Professional Documents
Culture Documents
محاضرات
في
القــانون الجنـــائي العــام
مطبوعة موجهة للسنة الثانية
حقوق (جدع مشترك)
إعداد
ّماس أ .ح
هديات
مقـــــــدمــــــــــــة :
الحقوق و مصالح فهو يسعى إلى حماية يعتبر قانون العقوبات من أهم فروع القانون،
الجماعة ،بهدف تحقيق األمن ،االستقرار والسكينة داخل المجتمع ،وإقامة العدل بين أفرادها
عن طريق ما تقرره القوانين العقابية من وسائل ردعية.
تعريف قانون العقوبات :
القانونية التي تبين الجرائم و ما يقابلها من يعرف قانون العقوبات بأنه مجموعة من القواعد
)(1
عقوبات أو تدابير أمن.
التي تنظم حق الدولة في عقاب مرتكب الجريمة وفقا مجموعة من القواعد القانونية أو هو
لجزاءات محددة قانونا .
التجريم والجزاء ،وكذا كيفية تلك القواعد القانونية التي تحدد سياسة كما يعرف أيضا بأنه
)(2
إقتضاء الدولة لحقها في العقاب بما يضمن حقوق المتهم.
)(3
ولقد أعطيت لهذا القانون عدة تسميات :فهناك من
أطلق عليه "قانون العقوبات" هذا يعني أنه القانون الذي يبين العقوبة المقررة لكل
جريمة .إستنادا إلى أن العقوبة هي أهم ما يميز هذا القانون عن غيره من القوانين األخرى .
لكن هــذه التســمية تقتصــر على العقوبــات دون الجــرائم و ال تــدابير أمن .كمــا ســمي بــ ـ
"القانون الجنائي"نسبة إلى الجناية التي تعتبر من أخطر أنواع الجـرائم ،إال أن هـذه التسـمية لم تسـلم بـدورها من االنتقـاد،
بحجة استبعاد الجنح و المخالفات كجرائم و اقتصار
تطبيق هذا الفرع من القانون على الجنايات فقط،كما أغفلت العقوبات و تدابير األمن .الجانب الثالث أعطى
لهذا القانون تسمية "القانون الجزائي" باعتبار أن الجزاء يشمل العقوبة
و تدابير أمن اللذان يقرران لكل جريمة.
كال من التسميات الثالثة ،مع اإلشارة إلى أن المشرع الجزائري يميل إلى لذا انتشرت
استعمال تعبير "قانون العقوبات".
طبيعة قانون العقوبات :
هل قانون العقوبات فرع من فروع القانون العام أم فرع من فروع القانون الخاص ؟
للحفاظ على نظام المجتمع واستقراره ،ويحتل بذلك يعتبر أداة قانونية إ 'ن القانون الجنائي
مكانة هامة بين سائر القوانين األخرى.
في حاالت استثنائية فهذا القانون لم يترك أم المتابعة الجنائية بيد األفراد تبعا لمشيئتهم إال
ر
جدا ًترجح فيها مصلحة الفرد على أية مصلحة أخرى ،أما عدا ذلك فقد منح المجتمع ،الدولة
ممثلة بالنيابة العامة أمر متابعة الجرائم .و إن لم
يتقدم ضحاياها بشكوى أو بدعوى أمام القضاء ،بل حتى و إن رضوا بالجرم .و ال
يمكن فهم ذلك و ال تفسيره إال من خالل المصلحة العامة التي أنيط بها القانون الجنائي .
1 -عبد الرحمن خلفي ،محاضرات في القانون الجنائي العام ،دراسة مقارنة ،دار الهدى ،الجزائر،2013 ،
ص .12
1986 باتنة ، 2 -سليمان بارش ،شرح قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري ،دار الشهاب للطباعة والنشر
،ص .13
3 -عبد القادر عدو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري ،القسم العام ،دار هومة ،الجزائر ، 2010 ،ص 9و
مابعدها .عبد الرحمن خلفي ،المرجع السابق ،ص 13و 14.
و لذلك فالقانون الجنائي هو فرع من فروع القانون العام ،فهو يهدف إلى حماية النظام
االجتماعي و السياسي واالقتصادي لكل دولة .كما أنه وضع لحماية المصلحة العامة للمجتمع وال يهدف إلى حماية
مصلحة خاصة ألي فرد من أفراد المجتمع ،وإن كان يرتب من جراء
تطبيقه مصلحة خاصة ألحد األفراد فإنها ليست مقصودة لذاتها وإنما جاءت بطريقة غير
مباشرة ،ذلك أن تحقيق المصلحة العامة يتضمن في طياته تحقيق المصالح الخاصة.
عالقة قانون العقوبات بفروع القانون األخرى
* إن قانون العقوبات له صلة وثيقة بالقوانين األخرى كالقانون الدستوري ،حيث أن قانون
العقوبات جاء ليحمي الحقوق التي يكفلها الدستور مثل الحق في الحياة والحرية الشخصية وحرمة المسكن ،كما له عالقة
بالقانون اإلداري من خالل حمايته للوظيفة العامة من الرشوة
والفساد وحماية الموظف...إلخ
* كما له عالقة بقانون األسرة ،إذ انه يحمي الحقوق المكفولة للزوجين ويعاقب على زنا
الزوج أو الزوجة ،ويعاقب كذلك عن اإلمتناع عن دفع النفقة واإلمتناع عن تسليم الطفل
المحضـــــون...إلخ،
*ضف إلى ذلك أن قانون العقوبات له عالقة بالقانون المدني والتجاري ،اللذان هما غير كافيــان لفــرض احــترام
قواعدهما الفتقادهما لخصوصية العقوبة ،ليأتي قانون العقوبات يعاقب
على عدم إحترام قواعد القـانون المـدني والتجـاري* .باإلضــافة
إلى أن له عالقة بعلم اإلجرام و علم العقاب
فقانون العقوبات وعلم اإلجرام يتشابهان من حيث أن كالهما يبحث في ظاهرة الجريمة ،إال أنهمــا يختلفــان من حيث
موضــوع كــل واحــد منهمــا ،حيث أن قــانون العقوبــات يبحث في أنــواع الجــرائم المختلفــة ويحــدد لهــا أركانهــا
وعقوباتها ،على عكس علم اإلجرام الذي يبحث في الظاهرة اإلجرامية وأسـبابها ،كمــا يسـاعد القاضــي عنــد
تطبيقه لقانون العقوبات مجال
العقوبات البديلة والتدابير اإلحترازية التي سوف يقررها وإتخاذها في هذا المجــال .أمــا علم العقــاب يهــدف
إلى دراسة العقوبة والتدابير التي تنفد على المجرم .بمعنى أن علم
العقاب هو الطريق المنير لتطور قانون العقوبات ،كما يرسم له معالمه التي ينبغي أن يسلكها.
مضمون قانون العقوبات :
يتضمن قانون العقوبات نوعان من القواعد:
القواعد الموضوعية :تب 'ين ما يعد جريمة و العقوبة المقررة لها في إطار مبدأ الشرعية و
يعبر عن هذه القواعد بقانون العقوبات.
و يقسم قانون العقوبات بدوره إلى قسمين - :قسم عام :
يهتم بدراسة النظرية العامة للجريمة ،ببيان األحكام العامة التي تحكم الجريمة و
العقوبة عن طريق تحديد األركان األساسية للجريمة ،و أحكام المسؤولية الجنائية ،و أنواع
)(4
العقوبات و ظروف تشديدها و ظروف تخفيفها.
الخاصة بكل جريمة على حدى ،و بيان الحد يهتم بتحديد وصف األركان -قسم خاص :
)(5
األدنى و الحد األقصى للعقوبة المقررة لها.
ص10. 4 -بن شيخ لحسين ،مبادئ القانون الجزائي العام ،دار هومة ،الجزائر، 2002 ،
5 -عبد هلال أوهايبية ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،القسم العام ،موفم للنشر ،الجزائر ، 2009 ،ص14.
تبين اإلجراءات القانونية التي يتعين مراعاتها ،و يجب إتباعها طوال القواعد الشكلية :
مراحل الخصومة الجنائية من مرحلة التحري عن الجريمة ،والتحقيق فيها إلى صدور الحكم
)(6
و تنفيذه .و يعبر عن هذه القواعد بقانون اإلجراءات الجزائية.
تقسيم هذا الموضوع إلى فصلين ،نتطرق في الفصل األول إلى و على هذ األساس ت 'م
ا
،أما في الفصل الثاني نتعرض إلى أحكام المسؤولية الجزائية دراسة أركان الجريمة
المترتبة عن الفعل اإلجرامي ،وكذا الجزاء الجنائي المقابل للسلوكات المجرمة المرتكبة.
