You are on page 1of 16

‫ماستر القانون العام والعلوم السياسية‬

‫تخصص‪ :‬التدبير اإلداري و المالي‬


‫مادة‪ :‬تدبير الصفقات العمومية‬
‫السداسي الثالث‬

‫عرض بعنوان ‪:‬‬

‫إبرام الصفقات العمومية وفق‬


‫المسطرة التفاوضية‬

‫تحت إشراف الدكتور ‪:‬‬ ‫إنجاز الطلبة ‪:‬‬

‫جواد النوحي‬ ‫عادل أرجدال‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬محجوبة الشين‬

‫السنة الجامعية‬
‫‪2018 / 02017‬‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫تلعب الصفقات العمومية دو ار مهما في تحقيق التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية باعتبارها األداة‬
‫اإلستراتيجية التي تمكن الدولة والسلطات العمومية المختلفة من تنزيل سياساتها العمومية وأداء وظائفها‬
‫في الميادين المختلفة‪.1‬‬
‫وقد عملت الدولة على التأطير القانوني للصفقات العمومية عبر مجموعة من المحطات التاريخية‬
‫بهدف إعداد منظومة قانونية قادرة على ضبط تعاقد اقتصادي يقوم على التوفيق بين المصلحة العامة‬
‫والمصلحة الخاصة في إطار الحفاظ على حقوق الفاعل اإلقتصادي وحماية المال العام‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬كان أول نص قانوني يؤطر الصفقات العمومية بالمغرب هو المتعلق بمراقبة نفقات‬
‫الدولة الصادر سنة ‪ ،1917‬مرو ار بظهير ‪ 6‬غشت ‪ 1958‬الذي من نتائجه إصدار مرسوم ‪ 19‬ماي‬
‫‪ 1965‬ثم بعده مرسوم ‪ 14‬أكتوبر ‪ 1976‬الذين اعتبروا مواكبة حقيقية بالنسبة لإلطار القانوني للصفقات‬
‫العمومية للتنظيم المالي واإلداري الجديد المتبع آنذاك غداة اإلستقالل وكذلك لتطور الطلبية العمومية من‬
‫حيث الحجم والنوع‪ ،‬لكن التحوالت اإلقتصادية التي عرفها المغرب دفعت بالمشرع إلى إصدار مرسوم‬
‫جديد سنة ‪ ،1998‬وهو المرسوم الذي صمد طويال إلى حدود سنة ‪ 2007‬قبل أن يأتي مرسوم ‪2013‬‬
‫الذي ال يزال ساري المفعول إلى يومنا هذا‪.‬‬
‫لقد عمل مرسوم ‪ 2013‬على تنظيم مسطرة إبرام الصفقات العمومية العادية منها واإلستثنائية‪ ،‬متوخيا‬
‫من وراء ذلك إرساء قواعد جديدة في تدبير الصفقات العمومية ترتكز باألساس على الحكامة الجيدة‬
‫وأهداف التنمية المستدامة دون إغفال المبادئ األخرى الناظمة لمساطر إبرام الصفقات العمومية‪.‬‬
‫وانسجاما مع هذه األهداف‪ ،‬تضمن المرسوم مجموعة من المستجدات التي كانت غاية المشرع من‬
‫ورائها تجاوز اإلختالالت التي عرفها مرسوم ‪ 2007‬والتي كان أهمها كثرة لجوء أصحاب المشاريع إلبرام‬
‫صفقات تفاوضية بالنظر لبساطة إجراءاتها وسرعة إبرامها‪.‬‬
‫وتتجلى بساطة المسطرة التفاوضية في كونها طريقة يتم بواسطتها اختيار نائل للصفقة من طرف‬
‫لجنة تسمى ب "لجنة التفاوض" وذلك بعد استشارة متنافس أو أكثر والتفاوض بشأن شروط الصفقة‪.‬‬
‫انطالقا من هذا التعريف الذي أورده مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬يتبين أن المسطرة التفاوضية هي‬
‫طريقة استثنائية من طرق إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬وتتميز هذه الطريقة بمجموعة من الخصائص التي ال‬
‫نجد لها مثيال في المساطر األخرى لإلبرام‪ ،‬كما يتم إبرام هذه الصفقات وفق شكل معين‪ ،‬وال يتم اللجوء‬
‫إليها إال في حاالت حددها المشرع على سبيل الحصر‪.‬‬

‫‪ - 1‬حفيظ مخلول ‪ ،‬حدود إصالح نظام الصفقات العمومية وفقا لمرسوم ‪ 20‬مارس ‪ ، 2013‬منشورات مجلة الحقوق ‪ ،‬دار نشر المعرفة ‪، 2017 ،‬‬
‫ص ‪.5‬‬

‫‪1‬‬
‫وتأسيسا عليه‪ ،‬فإننا سنحاول من خالل هذا العرض مناقشة المسطرة التفاوضية إلبرام الصفقة‬
‫العمومية وأبرز اإلشكاليات التي تثيرها هذه المسطرة بغية اإلحاطة بهذا الموضوع من كل جوانبه والخروج‬
‫بخالصات معينة تمكننا من تقييم مدى تحقيق هذه المسطرة للمبادئ المؤطرة إلبرام الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫المبحث األول‪ :‬خصائص المسطرة التفاوضية وأشكالها‬
‫تتميز المسطرة التفاوضية بعدة خصائص (المطلب األول)‪ ،‬وتتخذ عدة أشكال ( المطلب الثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خصائص المسطرة التفاوضية‬
‫الفقرة األولى‪ :‬المميزات‬
‫المسطرة التفاوضية هي طريقة إبرام الصفقات تختار بموجبها لجنة تفاوض نائال للصفقة بعد استشارة‬
‫منافس أو أكثر والتفاوض وتتعلق هده المفاوضات على النصوص بالشك وأجل التنفيذ أو تاريخ االنتهاء‬
‫‪2‬‬
‫أو التسليم وشروط التنفيذ و تسليم العمل ال يجوز أن تتعلق هده بموضوع الصفقة ومحتواها‪.‬‬
‫بهده العبارات تعرف المادة ‪ 84‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬الصفقة التفاوضية ‪ .‬فالصفقات التفاوضية‬
‫هي مساطر تستشير بموجبها السلطات العمومية المقاولون والممونون ومقدمي الخدمات الذين تختارهم‬
‫وتتفاوض بشأن شروط الصفقة مع أحد أو العديد منهم ‪.‬‬
‫تعين لجنة التفاوض من طرف السلطة المختصة او االمر بالصرف المساعد‪.‬‬
‫و تتكون هذه اللجنة من رئيس و ممثلين عن صاحب المشروع و يمكن لصاحب المشروع ايظا استدعاء‬
‫أي شخص اخر خبي ار او تقنيا‪.‬‬
‫ومن المستجدات التي جاء بها المرسوم‪ 2013‬اللجنة التفاوضية التي تقوم بالتفاوض بحيث ان مرسوم‬
‫‪ 2007‬كان صاحب المشروع يشرف شخصيا على المسطرة التفاوضية‪.‬‬
‫و يتعين على كل مرشح لنيل صفقة تفاوضية ان يقدم في بداية المسطرة ملفا إداريا و ملفا إضافيا عند‬
‫‪3‬‬
‫االقتضاء يضم مجموع المستندات‪.‬‬
‫يتوجب ابرام صفقة تفاوضية باستثناء االعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني او االمن العام‬
‫الحفاظ على سريتها‪ .‬ويجب ان تكون هذه الصفاقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة‬
‫لكل حالة على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعينة‪ .‬باستثناء من السلطة المختصة‬
‫او من طرف االمر بالصرفالمساعد اعداد شهادة إدارية تبين االستثناء الذي يبرر ابرام الصفقة على‬
‫الشكل المذكور و توضح بوجه خاص األسباب التي أدت الى تطبيقه هذه الحالة‪.‬‬
‫يجوز للسلطة المختصة او االمر بالصرف المساعد دون تحمل اية مسؤولية عن هذا الفعل تجاخ‬
‫المتنافسين ان تنهي المسطرة في أي وقت بمقرر موقع من طرفها من طرفها‪ .‬يحتفظ بهذا المقرر في‬
‫ملف الصفقة ‪.‬‬

