Professional Documents
Culture Documents
- 2خصائص قواعده
1
الفرع األول :ظهور القانون التجارة الدولية:
إن التجارة نوعان تجارة داخلية وأخرى خارجية ،تجري األولى داخل إقليم دولة معينة وتجاوز الثانية هذه
الحدود ،فتقع بين دولتين أو أكثر وتشمل مجموع المبادالت في األموال والخدمات بين األمم.
ويمكن القول بوجود نظامين يحكمان التجارة الدولية ،األول يعتمد مبدأ حرية التجارة والصناعة كقاعدة
عامة ،وتندرج ضمنه عدة دول كالواليات المتحدة واليابان وأوربا.
أما النظام الثاني فكان متمثال في االتحاد السوفياتي حيث كانت الدولة تحتكر التجارة وتمارسها عن طريق
مؤسساتها.
أما الدول النامية لكونها حديثة االستقالل فهي تحاول اإلشراف على هذه التجارة كوسيلة للحصول على
النقد األجنبي.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وقيام هيئة األمم المتحدة لوحظ أنه من المسائل الهامة التي يجب
تنظيمها مسألة التجارة الدولية ،فتوصلت الدول سنة 1947إلى وضع االتفاقية العامة للتعريفات والتجارة
يطلق عليها اسم الجات GATTوهو اختصار General Agreement on Tariffs and Trade
تقوم على وضع منهاج للسلوك في ميدان التجارة تلتزمه الدول ويرتكز على المبدأ المعروف بشرط الدولة
األكثر رعاية ليس على نحو ثنائي وانما متعدد األطراف أو شمولي وقد تم تلخيص قواعد الجات في
ثالث قواعد أساسية:
-1تحرير التجارة الدولية من كافة القيود الجمركية وغير الجمركية .
-2الجماعية أو عدم التمييز بين الدول المختلفة في معامالتها التجارية بموجب مبدأ الدولة األولى
بالرعاية وهو يؤمن مساواة كاملة في ظروف المنافسة الدولية لكل البلدان المتاجرة.
-3التبادلية التي تعني تنازالت متبادلة بين الدول األعضاء في التخفيضات الجمركية تضمن في النهاية
تساويها في المنافع المكتسبة من التجارة الدولية.
إن استعمال مصطلح التجارة الدولية يعني تلك التجارة التي يتم تنفيذها بواسطة العقود التجارية الدولية
.Contrats commerciaux internationaux
-1التعريف الموسع لقانون التجارة الدولية:
استقر فقه هذا التوجه على تعريف قانون التجارة الدولية بتغليب طبيعة القواعد التي تضبط نشاط
ومعامالت التجارة الدولية و يقصد به مجموعة القواعد والمبادئ المستمدة من االتفاقيات المنظمة للتجارة
2
الدولية والقانون النموذجي (نمطي) الصادر عن لجنة قانون التجارة الدولية لهيئة األمم المتحدة والعقود
النموذجية والشروط العامة للعقود الدولية والعادات وأع ارف التجارة الدولية
وهو تعريف منتقد ووجه االنتقاد هو عدم وجود قواعد محددة وموحدة لتطبيقها على معامالت التجارة
الدولية وهذا يؤدي إلى حالة من عدم استقرار المعامالت وكثرة النزاعات.
-2التعريف الضيق لقانون التجارة الدولية:
لم يستقر فقه قانون التجارة الدولية على تعريف محدد لقانون التجارة الدولية نظ ار لتشعب المواضيع التي
يتناولها هذا القانون.
"هو مجموعة القواعد التي تسري على العقود التجارية المتصلة بالقانون الخاص والتي تجري بين دولتين
أو أكثر"
وهو تعريف التقرير الذي أعدته أمانة األمم المتحدة سنة 1965ويقول األستاذ محسن شفيق أن هذا
التعريف متفق عليه في هذا الصدد إال أنه تعريف منتقد ألن أشخاص القانون الخاص (الشركات
التجارية) و األشخاص الطبيعية الخاضعة للقانون الخاص.
المطلب الثاني :خصائص قانون التجارة الدولية:
إن قانون التجارة الدولية يعتمد أساسا على وجود قواعد قانونية تنظم رابطة معينة وحتى تدخل هذه القواعد
في مفهومه يفترض فيها تجارية العالقة ،والدولية من حيث المصدر ،الموضوعية من حيث المضمون .
