You are on page 1of 15

‫النظام القانوني لألحداث في‬

‫قانون المسطرة الجنائية‬


‫الفصل االول‪ :‬القواعد المسطرية‪ +‬الخاصة بالحدث قبل إجراءات المحاكمة على ضوء‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪+‬‬

‫في التش ريع المغ ربي لم يعام ل الح دث الج انح معامل ة المج رم الب الغ‪ ،‬حيث أن ه يعت بر ض حية‬
‫لمجموع ة من الظ روف ال تي دفعت ه إلى اإلنح راف‪ ،‬ومن هن ا ك ان من ال واجب ب دال من عقاب ه محاول ة‬
‫إصالحه وتقويمه‪ ،‬مما أدى إلى نشوء هيئات قضائية مختصة بقضايا األحداث‪ ،‬تتب ع إج راءات خاص ة في‬
‫مختلف مراحل المحاكمة الجنائية لألحداث‪ .‬فرغم أن المش رع لم يخص ص نظام ا إجرائي ا مس تقال خاص ا‬
‫باألح داث على عكس م ا ذهبت إلي ه مجموع ة من التش ريعات‪ ،‬إال أن ه ح رص على خصوص ية ه ذه‬
‫اإلجراءات في قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬وتظهر هذه الخصوص ية من خالل الض مانات الممنوح ة للح دث‬
‫في مرحلة ما قب ل المحاكم ة‪ ،‬حيث أن له ذه األخ يرة ت أثير كب ير على س ير ال دعوى الجنائي ة‪ ،‬فق د ق ادت‬
‫السلطات المكلفة الى إتخاذ إجراءات قد تض ع ح دا لس ير ال دعوى إذا ك ان ذل ك يخ دم المص لحة الفض لى‬
‫للحدث‪ ،‬أو أنها قد تساعد في استمرار هذه الدعوى الى حين صدور الحكم النهائي‪.‬‬

‫إن مرحلة م ا قب ل المحاكم ة تم ر بمرحل تين‪ ،‬تش مل األولى مجموع ة التحري ات ال تي تنج ز قب ل‬
‫التحقيق والمحاكمة لض بط وجم ع األدل ة عن وق ائع الجريم ة وه و م ا يس مى ب البحث التمهي دي (المبحث‬
‫األول)‪ ،‬ليتم في المرحلة الثانية تدخل الهيئات القضائية إلحداث مجموعة من الضمانات للحدث في مرحل ة‬
‫التحقيق اإلعدادي (المبحث الثاني) التخاذ اإلجراءات للحسم في أمر الدعوى (المبحث الثالث)‪.‬‬

‫المبحث األول‪:‬القواعد المسطرية‪ +‬المتبعة في مرحلة البحث التمهيدي مع الحدث‬

‫أولى المشرع المغ ربي أهمي ة قص وى لمرحل ة البحث التمهي دي م ع الح دث الج انح حفاظ ا على‬
‫حقوقه وحمايته‪ ،‬حيث يأخذ هذا البحث صبغة خاصة لينسجم مع خصوصية ظاهرة جنوح األحداث ذاتها ‪،‬‬
‫وان يكون شامال لعدة جوانب للتسهيل على األجهزة القضائية المتدخلة ومنها جهاز النيابة العام ة اإلختي ار‬
‫األنسب المتاح لها قانونا لتقويم سلوك الحدث الجانح و إعادة إدماجه تربويا في المجتمع‪.‬‬

‫إن البحث التمهيدي يسبق مرحلة إثارة الدعوى ومرحلتي التحقيق والمحاكمة‪ ،‬ويكتس ي أهمي ة في‬
‫الكشف عن الجرائم ومرتكبيها لكن بالمقابل ينطوي على خطورة حقيقية ب النظر لطبيع ة اإلج راءات ال تي‬
‫تتخلله والسرية التي تطبعها‪ .‬وتتمثل خصوصية البحث التمهي دي في قض ايا االح داث الج انحين من خالل‬
‫طبيعة البحث التي تتسم بها هذه القضايا التي يكون فيها مرتكب الفعل اإلجرامي حدثا كما انها تتجلى أيضا‬
‫من خالل إختالف الجهة اللتي تت ولى البحث م ع األح داث الج انحين من ش رطة قض ائية (المطلب األول)‬
‫ونيابة عامة (مطلب ثاني)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬اإلجراءات المعتمدة للحدث الجانح أمام الشرطة القضائية‬

‫لق د نص المش رع المغ ربي على الفئ ات ال تي تض طلع بمه ام الش رطة القض ائية في قض ايا‬
‫األح داث وذل ك من خالل الم ادة ‪ 19‬من ق انون المس طرة الجنائي ة كم ا يلي ‪ " :‬تض م الش رطة القض ائية‬
‫باإلضافة إلى الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق بوصفهم ض باط س اميين للش رطة‬
‫القضائية ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ضباط الشرطة القضائية‬

‫ثانيا‪ :‬ضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث "‬

‫تعت بر الش رطة القض ائية أولى األجه زة الجنائي ة ال تي يواجهه ا الح دث حيث تتبل وى فيه ا مع الم‬
‫شخصية الحدث المستقبلية‪ ،‬بالنظر لحجم اإلجراءات التي تطبق عليه‪ .1‬وللشرطة صور مختلفة للتعامل مع‬
‫األحداث وال يمكن ان يتم هذا التعامل بأسلوب محقق للغرض منه‪ ،‬إال اذا كان جهاز الش رطة ال ذي يت واله‬
‫‪2‬‬
‫متخصصا في هذا العمل‪. ‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاص الشرطة القضائية المكلفة باألحداث‬

‫تعتبر الشرطة القضائية نقطة اإلتصال األولى بالحدث وأول من يتعامل مع ه ف إذا ك انت طريق ة‬
‫معاملة الشرطة مع الحدث غيىر الئقة‪ ،‬أدى ذلك إلى ع زوف الح دث عن االس تجابة أو االنص ياع للنص ح‬
‫واإلرشاد ونفور الحدث من كل جهاز أخر يلييه‪ .3‬فقد وضع المشرع المغربي خاص ة باألح داث الج انحين‬
‫وذلك من أجل حم ايتهم‪ ،‬واعت بر ان ك ل اإلج راءات الماس ة بحري ة الح دث إج راءات إس تثنائية ال تي يتم‬
‫تمهيدها في مرحلة البحث التمهيدي الذي يعد الخطوة األولى لمسار محاكمة الحدث والتي تبتدئ من لحظة‬
‫إيقافه من طرف الشرطة القضائية‪ .‬وقد كان المغرب من ال دول العربي ة الس ابقة إلنش اء ش رطة األح داث‬
‫‪4‬وال تي تش كل فرع ا من ف روع أقس ام الش رطة القض ائية على مس توى مديري ة الش رطة القض ائية لألمن‬
‫الوطني‪.‬‬