‫‪2‬مرسوم ‪ 20‬مارس ‪2013‬‬


‫‪3‬مرسوم ‪ 20‬مارس ‪2013‬‬

‫‪3‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬مكونات ملف الصفقة التفاوضية‬
‫بخصوص ملف الصفقة التفاوضية ‪:‬‬
‫‪-‬يتكون ملف الصفقة من ‪:‬‬
‫‪-‬نسخة اعالن االشهار‪.‬‬
‫‪-‬دفتر الشروط الخاصة‪.‬‬
‫‪-‬التصاميم و الوثائق التقنية عند االقتصاد‪.‬‬
‫‪-‬نموذج عقد االلتزام‪.‬‬
‫‪-‬نموذج جدول االثمان و التقدير المفصل‪.‬‬
‫‪-‬نموذج تحليل االثمان بالنسبة للصفقات بأثمان اجمالية االقتضاء‪.‬‬
‫‪-‬العناصر المكونة للعرض التقني عند االقتضاء‪.‬‬
‫‪-‬تتشكل لجنة للتفاوض لدراسة الملفات و تتكون من رئيس و ممثلين عن صاحب المشروع و كل شخص‬
‫تعتبر مساهمته مقيدة باألشغال اللجنة‬
‫‪ -‬تقوم اللجنة بفحص الملفات و حصر الئحة المتنافسين الذين يجب ان يقل عدد المتنافسين الذين‬
‫استجابوا لدعوة غير كاف‪.‬‬
‫بعد ذللك يتم توجيه رسالة استشارة للمنافسين المقبولين مع تحديد االجل األقصى إليداع العروض و في‬
‫نفس الوقت تتم مراسلة المتنافسين المقصيين لتوضيح أسباب اقصائهم و هذا من مستجدات مرسوم‬
‫‪ 2013‬و تسفر المفاوضات اقتراح استناد الصفقة للمنافس الذي قدم العرض األكثر افضلية ‪.‬‬
‫وفي األخير يتم اعداد تقرير تدون فيه المعارضات المتعلقة بالصفقة و يوقعه الرئيس و أعضاء لجنة‬
‫التفاوض‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أشكال الصفقة التفاوضية‬


‫لقد أوضحت مقتضيات المرسوم الجديد للصفقات العمومية شكل الصفقات التفاوضية وال سيما تلك‬
‫المتعلقة بنوع الصفقة التي يتم إبرامها بناءا على طلبية المعنيين باألمر بالنظر للطبيعة‬
‫االستعجاليةلألعمال موضوع الصفقة لذلك تبرم الصفقات التفاوضية وفقا لمقتضيات المادة ‪ 87‬من‬
‫المرسوم بناءا علي إحدى الوسائل التالية‪:‬‬
‫ـ إما بناءا على عقد التزام يوقعه الراغب في التعاقد وعلى دفتر الشروط الخاصة‪.‬‬
‫ـ إما بناءا ـ بصفة استثنائية ـ بتبادل رسائل أو اتفاقية خاصة بالنسبة لألعمال المستعجلة التي تهم الدفاع‬
‫عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان‪ ،‬أو سالمة السير الطرقي‪ ...‬والتي يجيب الشروع في تنفيذها قبل‬
‫تحديد جميع شروط الصفقة‪،‬وبنص تبادل الرسائل أو االتفاقية الخاصة المذكورة على االقل على طبيعة‬
‫العمليات وكذا حدود التزامات السلطة المتعاقد معها‬

‫‪4‬‬
‫من حيث المبلغ والمدة ويحدد ثمنا نهائيا أو مؤقتا وفي هذه الحالة االخيرة‪ ،‬ال يجوز القيام بأي سلفة أو‬
‫دفعات مسبقة ويجيب أن تتم تسوية الرسائل أو االتفاقية الخاصة على شكل صفقة بثمن نهائي خالل‬
‫‪4‬‬
‫الثالثة أشهر الموالية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه تم حذف البند (ب) من المادة ‪ 73‬من مرسوم ‪ 2007‬التي كانت تفتح المجال‬
‫لإلدارة في اللجوء المكثف للصفقات التفاوضية لكونها ال تضع معيا ار واضحا يمكن االعتماد عليه للجوء‬
‫الصفقة التفاوضية من عدمه‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬حاالت اللجوء إلى المسطرة التفاوضية واإلشكاليات التي تثيرها‬
‫نص مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬على مجموعة من الحاالت التي يمكن من خاللها لصاحب المشروع‬
‫اللجوء إلى المسطرة اإلستثنائية في إبرام الصفقة العمومية المتمثلة في المسطرة التفاوضية ( المطلب‬
‫األول )‪ ،‬وهي الحاالت التي تثير مجموعة من اإلشكاليات القانونية والعملية ( المطلب الثاني )‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬حاالت اللجوء إلى الصفقة التفاوضية‬


