110 ،‬ص‬
‫‪.213‬‬
‫‪ 4‬مريم كريد‪ ،‬النظام القانوني لعقد الترخيص الصناعي‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في قانون األعمال‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة ‪ ،10‬ص ‪.10‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫عليها"‪ ،1‬نتيجة ألهمية هذا العقد فقد حظي باهتمام املعهد الدولي للقانون الخاص بروما‪ ،‬من خالل وضعه‬
‫التفاقية أوتاوا ‪ 0022‬املتعلقة باإليجار الدولي للمعدات‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الهيئات املكلفة بالتجارة الدولية‬
‫بغية تنظيم التجارة الدولية تم إنشاء العديد من الهيئات الدولية عملت على املساهمة في تفعيل نشاط‬
‫التبادل التجاري الدولي‪ ،‬هذه األخيرة منها ما هو حكومي‪ ،‬باعتبارها تتكون من عضوية حكومات بعض الدول‪،‬‬
‫ويمثلها مندوبون فيها (أ)‪ ،‬ومنها ما هو غير حكومي (ب)‪ ،‬سيتم بيانها فيما يلي‪:‬‬
‫أ)‪ -‬الهيئات الحكومية املكلفة بالتجارة الدولية‬
‫الهيئات الحكومية املكلفة بالتجارة الدولية سميت بالحكومية ألن أعضاءها هم حكومات الدول‪ ،‬يمثلهم‬
‫مندوبون‪ ،‬تهدف هذه الهيئات إلى وضع وتوحيد قواعد التجارة الدولية‪ ،‬أخدت في الظهور ابتداء من القرن‬
‫العشرين‪ ،‬كلجنة األمم املتحدة لقانون التجارة الدولية (‪ ،)0‬واملعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (‪.)2‬‬
‫‪ -)0‬لجنة األمم املتحدة للقانون التجاري الدولي " األونيسترال"‬
‫تم إنشاء لجنة األونيسترال سنة ‪ 0022‬بموجب القرار الصادر عن الجمعية العامة لألمم املتحدة رقم‬
‫‪ 2215‬دورة ‪ ،20‬املؤرخ في ‪ 00‬ديسمبر ‪ ،0022‬حيث اعتبرت هذه األخيرة في قرارها أن التفاوتات في القوانين‬
‫الوطنية التي تنظم التجارة الدولية تضع عوائق أمام تدفق التجارة‪ ،‬واعتبرت إنشاء لجنة االونيسترال من شأنها‬
‫تقليل ورفع هذه العوائق‪ ،2‬من خالل العمل على التوحيد التدريجي لقانون التجارة الدولية كونها الهيئة القانونية‬
‫األساسية بمنظمة األمم املتحدة‪.‬‬
‫‪ -)0‬املعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص‬
‫نشأ املعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص في ‪ 21‬أبريل ‪ ،0022‬يعتبر منظمة حكومية مستقلة مقرها روما‬
‫بإيطاليا‪ ،‬وهو هيئة مساعدة لعصبة األمم‪ ،‬أعيد تأسيسه سنة ‪ 0021‬من خالل وضع قانونه العضوي‪ ،‬املعدل‬
‫أيضا خالل سنة ‪ ،0003‬بلغ عدد أعضائه ‪ 20‬دولة‪ ،‬تمثل مختلف النظم السياسية االقتصادية القانونية‬
‫للقارات الخمس‪ ،‬نصت املادة األولى من قانونه العضوي على أن املعهد الدولي يستهدف توحيد القوانين املقارنة‪،‬‬
‫بدراسة وسائل تحقيق التوافق والتنسيق فيما بين القانون الخاص للدول وتجمعات الدول‪ ،‬و إعداد تدريجي‬

‫‪1‬عبدالكريم عسالي‪ ،‬ماهية عقد اإليجار التمويلي الدولي‪ ،‬املجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،12‬جامعة عبد‬
‫الرحمن ميرة بجاية‪ ،2101 ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪ 2‬عمر سعد هللا‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.002‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫لتتبنى مختلف الدول قواعد موحدة للقانون الخاص‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى أن الجزائر ليست عضوا في املعهد‪ ،‬ومن‬
‫املستحسن انضمامها إليه‪ ،‬كونه يعمل على توحيد القانون الخاص‪.1‬‬
‫ب)‪ -‬الهيئات غيرالحكومية املكلفة بالتجارة الدولية‬
‫إضافة إلى الهيئات الحكومية املكلفة بالتجارة الدولية‪ ،‬فقد وجدت هيئات أخرى غير حكومية تعنى بهذه‬
‫األخيرة‪ ،‬أنشأها أفراد متخصصون في قانون التجارة الدولية‪ ،‬يشتركون فيها بصفة شخصية‪ ،‬وال يمثلون‬
‫حكومات معينة‪ ،‬تمثلت في كل من غرفة التجارة الدولية (‪ ،)0‬واللجنة البحرية الدولية (‪.)2‬‬
‫‪ -)0‬غرفة التجارة الدولية‬
‫غرفة التجارة الدولية منظمة غير حكومية في قطاع األعمال‪ ،‬أنشئت سنة ‪ 0000‬من قبل ممثلين للميادين‬
‫االقتصادية‪ ،‬تعنى بالتجارة الدولية مقرها باريس‪ ،‬تسمى أيضا باملنظمة العاملية لألعمال التجارية‪ ،‬تهدف إلى‪":‬‬
‫ضمان العمل الفعال واملستمر في الحقول االقتصادية والقانونية من أجل املساهمة في النمو املتجانس لقطاع‬
‫التجارة الدولي وتحريره"‪.2‬‬
‫صدرت عن غرفة التجارة الدولية عدة أعمال قانونية‪ ،‬كالقواعد املوحدة للضمانات التعاقدية نشرة رقم‬
‫‪ ،325‬الدليل لوضع العقود التجارية الدولية نشرة رقم ‪ ،201‬نظام املصالحة والتحكيم لغرفة التجارة الدولية‬
‫لسنة ‪...0022‬إلخ‪ ،3‬كما للغرفة دور مهم في تسوية منازعات عقود التجارة الدولية‪ ،‬من خالل نظام التحكيم‬
‫التجاري الدولي الذي وضعته‪.4‬‬
‫‪ -)0‬اللجنة البحرية الدولية‬
‫تعتبر اللجنة البحرية الدولية أقدم منظمة دولية غير حكومية تعنى بالقانون البحري واملمارسات‬
‫التجارية‪ ،‬أنشئت سنة ‪ 0200‬في أنفرس ببلجيكا‪ ،‬تظم ممثلين عن الهيئات املشتغلة بالتجارة الدولية‪ ،‬ورجال‬
‫قانون متخصصون في القانون البحري‪ ،‬باإلضافة إلى البنوك املتخصصة في االعتمادات املستندية‪ ،‬ومالك‬
‫السفن والشاحنين‪ ،‬وشركات التأمين البحرية‪...‬إلخ‪ ،‬تهدف إلى توحيد القانون البحري واألعراف والعادات‬
‫املمارسة في املجال البحري‪ ،‬قامت هذه اللجنة بوضع العديد من املعاهدات قصد تحقيق ذلك‪ ،‬عرفت‬
‫بمعاهدات بروكسل‪ ،‬كمعاهدة توحيد بعض قواعد سندات الشحن ‪25‬أوث ‪ ،0022‬ومعاهدة توحيد بعض‬

‫‪ 1‬توفيق ميلود مباركي‪ ،‬وضع قواعد التجارة الدولية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في قانون األعمال املقارن‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق جامعة وهران‪ ،2101-2110 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 2‬أسماء بعلوج‪ ،‬غرفة التجارة الدولية في ميزان القانون واالجتهاد القضائي الجزائريين‪ ،‬مجلة ضوت القانون‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد‬
‫‪ ،13‬جامعة خميس مليانة‪ ،2120 ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ 3‬توفيق ميلود مباركي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 4‬محمد نصر محمد‪ ،‬الوسيط في عقود التجارة الدولية‪ ،‬ط ‪ ،10‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،2102 ،‬ص ‪.002‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫قواعد تحديد املسؤولية ملالك السفت املبرمة في ‪ 25‬أوث ‪ ،0022‬ومعاهدة توحيد بعض القواعد املتعلقة بنقل‬
‫الركاب بطريق البحر املبرمة في ‪ 20‬أبريل ‪.10020‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مضمون وحدود مبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫نتيجة لعدم تنظيم املرحلة ما قبل التعاقدية من قبل املشرع الجزائري على غرار العديد من مشرعي دول‬
‫العالم‪ ،‬كاملشرع املصري والفرنس ي قبل تعديل القانون املدني الفرنس ي سنة ‪ ،2102‬فقد استلزم األمر أن يسود‬
‫هذه املرحلة العديد من املبادئ بغية تنظيمها‪ ،‬فكان ملبدأ حرية التفاوض الحيز األكبر في ذلك خالل هذه‬
‫املرحلة‪ ،‬الذي ومن خالل إعماله يمكن لكل طرف من أطراف التفاوض الدخول في هذا األخير‪ ،‬وقطعه دون أن‬
‫تترتب في جانبه أيه مسؤولية‪ ،‬ما دام أ ن ذلك القطع لم يكن تعسفيا‪ ،‬وغير منافيا لحسن النية‪ ،‬هذا املبدأ‬
‫ونتيجة ألهميته ينبغي بيان مضمونه (الفرع األول)‪ ،‬ثم بيان حدوده‪ ،‬باعتبار أنه ال يمكن أخده بصورة مطلقة‪،‬‬
‫حفاظا على مصالح جميع األطراف املتفاوضة‪ ،‬ودعما للثقة بينهم خالل املرحلة ما قبل التعاقدية (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬مضمون مبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫مبدأ حرية التفاوض حتى يتم بيان مضمونه وحدوده‪ ،‬ينبغي أوال التمييز بينه وبين ما يقترب منه من‬
‫مبادئ‪ ،‬كمبدأ حرية التعاقد‪ ،‬اللذان قد تم التمييز بينهما من قبل الباحث ‪ Radu Stancu‬في أطروحته‪ ،‬حيث‬
‫اعتبرهما يختلفان عن بعضهما البعض من حيث دور كل منهما‪ ،‬فمبدأ حرية التفاوض على العقد يهدف أساسا‬
‫إلى تطوير إطار عمل يمكن أن تتم فيه املفاوضات‪ ،‬في حين يهدف مبدأ الحرية التعاقدية إلى تمكين األطراف من‬
‫تحديد محتوى عقدهم بحرية‪ ،2‬فاملتمعن في مصطلحي حرية التفاوض‪ ،‬وحرية التعاقد‪ ،‬يدرك أن كالهما‬
‫منبثقان عن مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إلى الخلط بينهما عند الباحثين‪ ،‬رغم أن كل منهما يختلف‬
‫عن اآلخر من حيث الدور‪ ،‬وكذلك من حيث املضمون‪ ،‬ذلك أن مبدأ حرية التفاوض يمنح لكل شخص الحق في‬
‫الدخول في التفاوض أو عدم الدخول فيه (أوال)‪ ،‬كما يسمح له باالنسحاب منه في أي وقت يشاء أيضا (ثانيا)‪ ،‬في‬
‫حين يمنحه مبدأ حرية التعاقد الحق في التعاقد أو عدم التعاقد‪ ،‬وتضمين عقده ما يشاء من بنود‪.‬‬
‫أوال‪ -‬حرية الدخول في التفاوض واختيارالطرف املتفاوض معه‬
‫يقتض ي مبدأ حرية التفاوض أن يكون لألطراف الراغبة في التعاقد الحرية التامة في بدأ التفاوض عند‬
‫الوقت واملكان الذين يرونه مناسبا‪ ،‬وبالطريقة التي تخدم مصالحهم وتتالءم مع حاجاتهم‪ ،‬فالتفاوض يمكن أن‬
‫يكون حول طاولة واحدة‪ ،‬كما يمكن أن يكون عن بعد‪ ،‬والذي يعرف بالتفاوض اإللكتروني‪.‬‬

