You are on page 1of 35

‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻀﺎﺣﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬


‫ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪:‬‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺎﺳﻤﻲ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪:‬‬
‫ﺑﺨﻮﺵ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬‬
‫ﻉ‪39‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪:‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬‬
‫‪The problem of urban management in the suburban2022‬‬
‫‪areas in Morocco‬‬
‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ‬ ‫ﺍﻟﺸﻬﺮ‪:‬مقدمة‪:‬‬
‫‪115 - 147‬‬ ‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪:‬‬
‫إن التحوالت التي عرفتها املدن نتيجة لتركيز األنشطة الصناعية بها‪ ،‬قد أدى إلى إفراز‬
‫‪1239585‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫ﺑﺤﻮﺙ ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬
‫اإلقتصادية واإلجتماعية التي أصبحت تعاني منها املدن املعاصرة‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬من املشكالت‬
‫ﻧﻮﻉ العديد‬
‫‪Arabic‬‬ ‫ﺍﻟﻠﻐﺔ‪:‬‬

‫‪IslamicInfo‬باألحرى إشكالية توفير الوعاء العقاري الحضري واإلستجابة‬


‫مقدمتها مشكلة السكن أو‬ ‫ﻗﻮﺍﻋﺪوفي‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬‬
‫ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ‪ ،‬ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ‬ ‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪:‬‬
‫لسكاني‪ ،‬والحاجيات املتزايدة‬ ‫ﺭﺍﺑﻂ‪:‬للطلبات املتزايدة للتوسع العمراني الذي إرتبط بالتطور ا‬
‫‪http://search.mandumah.com/Record/1239585‬‬

‫مهددا بذلك إستقرار الحياة الحضرية التي زادتها الهجرة القروية تعقيدا‪.‬‬

‫ولذلك أضحت الحياة الحضرية باملدينة املغربية كغيرها من مدن العالم الثالث‬

‫معقدة تحت تأثير مجموعة من املشاكل التي تؤثر في شكل ودينامية املدن‪ ،‬حيث أصبح‬

‫إحداث مراكز حضرية بضواحي املدن ضرورة ملحة لخلق توازن إجتماعي قائم على نسج‬

‫توافق بين الحاجيات الحالية للساكنة دون التأثير على الحاجيات املستقبلية لألجيال‬

‫املتعاقبة‪151.‬‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏصر‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫(إقليم النوا‬
‫ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬‫ﺗﺼﺮﻳﺢالثالث‬
‫ﺩﻭﻥ العالم‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( مدن‬
‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪفي ضواحي‬
‫العمرني‬ ‫ﻣﻮﺍﻗﻊالتوسع‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬ ‫)ﻣﺜﻞ‪،‬آثار‬
‫بوشتى)‬ ‫الخزان (‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‬ ‫(ماجدة) ‪،‬ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬
‫صواب ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ‬
‫(محمد)‪ ،‬ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ‬
‫كويوز ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ‪-151‬‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬نموذجا )‪ ،‬المجلة االكاديمية لألبحاث والنشر العلمي ‪ ،‬اإلصدار السابع عشر ‪،4141،‬ص‪.00. :‬‬

‫‪P 115‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ‪:‬‬

‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪APA‬‬
‫ﺑﺨﻮﺵ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ‪ .(2022) .‬ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻀﺎﺣﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ‪.‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ‬
‫ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ‪ ،‬ﻉ‪ .147 - 115 ،39‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1239585/Record/com.mandumah.search//:http‬‬
‫ﺇﺳﻠﻮﺏ ‪MLA‬‬
‫ﺑﺨﻮﺵ‪ ،‬ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ‪" .‬ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻀﺎﺣﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ‪".‬ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ‬
‫ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔﻉ‪ .147 - 115 :(2022) 39‬ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ ‪1239585/Record/com.mandumah.search//:http‬‬

‫‪The problem of urban management in the suburban areas in Morocco‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫إن التحوالت التي عرفتها املدن نتيجة لتركيز األنشطة الصناعية بها‪ ،‬قد أدى إلى إفراز‬

‫العديد من املشكالت اإلقتصادية واإلجتماعية التي أصبحت تعاني منها املدن املعاصرة‪،‬‬

‫وفي مقدمتها مشكلة السكن أو باألحرى إشكالية توفير الوعاء العقاري الحضري واإلستجابة‬

‫للطلبات املتزايدة للتوسع العمراني الذي إرتبط بالتطور السكاني‪ ،‬والحاجيات املتزايدة‬

‫مهددا بذلك إستقرار الحياة الحضرية التي زادتها الهجرة القروية تعقيدا‪.‬‬

‫ولذلك أضحت الحياة الحضرية باملدينة املغربية كغيرها من مدن العالم الثالث‬

‫معقدة تحت تأثير مجموعة من املشاكل التي تؤثر في شكل ودينامية املدن‪ ،‬حيث أصبح‬

‫إحداث مراكز حضرية بضواحي املدن ضرورة ملحة لخلق توازن إجتماعي قائم على نسج‬

‫توافق بين الحاجيات الحالية للساكنة دون التأثير على الحاجيات املستقبلية لألجيال‬

‫املتعاقبة‪151.‬‬

‫© ‪ 2024‬ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ‪ ،‬ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪ .‬ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ‬ ‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫ﺃﺻﺤﺎﺏصر‬
‫ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ‬ ‫(إقليم النوا‬
‫ﺧﻄﻲ ﻣﻦ‬‫ﺗﺼﺮﻳﺢالثالث‬
‫ﺩﻭﻥ العالم‬
‫ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ( مدن‬
‫ﺍﻟﺒﺮﻳﺪفي ضواحي‬
‫العمرني‬ ‫ﻣﻮﺍﻗﻊالتوسع‬
‫ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ‬ ‫)ﻣﺜﻞ‪،‬آثار‬
‫بوشتى)‬ ‫الخزان (‬
‫ﻭﺳﻴﻠﺔ‬ ‫(ماجدة) ‪،‬ﻋﺒﺮ ﺃﻱ‬
‫صواب ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ‬
‫(محمد)‪ ،‬ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ‬
‫كويوز ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ‬ ‫ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ‪-151‬‬
‫ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ‬
‫ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬نموذجا )‪ ،‬المجلة االكاديمية لألبحاث والنشر العلمي ‪ ،‬اإلصدار السابع عشر ‪،4141،‬ص‪.00. :‬‬

‫‪P 115‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫‪The problem of urban management in the suburban areas in Morocco‬‬


‫مقدمة‪:‬‬
‫إن التحوالت التي عرفتها املدن نتيجة لتركيز األنشطة الصناعية بها‪ ،‬قد أدى إلى إفراز‬

‫العديد من املشكالت اإلقتصادية واإلجتماعية التي أصبحت تعاني منها املدن املعاصرة‪،‬‬

‫وفي مقدمتها مشكلة السكن أو باألحرى إشكالية توفير الوعاء العقاري الحضري واإلستجابة‬

‫للطلبات املتزايدة للتوسع العمراني الذي إرتبط بالتطور السكاني‪ ،‬والحاجيات املتزايدة‬

‫مهددا بذلك إستقرار الحياة الحضرية التي زادتها الهجرة القروية تعقيدا‪.‬‬

‫ولذلك أضحت الحياة الحضرية باملدينة املغربية كغيرها من مدن العالم الثالث‬

‫معقدة تحت تأثير مجموعة من املشاكل التي تؤثر في شكل ودينامية املدن‪ ،‬حيث أصبح‬

‫إحداث مراكز حضرية بضواحي املدن ضرورة ملحة لخلق توازن إجتماعي قائم على نسج‬

‫توافق بين الحاجيات الحالية للساكنة دون التأثير على الحاجيات املستقبلية لألجيال‬

‫املتعاقبة‪151.‬‬

‫‪ -151‬كويوز (محمد)‪ ،‬صواب (ماجدة) ‪ ،‬الخزان (بوشتى) ‪،‬آثار التوسع العمرني في ضواحي مدن العالم الثالث (إقليم النواصر‬
‫نموذجا )‪ ،‬المجلة االكاديمية لألبحاث والنشر العلمي ‪ ،‬اإلصدار السابع عشر ‪،4141،‬ص‪.00. :‬‬

‫‪P 115‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وأمام هذا الوضع إزداد إهتمام الدولة بالجوانب ذات الطابع اإلجتماعي من أجل‬

‫تحقيق العدالة اإلجتماعية واإلستقرار اإلجتماعي وإعمال حقوق اإلنسان في مختلف‬

‫املجاالت وفي مقدمتها الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،152‬وفي هذا اإلطار إتجهت‬

‫سياسات الدولة إلمتصاص العجز السكني إلى الضواحي لحل أزمة النمو السكاني املتزايد‬

‫والتي زادت من حدتها الهجرة القروية‪ ،‬وبذلك عرف املجال عموما واملجال الضاحوي على‬

‫الخصوص إهتماما من طرف الباحثين واملهتمين بهذا املجال رغبة في تنظيمه واإلستجابة‬

‫للحاجيات املتزايدة للسكان والتي تتنوع وتختلف تبعا لطبيعة املجتمع السائد واألنشطة‬

‫اإلقتصادية واإلجتماعية املتواجدة به‪.‬‬

‫ونتيجة لتوجه السياسات الحضرية إلى الضواحي لحل إشكالية السكن باملدن‬

‫وخاصة الكبرى وتلبية حاجيات الساكنة وخاصة الفئات ذات الدخل املحدود أو نتيجة‬

‫الهجرة القروية املرتبطة بفترات الجفاف‪ ،‬تحولت الضواحي إلى أقطاب حضرية وأصبحت‬

‫تحظى بأهمية إستراتيجية في مخططات التهيئة العمرانية‪.‬‬

‫غير أنه ونظرا لقربها من املدن ولإلرتفاع املهول في أسعار الكراء بهاته األخيرة‬

‫ولسهولة الولوج إلى السكن بالضواحي سواء عن طريق الكراء أو التملك عرف النمو‬

‫العمراني بها توسعا غيرمتحكم فيه‪ ،‬مما أدى إلى إنتشار تجمعات عشوائية في أغلبها تفتقر‬

‫إلى التجهيزات الضرورية األمر الذي أصبحت معه عملية التحكم في التوسع العمراني بها‬

‫جد معقدة‪ ،‬وهنا تبرز إشكالية هذا املوضوع والتي يمكن طرحها كالتالي‪ :‬كيف يمكن تدبير‬

‫‪ -152‬الوردي(سعيد) ‪ ،‬سياسة الدولة في توفير السكن الالئق ‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ‪ ،‬جامعة سيدي‬
‫محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية \العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 1111-1111:‬ص‪.11 :‬‬

‫‪P 116‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫أو إدارة التوسع العمراني باملجاالت الضاحوية؟ وأين تتجلى إشكالية تدبير املجاالت‬