‫‪ 1‬محمد العمراني‪ :‬حماية خصوصية الحدث الجانح من الوصم الجنائي واالجتماعي ‪-‬دراسة على ضوء قانون المسطرة‬
‫الجنائية المغربية‪ ،‬المجلة المغربية للطفل واالسرة‪ ،‬العدد األول‪2010، ،‬ص‪.169‬‬
‫‪ 2‬محمد نيازي‪ :‬حتاتة دور الشرطة في معاملة االحداث الجانحين‪ ،‬جنوح االحداث سلسلة الدفاع االجتماعي ‪،‬العدد الثالث‬
‫‪ ،1981‬ص ‪155.‬‬
‫‪ 3‬أسماء العلوي‪ :‬الحماية الجنائية للحقوق والحريات الفردية للحدث الجانح‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫وحدة العدالة الجنائية لألحداث‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬فاس‪ -‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 2013 /2012‬ص‪. 15‬‬
‫‪ 4‬قام المكتب العربي لمكافحة الجريمة بإنجاز صحيفة استبيان سنة ‪ 1972‬بخصوص جنوح االحداث فأجابت كل من مصر‬
‫والمغرب بوجود شرطة متخصصة لألحداث فيها ‪.‬‬
‫وقد اسند ألول م رة بص ريح الفق رة ‪ 3‬من الم ادة ‪ 19‬من ق انون المس طرة الجنائي ة مهم ة إج راء‬
‫األبحاث التمهيدية في األحداث إلى صنف خاص من ضباط الشرطة القضائية‪ .‬غير أن المشرع س كت عن‬
‫مسطرة اختيارهم والمعايير الالزم توفرها فيهم الض طالعهم به ذه المهم ة‪ ،‬وإن إح داث ه ذا الص نف من‬
‫الش رطة ك ان متواج دا وظيفي ا في ك ل مص الح الش رطة القض ائية قب ل ص دور ق انون ‪ 22.01‬المتعل ق‬
‫بالمسطرة الجنائية ‪ 5‬وك انت من بين المه ام ال تي تض طلع به ا إلى ج انب التحري ات في ج رائم األح داث‪،‬‬
‫البحث عن األحداث الفارين من مراكز إعادة التربية وكذا المتغيبين عن أسرهم‪ ،‬وفتح أبحاث عن ظ روف‬
‫إختفائهم إن ك ان األم ر يتعل ق بعم ل إج رامي وك ذا مراقب ة األم اكن غ ير المس موح ارتياده ا من ط رف‬
‫القاصرين‪.‬‬

‫غير أن مهمة اختيار ضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث موك ول إلى جه ة إداري ة خ ارج‬
‫إطار الجهاز القضائي ‪6‬وهذا اإلختي ار ق د ال يتناس ب أحيان ا م ع طبيع ة المه ام المنوط ة بض باط الش رطة‬
‫القضائية بحكم عدم إلزام هؤالء بالخضوع لتكوين متخص ص و اإلطالع على اآللي ات القانوني ة و العملي ة‬
‫للتعامل مع فئ ة خاص ة من الج انحين‪ ،‬حيث يتم تعينهم غالب ا من بين ض باط الش رطة القض ائية الع اديين‪،‬‬
‫ويكلفون بالبحث مع األحداث دون مراعاة مدى اس تعدادهم النفس ي و المع رفي في معالج ة ه ذا الن وع من‬
‫القضايا‪ .‬حيث اعتبر المشرع هذد الفئة فرع أساسي من مكونات الش رطة أدرجه ا في مرتب ة منفص لة عن‬
‫ضباط الشرطة القضائية العاديين‪ ،‬اعترافا لها بمهمة جس يمة تتج اوز األدوار التقليدي ة للش رطة القض ائية‬
‫وتستحضر القيم األخالقية والتربوية قبل اآلليات القانونية في التعامل مع األحداث‪.‬‬

‫ونج د أن المش رع لم ي رتب أي أث ر ق انوني عن د قي ام ض باط الش رطة القض ائية غ ير المكلفين‬
‫باألحداث بإنجاز هذه المهمة‪ .7‬ويمكن القول على أن المحضر تبقى له حجيته القانونية ول و تم تحري ره من‬
‫طرف ضابط غير مكلف بقضايا األحداث‪ ،‬وس ندنا في ذل ك الم ادة ‪ 23‬من ق انون المس طرة الجنائي ة ال تي‬
‫تشترط في صحة المحاضر الصفة الضبطية لمحررها ال غير‪.‬‬

‫ومراعاة لمبدأ التخصص وحماية األحداث يجب على المشرع أن يرتب نفس األثر الق انوني ال ذي‬
‫يس ري على قض اة األح داث‪ ،‬حيث جلس ات مح اكم األح داث باطل ة‪ ،‬عن د ترأس ها من ط رف قاض ي أو‬
‫مستشار غير مكلف باألحداث‪ .8‬وهذا الغموض التش ريعي للنص الق انوني يس تجيب لع دة تفس يرات تجع ل‬
‫‪9‬‬
‫ضباط الشرطة القضائية العاديين مؤهلين أيضا للبحث والتحري في جرائم األحداث‬

‫‪ 5‬الشرطة وحماية الطفولة مقال منشور بمجلة الشرطة عدد ‪ 17 2006‬ص ‪20.‬‬
‫‪ 6‬هذه الجهة متمثلة في اإلدارة العامة لألمن الوطني التابعة إداريا الى وزارة الداخلية ‪.‬‬
‫‪ 7‬هذه اإلشكالية طرحت في ندوة السياسة الجنائية بمكناس‪ ،‬انظر‪ :‬بوشعيب ارميل الشرطة القضائية وعالقتها بالقضاء‬
‫رهانات المستقبل‪ ،‬ص ‪413.‬‬
‫‪ 8‬المواد ‪ 477‬و‪ 488‬و‪ 489‬و‪ 490‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫‪ 9‬وزارة العدل‪ :‬شرح قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول مطبعة فضالة المحمدية‪ ،‬الطبعة ‪، ،2006 5‬ص ‪89.‬‬
‫تباشر الضابطة القضائية لألحداث إجراءات البحث التمهيدي‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 460‬من ق انون‬
‫المسطرة الجنائية على أنه يمكن لضابط الشرطة القضائية المكلف باألحداث‪ ،‬أن يحتفظ بالح دث المنس وب‬
‫إليه الجرم في مكان مخصص لألحداث لمدة ال يمكن أن تتجاوز المدة المحددة للحراسة النظرية وعلي ه أن‬
‫يتخذ كل التدابير لتفادي إيذائه‪ .‬ويقومون بالتثبت من وقوع الجريمة المنسوبة للح دث‪ ،‬وجم ع األدل ة عنه ا‬
‫والقيام بالتحريات الالزمة‪ ،‬غ ير أن ه ال يجب أن يك ون اله دف من جم ع المعلوم ات ه و اثب ات التهم ة أو‬
‫‪10‬‬
‫تقيمها فقط‪ ،،‬بل يجب أن يستهدف في المرتبة األولى العوامل والظروف ذات الصلة بالجنوح‬

‫وعند اإلنته اء من اإلس تماع للح دث يتم تحري ر محض ر بم ا أنج ز من عملي ات ويتم توجيه ه إلى‬
‫النيابة العامة التي ستقرر بناءا عليه إما متابعة الحدث أو حفظ الملف أو إجراء الصلح في القضية‪.‬‬

‫إن النه وض بحق وق األح داث وص يانة مص الحهم رهين بتص رف رج ال الش رطة بطريق ة‬
‫مستنيرة والئقة‪ ،‬وإقامة وحدات شرطة متخصصة مؤهلة لمنع جرائم األحداث ومكافحتها‪ ،‬والحصول على‬
‫تعليم وتدريب خاص غي مجال معالجة القضايا المتعلقة بصغار السن‪ ،‬لكي يتسنى لهم القيام ب واجبهم على‬
‫‪11‬‬
‫أفضل وجه‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الضمانات المقررة للحدث خالل مرحلة جمع االستدالالت‬

