You are on page 1of 24

‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫إشكاليات مقاضاة الجامعات الرتابية‬

‫إشكاليات مقاضاة الجامعات الرتابية‬


‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ‪Problems of‬‬
‫ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ‪suing‬‬
‫‪territorial‬‬
‫‪groups‬ﻣﻘﺎﺿﺎﺓ‬
‫ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬

‫عبد الكريم ايناو‬ ‫ﻗﺎﻧﻮﻧﻚ‬


‫حمداوي‬‫محمد ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺃﻣﻴﻦ ﺍﺳﻤﺎﻋﻴﻠﻲ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ‪Mohamed Hamdawi & Abdel‬‬
‫‪Karim‬‬ ‫‪EnawAllah‬‬
‫ﺣﻤﺪﺍﻭﻱ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫القانون العام‬ ‫باحثان يف‬
‫ﻣﺸﺎﺭﻙ(‬ ‫ﺇﻳﻨﺎﻭ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻜﺮﻳﻤ)ﻢ‪.‬‬ ‫ﻣؤﻟﻔﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ‪:‬‬
‫ﻉ‪7‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫مقدمة‪:‬‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬

‫وحدات ترابية عامة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املايل واالداري وهي‬
‫الجامعات الرتابية‪2021‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻳﻮﻧﻴﻮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬‬
‫تشكل العمود الفقري لالمركزية اإلدارية‪ ،‬وهي وفقا ملا نص عليه الفصل ‪ 135‬من دستور ‪" 2011‬الجهات‬
‫‪10 - 31‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫الجامعات"‪.‬‬
‫والعامالت واألقاليم وكذا‪1232049‬‬
‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﻧﻮﻉ ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬‬
‫أنيطت باملجالس الرتابية اختصاصات واسعة يف مختلف امليادين ذات االرتباط بتدبري الشأن‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬
‫عالقات متعددة ومتشعبة مع الغري‪ ،‬سواء عن طريــــق تدخلها من اجل‬ ‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬جعلها تدخل يف‬
‫‪IslamicInfo‬‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪاملحيل مام‬
‫األشخاص‬ ‫ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‪،‬التعامل مع‬
‫ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ‬ ‫ﺍﻻﺧﺘﺼﺎﺻﺎﺕطريــــق‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪،‬ة‪ ،‬أو عن‬
‫وتنظيميــــ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ‪،‬فردية‬
‫ﺍﻟﺠﻬﻮﻳﺔ‬ ‫ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ قرارات‬
‫تنظيم نشاط األفراد بواسطة‬
‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1232049‬‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬‬
‫االعتباريني أو املعنويني بواسطة االتفاقيات او العقود من أجل استغالل وتسيري مرافق عموميــــة‬
‫جامعية أو اداء خدمات أو القيام بأشغال لفائدة هاته الجامعات‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إىل املس بحقوق‬
‫وتضارب مصالح اطراف العالقة وتشعبها وهو ما نتج عنه كرثة وتنوع املنازعات امام القضاء تكون فيها‬
‫الجامعات الرتابية اما طرفا مدعيا او مدعى عليها‪ .‬ولحل هذه النزاعات يجب عىل هذه االطراف اتباع‬
‫مسطرة محددة‪.‬‬

‫إن مسطرة مقاضاة الجامعات الرتابية هي مجموع إجراءات الدعوى اإلدارية مند فتح امللف اىل‬
‫اخر مرحلة يف التنفيذ‪ ،‬وهي الطريقة السليمة التي يتوصل بها إىل تطبيق القواعد املوضوعية للقانون‬
‫تطبيقا سليام‪ .‬والتي يتعني عىل املتقاضني سلوكهام‪ ،‬سواء أكانوا أفرادا‪ ،‬أم موظفني‪ ،‬أم جهات إدارية‪،‬‬
‫للوصول إىل حامية حقوقهم وحرياتهم‪.1‬‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫‪ -1‬حسن الزتوين‪" ،‬اشكالية مقاضاة الجامعات الرتابية امام القضاء االداري"‪ ،‬مجلة القضاء االداري‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪،2013‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ص‪.43،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫إشكاليات مقاضاة الجامعات الرتابية‬

‫إشكاليات مقاضاة الجامعات الرتابية‬


‫ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬ ‫ﺇﺳﻠﻮﺏ‬
‫‪Problems‬‬ ‫ﺣﺴﺐ‪of‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ‪suing‬‬ ‫‪groups‬ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ‬
‫‪territorial‬‬ ‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ‬

‫عبد الكريم ايناو‬ ‫محمد حمداوي‬


‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺣﻤﺪﺍﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻭ ﺇﻳﻨﺎﻭ‪ ،‬ﻋﺒﺪﺍﻟﻜﺮﻳﻢ‪ .(2021) .‬ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﻣﻘﺎﺿﺎﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻚ‪ ،‬ﻉ‪، 10 - 7‬‬
‫‪Mohamed Hamdawi‬‬ ‫‪& Abdel Karim EnawAllah‬‬
‫‪1232049/Record/com.mandumah.search//:http‬‬ ‫‪ .31‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫القانون العام‬
‫ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻚﻉ‪- 10 :(2021) 7‬‬ ‫يف ﻣﻘﺎﺿﺎﺓ‬ ‫ﺣﻤﺪﺍﻭﻱ‪ ،‬ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﻭ ﻋﺒﺪﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺇﻳﻨﺎﻭ‪.‬باحثان‬
‫"ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺎﺕ‬
‫‪ .31‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1232049/Record/com.mandumah.search//:http‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫الجامعات الرتابية وحدات ترابية عامة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املايل واالداري وهي‬
‫تشكل العمود الفقري لالمركزية اإلدارية‪ ،‬وهي وفقا ملا نص عليه الفصل ‪ 135‬من دستور ‪" 2011‬الجهات‬
‫والعامالت واألقاليم وكذا الجامعات"‪.‬‬

‫أنيطت باملجالس الرتابية اختصاصات واسعة يف مختلف امليادين ذات االرتباط بتدبري الشأن‬
‫املحيل مام جعلها تدخل يف عالقات متعددة ومتشعبة مع الغري‪ ،‬سواء عن طريــــق تدخلها من اجل‬
‫تنظيم نشاط األفراد بواسطة قرارات فردية وتنظيميــــة‪ ،‬أو عن طريــــق التعامل مع األشخاص‬
‫االعتباريني أو املعنويني بواسطة االتفاقيات او العقود من أجل استغالل وتسيري مرافق عموميــــة‬
‫جامعية أو اداء خدمات أو القيام بأشغال لفائدة هاته الجامعات‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إىل املس بحقوق‬
‫وتضارب مصالح اطراف العالقة وتشعبها وهو ما نتج عنه كرثة وتنوع املنازعات امام القضاء تكون فيها‬
‫الجامعات الرتابية اما طرفا مدعيا او مدعى عليها‪ .‬ولحل هذه النزاعات يجب عىل هذه االطراف اتباع‬
‫مسطرة محددة‪.‬‬

‫إن مسطرة مقاضاة الجامعات الرتابية هي مجموع إجراءات الدعوى اإلدارية مند فتح امللف اىل‬
‫اخر مرحلة يف التنفيذ‪ ،‬وهي الطريقة السليمة التي يتوصل بها إىل تطبيق القواعد املوضوعية للقانون‬
‫تطبيقا سليام‪ .‬والتي يتعني عىل املتقاضني سلوكهام‪ ،‬سواء أكانوا أفرادا‪ ،‬أم موظفني‪ ،‬أم جهات إدارية‪،‬‬
‫للوصول إىل حامية حقوقهم وحرياتهم‪.1‬‬

‫© ‪ 2023‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫‪ -1‬حسن الزتوين‪" ،‬اشكالية مقاضاة الجامعات الرتابية امام القضاء االداري"‪ ،‬مجلة القضاء االداري‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪،2013‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬
‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬
‫ص‪.43،‬‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫إشكاليات مقاضاة الجامعات الرتابية‬

‫إشكاليات مقاضاة الجامعات الرتابية‬


‫‪Problems of suing territorial groups‬‬
‫عبد الكريم ايناو‬ ‫محمد حمداوي‬

‫‪Mohamed Hamdawi & Abdel Karim EnawAllah‬‬


‫باحثان يف القانون العام‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫الجامعات الرتابية وحدات ترابية عامة تتمتع بالشخصية املعنوية واالستقالل املايل واالداري وهي‬
‫تشكل العمود الفقري لالمركزية اإلدارية‪ ،‬وهي وفقا ملا نص عليه الفصل ‪ 135‬من دستور ‪" 2011‬الجهات‬
‫والعامالت واألقاليم وكذا الجامعات"‪.‬‬

‫أنيطت باملجالس الرتابية اختصاصات واسعة يف مختلف امليادين ذات االرتباط بتدبري الشأن‬
‫املحيل مام جعلها تدخل يف عالقات متعددة ومتشعبة مع الغري‪ ،‬سواء عن طريــــق تدخلها من اجل‬
‫تنظيم نشاط األفراد بواسطة قرارات فردية وتنظيميــــة‪ ،‬أو عن طريــــق التعامل مع األشخاص‬
‫االعتباريني أو املعنويني بواسطة االتفاقيات او العقود من أجل استغالل وتسيري مرافق عموميــــة‬
‫جامعية أو اداء خدمات أو القيام بأشغال لفائدة هاته الجامعات‪ ،‬األمر الذي قد يؤدي إىل املس بحقوق‬
‫وتضارب مصالح اطراف العالقة وتشعبها وهو ما نتج عنه كرثة وتنوع املنازعات امام القضاء تكون فيها‬
‫الجامعات الرتابية اما طرفا مدعيا او مدعى عليها‪ .‬ولحل هذه النزاعات يجب عىل هذه االطراف اتباع‬
‫مسطرة محددة‪.‬‬

‫إن مسطرة مقاضاة الجامعات الرتابية هي مجموع إجراءات الدعوى اإلدارية مند فتح امللف اىل‬
‫اخر مرحلة يف التنفيذ‪ ،‬وهي الطريقة السليمة التي يتوصل بها إىل تطبيق القواعد املوضوعية للقانون‬
‫تطبيقا سليام‪ .‬والتي يتعني عىل املتقاضني سلوكهام‪ ،‬سواء أكانوا أفرادا‪ ،‬أم موظفني‪ ،‬أم جهات إدارية‪،‬‬
‫للوصول إىل حامية حقوقهم وحرياتهم‪.1‬‬

‫‪ -1‬حسن الزتوين‪" ،‬اشكالية مقاضاة الجامعات الرتابية امام القضاء االداري"‪ ،‬مجلة القضاء االداري‪ ،‬العدد ‪ ،2‬سنة ‪،2013‬‬
‫ص‪.43،‬‬