‫الضاحوية باملغرب؟ وماهي إنعكاسات األزمة التي تثيرها مسألة التدبير العمراني باملجاالت‬

‫الضاحوية‬

‫على املجال بصفة عامة واملجال الضاحوي بصفة خاصة؟‬

‫هاته اإلشكالية سنجيب عليها خالل مراحل هاته الدراسة من خالل تفصيل هذا‬

‫املوضوع إلى مطلبين كالشكل التالي‪:‬‬

‫‪ -‬املطلب األول‪ :‬املجاالت الضاحوية بين تحديد املفهوم وأزمة التدبير العمراني‬

‫‪-‬املطلب الثاني‪ :‬إنعكاسات أزمة تدبير املجاالت الضاحوية على املجال‬

‫‪P 117‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫املطلب األول‪ :‬املجاالت الضاحوية بين تحديد املفهوم وأزمة التدبير العمراني‪.‬‬

‫إن التوسع الحضري الهائل الذي شهده املغرب في العقود األخيرة قد أفرز ظاهرة‬

‫املجاالت الضاحوية التي تحيط بضواحي املدن وخاصة الكبرى منها ‪،‬وتتخذ طابع مزيج‬

‫تتداخل فيه األنسجة املبنية بأسلوب التجزئة الخاضع للتعمير املنظم ورقع البناء‬

‫العشوائي ‪،‬وكذا دور الصفيح وغيرها من األشكال‪، 153‬غير أنه ال يمكن دراسة هذه‬

‫املجاالت بشكل مستقل وذلك نظرا ألهميتها الكبرى وملا لها من مميزات وخصوصيات ترهن‬

‫مستقبل التعمير والتنمية باملدن والعواصم الكبرى‪ ،‬األمر الذي يقتض ي تحديد مفهوم‬

‫الضاحية في املقام األول (الفرع األول) ثم التطرق إلى األزمة التي يعرفها تدبير العمران بهذه‬

‫املجاالت (الفرع الثاني)‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تحديد مفهوم الضاحية‬

‫إن تنامي الوعي بظهور أشكال حديثة للتحضر داخل الضواحي ذات القابلية‬

‫التلقائية للتطورالذاتي واإلستقطاب التدريجي للساكنة والوظائف املختلفة وإنقسامات‬

‫النسيج الحضري‪ ،‬لم يقابله إرتقاء ملكانة املجال الضاحوي ضمن األبحاث الحضرية‪ ،‬بحيث‬

‫ظل يعاني بإستمرار من التهميش وعدم اإلستقاللية‪ ،‬سواء بالنظر إليه على أساس أنه‬

‫‪-3‬راجع أطروحتنا حول مسألة تأهيل العمران بالمغرب‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬عين الشق الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2017-2016 :‬ص ‪.118‬‬

‫‪P 118‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫مجاال خاضعا وتابعا لثأثيرات املكونات الداخلية للمدن وخاصة املراكز‪ ،‬أولكونه ال يشكل‬

‫كيانا حضريا قائم الذات‪.154‬‬

‫لقد تعددت التعاريف التي أستعملت لتحديد مفهوم الضاحية‪ ،‬فالضاحية لغة‬

‫هي الناحية والظهير والعالنية وهي تدل على ماهو خارج عن سور املدينة‪ ،‬واسقاط املفهوم‬

‫على املجال الترابي‪ ،‬الضاحية مجموع األماكن املحيطة باملدار الحضري في مقابل املدينة‬

‫التي هي مجموع األماكن التي تحيط بها املدار الحضري‪ ،155‬فهناك ‪Rurbain ،exurbain‬‬

‫‪ . espace peripherique،periurbai‬وكلها تستعمل كمرادف ملفهوم الضاحية الذي ظهر‬

‫ألول مرة في سنة ‪ 9188‬ضمن القاموس الفرنس ي وقد تم تعريفه ب"ما يحيط باملدينة"‪،156‬‬

‫فمنها من يرتكز على املعطى الجغرافي‪ ،‬وفي هذا الصدد ذهب ميرالن ‪ Merlin/P‬إلى أن‬

‫"الضاحية هي املجال املحيط باملدن الذي يعرف نموا متواصال" ‪ ،157‬نفس التوجه أكده‬

‫جورج بيير ‪ .GEORGE P‬بقوله "أن الضواحي تعد أماكن لرصد ججم التحوالت الكثيفة‬

‫على كافة املستويات والتي تتموقع جغرافيا حول املدن "‪.158‬‬

‫‪ -154‬الحيمادي(سعيد)‪ ،‬تدبير المجال الضاحوي بالدار البيضاء الكبرى – المنطلقات والرهانات ‪-‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫العليا المعمقة في القانون العام‪ ،‬جامعة الحسن الثاني –عين الشق‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،411.-4114‬ص ‪.2:‬‬
‫‪155‬‬
‫‪ -‬بلغمي( عبد الغني)‪ "،‬التعمير الضاحوي" ‪،‬مجلة إضاءات في الدراسات القانونية ‪ ،‬العدد الثالث ‪ ،‬مارس ‪ ، 4140‬ص‪. 42 :‬‬
‫‪-2‬أشار اليه محمد لمنور‪ ،‬األقطاب الحضرية‪ :‬نحو رؤية جديدة للمجال الحضري‪ ،‬المدن الجديدة نموذجا‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون العام جامعة الحسن الثاني‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬عين الشق الدارالبيضاء‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪ ،4102-410. :‬ص‪.22:‬‬
‫‪2-MERLIN) P(,CHOAY)F ( ,Dictionnaire de l’URBANISME ET DE L’AMENAGEMENT 4 éme‬‬
‫‪Edition ,PUF ,Paris , 0222 ,p 708 .‬‬

‫‪- GEORGE) P) VERGER(F) ,Dictionnaire de la geographie, 6éme, Edition PUF ,Paris , 0222 ,p‬‬
‫‪158‬‬

‫‪345.‬‬

‫‪P 119‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وهناك اإلتجاه الذي يرتكز على فكرتي التبعية والهيمنة حيث يستجيب املجال‬

‫الضاحوي للمنطق اإلقتصادي للمركزويخضع وظيفيا له‪ ،‬وهنا يرى جالبير ‪JALABERT P‬‬

‫و جيليت ‪ JELLET M‬بأن " الضواحي هي ميدان لتوظيفات تتحكم فيها عالقات القوة‬

‫القائمة داخل املجال الحضري ‪ ،‬وبالتالي موضوع إلستراتيجيات ذات أبعاد إقتصادية‬

‫وإجتماعية وسياسية "‪159 .‬‬

‫وفي سنة ‪ 9111‬قامت املؤسسة الوطنية لإلحصاء والدراسات االقتصادية‬

‫الفرنسية ‪ INSERT‬باعطاء تعريف مفاده " أن الضاحية تتكون من الجماعات املحيطة‬

‫باملدينة والتي تشتغل ‪ 10‬باملائة أو أكثر من ساكنتها النشيطة باملجال الحضري"‪160‬‬

‫أما في املغرب فقد تم التركيز على دور الرأسمال الخاص في هيكلة املجال‬

‫الضاحوي حيث عرفه املصطفى شويكي بأنه "عبارة عن أحزمة متوالية من املجال‬

‫الحضري تخضع في ديناميتها إلى منطق املدينة‪ ،‬وفي تخصص أجزائها للمصالح املوجهة‬

‫لتوسع التجمع الحضري الذي يتحكم في إقتصادياتها ووظائفها"‪ ،161‬في حين ذهب شالين‬

‫‪ CHALINE C‬بأن"املجال الضاحوي هو ذاك الذي يخضع لدينامية املركز ويستجيب‬

‫لحاجياته‪ ،‬كما يستوعب كل ما ال يمكن للمدينة أن تتحمل تكاليفه "‪.162‬‬

‫‪ -159‬شويكي (المصطفى)‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬مقاربة سوسيو مجالية‪ ،‬منشورات جامعة الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق‪ ،‬كلية االداب‬
‫والعلوم االنسانية‪ ،‬البيضاء ‪ ،0222،‬ص‪.442 :‬‬
‫‪ -160‬أشار اليه محمد لمنور ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪.22 :‬‬
‫‪ -161‬شويكي (المصطفى)‪ ،‬الدار البيضاء‪ :‬مقاربة سوسيو مجالية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.442-442 :‬‬
‫‪162‬‬
‫‪-CHALINE ) C), la dynamique urbain ,PUF ,Paris 0221 , p 185‬‬

‫‪P 121‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وهناك من أطلق مفهوم الضاحية على "املجال اإلنتقالي بين املجالين الحضري‬

‫والقروي الذي يخضع لجادبية املدينة واستقطابها‪ ،‬والتي تعرف تحوالت عميقة في وظائفها‬

‫ومكانتها االقتصادية واالجتماعية والعمرانية "‪،‬ويمكن أن تطلق أيضا على املدن الجديدة‬

‫التي تقع بضواحي املدينة أو كمدينة ضاحوية ملدينة ما (تامسنا وتامنصورت) والتي تتسم‬

‫بصفات الضاحية املقرونة ‪.163‬‬

‫من خالل ما سبق نستنتج أن الضاحية ليست مجال عبور للسكان فقط كما كان‬

‫من قبل‪ ،‬فهي مجال إستقرار رغم تواجد السكن الهش وغير املندمج الذي يفتقر لبعض‬

‫التجهيزات األساسية‪ ،‬كما أنها ليست مجاالت طبيعية‪ ،‬بل هي مجاالت من صنع اإلنسان‬

‫حيث تعمرها مجموعات بشرية‪ ،‬إال أنها تفتقر إلى التجانس والتناغم فيما بينها وتحيط‬

‫املدن ذات البنية املعقدة وغير املتجانسة أيضا‪.‬‬

‫كما أن التدفق الحضري أو اإلنتشار الحضري نحو الضاحية أو الريف نتج عنه‬

‫أمران مرتبطان‪ :‬األول يتجلى في ظهورأشكال تمدينية بحوز املدينة متباينة الهيأة‪ ،‬تبعا‬

‫لكيفية توزعها عبر املجال‪ ،‬والثاني قيام هذا الحوز أوالضاحية بأدوار إقتصادية وإجتماعية‬

‫جديدة باإلضافة إلى وظيفة الفالحة األصلية‪ ،‬حيث تكون هذه األخيرة مجبرة على التكيف‬

‫مع تقلص رقعتها الترابية‪ ،‬سواء نتيجة توطن املساكن هنا وهناك أو نتيجة توطن وحدات‬

