Professional Documents
Culture Documents
محاضر الشرطة القضائية
محاضر الشرطة القضائية
مقدمة -
المحور األول :النظام القانوني للمحضر.
المبحث األول :تعريف المحضر ،خصائصه وتمييزه عن التقرير. -1
الفرع األول :تعريف المحضر والجهة المختصة بإنجازه. -
الفرع الثاني :ما يميز المحضر عن التقرير. -
المبحث الثاني :أنواع محاضر الشرطة القضائية. -2
الفرع األول :أنواع المحاضر بالنظر إلى المسؤولية عن مضمنها. -
الفرع الثاني :أنواع المحاضر بالنظر إلى قوتها اإلثباتية. -
المحور الثاني :القوة اإلثباتية لمحاضر الشرطة القضائية.
-1المبحث األول :حجية المحاضر من خالل القواعد القانونية.
-2المبحث الثاني :حجية المحاضر من خالل االجتهاد القضائي.
خاتمة -
1
مقـــدمـــة :
أول مالحظة تجدر إثارتها في مستهل هذا العمل تتعلق بالعنوان وتتمثل في التساؤل التالي :
1
-قبل أن يخضع لتعديل .2002
2
-محمد صالح السرغيني :قضاء النيابة العامة ،ص ،64 :منشورات المعهد الوطني للدراسات.
3
-الحسن بوعيسى :عمل الضابطة القضائية بالمغرب ،ص .261 :
4
-األستاذ هوداية :محاضر الضابطة القضائية ،ص .11 :
5
-بند الشرطة القضائية السابق.
2
أول شرط شكلي في المحضر يتعلق بمنجزه ،بحيث تقتضي المادة 24من ق م ج ضرورة تضمين المحضر اسم محرره ،وصفته ،ومكان عمله
وتوقيعه ،وثاني شرط شكلي في المحضر يتعلق بتاريخ وشاعة إنجاز اإلجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف شاعة إنجاز اإلجراء .وهي شروط مشتركة
بين جميع المحاضر المنجزة بغض النظر عن موضوعها.
كما نجد في نفس المادة 24من ق مج تأكيد على شرط التوقيع فيما يخص محاضر االستماع من طرف المستمع إليه عقب التصريحات وبعد
اإلضافات .وتأكيد على ضرورة تدوين المصرح اسمه بخط يده ،وفي حالة ما إذا مان ال يحسن الكتابة أو التوقيع أن يضع المستمع إليه بصمته ويشار إلى ذلك في
المحضر ،كما ينبغي اإلشارة إلى رفض المصرح التوقيع أو اإلبصام أو عدم استطاعته مع تبيان أسباب ذلك.
ق م ج هناك شروط شكلية تجد علتها في ضرورة التنظيم العملي واإلداري لضباط الشرطة باإلضافة إلى هذه الشروط الواردة في المادة 24من
القضائية في عالقتهم بالرؤساء القضائيين (النيابة العامة ،قضاة التحقيق) ،بحيث يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يشير في المحضر إلى نوع اإلطار
القانوني للبحث ،وهل األمر يتعلق ببحث تمهيدي أو بحالة تلبس أو بإنابة قضائية ،وتبرز أهمية هذه الشروط الشكلية في كون سلطات ضابط الشرطة
القضائية تضيق وتتسع بين أطر البحث هذه ،وكل تجاوز للحدود المرسومة قانونا يصيب اإلجراء المنجز من طرف ضابط الشرطة القضائية في
دائرة التجاوز بالعيب ،ومادام المحضر يشكل وعاء لتدوين هذا اإلجراء فإنه سيتأثر بدرجة العيب هذه من ناحية الصحة القانونية.
وهناك شكلية تعميش المحضر بتكيف للقضية موضوع البحث تكييفا قانونيا،رغم أنه ال يوجد نص يلزم ضابط الشرطة القضائية للقيام بذلك ،لكون
تكييف القضية محل الدعوى هو عمل من اختصاص قضاء الموضوع.