15.
9 -سورة اإلسراء _ بعض اآلية الكريمة
10-سورة النساء _ بعض اآلية الكريمة 165.
11 -عبد هلال أوهايبية ،المرجع السابق ،ص 90و91.
12 -سمير عالية ،شرح قانون العقوبات ،القسم العام ،المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع،
لبنان ، 2002 ،ص ،48عبد الرحمن خلفي ،المرجع السابق ،ص50.
13-أنظر المواد 58 ، 59 ، 158و 160من دستور 2016و المادة 1و 2من قانون العقوبات - .عادل
14
قورة ،محاضرات في قانون العقوبات ،القسم العام ،دار المطبوعات الجامعية ،الجزائر ،ص
.41
15 -عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص ،80عبد الرحمن خلفي ،المرجع السابق ،ص 52.
ففي اتجاه مصلحة الفرد :إن المبدأ
يحمي حرية األشخاص في تقييد السلطة و منعهــا من التحكم في ســلوك األفــراد ،فــال يعــاقب الفــرد أو يتــابع إال إذا كــان
الفعل الذي قام به مجرما قبل إتيانه.كما أن تصنيف األفعال
المجرمة يساعد في اجتنابها وتحديد إطار حياة الفرد ،فللقانون دور وقائي.
في اتجاه مصلحة المجتمع :
-تفرد المشرع بالتجريم والعقاب هذا ما يكسب النصوص احتراما عاما لخصوصيتي
التجريد- . و العمومية
يساهم مبدأ الشرعية في تدعيم فكرة االستقرار و خلق العدالة و المساواة بين األفراد و عدم
التمييز بينهم على أساس طائفي أو طبقي،كما تحقق فكرة الردع العام.
و ال يقتصر مبدأ الشرعية على حماية األبرياء ،وإنما يحمي الجناة أيضا من تعسف القضاة
بإلزام القاضي الحكم بالعقوبة التي جاء بها نص التجريم.
ثانيا :النتائج المترتبة عن المبدأ
لهذا المبدأ نتائج هامة منها :
لتطبيق العقوبة و جود -سريان النص الجنائي على الحاضر والمستقبل فقط ،ويشترط
النص قبل إتيان الفعل المجرم.
(قانون العقوبات والقوانين المكملة له) و -التشريع المصدر الوحيد للتجريم والعقاب
)(16
تستبعد كل المصادر األخرى.
النص الجنائي -تقيد سلطة القاضي في تفسير النص الجنائي :لهذا وجب أن يكون
وإذا وجد القاضي صعوبة أو غموض في حتى يسهل على القاضي التطبيق ، واضحا
النص يلجأ إلى التفسير الضيق وهو البحث عن إرادة المشرع وقصده من النص دون
توسع وهو ما يبرز مبدأ تبعية القاضي للمشرع- .حضر القياس في
تفسير النصوص التجريم :ليس للقاضي أن يقيس فعال لم يرد نص
)(17
بتجريمه ،على فعل مجرم فيقرر عقوبة الثاني على الفعل األول.
-قاعدة تفسر الشك لصالح المتهم :في حالة وجود غموض في النص الجنائي واستحال
التفسير وتساوت في نظره وجوه متعددة ،فيفسر في هذه الحالة على القاضي تحديد
الشك لصالح المتهم ،حيث إذا تعادلت أدلة اإلدانة مع البراءة رجح الثانية.
الفرع الثالث :تقييم المبدأ
رغم ما حققه المبدأ من حماية للمصلحة الفردية و الجماعية ،إال' أن هناك انتقادات وجهت له
نوجزها في ما يلي - :عدم
إحاطة النصوص بجميع األفعال والوقائع التي تعد خطيرة اتجاه الفرد والمجتمع
.
-الفعل الذي لم يجرمه المشرع ال يعتبر جريمة حتى لو أضر بالصالح العام أو بالحرية
الفردية أللشخاص.
،2010ص 68 26-عبد القادر عدو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري – القسم العام – دار هومة ،الجزائر،
.69 -
غير أن هذا التطبيق للقانون الجديد محكوم بشرطين:
وجد لصالح المتهم المتابع أو المحكوم عليه حق ً را ال يطبق القانون الجديد فو -أن
كلما،
مكتسب.
-أن ال يؤدي تطبيق القانون الجديد إلى إبطال اإلجراءات التي تمت صحيحة في ظل القانون
)(27
القديم.
الفرع الثاني :سريان النص الجنائي من حيث المكان
لقيام الركن الشرعي يجب أن يكون النص الجنائي ساري المفعول قبل ارتكاب السلوك
غير هذا أن غير المجرم
كافي إذ ال بد من تحديد المكان الذي وقعت فيه هذه الجريمة لتحديد القانون الواجب التطبيق ،وهو
عليه يطلق ما
بسريان النص الجنائي من حيث المكان والذي تحكمه أربعة مبادئ .
أوال :مبدأ اإلقليمية
نقصد بهذا المبدأ سريان قانون العقوبات الجزائري على كل الجرائم المرتكبة على مستوى
المصلحة اإلقليم الجزائري مهم كانت جنسية الجاني وجنسية المجني عليه ،ومهم كانت
ا ا
الجديرة بالحماية .وال يمتد سلطان هذا القانون خارج الحدود الوطنية.
أ .تطبيقات المبدأ :
إقليمها ،وقد كرست في سيادة الدولة على يتمثل يستند هذ المبدأ على أساس قانوني ها
م ا
الجزائري .إن تطبيق مبدأ اإلقليمية مختلف تشريعات العالم هذ المبدأ ،ومن بينها التشريع
ا
يتطلب معرفة أمرين هما تحديد اإلقليم و تحديد مكان الجريمة .
تحديد إقليم الدولة :
تن 'ص المادة 03من قانون العقوبات على أن " :يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي
ترتكب في أراضي الجمهورية"و يقصد بأراضي الجمهورية ،حسب المادة 13من دستور
2016إقليم الدولة والذي يتكون من اإلقليم البري ،اإلقليم البحري ،و اإلقليم الجوي.
-اإلقليم البري :هو المساحة األرضية التي تباشر الدولة عليها سيادتها والمحددة مع الدول
المجاورة ويضم األنهار والبحيرات والمضايق...
-اإلقليم البحري :هو جزء من البحر العام يتصل بشواطئ الدولة ويعتبر امتدادا إلقليمها
البري و غالبا ما يحدد بـــــ 12ميل.
)(28
-اإلقليم الجوي :يتمثل في طبقات الهواء التي تعلو كال من اإلقليم البري والبحري .
تحديد مكان ارتكاب الجريمة :
إن مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه الركن المادي ،وال يطرح إشكال إذا
كان الركن المادي تم بأكمله في الجزائر ،كأن يضرب الجاني الضحية في قطر الجزائر
فيسبب له جروحا فيها.
ص97. - 27أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق،
28 -عبد هلال أوهايبية ،المرجع السابق ،ص 135. - 134
لكن اإلشكال قد يطرح في حالة وقوع أحد عناصر الركن المادي في إقليم (السلوك) واآلخر
َ ام في الجزائر فيموت في إقليم أجنبي .فتعتبر (النتيجة) في إقليم آخر.كأن يضع للضحية س
)(29
الجريمة قد وقعت في اإلقليمين معا.
قانون اإلجراءات الجزائري و التي تن 'ص من ففي هذه الحالة يمكن الرجوع إلى المادة
586
على أن " :تعد مرتكبة في اإلقليم الجزائري كل جريمة يكون عمل من األعمال المميزة ألحد
أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر".
-الجرائم التي تقع على متن السفن:
"تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب في عرض
البحر وعلى البواخر التي تحمل الراية أيا كانت جنسية مرتكبها .و كذلك الشأن بالنسبة
للجنايات و الجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة.تجارية أجنبية)"(30
.
إذن يطبق قانون العقوبات الجزائري على الجنايات والجنح المرتكبة على ظهر السفن في
الحاالت التالية - :في
حالة السفينة التي تحمل الراية الجزائرية والمتواجدة في عرض البحر أو المياه الدولية
التي ال تخضع لسيادة أي دولة.
-في حالة السفينة التي تحمل راية أجنبية إذا كانت تبحر في المياه اإلقليمية الجزائرية أو
الجزائري. الميناء في راسية كانت
ترتكب على متن طائرات -الجرائم التي تقع على ظهر الطائرة :
التي "تختص الجهات القضائية الجزائرية بنظر الجنايات والجنح
جزائرية أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة.