‫اإلنتاج الصناعي‪.164‬‬

‫‪-04‬البكوري (محمد)‪ ،‬مساهمة حول النمودج التنموي‪ ،4‬التنمية الحضرية بالمغرب‪" ،‬ترنحات"نموذج " ما قبل دولة الحكامة " الجزء‬
‫األول " الترنح االجتماعي‪ ،‬مطبعة االمكنية – الرباط ‪ ،‬طبعة ‪، 4140‬ص‪.0.1 :‬‬
‫‪ -164‬أزهار (محمد) آيت موسى (آحمد)‪ ,‬بايت حمو (سعيد )‪ » ،‬الضاحية بين هاجس التعمير واإلقصاء واستراتيجيات‬
‫التنمية المحلية والجهوية ‪ ,‬حالة الدار البيضاء –المحمددية « ‪ ،‬الملتقى الرابع للجغرافيين العرب ‪ :‬نحو استراتيجية‬

‫‪P 121‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أزمة تدبير أو إدارة املجال الضاحوي‪ :‬نموذج مركز أوالد الطيب بفاس‪.‬‬

‫إن الفهم الدقيق إلشكالية تدبير املجاالت الضاحوية البد وأن ينطلق من رصد‬

‫السياق العام الذي يحكم تطورالحاضرة والذي ال يمكن عزل الضاحية عن تأثيراته‬

‫املختلفة (الفقرة األولى)‪ ،‬هذا باإلضافة إلى رصد آليات تأطير النمو باملجال الضاحوي ملركز‬

‫أوالد طيب (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى‪ :‬السياق العام لتأطير النموالعمراني بالضاحية‪.‬‬

‫فإذا كان التوسع الحضري الهائل الدي شهده املغرب في العقود االخيرة قد افرز‬

‫ظاهرة املجاالت الضاحوية‪ ،‬فإن هذه األخيرة في الواقع ليست إال نتاج السيرورة املعقدة‬

‫لإلمتداد العمراني املتواصل للحاضرة وبالتالي ال يمكن فصلها عن جملة املتغيرات التي‬

‫تشهدها الهيكلة العامة للمجال الحضري‪.165‬‬

‫وفي هذا اإلطار فإن توطيد دعائم النمو بالضاحية وتكثيف ججم إرتباطها بمركز‬

‫التجمع الحضري لم يمنع باملقابل من حدوث تأثيرات عكسية على واقع األجزاء الداخلية‬

‫املكونة لها إذا تفاعلت مع طبيعة التحول الذي شهدته مكانتها داخل املنظومة الهرمية‬

‫الحضرية القائمة ‪ ، hiérarchie urbaine‬وأفرزت معطى جديدا يثمثل في إختراق تناقضات‬

‫لتخطيط التنمية المجالية في العالم العربي بابعادها المحلية والقومية والعالمية ‪ ،‬الرباط نونبر ‪ ، 4112‬منشورات الجمعية‬
‫الوطنية للجغرافيين المغاربة ‪،‬الرباط ص ‪. .22:‬‬
‫‪ -165‬الحيمادي(سعيد)‪ ،‬تدبير المجال الضاحوي بالدار البيضاء الكبرى – المنطلقات والرهانات‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.01 :‬‬

‫‪P 122‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫النسيج الحضري للمنطق املتحكم إلى وقت قريب في تطورها‪ ،‬وفي إعادة إنتاج لإلختالالت‬

‫التدبيرية السائدة باملدينة‪.‬‬

‫غير أن حتمية التوسع العمراني داخل الضاحية تزيد ججم األعباء امللقاة على‬

‫عاتق الجماعات الضاحوية في توفير أسباب التنمية املستدامة‪ ،‬باإلضافة إلى حتمية‬

‫التنسيق بين جميع الفاعلين واملتدخلين األساسيين‪.‬‬

‫تستمد الجماعات الضاحوية مشروعيتها كفاعل في تدبير املجال الضاحوي من‬

‫عامل القرب ‪ la proximité‬من املشاكل املحلية‪ ،‬ذلك أن تقوية الخصائص الذاتية للتراب‬

‫بهدف جعله تنافسيا تنطلق من تمتيعه بالقاعدة املادية الالزمة إلستقطاب اإلستثمارات‬

‫واألنشطة املختلفة والحفاظ عليها‪ ،‬والتي تحتل ضمنها هياكل اإلستقبال الحيوية مكانة‬

‫محورية‪ ،‬إذ أن التوفر على التجهيزات واملرافق العامة املحلية يعبرعن اإلنخراط الفعلي‬

‫للجماعات في مسلسل التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية‪.166‬‬

‫غير أن منطق املنفعة الظرفية الذي دفع باملقاوالت والساكنة إلى تفضيل اإلستقرار‬

‫بالضاحية سرعان ما أبان عن محدودية نتائجه اإليجابية‪ ،‬لكي يفسح املجال أمام وضعيات‬

‫من سوء التدبير تمثلت أساسا في عدم قدرة الجماعات الضاحوية على توفير الشروط‬

‫األساسية للعيش الكريم في املدينة‪.‬‬

‫‪ -166‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ‪. .0‬‬

‫‪P 123‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫يضاف إلى ذلك أن تعدد الفاعلين أسفر عن تعثر فعلي للسياسة العامة املتبعة في‬

‫تهيئة املجال الضاحوي‪ ،‬حيث تطلب األمر مراجعة أنماط التدخل املوكولة إلى الجماعات‬

‫الضاحوية من أجل تأطير وحصر أبعاد النمو بالضاحية‪.‬‬

‫بل األكثر من ذلك فإن تفاقم أزمة السكن التي أصبحت تعيشها املدينة املركز‪،‬‬

‫دفعت بالسلطات العمومية وكافة املتدخلين إلى البحث عن حلول ناجعة وفعالة وقليلة‬

‫التكلفة على التوازنات اإلقتصادية واإلجتماعية القائمة داخلها ‪ ،‬وهو ما أمكن تحقيقه‬

‫جزئيا من خالل اإلستغالل املتزايد لإلمكانيات الهائلة التي يختزلها الترابي الضاحوي ومما‬

‫زاد األمر تعقيدا هو إستمرار تعامل املنعشين العقاريين الخواص وكذا أصحاب التجزئات‬

‫مع املجال الضاحوي من منطلق كونه قاعدة مادية إلنجاز املشاريع السكنية امللبية‬

‫إلحتياجات خارجة عن نطاقها‪.‬‬

‫ومن هنا ونظرا لضعف الوسائل املادية لدى الجماعات الضاحوية وعدم قدرتها‬

‫على التحكم الكلي في منطق التطور الذاتي للضاحية‪ ،‬فإن ضرورة التخلي عن هاجس‬

‫املراقبة التقنية للمد العمراني لفائدة وظائف التوجيه والتنسيق بين كافة املتدخلين‬

‫أصبحت تفرضها املعطيات املوضوعية‪ ،‬ألن قيادة مشروع ترابي ونجاحه يرتبط بمدى‬

‫نجاح الجماعات الضاحوية في تحقيق التنسيق الالزم بين إختيارات مختلف الفاعلين‪ ،‬عن‬

‫‪P 124‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫طريق تحديد املتطلبات اآلنية واألولويات ووضع الخطوط الرئيسية لتنمية متوازنة‬

‫تستجيب لتطلعات أهم الفاعلين‪.167‬‬

‫وعموما فإن‪ ،‬غياب املساهمة اإليجابية للجماعات الضاحوية في سيرورة التمدن‬

‫بالضاحية‪ ،‬وعدم قدرتها على القيام بقيادة التحول داخل املجال الضاحوي‪ ،‬والتي تقحمها‬

‫في دائرة أزمة متعددة الجوانب‪ ،‬تنعكس المحالة على مكانتها داخل النسق املنظم للشؤون‬

‫املحلية للضاحية‪.‬‬

‫كما أن إحتضان املجال الضاحوي للطابع القروي في أجزاء عديدة منه‪ ،‬وإستقرار‬

‫شرائح مهمة من السكان ذوي الدخل املحدود به ‪،‬أفرز للوجود خريطة تمثيلية على صعيد‬

‫الجماعات املكونة له ‪ ،‬تتميز بخاصيات في التكوين للمنتخبين الجماعيين في املسائل‬

‫اإلقتصادية والتقنية وأبعاد التنمية املستدامة والتي يقتضيها التدبير اإلداري ملسار التنمية‬

‫الجماعية ‪ ،‬األمرالذي جعل مهمة تدبير وإدارة املجاالت الضاحوية أمرا صعبا ‪،‬كانت نتيجته‬

‫إفراز وضعيات متناقضة من السكن العشوائي والتي أصبحت تغديها املضاربة العقارية‪،‬‬

‫نتيجة األزمة السكنية التي تعرفها الحواضر‪ ،‬وإرتفاع األسعار والسومة الكرائية ‪ ،‬وبالتالي‬

‫أصبحت الضاحية مجاال إلحتضان الوافدين من املدن والهجرة القروية ‪ ،‬ومجاال لحل‬

‫أزمة السكن املنظم بالحاضرة عن طريق نقلها وتصديرها إلى الضاحية ‪.168‬‬

‫; ‪- GODARD(F) ,le gouvernement des villes ,territoires et pouvoir .Ed Descartes et cie PARIS‬‬
‫‪167‬‬

‫‪1997 ; P 5‬‬
‫‪ -168‬شويكي (المصطفى)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.421 :‬‬

‫‪P 125‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫في هذا اإلطار أصبحت مهمة الدولة في القضاء على تلك الظواهر صعبة التحقيق‪،‬‬

‫حيث لم يعد األمر يقتصر على الضواحي املتواجدة بالقرب من املدن‪ ،‬بل ظهرت إلى الوجود‬

‫مجموعة من املراكز والتجمعات السكنية والتي أطلق عليها "املراكز الصاعدة"‪.‬‬

‫ويعني مفهوم املركز الصاعد كل التجمعات السكانية خارج البلديات التي تعرف‬

‫دينامية ملحوظة في تطور عدد سكانها وتحول مجاالتها تترجم عبر وثيرة سريعة للتعمير‬

‫(دينامية ديمغرافية ومجالية)‪ ،169‬ويشير إلى مرحلة تحول مركز قروي إلى مركز حضري‬

‫عن طريق إرتفاع مهم في عدد سكانه وتعدد التجهيزات العمومية األساسية املوجودة فيه‬

‫وإرتفاع الكثافة السكانية في املركز باإلضافة الى تغير بنية الساكنة النشيطة وبداية تطور‬

‫أنشطة إقتصادية حضرية‪.‬‬

‫غيرأنه ونظرا إلى الحركة السريعة للتمدين التي عرفها املغرب في السنوات األخيرة‪،‬‬

‫والزيادة في نسبة سكان املدن واإلرتفاع املهول لنسبة الهجرة القروية‪ ،‬وبعد إنجاز املخطط‬

‫الوطني إلعداد التراب الوطني في ‪ 3001‬والذي يؤكد ضمن توجهاته على ضرورة اإلهتمام‬