‫‪10‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫عرفت مسطرة مقاضاة الجامعات الرتابية مجموعة من التطورات عرب ثالث محطات أساسية بدء‬
‫بفرتة ما قبل الحامية التي ساد فيها تطبيق مبادئ الرشيعة اإلسالمية يف مختلف مناحي الحياة‪ ،‬حيث‬
‫كانت (اإلدارة) يف تلك املرحلة تقوم بوظائف ترشيعية وتنفيذية وقضائية معا‪ ،‬يف غياب تام ملبدأ فصل‬
‫السلط‪ ،‬ومل يكن ألحد أن يطعن يف ترصفاتها‪ ،‬فإذا ما أصاب شخص حيف من اإلدارة يجوز له أن‬
‫يتظلم من ذلك إىل وزير الشكايات الذي يتوىل بدوره تقدميها إىل السلطان قصد إرجاع الحق إىل‬
‫صاحبه‪.2‬‬

‫أما يف عهد الحامية فقد سعى املستعمر الفرنيس إىل إدخال مجموعة اإلصالحات القضائية‬
‫والقانونية خدمة ملصالحه االستعامرية‪.‬وقد كان ظهري ‪ 12‬غشت ‪ 1913‬أحد أهم الركائز إلرساء نظام‬
‫قضايئ مبفهومه الحديث‪ ،‬إذ يعد هذا األخري النواة األوىل لنشأة القضاء اإلداري يف املغرب‪ ،‬حيث جاء‬
‫ظهري ‪ 1913‬يف مادته الثامنة مبجموعة من املبادئ أسست ملا ميكن تسميته بالقانون اإلداري أو القضاء‬
‫اإلداري‪.3‬‬

‫وبعد االستقالل سعى املغرب إىل تطوير نظامه القضايئ ليتامىش واملتغريات الجديدة التي طبعت‬
‫هذه املرحلة‪ ،‬حيث تم إنشاء املجلس األعىل سنة ‪ 1957‬لتليه عدة إصالحات عىل مستوى التنظيم القضاء‬
‫أفضت إىل إحداث محاكم إدارية سنة ‪ 4 1993‬ومحاكم االستئناف اإلدارية سنة ‪ 2006‬متخصصة يف‬
‫املنازعات والقضايا اإلدارية الرصفة‪ ،5‬وكان من املرتقب تتويج هذا املسار بإحداث مجلس الدولة إال ان‬
‫هذا املجلس مل ير النور واكتفى املرشع بإحداث غرفة ادارية مبحكمة النقض كأعىل هيئة قضائية‪.6‬‬

‫‪ -2‬ميشال رويس‪ ،‬املنازعات االدارية باملغرب‪ ،‬ترجمة محمد هريي والجياليل أمزيد‪ ،‬مطبعة املعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‬
‫‪ ،2002‬ص‪.7،‬‬
‫‪-3‬جاء يف املادة ‪ 8‬من التنظيم القضايئ لسنة ‪ 1913‬ان املحاكم العرصية هي الوحيدة املختصة يف جميع الدعاوى التي‬
‫ترمي اىل تقرير مديونية االدارات العمومية‪...‬‬
‫‪-4‬قانون ‪ 90.41‬الصادر بتنفيذه الظهري الرشيف ‪ 1-91-225‬بتاريخ ‪ 22‬ربيع األول ‪ 1414‬املوافق ل ‪ 10‬شتنرب ‪ ،1993‬جريدة‬
‫رسمية‪ ،‬عدد ‪ ،4227‬بتاريخ ‪ ،3-11-1993‬ص‪.2168 ،‬‬
‫‪-5‬قانون‪ 03-80‬الصادر بتنفيذه الظهري الرشيف ‪ 1-06-07‬بتاريخ ‪ 15‬محرم ‪ 1427‬املوافق لـ ‪ 14‬فرباير ‪ ،2006‬جريدة رسمية‪،‬‬
‫عدد ‪ ،5398‬بتاريخ ‪ ،23-02-2006‬ص‪.490،‬‬
‫‪-6‬محمد محجويب‪ ،‬الوجيز يف القضاء اإلداري املغريب بعد إحداث املحاكم اإلدارية‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬دجنرب‪،2002‬‬
‫الصفحة‪. 16 ،‬‬

‫‪11‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫يكتيس املوضوع أهمية كربى بالنظر إىل اإلصالحات الترشيعية التي عرفتها القوانني املنظمة‬
‫للجامعات الرتابية وبعض جوانب مسطرة التقايض اإلدارية بشكل عام ومسطرة مقاضاة الجامعات‬
‫الرتابية بشكل خاص‪ ،‬كام يستمد املوضوع اهميته أيضا من الدور الهام الذي تلعبه هذه املسطرة يف‬
‫ضامن وحامية حقوق املتقاضني‪.‬‬

‫فام هي اإلشكاليات التي تثريها مقاضاة الجامعات الرتابية؟‬

‫لإلجابة عىل هذه اإلشكالية سنعتمد املنهج القانوين واملنهج التحلييل‪ ،‬بالتطرق لإلشكاليات تعقد‬
‫وبطء مسطرة مقاضاة الجامعات الرتابية (املطلب األول)‪ ،‬ونتطرق الستمرار إشكالية تنفيذ األحكام‬
‫القضائية الصادرة ضد الجامعات الرتابية (املطلب الثاين)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعقد مسطرة التقايض ضد الجامعات الرتابية‬


‫تفتح إثارة مسؤولية الجامعات الرتابية أمام املترضر حق اللجوء اىل القضاء لجرب الرضر الذي لحق‬
‫به امام املحكمة املختصة لكن املرشع قيد هذا األخري بإجراءات مسطرية وشكلية معقدة يتعني اللجوء‬
‫اليها قبل رفع الدعوى ضد هذه الجامعات الرتابية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬وجوب سلوك املسطرة القبلية ملقاضاة الجامعةالرتابية‬


‫اوجب املرشع املغريب قبل اللجوء إىل القضاء اإلداري سلوك املسطرة القبلية ملقاضاة الجامعة‬
‫الرتابية حيث نص يف املادة ‪ 209‬من القانون ‪ 112.14‬و املادة ‪ 239‬من القانون التنظيمي ‪ 111.14‬و املادة‬
‫‪ 265‬من القانون التنظيمي رقم ‪ 113.14‬املتعلق بالجامعات الرتابية عىل انه ‪:‬‬

‫"ال ميكن تحت طائلة عدم القبول من لدن املحاكم املختصة رفع دعوى تجاوز السلطة ضد‬
‫الجامعة‪ ،‬أو ضد قرارات جهازها التنفيذي إال إذا كان املعني باألمر قد اخرب من قبل رئيس مجلس‬
‫الجامعة ووجه إىل عامل العاملة أو اإلقليم أو من ينوب عنه مذكرة تتضمن موضوع وأسباب شكايته‪،‬‬
‫ويسلم عىل إثرها للمدعي فورا وصال بذلك"‪.‬‬

‫كام الزم املرشع املغريب فيام يخص إقامة كل الدعاوى ضد الجامعة‪ ،‬باستثناء الدعاوى‬
‫االستعجالية ودعاوى الحيازة‪ ،‬إشعار رئيس مجلس الجامعة‪ ،‬وتوجيه مذكرة إىل عامل العاملة أو اإلقليم‬
‫أو من ينوب عنه تتضمن موضوع وأسباب شكايته‪ ،‬ويسلم عىل إثرها للمدعي فورا وصل بذلك‪ ،‬وإال‬

‫‪12‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫تعرض طلبه لعدم قبول الدعوى شكال من لدن املحاكم املختصة‪ ،‬وهو ما أكده حكم املحكمة اإلدارية‬
‫بوجدة يف حكم صدر مبناسبة مراقبتها إلجراء اإلخبار بقولها‪:‬‬

‫" ‪ ...‬وحيث تنص املادة ‪ 265‬من القانون التنظيمي رقـــــم ‪ 113 -14‬عىل انه ال ميكن تحــــت‬
‫طائلة عدم القبول رفع دعوى تجاوز السلطة ضد الجامعة أو ضد قرارات جهازها التنفيـــذي إال إذا كان‬
‫املدعي قد اخرب من قبل رئيس مجلس الجامعة‪ ،‬ووجه إىل عامل العاملة أو اإلقليم أو من ينوب عنه‬
‫مبذكرة تتضمن موضوع وأسباب شكايته وسلم عىل إثرها للمدعي فورا وصال بذلك‪ .‬وحيـــث إن املسطرة‬
‫املذكورة مسطرة قبلية وملزمة وبغض النظر عن باقي االختالالت األخرى واملتمثلة يف عدم إدخال‬
‫املستفيدة من الرخصة امل طعون فيها ومدى إمكانية وجود الدعوى املوازية مام يبقى معه الطعن حليف‬
‫عدم القبول"‪.7‬‬

‫لكن املتقايض يتحرر من اجراء االخبار‪ ،‬إذا مل يسلم له الوصل بعد مرور اجل‪ 15‬يوما املوالية‬
‫للتوصل باملذكرة‪ ،‬أو بعد انرصام أجل شهر املوايل لتاريخ تسليم الوصل إذا مل يتم التوصل إىل اتفاق‬
‫بالرتايض بني طريف النزاع حسب ما هو منصوص عليه يف املادة ‪ 266‬من نفس القانون التنظيمي املتعلق‬
‫بالجامعات‪.‬‬

‫أما بالنسبة لرشوط رفع دعوى مطالبة الجامعة بأداء دين أو تعويض‪ ،‬فقد نصت املادة ‪ 8267‬عىل‬
‫أنه‪:‬‬

‫"إذا كانت الشكاية تتعلق مبطالبة الجامعة بأداء دين أو تعويض‪ ،‬ال ميكن رفع أي دعــوى‪،‬‬
‫تحــــــت طائلة عدم القبول من لــــــدن املحاكم املختصة‪ ،‬إال بعد إحالة األمر مســــبقا إىل عامل‬
‫العاملة أو اإلقليم أو من ينوب عنه الذي تدرس الشكاية يف اجل أقصاه ‪ 30‬يوما ابتداء من تاريخ تسليم‬
‫الوصل"‪.‬‬

‫‪ -7‬الحكم عدد‪ 510:‬الصادر عن املحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪ 2018/03/07:‬يف امللف عدد‪ .2017/7110/224:‬غري‬
‫منشور‪.‬‬
‫‪ -8‬ظهري رشيف رقم ‪ 1.15.85‬صادر يف ‪20‬رمضان ‪7( 1436‬يونيو‪ )2015‬بتنفيذالقانون ال تنظيمي‪ 113.14‬التعلق‬
‫بالجامعات ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫وتجدر اإلشارة إىل أن الفقرة األخرية من املادة ‪ 267‬من القانون التنظيمي للجامعات رقم ‪113-14‬‬
‫نصت عىل انه يرتتب عىل تقديم مذكرة املدعي وقف كل تقادم أو سقوط حق إذا رفعت بعده دعوى يف‬
‫اجل ثالثة أشهر‪.9‬‬

