You are on page 1of 4

‫هسبريس ‪1.

‬‬
‫ُك ّتاب وآراء ‪2.‬‬

‫دور االجتهاد القضائي في منازعات إنهاء عقد الشغل‬

‫إدريس فجرالجمعة ‪ 26‬يونيو ‪01:43 - 2020‬‬


‫‪:‬الدور المحمود لالجتهاد القضائي في سد الفراغ التشريعي – ‪1‬‬

‫من المعروف أن االجتهاد القضائي يعد إلى جانب التشريع مصدرا من مصادر القانون بصفة عامة‪ ،‬وعلى‬
‫هذا األساس فإنه يعد أحد القنوات الهامة التي تصنع فيه القاعدة أو القواعد المتعلقة بنظام اإلعفاء أو الفصل‪9،‬‬
‫وذلك في الحاالت التي يكون فيها النص التشريعي أو النظامي أو االتفاقي غامضا أو منعدما بالمرة‪ ،‬فيتدخل‬
‫القاضي باجتهاده لكي يسد الفراغ‪ .‬وسنرى – وفي وقت الحق – بمناسبة الحديث عن الرقابة القضائية على‬
‫اإلعفاء أو الفصل كيف أن العديد من قواعد اإلعفاء أو الفصل ألسباب تأديبية أو اقتصادية تجد مصدرها في‬
‫االجتهاد القضائي وليس في القانون أو االتفاق أو النظام الداخلي للمقاولة‪ ،‬ومن ذلك على سبيل المثال ال‬
‫الحصر إصدار محكمة النقض لقرار حديث الحظت فيه ثغرة أو فراغا في نظام الفصل‪ 9‬التأديبي في ضوء‬
‫المادة ‪ 62‬وما بعدها من مدونة الشغل‪ ،‬تتجلى في عدم تحديد مشرع هذه المدونة األجل الذي يتخذ فيه‬
‫المشغل مقرر الفصل؛ وبعد أن أقرت بذلك المحكمة اجتهدت وسدت الفراغ بأنه يتعين على صاحب العمل أن‬
‫يتخذ قرار الفصل داخل أجل معقول ( م‪ .‬ن‪ ،‬غ‪ .‬إ ج‪ ،.‬قرار بتاريخ ‪ 16/5/2017‬رقم ‪ 530‬ملف عدد ‪/‬‬
‫‪ ،5/2016 /1202/1‬مجلة قضاء محكمة النقض ‪ /‬المجلس األعلى عدد ‪ ،84‬ص‪ + 203 .‬م‪ .‬ن‪ ،‬غ‪ .‬إ‬
‫ج‪ ،.‬قرار بتاريخ ‪ 4/7/2017‬رقم ‪ 659‬ملف عدد ‪ ، 1575/5/1/2016‬مجلة قضاء محكمة النقض ‪/‬‬
‫المجلس األعلى عدد ‪ ،84‬ص‪ ،) 210 .‬فما هو هذا األجل؟ هل هو محدد في يوم‪..‬في شهر‪..‬في سنة…؟‬
‫‪.‬كما يقول المرحوم عبد الحليم حافظ‬

‫‪:‬ماهية األجل المعقول التخاذ مقرر الفصل عن العمل ومن خصائصه الفورية – ‪2‬‬
‫كل واحد منا ومن منطلق ذاتي له تصوره عن األجل المعقول‪ 9،‬في حين أن المشرع في المادتين ‪ 62‬و‪63‬‬
‫من م‪.‬ش نص وبكل موضوعية ومنطق على إجراءات قانونية تمهد التخاذ مقرر الفصل تتراوح آجالها ما‬
‫بين ‪ 48‬ساعة و‪ 8‬أيام‪ ،‬ما يدل على طابع الفورية في اتخاذ قرار الفصل‪ ،‬وبمجرد االنتهاء من االستماع إلى‬
‫األجير من طرف المشغل‪ .‬ومما يؤكد ذلك أن المادة ‪ 61‬من المدونة تسمح للمشغل بفصل األجير فورا ودون‬
‫انتظار مهلة اإلخطار المحددة مثال فقط في ‪ 8‬أيام بموجب المرسوم التطبيقي للمدونة والمؤرخ في ‪29‬‬
‫ديسمبر ‪ .2004‬وبإعادة قراءة المادة ‪ 62‬من المدونة بمفهوم المخالفة‪ ،‬أو في حالة إعادة كتابتها‪ ،‬يجب أن‬
‫نفهمها بأنه ((بمجرد ارتكاب األجير لخطأ جسيم تأكد منه المشغل يجب فصله فورا‪ ،‬وفي تاريخ محدد‪ ،‬ال‬
‫يفصله عنه إال إجراء االستماع إلى األجير لكي تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه))‪ .‬وهذه الصبغة الفورية في‬
‫اتخاذ قرار الفصل كانت صريحة في الفصل‪ 6 9‬من النظام النموذجي لسنة ‪ ،1948‬ولكن تستخلص ضمنيا‬
‫من المواد ‪ 61‬و‪ 62‬و‪ 63‬من مدونة الشغل‪ ،‬فالفصل ‪ 6‬من النظام النموذجي كان ينص على الفصل الفوري‬
‫وفي هذا تقدم القديم عن الجديد‪ ،‬ثم ما مصلحة ‪: “”IMMEDIATEMENT”،‬صراحة باستعمال مصطلح‬
‫المشغل في عدم اتخاذ مقرر الفصل فورا بعد االستماع إلى األجير؟‬