‫ال شك أن تخصيص الشرطة القضائية لألح داث للقي ام ب اإلجراءات الالزم ة قب ل المحاكم ة‬
‫يهيء قدرا من الرعاية ويوفر الضمانات الكفيلة التي قد تنجم جراء تعامل جه ات أخ رى غ ير متخصص ة‬
‫له ذا الن وع من القض ايا‪ ،‬حيث تس تحق االهتم ام وحس ن التص رف ‪ .12‬حيث أن المش رع المغ ربي ح دد‬
‫بوضوح إطار تدخل ضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث في نطاق مبدأ أساسي يقوم على مص لحة‬
‫الحدث الفضلى وقيد أعمالهم صراحة بإتخاذ كل التدابير المانعة إليذائه خصوصا تدبير االحتفاظ‪ ،‬غ ير أن‬
‫باقي اإلجراءات األخرى ال تقل أهمية عن هذا التدبير الم اس بالحري ة ليالح ظ ع دم إيالء المش رع عناي ة‬
‫بالمىاحل السابقة إلجراء االحتفاظ رغم ارتباطها بخصوصية المشتبه فيه الحدث‪ ،‬حيث لم ينظم الض مانات‬
‫الخاصة بمرحلة االنتقال و ايقاف الحدث و إجراءات المطاردة و والتفتيش و التص فيد و رف ع البص مات‬
‫‪13‬‬

‫واالقتياد إلى مقرات الشرطة القضائية أو إلى المحاكم المختصة لتقديم األحداث أمام النيابة العامة أو مس ك‬
‫سجال تضمن فيها جرائم األحداث‪.‬‬

‫‪ 10‬محمد نيازي حتاتة‪ :‬دور الشرطة في معاملة االحداث الجانحين جنوح االحداث سلسة الدفاع االجتماعي‪ ،‬العدد الثالث‪،‬‬
‫‪، 1981‬ص ‪. 174‬‬
‫‪ 11‬جالل ثروة‪ ،‬الظاهرة االجرامية‪ ،‬دراسة في علم العقاب القاهرة‪، 1987 ،‬ص ‪. 285‬‬
‫‪ 12‬إبراهيم حرب محسن‪ ،‬إجراءات مالحقة االحداث الجانحين في مرحلة ما قبل االستدالل والتحقيق‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر‬
‫والتوزيع الطبعة األولى‪ ،‬عمان األردن ‪، ،1999‬ص ‪. 30‬‬
‫‪ 13‬حسن محمد ربيع‪ ،‬الجوانب اإلجرائية لمعاملة االحداث المنحرفين والمعرضين لالنحراف‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪545.‬‬
‫إن البحث التمهيدي ينطوي على عدة مخاطر فيم ا ل و أس يء اس تعمال الس لطة التقديري ة المخول ة‬
‫لضباط الشرطة القضائية‪ ،‬لذلك أحاط المشرع المغربي هذه المرحلة بمجموعة من الضمانات تتمثل أساسا‬
‫في إشعار ولي الحدث وتخويله الحق في اإلتصال بالمحامي باالضافة الى حماية الحدث إذا ما تم االحتفاظ‬
‫به‪.‬‬

‫إشعار ولي الحدث وحق االتصال بالمحامي‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫استلزم المشرع المغربي ضرورة إشعار ولي الحدث بخصوص االجراءات المتخ ذة بش أنه وذل ك‬
‫من خالل ما نص علي ه في الفق رة الرابع ة من الم ادة ‪ 460‬من ق انون المس طرة الجنائي ة حيث ج اء فيه ا‪:‬‬
‫"يجب‪ ،‬في كافة األحوال‪ ،‬إشعار ولي الحدث أو المقدم عليه أو وصيه أو كافل ه أو حاض نه‪ ‬أو الش خص أو‬
‫المؤسسة المعهود إليها برعايته باإلجراء المتخذ وذل ك وفق ا لمقتض يات الفق رة األخ يرة من الم ادة ‪ 67‬من‬
‫هذا الق انون‪ ".‬و تج در اإلش ارة أن ه دف المش رع المغ ربي من ه ذا اإلج راء ه و تجنب الح دث الهل ع و‬
‫االضطراب أثناء المثول أمام ضباط الشرطة القضائية وهو م ا جعل ه ينص على ض رورة حض ور ال ولي‬
‫إلى جانب ه‪ ،‬فالتنص يص على ه ذا الح ق أو الض مانة ي أتي في إط ار اقتن اع المش رع بخصوص ية مرحل ة‬
‫الطفولة لكونها تشكل عماد باقي المراحل األخرى في عمر الحدث وهو توجه ينسجم مع قواع د بكين ال تي‬
‫تنص على هذا االطار من خالل المادة ‪ 15‬منها‪ ,14‬باعتباره أساسية بالنسبة للحدث‪ .‬ل ذلك ح ق الوال دين أو‬
‫الوصي في االشتراك في اإلجراءات مرتهن بمشيئة السلطة المختص ة‪ ،‬لكن يبقى بع د ذل ك االص ل في أن‬
‫هذه السلطة سوف تقدر مدى مالئمة اشتراك هؤالء في اإلجراءات على ضوء ما تفرضه مص لحة الح دث‬
‫نفسه‪ ،‬على أساس أن تلك المصلحة هي موضع اعتب ار الس لطات ال تي تتعام ل م ع األح داث الج انحين‪,15‬‬
‫اضافة إلى اإلشعار فقد سمح المشرع المغربي بمقتضى المادة ‪ 460‬من قانون المسطرة الجنائية أن يؤازر‬
‫الحدث بمحام وهذا ينسجم مع المبدأ ‪ 17‬من المبادئ المتعلقة بحماية جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي‬
‫شكل من أشكال االحتجاز أو السجن‪ 16‬والتي جاء فيها‪ ":‬ويحق للشخص المحتجز أن يحصل على مس اعدة‬
‫محام وتقوم السلطة المختصة بإبالغه بحقه هذا فور إلقاء القبض عليه‪ " ...‬وقد أجازت الفقرة الخامس ة من‬
‫نفس المادة لمحامي الحدث اإلتصال به أثناء فترة البحث التمهيدي ويعد حض وره إلى جانب ه ذو أهمي ة في‬

‫‪14‬تنص المادة ‪ 15‬في فقرتها الثانية من قواعد بكين المكررة على أنه للوالدين أو للوصي حق االشتراك في اإلجراءات‪،‬‬
‫ويجوز للسلطة المختصة أن ترفض اشراكهم في اإلجراءات إذا كانت هناك أسباب تدعو الى اعتبار هذا االستبعاد ضروري‬
‫لصالح الحدث ‪.‬‬
‫‪ 15‬سمية ايت عمران‪ ،‬الجوانب اإلجرائية لمحاكمة االحداث‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬جامعة عبد‬
‫المالك السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪-‬طنجة‪ -‬السنة الجامعية‪، 2010/2009 ،‬ص ‪. 50‬‬
‫‪ 16‬اعتمدت هذه االتفاقية من طرف الجمعية العامة لألمم المتحدة بقرار ‪ 173/43‬بتاريخ ‪ 9‬دجنبر ‪1988.‬‬
‫هذه المرحلة‪ ،‬حيث يبعث االطمئنان في نفسه أثناء سؤاله‪ ،‬وحتى ال يدلي بأقواال قد تضر بمص لحته نتيج ة‬
‫إحساسه بالخوف‪. 17‬‬

