You are on page 1of 39

‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................

‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير‬


‫ذ إبراهيم الطاهري‬

‫باحث جامعي‬
‫ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ‬ ‫مقدمة‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫بقضاياﺧﺮﺍﻁالتعمير يشكل ضرورة محلية‪ ،‬كما انه يعتبر تدخال‬
‫إن االهتمامﻣﻴﻤﻮﻥ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ كافيا إلعطاء فرصة للتدخل الجماعي في مجال‬
‫ذلك مبررا‬ ‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬مركزيا‪ ،‬ويعتبر‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻯ‪،‬‬ ‫واختصاصا‬
‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ‬
‫ﻉ‪11‬‬
‫الدستور املغربي الجديد لسنة ‪ 2011‬الجماعات الترابية في املادة‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬وقد عرف‬
‫التعمير‪،‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪ ”135‬بأنها الجهات واألقاليم والعماالت والجماعات“‪ .‬بعد ان كان قبل ذلك في املادة ‪49‬‬
‫‪2019‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫مجموع العماالت واالقاليم والجماعات الحضرية والقروية‪.‬‬ ‫بانها‬
‫‪287‬‬ ‫دستور ‪ 1996‬يعرفها‬
‫‪- 323‬‬ ‫من‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫‪1149507‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫وتعتبر الجماعات املحلية او الجماعات الترابية كما اصبحت تسمى حديثا في‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫‪Arabic‬اهم تجسيد ألسلوب أو نظام الالمركزية االدارية الترابية‪ ،‬و‬
‫املغرب الجماعات الترابية‬
‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫أشخاصا اعتبارية معنوية عامة خاضعة للقانون العام‪،‬‬ ‫الجماعات الترابية‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪتعد تلك‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ‬
‫سياسة‬ ‫احداثهاﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‪،‬‬
‫بمقتض ى‬ ‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪ ،‬ﻗﻀﺎﻳﺎ‬ ‫ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ‬
‫واملالي تم‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ‪،‬االداري‬
‫ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ واالستقالل‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫تتمتع بالشخصية املعنوية‬
‫ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ‬
‫جديدة بمقتض ى‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬لالمركزية‪ ،‬وهي تتمتع بالشخصية املعنوية و تحدث كل جماعة ترابية‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1149507‬‬ ‫ا‬
‫القانون ويمكن ان تحل عند االقتضاء محل جماعة ترابية أخرى او اكثر من تلك‬
‫الفقرة األولى املنصوص عليها في الفصل ‪ 153‬املذكور أعاله‪ ،1‬وتمارس هذه املجالس‬
‫عدة اختصاصات مهمة كما انها تلعب دورا مهما في املجال التعميري وذلك عبر دعامتين‪،‬‬
‫تتجلى الدعامة االولى في القانون التنظيمي للجماعات‪ 2.113.14‬الذي يساهم في تكريس‬

‫‪-1‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية في القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬العدد ‪ 34/33‬ص ‪ 123.124‬منشور بمجلة‬
‫من الدستور الى القوانين التنظيمية‪.‬‬ ‫مسالك الجهات والجماعات الترابية‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪفي ‪20‬‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬ ‫الصادر‬ ‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‪1.15.85‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬ ‫)ﻣﺜﻞرقم‬
‫الشريف‬ ‫الظهير‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‬ ‫بتنفيذه‬
‫ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬ ‫الصادرﺍﻟﻨﺸﺮ‬ ‫‪113.14‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ‬ ‫ﻭﻳﻤﻨﻊرابية‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫للجماعات الت‬ ‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‪-2‬القانون‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡالتنظيمي‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪،‬‬
‫ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫رمضان ‪ 1436‬املوافق ل ‪ 7‬يونيو ‪ 2015‬الصادر الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ ،1436‬املوافق ل ‪23‬‬
‫يونيو ‪ ،2015‬ص ‪.6708- 6660‬‬

‫‪287‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬


‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير‬


‫ذ إبراهيم الطاهري‬

‫باحث جامعي‬
‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ‬
‫ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪ :‬مقدمة‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﻣﻴﺪﺍﻥيعتبر تدخال‬
‫كما انه‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻓﻲ‬ ‫ﺩﻭﺭ ضرورة‬
‫ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕمحلية‪،‬‬ ‫يشكل‬ ‫)‪ .(2019‬التعمير‬
‫ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ‬ ‫ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‪ .‬بقضايا‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻯ‪،‬االهتمام‬
‫إن‬
‫ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‪.‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ‪ -‬ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‪ ،‬ﻉ‪11‬‬
‫مجال‬ ‫ذلك مبررا كافيا إلعطاء فرصة للتدخل الجماعي في‬
‫‪1149507/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫ويعتبر ﻣﻦ‬
‫ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ‬ ‫مركزيا‪،‬‬
‫واختصاصا ‪.323‬‬
‫‪- 287 ،‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫املادة‬ ‫التعمير‪ ،‬وقد عرف الدستور املغربي الجديد لسنة ‪ 2011‬الجماعات الترابية في‬
‫ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻯ‪ ،‬ﺍﺑﺮﺍﻫﻴﻢ‪" .‬ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﺮ‪".‬ﻣﻨﺸﻮﺭﺍﺕ‬
‫‪-49‬‬
‫‪287‬‬ ‫)‪:(2019‬‬
‫املادة‬ ‫ﻉ‪11‬‬
‫ذلك في‬ ‫ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬
‫قبل‬ ‫ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ‬
‫بعد ان كان‬ ‫ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬
‫والجماعات“‪.‬‬ ‫ﺳﻠﺴﻠﺔ‬
‫والعماالت‬ ‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ‪-‬‬
‫واألقاليم‬ ‫ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‬
‫الجهات‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ‬
‫بأنها‬ ‫‪”135‬‬
‫‪ .323‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1149507/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫من دستور ‪ 1996‬يعرفها بانها مجموع العماالت واالقاليم والجماعات الحضرية والقروية‪.‬‬
‫وتعتبر الجماعات املحلية او الجماعات الترابية كما اصبحت تسمى حديثا في‬
‫املغرب الجماعات الترابية اهم تجسيد ألسلوب أو نظام الالمركزية االدارية الترابية‪ ،‬و‬
‫تعد تلك الجماعات الترابية أشخاصا اعتبارية معنوية عامة خاضعة للقانون العام‪،‬‬
‫تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل االداري واملالي تم احداثها بمقتض ى سياسة‬
‫الالمركزية‪ ،‬وهي تتمتع بالشخصية املعنوية و تحدث كل جماعة ترابية جديدة بمقتض ى‬
‫القانون ويمكن ان تحل عند االقتضاء محل جماعة ترابية أخرى او اكثر من تلك‬
‫الفقرة األولى املنصوص عليها في الفصل ‪ 153‬املذكور أعاله‪ ،1‬وتمارس هذه املجالس‬
‫عدة اختصاصات مهمة كما انها تلعب دورا مهما في املجال التعميري وذلك عبر دعامتين‪،‬‬
‫تتجلى الدعامة االولى في القانون التنظيمي للجماعات‪ 2.113.14‬الذي يساهم في تكريس‬

‫‪-1‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية في القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬العدد ‪ 34/33‬ص ‪ 123.124‬منشور بمجلة‬
‫من الدستور الى القوانين التنظيمية‪.‬‬ ‫مسالك الجهات والجماعات الترابية‬
‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ‬
‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪفي ‪20‬‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬ ‫الصادر‬ ‫ﻣﻮﺍﻗﻊ‪1.15.85‬‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬ ‫)ﻣﺜﻞرقم‬
‫الشريف‬ ‫الظهير‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‬ ‫بتنفيذه‬
‫ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬ ‫الصادرﺍﻟﻨﺸﺮ‬ ‫‪113.14‬‬
‫ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ‬ ‫ﻭﻳﻤﻨﻊرابية‬
‫ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫للجماعات الت‬ ‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‪-2‬القانون‬
‫ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡالتنظيمي‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪،‬‬
‫ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫رمضان ‪ 1436‬املوافق ل ‪ 7‬يونيو ‪ 2015‬الصادر الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ ،1436‬املوافق ل ‪23‬‬
‫يونيو ‪ ،2015‬ص ‪.6708- 6660‬‬

‫‪287‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬


‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير‬


‫ذ إبراهيم الطاهري‬

‫باحث جامعي‬
‫مقدمة‬
‫إن االهتمام بقضايا التعمير يشكل ضرورة محلية‪ ،‬كما انه يعتبر تدخال‬
‫واختصاصا مركزيا‪ ،‬ويعتبر ذلك مبررا كافيا إلعطاء فرصة للتدخل الجماعي في مجال‬
‫التعمير‪ ،‬وقد عرف الدستور املغربي الجديد لسنة ‪ 2011‬الجماعات الترابية في املادة‬
‫‪ ”135‬بأنها الجهات واألقاليم والعماالت والجماعات“‪ .‬بعد ان كان قبل ذلك في املادة ‪49‬‬
‫من دستور ‪ 1996‬يعرفها بانها مجموع العماالت واالقاليم والجماعات الحضرية والقروية‪.‬‬
‫وتعتبر الجماعات املحلية او الجماعات الترابية كما اصبحت تسمى حديثا في‬
‫املغرب الجماعات الترابية اهم تجسيد ألسلوب أو نظام الالمركزية االدارية الترابية‪ ،‬و‬
‫تعد تلك الجماعات الترابية أشخاصا اعتبارية معنوية عامة خاضعة للقانون العام‪،‬‬
‫تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل االداري واملالي تم احداثها بمقتض ى سياسة‬
‫الالمركزية‪ ،‬وهي تتمتع بالشخصية املعنوية و تحدث كل جماعة ترابية جديدة بمقتض ى‬
‫القانون ويمكن ان تحل عند االقتضاء محل جماعة ترابية أخرى او اكثر من تلك‬
‫الفقرة األولى املنصوص عليها في الفصل ‪ 153‬املذكور أعاله‪ ،1‬وتمارس هذه املجالس‬
‫عدة اختصاصات مهمة كما انها تلعب دورا مهما في املجال التعميري وذلك عبر دعامتين‪،‬‬
‫تتجلى الدعامة االولى في القانون التنظيمي للجماعات‪ 2.113.14‬الذي يساهم في تكريس‬

‫‪-1‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية في القانون التنظيمي للجماعات‪ ،‬العدد ‪ 34/33‬ص ‪ 123.124‬منشور بمجلة‬
‫مسالك الجهات والجماعات الترابية من الدستور الى القوانين التنظيمية‪.‬‬
‫‪-2‬القانون التنظيمي للجماعات الترابية ‪ 113.14‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.15.85‬الصادر في ‪20‬‬
‫رمضان ‪ 1436‬املوافق ل ‪ 7‬يونيو ‪ 2015‬الصادر الجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ ،1436‬املوافق ل ‪23‬‬
‫يونيو ‪ ،2015‬ص ‪.6708- 6660‬‬

‫‪287‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬


‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫دور الجماعات في اعداد ضوابط البناء وانجاز البرامج السكنية هذا باإلضافة الى‬
‫تنصيصه على وظيفتها التنموية في ميدان التعمير وكذا تعزيز اختصاص املجالس‬
‫الجماعية في مجال التجهيزات العمومية املحلية والدعامة الثانية تتجلى في قانون‬
‫التعمير‪ 112.90‬الذي جاء بمقتضيات من شانها اعطاء نفس جديد للسياسة التعميرية‬
‫سواء على مستوى التخطيط الحضري من خالل ترتيب وتبسيط الئحة الوثائق املطلوبة‬
‫في املجال التعميري التي اصبحت تقتصر على صنفين فقط‪ ،‬دون اغفال مشروعي مدونة‬
‫التعمير ‪ 30.07‬و قانون التعمير ‪.04.04‬‬
‫وقد بدأت الجماعات الترابية في املغرب منذ ظهير يونيو ‪ ،1960‬حيث تم احداث‬
‫الجماعة النواة وهي الجماعات الترابية التقليدية‪ ،‬وكانت في البداية عبارة عن جماعات‬
‫تقوم باختصاصات تنفيذية فقط وليس لها دورا كبيرا في اي مجال من املجاالت ‪ ،‬كما‬
‫تم احداث قانون العماالت واالقاليم سنة ‪ ،1963‬بعد ذلك طرح اشكال التنمية والى‬
‫جانبه اشكاالت اخرى من بينها موضوع التعمير ليتم احداث ظهير احداث نظام املناطق‬
‫سنة ‪ ،1971‬وهو الذي يمثل النواة االولى للجهوية باملغرب‪ ،‬بعد سبعينيات القرن املاض ي‬
‫و ما تلى ذلك من تطورات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية صدر ظهير ‪،1976‬‬
‫وبذلك تم نسخ ظهير احداث املناطق وتم احداث نظام الجهات بمقتض ى ظهير ‪،1997‬‬
‫تم بعد ذلك صدر قانون امليثاق الجماعي ‪ 78.00‬سنة ‪ ،2002‬ليتم اخيرا الوصول للقانون‬
‫التنظيمي للجماعات الترابية‪.‬‬
‫هذه التعديالت كلها تنصب في إطار اغناء وتدعيم وتطوير تدخل الجماعات في‬
‫ميدان التعمير عبر التنصيص على عدة مقتضيات قد تساهم الى حد ما في الرقي‬
‫بالوظيفة الجماعية في هذا السياق سواء تعلق االمر باالختصاصات التي من شأنها توسيع‬

‫‪-1‬قانون رقم ‪ 12.90‬املتعلق بالتعمير الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ‪ 1.92.31‬الصادر في ‪ 15‬ذي الحجة ‪،1412‬‬
‫املوافق ل ‪ 17‬يونيو ‪ 1992‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ ،4195‬الصادرة في ‪ 14‬محرم ‪ ،1413‬املوافق ل ‪ 15‬يوليوز‬
‫‪ ،1992‬ص‪.887،898‬‬