‫الهدف األسايس مـــــن رشطي اإلخبار واملذكرة كمسطـــــرة إدارية تسبق املرحلة القضائية‪ ،‬هو‬
‫منح الجامعات الرتابية امكانيــــــة تسوية أمــــــورها من خالل مسطرة حبيــــة ورضائية سواء مــــــع‬
‫املواطنني أو املقاوالت لفض النزاعات فيام بينهم قبل اللجوء إىل القـــــضاء‪ ،‬وذلك اعتبارا لكون‬
‫املساطــــ ر القضائية لحل املنازعات تكلف الجامعات الرتابية مبالغ مالية إذا دخلت فــــــي املنازعة‬
‫اإلدارية مــــــــام دفع وزارة الداخلية إىل نهج هذا التوجه باعتبـــــــــاره أسلوبا متميـــــزا لفض‬
‫الخالفات القامئة بني اإلدارة واملواطنني أو املقاوالت‪ ،‬حيـــــــث ما فتئت تطلب من العاملة أو‬
‫اإلقليـــــ م عند توصلها بشكاية يكون موضوعها مطالبة جامعة بدين أو تعويض‪ ،‬عقد اجتامع ودعــــــوة‬
‫األطراف املتنازعــــــة لحضوره يف إطار لجنــــــة خاصة من اجل فحص ودراسة فحـــوى الشكاية‬
‫والعمل عىل إيجاد حل توافقي للنزاع‪ ،‬وتتكون هذه اللجنــــــــــة من ممثل عن العاملة أو اإلقليــــــم‬
‫يتوىل رئاستها‪ ،‬واملوظـــف املســــؤول عن القطاع موضوع الشكاية يف كل مــــــن العاملة‬
‫والجامعـــــــة باإلضافة إىل رئيس املجلس أو من ينــــــوب عنه بحضــــــور صاحب الشكاية أو من‬
‫ينوب عنه‪ ،‬وميكن للوايل أو العامل عند االقتضاء استدعاء أي شخص ذو خربة ميكـن أن يفيد‬
‫اللجـــــــنة برأيه يف املوضوع ‪.‬‬

‫ويف حالة توصل الطرفني إىل حل حبي يقوم رئيس اللجنة‪ ،‬قبل رفع الجلسة بتحرير محرض‬
‫يسجل فيه ما تم االتفاق بخصوصه‪ ،‬ويوقع عليه من طرف األطراف املتنازعة وكذا باقي أعضاء اللجنة‪،‬‬
‫ومبارشة بعد ذلك يتم تحرير عقد الصلح بني األطراف املتنازعة يتضمــــن كافة الحقوق وااللتزامات‬
‫التي تم تسجيلها مبحرض االجتامع يعرض بعد التوقيع عليه من هؤالء عىل أنظار الوايل أو العامل‪ ،‬من‬
‫اجل البت فيه باملوافقة أو بالرفض‪ ،‬ويف حالة املوافقة يصبح قابال للتنفيذ بعد التأشري عليه من طرف‬
‫الوايل أو عامل العاملة أو اإلقليم ويف حالة عدم توفر االعتامدات املالية الالزمة لتنفيــــــــذ العقد برسم‬
‫ميزانية السنة الجارية‪ ،‬يتعني عىل رئيس املجلس تسجيل هذه االعتامدات مبرشوع امليزانية للسنة‬

‫‪ - 9‬يونس العيار‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية للهيئات الرتابية ‪-‬دراسة وفق الترشيع املغريب‪-‬مطبعة الجسور وجدة‪،‬‬
‫الطبعة األوىل‪ ،2018 ،‬ص‪.105،‬‬

‫‪14‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫املوالية للمصادقة عىل عقد الصلح‪ ،‬وتعترب هذه الديون نفقة إجبارية طبقا ملقتضيات القانون املتعلق‬
‫بتنظيم املالية الرتابية‪.‬‬

‫ويف حالة توصل الوزارة بشكاية تفيد عدم توصل األطراف إىل الرتايض بشأنها‪ ،‬فإنها تعرض‬
‫عىل لجنة تتكون من مدير الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون‪ ،‬ومديرية املالية املحلية‪ ،‬وكذا‬
‫ممثلني عن املديريات املعنية مبارشة مبوضوع الشكاية‪ ،‬وممثلني عن األطراف املتنازعة‪ ،‬ويف حالة‬
‫التوصل إىل حل حبي بني األطراف يتم تحرير محرض بذلك مع إبرام عقد بالصلح‪ ،‬يعرض بعد التوقيع‬
‫عليه من لدن كل األطراف املشاركة يف اللجنة عىل أنظار وزير الداخلية أو من يفوض له للتأشري عليه‬
‫بحيث يصبح بعد ذلك قابال للتنفيذ‪.10‬‬

‫وإذا كان للمسطرة القبلية دور مهم يف تقليص النزاعات أمام املحاكم اإلدارية‪ ،‬فإنها يف املقابل‬
‫قد تطيل أمد النزاع مام يؤدي إىل زيادة البطء يف العدالة اإلدارية التي تعترب أصال بطيئة‪.‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬تقييد حق التقايض ضد الجامعات الرتابية بإلزامية مؤازرة املحامي وإدخال‬
‫الوكيل القضايئ‬

‫رغم الصعوبات التي تواجه املترضر من اجل الوصول إىل حقه من جراء املسطرة القبلية التي تسبق‬
‫تسجيل الدعوى يف مواجهة الجامعات الرتابية‪ ،‬فإن هناك إشكاالت أخرى تتعلق ببعض قواعد‬
‫وإجراءات تقديم الدعوى اإلدارية‪ .‬كمسألة مؤازرة املحامي ووجوب إدخال الوكيل القضايئ‪.‬‬

‫‪ -1‬اإلشكاليات التي تثريها مسألة مؤازرة املحامي‪:‬‬


‫يعترب رشط الكتابة من الرشوط املميزة لإلجراءات املسطرية املتبعة أمام املحاكم اإلدارية طبقا‬
‫ملقتضيات املادة الثالثة من قانون املحاكم اإلدارية ‪ ،41-90‬موقع عليه من طرف محام مسجل يف جدول‬
‫هيئات املحامني باملغرب‪.11‬فمسألة توقيع املحامي عىل املقال يعترب رشطا جوهريا وأساسيا‪.‬‬

‫‪ -10‬محمد باهي‪ ،‬منازعات الصفقات العمومية للجامعات الرتابية أمام املحاكم اإلدارية‪ ،‬الجزء األول مطبعة النجاح الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،2015،‬ص ‪.261،‬‬
‫‪ -11‬موالي إدريس الحاليب الكتاين‪ ،‬إجراءات الدعوى اإلدارية‪ ،‬مطبعة دار السالم بالرباط‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬سنة ‪،2001‬‬
‫ص‪.28 ،‬‬

‫‪15‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫باإلضافة إىل ذلك السؤال املطروح هو هل ميكن للمحامي أن يقدم مقال الدعوى بصفة‬
‫شخصية نيابة عن نفسه؟‬

‫أثبت قضاء انه ال يسوغ للمدعي أو املدعى عليه ‪-‬إن كان محاميا‪-‬أن يقدم مقال الدعوى بصفة‬
‫شخصية نيابة عن نفسه‪ ،‬دون تعيني محام للدفاع عن مصالحه يف القضية‪ ،‬وذلك تحت طائلة عدم‬
‫قبول الدعوى شكال ملخالفتها للامدة الثالثة من القانون املحدث للمحاكم اإلدارية‪ ،‬وهذا ما قرره الحكم‬
‫الصادر عن املحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2013/01/31:‬والذي جاء فيه‪:‬‬

‫"‪...‬إن رفع الطاعن بصفته محاميا للدعوى بصفة شخصية نيابة عن نفسه دون تعيني محام‬
‫للدفاع عنه يجعل الطلب مخالفا ملقتضيات املادة ‪ 3‬من القانون املحدث للمحاكم اإلدارية ومآله عدم‬
‫القبول‪ ،‬طبقا ملا استقر عليه قضاء محكمة النقض‪ ،‬بالنظر لعدم إمكانية الجمــــع بني صفة الطرف يف‬
‫الدعوى والصفة التمثيلية الرتافعية التي تفرض حد أدىن من التجرد والنزاهة واملسؤولية‪ ،‬طبقا للقانون‬
‫املنظم ملهنة املحاماة والقواعد العامة للمسطرة الكتابية"‪. 12‬‬

‫ان تقديم املقال من طرف املدعي – املحامي – بصفة شخصية رغم إنذاره من طرف املحكمة‬
‫برضورة تصحيح املقال‪ ،‬يجعل مقاله مقدما بصفة غري قانونية‪ ،‬ملخالفته مقتضيات املادة ‪ 3:‬أعاله‪ ،‬عدم‬
‫‪13‬‬
‫قبول الطلب‪...‬نعم‪.‬‬

‫وقد اعتربت الغرفة اإلدارية باملجلس األعىل محكمة النقض حاليا أن عدم تقديم عريضة كتابية‬
‫‪14‬‬
‫ينتج عنه إسقاط حق طلب اإللغاء‪.‬‬

‫إذا كانت املادة ‪3‬من القانون ‪ 41-90‬قد اشرتطت أن يكون املحامـــي الذي يوقع مقال الدعـــوى‬
‫املقدم للمحكمة اإلدارية مسجال يف جدول هيئة مــــن هيئات املحامني باملغرب فهل ميكن‬

‫‪ -12‬حكم املحكمة اإلدارية بالرباط بتاريخ ‪ 2013/01/31:‬تحت عدد‪ 297:‬يف امللــــف اإلداري عدد‪ .12/5/264:‬أورده‪ ،‬محمد‬
‫بفقري‪ ،‬قانون املحاكم اإلدارية والعمل القضايئ‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيــــضاء الطبعة األوىل ‪ ،2016‬الصفحة‪،‬‬
‫‪.22‬‬
‫‪ -13‬حكم عدد‪ 04/94:‬صادر عن املحكمة اإلدارية بأكادير بتاريخ ‪ 2004/02/12:‬يف امللف عدد‪ 03/625:‬منشور مبجلة‬
‫املرافعة عدد‪ ،16:‬ص ‪ 283‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ -14‬عبد الله حداد‪ ،‬تطبيقات الدعوى اإلدارية يف القانون املغريب‪ ،‬منشورات عكاظ‪ ،‬سنة ‪ ،1999‬ص‪.64 ،‬‬

‫‪16‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫للمحاميــــ ن الذين ميارسون املهنة يف بلد أجنبي ان أن يؤازروا األطراف أو ميثلوهم أمام املحاكم‬
‫املغربية؟‬

‫بالرجوع إىل القانون املنظم ملهنة املحاماة نجده ينص يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 32‬منه عىل أنه‪:‬‬
‫غري انه ميكن للمحامني الذين ميارسون املهنة يف بلد أجنبي‪ ،‬يرتبط مع املغرب باتفاقية تسمح ملواطني‬
‫كل من الدولتني املتعاقدتني مبامرسة املهنة يف الدولة األخرى أن يؤازروا األطراف أو ميثلوهم أمام‬
‫املحاكم املغربية‪ ،‬برشط أن يعينوا محل املخابرة معهم مبكتب محام مسجل بجدول إحدى هيئات‬
‫املحامني باململكة‪ ،‬بعد اإلذن لهم بصفة خاصة يف كل قضية عىل حدة من طرف وزير العدل‪ ،‬ما مل‬
‫تنص االتفاقية عىل خالف ذلك‪.‬‬