‫‪ 1‬توفيق ميلود مباركي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.00-20‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Radu Stancu, L’évolution de la responsabilité civile dans la phase Précontractuelle: comparaison‬‬
‫‪entre le droit civil français et le droit civil roumain à la lumière du droit eurppéen, thèse pour‬‬
‫‪obtenir le grade doctorat en droit, université de Strasbourg, 2015, p18.‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫هذا وتقتض ي حرية التفاوض كذلك أن يكون لكل طرف الحرية التامة في اختيار الطرف اآلخر في عملية‬
‫التفاوض‪ ،‬فباعتبار أن كل منهم له الحرية في التعاقد أو عدم التعاقد‪ ،‬واختيار الطرف املزمع التعاقد معه‪،1‬‬
‫فمن باب أولى كذلك أن يكون لكل منهم الحرية التامة في اختيار الطرف املتفاوض معه‪ ،‬وهو ما ينطبق بشكل‬
‫مباشر على العقود ذات االعتبار الشخص ي‪ ،‬التي يولي فيها األطراف أهمية خاصة لشخص املتعاقد‪ ،‬فيكون‬
‫إبرامها وتنفيذها مرتبط بهذا األخير‪ ،2‬وهو ما نجده منطبقا على عقد الترخيص باستغالل حق من حقوق امللكية‬
‫الصناعية‪ ،‬باعتبار أن املرخص ال يبرم عقد الترخيص مع أي كان‪ ،‬بل غالبا ما يراعي في ذلك توافر مجموعة من‬
‫املؤهالت واملكنات في املرخص له‪ ،‬ملا لذلك من آثار جد مهمة على حقوق ملكيته الصناعية‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬حرية االنسحاب من التفاوض‬
‫مبدأ حرية التفاوض باإلضافة إلى منحه لكل شخص حرية الدخول في التفاوض حول العقد املنشود‪ ،‬فإنه‬
‫يمنحه أيضا الحق في االنسحاب منه في أي وقت يشاء‪ ،‬دون أن يكون ملزما بتبرير ذلك االنسحاب‪ ،‬باعتبار أنه‬
‫ليس ملزما بمواصلة التفاوض‪ ،‬وتتويج هذا األخير بإبرام العقد املنشود‪ ،‬ومن التطبيقات القضائية التي كرست‬
‫ذلك‪ ،‬نجد القرار الصادر عن محكمة استئناف ‪ ،Colmar‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬أغسطس ‪ ،2102‬في القضية التي‬
‫جمعت بين شركة ‪ X‬وشركة ‪ ، SNAL -Y‬قد خلصت إلى‪... ":‬وحيث أنه نتج من الرسائل املتبادلة بين الطرفين‬
‫خالل خريف عام ‪ 2112‬أن قطع التفاوض كان نتيجة لعدم االتفاق بين األطراف حول الشروط القانونية واملالية‬
‫للتعاون التجاري املخطط له؛ و أن الشركة ‪ X‬لم تثبت أن رفض شريكها قبول الشروط املوضحة في فاتورتها‬
‫املؤرخة ‪ 0‬يناير ‪ ،2112‬وفي بريدها الصادر في ‪ 22‬سبتمبر ‪ 2112‬قد كان تعسفيا"‪ ،3‬وهو ما تم األخذ به من قبل‬
‫املعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بروما‪ ،‬فيما يتعلق بمجموعة املبادئ املتعلقة بعقود التجارة الدولية لسنة‬
‫‪ 0002‬في ف ‪ 10‬من البند ‪ 05‬من املادة ‪ ،12‬التي نصت على أنه‪ ":‬يكون األطراف أحرارا في التفاوض‪ ،‬وال يكونون‬
‫مسؤولون إذا لم يصلوا إلى اتفاق"‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن حرية االنسحاب من التفاوض ال يمكن أن تكون مطلقة حتى ال يتم استغاللها من قبل‬
‫أحد أطراف التفاوض استغالال تعسفيا‪ ،‬ومن ثم اإلضرار بمصالح الطرف اآلخر‪ ،‬األمر الذي استلزم معه وضع‬
‫حدود وقيود لهذه الحرية‪ ،‬سيتم التفضيل فيها في املطلب املوالي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬حدود مبدأ حرية التفاوض على عقود التجارة الدولية‬

‫‪ 1‬نصت املادة ‪ 0012‬من القانون املدني الفرنس ي املستحدثة بموجب األمر ‪ ،030-02‬على أنه‪ ":‬لكل شخص الحرية في التعاقد أو‬
‫عدم التعاقد‪ ،‬واختيار املتعاقد اآلخر وتحديد محتوى وشكل العقد ضمن الحدود التي وضعها القانون‪"...‬‬
‫‪ 2‬رفاه كريم رزوقي كربل‪ ،‬االعتبار الشخص ي وأثرة في تنفيذ العقد اإلداري‪ ،‬مجلة املحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،13‬جامعة بابل‪ ،‬العراق‪ ،2102 ،‬ص ‪.525‬‬
‫‪3‬‬
‫‪CA Colmar, 29 août 2012, n° 11/00041‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫مبدأ حرية التفاوض كمبدأ ناظم ملرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬يجد حدودا له بإعمال مبدأ‬
‫حسن النية (أوال)‪ ،‬كما يجد حدود له تعرف بالحدود االتفاقية‪ ،‬التي تجد مصدر االلتزام بها في اتجاه أطراف‬
‫التفاوض إلى إلزام أنفسهم بها (ثانيا)‪ ،‬هذه الحدود تتمثل في‪:‬‬
‫أوال‪ -‬حدود مبدأ حرية التفاوض الناتجة عن إعمال مبدأ حسن النية‬
‫ينتج عن إعمال مبدأ حسن النية عدم ترك مبدأ حرية التفاوض من غير قيود أو حدود تحده‪ ،‬كل ذلك‬
‫بهدف تجنب تعسف أحد األطراف املتفاوضة في استعمال حريته التفاوضية‪ ،‬وعدم اإلضرار بالطرف اآلخر‪.‬‬
‫يعد االلتزام باالستمرار في التفاوض التزاما مكمال لاللتزام بالدخول فيه‪ ،‬فهو الذي من شأنه منح قيمه‬
‫لهذا األخير‪ ،‬إذ ال معنى للدخول في التفاوض إن لم تكن هناك استمرارية فيه‪ ،1‬فاملفاوضات باعتبارها مرحلة‬
‫تحضيرية تتضمن مجرد عروض‪ ،‬وتتميز بعنصر االحتمال‪ ،‬فقد تصل في نهايتها إلى إبرام العقد املنشود‪ ،2‬كما قد‬
‫تصل إلى طريق مسدود تنتهي عنده‪ ،‬فاألطراف املتفاوضة لهم الحرية التامة في الدخول فيها‪ ،‬وكذلك في الخروج‬
‫منها‪ ،‬وفقا ملبدأ حرية التفاوض‪ ،‬كما أنهم ليسوا ملزمين بالوصول إلى إبرامه‪ ،‬إذ تبقى لكل منهم الحرية في قطعها‬
‫دون أدنى مسؤولية‪ ،3‬مالم يقترن ذلك بخطأ ألحق ضررا بالطرف اآلخر كالقطع التعسفي لها دون أي مبرر‪ ،‬مما‬
‫يترتب عليه التعويض للطرف املضرور‪ ،‬خاصة في الحالة التي تحرز فيه األطراف املتفاوضة تقدما كبيرا في‬
‫التفاوض حول العقد‪ ،‬مما يجعل إبرامه أمرا مؤكدا‪ ،‬ليتفاجأ بعد ذلك أحدهم بقطع التفاوض من قبل‬
‫املتفاوض اآلخر‪ ،‬وفي ذلك نجد ف ‪ 12‬من املادة ‪ 12‬من البند ‪ 05‬من مبادئ اليونيدروا املتعلقة بعقود التجارة‬
‫الدولية قد اعتبرت الطرف املتفاوض مسؤوال في حالة تفاوضه أو قطعه املفاوضات بسوء نية‪ ،‬في حالة إلحاقه‬
‫ضررا بالطرف اآلخر‪.‬‬
‫لقد اعتمدت املدرسة الفرنسية على عدم التعسف في استعمال الحق‪ ،‬كأساس لحظر وقف التفاوض من‬
‫قبل أحد املتفاوضين‪ ،‬ومن التطبيقات القضائية التي أخدت بذلك‪ ،‬نجد القرار الصادر عن محكمة النقض‬
‫الفرنسية عام ‪ 0020‬في قضية ‪ ،Monoprix‬التي اعتبرت فيه‪ ":‬وقف التفاوض دون سبب مشروع يعد شكال من‬
‫أشكال التعسف في استعمال الحق دون الحاجة إلى البحث في نية هذا الشخص‪ ،‬األمر الذي يستوجب منه‬
‫التعويض"‪ ،‬في حين اعتبرت في قرار آخر أن قطع التفاوض دون سبب مشروع‪ ،‬يعتبر مظهرا من مظاهر سوء نية‬
‫املتفاوض‪ ،‬حيث جاء نص القرار‪ ":‬في حالة ما إذا وصلت املفاوضات إلى مرحلة اعتقد فيها الطرف املتفاوض‬

‫‪ 1‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ 2‬ملا عبدهللا صادق سلهب‪ ،‬مجلس العقد اإللكتروني‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪،‬‬
‫فلسطين‪ ،2112 ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪ 3‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬املفاوضات في الفترة قبل التعاقدية ومراحل إعداد العقد الدولي‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية‪ ،‬مجلد ‪ ،32‬عدد ‪ ،12‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬مصر‪ ،0002 ،‬ص ‪.00‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫بحتمية التعاقد‪ ،‬فإن قطع املفاوضات بدون سبب مشروع يعد مخالفا ملقتضيات حسن النية‪ ،‬متى تسبب في‬
‫ضرر للطرف املقابل"‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬حدود مبدأ حرية التفاوض االتفاقية في عقود التجارة الدولية‬
‫غالبا ما تعمد األطراف املتفاوضة إلى تنظيم عملية التفاوض على العقود من خالل إبرام ما يسمى بعقد‬
‫التفاوض‪ ،2‬هذا األخير باعتباره عقد مؤقت‪ ،‬ال يكون غاية في حد ذاته وإنما وسيلة لبلوغ إبرام العقد النهائي‬
‫املنشود‪ ،3‬يتضمن غالبا العديد من البنود تمثل قيودا وحدودا ملبدأ حرية التفاوض‪ ،‬يكون جانب منها متعلق‬
‫بسير عملية التفاوض (أ)‪ ،‬في حين يكون جانب آخر هادفا إلى ضمان جدية األطراف املتفاوضة (ب)‪.‬‬
‫أ)‪ -‬البنود الهادفة لضمان حسن سيرالتفاوض‬
‫من خالل عقد التفاوض يحرص األطراف في غالب األحيان على تضمينه مجموعة من البنود‪ ،‬يكون الهدف‬
‫منها أساسا ضمان حسن سير العملية التفاوضية‪ ،‬كأن يتم تحديد تاريخ بداية هذه األخيرة‪ ،‬وتاريخ انتهائها‪،‬‬
‫باعتبار أن مدة التفاوض تطول وتقصر حسب أهمية العقد املزمع التفاوض بشأنه‪ ،‬كما ترتبط كذلك بمدى‬
‫التعاون واملرونة الذي يبديها كال منهم‪ ،‬إذ تكمن الفائدة العملية من تحديد مدة التفاوض في وضع حد لكل‬
‫التالعبات التي قد تصدر من أحد األطراف املتفاوضة بغية إطالة أمدها‪ ،‬وتفويت الفرصة على الطرف اآلخر في‬
‫التعاقد مع الغير‪ ،‬كما أن الصفقة في حد ذاتها قد تفقد أهميتها بمرور فترة معينة من الزمن‪ ،‬وهو ما نجده في‬
‫التفاوض الوارد على عقد الترخيص باستغالل براءة االختراع‪ ،‬هذا األخير وباعتباره حل إلحدى املشاكل التقنية‪،‬‬
‫فقد تتجاوزه التكنولوجيا بعد فترة طويلة من املفاوضات‪ ،‬ومن ثم ال يبقى هناك من داع للحصول على رخصة‬
‫استغالل بشأنه‪.‬‬
‫من بين البنود كذلك التي من شأنها العمل على ضمان حسن سير العملية التفاوضية نجد تحديد‬
‫األطراف ملكان إجراء التفاوض‪ ،‬وتحديد الطرف الذي يقع عليه عبئ دفع تكاليفه‪ ،‬سواء كان هذا العبء يقع على‬
‫أحدهم أو على جميعهم‪ ،‬كما قد يتفق املتفاوضون كذلك على اختيار اللغة التي يتم االعتماد عليها في إجراء‬
‫التفاوض‪ ،‬وفي إثبات املباحثات التي تمت بينهم‪.4‬‬
‫أما بالنسبة لطبيعة االلتزام بالتفاوض‪ ،‬وباعتبار أنه في هذه الحالة يستند إلى عقد التفاوض في وجوده‪،‬‬
‫فيعتبر التزاما بتحقيق نتيجة وليس ببدل عناية‪ ،‬ذلك أن كل طرف فيه ملزم بالدخول في املفاوضاـت وفقا ملا تم‬