كما تختص أيضا بنظر الجنايات أو الجنح التي ترتكب على متن طائرة أجنبية إذا كان الجاني أو المجني عليه جزائري
الجنسية أو إذا هبطت الطائرة بالجزائر بعد وقوع الجناية أو الجنحة
()31
".
ترتكب على متن الطائرات إذن يطبق قانون العقوبات الجزائري على الجنايات والجنح التي
في الحاالت التالية:
الراية الجزائرية ووقعت الجريمة على متنها بغض النظر عن -حالة الطائرة التي تحمل
جنسية مرتكبها أو األجواء التي تحلق بها.
-حالة الطائرة التي تحمل الراية األجنبية على أن يكون الجاني أو المجني عليه جزائري
الجنسية أو إذا هبطت الطائرة في أحد المطارات الجزائرية بعد ارتكاب الجريمة.
تستثنى من تطبيق أحكام المادة 590و المادة 591السفن والطائرات الحربية ألنها امتداد
لسيادة الدولة.
ب .االستثناءات الواردة على مبدأ اإلقليمية
35 -تنص المادة 583من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري على أن " :كل واقعة موصوفة بأنها جنحة
يجوز المتابعة من أجلها سواء في نظر القانون الجزائري أم في نظر تشريع القطر الذي ارتكبت فيه
والحكم فيها في الجزائر إذا كان مرتكبها جزائريا.
و ال يجوز أن تجري المحاكمة أو يصدر الحكم إال بالشروط المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة
.582
و عالوة على ذلك فال يجوز أن تجري المتابعة في حالة ما إذا كانت الجنحة مرتكبة ضد أحد األفراد إال
بناء على طلب من النيابة العامة بعد إخطارها بشكوى من الشخص المضرور أو ببالغ من سلطات القطر
الذي ارتكبت الجريمة فيه".
-تنص المادة 588من قانون اإلجراءات الجزائية الجزائية على أن "كل أجنبي ارتكب خارج اإلقليم 36
الجزائري بصفته فاعل أصلي أو شريك في جناية أو جنحة ضد سالمة الدولة الجزائرية أو تزييف النقود أو أوراق مصرفية متداولة
قانونا بالجزائر تجوز متابعته ومحاكمته وفقا ألحكام القانون الجزائري إذا ألقى
القبض عليه في الجزائر أو حصلت الحكومة على تسليمه لها".
4.أن يتم القبض على الجاني في الجزائر أو أن تحصل عليه الجزائر عن طريق تسليمه من
طرف الدولة التي وقعت فيها الجريمة.
5.أن ال يكون قد حكم على الجاني نهائيا أو قضى العقوبة أو سقطت بالتقادم.
ج -مبدأ العالمية :
معناه تطبيق النص الجنائي على كل شخص يحمل جنسية أجنبية ارتكب جريمة ضد
اإلنسانية في الخارج و ت 'م القبض عليه في الجزائر كجرائم الحرب ،اإلرهاب ... ،إلخ.
و تبرز أهمية هذا المبدأ خاصة في خلق تعاون دولي في مواجهة ومحاربة الجرائم إال أن
معظم التشريعات لم تقم بتكريسه ومن بينها التشريع الجزائري.
المطلب الثالث :أسباب اإلباحة
قد يرتكب شخص ما فعال مجرما في القانون الجنائي ،ومع ذلك ال يعد' فعله هذا جريمة ومن ث 'م تنتفي في حقه
المسؤولية الجنائية .و هي ما تعرف بحاالت التبرير ،إذ تخرج هذه األفعال
من دائرة التجريم وتعاد إلى دائرة اإلباحة.
و منه حتى يكون الفعل مج 'رماً ال يكفي أن يتضمنه ال 'نص التجريمي فقط ،بل البد أن يخرج
من حاالت التبرير الت'ي ن 'ص عليها قانون العقوبات الجزائري.
الفرع األول :تعريف أسباب اإلباحة و تمييزها عن ما يشبهها
سنتطرق في األول إلى تعريف أسباب اإلباحة ،ثم نميزها عن األنظمة المشابهة لها.
أوال :تعريف أسباب اإلباحة
تعرف أسباب اإلباحة بأنها تلك الظروف الموضوعية التي تنفي الصفة اإلجرامية عن الفعل،
به .يرى المشرع الجنائي أن إباحته في مثل الظروف التي وتجعله أمر مباحا ومسموحا
ا
)(37
ارتكب فيها يحقق مصلحة أهم بالرعاية من المصلحة التي من أجلها جرم الفعل ابتداء.
ثانيا :التفرقة بين أسباب اإلباحة وما يشتبه بها:
تختلف أسباب اإلباحة عن موانع المسؤولية ،و عن موانع العقاب.
أ .التمييز بين أسباب اإلباحة وموانع المسؤولية :
تتعلق األولى بالركن الشرعي للجريمة وتؤثر في وجود هاته األخيرة ،في حين أن الثانية
تتعلق بالركن المعنوي لها و ال تؤثر في وجودها فتقوم الجريمة حتى بوجودها غير أنه ال
تقوم المسؤولية الجنائية .كما أن أسباب اإلباحة ذات طبيعة موضوعية ويترتب عن ذلك أ 'ن
ً
شريكا يستفيد من هذا السبب المبيح و ُيعُّد قد فاعال ً
أصليا أو كل من ساهم في الفعل بصفته ً
ـروعا ال يــترت'ب عليــه شــيء من المتابعــة أو العقــاب .على عكس ارتكب فعــالً مشـ ً
موانع المسؤولية التي تعتـبر ذات طبيعـة شخصـية وبالتـالي ال يسـتفيد الغـير من هـذا المـانع .فتظـل الواقعـة محتفظـة بصـفتها
اإلجرامية ،إال أنه ال يتم توقيع العقوبة على المتهم مع
)(38
بقاءه مسئوال مسؤولية مدنية عن الضرر الذي تسبب فيه للغير جراء الواقعة اإلجرامية .
373. - 372
41 -سمير عالية ،المرجع السابق ،ص
42 -عبد الرحمن خلفي ،المرجع السابق ،ص 89. - 88
)(43
-التق 'يد بقواعد اللعبة ،وإال نكون بصدد جريمة.
ثانيا :الدفاع الشرعي
يهدد باالعتداء على حق يعرف الدفاع الشرعي بأنه القوة االل'زم لصد خطر غير مشروع
ة
يحميـــــة القـــــانون.
هناك من يعتبر الدفاع الشرعي حقا ،وآخرون واجبــا ،ويــرى البعض اآلخــر أنــه رخصــة أو تفــويض قــانوني
باستعمال سلطة الضبطية اإلدارية في منع الجرائم ،لكن الرأي الراجح يرى
)(44
أن الدفاع الشرعي ترخيص من القانون للمدافع برد االعتداء.
أ .شروط الدفاع الشرعي :
نظم المشرع الجزائري الدفاع الشرعي في المادتين 2/39و المادة 40من قانون العقوبات .
تن 'ص المادة 2/39على أن " :ال جريمة إذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع
المشروع عن النفس أو عن الغير أو عن ما مملوك للشخص أو للغير بشرط أن يكون
ل
الدفاع متناسبا مع جسامة الخطر ".من خالل هذه المادة يمكن تحليل الشروط الواجب توفرها
في الدفاع الشرعي و التي تنقسم إلى قسمين ،شروط متعلقة بفعل االعتداء وشروط متعلقة
بفعل الدفاع.
1.شروط تتعلق بفعل االعتداء:
يجب أن يكون االعتداء غير مشروع:
أي أن يقع االعتداء على مصلحة محمية قانونا ،وبمعنى آخر أن ال يستند االعتداء إلى أمر أو
إذن من القانون ،أ 'ما إذا وقع االعتداء بأمر من القانون أو بإذن منه ،ففي هذه الحاالت يكون
االعتداء عادال و يفقد الدفاع شرعيته .فالشخص الذي أصدرت في حقه السلطة القضائية
)(45
أمرا بقبضه و يقاوم تنفيذ هذا األمر ال يكون في حالة دفاع شرعي.
أما بالنسبة االعتداء الصادر من عديمي المسؤولية (المجنون أو الطفل الغير مميز) فهل
يعتبر اعتداء غير مشروع ؟
يعتبر غير مشروع وبالتالي المجنون أو الطفل الغير مميز االعتداء الصادر عن أن فعل
يجوز رده.
أن يكون الخطر حاال :يقصد بهذا الشرط أن الخطر قائما فإذا زال الخطر بالعدول مثال فال
مجال للتمسك بحالة الدفاع الشرعي ،و إال تحول إلى اعتداء يرتب المسؤولية الجزائية .ولقد
عبر المشرع الجزائري على هذا الشرط في المادة 2/39بـــ "الضرورة الحالة ".