‫‪288‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬


‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫هذه التعديالت‪ ،‬او عبر الجانب االلي من خالل احداث لجنة خاصة بالتعمير تساهم في‬
‫تطوير الدور املنوط بالجماعات في مادة التعمير‪ ،‬فهذه االلية من شأنها املساهمة الى حد‬
‫ما في تعزيز هذا الدور‪1.‬‬
‫وتبرز اهمية املوضوع من خالل العالقة التكاملية بين مجال التعمير والجماعات‬
‫باعتبار الدور الذي تقوم به هذه االخيرة ومساهمتها الفعالة في النهوض بهذا امليدان‬
‫الحيوي –التعمير‪ ،-‬حيث يكتس ي تفعيل الوظيفة الجماعية في مجال اعداد وتنفيذ‬
‫الوثائق التعميرية اهمية بالغة وهذا من شانه تعزيز دور املجالس الجماعية في مجال‬
‫التدبير الحضري خاصة فيما يتعلق بإعداد ضوابط البناء وانجاز البرامج السكنية‬
‫وفي هذا الصدد يطرح ما يلي‪ :‬كيف تتدخل الجماعات الترابية في مجال التعمير؟‬
‫والى اي مدى استطاعت هذه الجماعات ان تضطلع بالدور املخول لها؟ وماهي االكراهات‬
‫واالختالالت التي تعتري تدخالت الجماعات في مجال التعمير؟ ما الثغرات التي‬
‫استصحبتها وما هي افاق ورهانات تطوير هذه الجماعات في ظل املتغيرات واملستجدات‬
‫املشهودة على الساحة الوطنية؟‬
‫لإلجابة على ما طرح سيعتمد املنهج الوصفي التحليلي عن طريق التصميم التالي‪:‬‬
‫املبحث االول‪ :‬تدخل الجماعات في اعداد وتنفيذ وثائق التعمير‬
‫املبحث الثاني‪ :‬اختالالت تدخل الجماعات في مجال التعمير وافاقه‬
‫املبحث األول‪ :‬تدخل الجماعات في اعداد وتنفيذ وثائق التعمير‪.‬‬
‫تتدخل الجماعات في ميدان التعمير على اختالف تقسيمها‪ ،‬حيث تقوم بدور‬
‫فعال في هذا املجال الحيوي خاصة املجالس الجهوية ومجالس العماالت واالقاليم‬
‫(املطلب الثاني)‪ ،‬دون اغفال دور الجماعات الحضرية والقروية (املطلب االول)‪.‬‬

‫‪ -1‬سيدي احمد الشيكر‪ ،‬التعمير بين الدولة والجماعات املحلية‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬اكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2013-2012‬ص ‪.167‬‬
‫‪289‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫املطلب األول‪ :‬دور الجماعات الحضرية والقروية في ميدان التعمير‪.‬‬


‫تعرف الجماعات الحضرية والقروية في الفصل االول من الظهير املتعلق بنظام‬
‫الجماعات‪ 1‬بأنها‪ ":‬الجماعات الحضرية أو القروية‪ ،‬وحدات ترابية معينة الحدود داخلة‬
‫في حكم القانون العام وتتمتع بالشخصية املدنية واالستغالل املالي‪.‬‬
‫وتشتمل الجماعات الحضرية على البلديات واملراكز املتمتعة بالشخصية املدنية‬
‫واالستقالل املالي"‪.‬‬
‫هذه الجماعات تقوم بأدوار مهمة في ميدان التعمير‪ ،‬سواء على مستوى اعداد‬
‫وثائق التعمير (الفرع االول) او على مستوى تنفيذها (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬دور الجماعات الحضرية والقروية في اعداد وثائق التعمير‬
‫تلعب الجماعات الحضرية والقروية دورا مهما في مجال اعداد وثائق سواء كانت‬
‫هذه الوثائق متعلقة باملخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية‪ ،‬او مخطط التهيئة او التنطيق‬
‫او التنمية ومن اهم تجلياتها نجد‪:‬‬
‫أوال‪ -‬إجبارية الحصول على إذن إداري مسبق إلحداث تجزئة أو مجموعةسكنية‬
‫أو تقسيم وهذا ما نصت عليه املادة الثانية ‪ 2‬من القانون رقم ‪ 390-25‬والذي يسلمه‬

‫‪ -1‬الظهير الشريف رقم ‪ ،1.59.315‬الصادر في ‪ 28‬ذي الحجة ‪ 1379‬املوافق ل ‪ 23‬يونيو ‪ 1960‬بشأن نظام‬
‫الجماعات حسبما وقع تغييره وتتميمه‪ ،‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 2487‬الصادرة بتاريخ ‪ 24‬يوليوز ‪1985‬‬
‫املوافق ل ‪ 7‬ذو القعدة ‪ 1405‬الصفحة ‪.1970‬‬
‫‪ -2‬املادة الثانية من القانون ‪ 90.25‬املتعلق بالتجزئات العقارية‪ ":‬يسلم رئيس مجلس الجماعة الحضرية او‬
‫القروية االذن في القيام بإحداث التجزئات العقارية املطلوبة عليها في املادة ‪ 2‬اعاله‪.‬‬
‫واذا كان العقار املراد تجزئته يوجد بين جماعتين او عدة جماعات يسلم االذن وزير الداخلية او الوالي او العامل‬
‫املعني الذي يفوض اليه مباشرة ذلك‪ ،‬بعد استطالع رأي رؤساء مجلس الجماعات الحضرية او القروية املعني"‪.‬‬
‫‪-3‬القانون رقم ‪ 90.25‬املتعلق بالتجزئات العقارية واملجموعات السكنية وتقسيم العقارات‪ ،‬الصادر الصادر‬
‫بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.92.7‬بتاريخ ‪15‬ذي الحجة ‪ 17( 1412‬يونيو ‪ )1992‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4159‬الصادرة في ‪ 14‬محرم ‪ ،1413‬موافق ل‪ 15‬يوليوز ‪ ،1992‬ص ‪.880.887‬‬
‫‪290‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية أما إذا كان العقار موضوع التجزئة يوجد‬
‫بين جماعتين أو عدة جماعات يسلم اإلذن وزير الداخلية أو الوالي أو العامل املعني الذي‬
‫يفوض إليه مباشرة ذلك بعد استطالع رأي رؤساء مجالس الجماعات الحضرية أو‬
‫القروية املعنية‪.‬‬
‫ثانيا‪-‬اناطت املادة ‪ 138‬من امليثاق الجماعي ‪ 278.00‬بالجماعات الحضرية‬
‫والقروية احترام االختيارات والضوابط املقررة في توجيه التهيئة العمرانية‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫السهر على احترام كل الوثائق املتعلقة بالتعمير كما يدرس املجلس الجماعي‪ ،‬ويصادق‬
‫على ضوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين واالنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬طبقا لالختصاصات الواردة في املادة اعاله وكذا املادة ‪ 44‬منه فان املجلس‬
‫الجهوي يبدي رأيه حول سياسات التعمير في حدود املجال الترابي للجماعة‪ ،‬كما يبدي‬
‫رأيه حول مشاريع وثائق التهيئة والتعمير طبقا للقوانين واالنظمة الجاري بها العمل‪3.‬‬

‫‪ -1‬تنص املادة ‪ 38‬من امليثاق الجماعي‪ :‬التعمير وإعداد التراب‪ :‬يسهر املجلس الجماعي على احترام االختيارات‬
‫والضوابط املقررة في مخططات توجيه التهيئة العمرانية تصاميم التهيئة والتنمية وكل الوثائق األخرى املتعلقة بإعداد‬
‫التراب والتعمير‪ - 1 .‬يدرس ويصادق على ضوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪ - 2 .‬يقرر‬
‫في إنجاز أو املشاركة في إنجاز برامج إعادة الهيكلة العمرانية ومحاربة السكن غير الالئق وحماية عادة تأهيل املدن‬
‫العتيقة وتجديد النسيج العمراني املتدهور‪ - 3 .‬يقرر إنجاز البرامج املتعلقة بالسكنى أو املشاركة في تنفيذها‪- 4 .‬يشجع‬
‫إحداث التعاونيات السكنية وجمعيات األحياء؛ ‪ - 5‬يسهر على املحافظة على الخصوصيات الهندسية املحلية وإنعاشها‪.‬‬
‫‪-2‬ظهير شريف رقم ‪ 1.02.297‬صادر في ‪ 25‬من رجب ‪ 1423‬املوافق ل ‪ 3‬أكتوبر ‪ 2002‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق الجماعي الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5058‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ ،2002‬الصفحة ‪،3468‬‬
‫املغير بالظهير الشريف رقم‪ 1،03،82‬الصادر في ‪ 20‬محرم ‪ 1424‬املوافق ل ‪ 24‬مارس ‪ ،2003‬ومغير ومتمم بالقانون‬
‫رقم ‪ 17،08‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ ،1،08،153‬بتاريخ ‪ 23‬صفر ‪ 1430‬موافق ل ‪ 18‬فبراير ‪،2009‬‬
‫الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5711‬بتاريخ ‪ 23‬فبراير ‪.2009‬‬

‫‪-3‬املادة ‪ 44‬من امليثاق الجماعي‪ ":‬يقدم املجلس الجماعي اقتراحات وملتمسات ويبدي آراء‪ ،‬ولهذه الغاية‪:‬‬
‫‪-‬يقترح على الدولة وعلى األشخـاص املعنوية األخرى الخاضعة للقانون العام األعمال الواجب القيام بها إلنعاش‬
‫التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للجماعة إذا كـانت هذه األعمال تتجاوز نطاق اختصاصاتها أو تفوق‬
‫الوسائل املتوفرة لديها أو املوضوعة رهن تصرفها؛‬
‫‪291‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫يدخل املجلس الجماعي في اعداد املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية‪ ،‬هذه‬


‫الوثيقة التي تعتبر وسيلة لدراسة املجال الحضري وضواحيه دراسة شمولية ومستقبلية‪،‬‬
‫وبالتالي تعمل على رسم الصورة العامة التي سيأخذها املجال مستقبال‪ ،‬حيث تستغرق‬
‫مدة سريانها ‪ 25‬سنة وتم تقليصها في إطار مشروع مدونة التعمير الى ‪ 20‬سنة‪ ،‬وقد‬
‫يسري على جماعة حضرية واحدة أو عدة جماعات‪ ،‬مركز محدد أو عدة مراكز محددة‪،‬‬
‫وإن اقتض ى الحال على جزء أو كل تراب جماعة قروية أو جماعات قروية مجاورة‪1.‬‬
‫ونالحظ أن املادة ‪ 5‬من املرسوم التطبيقي‪ ،‬للقانون رقم ‪ 12.90‬اكتفت‬
‫بالتنصيص على أن رؤساء املجالس املعنية وإن اقتض ى الحال رئيس أو رؤساء املجموعة‬
‫الحضرية يكونون أعضاء في اللجنة املحلية التي يعرض على أنظارها مشروع املخطط‬
‫التوجيهي من قبل السلطة الحكومية املكلفة بالتعمير‪ ،‬بقصد تدارسه داخل أجل ‪15‬‬
‫يوما‪.‬‬

‫‪ -‬يطلع مسبقا على كل مشروع تقرر إنجازه من طرف الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب‬
‫الجماعة؛‬
‫‪ -‬يبدي رأيه وجوبا حول كـل مشروع تقرر إنجازه من قبل الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب‬
‫الجماعة إذا كان من شأن تحقيقه أن يرتب تحمالت على كاهل الجماعة أو يمس بالبيئة؛‬
‫‪ -‬يبدي رأيه حول سياسات وتصاميم إعداد التراب والتعمير في حدود املجال الترابي للجماعة‪ ،‬كما يبدي رأيه‬
‫حول مشاريع وثائق التهيئة والتعمير طبقا للقوانين واألنظمة املعمول بها؛‬
‫‪ -‬يبدي رأيه كلما استوجبت ذلك القوانين واألنظمة املعمول بها أو كلما طلبته الدولة أو غيرها من الجماعات‬
‫العمومية األخرى‪.‬‬
‫ويمكن للمجلس‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬تقديم بعض امللتمسات فيما يتعلق بجميع املسائل ذات الفائدة الجماعية‪،‬‬
‫باستثناء امللتمسات ذات الصبغة السياسية‪ .‬توجه ملتمسات املجلس في ظرف خمسة عشر (‪ )15‬يوما بواسطة سلطة‬
‫الوصاية إلى السلطات الحكومية واملؤسسات العامة واملصالح املختصة التي يتعين عليها توجيه أجوبتها املعللة بنفس‬
‫الطريقة إلى املجلس الجماعي فـي أجل ال يتعدى ثالثة أشهر"‪.‬‬
‫‪-1‬املادة ‪ 2‬من قانون التعمير‪ ":‬يطبق مخطط التهيئة العمرانية على رقعة ارضية تستوجب تنميتها ان تكون‬
‫محل دراسة اجمالية بسبب الترابط القائم بين مكوناتها في املجاالت االقتصادية واالجتماعية والتجارية‪.‬‬
‫ويمكن ان تشتمل الرقعة االرضية املشار اليها اعاله على جماعة حضرية او عدة جماعات حضرية ومركز محدد‬
‫او عدة مراكز محددة كذلك‪ ،‬ان اقتض ى الحال‪ ،‬على بعض او جميع جماعة قروية او جماعات قروية مجاورة"‬
‫‪292‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وبالتالي فمساهمة الجماعات الحضرية والقروية في إعداد املخطط التوجيهي‬