‫نص مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬المتعلق بالصفقات العمومية على مجموعة من الحاالت التي يمكن‬
‫فيها لصاحب المشروع اللجوء إلى إبرام صفقة تفاوضية‪ ،‬وقد جاءت هذه الحاالت على سبيل الحصر‬
‫حسب ما يستفاد من منطوق المادة ‪ 86‬من المرسوم التي استهلت بلفظ يفيد اإللزام " ال يجوز "‪ ،‬وهو ما‬
‫يعني أن إبرام الصفقة التفا وضية متوقف وجودا وعدما على توفر الحاالت المنصوص عليها بمقتضى‬
‫المادة ‪ 86‬المشار إليها أعاله‪.‬‬
‫وقد ميزت المادة المذكورة – أي المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ – 2013‬تتعدادها للحاالت التي‬
‫تقتضي اللجوء إلى المسطرة التفاوضية بين الحاالت التي تتطلب نهج مسطرة اإلشهار واجراء المنافسة‬
‫قبل إبرام الصفقة ( الفقرة األولى )‪ ،‬وبين الحاالت التي ال تحتاج إلى هذه المسطرة وهذا اإلجراء ( الفقرة‬
‫الثانية )‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬الحاالت التي تتطلب اإلشهار المسبق واجراء المنافسة‬
‫حصرت المادة ‪ 86‬األعمال التي يمكن أن تكون موضوع صفقات تفاوضية بعد إشهار مسبق واجراء‬
‫منافسة في نوعين ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬األعمال التي كانت موضوع مسطرة طلب عروض وتم إعالنها عديمة الجدوى‪ ،5‬إما بسبب‬
‫عدم تقديم أي عرض أو إيداعه مرتين متتاليتين في مسطرتين لطلب العروض‪ ،6‬أو بسبب عدم قبول‬
‫لجنة طلب العروض ألي متنافس على إثر فحص الملفين اإلداري والتقني والملف اإلضافي عند‬
‫اإلقتضاء‪ ،‬أو بسبب عدم القبول الناتج عن فحص العرض التقني أو العينات أو النماذج المصغرة أو‬
‫الوثائق الوصفية أو البيانات الموجزة أو الوثائق التقنية األخرى‪ ،‬أو على إثر فحص العرض المالي‪،‬‬
‫وكذلك في حالة ما إذا رفضت لجنة طلب العروض قبول أي عرض بالنظر لمقتضيات المرسوم المنظم‬
‫للصفقات العمومية والمقاييس المحددة في نظام اإلستشارة‪.7‬‬
‫وفي هذه الحالة‪ ،‬يجب أال يط أر أي تغيير على الشروط األصلية للصفقة‪ ،‬وأال تزيد المدة الفاصلة‬
‫بين تاريخ التصريح بعدم جدوى مسطرة طلب العروض وتاريخ نشر اإلعالن عن الصفقة التفاوضية عن‬
‫‪ 21‬يوما‪ ،8‬وبالتالي فإن تجاوز صاحب المشروع للمدة المحددة في ‪ 21‬يوما بعد التاريخ الذي تم فيه‬
‫اإلعالن عن عدم جدوى مسطرة طلب العروض ال يتيح له إمكانية اللجوء إلى إبرام الصفقة التفاوضية‪،‬‬
‫بل يتعين عليه فتح مسطرة طلب عروض جديدة تحت طائلة اعتبار المسطرة معيبة‪.‬‬
‫ويسري احتساب األجل المقرر في ‪ 21‬يوما ابتداء من اليوم الموالي لليوم الذي تم فيه التصريح بعدم‬
‫جدوى مسطرة طلب العروض على الساعة الصفر وينتهي بانتهاء اليوم األخير من المدة المقررة‪ ،‬واذا‬
‫صادف آخر يوم من األجل يوم عيد أو يوم عطلة يتم تمديد األجل حتى نهاية أول يوم عمل موال‪.9‬‬
‫ونشير هنا إلى أن المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬حاولت أن تتجاوز القصور الذي كان‬
‫يعتري مقتضيات المادة ‪ 72‬من مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬التي كانت تخول لصاحب المشروع اللجوء إلى‬
‫المسطرة التفاوضية بعد إشهار مسبق واجراء منافسة في حال تقديم عروض اعتبرتها لجنة طلب العروض‬

‫‪ - 5‬المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ . 2013‬مرسوم رقم ‪ 2.12.349‬صادر في ‪ 8‬من جمادى األولى ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬يتعلق‬
‫بالصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 6140‬صادرة بتاريخ ‪ 23‬من جمادى األولى ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 4‬أبريل ‪ ، 2013‬ص ‪.3023‬‬
‫‪ - 6‬نصت الفقرة األخيرة من المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬على أنه « ال يبرر إعالن عدم جدوى طلب العروض للسبب الوارد في أ)‬
‫أعاله‪ ،‬اللجو ء إلى المسطرة التفاوضية‪ ،‬إال في حالة إعادة طرح نفس طلب العروض للمرة الثانية وتم إعالنه عديم الجدوى كذلك »‪ ،‬ونشير إلى أن‬
‫هذا المقتضى يعتبر من المستجدات التي تضمنها مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬في سبيل الحد من كثرة اللجوء الغير المبرر للمسطرة التفاوضية التي‬
‫يضيق فيها هامش المنافسة وتتسع فيها السلطة التقديرية لصاحب المشروع‪.‬‬
‫‪ - 7‬المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ . 2013‬مرسوم رقم ‪ 2.12.349‬صادر في ‪ 8‬من جمادى األولى ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬يتعلق‬
‫بالصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 6140‬صادرة بتاريخ ‪ 23‬من جمادى األولى ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 4‬أبريل ‪ ، 2013‬ص ‪.3023‬‬
‫‪ - 8‬المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ . 2013‬مرسوم رقم ‪ 2.12.349‬صادر في ‪ 8‬من جمادى األولى ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬يتعلق‬
‫بالصفقات العمومية ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 6140‬صادرة بتاريخ ‪ 23‬من جمادى األولى ‪ 1434‬الموافق ل ‪ 4‬أبريل ‪ ، 2013‬ص ‪.3023‬‬
‫‪ - 9‬المادة ‪ 8‬من المرسوم رقم ‪ 2.14.394‬المتعلق بالمصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة المطبقة على صفقات األشغال ‪ ،‬صادر في ‪ 6‬شعبان‬
‫‪ 1437‬الموافق ل ‪ 13‬ماي ‪ ، 2016‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 6470‬صادرة بتاريخ ‪ 26‬شعبان ‪ 1437‬الموافق ل ‪ 2‬يونيو ‪ ، 2016‬ص ‪.4111‬‬

‫‪6‬‬
‫غير مقبولة باعتبار المقاييس الواردة في نظام اإلستشارة‪ ،10‬وبالتالي فقد كانت هذه المادة مقتصرة على‬
‫حالة واحدة من بين أربع حاالت تجعل مسطرة طلب العروض عديمة الجدوى كما ورد التنصيص عليها‬
‫بمقتضى المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪.112007‬‬
‫كما تجب اإلشارة كذلك‪ ،‬إلى أن الحاالت التي تعتبر بمقتضاها مسطرة طلب العروض عديمة‬
‫الجدوى وتقتضي بالتالي اللجوء إلى المسطرة التفاوضية لم تعد محصورة في أربع حاالت كما كان ينص‬
‫على ذلك مرسوم ‪ 2‬فبراير ‪ 2007‬بمقتضى مادته ‪ ،1242‬بل أصبحت هذه الحاالت محددة في خمسة‪،‬‬
‫حيث تمت إضافة الحالة التي ال يتم فيها قبول أي متنافس على إثر فحص عرضه المالي وذلك بموجب‬
‫البند د) من المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ ،2013‬وهو إجراء حاول من خالله المشرع سد الفراغ الذي‬
‫كان يعتري المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 2‬فبراير ‪ 2007‬والذي كان يجعل اإلدارة صاحبة المشروع في حيرة من‬
‫أمرها بخصوص مدى جواز اللجوء إلى المسطرة التفاوضية من عدمه عندما يتم اإلعالن عن عدم جدوى‬
‫مسطرة طلب العروض على إثر فحص العروض المالية للمتنافسين‪.‬‬
‫كما يالحظ من خالل المقارنة بين مقتضيات المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 2013‬والمادة ‪ 72‬من مرسوم‬
‫‪ 2007‬أ ن المشرع لم يعد يتيح لصاحب المشروع إمكانية اللجوء إلى إبرام الصفقة التفاوضية بالنسبة‬
‫لألعمال التي كانت موضوع مسطرة المباراة وتم إعالنها عديمة الجدوى‪ ،‬مما يجعلنا نتسائل عن المسطرة‬
‫التي يتعين على اإلدارة صاحبة المشروع اتباعها عند اإلعالن عن عدم جدوى مسطرة المباراة ؟‪.‬‬
‫إن اإلجابة عن هذا التساؤل تدفعنا للقول بأن اإلدارة صاحبة المشروع ال يكون أمامها إال طرح نفس‬
‫المباراة للمرة الثانية وفي حالة نفاذ المسطرة بعدم الجدوى فآنذاك يتعين عليها اللجوء إلى اإلعالن عن‬
‫مباراة جديدة بنظام مباراة جديد تحاول من خالله اإلدارة التخفيف من شروط وكيفيات إسناد الصفقة لكون‬
‫هذه الشروط هي التي تجعل المسطرة عديمة الجدوى‪.‬‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬األعمال التي يعهد صاحب المشروع بتنفيذها إلى الغير حسب الشروط الواردة في الصفقة‬
‫األصلية على إثر تقصير من صاحب الصفقة‪.‬‬
‫بخصوص هذا البند‪ ،‬يالحظ أن المادة ‪ 79‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة الصادر بتاريخ ‪ 13‬ماي‬
‫‪ 2016‬تجاوزت التناقض الذي كان يثار بين المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2( 2013‬من أوال)‬
‫والمادة ‪ 70‬من دفتر الشروط اإلدارية العامة لسنة ‪ 2000‬التي كانت تنص على أنه في حالة فسخ‬