‫باملجاالت الهامشية لتحقيق تنمية متوازنة للتراب الوطني‪ ،‬أعطيت أهمية متزايدة ملختلف‬

‫التجمعات البشرية خاصة في العالم القروي‪ ،‬وخاصة املراكز القروية الصاعدة كوسيلة‬

‫إلدماج املجاالت املعنية وسكانها في مسلسل التنمية الذي يعرفه املغرب‪.‬‬

‫‪ -169‬الحوار الوطني حول سياسة المدينة‪ ،‬المنتدى الجهوي للشاوية ورديغة‪ ،‬المراكز الصاعدة رافعة للتنمية الترابية‪،4104 ،‬‬
‫ص‪.0 :‬‬

‫‪P 126‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وتمثل هذه املراكز أساسا متينا لتنمية متوازنة للتراب الوطني‪ ،‬لكونها تمكن من‬

‫تطوير وتحديث املجاالت التي توجد بها وتلعب دور رافعات للتنمية املحلية واملجالية‪ ،‬كما‬

‫يمكن أن تقوم بمجموعة من األدوار ونذكر منها على سبيل املثال‪.170‬‬

‫تقريب النموذج الحضري من الساكنة والحد من الهجرة القروية إلى املدن ؛‬

‫تشكل مجال إلتقاء تدخالت مجموعة من الفاعلين على املستوى املحلي وتيهيء‬

‫الظروف لظهور تطور وبروز املبادرات الفردية والجماعية ؛‬

‫تحسين إطار عيش سكان هذه املراكز واملجاالت املحيطة بها عن طريق تقريب وتسهيل‬

‫ولوج ساكنتها وسكان املجاالت املجاورة للخدمات والتجهيزات العمومية األساسية ( سياسة‬

‫القرب )؛‬

‫تلعب دورا مهما في التخفيف والحد من مؤشرات ومظاهر الهشاشة اإلجتماعية‬

‫خاصة في مجال خلق فرص الشغل في بعض األنشطة اإلقتصادية لسكانها وسكان املناطق‬

‫املحيطة بها لتقوية التماسك اإلجتماعي واملجالي ؛‬

‫إحداث توازن في التنمية بين املجاالت القروية والحضرية عن طريق تأهيل املناطق‬

‫املتواجدة وتوزيع ثمار النمو على مجموع التراب الوطني ؛‬

‫تشكل نقط إرتكاز للتنمية الترابية عن طريق خلق تكامل بين هذه املراكز ومحيطها ؛‬

‫وعليه فاإلستثمار األمثل لهذه اإلمكانات يمكن من تحقيق الحكامة الترابية وضمان‬

‫‪ -170‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪. 2 :‬‬

‫‪P 127‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫التنافسية والجادبية الترابية التي تعتبر اآلن أساسا ال غنى عنه من أجل تحقيق تنمية‬

‫شاملة على املستوى الوطني ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تدبيرالتوسع العمراني بضواحي مدينة فاس‪ :‬مركز أوالد الطيب‬

‫نموذجا‪.‬‬

‫يحتل املركز القروي الضاحوي أوالد الطيب مكانة استراتيجية ضمن مخططات‬

‫التهيئة العمرانية ملدينة فاس نتيجة لتحوله لقطب عمراني غير منظم مرتبط باملضاربات‬

‫العقارية وبموقعه في مدخل املدينة‪ ،‬ولذلك فإن عملية تأهيله وتأطير النمو العمراني به‬

‫سيساهم ال محالة في ضبط حركة العمران وتوفير ظروف اإلستقرار وبالتالي تخفيف‬

‫الضغط السكني على املدينة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬ضاحية مركز أوالد الطيب من دوار الى مركز ضاحوي‪.‬‬

‫ينتمي مركز أوالد الطيب املكون من مجموعة من الدواوير الى قبيلة أوالد الحاج‬

‫سايس‪ ،‬وهو تابع للجماعة القروية أوالد الطيب‪ ،‬يتميز بموقعه بالقرب من مدينة فاس‪،‬‬

‫ويتكون من عدة دواوير وهي أوالد بوعبيد الكواز‪ ،‬أوالد حمو‪ ،‬أوالد الهواري‪ ،‬أوالد يوسف‪،‬‬

‫أوالد األخضر‪ ،‬أوالد الطيب السفلى‪ ،‬أوالد الطيب العليا‪ ،‬أوالد بوعبيد الساقية‪.‬‬

‫ساهم قرب املركز من املدينة وتمركز الخدمات اإلدارية واالجتماعية والهجرة‬

‫املتزايدة من طرف الفالحين وذوي الدخل املحدود والسيما في فترات الجفاف‪ ،171‬في‬

‫‪ -171‬فراح (عبد الرحيم)‪ ،‬موساوي(امحمد) " إشكالية التاهيل الحضري بمركز أوالد الطيب‪ ،‬ضاحية فاس الجنوبية " في‬
‫التأهيل الحضري بالمغرب‪ ،‬منشورات الملتقى الثقافي بمدينة صفرو‪ ،‬الدورة السادسة والعشرون ‪ 40-41‬مارس ‪،4102‬‬
‫ص‪..24 :‬‬

‫‪P 128‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫إستقطاب عدد متزايد من السكان‪ ،‬حيث إرتفع عدد السكان واألسر باملركز من ‪ 9098‬نسمة‬

‫و‪ 911‬أسرة سنة ‪ 1723001‬إلى ‪ 91999‬نسمة و‪ 3919‬أسرة سنة ‪.1733091‬‬

‫هذه الدينامية الديمغرافية التي عرفها مركز أوالد الطيب ساهمت بدورها في‬

‫انتشار السكن غير الالئق حيث أصبح هذا املركز قطبا إلنتعاش املضاربة العقارية والبناء‬

‫العشوائي والتجمعات السكنية غير القانونية ‪ ،‬مما ساهم في تشويه املشهد العمراني‬

‫للمدخل الجنوبي للمدينة ‪ ،‬األمر الذي أصبح يتطلب تدخال عاجال عن طريق إعداد تجزئات‬

‫سكنية بكلفة تستجيب لحاجيات كل الشرائح اإلجتماعية و تعبئة إمكانات مادية وعقارية‬

‫لسد الحاجيات الضرورية لتوفير السكن الالئق لضبط حركة التوسع العمراني من جهة‬

‫من أجل والتحكم في عملية تدفق الهجرة القروية من جهة أخرى‪.‬‬

‫وهنا البد من اإلشارة الى أن عملية التوسع العمراني باملركز املدروس تعيقها‬

‫مجموعة من العراقيل والتي جعلت النمو العمراني باملركز نموا غير مراقب ويفتقر الغلب‬

‫التجهيزات الضرورية ومن أهمها‪ ،‬الوضعية القانونية لألراض ي الجماعية والتي تغلب عليها‬

‫األراض ي الساللية حيث يتوزع الوعاء العقاري للمركز والبالغ حوالي ‪ 290‬هكتار كما يلي‪:‬‬

‫النسبة‬ ‫املساحة بالهكتار‬ ‫نوعية العقار‬

‫‪ 91‬باملائة‬ ‫‪ 299‬هكتار‬
‫األراض ي الساللية (مشيخة أوالد الحاج)‬

‫‪ 01‬باملائة‬ ‫‪ 23‬هكتار‬ ‫أراض ي الخواص‬

‫‪ -172‬المندوبية السامية للتخطيط‪ :‬اإلحصاء العام للسكان والسكن ‪.4112‬‬


‫‪ -173‬المندوبية السامية للتخطيط‪ :‬اإلحصاء العام للسكان والسكن ‪.4102‬‬

‫‪P 129‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫‪ 03‬باملائة‬ ‫‪ 09‬هكتارات‬ ‫األمالك املخزنية‬

‫املصدر‪ :‬الوكالة الحضرية لفاس ‪3099‬‬

‫من خالل الجدول أعاله يتبين لنا بامللموس كيف يمكن للحضور القوي لألراض ي‬

‫الساللية أن يعيق عملية التعمير بمركز أوالد الطيب وخاصة خالل عملية تنفيذ وثائق‬

‫التعمير والحصول على الرخص الضرورية لعملية البناء‪.‬‬

‫وباعتبار مطار فاس سايس الدولي قطبا جهويا وبكونه يوجد على مقربة من املجال‬

‫املدروس‪ ،‬فهو يعتبر في نفس الوقت عائقا على نمو املركز حيث يجب استحضار مصلحته‬

‫خالل كل عملية لتنمية وتاهيل املركز وخاصة من حيث الحفاظ على الجمالية العمرانية‬

‫وعدم تجاوز ارتفاعات معينة خالل عملية البناء والسيما بجنبات الطريق الوطنية‪.‬‬

‫أما بخصوص إنتشار السكن غير القانوني على جنبات الطريق الوطنية فقد ساهم‬

‫بدوره في عرقلة تطبيق مقتضيات تصميم التهيئة وعرقل عملية إعادة الهيكلة من أجل‬

‫توسعة الطريق الوطنية‪.174‬‬

‫كل هاته العوامل وغيرها والتي تعيق في نظرنا عملية التحكم في التوسع العمراني‬

‫بمركز أوالد الطيب وضبط حركة العمران‪ ،‬دفعت باملسؤولين على الشأن املحلي الى التفكير‬

‫في البحث عن الحلول واآلليات الناجعة لتأهيل املركز وبالتالي توفير البنيات التحتية‬

‫الضرورية لخلق تجمعات عمرانية تستجيب لحاجيات الساكنة املعتمرة بها‪.‬‬

‫‪ -174‬فراح (عبد الرحيم)‪ ،‬موساوي(امحمد)‪ " ،‬إشكالية التاهيل الحضري بمركز أوالد الطيب‪ ،‬ضاحية فاس الجنوبية " ‪،‬‬
‫مرجع سابق‪،‬ص‪..21 :‬‬

‫‪P 131‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫ثانيا‪ :‬آليات تأهيل مركز أوالد الطيب‬

‫تزايد االهتمام باملجال الضاحوي ملدينة فاس في السنوات األخيرة نتيجة للدينامية‬

‫العمرانية التي أصبح يعرفها والتي تتسم بكونها دينامية عمرانية غير متحكم فيها (تعمير غير‬