‫تبقى محدودة‪ ،‬وفي نفس السياق تنص املادة ‪ 7‬من قانون ‪1 12.90‬على إحالة املشروع‬
‫قبل أن توافق عليه اإلدارة إلى املجالس الجماعة املعنية التي تقوم بتدارسه وإبداء‬
‫االقتراحات التي تتولى اإلدارة دراستها بمشاركة املجالس الجماعية املعنية‪ ،‬وتضيف أنه‬
‫في حال عدم إبداء اقتراحات داخل أجل ثالثة أشهر يعتبر أن ليس لديها أي اقتراح‪ .‬وتنص‬
‫املادة ‪ 44‬من امليثاق الجماعي ‪ " :78.00‬على أن املجلس الجماعي يبدي رأيه حول مشاريع‬
‫وثائق التهيئة والتعمير طبقا للقوانين واألنظمة املعمول بها"‪ .‬وهكذا تبقى صالحيات‬
‫مجالس الجماعات الحضرية والقروية مقتصرة على دراسة مشروع املخطط التوجيهي‬
‫وإبداء االقتراحات حوله‪،‬‬
‫وكذا مقتضيات املادة ‪ 21‬من قانون التعمير التي جعلت اصدار قرار القيام‬
‫بدراسة تصميم التهيئة بيد رئيس املجلس الجماعي‪2.‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 7‬من قانون التعمير التي تنص على ‪ ":‬يحال مخطط التهيئة العمرانية قبل ان توافق عليها االدارة الى‬
‫مجالس الجماعات املعنية والى مجلس املجموعة الحضرية ان اقتض ى الحال ذلك لدراسته وفق احكام الظهير الشريف‬
‫املعتبر بمثابة قانون ‪ 165،84،1‬الصادر في ‪ 6‬محرم ‪ 1405‬املوافق ل ‪ 2‬اكتوبر ‪ ،1984‬مغير ومتمم بموجبه الظهير‬
‫الشريف رقم ‪ 583،26،1‬بتاريخ ‪ 5‬شوال ‪ 1346‬املوافق ل ‪ 30‬شتنبر ‪ 1976‬املعتبر بمثابة قانون املتعلق بالتنظيم‬
‫الجماعي‪ ،‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 3753‬بتاريخ ‪ 3‬شتنبر ‪ ،1984‬املوافق ل ‪ 7‬صفر ‪ ،1405‬ص‪.929‬‬
‫وللمجالس املشار اليها اعاله ان تبدي داخل اجل ثالثة أشهر يبتدئ من تاريخ احالة املخطط اليها مباشرة في‬
‫شأنه من اقتراحات تتولى االدارة دراستها بمشاركة املجالس الجماعية التي يعنيها االمر‪.‬‬
‫وان لم تبد املجالس االنفة الذكر أي رأي داخل االجل املنصوص عليه اعاله فان سكوتها يحمل على انه ليس‬
‫لها أي اقتراح في موضوع املخطط املحال اليها"‪.‬‬
‫‪-2‬تنص املادة ‪ 21‬من قانون التعمير على انه‪ ":‬قبل وضع تصميم التهيئة‪ ،‬يجوز اتخاذ قرار يقض ي بالقيام‬
‫بدراسته ويعين حدود الرقعة االرضية التي يشملها تصميم التهيئة املزمع دراسته‪.‬‬
‫يصدر رئيس مجلس الجماعة بطلب من االدارة او بمبادرة منه قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة بعد ان‬
‫يتداول املجلس في ذلك‪.‬‬
‫ويستمر مفعول القرار املشار اليه اعاله مدة ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية‪ ،‬ويجوز تحديده مرة‬
‫واحدة ملدة مساوية للمرة االولى"‪.‬‬
‫‪293‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫رابعا‪ -‬تتدخل الجماعة في إعداد املجال الترابي والتهيئة العمرانية‪ ،‬حيث تتخذ‬
‫املجالس املنتخبة جميع التدابير الالزمة لتنفيذ واحترام أحكام وثائق التعمير‪ ،‬فعلى‬
‫مستوى تصميم التهيئة‪ ،‬فإن املادة ‪ 21‬من القانون ‪ 12/90‬نصت على أنه "قبل وضع‬
‫تصميم التهيئة يجوز اتخاذ قرار يقض ي بالقيام بدراسته ويعين حدود الرقعة األرضية‬
‫التي يشملها تصميم التهيئة املزمع دراسته"‪ .‬ويصدر رئيس املجلس الجماعي بطلب من‬
‫اإلدارة أو بمبادرة منه قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة بعد أن يتداول املجلس في ذلك‪،‬‬
‫ويستمر مفعول هذا القرار املشار إليه أعاله ملدة ‪ 6‬أشهر من نشره في الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫ويجوز تجديده مرة واحدة ملدة مساوية للمدة األولى‪ .‬فإذا كان هذا النص يعطي لرئيس‬
‫الجماعة صالحية اتخاذ قرار القيام بدراسة مشروع تصميم التهيئة‪ ،‬فإنه يظل ناقصا‬
‫طاملا أن القانون لم يحدد املعايير املوضوعية التي تستوجب اتخاذ مثل هذا القرار‪1.‬‬
‫خامسا‪-‬تقوم املجالس كذلك باملصادقة على وثائق التعمير ونشرها‪ :‬فبعد االنتهاء‬
‫من اعداد وصياغة مشاريعها النهائية‪ ،‬تحال وثائق التعمير للمصادقة على السلطات‬
‫املختصة التي تحددها قوانين وتنظيمات التعمير‪ ،‬واملصادقة على مشاريع وثائق التعمير‬
‫هي املرحلة االخيرة في مسلسل عمليات اعداد هذه املشاريع قبل النشر وسريانها نافذة‬
‫املفعول ومنتجة آلثارها‪.‬‬
‫ومسطرة املصادقة ليست واحدة بالنسبة لكل الوثائق‪ ،‬ال من حيث االجراءات‬
‫املتبعة وال من حيث السلطة املختصة باملصادقة‪ ،‬ومن حيث هذه االخيرة‪ ،‬وتبعا‬
‫للتسلسل الهرمي للسلطة او مدى عالقتها بقطاع التعمير واهمية الوثائق نفسها‪ ،‬نجد‬
‫الوزير االول يصادق بمرسوم على كل من املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وتصميم‬
‫التهيئة‪ ،‬يليه الوزير املكلف بالتعمير الذي يوافق بقرار على تصميم التنطيق‪ ،‬ثم هناك‬

‫‪-1‬حكم رقم ‪12/2010/241‬الصادر بتاريخ ‪ ،2010/8/19‬بين الريفي عبد السالم ضد رئيس الجماعة الحضرية‬
‫ألكوراي‪ ،‬منشور باملجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد ‪ ،108‬سنة ‪،2015‬‬
‫لألستاذ محمد األعرج‪.‬‬
‫‪294‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وزير الداخلية الذي يوافق باعتباره سلطة الوصاية على قرارات تحديد الطرق والساحات‬
‫العامة التي يتخذها رؤساء الجماعات الحضرية كانت او قروية‪ ،‬وهناك في االخير موافقة‬
‫العامل ووزير الداخلية على تصميم التنمية الذي يتولى اصداره رؤساء مجالس‬
‫الجماعات املحلية في التكتالت القروية التابعة لنفوذ هذه الجماعات‪1.‬‬
‫سادسا‪ -‬بعد إنجاز التصميم التوجيهي تأتي مرحلة تصميم التهيئة إال أنه نظرا‬
‫ملا يتطلبه اإلنجاز واملصادقة على وثائق التهيئة الحضرية من وقت‪ ،‬فإنه يتم اللجوء في‬
‫بعض األحيان‪ ،‬كتدبير مؤقت‪ .‬وقد نصت املادة ‪ 13‬قانون ‪ 12.90‬على انه‪" :‬يهدف تصميم‬
‫التنطيق الى تمكين اإلدارة والجماعات املحلية من اتخاذ التدابير التحفظية الالزمة‬
‫إلعداد تصميم التهيئة والحفاظ على اختيارات مخطط توجيه التهيئة العمرانية"‪.‬‬
‫ومن هذا فإن تصميم التنطيق يشكل مرحلة انتقالية بين وثائق التعمير‬
‫التقديري ووثائق التعمير التنظيمي‪ ،‬حيث يسري مفعوله ملدة أقصاها سنتان‪ .‬ويتم وضع‬
‫مشروع تصميم التنطيق‪ ،‬بمبادرة من اإلدارة وبمساهمة الجماعات املحلية املعنية‪،‬‬
‫واملجموعة الحضرية إن اقتض ى األمر ذلك‪ ،‬وكما سبقت اإلشارة تبقى مساهمة‬
‫الجماعات امللحية في ذلك تتسم بالغموض وغالبا فإن الرئيس بمؤازرة لجنة التعمير هو‬
‫الذي سيمثل املجلس ليساهم في إعداد املشروع‪2.‬‬
‫ويعرض بعد تهييئه من طرف إدارة التعمير أو الوكالة الحضرية على أنظار‬
‫املجالس الجماعية املعنية وإلى مجلس املجموعة الحضرية إن اقتض ى الحال‪ ،‬ألجل‬
‫دراسته ويجب على رؤساء املجالس املعنية أن يوجهوا مقترحات جماعتهم إلى اإلدارة‬
‫املكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية لدراستها‪ ،‬طبقا ملقتضيات املادة ‪ 15‬من قانون‬
‫التعمير‪ ،‬وتتم املوافقة على تصميم التنطيق بقرار للسلطة الحكومية املكلفة‬

‫‪-1‬عبد الرحمان البكريوي‪ ،‬التعمير بين املركزية والالمركزية‪ ،‬الطبعة االولى‪ ،1993 ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬ص‪,113‬‬
‫‪-2‬عبد الرحمان البكريوي‪ ،‬التعمير بين املركزية والالمركزية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪295‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫بالتعمير‪ .‬بناء على ما سبق ومن خالل استقراء املواد ‪ 121‬و ‪ 152‬من قانون التعمير‬
‫يتضح أن دور الجماعات املحلية يتسم بالغموض واملحدودية‪.‬‬
‫يتم تدارس تصميم التنطيق من طرف الجماعة الحضرية ولها ان تعطي‬
‫اقتراحاتها حوله داخل اجل شهرين من تاريخ احالة التصميم عليها‪3.‬‬
‫نالحظ في هذا الصدد انه قد انحصر دور املجالس الجماعية على مجرد املوافقة‬
‫خالل جلسة واحدة‪ ،‬وقد تكون هذه الجلسة على مستوى مجلس املجموعة القروية ذا‬
‫كان التصميم التوجيهي يهم عدة جماعات حضرية كما هو الشأن بالنسبة للدار‬
‫البيضاء‪ ،‬حيث تظل إدارة التعمير هي املهيمنة في توجيه املخطط وتحديد آفاقه‪.‬‬
‫سابعا‪ -‬كما أن املجلس الجماعي ال يشترك بالتصاميم واملخططات بشكل واسع‪،‬‬
‫إال بعد أن تكون مشاريع املخططات التوجيهية قد تم إقرارها وقطعت مراحل مهمة على‬
‫أن اشتراك املجلس الجماعي يأتي متأخرا وعن طريق لجان مخصصة لهذا الغرض‪،‬‬
‫انطالقا من إبداء الرأي واملشورة‪ ،‬وبالرغم من أن املشرع قد أعطى للمجلس الجماعي‬
‫صالحية املشاركة من خالل إبداء الرأي واملناقشة بخصوص املرافق والتجهيزات‬

‫‪-1‬املادة ‪ 12‬من قانون التعمير‪" :‬تصميم التهيئة وتصاميم التنطيق وتصاميم التنمية املتعلقة بمناق تكون فيها‬
‫بعد محل مخطط توجيه التهيئة العمرانية تظل سارية املفعول إذا كانت قد تمت املوافقة عليها قبل تاريخ نشر النص‬
‫املوافق بموجبه على املخطط االنف الذكر‪ ،‬بشرط ان تكون احكامها تتالئم مع الخيارات الواردة فيه‪.‬‬
‫ّ‬
‫التعمير‪ ":‬يتم وضع مشروع تصميم التنطيق بمبادرة من االدارة وبمساهمة الجماعات‬ ‫‪-2‬املادة ‪ 15‬من قانون‬
‫املحلية‪ ،‬وتتم املوافقة عليه وفق االجراءات والشروط التي تحدد بمرسوم تطبيقي"‪.‬‬
‫‪-3‬املادة ‪ 16‬من قانون التعمير‪ ":‬يحال مشروع تصميم التنطيق قبل ان توافق عليه االدارة الى مجلس الجماعة‬
‫الحضرية ان اقتض ى الحال ذلك لدراسته وفق احكام الظهير املعتبر بمثابة قانون رقم ‪ 1.76.583‬بتاريخ ‪ 5‬شوال‬
‫‪ 30( 1936‬سبتمبر ‪ )1976‬املتعلق بالتنظيم الجماعي‪ ،‬وللمجالس املشار اليها اعاله ان تبدئ داخل اجل شهرين‪ ،‬يبتدئ‬
‫من تاريخ احالة التصميم اليها ما تراه في شأنه من اقتراحات تتولى االدارة دراستها بمشاركة الجماعات املحلية التي‬
‫يعنيها االمر‪ .‬وإذا لم تبد املجالس االنفة الذكر أي رأي داخل االجل املنصوص عليه اعاله فان سكوتها يحمل على ان‬
‫ليس لها أي اقتراح في موضوع التصميم املحال اليها‪".‬‬
‫وإذا لم تبد املجالس االنفة الذكر أي رأي داخل االجل املنصوص عليه اعاله فان سكوتها يحمل على ان ليس‬
‫لها أي اقتراح في موضوع التصميم املحال اليها‪".‬‬
‫‪296‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫والخدمات التي تعنيها‪ .‬وهذا من شأنه إعطاء مصداقية لدراسة وإعداد املخطط‬
‫التوجيهي للتهيئة العمرانية‪ ،‬إال أن إشراك املجلس الجماعي يبقى غير واضح‪ ،‬فبالرجوع‬
‫إلى املادة السادسة من القانون ‪ .190/12‬ال نجد أي تنصيص على صالحية املجالس‬
‫الجماعية إلعداد وإجراء الدراسات األولية‪ ،‬وباملقابل نجد استئثار اإلدارة املكلفة بالتعمير‬
‫بذلك‪.‬‬
‫إن الغموض الذي يكتنف مساهمة املجالس الجماعية في إعداد املخطط‬
‫التوجيهي للتهيئة العمرانية كان محل نقاش في لجنة إعداد التراب الوطني والسكنى‬
‫واملحافظة على البيئة‪ ،‬التي أبدت تخوفها من تقليص دور املجالس الجماعية بخصوص‬
‫مسطرة إعداد املخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية‪ ،‬إال أن هذا الجدل قد عرف حال في‬
‫فرنسا‪ ،‬اذ عرفت املمارسة الجماعية الفرنسية وضعية جديدة في هذا امليدان‪ ،‬حيت‬
‫أصبحت الجماعات تتدخل في ميدان إعداد وتعديل ومراجعة التصاميم املديرية مما‬
‫اعتبره البعض قفزة نوعية في مسار التعمير الفرنس ي الذي أصبح قضية محلية‪ 2،‬بامتياز‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دور الجماعات الحضرية والقروية في تنفيذ وثائق التعمير‬
‫اضافة الى اختصاص الجماعات الحضرية والقروية في مجال اعداد وثائق‬
‫التعمير‪ ،‬فإنها تتدخل في مجال تنفيذ هذه الوثائق‪ ،‬ومن اهم ما تسهر عليه في هذا‬
‫الجانب نجد‪:‬‬

‫‪1‬ـ تنص املادة ‪ 6‬من القانون ‪ 90.12‬على انه‪" :‬يتم وضع مخطط توجيه التهيئة العمرانية بمبادرة من اإلدارة‬
‫وبمساهمة الجماعات املحلية وتتم املوافقة عليه طبق االجراءات والشروط التي تحدد بمرسوم"‬
‫‪-2‬زكرباء خراط‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ـ التخطيط والتدبير الحضريين بين النصوص‬
‫واملمارسة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية ص‪ ،66‬السنة الجامعية ‪ ،2014/2013‬ص‪.154‬‬
‫‪297‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫أوال‪-‬تختص املجالس الجماعية بتسليم رخص البناء والتجزئة والتقسيم طبقا‬


‫للمادة ‪ 50‬من امليثاق الجماعي‪ 1‬وكذا املادة ‪ 41‬من قانون التعمير‪2.‬‬
‫إن من أهم اختصاصات رئيس املجلس الجماعي‪ ،‬الشرطة اإلدارية والتي عمل‬
‫القانون التنظيمي على توسيعها ومن ضمنها شرطة التعمير حيث يسهر رؤساء املجالس‬
‫على تطبيق القوانين واألنظمة املتعلقة بالتعمير واحترام ضوابط تصميم التهيئة‪ .‬وعلى‬
‫العموم فسلطات رئيس املجلس الجماعي في مجال البناء تبتدئ من يوم تسلم ملف طلب‬
‫رخصة البناء سواء للشروع في البناء أو في حالة إدخال تغييرات على املباني القائمة‪ ،‬إذا‬
‫كانت التغييرات املزمع إدخالها تتعلق بالعناصر املنصوص عليها في ضوابط التهيئة وهذا‬
‫الطلب يكون مشفوعا بملف تقني يتألف زيادة على الوثائق املحددة بنص تنظيمي‪ ،‬على‬

