You are on page 1of 4

‫المقطع الرابع‪ :‬تفسير القانون‬

‫أوالً‪ :‬المقصود بالتفسير‬

‫يقصد بتفسير القانون الكشف على المعنى الذي ينطوي عليه النص القانوني ومضمون‬
‫القاعدة القانونية‪ ،‬من خالل فهم عباراتها والوقوف على نية المشرع وإرادته‪ ،‬و هو الغرض‬
‫الذي يسعى إليه كل من الفقيه والقاضي ورجل اإلدارة ‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد لقد ميز فقهاء القانون بين اتجاهين رئيسيين لتحديد المقصود بتفسير‬
‫القانون‪ ،‬فاإلتجاه األول يضيق من مفهوم القانون‪ ،‬فيتمثل التفسير الضيق في إزالة غموض‬
‫النص وتوضيح ما أبهم من أحكامه‪ .‬بينما اإلتجاه الثاني يقصد بالتفسير الواسع توضيح ما‬
‫غمض من ألفاظ النصوص القانونية‪ ،‬وتقويم عيوبها‪ ،‬واستكمال ما نقض من أحكام القانون‬
‫والتوفيق بين أجزائه المتعارضة ‪.‬وهواتجاه تبنته اغلب المدارس القانونية‪.‬‬

‫وهناك من الفقه القانوني الحديث يعتبر أن تحقيق العدالة ال يقوم على مجرد تكرار األحكام‬
‫للحاالت التي تبدو في الظاهر متشابهة‪ ،‬أو كانت متشابهة فعال‪،‬وأن تطور القانون ومالئمته‬
‫للمستجدات والحاجات البشرية المتصاعدة والمتفرعة إلى كل االتجاهات‪ ،‬ال يحصل بالتفسير‬
‫الضيق والتكرار‪ ،‬ولكن يكون حسب إدراك القاضي وقناعته ويقينه القائم على أساس العقل‬
‫والحدس‪ .‬و التفسير ال يتصور إال بالنسبة للقواعد المكتوبة‪ ،‬أي القواعد التي تستمد من‬
‫مصادرها الرسمية في ألفاظ معينة‪ ،‬وهذا ينطبق على القواعد التشريعية‪ .‬فحاجة قواعد القانون‬
‫إلى التفسير تقتضى أن تكون مصاغة في عبارات وألفاظ معينة‪ ،‬يقوم التفسير على تحديد‬
‫مدلولها باختيار معنى معين للنص من بين مختلف المعاني الممكنة التي يحتملها وهو يتم عن‬
‫طريق توضيح ما أبهم من ألفاظه‪ ،‬والتوفيق بين أجزائه المتناقضة‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬أنواع التفسير‬