‫‪ - 10‬المادة ‪ 71‬من مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪ . 2007‬مرسوم رقم ‪ 2.06.388‬صادر في ‪ 16‬من محرم ‪ 1428‬الموافق ل ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬بتحديد شروط‬
‫وأشكال إبرام صفقات الدولة وكذا بعض القواعد المتعلقة بتدبيرها ومراقبتها ‪ ،‬ج‪.‬ر عدد ‪ ، 5518‬صادرة بتاريخ ‪ 19‬أبريل ‪.2007‬‬
‫‪ - 11‬تنص المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 5‬فبراير ‪ 2007‬على أنه « ‪ )1‬يمكن للجنة أن تعلن عن عدم جدوى طلب العروض ‪:‬‬
‫أ‪ -‬إذا لم يتم تقديم أي عرض أو إيداعه؛‬
‫ب‪ -‬في حالة عدم قبول أي متنافس على إثر فحص الملفين اإلداري والتقني؛‬
‫ج‪ -‬إذا لم يتم قبول أي متنافس على إثر فحص العرض التقني أو العينات؛‬
‫د‪ -‬إذا لم يحظ في رأيها أي من العروض بالقب ول بالنظر إلى المقاييس المحددة في نظام اإلستشارة »‪.‬‬
‫‪ - 12‬كانت المادة ‪ 42‬من مرسوم ‪ 2‬فبراير ‪ 2007‬تنص على أنه «‬

‫‪7‬‬
‫الصفقة مع المقاول المقصر فبإمكان صاحب المشروع اللجوء إلى إبرام صفقة جديدة مع مقاول آخر أو‬
‫مع تجمع مقاولين وفقا لمسطرة طلب العروض من أجل إتمام األشغال التي بدأها صاحب الصفقة‪.‬‬
‫إن هذا الالتوافق الذي كان بين أحكام المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬والمادة ‪ 70‬من‬
‫مرسوم ‪ 4‬ماي ‪ ( 2000‬المرسوم المتعلق بالمصادقة على دفتر الشروط اإلدارية العامة ) جعل‬
‫الممارسين يتساؤلون عن نوع مسطرة طلب العروض التي يتعين سلوكها في حال ما إذا تم اتخاذ قرار‬
‫الفسخ بسبب تقصير صاحب الصفقة‪ ،‬هل يتعلق األمر بمسطرة طلب العروض المفتوح أم المحدود أم‬
‫باإلنتقاء المسبق‪ ،‬ال سيما إذا تعلق األمر بصفقة أبرمت وفق شكل معين طريقة معينة من أشكال طرق‬
‫طلب العروض نظ ار لتوافر شروط هذا الشكل هذه الطريقة ولم يصدر قرار الفسخ إال عند اقتراب انتهاء‬
‫األشغال‪ ،‬وبالتالي فإن الشروط التي تم اإلستناد عليها من أجل اللجوء إلى هذا الشكل هذه الطريقة انتفت‬
‫في هذه الحالة‪ ،‬مما يجعل اإلدارة صاحبة المشروع تتساؤل عن اإلجراء الذي يتعين سلوكه في مثل هذه‬
‫الحاالت‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الحاالت التي ال تتطلب اإلشهار المسبق واجراء المنافسة‬