‫وفقا للمادة ‪ 460‬من قانون المسطرة الجنائية فإن الحدث من حقه اإلتصال بمحامي ه عن د االحتف اظ‬
‫به لدى الشرطة القضائية لمدة ال تتجاوز مدة الحراسة النظرية‪ ،‬والمشرع لم يحدد الوقت الذي يتم في ه ه ذا‬
‫اإلتصال بخالف ما ح دده بالنس بة للرش داء‪ ،‬باعتب ار أن ه ال يس مح ل ه ب ه إال عن د الوض ع تحت الحراس ة‬
‫النظرية وفق أحكام المادة ‪ 66‬من قانون المسطرة الجنائية‪ .‬ونظ را الغف ال المش رع تقيي د اتص ال الح دث‬
‫بمحاميه فإنه يحق له مباشرة اإلتصال بمجرظ تقري ر االحتف اظ ب ه‪ ،‬ويح ق ك ذلك للح دث المتخ ذ في حق ه‬
‫إحدى تدابير الحراسة المؤقت ة من ط رف وكي ل المل ك أن يتص ل بمحامي ه ب إذن من النياب ة العام ة وتحت‬
‫مراقبة ضباط الشرطة القضائية‪.18‬‬

‫ولحضور المحامي خالل فترة البحث التمهيدي ضمانة قوية الحترام خصوص ية الح دث‪ ،‬ذل ك أن‬
‫وجوده مع الحدث أثناء سماع أقواله يبعد عنه الخوف‪ ،‬لكون وج وده بمف رده ودون دف اع ق د ي دلي بأقوال ه‬
‫نتيجة الخوف فتضر مصلحته‪ ،‬كما يمنع على رجال الش رطة إس تعمال وس ائل اإلك راه الم ادي والمعن وي‬
‫للحصول على االعتراف‪ .‬كما أن وجود المحامي م ع الح دث أش ناء البحث التمهي دي ال ي ؤثر على س رية‬
‫اإلجراءات وال يعرقلها‪ ،‬وييعد كل ش بهة محاض ر الض ابطة القض ائية وعن مظن ة ال تزوير‪ ،‬خاص ة عن د‬
‫إنكار المتهم اعترفاته أمام التحقيق أو المحكمة المختصة بحجة تعرضه لإلكراه المادي أو المعنوي‪.19‬‬

‫وفي حالة عجز الحدث المتهم اختيار اختيار من يتولى الدفاع عنه يجب على الشرطة تأجيل سؤاله‬
‫إلى حين حضور المحامي وعلى الجهات الرسمية المختصة أن توفر له في هذه الحالة من يدافع عنه مجانا‬
‫في إطار المساعدة القضائية‪ .‬وبذلك يخول المشرع المغربي للح دث ح ق االتص ال بمحامي ه واتص ال ه ذا‬
‫األخير به منذ لحظة اعتقاله ‪ ،‬قد كرس حقا أساسيا من الحق وق المتفرع ة عن المحاكم ة العادل ة‪ ،‬وض مانة‬
‫مهمة للحدث تجنيه الهلع و اإلضطراب خالل المثول أمام الضابطة القضائية‪ ،‬كما من ه ذا اإلج راء أيض ا‬
‫تمكين محاميه في وقت مبكر من معلومات و معطي ات عن القض ية تس اعده في تهيء دفاع ه عن ه مبك را‪،‬‬
‫ويساعد الحدث على إسترجاع احساسه بتوفره على قرينة البراءة‪ ،‬من جراء توفىه على المساعدة القانوني ة‬

‫‪ 17‬مراد د ودوش‪ ،‬حماية الطفل في التشريع الجنائي المغربي‪ ،‬جانحا و ضحية دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬بفاس‪-‬‬
‫السنة الجامعية ‪، 2003/2002‬ص ‪. 71‬‬
‫‪ 18‬الفقرة الرابعة من المادة ‪ 460‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬
‫‪ 19‬محمد األمين ولد محمد‪ ،‬إشكالية البحث التمهيدي لدى االحداث الجانحين‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫وحدة الطفولة وقضاء االحداث‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي ‪-‬طنجة‪ -‬السنة‬
‫الجامعية ‪ ، 2013/2012‬ص ‪. 42‬‬
‫والمحافظة على حقوقه خالل إج راءات البحث‪ ،‬إذ أن وج ود المح امي يس اعد على تقوي ة غ رض إح ترام‬
‫الضمانات ومراقبة سالمة اإلجراءات ‪.20‬‬

‫االحتفاظ بالحدث‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫من بين أخط ر اإلج راءات ال تي يمارس ها ض باط الش رطة القض ائية المكلفين باألح داث بمناس بة‬
‫البحث التمهيدي والتي تشكل مساسا بالحرية وهي إجراء االحتفاظ بالح دث‪ 21‬مم ا يفي د أن الح دث ال يمكن‬
‫وضعه تحت الحراسة النظرية‪ .22‬حيث سمح المشرع المغربي لضباط الشرطة القضائية االحتفاظ بالح دث‬
‫لمدة ال يمكن أن تتجواوز المدة المحددة للحراسة النظرية وهي ثمانية وأربعون ساعة حسب الم ادة ‪ 80‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية وذلك إستثناءا وفي الحاالت التالية فقط‪ ،‬إذا تعذر تسليم الحدث لمن يتولى رعايته‪،‬‬
‫إذا كانت ضرورة البحث وسالمة الحدث تقتضي ذلك‪ ،‬وذلك بعد الحصول على موافقة النياب ة العام ة‪ .‬ولم‬
‫يبين المشرع المغربي في المادة ‪ 460‬ما إذا أمكن تمديد هذه المدة كما ه و األم ر بالنس بة للراش دين‪ ،‬حيث‬
‫يمكن تمديد الحراسة النظرية مرة واحدة لمدة ‪ 24‬ساعة بإذن كتابي من وكيل الملك أو الوكيل العام للمل ك‪،‬‬
‫وقد أشارت هذه المادة إلى أن مدة االحتفاظ بالحدث هي " ‪ ...‬ال يمكن ان تتج اوز الم دة المح ددة للحراس ة‬
‫النظرية " فعدم تمديدها يحقق مصلحة الحدث ألنه كلما قصرت المدة التي يحتفظ فيها كلما كان ذلك أفضل‬
‫‪23‬‬
‫بالنظر إلى خصوصية وضعه وصغر سنه‪ ،‬ل ذلك ينبغي إح ترام الم دة المح ددة قانون ا للحراس ة النظرية‬
‫والتي لم يرتب المشرع المغربي أيضا أي جزاء في حالة االخالل بها ‪ .‬هذا االجراء كما يظهر واضحا هو‬
‫س لب للحري ة‪ ،‬واعتق ال فعلي‪ ،‬فه و إج راء مخي ف وخط ير ويش كل ض غطا ال مثي ل له‪ 24‬على الح دث‬
‫الموضوع رهنه‪ .‬وفي هذا الصدد نرى أن التمييز بين االحداث أق ل من ‪ 16‬س نة‪ ،‬حيث يس توجب اي داعهم‬
‫في احدى المراكز الشبه مغلقة‪ ،‬حيث يتم إعداد الحدث نفسيا لهذه المرحلة من طرف مختص ين في التربي ة‬
‫وعلم النفس‪ ،‬وبالتالي نتجنب تدبير االحتفاظ مطلق ا وبين األح داث الم تراوح أعم ارهم بين ‪ 16‬و‪ 18‬س نة‬
‫والذين أش رفوا على س ن الرش د الجن ائي‪ ،‬حيث يحتف ظ بهم ل دى أقس ام الش رطة في أم اكن تكف ل إح ترام‬
‫خصوصيتهم‪.‬‬