‫منظم)‪ ،‬مكن من الوقوف على أهم اإلشكاالت التي تواجه بنية التعمير الضاحوي وهي‬

‫إشكالية ربط البنايات باملاء الصلح للشرب وتطهير السائل خاصة بجماعة عين البيضاء‬

‫املعروفة بقبيلة الشراردة ‪،175‬الش يء الذي أثار انتباه الجهات املختصة في هذا‬

‫املجال(املجال املدروس) من أجل العمل على تأهيله وإدماجه في النسيج الحضري ملدينة‬

‫فاس وتنظيمه بوسائل وآليات ومقاربات جديدة في مجال التخطيط والتدبير الحضريين‪.‬‬

‫ومن بين آليات واملقاربات املعتمدة في هذا الباب هو العمل على إعادة هيكلة هذا‬

‫املركز في إطار مقاربة مندمجة للتنمية الحضرية مرتبطة بتأهيل مدينة فاس وإعتماد‬

‫الشراكات بين جميع الفاعلين في هذا الباب (وزارة اإلسكان والجماعات الساللية‬

‫واملؤسسات العمومية والجماعة الترابية‪ ،‬مؤسسة العمران ‪.)...‬‬

‫ويبقى الغرض من عملية إعادة هيكلة مركز أوالد الطيب هو إدماجه في النسيج‬

‫الحضري ملدينة فاس كقطب عمراني حضري ضمن القطب الحضري سايس وهو جزء من‬

‫اإلستراتيجية الشاملة التي تتبناها الدولة والهادفة إلى تحقيق التوازن بين السكن‬

‫واألنشطة األخرى مع الحرص على التوفر على التجهيزات الضروية لحياة أفضل‪.‬‬

‫‪ -175‬هاته الجماعة التي عانت ساكنتها كثيرا نتيجة رفض المكتب الوطني للماء الصالح للشرب تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب بعلة‬
‫الوضعية العقارية للجماعة لكونها تعتبر م ن أراضي الجموع وشساعة المساحة الفاصلة بين الدواوير‪ ،‬ليتمكنوا بعد اخد ورد من التوصل‬
‫الى حل يقضي بتأسيس الدوار لودادية تتكلف باإلشراف على عملية توزيع الماء على الساكنة‪ ،‬اشار اليه عبد الغني بلغمي ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪... :‬‬

‫‪P 131‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫ولذلك فقد حظيت مسألة تأهيل مركز أوالد الطيب بإهتمام الجهات املعنية من‬

‫أجل تحسين البنيات التحتية به وكان موضوع إتفاقية شراكة بين الجماعة الترابية أوالد‬

‫الطيب وشركة العمران فاس والية جهة فاس واملديرية الجهويىة للسكنى وسياسة املدينة‬

‫بجهة فاس مكناس تم التداول واملوافقة عليها خالل دورة املجلس لشهر ماي ‪ 3099‬في‬

‫نقطة خصصت للتداول بشأن إتفاقية شراكة بين الجماعة الترابية أوالد الطيب وشركة‬

‫العمران فاس من أجل إنجاز مشروع القطب الحضري رياض سايس وبرنامج إعادة تاهيل‬

‫مركز أوالد الطيب‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار فقد عملت مؤسسة العمران فاس مكناس على تهيئة تجزئة سكنية‬

‫بمساحة ‪ 92‬هكتار تسمى تجزئة رياض سايس يضم شطرها األول ‪ 9929‬قطعة أرضية على‬

‫مساحة ‪ 12‬هكتار والشطر الثاني ‪ 20‬هكتار على عقار تابع للجماعة الساللية أوالد الحاج‬

‫والذي إقتنته شركة العمران من ذوي الحقوق بثمن ‪ 200‬للمتر املربع كما قامت بتعويض‬

‫الدور السكنية املتواجدة بالعقار املخصص للتجزئة املذكورة‪.176‬‬

‫وبخصوص أشغال عملية إعادة الهيكلة ملركز أوالد الطيب واملتمثلة باإلضافة الى‬

‫الدراسات التقنية في تيهئ الطرقات الرئيسية وتبليط األزقة وبناء منشأت الصرف الشتوي‬

‫فقد إنطلقت بداية شهر شنتبر ‪ 3030‬في إطار الصفقة رقم ‪ 3030/99‬حيث إلتزمت شركة‬

‫‪ -176‬مؤسسة العمران فاس – مكناس‪4102 :‬‬

‫‪P 132‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫العمران القيام بها في حدود الكلفة املالية املرصودة لها أي ‪ 39‬مليون درهم ستمول في إطار‬

‫الفائض املالي املرتقب ملشروع القطب الحضري رياض سايس‪.177‬‬

‫وفيما يخص عملية توسعة الطريق الوطنية رقم ‪ 09‬فبعد هدم املحالت التجارية‬

‫املتواجدة على واجهة الطريق املؤدية إلى مطار فاس سايس‪ ،‬فقد قامت شركة العمران‬

‫بتخصيص ‪ 91‬قطعة أرضية مخصصة للسكن بالشطر األول بتجزئة رياض سايس‬

‫لتعويض الحرفيين وأصحاب املحالت التجارية‪.‬‬

‫والبد من اإلشارة الى أنه ورغم االهتمام املتزايد باملجال الضاحوي املدروس من‬

‫خالل التغطية بوثائق التعمير وتوفير التجهيزات الضرورية واملرافق العمومية‪ ،‬فإن ذلك‬

‫يبقى غير كاف باملقارنة مع ججم االحتياجات والرهانات‪ ،‬نتيجة املزايدات السياسية وغياب‬

‫التنسيق بين الفاعلين باإلضافة الى ضعف تدبير وتسيير الشأن املحلي وعدم االعتماد على‬

‫األولويات وتحقيق التوازن بين مختلف املشاريع التنموية‪.178‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬إنعكاسات أزمة تدبير املجاالت الضاحوية على املجال‪.‬‬

‫إن مظاهراألزمة العمرانية التي تعرفها العديد من املدن املغربية وضواحيها‪ ،‬والتي‬

‫تعيق النمو السليم والصحيح للمدن وتشوه املشهد العمراني بها‪ ،‬لها عدة إنعكاسات سلبية‬

‫على املجال‪ ،‬غيرأننا سنقتصرعلى أهمها‪ ،‬والتي تساهم المحالة في التأثيرعلى الفضاءات‬

‫‪ -177‬إتفاقية شراكة متعلقة بإنجاز مشروع القطب الحضري رياض سايس وبرنامج إعادة هيكلة مركز أوالد الطيب بجماعة‬
‫أوالد الطيب ماي ‪4102‬‬
‫‪ -42‬العلوي(خالد)و الصغير (سعيد)‪ "،‬التخطيط والتهيئة بالمجال الضاحوي لمدينتي فاس ومكناس‪ -‬المغرب"‪ ،‬مجلة الدراسات االفريقية‬
‫وحوض النيل العدد العاشر ‪،‬يناير ‪ ، 4140‬ص‪.22 :‬‬

‫‪P 133‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫اإلستراتيجية للمجال‪ ،‬باإلضافة إلى مخاطر التلوث البيئي الناجم عن خلق أو تجمعات‬

‫عمرانية عشوائية تفتقر للتجهيزات األساسية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الثأثير على األراض ي الفالحية‬

‫تعتبرالفضاءات اإلستراتيجية للمجال هي إحدى املكونات األساسية للمجال‬

‫املغربي داخل املجال الحضري وضواحيه والتي تقلصت مساحاتها نتيجة التوسع العمراني‬

‫الغير متحكم فيه واإلمتداد األفقي للعمران‪ ،‬وتتمثل في األراض ي الفالحية املحيطة باملجال‬

‫واملساحات الخضراء‪.‬‬

‫إن التوسع العمراني والتمدد الذي عرفته املدن املغربية‪ ،‬نتيجة املضاربة العقارية‬

‫واألزمة التي أصبح يعرفها قطاع السكن داخل املدارأواملجال الحضري‪ ،‬أصبحت تهدد‬

‫القطاع القطاع الفالحي‪ ،‬من خالل تحويل العديد من األراض ي الفالحية إلى تجزئات سكنية‬

‫عشوائية وسرية دون األخد بعين اإلعتبار أن هذه األراض ي تشكل إحدى املصادر األساسية‬

‫لألمن ا لغدائي‪.179‬‬

‫وهنا تجدر اإلشارة إلى أن إنتشار السكن السري والعشوائي وإتساع مساحته كان‬

‫يتم دائما على حساب األراض ي الفالحية ذات املردودية العالية ‪ ،‬كاملدارات املسقية ‪ ،‬وفي‬

‫هذا اإلطار فقد قدرت الوزارة أن توسع هذه األحياء إستهلك ما يقارب ‪ 2000‬هكتار باملدارات‬

‫السقوية باملغرب وحوالي ‪ 3800‬هكتار بلوكوس و‪ 3900‬هكتار بسهل تادلة ‪،‬وتكتس ي هذه‬

‫‪- Nasiri - )M( « développement et Maitrise de territoires » in Etat . Espace et pouvoir local,‬‬
‫‪179‬‬

‫‪Rabat 1991.‬‬

‫‪P 134‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫األضرار خطورة كبيرة ليس لكونها أراض ي خصبة وإنما لحجم التجهيزات التي تكلف ميزانية‬

‫الدولة ‪ ،‬إضافة إلى اإلنعكاسات اإلقتصادية واإلجتماعية ‪ ،‬حيث كلف في هذا اإلطار تجهيز‬

‫قطاع بهت بسيدي سليمان إستثمارات وصلت إلى حوالي ‪ 990‬مليون درهم‪.180‬‬

‫بالنسبة لسهل تادلة بإعتباره واحد من أهم املناطق الفالحية باملغرب والذي تصل‬

‫مساحته إلى حوالي ‪939000‬هكتار‪ ،‬ساهمت عدة عوامل في جعله قطبا إلجتداب الهجرة‬

‫القروية نتيجة اإلعتماد على التقنيات الحديثة في الري واإلنتاج الفالحي‪ ،‬كان من أهم‬

‫إنعكاساتها التمركز واإلستقرار بالسهل مما أدى إلى توسع املراكز وإرتفاع عدد سكانها‪ ،‬وهذا‬

‫التزايد الديمغرافي أدى إلى إرتفاع الطلب على السكن‪ ،‬وبالتالي توسيع املدارات الحضرية‬

‫على حساب املدارات السقوية‪.181‬‬

‫وللتدليل على حدة الظاهرة ال بد من اإلشارة إلى أن مساحة األراض ي الفالحية التي‬

‫تم إستهالكها نتيجة التوسع العمراني ألهم املراكز‪ ،‬حيث إنتقلت هذه املساحة من ‪1283‬‬

‫هكتار سنة ‪ 9198‬إلى ‪ 9830‬هكتار سنة ‪ 9113‬لتصل إلى ‪ 9991‬هكتار سنة ‪ ، 9119‬وهي بال‬

‫شك في تزايد كبير حاليا ‪ ،‬وخاصة في ظل اإلرتفاع املهول ألسعار العقار نتيجة املضاربة‬

‫العقارية‪،‬وآليات اإلستثناء في املشاريع العمرانية‪ ، 182‬وفي الفترة املمتدة مابين ‪9110‬‬

