Professional Documents
Culture Documents
إشكالية التدبير العمراني
إشكالية التدبير العمراني
مهددا بذلك إستقرار الحياة الحضرية التي زادتها الهجرة القروية تعقيدا.
ولذلك أضحت الحياة الحضرية باملدينة املغربية كغيرها من مدن العالم الثالث
معقدة تحت تأثير مجموعة من املشاكل التي تؤثر في شكل ودينامية املدن ،حيث أصبح
إحداث مراكز حضرية بضواحي املدن ضرورة ملحة لخلق توازن إجتماعي قائم على نسج
توافق بين الحاجيات الحالية للساكنة دون التأثير على الحاجيات املستقبلية لألجيال
املتعاقبة151.
ﻟﻺﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻗﻢ ﺑﻨﺴﺦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺇﺳﻠﻮﺏ ﺍﻹﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ:
ﺇﺳﻠﻮﺏ APA
ﺑﺨﻮﺵ ،ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ .(2022) .ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻀﺎﺣﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ.ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ،ﻉ .147 - 115 ،39ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 1239585/Record/com.mandumah.search//:http
ﺇﺳﻠﻮﺏ MLA
ﺑﺨﻮﺵ ،ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ" .ﺇﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻀﺎﺣﻮﻳﺔ ﺑﺎﻟﻤﻐﺮﺏ".ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺚ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔﻉ .147 - 115 :(2022) 39ﻣﺴﺘﺮﺟﻊ ﻣﻦ 1239585/Record/com.mandumah.search//:http
العديد من املشكالت اإلقتصادية واإلجتماعية التي أصبحت تعاني منها املدن املعاصرة،
وفي مقدمتها مشكلة السكن أو باألحرى إشكالية توفير الوعاء العقاري الحضري واإلستجابة
للطلبات املتزايدة للتوسع العمراني الذي إرتبط بالتطور السكاني ،والحاجيات املتزايدة
مهددا بذلك إستقرار الحياة الحضرية التي زادتها الهجرة القروية تعقيدا.
ولذلك أضحت الحياة الحضرية باملدينة املغربية كغيرها من مدن العالم الثالث
معقدة تحت تأثير مجموعة من املشاكل التي تؤثر في شكل ودينامية املدن ،حيث أصبح
إحداث مراكز حضرية بضواحي املدن ضرورة ملحة لخلق توازن إجتماعي قائم على نسج
توافق بين الحاجيات الحالية للساكنة دون التأثير على الحاجيات املستقبلية لألجيال
املتعاقبة151.
العديد من املشكالت اإلقتصادية واإلجتماعية التي أصبحت تعاني منها املدن املعاصرة،
وفي مقدمتها مشكلة السكن أو باألحرى إشكالية توفير الوعاء العقاري الحضري واإلستجابة
للطلبات املتزايدة للتوسع العمراني الذي إرتبط بالتطور السكاني ،والحاجيات املتزايدة
مهددا بذلك إستقرار الحياة الحضرية التي زادتها الهجرة القروية تعقيدا.
ولذلك أضحت الحياة الحضرية باملدينة املغربية كغيرها من مدن العالم الثالث
معقدة تحت تأثير مجموعة من املشاكل التي تؤثر في شكل ودينامية املدن ،حيث أصبح
إحداث مراكز حضرية بضواحي املدن ضرورة ملحة لخلق توازن إجتماعي قائم على نسج
توافق بين الحاجيات الحالية للساكنة دون التأثير على الحاجيات املستقبلية لألجيال
املتعاقبة151.
-151كويوز (محمد) ،صواب (ماجدة) ،الخزان (بوشتى) ،آثار التوسع العمرني في ضواحي مدن العالم الثالث (إقليم النواصر
نموذجا ) ،المجلة االكاديمية لألبحاث والنشر العلمي ،اإلصدار السابع عشر ،4141،ص.00. :
وأمام هذا الوضع إزداد إهتمام الدولة بالجوانب ذات الطابع اإلجتماعي من أجل
املجاالت وفي مقدمتها الحقوق اإلقتصادية واإلجتماعية ،152وفي هذا اإلطار إتجهت
سياسات الدولة إلمتصاص العجز السكني إلى الضواحي لحل أزمة النمو السكاني املتزايد
والتي زادت من حدتها الهجرة القروية ،وبذلك عرف املجال عموما واملجال الضاحوي على
الخصوص إهتماما من طرف الباحثين واملهتمين بهذا املجال رغبة في تنظيمه واإلستجابة
للحاجيات املتزايدة للسكان والتي تتنوع وتختلف تبعا لطبيعة املجتمع السائد واألنشطة
ونتيجة لتوجه السياسات الحضرية إلى الضواحي لحل إشكالية السكن باملدن
وخاصة الكبرى وتلبية حاجيات الساكنة وخاصة الفئات ذات الدخل املحدود أو نتيجة
الهجرة القروية املرتبطة بفترات الجفاف ،تحولت الضواحي إلى أقطاب حضرية وأصبحت
غير أنه ونظرا لقربها من املدن ولإلرتفاع املهول في أسعار الكراء بهاته األخيرة
ولسهولة الولوج إلى السكن بالضواحي سواء عن طريق الكراء أو التملك عرف النمو
العمراني بها توسعا غيرمتحكم فيه ،مما أدى إلى إنتشار تجمعات عشوائية في أغلبها تفتقر
إلى التجهيزات الضرورية األمر الذي أصبحت معه عملية التحكم في التوسع العمراني بها
جد معقدة ،وهنا تبرز إشكالية هذا املوضوع والتي يمكن طرحها كالتالي :كيف يمكن تدبير
-152الوردي(سعيد) ،سياسة الدولة في توفير السكن الالئق ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة سيدي
محمد بن عبد هللا ،كلية \العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بفاس ،السنة الجامعية ، 1111-1111:ص.11 :
أو إدارة التوسع العمراني باملجاالت الضاحوية؟ وأين تتجلى إشكالية تدبير املجاالت
الضاحوية باملغرب؟ وماهي إنعكاسات األزمة التي تثيرها مسألة التدبير العمراني باملجاالت
الضاحوية
هاته اإلشكالية سنجيب عليها خالل مراحل هاته الدراسة من خالل تفصيل هذا
-املطلب األول :املجاالت الضاحوية بين تحديد املفهوم وأزمة التدبير العمراني
املطلب األول :املجاالت الضاحوية بين تحديد املفهوم وأزمة التدبير العمراني.