‫‪ 20‬سعاد التايلي‪ ،‬دور القضاء في حماية االحداث‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتورة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم االقتصادية‬
‫واالجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬فاس‪ -‬السنة الجامعية ‪ ، 2010/2009‬ص ‪. 33‬‬
‫‪ 21‬محمد علي سويلم‪ :‬ضمانات الحبس االحتياطي‪ ،‬منشاة المعارف اإلسكندرية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬سنة ‪ ، 2007‬ص ‪75.‬‬
‫‪ 22‬سميرة السباح‪ ،‬الضمانات التشريعية والقضائية لمحاكمة الحدث‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪ ،‬وحدة‬
‫الطفولة وقضاء االحداث‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة عبد المالك السعدي‪ -‬طنجة‪ -‬السنة الجامعية‬
‫‪ ، 2011/2010‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 23‬المختار العايدي‪ ،‬وضعية الطفل في القانون المغربي والمواثيق الدولية‪ ،‬المجلة المغربية لالقتصاد والقانون‪ ،‬عدد ‪10/9‬‬
‫‪ ، 2004‬ص ‪.70‬‬
‫‪ 24‬عبد الواحد العلمي‪ ،‬شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ، 2006 ،‬ص ‪.402/401‬‬
‫إن مصالح الشرطة القضائية تمسك سجالت االحتفاظ وتض من فيه ا هوي ة الح دث المحتف ظ ب ه و‬
‫السبب الم برر ل ذلك وس اعة بداي ة االحتف اظ وانتهائه ا وم دة االس تجواب وأوق ات الراح ة ‪ ،‬وك ذا الحال ة‬
‫الصحية للمعني باألمر والتغذية المقدمة له وتوقيع الح دث أو إبص امه أو رفض ه القي ام ب ذلك‪ ،‬وي ذيل ه ذا‬
‫السجل بتوقيع الملك الذي يع رض علي ه قص د مراقبت ه و التأش ير عليه‪.25‬ويل زم المش رع ض باط الش رطة‬
‫القض ائية المكلفين باألح داث بتوجي ه الئح ة باس ماء األح داث المحتف ظ بهم خالل ‪ 24‬س اعة إلى النياب ة‬
‫العامة‪ 26‬على اعتبار أن قرار االحتفاظ ال يتم إال بإذن من هذه االخيرة‪.‬‬

‫ومراع اة لخصوص ية الح دث فالمش رع المغ ربي تب نى إج راءا جدي دا يمكن االس تعانة ب ه عن د‬
‫االحتفاظ بالحدث خالل مرحل ة البحث التمهي دي‪ ،‬يتعل ق األم ر بإمكاني ة إخض اع الح دث لنظ ام الحراس ة‬
‫المؤقتة المنصوص عليها في الم ادة ‪ 471‬من ق انون المس طرة الجنائي ة ‪ ،‬إذ يعت بر ه ذا المقتض ى من أهم‬
‫مستجدات قانون المس طرة الجنائي ة‪ ،‬الن نظ ام الحراس ة المؤقت ة ك ان من إختص اص قاض ي التحقي ق أو‬
‫قضاء الحكم فقط‪ ،‬وال يلجأ إليه إال بعد تحريك المتابعة‪ ،‬وألول مرة يستعمل هذا الت دبير في مرحل ة البحث‬
‫التمهيدي بأمر من النيابة العامة إذا ك انت ض رورة البحث وس المة الح دث تقتض ي ذل ك لم دة ال تتج اوز‬
‫خمسة عشر يوما‪ .‬ويالحظ أن المشرع تبنى هذا اإلجراء ليس بغرض ترب وي ت أهيلي بق در م ا ه و ت دبير‬
‫وقائي للحد من اآلثار النفسية التي قد تضر بالحدث إذا بقي في مركز الشرطة‪ ،‬ويمكن استغالل ه ذه الم دة‬
‫في دراسة الوضعية االجتماعية والنفسية للحدث وتهيئ تقرير أولي قد يساعد القاضي عند اتخ اذ الحراس ة‬
‫المؤقتة‪.27‬‬

‫إن م يزة االحتف اظ تتجلى في ع زل األح داث عن زن ازين الرش داء‪ 28‬اس تجابة لمقتض يات الفق رة‬
‫األولى من المادة ‪ 460‬من قانون المس طرة الجنائي ة‪ ،‬حيث يحتف ظ ض باط الش رطة القض ائية بالح دث في‬
‫مكان مخصص له‪ ،‬وتحت أنظاره وإلى حين إنتهاء األبحاث وعرض الحدث على النيابة العامة‪ .‬وعادة م ا‬
‫تكون الغرفة األمنية المخصصة لالحتفاظ بداخل مقرات الوالية أو المناطق األمنية‪.‬‬

‫إن االحتفاظ بالحدث كإجراء متاح للنيابة العامة ال يجب ربطه بخطورة الفعل المرتكب بل بسالمة‬
‫الحدث بمفهومها الواسع أي سالمته الجسدية ز النفسية وكذا حمايته من السقوط في اإلجرام‪.‬‬
‫‪ 25‬أصدرت المديرية العامة لألمن الوطني بتنسيق مع وزارة العدل مذكرة تبين المعطيات الواجب اعتمادها لملء سجل‬
‫االحتفاظ باألحداث ويتضمن الخانات التالية‪ :‬الرقم الترتيبي‪ -‬الهوية الكاملة ‪-‬هوية ولي الحدث‪ -‬سبب االحتفاظ بالحدث‪-‬‬
‫مكان االحتفاظ بالحدث‪ -‬تاريخ وساعة نهاية المراقبة‪ -‬اإلجراءات المتخذة‪ -‬الوثائق المقدمة‪ -‬مالحظات‪ ،‬ويتم ترقيم صفحات‬
‫هذا السجل ويؤشر عليه وكيل الملك طبقا للشروط والشكليات المطبقة على سجل الحراسة النظرية بالنسبة للرشداء ‪.‬‬
‫‪ 26‬هذا يقوم به ضباط الشرطة القضائية العاديون فور اتخاذ قرار وضع شخص تحت الحراسة النظرية‪ ،‬وأوجبته الفقرة‬
‫األخيرة من المادة ‪ 67‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬
‫‪ 27‬وزارة العدل‪ ،‬شرح قانون المسطرة الجنائية ‪،‬الجزء األول‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬عدد ‪6‬‬
‫ابريل ‪ ، 2007‬ص ‪.228‬‬
‫‪ 28‬حميد الوالي‪ ،‬دور المراقبة الحقوقية في تطوير العمل التربوي‪ ،‬المجلة المغربية للطفل واألسرة‪ ،‬العدد ‪ ، 2010‬ص ‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫اتخاذ كافة التدابير لمنع إيذاء الحدث‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫لقد أوجب المشرع المغربي الشرطة القضائية بإعتبارها أول من يتعامل م ع الح دث بع د وقوع ه‬
‫في االنحراف وأول عامل مؤثر في نفسيته الهشة‪ ،‬أن تتخذ كل التدابير لتفادي ايذائه وهو بذلك يتمش ى م ع‬
‫مقتضيات االتفاقيات الدولية ‪.29‬حيث أوجب المشرع حماية سالمة االحداث البدنية و النفسية من كل أشكال‬
‫االعتداءات والتأثيرات الضارة بصحتهم العقلية و الجسدية ومنع تعريضهم ألي شكل من أشكال الخطر أو‬
‫التهديدات المعنوية ‪ ،‬وص يانة ك رامتهم من ك ل أس اليب اإلهان ة أو التحق ير أو االي ذاء ال ذي ينط وي على‬
‫المعاملة القاسية أو المهنية أو اإلنسانية ‪.30‬‬