‫حصرت الفقرة الثانية من المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬األعمال التي يمكن أن تكون‬
‫موضوع صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة في ‪ 7‬حاالت هي كالتالي ‪:‬‬
‫‪ -‬أوال ‪ :‬األعمال التي ال يمكن أن يعهد بإنجازها إال لصاحب أعمال معين اعتبا ار لضرورات تقنية‬
‫أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة ؛‬
‫‪ -‬ثانيا ‪ :‬األعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني أو األمن العام الحفاظ على سريتها‪.‬‬
‫ويجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة لكل حالة‬
‫على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعنية ؛‬
‫‪ -‬ثالثا ‪ :‬األشياء التي يختص بصنعها حصريا حاملو براءات االختراع ؛‬
‫‪ -‬رابعا ‪ :‬األعمال التي يجب إنجازها في حالة االستعجال القصوى والناجمة عن ظروف غير‬
‫متوقعة بالنسبة لصاحب المشروع وغير ناتجة عن عمل منه والتي ال تتالءم مع اآلجال التي‬
‫يستلزمها إشهار واجراء منافسة مسبقين‪.‬‬
‫ويكون موضوع هذه األعمال على الخصوص مواجهة خصاص أو حدث فاجع مثل زلزال أو فيضانات‬
‫أو مد بحري أو جفاف أو وباء أو جائحة أو وباء حيواني أو أمراض نباتية مدمرة أو اجتياح الجراد أو‬
‫حرائق أو بنايات أو منشآت مهددة باالنهيار أو حدث يهدد صحة المستهلك أو الثروة الحيوانية أو‬
‫الطبيعية‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫و يجب أن تقتصر الصفقات المطابقة لهذه األعمال حصريا على الحاجات الضرورية لمواجهة حالة‬
‫اإلستعجال ؛‬
‫‪ -‬خامسا ‪ :‬األعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو سالمة‬
‫ال سير الطرقي أو المالحة الجوية أو البحرية‪ ،‬والتي يجب الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع‬
‫شروط الصفقة طبقا للشروط المقررة في البند "ب" من المادة ‪ 87‬بعده؛‬
‫‪ -‬سادسا ‪ :‬األعمال المتعلقة بتنظيم الحفالت أو الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجالية‬
‫وغير متوقعة‪ ،‬وغير متالئمة مع اآلجال الالزمة لإلشهار واجراء المنافسة المسبقين‪.‬‬
‫‪ -‬سابعا ‪ :‬األعمال اإلضافية التي يعهد بها إلى مقاول أو مورد أو خدماتي سبق أن أسندت إليه‬
‫صفقة‪ ،‬إذا كان من المفيد‪ ،‬بالنظر ألجل التنفيذ أو حسن سير هذا التنفيذ‪ ،‬عدم إدخال مقاول أو‬
‫مورد أو خدماتي جديد وعندما يتبين أن هذه األعمال‪ ،‬غير المتوقعة وقت إبرام الصفقة الرئيسية‪،‬‬
‫تعتبر تكملة لها وال تتجاوز نسبة عشرة في المائة (‪ )10%‬من مبلغها‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باألشغال‪ ،‬فيتعين أيضا أن يعتمد في تنفيذها على معدات منصبة أو تم استعمالها من‬
‫طرف المقاول في عين المكان‪ ،‬وتبرم هذه الصفقات على شكل عقود ملحقة بالصفقات األصلية المرتبطة‬
‫بها‪.‬‬
‫إن المالحظ من خالل مقارنة مرسومي ‪ 2007‬و ‪ 2013‬بخصوص األعمال التي يمكن اللجوء فيها‬
‫إلى إبرام صفقات تفاوضية بدون إشهار مسبق واجراء منافسة‪ ،‬أن المشرع أضاف في مرسوم ‪ 2013‬نوعا‬
‫جديدا من األعمال التي يمكن أن تكون موضوعا لهذه المسطرة‪ ،‬ويتعلق األمر بالبند السادس الذي يهم‬
‫األعمال المتعلقة بتنظيم الحفالت أو الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجالية وغير متوقعة‪ ،‬وغير‬
‫متالئمة مع اآلجال الالزمة لإلشهار واجراء المنافسة المسبقين‪.‬‬
‫كما يالحظ كذلك‪ ،‬أن مرسوم ‪ 2013‬لم يعد يشترط ضرورة ترخيص رئيس الحكومة من أجل إبرام‬
‫صفقة تفاوضية بالنسبة لألعمال المستعجلة التي تهم الدفاع عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو‬
‫سالمة السير الطرقي أو المالحة الجوية أو البحرية والتي يجب الشروع في تنفيذها قبل أن يتسنى تحديد‬
‫جميع شروط الصفقة‪ ،‬مع حذف عبارة األحداث السياسية اإلستثنائية (مقارنة االفقرة ‪ 6‬من البند ثانيا من‬
‫مرسوم ‪ 2007‬مع الفقرة ‪ 5‬من البند ثانيا من المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪.)2013‬‬
‫نشير كذلك إلى أن مرسوم ‪ 2013‬حاول تجويد الصياغة القانونية من خالل إضافة بعض الحاالت‬
‫المماثلة لألعمال التي يتم فيها اللجوء إلى الصفقة التفاوضية‪ ،‬وكمثال على ذلك ما تضمنته الفقرة ‪ 4‬من‬
‫البند ثانيا من المادة ‪ 86‬من أعمال تكتسي صبغة استعجالية قصوى كالوباء والجائحة والوباء الحيواني‬
‫واألمراض النباتية المدمرة والحدث المهدد لصحة المستهلك أو الحدث المهدد للثروة الحيوانية أو الطبيعية‬
‫(المقارنة بين الفقرة ‪ 4‬من البند ثانيا من المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 2013‬والفقرة ‪ 5‬من البند ثانيا من مرسوم‬

‫‪9‬‬
‫‪ ،)2007‬ونفس الشيء بالنسبة للفقرة ‪ 2‬من البند ثانيا من المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 2013‬التي عوضت‬
‫عبارة السلطة الحكومية المعنية (الفقرة ‪ 2‬من البند ثانيا من المادة ‪ 72‬من مرسوم ‪ )2007‬بعبارة السلطة‬
‫المختصة المعنية‪ ،‬وذلك انسجاما مع مرسوم ‪ 2013‬الذي ال يسري على إدارات الدولة فقط بل يسري‬
‫كذلك على الجماعات الترابية بمستوياتها الثالث والمؤسسات العمومية الواردة في الالئحة المحددة بقرار‬
‫الوزير المكلف بالمالية المنصوص عليها في المادة ‪ 19‬من القانون رقم ‪ 69.00‬المتعلق بالمراقبة المالية‬
‫للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬اإلشكاالت التي تثيرها حاالت اللجوء إلى الصفقة التفاوضية‬
‫تثير المقتضيات القانونية المتعلقة بالمسطرة التفاوضية مجموعة من اإلشكاليات القانونية والعملية‬
‫التي ال يسع المجال لمناقشتها جميعها‪ ،‬لذلك سنكتفي بالتطرق ألهمها‪ ،‬وهي السلطة التقديرية الواسعة‬
‫التي يتمتع بها صاحب المشروع للجوء إلى هذه المسطرة ( الفقرة األولى ) بالنظر لما تتضمنه النصوص‬
‫القانونية من عبارات تأولها لصالحها‪ ،‬يضاف إلى ذلك إشكالية األعمال اإلضافية التي تضاف إلى‬
‫الصفقة األصلية من دون أن يحرر في شأنها ملحق كما يقتضي ذلك مرسوم الصفقات العمومية ( الفقرة‬
‫الثانية )‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬تكريس السلطة التقديرية لصاحب المشروع‬


‫إن أبرز اإلشكاليات التي تثيرها المقتضيات القانونية المنظمة لحاالت اللجوء إلى المسطرة التفاوضية‬
‫في مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬تتجلى في مطاطية بعض العبارات التي استعملها المشرع والتي تخول‬
‫لإلدارة سلطة تقديرية واسعة في تأويلها لهذه العبارات من أجل إب ارم الصفقة بشكل تفاوضي بالنظر لما‬
‫تتسم به هذه المسطرة من بساطة في إجراءاتها وسرعة إبرامها‪ ،‬حيث تضمنت النصوص المنظمة لهذه‬
‫الحاالت عبارات من قبيل األعمال التي تقتضي ضرورات الدفاع الوطني‪ ،‬األعمال لتي تقتضي ضرورات‬
‫األمن العام‪ ،‬األعمال التي تقتضي الحفاظ على سريتها‪ ،‬األعمال التي ال يمكن أن يعهد بإنجازها إال‬
‫لصاحب أعمال معين اعتبا ار لضرورات تقنية أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة‪ ،‬األعمال التي‬
‫اص فيها هيكلي في مختلف‬ ‫ٍ‬
‫ص ُ‬ ‫الخ َ‬
‫يجب إنجازها لمواجهة الخصاص (أي خصاص ونحن في َد ْوَلة َ‬
‫المجاالت؟!)‪.‬‬
‫إن هذه العبارات المطاطة يمكن أن توظفها اإلدارة صاحبة المشروع في المرحلة التي تصيغ فيها‬
‫دفتر الشروط اإلدارية الخاصة بالصفقة‪ ،‬وذلك بفرض التوفر على عدد معين من الشهادات التي تثبت‬
‫إنجاز صفقات مع اإلدارات العمومية مثال أو التوفر على شهادة تثبت الجودة كشهادة "إيزو" مثال وتدخلها‬
‫في البند المتعلق باألعمال التي تستلزم خبرة خاصة كستار لتفويت الصفقة لمقاولة مقصودة من طرف‬