‫‪ 1‬أشار إليه‪ :‬محمود فياض‪ ،‬مدى التزام األنظمة القانونية املقارنة بمبدأ حسن النية في مرحلة التفاوض على العقد‪ ،‬مجلة‬
‫الشريعة والقانون‪ ،‬العدد ‪ ،52‬اإلمارات العربية املتحدة‪ ،2103 ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Mahmoud Elsehly, op, cit, p22.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Joanna Schmidt-Szalewski, La période précontractuelle en droit français, Revue Internationale de‬‬
‫‪droit comparé. V 42, N° 2, 1990, p 559.‬‬
‫‪ 4‬أنس عبد املهتري فريحات‪ ،‬النظام القانوني للمفاوضات في القوانين الوضعية والشريعة اإلسالمية‪ :‬دراسة تأصيلية مقارنة‪ ،‬ط‬
‫‪ ،10‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2102 ،‬ص ‪.322‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫االتفاق عليه‪ ،1‬تترتب في حالة مخالفته قيام املسؤولية العقدية في جانب املخالف‪ ،2‬أما بالنسبة لاللتزام بالسير‬
‫فيها ونجاحها فهو التزام ببدل عناية‪ ،‬إذ يكفي أن يبدل كل منهم العناية الالزمة خالل التفاوض‪ ،3‬وهو ما نجده‬
‫يتناسب مع طبيعة املفاوضات‪.‬‬
‫ب)‪ -‬البنود الهادفة إلى ضمان جدية األطراف املتفاوضة‬
‫عقد التفاوض من خالل وظيفته التنظيمية لعملية التفاوض على العقود غالبا ما يتضمن العديد من‬
‫البنود‪ ،‬يكون الهدف منها أساسا ضمان جدية األطراف املتفاوضة خالل التفاوض على العقد املنشود‪ ،‬من بينها‬
‫االلتزام باالستمرار في التفاوض وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة (‪ ،)0‬وااللتزام بعدم إجراء مفاوضات‬
‫موازية(‪.)0‬‬
‫‪ -)0‬االلتزام باالستمرارفي التفاوض وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة‬
‫قد تعمد األطراف املتفاوضة إلى إيراد بند في عقد التفاوض يقض ي بإلزام جميع األطراف باالستمرار في‬
‫التفاوض وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة‪ ،‬فهذا االلتزام في الحقيقة يعد مكمال لاللتزام بالدخول في التفاوض‪،‬‬
‫إذ ال معنى للدخول في هذا األخير إن لم تكن هناك استمرارية فيه‪ ،‬فهذا القيد االتفاقي الوارد على حرية التفاوض‬
‫من شأنه دعم الثقة بين املتفاوضين‪ ،‬وضمان الجدية والحد األدنى من األمن التفاوض ي بين األطراف املتفاوضة‪،‬‬
‫الذي من شأنه تيسير الوصول إلى إبرام العقد النهائي‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن االلتزام باالستمرار في التفاوض يمكن التحلل منه من قبل كل طرف من أطراف‬
‫التفاوض إذا كانت هناك أسباب معقولة أو مشروعة تبرر ذلك‪ ،‬فمثال إذا لم تحرز املفاوضات أي تقدم رغم‬
‫مسعى املتفاوضين لتقدمها‪ ،‬وعدم تالقي مصالحهم وابتعاد وجهات نظرهم‪ ،‬ففي هذه الحالة يحق لكل طرف‬
‫طلب االنسحاب منها‪ ،‬دون أن يشكل انسحابه خطأ يبرر قيام املسؤولية العقدية في حقه‪ ،‬غير أنه في الحالة‬
‫العكسية أي الحالة التي تحرز فيه املفاوضات تقدما كبيرا‪ ،‬ثم يعمد أحد املتفاوضين إلى قطعها دون سبب‬
‫مشروع‪ ،‬اعتبر مخطئا وقامت معه مسؤوليته العقدية‪ ،‬وفي ذلك قضت محكمة استئناف ميالنو في عام ‪ 0020‬في‬

‫‪ 1‬هدية عبد الحفيظ مفتاح بن هندي‪ ،‬التنظيم االتفاقي للمفاوضات في اإلطار العقدي صورها وآثارها‪ ،‬مجلة الجامعة األسمرية‬
‫اإلسالمية‪ ،‬عدد ‪ ،00‬الجامعة األسمرية‪ ،‬ليبيا‪ ،2102 ،‬ص ‪.225‬‬
‫‪ 2‬محمد محسن إبراهيم النجار‪ ،‬عقد االمتياز التجاري‪ :‬دراسة في نقل املعرفة الفنية‪ ،‬ط‪ ،10‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2100‬ص ‪.000‬‬
‫‪ 3‬آية بلعقون‪ ،‬املفاوضات اإللكترونية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات األكاديمية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،10‬جامعة باتنة ‪ 10‬الحاج‬
‫لخضر‪ ،2121 ،‬ص ‪.205‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫قضية ‪ " Bianca‬بعدم التزام الطرف املتفاوض في الوصول إلى نتيجة نهائية بالتعاقد عند نهاية املفاوضات‪،‬‬
‫مالم تكن هذه األخيرة قد وصلت ملرحلة متقدمة‪ ،‬بعثت الطرف اآلخر إلى االعتقاد بحتمية توقيع العقد "‪.1‬‬
‫بالرجوع ملبادئ اليونيدروا املتعلقة بعقود التجارة الدولية‪ ،‬نجد أنها هي األخرى قد اعتبرت بموجب الفقرة‬
‫‪ 12‬من املادة ‪ 12‬من البند ‪ ،05‬املتفاوض مسؤول في حالة تفاوضه أو قطعه املفاوضات بسوء نية‪ ،‬في حالة‬
‫إلحاقه أضرارا بالطرف اآلخر‪.‬‬
‫‪ -)0‬االلتزام بعدم إجراء مفاوضات موازية‬
‫االلتزام بعدم إجراء مفاوضات موازية أحد أهم القيود االتفاقية الواردة على حرية التفاوض‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك القيد واقعا على جميع املتفاوضين أو أحدهم فقط‪ ،‬والذي تم تعريفه من قبل الفقه على أنه‪ ":‬عقد يلتزم‬
‫بمقتضاه أحد الطرفين أو كالهما باالمتناع عن إجراء مفاوضات موازية مع الغير ملدة معينة"‪ ،2‬بما يمكن معه‬
‫الفهم أن حظر املفاوضات املوازية ال يكون واجبا على أطراف التفاوض إال في حالة االتفاق الصريح على ذلك‪،‬‬
‫حيث يعتبر خروجا عن األصل الذي يجيز لكل طرف التفاوض مع أكثر من شخص حول نفس الصفقة‪ ،3‬وهو ما‬
‫أخذ به االجتهاد القضاء الفرنس ي حتى قبل تعديل الق‪.‬م‪.‬ف لسنة ‪ ،21024‬طاملا لم يخل هذا املتفاوض بمبدأ‬
‫حسن النية في التفاوض‪ ،‬إعماال ملبدأ حرية التفاوض‪ ،‬باإلضافة إلى عدم وجود التزام قانوني يقض ي بقيام أحد‬
‫أطراف التفاوض بإعالم الطرف اآلخر باملفاوضات املوازية التي قد يجريها على نفس الصفقة‪ ،‬إال أن هذه الحرية‬
‫في التفاوض ليست مطلقة فقد تتجه األطراف املتفاوضة إلى تقييدها باالتفاق على حصرية التفاوض سواء كان‬
‫تبادليا أو يقع على عاتق طرف واحد‪ ،5‬كما قد تتقيد بقيد آخر غير اتفاقية‪ ،‬وهو ما نجده في الحالة تحرز فيه‬
‫املفاوضات تقدما كبير إلى الحد الذي يجعل التوقيع على العقد أمرا حتميا ومؤكدا‪ ،‬كأن يتفق األطراف على‬
‫جميع الشروط الجوهرية وغير الجوهرية للعقد‪ ،‬وإرجاء التوقيع عليه لزمن معلوم‪.6‬‬
‫عند االتفاق على حظر املفاوضات املوازية يجب وضع حدودا زمنية لهذا الحظر‪ ،‬باعتبار أنه ال يجوز أن‬
‫يكون مؤبدا أو ملدة غير محددة‪ ،‬ملا فيه من تعارض مع مبدأ حرية التفاوض‪ ،‬وهو ما خلص إليه مجلس اللوردات‬
‫اإلنجليزي سنة ‪ 0002‬في القضية التي جمعت بين "وولفورد" و "ميلز" ‪ ،‬حينما اعتبر غل يد املتفاوض من‬

‫‪ 1‬أشار إليه‪ :‬محمود فياض‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.225‬‬


‫‪ 2‬معمر بوطبالة‪ ،‬اإلطار القانوني لعقد التفاوض في مفاوضات عقود التجارة الدولية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في‬
‫القانون‪ ،‬جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة ‪ ،2100-2102 ،10‬ص ‪.025‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Adra Zouhal, Réforme du droit des obligations: les négociations précontractuelles, Revue‬‬
‫‪juridique de l’ Ouest, n° 03, 2016, pp 52-53.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Cass. Com, 26 novembre 2003, nº 00-10243‬‬
‫‪5Luis Fernando Kuyven, La Responsabilité précontractuelle dans le commerce international :‬‬

‫‪fondements et règles applicables dans une perspective, D’harmonisation, thèse pour obtenir le grade‬‬
‫‪doctorat en droit université de Strasbourg, 2010, P 216.‬‬
‫‪6‬محمود فياض‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.222‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫التفاوض مع الغير ألجل غير محدد بناء على شرط حصرية التفاوض يعتبر غير جائز‪ ،‬وهو نفس الحكم الذي‬
‫أخذت به محكمة استئناف الواليات املتحدة األمريكية "الدرجة الثالثة" سنة ‪ 0022‬في القضية الشهيرة التي‬
‫جمعت بين‪ "Grace Retail" :‬و "‪.1"Gross man‬‬
‫باإلضافة إلى الحدود الزمنية لاللتزام بعدم إجراء مفاوضات موازية‪ ،‬فإن أن هذا االلتزام يجب أيضا أن‬
‫يحدد من حيث املوضوع‪ ،‬باعتبار أن تركه من غير تحديد قد يؤدي باإلضرار بمصالح الطرف املدين بااللتزام‪،‬‬
‫وهو ما تم األخذ به من قبل القضاء اإلنجليزي‪.2‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫مبدأ حسن النية في التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫يحكم املرحلة ما قبل التعاقدية مبدأين أساسيين‪ ،‬األول هو حرية التفاوض الذي مفاده الدخول والخروج‬
‫من املفاوضات دون أي مسؤولية‪ ،‬والثاني هو ممارسة هذه الحرية وفقا ملبدأ حسن النية‪ ،‬باعتبار أن جعل األولى‬
‫من غير قي ود من شأنه اإلضرار بالطرف اآلخر في التفاوض‪ ،‬ويجعل املرحلة ما قبل التعاقدية مرحلة خطرة‪،3‬‬
‫األمر الذي استلزم معه إعمال مبدأ حسن النية كضابط لسلوك األطراف خالل مرحلة التفاوض على العقد‪،4‬‬
‫وخلق التوازن بين حرية التفاوض من جهة‪ ،‬والحد األدنى من األمن القانوني خالل املرحلة ما قبل التعاقدية من‬
‫جهة أخرى‪ 5،‬حيث يبقى مبدأ حسن النية مفروضا على املتفاوضين حتى وإن كان ال يوجد بينهم أي رابط قانوني‬
‫بعد ‪.6‬‬
‫مبدأ حسن النية ونتيجة ألهميته ينبغي التطرق إلى ماهيته‪ ،‬من خالل التعرض إلى مفهومه‪ ،‬وبيان مظاهر‬
‫تحلي األطراف املتفاوضة به خالل التفاوض (املطلب األول)‪ ،‬هذه املظاهر ال يمكن أن تكتمل إال بوجود التزامين‬
‫أساسيين خالل هذه املرحلة‪ ،‬أولهما االلتزام باإلعالم‪ ،‬وثانيهما االلتزام بالسرية (املطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب األول‪ :‬ماهية مبدأ حسن النية في التفاوض على عقود التجارة الدولية‬