‫‪-1‬تنص املادة ‪ 50‬من امليثاق الجماعي‪" :‬يمارس رئيس املجلس الجماعي اختصاصات الشرطة االدارية في ميادين‬
‫الوقاية الصحية والنظافة والبيئة وسالمة املرور وكذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية بواسطة تدابير شرطة‬
‫الفردية هي االذن او االمر او املنع ويقوم السيما‪:‬‬
‫يسهر على تطبيق القوانين واالنظمة املتعلقة بالتعمير وعلى احترام ضوابط تصاميم التهيئة الترابية ووثائق‬
‫التعمير‪.‬‬
‫يمنح رخص البناء والتجزئة والتقسيم ورخص احتالل امللك العمومي لغرض البناء وذلك طبق الشروط‬
‫واملساطر املنصوص عليها في القوانين واألنظمة الجاري بها العمل‪.‬‬
‫يسهر على نظافة املساكن والطرق وتطهير قنوات الصرف الصحي وزجر ايداع النفايات بالوسط السكني‬
‫والتخلص منها‪.‬‬
‫يراقب البنايات املهملة او املهجورة او اآليلة للسقوط ويتخذ التدابير الالزمة لترميمها او هدمها طبقا للقوانين‬
‫واالنظمة الجاري بها العمل"‪.‬‬
‫‪-2‬املادة ‪ 41‬من قانون التعمير‪ ":‬يسلم رخصة البناء رئيس املجلس الجماعي‪ ،‬وفي املنطقة املحيطة بجماعة‬
‫حضرية يسلم رخصة البناء رئيس مجلس الجماعة القروية املزمع اقامة البناء على ارضها بتنسيق مع رئيس مجلس‬
‫الجماعة الحضرية"‪.‬‬
‫‪298‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫تصميم املبنى أو الوثائق املتعلقة بتغييره من الوجهة املعمارية‪ .‬ويسلم رخصة البناء هذه‬
‫رئيس املجلس الجماعي بعد دراسة امللف التقني‪.1‬‬
‫ثانيا‪ -‬يجب على رئيس املجلس الجماعي أن يسلم رخصة البناء داخل أجل‬
‫أقصاه شهر واحد‪ ،‬يحتسب ابتداء من تاريخ تسليم توصيل بإيداع امللف‪ .‬وعند انقضاء‬
‫األجل املذكور يعتبر سكوت رئيس املجلس الجماعي بمثابة رفض لتسليم رخصة البناء‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يتوفر طالب الرخصة في أجل ‪ 10‬أيام‪ ،‬يحتسب ابتداء من انصرام األجل‬
‫املشار إليه أعاله لرفع التماس إلى العامل قصد إعادة دراسة طلبه‪ .‬ويوقف األجل الذي‬
‫يجري بين تاريخ رفع االلتماس إلى العامل وجوابه‪ ،‬والذي ال يمكن أن يتجاوز ‪ 15‬يوما‪.2‬‬
‫ثالثا‪ -‬يسلم رئيس املجلس رخصة البناء بعد التحقق من أن املبنى املراد إقامته‬
‫تتوفر فيه الشروط التي تفرضها األحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل‪،‬‬
‫خصوصا األحكام املنصوص عليها في تصاميم التهيئة وتصاميم الحفاظ على املنطقة‬
‫وإبراز قيمتها‪ .‬وإذا ثبت له عكس ذلك فإنه يرفض منح هذه الرخصة وله تأجيل البت في‬
‫طلبها‪ ،‬وال يمكن أن يتجاوز التأجيل لسنتين حسب قانون رقم ‪.312.90‬‬

‫‪1‬ـ املادة ‪ 406‬من مشروع مدونة التعمير التي تنص على انه‪ ":‬يسلم رخصة البناء رئيس املجلس الجماعي بعد‬
‫دراسة امللف التقني املنصوص عليه في املادة السابقة‪ ،‬وذلك وفق الشروط والكيفيات املحددة بنص تنظيمي‪ ،‬ويجب‬
‫ان تعد رخصة البناء وفقا لنموذج تحدده االدارة"‪.‬‬
‫‪-2‬املادة ‪ 409‬من مشروع مدونة التعمير‪ ":‬يجب على رئيس املجلس الجماعي ان يسلم رخصة البناء داخل اجل‬
‫اقصاه شهر واحد‪ ،‬يحتسب ابتداء من تاريخ تسليم التوصيل بإيداع امللف"‪.‬‬
‫‪-3‬املادة ‪ 45‬من قانون التعمير‪ ":‬إذا كان الغرض املخصصة له االراض ي غير محددة في تصميم التهيئة او في‬
‫تصميم التنطيق‪ ،‬يجوز لرئيس مجلس الجماعة بعد استطالع رأي االدارة املكلفة بالتعمير ان يقوم داخل دوائر‬
‫الجماعة الحضرية واملراكز املحددة واملناطق ذات الطبيعة الخاصة‪.‬‬
‫‪-‬اما بتأجيل البث في طلبات البناء‪ ،‬ويكون التأجيل مسببا ويجب اال تتعدى مدته سنتين‪.‬‬
‫‪-‬واما بتسليم رخصة البناء إذا كان املبنى اقامته تتالئم مع احكام مخطط توجه التهيئة العمرانية املقررة عمال‬
‫بالبنذين ‪ 2‬و‪ 3‬من املادة ‪ 4‬اعاله‪ ،‬توسع الغرض الذي يصلح له فعال القطاع املعني عند عدم وجود مخطط لتوجيه‬
‫التهيئة العمرانية"‪.‬‬
‫‪299‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫املطلب الثاني‪ :‬دور املجالس الجهوية ومجالس العماالت واألقاليم في مجال‬


‫التعمير‬
‫إلى جانب االختصاصات املمنوحة ملجالس الجماعات ومجالس املقاطعات في‬
‫ميدان التعمير‪ ،‬نجد كذلك اختصاصات أخرى منحت ملجالس العماالت او األقاليم‬
‫واملجالس الجهوية في املجالين املذكورين‪ ،‬فبالرجوع إلى القوانين املنظمة لكل من‬
‫املجالس الجهوية‪ ،‬ومجالس العماالت واألقاليم يمكن الوقوف على مجموعة من‬
‫االختصاصات منها ما هو ذاتي واألخر منقول من طرف الدولة‪ ،‬وعليه سنحاول من خالل‬
‫هذا املطلب توضيح اختصاصات املجالس الجهوية ومجالس العماالت او األقاليم من‬
‫خالل جزأين‪ ،‬بحيث يتم تخصيص األول منهما للحديث عن املجالس الجهوية ودورها‬
‫في التعمير(الفرع االول)‪ ،‬أما الجزء الثاني فسيوضح اختصاصات مجالس العماالت او‬
‫األقاليم في ميدان التعمير(الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬على مستوى املجلس الجهوي‬

‫سيتم التطرق في هذا الصدد لدور الجهات من خالل قانون ‪( 96/47‬الفقرة‬


‫االولى)‪ ،‬وكذا دورها من خالل القانون التنظيمي (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬دور الجهات في ميدان التعمير من خالل القانون رقم ‪471/96‬‬
‫تلعب املجالس الجهوية في مجال التعمير دورا عاما وهاما‪ ،‬فبالرجوع إلى املادة ‪7‬‬
‫من ظهير ‪ 2‬أبريل ‪ 1997‬املتعلق بتنظيم الجهات (قانون ‪ )47-96‬نجدها تحدد‬
‫اختصاصات املجلس الجهوي في املجالين اعداد التراب والتعمير‪ ،‬في إعداد التصميم‬
‫الجهوي لتهيئة التراب وفقا للتوجهات واألهداف املعتمدة على املستوى الوطني‪ ،‬كما يسهر‬
‫على املحافظة على الخصائص املعمارية الجهوية وإنعاشها‪.‬‬

‫‪-1‬الظهير الشريف رقم ‪1/97/84‬الصدر في ‪ 23‬من ذو القعدة ‪ 1417‬املوافق ل ‪ 2‬ابريل‪ 1997‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪47/96‬املتعلق بتنظيم الجهات الجريدة الرسمية عدد‪ 4470‬بتاريخ ‪ 1997/4/3‬املوافق ل ‪ 25‬ذو القعدة ‪1417‬‬
‫ص‪.556‬‬
‫‪300‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ومن جهة أخرى نصت املادة ‪ 36‬من قانون (‪ )47-96‬على أن املجلس الجهوي‬
‫يشكل لجانا دائمة لدراسة القضايا التي يجب أن تعرض على املجلس الجهوي‪ ،‬ومن‬
‫ضمن هذه اللجان نجد‪ ،‬لجنة التخطيط وإعداد التراب‪ ،‬ولجنة التعمير والبيئة‪ .‬يتضح‬
‫من خالل هذه االختصاصات أن املجالس الجهوية تلعب دورا أساسيا فيما يتعلق بإعداد‬
‫التصميم الجهوي إلعداد التراب‪ ،‬دون أن يشمل اختصاصها ميدان التعمير‪ ،‬وهذا راجع‬
‫إلى تفادي كثرة املتدخلين وتداخل االختصاصات بين الجماعات الترابية‪ ،‬فاملجالس‬
‫الجهوية تقوم أساسا بالتخطيط على املستوى الجهوي ككل‪ ،‬علما أن وثائق التعمير تعتبر‬
‫هذا التصميم – التصميم الجهوي‪-‬من مراجعها األساسية‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن قانون الجهات رقم ‪ 47/96‬لسنة ‪ 1997‬نص على نضام‬
‫االقتراع غير املباشر‪ ،‬الش يء الذي يجعل املجلس الجهوي محروما من املصداقية‬
‫الديمقراطية ومعزوال عن اإلنتظارات الشعبية‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور الجهات في ميدان التعمير من خالل القانون التنظيمي رقم‬
‫‪1111.14‬‬
‫ان املشرع الدستوري بوأ الجهة _تحت اشراف رئيس مجلسها _مكانة الصدارة‬
‫دستوريا بالنسبة للجماعات األخرى في مجال التنمية املندمجة‪ ،‬وفي انسجام مع هذا‬
‫املعطى الدستوري الجديد‪ ،‬عمل املشرع التنظيمي على التذكير بهذه املكانة الجديدة‬
‫للجهة‪ ،‬حيث ألزم السلطات املعنية أخذ صدارة الجهة بعين االعتبار في عمليات إعداد‬
‫برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية إلعداد التراب ‪.2‬‬

‫‪-1‬الظهير الشريف رقم ‪ 1،83،15‬الصادر في ‪ 20‬رمضان ‪ 1436‬املوافق ل ‪ 7‬يوليوز ‪ 2015‬بتنفيذ القانون‬


‫التنظيمي رقم ‪ 112.14‬املتعلق بالجهات الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 6380‬الصادرة بتاريخ ‪ 6‬شوال ‪ 1436‬املوافق‬
‫ل ‪ 23‬يوليو ‪2015‬‬
‫‪-2‬املادة الخامسة من القانون التنظيمي املتعلق بالجهات‬
‫‪301‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وتناط بالجهة مجموعة من االختصاصات‪ ،‬في حدود مواردها‪ ،‬وداخل دائرتها‬


‫الترابية‪ ،‬األعمال الخاصة بالتخطيط والبرمجة واإلنجاز والتدبير والصيانة‪.‬‬
‫ويتضح من خالل االطالع على القانون التنظيمي نهوض الجهة‪ ،‬داخل دائرتها‬
‫الترابية‪ ،‬بالتنمية املندمجة واملستدامة وتنظيمها وتنسيقها وتتبعها‪ ،‬سيما فيما يتعلق‬
‫منها بتحسين جاذبية املجال الترابي للجهة وتقوية تنافسيتها االقتصادية‪ .‬على أن ال‬
‫تتجاوز الجهة مهامها املدرجة ضمن هذه املجاالت‪ ،‬والسياسات واالستراتيجيات العامة‬
‫والقطاعية للدولة في هذه املجاالت‪.1‬‬
‫وتطبيقا للمادة ‪ 4‬من القانون التنظيمي التي تنص على أن‪ :‬تدبير الجهة لشؤونها‬
‫يرتكز على مبدأ التدبير الحر الذي يخول بمقتضاه لكل جهة‪ ،‬في حدود اختصاصاتها‬
‫املنصوص عليها في القسم الثاني من هذا القانون‪ ،‬سلطة التداول بكيفية ديمقراطية‪،‬‬
‫وسلطة تنفيذ مداوالتها‪ ،‬ومن خالل هذه املادة وتجسيدا ملبدأ التدبير الحر‪ ،‬يجب‬
‫مأسسة ممارسة الجهة ملهامها واختصاصاتها‪.2‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن اعتماد أسلوب االقتراع املباشر يعطي مصداقية أكبر‬
‫للرهانات السياسية الجهوية‪ ،‬وإلى تكريس سلطة جهوية أصلية‪ ،‬كما سيدفع إلى تعلق‬
‫السكان باملؤسسة الجهوية‪ ،‬وسيسمح بأن يكون للجهة وظيفة خاصة ورؤية جهوية‬
‫ملواجهة مشاكلها‪3.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬على مستوى مجالس العماالت او األقاليم‪:‬‬

‫‪-1‬املادة ‪ 80‬من القانون التنظيمي للجهات‪.‬‬


‫‪-2‬ابراهيم الزيتوني‪ ،‬رهانات وافاق الجهوية على ضوء القانون التنظيمي املتعلق بالجهات منشور بمجلة مسالك‬
‫العدد ‪ ،34/33‬ص ‪.45‬‬
‫‪-3‬ابراهيم الزيتوني‪ ،‬رهانات وأفاق الجهوية على ضوء القانون التنظيمي للجهات منشور بنفس املجلة ‪ ،‬ص‪.45‬‬
‫‪302‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫سيتم التطرق في هذا اإلطار لدور مجلس العمالة او االقليم من خالل قانون‬
‫‪( 79/00‬الفقرة االولى)‪ ،‬وكذا من خالل القانون التنظيمي (الفقرة الثانية)‪.‬‬
‫الفقرة االولى‪ :‬دور مجلس العمالة أو اإلقليم من خالل القانون رقم ‪791/00‬‬
‫تخضع مجالس العماالت واألقاليم من حيث نظام تسييرها وبيان اختصاصاتها‬
‫إلى مقتضيات القانون رقم ‪ 79.00‬الصادر في ‪ 3‬أكتوبر ‪.2002‬‬
‫ويمكن أن نبين دور هذه األخيرة في ميدان التعمير من خالل املادة ‪ 15‬من القانون‬
‫املذكور‪ ،‬إذ نصت على أنه يشكل مجلس العمالة أو اإلقليم لجانا لدراسة القضايا‬
‫وتيهيء‪ ،...‬ومن ضمنها اللجنة املكلفة بالتعمير وإعداد التراب والبيئة‪ ،‬كما يقوم املجلس‬
‫بكل األعمال الالزمة إلنعاش االستثمارات والسيما إنجاز مناطق لألنشطة االقتصادية أو‬
‫املشاركة في تهيئتها وتجهيزها وإنعاشها‪ ،‬ويشارك كذلك في إنجاز برامج اإلسكان أو إعادة‬
‫هيكلة النسيج الحضري والسكن غير الالئق بالوسط الحضري والقروي‪ ،‬فضال على أنه‬
‫يبدي رأيه حول سياسات وتصاميم إعداد التراب والتعمير ووثائقهما املقترحة من طرف‬
‫الدولة أو الجهة ‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬دور مجلس العمالة واألقاليم في ميدان التعمير من خالل القانون‬
‫رقم ‪112.14‬‬
‫تناط بالعمالة أو اإلقليم مهام النهوض بالتنمية االجتماعية خاصة في الوسط‬
‫القروي وكذا في املجاالت الحضرية‪ ،‬كما تتمثل هذه املهام في تعزيز النجاعة والتعاضد‬
‫والتعاون بين الجماعات املتواجدة بترابها‪ .‬ودورها يتجسد في إنجاز وصيانة املسالك‬
‫القروية وتشخيص الحاجيات في مجاالت الصحة والسكن والتعليم والوقاية وحفظ‬
‫الصحة ‪....‬‬