‫‪10‬‬
‫صاحبة المشروع‪ ،‬مما يضرب في العمق المبادئ المؤطرة للصفقات العمومية (تحرير وصياغة دفتر‬
‫الشروط اإلدارية الخاصة وفق مقاس أحد المتنافسين)‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك‪ ،‬أن مرسوم ‪ 2013‬وسع من الحاالت التي يمكن من خاللها لإلدارة أن تلجأ إلى‬
‫إبرام الصفقة التفاوضية‪ ،‬حيث أضافت الفقرة ‪ 6‬من البند ثانيا من المادة ‪ 86‬األعمال المتعلقة بتنظيم‬
‫الحفالت أو الزيارات الرسمية التي تكتسي صبغة استعجالية وغير متوقعة‪ ،‬وغير متالئمة مع اآلجال‬
‫الالزمة لإلشهار واجراء المنافسة المسبقين‪.‬‬
‫إن هذه الحالة تثير الكثير من المالحظات‪ ،‬لعل أولها تعارضها مع الخطاب الرسمي للحكومة الذي‬
‫يفيد بكون مرسوم ‪ 2013‬قيد من حاالت اللجوء إلى المساطر اإلستثنائية إلبرام الصفقات العمومية ‪-‬‬
‫التي تتسم بمحدودية المنافسة والشفافية – للحد من اللجوء المكثف والمتكرر لها وضمان اإللت ازم بمبادئ‬
‫الشفافية وحرية الولوج والمنافسة والمساواة بين المترشحين التي تعتبر قطب الرحى بالنسبة لمساطر اإلبرام‪،‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك فإنه وبالنظر إلى الممارسة العملية ببالدنا يمكن القول أن جميع الحفالت والزيارات‬
‫الرسمية تكتسي الصبغة اإلستعجالية‪ ،‬الشيء الذي يمكن صاحب المشروع من تفويت الصفقة بشكل‬
‫تفاوضي‪ ،‬ولعل هذا ما يفسر احتكار بعض الشركات أو المقاوالت للصفقات التي تدخل في هذا اإلطار‪.‬‬
‫كما تتيح هذه الحالة إمكانية كبيرة لصاحب المشروع في تفويت الصفقة لمن يريد‪ ،‬وذلك من خالل‬
‫سكوت هذا األخير عند إخطاره بزيارة أو حفل رسمي إلى أن يقترب الموعد المحدد وتصبح معه آجال‬
‫اإلشهار واجراء المنافسة غير مالئمتين‪.‬‬
‫إشكالية أخرى تثيرها النصوص المنظمة للصفقات التفاوضية تتعلق بإعفاء الصفقات التي تهم الدفاع‬
‫عن حوزة التراب الوطني أو أمن السكان أو سالمة السير الطرقي أو المالحة الجوية أو البحرية والتي‬
‫يجب الشروع في تنفيذها قبل تحديد جميع شروط الصفقة من وجوب ترخيص رئيس الحكومة‪ ،‬وهو ما‬
‫يدفعنا للتساؤل عن السبب في عدم اشتراط المشرع لترخيص رئيس الحكومة ال سيما وأن نتائج مثل هكذا‬
‫أعمال وبالنظر ألهميتها ستتحملها بالدرجة األولى الحكومة في شخص رئيسها وال يتصور أن يتحملها‬
‫المدبر اإلداري الذي يفتقد للمعطيات الكافية التي تسمح له بتقدير الوضع واتخاذ القرار الذي يدخل في‬
‫المجال السياسي أكثر منه في المجال اإلداري‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬األعمال اإلضافية المبرمة خارج الضوابط القانونية للصفقات‬


‫لقد أبانت الممارسة العملية لمقتضيات الفقرة ‪ 7‬من البند ثانيا من المادة ‪ 86‬من مرسوم ‪ 20‬مارس‬
‫‪ 2013‬على مجموعة من اإلشكاليات القانونية المهمة الناجمة عن عدم التزام أصحاب المشروع بإبرام‬
‫عقود ملحقة بالصفقة األصلية‪ ،‬مما يتعذر معه تصفية هذه العالقات التعاقدية بالطرق العادية ويدفع‬

‫‪11‬‬
‫بالتالي بالمقاولة إلى طرح النزاع على القضاء بقصد استصدار سند تنفيذي يضفي المشروعية على تلك‬
‫العالقة ويمكنها من الحصول على ما تعتبره مستحقاتها‪.13‬‬
‫وعند عرض النزاع على القضاء‪ ،‬فإن اإلدارة تتمسك ببطالن العالقة التعاقدية موضوع الصفقة‬
‫الملحقة بالنظر لتخلف شرط الكتابة الذي يعتبر إجراء شكليا يتعين احترامه تحت طائلة البطالن‪ ،‬وذلك‬
‫جعلت من عقد الصفقة عقدا شكليا تعتبر الكتابة فيه ركن انعقاد‬ ‫‪14‬‬
‫لكون المادة ‪ 13‬من مرسوم ‪2013‬‬
‫يترتب على تخلفها بطالن العقد‪ ،15‬فكيف تعامل القضاء اإلداري مع هذا اإلشكال ؟‬
‫إن أهم جزاء يترتب على تقرير بطالن العقد اإلداري هو إعدام آثاره‪ ،‬ومؤدى ذلك أنه ال يمكن البت‬
‫في النزاع الناشئ عن ذلك العقد الباطل على أساس مبادئ المسؤولية العقدية‪ ،‬وهو األمر الذي تترتب‬
‫عليه نتائج في غاية األهمية يمكن أن نجمل أهمها فيما يلي‪: 16‬‬
‫‪ -‬ال يمكن مواجهة اإلدارة ببنود العقد الباطل وال يمكن إلزامها بتنفيذ ما يرتبه عليها من التزامات‪،‬‬
‫ومن ثم ال يجوز إلزامها بأداء ثمن األشغال أو التوريدات أو الخدمات المنجزة لفائدتها؛‬
‫‪ -‬ال يمكن الحكم بقيام مسؤولية أي من الطرفين عن الضرر الذي قد يحصل للطرف اآلخر عند‬
‫امتناعه عن تنفيذ التزامه مادام العقد المنشئ لهذا اإللتزام باطل‪ ،‬وبالتالي فال يجوز إلزام اإلدارة‬
‫بأداء أي تعويض عن الضرر الذي قد يحصل للمتعاقد معها نتيجة امتناعها عن األداء وال‬
‫الحكم ضدها بفوائد التأخير عن األداء المنصوص عليها في مرسوم الصفقات العمومية؛‬
‫إن هذه النتائج قد تؤدي إلى إنكار حق المتعامل مع اإلدارة في الحصول على مقابل ما أنجزه من‬
‫عمل‪ ،‬الشيء الذي يتعارض وقواعد العدل واإلنصاف التي تقتضي أال يحرم منجز األعمال اإلضافية من‬
‫التعويض‪ ،‬وهو ما جعل القضاء اإلداري الفرنسي يقر حق هذا األخير بالرجوع على اإلدارة للحصول على‬
‫التعويض لكن ليس على أساس المسؤولية العقدية وانما على أحد األساسين التاليين ‪:‬‬
‫‪ -‬المسؤولية التقصيرية ويشترط فيها تحقق جميع أركانها؛‬