و يكون الخطر حاال في صورتين :
الوقوع.كمن يخرج و يتهيأ هي أن االعتداء لم يبدأ بعد و لك 'نه على وشك الصورة األولى:
بتعبئته بالخراطيش .الصورة
ولم ينتهي ،أي أن الخطر ال يزال قائما الثانية :هي أن يكون االعتداء قد بدأ فعال
46
يهدد بخطر متواصل.كمن يضرب شخصا و يتهيأ لضربه مرات أخرى .فإذا انتهى فعل
الخطر أو العدوان ،فنكون بصدد انتقام.
ص128.
43-عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،
44 -أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص171.
45 -بن شيخ لحسين ،المرجع السابق ،ص 118؛ أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص 177.
46 -عبد هلال أوهايبية ،المرجع السابق ،ص 200.
لكن ما هو الحال لو أ 'ن المدافع اعتقد خطأ بوجود خطراً عليه (خطر وهمي) أو أن الخطر
الذي يهدده سوف يقع في المستقبل؟ بالنسبة
للحالة األولى أي الخطر الوهمي فنعلم أ 'ن أسباب اإلباحة هي أسباب موضوعية
وليست شخص 'ية إذا يجب البحث عنها في الظروف ،المحيطة بال 'سلوك المادي وليس في
الظروف النفسية للشخص فال يمكن القول بتوافر الد'فاع ال 'شرعي لمجرد الخطر الوهمي الذي
إال أن هناك اتجاه يعتد بالخطر الوهمي للقول بتوفر الدفاع الشرعي متى يقع فيه ال 'شخص.
)(47
كان االعتقاد بالخطر مبنيا على أسباب معقولة .أما بالنسبة
للخطر المستقبلي فهو الخطر الذي ال يحدث فورا ،وبالتالي ال يجوز فيه الدفاع
الشرعي ألن هناك فرص لتبليغ السلطات وتفادي عنصر الخطر.
أن يهدد الخطر النفس أو المال :هذا الشرط كرسه أيضا المشرع صراحة في نص المادة
إلجازة الدفاع الشرعي أن يكون الخطر يهدد النفس السالفة الذكر ،حيث يستلزم القانون
كجريمة القتل ،جريمة الضرب والجرح ،جريمة االغتصاب ...أو يهدد المال كجريمة
السرقة ،خيانة األمانة ،جريمة النصب و االحتيال ...
و قد وسع نص المادة نطاق الدفاع ليشمل نفس ومال الغير.
2.شروط تتعلق بفعل الدفاع:
إلخراج الدفاع الشرعي من دائرة التجريم وض 'مه ضمن أسباب اإلباحة ،لم يتوقف المشرع
الجزائري عند وضع شروط بخصوص فعل الخطر فقط ،و إنما أضاف إليها نوعا آخر من
الشروط يجب توفرها في فعل الدفاع وهي :
شرط اللزوم :معنى ذلك ضرورة اعتبار فعل الدفاع الوسيلة الوحيدة لدرء الخطر ،ألن في
حالة وجود وسائل و أخرى أمام المعتدى عليه ال تكيف بجرائم ،فال يمكن للشخص أن يحتج
أو يبرر فعله على أساس الدفاع الشرعي .و مثال ذلك أن يكون باستطاعة المدافع أن يجرد
ففي هذه الحالة ال يجوز له خصمه من سالحه الذي يهدده به دون تعريض نفسه للخطر،
استعمال الدفاع الشرعي بقتل خصمه أو إيذاءه.
و مع التسليم بضرورة الجريمة للدفاع ،فإنها ال تباح إال بالقدر االلزم للمحافظة على
الحق (48).و
بما أن الدفاع قد تقرر لمواجهة الخطر الذي يهدد الحق ،ومن ثم لكي يتحقق الدفاع الشرعي
البد أن يتجه فعل الدفاع إلى مصدر الخطر ،وعليه فإذا ترك المعتدى عليه مصدر الخطر
وصوب فعله اتجاه شخص أخر ،فان الدفاع ال يكون الوسيلة الوحيدة لصد االعتداء.
شرط التناسب :يجب أن يكون الد'فاع متناسباً مع الخطر المس 'لط على الشخص ،أي
المدافع حدود التناسب مع وجوب أن يكون الدفاع متعادال و متكافئا مع الخطر .فإذا تجاوز
االعتداء كان عمله هذا غير مشروع.
و مع ذلك فإ 'ن مسألة التناسب مسألة صعبة ودقيقة إذ تحتاج إلى دقة بالغة عند دراسة
الظروف والوقائع المحيطة بالفعل ،و على قاضي الموضوع أن يفحص هذا التناسب فحصا
223 61-عبد الرحمن خلفي ،المرجع السابق ،ص 107؛ سمير عالية ،المرجع السابق ،ص .
جاءت النظرية بمعيار سهل الستخالص وجود العالقة السببية ،إذ يكفي أن يكون السلوك
ضمن بقية العوامل التي أدت لتحقق النتيجــة حــتى نقــول بتــوفر العالقــة الســببية .لكن تعرضت النظريــة لنقــد
شديد ،ذلك أنها تبدأ بالتساوي بين جميع األسباب ثم تنتهي بتحميل كل النتائج لفعل الجاني.كمــا أنــه من غــير المنطقي وضــع
األسباب الضعيف منها و القوي على قدم المساواة فهناك مجافاة لروح العدالة .باإلضافة إلى ذلك قد حملت هذه النظرية
المسؤولية
للجاني بالرغم من تدخل عوامل أخرى.
ثانيا :نظرية السبب الفعال (المنتج)
فإنه البد أن النتيجة الجرمية العوامل في إحداث النظرية أنه إذا تعددت
يرى أصحاب هذ
ه
النتيجة والعوامل األخرى ما إال عوامل يكون معها سبب أساسي وقوي والذي يحدث
هي
مساعدة فقط هيئت الظروف لذلك (62).فإذا كان فعل الجاني هو السبب األقوى في إحداث
النتيجة ،قامت صلة السببية بين فعله والنتيجة ويسأل عن ارتكاب الجريمة .أما' إذا كان فعل
الجاني ما هو إال' فعل ثانوي ،فال يترتب عليه إذا المسؤولية الجنائية.
لقد تعرضت هذه النظرية لجملة من االنتقادات أهمها :
-تراعي مصلحة المتهم أكثر من مصلحة الضحية .
-تؤدي إلى إفالت المتهم من المسؤولية لو تداخلت مع فعله عوامل أجنبية ولو كان تافهة.
-صعوبة بحث السبب األقوى من بين األسباب األخرى.
ثالثا :نظرية السبب المالئم
يرى أصحاب هذه النظرية أ 'نه إذا كان بمقتضى السير العادي أللمور أن فعل الجاني يمكن
أن يؤدي وحده إلى إحداث النتيجة ،فهنا تقوم صلة السببية بين فعل الجاني والنتيجة ،ولو
تدخلت عوامل جديدة ولكنها كانت عوامل مألوفة مع فعل الجاني فإن صلة السببية تقوم
ً )(63
أيضا.
و للتحقق من توفر العالقة السببية بين فعل الجاني والنتيجة ،نتساءل ما إذا كان سلوك
الجاني إلى جانب عوامل عادية يمكن أن يؤدي إلى النتيجة؟ فإذا كان كذلك فإ 'ن عالقة السببية
السببية ال تنقطع.أما إذا تدخلت عوامل غير مألوفة (شاذة) بجانب فعل الجاني فإ 'ن
صلة
تنقطع هنا ،والجاني يتحمل نتائج فعله مع العوامل المألوفة دون العوامل الشاذة األخرى.
ماذا يقصد بالعوامل المألوفة ،و العوامل الشاذة ؟
العوامل المألوفة هي التي يعلم الجاني بها أو كان بإمكانه العلم بها ،أو يتوقع حدوثها بعد
ارتكاب الفعل المجرم.
أ 'ما العوامل الشاذة فهي العوامل المفاجئة التي ال يمكن العلم بها أو توقع حدوثها.
السبب المالئم هي النظرية الراجحة ،ألنها تحصر العالقة السببية في نطاق تعتبر نظرية
)(64
معقول ومنطقي ينسجم مع قواعد العدالة .
المطلب الثاني :الشروع في الجريمة
156 62-عبد الرحمن خلفي ،المرجع نفسه ،ص 107و 108؛ عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص.
63 -سمير عالية ،المرجع السابق ،ص 225؛ عبد هلال سليمان ،المرجع نفسه ،ص157.