‫إن هاجس الخوف والقلق الذي يالزم الحدث في هذه المرحلة‪ ،‬قد يتطور إلى فقدان الثقة في ضباط‬
‫الشرطة القضائية إذ لم يتخذ هذا األخير التدابير المانعة إليذاء الح دث‪ ،‬باس تعمال العن ف في حق ة وتعنيف ه‬
‫بالضرب أو إهانته وتحقيره ونعته بالمنحرف أو المجرم حيث يتول د لدي ه ش عور ب التهميش واإلقص اء من‬
‫لدن رجال إنفاذ القوانين‪ ،‬حيث يؤسس ذلك لمرحلة قد يتح ول فيه ا االنح راف الث انوي للح دث إلى إج رام‬
‫فعلي ناتج طبيعة المعاملة خالل مرحلة البحث‪.31‬‬

‫إن عدم تعريض الحدث ألي إيذاء عند البحث مع ه من ط رف ض باط الش رطة القض ائية المكلفين‬
‫باألحداث يعد ضمانة أساسية استهدف المشرع من خاللها ليس فقط حماية الحدث في جسمه ونفس ه‪ ،‬وإنم ا‬
‫أيضا السعي وراء عدم جعل هذه المعاملة السيئة لفائدته عائق ا يح ول دون إص الحه‪ .‬فالح دث المحتف ظ ب ه‬
‫يكون غي وضعية إيقاف أو احتجاز قانوني تجعله غير ق ادر على ض مان أمن ه وس المته الخاص ة‪ ،‬وعلى‬
‫ضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث على وجه الخص وص أن يتخ ذوا كاف ة الت دابير واالحتياط ات‬
‫الالزمة لوقايته من عنف وغضب األط راف األخ رى في القض ية أو الجمه ور‪ .32‬وق د اس توجب المش رع‬
‫إجراء فحص طبي على الحدث إذا ما اشتكى من وقوع عنف عليه خالل فترة البحث التمهي دي من ط رف‬
‫ضباط الشرطة القضائية وذلك بتعليم ات من النياب ة العام ة قب ل الش روع في اس تنطاقه‪ .33‬وأل زم المش رع‬

‫‪ 29‬من بين هذه االتفاقيات الدولية‪ ،‬قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا لإلدارة ‪،‬شؤون قضاء االحداث (قواعد بكين) واتفاقية‬
‫حقوق الطفل لسنة ‪1989.‬‬
‫‪ 30‬تنص المادة ‪ 10‬في فقرتها الثالثة من قواعد بكين النموذجية‪ ،‬على أنه تجري االتصاالت بين الجهات المنوط بها انفاذ‬
‫القوانين والمجرم الحدث على نحو يكفل احترام المركز القانوني للحدث وييسر رفاهته ويتفادى ايذائه‪ ،‬مع إيالء االعتبار‬
‫الواجب لمالبسات القضية ‪.‬‬
‫‪ 31‬أكد جل األحداث المستجوبين في مركز حماية الطفولة تمارة‪ ،‬على تعرضهم للتعنيف والتحقير من طرف رجال الشرطة‬
‫عند ايقافهم واستجوابهم بأقسام الشرطة ‪.‬‬
‫‪ 32‬يبوري عبد اإلاله‪ ،‬الحماية اإلجرائية للحدث الجانح في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬‬
‫وحدة العدالة الجنائية لألحداث‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ‪-‬بفاس‪ -‬السنة‬
‫الجامعية ‪، 2013/2102‬ص ‪.23‬‬
‫‪ 33‬الفقرة األولى والثانية من المادة ‪ 73‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬
‫ضباط الشرطة القضائية بالسرية خالل مراحل البحث منذ لحظ ة إلق اء القبض علي ه‪ ،‬واالمتن اع عن نش ر‬
‫معلومات قد تأثر على مستقبله فيما بعد‪.‬‬

‫خالصة القول أن مثل هذه اإلجراءات المتخذة لمنع إيذاء الحدث من شأنها أن ت بين وتكش ف م دى‬
‫اخالل ضباط الشرطة القضائية بواجبهم وغي نفس الوقت تعزيز من حجم الضمانات التي أقره ا المش رع‬
‫المغربي لفائدة الحدث في هذه المرحلة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المهام االجرائية للنيابة العامة خالل مرحلة البحث التمهيدي‬

‫تق وم النياب ة العام ة ب دور أساس ي في س ير العدال ة الجنائي ة لألح داث نظ را لمهامه ا المتع ددة‪،‬‬
‫فباإلضافة إلى كونها المختصة في تحريك ال دعوى العمومي ة (الفق رة األولى)‪ ،‬فإنه ا تض طلع ب دور أك ثر‬
‫حداثة وايجابية حيث تق وم باالش راف على إب رام الص لح بين أط راف ال دعوى كلم ا أمكنه ا ذل ك (الفق رة‬
‫الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬اختصاص النيابة العامة في متابعة الحدث‬

‫تعت بر النياب ة العام ة الجه ة الوحي دة المخ ول له ا تحري ك ال دعوى العمومي ة بالنس بة للح دث‪،‬‬
‫ويمارسهاحس ب الفق رة األولى من الم ادة ‪ 463‬من ق انون المس طرة الجنائي ة وكي ل المل ك ل دى المحكم ة‬
‫االبتدائية المنتصب بدائرتها قاض االحداث المختص و يمارسها الوكيل الع ام للمل ك في الجناي ات و الجنح‬
‫المرتبطة بها ‪ ،‬حيث ال يمكن متابعته بشكاية مباشرة من المتض رر حس ب الفق رة األخ يرة من نفس الم ادة‬
‫زالتي جاء فيها‪ ":‬ال يمكن متابعة الدعوى العمومية في حق حدث من قبل الطرف المدني " وإن كان يح ق‬
‫له المطالبة بالحق الم دني حس ب الم ادة ‪ 464‬من ق انون المس طرة الجنائية‪ 34‬ويتم إدخ ال الممثل الق انوني‬
‫للحدث في الدعوى المدنية باعتباره المسؤول مدنيا عنه (المادة ‪ 465‬من قانون المسطرة الجنائية)‪ ،‬وح تى‬
‫االدارات التي أعطى لها القانون صالحية تحريك ال دعوى ك إدارة الجم ارك وإدارة المي اه و الغاب ات فهي‬
‫ملزمة بدورها بتقديم شكاية للنيابة العامة بالرغم مما تتطلبه المخالفات القانونية في هذه المجاالت من تقنية‬
‫وتخصص‪ ،‬وهذا ما جاء في الفقرة الثانية من المادة ‪ 463‬من قانون المس طرة الجنائي ة‪":‬في حال ة ارتك اب‬
‫جريمة يخول القانون فيها إلدارات عمومية الح ق في متابع ة مرتكبيه ا ف إن النياب ة العام ة مؤهل ة وح دها‬
‫لممارسة هذه المتابعة استنادا على شكاية س ابقة تق دمها اإلدارة ال تي يهمه ا األم ر "‪ ،‬وق د أعطى المش رع‬