‫‪ - 13‬د‪.‬محمد آيت حسو ‪ ،‬اإلشكاليات القانونية التي تطرحها الصفقات المبرمة خارج الضوابط القانونية على ضوء اإلجتهاد القضائي اإلداري ‪،‬‬
‫أشغال ندوة علمية نظ مت بشراكة بين وزارة العدل والحريات وجمعية هيئات المحامين بالمغرب يومي ‪ 6‬و ‪ 7‬يناير ‪ 2017‬بالرباط ‪ ،‬إصدار مجلة‬
‫المحاكم اإلدارية ‪ ،‬العدد الخامس ‪ ،‬ص ‪.133‬‬
‫‪ - 14‬تنص المادة ‪ 13‬من مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬على أن " الصفقات عقود مكتوبة تتضمن دفاتر تحمالت تحدد شروط إبرامها وتنفيذها ‪."......‬‬
‫‪ - 15‬بالرجوع إلى مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬يمكن أن نجزم بأن المشرع المغربي قد عمد على جعل الصفقة العموميىة عقدا شكليا تعتبر الكتابة فيه‬
‫ركن انعقاد يترتب عن تخلفها بطالن العقد وليس عقدا رضائيا يكفي لقيامه توافق إرادة المقاول مع إرادة اإلدارة‪ ،‬ذلك أن المشرع وبعد أن عرف‬
‫الصفقة في المادة ‪ 4‬بكونها " عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى‪ ،‬يدعى مقاوال أو موردا أو‬
‫خدماتيا‪ ،‬وتهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات "‪ ،‬فإنه حرص على تحديد شكل هذه العقود وأفرد لذلك مادة مستقلة هي المادة‬
‫‪ 13‬التي نصت صراحة على أن " الصفقات عقود مكتوبة تتضمن دفاتر تحمالت تحدد شروط إبرامها وتنفيذها "‪ ،‬ولم يكتفي المشرع بتحديد شكل‬
‫الصفقة وإنما حرص كذلك في نفس المادة أي المادة ‪ 13‬من المرسوم على تعداد البيانات التي يجب تضمينها في تلك العقود‪ ،‬مما يفيد أنها عقود‬
‫شكلية‪.‬‬
‫د‪.‬محمد آيت حسو ‪ ،‬اإلشكاليات القانونية التي تطرحها الصفقات المبرمة خارج الضوابط القانونية على ضوء اإلجتهاد القضائي اإلداري ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق ‪ ،‬ص ‪.145‬‬
‫‪ - 16‬د‪.‬محمد آيت حسو ‪ ،‬اإلشكاليات القانونية التي تطرحها الصفقات المبرمة خارج الضوابط القانونية على ضوء اإلجتهاد القضائي اإلداري ‪،‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.149‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬اإلثراء بال سبب‪ ،‬وقد اشترط لجواز الحكم بالتعويض على هذا األساس توفر شرطين هما لزوم‬
‫كون تلك األعمال التي أنجزها المراد الحكم له بالتعويض قد عادت بفائدة حقيقية على اإلدارة‬
‫وأن تكون اإلدارة قد قبلت تنفيذ تلك األعمال إن بصفة صريحة أو ضمنية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للقضاء اإلداري المغربي فقد حاول هو اآلخر إضفاء حماية على المتعامل مع اإلدارة من‬
‫خالل البحث عن أساس قانوني يمكنه من البت في النزاعات الناشئة عن األعمال اإلضافية للصفقة‬
‫األصلية التي أنجزت خارج الضوابط القانونية المنصوص عليها في مرسوم الصفقات‪ ،‬مستعينا في ذلك‬
‫ببعض النظريات المنصوص عليها في قانون اإللتزامات والعقود خصوصا نظرية اإلثراء بال سبب‬
‫(الفصل ‪ 75‬من ق‪.‬ل‪.‬ع) قبل أن يهجر هذه النظرية ويعتمد على نظرية المسؤولية اإلدارية‪.‬‬
‫ومن بين األحكام القضائية التي اعتمدت نظرية اإلثراء بال سبب في تعويض المتعامل مع اإلدارة‬
‫عن األعمال اإلضافية الغير المقررة بعقد ملحق مبرم طبقا للقانون‪ ،‬نذكر حكم إدارية فاس الذي جاء فيه‬
‫" حيث إن عدم توفر عقد الصفقة على أحد شروط الصفقة الجوهرية يجعله باطال وغير منتج ألي أثر‬
‫قانوني ناتج عن العقد وينأى بالتالي بمثل هذا العقد عن مجال العقود اإلدارية والمنازعات القضائية ومن‬
‫ثم يجرده من الضمانات التي يخولها للمتقاضي المرسوم المتعلق بتحديد شروط وأشكال إبرام الصفقات‪.‬‬
‫وحيث إن كان األمر كذلك بالنسبة للعقود المبرمة بين المتعاقدين والتي اختل أحد شروط انعقادها فاألولى‬
‫واألحرى أن يكون من الحتمي استبعاد المرسوم المذكور عند انعدام عنصر التعاقد من أساسه كما هو‬
‫األمر في نازلة الحال‪ ،‬لكن اعتبا ار لكون إنجاز األشغال ترتب عنها تحمل المدعي بنفقات أثبتتها الوثائق‬
‫المدلى بها وتقرير الخبرة وفي المقابل حققت جهة اإلدارة المنجزة لها هذه األشغال نفعا ثابتا‪ ،‬واعتبا ار لكون‬
‫المدعي لم يكن ليقوم بإنجاز تلك األشغال إال بموافقة جهة اإلدارة وتحت إشراف موظفيها فإن مثل هذه‬
‫الوضعية تشكل إثراء لهذه اإلدارة على حساب المدعي بما أنفقه في إنجاز تلك األشغال‪ ،‬وال يقضى في‬
‫إطار مبدأ اإلثراء على حساب الغير إال برد قيمة تكلفة األشغال والخدمات المنجزة مجردة عن أي ربح أو‬
‫أي تعويض "‪.17‬‬
‫إن ما يالحظ على التعويض الممنوح على أساس نظرية اإلثراء بال سبب هو أنه يعادل فقط مبلغ‬
‫ض إال‬‫اإلثراء الفعلي الذي حصل عليه المشتري دون الربح الذي ضاع منه‪ ،‬وبالتالي فإن المفتقر ال ُي َع َّو ُ‬
‫عن تكلفة األعمال التي أنجزها‪ ،‬كما أن األخذ بهذا المبدأ يشترط عدم صدور أي خطأ من المفتقر‪،‬‬
‫وطالما أن منجز األعمال اإلضافية قد أخطأ بدوره في قبول إنجاز تلك األعمال خارج المسطرة القانونية‬
‫فإن التساؤل الذي طرح هو هل يجوز اإلستناد على هذه النظرية للحكم بأحقية منجز األعمال اإلضافية‬
‫في التعويض‪.‬‬

‫‪ - 17‬حكم المحكمة اإلدارية بفاس عدد ‪ 139‬في الملف عدد ‪ 00/20‬صادر بتاريخ ‪ 30‬أبريل ‪ .2002‬أورده د‪.‬محمد قصري ‪ ،‬بعض اإلشكاليات‬
‫المتعلقة بالمنازعة في مجال الصفقات العمومية ‪ ،‬مقال منشور بمجلة القصر ‪ ،‬عدد ‪ ، 22‬يناير ‪ ، 2009‬ص ‪ 43‬و ‪.44‬‬