‫‪ -180‬البطبوطي (عبد هللا)‪ ،‬اثر التوسع العمراني على المدارت المسقية " نمودج جهة الغرب الشراردة بني حسن « ‪ ،‬مجلة‬
‫المزارع المغربي القرض الفالحي ‪ ،‬العدد ‪ ، 1‬مارس ‪. 4111‬‬
‫‪ -181‬و نورد كمثال التطور الدي عرفته المدرات الحضري تبعا للتقسيم الجماعي واإلداري لسنة ‪ 0224‬كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬المدار الحضري لبني مالل إنتقل من ‪ 02‬كلم مربع الى‪ 22‬كلم مربع سنة ‪.0224‬‬
‫‪ -‬المدار الحضري للفقيه بن صالح إنتقل من ‪ 2‬كلم مربع إلى ‪02‬كلم مربع سنة ‪.0224‬‬
‫‪ -‬المدار الحضري لسوق السبت إنتقل من ‪ 2‬كلم مربع إلى‪ 02‬كلم مربع سنة ‪.0224‬‬
‫‪ -‬أنظر‪ :‬سعدي( أحمد)‪ » ،‬التخطيط الحضري والتنمية المستدامة بالمناطق الفالحية السقوية "منطقة سهل تادلة نموذجا «‪،‬‬
‫ندوة العمران بالوطن العربي‪ ،‬أيام ‪ 04-00-01‬ابريل ‪ 4110‬منشورات المعهد الوطني للتهيئة والتعمير ‪ ،‬الرباط ‪،4112‬‬
‫ص ‪.2.:‬‬
‫‪ -182‬نفس المرجع ص ‪.22:‬‬

‫‪P 135‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫و‪ 3099‬تم ضياع حوالي ‪ 39000‬هكتار من األراض ي املسقية أي بوثيرة ‪ 9100‬هكتار سنويا ‪،‬‬

‫حيث يشهد املغرب سنويا ضياع مابين ‪ 2000‬و‪ 1000‬هكتار من االراض ي الفالحية ‪.183‬‬

‫وفي هذا اإلطار وبخصوص البناء بالعالم القروي فقد أوضح وزير إعداد التراب‬

‫الوطني والتعمير واإلسكان والبيئة وسياسة املدينة أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية‬

‫وسياسة املدينة بمجلس النواب‪ ،‬أن نسبة املوافقة على طلبات رخص البناء بالعالم‬

‫القروي ناهزت ‪ 99‬باملائة مابين ‪ 3099‬و‪ 3099‬أي مامجموعه ‪ 99189‬ملفا مدروسا أما‬

‫بخصوص امللفات التي حصلت على املوافقة للبناء في مساحة أقل من هكتار فقد بلغت‬

‫‪ 38119‬ملفات‪ ،‬فيما ناهزت امللفات املتعلقة بالبناء في أكثر من هكتار ‪ 9189‬ملفا‪،184‬وهذه‬

‫األرقام تبين بامللموس اإلنعكاسات السلبية للبناء في التقليص من املساحات الفالحية‬

‫الصالحة للزراعة ‪.‬‬

‫وبمجال الدراسة وعلى إثر التوسع العمراني الذي شهده وخاصة في السنوات‬

‫األخيرة فقد ساهم في نقص اإلحتياط العقاري بضاحية مركز أوالد الطيب وخاصة نتيجة‬

‫اللجوء الى مسطرة اإلستثناء في مجال التعمير‪ ،‬أو نتيجة تفويت األراض ي الساللية من أجل‬

‫إعادة هيكلة املركز (تجزئة رياض سايس) أو بناء بعض املرافق االجتماعية‪ ،‬هذا علما أن‬

‫مساحة األراض ي الساللية باملركزمجال الدراسة شكل نسبة ‪91‬باملائة من الوعاء العقاري‬

‫للمكز أي ‪299‬هكتار من املساحة االجمالية للمركز (‪ 290‬هكتار)‪.‬‬

‫‪ -183‬وزارة الفالحة والصيد البحري ‪ ،‬مديرية الري وإعداد المجال الفالحي ‪ ،‬عرض حول الزحف العمراني وآثاره على‬
‫االراضي الفالحية ‪.4104 ،‬‬
‫‪ -184‬تصريح وزير اعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان والبيئة وسياسة المدينة امام لجنة الداخلية والجماعات الترابية‬
‫وسياسة المدينة بمجلس النواب بتاريخ ‪ 01‬يونيو ‪.4102‬‬

‫‪P 136‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وبناء على ما سبق فإن ظاهرة التوسع العمراني املتزايد على حساب األراض ي‬

‫الفالحية بل ومن بين أكثرها إنتاجية أحيانا من أكثر الظواهر املثيرة للقلق في العقود األخيرة‪،‬‬

‫لكونها تهدد استدامة املوارد واستدامة التنمية في شموليتها‪ ،‬ويعزى ذلك لكون القوانين‬

‫وااللياتت املعتمدة لحماية األراض ي الفالحية من التوسع العمراني تضل غير مفعلة أحيانا‬

‫وغير مالئمة لخصوصيات بعض املجاالت‪.185‬‬

‫البد من اإلشارة إلى أن عمليات التوسع العمراني داخل املجال الحضري ساهمت‬

‫أيضا في تقليص الساحات العمومية‪ ،‬حيث عملت على تحويل املجال إلى مجرد أحياء‬

‫سكنية ذات كثافة عالية‪ ،‬وبالتالي جعلته غير قادر على أداء وظائفه اإلجتماعية‪.186‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬تقليص املساحات الخضراء‬

‫كانت املدن املغربية عموما وإلى عهد قريب تتوفر على مساحات خضراء ال بأس‬

‫بها واملتمثلة في الحدائق وغيرها‪ ،‬غير أن التحوالت الديمغرافية واملجالية التي شهد املغرب‬

‫في العقود األخيرة كان لها وقع كبير وتأثير واضح في تراجع املساحات الخضراء داخل املدن‬

‫لصالح اإلسمنت املسلح الذي بدأ يغزو مدننا بشكل يثير اإلندهاش‪.187‬‬

‫‪ -‬الحاضري(خالد) وايت حمو ( محمد)‪ "،‬مدن السقي بين ضيق آفاق التوسع وإشكالية المحافظة على األراضي الزراعية ‪ ،‬مثال مدينة‬
‫‪185‬سيدي بنور "‪ ،‬مجلة الدراسات االفريقية وحوض النيل العدد العاشر ‪ ،‬يناير ‪ ، 4140‬ص‪.2. :‬‬
‫‪ -186‬اسرموح(عبد هللا) ‪ ،‬الصعوبات التي تواجه التخطيط العمراني بالمغرب ‪ ،‬بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية االقتصادية واإلجتماعية أكدال ‪ ،‬الرباط السنة الجامعية ‪،4112-411.:‬‬
‫ص‪.022:‬‬
‫‪ -187‬أيت موسى (أحمد)‪ »،‬العمران واشكالية المجاالت الخضراء بالمدن المغربية‪ ،‬مدينة المحمدية نمودجا « ‪ ،‬اراء‬
‫الجغرافيين ‪ ،‬الملتقى الخامس للجغرافيين العرب في دولة الكويت ص‪.0. :‬‬

‫‪P 137‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وال تخفى على أحد أهمية املجاالت الخضراء ليس فقط في التخفيف من حدة‬

‫التلوث وإنما أيضا في الترويح عن نفسية املتمدنين‪ ،‬وفي خلق إطار وفضاء أجمل للعيش ال‬

‫يقطع سبب تواصل اإلنسان مع الطبيعة‪ ،‬لها أيضا إنعكاسات إقتصادية تساهم في إشعاع‬

‫املدن وتحسين صورتها‪ ،‬ومن وظائفها أيضا كونها تلعب دور" الرئة الخضراء" بإمتصاصها‬

‫لبعض أنواع مكونات التلوث وإنتاجها األوكسجين باملقا بل ‪ ،‬وإستنادا على الفصل ‪ 91‬من‬

‫القانون ‪ 10-93‬املتعلق بالتعمير‪ ،‬فإن تصميم التهيئة يهدف إلى تحديد املساحات الخضراء‬

‫العامة ( األماكن املشجرة والبساتين والحدائق العمومية ) وذلك نظرا ألهمية الوظائف‬

‫املتعددة التي تقوم بها أو تلعبها داخل املنظومة الحضرية‪.‬‬

‫وإذا كان للمناطق الخضراء أهمية قصوى في حياة الفرد‪ ،‬فإننا نالحظ تدهورها‬

‫وتراجعها في العديد من املدن املغربية خاصة في املدن الكبرى سواء على مستوى اإلعتناء‬

‫بها أو على مستوى إحداثها‪ ،‬بحيث أصبحت ال تشكل سوى ‪9.3‬متر مربع للفرد الواحد في‬

‫الوقت الذي تصل فيه هده املساحة في باريس ولندن ونيويورك إلى ‪90‬متر مربع للفرد‬

‫الواحد‪ ،‬بل وترتفع هده املساحة لتصل إلى حوالي ‪20‬متر متر مربع للفرد الواحد في‬

‫بروكسيل‪، 188‬فإن مدينة فاس كمجال مدروس تعاني من عجز كبير على مستوى املساحات‬

‫الخضراء حيث ال يصل نصيب الفرد الواحد سوى ‪1‬م‪ 3‬أي ‪ 10‬هكتار كمجال أخضر لكل‬

‫مدينة‪.189‬‬

‫‪ -188‬حيمود(المختار) ‪ ،‬مرجع سابق ‪ :‬ص‪.175‬‬


‫‪ -189‬الخزان (بوشتى) ‪،‬البيئة والتنمية المستدامة بالمدن المغربية ‪ :‬حالة مدينة فاس ‪ ،‬مجلة دفاتر جغرافية ‪ ،‬كلية األداب‬
‫والعلوم اإلنسانية ظهر المهراز ‪ ، 4112،‬العدد‪ ، 2‬ص‪.22 :‬‬

‫‪P 138‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫في الوقت الذي تعرف فيه املدن املغربية تزايدا ديمغرافيا كبيرا وتوسعا مجاليا‬

‫مهما أصبحت املجاالت الخضراء تشهد تراجعا خطيرا بفعل املضاربة العقارية وإرتفاع‬

‫أثمان العقار‪ ،‬مما أدى الى ندرة حقيقية ومفتعلة لألراض ي الحضرية‪ ،‬وقد إزداد وضع‬

‫املجاالت الخضراء سوءا بسن املشرع قانون اإلستثناءات التي همشت القانون املنظم‬

‫للمجاالت الخضراء وأصبحت تعوض بشكل ممنهج مما أدى إلى إختراق وضرب الوثائق‬

‫العمرانية الش يء الذي أفقد القانون قوته تحت ذريعة تشجيع اإلستثمارات مما يتسبب في‬