156 64-مأمون محمد سالمة ،المرجع السابق ،ص 146؛ عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص.
إذا كانت الجريمة ال تقوم إال بتوفر السلوك اإلجرامي ،فإنه ليس من الضروري أن يترتب
على هذا الفعل نتيجة ،حتى تكون محال للجزاء .فإذا تحققت النتيجة نكون بصدد الجريمة
التامة وإذا لم تتحقق نكون بصدد الشروع في ارتكاب الجريمة.
الفرع األول :تعريف الشروع و مراحله
سنتطرق في هذا الفرع إلى تعريف الشروع و مراحله.
أوال :تعريف الشروع
الشروع هو ارتكاب الجاني للسلوك اإلجرامي كله أو بعضه دون أن تتحقق النتيجة .أو هو
الحاالت التي يفشل فيها الفاعل في تحقيق جريمته ،فال تتحقق النتيجة المطلوبة لقيام الجريمة
()65
.
لقد نص المشرع الجزائري على الشروع في المادتين (66) 30و (67) 31من قانون العقوبات
الجزائري ،و استعمل مصطلح المحاولة للداللة على البدء في التنفيذ.
هل يتصور الشروع في كل الجرائم ؟
يمكن تص 'ور الشروع في جرائم محددة وعدم تصوره في جرائم أخرى.
-ال يمكن تص 'ور الشروع إال في الجرائم المادية ذات نتيجة ،سواء كانت إيجابية أو سلبية
.أما الجرائم الشكلية فال يتصور الشروع فيها و السبب في ذلك هو أنه هذا النوع من الجرائم
إما أن تنفذ كلها و إما أن ال تنفذ إطالقا.
-كما ال يمكن تصور الشروع في الجرائم غير العمدية ،فما دام القصد الجنائي ركنا في
الشروع ،يبقى الشروع مقصورا على الجرائم العمدية فقط.
-رغم إمكانية تص 'ور الشروع في المخالفات ،فإن القانون ال يعاقب على البدء في تنفيذ
المخالفات ،ذلك أن المخالفات هي جرائم بسيطة ال تمثل خطورة إجرامية كبيرة كالجنح
والجنايات.
)(68
ثانيا :مراحل الشروع
تمر الجريمة قبل تمامها بثالث مراحل وهي :
مرحلة التفكير :هي المرحلة األولى التي تتبادر فيها فكرة الجريمة في ذهن الفاعل .ومادام
أن الفكرة لم تخرج إلى العالم الخارجي فال عقاب عليها ،ألنها ال ترتب أي ضرر على
المجتمع ،كما أن القانون الجزائي ال يهتم بالنوايا أو المقاصد ،بل يهتم باألفعال المادية.
مرحلة اإلعداد للجريمة :وهي مرحلة التحضير الرتكاب الجريمة ،أي إعداد الوسائل التي
تستعمل في ارتكابها.
231 65-سمير عالية ،المرجع السابق ،ص.
66 -تن 'ص المادة 30من ق ع ج على أن " :كل المحاوالت الرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو
بأفعال ال لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إال' نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة
مرتكبها حتى ولو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله
مرتكبها".
-تن 'ص المادة 31من ق ع ج على أن" :المحاولة في الجنحة ال يعاقب عليها إال بناء على نص صريح 67
30 69-ألكثر تفاصيل أنظر عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص 179و مابعدها 70 - .أنظر المادة
من ق.ع.ج السابقة الذكر و التي تنص "... :حتى ولو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود
بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها".
يستوجب الشروع توفر عنصران أساسيان ،البدء في التنفيذ و وقف التنفيذ لسبب خارج عن
إرادة الجاني.
أ .البدء في التنفيذ :
ال يعاقب المشرع على التفكير و التحضير للجريمة باعتبارها أمور داخلية تبقى حبيسة النفس
ما لم تتحول إلى سلوكات مادية ظاهرة .غير أ 'ن مجاوزة الجاني لمرحلة التفكير والتحضير
إلى البدء في التنفيذ يجعل األمر في غايــة التعقيــد ويحــدث نــوع من التــداخل بين مــا يعتــبر عمــال تحضـيريا ال يشـمله النص
العقابي وبين البدء في التنفيذ الذي يعاقب عليه باعتباره أحد أركان جريمـة الشــروع .فمن يشــتري ســاللم و حبــال من أجــل
السرقة فهل يعد عمله تحضيريا أم بدأ
في التنفيذ ؟
فالتمييز بين العمل التحضيري والبدء في التنفيذ أم بالغ األهمية و لهذا ظهر مذهبان،
ر
المذهب الشخصي والمذهب الموضوعي.
1.المذهب الموضوعي (المادي) :
يرى أصحاب هذ المذهب ،أنه ال يمكن معاقبة الجاني إال إذا بدأ بارتكاب أحد األفعال
ا
المادية المكونة للفعل المجرم .فال يمكن معاقبة السارق إال إذا وضع يده على الشيء
المختلس.
أ 'ما األفعال السابقة على ذلك فطالما أنها ال تدخل في التعريف القانوني للجريمة فهي ال تعد
بدءا في التنفيذ مهم كانت قريبة من هذ التنفيذ ككسر الخزانة التي تحتوي على األشياء
ا ا
المراد سرقتها.
و يعاب على هذا المذهب أنه حصر الشروع في نطاق ضيق مما يجعل كثير من األفعال
للمجتمع من األفعال رغم خطورتها تفلت من العقاب ،فهذا المذهب ال يوفر الحماية الكافية
اإلجرامية التي تشكل تهديدا ألمنه واستقراره.
2.المذهب الشخصي:
المذهب على شخص المجرم ال على ماديات الجريمة .فكلما ارتكب فعال وه يعتمد هذ
و ا
في التنفيذ ،فكسر السارق يعتقد أنه سوف يؤدي إلى النتيجة الجرمية مباشرة اعتبر بدأ
للخزانة أو تسلقه للحائط يعد بدأ في التنفيذ ولو لم يستولي على المال .و من ثم يعد شروعا
كل عمل كان الجاني يقصد به ارتكاب الجريمة مباشرة .فالمذهب الشخصي أوسع نطاقا من
المذهب السابق فهو يوفر حماية أوسع للمجتمع من األفعال اإلجرامية.
الجزائري بالمذهب الشخصي وهذا ما جسده من خالل نص المادة من لقد أخذ المشرع
30
بضرورة توفر " أفعال ال لبس فيا تؤدي مباشرة إلى ارتكاب اكتفى
قانون العقوبات ،حيث
الجريمة".
ب .وقف التنفيذ لسبب خارج عن إرادة الجاني :
وهو أن يكون عدم إتمام الجريمة وعدم تحقق النتيجة راجعاً لسبب خارج عن إرادة المتهم .
فإذا كان عدم إتمام الجريمة راجع إلى إرادة الجاني ،فال يعد شروعاً في الجريمة وهو ما
االختياري الذي ال عقاب عليه وعلة ذلك هو تشجيع الجاني على توقفه من يسمى بالعدول
ً
شروعا وبالتالي ال ولهذا هناك فرق بين العدول االختياري الذي ال يعد مواصلة التنفيذ ،
يعاقب عليه ،وبين العدول االضطراري الذي يرجع ألسباب خارجة عن إرادة الجاني و
ً
شروعا معاقب عليه . الذي يعد
فالعدول االختياري راجع إلى إرادة الفاعل دون تدخل عوامل خارجية مستقلة عنه تؤثر في إرادته .وال عــبرة بســبب
العــدول ،فقــد يكــون الســبب أخــالقي أو ديــني ،أو شــفقة بــالمجني عليــه ،أو ســبب العـدول هـو الخـوف من العقـاب
والمحاكمة ،أو ألي سبب آخر .المهم أن يتم العدول قبل تنفيــذ الجريمــة ،فــإذا تمت هــذه األخــيرة و حــاول الجــاني
إصالح الضرر فال يعتبر عدوال
اختياريــــا .و
قد يكون العدول مختلطاُ أي يجمع بين العدول االختياري والعدول االضطراري كمن شرع
في قتل شخص من بعيد ويتوهم أصوات تناديه فيتوقف عن الجريمة ويفر ،فقد اختلف الفقه
حول اعتبار هذا شروعاً أو ال ؟ فهناك من يغلب العدول االختياري فال يعاقب الجاني ,وهناك
من يغلب العدول االضطراري ويعاقبه .والرأي الراجح هو العبرة بالعمل الغالب ،واألمر
ً )(71 ً
تحليال دقيقا. متروك لتقدير القاضي عندما يحل'ل نفسية الفاعل وظروفه
الفرع الثالث :عقوبة الشروع في الجريمة
نفسها عقوبة الجريمة التامة ،فيعاقب على اتفقت أغلب دول العالم في جعل عقوبة الشروع
فيعاقب عليه في بنفس عقوبة الجنايات التامة ،أما الشروع في الجنح الشروع في الجنايات
كجريمة السرقة مثال ،أم الشروع في المخالفات فال عقاب عليها حالة وجود نص صريح
ا إطالقا.