‫‪ 1‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.222‬‬


‫‪ 2‬محمد حسن حميد العلي الحديثي‪ ،‬القانون الواجب التطبيق على عقد التفاوض الدولي‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة‬
‫الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬مصر‪ ،2100 ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 3‬مصطفى خضير نشمي‪ ،‬النظام القانوني للمفاوضات التمهيدية للتعاقد‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬األردن‪ ،2102-2103 ،‬ص ‪.35‬‬
‫‪ 4‬محمد حامد محمود‪ ،‬زهراء عبد املنعم عبد هللا‪ ،‬النظام القانوني للتفاوض اإللكتروني‪ ،‬مجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬املجلد‬
‫‪ ،13‬العدد ‪ ،12‬العراق‪ ،2100 ،‬ص ‪.223‬‬
‫‪ 5‬عيس ى بخيث‪ ،‬آثار العوملة على املسؤولية السابقة على التعاقد‪ ،‬األكاديمية للدراسات االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد‬
‫‪ ،12‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪ ،2105 ،‬ص‪.22‬‬
‫‪6Barthélemy‬‬ ‫‪Mercadal, Patrice Macqueron, Le droit des affaires en france, principes et approhe‬‬
‫‪pratique du droit des affaires et des activités professionnelle, éditions frances lefebvre, 2004, p 246.‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫لإلحاطة بماهية مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض على العقود ينبغي أوال تعريفه‪ ،‬وبيان مظاهر‬
‫التحلي به من قبل األطراف املتفاوضة (الفرع األول)‪ ،‬ثم االنتقال إلى تحديد أساس االلتزام به في هذه املرحلة‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬مفهوم مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض‬
‫مبدأ حسن النية كمبدأ أساس ي في مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬ينبغي التعريف به (أوال)‪،‬‬
‫ثم بيان مظاهره باعتبار أنه يتجلى في الصور التطبيقية ال في املفهوم بحد ذاته (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬التعريف بمبدأ حسن النية خالل التفاوض‬
‫يمكن تعريف مبدأ حسن النية خالل التفاوض بأنه‪ ":‬إقدام املتفاوضين أو الراغبين في التعاقد على عملية‬
‫التفاوض على أساس من الثقة واالستقامة في التعامل‪ ،‬واالبتعاد عن أساليب الخداع واالحتيال‪ ،‬والتي من شأنها‬
‫بث أو إشاعة جو من عدم الطمأنينة لدى األطراف"‪ ،1‬فمن خالل التعريف السابق ملبدأ حسن النية‪ ،‬يتضح أن‬
‫مجال تطبيقه هي مرحلة التفاوض على العقود‪ ،‬حيث يلتزم بموجبه األطراف بإتيان أفعال ايجابية كااللتزام‬
‫بالنزاهة واالستقامة والصدق‪...‬إلخ‪ ،‬وأخرى سلبية تتمثل في االبتعاد عن كل ما يعكر أو يعرقل صفو املفاوضات‬
‫من احتيال وخداع‪...‬إلخ‪ ،‬ما من شأنه ضمان السير الحسن لعملية التفاوض‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مظاهرحسن وسوء النية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫إن مدى التزام أطراف التفاوض بمبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض على العقد‪ ،‬يظهر من خالل‬
‫ممارسات تعكس حسن أو سوء نية صاحبها‪ ،‬فمبدأ حسن النية في الحقيقة يظهر في الصور التطبيقية ال في‬
‫املفهوم بحد ذاته‪ ،‬فمن خالل التصرفات التي تصدر من الشخص يمكن معه معرفة نيته الحسنة أو السيئة‪،2‬‬
‫وهذه املظاهر يمكن أن تكون مظاهر ايجابية من شأنها الدفع بعجلة التفاوض نحو األمام‪ ،‬وبلوغ الغاية املنشودة‬
‫منه‪ ،‬كالدخول في التفاوض واالستمرار فيه‪ ،‬وعدم قطعه إال ألسباب مشروعة‪ ،‬وااللتزام بالتعاون فيما بين‬
‫املتفاوضين من خالل تبادل املعلومات‪ ،‬والتحمل املشترك لنفقاته‪ ،3‬وتحري الصدق‪ ،‬وااللتزام بالنزاهة‪،‬‬
‫والوضوح فيما يتعلق باملعلومات املتعلقة بالعقد املتفاوض عليه‪ ،‬التي يدلي بها املدين بااللتزام باإلعالم للطرف‬

‫‪ 1‬صليحة بن أحمد‪ ،‬املسؤولية املدنية في حالة قطع املفاوضات‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون الخاص‪،‬‬
‫جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،2110-2112 ،‬ص ‪.32‬‬
‫‪ 2‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬املبادئ املؤطرة لنظرية العقد في التشريع املدني الفرنس ي الجديد‪ :‬دراسة نقدية تأصيلية مقارنة‪ ،‬مجلة‬
‫كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬العدد ‪ ،12‬السنة السابعة‪ ،‬الكويت‪ ،2100 ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ 3‬منيرة جمادي‪ ،‬تأثير مهارات االتصال على عملية التفاوض دراسة ميدانية على عينة من املؤسسات بوالية عنابة‪ ،‬أطروحة‬
‫مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة باجي مختار‪ ،‬عنابة‪-2102 ،‬‬
‫‪ ،2100‬ص ‪.00‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫اآلخر‪ ،1‬كما يعد مظهرا من مظاهر حسن النية التزام كل من طرفي التفاوض بعدم إجراء مفاوضات موازية مع‬
‫الغير‪ ،‬دون علم مسبق من قبل الطرف اآلخر في التفاوض‪.2‬‬
‫هذا ويمكن أن يتجلى سوء نية املتفاوض من خالل العديد من املمارسات‪ ،‬يكون الهدف منها أساسا‬
‫اإلضرار بالطرف اآلخر‪ ،‬كأن يدخل في التفاوض بنية عدم التعاقد‪ ،3‬قصد تفويت الفرصة على املتفاوض معه أو‬
‫على الغير بشأن املحل املتفاوض عليه‪ ،4‬كما يعتبر قطع التفاوض دون أي سبب جدي أحد أهم مظاهر سوء نية‬
‫املتفاوض‪ ،‬خاصة في الحالة التي يكون فيها التفاوض قد وصل إلى مراحل متقدمة‪ ،‬لدرجة اعتقاد الطرف اآلخر‬
‫أن العقد النهائي قد قرب إبرامه‪ ،5‬وهو ما قضت به محكمة النقض الفرنسية حينما اعتبرت وصول املفاوضات‬
‫إلى مرحلة اعتقد فيها الطرف املتفاوض بحتمية التعاقد‪ ،‬يجعل قطع أحد أطراف التفاوض املفاوضات بدون‬
‫سبب مشروع‪ ،‬عمال مخالفا ملقتضيات حسن النية‪ ،‬متى تسبب في ضرر للطرف اآلخر في التفاوض‪ ،6‬ومن ثم فإن‬
‫قطع املفاوضات وفقا ملا يتناسب مع مبدأ حسن النية‪ ،‬والذي ال يترتب عنه أي ضرر للطرف اآلخر يبقى أمرا‬
‫مشروعا‪ ،‬بل حقا من حقوق أطراف التفاوض املترتب عن مبدأ حرية التفاوض‪ ،7‬حيث قيل في ذلك‪ ":‬يمكن للمرء‬
‫أن يجلب حصانا إلى املاء‪ ،‬ولكن ال أحد يستطيع جعله يشرب"‪ ،8‬وعلى العموم فإن قطع التفاوض في البداية‬

‫‪ 1‬فطيمة نساخ بولقان‪ ،‬أخلقة العالقة العقدية‪ ،‬املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،52‬العدد‬
‫‪ ،12‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪ ،2105 ،10‬ص ‪.315‬‬
‫‪ 2‬عهود أحمد حسين خليفات‪ ،‬مدى انسحاب ودور مبدأ حسن النية على مراحل ما قبل وأثناء وبعد تنفيذ العقود املدنية‪ ،‬مجلة‬
‫العلوم القانونية واالجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،15‬العدد ‪ ،10‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجلفة‪ ،2121 ،‬ص ‪.523‬‬
‫‪ 3‬نصت مبادئ ‪ UNIDROIT‬في املادة ‪ 05-0-2‬على التفاوض بسوء نية‪ ،‬حيث اعتبرت الطرف الذي يتفاوض أو يقطع‬
‫املفاوضات بسوء نية يكون مسؤوال عما لحق بالطرف اآلخر من أضرار‪ ،‬واعتبرت أنه من قبيل سوء النية على وجه الخصوص‬
‫دخول الطرف في التفاوض أو استمراره فيه بالرغم من نيته املسبقة بعدم التوصل إلى اتفاق مع الطرف اآلخر‪ ،‬وكذلك األمر‬
‫بالنسبة ملشروع إصالح قانون العقود الفرنس ي لسنة ‪ 2110‬الذي نص في مادته ‪ 02‬على أنه‪:‬‬
‫‪"La faute est notamment constituée lorsque l’une des parties a entamé ou a poursuivi des‬‬
‫‪négociations sans intention de parvenir à un accord ".‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Adra Zouhal, op, cit, p 54.‬‬
‫أنظر أيضا‪ :‬محمد محسن إبراهيم النجار‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.003‬‬
‫‪ 5‬عبدو محمد‪ ،‬النظام القانوني للتفاوض على عقود األعمال في ضوء التشريع الجزائري‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه‬
‫في القانون‪ ،‬جامعة البليدة ‪ ،2102-2100 ،12‬ص ‪ 355‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ 6‬محمود فياض‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ 7‬عهود أحمد حسين خليفات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.522‬‬
‫‪8‬‬
‫‪« One can bring a horse to the water but nobody can make it drink», cité par: Sylvette Guillemard ,‬‬
‫‪Qualification juridique de la négociation d’un contrat et nature de l’obligation de bonne foi, Revue‬‬
‫‪générale de droit, v 25,n 01, 1994, p 61.‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫بكون مقبوال‪ ،‬ثم تأخذ حرية هذا القطع تضيق أكثر فأكثر كلما تقدمت املفاوضات‪ ،‬وكلما زاد اعتقاد املتفاوضين‬
‫أن العقد املتفاوض عليه في طريقه لإلبرام‪.1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬أساس االلتزام بمبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض‬
‫تعد مرحلة التفاوض مرحلة جد هامة في انشاء عقود التجارة الدولية‪ ،‬التي وعلى الرغم من أهميتها لم‬
‫تحظى بالتنظيم من قبل املشرع الجزائري‪ ،‬مما جعلها توصف باملرحلة الخطرة على أطرافها‪ ،‬األمر الذي استلزم‬
‫معه تنظيمها من خالل إعمال مبادئ تحكمها‪ ،‬كمبدأ حسن النية الذي يتولى تأمين عملية التفاوض من خالل‬
‫وضع قيود‪ ،‬وحدود لحرية التفاوض‪ ،‬بإلقاء على عاتق طرفيه االلتزام بالتحلي بالنزاهة‪ ،‬والشرف‪ ،‬والصدق‪،‬‬
‫واألمانة أثناء التفاوض‪ ،‬هذا املبدأ يحتاج إلى أساس لاللتزام به خالل مرحلة التفاوض على العقد‪ ،‬إذ ينبغي‬
‫التمييز في ذلك بين حالتين‪ ،‬األولى عند غياب اتفاق على التفاوض أو نص قانوني يلزم طرفي التفاوض بالتفاوض‬
‫بحسن نية (أوال )‪ ،‬أما الثانية في حالة وجود اتفاق على التفاوض‪ ،‬أو وجود نص قانوني‪ ،‬يلزم طرفي التفاوض على‬
‫مراعاة حسن النية عند التفاوض على العقد (ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬أساس االلتزام بالتفاوض بحسن نية في غياب اتفاق التفاوض أو نص تشريعي يكرسه‬
‫غالبا ما يحتاج إبرام عقود التجارة الدولية إلى مرحلة ما قبل تعاقدية‪ ،‬يتولى من خاللها طرفي التفاوض‬
‫الراغبان في التعاقد التفاوض عليها‪ ،‬وهما في قيامهما بذلك قد ال يتفقان على صياغة اتفاق للتفاوض لتنظيم‬
‫عملية التفاوض على العقد النهائي املنشود‪ ،‬لكن هذا ال يعني إعمال مبدأ حرية التفاوض من دون قيود‪ ،‬باعتبار‬
‫أنه في الحالة العكسية قد يؤدي إلى استغالل أحدهما تلك الحرية‪ ،‬والقيام ببعض املمارسات التي قد تضر‬
‫بمصالح الطرف اآلخر‪ ،‬كقطع املفاوضات دون إشعار سابق‪ ،‬األمر الذي استلزم معه تأمين هذه املرحلة من‬
‫خالل إعمال مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض‪ ،2‬الذي وإلى يومنا هذا لم يكرس بعد من قبل املشرع‬
‫الجزائري في هذه املرحلة‪.‬‬
‫إن غياب نص تشريعي يكرس مبدـأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض‪ ،‬وكذلك غياب عقد التفاوض‬
‫ليكون مصدرا لاللتزام به بين املتفاوضين ‪ ،3‬قد أدى إلى اختالف الفقه حول مسألة األساس القانوني لاللتزام به‬
‫خالل املرحلة ما قبل التعاقدية‪ ،‬حيث اتجه جانب منه إلى سحب حكم املادة ‪ 107‬من القانون املدني الجزائري‪،‬‬
‫ليشمل املرحلة ما قبل التعاق دية‪ ،‬إذ ال يمكن حسبهم تنفيذ العقد طبقا ملا اشتمل عليه وبحسن نية‪ ،‬إذا لم يتم‬
‫التفاوض عليه من البداية بحسن نية‪ ،‬في حين اتجه جانب آخر منه‪ ،‬وعلى رأسهم الفقيه ‪ STARK‬إلى اعتبار‬