‫‪-1‬ظهير شريف رقم ‪ 1/02/269‬الصادر في ‪ 25‬رجب ‪ 1423‬املوافق ل ‪ 3‬اكتوبر‪ 2002‬بتنفيذ القانون‬


‫رقم‪00،79‬املتعلق بتنظيم العماالت او األقاليم‪ ،‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5658‬بتاريخ ‪ 21‬نونبر ‪ ،2002‬املوافق‬
‫ل ‪ 16‬رجب ‪ ،1423‬ص ‪.564‬‬
‫‪303‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وإذا كان الدستور الجديد املغربي الجديد يضع األسس لرؤية جديدة لدور‬
‫الجماعات الترابية عامة‪ ،‬والجهات على الخصوص‪ ،‬في مجال التنمية االقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬فإن هذه املهمة تتطلب تزويد الجهات والجماعات الترابية األخرى باملوارد‬
‫واإلمكانيات الالزمة‪ ،‬وتنمية املؤهالت االقتصادية لضمان مستوى معين من الجودة في‬
‫الخدمات العمومية املقدمة‪ ،‬وتنمية املؤهالت االقتصادية الخاصة بكل جماعة ترابية‪،‬‬
‫ومواكبة كافة الفاعلين األخرين الذين قد يساهمون في تحقيق التنمية الجهوية‪ .‬وعليه‬
‫فإن النص الدستوري جعل الجهات والجماعات الترابية األخرى تتوفر على موارد مالية‬
‫ذاتية‪1.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬اختالالت تدخل الجماعات في مجال التعمير وافاقه‬
‫تتدخل الجماعات في مجال التعمير بشتى انواع التدخالت سواء فيما يتعلق‬
‫بجانب الوثائق او الجانب املتعلق بالرخص‪ ،‬لكن تلك التدخالت كانت محدودة وشهدت‬
‫عدة اختالالت (املطلب االول) االمر الذي ادى الى صدور قانون تنظيمي تضمن عدة‬
‫مستجدات‪ ،‬وله افاق منتظرة على مستوى التعمير (املطلب الثاني)‪.‬‬
‫املطلب االول‪ :‬اختالالت تدخل الجماعات الترابية في مجال التعمير‬
‫ان تدخل الجماعات الترابية في اعداد وتنفيذ وثائق التعمير‪ ،‬يعاني من اختالالت‬
‫قانونية (الفرع االول) تم تكريسها من خالل القوانين املتعلقة بتنظيم الجماعات املحلية‬
‫او القوانين املتعلقة بالتعمير‪ ،‬اضافة الى ما سبق تواجه الجماعة املحلية اختالالت‬
‫واقعية (الفرع الثاني) مرتبطة اساسا بخصوصيات مجال التعمير‬
‫وقد تم التنصيص على هذا الضعف في مقررات املجلس االعلى حيث تم رصد‬
‫مجموعة من املالحظات التي شكلت نقطة ضعف في قانون الجماعات املحلية‪ ،‬وقد‬

‫‪- -1‬الفصل ‪141‬من الدستور املغربي‪ " :‬تتوفر الجهات والجماعات األخرى‪ ،‬على موارد مالية ذاتية‪ ،‬وموارد‬
‫مصدرة من قبل الدولة‪ ،‬كل اختصاص تنقله الدولة الى الجهات والجماعات الترابية األخرى يكون كل اختصاص‬
‫تنقله الدولة إلى الجهات والجماعات الترابية األخرى يكون مقترنا بتحويل املوارد املطابقة له"‪.‬‬
‫‪304‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ارتبطت هذه االختالالت بمجموعة من املجاالت سواء التخطيط او الصفقات او املقاوالت‬


‫او التدبير لكن سيتم التركيز في هذا الصدد على الجانب املتعلق بالتعمير باعتباره‬
‫موضوعنا في هذا الصدد‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬االختالالت القانونية‬
‫هذه االختالالت لوحظت على مستوى الجماعات في إطار التقسيم والقانون‬
‫القديمين وكذا على مستوى الجهات والعماالت او االقاليم بالنسبة للتقسيم الجديد‪.‬‬
‫اوال‪ :‬على مستوى الجماعات‪:‬‬
‫يقصد باالختالالت القانونية مختلف الحدود والنواقص التي اعترت القانون‬
‫املنظم للجماعات املحلية في جانبه املتعلق بالنصوص القانونية من اهمها‪:‬‬
‫اوال‪ -‬مساطر منح رخص التقسيم او التجزيء‪ :‬ال تعدو ان تكون مجرد اجراءات‬
‫للرقابة القبلية للعم ليات التي تتم في مجال التعمير‪ ،‬والغرض منها فحص قانونية‬
‫العملية ومدى مطابقتها مع املقتضيات‪ ،‬واالهداف املنصوص عليها في قوانين وانظمة‬
‫التعمير‪ ،‬وفي قانون التعمير السائد فان ما يزيد عن ‪ 17‬ملف مرخص من طرف‬
‫الجماعات املكونة سابقا ملدينة سال‪ ،‬ال يتوفر على اي معطيات حول هذه التجزئات‬
‫واملجموعات العقارية‪ ،‬ويتعذر على الجماعة الحضرية لسال تتبع هذه املشاريع او برمجة‬
‫عمليات التسليم املؤقت او النهائي املتعلق بها او تحصيل الجزء املتبقي من الضريبة على‬
‫عمليات التجزئة ‪1.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ضعف النصوص القانونية‪ :‬نصت املادة ‪ 44‬من قانون امليثاق الجماعي‪،‬‬
‫على ان املجلس الجماعي يبدي رأيه حول سياسات وتصاميم اعداد التراب والتعمير في‬
‫حدود املجال الترابي للجماعة‪ ،‬كما يبدي رأيه حول مشاريع وثائق التهيئة والتعمير‪.‬‬

‫‪-1‬مالحظات وتوصيات املجلس الجهوي للحسابات بالرباط‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5823‬مكرر ‪ 15-‬ربيع االخر‬
‫‪ 22( 1431‬مارس ‪ )2010‬ص ‪.1769‬‬
‫‪305‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ومن خالل القراءة االولية للمادة السابقة يتبين انها جعلت اختصاصات‬
‫الجماعات الحضرية والقروية في اعداد وثائق التعمير قاصرة على ابداء الرأي فقط وال‬
‫تتعداه الى التدخل فيه بشكل مباشر‪.‬‬
‫كما تنص املادة ‪ 38‬من القانون ‪ 79.00‬املتعلق بتنظيم العماالت واألقاليم على‬
‫ان ابداء الرأي حول سياسات وتصاميم اعداد التراب والتعمير ووثائقها املقترحة يتم من‬
‫طرف الدولة او الجهة‪1.‬‬
‫نفس املقتض ى ورد في املادة ‪ 9‬من القانون املنظم للجهات‪ ،‬كما ان الصيغ الواردة‬
‫في املواد ‪ 6‬و‪ 1‬و‪ 23‬من القانون ‪ 90.12‬املتعلق بالتعمير تضمنت عبارة‪ :‬بمساهمة‬
‫الجماعات املحلية ‪ "...‬وهي عبارة مبهمة وتحتاج لتوضيحات خاصة فيما يتعلق بكيفية‬
‫وطريقة مساهمة الجماعات املحلية‪ ،‬حيث ان هذه املواد لم تحدد بشكل واضح طرق‬
‫هذه املساهمة ولذلك ظل دور الجماعات يقتصر على االستشارة من خالل ابداء رأيها‬
‫عندما يحال عليها مشروع هذه الوثائق في حين كلمة الفصل ترجع الى جهات االدارة‬
‫الوصية‬

‫‪-1‬املادة ‪ 38‬من القانون املتعلق بتنظيم العماالت او االقاليم‪ ":‬يقدم مجلس العمالة أو اإلقليم اقتراحات‬
‫وملتمسات ويبدي آراء‪ ،‬ولهذه الغاية ‪ -:‬يقترح على الدولة وعلى األشخاص املعنوية األخرى الخاضعة للقانون العام‬
‫األعمال الواجب القيام بها إلنعاش التنمية االقتصادية واالجتماعية والثقافية للعمالة أو اإلقليم إذا كانت هذه‬
‫األعمال تتجاوز نطاق اختصاصاته أو تفوق الوسـائل املتوفرة لديـه أو املوضوعة رهن تصرفه ؛‬
‫‪ -‬يبدي رأيه حول سياسات وتصاميم إعداد التراب والتعمير ووثائقهما املقترحة من طرف الدولة أو الجهة؛‬
‫‪ -‬يقترح كل تدبير يتعلق بإنعاش االستثمارات والتشغيل وتحسين محيط املقاولة؛‬
‫‪ -‬يبدي رأيه كلما استوجبت ذلك القوانين واألنظمة املعمول بها أو طلبته الدولة أو الجهة‪ .‬توجه اآلراء‬
‫واالقتراحات وامللتمسات املتخذة من قبل املجلس بواسطة الوالي أو العامل إلى السلطات الحكومية املختصة‬
‫واملؤسسات العامة واملصالح املعنية التي يتعين عليها توجيه أجوبتها املعللة بنفس الطريقة إلى مجلس العمالة أو‬
‫اإلقليم في أجل ال يتعدى ثالثة أشهر‪ .‬يمكن للمجلس‪ ،‬عالوة على ذلك‪ ،‬تقديم ملتمسات فيما يتعلق بجميع املسائل‬
‫ذات الفائدة للعمالة أو اإلقليم‪ ،‬باستثناء امللتمسات ذات الصبغة السياسية‪.‬‬
‫‪306‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ثالثا‪ :‬غياب املقتضيات املرجعية ‪ :‬من خالل تحليل مضمون تصاميم التهيئة تم‬
‫التوصل الى مالحظة غياب مرجعية واضحة تمكن من مقارنة ما تم اسناده للمكتب‬
‫املشرف على صياغة التصميم واالجوبة التي حملها او جاء بها‪ ،‬وبالتالي يمكن ذلك من‬
‫املحاسبة وتقييم االداء‪ ،‬وهكذا فغياب املقتضيات املرجعية الواضحة بالنسبة ملخطط‬
‫وتصاميم التهيئة على حد سواء فتح الباب على مصراعيه للخبير املصمم لتحديد‬
‫الخطوط الكبرى ومصادر البيانات واملعطيات بحرية تامة‪ ،‬لكن هذا ال يعني انه لم تكن‬
‫هناك توجيهات بل اكثر من ذلك تعليمات وراء صياغة الوثائق ‪1.‬‬
‫رابعا‪ :‬ضعف التنسيق وتعدد وتداخل االشخاص املخول لهم التدخل في ميدان‬
‫التعمير‪ :‬يتعلق التنسيق بمدى الترابط القائم بين املتدخلين في اعداد وثائق التخطيط‬
‫الحضري حول نمو التجمعات السكانية‪ ،‬وعند هذا املستوى فان هذه الوظيفة تعرف‬
‫انقساما وازدواجية بين املستويين املركزي والالمركزي‪2.‬‬
‫والسبب في هذا التداخل في االختصاص يرجع باألساس الى تغييب القانون‬
‫للمسطرة الواجبة االتباع للحصول على وثائق التعمير حيث ان املادة ‪ 55‬من قانون‬
‫التعمير تنص على اختصاص رئيس املجلس الجماعي بتسليم رخصة السكن وشواهد‬
‫املطابقة هذا فقط دون ان تتكفل بتوضيح املسطرة التي يتم اتباعها قصد الحصول‬
‫على هذه الشواهد‪.‬‬
‫الش يء الذي يجعل تسليم هذه الرخص يختلف من جماعة الى اخرى ومن عمالة‬
‫الى اخرى‪ ،‬وفي بعض االحيان اصبحت تقوم بتسليمها لجنة اقليمية او محلية ترأسها‬

‫‪-1‬زكرياء خراط‪ ،‬التخطيط والتدبير الحضريين بين النصوص واملمارسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪152‬‬
‫‪-2‬حسن امرير‪ ،‬دور الدولة والجماعات املحلية في ميدان التعمير اشكالية توزيع االختصاص‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪.84‬‬
‫‪307‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫السلطة املحلية وذلك بالرغم من ان قانون التعمير خول االختصاص في شأنهما الى رئيس‬
‫املجلس الجماعي‪1.‬‬
‫خامسا‪ :‬إغفال تنظيم بعض الجوانب املتعلقة بالتعمير‪ :‬االمر الذي يخلق اشكاال‬
‫وغموضا مطبقا‪.‬‬
‫ومثال ذلك رخصتي الحفر والهدم فان النصوص الجاري بها العمل قد اغفلت‬
‫تنظيمها مما ادى الى امتناع الجماعات عن تسليمها بدعوى عدم االختصاص او منحها‬
‫من قبل السلطة املحلية‪ ،‬وكذلك يتم الخلط احيانا ما بين رخصة الحفر ورخصة الهدم‬
‫وكذا البناء حيث يتم اعتبار رخصة البناء بمثابة رخصة الحفر او الهدم في حين ان‬
‫الواقع غير ذلك‪ ،‬على اعتبار ان الحفر والهدم قد يطلبان لغير اغراض البناء‪2،‬‬
‫سادسا‪ :‬عدم النص الصريح على اختصاص املجالس الجماعية في مراجعة‬
‫تصاميم التهيئة‪ :‬لم يتم التنصيص على مسألة املراجعة او التوسيع من نطاق تصاميم‬
‫التهيئة مما يفتح املجال للتأويالت‪ ،‬ويفض ي الى االعتقاد اما بكون هذا االختصاص لم‬
‫يعد يرجح للمجالس الجماعية او انه يدخل ضمن االختصاصات الجماعية دون مراقبة‬
‫االدارة املركزية‪3.‬‬
‫ثانيا‪ :‬على مستوى الجهات والعماالت او االقاليم‬
‫وبخصوص اختصاصات الجهة‪ ،‬فبناء على مبدأ التفريع‪ ،‬تم تمكين الجهة من‬
‫اختصاصات ذاتية‪ ،‬واختصاصات مشتركة مع الدولة وأخرى منقولة إليها‪.‬‬