‫اإلجهاز على التناغم املفترض بين ما هو مبني وما هو طبيعي‪.190.‬‬

‫في حين يبقى الهدف األسمى من العمران هو رفاهية ورغد عيش السكان في مدينة‬

‫تتوفر على بيئة سليمة ونمو إقتصادي يحترم ظروف عيش السكان‪ ،‬ومن شأن ذلك تحقيق‬

‫ما يسمى باملدينة املستدامة‪ 191،‬وقد تم تداول هذا املفهوم بشكل واسع بعد مؤتمر "ريو"‬

‫وأجاندا ‪ ،39‬ومن بين أهم النتائج التي تم التوصل إليها هي‪:‬‬

‫أن املجاالت الخضراء في تراجع كبير في املدن املغربية عامة وهذا يفقد التناغم بين‬

‫املشهد الطبيعي واملشهد املبني؛‬

‫أن آلة اإلستثناء القانوني أصبحت قاعدة عوض أن تكون إستثناء بالفعل‪ ،‬وكان لها‬

‫تأثير سلبي على الوثائق التعميرية التي أفرغتها في بعض املدن من محتواها ومن قوتها‬

‫القانونية‪ ،‬وقد تأثرت بذلك املجاالت الخضراء بشكل أساس ي؛‬

‫‪ -190‬أيت موسى (أحمد )‪ ،‬مرجع سابق ص‪02 :‬‬


‫‪ -191‬فالمدينة المستدامة هي المدينة التي تجمع بين النمو اإلقتصادي‪ ،‬والعدالة اإلجتماعية‪ ،‬وإحترام البيئة في إطار حكامة‬
‫حضرية مبنية على مشاركة السكان‪.‬‬

‫‪P 139‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫أن تحقيق نمو إقتصادي في بيئة سليمة تحترم فيها ظروف عيش السكان حاال‬

‫ومستقبال يتوقف على إنخراط املسؤولين عن الجماعات الحضرية في مشروع يبرهن من‬

‫خالله على إرادة حقيقية لتدبير املجاالت الخضراء ومن تم العمل على تحقيق ما يسمى‬

‫باملدينة املستدامة؛‬

‫أن الحديث عن املدينة املستدامة ال يمكن أن يتحقق إال باالهتمام بالعناصر التالية‪:‬‬

‫* تطور حضري ونمو إقتصادي متوازن يراعي إحترام املحيط بشكل عام؛‬

‫* تدبير مقتصد وعقالني للمجال؛‬

‫* إشراك الساكنة الحضرية في التدبير املحلي؛‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مخاطر التلوث البيئي والتنمية املستدامة‬

‫إذا كان العالم قد شهد في القرن املاض ي تغيرات إجتماعية وإقتصادية وعمرانية‪،‬‬

‫حيث نما سكان العالم من ‪ 9.8‬مليار نسمة إلى ‪ 8.9‬مليار نسمة‪ ،‬حدثت ‪%80‬من الزيادة‬

‫منذ عام ‪ ،9190‬بينما زاد سكان العالم ما يقرب من ‪ 1‬أضعاف‪ ،‬زادت املساحة الحضرية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وإرتفع الناتج املحلى اإلجمالي بين ‪ 30‬و‪ 10‬ضعفا‪ ،‬ولكن هذا النمو السريع أخد أشكاال‬
‫ّ‬
‫متباينة وغير متكافئة في أنحاء املعمورة‪ ،‬ترتب عن إرتفاع مستويات التحضر ضغوطات‬

‫كبيرة‪ ،‬تستنزف بال إنقطاع طاقات ليست باليسيرة من موارد البيئة الطبيعية‪.192‬‬

‫‪ -192‬فوزي بودقة‪ » ،‬اإلطار المفاهيمى للتنمية المستدامة و البعد العمراني «آ راء الجغرافيين ‪ ،‬الملتقى الخامس للجغرافيين‬
‫العرب في دولة الكويت ‪ ،‬ص‪. 22 :‬‬

‫‪P 141‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫وإذا كان سكان العالم في عام ‪ % 90، 9190‬منهم يعيشون في مناطق ريفية وبحلول‬

‫سنة ‪ 3090‬إنتقل ‪% 99‬من سكان العالم للعيش في املدن‪ ،‬فإنه بحلول عام ‪ 3090‬يتوقع‬

‫أن يكون ‪ % 90‬من سكان العالم قاطنين في املدن مما يعني أن القرن الواحد والعشرين‬

‫هو قرن املدن بحق‪.193‬‬

‫إن أكبر املشاكل التي تواجه املدن وخاصة بالدول النامية هي مشاكل الثلوث البيئي‬

‫التي تنجم عن مياه غير مالئمة لإلستهالك البشري‪ ،‬ناهيك عن مشاكل الصرف الصحي‬

‫وخدمات التخلص من النفايات الصلبة والنفايات الصناعية‪.194‬‬

‫وفي هذا االطار وحسب دراسة للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول السكن‬

‫في الوسط القروي فإن عملية التخلص من مياه الصرف الصحي باملغرب أصبحت تطرح‬

‫مشاكل حقيقية خاصة بالوسط القروي واملراكزالقروية الصاعدة والضاحوية ‪،‬حيث ان‬

‫نصف االسر القروية فقط لديها خزان الصرف الصحي بينما ‪ 38‬باملائة من االسر تصرف‬

‫مياهها العادمة في الطبيعة وتستعمل ‪ 39‬باملائة من االسر آبار التفريغ ‪ ،‬في حين أن ‪2‬‬

‫باملائة هي التي تستعمل الشبكة العمومية للتطهير السائل ‪ ،‬أما بخصوص النفايات املنزلية‬

‫هناك ‪ 91‬باملئة من االسر ترمي نفاياتها في الخالء‪195.‬‬

‫‪ -193‬اإلسكان والنمو السكاني ‪ ،‬منتدى جدة اإلقتصادي لعام ‪ ، 410.‬التقرير الالحق للمنتدى ص ‪.2 :‬‬
‫‪ -194‬التخطيط العمراني االستراتيجي واالدارة االستراتيجية للمدن‪ ،‬في نحو مجتمع المعرفة سلسلة دراسات يصدرها مركز‬
‫االنتاج االعالمي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬االصدار الخامس‪ ،‬ص ‪.22:‬‬
‫‪ -‬المملكة المغربية‪ ،‬تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي‪ ،‬حول "السكن في الوسط القروي ‪ :‬نحو سكن مستدام ومندمج في‬
‫‪195‬محيطه"‪ ،‬إحالة داتية رقم ‪ ،4102/..‬ص‪... :‬‬

‫‪P 141‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫من هنا يمكن القول إن عملية التنمية العمرانية وتلبية إحتياجات السكان‬

‫ضرورة‪ ،‬لكنها ال يمكن أن تكون على حساب مستقبل األجيال القادمة‪ ،‬وقد أولت معظم‬
‫ً‬
‫دول العالم في العقد األخير من القرن املنصرم إهتماما كبيرا بمواضيع حماية البيئة‬

‫والتنمية املستدامة‪ ،‬نتيجة لتنامي الوعي العام تجاه اآلثار البيئية املصاحبة لعملية‬

‫التخطيط الحضري‪،‬‬

‫وبالتالي تعتبر البيئة كمركب هام جدا في أي عملية تنمية عمرانية مهما كان‬

‫ججمها الزمني أو املكاني‪ ،‬ولم يعد ينظر إلى البعد البيئي على أنه ينصب على عملية خفض‬

‫التلوث والضجيج والتخلص من النفايات وامللوثات الضارة داخل املحيط الحضري‬

‫وحسب‪ ،‬بل تعدى ذلك إلى مايسمى بالتخطيط الحضري املستدام واملباني الخضراء‬

‫واملدينة املستدامة كمفاهيم تعكس طرقا وأساليب جديدة في التعامل مع املجال الحضري‬

‫‪ ،‬و تؤدي إلى التقليل من التكاليف البيئية والحد من ظاهرة املباني املريضة و إستهالك‬

‫الطاقة واإلعتماد على الطاقة البديلة والطاقة املتجددة ‪ ،‬وكل ذلك يعتبر من التحديات‬

‫الكبيرة الواجب على املخطط الحضري التعامل معها على أنها ثوابت البد من التركيز على‬

‫أهميتها في أي جزء من أجزاء تنفيذ عملية التخطيط الحضري‪.196‬‬

‫أصبح األمر يطرح إشكالية كبرى حول كيفية تحقيق التوازن بين السكان واملوارد‬

‫الطبيعية‪ ،‬بالتركيز على أن هدف التنمية في نهاية املطاف هو اإلنسان‪ ،‬الذي يحرك التقدم‬

‫‪ -196‬لخضر حمينة) يوسف (‪ ،‬نوعية البيئة السكنية الحضرية للمدينة العربية بين النظرية و التطبيق‪ ،‬دراسة حالة مدينة‬
‫المسيلة ‪ ،‬الجزائر‪ ، 1995 ،‬ص ‪.042 :‬‬

‫‪P 142‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫ّ‬
‫ويطور ويتطور بالعلم والتكنولوجيا‪ ،‬وتزداد قدرته على التحسين املستدام‬ ‫ويخلق الثروة‬

‫للبيئة‪ ،‬لتحقيق الكفاءة اإلقتصادية عند إستخدامه للموارد‪ ،‬فحتى وقت غير بعيد‬

‫وبالتحديد قبيل صدور التقارير اإلنمائية لألمم املتحدة‪ ،‬كان مفهوم التنمية ال يعني سوى‬
‫التنمية اإلقتصادية‪ ،‬ثم ّ‬
‫توجه التركيز من التنمية اإلقتصادية إلى التركيز على التنمية‬

‫البشرية‪ ،‬ثم إلى التنمية املستدامة ببعدها اإلنساني الشامل‪.‬‬


‫ً‬
‫في هذا اإلطارلم يعد مفهوم التنمية املستدامة منحصرا في عالقة التنمية بالبيئة‬

‫الطبيعية فحسب‪ ،‬بل أنه يتعدى ذلك إلى عالقة التنمية باألبعاد العمرانية واإلقتصادية‬

‫واإلجتماعية‪ ،‬وبمعنى أخر فإن مفهوم التنمية املستدامة أصبح يحمل معنى أوسع يهدف‬

‫إلى إيجاد نوع من التوازن بين املكونات الثالث الرئيسية للتنمية "البعد العمراني والبعد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اإلقتصادي والبعد اإلجتماعي"‪ ،‬وعلى هذا األساس تبنت األمم املتحدة تعريفا واسعا‬

‫للتنمية املستدامة يتلخص في التالي‪ :‬هي تلك التنمية التي تلبي إحتياجات الجيل الحاضر‬