إن التوسع الحضري الهائل الذي شهده املغرب في العقود األخيرة قد أفرز ظاهرة
املجاالت الضاحوية التي تحيط بضواحي املدن وخاصة الكبرى منها ،وتتخذ طابع مزيج
تتداخل فيه األنسجة املبنية بأسلوب التجزئة الخاضع للتعمير املنظم ورقع البناء
العشوائي ،وكذا دور الصفيح وغيرها من األشكال، 153غير أنه ال يمكن دراسة هذه
املجاالت بشكل مستقل وذلك نظرا ألهميتها الكبرى وملا لها من مميزات وخصوصيات ترهن
مستقبل التعمير والتنمية باملدن والعواصم الكبرى ،األمر الذي يقتض ي تحديد مفهوم
الضاحية في املقام األول (الفرع األول) ثم التطرق إلى األزمة التي يعرفها تدبير العمران بهذه
إن تنامي الوعي بظهور أشكال حديثة للتحضر داخل الضواحي ذات القابلية
النسيج الحضري ،لم يقابله إرتقاء ملكانة املجال الضاحوي ضمن األبحاث الحضرية ،بحيث
ظل يعاني بإستمرار من التهميش وعدم اإلستقاللية ،سواء بالنظر إليه على أساس أنه
-3راجع أطروحتنا حول مسألة تأهيل العمران بالمغرب ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام جامعة الحسن الثاني ،كلية
العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،عين الشق الدار البيضاء ،السنة الجامعية ،2017-2016 :ص .118
مجاال خاضعا وتابعا لثأثيرات املكونات الداخلية للمدن وخاصة املراكز ،أولكونه ال يشكل
لقد تعددت التعاريف التي أستعملت لتحديد مفهوم الضاحية ،فالضاحية لغة
هي الناحية والظهير والعالنية وهي تدل على ماهو خارج عن سور املدينة ،واسقاط املفهوم
على املجال الترابي ،الضاحية مجموع األماكن املحيطة باملدار الحضري في مقابل املدينة
التي هي مجموع األماكن التي تحيط بها املدار الحضري ،155فهناك Rurbain ،exurbain
ألول مرة في سنة 9188ضمن القاموس الفرنس ي وقد تم تعريفه ب"ما يحيط باملدينة"،156
فمنها من يرتكز على املعطى الجغرافي ،وفي هذا الصدد ذهب ميرالن Merlin/Pإلى أن
"الضاحية هي املجال املحيط باملدن الذي يعرف نموا متواصال" ،157نفس التوجه أكده
جورج بيير .GEORGE Pبقوله "أن الضواحي تعد أماكن لرصد ججم التحوالت الكثيفة
-154الحيمادي(سعيد) ،تدبير المجال الضاحوي بالدار البيضاء الكبرى – المنطلقات والرهانات -رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا المعمقة في القانون العام ،جامعة الحسن الثاني –عين الشق ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار
البيضاء ،السنة الجامعية ،411.-4114ص .2:
155
-بلغمي( عبد الغني) "،التعمير الضاحوي" ،مجلة إضاءات في الدراسات القانونية ،العدد الثالث ،مارس ، 4140ص. 42 :
-2أشار اليه محمد لمنور ،األقطاب الحضرية :نحو رؤية جديدة للمجال الحضري ،المدن الجديدة نموذجا ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون العام جامعة الحسن الثاني ،كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ،عين الشق الدارالبيضاء،
السنة الجامعية ،4102-410. :ص.22:
2-MERLIN) P(,CHOAY)F ( ,Dictionnaire de l’URBANISME ET DE L’AMENAGEMENT 4 éme
Edition ,PUF ,Paris , 0222 ,p 708 .
- GEORGE) P) VERGER(F) ,Dictionnaire de la geographie, 6éme, Edition PUF ,Paris , 0222 ,p
158
345.
وهناك اإلتجاه الذي يرتكز على فكرتي التبعية والهيمنة حيث يستجيب املجال
الضاحوي للمنطق اإلقتصادي للمركزويخضع وظيفيا له ،وهنا يرى جالبير JALABERT P
و جيليت JELLET Mبأن " الضواحي هي ميدان لتوظيفات تتحكم فيها عالقات القوة
القائمة داخل املجال الحضري ،وبالتالي موضوع إلستراتيجيات ذات أبعاد إقتصادية
أما في املغرب فقد تم التركيز على دور الرأسمال الخاص في هيكلة املجال
الضاحوي حيث عرفه املصطفى شويكي بأنه "عبارة عن أحزمة متوالية من املجال
الحضري تخضع في ديناميتها إلى منطق املدينة ،وفي تخصص أجزائها للمصالح املوجهة
لتوسع التجمع الحضري الذي يتحكم في إقتصادياتها ووظائفها" ،161في حين ذهب شالين
-159شويكي (المصطفى) ،الدار البيضاء :مقاربة سوسيو مجالية ،منشورات جامعة الحسن الثاني ،عين الشق ،كلية االداب
والعلوم االنسانية ،البيضاء ،0222،ص.442 :
-160أشار اليه محمد لمنور ،مرجع سابق ،ص.22 :
-161شويكي (المصطفى) ،الدار البيضاء :مقاربة سوسيو مجالية ،مرجع سابق ،ص.442-442 :
162
-CHALINE ) C), la dynamique urbain ,PUF ,Paris 0221 , p 185
وهناك من أطلق مفهوم الضاحية على "املجال اإلنتقالي بين املجالين الحضري
والقروي الذي يخضع لجادبية املدينة واستقطابها ،والتي تعرف تحوالت عميقة في وظائفها
ومكانتها االقتصادية واالجتماعية والعمرانية "،ويمكن أن تطلق أيضا على املدن الجديدة
التي تقع بضواحي املدينة أو كمدينة ضاحوية ملدينة ما (تامسنا وتامنصورت) والتي تتسم
من خالل ما سبق نستنتج أن الضاحية ليست مجال عبور للسكان فقط كما كان
من قبل ،فهي مجال إستقرار رغم تواجد السكن الهش وغير املندمج الذي يفتقر لبعض
التجهيزات األساسية ،كما أنها ليست مجاالت طبيعية ،بل هي مجاالت من صنع اإلنسان
حيث تعمرها مجموعات بشرية ،إال أنها تفتقر إلى التجانس والتناغم فيما بينها وتحيط
كما أن التدفق الحضري أو اإلنتشار الحضري نحو الضاحية أو الريف نتج عنه
أمران مرتبطان :األول يتجلى في ظهورأشكال تمدينية بحوز املدينة متباينة الهيأة ،تبعا
لكيفية توزعها عبر املجال ،والثاني قيام هذا الحوز أوالضاحية بأدوار إقتصادية وإجتماعية
جديدة باإلضافة إلى وظيفة الفالحة األصلية ،حيث تكون هذه األخيرة مجبرة على التكيف
مع تقلص رقعتها الترابية ،سواء نتيجة توطن املساكن هنا وهناك أو نتيجة توطن وحدات
اإلنتاج الصناعي.164
-04البكوري (محمد) ،مساهمة حول النمودج التنموي ،4التنمية الحضرية بالمغرب" ،ترنحات"نموذج " ما قبل دولة الحكامة " الجزء
األول " الترنح االجتماعي ،مطبعة االمكنية – الرباط ،طبعة ، 4140ص.0.1 :
-164أزهار (محمد) آيت موسى (آحمد) ,بايت حمو (سعيد ) » ،الضاحية بين هاجس التعمير واإلقصاء واستراتيجيات
التنمية المحلية والجهوية ,حالة الدار البيضاء –المحمددية « ،الملتقى الرابع للجغرافيين العرب :نحو استراتيجية
الفرع الثاني :أزمة تدبير أو إدارة املجال الضاحوي :نموذج مركز أوالد الطيب بفاس.