‫‪-1‬محمد بوجيدة‪ ،‬اختصاصات الدولة والجماعات املحلية بين القانون واملمارسة العملية‪ ،‬سلسلة مؤلفات‬
‫واعمال جامعية‪ ،‬عدد ‪ ،78‬منشورات املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬الطبعة االولى‪ 2008 ،‬ص‪.282‬‬
‫‪-2‬خراط زكرياء‪ ،‬التخطيط والتدبير الحضريين بين النصوص واملمارسة‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪- .280‬‬
‫‪-3‬ماحي خديجة‪ ،‬اختصاصات الجماعات في مجال التعمير‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا املعمقة في‬
‫القانون العام‪ ،‬جامعة محمد االول كلية العلوم القانونية واالجتماعية واالقتصادية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪.2003/2002‬‬
‫‪308‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وإذا كانت املادة ‪ 6‬من الدستور قد أكدت على أن السلطات العمومية تمكن‬
‫املواطنين من املشاركة في الحياة السياسية والثقافية واالجتماعية‪ ،‬فإن الجهة تظل‬
‫الوسيلة املثلى إلعمال هذه املشاركة على املستوى املحلي و الجهوي‪ ،‬كما نص الفصل‬
‫‪ 145‬من الدستور على تفاصيل عالقة الجهة كجماعة ترابية بمحيطها اإلداري حينما‬
‫اعتبر أن الوالة والعمال يمثلون السلطة املركزية‪ ،‬وألننا في موضوع مجال الجهة فإن‬
‫الوالي هو الذي سيكون املخاطب القانوني للجهة‪ ،‬بينما يبقى ملؤسسة عمال العماالت‬
‫العالقة املباشرة مع الجماعات الترابية األخرى التي تتموقع من حيث التراتبية بعد الجهة‬
‫وإذا كان الفصل ‪ 145‬من الدستور في فقرته الثانية قد أناط بالوالة والعمال‬
‫مهمة القيام بتطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية‪ ،‬فألن لهم صفة تمثيل‬
‫الحكومة في اختصاصات عديدة ومحددة دستوريا‪ ،‬وبربطها بالفقرة الخامسة من‬
‫الفصل ‪ 145‬من الدستور‪ ،‬فإن تمثيل الحكومة يبرز في مهمة تنسيق الوالي ألنشطة‬
‫املصالح الالممركزة وسهره على حسن سيرها تحت سلطة الوزراء املعنيين‪.‬‬
‫اضافة الى ان الفصل ‪ 89‬من الدستور الذي رئيس الحكومة هو الرئيس املباشر‬
‫لجميع وزرائه‪ ،‬ويملك وفقا للفصل ‪ 90‬من الدستور السلطة التنظيمية التي يفوضها‬
‫للوزراء‪ ،‬كما أنه وفقا للفصل ‪ 93‬يقوم الوزراء بآداء املهام املسندة إليهم من قبل رئيس‬
‫الحكومة‪ ،‬فإن هذه السلطات تنتقل على املستوى التنظيمي جهويا إلى السيد الوالي‬
‫وممثلي الوزارات حسب القطاعات املعنية‪ ،‬وذلك حسب املواد من ‪ 80‬الى ‪ 83‬من القانون‬
‫التنظيمي للجهات‪.‬‬
‫كما انه يالحظ تقليص القانون التنظيمي للجهات من تدخل هذه االخيرة في‬
‫مجال التعمير‪ ،‬في حين كان يلزم توسيع مجال تدخل الجهة في مجال التعمير‪.‬‬
‫بالنسبة للقانون التنظيمي للعماالت او االقاليم فان االختصاصات املمنوحة‬
‫ملجالس العماالت واألقاليم في مجال التعمير‪ ،‬تبقى في مجملها ذات صبغة استشارية كما‬
‫أنها تعاني مجموعة من القيود تؤثر سلبا على سيرها العادي منها‪ :‬قيد دستوري يتجلى في‬
‫‪309‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫الفصل ‪ 145‬من الدستور الذي نص على أن الوالة والعمال يمثلون السلطة املركزية في‬
‫الجماعات املحلية وبالتالي فهم املسؤولون عن تطبيق القانون وتنفيذ مقررات مجالس‬
‫العماالت واألقاليم‪.‬‬
‫وقيد قانوني يتمثل في أن املقررات الصادرة عن مجالس العماالت واألقاليم‬
‫تكتس ي طابعا شكليا‪ ،‬لكي يصبح املنفذ واملقرر النهائي داخل هده املجالس هو وزير‬
‫الداخلية والعامل الذي يعتبر الرئيس الفعلي للمجلس‪.‬‬
‫وعموما فسواء تعلق األمر باملجالس الجهوية أم مجالس العماالت واألقاليم‪،‬‬
‫فإن مجال تدخلها في ميدان التخطيط العمراني يتسم ‪-‬على مستوى املمارسة‪ -‬بالضعف‬
‫وعدم الفاعلية أحيانا‪ ،‬األمر الذي يجعل من الجماعات املتدخل األساس ي في هذا الصدد‪،‬‬
‫علما أن الجماعات تنشط أساسا في مجال التعمير في حين أن مجالس العماالت واألقاليم‬
‫واملجالس الجهوية لها دور فعال على مستوى إعداد التراب‪ .‬وهذا املوقف له ما يبرره‪،‬‬
‫فالتركيز على الجماعات الحضرية والقروية وتدخلها في ميدان التعمير أو مساهمتها في‬
‫دراسة وإعداد وثائقه سيمكنها من تدارك العديد من الصعوبات املتعلقة بالتعمير بحكم‬
‫قربها ومعايشتها ملشاكل التعمير على املستوى املحلي‪.‬‬
‫إن االختصاصات املمنوحة ملجالس العماالت واألقاليم في مجال التعمير‪ ،‬تبقى‬
‫في مجملها ذات صبغة استشارية كما أنها تعاني مجموعة من القيود تؤثر سلبا على سيرها‬
‫العادي منها‪ :‬قيد دستوري يتجلى في الفصل ‪ 145‬من الدستور الذي نص على أن الوالة‬
‫والعمال يمثلون السلطة املركزية في الجماعات املحلية وبالتالي فهم املسؤولون عن‬
‫تطبيق القانون وتنفيذ مقررات مجالس العماالت واألقاليم‪.‬‬
‫قيد قانوني يتمثل في أن املقررات الصادرة عن مجالس العماالت واألقاليم‬
‫تكتس ي طابعا شكليا‪ ،‬لكي يصبح املنفذ واملقرر النهائي داخل هده املجالس هو وزير‬
‫الداخلية والعامل الذي يعتبر الرئيس الفعلي للمجلس‪.‬‬

‫‪310‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬


‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وعموما فسواء تعلق األمر باملجالس الجهوية أم مجالس العماالت واألقاليم‪،‬‬


‫فإن مجال تدخلها في ميدان التخطيط العمراني يتسم ‪-‬على مستوى املمارسة‪ -‬بالضعف‬
‫وعدم الفاعلية أحيانا‪ ،‬األمر الذي يجعل من الجماعات املتدخل األساس ي في هذا الصدد‪،‬‬
‫علما أن الجماعات تنشط أساسا في مجال التعمير في حين أن مجالس العماالت واألقاليم‬
‫واملجالس الجهوية لها دور فعال على مستوى إعداد التراب‪ .‬وهذا املوقف له ما يبرره‪،‬‬
‫فالتركيز على الجماعات الحضرية والقروية وتدخلها في ميدان التعمير أو مساهمتها في‬
‫دراسة وإعداد وثائقه سيمكنها من تدارك العديد من الصعوبات املتعلقة بالتعمير بحكم‬
‫قربها ومعايشتها ملشاكل التعمير على املستوى املحلي‪..‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬االختالالت الواقعية (املمارسة)‬
‫اضافة الى االختالالت القانونية والتي همت الجانب املتعلق بالنصوص القانونية‬
‫هناك نوع اخر من االكراهات ويتعلق االمر بتلك املتعلقة بالجانب الواقعي واملقصود‬
‫باالختالالت الواقعية تلك التي يتم رصدها على مستوى الواقع او املمارسة‪ ،‬وتجدر االشارة‬
‫الى ان هناك العديد من االختالالت على مستوى الواقع‪ ،‬سيتم رصد أهمها‪:‬‬
‫اوال ‪ :‬محدودية تدخل الجماعات في مجال التعمير ‪ :‬الى جانب تدخل الدولة في‬
‫مجال التعمير فان الجماعات تتدخل بدورها ايضا في هذا النطاق حيث كان يمنحها‬
‫القانون ‪ 78.00‬املتعلق بامليثاق الجماعي اختصاصات هامة ملعالجة قضايا التعمير‪ ،‬غير‬
‫ان تدخلها في هذا املجال يبقى محدودا‪ ،‬ففي التخطيط الحضري تبدو مساهمة املجالس‬
‫الجماعية في اعداد وثائق التعمير ضعيفة والسبب في ذلك هو رد فعل املشرع القوي على‬
‫طريقة تعاملها مع السلطات املتجلية في املوافقة على مشروع تصميم التهيئة قبل‬
‫املصادقة عليه من قبل الوزير االول االمر الذي ادى الى التأخر في املوافقة على هذه‬
‫املشاريع ‪1.‬‬

‫‪-1‬الحاج شكرة‪ ،‬املجلة املغربية لإلدارة املحلية و التنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.100‬‬
‫‪311‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ثانيا – غياب املراقبة على التراخيص املسلمة في مجال التعمير‪ :‬ال يمارس رئيس‬
‫مجلس املقاطعة اية رقابة على التراخيص املسلمة في مجال التعمير سواء فيما يتعلق‬
‫بعمليات البناء الفردي او التوسيع او الترميم او شواهد املطابقة او تراخيص السكن‪،‬‬
‫وهو ما يخالف مقتضيات املادة ‪ 104‬من قانون امليثاق الجماعي ‪.78.00‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم ارسال امللفات املتعلقة بعمليات التجزئة واملجموعات العقارية‬
‫املرخصة من قبل الجماعات الى مصالح الجماعة الحضرية –سال نموذجا‪-‬‬
‫حيث لوحظ انحصار عملية التهيئة في التراخيص الضمنية للقيام بأشغال‬
‫البناء‪ ،‬وبذلك اختزلت الجماعة عملية الهيكلة في تراخيص ضمنية‪ ،‬تسلم قصد البناء‬
‫بالبقع الفارغة او املقام عليها دور الصفيح‪ ،‬ويقوم املستفيدون بالشروع في عملية البناء‬
‫بمجرد انجاز تصاميم طبوغرافية على نفقتهم‪ ،‬وبعد التوقيع على االلتزام ببناء املسكن‬
‫وفق التصميم املنجز من طرف الجماعة او العمالة‪ ،‬ال تتم املصادقة عليه من طرف‬
‫الجماعة او الوكالة الحضرية‪1.‬‬
‫رابعا‪ :‬غياب املراقبين املحلفين‪:‬‬
‫يؤكد القانون على ضرورة وجود مراقب محلف‪ ،‬وذلك من خالل القانون املتعلق‬
‫بالتعمير‪. 2‬‬

‫‪-1‬مالحظات وتوصيات املجلس الجهوي بالرباط‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ ،6116‬مكرر ‪ 27،‬صفر ‪10( 1434‬‬
‫يناير ‪ )2013‬ص ‪667‬‬

‫‪- 2‬املادة ‪ 60‬من القانون املتعلق بالتعمير على انه‪ ":‬يقوم بمعاينة املخالفات ألحكام هذا لقانون وظوابط البناء‬
‫والتعمير العامة والجماعية‪:‬‬
‫ضباط الشرطة القضائية‬
‫موظفو الجماعات املكلفون بمراقبة املباني او املفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات املحلية وفقا‬
‫لظوابط ‪ 30‬اكتوبر ‪ 1976‬املنظم للميثاق الجماعي املوظفون التابعون إلدارة التعمير واملكلفون بهذه املهمة‬
‫املوظفون التابعون إلدارة التعمير واملكلفون بهذه املهمة‬
‫‪312‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫وهكذا فقد تم انجاز طريق عبد الخالق الطريس‪ ،‬في منطقة احتياط استراتيجي‬
‫في غياب تصميم التهيئة‪ ،‬ودون حيازة املساحات املكونة للطريق‪ ،‬بحيث يهدف تصنيف‬
‫املنطقة الى جعلها في منأى عن اي نشاط تعميري‪ ،‬الى حين شمولها بتصميم التهيئة او‬
‫تصميم التجزئة يغطيها كلها او جزء منها‪ .‬وذلك باعتبارها الوجهة املستقبلية المتداد‬
‫النمو الحضري ومن شان فتح هذه الطريق في غياب تصميم التهيئة‪ ،‬ودون اللجوء الى‬
‫مسطرة نزع ملكية املساحات الواقعة على الطريق االمر الذي سيؤدي الى تعرض الجماعة‬
‫الى سيل من الدعاوى القضائية‪ ،‬وبالتالي الى عواقب مالية وخيمة علما ان الجماعة‬
‫تعاني من جسامة العوائق املالية املترتبة عن حاالت املماطلة السابقة‪1.‬‬
‫خامسا‪ :‬انجاز بنايات عمومية في غياب تراخيص البناء‪ :‬ويعتبر هذا املقتض ى من‬
‫أبرز االختالالت واملشاكل التي يواجهها املجال العمراني في حين ال يتم التقيد بمضمون‬
‫الفصل ‪ 40‬من القانون ‪ 12.90‬الذي منع بشكل واضح وصريح البناء بدون رخصة‪2.‬‬