‫‪1‬‬
‫‪Adra Zouhal, op, cit, p 55.‬‬
‫‪ 2‬رشيد ساسان‪ ،‬التأسيس القانوني لاللتزام باإلعالم ما قبل التعاقدي في مجال عقود األعمال‪ :‬عقد الترخيص التجاري نموذجا‪،‬‬
‫مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،00‬العدد ‪ ،12‬جامعة باجي مختار ‪-‬عنابة‪ ،2100 ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ 3‬أم كلثوم صبيح محمد‪ ،‬املفاوضات املمهدة للتعاقد ماهيتها وأحكامها‪ :‬دراسة مقارنة بين الواقع العملي والفراغ التشريعي‪ ،‬مجلة‬
‫كلية الحقوق جامعة النهرين‪ ،‬املجلد ‪ ،02‬العدد ‪ ،10‬العراق‪ ،‬املجلد ‪ ،2102 ،02‬ص ‪.311‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫التحلي بحسن النية خالل مرحلة التفاوض‪ ،‬يقتض ي اإلدالء بحد أدنى من املعلومات قبل إبرام العقد املنشود‪،‬‬
‫من قبل طرفي التفاوض‪ ،‬وإال اعتبر املدين بها مرتكبا ملناورات تدليسية‪ ،1‬إذ ينبغي على طرفي التفاوض االبتعاد‬
‫عن جميع وسائل الغش والخداع "التدليس اإليجابي"‪ ،‬والسكوت السيئ النية "التدليس السلبي"‪ ،‬بأن يسلكا‬
‫السلوك اإليجابي املألوف في التفاوض‪ ،‬من صدق‪ ،‬ونزاهة‪ ،‬وأمانة‪ ،‬وتعاون مع الطرف اآلخر‪ ،2‬في حين ذهب‬
‫اتجاه ثالث إلى االعتماد على العلم الكافي باملبيع كأساس لاللتزام بمبدأ حسن النية خالل التفاوض‪ ،‬باعتبار أن‬
‫العقد املبرم ال يمكن أن يكون صحيحا إال إذا حدث هذا العلم قبل إبرامه سواء خالل مرحلة التفاوض‪ ،‬أو خالل‬
‫مرحلة اإلبرام‪.‬‬
‫عند التمعن في املواقف الفقهية السافة الذكر‪ ،‬التي جعلت من امتداد تطبيق املادة ‪ 010‬السالفة الذكر‪،‬‬
‫خالل املرحلة ما قبل التعاقدية‪ ،‬واجتناب عيب التدليس‪ ،‬والعلم الكافي باملبيع‪ ،‬أسسا لاللتزام بحسن النية‬
‫خالل هذه املرحلة‪ ،‬يجدها جميعا لها أثر في جعل هذا األخير مبدأ عام يحكم جميع العقود بين األشخاص‪ ،‬في‬
‫جميع مراحلها‪ ،‬وأساسا مشتركا المتداد مبدأ حسن النية إلى مرحلة التفاوض عليها‪.3‬‬
‫ثانيا‪ -‬االلتزام بالتفاوض بحسن نية في حالة وجود عقد تفاوض أو نص قانوني يكرسه‬
‫إن العقود املهمة غالبا ما يحرص أصحابها على إبرام عقد تفاوض بشأنها لتنظيم عملية التفاوض عليها‪،‬‬
‫وهو ما نجده منطبقا على عقود التجارة الدولية‪ ،‬ليكون بذلك االلتزام بمبدأ حسن النية أحد االلتزامات املترتبة‬
‫عن عقد التفاوض‪ ،‬والذي يترتب عن مخالفته قيام املسؤولية العقدية في جانب الطرف املخالف‪ ،4‬كما أن‬
‫التطورات الحاصلة في السنوات األخيرة في ميدان التفاوض على العقود‪ ،‬وإجماع الفقه والقضاء على ضرورة‬
‫التزام أطراف التفاوض بمبدأ حسن النية خالل التفاوض‪ ،‬قد أدى باملشرعين إلى تكريس هذا االلتزام في املرحلة‬
‫السابقة على التعاقد‪ ،‬ليكون بذلك مصدر االلتزام به هو القانون‪ ،‬كاملشرع اإليطالي بموجب املادة ‪ 0330‬من‬
‫القانون املدني اإليطالي‪ ،‬التي نصت‪ ":‬يلتزم األطراف أثناء املفاوضات وإبرام العقد بما يتفق وحسن النية"‪،‬‬
‫واملشرع الفرنس ي من خالل التعديل األخير الذي أجراه على القانون املدني الفرنس ي سنة ‪ ،2102‬الذي كرس‬
‫واجب االلتزام بمبدأ حسن النية خالل التفاوض‪ ،‬بموجب املادة ‪ 0012‬التي نصت‪ ":‬يجب التفاوض على العقود‬

‫‪ 1‬أكرم محمود حسين البدو‪ ،‬محمد صديق محمد عبد هللا‪ ،‬أثر موضوعية اإلرادة في مرحلة املفاوضات‪ ،‬مجلة الرافدين للحقوق‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ،20‬جامعة املوصل‪ ،‬العراق‪ ،2100 ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ 2‬العربي بلحاج‪ ،‬مشكالت املرحلة السابقة على التعاقد في ضوء القانون املدني الجزائري‪ :‬دراسة مقارنة"‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬ديوان‬
‫املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،2100 ،‬ص ‪.01‬‬
‫‪ 3‬أنس عبد املهتري فريحات‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.532‬‬
‫‪ 4‬حمدي محمود بارود‪ ،‬املبادئ التي تحكم التفاوض في العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ومضمون االلتزام بها‪ :‬مبدأ حسن النية‬
‫ومقتضياته دراسة تأصيلية تحليلية‪ ،‬مجلة الجامعة اإلسالمية‪ ،‬املجلد ‪ ،02‬العدد ‪ ،10‬غزة‪ ،2112 ،‬ص ‪.253‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫وإبرامها‪ ،‬وتنفيذها بحسن نية‪ ،"..‬فمن خالل نص املادة السالفة الذكر‪ ،‬صار مبدأ حسن النية التزاما قانونيا‬
‫مفروضا على أطراف التفاوض خالل مرحلة املفاوضات‪ ،‬وكذلك عند إبرام العقد وتنفيذه‪ ،‬فال حاجة بعد صدور‬
‫هذا النص إلى اتفاقهم على االلتزام به‪ ،‬كما ال يمكنهم االتفاق على استبعاده أو الحد منه‪ ،‬فهو وفقا ملا جاء في‬
‫فقرة ‪ 12‬من املادة ‪ 0012‬من النظام العام‪ ،‬ما من شأنه تعزيز األمن القانوني واستقرار املعامالت‪ ،‬نتيجة لهيمنة‬
‫مبدأ حسن النية على جميع مراحل العقد‪.1‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬االلتزامات املترتبة عن إعمال مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض‬
‫تتفرع عن مبدأ حسن النية العديد من االلتزامات‪ ،‬التي وإن لم تجد أساس قانوني لها للقول بوجوب‬
‫االلتزام بها خالل املرحلة ما قبل التعاقدية‪ ،‬فإنها تجد في مبدأ حسن النية األساس الذي تستند إليه في إلزام‬
‫األطراف املتفا وضة بالتقيد بها‪ ،‬والتي يمكن تصنيفها إلى مجموعتين أساسيتين‪ :‬مجموعة أولى تمثل االلتزامات‬
‫التي تعنى بتنوير اإلرادة‪ ،‬التي من بينها االلتزام باإلعالم (الفرع األول)‪ ،‬ومجموعة ثانية تمثل االلتزامات التي تكفل‬
‫جدية اإلرادة‪ ،‬كااللتزام بالسرية (الفرع الثاني)‪ ،2‬هذان االلتزامان يعتبران متالزمان ومتكامالن خالل مرحلة‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬االلتزام باإلعالم عند التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫يعتبر االلتزام باإلعالم أحد أهم االلتزامات املتفرعة عن مبدأ حسن النية‪ ،‬وأحد مظاهر التحلي به خالل‬
‫مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬األمر الذي يستدعي التطرق إليه من خالل بيان مفهومه (أوال)‪ ،‬ثم‬
‫تحديد محله (ثانيا)‪ ،‬ونطاقه (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬مفهوم االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض‬
‫عرف االلتزام باإلعالم من قبل الفقه على أنه" التزام يترتب على من يتملك معلومات عن موضوع العقد‬
‫املزمع إبرامه‪ ،‬أن يلقي الضوء عليه حتى يكون الطرفان على بينة مما هما مقبالن عليه من التزامات‪ ،‬ومنافع‬
‫يعوالن عليها في العقد"‪ ،3‬من خالل التمعن في التعريف السالف الذكر‪ ،‬يتضح أنه لم يتم اإلشارة فيه إلى مصدر‬
‫االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض على العقود‪ ،‬الذي قد يكون القانون‪ ،‬وفقا للتعديل الحاصل في الق‪ .‬م‪.‬‬
‫ف لسنة ‪ ،2102‬كما قد يكون عقد التفاوض مصدره‪ ،‬وفي غياب ما سبق يكون مقتض ى من مقتضيات حسن‬

‫‪1‬حامد شاكر محمود الطائي‪ ،‬العدول في االجتهاد القضائي‪ :‬دراسة قانونية تحليلية مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،10‬املركز العربي للدراسات‬
‫والبحوث العلمية‪ ،‬مصر‪ ،2102 ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪ 2‬شرف علي خالد بعيرات‪ ،‬آثار اإلخالل بمبدأ حسن النية في مرحلة املفاوضات العقدية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في‬
‫القانون‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪ ،2102 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 3‬عائشة قصار الليل‪ ،‬االلتزام باإلعالم اإللكتروني السابق للتعاقد‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪،13‬‬
‫جامعة زيان عاشور الجلفة‪ ،2102 ،‬ص ‪ ،00 -02‬أنظر كذلك‪ :‬خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬حماية املستهلك في العقد اإللكتروني‪ ،‬ط‬
‫‪ ،10‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪ ،2112 ،‬ص ‪.02‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫حسن النية‪ ،‬كما أن هذا التعريف قد اقتصر فقط على املعلومات املتعلقة بموضوع العقد‪ ،‬لتكون محال لاللتزام‬
‫باإلعالم‪ ،‬في حين توجد معلومات أخرى تعد ذات أهمية كصفة أطرافه‪ ،‬والتي تلعب دورا بارزا في العقود القائمة‬
‫على االعتبار الشخص ي مثل عقد الترخيص‪ ،‬هذه املعلومات سيتم بيانها في العنصر املوالي‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬محل االلتزام باإلعالم في عقود التجارة الدولية‬
‫يتولى املدين باإلعالم إعالم الطرف اآلخر خالل مرحلة التفاوض‪ ،‬بجميع املعلومات والبيانات الجوهرية‬
‫املتعلقة بمحل التعاقد‪ ،‬والتي من شأنها تكوين رضا مستنير لديه عند إقباله على إبرام العقد‪ ،1‬وهو ما أكد عليه‬
‫املشرع الفرنس ي صراحة‪ ،‬بموجب املادة ‪ 0002‬مكرر‪ 10‬من الق‪ .‬م‪ .‬ف املعدل سنة ‪ ،2102‬حينما اعتبر التزام‬
‫املدين باإلعالم مقتصرا على املعلومات والبيانات الحاسمة في تكوين رضا الدائن بااللتزام باإلعالم‪ ،‬واملتعلقة‬
‫أساسا بموضوع العقد‪ ،‬أو في صفة من صفات األطراف‪ ،‬كما يمكن الرجوع للقواعد العامة الستنباط املعلومات‬
‫والبيانات التي تعد جوهرية بالنسبة للمقبل على التعاقد حول عقود التجارة الدولية‪ ،‬من خالل االعتماد على‬
‫نظرية عيوب اإلرادة لتحديد محل االلتزام باإلعالم‪ ،‬تفاديا إلبطال العقد لعيب التدليس أو الغلط‪ ،‬وكذلك‬
‫لقاعدة العلم الكافي باملبيع لتحديد تلك املعلومات‪ ،‬في الحالة التي يكون فيها العقد املتفاوض عليه عقد بيع دولي‪.‬‬
‫إن القواعد العامة وعلى الرغم من مساهمتها في بيان محل االلتزام باإلعالم‪ ،‬من خالل إلزام الطرف‬
‫صاحب املعلومة بإعالم الطرف اآلخر بجميع املعلومات الجوهرية املتعلقة بالعقد‪ ،‬إال أنها قد أثبتت محدوديتها‬
‫باعتبار أنها ال تشمل جميع املعلومات‪ ،‬فقد تكون هناك معلومات ثانوية ومع ذلك تهم الطرف اآلخر‪ ،‬على األقل‬
‫فيما يتعلق بالتعاقد بشروط أفضل من جانبه‪ ،‬ليكون بذلك إقرار االلتزام باإلعالم كالتزام مستقل خالل مرحلة‬
‫التفاوض على العقد األكثر نجاعة واستجابة ملصالح جميع األطراف‪ ،‬كما أن إعمال نظرية عيوب اإلرادة يكون‬
‫عند إبرام العقد وليس عند التفاوض عليه‪ ،‬مما يجعل نطاق االلتزام باإلعالم أوسع من نطاق هذه األخيرة‪ ،2‬ذات‬
‫األمر نجده منطبقا على قاعدة العلم الكافي باملبيع‪ ،‬فأثرها يبقى محدود ويقتصر فقط على عقود البيع دون‬
‫العقود األخرى‪ ،‬مما يجعل تكريس االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض على العقود أمرا حتميا‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬نطاق االلتزام باإلعالم في عقود التجارة الدولية‬
‫إن الغاية من فرض االلتزام باإلعالم خالل مرحلة التفاوض على العقود هو إزالة الهوة‪ ،‬والفرق الصارخ في‬
‫املعرفة حول محل العقد املتفاوض عليه‪ ،‬بين األطراف املتفاوضة الراغبة في التعاقد‪ ،‬وهو بذلك ليس التزام‬
‫مطلق‪ ،‬بل له نطاق يحده حتى ال يتكل الدائن بااللتزام باإلعالم على املدين بهذا األخير‪ ،‬واتخاذ موقفا سلبيا بعدم‬