إن الفهم الدقيق إلشكالية تدبير املجاالت الضاحوية البد وأن ينطلق من رصد
السياق العام الذي يحكم تطورالحاضرة والذي ال يمكن عزل الضاحية عن تأثيراته
املختلفة (الفقرة األولى) ،هذا باإلضافة إلى رصد آليات تأطير النمو باملجال الضاحوي ملركز
فإذا كان التوسع الحضري الهائل الدي شهده املغرب في العقود االخيرة قد افرز
ظاهرة املجاالت الضاحوية ،فإن هذه األخيرة في الواقع ليست إال نتاج السيرورة املعقدة
لإلمتداد العمراني املتواصل للحاضرة وبالتالي ال يمكن فصلها عن جملة املتغيرات التي
وفي هذا اإلطار فإن توطيد دعائم النمو بالضاحية وتكثيف ججم إرتباطها بمركز
التجمع الحضري لم يمنع باملقابل من حدوث تأثيرات عكسية على واقع األجزاء الداخلية
املكونة لها إذا تفاعلت مع طبيعة التحول الذي شهدته مكانتها داخل املنظومة الهرمية
لتخطيط التنمية المجالية في العالم العربي بابعادها المحلية والقومية والعالمية ،الرباط نونبر ، 4112منشورات الجمعية
الوطنية للجغرافيين المغاربة ،الرباط ص . .22:
-165الحيمادي(سعيد) ،تدبير المجال الضاحوي بالدار البيضاء الكبرى – المنطلقات والرهانات ،مرجع سابق ،ص.01 :
النسيج الحضري للمنطق املتحكم إلى وقت قريب في تطورها ،وفي إعادة إنتاج لإلختالالت
غير أن حتمية التوسع العمراني داخل الضاحية تزيد ججم األعباء امللقاة على
عاتق الجماعات الضاحوية في توفير أسباب التنمية املستدامة ،باإلضافة إلى حتمية
عامل القرب la proximitéمن املشاكل املحلية ،ذلك أن تقوية الخصائص الذاتية للتراب
بهدف جعله تنافسيا تنطلق من تمتيعه بالقاعدة املادية الالزمة إلستقطاب اإلستثمارات
واألنشطة املختلفة والحفاظ عليها ،والتي تحتل ضمنها هياكل اإلستقبال الحيوية مكانة
محورية ،إذ أن التوفر على التجهيزات واملرافق العامة املحلية يعبرعن اإلنخراط الفعلي
غير أن منطق املنفعة الظرفية الذي دفع باملقاوالت والساكنة إلى تفضيل اإلستقرار
بالضاحية سرعان ما أبان عن محدودية نتائجه اإليجابية ،لكي يفسح املجال أمام وضعيات
من سوء التدبير تمثلت أساسا في عدم قدرة الجماعات الضاحوية على توفير الشروط
يضاف إلى ذلك أن تعدد الفاعلين أسفر عن تعثر فعلي للسياسة العامة املتبعة في
تهيئة املجال الضاحوي ،حيث تطلب األمر مراجعة أنماط التدخل املوكولة إلى الجماعات
بل األكثر من ذلك فإن تفاقم أزمة السكن التي أصبحت تعيشها املدينة املركز،
دفعت بالسلطات العمومية وكافة املتدخلين إلى البحث عن حلول ناجعة وفعالة وقليلة
التكلفة على التوازنات اإلقتصادية واإلجتماعية القائمة داخلها ،وهو ما أمكن تحقيقه
جزئيا من خالل اإلستغالل املتزايد لإلمكانيات الهائلة التي يختزلها الترابي الضاحوي ومما
زاد األمر تعقيدا هو إستمرار تعامل املنعشين العقاريين الخواص وكذا أصحاب التجزئات
مع املجال الضاحوي من منطلق كونه قاعدة مادية إلنجاز املشاريع السكنية امللبية
ومن هنا ونظرا لضعف الوسائل املادية لدى الجماعات الضاحوية وعدم قدرتها
على التحكم الكلي في منطق التطور الذاتي للضاحية ،فإن ضرورة التخلي عن هاجس
املراقبة التقنية للمد العمراني لفائدة وظائف التوجيه والتنسيق بين كافة املتدخلين
أصبحت تفرضها املعطيات املوضوعية ،ألن قيادة مشروع ترابي ونجاحه يرتبط بمدى
نجاح الجماعات الضاحوية في تحقيق التنسيق الالزم بين إختيارات مختلف الفاعلين ،عن
طريق تحديد املتطلبات اآلنية واألولويات ووضع الخطوط الرئيسية لتنمية متوازنة
بالضاحية ،وعدم قدرتها على القيام بقيادة التحول داخل املجال الضاحوي ،والتي تقحمها
في دائرة أزمة متعددة الجوانب ،تنعكس المحالة على مكانتها داخل النسق املنظم للشؤون
املحلية للضاحية.
كما أن إحتضان املجال الضاحوي للطابع القروي في أجزاء عديدة منه ،وإستقرار
شرائح مهمة من السكان ذوي الدخل املحدود به ،أفرز للوجود خريطة تمثيلية على صعيد
اإلقتصادية والتقنية وأبعاد التنمية املستدامة والتي يقتضيها التدبير اإلداري ملسار التنمية
الجماعية ،األمرالذي جعل مهمة تدبير وإدارة املجاالت الضاحوية أمرا صعبا ،كانت نتيجته
إفراز وضعيات متناقضة من السكن العشوائي والتي أصبحت تغديها املضاربة العقارية،
نتيجة األزمة السكنية التي تعرفها الحواضر ،وإرتفاع األسعار والسومة الكرائية ،وبالتالي
أصبحت الضاحية مجاال إلحتضان الوافدين من املدن والهجرة القروية ،ومجاال لحل
أزمة السكن املنظم بالحاضرة عن طريق نقلها وتصديرها إلى الضاحية .168
; - GODARD(F) ,le gouvernement des villes ,territoires et pouvoir .Ed Descartes et cie PARIS
167
1997 ; P 5
-168شويكي (المصطفى) ،مرجع سابق ،ص .421 :
في هذا اإلطار أصبحت مهمة الدولة في القضاء على تلك الظواهر صعبة التحقيق،
حيث لم يعد األمر يقتصر على الضواحي املتواجدة بالقرب من املدن ،بل ظهرت إلى الوجود
ويعني مفهوم املركز الصاعد كل التجمعات السكانية خارج البلديات التي تعرف
دينامية ملحوظة في تطور عدد سكانها وتحول مجاالتها تترجم عبر وثيرة سريعة للتعمير
(دينامية ديمغرافية ومجالية) ،169ويشير إلى مرحلة تحول مركز قروي إلى مركز حضري
عن طريق إرتفاع مهم في عدد سكانه وتعدد التجهيزات العمومية األساسية املوجودة فيه
وإرتفاع الكثافة السكانية في املركز باإلضافة الى تغير بنية الساكنة النشيطة وبداية تطور
غيرأنه ونظرا إلى الحركة السريعة للتمدين التي عرفها املغرب في السنوات األخيرة،
والزيادة في نسبة سكان املدن واإلرتفاع املهول لنسبة الهجرة القروية ،وبعد إنجاز املخطط
الوطني إلعداد التراب الوطني في 3001والذي يؤكد ضمن توجهاته على ضرورة اإلهتمام
باملجاالت الهامشية لتحقيق تنمية متوازنة للتراب الوطني ،أعطيت أهمية متزايدة ملختلف
التجمعات البشرية خاصة في العالم القروي ،وخاصة املراكز القروية الصاعدة كوسيلة
-169الحوار الوطني حول سياسة المدينة ،المنتدى الجهوي للشاوية ورديغة ،المراكز الصاعدة رافعة للتنمية الترابية،4104 ،
ص.0 :
وتمثل هذه املراكز أساسا متينا لتنمية متوازنة للتراب الوطني ،لكونها تمكن من
تطوير وتحديث املجاالت التي توجد بها وتلعب دور رافعات للتنمية املحلية واملجالية ،كما
تشكل مجال إلتقاء تدخالت مجموعة من الفاعلين على املستوى املحلي وتيهيء
تحسين إطار عيش سكان هذه املراكز واملجاالت املحيطة بها عن طريق تقريب وتسهيل
ولوج ساكنتها وسكان املجاالت املجاورة للخدمات والتجهيزات العمومية األساسية ( سياسة
القرب )؛
خاصة في مجال خلق فرص الشغل في بعض األنشطة اإلقتصادية لسكانها وسكان املناطق
إحداث توازن في التنمية بين املجاالت القروية والحضرية عن طريق تأهيل املناطق
تشكل نقط إرتكاز للتنمية الترابية عن طريق خلق تكامل بين هذه املراكز ومحيطها ؛
وعليه فاإلستثمار األمثل لهذه اإلمكانات يمكن من تحقيق الحكامة الترابية وضمان
التنافسية والجادبية الترابية التي تعتبر اآلن أساسا ال غنى عنه من أجل تحقيق تنمية
الفقرة الثانية :تدبيرالتوسع العمراني بضواحي مدينة فاس :مركز أوالد الطيب
نموذجا.