وكذا تسجيل المحضر وتقيمه ،بحيث عند فتح ضابط الشرطة القضائية لبحث في قضية معينة بعمل على تلخيص مالبساتها في فقرة يسجلها في سجالت
إدارية (سجل األحداث اليومية أو تقرير المداومة ،أو سجل الجنايات والجنح أو سجل المخالفات).
ويعطي لها رقما تسلسليا يسمى رقم المسطرة ،وهذا الرقم تحمله المحاضر والتقارير المنجزة في هذه القضية ،ويعطي لكل محضر رقما ترتيبيا داخل
المسطرة نفسها.
أول شرط جوهري لصحة المحضر بصفة عامة هو أن يتم إنجازه من طرف الموظف المختص قانونا ،ويفيد ذلك أن يتم إنجازه من طرف ضابط
الشرطة القضائية المتمتع بهذه الصفة ،والذي لم يصدر في حقه أي حكم يجردها منها أو يوقف تمتعه بها ،وذلك في غير الحاالت التي يسمح فيها القانون لعون
الشرطة القضائية أو رجال القوة العمومية بإنجاز محاضر في شأن بعض المخالفات والجنح الخاصة.1
كما ينبغي أن يكون ضابط الشرطة القضائيةمختصا نوعيا وفي الزمان والمكان :
االختصاص النوعي :أن يصدر المحضر عن ضابط الشرطة القضائية في موضوع قضية تدخل ضمن اختصاصه النوعي دون اإلخالل بالقواعد
القانونية الخاصة.
االختصاص المكاني :أن يصدر المحضر عن ضابط الشرطة القضائية في نطاق الحدود الترابية التي يزاول فيها وظيفته أو في نطاق دائرة
أوسع إذا طلب منه ذلك من طرف السلطات القضائية أو العمومية المختصة.
2
االختصاص الزماني :أي أن يصدر المحضر عن ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه بمراعاة قانون الوظيفة العمومية.
وهناك شروط جوهرية تتعلق أساسا بمحضر االستماع ،بحيث يتعين تضمين المحضر هوية الشخص المستمع إليه ،ورقم بطاقة تعريفه عند االقتضاء،
وتصريحاته واألجوبة التي يردها عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية ،والصيغة اإلدارية المعمول بها في هذا الصدد أن يرد االسم الشخصي واالسم العائلي للمستع
إليه ،وجنسيته وتاريخ ومكان ازدياده باليوم والشهر والسنة ورقم بطاقة التعريف الوطنية أو جواز السفر أو بطاقة اإلقامة إذا تعلق األمر بأجنبي ،ثم اسم والديه
واسم والديهما ،فحالته العائلية (متزوج ،عدد األبناء ،بدون تفصيل إال إذا تعلق األمر بقضية تركة ،عازب ،أرمل ،)....ثم مهنته (موظف ،أجير ،مع تحديد
المصلحة المشغلة ،ومقر العمل ،ورقم التأجير ،أو الرقم المهني متى تعلق األمر بأحد أفراد القوة العمومية ،)...وعنوانه مع ذكر أكثر من عنوان واحد متى أمكن
ذلك.
ويستحب باإلضافة إلى الهوية ذكر األلقاب الخاصة Aliasأو العالمات المميزة إما في الجسم أو النطق أو تحديد األصل
كما تورد المادة 24من ق م ج شرط إشعار المستمع إليه باألفعال المنسوبة إليه متى تعلق األمر بمشتبه به ،وتضمين ذلك في محضر استماعه.
وبخصوص التصريحات يتعين على ضابط الشرطة القضائية ان يمكن المستمع إليه من قراءتها أو يتليها عليه إذا لم يكن يحسن القراءة وأن يشير إلى ذلك
بالمحضر مع اإلشارة إلى أية إضافة أو تغير فيها أو مالحظة حولها أواإلشارة إلى عدم وجودها.