‫‪ 1‬يسرى عوض عبد هللا‪ ،‬املفاوضات التجارية الدولية‪ :‬مفاوضاتها وإبرامها وتنفيذها‪ ،‬ط ‪ ،10‬إصدارات مكتب اليسرى للمحاماة‬
‫واالستشارات‪ ،‬الخرطوم‪ ،2102 ،‬ص ‪.000‬‬
‫‪ 2‬أسعد احمد هلدير‪ ،‬نظرية الغش في العقد‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة في القانون املدني‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪،2100 ،‬‬
‫ص ص ‪.050 -052‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫االستعالم عن كل ما يتعلق بالعقد املتفاوض عليه‪ ،‬هذا النطاق يمكن تحديد أبعاده من خالل شرطين‬
‫أساسيين‪ ،‬حيث يشترط في املدين باإلعالم أن يكون عاملا بكافة املعلومات والبيانات املتعلقة بالعقد‪ ،‬فإذا كان‬
‫جاهال لها ال يقع هذا االلتزام على عاتقه‪ ،1‬وهو أمر جد منطقي إذ ال يعقل تكليف هذا األخير بإعالم الطرف اآلخر‬
‫بما يجهله أساسا‪ ،‬أو ليس في إمكانه العلم به‪ ،2‬وباإلضافة إلى علمه باملعلومة يجب أن يكون عاملا كذلك بتأثيرها‬
‫في رضا الطرف اآلخر‪ ،‬أي مميزا بين املعلومات األساسية‪ ،‬و بين تلك الثانوية التي ال تؤثر في رضا الدائن بها‪ ،‬سواء‬
‫علم بها أو لم يعلم‪ ،3‬في حين يشترط في الدائن باإلعالم أن يكون جهله مشروعا بهذه املعلومات‪ ،‬إذ ال مجال للكالم‬
‫عن االلتزام باإلعالم إذا كان هذا األخير عاملا بها‪ ،‬أو توافرت له اإلمكانيات الالزمة لالطالع عليها عن طريق‬
‫االستعالم‪ ،‬ذلك أن الغاية من فرض هذا االلتزام هو إزالة االختالل في العلم بين طرفي العملية التفاوضية‪ ،‬فإذا‬
‫لم يكن هناك اختالل فال طائل من فرضه‪ ،4‬فحدود االلتزام باإلعالم دائما ما تقف عند حدود واجب االستعالم‪،‬‬
‫إذ يقع على الدائن باإلعالم واجب الحرص واملحافظة على مصالحه من خالل االستعالم عن كل ما يتعلق بالعقد‬
‫املتفا وض عليه‪ ،‬وبالشخص املتفاوض معه إذا كان العقد املتفاوض عليه من عقود االعتبار الشخص ي‪ ،5‬فال‬
‫ينتظر بذلك من الغير أن يكون أحرص منه على مصالحه‪ ،‬خاصة إذا كان الدائن باإلعالم محترفا‪ ،6‬ومن ثم ال‬
‫يحق لهذا األخير التحجج بجهله لها‪ ،‬ويطالب الطرف اآلخر باإلدالء بها إال في حالة استحالة حصوله عليها‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االلتزام بالسرية عند التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫حتى يتم السير الحسن لعملية التفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬البد من وجود التزامين متكاملين‪،‬‬
‫أولهما االلتزام باإلعالم‪ ،‬الذي بموجبه يلتزم أحد أطراف التفاوض‪ ،‬بتمكين الطرف اآلخر من جميع املعلومات‬
‫والبيانات املتعلقة بمحل العقد املتفاوض عليه‪ ،‬ليأتي الثاني وهو االلتزام بالسرية من أجل املحافظة على سرية‬
‫هذه األخيرة وعدم استغاللها إال بإذن من صاحبها‪ ،‬ما من شأنه تحقيق التوازن بين مصالح األطراف املتفاوضة‪،‬‬
‫وبعث الثقة وال طمأنينة في نفوسهم‪ ،‬األمر الذي يستلزم التعريف بهذا االلتزام كأحد تطبيقات مبدأ حسن النية‬
‫(أوال)‪ ،‬ثم بيان مضمونه (ثانيا) وتحديد نطاقه (ثالثا)‪.‬‬
‫أوال‪ -‬التعريف بااللتزام بالسرية خالل التفاوض على عقود التجارة الدولية‬

‫‪1‬حاتم مولود‪ ،‬إدراج االلتزام بالتبصير في إصالح القانون املدني الفرنس ي لسنة ‪ 2102‬وأثره على نظرية االلتزام في القانون املدني‬
‫الجزائري‪ ،‬املجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،12‬جامعة الواد‪ ،2100 ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 2‬محمد حامد محمود‪ ،‬زهراء عبد املنعم عبد هللا‪ ،‬النظام القانوني للتفاوض اإللكتروني‪ ،‬مجلة جامعة تكريت للحقوق‪ ،‬املجلد‬
‫‪ ،13‬العدد ‪ ،12‬العراق‪ ،2100 ،‬ص ‪.222‬‬
‫‪ 3‬عيس ى بخيث‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 4‬حاتم مولود‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.00‬‬
‫‪ 5‬مها نصيف جاسم‪ ،‬رشا عامر صادق‪ ،‬التفاوض اإللكتروني‪ ،‬مجلة مداد اآلداب‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،05‬كلية اآلداب الجامعة‬
‫العراقية‪ ،‬العراق‪ ،2102 ،‬ص ‪.502‬‬
‫‪ 6‬صليحة بن أحمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪ ،002‬أنظر كذلك‪ :‬عيس ى بخيث‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫يعتبر االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض من أهم االلتزامات التي من شأنها بعث الثقة في نفس‬
‫املتفاوضين‪ ،‬وتأمين فترة ما قبل التعاقد‪ ،‬إذ يعتبر هذا االلتزام مقابال‪ ،‬ومكمال لاللتزام باإلعالم‪ ،‬باعتبار أنه‬
‫يهدف إلى املحافظة على سرية املعلومات التي تم اإلدالء بها بمناسبة التفاوض‪ ،‬تنفيذا لهذا األخير‪ ،‬وهو بذلك‬
‫يعتبر مظهرا ومقتض ى من مقتضيات مبدأ حسن النية‪ ،‬عرف من قبل الفقه على أنه‪ ":‬ذلك االلتزام الذي يفرض‬
‫على املتفاوض في العقد‪ ،‬التزام الصمت بخصوص كل ما يصل إلى علمه أو يكتشفه أثناء التفاوض"‪.1‬‬
‫من خالل التعريف السابق الذكر‪ ،‬نجد أن املتفاوض الذي تلقى معلومات سرية بمناسبة التفاوض ملزم‬
‫باملحافظة على سريتها‪ ،‬غير أن هذا التعريف قد أغفل جانب مهم من مضمون االلتزام بالسرية‪ ،‬وهو عدم‬
‫استغالل هذه املعلومات سواء خالل مرحلة التفاوض أو بعد انقضائها من دون إذن مسبق من صاحبها‪ ،‬وهو ما‬
‫سيتم بيانه في العنصر املوالي‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬مضمون االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض‬
‫عند تحليل االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬يتبين أنه متكون من شقين‬
‫أساسيين‪ ،‬شق أول يتمثل في عدم إفشاء املعلومات السرية التي اطلع عليها املتفاوض بمناسبة التفاوض (أ)‪،‬‬
‫وشق ثاني يتمثل في االلتزام بعدم استغاللها لحسابه الخاص دون إذن صاحبها (ب)‪.‬‬
‫أ)‪ -‬امتناع املتفاوض عن إفشاء املعلومات السرية التي اطلع عليها بمناسبة التفاوض‬
‫يتطلب التفاوض على عقود التجارة الدولية قيام أحد طرفي التفاوض أو كالهما‪ ،‬بإعالم الطرف اآلخر‬
‫بجميع امل علومات الجوهرية املتعلقة بمحل العقد املتفاوض عليه‪ ،‬إضافة إلى تمكينه من العديد من املعلومات‬
‫ذات الطابع السري واملتعلقة بالجانب املالي والفني واملنهي‪ ،2‬وبهذا يكون الطرف املتلقي لهذه املعلومات ملزما بعدم‬
‫إفشائها للغير بأي شكل من األشكال‪ ،‬سواء من قبله هو أو من طرف خبرائه وتابعيه‪ ،‬وسواء أبرم العقد النهائي‬
‫املتفاوض عليه أولم يبرم‪ ،‬وهو ما تم التأكيد عليه من قبل مبادئ اليونيدروا املتعلقة بالعقود التجارية الدولية في‬
‫مادتها ‪ ، 02-0-2‬التي نصت على أنه‪ ":‬يلتزم من يحصل على معلومة معينة خالل املفاوضات بأن ال يفش ي هذه‬
‫املعلومة أو يستخدمها بطريقة غير سليمة في أغراضه الشخصية‪ ،‬يستوي في ذلك أن يكون العقد قد انعقد أو‬
‫لم ينعقد‪ ،"...‬وعليه فإذا ما أخل متلقي املعلومات بالتزامه بالسرية‪ ،‬قامت بذلك مسؤوليته عن تعويض الطرف‬
‫املتضرر صاحب هذه املعلومات‪ ،‬بغض النظر عن طبيعة تلك املسؤولية تقصيرية كانت أو عقدية‪.3‬‬

‫‪ 1‬أرجيلوس رحاب‪ ،‬مسعودي يوسف‪ ،‬اإلطار القانوني للتفاوض في العقد اإللكتروني‪ ،‬مجلة معالم لدراسات القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،13‬جامعة أدرار‪ ،2102 ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 2‬سليمان قنقارة‪ ،‬لعيرج بورويس‪ ،‬اإلشكاالت القانونية الواقعة على عقد ترخيص استغالل براءة االختراع في مرحلة تكوينه‪:‬‬
‫دراسة تحليلية‪ ،‬مجلة القانون والعلوم السياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،10‬املركز الجامعي النعامة‪ ،2102 ،‬ص ‪.220‬‬
‫‪ 3‬نعيم مغبغب‪ ،‬الفرانشايز‪ :‬دراسة في القانون املقارن‪ ،‬ط ‪ ،12‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،2110 ،‬ص ‪.022‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫ب)‪ -‬امتناع املتفاوض عن استغالل املعلومات السرية التي اطلع عليها بمناسبة التفاوض دون إذن صاحبها‬
‫ال يكفي العتبار املتفاوض املدين بااللتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض ملتزما بالسرية‪ ،‬التزامه فقط‬
‫بعدم إفشاء املعلومات السرية التي اطلع عليها بمناسبة التفاوض‪ ،‬بل يجب عليه أيضا أن يمتنع عن استغاللها‬
‫لفائدته‪ ،‬بدون إذن صاحبها‪ ،1‬باعتبار أنه قد يدخل في تفاوض مع الغير فقط من أجل التجسس أو االطالع على‬
‫ما يملكه هذا األخير من تقنيات وتطبيقات‪ ،‬وغيرها من املعارف الفنية التي يعجز عن الوصول إليها بمجهوده‬
‫الخاص أو بالطرق القانونية‪ ،‬ليقوم بعدها بقطع التفاوض أو يتعمد إفشاله‪ ،‬ثم يباشر بعد ذلك استغالل ما‬
‫قد تلقاه من معلومات سرية لصالحه‪ ،‬ما يجعله س يء النية‪ ،‬ومخالفا ملبدأ حسن النية في التفاوض‪ ،‬ومن‬
‫التطبيقات القضائية املتعلقة بااللتزام بالسرية‪ ،‬وعدم استغالل ما تم االطالع عليه بمناسبة التفاوض‪ ،‬نجد‬
‫القضية التي جمعت بين شركة ‪ ، Smith‬وشركة ‪ ، Dravo‬هذه األخيرة قد أدينت من قبل محكمة االستئناف‪،‬‬
‫بأن اعتبرت قد استغلت أسرار شركة ‪ Smith‬التي تحصلت عليها بمناسبة التفاوض دون إذن من هذه األخيرة‪.2‬‬
‫ثالثا‪ -‬نطاق االلتزام بالسرية عند التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫يتحدد نطاق االلتزام بالسرية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية من خالل ثالث عناصر‪،‬‬
‫أوال من حيث موضوع املعلومات الواجب املحافظة على سريتها‪ ،‬حيث اتجه جانب من الفقه إلى اعتبار أن جميع‬
‫املعلومات املتحصل عليها بمناسبة التفاوض تعتبر سرية أيا كانت طبيعتها‪ ،‬في حين ذهب جانب آخر منه إلى‬
‫كذلك‪3،‬‬ ‫القول بأنه يجب على األطراف املتفاوضة االتفاق على تحديد املعلومات املعتبرة سرية‪ ،‬والتي ال تعتبر‬
‫فإذا ما تم إغفال ذلك تولى القاض ي تحديدها وفقا لسلطته التقديرية مع مراعاة خصوصية كل حالة ونوع كل‬
‫عقد‪ ،4‬أما العنصر الثاني فهو تحديد األشخاص امللزمون باملحافظة على سرية املعلومات‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫بالنسبة ملتلقيها‪ ،‬أو خبرائه ‪...‬إلخ‪ ،‬إذ غالبا ما يحرص أصحاب هذه املعلومات على إحاطتها بالضمانات الالزمة‬
‫حتى ال يتم إفشاءها أو استغاللها‪ ،‬من خالل اتخاذ بعض اإلجراءات االحتياطية‪ ،‬كاشتراط الحصول على تصريح‬
‫كتابي مسبق من متلقيها‪ ،5‬أما العنصر الثالث واألخير فهو متعلق بتحديد مدة االلتزام بالسرية‪ ،‬حيث ذهب‬
‫جانب من الفقه إلى اعتبار االلتزام بالسرية التزام أبدي‪ ،‬يستمر إلى حين أن تفقد هذه املعلومات طابعها السري‬
‫بانتقالها إلى علم العامة‪ ،‬بشرط أن يكون هذا العلم ناتج لسبب أجنبي‪ ،‬من دون أن يكون املدين بااللتزام سببا في‬