-1تجارية العالقةLa commercialité de la relation :
إن مفهوم تجارية العالقة يصعب تحديده ألنه إذا كانت بعض التصرفات تعتبر وبصفة مطلقة مدينة
(كالهبة) ،وأخرى تجارية (التوقيع على سفتجة) ،فإن معظم التصرفات يمكن أن تكون تجارية ومدنية
(البيع ،النقل.)......،
إن قانون التجارة الدولية هو قانون يحكم عالقات معينة هي من نوع عالقات القانون الخاص فلو كان أحد
أطراف العالقة دولة أو مؤسسة فالعبرة هي بنوع وطبيعة العملية ،فالمعنى الكالسيكي لعقود التجارية
الدولية يشمل عمليتي التبادل و اإلنتاج.
أ -عمليات التبادل :ونعني بها حركة السلع (البيع) وكل الخدمات الضرورية للبيع (القرض ،التمويل
ووسائله ،التأمين ،النقل ،اجراءات وحقوق الملكية الصناعية).
3
ب -عمليات اإلنتاج:
إن التجارة الدولية تتجاوز عمليات االستيراد والتصدير إلى عمليات االستثمار من خالل بناء مصانع،
مناجم ،حقول بترولية ،نقل التكنلوجيا ،عقود جديدة مثل عقود المفتاح في اليد contrats clef en main
،عقود المنتوجات في اليد produits en mainsوعليه فإن مفهوم التجارية قد توسع ليشمل نوعا
جديدا من التعامالت ،فقد تعاقدت و ازرة التجارة البحرية السوفيتية سابقا مع شركة فرنسية على شراء
رافعات من نوع خاص لتستعمل في صحراء سيبيريا وأثناء الشحن من الميناء الفرنسي سقط أحدها على
الرصيف وأصيب بأضرار بالغة فنظم الناقل سندا بخمس رافعات ثم نقلها إلى روسيا ورجع البائع على
شركة التأمين بالنسبة للرافعة التالفة ،إال أن ممثل الو ازرة السوفيتية رد بأن دائرته شخص معنوي وال يمكن
أن تقام عليها دعوى كأي شخص اعتيادي غير أن محكمة باريس رفضت هذا الدفع وعاملته معاملة
المشاريع الفرنسية المؤممة التي تمارس عمال تجاريا.
-2دولية العالقة:
يمكن للنزاع أن يتضمن عنص ار أجنبيا لكن ذلك غير كاف ليكون عمال دوليا ،إن الدولية ال يتعلق بمعيار
قانوني بمعنى تعدد العالقات و اتساع نطاقها ليشمل دول مختلفة ولكن بمعيار اقتصادي الذي يضع في
الحسبان مصالح التجارة الدولية.
أ -رفض المعيار القانوني:
فإذا قام ألماني مثال بشراء شيء من فرنسي مصنوعا ومسلما وتم تسليمه وسداد ثمنه في فرنسا ،فإن
التصرف سيحكمه القانون الفرنسي ،فمن الناحية القانونية فهذا التصرف يربط بين عدة دول بسبب
الجنسية األصلية للمتعاقدين ،أما اقتصاديا فإن هذا التصرف قد حدث في مجال دولة واحدة ،والجنسية
ليس لها أي تأثير على التشريع الواجب التطبيق وقانون التجارة الدولية ليس له أي دخل.
ب -تبني معيار اقتصادي:
إن العملية تعتبر وفقا لهذا االتجاه دولية إذا لم توجد في مجال اقتصادي لدولة واحدة ،فحسب هذا
االتجاه فإن عقد التجارة الدولية يجب أن يشكل حركة وتدفقا واعادة تدفق عبر الحدود وعليه فقد تم اعتماد
المعيار االقتصادي لتعريف التحكيم الدولي.
إن العقود والمعامالت التي تخضع لقانون التجارة الدولية تتميز بصفتها الدولية وبتعبير أقرب إلى لغة
االقتصاد ،إنها معامالت موجهة ألن تتخطى حدود الدولة لتتركز آثارها في دولة أخرى ،وتعنى
4
االتفاقيات الدولية بتنظيمها غير أنه حينما ال نجد نصا في هذا الصدد فيجب أن تكون هذه الحقيقة
االقتصادية هي األساس.
ومن هنا يبدو الفرق بين هذا القانون وقانون التجارة الوطني الذي يقتصر عمله على اقليم دولة معينة
بينما تتجاوز فاعلية قانون التجارة الدولية حدود الدولة رغم أنه من الصعب ايجاد معيار يحدد عنصر
الدولية من عدمها ففي عقد النقل الدولي فإن اتفاقية وارسو اعتمدت في تحديد ضابط الدولية مسار
طرف العقد وبالتالي ال تلعب الجنسية دو ار في تحديد
الرحلة ،ومحطات الرسو الجوي ،كما اعتمدت قصد أ ا
الدولية ،فقد يكون العقد دوليا ولو كان الناقل والطائرة وأطراف العقد من جنسية واحدة.