‫وقد تطول فترة انتظار األجير لمقرر الفصل‪ 9‬ألكثر من أسبوع‪ ،‬ولو اعتبرنا أن مدة االنتظار هي عقوبة‬
‫توقيف عن الشغل فال يجب أن تتعدى ‪ 8‬أيام بنص صريح في المادة ‪ 37‬من مدونة الشغل؛ فكيف يبيح‬
‫االجتهاد للمشغل اتخاذ مقرر الفصل داخل أجل معقول‪ 9‬من غير تحديده بمدة معينة؟ مع أن الطابع الفوري في‬
‫اتخاذ مقرر الفصل يستنتج من المادة ‪ 61‬من مدونة الشغل التي تنص على فصل األجير المرتكب لخطأ‬
‫جسيم بدون مراعاة أجل اإلخطار‪ ،‬يعني فورا ! والفورية عبرت عنها المادة ‪ 63‬من م‪.‬ش أو حددتها في ‪48‬‬
‫ساعة كمقياس أو معيار للفورية في تسليم مقرر الفصل عن العمل‪ .‬وهنا يطرح السؤال ما هو األهم‬
‫واألخطر‪ ،‬هل اتخاذ مقرر الفصل‪ ،‬أم تسليم مقرر الفصل؟ ونجيب بأن اإلجراء المهم والخطير هو اتخاذ‬
‫مقرر الفصل من طرف المشغل‪ ،‬ولو أن المشرع لم يحدد المدة الزمنية التخاذه وحددها االجتهاد القضائي‬
‫لمحكمة النقض في “مدة معقولة”‪ .‬ويلي هذا اإلجراء من حيث األهمية والخطورة إجراء تسليم مقرر الفصل‪،‬‬
‫وحدد المشرع أجل تسليمه في “‪ 48‬ساعة” من تاريخ اتخاذه‪ ،‬فهل يعقل أن ينص المشرع على أجل اإلجراء‬
‫األقل أهمية أي ((تسليم مقرر الفصل))‪ ،‬ويهمل أجل اإلجراء األكثر خطورة واألكثر أهمية وهو إجراء‬
‫((اتخاذ مقرر الفصل))؟‬

‫رأينا في الموضوع‪ :‬وجوب اتخاذ مقرر الفصل عن العمل فورا حتى ال يسقط النزاع في االبتذال – ‪3‬‬

‫لكل األسباب التي ذكرناها آنفا‪ ،‬نرى أن مقرر الفصل يجب أن يتخذ فورا‪ ،‬والفورية تعني ‪ 48‬ساعة كحد‬
‫أدنى و‪ 8‬أيام كحد أقصى‪ ،‬وهي المدد الزمنية نفسها المنصوص عليها في المادتين ‪ 62‬و‪ 63‬من م‪ .‬ش‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس يجب فهم وتفسير المادة ‪ 62‬من م‪ .‬ش‪ ،‬بعد تحرير محضر االستماع لألجير المنصوص‬
‫عليه في المادة ‪ 62‬من م‪.‬ش‪(( ،‬يصدر المشغل فورا مقرر الفصل عن العمل))‪ ،‬وهذه هي الفقرة الغائبة أو‬
‫التي سقطت سهوا بين المادتين ‪ 62‬و‪ 63‬من م‪.‬ش‪ ،‬والفورية تعني مدة تتراوح ما بين ‪ 48‬ساعة و‪ 8‬أيام‬
‫كما أسلفنا؛ أما إذا لم يصدر المشغل مقرر الفصل بالمرة وكلما ذهب األجير إلى المقاولة ليسأل عن وضعيته‬
‫ومآل جلسة االستماع إليه يجيبه المشغل بأنه سوف يكلمه بالهاتف‪ ،‬أو سوف يبعث له بكتاب في الموضوع‪،‬‬
‫أو يرسل إليه مقرر الفصل‪ ،‬فيظل ينتظر ساعة الفرج أو هذا المقرر لمدة سنتين‪ ،‬وبعد أن يمل من طول‬
‫االنتظار يقرر رفع دعوى المنازعة في مقرر الفصل‪ ،‬فقد يدفع المشغل بتقادم دعوى الفصل طبقا للمادة‬
‫‪ 395‬من م‪.‬ش‪ ،‬أو يلجا إلى سالحه ((الرهيب واإلستراتيجي)) وهو الدفع والقول بأن األجير لم يتم فصله‬
‫عن العمل وإنما فضل طيلة هذه المدة (( مغادرة العمل من تلقاء نفسه)) الشتغاله في نشاط اقتصادي آخر‪،‬‬
‫‪.‬ولما لم ينجح فيه رفع هذه الدعوى‪ ،‬رجع إليه منتقما وزاعما أنه فصل عن العمل‬