وهناك شروط خاصة تفرضها خصوصية بعض المستمع إليهم بحيث تلزم المادة 21من ق م ج ضابط الشرطة القضائية باالستعانة بمترجم في تلقي
التصريحات متى كان المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة ال يحسنها ضابط الشرطة القضائية أو يستعين بكل شخص يحسن التخاطب مع المعني باألمر إذا كان
أصما أو أبكما مع اإلشارة إلى هوية المترجم أو الشخص المستعان به وتضمين توقيعه بالمحضر.
أسلوب المحضر وصيغته :
- 1المرسوم الملكي رقم 66.724بتاريخ 14/11/1967يسمح ألعوان الشرطة القضائية والقوة العمومية بإنجاز معاينات السكر العلني – مخالفات قانون السير – تنفيذ بعض األوامر واألحكام القضائية.
- 2المادة 24من قانون المسطرة الجنائية.
3
لم يحدد المشرع شروطا خاصة لصياة المحضر واألسلوبالذي ينبغي أن يحرر به في قانون المسطرة الجنائية ،لكن بصفة عامة يتعين على ضابط
الشرطة القضائية أن يحرر المحضر بلغة عربية سليمة ،1وأن يكون واضحا ،دقيقا ،2خاليا من كل حشو أو لبس أو إطناب وأن يتضمن عبارات إدارية وقضائية،
وأن يتجنب المصطلحات التي لها أكثر من معنى ،واألسلوب العاطفي أو التهكمي أو االستفزازي ،وبصفة عامة أحكام القيمة وغيرها مما يقحم ذاتية ضابط
الشرطة القضائية في القضية موضوع البحث وتمس بحيادة وواقعية الحقائق.
أما صيغة المحضر ،فيقصد بها زمن تصريف األفعال المستعملة في لغة المحضر ،وهنا تختلف الصيغة بالنظر إلى نوعين من المحاضر :
محاضر االستماع :تنجز بصيغة المفرد المتكلم في زمن الماضي (فعلت كذا .)..
محاضر المعاينات والتفتيش :تنجز بصيغة الجمع المتكلم في زمن المضارع (نفعل كذا .)..
وتجدر اإلشارة إلى أنه في بعض األحيان تقتضي ضرورة البحث أو أهمية المصطلحات والعبارات لدى القضاء أن يتم نقلها كما وردت على لسان
المصرح ،إما لداللتها القوي أو لصعوبة ترجمتها من اللهجة التي قيلت بها ،وبالتالي يلجأ ضابط الشرطة القضائية إلى كتابتها بين مزدوجتين على حالتها مسبوقة
أو متبوعة بعبارة – والقول له هكذا –
ثانيا :الجهة التي تعود لها مهمة إنجاز الحضر (الشرطة القضائية).
3
لم يورد المشرع المغربي تعريفا لمفهوم الشرطة القضائية ،ال في قانون المسطرة الجنائية و ال في نص خاص ،لذا يتحدد معنى الشرطة القضائية
بتمييزها عن الشرطة اإلدارية ،وكذا بتحديد األشخاص الذين ينضوون فيها ،وببيان الوضعية القانونية التي خصصت لها.4
ويفيد ذلك أن لمفهوم الشرطة القضائية معنى عضوي :ويضم مجموع األشخاص المشار إليهم في المادة 19من قانون المسطرة الجنائية وهم :
الوكيل العام للملك ،ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق.
ضباط الشرطة القضائية ،وضباط الشرطة القضائية المكلفين باألحداث.
أعوان الشرطة القضائية.
الموظفون واألعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية.
ومعنى وظيفي :يقصد به المهام المخولة لألشخاص المذكورين أعاله ،في مجال التأكد من اقتراف الجرائم والبحث عن مرتكبيها وجمع وسائل اإلثبات
المتعلقة بها.5
ومن بين أعضاء الشرطة القضائية ،يحدد القانون من يتمتع بصفة " ضابط الشرطة القضائية" وهم الواردون على سبيل الحصر في المادة 20من ق م
ج:
«يحمل صفة ضابط الشرطة القضائية :
المدير العام لألمن الوطني ووالة األمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة وضباطها.