‫‪ 1‬مها نصيف جاسم‪ ،‬رشا عامر صادق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.502‬‬
‫‪ 2‬معمر بوطبالة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.030‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Betty Mercedes Martinez - Cardenas, La Responsabilité Précontractuelle, Étude comparative des‬‬
‫‪régimes colombien et français, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit, Université Panthéon-‬‬
‫‪Assas, 2013, p 249.‬‬
‫‪ 4‬مهند وليد حامد قنديل‪ ،‬السرية في مفاوضات عقود نقل التكنولوجيا‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاجستير في القانون‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬غزة‪ ،2100 ،‬ص ‪.30‬‬
‫‪ 5‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫ذلك‪ ،‬في حين ذهب اتجاه آخر إلى اعتبار أنه ال يعقل جعل االلتزام بالسرية التزاما أبديا‪ ،‬إذ يجب تقييده بمدة‬
‫زمنية معقولة‪ ،‬باعتبار أن املعلومات الذي أضفى عليها صاحبها الطابع السري‪ ،‬تفقد قيمتها مع الزمن بشكل‬
‫تلقائي‪.1‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫من خالل دراستنا للمبادئ الناظمة للتفاوض على عقود التجارة الدولية‪ ،‬نجد أن املرحلة ما قبل‬
‫التعاقدية يحكمها مبدأين أساسيين‪ ،‬األول هو مبدأ حرية التفاوض الذي مفاده أن لكل طرف الحرية التامة في‬
‫الدخول أو عدم الدخول في التفاوض حول عقود التجارة الدولية‪ ،‬وحرية الخروج منه من دون أن تترتب في جانبه‬
‫أية مسؤولية اتجاه الطرف اآلخر‪ ،‬باعتبار أنه ملزم فقط بالتفاوض وليس ملزم بإبرام العقد املتفاوض عليه‪،‬‬
‫طاملا كان انسحابه منه قد تم وفقا ملقتضيات مبدأ ثان‪ ،‬واملتمثل في مبدأ حسن النية‪ ،‬فإعمال هذا األخير من‬
‫شأنه خلق التوازن بين مصالح األطراف املتفاوضة‪ ،‬باعتبار أنه يضبط حرية التفاوض خالل املرحلة ما قبل‬
‫التعاقدية‪ ،‬وعدم تركها من غير قيود أو حدود‪ ،‬فالعالقة بين هذين املبدأين هي عالقة تكامل‪.‬‬
‫إن إعمال مبدأ حسن النية خالل مرحلة التفاوض على عقود التجارة الدولية يترتب عنه العديد من‬
‫االلتزامات‪ ،‬لعل أهمها في مجال عقود التجارة الدولية‪ ،‬نجد كل من االلتزام باإلعالم‪ ،‬وااللتزام بالسرية‬
‫التعاقدي‪ ،‬إذ ما يتم اإلدالء به من معلومات من قبل أحد األطراف املتفاوضة إلى الطرف اآلخر تنفيذا لألول‪ ،‬يتم‬
‫التكتم عليها وعدم استغاللها إال بإذن صاحبها‪ ،‬سواء خالل مرحلة التفاوض أو حتى بعدها تنفيذا للثاني‪ ،‬فهذان‬
‫االلتزامان يعتبران أيضا متكاملين ومتقابلين‪ ،‬فوجود األول يترتب عنه بداهة وجود الثاني‪ ،‬حماية وحفاظا على‬
‫مصالح جميع األطراف املتفاوضة على عقود التجارة الدولية‪.‬‬
‫بعد عرض النتائج املتوصل إليها‪ ،‬نقترح ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تنظيم املرحلة ما قبل التعاقدية من قبل املشرع الجزائري‪ ،‬دون اإلخالل بمبدأ حرية التفاوض‪.‬‬
‫‪ -‬تكريس مبدأ حسن النية صراحة خالل مرحلة التفاوض على العقود‪ ،‬من خالل إجراء تعديل لنص املادة ‪010‬‬
‫من القانون املدني الجزائري‪ ،‬ليصير مطابقا لنص املادة ‪ 0012‬من القانون املدني الفرنس ي‪ ،‬التي جاء نصها‪":‬‬
‫يجب أن يتم التفاوض على العقود‪ ،‬وإبرامها وتنفيذها بحسن نية"‪.‬‬
‫‪ -‬جعل االلتزام باإلعالم التزاما مستقال في املرحلة السابقة على التعاقد إلى جانب االلتزام بحسن النية‪ ،‬مثل ما تم‬
‫تكريسه في التعديل األخير الذي مس القانون املدني الفرنس ي سنة ‪.2102‬‬

‫‪1‬معمر بوطبالة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ‪.052‬‬


‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫‪ -‬جعل االلتزام بالسرية التزاما قانونيا خالل مرحلة التفاوض على العقود‪ ،‬من خالل إيراد نص في القانون املدني‬
‫الجزائري يلزم متلقي املعلومات ذات الطابع السري بمناسبة التفاوض بعدم إفشائها أو استغاللها إال بإذن‬
‫صاحبها‪.‬‬
‫قائمة املصادرواملراجع‬
‫باللغة العربية‪:‬‬
‫أوال‪ :‬النصوص القانونية‬
‫‪ -1‬القانون رقم ‪ ،030 -22‬املؤرخ في ‪ 02‬يوليو ‪ ،0022‬املتضمن القانون املدني املصري‪ ،‬الوقائع املصرية‪ ،‬عدد رقم‬
‫‪ 012‬مكرر (أ)‪ ،‬الصادر بتاريخ ‪ 20‬يوليو ‪.0022‬‬
‫‪ -0‬األمر رقم ‪ ،52-05‬املؤرخ في ‪ 22‬سبتمبر ‪ ،0005‬املتضمن القانون املدني الجزائري املعدل واملتمم‪ ،‬الجريدة‬
‫الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،02‬الصادر بتاريخ ‪ 31‬سبتمبر ‪. 0005‬‬
‫‪ -3‬املرسوم التشريعي رقم ‪ ،10-03‬املؤرخ في ‪ 25‬أبريل ‪ ،0003‬يعدل و يتمم األمر رقم ‪ ،052-22‬املؤرخ في ‪ 2‬يونيو‬
‫‪ ،0022‬و املتضمن قانون اإلجراءات املدنية‪ ،‬الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬املوافق ‪ 20‬أبريل ‪(.0003‬ملغى)‬
‫‪ -4‬القانون رقم ‪ ،00-02‬الصادر في ‪ 20‬نوفمبر ‪ ،0002‬املتضمن إصدار مجلة القانون الدولي الخاص التونسية‪،‬‬
‫الرائد الرسمي‪ ،‬عدد ‪ ،02‬الصادر بتاريخ ‪ 0‬ديسمبر ‪.0002‬‬
‫‪ -5‬القانون رقم ‪ ،10-12‬املؤرخ في ‪ 25‬فبراير ‪ ،2112‬املتضمن قانون اإلجراءات املدنية و اإلدارية‪ .‬ألغت املادة‬
‫‪ 0122‬أحكام األمر ‪ ،052-22‬املؤرخ في ‪ 2‬جوان ‪ ،0022‬املعدل و املتمم و املتضمن قانون اإلجراءات املدنية‪،‬‬
‫الجريدة الرسمية‪ ،‬العدد ‪ ،20‬الصادر في ‪ 23‬أبريل ‪.2112‬‬
‫ثانيا‪ :‬الكتب‬
‫‪ -0‬أسعد احمد هلدير‪ ،‬نظرية الغش في العقد‪ :‬دراسة تحليلية مقارنة في القانون املدني‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيروت‪.2100 ،‬‬
‫‪ -0‬أنس عبد املهتري فريحات‪ ،‬النظام القانوني للمفاوضات في القوانين الوضعية والشريعة اإلسالمية‪ :‬دراسة‬
‫تأصيلية مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،10‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2102 ،‬‬
‫‪ -3‬العربي بلحاج‪ ،‬مشكالت املرحلة السابقة على التعاقد في ضوء القانون املدني الجزائري‪ :‬دراسة مقارنة"‪ ،‬د‪.‬ط‪،‬‬
‫ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪.2100 ،‬‬
‫‪ -4‬حامد شاكر محمود الطائي‪ ،‬العدول في االجتهاد القضائي‪ :‬دراسة قانونية تحليلية مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،10‬املركز‬
‫العربي للدراسات والبحوث العلمية‪ ،‬مصر‪.2102 ،‬‬
‫‪ -5‬خالد ممدوح إبراهيم‪ ،‬حماية املستهلك في العقد اإللكتروني‪ ،‬ط ‪ ،10‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪.2112 ،‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪ -6‬عمر سعد هللا‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ :‬النظرية املعاصرة‪ ،‬ط ‪ ،13‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫الجزائر‪.2110 ،‬‬
‫‪ -0‬كمال عليوش قربوع‪ ،‬القانون الدولي الخاص الجزائري‪ :‬تنازع القوانين‪ ،‬ج ‪ ،10‬ط ‪ ،13‬در هومة‪.2100 ،‬‬
‫‪ -8‬محمد حبار‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬ط ‪ ،10‬الرؤى للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪.2103 ،‬‬
‫‪ -9‬محمد حسين منصور‪ ،‬العقود الدولية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،2110 ،‬اإلسكندرية‬
‫‪ -10‬محمد محسن إبراهيم النجار‪ ،‬عقد االمتياز التجاري‪ :‬دراسة في نقل املعرفة الفنية‪ ،‬ط‪ ،10‬دار الجامعة‬
‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.2100 ،‬‬
‫‪ -00‬محمد نصر محمد‪ ،‬الوسيط في عقود التجارة الدولية‪ ،‬ط ‪ ،10‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.2102 ،‬‬
‫‪ -00‬ميثاق طالب عبد حمادي الجبوري‪ ،‬النظام القانوني لعقد الترخيص باستعمال العالمة التجارية‪ :‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،10‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪.2100،‬‬
‫‪ -13‬نعيم مغبغب‪ ،‬الفرانشايز‪ :‬دراسة في القانون املقارن‪ ،‬ط ‪ ،12‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪.2110 ،‬‬
‫‪ -14‬يسرى عوض عبد هللا‪ ،‬املفاوضات التجارية الدولية‪ :‬مفاوضاتها وإبرامها وتنفيذها‪ ،‬ط‪ ،10‬إصدارات مكتب‬
‫اليسرى للمحاماة واالستشارات‪ ،‬الخرطوم‪.2102 ،‬‬
‫ثالثا‪ :‬الرسائل واملذكرات الجامعية‬
‫أ‪ -‬رسائل الدكتوراه‬
‫‪ -0‬عبدو محمد‪ ،‬النظام القانوني للتفاوض على عقود األعمال في ضوء التشريع الجزائري‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة البليدة ‪.2102-2100 ،12‬‬
‫‪ -0‬محمد حسن حميد العلي الحديثي‪ ،‬القانون الواجب التطبيق على عقد التفاوض الدولي‪ ،‬أطروحة مقدمة‬
‫لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬مصر‪.2100 ،‬‬
‫‪ -3‬معمر بوطبالة‪ ،‬اإلطار القانوني لعقد التفاوض في مفاوضات عقود التجارة الدولية‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل‬
‫شهادة الدكتوراه في القانون‪ ،‬جامعة اإلخوة منتوري قسنطينة ‪.2100-2102 ،10‬‬
‫‪ -4‬منيرة جمادي‪ ،‬تأثير مهارات االتصال على عملية التفاوض دراسة ميدانية على عينة من املؤسسات بوالية‬
‫عنابة‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في إدارة األعمال‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية وعلوم التسيير‪ ،‬جامعة‬
‫باجي مختار‪ ،‬عنابة‪.2100-2102 ،‬‬
‫ب‪ -‬مذكرات املاجستير‬