‫باإلضافة إىل ذلك تطرح إلزامية املحامي مجموعة من التساؤالت‪:‬‬

‫هل أن املحامي إلزامي فقط بوضع مقال افتتاحي موقع عليه فقط‪ ،‬أم له دور يف اإلجابة والتعقيب‬
‫أيضا؟‬

‫ثم ما األمر إذا تنازل املحامي عن نيابته عن الطرف بعد وضع املقال االفتتاحي‪ ،‬هل يحق لهذا‬
‫الطرف متابعة الدعوى بنفسه؟‬

‫ثم ما هو األمر بالنسبة للمدعى عليه الذي ليس هو صاحب املقال؟‬

‫فاملرشع املغريب جاء بصياغة عامة فيام يخص هذه املنازعات‪ ،‬حيث ان الرأي فيام نعتقد بأن هذا‬
‫اإللزامية ال تقترص فقط عىل توقيع املحامي عىل املقال االفتتاحي بل متتد طوال مراحل الدعوى‬
‫اإلدارية‪.15‬كل هذا الغموض يجعل املتقايض بل حتى املامرس املختص حائرا ومرتددا‪.‬‬

‫‪-2‬اشكالية ادخال الوكيل القضائـــي يف جميــــع الدعاوى املوجهـــة ضد الجــامعات‬


‫الرتابية ‪:‬‬

‫نصت كل من املادة‪ 242‬من القانون التنظيمي ‪ 111-14‬املتعلق بالجهات واملادة ‪ 212‬من القانون‬
‫التنظيمي ‪ 113-14‬املتعلق بالعمالت واالقاليم واملادة ‪ 268‬من القانون التنظيمي ‪ 113 -14‬املتعلق‬

‫‪--15‬الصديق حيدة ‪ ،‬مسطرة التقايض أمام املحاكم اإلد ارية بني إشكالية النص التنظيمي والتطبيق ‪ ،‬مقال منشور يف‬
‫املوقع االلكرتوين ‪ www.marocdroit.com‬تاريخ الولوج ‪.2020-06-15‬‬

‫‪17‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫بالجامعات عىل وجوب إدخال الوكيل القضايئ للجامعات الرتابية تحت طائلة عدم القبول يف جميع‬
‫الدعاوى التي تستهدف مطالبة الجامعات الرتابية بأداء دين أو تعويض‪ ،‬ويخول له بناء عىل ذلك‬
‫إمكانية مبارشة الدفاع عنها يف مختلف مراحل الدعوى‪ ،‬ويعترب هذا اإلجراء الشكيل املذكور أعاله‬
‫إلزامي‪ ،‬واال تعرضت الدعوى لعدم القبول شكال حيث أكد ذلك القضاء اإلداري املغريب يف العديد من‬
‫احكامه‪ ،‬وقد ورد يف حيثيات الحكم عدد‪ 978‬الصادر عن املحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ‪2018/05/23‬‬
‫قسم القضاء الشامل ما ييل‪:‬‬

‫"وحيث تنص املادة ‪ 268‬من القانون التنظيمي رقم‪ 113 – 14‬املتعلق بالجامعات عىل انه يجب‬
‫إدخال الوكيل القضايئ للجامعات الرتابية تحت طائلة عدم القبول‪ ،‬يف جميع الدعاوى التي تستهدف‬
‫مطالبة الجامعات وهيئاتها بأداء دين أو تعويض ‪،‬وحيث إن عدم التزام املدعي مبا جاء يف هذا املقتىض‬
‫القانوين رغم إشعاره بإصالح املقال وإدراج الوكيل القضايئ للجامعات الرتابية بدال من املساعد القضايئ‬
‫الذي مل يعد له وجود يجعل الدعوى حليفة عدم القبول‪.16"...‬‬

‫رسعان ما استقر القضاء اإلداري عىل اعتبـــــر أن إدخال ‪ -‬الوكيل القضائـــــي ‪ -‬يف دعوى‬
‫مطالبة الجامعة بدين مستحــــق من النظام العام‪ ،‬واعتربه إجــــراءا شكليا جوهــــريا‪ ،‬كام جاء يف‬
‫حيثيات القرار الصادر يف امللف عدد‪ 10-7-330:‬بتاريخ ‪ 2011/05/04:‬عن محكمة االستئناف اإلدارية‬
‫مبراكش‪:‬‬

‫"‪...‬وحيث إن املستأنف مل يقم بإدخال املساعد القضايئ يف دعواه املوجهة ضد الجامعة‬


‫الحرضية اليت ملوك بقصد الترصيح مبديونيتها مام يشكل خرقا إلجراء شكيل جوهري مقرر قانونا تحت‬
‫طائلة عدم القبول‪ ،‬وحيث انه والحالة هذه‪ ،‬ودون أن تكون هناك حاجة ملناقشة باقي وسائل االستئناف‬
‫املثارة من قبل الطرفني لتعلقها باملوضوع‪ ،‬يتعني الحكم بإلغاء الحكم املستأنف والتصدي بعدم قبول‬
‫الدعوى‪.17‬وبالتايل فإن إدخال الوكيل القضايئ للجامعات الرتابية يف الدعوى يعد من النظام العام‪،‬‬
‫ويتعني إثارته يف مختلف مراحل الدعوى‪.‬‬

‫حكم عدد‪ 978:‬الصادر عن يف امللف اإلداري‬ ‫‪ -‬حكم املحكمة اإلدارية بوجدة بتاريخ ‪،2018/05/23‬‬ ‫‪16‬‬

‫عدد‪ ، 2017/7112/271:‬غري منشور‪.‬‬


‫‪ -17‬مجلة فقه املنازعات اإلدارية‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق املغريب‪ ،‬العدد السنوي الثاين‪ ،‬سنة‪ ،2012‬ص ‪.273،‬‬

‫‪18‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫والجدير بالذكر أن إعامل قاعدة إدخال الوكيل القضايئ للجامعات الرتابية ال تشمل دعاوى‬
‫االعتداء امل ادي الصادر عنها بتلك الصفة رغم كونها مجاال للمطالبة بالتعويض‪ ،‬ومؤثرة يف مالية‬
‫الجامعات الرتابية عىل أساس أن الوقائع املرتبطة مبنازعات االعتداء املادي ال سند لها من الناحية‬
‫القانونية‪.‬‬

‫كام أن إدخال الوكيل القضايئ للجــــامعات الرتابية سوف يطيل من أمــــد دعاوى االعتداء‬
‫املادي ويتعارض مع طبيعتها االستعجالية‪ ،‬كام أن مفهوم الدين الوارد بالقوانيــــن التنظيمية ال يشمل‬
‫إال ما هو موضوع تعاقد بني الجامعات الرتابيـــــــة‪ ،‬وان داللة التعويض املضمنة بها ال متتــد إىل‬
‫نطاق االعتداء املادي أو املسؤولية اإلدارية التقصيــرية للجامعات‪ ،‬وهو ما كرسته محكمة النقض يف‬
‫قرارها عدد‪ 360‬الصادر بغرفتني بتاريخ ‪ 2015/11/26:‬يف امللــــف اإلداري رقم‪ 2014/4/1830 :‬بقولها ‪:‬‬

‫"‪ ...‬ملا كانت املادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 08-45‬املتعلق بالتنظيم املايل للجامعات املحلية‬
‫ومجموعاتها تنص عىل انه يجب إدخا ل املساعد القضايئ يف الدعوى تحت طائلة عدم قبول املقال‬
‫كلام أقيمت دعوى قضائية بغرض الترصيح باستحقاق ديون عىل جامعة محلية ‪ ،‬فان مفهوم الدين‬
‫ينسحب إىل املبالغ الناتجة عن عالقة تعاقدية وال يدخل ضمنها دعاوى املطالبة بالتعويض الناتج عن‬
‫مسؤولية إدارية تقصريية"‪.18‬‬

‫وجاء يف قرار آخر صادر عن محكمة النقض بتاريخ ‪ 2017/12/15‬تحت عدد‪ 1/927:‬يف امللف‬
‫اإلداري رقم ‪ 14/4/359‬لنئ نصت مقتضيات املادة ‪ 38‬من القانون رقم ‪ 08-45‬املتعلق بالتنظيم املايل‬
‫للجامعات ومجموعاتها عىل انه يجب إدخال املساعد القضايئ – الوكيل القضايئ حاليا– يف الدعوى‬
‫تحت طائلة عدم القبول كلام أقيمت دعوى قضائية بغرض الترصيح باستحقاق ديون عىل جامعة ترابية‬
‫فان ذلك يتعلق فقط بالديون ذات الصيغة التعاقدية دون دعاوى التعويض عن اإلرضار التي تسببها‬
‫‪19‬‬
‫أعامل ونشاطات أشخاص القانون العام ومن بينها دعاوى التعويض عن االعتداء املادي عىل العقارات‪.‬‬
‫ان تعدد اإلجراءات واملساطر وتعدد الجهات اإلدارية التي يتم اللجوء إليها قبل الوصول إىل القضاء قد‬

‫‪ -18‬الزكراوي محمد ‪ ،‬مقال‪ ،‬منازعات قضايا االعتداء املادي الصادرة عن الجامعات الرتابية بني إشكالية وجوبية إدخال‬
‫الوكيل القضايئ للجامعات الرتابية وجوازية إعامل قاعدة التظلم اإلداري‪ ،‬موقع العلوم القانونية‪:‬‬
‫‪.‬تاريخ الولوج‪https://www.maroclaw.com2020/02/03‬‬
‫‪ -19‬الزكراوي محمد ‪ ،‬املرجع اعاله ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫يؤدي إىل إهدار وتفويت عدة حقوق عىل املواطنني‪ .‬ولذلك فالحاجة ماسة لتدخل ترشيعي إلصالح هذا‬
‫الوضع‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬استمرار مشكل عدم تنفيذ االحكام القضائية الصادرة ضد الجامعات‬
‫الرتابية‪ :‬ضياع لحقوق املتقاضني‬

‫إذا كان العدل أساس امللك‪ ،‬فإن التنفيذ هو أساس القضاء وغايته النبيلة‪ ،‬فهو ميثل أعظم وأهم‬
‫‪20‬‬
‫مرحلة من مراحل التقايض والتي غالبا ما تكون معقدة وشاقة ومحفوفــــة بالعراقيل والصعوبات‬
‫خصوصا عندما يتعلق االمر بالتنفيذ عىل الجامعات الرتابية ولقد أثارت مسألة امتناع الجامعات الرتابية‬
‫عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها عمــــوما إشكالية كبرية نظرا لكرثة األحكام غري املنفذة‬
‫املتعلقة بها‪ ،‬فال معنى للمطالبة بالحق من طرف املترضرين أمام القضاء اإلداري إذا مل يتم استيفاؤه‬
‫فعال‪ ،‬وال معنى إلقراره إن مل يستطع صاحبه تحصيله عن طريــــق التنفيذ‪ ،‬وإذا كان تنفيذ األحكام‬
‫الصادرة يف القضايا بني األفراد ال يثري إشكالية كبرية يف الكثيـــــر مــــن األحيان لكونها تستفيد من‬
‫قواعد خاصة بالتنفيذ الجربي يف مواجهة األفراد‪ ،‬فإن األحــــكام التي تصدر ضد اإلدارة – الجامعات‬
‫الرتابية – تثري الكثري من الصعوبات عند تنفيذها نظرا لطبيعة الدعوى اإلدارية وأطرافها ولخصوصية‬
‫األحكام الصادرة ضدها‪.21‬‬