‫دون التأثير على فرص األجيال املقبلة في ضمان الحصول على إحتياجاتها‪.197‬‬

‫وفيما يتعلق بالبعد العمراني للتنمية املستدامة‪ ،‬فقد بدأ االهتمام بموضوع‬

‫التنمية العمرانية املستدامة‪ ،‬في العقود األربع األخيرة‪ ،‬إثر انعقاد مؤتمر األمم املتحدة‬

‫‪ - 197‬جاء بعد ذلك عرض نادي روما تقرير حدود النمو عام ‪ ،1972‬نتيجة التوقعات بظهور نقص جوهري في الموارد‬
‫غير المتجددة‪ ،‬ثم تاله عقد الندوات والمؤتمرات‪ ،‬غبتداءاً من مؤتمر األمم المتحدة العالمي للسكان في بوخارست عام ‪،0212‬‬
‫وقيام االتحاد الدولي لحماية الطبيعة‪ ،‬بوضع إستراتيجية الحفاظ العالمي عام ‪ ،0221‬ثم تشكيل لجنة عالمية للبيئة والتنمية‬
‫برئاسة النرويج‪ ،‬لدراسة مشكالت البيئة والتنمية على هذا الكوكب‪ ،‬والمؤتمر الدولي للسكان في مدينة مكسيكو عام ‪،0222‬‬
‫قمة األرض في ريو بالبرازيل عام ‪ .0224‬ومؤتمرات األمم المتحدة للمستوطنات البشرية الموئل الثاني‪ ،‬ثم قمة‬
‫جوهانسبرج ‪ 4114‬بجنوب أفريقيا‪ .‬وقرارات القمة العربية السادسة عشرة بتونس عام ‪ 4112‬والسابعة عشرة بالجزائر عام‬
‫‪ .4112‬أنظر‪ :‬فوزي بودقة‪ » ،‬اإلطار المفاهيمى للتنمية المستدامة و البعد العمراني « ص‪.24 :‬‬

‫‪P 143‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫للتنمية البشرية‪ ،‬في ستوكهولم عام ‪ 9193‬أول مؤتمر حكومي دولي‪ ،‬بشأن حماية البيئة‪،‬‬

‫بالنظر إلى قلق العالم املتزايد على مصير األرض وزيادة نسب التلوث‪.198‬‬

‫ال شك أن النمو الحضري في املجتمعات اإلنسانية‪ ،‬أحد أبعاد التنمية املستدامة‬

‫هو عملية حتمية سواء كانت هذه املجتمعات متطورة أو في طريق التطور‪ ،‬هذا النمو ال‬
‫ً‬
‫ينظر إليه إيجابا عندما ال تتوفر إمكانيات مواجهة الضغوط اإلجتماعية والتمدينية‬

‫واإلقتصادية‪ ،‬حيث تمتد املدن واألوساط الحضرية بصفة غير منظمة‪ ،‬بدون أو بقليل من‬

‫البنية األساسية والخدمات‪ ،‬وفي غياب النمو املنظم‪ ،‬وعدم األخذ في اإلعتبار للتنمية‬

‫املستدامة‪ ،‬وكذلك عدم قدرة الحكومات على تلبية الطلب واإلحتياجات من السكن‬

‫والخدمات‪ ،‬تفتح الطريق أمام األحياء السكنية العشوائية‪ ،‬واملحتشدات السكانية‪ ،‬مصانع‬

‫توطنت بصفة غير منظمة توظف أيدي عاملة في إطار سوق عمل غير رسمية‪ ،‬واألمثلة‬

‫عديدة في مدن بلدان العالم الثالث‪ :‬الغوس‪،‬جاكرتا‪ ،‬بوغوتا‪ ،‬مدن الصفيح (‪ )favelas‬في‬

‫ريودي جانيرو‪ ،‬والجسيكندو باستانبول‪ .‬وفي العالم العربي مدن العشوائيات بالقاهرة التي‬

‫تشغل ‪ %19‬من املساحة الحضرية‪ ،‬ويشكل السكن العشوائي بمدينة الرباط ‪ %80‬من‬

‫املساحة املعمرة‪ ،‬وبمدينة الدار البيضاء ‪ %30‬من سكان املدينة يقطنون األحياء‬

‫العشوائية‪ ،‬وأحياء الصفيح والسكن الفوضوي الذي يلف املدن الكبرى بالجزائر وبخاصة‬

‫حول املناطق الصناعية‪ ،‬كما يشكل سكان األحياء العشوائية حول مدينة دمشق ‪ %20‬من‬

‫‪ -198‬نفس المرجع‪ ،‬ص‪22 :‬‬

‫‪P 144‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫سكان املدينة‪ ،‬وهناك الكثير من املدن العربية األخرى التي يتوطن بها السكن‬

‫العشوائي‪.199‬‬

‫لقد أضحت التنمية العمرانية املستدامة‪ ،‬إحدى املوضوعات األساسية األكثر‬


‫ً‬
‫إلحاحا في أجندة القرن ‪ ،39‬ما أدى إلى بروز دروب تفكيرعديدة ملسألة مصير املدن‬

‫واألوساط الحضرية‪ ،‬بالتزامن مع مصطلح االستدامة وضرورة تكريس مفهوم التنمية‬

‫العمرانية املستدامة‪ ،‬وفق متطلبات اإلنصاف اإلجتماعي واإلستدامة البيئية والفعالية‬

‫اإلقتصادية في عاملنا العربي‪ ،‬ألن مصير مدننا يواجه مجموعة من التحديات لعل أهمها‪:‬‬

‫تحدي العوملة وإعادة الهيكلة االقتصادية ؛‬

‫تحدي التنمية املتوازنة على مستوى اإلقليم داخل وخارج األوساط الحضرية؛‬

‫تحدي العدالة االجتماعية؛‬

‫تحدي نوعية البيئة واملحيط؛‬

‫تحدي التسيير الحضري والحكامة املحلية الراشدة "‪"governance‬؛‬

‫وهكذا فإن أهداف تبني مفهوم اإلستدامة في القطاع العمراني ال تختلف عن‬

‫الدوافع التي أدت إلى ظهور وتبني مفهوم التنمية املستدامة بأبعادها البيئية واإلقتصادية‬

‫واإلجتماعية املتداخلة‪.‬‬

‫‪ -199‬فوزي بودقة‪ » ،‬اإلطار المفاهيمى للتنمية المستدامة و البعد العمراني « ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.2. :‬‬

‫‪P 145‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫لهذا ينبغي اإلستخدام الراشد ملوارد البيئة الطبيعية‪ ،‬كاملاء والهواء واألراض ي‬

‫الخصبة املخصصة للزراعة‪ ،‬بما يؤمن حاجاتنا من الغداء واألراض ي املخصصة للعمران‬

‫بما يحقق إحتياجاتنا من السكن ومختلف التجهيزات الحضرية األخرى وإقامة مشاريع‬

‫البنية التحتية‪ ،‬مع مراعاة إحتياجات الوافدين الجدد من السكان واألجيال القادمة‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫لقد حاولنا من خالل هذه الراسة اثارت مجموعة من املشاكل او املعيقات التي‬

‫تعيق عملية التدبيرالعمراني باملجاالت الضاحوية باملغرب بصفة عامة ومركز أوالد طيب‬

‫ضاحية مدينة فاس بصفة خاصة ‪ ،‬هاته العراقيل التي ساهمت بدورها في إفراز تجمعات‬

‫عمرانية سكنية تفتقر الى التجهيزات الضرورية وخاصة املرتبطة بالبنية التحتية ‪ ،‬تجعل‬

‫من هاته الضواحي مجاالت لتوسعة املدن وتصريف أزماتها املرتبطة على الخصوص بحل‬

‫إشكالية السكن والثلوت البيئي وغيرها ‪،‬كما تدخلها في إطار تبعية دائمة للمدينة األم‬

‫وتفتقر ملقومات االستقاللية وسلطة إتخاد القرار لتدبير شأنها الداخلي‪.‬‬

‫ولذلك فإن توضيح وتعزيز مكانة الضاحية داخل النظام الداخلي للحاضرة‪ ،‬رهين‬

‫بالعمل على تدعيم مرتكزاته اإلقتصادية واملجالية ويتوقف على تغيير وضعيتها املترسخة‬

‫واملتسمة بتبعيتها شبه املطلقة للمركز‪ ،‬ومنحها نوعا من اإلستقاللية واإلنفراد بالتقرير في‬

‫القضايا املرتبطة بالتدبير املحلي عن طريق تأكيد حضورها اإلقتصادي الفعال والعمل‬

‫على تجديد الوسائل التي تعتمدها الدولة وأجهزتها املتباينة إلدارة املجال الضاحوي‪ ،‬وتبني‬

‫املقترب التشاركي في إدارة املجال الضاحوي والذي يندرج ضمن سياق تحديث املمارسات‬

‫‪P 146‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫العدد ‪ 39‬من جملة الباحث للدراسات واألحباث القانونية والقضائية – لشهر فرباير ‪ 2022‬م‬

‫العمومية في ميدان التعمير‪ ،‬باإلضافة إلى إدراج البعد البيئي ضمن سياسات وخطط‬

‫التنمية املستدامة بالضاحية‪.‬‬

‫والجدير بالذكرأيضا أن تدبير إشكالية التوسع العمراني يعرف تطورات مستمرة‬

‫ليس فقط على الصعيد املحلي أو الوطني ولكن أيضا يمكن أن يمتد على املستوى العاملي‬

‫أي في إطارما يسمى بالتعاون الدولي الالمركزي ‪،‬وفي هذا االطار فقد عقدت مجموعة من‬

‫االتفاقيات الدولية بين مدن العالم خصوصا بين املدن امليتروبولية التي تتميز بضواحيها‬

‫ذات املشاكل املركبة واملرتبطة أساسا بالسكن والصحة والفقر والنقل وغيرها من الحقوق‬

‫األساسية ‪ ،‬غيرأن التعاون بين هذا النوع من املدن وتبادل التجارب والخبرات في تدبير‬

‫التوسع العمراني كفيل بان يقدم إضافات مهمة للمدن الناشئة ولعل خلق " املنظمة‬

‫العاملية للمدن امليتروبولية" يدخل في هذا االطار املتطور باستمرارملعالجة وتدبير إشكالية‬

‫العدالة املجالية ‪200.‬‬

‫‪-22‬الزرداوي (فوذؤاد)‪ ،‬تطور مكانة الجماعات الترابية في النظام القانوني الدولي والعالقات الدولية المعاصرة‪ :‬دراسة مقارنة لواقع‬
‫وآفاق العمل الدولي للجماعات الترابية المغربية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪ ،‬كلية \العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعيةبطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،1112-1112:‬ص‪.33:‬‬

‫‪P 147‬‬ ‫مـجلة قانونية علمية حمكمة‬


‫)‪Powered by TCPDF (www.tcpdf.org‬‬

You might also like