يحتل املركز القروي الضاحوي أوالد الطيب مكانة استراتيجية ضمن مخططات
التهيئة العمرانية ملدينة فاس نتيجة لتحوله لقطب عمراني غير منظم مرتبط باملضاربات
العقارية وبموقعه في مدخل املدينة ،ولذلك فإن عملية تأهيله وتأطير النمو العمراني به
سيساهم ال محالة في ضبط حركة العمران وتوفير ظروف اإلستقرار وبالتالي تخفيف
ينتمي مركز أوالد الطيب املكون من مجموعة من الدواوير الى قبيلة أوالد الحاج
سايس ،وهو تابع للجماعة القروية أوالد الطيب ،يتميز بموقعه بالقرب من مدينة فاس،
ويتكون من عدة دواوير وهي أوالد بوعبيد الكواز ،أوالد حمو ،أوالد الهواري ،أوالد يوسف،
أوالد األخضر ،أوالد الطيب السفلى ،أوالد الطيب العليا ،أوالد بوعبيد الساقية.
املتزايدة من طرف الفالحين وذوي الدخل املحدود والسيما في فترات الجفاف ،171في
-171فراح (عبد الرحيم) ،موساوي(امحمد) " إشكالية التاهيل الحضري بمركز أوالد الطيب ،ضاحية فاس الجنوبية " في
التأهيل الحضري بالمغرب ،منشورات الملتقى الثقافي بمدينة صفرو ،الدورة السادسة والعشرون 40-41مارس ،4102
ص..24 :
إستقطاب عدد متزايد من السكان ،حيث إرتفع عدد السكان واألسر باملركز من 9098نسمة
هذه الدينامية الديمغرافية التي عرفها مركز أوالد الطيب ساهمت بدورها في
انتشار السكن غير الالئق حيث أصبح هذا املركز قطبا إلنتعاش املضاربة العقارية والبناء
العشوائي والتجمعات السكنية غير القانونية ،مما ساهم في تشويه املشهد العمراني
للمدخل الجنوبي للمدينة ،األمر الذي أصبح يتطلب تدخال عاجال عن طريق إعداد تجزئات
سكنية بكلفة تستجيب لحاجيات كل الشرائح اإلجتماعية و تعبئة إمكانات مادية وعقارية
لسد الحاجيات الضرورية لتوفير السكن الالئق لضبط حركة التوسع العمراني من جهة
وهنا البد من اإلشارة الى أن عملية التوسع العمراني باملركز املدروس تعيقها
مجموعة من العراقيل والتي جعلت النمو العمراني باملركز نموا غير مراقب ويفتقر الغلب
التجهيزات الضرورية ومن أهمها ،الوضعية القانونية لألراض ي الجماعية والتي تغلب عليها
األراض ي الساللية حيث يتوزع الوعاء العقاري للمركز والبالغ حوالي 290هكتار كما يلي:
91باملائة 299هكتار
األراض ي الساللية (مشيخة أوالد الحاج)
من خالل الجدول أعاله يتبين لنا بامللموس كيف يمكن للحضور القوي لألراض ي
الساللية أن يعيق عملية التعمير بمركز أوالد الطيب وخاصة خالل عملية تنفيذ وثائق
وباعتبار مطار فاس سايس الدولي قطبا جهويا وبكونه يوجد على مقربة من املجال
املدروس ،فهو يعتبر في نفس الوقت عائقا على نمو املركز حيث يجب استحضار مصلحته
خالل كل عملية لتنمية وتاهيل املركز وخاصة من حيث الحفاظ على الجمالية العمرانية
وعدم تجاوز ارتفاعات معينة خالل عملية البناء والسيما بجنبات الطريق الوطنية.
أما بخصوص إنتشار السكن غير القانوني على جنبات الطريق الوطنية فقد ساهم
بدوره في عرقلة تطبيق مقتضيات تصميم التهيئة وعرقل عملية إعادة الهيكلة من أجل
كل هاته العوامل وغيرها والتي تعيق في نظرنا عملية التحكم في التوسع العمراني
بمركز أوالد الطيب وضبط حركة العمران ،دفعت باملسؤولين على الشأن املحلي الى التفكير
في البحث عن الحلول واآلليات الناجعة لتأهيل املركز وبالتالي توفير البنيات التحتية
-174فراح (عبد الرحيم) ،موساوي(امحمد) " ،إشكالية التاهيل الحضري بمركز أوالد الطيب ،ضاحية فاس الجنوبية " ،
مرجع سابق،ص..21 :
تزايد االهتمام باملجال الضاحوي ملدينة فاس في السنوات األخيرة نتيجة للدينامية
العمرانية التي أصبح يعرفها والتي تتسم بكونها دينامية عمرانية غير متحكم فيها (تعمير غير
منظم) ،مكن من الوقوف على أهم اإلشكاالت التي تواجه بنية التعمير الضاحوي وهي
إشكالية ربط البنايات باملاء الصلح للشرب وتطهير السائل خاصة بجماعة عين البيضاء
املعروفة بقبيلة الشراردة ،175الش يء الذي أثار انتباه الجهات املختصة في هذا
املجال(املجال املدروس) من أجل العمل على تأهيله وإدماجه في النسيج الحضري ملدينة
فاس وتنظيمه بوسائل وآليات ومقاربات جديدة في مجال التخطيط والتدبير الحضريين.
ومن بين آليات واملقاربات املعتمدة في هذا الباب هو العمل على إعادة هيكلة هذا
املركز في إطار مقاربة مندمجة للتنمية الحضرية مرتبطة بتأهيل مدينة فاس وإعتماد
الشراكات بين جميع الفاعلين في هذا الباب (وزارة اإلسكان والجماعات الساللية
ويبقى الغرض من عملية إعادة هيكلة مركز أوالد الطيب هو إدماجه في النسيج
الحضري ملدينة فاس كقطب عمراني حضري ضمن القطب الحضري سايس وهو جزء من
اإلستراتيجية الشاملة التي تتبناها الدولة والهادفة إلى تحقيق التوازن بين السكن
واألنشطة األخرى مع الحرص على التوفر على التجهيزات الضروية لحياة أفضل.