‫يتنوع التفسير بحسب الجهة أو الطرف الذي قام به ‪ ،‬لذلك يطلق على التفسير الذي يقوم به‬
‫المشرع التفسير التشريعي‪ ،‬وحينما يقوم به القاضي يسمى التفسير القضائي وإذ قام به الفقيه‬
‫عرف بالتفسير الفقهي وهذه هي أنواع التفسير الثالثة‪ .‬أضف الى ذلك نوع رابع اعتد به بعض‬
‫الفقهاء وهو التفسير اإلداري ‪.‬‬
‫‪ .1‬التفسير التشريعي‬
‫يكون هذا التفسيرعندما يصدر المشرع قانونا ما ‪ ،‬فيرى من الضروري إصدار قانون ثاني‬
‫لتفسير القانون األول ‪،‬يكون الغرض منه توضيح المقصود بكلمة وردت في التشريع األول ‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫أو تحديد لفظ عام أو تحديد عبارة أو جملة ‪،‬حيث يعتبر التشريع الثاني جزء من التشريع‬
‫األصلي وله نفس القوة اإللزامية ‪.‬‬
‫‪ .2‬التفسير القضائي‪:‬‬
‫يعتبر أكثر األنواع شيوعا ‪|،‬ويقصد به ذلك التفسير الذي يصدرمن القضاة وهم يفصلون في‬
‫القضايا المعروضة لتجسيد وتطبيق حكم القاعدة قانونية التي تحتاج إلى تفسير وتستدعي منهم‬
‫توضيح وفهم أحكام القانون المراد تطبيقه‪.‬‬
‫والتفسير القضائي يختلف عن التفسير التشريعي ال يتمتع بأية صفة إلزامية إال بالنسبة للواقعة‬
‫التي صدر من أجلها‪،‬هذا يعني أنه يجوز مخالفته في حالة تبني تفسير أخر في قضايا أخرى‬
‫مشابهة‪.‬‬
‫‪ .3‬التفسير الفقهي‪:‬‬
‫هو التفسير الذي يقوم به الفقهاء من خالل مؤلفاتهم وأبحاثهم ‪ ،‬عند دراستهم للقانون وهو‬
‫يُعبرعن الجهد الذي يبذله شراح القانون والفقهاء في تفسير القواعد التشريعية‪ ،‬وأحكامها حيث‬
‫يتسم هذا التفسبر أنه نظري‪ ،‬وال يتمتع بالقوة اإللزامية فالقاضي حر في اإلعتماد عليه او ال‬
‫للمشرع في تعديل‬
‫ِّ‬ ‫‪.‬لكن تفسيرهم له دور في مساعدته في تكوين آرائه‪ ،‬كما يعتبرخير معين‬
‫القانون وتطويره‪.‬‬
‫‪ .4‬التفسير اإلداري‪:‬‬
‫هو التفسير الذي تقوم به اإلدارات العامة من خالل التوجيهات و التعليمات التي توجهها‬
‫لموظفيها تفسرلهم أحكام القوانين التي يكلفون بتطبيقها وطريقة تطبيقها‪.‬والتفسير اإلداري‬
‫غير ملزم للمشرع والقضاء بل تقتصر القوة اإللزامية لهذا النوع من التفسيرعلى الموطفين‬
‫المعنيين وحدهم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬طرق التفسير‬
‫‪ .1‬طرق التفسير الداخلية‬
‫إذ يعتمد التفسير في استخالص معنى النص من فحواه أو روحه إلى طرق ااإلستنتاج وهي‬
‫تتمثل في اإلستنتاج بطريق القياس ‪ ،‬أو اإلستنتاج من باب أولى أواإلستنتاج بمفهوم المخالفة‬
‫نبين ذلك فيما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬االستنتاج بالقياس‪ :‬يقصد هنا تطبيق حكم وارد بشأن حالة معينة على حالة أخرى‬
‫غير منصوص عليها في القانون ‪،‬وهذا بسبب وجود شبه بين الحاتين ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ومعنى ذلك أن القياس يفترض واقعتين أحدهما نص على حكمها واألخرى لم ينص فيها‬
‫على حكم فتأخذ حكم الواقعة األولى الاتحاد بينهما في العلة والسبب الذي قام عليه الحكم‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬نص قانون العقوبات على انه ال تجوز محاكمة جرائم السرقة التي تقع بين‬
‫األصول والفروع إال بناء على طلب من المجني عليه وذلك للحفاظ على الروابط األسرية‪.‬‬
‫ولكن ما الحكم إذا كان الفرض وقوع جريمة نصب بين األصول أو الفروع؟‬
‫في هذه الحالة يجوز القياس على الجريمة األولى وتطبيق ذات الحكم الشتراكهما في العلة‬
‫وهي الحفاظ على الروابط األسرية‪.‬‬
‫ب‪ -‬اإلستنتاج من باب أولى‪ :‬يفترض وجود واقعتين أحدهما نص المشرع على حكمها‬
‫لعلة معينة والثانية لم ينص على حكمها ولكن علة األولى تتضح بجالء في الثانية‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة تأخذ نفس الحكم‪.‬‬
‫مثال قوله تعالى حول طاعة الوالدين في األية الكريمة‪(:‬وال تقل لهما أف وال تنهرها ) يستنتج‬
‫من خاللها عدم ضربهما من باب أولى‪.‬‬
‫اإلستنتاج بمفهوم المخالفة‪ :‬هو عكس اإلستنتاج بالقياس حيث يكون بتطبيق عكس الحكم‬
‫بشأن حالة معينة على حالة أخرى لم ينص عليها القانون إذ تختلف تماما عن الحالة األولى‬
‫وتعتبر عكسها تماما‪ .‬فيترض قيام واقعتين إحداهما نص على حكمها والثانية لم ينص على‬
‫الحكم ولكن بتطبيق مفهوم المخالفة نصل إلى الحكم الثاني‪.‬مثال لقد نص القانون في حالة هالك‬
‫المبيع قبل التسليم ‪ ،‬يفسخ العقد ويسترد المشتري الثمن ‪،‬وهنا نستنتج بمفهوم المخالفة أنه إذا‬
‫هلك المبيع بعد التسليم فال يفسخ العقد وال يكون استرداد الثمن من قبل المشتري‪.‬‬
‫‪ .2‬طرق التفسير الخارجية‬
‫هناك وسائل خارجية تفسر من خاللها النصوص القانونيية وهي تتمثل في حكمة‬
‫القانون ‪ ،‬األعمال التحضيرية ‪ ،‬المصادر التاريخية‪ ،‬النص األجنبي للتشريع ‪.‬‬
‫أ‪ -‬حكمة القانون‪ .‬يقصد بها الغاية التي من أجلها سن المشرع القانون‪ ،‬ألنه ال يضع نصا‬
‫قانونية بصفة عفوية‪ ،‬فالحكمة التي يتضمنها النص هي التي تساعد على تفسيره عند وجود‬
‫غموض فيه و استنتاج الحكم الصحيح ‪.‬‬
‫ب‪ -‬األعمال التحضيرية‪ :‬وتشمل مجموعة الوثائق و األعمال التي تبين مختلف المراحل‬
‫التي مر بها النص وتتمثل في مشروع أو اقتراح القانون‪ ،‬التي سبقت صدور القانون من‬
‫السلطة التشريعية‪.‬حيث يمكن في كثير من األحيان معرفة المعنى الحقيقي للنصوص القانونية‬
‫كما أراده واضعوه ‪،‬ويمكن للقاضي الرجوع لتفسير القانون وهو ليس ملزما بها بل يلجأ لها‬
‫من باب االستأناس بها فقط‪.‬‬
‫ج‪ -‬المصادر التاريخية‪ :‬تتمثل في تلك المصادر التي استمد منها القانون أحكامه و قواعده‬
‫‪،‬لذلك عند صدور قوانين جديدة يرجع المشرع ويستلهم من القوانين القديمة‪ ،‬ألن التشريع‬
‫الحديث ما هو إال تطوير للتشريع السابق‪ ،‬حيث يعدل من أحكامه سواء بالزيادة أو‬