‫‪ 34‬تنص على أنه‪ ":‬يمكن أن يطالب بالحق المدني كل شخص متضرر من جريمة ينسب اقترافها لحدث لم يبلغ من العمر‬
‫ثمان عشر سنة "‪.‬‬
‫للنيابة العامة إمكانية إيق اف س ير ال دعوى بتق ديم ملتمس إلى المحكم ة في حال ة س حب الش كاية أو تن ازل‬
‫المشتكي عن شكايته و ذلك قبل صدور حكم نهائي في جوهر القضية‪ ،‬وهذا ينسم مع ما جاءت ب ه القاع دة‬
‫الخامسة من قوع د طوكيو‪ 35‬ال تي تنص على"‪ ...‬تخوي ل الش رطة أو النياب ة العام ة وغيره ا من األجه زة‬
‫المعنية بمعالجة القضايا الجنائية سلطة إسقاط الدعوى العمومي ة المقام ة على الج اني م تى رأت أن الس ير‬
‫فيها غير ضروري لحماية المجتمع أو منع الجريم ة أو تعزي ز اح ترام الق انون و حق وق المج ني عليهم"‪،‬‬
‫وك ذا الفق رة الرابع ة من الم ادة ‪ 17‬من قواع د بكين ال تي تنص على أن ه‪":‬للس لطة المختص ة ح ق وق ف‬
‫إجراءات الدعوى في أي وقت‪ ".‬وييقى للنيابة العامة الحق في مواصلة النظر في القضية متى ظهرت له ا‬
‫عناصر جديدة تمس هذه الدعوى‪ ،‬وذلك بتقديم طلب إلى المحكمة ما لم تكن قد سقطت بأحد أسباب السقوط‬
‫الواردة في المادة ‪ 4‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫تعتبر النياب ة العام ة ط رف أص يل في ال دعوى العمومي ة وإذا ك انت تنعت بالخص م الش ريف في‬
‫الدعوى الجنائية‪ ،‬فإنها سند حامي للح دث‪ ،‬ال ذي ك ان ب دوره ض حية لعوام ل نفس ية واجتماعي ة في اتي ان‬
‫السلوك اإلجرامي‪ .‬هذا التوجه الحمائي في معالجة قضايا األحداث الج انحين‪ ،‬تجس د من الناحي ة القانوني ة‬
‫في تكليف أحد قضاة النيابة العامة بقضايا األحداث‪ ،‬سيرا على نهج التخص ص‪ ،‬وتن اول قض ايا ه ذه الفئ ة‬
‫أشخاص مؤهلين لمواكبة الحدث‪ ،‬منذ ايقافة إلى حين استنفاذ التدابير المحكوم بها عليه‪.‬‬

‫وإذا تبين للنيابة العامة أن الح دث ه و من ارتكب الفع ل المنس وب إلي ه‪ ،‬فإنه ا تحيل ه على قاض ي‬
‫االحداث أو المستشار المكلف باألحداث‪ ،‬وذل ك بع د أن تفص ل قض يته عن قض ية الرش داء المس اهمين أو‬
‫الشاركين معه في الجريمة في حالة وجودهم‪ ،‬وقد تتخذ قرار حفظ القضية‪ 36‬حتى ولو كانت األفعال الثابت ة‬
‫في حق الحدث ثبوتا يقينيا‪ ،‬فالهدف هو سالمة الحدث وحمايته وتقويمه وتربيته ال إيالمه وردعه‪ .37‬وتتخ ذ‬
‫النيابة العامة قرار الحفظ إذا كانت الجريمة ال تنطوي على خطورة حقيقية أو لضآلة الضرر المترتب على‬
‫الجريمة أو حرصا على الروابط العائلية‪ ،‬كأن يتصالح المجني عليه م ع ولي أم ر الطف ل‪ ،‬أو ك ون الطغ ل‬

‫‪ 35‬قواعد األمم المتحدة النموذجية الدنيا للتدابير غير االحترازية‪ ،‬و تعرف باسم قواعد طوكيو‪ ،‬والتي اعتمدتها الجمعية‬
‫العامة بقرار ‪ ، 110/45‬في ‪.1990/12/14‬‬
‫‪ 36‬األمر بالحفظ هو أمر اداري من أوامر التصرف في االستدالالت تصدره النيابة العامة لتصرف به النظر مؤقتا عن إقامة‬
‫الدعوى أمام محكمة الموضوع بغير أن يحوز حجية تقيدها) ذكره حمدي رجب عطية في اإلجراءات الجنائية بشأن األطفال‬
‫الجانحين و المعرضين للخطر في تشريعات الدول العربية طبعة ‪ 2013‬ص(‪109‬‬
‫‪ 37‬مصطفى منديل‪ ،‬الخصوصيات اإلجرائية لمعاملة األحداث الجانحين‪ ،‬بحث نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء‪2013 ،‬‬
‫ص ‪. 21‬‬
‫المنسوب إليه الفعل قريب للمجني علي ه أو مراع اة لص غر س ن المتهم‪ .38‬وبحفظه ا لمل ف القض ية تالمس‬
‫النيابة العامة السياسة التشريعية غي مجال جنوح االحداث المبنية على سالمة الحدث وتقويم سلوكه‪.39‬‬

‫وفي األخير أود أن أشير إلى أن النيابة العامة مدعوة إلى البحث والتحري بدق ة ح زل م ا إذا ك ان‬
‫الحدث مجرد أداة في يد شخص أخر راشد يستغل صغر سنه الرتكاب أفعال اجرامية وهوما يجعل ه ف اعال‬
‫معنويا‪ ،‬وأن تبحث أيضا مع ذوي الحدث حول مدى تقصيرهم في تربيته وطبيعة معاملتهم له وما إذا ك انو‬
‫قد مارسو في حقه عنفا من أي نوع كان وذلك إذا اتضح من مالبسات وظروف القضية أو من تص ريحات‬
‫الحدث أن جنوحه مرتبط بتقصير عائلته‪.40‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تفعيل مسطرة الصلح وإيقاف سير الدعوى‬

‫من أجل تلطيف حجم التدابير المتخ ذة في ح ق األح داث خالل مرحل ة البحث التمهي دي‪ ،‬الب د من‬
‫تمديد نطاق العدالة التصالحية‪  ‬ليشمل اختصاصات الشرطة القضائية والعم ل على تطبيقه ا أثن اء التح ري‬
‫في جرائم األحداث التي يكون الضرر فيها بسيطا‪ ،‬أو ال يبدي الضحية بشأنها رغبة في إج راء أي ة متابع ة‬
‫قضائية‪ ،‬وهذا التدبير يساهم في إيجاد ص يغ لتقليص ع دد القض ايا ال تي تص ل إلى النياب ة العام ة وقض اء‬
‫الحكم ويكون مالها الحفظ أو ع دم المتابع ة‪ ،‬حيث يس اهم إج راء الص لح ل دى مص الح الش رطة القض ائية‬
‫لألحداث في وضع حد لمجموعة من القضايا المرتبط ة بالقاص رين في مه دها‪ ،‬ب النظر النع دام الخط ورة‬
‫اإلجرامية للوقائع المسجلة‪ ،‬أو بعد إبداء األطراف رغبتهم في عدم مواصلة اإلجراءات الالحق ة وال تي ق د‬
‫يكون تأثيرها بارزا في نفسية الحدث ومصالحه المستقبلية‪ ،‬ولضمان مصداقية إجراء الصلح خالل مرحل ة‬
‫البحث والتحري نرى ضرورة انجاز محاضر في هذا الشأن وتض مينها تص ريحات األط راف‪ ،‬واإلش ارة‬
‫إليها في سجل معد لذلك تؤشر‪ ‬عليه النيابة العامة وتراقب ه بص فة دوري ة‪ ،‬م ع إش عارها بك ل الوق ائع ال تي‬
‫تكون موضوعا إلجراء الصلح وتنفيذ تعليماتها المخالفة لذلك‪.  ‬‬

‫وقد عمل المشرع المغربي على تبني مبدأ الصلح بين أطراف النزاع وذلك بمقتضى المادة ‪ 41‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬ذلك لفض النزاع قبل تحريك الدعوة العمومية‪ .‬وتعتبر مس طرة الص لح اختياري ة‬