‫فرغم أن الدستور املغريب لسنة ‪ 2011‬يف فصله ‪126‬جعل األحكام النهائية الصادرة عن القضاء‬
‫ملزمة للجميع‪.22‬إال أن إشكالية امتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام الصادرة ضدها الزالت قامئة‪،‬األمر الذي‬
‫دفع القايض اإلداري لالجتهاد إليجاد حلول لحامية الحقوق وضامن تنفيذ الحكم الحاصل عىل قوة‬
‫اليشء املقيض به‪ .‬ولكن هذه الحلول الزلت غري فعالة وغامضة وهي مصدر الكثري من الجدل وعدم‬
‫الوضوح‪.‬‬

‫‪ - 20‬محمد العلوي‪ ،‬إشكالية تنفيذ األحكام اإلدارية يف مواجهة اإلدارة العمومية‪ :‬الجامعات املحلية كنموذج‪ ،‬منشور‬
‫م‪.‬م‪.‬إ‪.‬م‪.‬ت عدد مزدوج ‪ 95 – 94‬شتنرب – دجنرب ‪ ،2010‬ص‪.69 ،‬‬
‫‪ -21‬عائشة سلامن‪ ،‬إشكالية تنفيذ األحكام القضائية الصادرة يف مواجهة اإلدارة‪ ،‬منشورات م م ا ت م‪ ،‬عدد مزدوج ‪72‬‬
‫– ‪ 73‬يناير – أبريل ‪ ،2007‬ص‪.45 ،‬‬
‫‪-22‬دستور اململكة املغربية‪ ،‬ظهري ‪ ،1.1.91‬صادر بتاريخ ‪27‬شغبان ‪29(1432‬يوليو‪ ،)2011‬الجريدة الرسمية ‪ 5964‬مكرر‬
‫الصادر بتاريخ ‪28‬شعبان ‪30(1432‬يوليو‪ ،)2011‬ص‪.3600،‬‬

‫‪20‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫الفرع االول‪ :‬عدم فعالية الغرامة التهديدية ضد الجامعات الرتابية‬


‫أمام عدم وجود أي منفذ لتنفيذ الحكم الصادر لفائدة املنفذ ‪ ،‬وأمام عدم إمكانية تنفيذ الحكم وفق‬
‫قواعد التنفيذ العادية بصفة مبارشة‪ ،‬اقر االجتهاد القضايئ إمكانية مبارشة إجبار اإلدارة عىل التنفيذ عرب‬
‫مراجعة القايض من جديد للمطالبة بالتعويض أو طلب تحديد الغرامة التهديدية‪ ،23‬والتي هي وسيلة‬
‫قانونية منحها املرشع املغريب مبقتىض الفصل ‪ 24448‬للدائن لتمكينه من الحصول عىل تنفيذ عيني متى‬
‫كان األمر يتعلق بالقيام بعمل أو االمتناع عنه وتتمثل يف عقوبة مالية تفرض عن كل يوم تأخري يحكم‬
‫بها القايض لضامن تنفيذ الحكم من قبل املحكوم ضده‪ ،‬وتبدأ الغرامة من يوم إصدار الحكم إىل غاية‬
‫امتثال املحكوم عليه بالتنفيذ‪.25‬‬

‫وهي تعترب وسيلة فعالة يف قواعد القانون الخاص التي حاول القايض اإلداري تكييفها مع واقع‬
‫األحكام اإلدارية‪ .‬وهذا ما اقره االجتهاد القضايئ املغريب حيث عرفها بكونها وسيلة مينحها القايض‬
‫للدائن لتمكينه من الحصول عىل التنفيذ العيني ويفرضها عىل املدين عند تأخره عن القيام بواجباته‬
‫بشكل نقدي معني عن كل وحدة من الزمن إىل أن يتم التنفيذ‪.26‬‬

‫وقد اصدر القضاء اإلداري املغريب أحكاما تعلق بفرض غرامات تهديدية عىل الجامعات الرتابية‬
‫نذكر منها عىل سبيل املثال حكم املحكمة اإلدارية بالدار البيضاء بتاريخ ‪ 2011/12/29:‬تحت عدد‪859‬‬
‫والذي جاء فيه ما ييل‪:‬‬

‫"‪ ...‬إن امتناع رئيس املجلـــس الجامعي عن تنفيذ حكم قضايئ نهايئ وتشبته بهذا االمتناع‪،‬‬
‫دون أن يستصدر حكام أو أمرا قضائيا بإيقاف تنفيذه‪ ،‬ميس بقدسية الحكم املذكور ومصداقيتـــه‪،‬‬

‫‪ -23‬محمد قرصي‪ ،‬الغرامة التهديدية كوسيلة إلجبار اإلدارة عىل تنفيذ أحكام القضاء اإلداري‪ ،‬منشورات املجلة املغربية‬
‫لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد‪ 106 – 105 ،‬يوليوز‪ ،‬أكتوبر‪ ،‬سنة ‪ ،2012‬ص‪.11 ،‬‬
‫‪ -24‬الفصل ‪ 448‬من قانون املسطرة املدنية‪:‬‬
‫«اذا رفض املنفذ عليه اداء التزام بعمل او خالف التزاما باالمتناع‪ ،‬اثبت عون التنفيذ ذلك يف محرض‪ ،‬واخرب الرئيس‬
‫الذي يحكم بغرامة تهديدية مامل يكن سبق الحكم بها ‪".‬‬
‫‪ -25‬سعاد الرشقاوي‪ ،‬املسؤولية اإلدارية‪ ،‬دار املعرفة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬مرص‪ ،1972 ،‬ص‪ ،256 :‬نقال عن عائشة سلامن‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72،‬‬
‫‪ -26‬الطيب عبد السالم برادة ‪ ،‬تنفيذ األحكام اإلدارية ‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ، 2003،‬مطبعة األمنية الرباط ‪،‬ص ‪.322،‬‬

‫‪21‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫ويلحق رضرا ماديا ومعنويا بطالب التنفيذ مام يربر الحكم عليه شخصيا بغرامة تهديدية لحمله عىل‬
‫التنفيذ"‪.27‬‬

‫إال أن االتجاه الغالب يف الفقه‪ ،‬يرى أن فرض الغرامة التهديدية عىل اإلدارة‪ ،‬قصد تنفيذ أحكام‬
‫القضاء‪ ،‬ليس وسيلة ناجعة وفعالة‪ ،‬وتثور يف مواجهتها العديد من الصعوبات منها‪:‬‬

‫‪-‬عدم وجود ما يضمن استجابة اإلدارة ألداء الغرامة التهديدية‪ .‬إذ قد يصطدم املعني باألمر مع‬
‫امتناع جديد لإلدارة‪ ،‬ألن الذي مل يرضخ للحكم األصيل فمن الطبيعي أنه لن يرضخ للحكم بأداء الغرامة‬
‫التهديدية‪.28‬‬

‫‪ -‬وجود عدة مساطر إدارية طويلة ومعقدة نظرا لتطلب تدخل عدة جهات كاآلمر بالرصف‪ ،‬واملحاسب‬
‫ومراقب االلتزامات والخزينة العامة‪.‬‬

‫‪ -‬عدم برمجة الغرامة التهديدية بوصفها نفقة طارئة غري منتظرة يف امليزانية املعتمدة لدى‬
‫الجامعات الرتابية‪.‬‬

‫ومن أجل ضامن فعالية هذه الوسيلة‪ ،‬تم متديد الغرامة التهديدية إىل املسؤول الشخيص عن‬
‫عدم التنفيذ‪ .‬حيث قامت املحكمة اإلدارية مبكناس بفرض غرامة عىل رئيس املجلس الجامعي الذي‬
‫رفض االستجابة إىل حكمها القايض بإلغاء قرار عزل السيد العطاوي وإرجاعه إىل عمله‪.29‬‬

‫وإذا كان املوقف الذي نهجه املجلس األعىل‪ – 30‬وهو يلغي هذه الغرامة – مل مينع املحاكم اإلدارية‬
‫من معاودة فرض الغرامة التهديدية عىل املسؤول املمتنع عن التنفيذ‪ ،‬بحيث قامت املحكمة اإلدارية‬

‫‪ -27‬حكم املحكمة اإلدارية بالدار البيضاء‪ ،‬حكم عدد‪ 859‬بتاريخ ‪ ، 2011/12/29:‬أورده محمد بفقري‪ ،‬قانون املحاكم‬
‫اإلدارية والعمل القضايئ‪ ،‬منشورات دراسات قضائية‪ ،‬عدد‪ ، 12،‬مطبعة النجاح الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،2016،‬‬
‫ص‪.38،‬‬
‫‪ -28‬محمد القرصي ‪ ،‬تنفيذ األحكام اإلدارية الغرامة التهديدية والحجز‪ ،‬منشور مبجلة املعيار ‪ ،‬عدد‪ ، 29‬ابريل ‪،2003‬‬
‫ص‪.61،‬‬
‫‪ -29‬حكم املحكمة االدارية مبكناس عدد ‪ 1/98/10‬س بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪ ،1998‬قضية اسامعيل العلوي املجلة املغربية‬
‫لإلدارة املحلية والتنمية‪ ،‬عدد ‪ ،26‬ص‪.192 ،‬‬
‫‪-30‬قرار املجلس االعىل ( محكمة النقض حاليا) الصادر بتاريخ ‪ 1999/3/11‬واعترب أنه ال ميكن إجبار اإلدارة عىل تنفيذ‬
‫حكم اإللغاء عن طريق الغرامة الت هديدية مادام أن القضاء اإلداري قد اقترص عىل إلغاء قراره الذي اعتربه شططا يف‬

‫‪22‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫بالدار البيضاء‪ ،‬بإصدار أمر يفرض غرامة تهديدية عىل رئيس املجلس البلدي مبدينة برشيد شخصيا ألنه‬
‫رفض تنفيذ حكم قضايئ صادر عن نفس املحكمة يقيض بأداء الجامعة التي يرتأسها ملبلغ مايل لرشكة‬
‫خاصة كمقابل لألشغال التي أنجزتها لفائدة هذه الجامعة‪.31‬‬