‫والواقع أن الدفع بمغادرة العمل ال يكون صحيحا إال بنسبة تتراوح بين ‪ % 10‬و‪ ،% 20‬وما دونها ما هو‬
‫إال تحايل على القانون وعلى مدونة الشغل وعلى ما احتوت عليه من ضمانات قانونية من الفصل التأديبي‬
‫والعشوائي‪ ،‬بل هو بكل بساطة إجهاض للدور الحمائي لألجير الذي تلعبه هذه المدونة ونتيجة لتفسير األحكام‬
‫القضائية االجتماعية لقواعد عبء اإلثبات في منازعات المغادرة التلقائية لصالح المقاولة وليس األجير‪،‬‬
‫‪.‬ونتيجة كذلك لعدم تكييف القضاء واقعة المغادرة التكييف القانوني‪ 9‬الصحيح‬

‫فمثال لو أن حارس المقاولة – وبأمر من المشغل – منع األجير من دخولها‪ ،‬ورفع دعوى الفصل التعسفي‬
‫ورد المشغل بأن األجير هو الذي غادر العمل تلقائيا‪ ،‬فيعقب عليه بأنه جاء إلى باب المقاولة‪ ،‬ومنعه الحارس‬
‫من الدخول‪ ،‬يجيبه االجتهاد القضائي بكل بساطة‪ :‬كان عليك أن تحضر مفوضا قضائيا إلثبات واقعة المنع‪،‬‬
‫وبما أنه لم يفعل يكون الحكم صارما برفض الطلب‪ .‬ونسي االجتهاد القضائي أنه حتى على فرض صحة‬
‫المغادرة التلقائية فهي في الواقع تغيب عن العمل بشكل غير مبرر أو غير مرخص به‪ ،‬وكان على المحكمة‬
‫أن تكيف واقعة المغادرة بأنها خطا جسيم‪ ،‬وكان على المشغل أن يحرك بشأنها مسطرة التأديب طبقا للمادة‬
‫‪ 62‬وما بعدها من مدونة الشغل‪ ،‬وبما أنه لم يفعل كل ذلك فاإلعفاء أو الفصل تعسفي‪ ،‬وهو ما ال يميل إليه‬
‫‪.‬قضاة الموضوع حاليا في المادة االجتماعية‬

‫وال نفقد األمل في تطور االجتهاد القضائي حول هذا الموضوع‪ 9،‬أو بعد أن يتدخل المشرع لتقنين واقعة‬
‫“المغادرة التلقائية”‪ ،‬وفك ألغازها المحيرة‪ ،‬فكم من أجير قيل إنه غادر المقاولة تلقائيا وهو في الواقع لم‬
‫‪…!.‬يغادر وفي أحسن األحوال أجبر على المغادرة‪ ..‬عودا على بدء‬

‫دكتور في الحقوق*‬

‫أين العدالة في هذا االجتهاد ؟‬

‫الجمعة ‪ 26‬يونيو ‪18:24 - 2020‬‬

‫في مادة الشغل هناك اجتهاد قضائي قار لمحكمة النقض غريب وعجيب ‪ :‬تقول محكمة النقض أنه ال يلتفت‬
‫لمناقشة مدى جسامة خطأ األجير من عدمه إذا لم يحترم المشغل مسطرة الفصل المنصوص عليها في‬
‫الفصول‪ 62 9‬وما يليها من مدونة الشغل …بمعني يمكن أن يسرق األجير ‪ ،‬وأن يخرب مقاولة مشغله ‪ ،‬وأن‬
‫يقدف بها للتصفية القضائية وأن يسب هذا المشغل ويقدفه و يفعل ما يحلو له … وإذا قام هذا المشغل بفصله‬
‫ولم يحترم ا مسطرة الفصل أي مثال لم يسلمه مقرر الفصل بإحدى الطرق التي حددها القانون ‪ ،‬فإن هذا‬
‫الفصل يعتبر تعسفيا ويستحق األجير االستفادة من تعويضات الفصل …بالعربية تاعرابت اخرب هذا األجير‬
‫المقاولة ‪ ،‬وتكرفس على المشغل ‪ ،‬ويسرق ويدير لي بغا وفوق ذلك يأخد تعويض لماذا ؟ فقط ألن المشغل لم‬
‫يحترف إحدى الشكليات المنصوص عليها في مسطرة الفصل‪… 9‬دبا ذخلت عليكم باهلل ‪ :‬واش هذا اجتهاد‬
‫قضائي افتخر به الواحد …؟ هذا اجتهاد يكرس الظلم بعينه ‪ ،‬وأرجو من االستاذ الكريم أن يفيدنا في مغزى‬
‫هذا االجتهاد والعلة من ورائه ‪ ،‬ألنه حقيقة حاولت أن استخلص أين يكمن منطق العدالة واالنصاف في هذا‬
‫االجتهاد فلم أجده …شكرا لكم استاذي الكريم‬

‫‪..‬‬

You might also like