ضباط الدرك الملكي وذوي الرتب فيه وكذا الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة أو مركز للدرك الملكي طيلة مدة هذه القيادة.
الباشوات والقواد .»...
كما تمنح هذه الصفة لمفتشي الشرطة ،والدركيين الذين قضوا ثالث سنوات من الخدمة وعينوا اسميا بقرار مشترك من وزير العدل والسلطة الحكومية
المكلفة بالدفاع الوطني بالنسبة لألخيرين أو بقرار مشترك لوزير العدل ووزير الداخلية بالنسبة لألولين.
كما تمنح هذه الصفة في ظل شروط خاصة للوالي أو العامل تنص المادة 28من ق م ج.6
باإلضافة إلى الوكيل العام للملك ،ووكيل الملك ونوابهما وقاضي التحقيق بوصفهم ضباطا سامين للشرطة القضائية.7
وهذه الصفة تخول حاملها الحق في ممارسة سلطات مخولة بمقتضى القانون في إطار التثبت من وقوع الجرائم وجمع األدلة عنها والبحث عن مرتكبيها،8
والتمتع بصالحيات على حساب بعض الحقوق الفردية والدستورية (كالحرية الشخصية ،وحرمة المسكن).
إال أن صالحيات ضابط الشرطة القضائية في هذا المجال ليست مطلقة وإ نما تظل محددة بمقتضى القانون ويضيق نطاقها ويتسع بالنظر إلى اإلطار
القانوني للبحث ( بحث تمهيدي ،تلبس ،إنابة قضائية) وكل تجاوز أو استعمال شخصي من طرف ضابط الشرطة القضائية للسلطات الممنوحة له يعرضه للمتابعة
القضائية أمام الغرفة الجنحية بمحكمة االستئناف والعقوبات اإلدارية من طرف اإلدارة التابع لها.
وفي خضم المراقبة القانونية لعمل الضابطة القضائية تبرز أهمية المحضر كإجراء ضروري لترسيم كل عمليات البحث المنجزة من طرف ضابط الشرطة
القضائية وتوثيقها .9فكيف تتم التفرقة بين المحضر والتقرير القضائي ؟
4
الفرع الثاني :ما يميز المحضر عن التقرير القضائي.
يعتبر المحضر وسيلة ضابط الشرطة القضائية من أجل نقل ما عاينه أو تلقاه من تصريحات إلى النيابة العامة أو قاضي التحقيق ،كما أن ضابط الشرطة
القضائية قد يلجأ إلى تحرير تقارير قضائية توجه إلى الوكيل العام للملك أو وكيل الملك أو قاضي التحقيق ونوابهم بصفتهم ضباطا سامون للشرطة القضائية فماذا
يقصد بالتقارير القضائية ؟ وما الذي يميزها عن المحاضر؟
التقرير بصفة عامة هو ذلك الكتاب الذي يرسله المرؤوس إلى رئيسه -سواء كان سلطة إدارية أو قضائية – يخبره من خالله بموضوع معين ذي طابع
إداري أو قضائي ويشكل وسيلة للتخاطب بينهما ،وغالبا ما يستعمل التقرير إلخبار الرئيس بوقائع معينة – إدارية او قضائية – أو عن نتائج بحث أو لإلجابة عن
استقسار أو موضوع مهمة سابقة إلى غير ذلك ..
ويمكن التمييز في التقارير بين ما هو إداري وما هو قضائي ،بحيث يكون موضوع التقرير اإلداري قضية إدارية :كتبرير لغياب عن العمل ،أو سبب
في التأخر ..وغير ذلك من القضايا اإلدارية ،ويكون موجها باألساس إلى رئيس إداري تسلسلي.