‫رغم أن االجتهاد القضايئ االداري فرض الغرامة التهديدية عىل املوظف املمتنع عن التنفيذ‪ ،‬اال‬
‫انه واجه معيقات‪ ،‬حيث ان القانون حدد مجال اختصاص القضاء االداري اذ ان االختصاص ال ينعقد‬
‫للبت يف نزاع بني اشخاص عاديني وبالتايل فان الحكم بغرامة تهديدية عىل الشخص املمتنـــع ال‬
‫تدخل يف اختصاص املحاكم االدارية‪ ،‬وبالرجوع اىل الفصل ‪ 448‬من قانون املسطرة املدنية نجده يتحدث‬
‫عن املنفذ عليه وليس الشخص املكلف بالتنفيذ وما يؤكد هذا قرار صادر عن محكمة االستئناف‬
‫االدارية‪ .32‬يرجع اختصاص تصفية الغرامة التهديدية اىل املحكمة التي أصدرت الحكم الجاري تنفيذه‬
‫وهذا موقف محكمة النقض‪ 33‬يف قرار لها والذي جاء فيه ما ييل‪:‬‬

‫" وحيث ان الطلب يهدف اىل تصفية الغرامة التهديدية موضـوع حكم صادر عن القضاء االداري‬
‫‪،‬وما دام ان الجهة القضائية التي اصدرت الحكم بتحديد الغرامــة التهديدية هي املختصة بتصفيتها‬
‫‪،‬فان املحكمة االدارية ملا قضت بانعقاد اختصاصها النوعي للبت يف الطلب تكون قد صادفت الصواب‪.‬‬

‫ويخضع مبلغ الغرامة التهديدية للسلطة التقديرية للقايض وتتم تصفيته عىل أساس تعويض جراء‬
‫االمتناع املنفذ عليه يف تنفيذ املقرر القضايئ وبالتايل فمبلغها ال ميكن احتسابه بعدد ايام االمتناع وهذا‬
‫ما أكده حكم صادر عن املحكمة االدارية بالرباط‪ 34‬والذي جاء يف حيثياته‪:‬‬

‫استعامل السلطة وأنه يبقى أمام املعني باألمر الحق يف اللجوء إىل القضاء اإلداري لطلب التعويض عن األرضار الناتجة‬
‫عن الرضر من جراء عدم التنفيذ‪.‬‬
‫‪-31‬محمد القرصي‪ ،‬الغرامة التهديدية والحجز يف مواجهة اإلدارة املمتنعة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة ضدها‪،‬‬
‫منشورات م‪.‬م‪.‬ا‪.‬ت‪.‬م‪ ،‬سلسلة مؤهالت وأعامل جامعية‪ ،‬عدد ‪ ،45‬ص‪.72 ،‬‬
‫‪-32‬قرار عدد‪ 642‬بتاريخ ‪ 2016/09/28‬يف ملف عدد‪ 2016/7202/670‬الصادر عن محكمة االستئناف الذي ايد االمر‬
‫االبتدايئ عدد‪ 1683‬بتاريخ ‪ 2016/06/14‬يف مبدئه مع تعديله وذلك بجعل الغرامة التهديدية املحكوم بها يف مواجهة‬
‫وزارة الصحة عوض السيد الحسني الوردي بصفته الشخصية‪.‬‬
‫‪ 33‬قرار‪ 1/4/834‬بتاريخ ‪ 2013/09/26‬ملف عدد‪ 2013/1/4/1803‬صادر عن الغرفة االدارية مبحكمة النقض‪ ،‬غري منشور‬
‫‪ 34‬حكم ‪ 4745‬بتاريخ ‪ 2015/11/11‬يف ملف عدد‪ 2015/7112/681‬صادر عن محكمة االدارية بالرباط منشوريف موقع‬
‫‪ www.maroclow.com‬تاريخ الولوج ‪.2020/04/10‬‬

‫‪23‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫"‪ ...‬وحيث ان الغرامة التهديدية عند تصفيتها تعترب كتعويض ممنوح لطالب التنفيذ نتيجة الرضر‬
‫الذي تعرض اليه جراء امتناع وارصار املنفذ عليه عىل تعنته يف تنفيذ املقرر القضايئ‪ ،‬وبالتايل فان مبلغها‬
‫ال ميكن احتسابه بعدد ايام االمتناع ولكن يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة املصفية انطالقا من حجم‬
‫الرضر الذي أصاب طالبها ومقدار تعنت اإلدارة املنفذ عليها‪."...‬‬

‫وهو نفس التوجه الذي ذهبت اليه الغرفة اإلدارية مبحكمة النقض‪35‬يف قرار لها بتاريخ ‪01‬‬
‫نونرب‪ 2012‬عىل" اعتبار أن تصفية الغرامة التهديدية هو تعويض املحكوم له بسبب رضر أصابه من جراء‬
‫عدم التنفيذ"‪ .‬غري انه إذا كانت الغرامة التهديدية املحكوم بها تصفى عىل شكل تعويض بناء عىل الرضر‬
‫الناتج عن الخطأ املرفقي لإلدارة املمتنعة عن التنفيذ وأهميته ومداه‪،‬‬

‫فام الجدوى من سلوك املسطرة الالزمة لتحدي دها واملطالبة بتصفيتها مادام أن املعني باألمر ميكنه‬
‫اللجوء إىل القضاء مبارشة للمطالبة بالتعويض كذلك تبعا للرضر وأهميته ومداه؟‬

‫‪ -35‬قرار محكمة النقض بتاريخ عدد ‪537‬الصادر بتاريخ ‪ 01‬نونرب ‪2012‬يف امللف اإلداري عدد ‪ 2011-2-4-774‬يف قضية‬
‫محمد بوزيان الوكالة املستقلة لتوزيع املاء والكهرباء‪.‬‬
‫تتلخص وقائع هذه القضية يف ان املدعي محمد بوزيانتقدم مبقال إىل إدارية مراكش يعرض فيه أنه استصدر‬
‫أمرا استعجاليا بإيقاف األشغال التي تبارشها املدعى عليها (الوكالة املستقلة لتوزيع املاء والكهرباء) عىل ملكه دون وجه‬
‫حق إال إنها امتنعت من تنفيذه‪ ،‬مام حدا به إىل استصدار أمر آخر يقيض مبواصلة إجراءات التنفيذ تحت طائلة غرامة‬
‫تهديدية قدرها ‪ 25000‬درهم عن كل يوم تأخري‪ ،‬أيد استئنافيا بتاريخ ‪ 2007-01-15‬إال أن املدعى عليها ظلت ممتنعة من‬
‫‪ 2007-07-11‬إىل ‪ 2008-02-13‬وحتى تقديم مقال الدعوى‪ ،‬ملتمسا تصفية الغرامة التهديدية والحكم عىل املدعى عليها‬
‫بأدائها له مبلغ ‪ 5.400.000‬درهم تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها ‪ 2000‬درهم عن كل يوم تأخري‪ ،‬فأصدرت املحكمة‬
‫االبتدائية حكام قىض باالستجابة للطلب‪ .‬استأنفته الوكالة فعدلته محكمة االستئناف اإلدارية بخفض التعويض‬
‫املحكوم به إىل‪ 450.000‬درهم‪ ،‬فطعن فيه املدعي بالنقض فأصدر املجلس األعىل قراره عدد ‪ 87‬بتاريخ ‪ 2011-02-03‬يف‬
‫امللف ‪ 2010-1-4-721‬القايض بالنقض واإلحالة ‪ ،‬فاعتربت محكمة النقض‪:‬‬
‫" أن الغرامة التهديدية هي وسيلة إلجبار املنفذ عليه عىل تنفيذ التزامه تؤول حني تصفيتها إىل تعويض يحكم به لفائدة‬
‫املستفيد من التنفيذ‪ ،‬وأن التعويض املذكور ال يشمل فقط الرضر الناتج عن عدم التنفيذ أو التأخر يف ذلك والذي ميكن‬
‫املطالبة به يف إطار القواعد العامة للمسؤولية دون حاجة إىل املرور عرب مسطرة تحديد الغرامة التهديدية‪ ،‬بل كذلك يجب‬
‫األخذ بعني االعتبار مبلغ الغرامة املحدد يف الحكم اآلمر بها وتعسف املنفذ عليه وتعنته يف التنفيذ رشيطة أال يكون‬
‫من شأن تصفية الغرامة التهديدية بشكل كامل أي برضب قيمتها يف عدد أيام االمتناع إثراء من املنفذ له عىل حساب‬
‫املنف ذ عليه بحيث ال يكون هناك تناسب بني التعويض املحكوم به والحقوق محل التنفيذ والرضر الحاصل عن عدم‬
‫التنفيذ‪"...‬‬

‫‪24‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫ولذلك يبقى أن تحديد الغرامة التهديدية أمرا زائد ال فائدة من اللجوء إليه ‪.36‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬استمرار الجدل والرتدد القضايئ حول الحجز عىل أموال الجامعات املمتنعة‬
‫عن التنفيذ‬
‫يقصد بالحجز يف األحكام املتعلقة بأصول التنفيذ املدين ضبط املال منقوال أو غري منقول ووضعه‬
‫تحت يد القضاء "املحكمة أو دائرة التنفيذ" ملنع صاحبه من الترصف فيه أو القيام بأي عمل قانوين أو‬
‫مادي من شأنه إخراج هذا املال من ملكه‪ ،‬وحتى يستطيع الحاجز استيفاء حقه منه واستعدادا لبيعها يف‬
‫املزاد العلني من أجل استخالص املبالغ املرتتبة بذمة املدين‪ ،37‬وسبب الحجز هو رفض املدين أو املحكوم‬
‫عليه تنفيذ ما التزم به أو ما حكم عليه طوعا‪ ،‬وينقسم إىل ثالثة أنواع‪:‬‬

‫الحجز التحفظي‪ :‬عرفه املرشع يف املادة ‪ 453‬من قانون املسطرة املدنية بكونه وضع يد القضاء‬
‫عىل املنقوالت والعقارات أنصب عليها الحجز ومنع املدين من الترصف فيها ترصفا يرض بدائنيه‪.‬‬

‫الحجز التنفيذي‪ :‬يؤدي إىل وضع املال املحجوز عليه بني يدي القضاء متهيدا لبيعه وتوزيع‬
‫الناتج عنه عن الدائنني الحاجزين‪.38‬‬

‫الحجز لدى الغري‪ :‬هذا النوع من الحجز يلجأ إليه الحاجزون (الباب الرابع الفرع الثاين‬
‫ق‪.‬م‪.‬م‪ )459.‬لحامية حقه‪ ،‬فيتعرض بني يدي املحجوز لديه عىل املبالغ والقيم املنقولة التي يحوزها هذا‬
‫األخري لفائدة املدين املحجوز عليه منعا له من الترصف فيها ترصفا يرض بحقوقه (الباب الخامس الفصول‬
‫‪ 488-489‬ق‪.‬م‪.‬م)‪.‬‬

‫‪-‬قبل صدور املادة التاسعة من قانون املالية ‪:2020‬‬


‫كان من املتفق عليه فقها وقضاء أنه ال يجوز الحجز عىل األموال العامة للدولة أو األشخاص‬
‫االعتبارية العامة حتى قبل صدور املادة التاسعة من قانون املالية ‪2020‬بسبب تخصيصها للمنفعة العامة‬