المطلب الثالث :المساهمة الجنائية
يعاقب المشرع على الجريمة عندما تكتمل أركانها بغض النظر عن من قام بها ،فقد يرتكبها
ترتكب الجريمة الواحدة من طرف عدة يرتكبها عدة أشخاص ،و عندما شخص واحد و قد
أشخاص نكون بصدد المساهمة الجنائية.
فما هي عناصر المساهمة الجنائية ؟ و ما هي صورها ؟
الفرع األول :عناصر المساهمة الجنائية
حتى تقوم المساهمة الجنائية يجب أن يرتكب عدة أشخاص جريمة واحدة ،كما يجب أن يجمع
بين هؤالء األشخاص رابطة معنوية واحدة لتنفيذ الجريمة.
و منه تقتضي المساهمة الجنائية وجود عنصرين و هما :وحدة الجريمة ،و تعدد الجناة.
أوال :وحدة الجريمة
و هي تقوم على وحدتين هما :الوحدة المادية للجريمة ،و الوحدة المعنوية للجريمة.
أ .الوحدة المادية للجريمة :
و هي تتحقق بإسهام فعل كل مساهم في تحقيق نتيجة واحدة تتم بها الجريمة.
ب .الوحدة المعنوية للجريمة :
و تتحقق بقيام رابطة ذهنية تجمع المساهمين في الجريمة تحت لواء مشروع إجرامي واحد،
و ذلك عندما يكون هنالك اتفاق إجرامي مسبق بين المساهمين.
.
134 - 133 - 71أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص
فإذا تحقق هذان الشرطان فإننا نكون أمام مساهمة جنائية لمجموعة من الجناة في جريمة
أحدهم رئيسيا دون أفعال واحدة ،قد تكون أدوارهم في الجريمة متساوية ،و قد يكون فعل
)(72
اآلخرين ،و حينئذ يكون عندنا فاعل أصلي و شركاء له .
ثانيا :تعدد الجناة
أي إرتكاب جريمة واحدة ،من طرف عدة أشخاص .و في هذا الصدد اختلف الفقه حول
إمكانية تحديد دور كل مساهم في الجريمة و هو ما نتج عنه ظهور عدة آراء :
أ .نظام التوحيد بين المساهمين :
و يرى أصحاب هذا الرأي انه ليس من المنطق أن نميز و نفرق بين أعمال الجناة ،فكل
مساهم مسؤوالً مسؤولية كاملة عن الجريمة باعتباره فاعال ،أي أن هذا الرأي استبعد كل
تفرقة بين الفاعل و الشريك .و قد
تعرض هذا الرأي إلى النقد رغم و وضوحه ،ألنه يتعارض مع أهداف المعاملة العقابية
)(73
و التي تحدد معاملة كل شخص على أساس دوره و خطورته اإلجرامية.
ب .ضــرورة التميــيز بين الفاعــل و الشــريك في المســاهمة الجنائيــة :و هــو الــرأي
الراجح الذي تبنته معظم التشريعات الوضعية ،إذ من غير المنطقي أن يتساوي فعــل من يقــوم بــدور رئيســي في تنفيــذ
الجريمة مع فعل من يقوم بدور ثانوي فيها ،و عليه فان المســاهمين في الجريمــة ينقســمون إلى فئــتين :فــاعلين أو مســاهمين
أصليين و شركاء أو فاعلين
)(74
تبعيين .
طبيعة العالقة بين الفاعل و الشريك :
هناك عالقة بين الفاعل و الشريك ،فهي عالقة واقعية ال يستطيع القانون أن يتجاهلها ،فهناك
الناحيتين المادية و المعنوية إال أن القانون لم ينشئ الفاعل و الشريك من فروق بين عمل
التفرقة و إنما قررها .و على الرغم من اإلقرار لهذه العالقة بأهميتها الواقعية و القانونية،
العالقة و يمكن ردها إلى عدة فقد اختلف الفقه و تعددت الطرق القانونية للتعبير عن هذه
)(75
نظريات .
1.نظرية االستعارة :و هي نوعان :
1.1.نظرية االستعارة المطلقة :
و مفادها أن الشريك يستعير تجريمه كامال من الفاعل األصلي ،و لذا فهو متساو معه في
المسؤولية و العقاب ،إذ يلقي الفاعل بظله كامال على الشريك ،و يؤذي األخذ بهذه النظرية
على نحو مطلق إلى نتائج غريبة ،فالشريك في جريمة السرقة ال يعاقب إذا كان الفاعل هو
الفاعل األصلي في جريمة االبن الذي سرق مال أبيه ،و قد تزيد عقوبة الشريك عن عقوبة
مماثلة ،إذا ما اشترك مع احد الفاعلين بقتل أصولهم.
2.1.نظرية االستعارة النسبية :
.
ص 136 – 135 72-منصور رحماني ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار الهدى ،الجزائر ، 2003 ،
73 -مأمون محمد سالمة ،المرجع السابق ،ص 388.
74 -عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص 189.
75 -عبد هلال سليمان ،المرجع نفسه ،ص 191و ما بعدها.
و تقضي بضرورة التمييز بين الفاعل األصلي و الشريك من حيث المسؤولية و العقاب ،
فالشريك باقترافه أفعال أقل خطورة من أفعال الفاعل يستحق عقابا أخف من عقاب الفاعل .
يستقل بظروفه الشخصية في حين تسري الظروف أما من حيث الظروف فان كل منهما
العينية على جميع المساهمين.
2.نظرية التبعية :
مفادها أن إجرام الشريك بمادياته و معنوياته يختلف عن إجرام الفاعل و ال حاجة لنكران هذه
الحقيقة ،و أن الشريك ليس مستقال استقاالل تاما عن الفاعل ،إذ ال بد من عالقة بينهما ،إال
أنها عالقة تقتصر على ضرورة وقوع الفعل المجرم من الفاعل األصلي كشرط لعقاب
الشريك و من تم يكون الفاعل متبوعا و الشريك تابعا ،فيعاقب الشريك متى قام الفاعل بسلوك
غير مشروع ،و لو توافرت للفاعل ظروف شخصية تنفي مسؤوليته الجنائية.
و يودي القول باستقالل المساهمين ك 'ل منهم بفعله و ظروفه إلى نتائج هامة نلخصها فيما
يلي:
من حيث مقدار العقوبة :
تقدر مسؤولية الشريك على نحو تراعى فيه خطورته الخاصة بغض النظر عن خطورة
أخف من عقوبة الفاعل بحسب تكون عقوبة الشريك أشد أو أنه قد الفاعل .و معنى هذا
األحوال.
استبعاد مسؤولية الشريك عن الجرائم المحتملة :
إن نطاق مسؤولية الشريك تتحدد في نطاق قصده الجنائي ،فال يسأل عن جريمة اقترفها
محتملة حسب السير العادي أللمور إذا لم تدر في ذهنه عند الفاعل و لو كانت جريمة
االشتراك.
استقالل الفاعل بموانع المسؤولية و موانع العقاب :
ال يتأثر الشريك بموانع المسؤولية أو موانع العقاب التي قد تلحق الفاعل األصلي ،و عليه فال
الشريك عندما تنقضي الدعوى الجنائية عن الفاعل األصلي بسبب التقادم أو تسقط مسؤولية
العفو الشامل.
المسؤولية المدنية على نحو مستقل عن مسؤولية الفاعل احتساب المسؤولية المدنية :
تتم مسؤولية الشريك فيما يخص
األصلي.
الفرع الثاني :صور المساهمة الجنائية
تتم المساهمة الجنائية بواسطة فاعل أصلي وتسمى بالمساهمة األصلية ،و بواسطة شريك و
تسمى بالمساهمة التبعية.
أوال :المساهمة األصلية
الرئيسي هذ بالدور الرئيسي في ارتكاب الجريمة ،و قد يقوم نقصد بها ممارسة الدور
ا
شخص واحد يسمى الفاعل األصلي ،وقد يقوم به أكثر من شخص ويسمون في هذه الحالة
فاعلين أصليين.