‫موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير املكلف بالتعمير للقيام بهذه املأمورية او كل خبير او مهندس معماري‬
‫كلف بهذه املهمة بصفة استثنائية من طرف رئيس مجلس الجماعة املعنية او ادارة التعمير"‪.‬‬
‫‪-1‬مالحظات وتوصيات املجلس الجهوي للحسابات بالرباط‪ ،‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 5823‬مكرر ‪ 15-‬ربيع االخر‬
‫‪ 22( 1431‬مارس ‪ )2010‬ص ‪.1770‬‬
‫‪-2‬املادة ‪ 40‬من القانون ‪ 12,90‬املتعلق بقانون التعمير‪ ":‬يمنع القيام ببناء دون الحصول على رخصة ملباشرة‬
‫ذلك‬
‫‪-‬داخل الدوائر املنصوص عليها في املادة االولى من هذا القانون التي تكتس ي صبغة خاصة تستوجب خضوع‬
‫تهيئتها لرقابة قضائية‬
‫‪-‬خارج الدوائر املنصوص عليها في البنذ السابق والتجمعات القروية موضوع لها تصميم تنمية على طول السكك‬
‫الحديدية وطرق املواصالت غير الطرق الجماعي الى غاية عمق يبلغ كيلومترا ابتداء من محور السكك الحديدية‬
‫والطرق االنفة الذكر وعلى طول امللك العام البحري الى غاية عمق يبلغ خمسة كيلومترات‪.‬‬
‫‪-‬داخل التجزئات املأذون احداثها عمال بالتشريع املتعلق بتجزئة االراض ي واقامة املجموعات السكنية ويجب‬
‫الحصول على رخصة البناء‪ ،‬كذلك في حالة ادخال تغييرات على املباني القائمة إذا كانت التغييرات املزمع ادخالها‬
‫عليها تتعلق بالعناصر املنصوص عليها في الضوابط املعمول بها "‪.‬‬
‫‪313‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫كما انه احيانا يتم رفض اعطاء رخصة من طرف رئيس املجلس الجماعي اال ان‬
‫طالب الرخصة يقوم بالبناء على الرغم من ذلك‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬فتح املجال امام استثناءات في مجال التعمير دون احترام االجراءات‬
‫والشروط املنصوص عليها قانونا‪ :‬حيث تم فتح الباب امام بعض االستثناءات‬
‫واالمكانيات من اجل اقامة بعض التغييرات في تصاميم التهيئة وهذه االستثناءات تكون‬
‫مخالفة للقوانين والشروط الجاري بها العمل‪ ،‬هذه التغييرات املنصوص عليها في قانون‬
‫التعمير في مواده ‪ 126‬وكذا املادة ‪ 19‬في بنودها ‪ 1‬و‪ 2‬و‪2 3‬‬
‫هذه التغييرات التي نص عليها القانون يجوز ادخالها في تصميم التهيئة بمناسبة‬
‫طلب احداث تجزئة او مجموعة سكنية وحدد شروط القيام بها‪ .‬وبإعطاء املشرع هذا‬
‫الهامش من الحرية املتمثل في امكانية اقامة تغيير على مستوى تصميم التهيئة فانه يمكن‬
‫ان يشكل ذلك مشكال عويصا يتزايد ويتكاثر‪ ،‬االمر الذي يمكن معه ان يتحول هذا‬
‫االستثناء الى أصل‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬تغيير التخصيص املنصوص عليه في تصميم التهيئة ‪ :‬حيث الحظ املجلس‬
‫الجهوي للحسابات ان العديد من املواقع املخصصة الستقبال تجهيزات عمومية‪ ،‬تم‬
‫تغيير تخصيصها إلقامة بنايات عليها‪ ،‬هكذا وبدل اقامة مؤسستين للتعليم و‪ 18‬مساحة‬
‫خضراء و‪ 12‬تجهيزا عموميا مرتبطا ببعض املرافق العمومية ( االمن الوطني وملعب‬
‫رياض ي وتجهيز خاص بالوكالة السابقة لتوزيع املاء و الكهرباء)‪ ،‬تمت اقامة او الترخيص‬

‫‪-1‬تنص املادة ‪ 26‬من قانون التعمير‪ " :‬يتم تغيير تصميم التهيئة وفق االجراءات والشروط املقررة فيما يتعلق‬
‫بوضعية املوافقة عليه "‪.‬‬
‫‪-2‬املادة ‪ 19‬من قانون التعمير‪ ":‬يهدف تصميم التهيئة الى تحديد جميع او بعض العناصر التالية‪:‬‬
‫‪-1‬تخصيص مختلف املناطق بحسب الغرض االساس ي الذي يجب ان تستعمل له او طبيعة النشاط التي يمكن‬
‫ان تمارس فيها وذلك بإحداث منطقة سكنية ومنطقة لزراعة الخضروات ومنطقة غابوية على سبيل املثال‪.‬‬
‫‪-2‬املناطق التي يحظر فيها البناء بجميع انواعه‪.‬‬
‫‪-3‬حدود الطرق كاملسالك والساحات ومواقف السيارات الواجب الحفاظ عليها او تغييرها او احداثها‪".‬‬
‫‪314‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫بإنجاز بنايات جديدة وذلك باالستناد في بعض االحيان‪ ،‬الى مجرد تراخيص لتصاميم‬
‫صادرة عن الجماعة الحضرية لباب املرسة سابقا‪ ،‬وذلك فوق اراض ي مخصصة إلدارة‬
‫االمن الوطني‪1.‬‬
‫ثامنا‪ :‬غياب الحدود الترابية للجماعات املحلية وتداخل االختصاصات في مجال‬
‫شرطة التعمير‪ :‬فغياب الحدود يؤدي الى تداخل االختصاص‪ ،‬وخير نموذج على ذلك‬
‫البلديات التي تتكون منها مدينة الرباط‪ ،‬فلقد كانت " بلدية الرباط " سابقا التي تهم‬
‫مدينة الرباط كلها محددة التراب او املحيط‪ ،‬بموجب املرسوم املتعلق بتحديد املحيط‬
‫البلدي الجديد ملدينة الرباط‪2.‬‬
‫وفي سنة ‪ 1983‬تم تقسيم املدينة الى تالث بلديات وبإنشاء املجموعة الحضرية‬
‫للرباط تم احداث خمس بلديات في سنة ‪ 1982‬الش يء الذي اثار اشكال رسم الحدود‬
‫الترابية بينها نظرا لغياب مراسيم ترسيم الحدود‪ ،‬والتي ينظمها الظهير رقم ‪3.1.59.351‬‬
‫وكنتيجة لعدم ترسيم الحدود الترابية للجماعات‪ ،‬يقع تنازع بخصوص املوارد املالية‬
‫الواجب جبايتها لفائدة ميزانياتها عن االنشطة املمارسة بأجزاء ترابية معينة‪ ،‬وخاصة‬
‫على االجزاء املعتبرة عمليا حدودا لها‪4.‬‬
‫ولقد خول القانون لرئيس املجلس الجماعي سلطات الشرطة االدارية وبذلك‬
‫كان التداخل في االختصاص العائق االكبر الذي يعاني منه تنفيذ وثائق التعمير الى جانب‬

‫‪-1‬مالحظات وتوصيات املجلس الجهوي للحسابات بالرباط‪ ،‬الصادر بالجريدة الرسمية عدد ‪ 5823‬مكرر ‪15-‬‬
‫ربيع االخر ‪ 22( 1431‬مارس ‪ )2010‬ص ‪1771‬‬
‫‪-2‬املرسوم رقم ‪ 2.83.151‬الصادر بتاريخ ‪ 25‬مارس ‪ 1983‬املوافق ل ‪ 10‬ذو القعدة ‪ 1403‬املتعلق بتحديد‬
‫املحيط البلدي الجديد ملدينة الرباط‪.‬‬
‫‪-3‬زكرياء خراط‪ ،‬التخطيط والتدبير الحضريين بين النصوص واملمارسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.283‬‬
‫‪ -4‬زكرياء خراط‪ ،‬التخطيط والتدبير الحضريين بين النصوص واملمارسة مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.284‬‬
‫‪315‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ذلك فتدخله في شرطة التعمير الجماعية‪ ،‬لم يبقى مقتصرا على رجال السلطة سواء‬
‫على املستوى املحلي او االقليمي بل تعداه بعد صدور قانون ‪ 25.90‬الى االدارة املركزية‪1.‬‬
‫تاسعا‪ :‬البطء في دراسة طلبات الحصول على رخص التعمير‪ ،‬والتأخر في‬
‫املصادقة على وثائق التعمير‪ :‬فرغم تحديد القانون اجل محددة من اجل البت في رخص‬
‫التعمير وهي مدة ‪ 3‬أشهر فانه ومع ذلك ال يتم احترام هذا االجل من قبل رؤساء املجالس‬
‫حيث يتم تأجيل البت فيها وتأخيرها‪ ،‬ملدة تكون في الغالب مضاعفة للمدة املحددة‬
‫قانونا‪.‬‬
‫عاشرا‪ :‬الترخيص بالبناء في مواقع غير مهيئة‪ :‬أمام الغياب الشبه كلي للتجزئات‬
‫القانونية‪ ،‬وفضال عن التجزيء والبناء السري‪ ،‬تقوم البلدية والعمالة بتسليم رخص‬
‫البناء بشكل فردي على اراض ي غير مهيئة بشكل مسبق‪ ،‬والبنايات املرخصة التي تم‬
‫تشييدها واحدة تلو االخرى دون احترام للتجهيزات واالرتفاقات املنصوص عليها في وثائق‬
‫التعمير‪.‬‬
‫حادي عشر‪ :‬التأخر في املصادقة على التصميم – الناظور نموذجا‪-‬ويتعلق االمر‬
‫باول تصميم تهيئة أعده مطلب دراسات خاص نتيجة صفقة عمومية‪ ،‬أعلن عنها اقليم‬
‫الناظور سنة ‪ ،1993‬وهي السنة التي منحت فيها عشرة تصاميم تهيئة ملراكز حضرية‬
‫اخرى باإلقليم الى نفس هذا املكتب‪ ،‬وقد كان متوقعا االنتهاء من اعداد هذا التصميم‬
‫خالل سنة‪ ،‬لكن االمر استغرق ما يقارب ثالث سنوات قطعت خاللها هذه الوثيقة‬
‫مختلف املراحل بتأخر كبير‪ .‬وخالل هذه املرحلة الطويلة‪ ،‬عرفت مدينة الناظور فراغا‬
‫قانونيا االمر الذي ادى الى التوسع في العمران العشوائي‪2.‬‬

‫‪-1‬الحاج شكرة املجلة املغربية لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪-2‬بناصر املصطفاوي‪ ،‬التعمير بين التخطيط والعشوائية حالة مدينة الناظور‪ ،‬اطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫الحقوق القانون عام‪ ،‬جامعة محمد الخامس –اكدال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الرباط‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،2006-2005‬ص‪393‬‬
‫‪316‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫جدول يبين مراحل تقدم تصميم التهيئة بالناظور‪1‬‬

‫تاريخ املصادقة‬ ‫اجتماع اللجنة املركزية‬ ‫البحث العلني ومداوالت املجلس‬ ‫تاريخ انطالق الدراسات‬ ‫مراحل تقدم‬
‫البلدي‬ ‫املسطرة‬

‫‪2002/04/18‬‬ ‫‪1998/02/23‬‬ ‫من ‪ 06/03‬الى ‪1996/07/16‬‬ ‫‪1993/05/20‬‬ ‫التاريخ‬

‫و‪1996/07/10‬‬

‫وبالفعل فتسليم رخص التعمير من قبل املجالس البلدية املتعاقبة لم يتوقف‬


‫خالل هذه السنوات التسعة‪ ،‬وحركة البناء تعممت بوتيرة متسارعة‪ ،‬والبلدية سلمت‬
‫خاللها‪ ،‬ما مجموعه ‪ 5087‬رخصة بناء‪ ،‬بل وقد امتنع املجلس البلدي عن اتخاذ قرار‬
‫دراسة التصميم الذي يخول له الحق في ايقاف تسليم رخص البناء مؤقتا تطبيقا للمادة‬
‫‪ 20‬من القانون ‪2.12.90‬‬
‫وتمت متابعة الترخيص بالبناء في قطاعات غير مجهزة دون الرجوع الى ادارة‬
‫التعمير لالستشارة وفي نفس الوقت تابع السكن السري توسعه في القطاعات امللحقة‬
‫حديثا باملدار الحضري مستفيدا من الفراغ القانوني املذكور‪3.‬‬
‫خالصة القول‪ ،‬فانه اذا كان املشرع املغربي قد منح اختصاصات واسعة‬
‫للمجالس الجماعية ورؤسائها جعلتهما يمارسان صالحيات مهمة في تدبير الشؤون‬
‫املحلية‪ ،‬فانه باملقابل جعلها اهم تلك االختصاصات مشروطة ومقيدة بالخضوع‬
‫للوصاية االدارية املشددة‪ ،‬وبندرة املوارد املادية والبشرية باإلضافة الى تداخل‬

‫‪-55‬بناصر املصطفاوي‪ ،‬التعمير بين التخطيط والعشوائية حالة مدينة الناظور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.290‬‬
‫‪ -56‬املادة ‪ 20‬من قانون التعمير ‪ ":‬فور نشر القرار الذي يجوز ( أي القرار الذي يجوز ان يصدره املجلس‬
‫الجماعي قبل وضع التصميم للقيام بدراسة و تعين حدود الرقعة االرضية التي سيشملها التصميم و الذي يمكن ان‬
‫يستمر مفعوله ملدة ‪ 6‬اشهر قابلة للتجديد مرة واحدة ‪ ،‬و املنصوص عليه في املادة ‪ 21‬من هذا القانون ) ‪ ،‬يؤجل‬
‫رئيس املجلس البت في جميع طلبات احداث تجزئة ‪ ،‬مجموعة سكنية او بناء في الرقعة االرضية املعنية ‪ ،‬و يمكنه ان‬
‫يسمح بذلك بعد موافقة االدارة اذا كان املشروع يتوافق مع احكام املخطط التوجيهي (البند ‪ 2‬و‪– 3‬املادة ‪ )4‬او ما‬
‫يصلح له القطاع فعال اذا كان املخطط التوجيهي غير موجود"‬
‫‪-57‬بناصر املصطفاوي‪ ،‬التعمير بين التخطيط و العشوائية حالة مدينة الناظور‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.294‬‬
‫‪317‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫االختصاصات بين الجماعات ومختلف وحدات الالمركزية الترابية‪ ،‬او بينها وبين الدولة‪،‬‬
‫وكل ذلك ال شك نتيجة منطقية لقصور النص القانوني ومحدوديته نتيجة الغموض‬
‫والعمومية التي كانت تميز مختلف مقتضياته ومواده‪ ،‬ومن هنا كان البد من اصدار قانون‬
‫جديد على امل ان يتجاوز االختالالت واالنحرافات املسجلة على صعيد املمارسة في‬
‫االختصاص الجماعي‪1.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مستجدات وآفاق دور الجماعات الترابية في التعمير‬
‫بعد التطرق لالختالالت التي عرفها قانون التعمير في ظل قانون الجماعات‪ ،‬والتي‬
‫كانت من بين االسباب التي دفعت الى املناداة باإلصالح القانوني سيتم في هذا املطلب‬
‫معالجة القانون التنظيمي للجماعات الترابية وافاقه‪ ،‬وللحديث عن هذا املوضوع يلزم‬
‫بداية الحديث عن املستجدات التي جاء بها القانون التنظيمي في مجال التعمير (الفرع‬
‫االول) ثم التطرق بعد ذلك الى افاق دور الجماعات الترابية في مجال التعمير (الفرع‬
‫الثاني)‪.‬‬
‫الفرع االول‪ :‬مستجدات القانون التنظيمي للجماعات الترابية في مجال التعمير‬
‫بداية تجدر االشارة الى ان اهم وأكثر ما يثير االهتمام في هذا القانون الجديد‬
‫للجماعات الترابية هو االرتقاء من مجرد قانون عادي الى قانون تنظيمي‪ ،‬وكما هو معلوم‬
‫فالقانون التنظيمي يصنف في الدرجة الثانية بعد الدستور‪ ،‬وبالتالي اصبحت لهذا‬
‫القانون قوة أكبر ودرجة أرقي من ذي قبل‪.‬‬
‫كما ان تنظيم الجماعات الترابية عرف قفزة نوعية شكال وكذا مضمونا خاصة‬
‫بعد صدور دستور فاتح يوليوز ‪ 2011‬بعد ان أرس ى هذا االخير املبادئ التي يتأسس عليها‬
‫التنظيم الالمركزي الترابي‪.‬‬