-175هاته الجماعة التي عانت ساكنتها كثيرا نتيجة رفض المكتب الوطني للماء الصالح للشرب تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب بعلة
الوضعية العقارية للجماعة لكونها تعتبر م ن أراضي الجموع وشساعة المساحة الفاصلة بين الدواوير ،ليتمكنوا بعد اخد ورد من التوصل
الى حل يقضي بتأسيس الدوار لودادية تتكلف باإلشراف على عملية توزيع الماء على الساكنة ،اشار اليه عبد الغني بلغمي ،مرجع سابق،
ص... :
ولذلك فقد حظيت مسألة تأهيل مركز أوالد الطيب بإهتمام الجهات املعنية من
أجل تحسين البنيات التحتية به وكان موضوع إتفاقية شراكة بين الجماعة الترابية أوالد
الطيب وشركة العمران فاس والية جهة فاس واملديرية الجهويىة للسكنى وسياسة املدينة
بجهة فاس مكناس تم التداول واملوافقة عليها خالل دورة املجلس لشهر ماي 3099في
نقطة خصصت للتداول بشأن إتفاقية شراكة بين الجماعة الترابية أوالد الطيب وشركة
العمران فاس من أجل إنجاز مشروع القطب الحضري رياض سايس وبرنامج إعادة تاهيل
وفي هذا اإلطار فقد عملت مؤسسة العمران فاس مكناس على تهيئة تجزئة سكنية
بمساحة 92هكتار تسمى تجزئة رياض سايس يضم شطرها األول 9929قطعة أرضية على
مساحة 12هكتار والشطر الثاني 20هكتار على عقار تابع للجماعة الساللية أوالد الحاج
والذي إقتنته شركة العمران من ذوي الحقوق بثمن 200للمتر املربع كما قامت بتعويض
وبخصوص أشغال عملية إعادة الهيكلة ملركز أوالد الطيب واملتمثلة باإلضافة الى
الدراسات التقنية في تيهئ الطرقات الرئيسية وتبليط األزقة وبناء منشأت الصرف الشتوي
فقد إنطلقت بداية شهر شنتبر 3030في إطار الصفقة رقم 3030/99حيث إلتزمت شركة
العمران القيام بها في حدود الكلفة املالية املرصودة لها أي 39مليون درهم ستمول في إطار
وفيما يخص عملية توسعة الطريق الوطنية رقم 09فبعد هدم املحالت التجارية
املتواجدة على واجهة الطريق املؤدية إلى مطار فاس سايس ،فقد قامت شركة العمران
بتخصيص 91قطعة أرضية مخصصة للسكن بالشطر األول بتجزئة رياض سايس
والبد من اإلشارة الى أنه ورغم االهتمام املتزايد باملجال الضاحوي املدروس من
خالل التغطية بوثائق التعمير وتوفير التجهيزات الضرورية واملرافق العمومية ،فإن ذلك
يبقى غير كاف باملقارنة مع ججم االحتياجات والرهانات ،نتيجة املزايدات السياسية وغياب
التنسيق بين الفاعلين باإلضافة الى ضعف تدبير وتسيير الشأن املحلي وعدم االعتماد على
إن مظاهراألزمة العمرانية التي تعرفها العديد من املدن املغربية وضواحيها ،والتي
تعيق النمو السليم والصحيح للمدن وتشوه املشهد العمراني بها ،لها عدة إنعكاسات سلبية
على املجال ،غيرأننا سنقتصرعلى أهمها ،والتي تساهم المحالة في التأثيرعلى الفضاءات
-177إتفاقية شراكة متعلقة بإنجاز مشروع القطب الحضري رياض سايس وبرنامج إعادة هيكلة مركز أوالد الطيب بجماعة
أوالد الطيب ماي 4102
-42العلوي(خالد)و الصغير (سعيد) "،التخطيط والتهيئة بالمجال الضاحوي لمدينتي فاس ومكناس -المغرب" ،مجلة الدراسات االفريقية
وحوض النيل العدد العاشر ،يناير ، 4140ص.22 :
اإلستراتيجية للمجال ،باإلضافة إلى مخاطر التلوث البيئي الناجم عن خلق أو تجمعات
املغربي داخل املجال الحضري وضواحيه والتي تقلصت مساحاتها نتيجة التوسع العمراني
الغير متحكم فيه واإلمتداد األفقي للعمران ،وتتمثل في األراض ي الفالحية املحيطة باملجال
واملساحات الخضراء.
إن التوسع العمراني والتمدد الذي عرفته املدن املغربية ،نتيجة املضاربة العقارية
واألزمة التي أصبح يعرفها قطاع السكن داخل املدارأواملجال الحضري ،أصبحت تهدد
القطاع القطاع الفالحي ،من خالل تحويل العديد من األراض ي الفالحية إلى تجزئات سكنية
عشوائية وسرية دون األخد بعين اإلعتبار أن هذه األراض ي تشكل إحدى املصادر األساسية
لألمن ا لغدائي.179
وهنا تجدر اإلشارة إلى أن إنتشار السكن السري والعشوائي وإتساع مساحته كان
يتم دائما على حساب األراض ي الفالحية ذات املردودية العالية ،كاملدارات املسقية ،وفي
هذا اإلطار فقد قدرت الوزارة أن توسع هذه األحياء إستهلك ما يقارب 2000هكتار باملدارات
السقوية باملغرب وحوالي 3800هكتار بلوكوس و 3900هكتار بسهل تادلة ،وتكتس ي هذه
- Nasiri - )M( « développement et Maitrise de territoires » in Etat . Espace et pouvoir local,
179
Rabat 1991.