ين العقوبات حيث لقد ك 'رس المشرع الجزائري المساهمة األصلية ضمن أحكام قانون
ًص
أو ح على 'رض مباشرة في تنفيذ الجريمة مساهمة من ساهم كل
فاعال 'ن : على أ
"يعتبر
السلطة أو الوالية أو التحايل أو أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال ارتكاب الفعل بالهبة
)(76
التدليس اإلجرامي" . .كما
نص دائما بخصوص المساهمة األصلية على أن" :من يحمل شخصا ال يخضع للعقوبة
)(77
بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب الجريمة يعاقب بالعقوبة المقررة لها " .
على ضوء األحكام الواردة في نص المادتين المذكورتين أعاله ،يتضح لنا أن للمساهمة
األصلية ثالث أنواع و هي :الفاعل المباشر ،المحرض ،الفاعل المعنوي.
أ .الفاعل المباشر :
يقوم بتنفيذ السلوك هو ذلك الشخص الذي يرتكب ماديات الجريمة بصورة مباشرة ،أي
اإلجرامي ،ومثال ذلك الشخص الذي يدخل مسكن غيره ويستولي على المسروقات .نشير في هذا الصدد إلى أ 'نه
يمكن لعدة مساهمين أن يكونوا بمثابة فاعلين أصليين إذا ظهروا على
مسرح الجريمة و عاصر نشاطهم زمن وقوع الجريمة.
ب .المح ّرض:
هو ذلك الشخص الذي يخلق فكرة الجريمة لدى شخص آخر و يحمله على إرتكابها.
و نظرا لخطورة الشخص المح 'ر (بكسر الراء) ،فقد أخضعه المشرع الجزائري لنفس
ض
األحكام التي تطبق على الفاعل المباشر ،كما حدد وسائل التحريض وذكرها على سبيل
الحصر في نص المادة 41من قانون العقوبات ،و التي تتمثل في): (78
1.الهبة :ويعني ذلك أن يسعى المحرض إلى تحريض الغير و إقناعه بارتكاب الجريمة
مقابل شيء ما يقدمه له كهبة ،فقد تكون مبلغ من المال وقد تكون سلعة أو عقار أو أي شيء
آخر.
المحرض إلقناع الغير بارتكاب الجريمة مقابل وعد ،و مفهوم الوعد 2.الوعد :هو أن يقنع
يتم تنفيذ فقد يكون الوعد بتقديم هبة أو القيام بخدمة أو غير ذلك ،و أوسع من مفهوم الهبة،
الوعد بعد ارتكاب الجريمة.
3.التهديد :و هو الضغط على إرادة الغير إلقناعه بتنفيذ الجريمة ،سواء كان التهديد معنويا
كأن يهدده بإفشاء سره الذي فيه إضرار به ،أو يهدده بالقتل أو األذى مثال .و التهديد يجب أن
يكون التهديد سابقا الرتكاب الجريمة.
4.إساءة استغالل السلطة :و هو أن يكون للمحرض السلطة القانونية أو الفعلية على الغير،
فيستغلها إلقناع الغير بتبني مشروعه اإلجرامي ،و تكون السلطة قانونية كما في حالة الرئيس
و المرؤوس ،كما تكون السلطة الفعلية كسلطة المخدوم على خادمه.
5.التحايل و التدليس اإلجرامي :و قد يقع التحريض بالتحايل على الغير إلقناعه بتنفيذ
الجريمة و التحايل هو مباشرة المحرض ألعمال مادية تشجع الغير باتخاذ موقفه و ارتكاب
تعزيز الكذب بأفعال مادية و مظاهر خارجية التدليس اإلجرامي فيقوم على الجريمة ،أم
ا
تساهم في إقناع الغير باالنصياع إلى رغبة المحرض.
الجزائري.
76 -أنظر المادة 41من قانون العقوبات
77 -أنظر المادة 45من قانون العقوبات الجزائري.
78-عبد القادر عدو ،المرجع السابق ،ص 153 – 152؛ أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص 205 – 204؛
عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص 206. - 205
فإذا توفر فعل من األفعال السابقة لدى المحرض و ارتكبت به الجريمة نقول بان المسؤولية في حق المحرض قائمة و
تبقى هذه المسؤولية متوقفة على الجانب المعنوي و ذلك بأن يكون
يريدها فإنه ال يعد مسؤوال يكن يتوقعها أولم يكن عالما بحقيقة فعله ،أما إذا حدثت نتيجة لم
عنها ،كما لو انصب التحريض على السرقة فقام المنفذ بالقتل ،فهنا تبقى مسؤولية المحرض
محصورة في جريمة السرقة.
الذي حرض شخصا على ارتكاب جريمة ،ثم عدل المنفذ عن ذلك بإرادته، كما المحرض
)(79
فان مسؤولية المحرض تبقى قائمة.
ج .الفاعل المعنوي :
هناك حاالت أين ال يرتكب فيها الشخص الجريمة ماديا وبطريقة مباشرة ،لكنه يستعمل
وسيطا الرتكابها فيكون فاعال ذهنيا أو معنويا ،وعليه فإن الفاعل المعنوي هو ذلك الشخص
الذي يدفع شخصا غير مسؤوال جزائيا الرتكاب جريمة وذلك بالتأثير الكامل على إرادته.
لتأثير على إرادة و لم يحدد المشرع الجزائري األساليب التي يستعملها الفاعل المعنوي
الشخص المستغل ،و منه يمكن أن يستعمل جميع الوسائل للسيطرة على المنفذ.
والفاعل المعنوي ،حيث يستغل يجب اإلشارة إلى أن هناك اختالف بين كل من المحرض
األول شخصا مسؤوال جزائيا ،في حين يستعمل الثاني شخصا غير مسؤول جزائيا كالقاصر
أو المجنون.
كما أن المحرض ال يسأل إال عن النتائج التي كان يرغب في تحقيقها .أ 'ما الفاعل المعنوي
فيسأل عن النتائج التي أرادها والتي لم يكن يريدها .ففي المثال السابق إذا طلب الفاعل
المعنوي من الشخص غير المسؤول بالسرقة و قام هذا األخير بالقتل والسرقة فيسأل الفاعل
المعنوي على جريمة القتل أيضا.
ثانيا :المساهمة التبعية أو الثانوية أو االشتراك في الجريمة
االشتراك في الجريمة وصف يطلق على قيام شخص أو عدة أشخاص بتقديم مساعدة مادية
أو معنوية للفاعل األصلي فدور الشريك في الجريمة يكون مختلفا عن دور الفاعل األصلي ،هذا األخير يقوم بدور
رئيسي يتمثل في تنفيذ الجريمة أو جزء من مادياتها ،في حين يكون
دور الشريك ثانويا يكتفي بمساعدة الفاعل األصلي.
باالشتراك في لقد نظم المشرع الجزائري ضمن قانون العقوبات أحكام قانونية متعلقة
الجريمة حيث تن 'ص المادة 42من قانون العقوبات على أن " :يعتبر شريكا في الجريمة من لم
يشترك اشتراك مباشرا ،ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب
األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك".
'ن " :يأخذ حكم الشريك من اعتاد أن يقدم مسكنا أو 'ص المادة 43من نفس القانون على أ كما تن
ملجأ اللجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن
الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع علمه بسلوكه اإلجرامي".
'ن " :إذا لم ترتكب الجريمة المزمع ارتكابها من قانون العقوبات الجزائري على أ 'ص المادة 79
تن -
46
ارتكابها بإرادته و حدها فان المحرض عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات لمجرد امتناع من كان ينوي
المقررة لهذه الجريمة".
و األصل أن المساهمة الثانوية تعتبر أعمال تحضيرية ال يعاقب عليها لذاتها ،لك 'ن في حالة ما
أو الشروع فيها ،ففي هذ الحالة إذا انتهت هذه األعمال بارتكاب الفاعل األصلي للجريمة
ه
تدخل أعمال الشريك في دائرة التجريم و يعاقب على فعله.
و بالرجوع إلى نص المادتين المذكورتين أعاله ،نجد أن للمساهمة الثانوية صورتان وهما
:المساعدة على ارتكاب الجريمة و االعتياد على إخفاء و إيواء األشرار .
أ .المساعدة أو المعاونـــــــــــــة :
أن تتم في يشترط المشرع الجزائري في المساعدة كصورة أولى اللشتراك في الجريمة
التحضيرية أو األعمال المسهلة أو المنفذة للجريمة ،لذا لدينا نوعين من حدود األعمال
المساعدة والمتمثلة في المساعدة السابقة والمساعدة االلحقة.
1.المساعدة السابقة :نقصد بها تلك المساعدة التي تسبق ارتكاب الجريمة ،بتعبير آخر
وجود مدة زمنية تفصل بين تقديم المساعدة وتنفيذ الركن المادي للجريمة (أعمال تحضيرية).