‫‪-58‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية في القانون التنظيمي للجهات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪143‬‬
‫‪318‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫فقد اناط املشرع املغربي من خالل هذا القانون التنظيمي الجديد للجماعات‬
‫الترابية للجماعة ‪-‬والتي تعد اصغر املستويات الترابية مقارنة بالجهات والعماالت‬
‫واالقاليم ‪ ،-‬اختصاصات مختلفة وهي اختصاصات ذاتية‪ ،‬مشتركة‪ ،‬واخرى منقولة اليها‪،‬‬
‫وتشمل االختصاصات الذاتية كما هو منصوص عليه في القانون التنظيمي للجماعات‬
‫الترابية على مختلف االختصاصات املوكولة للجماعة في مجاالت محددة بما يمكنها من‬
‫القيام في حدود مواردها وداخل دائرتها الترابية‪ ،‬القيام باملهام املنوطة اليها‪ ،‬سيما‬
‫االعمال املتعلقة بالتخطيط والبرمجة والتدبير والصيانة‪ .‬وكذا في املجال التعميري حيث‬
‫تختص الجماعات الترابية بالسهر على احترام الضوابط املقررة في مخططات توجيه‬
‫التهيئة العمرانية وتصاميم التهيئة والتنمية وكل الوثائق االخرى املتعلقة بإعداد التراب‬
‫والتعمير والدراسة واملصادقة على ظوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين واالنظمة‬
‫الجاري بها العمل‪1.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬آفاق ورهانات دور الجماعات الترابية في مجال التعمير‬
‫نقصد بآفاق دور الجماعات الترابية في مجال التعمير‪ ،‬االنتظارات واآلمال‬
‫املنتظرة من هذا القانون والتي يلزم ان تقوم بها الجماعات الترابية وان تأخذها بعين‬
‫االعتبار حتى نتحدث عن دور فعال لهذه الجماعات في ميدان التعمير‪.‬‬
‫ان اول ما يلزم القيام به‪ ،‬هو معرفة طبيعة الصعوبات التي تعانيها الجماعة –‬
‫او باألحرى عانت منها الجماعات املحلية‪ ،-‬ومن ثمة البحث عن الحلول املالئمة والناجعة‬
‫للنهوض بها مع تحديد األهداف واألولويات‪.‬‬

‫‪ -59‬بالنسبة لالختصاصات الذاتية انظر الباب الثاني من الفصل االول من املواد ‪ 78‬الى‪ 86‬وبالنسبة‬
‫لالختصاصات املشتركة انظر الباب الثالث املواد من ‪ 87‬الى ‪ ،89‬واخيرا االختصاصات املنقولة انظر الباب الرابع املواد‬
‫من ‪ 90‬الى ‪ 91‬من القانون التنظيمي للجماعات الترابية ‪.113.14‬‬
‫‪319‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫على خالف مقتضيات امليثاق الجماعي رقم ‪ 78.00‬والنص املتمم واملغير له‬
‫‪ 17.08‬فقد افرد القانون التنظيمي للجماعات الترابية فصال الستفادة اعضاء املجلس‬
‫لتكوين مستمر في املجاالت املرتبطة باختصاصات الجماعة‪1.‬‬
‫فيبقى عاملي التكوين والتأطير اساسيين لألخذ بأسباب التنمية املحلية و خاصة‬
‫في ارتباطها بمجال التعمير‪ ،‬فقد أثبتت البحوث والدراسات امليدانية بان سوء التدبير‬
‫الذي تعاني منه املجالس الجماعية ال يرجع فقط ألسباب و عوامل اخالقية مرتبطة‬
‫بالتالعب باملال العام وانما كذلك يرجع للجهل الذي يعاني منه رؤساء املجالس‬
‫الجماعية‪ ،‬لكن في املقابل واالدهى من ذلك فقد تم التراجع على شرطي املستوى الدراس ي‬
‫الواجب توفره في الرؤساء حيث كانت تنص املادة ‪ 28‬من امليثاق الجماعي على انه ‪ ":‬ال‬
‫يجوز لرؤساء املجالس الجماعية الذين ال يثبتون توفرهم على مستوى تعليمي يعادل‬
‫على االقل مستوى نهاية الدروس االبتدائية ان ينتخبوا رؤساء وال ان يزاولوا هذه املهام‬
‫بصفة مؤقتة"‪.‬‬
‫ان االعتقاد بان التنصيص على الشرط التعليمي او عنصر الكفاءة من شأنه ان‬
‫يمس بمبادئ الديموقراطية‪ ،‬اعتقاد خاطئ اذ ان املصلحة العامة والتمثيلية‬
‫الديموقراطية ال تتعارض مع عنصر التعليم والكفاءة بل هي في حاجة اليها ان لم يكن‬
‫شرطا لفعاليتها وصحتها‪ ،‬ومن غير املقبول في ظل تعقيدات الشأن العام املحلي ان يتولى‬
‫قيادة مسؤوليته اشخاصا ال يتوفرون على الحد االدنى من التعليم و الكفاءة‪ ،‬فمقاربة‬
‫بسيطة تؤكد هذا الطرح‪ ،‬اذ ان تنصيص املشرع على وضع الجماعة لبرنامجها التنموي‬
‫وكذا اعداد مخططها االستراتيجي ووضع امليزانية و تدبيرها‪ ،‬واالختصاصات االخرى سواء‬
‫الذاتية او االستشارية ال يمكن ملنتخب دون تعليم او ذو تعليم بسيط ان يقوم بها خاصة‬

‫‪-60‬املادة ‪ 53‬من القانون التنظيمي للجماعات الترابية‪" :‬يحق ألعضاء املجلس الجماعة االستفادة من تكوين‬
‫مستمر في املجاالت املرتبطة باالختصاصات املخولة للجماعة وتحديد املرسوم‪.‬‬
‫يتخذ باقتراح من السلطة الحكومية املكلفة بالداخلية كيفية تنظيم دورات التكوين املستمر ومدتها وشروط‬
‫االستفادة منها مساهمة الجماعة في تغطية مصاريفها"‪.‬‬
‫‪320‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫في ظل الحديث عن الجودة واملردودية واالدارة االلكترونية والتواصل الى غير ذلك من‬
‫املفاهيم العصرية التي ال يستطيع مواكبتها اال اهل العلم والدراية‪1.‬‬
‫فحتى هذا املستوى الذي كان يشترط سابقا غير كاف النتخاب رئيس املجلس‬
‫الجماعي‪ ،‬فكيف يعقل ممارسة رئيس الجماعة الختصاصات كبيرة – خاصة تلك متعلقة‬
‫بالتعمير‪-‬وهو يتوفر على املستوى االبتدائي فقط‪ ،‬كيف سيتأكد من صحة الوثائق‪ ،‬كيف‬
‫سيقوم بملئها وما الى غير ذلك من االختصاصات املنوطة به‪ ،‬التي تستلزم متخصصا في‬
‫امليدان‪.‬‬
‫نالحظ في هذا الصدد تعديل النص املتعلق بانتخاب رؤساء املجالس الجماعية‬
‫الذي ال يقيد هؤالء باي مستوى تأهيلي‪ ،‬بل فقط بتكوين مستمر حيث ان نسبة الطبقة‬
‫املثقفة واملتعلمة بلغت ‪ 14،35‬باملئة متمثلة في املدرسين واملوظفين في حين نجد ان‬
‫نسبة الطبقة غير املتعلمة بلغت ‪ 58،65‬باملئة وهي نسبة ال يستهان بها وان دلت على‬
‫ش يء فإنها تدل على عدم التوازن‪ ،‬وان املجالس الجماعية ال يتم تسييرها من قبل‬
‫النخبة‪ ،‬وانما يتم ذلك من العامة في معظمها‪2.‬‬
‫لذلك فالسؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو كيف سيتم الرقي بقانون التعمير‬
‫والعمل على تطوره وهو موكول ومفوض ألشخاص ال علم لهم باملجال؟ بل وال دراية لهم‬
‫حتى بالقراءة وال الكتابة؟ من سيضمن عدم ارتكاب هؤالء ألخطاء فادحة دون علمهم‬
‫بذلك؟‬
‫وحتى يتم التوصل لألهداف املتوخاة من القانون التنظيمي للجماعات الترابية‬
‫وتحقيق افق انتظار ايجابية يلزم تخطي او باألحرى تصحيح االختالالت التي أفرزتها‬
‫املمارسة الجماعية خالل العقدين األخيرين وكذا تعزيز مكانة هذه الوحدات الترابية‬

‫‪-61‬عماد ابركان‪ ،‬قراءة تحليلية في القانون التنظيمي للجماعات الترابية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.143.144‬‬
‫‪ -62‬زكرياء خراط ‪ ،‬التخطيط و التدبير الحضريين بين النصوص و املمارسة ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.323‬‬
‫‪321‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫ودعم دور املنتخبين في التسيير الديمقراطي للجماعات املحلية ليستجيب للمتطلبات‬


‫الحيوية واليومية للسكان على أساس صيغة جديدة للعالقات بين املجالس وسلطات‬
‫الوصاية‪.‬‬
‫اضافة الى ما سبق يلزم كذلك ان يتم إنقاص عدد االختصاصات التي اوكلها‬
‫املشرع للمجالس الجماعية للحصول على فعالية أكثر وليتم اداء املهام بشكل اكثر اتقانا‪.‬‬
‫يجب كذلك ان يتم القيام ببرامج إعادة الهيكلة العمرانية ومحاربة السكن غير‬
‫الالئق وتأهيل املدن العتيقة وتجديد النسيج العمراني املتدهور‪ ،‬واملحافظة على‬
‫الخصوصيات الهندسية املحلية وإنعاشها‪.‬‬
‫ان ما يتوجب ان ترتكز عليه بنية القوانين التنظيمية الترابية ان تكون‬
‫املسؤوليات واضحة ومحددة حتى ال نكون امام تنازع اختصاص بين رؤساء الجماعات‬
‫الترابية وبين ممثلي السلطة املركزية بها ( الوالة و العمال)‪ ،‬وحتى نكون امام امكانيات‬
‫حقيقية تقرن ممارسة كل اختصاص او سلطة باملسؤولية واملحاسبة الالزمة‪ ،‬فواقع‬
‫الحال أثبت أن املنظومة القانونية املؤطرة للجماعات الترابية الزالت تعرف تداخال في‬
‫االختصاص بين الهيئات الترابية نفسها‪ ،‬وعمومية على مستوى صياغة النصوص‬
‫املرتبطة باالختصاصات االصلية واملنقولة‪ ،‬وغموضا يرتبط بطبيعتها ومداها (تفعيل‬
‫االجرأة‪ /‬الحدود)‪1.‬‬
‫كما يلزم ايضا تفعيل املخططات الجهوية‪ ،‬إذ أن اختصاصات الجماعات في‬
‫ميدان التخطيط الحضري ضعيفة ومساهمتها في وضع وثائق التعمير ال تتعدى الجانب‬
‫االستشاري‪ ،‬ولذلك من املنطقي وضع إطار أكثر اشراكا للجماعات واعتبارها كقوة تقريرية‬

‫‪-63‬العربي بجيجة‪ ،‬القوانين التنظيمية الترابية ومبدأ التدبير الحر‪ ،‬ص ‪ ،44‬منشور بمجلة مسالك‪ ،‬الجهات و‬
‫الجماعات الترابية من الدستور الى القوانين التنظيمية‪ ،‬عدد ‪.34/33‬‬
‫‪322‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬
‫مستجدات دور الجماعات الترابية في ميدان التعمير ‪..............................................‬ذ إبراهيم الطاهري‬

‫إلى جانب السلطات العمومية في وضع وثائق التعمير وإعداد التراب‪ .‬وكذا تمكين‬
‫الجماعات من املوارد البشرية الكافية‪1.‬‬
‫هذا بالنسبة للجماعات اما بالنسبة للجهات فقد اكد الدستور في بابه التاسع‬
‫على الجهات و الجماعات الترابية االخرى‪ ،‬اي العماالت واالقاليم والجماعات‪ ،‬حيث‬
‫يستنتج من هذا االمر ان مصطلح املحلية قد تغير ب"الترابية"‪ ،‬وذلك انسجاما مع‬
‫مصطلح التنظيم الترابي وكون الجهة ذكرت مستقلة في الفصل ‪ 1432‬رغم انها من‬
‫فصيلة الجماعات الترابية‪ ،‬فالنها اثبتت تتبوأ مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية‬
‫االخرى‪ ،‬وفي اطار هذه املكانة الجديدة‪ ،‬عمل املشرع الدستوري‪ ،‬من خالل الفصل‬
‫‪ ،3144‬على منح الجهات و الجماعات الترابية الحق في تأسيس مجموعات فيما بينها‪ ،‬من‬
‫اجل التعاضد في البرامج والوسائل‪ ،‬هذا باإلضافة الى انها اصبحت مساهما رئيسيا في‬
‫تفعيل السياسة العامة للدولة‪ ،‬وفي اعداد السياسات الترابية‪.‬‬

‫‪-64‬زكرياء خراط‪ ،‬التخطيط و التدبير الحضريين بين النصوص و املمارسة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.296‬‬
‫‪-65‬لفصل ‪ 143‬من الدستور املغربي‪":‬ال يجوز ألي جماعة ان تمارس وصايتها على جماعة اخرى‪.‬‬
‫تتبوء الجهة تحت اشراف رئيس مجلسها مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات االخرى في عمليات اعداد وتتبع‬
‫برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية العداد التراب في نطاق احترام االختصاص الذاتية لهذه الجماعات كلما‬
‫تعلق االمر بانجاز مشروع يتطلب تعاون عدة جماعات ترابية فان هذه االخيرة تتفق على كيفية تعاونها"‪.‬‬
‫‪-66‬الفصل ‪ 144‬من الدستور املغربي‪":‬يمكن للجماعات الترابية تأسيس مجموعات من اجل التعاضد في البرامج‬
‫والوسائل"‪.‬‬
‫‪323‬‬ ‫سلسلة الدراسات الدستورية والسياسية‬ ‫مجلة العلوم القانونية‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like