‫‪13‬‬
‫إن مشروعية هذا التساؤل ووجاهته دفعت بالقضاء اإلداري المغربي إلى هجر نظرية اإلثراء بال سبب‬
‫واعتماد نظرية المسؤولية اإلدارية كأساس للحكم بالتعويض لصالح منجز األعمال اإلضافية خارج‬
‫المسطرة القانونية‪ ،‬وفي هذا اإلطار قضت المحكمة اإلدارية بالرباط بما يلي " إن القضاء في سبيل إيجاد‬
‫حل قانوني لتسوية الوضعية الحسابية ألشغال إضافية أنجزت دون احترام المساطر التنظيمية الواردة في‬
‫المجال التعاقدي دأب على محاكمة هذه األشغال في إطار مقتضيات الفصل ‪ 79‬من قانون اإللتزامات‬
‫والعقود "‪.18‬‬
‫وما تجذر اإلشارة إليه هنا‪ ،‬أنه وان كان من الممكن اإلعتماد على مبادئ المسؤولية التقصيرية طبقا‬
‫لمقتضيات الفصل ‪ 79‬من قانون اإللتزامات والعقود فإنه يجب إعمالها بشكل سليم‪ ،‬ذلك أن الخطأ الذي‬
‫يتم اإلعتماد عليه لترتيب المسؤولية هو المتجلي في اإلقدام على التعاقد خارج الضوابط القانونية‪ ،‬وال شك‬
‫أن هذا الخطأ مشترك بين اإلدارة والمتعامل معها ألنهما قبال معا خرق النصوص المنظمة للصفقات‬
‫العمومية مما يستوجب تشطير المسؤولية وتحميل كل طرف نصيبه منها‪.19‬‬
‫وهذا ما أكدته إدارية الرباط في قضية شركة أنكوط ضد الوكيل القضائي للمملكة‪ ،‬حيث اعتبرت أنه‬
‫" ولئن كانت كل األشغال التي تخرق النصوص القانونية المنظمة للصفقات العمومية ال تعتبر أشغال‬
‫بمفهوم قانون صفقات األشغال وبالتالي ال يمكن أن تنتج أي أثر قانوني وال يمكن أن تقدم مطالب بشأنها‬
‫في إطار المقتضيات القانونية الضابطة إلبرام وتنفيذ الصفقات العمومية‪ .‬ولئن كان في إطار أشمل إمكان‬
‫األطراف الدفع ببطالن العقد المبرم بشكل مخالف للقانون والتمسك بكون العقد الباطل ال يمنح المتعاقد‬
‫أي حق في إطار المسؤولية الع قدية إال أن ذلك ال يعني أن هذا المتعاقد ال يمكنه الحصول على‬
‫التعويض المترتب عن أشغال يكون أنجزها بمناسبة الصفقة الباطلة وذلك على أساس آخر غير العقد‪.‬‬
‫وحيث إن مسؤولية اإلدارة في تدبير الصفقة المتنازع بشأنها وفقا لما ينص عليه التشريع المطبق ليست‬
‫مسؤولية كاملة بثبوت قيام خطأ المتعاقد نفسه بإهماله المتمثل في تغاضيه عن إبرام الملحق للعقد‬
‫وشروعه في إنجاز األشغال المتنازع بشأنها‪ ،‬وهو ما يشكل خطأ كذلك يجب مراعاته عند تقدير التعويض‪.‬‬
‫وحيث إنه إعماال لمبدأ تشطير المسؤولية بين طرفي النزاع‪ ،‬واستنادا إلى تقديرات الخبير وأخذا بعين‬
‫اإلعتبار دفوعات الوكيل القضائي وبالنظر إلى طبيعة األشغال المنجزة وعددها‪ ،‬فإن المحكمة في إطار‬
‫سلطتها التقديرية تحدد التعويض الذي من شأنه جبر الضرر الناجم عن القيام بها ضمن الحدود المفصلة‬
‫أعاله في مبلغ ‪ 300.000,00‬درهم "‪.‬‬

‫‪ - 18‬حكم المحكمة اإلدارية بالرباط عدد ‪ 818‬صادر بتاريخ ‪ 23‬أبريل ‪ .2007‬أورده د‪.‬محمد قصري ‪ ،‬بعض اإلشكاليات المتعلقة بالمنازعة في‬
‫مجال الصفقات العمومية ‪ ،‬مقال منشور بمجلة القصر ‪ ،‬عدد ‪ ، 22‬يناير ‪ ، 2009‬ص ‪.45‬‬
‫‪ - 19‬د‪.‬محمد آيت حسو ‪ ،‬اإلشكاليات القانونية التي تطرحها الصفقات المبرمة خارج الضوابط القانونية على ضوء اإلجتهاد القضائي اإلداري ‪،‬‬
‫مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.150‬‬

‫‪14‬‬
‫خاتمة‬
‫إذا كان طابع التعقيد والبطئ اللذان يميزان المساطر العادية إلبرام الصفقات العمومية واللذان ال‬
‫يتالئمان مع بعض الحاالت المستعجلة وذات الطبيعة الخاصة هو ما جعل المشرع يقر إمكانية اللجوء‬
‫إلى المسطرة التفاوضية التي تتسم ببساطة إجراءاتها وسرعة إبرامها‪ ،‬فإن المالحظ من خالل استقراء‬
‫النصوص المنظمة لهذه المسطرة في مرسوم ‪ 20‬مارس ‪ 2013‬أن ثمة مجموعة من النواقص التي تفتح‬
‫الباب أمام مختلف المتدخلين في هذه المسطرة للتالعب وتفويت الصفقة لمن أرادو‪.‬‬
‫إن هذا الوضع قد يعجل بعملية مراجعة مرسوم ‪ 2013‬وهو ما يعني تغييره ثالث مرات في أقل من‬
‫عشر سنوات‪ ،‬مع اإلشارة إلى أن تغيير النص القانوني أو تعديله – على أهميته – فإنه يبقى قاص ار‬
‫لوحده عن إنجاح منظومة الصفقات العمومية‪ ،‬وهو ما يتطلب تبني مقاربة إصالحية شمولية تهتم بالدرجة‬
‫األولى بالعنصر البشري الذي يسهر على تدبير الصفقات العمومية لكون النص القانوني مهما بلغت‬
‫جودة صياغته فإنه يظل جامدا ومن يبعث فيه الروح هو المدبر العمومي الذي يتعين عليه احترامه‬
‫واإلنضباط لمقتضياته‪.‬‬
‫إن المسطرة التفاوضية واعتبا ار لكونها طريقة استثنائية من طرق إبرام الصفقات العمومية‪ ،‬فإن هامش‬
‫إخضاعها للمبادئ الناظمة للصفقات العمومية يضيق بشكل كبير‪ ،‬ومن هنا ينبغي على الشخص المؤهل‬
‫للتفاوض أن يتخذ كل االحتياطات بهدف تفادي الوقوع في تهمة الزبونية والمحسوبية‪.‬‬

‫‪15‬‬

You might also like