تتمثل في تلك المساعدة التي تكون مع بداية أعمال التنفيذ أو 2.المساعدة المعاصرة :
تصاحب الخطوات األخيرة في ارتكاب الجريمة.
ب .االعتياد على إخفاء و إيواء جمعية أشرار :
هو الصورة الثانية من صور المساهمة التبعية .يشترط في
هذه الصورة ضرورة وجود عنصر االعتياد ،حيث إذا قام شخص بإخفاء و إيواء
جمعية أشرار لمرة واحدة ،ففي هذه الحالة ال نكون بصدد اشتراك في الجريمة.
باإلضافة إلى هذه األفعال المادية ،يجب أن يعلم الشريك بأن المساعدة التي يقدمها للفاعل
األصلي ستستعمل في ارتكاب الجريمة ،فمثال يجب على الشريك الذي قدم سالحا للفاعل أن
يشترط أيضا أن تتجه إرادة ستنفذ به جريمة القتل .كما يعلم مسبقا بأن هذا السالح هو الذي
النتيجة المتوقعة كأثر حتمي ارتكاب هذه الجريمة وإلى تحقيق الشريك إلى المساهمة في
للجريمة.
ثالثا :عقوبة الفاعل األصلي والشريك
تنص المادة 44من قانون العقوبات الجزائري على أنه "يعاقب الشريك في جناية أو جنحة
بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة.
و ال تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو اإلعفاء منها إال
بالنســبة للفاعــل أو الشــريك الــذي تتصــل بــه هــذه الظــروف .و الظــروف
الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة التي توقع على من ساهم فيها يترتب عليها تشــديدها
أو تخفيفها بحسب ما إذا كان يعلم أو ال يعلم بهذه
الظروف.
و ال يعاقب الشريك في المخالفة على اإلطالق".
يتضح من خالل هذ النص أن القانون يضع مبدأ وه توقيع نفس العقوبة على الفاعل
و ا
التقديرية للقاضي تسمح األصلي والشريك ،لكن مع تطبيق مبدأ تفريد العقاب والسلطة
بتطبيق عقوبات مختلفة من حيث المقدار بين الشريك والفاعل ،لكن دون اختالف نوع
العقوبة .فإذا كانت الجريمة المرتكبة جناية عوقب الفاعل و الشريك بعقوبة الجناية وال يمكن
للقاضي فرض عقوبة جنائية على الفاعل وفرض عقوبة الجنحة على الشريك.
قد تتصل بالفاعل أو بالشريك ظروف شخصية لصيقة به من شأنها تشديد العقاب أو تخفيفه ،مثال ذلك جناية قتل األصول ،
فمن يقتل أمه أو أباه تشدد عليه العقوبة ،فهل يسري ذلك على
الشريك إذا ساهم مع الفاعل في قتل أب األخير ؟ نفس السؤال يطرح بالنسبة لتوفر
هذا
ظرف مادي موضوعي ،مثال ذلك تشديد العقاب على مرتكب السرقة إذا كان يحمل سالحا
،فهل يسري هذا الظرف المشدد على الشريك .
أ .أثر الظروف الشخصية المشددة أو المخففة أو المعفية على كل من الفاعل والشريك :
إن الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو اإلعفاء منها ال تؤثر إال
)(80
في الفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف .وهذا ما أخذ به المش 'رع الجزائري .و
هذه مسألة منطقية مادام الظرف شخصي و ليس متعلقا بماديات الجريمة.
كصفة الطبيب في جريمة فالظروف الشخصية إما أن تشدد العقوبة إذا كان الظرف مشددا
أو صفة الولد في جريمة قتل األصول) ،(81و إما تخفف العقوبة إذا كان الظرف اإلجهاض
)(82
مخففا كقتل األم لطفل حديث عهد بالوالدة.
ب .أثر الظروف الموضوعية المشددة أو المخففة على عقاب الفاعل األصلي و الشريك :
قد تتصل بالجريمة ذاتها ظروف موضوعية أي مرتبطة بالركن المادي للجريمة وتؤثر مثال
في تشديد العقاب ،كأن يكون الفاعل يحمل سالحا ،أو يرتكب الجريمة بسبق اإلصرار
والترصد .فما مدى تأثر الشريك بنتائج هذه الظروف ؟ جاءت المادة 44
من قانون العقوبات الجزائري صريحة في هذا الجانب ،حيث تسـري وتـؤثر هـذه الظـروف على الشـريك إذا كـان
يعلم بها ،أي إذا علم أن الفاعل يحمل سالحا ،فإن لم يعلم
بها فال تؤثر عليه.
83 -أنظر على سبيل المثال المواد 263 ،254مكرر ... 264 ،من قانون العقوبات الجزائري.
84 -أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص 143.
85-عبد القادر عدو ،المرجع السابق ،ص 182.
87
86-عبد هلال سليمان ،المرجع السابق ،ص- 250.
سمير عالية ،المرجع السابق ،ص 256و ما بعدها ؛ عبد الرحمن خلفي ،المرجع السابق ،ص 152و ما
بعدها ؛ عبد هلال أوهايبية ،المرجع السابق ،ص331.
إذا اعتقد الجاني أن فعله ال يكون خطرا على المصلحة المحمية قانونا ،وقام بفعله على هذا
األساس ،فإن فعله الضار ال يعد جريمة عمدية.
العلم بمكان و زمان إرتكاب الفعل :
األصل أن القانون يجرم الفعل في أي مكان وقع أو في أي زمان حدث .و لكن قد يشترط في
كجريمة التجمهر ال تتم إال في مكان عام) ،(88كما ترتكب في مكان محدد بعض الجرائم أن
اشترط القانون في بعض الجرائم أن ترتكب في زمان محدد ،كالجرائم التي ترتكب في زمن
)(89
الحرب .
العلم ببعض الصفات في الجاني أو المجني عليه :
قد يتطلب المشرع صفة معينة في الجاني أو المجني عليه ,كما يقتضي أن يعلم الجاني بهذه
في الجاني أن تعلم القصد في الجريمة المرتكبة .و من الصفات الخاصة الصفات كي يقوم
فإذا قامت المرأة بأعمال أجهضتها و هي ال تحاول إجهاض نفسها بأنها حامل، المرأة التي
)(90
تعلم أنها حامل ال ترتكب جريمة عمدية أي ينتفي قصدها الجنائي.
و من الصفات الخاصة بالمجني عليه التي يتطلبها القانون و التي يجب أن يعلمها لتوافر القصد كون المجني عليه قاصرا
في جربمة اإلغتصاب) ، (91أو كونه موظفا في جريمة إهانة
)(92
الموظفين .
العلم بالظروف المشددة التي تغير من وصف الجريمة :
تحقيق نتيجة محددة و توقع هذه النتيجة أمر الجاني من وراء ارتكابه للجريمة ، يهدف
فمن يطلق النار على خصمه يتوقع أن يقتله و تكون جريمة مطلوب يتوافر القصد لديه
عمدية.
فيعد الظرف المشدد الذي يغير من وصف الجريمة بمثابة ركن لها و لذا وجب إحاطة علم
تختلف عن جريمة التجمهر البسيط ،لذا وجب علم الجاني به ،فعقوبة التجمهر المسلح
الجاني بأنه في تجمهر مسلح لتطبيق العقوبات المشددة عليه.
2-الوقائع ال%تي ال يتطلب الق%انون العلم به%ا :ترتبـط هـذه
الوقائع بالجريمة و لكنها ال تعتبر ركنا فيها و لهذا فإن القانون لم يوجب العلم بها و لم يعتبر الجهل مؤثرا ،و لذلك فإنها ال
تؤثر على القصد الجنائي سواء علم به الجاني أو لم
هي: الوقائع هذه و يعلم
عناصر األهلية الجنائية :
أو كان يظن بحكم وظيفته أنه يتمتع بالحصانة و أنه دون السن القانوني، كأن يعتقد الجاني
الواقع غير ذلك ففي هذه األحوال ال ينتفي عنه توفر القصد الجنائي و يحاسب على جرائمه
على أساس العمد.
الظروف المشددة المتعلقة بجسامة النتيجة :
لقد اشترط المشرع الجزائري القصد الخاص في بعض الجرائم أنظر على سبيل المثال المواد ،70 ،86 - 96
100 -عادل قورة ،محاضرات في قانون العقوبات ،القسم العام ،الطبعة الرابعة ،ديوان المطبوعات
الجامعية ، 1994 ،ص 160.
101 -بن شيخ لحسين ،المرجع السابق ،ص 100.
120. 102-منصور رحماني ،المرجع السابق ،ص