األضرار خطورة كبيرة ليس لكونها أراض ي خصبة وإنما لحجم التجهيزات التي تكلف ميزانية
الدولة ،إضافة إلى اإلنعكاسات اإلقتصادية واإلجتماعية ،حيث كلف في هذا اإلطار تجهيز
قطاع بهت بسيدي سليمان إستثمارات وصلت إلى حوالي 990مليون درهم.180
بالنسبة لسهل تادلة بإعتباره واحد من أهم املناطق الفالحية باملغرب والذي تصل
مساحته إلى حوالي 939000هكتار ،ساهمت عدة عوامل في جعله قطبا إلجتداب الهجرة
القروية نتيجة اإلعتماد على التقنيات الحديثة في الري واإلنتاج الفالحي ،كان من أهم
إنعكاساتها التمركز واإلستقرار بالسهل مما أدى إلى توسع املراكز وإرتفاع عدد سكانها ،وهذا
التزايد الديمغرافي أدى إلى إرتفاع الطلب على السكن ،وبالتالي توسيع املدارات الحضرية
وللتدليل على حدة الظاهرة ال بد من اإلشارة إلى أن مساحة األراض ي الفالحية التي
تم إستهالكها نتيجة التوسع العمراني ألهم املراكز ،حيث إنتقلت هذه املساحة من 1283
هكتار سنة 9198إلى 9830هكتار سنة 9113لتصل إلى 9991هكتار سنة ، 9119وهي بال
شك في تزايد كبير حاليا ،وخاصة في ظل اإلرتفاع املهول ألسعار العقار نتيجة املضاربة
-180البطبوطي (عبد هللا) ،اثر التوسع العمراني على المدارت المسقية " نمودج جهة الغرب الشراردة بني حسن « ،مجلة
المزارع المغربي القرض الفالحي ،العدد ، 1مارس . 4111
-181و نورد كمثال التطور الدي عرفته المدرات الحضري تبعا للتقسيم الجماعي واإلداري لسنة 0224كما يلي:
-المدار الحضري لبني مالل إنتقل من 02كلم مربع الى 22كلم مربع سنة .0224
-المدار الحضري للفقيه بن صالح إنتقل من 2كلم مربع إلى 02كلم مربع سنة .0224
-المدار الحضري لسوق السبت إنتقل من 2كلم مربع إلى 02كلم مربع سنة .0224
-أنظر :سعدي( أحمد) » ،التخطيط الحضري والتنمية المستدامة بالمناطق الفالحية السقوية "منطقة سهل تادلة نموذجا «،
ندوة العمران بالوطن العربي ،أيام 04-00-01ابريل 4110منشورات المعهد الوطني للتهيئة والتعمير ،الرباط ،4112
ص .2.:
-182نفس المرجع ص .22:
و 3099تم ضياع حوالي 39000هكتار من األراض ي املسقية أي بوثيرة 9100هكتار سنويا ،
حيث يشهد املغرب سنويا ضياع مابين 2000و 1000هكتار من االراض ي الفالحية .183
وفي هذا اإلطار وبخصوص البناء بالعالم القروي فقد أوضح وزير إعداد التراب
الوطني والتعمير واإلسكان والبيئة وسياسة املدينة أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية
وسياسة املدينة بمجلس النواب ،أن نسبة املوافقة على طلبات رخص البناء بالعالم
القروي ناهزت 99باملائة مابين 3099و 3099أي مامجموعه 99189ملفا مدروسا أما
بخصوص امللفات التي حصلت على املوافقة للبناء في مساحة أقل من هكتار فقد بلغت
وبمجال الدراسة وعلى إثر التوسع العمراني الذي شهده وخاصة في السنوات
األخيرة فقد ساهم في نقص اإلحتياط العقاري بضاحية مركز أوالد الطيب وخاصة نتيجة
اللجوء الى مسطرة اإلستثناء في مجال التعمير ،أو نتيجة تفويت األراض ي الساللية من أجل
إعادة هيكلة املركز (تجزئة رياض سايس) أو بناء بعض املرافق االجتماعية ،هذا علما أن
مساحة األراض ي الساللية باملركزمجال الدراسة شكل نسبة 91باملائة من الوعاء العقاري
-183وزارة الفالحة والصيد البحري ،مديرية الري وإعداد المجال الفالحي ،عرض حول الزحف العمراني وآثاره على
االراضي الفالحية .4104 ،
-184تصريح وزير اعداد التراب الوطني والتعمير واإلسكان والبيئة وسياسة المدينة امام لجنة الداخلية والجماعات الترابية
وسياسة المدينة بمجلس النواب بتاريخ 01يونيو .4102
وبناء على ما سبق فإن ظاهرة التوسع العمراني املتزايد على حساب األراض ي
الفالحية بل ومن بين أكثرها إنتاجية أحيانا من أكثر الظواهر املثيرة للقلق في العقود األخيرة،
لكونها تهدد استدامة املوارد واستدامة التنمية في شموليتها ،ويعزى ذلك لكون القوانين
وااللياتت املعتمدة لحماية األراض ي الفالحية من التوسع العمراني تضل غير مفعلة أحيانا
البد من اإلشارة إلى أن عمليات التوسع العمراني داخل املجال الحضري ساهمت
أيضا في تقليص الساحات العمومية ،حيث عملت على تحويل املجال إلى مجرد أحياء
سكنية ذات كثافة عالية ،وبالتالي جعلته غير قادر على أداء وظائفه اإلجتماعية.186
كانت املدن املغربية عموما وإلى عهد قريب تتوفر على مساحات خضراء ال بأس
بها واملتمثلة في الحدائق وغيرها ،غير أن التحوالت الديمغرافية واملجالية التي شهد املغرب
في العقود األخيرة كان لها وقع كبير وتأثير واضح في تراجع املساحات الخضراء داخل املدن
لصالح اإلسمنت املسلح الذي بدأ يغزو مدننا بشكل يثير اإلندهاش.187
-الحاضري(خالد) وايت حمو ( محمد) "،مدن السقي بين ضيق آفاق التوسع وإشكالية المحافظة على األراضي الزراعية ،مثال مدينة
185سيدي بنور " ،مجلة الدراسات االفريقية وحوض النيل العدد العاشر ،يناير ، 4140ص.2. :
-186اسرموح(عبد هللا) ،الصعوبات التي تواجه التخطيط العمراني بالمغرب ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة،
جامعة محمد الخامس ،كلية العلوم القانونية االقتصادية واإلجتماعية أكدال ،الرباط السنة الجامعية ،4112-411.:
ص.022:
-187أيت موسى (أحمد) »،العمران واشكالية المجاالت الخضراء بالمدن المغربية ،مدينة المحمدية نمودجا « ،اراء
الجغرافيين ،الملتقى الخامس للجغرافيين العرب في دولة الكويت ص.0. :
وال تخفى على أحد أهمية املجاالت الخضراء ليس فقط في التخفيف من حدة
التلوث وإنما أيضا في الترويح عن نفسية املتمدنين ،وفي خلق إطار وفضاء أجمل للعيش ال
يقطع سبب تواصل اإلنسان مع الطبيعة ،لها أيضا إنعكاسات إقتصادية تساهم في إشعاع
املدن وتحسين صورتها ،ومن وظائفها أيضا كونها تلعب دور" الرئة الخضراء" بإمتصاصها
لبعض أنواع مكونات التلوث وإنتاجها األوكسجين باملقا بل ،وإستنادا على الفصل 91من
القانون 10-93املتعلق بالتعمير ،فإن تصميم التهيئة يهدف إلى تحديد املساحات الخضراء
العامة ( األماكن املشجرة والبساتين والحدائق العمومية ) وذلك نظرا ألهمية الوظائف
وإذا كان للمناطق الخضراء أهمية قصوى في حياة الفرد ،فإننا نالحظ تدهورها
وتراجعها في العديد من املدن املغربية خاصة في املدن الكبرى سواء على مستوى اإلعتناء
بها أو على مستوى إحداثها ،بحيث أصبحت ال تشكل سوى 9.3متر مربع للفرد الواحد في