أما التقرير القضائي ،فيوجه إلى سلطة قضائية في موضوع قضائي وقد ال يحترم السلم اإلداري ،ومن أمثلة التقرير القضائي:
oتقرير اإلخبار بوقوع جريمة او التوفر على معلومات حولها.
oتقرير نتائج مراقبة أو تتبع.
oتقرير تنفيذ األوامر القضائية ( يكون مرفوقا بمحاضر التنفيذ).
oتقارير انتظارية (توضيح نتائج مراحل البحث في قضية).
oثم التقرير اإلجمالي أو االستنتاجي الذي يرفق بالمسطرة المنجزة في قضية معينة.
تكتسي التقارير القضائية أهميتها من ذكرها إلى جانب المحاضر في المادة 290من ق م ج كوسيلة موثوق بمضمنها في شأن التثبت من الجنح
والمخالفات إلى أن يثبت عكسها بإحدى وسائل اإلثبات األخرى ،إال أن المحضر يفوق التقرير القضائي من حيث قوة اإلثبات ويتمييز عنه من حيث :
.1كون المحضر يشترط القانون توفر محرره على "الصفة الضبطية" ،أي يتم إنجازه من طرف موظف محلف له صفة ضابط الشـرطة القضـائية ،في حين
يمكن إنجاز التقرير القضائي من طرف أي موظف كيفما كانت رتبته بصفته عونا لضابط الشرطة القضائية.
.2يتضمن المحضر ما عاينه أو تلقـاه ضـابط الشـرطة القضـائية بكـل صـدق دون زيـادة أو نقصـان أو إبـداء رأي أو اقـتراح أو مالحظـة في حين قـد يتضـمن
التقرير آراء شخصية أو استنتاجات ومالحظات واقتراحات تخص منجزه.
.3يوقع المحضر من طرف ضابط الشرطة القضائية ومساعديه والمصرح (محضر استماع) وباقي األطراف الذين شاركوا في اإلجراء ( ترجمــان ،خبــير،
صــاحب المــنزل ،أو نائبــه (محضــر تفــتيش) ،شــهود ...إلخ) ،في حين ال يوقــع التقريــر إال من طــرف محــرره وســلطته الرئاســية في حالــة إرســاله عن طريــق الســلم
اإلداري.
.4المحض ــر بع ــد إنج ــازه ال يوج ــه إال لس ــلطة قض ــائية وال يمكن لألغي ــار االطالع علي ــه أو الحص ــول على نس ــخة من ــه إال عن طري ــق الس ــلطات القض ــائية
( باستثناء في قضايا حوادث السير) ،وذلك ضمانا لمبدأ سرية البحث والتحقيق ،1في حين يوجه التقرير إلى سلطات مختلفة حسب طبيعة مضمونه.
.5صيغة المحضر هي الجمع في زمن الحاضر (باستثناء محاضر االستماع تكون بصيغة المفرد في زمن الماضي).
أما صيغة التقرير القضائي فمن األفضل أن تكون بالجمع في زمن الماضي.
من زاوية النظر هذه يمكن التمييز في المحاضر بين تلك التي يضمنها ضابط الشرطة مجموعة من اإلجراءات قام بها من أجل تدقيق البحث والوصول
إلى الحقيقة في شأن القضية موضوع البحث ،وتستمد هذه المحاضر أهميتها من كونها تتضمن ما عاينه ضابط الشرطة وما قام به بصفة شخصية وهو يزاول
مهامه ،وبالتالي فإن مسؤولية ضابط الشرطة القضائية عن ماورد فيها تبقى قائمة وكل انحراف عن الحقيقة أو تجاوز للحدود القانونية يعرض المحضر لالستبعاد
من طرف محكمة الموضوع ،في حين يتقدم ضابط الشرطة القضائية أمام الغرفة الجنحية ،وهذا النوع من المحاضر يضم :
محاضر o
محاضر المعاينات. o
محاضر التفتيش. o
وهي متميزة عن محاضر االستماعات أو تلقي التصريحات والتي رغم أهميتها لكونها تحمل صفتها الرسمية لمجرد أن ضابط الشرطة القضائية يقوم
بختمها وتوقيعها ،إال أن ضابط الشرطة القضائية ال يضفي أنه قيمة عن مضمنها من األقوال والوقائع بحيث ال يشهد ضابط الشرطة القضائية عن صحة تلك
5
الوقائع أو األقوال وإ نما يشهد فقط أن تلك التصريحات صادرة عن المستمع إليه بذاته وذلك بحضور ضابط الشرطة القضائية ،وبالتالي فإن المسؤولية فيها تعود
على المصرح نفسه وليس على ضابط الشرطة القضائية.