‫‪-36‬محمد قرصي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.60،‬‬


‫‪-37‬يونس الشامخي‪ ،‬إشكاليـــــة التنفيذ لألحـــــكام اإلدارية الصادرة ضد اإلدارة املحلية‪ ،‬مداخلة ألقيــــت بندوة نظمت‬
‫من طرف الجامعة الحرضيـــــة لورززات تحـــــ ت عنوان ''وسائل النشاط اإلداري ومنازعات الجامعات املحلية‪،‬‬
‫الصفحة‪.12 ،‬‬
‫‪-38‬املادة ‪ 459‬من الفرع الثاين الباب الرابع من قانون املسطرة املدنية‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫وضامن سري املرافق العمومية بانتظام واستمرار‪ .39‬واستثناء من ذلك يجوز الحجز عىل األموال الخاصة‬
‫ألشخاص القانون العام‪ ،‬متى كان الحجز بحسب تقدير السلطة القضائية املقررة للحجز‪ ،‬ليس من شأنه‬
‫عرقلة سري املرفق العمومي أو تعطيل خدمات الجمهور‪ .40‬حيث أقر العمل القضايئ يف هذا الصدد‬
‫إمكانية إيقاع الحجز عىل العقارات اململوكة ملكية خاصة سواء حجزا تحفظيا أو تنفيذيا و بيعها الستيفاء‬
‫ما بذمة الشخص املعنوي العام‪.41‬‬

‫إال أن الغرفة اإلدارية باملجلس األعىل رفضت الحجز عىل عقار يف ملكية خاصة للمجلس‬
‫الجامعي وعللت ذلك ‪:‬‬

‫"‪...‬لكن حيث أن األمر املستأنف عندما أسس تعديله عىل أن الجامعة املطلوب ضدها إجراء‬
‫الحجز‪ ،‬تعترب من أشخاص القانون العام تفرض مالءة الذمة وال يخىش عليه العرس‪ ،‬وتؤدي ديونها وفق‬
‫املحاسبة العمومية ‪.42‬‬
‫ويف هذا الصدد ميكن أن نتساءل هل ميكن الحجز عىل األموال املنقولة الخاصة للشخص‬
‫العام؟‬

‫ولإلجابة عن هذا التساؤل ميكن االستئناس بأمر استعجايل صادر عن املحكمة اإلدارية بوجدة‬
‫يف تنفيذ حكم صدر ضد بلدية بني درار قىض عليها بأداء مبالغ مالية لفائدة املسمى هرو محمد وتم‬
‫الحجز عىل منقوالت تلك البلدية ممثلة يف سيارة وتلفاز ومكيف الهواء باعتبار أن هذه املنقوالت ال يرض‬
‫بيعها واستيفاء الدين املستحق عىل البلدية بسري املرفق البلدي وهي ال تعترب يف جميع األحول أموال‬
‫الزمة لسري املرفق املذكور‪.43‬‬

‫‪-39‬يونس الشامخي‪ ،‬إشكالية التنفيـــذ لألحكام اإلداريــــة الصادرة ضـــد اإلدارة املحلية‪ ،‬مداخلة ألقيت بندوة نظمــــت‬
‫من طرف الجامعة الحرضية لورززات تحت عنوان ''وسائل النشاط اإلداري ومنازعات الجامعات املحلية‪ ،‬الصفحة‪.12 ،‬‬
‫‪-40‬املرجع اعاله نفسه‪.‬‬
‫‪-41‬أورده محمد أيت امليك ''تنفيذ أحكام القضاء اإلداري الصادرة ضد اإلدارة'' املجلة املغربية للمنازعات القانونية‪ ،‬العدد‬
‫الثاين ‪ 2004‬ص‪.13 ،‬‬
‫‪ -42‬قرار الغرفة اإلدارية ‪ 974‬بتاريخ ‪ 2003-10-30‬ملف إداري ‪ ، 1070/14/03‬أورده محمد أيت امليك ''تنفيذ أحكام القضاء‬
‫اإلداري الصادرة ضد اإلدارة'' املجلة املغربية للمنازعات القانونية ‪ ،‬ص‪.14،‬‬
‫‪ -43‬حكم أورده محم د قرصي‪ ،‬تنفيذ األحكام اإلدارية "الغرامة التهديدية" "الحجز"‪ ،‬مرجع سابق ص‪.9 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫وتجدر االشارة إىل انه حتى يف هذا اإلطار ‪،‬فإن االجتهاد القضايئ املغريب مييز بني املنقوالت‬
‫الالزمة لسري املرفق كشاحنات نقل النفايات وسيارات اإلسعاف واملنقوالن غري الالزمة لسريه‪ ،‬كالسيارات‬
‫اململوكة من قبل رئيس املجلس الجامعي أو نائبه ويقيض بحجز هذه االخرية فقط‪.44‬‬

‫‪-‬بعد صدور املادة التاسعة من قانون املالية ‪:2020‬‬


‫تنص املادة التاسعة من قانون املالية ‪452020‬عىل أنه‪" :‬يتعني عىل الدائنني الحاملني ألحكام‬
‫قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجامعات الرتابية ومجموعاتها أال يطالبوا باألداء إال أمام مصالح‬
‫االمر بالرصف لإلدارة العمومية أو الجامعات الرتابية املعنية‪.46‬‬

‫يف حالة صدور حكم قضايئ نهايئ قابل للتنفيذ‪ ،‬يلزم الـــدولة أو الجامعة الرتابيــــة أو‬
‫مجموعاتها بأداء مبلغ معني‪ ،‬يتعني األمر برصف داخل أجل أقصاه ‪ 90‬يوما ابتداء من تاريخ االعذار‬
‫بالتنفيذ يف حدود االعتامدات املالية املفتوحة بامليزانية لهذا الغـــرض‪ ،‬وفق مبادئ وقواعد املحاسبة‬
‫العمومية‪ ،‬وإال يتم األداء تلقائيا من طرف املحاسب العمومي‪ ،‬داخل األجـــل املنصوص عليها باألنظمة‬
‫الجاري بها العمل يف حالة تقاعس األمر بالرصف عن األداء مبجرد انرصام األجل أعاله‪ ،‬وإذا أدرجت‬
‫النفقة يف االعتامدات‪ ،‬تبني أنها غري كافية يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضايئ عرب األمر برصف املبلغ‬
‫املعني يف حدود االعتامدات املتوفرة بامليزانية عىل أن يقوم االمر بالرصف وجوبا بتوفري االعتامدات‬
‫الالزمة ألداء املبلغ املتبق يف ميزانيات السنوات الالحقة وذلك يف أجل أقصاه أربع(‪ )4‬سنوات‪ ،‬ووفق‬
‫الرشوط املشار اليها اعاله دون ان تخضع اموال وممتلكات الدولة و الجامعات الرتابية ومجموعاتها‬
‫‪47‬‬
‫للحجز لهذه الغاية"‬

‫‪ - 44‬حكم صادر عن املحكمة اإلدارية بفاس بامللف ‪130‬غ‪ 02/‬بتاريخ ‪ 2002/12/10‬يف قضية امللياين ضد الجامعة‬
‫الحرضية لفاس‪.‬‬
‫حكم ادارية فاس بامللف ‪ 2002/214‬الصادر بتاريخ ‪ 2002/12/10‬يف قضية بلقايض ضد جامعة سيدي احرازم‪.‬‬
‫‪ -45‬ظهري رشيف رقم ‪ 1.19.125‬صادر يف ‪ 16‬من ربيع االخر‪ 13( 1441‬ديسمرب‪،)2019‬بتنفيذ قانون املالية ‪ 70.19‬للسنة‬
‫املالية ‪،2020‬جريدة الرسمية عدد ‪6838‬مكرر بتاريخ ‪ 14‬دجنرب‪،2019‬ص‪.11123،‬‬
‫‪ -46‬تجدر االشـــارة إىل ان الحكومة حاولــــت مترير مثل هذه املادة يف مشاريع سابقـــــة (مشـــروع قانون ماليـــة‬
‫‪ )2017‬إىل أن اضطرت – تحت الضغط‪ -‬للرتاجع عنها‪.‬‬
‫ثم أعادت اليوم التنصيص عليها يف مرشوع مالية ‪.2020‬‬
‫‪47‬املادة ‪ 9‬من قانون املالية ‪.2020‬‬

‫‪27‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫خالل قراءة هذه املادة نجدها قد فتحت بابا للجدال انقسمت اآلراء عىل إثره إىل مجموعتني‪:‬‬
‫مجموعة مؤيدة وأخرى معارضة ‪:‬‬

‫‪-‬الفئة املؤيدة‪ :‬متثل هــــذه الفئة الحكومة بالدرجة األوىل‪ ،‬حيث اعتبــــرت أن هذه املادة‬
‫موجودة لتعزيز الثقة بني املواطن واملؤسسات العمومــــ ية ببالدنا وذلك بالسهر عىل ضامن استمرارية‬
‫الخدمة العمومية وقد شدد وزير املالية عىل"توطيـــــد ثقة املواطن يف مؤســــسات البالد وليس‬
‫العكس"‪ ،‬مؤكدا الحرص عىل "احرتام األحكام القضائية‪ ،‬وعىل التنفيذ الرسيع لهذه األحكام‪ ،‬ولكن‬
‫يف الوقت ذاته الحرص عىل ضامن استمرار املرفق العام يف أداء الخدمات املقدمة للمواطن بشكل‬
‫خاص‪.48".‬‬

‫كام أن الدولة شخص رشيف وله ذمة مالية وال يخاف عرسها فقط هناك اكراهات يجب تجاوزها‬
‫الستمرارية املرفق العام‪ ،‬وأن ظاهرة كلفة األحكام القضائية ضد الدولة لها أسباب مرتبطة باملسؤولني‬
‫اإلداريني وقراراتهم‪.‬‬

‫‪-‬الفئة املعارضة‪ :‬اعتربت املادة ‪ 9‬من قانون املالية ‪ 220‬تتعارض بشكل واضح ورصيح مع مجموعة‬
‫من املبادئ الدستورية‪ ،‬أولها املساواة كام ورد يف الفصل السادس من الدستور الفقرة األوىل" القانون‬
‫هو أسمى تعبري عن إرادة األمة‪ .‬والجميع أشخاصا ذاتيني واعتباريني مبا فيهم السلطات العمومية‬
‫متساوون أمامه وملزمون لالمتثال له ‪. 49‬‬

‫وثانيها أنها متس مببدأ فصل السلط الذي كرسه الدستور يف الفصل األول منه كام أنها متس‬
‫مببدأ حجية األحكام القضائية املنصوص عليها يف الفصل ‪ 126‬التي تنص‬

‫" يجب عىل الجميع احرتام األحكام النهائية الصادرة عن القضاء"‪ ،‬فاملرشع ارتأى أن يجعل هذا‬
‫املقتىض ملزما للجميع وليس فقط ألطرافها‪.50‬‬

‫‪ -48‬كلمة وزير املالية و اصالح االدارة محمد بنشعبون خالل مناقشة اللجنة ‪ ttps://www.alaraby.co.uk‬تاريخ الولوج‬
‫‪2020/02/03‬‬
‫‪-49‬فصل ‪ 6‬من دستور اململكة املغربية ‪2011‬‬
‫‪-50‬كريم الحرس‪ ،‬الدستور الجديد للملكة املغربية‪-‬رشح وتحليل‪ ،‬سلسلة العمل الترشيعي واجتهادات القضائية العدد‬
‫‪ ،3‬سنة ‪2012‬‬