‫‪ -0‬أميرة ويشاوي‪ ،‬عقد االمتياز التجاري‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون العام‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة قسنطينة ‪.2105-2102 ،10‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫‪ -0‬توفيق ميلود مباركي‪ ،‬وضع قواعد التجارة الدولية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في قانون األعمال‬
‫املقارن‪ ،‬كلية الحقوق جامعة وهران‪.2101-2110 ،‬‬
‫‪ -3‬شرف علي خالد بعيرات‪ ،‬آثار اإلخالل بمبدأ حسن النية في مرحلة املفاوضات العقدية‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل‬
‫شهادة املاجستير في القانون‪ ،‬جامعة اليرموك‪ ،‬األردن‪.2102 ،‬‬
‫‪ -4‬صليحة بن أحمد‪ ،‬املسؤولية املدنية في حالة قطع املفاوضات‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪.2110-2112،‬‬
‫‪ -5‬ملا عبدهللا صادق سلهب‪ ،‬مجلس العقد اإللكتروني‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل شهادة املاجستير في القانون‪ ،‬جامعة‬
‫النجاح الوطنية‪ ،‬فلسطين‪.2112 ،‬‬
‫‪ -6‬مصطفى خضير نشمي‪ ،‬النظام القانوني للمفاوضات التمهيدية للتعاقد‪ ،‬مذكرة مقدمة لنيل شهادة‬
‫املاجستير في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬األردن‪.2102-2103 ،‬‬
‫‪ -7‬مهند وليد حامد قنديل‪ ،‬السرية في مفاوضات عقود نقل التكنولوجيا‪ ،‬دراسة تحليلية مقارنة‪ ،‬مذكرة مقدمة‬
‫لنيل شهادة املاجستير في القانون‪ ،‬جامعة األزهر‪ ،‬غزة‪.2100 ،‬‬
‫رابعا‪ :‬املقاالت العلمية‬
‫‪ -0‬أحمد عبد الكريم سالمة‪ ،‬النظام القانوني ملفاوضات العقود الدولية‪ ،‬مجلة األمن والقانون‪ ،‬مجلد ‪،00‬‬
‫عدد‪ ،10‬أكاديمية شرطة دبي‪.2113 ،‬‬
‫‪ -0‬أرجيلوس رحاب‪ ،‬مسعودي يوسف‪ ،‬اإلطار القانوني للتفاوض في العقد اإللكتروني‪ ،‬مجلة معالم لدراسات‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،13‬جامعة أدرار‪.2102 ،‬‬
‫‪ -3‬أسماء بعلوج‪ ،‬غرفة التجارة الدولية في ميزان القانون واالجتهاد القضائي الجزائريين‪ ،‬مجلة ضوت القانون‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،13‬جامعة خميس مليانة‪.2120 ،‬‬
‫‪ -4‬أكرم محمود حسين البدو‪ ،‬محمد صديق محمد عبد هللا‪ ،‬أثر موضوعية اإلرادة في مرحلة املفاوضات‪ ،‬مجلة‬
‫الرافدين للحقوق‪ ،‬املجلد ‪ ،03‬العدد ‪ ،20‬جامعة املوصل‪.2100 ،‬‬
‫‪ -5‬أم كلثوم صبيح محمد‪ ،‬املفاوضات املمهدة للتعاقد ماهيتها وأحكامها‪ :‬دراسة مقارنة بين الواقع العملي والفراغ‬
‫التشريعي‪ ،‬مجلة كلية الحقوق‪ ،‬املجلد ‪ ،02‬العدد ‪ ،10‬جامعة النهرين‪ ،‬العراق‪.2102 ،‬‬
‫‪ -6‬آية بلعقون‪ ،‬املفاوضات اإللكترونية‪ ،‬مجلة الباحث للدراسات األكاديمية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،10‬جامعة باتنة‬
‫‪ 10‬الحاج لخضر‪.2121 ،‬‬
‫‪ -0‬حاتم مولود‪ ،‬إدراج االلتزام بالتبصير في إصالح القانون املدني الفرنس ي لسنة ‪ 2102‬وأثره على نظرية االلتزام‬
‫في القانون املدني الجزائري‪ ،‬املجلة الدولية للبحوث القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،13‬العدد ‪ ،12‬جامعة الواد‪،‬‬
‫‪.2100‬‬
‫التفاوض على عقود التجارة الدولية ‪ -‬مبدأ حرية التفاوض وحسن النية ‪-‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪ -8‬حسام الدين كامل األهواني‪ ،‬املفاوضات في الفترة قبل التعاقدية ومراحل إعداد العقد الدولي‪ ،‬مجلة العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية‪ ،‬املجلد ‪ ،32‬العدد ‪ ،12‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪.0002 ،‬‬
‫‪ -9‬حمدي محمود بارود‪ ،‬املبادئ التي تحكم التفاوض في العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ومضمون االلتزام بها‪:‬‬
‫مبدأ حسن النية ومقتضياته دراسة تأصيلية تحليلية‪ ،‬مجلة الجامعة اإلسالمية‪ ،‬املجلد ‪ ،02‬العدد ‪ ،10‬الجامعة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬غزة‪.2112 ،‬‬
‫‪ -07‬رشيد ساسان‪ ،‬التأسيس القانوني لاللتزام باإلعالم ما قبل التعاقدي في مجال عقود األعمال‪ :‬عقد الترخيص‬
‫التجاري نموذجا‪ ،‬مجلة التواصل في العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،00‬العدد ‪ ،12‬جامعة باجي مختار‬
‫عنابة‪.2100 ،‬‬
‫‪ -00‬رفاه كريم رزوقي كربل‪ ،‬االعتبار الشخص ي وأثرة في تنفيذ العقد اإلداري‪ ،‬مجلة املحقق الحلي للعلوم‬
‫القانونية والسياسية‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪ ،13‬جامعة بابل‪ ،‬العراق‪.2102 ،‬‬
‫‪ -00‬سليمان قنقارة‪ ،‬لعيرج بورويس‪ ،‬اإلشكاالت القانونية الواقعة على عقد ترخيص استغالل براءة االختراع في‬
‫مرحلة تكوينه‪ :‬دراسة تحليلية‪ ،‬مجلة القانون والعلوم السياسية‪ ،‬املجلد ‪ 12‬العدد ‪ ،10‬املركز الجامعي النعامة‪،‬‬
‫‪.2102‬‬
‫‪ -03‬عائشة قصار الليل‪ ،‬االلتزام باإلعالم اإللكتروني السابق للتعاقد‪ ،‬مجلة الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬املجلد‬
‫‪ ،10‬العدد ‪ ،13‬جامعة زيان عاشور الجلفة‪.2102 ،‬‬
‫‪ -04‬عبدالكريم عسالي‪ ،‬ماهية عقد اإليجار التمويلي الدولي‪ ،‬املجلة األكاديمية للبحث القانوني‪ ،‬املجلد ‪،10‬‬
‫العدد ‪ ،12‬جامعة عبدالرحمن ميرة بجاية‪.2101 ،‬‬
‫‪ -05‬عهود أحمد حسين خليفات‪ ،‬مدى انسحاب ودور مبدأ حسن النية على مراحل ما قبل وأثناء وبعد تنفيذ‬
‫العقود املدنية‪ ،‬مجلة العلوم القانونية واالجتماعية‪ ،‬املجلد ‪ ،15‬العدد ‪ ،10‬جامعة زيان عاشور‪ ،‬الجلفة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2121 ،‬‬
‫‪ -06‬عيس ى بخيث‪ ،‬آثار العوملة على املسؤولية السابقة على التعاقد‪ ،‬األكاديمية للدراسات االجتماعية‬
‫واإلنسانية‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،12‬جامعة حسيبة بن بوعلي‪ ،‬الشلف‪.2105 ،‬‬
‫‪ -00‬فطيمة نساخ بولقان‪ ،‬أخلقة العالقة العقدية‪ ،‬املجلة الجزائرية للعلوم القانونية واالقتصادية والسياسية‪،‬‬
‫املجلد ‪ ،52‬العدد ‪ ،12‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الجزائر ‪.2105 ،10‬‬
‫‪ -08‬محمد حامد محمود‪ ،‬زهراء عبد املنعم عبد هللا‪ ،‬النظام القانوني للتفاوض اإللكتروني‪ ،‬مجلة جامعة تكريت‬
‫للحقوق‪ ،‬املجلد ‪ ،13‬العدد‪.2100 ،12‬‬
‫بوناح عبدالنور‬
‫ــــــــ‬
‫‪ -09‬محمد عرفان الخطيب‪ ،‬املبادئ املؤطرة لنظرية العقد في التشريع املدني الفرنس ي الجديد‪ :‬دراسة نقدية‬
‫تأصيلية مقارنة‪ ،‬مجلة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬العدد ‪ ،12‬السنة السابعة‪.2100 ،‬‬
‫‪ -07‬محمود فياض‪ ،‬مدى التزام األنظمة القانونية املقارنة بمبدأ حسن النية في مرحلة التفاوض على العقد‪،‬‬
‫مجلة الشريعة والقانون‪ ،‬العدد‪ ،52‬اإلمارات العربية املتحدة‪.2103 ،‬‬
‫‪ -00‬مها نصيف جاسم‪ ،‬رشا عامر صادق‪ ،‬التفاوض اإللكتروني‪ ،‬مجلة مداد اآلداب‪ ،‬املجلد ‪ ،10‬العدد ‪ ،05‬كلية‬
‫اآلداب الجامعة العراقية‪.2102،‬‬
‫‪ -00‬نبيل إسماعيل الشبالق‪ ،‬الطبيعة القانونية ملسؤولية األطراف في مرحلة ما قبل العقد‪ :‬دراسة في العقود‬
‫الدولية لنقل التكنولوجيا‪ ،‬مجلة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬املجلد ‪ ،2‬العدد ‪.2103 ،12‬‬
‫‪ -03‬نصير يزيد أنيس‪ ،‬مرحلة ما قبل إبرام العقد‪ :‬دراسة مقارنة‪ ،‬نظرية الخطأ في أثناء التفاوض والقطع‬
‫التعسفي للمفاوضات‪ ،‬مجلة املنارة للبحوث والدراسات‪ ،‬ج ‪ ،10‬مجلد‪ ،10‬العدد ‪ ،13‬جامعة آل البيت‪.2110 ،‬‬
‫‪ -04‬هدية عبد الحفيظ مفتاح بن هندي‪ ،‬التنظيم االتفاقي للمفاوضات في اإلطار العقدي صورها وآثارها‪ ،‬مجلة‬
‫الجامعة األسمرية اإلسالمية‪ ،‬عدد ‪ ،00‬الجامعة األسمرية‪ ،‬ليبيا‪.2102 ،‬‬
‫‪ -05‬وافية بوعش‪ ،‬عن اختالل التوازن في عقد ترخيص استغالل العالمة التجارية‪ ،‬مجلة أبحاث قانونية‬
‫وسياسية‪ ،‬العدد ‪ ،10‬جامعة محمد الصديق بن يحي‪ ،‬جيجل‪.2102 ،‬‬
‫باللغة األجنبية‪:‬‬
‫‪I- Textes Juridiques :‬‬
‫‪1- code civile français Dispose sur : https://codes.droit.org/PDF/Code%20civil.pdf‬‬
‫‪2- ordonnance n°2016-131 du 10 février 2016 portant réforme du droit des contrats,‬‬
‫‪du régime général et de la preuve des obligations‬‬
‫‪II- OUVRAGES:‬‬
‫‪1-Barthélemy Mercadal, Patrice Macqueron, Le droit des affaires en france, principes‬‬
‫‪et approhe pratique du droit des affaires et des activités professionnelle, éditions‬‬
‫‪frances lefebvre, 2004.‬‬
‫‪2-Julie joly - Hurard, conciliation et médiation judiciaires, presses universitaires‬‬
‫‪d’Aix Marseille, 2003.‬‬
‫‪III- THESES :‬‬
‫‪1-Betty Mercedes Martinez-Cardenas, La Responsabilité Précontractuelle, Étude‬‬
‫‪comparative des régimes colombien et français, thèse pour obtenir le grade doctorat‬‬
‫‪en droit, Université Panthéon-Assas, 2013.‬‬
‫‪2- Luis Fernando Kuyven, La Responsabilité précontractuelle dans le commerce‬‬
‫‪international‬‬ ‫‪:fondements et règles applicables dans une perspective,‬‬
- ‫ مبدأ حرية التفاوض وحسن النية‬- ‫التفاوض على عقود التجارة الدولية‬
‫ـــــــــــــــ‬
D’harmonisation, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit université de
Strasbourg, 2010.
3- Mahmoud Elsehly, La période précontractuelle : Étude comparée des régimes
français et égyptien, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit, Université de
Toulouse, 2018.
4-Radu Stancu, L’évolution de la responsabilité civile dans la phase Précontractuelle:
comparaison entre le droit civil français et le droit civil roumain à la lumière du droit
eurppéen, thèse pour obtenir le grade doctorat en droit, université de Strasbourg,
2015.
IV- ARTICLES:
1-Adra Zouhal, Réforme du droit des obligations « les négociations précontractuelles
», Revue juridique de l’Ouest, n° 03, 2016.
2- Joanna Schmidt-Szalewski, La période précontractuelle en droit français. Revue
internationale de droit comparé. V42, N°2, 1990.
3-Sylvette Guillemard , Qualification juridique de la négociation d’un contrat et
nature de l’obligation de bonne foi, Revue générale de droit, v 25,n01, 1994.
V- Jurisprudences:
1-Cass. Com, 26 novembre 2003, nº 00-10243.
.2- CA Colmar, 29 août 2012, n° 11/00041.

You might also like