وتشمل محاضر االستماعات :
محضر تلقي شكاية أو وشاية.
محضر استماع لضحية.
محضر استماع لشاهد.
محضر استماع لخبير.
محضر استماع لمشتبه به.
الفرع الثاني :أنواع المحاضر بالنظر إلى قوتها اإلثباتية.
يمكن التمييز في محاضر الضابطة القضائية بالنظر إلى قوتها اإلثباتية بين ثالثة أنواع :
)1المحاضر التي يوثق بها و ال يمكن إثبات ما يخالفها إال عن طريق دعوى التزوير.
عالج المشرع هذا النوع من المحاضر ضمن المادة 292من ق م ج والتي جاء فيها « ...إذا نص قانون خاص على أنه ال يمكن الطعن في
مضمون المحاضر أو التقارير إال بالزور ،فال يمكن تحت طائلة البطالن إثبات عكسها بغير هذه الوسيلة» ،ويتضح من هذا النص أن هذه المحاضر تنبني على
حجة قوية قائمة على قرينة قانونية قاطعة ال تقبل إثبات العكس بالطرق العادية ،وإ نما يطعن فيها بطريق واحد هو دعوى الزور وفقا لمسطرة اإلدعاء بالزور.1
ومن بين األمثلة على هذه المحاضر :
المحاضر التي ينجزها موظفو الجمارك في حدود اختصاصهم وفقا للفصل 242من مدونة الجمارك الصادرة بتاريخ 9أكتوبر .1977
الفصل 65و 66من قانون 10/10/1917في شأن مخالفات المياه والغابات.
الفصل 28من ظهير 11/4/1922المتعلق بالثيد في المياه الداخلية.
وتجدر اإلشارة إلى أن الحجة المطلقة لهذا النوع من المحاضر تنصرف إلى ما تلقاه أو عاينه أو باشره الموظفون المكلفون بتحريرها.
والعلة من إضفاء هذه الحجة القوية على هذا النوع من المحاضر ترجع إلى صعوبة اإلثبات في الجرائم التي تتناولها بحيث قد عذر اإلثبات بالطرق
العادية ،كاالعتراف والشهادة.2
يشمل هذا النوع جميع المحاضر التي تحررها الشرطة القضائية في شأن الجنح والمخالفات ،حيث تنص المادة 290من ق م ج أن المحاضر والتقارير
التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل اإلثبات.
وبمقتضى هذا النص فإن هذه المحاضر موثوق بها مبدئيا إلى أن يثبت ما يخالفها ،ولم يحدد القانون أي وسيلة معينة إلثبات ما يخالف المحضر ،إال أنه
عموما يمكن إثبات العكس من خالل إثبات التناقض في المحضر ،وتنافي المعلومات الوادرة فيه مع محتويات وثيقة رسمية أخرى أو دالئل مادية على زيف
المعلومات.
.المحاضر التي تعتبر مجرد معلومات
ويتعلق األمر بالمحاضر المنجزة في الجنايات (المادة )291وهذا النوع من المحاضر لقاضي الموضوع أن يعتمده ويقتنع بما جاء فيه من وقائع
وتصريحات متى كانت معززة بقرائن منطقية ،بحيث ال ينبغي اعتماده لوحده كدالئل كافية في إصدار األحكام ،وإ نما تعمل غرفة الجنايات باالستئناس بما ورد في
المحاضر لمناقشة الدالئل ،فالمشرع منح لهذا النوع من المحاضر حجية ضعيفة أمام محكمة الجنايات نظرا لخطورة العقوبات التي يمكن أن تقرر على أساسها،
ونظرا للضمانات التي تحيط بمسطرة عرض الجنايات على القضاء.