‫‪ 38‬حمدي رجب عطية‪ ،‬اإلجراءات الجنائية بشأن األطفال الجانحين والمعرضين للخطر في تشريعات الدول العربية‪ ،‬طبعة‬
‫‪ ، 2013‬ص ‪111.‬‬
‫‪ 39‬سفيان ادريوش ‪،‬الدور االجرائي للنيابة العامة في معالجة ظاهرة جنوح األحداث الخيارات واإلشكاالت‪ ،‬مجلة محاكمة‪،‬‬
‫العدد الثالث‪ ،‬أكتوبر ‪، 2007‬ص ‪78.‬‬
‫‪ 40‬في هذا الصدد ينص الفصل ‪ 482‬من القانون الجنائي على ما يلي‪ ":‬اذا تسبب أحد األبوين في الحاق ضرر بالغ بأطفاله‬
‫أو بواحد أو أكثر منهم وذلك نتيجة سوء المعاملة أو إعطاء القدوة السيئة في الكر أو سوء السلوك أو عدم العناية او التقصير‬
‫في االشراف الضروري منة ناحية الصحة أو األمن أو األخالق يعاقب بالحبس من شهر واحد الى سنة وغرامة من ‪200‬‬
‫الى ‪ 500‬درهم سواء حكم عليه بالحرمان من السلطة األبوية أم ال ويجوز عالوة على ذلك أن يحكم على مرتكب الجريمة‬
‫بالحرمان من واحد أو اكثر من الحقوق المشار اليها في الفصل ‪ 40‬من ‪ 5‬سنوات الى عشر"‪.‬‬
‫حيث لم يلزم المشرع االط راف بس لوكها ب ل جع ل المب ادرة بي د المتض رر المش تكى ب ه م ع األخ ذ بعين‬
‫االعتبار موافقة وكيل الملك في اطار سلطة المالئمة و التحقق من مدى توافر شروط المادة ‪ 41‬من ق انون‬
‫المسطرة الجنائية لتطبيق مسطرة الص لح‪ ،‬ويعتم د في ذل ك على مع ايير متع ددة منه ا م ا ه و موض وعي‬
‫يتعلق بحجم االضرار الحاص لة ووقعه ا على المجتم ع‪ ،‬ومنه ا م ا ه و ذاتي يتعل ق بش خص المش تكى ب ه‬
‫ووضعيته الجزائية وظروفه االجتماعية‪ 41‬وليس لزاما على النياب ة العام ة أن تت دخل في موض وع الص لح‬
‫‪42‬‬
‫وهذا اهم ما يميز هذه المسطرة‬

‫وفيما يخص إمكانية تطبيق مسطرة الصلح في قضايا األحداث تنص الفقرة الثالثة من الم ادة ‪461‬‬
‫من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي‪ ":‬يمكن للنيابة العام ة في حال ة ارتك اب جنح ه‪ ،‬إذا واف ق الح دث‬
‫ووليه القانوني وكذلك ضحية الفعل الجرمي‪ ،‬تطبيق مسطرة الص لح المنص وص عليه ا في الم ادة ‪ 41‬من‬
‫هذا القانون‪".‬‬

‫وتحقق هذه المسطرة مصلحة الحدث الجانح لعدم استمرار المتابعة في حقه‪ ،‬واالخد بها ينسجم مع‬
‫المواثيق الدوليه في الماده ‪ 12‬من قواعد بكين تنص على أنه ‪":‬حيثم ا ك ان ذل ك مناس با ينظ ر في امكاني ة‬
‫معالجه قضايا المجرمين األحداث دون اللجوء الى محاكمة رسمية من قبل السلطة المختصة‪."..‬وإن نط اق‬
‫تطبق مسطرة الصلح في قضايا األحداث الجانحين من طرف النيابة العامة هو أوسع من نطاق تطبيقها في‬
‫قضايا الرشداء المج رمين مم ا يخ ول النياب ة العام ة دورا إجرائي ا موس عا من حيث الجنح الممكن إج راء‬
‫الصلح بشأنها‪ ،‬ففي قضايا الرشداء ال تطبق مسطرة الصلح إال في الجرائم المعاقب عليها بسنتين حبس ا أو‬
‫أقل أو بغرامة ال يتج اوز ح دها االقص ى ‪ 5000‬درهم‪ ،43‬في حين ن رى أن ك ل فع ل ج رمي م رتكب من‬
‫طرف ح دث ج انح س واء ك ان جنح ة ض بطية أم تأديبي ة فإن ه يج وز للنياب ة العام ة إن ت وافرت الش روط‬
‫القانونية أن تختار إجراء الصلح بدل المتابعة ‪ ،‬وس ندنا في ذل ك أن ق انون المس طرة الجنائي ة اس تعمل في‬
‫مس طرة الص لح المتعلق ة بقض ايا الرش داء عب ارة عن "الجريم ة" م ع تقيي دها من حيث العقوب ة لتحدي د‬
‫المسطرة المذكورة في نطاق محدد‪ ،‬أما بالنسبة لمس طرة الص لح في قض ايا األح داث فق د اس تعمل عب ارة‬
‫"جنحة" دون أي شرط أو قيد ‪ ،‬ودون أي تمييز بين الجنحة الضبطية والجنحة التأديبية ‪.‬‬

‫و حتى يصير الصلح تاما ونهائيا ينبغي إحالته على رئيس المحكمة اإلبتدائية ليقوم بالتصديق عليه‬
‫‪ ،‬بحضور ممثل النيابة العامة و الط رفين أو دفاعهم ا بغرف ة المش وره بمقتض ى أم ر قض ائي ال يقب ل أي‬

‫‪ 41‬عبد الرحيم المودن‪ ،‬الصلح كإجراء جديد داخل قانون المسطرة الجنائية‪ ،‬مجلة أنفاس حقوقية‪ ،‬عدد ‪ ،3/2‬دجنبر‬
‫‪، 2003‬ص ‪132.‬‬
‫‪ 42‬رشيد مشقاقة‪ ،‬دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية لقانون رقم ‪ 22/01‬المتعلق بالمسطرة‬
‫الجنائية‪ ،‬دار السالم‪ ،‬الرباط‪، 2004 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 43‬المادة ‪ 41‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬
‫طعن متضمنا لم اتفق عليه الطرفان مع تحديد أجل لتنفيذ الصلح‪ ،‬فإذا تمت المص ادقة تتأك د النياب ة العام ة‬
‫من تنفيذ االلتزامات المتفق عليها‪ ،‬ويوقف إج راء الص لح ال دعوى العمومي ة بحيث ال يمكن لوكي ل المل ك‬
‫إقامتها إال في حالة عدم المصادقة على محض ر الص لح‪ ،‬أو ع دم تنفي ذ االلتزام ات المتف ق بش أنها داخ ل‬
‫األجل المحدد ‪ ،‬أو إذا ما ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوه العمومية م ا لم تتق ادم‪ ،‬كم ا يمكن للص لح أن‬
‫يسقط هذه األخيرة حسب الفقرة الثانية من المادة ‪ 4‬من قانون المس طرة الجنائي ة‪ ":‬وتس قط بالص لح عن دما‬
‫ينص القانون صراحة على ذلك"‬

‫وفي األخير يمكن القول أن إجراء الص لح في ح د ذات ه يبقى مكس با ينض اف إلى حق وق المتهمين‬
‫والضحايا على حد سواء ألن تحقيق العدالة الجنائية بصفة عامة والعدالة الجنائي ة لألح داث بص فة خاص ة‬
‫لن يحقق النتائج المرجوة منه إال إذا تم تحقيقها ب الموازاة م ع ني ل رض ا الض حايا المباش رين من الج رائم‬
‫المرتكبة من قبلهم‪.‬‬

You might also like