إن القواعد المادية بهذه الصفة تستهدف عالمية الحلول ،كونها تمثل في الغالب قواعد موحدة تنشأ عن
اتفاقيات دولية كما هو الشأن بالنسبة التفاقية النقل الجوي (وارسو ،)1929اتفاقية النقل بالسكك الحديدية
( )1952واتفاقية البيع الدولي للبضائع (فيينا ...)1980إلخ ،فضال عن القواعد الخاصة بالتحكيم
التجاري الدولي وكذا مبادئ المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص الصادرة عام 1994بشأن عقود التجارة
ال دولية والتي تعد تقنينا دوليا للقانون التجاري الدولي وتعبي ار عن القواعد المادية الدولية المعدة خصيصا
لحكم العالقات التجارية الدولية ،وقد اهتمت عدة مراكز وجهات علمية (لجنة األمم المتحدة للقانون
التجاري الدولي األنيسنترال ،غرفة التجارة الدولية ،المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص ،اللجنة البحرية
الدولية ،الغرفة اإلسالمية للتجارة والصناعة) إليجاد قواعد موضوعية موحدة لقانون التجارة الدولية .
إن تطبيق قانون التجارة الدولية يتطلب توفر الخاصتين :التجارية والدولية ولعل ذلك ما ذهب ببعضهم إلى
تعريفه بقولهم هو عالقة قانونية تحكمها مجموعة من القواعد الخاصة التي تمثل المعيار المزدوج التجاري
والدولي
-3موضوعية القواعد أو ماديتها.
يذهب البعض إلى ضرورة تسميتها بالقواعد الموضوعية ،وان كانت هذه التسمية واجهت بدورها نقدا،
على أساس أن اصطالح القواعد الموضوعية يشير الخلط بسبب ما يفهم من مقابلته الصطالح القواعد
اإلجرائية ،التي يقتصر دورها على بيان اإلجراءات الكفيلة بإعمال القانون الموضوعي وهو ماال يتفق مع
تطبيق القواعد الموضوعية.
بينما اتجه غالبية الفقه إلى ترجيح تسمية هذه القواعد بالقواعد المادية مما يؤدي تفادي الخلط في المفاهيم
باعتباره مصطلحا حياديا ودقيقا .وقد تعددت التسميات التي تطلق على هذا النوع من القواعد فهناك من
يطلق عليها القانون عبر الدول أو القانون الالوطني أو القانون التجاري بين الشعوب .
5
فهناك من عرفها بأنها ":مجموعة المبادئ والنظم والقواعد المستمدة من كل المصادر التي تغذي باستمرار
وتواصل تغذية البناء القانوني وسير جماعة العاملين في التجارة الدولية".
وبذلك فهي توصف بأنها قواعد مباشرة وموضوعية كونها تعطي حلوال مباشرة للنزاع المعروض دون
االستناد لقانون معين مستبعدة بذلك الوساطة التي يمكن أن تنشأ بين القانون الواجب التطبيق والقاضي،
ووصفها بالموضوعية راجع لكونها تنظم جوهر العالقات القانونية التي تتصدى لحكمها وتحدد الحقوق
والواجبات فهي تعطي الحل الموضوعي الذي ينهي النزاع بتجنب البحث عن القانون الواجب التطبيق
واجراءاته المعقدة .
إن قانون التجارة الدولية يشمل قواعد تسري على عالقات قانونية معينة هي العالقات التجارية الدولية إن
خاصية الموضوعية هي ما يفرق بين هذا القانون والقانون المقارن ،إنه قانون ال يتعلق بالقوانين الوطنية
واما بتوحيدها ليزيل ما بينها من اختالف ويقضي تبعا لذلك على التنازع بينهما ،أما القانون التجاري
المقارن فيبحث في أحكام عقد البيع مثال في مختلف التشريعات الوطنية كاالنجليزي والفرنسي و األلماني
الستطالع مواضع الشبه واالختالف بينهما .أما قانون التجارة الدولية ال يهتم إال بمجال البيع التجاري
الدولي من اتفاقيات وعقود نموذجية وشروط عامة توحد أحكامه توحيدا عالميا أو إقليميا ،إال أن ذلك ال
يعني انقطاع الصلة بينهما ،فالمقارنة بين مختلف األنظمة القانونية الخاصة يساعد على بلوغ التوحيد
العالمي.
6