‫‪3‬‬
‫الحذف‪.‬ويعتبر الرجوع الى المصادر التاريخية لتفسير القانون هو على سبيل اإلستأناس وليسا‬
‫ملزما‪.‬‬
‫إذ تعتبر القوانين األجنبية المصدر التاريحي لمعظم القوانين العربية وبناء على ذلك يمكن‬
‫تفسير التشريعات الجزائرية الوضعية المستمدة من القوانين الفرنسية بالرجوع إلى نصوص‬
‫القانون الفرنسي باعتباره مصدرا تاريخيا لتلك التشريعات ‪.‬‬

‫د‪ -‬النص األجنبي للتشريع‪:‬تعتبر اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية في البالد وقد‬
‫نص الدستور الجزائري على ذلك‪.‬‬
‫ونظرا العتبارات معينة‪ ،‬فقد تحرر التشريعات – بداءة – باللغة الفرنسية ثم تترجم إلى‬
‫اللغة العربية (وهو وضع غير طبيعي يجب العدول عنه)‪ ،‬فإذا كان النص الرسمي غامضا‬
‫وهو النص العربي‪ ،‬جاز للمفسر أن يرجع إلى النص الفرنسي (كنص أولي وأصلي) لمعرفة‬
‫المشرع ومعنى النص ولكن دون إلزام‪.‬‬
‫ه‪ -‬تقريب النصوص‪ :‬تتجلى هذه الطريقة في التفسير ‪ ،‬في حالة ما إذا كان النص غامضا‪،‬‬
‫وهو ضمن مجموعة من النصوص‪ ،‬يجوز للقاضي أو من أي مفسر أن يقرب مابين النصوص‬
‫الستجالء معنى التشريع عن طريق المقارنة للنصوص بعضها بالبعض اآلخر‪ ،‬ألن تجميعها‬
‫قد يؤدي إلى تحديد اإلرادة الحقيقة للمشرع‪.‬‬
‫أمثلة‪:‬‬
‫‪ -‬قد يحتاج تفسير القانون البلدي الرجوع إلى قانون الوالية أو القانون الدستوري‪.‬‬
‫‪ -‬وقد يحتاج لتفسير قانون األسرة الرجوع إلى القانون المدني‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like