‫‪28‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫كام أن هذه املادة تخالف برصيح العبارة الدعوة امللكيــــة لتنفيذ األحكام القضائية خالل افتتاح‬
‫الدورة األوىل للربملان يف ‪ 14‬أكتوبـــر ‪ ،2016‬حيث جاء يف الخطاب النص عىل ضــــرورة تنفيذ‬
‫األحــــكام "‪...‬كام ان املواطن يشتيك بكرثة من طول وتعقد املساطر القضائية‪ ،‬ومن عدم تنفيذ‬
‫األحكام وخاصة يف مواجهة اإلدارة‪ ،‬فمن غري املفهوم ان تسلب االدارة املواطن حقوقه وهي التي يجب‬
‫ان تصونها وتدافع عنها‪ ،‬وكيف ملسؤول ان يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضايئ‬
‫نهايئ‪."...‬‬

‫وإذا كانت هذه املادة تتجاهل أيضا مبدأ حجية اليشء املقيض به مام من شأنه أن تؤثر سلبا عىل‬
‫االستثامرات األجنبية يف املغرب‪ ،‬عىل اعتبار أن هاجس املستثمر االجنبي يتمثل يف توفري الضامنات‬
‫القانونية الكفيلة بضامن حقوقه‪ ،‬فإنه يف املقابل تجهز عىل الثقة التي ميكن أن يعقدها املواطن عىل‬
‫العدالة يف البالد‪ ،‬السيام حينام يؤدي ذلك إىل ضياع الحقوق وانتهاك الحريات‪ ،51‬فام جدوى وجود‬
‫أحكام قضائية دون تنفيذ؟ فهذه املادة أفرغت األحكام القضائية من قوتها وجعلتها بدون أهمية‪ ،‬مام‬
‫ميس باألمن القضايئ والقانوين‪.‬‬

‫وكام هو معلوم تسعى املادة ‪ 9‬من قانون املالية لسنة ‪ 2020‬إىل إحداث مسطرة خاصة لتنفيذ‬
‫األحكام القضائية‪ ،‬وهو ما ال يدخل يف مجال قانون املالية‪ ،‬بل مجاله قانون املسطرة املدنية‪ .‬وبالتايل‬
‫فإن األمر يتعلق بفرس من«فرسان امليزانية‪ " cavalier budgétaire‬أي ادراج مقتضيات ال عالقة لها‬
‫باملوارد والتكاليف يف قانون املالية وهو مامرسة غري دستورية‪.52‬‬

‫إذ نصت املادة ‪ 6‬من القانون التنظيمي للاملية بشكل رصيح عىل أنه "ال ميكن أن تتضمن قوانني‬
‫املالية إال أحكاما تتعلق باملوارد والتكاليف أو تهدف إىل تحسني الرشوط املتعلقة بتحصيل املداخيل‬
‫ومبراقبة استعامل األموال العمومية‪".‬‬

‫‪ 51‬حسن صحيب‪ ،‬القضاء اإلداري املغريب سلسلة دراسات وابحاث يف اإلدارة والقانون الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪،2019‬‬
‫الصفحة‪.622 ،‬‬
‫‪ 52‬سبق للمجلس الدستـــــوري أن اعتربه فرسان امليـــــــزانية (أي إدراج مقتضــــيات يف قانــــــــون املالية ال‬
‫عالقــــــة لها باملــــــــوارد واملداخيل) يف قــــــــراره رقم‪ 08/728 :‬بتاريــــــخ ‪ 29‬دجنبــــر ‪ ،2008‬غري مطابق‬
‫للدستــــــور‪ ،‬وذلك مبناسبة مـــــ حاولة إدماج مسطرة خاصة لتحصيل غرامات مخالفات مدونة السيـــــــــر يف قانون‬
‫مالية‪.2009‬‬

‫‪29‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫إن املادة ‪ 09‬من قانون املالية لسنة ‪ 2020‬متس باستقالل السلطة القضائية وبالقرارات الصادرة‬
‫عنها‪ ،‬فالقضاء دعامة لجلب االستثامر واملستثمـــــر‪ ،‬فبالرجوع اىل قانون املالية لسنة ‪ 2020‬يظهر جليا‬
‫ان الحكومة تحاول ايقــــاف تنفيذ األحكام القضائية الصــــادرة بالحجز عــــىل ممتلكات و اموال‬
‫الدولة وذلك راجع اىل العجز الذي أصبح يثقل كاهل الدولة و بذلك فهي ترى مصلحتها الشخصية دون‬
‫الطرف األخر املترضر ألن عدم التنفيذ ميكن أن يـــــؤدي اىل إفالس رشكات‪ ،‬وأشـــــخاص انتزع‬
‫عقارهم من أجل املصلحة العامة دون سلك املسطرة القانونية وهم بحاجة اىل التعويض الرسيع عن‬
‫الرضر لسد حاجياتهم‪ ،‬كام ان املادة املذكورة نصت عىل ادراج املبلغ املستحــــق يف اعتامدات امليزانيات‬
‫السنوات الالحقة وذلك يف أجل أقصاه أربع(‪ )4‬سنوات وهي مدة طويلة يف ظل البحث عن ايصال‬
‫الحقوق ألصحابها من خالل تدبري الزمن القضايئ‪ ،‬فباإلضافة اىل املــــدة التي يحتاجها القضاء‬
‫اإلداري للبت يف املنازعة فهذا يحتاج اىل سنوات ‪،‬فإن هذه املادة ملرتتب اي جزاء بعد انقضاء هذه األربع‬
‫سنوات ومل يتم التنفيذ‪.‬‬

‫بعد الجدل الذي اثري حول املادة ‪ 9‬من قانون املالية ‪ 2020‬اصـــدرت املحكمة االدارية مبكناس‬
‫امرا يقيض بالحجز عىل أموال األكادميية الجهوية للرتبية و التكوين‪ ،‬وقد عللت املحكمـــة حكمها مبا‬
‫ييل‪:‬‬

‫"‪...‬حيث ان املرشع ولنئ منــع الحجز برصيح املادة ‪ 9‬من قانون املالية لسنة ‪ 2020‬فان حصـر‬
‫هذا املنع بالنسبة ألموال و ممتلكات الدولة و الجامعات الرتابية و مجموعاتها فقط دون باقي املؤسسات‬
‫العمومية األخرى و التي تدخل ضمنها الجهة املدعية مام يبقى معه الدفع املثار غري مؤسس‪.53"...‬‬

‫كام ان املحكمة االدارية مبراكش قضت يف حكمها‪54‬باملصادقة عىل الحجز املرضوب عىل حساب‬
‫جامعة ابن جرير اذ جاء يف حيثياته‪..." :‬انه من جهة رابعة‪ ،‬فان مبلغ التعويض املحكوم به لفائدة‬
‫الطالب قد استوىف مسطرة اجراءاته الالزمة قبل دخول مقتضــــيات املادة التاسعة من قانون املالية ‪2020‬‬
‫املحتج به حيز التنفيذ من توفر السند التنفيذي ومن سند االمتناع وتبليغ محرض الحجز اىل املحجوز‬
‫عليها واملحجوز بني يديه مام يبقي معه الدفع مبقتضيات املادة التاسعة املذكورة غري ذي أثر‪.‬‬

‫‪- 53‬امر عدد ‪ ،05‬صادر بتاريخ ‪ ،2020/01/22‬ملف عدد‪ ،2019/7103/134‬املحكمة االدارية مبكناس‪ ،‬غري منشور‪.‬‬
‫‪-54‬حكم عدد ‪ ،02‬صادر بتاريخ ‪ ،2020/01/15‬ملف عدد‪ ،2019/7103/69‬املحكمة االدارية مبراكش‪ ،‬غري منشور‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫العدد ‪ 7‬ماي–يونيـــو ‪2021‬‬

‫وحيث انه من جهة خامسة‪ ،‬فان االولوية يف التطبيق تعطى للنص الخاص الذي نظم الواقعة‬
‫وهو قانون املسطرة املدنية باعتباره قانون ينظم اجراءات تنفيذ االحكام القضائية ومن بينها االحكام‬
‫الصادرة يف مواجهة اشخاص القانون العام والتي تبقى قابلة للتنفيذ الجربي عىل اموالها‪."...‬‬

‫ولذلك ‪ ،‬فإن تنفيذ االحكام القضائية الزال رهينا بإرادة االدارة الرتابية‪.‬‬

‫خامتة‪:‬‬
‫تنقسم املنازعات القضائية للجامعات الرتابية بحسب طبيعتها إىل األعامل القانونية‪ ،‬منها القرار‬
‫اإلداري والعقد اإلداري واىل األعامل املادية التي تثري املسؤولية اإلدارية‪ ،‬اال ان املرشع عمد إىل وضع‬
‫حواجز وشكليات من اجل مقاضاة الجامعات الرتابية ومنها ما تشرتك فيه مع جميع اإلدارات العمومية‬
‫وهو عدم تنفيذ األحكام القضائية ومنها ما مييزها وهو تعقد مسطرة التقايض‪.‬‬

‫لذلك ينبغي بأن تكون قرارات الجامعات الرتابية متسمة بالحيطة والحذر وتتجه أكرث نحو‬
‫املرشوعية‪ ،‬فضال عن اختيارها للوسائل البديلة لفض املنازعات كالتصالح والتسوية الحبية‪ ،‬التي تنعكس‬
‫إيجابيا عىل خزينة الجامعات الرتابية‪ ،‬عىل اعتبار أن املنازعات تتولد عنها مصاريف تثقل كاهل‬
‫ميزانيتها‪.‬‬

‫هذا ويتعني عىل األجهزة املختصة مضاعفة الجهود للتقليص من املنازعات عرب توجيه وتحسيس‬
‫املسؤولني املحليني ومراجعة الدالئل املسطرية لجعلها متوافقة ومنسجمة مع القانون وتعديل النصوص‬
‫القانونية سواء تلك التي أصبحت متجاوزة أو التي تثري منازعات قضائية بسبب عدم دقتها أو غموضها‪.‬‬

‫ويف نفس السياق يتعني عىل متخذي القرار األخذ بعني االعتبار ما استقر عليه العمل القضايئ‪،‬‬
‫لتفادي ارتكاب نفس األخطاء التي أدت إىل صدور هاته األحكام‪.‬‬

‫وتفعيال للقوانني التنظيمية عىل املجالس الرتابية ومبناسبة وضع هياكلها الجديدة والسهر عىل‬
‫إحداث مصالح للمنازعات القانونية يكون من مهامها تقديم االستشارة القانونية وإجراء املراقبة القبلية‬
‫لكل مقررات املجال س وكذا قرارات الرئيس وتتبع مختلف القضايا املعروضة إمام املحاكم اإلدارية خاصة‬
‫إن معظم اإلحكام الصادرة يتبني من خالل فحصها غياب حضور الجامعات أو من ميثلها‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like