المحور الثاني :القوة اإلثباتية لمحاضر الشرطة بين النص القانوني واالجتهاد القضائي.
اإلثبات هو إقامة الدليل على واقعة معينة ،3ويختلف اإلثبات في القانون المدني عنه في القانون الجنائي ،فإذا كانت وسائل اإلثبات محددة على سبيل
الحصر في الميدان المدني ،بموجب الفصل 404من قانون اإللتزامات والعقود ،فإن حرية اإلثبات هي القاعدة في الميدان الجنائي ،بحيث تنص المادة 286من
قانون المسطرة الجنائية على أنه «يمكن إثبات الجرائم بأية وسيلة من وسائل اإلثبات ما عدا في األحوال التي يقضى فيها بخالف ذلك».
وفي وسائل اإلثبات في الميدان الجنائي نجد :
االعتراف (دون إكراه) ،شهادة الشهود ،الخبرة والقرائن العلمية ،ثم األوراق والمحررات.
4
وما دام محضر الشرطة القضائية يعد ورقة رسمية يححر بمعرفة شخص له صفة رسمية أي موظف من موظفي الدولة أو شخص مكلف قانونا ،فإنه
يدخل في عداد األوراق الصادرة عن الغير وهي من وسائل اإلثبات القانونية ،وقد منحه المشرع حجة وقوة إثباتية في غاية األهمية تتمثل في عدم إمكانية الطعن
في مصداقيته إال بحسب الطرق التي يحددها القانون.
- 1مسطرة االدعاء بالزور المواد 575إلى 587من ق م ج.
- 2شرح المسطرة الجنائية لحبيب بيهي.
- 3وسائل اإلثبات ،العلوي العبدالوي ،ص .24 :
- 4نفس المرجع والصفحة.
6
وذلك ما جعل محاضر الضابطة القضائية أكثر وسائل اإلثبات اعتمادا من طرف القضائ الجنائي في تكييف القضايا وإ صدار العقوبات ،فما هي
المصارد القانونية لحجية محاضر الضابطة القضائية ؟ وكيف يتم االعتماد عليها كوسائل إثبات من طرف االجتهاد القضائي ؟
يمكن التمييز من خالل استقراء قرارات المجلس األعلى حول موضوع حجية محاضر الشرطة بين اتجاهين :
االتجاه األول :يذهب إلى إعطاء قاضي الموضوع سلطة واسعة في تقدير مضمون المحاضر والتقارير المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية
واألخذ بها كوسائل إثبات في تكوين اقتناعه الصميم وتغليبها عن غيرها من وسائل اإلثبات ،1وهو ال يخضع في ذلك لرقابة المجلس األعلى ما دام لم يخرق نصا
قانونيا.
وتجدر اإلشارة إلى أن المحاضر المنجزة من طرف ضباط الشرطة القضائية في مجال الجنح والمخالفات والتي يشهدون فيها بما عاينوه أثناء
ممارستهم لمهامهم لها حجية إثباتية بمقتضى القانون 2واليجعلها عرضة لالستبعاد سوى عدم صحتها وتناقضها .
2
االتجاه الثاني :يرى أن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقديره القوة الثبوتية للمحاضر غير مطلقة ،وإ نما تخضع لرقابة المجلس األعلى
بحيث أي استبعاد لمحضر ضابط الشرطة القضائية يتضمن اعترافا من طرف المستمع إليه ينبغي أن يكون معلال وأن توضح فيه عناصر الشك ،التي ارتكزت
عليها المحكمة.
- 1باستثناء المحاضر التي ال يمكن إثبات عكسها إال بالطعن فيها بالزور.
- 2حسن هوداية :محاضر الضابطة القضائية .ص .22 :
7