الوقت الذي تصل فيه هده املساحة في باريس ولندن ونيويورك إلى 90متر مربع للفرد
الواحد ،بل وترتفع هده املساحة لتصل إلى حوالي 20متر متر مربع للفرد الواحد في
بروكسيل، 188فإن مدينة فاس كمجال مدروس تعاني من عجز كبير على مستوى املساحات
الخضراء حيث ال يصل نصيب الفرد الواحد سوى 1م 3أي 10هكتار كمجال أخضر لكل
مدينة.189
في الوقت الذي تعرف فيه املدن املغربية تزايدا ديمغرافيا كبيرا وتوسعا مجاليا
مهما أصبحت املجاالت الخضراء تشهد تراجعا خطيرا بفعل املضاربة العقارية وإرتفاع
أثمان العقار ،مما أدى الى ندرة حقيقية ومفتعلة لألراض ي الحضرية ،وقد إزداد وضع
املجاالت الخضراء سوءا بسن املشرع قانون اإلستثناءات التي همشت القانون املنظم
للمجاالت الخضراء وأصبحت تعوض بشكل ممنهج مما أدى إلى إختراق وضرب الوثائق
العمرانية الش يء الذي أفقد القانون قوته تحت ذريعة تشجيع اإلستثمارات مما يتسبب في
في حين يبقى الهدف األسمى من العمران هو رفاهية ورغد عيش السكان في مدينة
تتوفر على بيئة سليمة ونمو إقتصادي يحترم ظروف عيش السكان ،ومن شأن ذلك تحقيق
ما يسمى باملدينة املستدامة 191،وقد تم تداول هذا املفهوم بشكل واسع بعد مؤتمر "ريو"
أن املجاالت الخضراء في تراجع كبير في املدن املغربية عامة وهذا يفقد التناغم بين
أن آلة اإلستثناء القانوني أصبحت قاعدة عوض أن تكون إستثناء بالفعل ،وكان لها
تأثير سلبي على الوثائق التعميرية التي أفرغتها في بعض املدن من محتواها ومن قوتها
أن تحقيق نمو إقتصادي في بيئة سليمة تحترم فيها ظروف عيش السكان حاال
ومستقبال يتوقف على إنخراط املسؤولين عن الجماعات الحضرية في مشروع يبرهن من
خالله على إرادة حقيقية لتدبير املجاالت الخضراء ومن تم العمل على تحقيق ما يسمى
باملدينة املستدامة؛
أن الحديث عن املدينة املستدامة ال يمكن أن يتحقق إال باالهتمام بالعناصر التالية:
* تطور حضري ونمو إقتصادي متوازن يراعي إحترام املحيط بشكل عام؛
إذا كان العالم قد شهد في القرن املاض ي تغيرات إجتماعية وإقتصادية وعمرانية،
حيث نما سكان العالم من 9.8مليار نسمة إلى 8.9مليار نسمة ،حدثت %80من الزيادة
منذ عام ،9190بينما زاد سكان العالم ما يقرب من 1أضعاف ،زادت املساحة الحضرية
ً ً
وإرتفع الناتج املحلى اإلجمالي بين 30و 10ضعفا ،ولكن هذا النمو السريع أخد أشكاال
ّ
متباينة وغير متكافئة في أنحاء املعمورة ،ترتب عن إرتفاع مستويات التحضر ضغوطات
كبيرة ،تستنزف بال إنقطاع طاقات ليست باليسيرة من موارد البيئة الطبيعية.192
-192فوزي بودقة » ،اإلطار المفاهيمى للتنمية المستدامة و البعد العمراني «آ راء الجغرافيين ،الملتقى الخامس للجغرافيين
العرب في دولة الكويت ،ص. 22 :
وإذا كان سكان العالم في عام % 90، 9190منهم يعيشون في مناطق ريفية وبحلول
سنة 3090إنتقل % 99من سكان العالم للعيش في املدن ،فإنه بحلول عام 3090يتوقع
أن يكون % 90من سكان العالم قاطنين في املدن مما يعني أن القرن الواحد والعشرين
إن أكبر املشاكل التي تواجه املدن وخاصة بالدول النامية هي مشاكل الثلوث البيئي
التي تنجم عن مياه غير مالئمة لإلستهالك البشري ،ناهيك عن مشاكل الصرف الصحي
وفي هذا االطار وحسب دراسة للمجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي حول السكن
في الوسط القروي فإن عملية التخلص من مياه الصرف الصحي باملغرب أصبحت تطرح
مشاكل حقيقية خاصة بالوسط القروي واملراكزالقروية الصاعدة والضاحوية ،حيث ان
نصف االسر القروية فقط لديها خزان الصرف الصحي بينما 38باملائة من االسر تصرف
مياهها العادمة في الطبيعة وتستعمل 39باملائة من االسر آبار التفريغ ،في حين أن 2
باملائة هي التي تستعمل الشبكة العمومية للتطهير السائل ،أما بخصوص النفايات املنزلية
-193اإلسكان والنمو السكاني ،منتدى جدة اإلقتصادي لعام ، 410.التقرير الالحق للمنتدى ص .2 :
-194التخطيط العمراني االستراتيجي واالدارة االستراتيجية للمدن ،في نحو مجتمع المعرفة سلسلة دراسات يصدرها مركز
االنتاج االعالمي ،جامعة الملك عبد العزيز ،االصدار الخامس ،ص .22:
-المملكة المغربية ،تقرير المجلس االقتصادي واالجتماعي والبيئي ،حول "السكن في الوسط القروي :نحو سكن مستدام ومندمج في
195محيطه" ،إحالة داتية رقم ،4102/..ص... :
من هنا يمكن القول إن عملية التنمية العمرانية وتلبية إحتياجات السكان
ضرورة ،لكنها ال يمكن أن تكون على حساب مستقبل األجيال القادمة ،وقد أولت معظم
ً
دول العالم في العقد األخير من القرن املنصرم إهتماما كبيرا بمواضيع حماية البيئة
والتنمية املستدامة ،نتيجة لتنامي الوعي العام تجاه اآلثار البيئية املصاحبة لعملية
التخطيط الحضري،
وبالتالي تعتبر البيئة كمركب هام جدا في أي عملية تنمية عمرانية مهما كان
ججمها الزمني أو املكاني ،ولم يعد ينظر إلى البعد البيئي على أنه ينصب على عملية خفض
وحسب ،بل تعدى ذلك إلى مايسمى بالتخطيط الحضري املستدام واملباني الخضراء
واملدينة املستدامة كمفاهيم تعكس طرقا وأساليب جديدة في التعامل مع املجال الحضري
،و تؤدي إلى التقليل من التكاليف البيئية والحد من ظاهرة املباني املريضة و إستهالك
الطاقة واإلعتماد على الطاقة البديلة والطاقة املتجددة ،وكل ذلك يعتبر من التحديات
الكبيرة الواجب على املخطط الحضري التعامل معها على أنها ثوابت البد من التركيز على
أصبح األمر يطرح إشكالية كبرى حول كيفية تحقيق التوازن بين السكان واملوارد
الطبيعية ،بالتركيز على أن هدف التنمية في نهاية املطاف هو اإلنسان ،الذي يحرك التقدم
-196لخضر حمينة) يوسف ( ،نوعية البيئة السكنية الحضرية للمدينة العربية بين النظرية و التطبيق ،دراسة حالة مدينة
المسيلة ،الجزائر ، 1995 ،ص .042 :
ّ
ويطور ويتطور بالعلم والتكنولوجيا ،وتزداد قدرته على التحسين املستدام ويخلق الثروة
للبيئة ،لتحقيق الكفاءة اإلقتصادية عند إستخدامه للموارد ،فحتى وقت غير بعيد
وبالتحديد قبيل صدور التقارير اإلنمائية لألمم املتحدة ،كان مفهوم التنمية ال يعني سوى
التنمية اإلقتصادية ،ثم ّ
توجه التركيز من التنمية اإلقتصادية إلى التركيز على التنمية
الطبيعية فحسب ،بل أنه يتعدى ذلك إلى عالقة التنمية باألبعاد العمرانية واإلقتصادية
واإلجتماعية ،وبمعنى أخر فإن مفهوم التنمية املستدامة أصبح يحمل معنى أوسع يهدف
إلى إيجاد نوع من التوازن بين املكونات الثالث الرئيسية للتنمية "البعد العمراني والبعد
ً ً
اإلقتصادي والبعد اإلجتماعي" ،وعلى هذا األساس تبنت األمم املتحدة تعريفا واسعا
للتنمية املستدامة يتلخص في التالي :هي تلك التنمية التي تلبي إحتياجات الجيل الحاضر
دون التأثير على فرص األجيال املقبلة في ضمان الحصول على إحتياجاتها.197
وفيما يتعلق بالبعد العمراني للتنمية املستدامة ،فقد بدأ االهتمام بموضوع
التنمية العمرانية املستدامة ،في العقود األربع األخيرة ،إثر انعقاد مؤتمر األمم املتحدة
- 197جاء بعد ذلك عرض نادي روما تقرير حدود النمو عام ،1972نتيجة التوقعات بظهور نقص جوهري في الموارد
غير المتجددة ،ثم تاله عقد الندوات والمؤتمرات ،غبتداءاً من مؤتمر األمم المتحدة العالمي للسكان في بوخارست عام ،0212
وقيام االتحاد الدولي لحماية الطبيعة ،بوضع إستراتيجية الحفاظ العالمي عام ،0221ثم تشكيل لجنة عالمية للبيئة والتنمية
برئاسة النرويج ،لدراسة مشكالت البيئة والتنمية على هذا الكوكب ،والمؤتمر الدولي للسكان في مدينة مكسيكو عام ،0222
قمة األرض في ريو بالبرازيل عام .0224ومؤتمرات األمم المتحدة للمستوطنات البشرية الموئل الثاني ،ثم قمة
جوهانسبرج 4114بجنوب أفريقيا .وقرارات القمة العربية السادسة عشرة بتونس عام 4112والسابعة عشرة بالجزائر عام
.4112أنظر :فوزي بودقة » ،اإلطار المفاهيمى للتنمية المستدامة و البعد العمراني « ص.24 :
للتنمية البشرية ،في ستوكهولم عام 9193أول مؤتمر حكومي دولي ،بشأن حماية البيئة،
بالنظر إلى قلق العالم املتزايد على مصير األرض وزيادة نسب التلوث.198
هو عملية حتمية سواء كانت هذه املجتمعات متطورة أو في طريق التطور ،هذا النمو ال
ً
ينظر إليه إيجابا عندما ال تتوفر إمكانيات مواجهة الضغوط اإلجتماعية والتمدينية
واإلقتصادية ،حيث تمتد املدن واألوساط الحضرية بصفة غير منظمة ،بدون أو بقليل من
البنية األساسية والخدمات ،وفي غياب النمو املنظم ،وعدم األخذ في اإلعتبار للتنمية
املستدامة ،وكذلك عدم قدرة الحكومات على تلبية الطلب واإلحتياجات من السكن
والخدمات ،تفتح الطريق أمام األحياء السكنية العشوائية ،واملحتشدات السكانية ،مصانع
توطنت بصفة غير منظمة توظف أيدي عاملة في إطار سوق عمل غير رسمية ،واألمثلة
عديدة في مدن بلدان العالم الثالث :الغوس،جاكرتا ،بوغوتا ،مدن الصفيح ( )favelasفي
ريودي جانيرو ،والجسيكندو باستانبول .وفي العالم العربي مدن العشوائيات بالقاهرة التي
تشغل %19من املساحة الحضرية ،ويشكل السكن العشوائي بمدينة الرباط %80من
املساحة املعمرة ،وبمدينة الدار البيضاء %30من سكان املدينة يقطنون األحياء
العشوائية ،وأحياء الصفيح والسكن الفوضوي الذي يلف املدن الكبرى بالجزائر وبخاصة
حول املناطق الصناعية ،كما يشكل سكان األحياء العشوائية حول مدينة دمشق %20من
سكان املدينة ،وهناك الكثير من املدن العربية األخرى التي يتوطن بها السكن
العشوائي.199
اإلقتصادية في عاملنا العربي ،ألن مصير مدننا يواجه مجموعة من التحديات لعل أهمها:
تحدي التنمية املتوازنة على مستوى اإلقليم داخل وخارج األوساط الحضرية؛
وهكذا فإن أهداف تبني مفهوم اإلستدامة في القطاع العمراني ال تختلف عن
الدوافع التي أدت إلى ظهور وتبني مفهوم التنمية املستدامة بأبعادها البيئية واإلقتصادية
واإلجتماعية املتداخلة.
-199فوزي بودقة » ،اإلطار المفاهيمى للتنمية المستدامة و البعد العمراني « ،مرجع سابق ،ص.2. :
لهذا ينبغي اإلستخدام الراشد ملوارد البيئة الطبيعية ،كاملاء والهواء واألراض ي
الخصبة املخصصة للزراعة ،بما يؤمن حاجاتنا من الغداء واألراض ي املخصصة للعمران
بما يحقق إحتياجاتنا من السكن ومختلف التجهيزات الحضرية األخرى وإقامة مشاريع
البنية التحتية ،مع مراعاة إحتياجات الوافدين الجدد من السكان واألجيال القادمة.
خاتمة:
لقد حاولنا من خالل هذه الراسة اثارت مجموعة من املشاكل او املعيقات التي
تعيق عملية التدبيرالعمراني باملجاالت الضاحوية باملغرب بصفة عامة ومركز أوالد طيب
ضاحية مدينة فاس بصفة خاصة ،هاته العراقيل التي ساهمت بدورها في إفراز تجمعات
عمرانية سكنية تفتقر الى التجهيزات الضرورية وخاصة املرتبطة بالبنية التحتية ،تجعل
من هاته الضواحي مجاالت لتوسعة املدن وتصريف أزماتها املرتبطة على الخصوص بحل
إشكالية السكن والثلوت البيئي وغيرها ،كما تدخلها في إطار تبعية دائمة للمدينة األم
ولذلك فإن توضيح وتعزيز مكانة الضاحية داخل النظام الداخلي للحاضرة ،رهين
بالعمل على تدعيم مرتكزاته اإلقتصادية واملجالية ويتوقف على تغيير وضعيتها املترسخة
واملتسمة بتبعيتها شبه املطلقة للمركز ،ومنحها نوعا من اإلستقاللية واإلنفراد بالتقرير في
القضايا املرتبطة بالتدبير املحلي عن طريق تأكيد حضورها اإلقتصادي الفعال والعمل
على تجديد الوسائل التي تعتمدها الدولة وأجهزتها املتباينة إلدارة املجال الضاحوي ،وتبني
املقترب التشاركي في إدارة املجال الضاحوي والذي يندرج ضمن سياق تحديث املمارسات
العمومية في ميدان التعمير ،باإلضافة إلى إدراج البعد البيئي ضمن سياسات وخطط
ليس فقط على الصعيد املحلي أو الوطني ولكن أيضا يمكن أن يمتد على املستوى العاملي
أي في إطارما يسمى بالتعاون الدولي الالمركزي ،وفي هذا االطار فقد عقدت مجموعة من
االتفاقيات الدولية بين مدن العالم خصوصا بين املدن امليتروبولية التي تتميز بضواحيها
ذات املشاكل املركبة واملرتبطة أساسا بالسكن والصحة والفقر والنقل وغيرها من الحقوق
األساسية ،غيرأن التعاون بين هذا النوع من املدن وتبادل التجارب والخبرات في تدبير
التوسع العمراني كفيل بان يقدم إضافات مهمة للمدن الناشئة ولعل خلق " املنظمة
العاملية للمدن امليتروبولية" يدخل في هذا االطار املتطور باستمرارملعالجة وتدبير إشكالية
-22الزرداوي (فوذؤاد) ،تطور مكانة الجماعات الترابية في النظام القانوني الدولي والعالقات الدولية المعاصرة :دراسة مقارنة لواقع
وآفاق العمل الدولي للجماعات الترابية المغربية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ،جامعة عبد المالك السعدي ،كلية \العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعيةبطنجة ،السنة الجامعية ،1112-1112:ص.33: