Professional Documents
Culture Documents
ُ
ض
حا راتم
يف
ئ ل
القانون ا حناي العـام
ب
د .فريد روا ح
2023 2022
قائمة املُختصرات
الفصل -الف:
القانون ـ القا
الما ّدة -الم:
الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ـ ج.ر:
دون دار نشر ـ د.د.ن:
ديوان المطبوعات الجامعية ـ د.م.ج:
طبعة دون تاريخ ـ ط.د.ت:
طبعة ـ ط:
قرار الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا ـ غ.ج.م.ع:
قانون االجراءات الجزائية الجزائري -ق.إ.ج.ج:
القانون الجنائي المغربي -ق.ج.م:
قانون العقوبات الجزائري -ق.ع.ج:
قانون العقوبات الفرنسي -ق.ع.ف:
القانون المدني الجزائري ـ ق.م.ج:
قبل الميالد ـ ق.م:
1
المبحث األ ّول :مفهوم القانون الجنائي
المبحث الثاني :التط ّور التاريخي للقانون الجنائي
المبحث الثالث :دور الفقه في تطوير القانون الجنائي
المبحث الرابع :التعريف بالجريمة
الباب األوّل :نظرية اجلرمية
) (1الدستور الجزائري لسنة 6991المصادق عليه في استفتاء 28نوفمبر ،6991الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم -91
898المؤرخ في 22رجب 6862هـ ،الموافق 2ديسمبر 6991م ،ج ر 21بتاريخ 8ديسمبر 6991م.
) (2التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء 6نوفمبر ،2222الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 882-22المؤرخ
في 61جمادى األولى6882هـ ،الموافق 92ديسمبر 2222م ،ج ر 82بتاريخ 92ديسمبر 2222م.
3
الباب األوّل :نظرية اجلرمية
الجريمة فعل غير مشروع صادر عن إرادة جُرمية يُق ّر ُر له القانون عقوبةً أو تدبيرًا احترازيًا.
تقوم الجريمة بحسب هذا التعريف على ثالثة أركان هي:
ـ الركن الشرعي يُمثل الوجود القانوني للجريمة ،إذ ال جريمة دون قانون يقرّر عدم مشروعية الفعل.
ـ الركن الما ّدي يُمثّل ما ّديات الجريمة وهي السلوك اإلنساني ونتائجه فال جريمة دون فعل.
ـ الركن المعنوي يمثل الجانب النفسي للجريمة ،يتعلّق بالنوايا االجرامية فالجريمة دون خطء جنائي.
فإذا فُقد أحد هذه األركان أو اختلت شروطه تنعدم الجريمة.
وتُس ّمى عناصر الجريمة الثالثة باألركان العا ّمة ،ألنّها مشروطة في ك ّل جريمة .وتُقابلها األركان
صة للجريمة ،التي تُشترط في بعض الجرائم وتختلف من جريمة إلى أخرى ،ويتكفّل النص القانوني الخا ّ
الخاص المقرر للجريمة بتحديدها ،وهي تضاف إلى األركان العا ّمة لتُح ّدد نوعها وطبيعتها .مثل أن يكون
المجني عليه حيًا في جريمة القتل ،وأن يكون المرتشي موظفًا في جريمة الرشوة ،وأن يكون الشيء
المختلس ماالً منقوالً مملو ًكا للغير في جريمة السرقة.
القانون الجنائي فرع من فروع القانون الوضعي ،يهت ّم بالجناية (الجريمة) من حيث أحكام منعها
وقمعها بالعقاب .وهو باعتباره جزء من النظام القانوني في ال ّدولة يسعى إلى إقرار قواعد سلوك ونشاط
األشخاص.
نتعرّف في هذا الفصل التمهيدي على مفهوم القانون الجنائي وتط ّوره التاريخي ودور الفقه في تطويره
ثم تعريف الجريمة باعتبارها موضوع القانون الجنائي.
4
ندرس في هذا المبحث تعريفات القانون الجنائي وطبيعته وعالقته بفروع القانون األخرى.
القانون الجنائي هو " مجموع القواعد التي تُحدّد النظام القانوني للفعل ال ُمج ّرم ور ّد فعل ال ُمجتمع
إزاء ُمرتكب هذا الفعل بتطبيق عقوبة أو تدبير أمن ،والقواعد اإلجرائية التي تُنظّم الدعوى الجنائية".
وبهذا المفهوم ينقسم القانون الجنائي إلى فرعين أساسيين هما :فرع القانون الجنائي الموضوعي يهت ّم
بالجرائم والعقوبات ويُس ّمى قانون العقوبات ،وفرع القانون الجنائي الشكلي أو اإلجرائي ،يهتم بإجراءات
التحقيق في الجرمية وطرق إثباتها ،ومحاكمة مرتكبيها أمام القضاء ،ويُس ّمى قانون اإلجراءات الجزائية.
هو القانون الجنائي الموضوعي أي قانون العقوبات ،ويتمثل في مجموع القواعد التي تهدف إلى تحديد
األفعال ال ُمضا ّدة للمجتمع ،وتمييز األشخاص الذين يمكن إقامة مسؤوليتهم عنها ووضع العقوبات ال ُمطبّقة
عليهم" .أو هو " مجموعة من القواعد القانونية تُح ّدد األفعال التي تُع ُّد جرائم وتُبيّن العقوبات ال ُمقرّرة لها"،
ويض ُّم قانون العقوبات نوعين من القواعد ،قواعد عا ّمة المبادئ العا ّمة التي تسري على أركان الجريمة
وأحكام العقوبة بصفة عا ّمة ،تُشكل ما يُس ّمى بقانون العقوبات العام ،وقواعد خاصّة بكل جريمة على حدة،
تبيّن أركانها وتُح ّدد عقوبتها ،تُشكل ما يسمى بقانون العقوبات الخاص.
ونظرية الجريمة والجزاء الجنائي تتناول أحكام القسم العام من قانون العقوبات.
5
توجد جزء من الجرائم والقواعد الجزائية في تقنين العقوبات ،ويوجد جزء آخر منها في تقنينات
أخرى ،في باب األحكام الجزائية.
تقنين العقوبات الجزائري هو القانون الصادر بموجب األمر 611-11المؤرّخ في 8جوان ،6911
ينقسم إلى جزئين أساسيين :يتناول الجزء األ ّول القسم العام بعنوان "المبادئ العا ّمة" ،ويتناول الجزء الثاني
القسم الخاص بعُنوان "التجريم".
أ ّوالا :قانون العقوبات العام (األحكام العا ّمة المواد من 1إلىُ 00مك ّرر)1
ب) الكتاب الرابع :ال ُمخالفات وعقوباتها:يُقسّم ال ُمخالفات إلى فئتين ويبيّن أحكامها ال ُمشتركة
ـ الباب األ ّول :ال ُمخافات من الفئة األولى و ُكلّها من درجة واحدة.
ـ الباب الثاني :ال ُمخافات من الفئة الثانية وتُقسّم حسب دراجاتها إلى ثالث درجات.
ـ الباب الثالث :أحكام ُمشتركة بين ُمختلف ال ُمخالفات.
ال يمكن ذكر ما ورد من جرائم وأحكام جزائية في جميع القوانين ،لكن نكتفي بذكر أه ّم األمثلة عنها:
)1جرائم ال ُمخدّرات :في قانون الوقاية من ال ُمخ ّدرات المؤثرات العقلية واإلتجار بهما ومكافحتها
القانون رقم 68-28في 21ديسمبر. 2228
)2جرائم الفساد :في قانون مكافحة الفساد 26-21في 22فيفري .2221كالرشوة واالختالس.
)3جرائم التهريب :في قانون مكافحة التهريب ،أمر 21-21مؤرّخ في 29غشت .2221
)7الجرائم الجمركية :في قانون الجمارك 62-98ال ُمرّخ في 22غشت.6998 ،
)5الجرائم التجارية :ـ في القانون التجاري األمر 19-21 ،في 21سبتمبر6921م كجرائم الشركات
)0جرائم اإلستهالك :في قانون حماية ال ُمستهلك وقمع الغش ،رقم 29ـ.29
)4الجرائم الضريبية :في قانون الضرائب ال ُمباشرة والرسوم ال ُمماثلة القانون 91-92سنة 6992
ُ )8مخالفات ال ُمرور :في قانون تنظيم حركة المرور 14-01في 19غشت 2001ال ُمع ّدل وال ُمت ّمم
صحة :في قانون الصحّة رقم 68ـ 66المؤرّخ في 2يوليو .2268المع ّدل والمت ّمم
)3جرائم ال ّ
سة باألطفال :في قانون حماية الطفل 61ـ 62المؤرّخ في 61يوليو.2261
)10الجرائم الما ّ
)11الجرائم البحرية :في القانون البحري باألمر 80-76في 23أكتوبر 1976ال ُمع ّدل وال ُمت ّمم.
)12جرائم االتصاالت اإللكترونية :قانون البريد واالتصاالت اإللكترونية18ـ 28في62ماي .2268
7
يختلف الفقه حول تصنيف القانون الجنائي من بين فروع القانون الخاص أو فروع القانون العام.
يدخل في آن واحد في كال الفرعين ،فهو يدخل في القانون العام ألنّه يقوم على فكرة الدفاع عن
ال ُمجتمع ،وهو من جهة أخرى يدخل في نطاق في القانون الخاص نظرًا لل ُمبرّرات التالية:
)1أغلب الجرائم التي يُنظمها تقع على األفراد وتُضرُّ بمصالحهم الخاصّة،
)2القضاء الجزائي الذي يفصل في الجرائم ينتمي إلى القضاء العادي الذي يمثل أمامه األفراد،
)3القضاء الجزائي يفصل في طلبات المجني عليه بالتعويض الذي يفصل فيه القضاء المدني،
)4في بعض الجرائم تقصد القاعدة الجنائية أشخاصًا ُمعيّنين كاألصول والفروع والخدم والزوجين،
ق للمضرور تحريك الدعوى الجزائية ،وفي بعض الجرائم التحركها النيابة إالّ بشكواه.
-5يح ّ
8
القانون الجنائي شريك للقوانين كلّها ،يتدخل في مجال كل منها ليشمله بحمايته ُكلّما تحقق في هذا
المجال ما يبلغ من الجسامة ح ّد اإلجرام.
يُعاون هذه القوانين ويدع ُمها عندما يحمي حقوقًا تعترف بها وتُنظمها ،حماية ُمباشرة أو غير ُمباشرة:
أ) بشكل ُمباشر:
ُ
حيث ال يكاد ق ٌ
انون يخلو تم ّكن القانون الجنائي من التغلغل في كل فروع القانون ماعدا القانون المدني،
من األحكام الجزائية ،وهي التي تُس ّمى في مجموعها بالقوانين العقابية الخاصّة.
)1يُشكل القانونان وجهين لعُملة واحدة ،أو شقين لجسم واحد هو القانون الجنائي بمفهومه الواسع،
أحدهما يُمثل الشق الموضوعي ،واآلخر يُمثل الشق اإلجرائي ،وكالهما يهدف إلى مكافحة الجريمة.
عترفًا بجريمته ،إالّ باتباع إجراءات منصوص
)2السبيل إلى تطبيق العقوبة على شخص ولو كان ُم ِ
عليها في قانون االجراءات الجزائية ،وصدور حكم قضائي.
)3قانون اإلجراءات الجزائية هدفه تطبيق قانون العقوبات فب ُمجرّد وقوع الجريمة ينشأ لل ُمجتمع الحق
في العقاب يُبيّن إجراءات وكيفيات اقتضائها قانون اإلجراءات الجزائية ،فهذا األخير هو الذي يضع قانون
العقوبات موضع التنفيذ ،فقانون اإلجراءات الجزائية يح ّدد أساليب البحث والتحرّي عن الجريمة والتحقيق
فيها وكيفية إحالة ُمرتكبها على القضاء ،وإجراءات ال ُمحاكمة وكيفية صدور الحكم والطعن فيه.
)7ومن جهة أخرى يتض ّمن قانون اإلجراءات الجزائية بعض القواعد الجنائية الموضوعية ال ُمتصلة
بحماية اإلجراءات التحقيق مثل جريمة تغيير حالة األماكن التي وقعت فيها الجناية(الما ّدة 89من ق إ ج).
وجريمة إفشاء أسرار التحقيق(الما ّدة .)81وجريمة كشف هوية الشاهد والخبير(الما ّدة ُ 11مكرّر.)28
11
القانون الجنائي قديم قدم الشعوب والمجتمعاتّ ،
ألن الجريمة الزمت االنسان منذ أ ّول لحظة له في
األرض حينما قتل قابيل شقيقه هابيل ،خارقًا بذلك أولى قواعد السلوك االجتماعي التي ظهرت لتصون
الجماعة الصغيرة فمنذ ذلك الوقت كان القتل ُمح ّر ًما ويمثل ظُل ًما جزاؤه عظي ٌم( .)1وتط ّور القانون الجنائي
أن ُك ّل جريمة يُقابلها جزاء على
بتط ّور الجريمة والعقوبة عبر العصور ،وظ ّل راس ًخا في الفكر االنساني ّ
أساس أنّها ش ٌّر يُقابله شرٌ ،ك ُمعادلة عادلة الزمة لنجاة البشرية واستقرارها في حياة آمنة ُمطمئنّة.
ولفهم معالم القانون الجنائي في الوقت الحاضر البُ ّد من استعراض مراحل تطّ ُّوره ومن ث ّم نعرف كيف
تط ّور قانون العقوبات الجزائري.
م ّر النظام العقابي في تاريخه بثالث مراحل أساسية ،هي مرحلة ُمجتمعات ما قبل نشأة الدولة ،ث ّم
مرحلة التشريعات القديمة ،ث ّم مرحلة الفكر العقابي الحديث.
بسبب افتقار هذه المجتمعات البدائية ما قبل نشأة الدولة إلى التنظيم القانوني ،لم تكن العقوبة في هذا
العصر ُمنظمة وال هادفة ،ولكن تط ّور هذا الوضع شيئًا فشيئًا في مرحلتين أساسيتين.
11
ب) كان المعتدى عليه خص ًما وحك ًما في نفس الوقت ،في مواجهة المعتدي الذي ال يوجد أي وازع
أخالقي أو ديني يمنعه من التهجم على غيره إلشباع غرائزه وأنانيته .فالقانون الوحيد الذي يحكم عالقة
المعتدي والمعتدى عليه هو قانون القوة.
جـ) كانت الجرائم غير محدودة وغير ُمعيّنة ،وكان هدف العقاب هو إشباع غريزة وليس تحقيق
مصلحة ،وكانت العقوبة وحشية وغير مناسبة للجريمة وجسامة الضرر في أغلب الحاالت.
د) لم يكن يُفرّق بين الحق المدني والحق الجنائي ،فقد كانت العقوبة الجنائية والجزاء المدني يختلطان،
وال يوجد ح ٌّد فاصل بينهما ،مثل قتل المدين ال ُمتخلّف عن سداد دينه وتقطيع أوصاله بعد قتله إذا تع ّدد دائنوه،
أو بيعه عبدًا إذا لم يقتل .وكانت الفدية تُع ّد عقابًا وليس تعويضًا.
مع نشأة الدولة بمعناها الدستوري الحديث وبسط سلطتها وسيادتها على إقليمها ومن فيه ،أصبح
القانون من أبرز العناصر ال ُمميّزة لنظام الدولة ،فهو الذي يقيم أجهزتها وينظم عالقات األفراد فيما بينهم
ومع الدولة ،وأضحى فرض الجزاء على اإلخالل بالنظام من واجبات الدولة ،وصار الفرد في مواجهة
سلطة الدولة وليس شيخ القبيلة ،وتبلورت أحكام المسؤولية الجزائية للفرد ،وحلّت فكرة العقوبة بمعناها
12
القانوني الفردي محل العقوبة الجماعية ،وتكفّلت الدولة بتنفيذها بعد محاكمة قضائية ،ومن ث ّم ظهرت
ُمد ّونات عقابية في بالد بين النهرين ومصر والبحر المتوسط .وظهرت في شرائع اإلغريق والرومان.
ثالثاا :في الدولة الرومانية (من القرن 5قبل الميالد إلى القرن 0ميالدي):
ـ في الجمهورية الرومانية (بعد الملكية وقبل االمبراطورية) تأتي األلواح اإلثنى عشر بروما (بين
السنتين 816و 889ق م) كأقدم نصوص قانونية مكتوبة بعد قانون حمورابي ،حيث نجد في هذه األلواح
تدخل السلطة ال ُمشرّعة لتحديد العقوبات وتطبيقها على شخص ُمقترف الجرائم وإحداث نوع من المالءمة
13
بين ضرر الجريمة وضرر العقوبة مثل جرائم اإلجهاض في الفصول 229إلى 268تتراوح عقوباتها بين
قتل الجاني ودفع مبالغ مالية للضحية أو أهله ،وفي الفصول 691إلى 222عقوبة إعدام عين الجاني وكسر
عظمه وقلع سنّه ،بجرائم إعدام عين شخص من األعيان وكسر عظمه وقلع سنّه.
واهت ّمت الدولة الرومانية بتنظيم القضاء وتنظيم السجون ،وتحديد الجرائم والعقوبات ،وكانت الجرائم
تنقسم إلى الجرائم العا ّمة كخيانة الدولة والحريق العمد والتهرّب من الجندية واإلساءة للديانة وأماكن العبادة.
والجرائم الخاصّة كالسرقة وعدم الوفاء بالدين والضرب والجرح وانتهاك الشرف .وكان هناك تمييز في
العقوبات بين طبقات األشراف كالنفي بدل القتل ،وأواسط الناس كقطع الرقبة وافتراس الحيوان والشنق
والصلب.
نزل القرآن في شبه الجزيرة العربية بلغة قومها ،وسرعان ما انتشر اإلسالم في األقطار ال ُمجاورة
وانتقلت إليها لغتهم العربية ،وقد أبقت الشريعة االسالمية على عادات العرب ال ُمستحسنة فيهم لعدم منافاتها
العدالة واآلداب ،واتبعت فيما نسخته سبيل التدرّج حتى ال يكون وقع انتقالها شديدًا على النفس.
تمتاز الشريعة االسالمية بالكمال من حيث النظريات والمبادي لس ّد حاجات الجماعة في كل زمان
ومكانّ ،
ألن مصدر التشريع في اإلسالم هو هللا تعالى فهو خالق البشر والعالم بما يُصل ُح حياتهم ،فأقام
التشريع اإلسالمي بما فيه النظام الجنائي على مجموعة من األسس:
14
ثالثاا :مبدأ الرحمة العا ّمة بالناس:
الرحمة هي غاية األحكام الشرعية في اإلسالم ،فالرسالة التي بعث بها هللا بها نبيّه ُمح ّمد هي الرحمة
للعالمين وهي للناس جميعًا تع ّم وال تخص ،قال هللا تعالى
حيث قال النبي صلّى هللا عليه وسلّم " أنا نبي المرحمة وأنا نبي الملحمة" ،فالملحمة هي أخذ الباطل بما
أن من ال يرحم ال يُرحم ،إذ ليست يستحق وحمل المبطلين على الجا ّدة ،ف ِمن قوانين هذه الرحمة الحقيقية ّ
الرحمة هنا مرادفًا للتسامح والشفقة والرفق والرأفة بل بالعكس ،يكون في التسامح والشفقة والرأفة ما يُخفي
في ثناياه أشد أنواع القسوة خاصّة في ُمعاملة ال ُمجرمين ومن مظاهر ذلك أن يُسمي هللا الرفق بالظالم رأفة،
في قوله تعالى في تنفيذ عقوبة الجلد في جريمة الزنى،
ۖ
،ففي إنزال العقوبة خير عام وعدل وأل ٌم رادع للشر ومانع لإلثم.
وجاءت الشريعة االسالمية بمبدأ المساواة بين جميع الناس بنصوص صريحة منها:
ۖ
ويُكرّر هذا المعنى رسول هللا صلّى هللا عليه وسلّم " ال فضل لعربي على أعجمي إالّ
بالتقوى" .وهذا المبدأ لم تعرفه القوانين الوضعية إالّ في نهاية القرن ( )68وبداية القرن (.)69
وجاء في خطبة الخليفة الراشد أبي بكر الص ّديق على النّاس عند تولّيه الخالفة سنة 66هـ "..
الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقّه ،والقو ُ
ي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ."..وجاء
في عهد عمر بن الخطّاب ألبي موسى األشعري سنة 68هـ والمتض ّمن لشروط القضاء قوله رضي هللا عنه
" القضاء فريضة ُمحكمة و ُسنّة ُمتّبعة ،فافهم إذا أدلي إليك فإنّه ال ينفع تكلُّ ُم بحق ال نفاذ له ،وآسْ بين النّاس
ٌ
ضعيف من عدلِك.".. ٌ
شريف في حيفك وال ييأس في وجهك ومجل ِسك حتى ال يطمع
15
بالجزاء المتناسب مع جسامة الجريمة ،وأسس المسؤولية الجزائية على حُريّة االختيار ،وأقر مبادئ سامية
كشرعية الجريمة والجزاء ،وشخصية العقوبة وتفريدها و ُمالءمتها ،والبراءة األصلية...إلخ .واعتبر الجريمة
معصية هلل ،وصنّف الجرائم المقترنة بالعقوبة أوالكفارة أوالدية ،تصنيفًا فريدًا ُمتميّ ًزا إلى جرائم الحدود،
وجرائم القصاص ،وجرائم التعزير.
شهد الغرب ابتدا ًء من القرن الرابع ميالدي نظا ًما جنائيًا تراوح بين قليل من األنسنة واالفراط في
الردع ،بسب القانون الكنسي واستقرار المسيحية كدين للدولة البيزنطية ،وأصبحت المنظومة العقابية وسيلة
للولوج إلى قلوب الناس ومحاسبتهم على معتقداتهم ،فحصل من تنويع الجرائم واإلكثار من العقوبات ما يزيد
في إرهاق الناس وتتقتيلهم .وشهدت أوروبا خالل القرون الوسطى فترة ظلماء مع ما يُعرف بمحاكم التفتيش،
فجرّمت كل ما هو ُمخالف للمأثور كالسحر والعزوبية واألدب غير المألوف والفن غير المستساغ ،وتن ّوعت
العقوبات بين الحرق وتمزيق األبدان ،وبرّرت فنون وآالت التعذيب.
كانت القوانين الوضعية قبل الثورة الفرنسية مزيجًا من القواعد اآلمرة والناهية الموروثة عن الرومان
وغيرهم ،إضافة إلي بعض المبادئ األخالقية والعادات والتقاليد والسوابق القضائية ،وبعض القواعد الدينية
في ظل اختالف الديانات والمذاهب .لكنّها كانت ُمختلّةً ال تُقي ُم عدالً وال تُحقّ ُ
ق استقرارًا ،بسبب تحكم الكنيسة
ُ
حيث اتسمت بقسوة العقوبات وكثرة التعذيب واإلعدام. وغياب سيادة القانون.
مع تطور المجتمعات االنسانية وما حققته من تقدم حضاري ونمو فكري وثقافي ،تهذبت النظم الجنائية
تحت تأثير التيارات الفكرية والفلسفية التي دعت إلى إعادة النظر في العقوبة وفي السياسات الجنائية المتبعة
بوجه عام في المجتمعات الحديثة ،و ُمالءمة القوانين مع التطور الحاصل في مختلف مناحي الحياة الفكرية
والسياسية ،بشكل يراعي العقالنية في الرّدع وتُق ّر بحقوق المستهدفين بالمنظومة الجزائية ،وكان من رواد
هذه الصحوة مارتن لوثر ،مونتيسكيو ،فولتير ،ميرابو ،جون لوك ،وجان جاك روسو.
أصبحت القوانين تنظم عالقات األفراد الما ّدية وشؤون األمن ونظام الحكم ،فكانت شعارات الثورتين
األمريكية والفرنسية في أواخر القرن()68هي الحرية والعدالة واإلخاء وال ُمساواة واحترام آدمية االنسان
وكرامته ،وتأ ّكدت هذه األفكار والمبادئ في إعالن حقوق االنسان والمواطن في فرنسا()6289وانعكست
على التشريعات الجنائية ف ُحرّم التعذيب و ُخفّضت حاالت اإلعدام وألغيت ال ُمصادرة الجماعية لألموال ،وقُرّر
مبدأ الشرعية الجنائية ،ومبدأ شخصية العقوبة ،ومبدأ ال ُمساواة أمام القضاء.
16
عرف التشريع الجنائي في الجزائر تط ّورًا عبر مراحل طُبّق فيها النظام الجنائي االسالمي والنظم
العقابية الغربية ،حيث يُق ّسم مسار تط ّوره إلى مرحلتين :ما قبل اإلستقالل ،وما بعد اإلستقالل.
18
ساهم الفقه في تطوير القانون الجنائي ،وذلك بتأثير الفقه اإلسالمي منذ القرن السادس( )1ميالدي
وبتأثير مدارس الفكر العقابي السائدة في أوروبا ابتدا ًء من القرن الثامن عشر( )68ميالدي.
في القرن الثامن عشر( )68للميالد ظهرت حركة إصالحية في أوربا ،قادها ال ُمفكرون والفالسففة ضف ّد
الظلم الذي كان ُمسلّطًا على النّاس والخلل في النظام الجنائي ككل في تلك الحقبة التاريخيفة التفي اتسفم بقسفوة
ووحشففية العقوبففات وعففدم تناسففبها مففع الضففرر االجتمففاعي الففذي تُحدثففه الجريمففة ،وبففتحكم القضففاء والهففوى
والرغبة في إرضاء الحاكم بعيداً عن تحقيق المساواة بين المواطنين.
وكان لهذه الحركة العلمية األثر العميق في تطوير القانون الجنائي األوروبي وتثبيت أسسه النظريّة.
حيث واجهوا ُمشكلة الجريمة بطريقة علمية ،فتأسّست من هذه الحركة مدارس فقهية في التأصيل الفكري
للقانون الجنائي ،تُناقش األساس الفلسفي الذي تقوم عليه المسؤولية الجزائية ومبادئ التجريم والعقاب.
) (1ومن أنصار المدرسة ـ الفيلسوف ،جان جاك روسو Jean-Jacques Rousseauوالفيلسوف األلماني إيمانويل
كانت ).)Immanuel Kant
19
-ال وجففود لمبففدأ تفريففد العقوبففة ،والمغففايرة فففي المعاملففة العقابيففة مففن جففان إلففى أخففر حسففب ظففروف
وشخصية كل مجرم على حدة.
-الوجود لفكرة المسئولية المخففة أو األخفذ بنظفام العففو الخفاص .فضفوابط التجفريم والعقفاب ضفوابط
مادية وموضوعية مجردة.
)3أساس الحق في العقاب المنفعة :يستند إلى أفكار الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسوّ ،
بأن األفراد
تنازلوا للسلطة العامة (الدولة) عن حقهفم ففي الفدفاع عفن أنفسفهم وعفن أمفوالهم فالجريمفة التفي توجفب توقيفع
العقاب ،تعتبر إخالالً بتنفيذ العقد الذي أبرمه أفراد ال ُمجتمفع بتنفازلهم عفن بعفض حريفاتهم وحقفوقهم للجماعفة
في سبيل المحافظة على الباقي منها .ومن ثم يكون جزاء الخروج على الجماعة بالقدر الفالزم فقفط لحمايتهفا.
فففال يجففوز للسففلطة العامففة (الدولففة) أن تسففرف فففي الحففق فففي العقففاب و أن ال تسففتعمله إال بالقففدر الففذي يحقففق
المنفعة العامة.
)7وظيفة العقوبة :هي الردع الخاص والردع العام ،بمنع الجاني من تكرار جرمه في المستقبل،
ومنع أقرانه من تقليده .فالجريمة وقد وقعت بالفعل فال تكون العقوبة للتنكيل بكائن حساس وإنما في نفعها في
منع وقوع الجريمة مستقبالً .بالردع الخاص الذي ينصرف إلي المجرم نفسه بترهيبه بالعقوبة وإنذاره.
والردع العام الذي ينصرف إلي الجماعة ككل.
22
)3اسبدال الضابط القانوني الواضح في تحديد الجريمة بضابط التكيّف االجتماعي ال ُمميّع الغامض
بسبب إنكار الحرية والمسؤولية الجزائية.
)7تهديد الحريات الفردية بترك تقدير التكيّف االجتماعي والتأهيل للسلطة التنفيذية.
ولهذا جاء مارك أنسل بنظرية الدفاع االجتماعي الجديدة ودعا إلى:
ـ االعتراف بقانون العقوبات وضرورة تطويره.
ـ ُمراعاة الجانب اإلنساني للمجرم باحترام وحماية حقوقه وضمانها بالشرعية وكفالة المحاكمة العادلة.
ـ الدمج بين العقوبات والتدابير في التعامل مع المجرم.
ـ التمسك بمدأ العدالة ال ُمقيّدة بالمنفعة.
)2في قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين (رقم 05ـ 07ال ُمعدّل وال ُمت ّمم)
ـ بالنسبة لهدف القانون ورد في الما ّدة األولى من هذا القانون أنّه يهدف إلى تكريس مبادئ وقواعد
إلرساء سياسة عقابية قائمة على الدفاع االجتماعي ،تجعل من العقوبة وسيلة لحماية ال ُمجتمع بواسطة إعادة
التربية واإلدماج اإلجتماعي للمحبوسين.
ـ تفريد الجزاء الجنائي من حيث التنفيذ ،نصّت الما ّدة 9بأنّه يرتكز تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على
مبدأ تفريد العقوبة المتمثل في معاملة المحبوس بحسب وضعيته الجزائية والبدنية والعقلية.
ـ ُ
تدخل الجهاز القضائي في مرحلة تطبيق العقوبة عن طريق قاضي تطبيق العقوبات وتحت إشراف
النيابة العامة ،كما هو ُمبيّن في المواد 62إلى 68والمواد 22و 29وغيرها.
ـ دراسة شخصية الجاني من أجل إخضاعه للعالج العقابي قصد تحقيق إعادة تأهيله إجتماعيًا.
5ـ مؤسسات تنفيذ الجزاء الجنائي :يُنظم هذا القانون ،مؤسسات الدفاع االجتماعي في الباب الثاني،
والمؤسسات العقابية في الباب الثالث.
24
يتميّز الفقه الجنائي اإلسالمي عن الفكر الوضعي بأسبقيته في إرساء المبادئ الجنائية بقرون عديدة،
وبكماله وعدله ال ُمطلق وبمصدره الرباني الخبير بشؤون الخلق وليس مصدره البشر
(الجاثية).
أحكام الشرع تهدي النّاس إلى ُسبُل الرشاد ،والرحمة بهم في صيانة مصالحهم الجديرة باالعتبار.
وعلّة التجريم والعقاب في الشريعة هو تحقيق مصالح العباد ،بتجريم اإلعتداء على المصالح ال ُكلّية
الخمسة في المجتمع والتي البقاء لإلنسان حيًّا كري ًما إال بها ،وهي الدين والعقل والنفس والنسل والمال.
ألن في إتيانها أو تركها ضر ٌر بنظام الجماعة و ُشرّع
واألفعال ال ُمعتبرة جرائم يؤمر بها أو يُنهى عنها ّ
العقاب لعدم كفاية النهي واألمر ،فالعقاب هو الذي يحم ُل النّاس على التزام األوامر والنواهي.
25
)2مبدأ القصد والنية:
ينبغي توفّر العنصر المعنوي النفسي في الجريمة والتمييز بين العمد والخطأ ،قال النبي(ص)" إنّما
امرئ ما نوى " (رواه الشيخان) .ومثاله التمييز بين القتل العمد والقتل الخطأ،
ٍ األعمال بالنيّات وإنّما لك ّل
وانتفاء العقوبة بانتفاء اإلرادة عند اإلكراه أو الضرورة .قال هللا ع ّز وجل:
النص:
ّ )3مبدأ الشرعية وعدم رجعية
من القواعد الفقهية في الفقه اإلسالمي أنّه "ال حُكم على أفعال العقالء قبل ورود النّص" .وقد ورد في
القرآن الكريم الكثير من اآليات التي تُقرّر المبدأ منها قوله تعالى
26
تمهي ًدا لدراسة األركان العا ّمة للجريمة باعتبارها مضمون القانون الجنائي العام ،ينبغي التعريف
بالجريمة بتوضيح مفهومها وأنواعها وتصنيفاتها في الفقه والتشريع.
يتضح مفهوم الجريمة ببيان تعريفاتها وعناصرها وتمييزها عن غيرها من المفاهيم القانونية ال ُمشابهة.
الجريمة بصفة عا ّمة تعني الفعل الذي يوجب مال ًما ويستوجب عقابًا ،لكن بهدف تحديد من ينطب ُ
ق عليه
وصف ال ُمجرم يختلف العلماء في تعريف الجريمة باختالف تخصّصهم ومنظورهم:
ٌ
خالف لألخالق واآلداب والعدالة يُخلُّ بنظام المجتمع )2بالمنظور االجتماعي:الجريمة هي سلوك ُم
وقِيمه ويُسبّب ضررًا بمصالح األفراد وحقوقهم .ويُعرّفها عالم االجتماع األمريكي Edwin Sutherland
ك تُحرّمه الدولةُ لِضرره بها ،ويُمكن أن تر ّد عليه بعقوبة ".
بأنّها " سلو ٌ
أن الجنايات تُطلق على كل الجرائم التي تُو ِجبُ حدًا أو
)3في الفقه اإلسالمي :بيّن اإلمام ابن رشد ّ
قصاصًا أو كفارةً ،سوا ٌء كانت على األبدان أو على األموال أو على الفروج أو على األعراض أو تع ّديًا على
ما حرمه هللا عز وجل.
ُ
حيث وأجمع الفقهاء على ضبط مفهوم الجريمة وتمييّزها عن اإلثم والخطيئة بالعقاب الدنياوي من
سُلطان القضاء عليها فيُقرّرون حسب ما جاء في كتاب األحكام السُلطانية للماوردي بأنّها " محضورات
27
شرعية زجر هللا تعالى عنها بح ٍّد أو تعزير" .والح ّد هو العقوبات المحدودة ال ُمق ّدرة شرعًا بنصّ الكتاب
أوالسنة ويدخل فيها القصاص والديات والحدود.
)7في القانون الوضعي :أغلب التشريعات ومنها ال ُمشرّع الجزائري ال تُعرّف الجريمة لعدم أهميته
ّ
وألن وضع التعاريف للمفاهيم القانونية العا ّمة هو عمل فقهي وليس من عمل المشرّع ،بل يُعطي تعريفات
خاصّة ل ُكل جريمة على حدة بتحديد أركانها والجزاء ال ُمقرّر لها.
إالّ ّ
أن المشرّع المغربي يخرج عن األغلبية الساحقة ويُعرّف الجريمة في الفصل 662من القانون
الجنائي " كل عمل أو امتناع مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه " ويذ ُكر القانون الجنائي
المغربي علة التجريم ،في الفصل األول الذي ينُصّ ّ
بأن "هذا القانون يحدد أفعال اإلنسان التي يعتبرها
جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي ويوجب زجر مرتكبيها بعقوبات وتدابير وقائية".
)2العنصر المادي (الفعل) :القانون الجنائي ال يُعاقب إال على الوضيعات االجرامية التي تتجسّد بح ّد
أدنى من النشاط الما ّدي ،فمجرّد النوايا واألفكار اإلجرامية تفلت من القانون الجنائي إذا لم تتجسّد في العالم
الخارجي بأفعال تُمثل الجانب الما ّدي للجريمة.
فالركن الما ّدي هو فعل يُرتّبُ اعتدا ًء على حق أو مصلحة يحميها القانون ،بكون هذا السلوك اإلجرامي
في صورة حركة إيجابية أو في صورة امتناع .إذم يقوم الركن الما ّدي في غالب أنواع الجرائم اإليجابية على
ثالث عناصر هي السلوك االجرامي والنتيجة االجرامية ورابطة السببية بين السلوك والنتيجة .وبالنسبة
للجرائم السلبية فهي تقوم على ُمجرّد امتناع الجاني عن القيام بما فرض عليه القانون.
28
إن ُمجرّد الواقعة الما ّدية التي ينصّ عليها القانون الجنائي ال
)3العنصر المعنوي (اإلرادة اإلجرامية)ّ :
تكفي لقيام الجريمة ،فالجزاء الجنائي يرتكز على ركن ثالث هو إسناد الواقعة االجرامية إلى الجاني ،وهذه
الرابطة الشخصية بين الجاني والفعل الجرمي تسمى الركن المعنوي أو النفسي للجريمة .يقتضي أن يكون
الفعل الجرمي صادرًا من شخص له إرادة واعية ُحرّة وقادرة على اإلدراك والتمييز ،وقد إتجهت نيته إلى
الفعل ونتيجته.
)2من حيث الركن المادّي :الجريمة المدنية تفترض دائ ًما وجود ضرر بينما الجريمة الجنائية يمكن
أن توجد بدون ضرر كالمحاولة الجنائية ،أو التحريض الجنائي أو اإلتفاق الجنائي ومثل التس ّول.
)3من حيث الركن المعنوي :عادة ما يتشابه الخطأ الجنائي والخطأ المدني ،لكن يختلفان في ّ
أن
الجرائم الجنائية تتفرّق إلى جرائم عمدية وجرائم غير عمدية ،والمسؤولية الجزائية تتفاوت تبعًا للخطأ
ّ
السن، العمدي والخطأ غير العمدي وتبعًا لمقدار حرية اإلرادة وقد تنعدم بالنسبة للمجنون وال ُمكرة وصغير
في حين يكفي لقيام الجريمة المدنية الخطأ ،والمسؤولية المدنية تقوم في كل األحوال وال تتأثر بنقصان
اإلرادة أو امتناعها.
29
)7من حيث العقوبة :تختلف الجريمة الجنائية في عقوباتها التي قد تكون الحبس أو الغرامة أو اإلعدام
أو األشغال الشاقّة بينما عقوبة الجريمة المدنية هي التعويض المدني عن الضرر.
)2من حيث العقوبة :يختلف مصدرها وطبيعتها فهي ُمح ّددة في قانون العقوبات بالنسبة للجريمة
الجنائية وينطق بها القاضي الجنائي ،بينما العقوبات التأديبية فهي إجراءات تتعلّق بالمهنة قد تكون توبي ًخا أو
منعًا مؤقّتًا أو مؤبّدًا من مزاولة المهنة ،تقرّرها الهيئات التأديبية.
31
قسم منها طائفةً من الجرائم المتجانسة.
تُقسّم الجرائم في تصنيفات قانونية وفقهية وشرعية ،يض ُّم كلُّ ٍ
)1الجناية :هي الجريمة التي عقوبتها اإلعدام أو السجن المؤبّد أو السجن المؤقت من 1إلى 92سنة.
باإلضافة إلى الغرامة في حالة الحكم بالسجن ال ُمؤقّت.
)2الجنحة :هي الجريمة التي عقوبتها الحبس ألكثر من شهرين إلى خمس سنوات والغرامة التي
تجاوز 22 222دج .وقد تُش ّدد عقوبة الحبس إلى أكثر من 1سنوات ،مثل عقوبة الحبس من 62إلى 22سنة
في جنح ال ُمخ ّدرات(الم62من قانون مكافحة ال ُمخ ّدرات) .وعقوبة الحبس من سنتين 2إلى 62سنوات في
جرائم السرقة باستعمال العنف الما ّدة ُ 912مكرّر ق ع ج ،وجرائم الرشوة واإلختالس(الم21و29من قانون
مكافحة الفساد) .ويت ّم التمييز بين الجنحة ال ُمش ّددة والجناية ذات العقوبة السالبة للحرية مؤقتًا ،من حيث
طبيعتها فعقوبة الجناية هي السجن ) (Réclusionوعقوبة الجنحة هي الحبس ).(Emprisonnement
)3المخالفة :هي كل جرم يستوجب عقوبة الحبس م ّدة يوم واحد إلى شهرين أو غرامة 2 222دج
إلى 22 222دج.
31
شترط مبدأ الشخصية في سريان أحكام قانون
)1في أحكام سريان القانون الجنائي من حيث المكان :ي ِ
العقوبات الجزائري الجرائم ال ُمرتكبة في الخارج ازدواجية التجريم في الجنحة أي في القانون الجزائري
وقانون البلد مكان الجريمة ،وال يشترطُ في الجناية ازدواجية التجريم.
)2في أحكام المحاولة أو الشروع :حسب المادّة 30و 31من ق ع ج يُعاقب على الشروع في
الجنايات والجنح وال عقاب على الشروع في المخالفات .وحسب المادّة 30يُعاقب على الشروع في أيّة
جناية ُمطلقًا دون الحاجة إلى نصّ خاص ،لكن في الجنح ال يُعاقب على الشروع إال إذا نصّ القانون على
ذلك ..مثالً نصّ ال ُمشرّع على تجريم وعقاب السرقة كجريمة تا ّمة في الفقرة األولى من الما ّدة 912ونصّ
على عقاب الشروع في جريمة السرقة في الفقرة الرابعة (الما ّدة " 7/912ويُعاقب على الشروع في هذه
الجنحة بالعقوبات ذاتها ال ُمقرّرة للجريمة التا ّمة".
)3في أحكام اإلشتراك :حسب المادّة 77من ق ع ج يُعاقب الشريك على اشتراكه في الجنايات
والجنح وال عقاب على اإلشتراك في المخالفات.
)7في العود :يعتبر عائ ًدا إلى الجناية من يُعيد ارتكاب جناية في أي وقت بعد إدانته عن الجناية
األولى(المُ 18مكرّر من ق ع ج) ،ويُعتبر عائدًا إلى الجنحة من يعود إلى ارتكاب الجنحة نفسها أو جنحة
ُمماثلة خالل 1سنوات التالية لتاريخ انقضاء عقوبة الجنحة األولى (المُ 18مكرّر 3ق ع ج) .،ويُعتبر عائدًا
إلى ال ُمخالفة من يعود إلى ارتكاب المخالفة نفسها خالل سنة تالية لقضاء العقوبة (الما ّدة 18مكرّر 7ق ع ج).
)5في تقادم العقوبة :تتقادم عقوبة الجناية بمضي 22سنة ابتدا ًءا من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم
نهائيًا(الم 169ق إ ج) و تتقادم عقوبة الجنحة بمرور 1سنوات ابتدا ًءا من التاريخ الذي يصبح فيه الحكم أو
القرار نهائيًا ،إالّ إذا كانت ُم ّدة العقوبة تزيد عن هذا الح ّد فيكون التقادم وفق ُم ّدة العقوبة (الم 168ق إ ج)
وتتقادم عقوبة ال ُمخالفة بمرور سنتين ابتدا ًءا من التاريخ صيرورة الحكم أو القرار نهائيًا (الم 161ق إ ج)
ب) بالنسبة لألحكام اإلجرائية :من أمثلة اختالف األحكام اإلجرائية بين نذكر ما يلي:
)1االختصاص القضائي :تختصّ بالجناية محكمة الجنايات(االبتدائية واالستئنافية) وهي ُمختلفة في
تشكيلها ونظامها وإجراءاتها عن الجهات القضائية المختصّة في الجنح والمخالفات والتي هي قسم الجنح
والمخالفات في المحكمة والغرفة الجزائية في المجلس.
)2التحقيق :التحقيق القضائي االبتدائي (من طرف قاضي التحقيق) وجوبي في الجنايات واختياري
في الجنح وجوازي في ال ُمخالفات (الما ّدة 11ق إ ج).
ُ )3مدّة تقادم الدعوى الجزائية :تتقادم الجريمة أو الدعوى العمومية في الجنايات بعد ُمضي عشر
( )62سنوات من تاريخ ارتكابها دون اتخاذ أي إجراء للتحقيق أو المتابعة(الما ّدة 2ق إ ج) ،وفي الجنح
بمرور ثالث ( )9سنوات(الما ّدة 8ق إ ج) ،وفي ال ُمخالفات بمرور سنتين (()2الما ّدة 9ق إ ج).
32
)7الوساطة الجنائية :يُمكن تطبيق إجراء الوساطة الجنائية في ال ُمخالفات عمو ًما ،وفي بعض الجنح،
وال تجوز الوساطة في الجنايات(الما ّدة 92مكرّر 2ق إ ج).
)5المثول الفوري :تُطبّق إجراءات المثول الفوري في قضايا الجنح ال ُمتلبّس بها التي ال تقتضي
التحقيق ،وال تُطبّق في الجنايات والمخالفات(م999مكرّر ق إ ج).
33
)2فائدة التمييز هي ّ
أن الجريمة العسكرية تخضع لنظام خاصّ بها ،سواء من حيث إجراءات المتابعة
أو من حيث الرّدع ،حيث تختصّ بها المحكمة العسكرية الموجودة على ُمستوى كل ناحية عسكرية،
وقُضاتها من العسكريين فيما عدا رئيس جلسة المحكمة العسكرية أو مجلس االستئناف العسكري أو غرفة
االتهام(الم 21ق ق ع) ،وتختص في الدعوى العمومية دون الدعوى المدنية ،وال تخضع الجرائم العسكرية
البحتة ألحكام العود وتُطبّق باإلضافة للعقوبات الواردة في قانون العقوبات العام ،عقوبات عسكرية كالعزل
بالفصل من الجيش والحرمان من الرُتبة ومن حمل الشارات وارتداء البِ ّزة العسكرية.
)2فائدة التمييز بين الجريمتين :ـ عدم جواز تسليم المجرمين السياسيين بموجب الما ّدة 198ق إ ج،
" ال يقبل التسليم في الحاالت اآلتية - ...:إذا كانت للجناية أو الجنحة صبغة سياسية أو إذا تبين من
الظروف أن التسليم مطلوب لغرض سياسي" .وتنص المادة 89من الدستور " ال يمكن بأ ّ
ي حال من
ق اللّجوء " .
األحوال أن يُسلّم أو يُطرد الجئ سياس ّي يتمتّع قانونا بح ّ
ـ عدم جواز الحكم باإلكراه البدني أو تطبيقه في قضايا الجرائم السياسية (الما ّدة 2/122ق إ ج).
ـ كانت المحاكم العسكرية تختصّ بالجرائم السياسية بموجب الفقرة 9من الما ّدة 21من قانون القضاء
العسكري ،وهي جرائم أمن الدولة المنصوص عليها في قانون العقوبات إذا كان ُمرتكبوها مدنيون ،عندما
تفوق عقوبتها 1سنوات حب ًسا .لكن ت ّم إلغاء هذا االختصاص بإلغاء هذه الفقرة عند تعديل القانون في .2268
34
أ) تقسيم الجرائم بحسب طبيعة السلوك:
تختلف أنواع الجرائم بإختالف طبيعة السلوك اإلجرامي ،إلى جرائم إيجابة وسلبية ،جرائم وقتية
و ُمستمرة ،جرائم بسيطة واعتيادية ،على النحو التالي:
35
)3الجرائم البسيطة واالعتيادية:
ـ الجريمة البسيطة :هي الجرائم التي يتك ّون ركنها الما ّدي من فعل إجرامي واحد ال يلزم فيه التكرار
أو اإلعتياد ،كجريمة الضرب أو الجرح.
ـ الجريمة اإلعتيادية :هي الجريمة التي تتك ّون من تكرار واقعة ُمعيّنة ال عقاب عليها في ذاتها وإنّما
النضمامها إلى مثيلتها ـ خالل فترة زمنية ُمعيّنة ـ انضما ًما يكشف عن اعتياد الجاني على ارتكاب هذا النوع
من الوقائع ،مثل االعتياد على الفجور والدعارة( .المواد 988 ،981ق ع ج).
أن الجرائم االعتيادية تُعتبر ُمرتكبة في تاريخ وقوعها للمرّة الثانية ،فيسري
وتكمن أه ّميّة التمييز ،في ّ
عليها القانون الجديد من تاريخ نفاذه بأثره المباشر ما دامت المرّة الثانية للجريمة قد تحقّقت في ظلّه .وتُعتبر
ُمرتكبةً في اإلقليم أو البلد الذي تحقّققت فيه مرّتين ،ويسري عليها قانون هذه الدولة ،طبقًا لمبدأ اإلقليمية.
36
ـ الجرائم الشكلية :وتُسمى كذلك "جرائم الخطر" هي الجرائم التي ال تحدث بطبيعتها أيّة نتيجة ما ّدية
ضارّة بمصلحة محمية قانونًا ،فال يكون فيها حصول النتيجة الجرمية الما ّدية عنصراً في الركن المادي.
ومثال ذلك حيازة سالح بدون ترخيص ،وحيازة المخدرات ،وحيازة نقود مزيفة.
ـ أهمية هذا التصنيف :تنطبق على الجرائم المادية ،جميع أحكام النظرية العا ّمة في قانون العقوبات،
بينما تُستثنى الجرائم الشكلية من ثالث موضوعات رئيسية ،فال شروع في الجرائم الشكلية ،وال يمكن تصور
الخطأ غير المقصود فيها ،وال يُثار فيها بحث العالقة السببيةّ ،
ألن هذه العناصر ُمرتبطة بالنتيجة اإلجرامية.
)2الجرائم التا ّمة والجرائم الناقصة :تُصنّف الجرائم بحسب مراحلها في تحقيق النتيجة إلى جرائم
تا ّمة وجرائم ناقصة ،فقد يختلف العقاب بحسب ما إذا كانت الجريمة تا ّمة أو ُمجرّد شروع.
ـ الجريمة التامة :هي الجريمة التي يقوم فيها الفاعل بجميع األفعال الالزمة لوقوعها وتتحقق نتيجتها
كاملة .كمن يريد ارتكاب جريمة سرقة منزل فيدخل إليه ويجمع المسروقات ويفر به.
ُ
حيث يبدأ الفاعل بتنفيذها ولكنّه ـ الجريمة الناقصة :هي الجريمة التي تنقُصُها النتيجة اإلجرامية،
ألسباب خارجة عن إرادته ال تتحقق نتيجة الجريمة ،إ ّما لعدم إتمام الفعل أو لخيبة أثره رغم إتمامه ،أو ّ
ألن
النتيجة ُمستحيلة التحقّق .كمن يُطلق النار على شخص لقتله فال يصيبه ،أو يُصيبُه في غير مقتل ،أو يستعمل
سالحًا غير قاتل ،أو كمن يُطلق النار على جثة شخص ميّت.
ب) الجرائم غير العمدية :هي التي يتك ّون رُكنُها المعنوي من الخطأ أو عدم القصد ،وتتمثّ ُل صو ُر
الخطأ في اإلهمال وال ّر ُعونة وعدم االنتباه وعدم االحتياط و ُمخالفة اللوائح والقوانين ،تؤ ّدي إلى حدوث نتائج
إجرامية ال يُري ُدها الشخص.
جـ) الجرائم ال ُمتعدّية القصد :هي الجرائم العمدية التي يتوفّ ُر فيها القصد لدى الجاني إلحداث نتيجة
إجرامية ُمعيّنة ،ولكن فعله يؤ ّدي إلى حدوث نتائج أخرى باإلضافة إلى النتيجة التي يُري ُدها ،مثل الضرب
ضي إلى الوفاة أو العاهة ال ُمستديمة دون قصد إحداثها .فالفاعل الذي اتجهت إرادتُه ونيّتُه إلى
والجرح ال ُمف ِ
الضرب والجرح فقط ،يتح ّمل مسؤولية النتائج األخرى بتكييف خاصّ لجريمته وهو الضرب والجرح
37
العمدي ال ُمفضي إلى بتر عضو أو عاهة مستديمة أو فقد البصر(الما ّدة 2/218ق ع ج) أو الوفاة دون قصد
إحداثها(الما ّدة 9/218ق ع ج) وليس جريمة الضرب والجرح العمدي(الما ّدة 6/218ق ع ج) وال القتل
العمد(الما ّدة 218و 216ق ع ج) وال القتل الخطأ(الما ّدة 288ق ع) .ففائدة التقسيم هي اختالف التكييف
الجنائي لألفعال ومن ث ّم اختالف العقوبة.
ـ وقال تعالى
.
وتطبّق ال ّدية بصفتها قصاصًا معنويًا في جرائم القصاص غير العمدية الواقعة على النفس (القتل)،
والواقعة على البدن (الجرح) .وفي الجرائم العمدية التي يمتنع فيها القصاص بالعفو أو عدم توفّر شروطه.
ويكون القصاص في ثالثة أنواع من الجرائم هي القتل العمد والضرب العمد والجرح العمد.
)3البغي:
)7السرقة:
)5القذف:
38
)0شرب الخمر :قال النبي صلى هللا عليه وسلم قال"إذا شربوا الخمر فاجلدوهم.)1(" ...
)4الزنا :ح ُّد غير ال ُمحصن جلد مئة
وح ّد الثيب الرج ُم ،فعن عبد
أن ُعمر بن الخطّاب رضي هللا عنه خطب فقال " ّ
إن هللا تعالى بعث ُمح ّمدًا هللا ابن عبّاس رضي هللا عنهما ّ
صلّى هللا عليه وسلّم بالحق ،وأنزل عليه الكتاب ،فكان فيما أنزل عليه آية الرّجم ،فقرأناها ووعيناها ،ورجم
خشيت إن طال زمان أن يقول قائل ما نجد الرّجم في كتاب هللا تعالى ،وأي ُم هللاُ رسول هللا ورجمنا ،وإنّي
()2
لوال أن يقول النّاسُ زاد عمر في كتاب هللا لكتبتها " .
. وآية الرّجم م ّما نُسخ تالوةً وبقي حك ًما.
ي في ُسنن أبي داود والترمذي وابن ماجة و ُمسند اإلمام أحمد عن ُمعاوية بن أبي سفيان رضي هللا عنهما. )ُ (1ر ِو َ
) (2رواه البخاري و ُمسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ُمختص ًرا و ُمطوّ الً.
39
الفصل األوّل:
الرّكن الشرعي للجرمية
يُقصد بالركن الشرعي للجريمة صفة عدم المشروعية للفعل ،أو الوصف والتكييف الجنائي للفعل،
أن للجريمة ركنان فقط ،ركن ما ّدي وركن
أن هناك جانب من الفقه ال يعترف بالركن الشرعي ويعتبر ّ
غير ّ
معنوي ،على أساس ّ
أن النص القانوني هو خالق الجريمة ال يصحُّ أن يكون جز ًءا منها.
أن الركن الشرعي يتمثّل في صفة عدم المشروعية وهي ُمنفصلة عن النصّ
إالّ أن الراجح في الفقه ّ
القانوني ،فهذا األخير هو مصدر عدم المشروعية .ويستند الركن الشرعي للجريمة إلى شروط أساسية هي:
شرط خصوع الفعل للنّص القانوني للتّجريم والعقاب (مبدأ الشرعية الما ّدة 6ق ع ج) .وشرط عدم
خضوع الفعل لنصّ اإلباحة.
المادّة » : 1ال جريمة وال عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون «.
41
تنص المادّة األولـى من قانون العقوبات الجزائري على مبدأ الشرعية الجنائية " ال جريمة وال
ّ
نص عليه كذلك المادّة 73من الدستور الجزائري " ال إدانة إالّ
عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون" .وت ّ
بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل المُجرّ م " .وفي قانون اإلجراءات الجزائية تنص الما ّدة األولى "
يقوم هذا القانون على مبادئ الشرعية والمحاكمة العادلة واحترام كرامة وحقوق اإلنسان".
وعلى المستوى الدولي نصّت على مبدأ الشرعية الجنائية المادّة 2/11من اإلعالن العالمي لحقوق
اإلنسان لسنة ،)1(6988والمادّة 15فقرة 6و 2من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،6911والمادّة
4من اإلتفاقية األوربية لحقوق اإلنسان .6912
تدور الفكرة األساسية لهذه النصوص حول ُمصطلح "القانون" ،فعبارة النّص تتض ّمن شرط القانونيّة
في التّجريم والعقاب والتدبير األمني .تشترط أن يكون للقاعدة الجنائية مصدرًا وحيدًا هو القانون.
المقصود بمبدأ الشرعية الجنائية هو اشتراط قانونية التّجريم والعقاب ،وذلك أل ّن القانون الجنائي يُع ُّد
من أخطر القوانين التي تملكها السلطة السياسية في الدولة بهيئاتها الثالثة ،وذلك لمساسه بالحقوق والحريات
األساسية لألفراد ،فهو يتض ّمن عقوبات خطيرة كاإلعدام ،والسجن المؤبّد والسجن المؤقت والغرامة
وال ُمصادرة والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية...إلخ.
بغرض تحديد ماهية المبدأ البد من توضيح معناه في الفقه والتشريع وتقديره ببيان جوانبه اإليجابية
التي لقي على أساسها التأييد ،وسلبياته التي لقي بسببها االنتقاد.
( )1المادّة 2/11من اإلعالن العالمي لحقوق االنسان " ال يُدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل
جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي ،كما ال توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي".
41
وعقابه ال يؤاخذ عليه فاعلُهّ ،
ألن األصل في األشياء اإلباحة وهي غير مح ّددة وإنّما األفعال المجرّمة هي
المحصورة والمح ّددة.
)2النطاق اإلجرائي :تقتضي الشرعية الجنائية اإلجرائية أن ال يقوم القاضي أو الشرطة القضائية
باتخاذ أي إجراء من إجراءات المتابعة أو التحقيق تجاه الشخص المشتبه فيه أو المتهم إالّ في إطار ما ينصّ
عليه قانون االجراءات الجزائية.
42
ب) في العصر اإلسالمي:
كانت الشريعة اإلسالمية في القرن 1ميالدي هي السبّاقة في تقرير المبدأ في صورته المتط ّورة،
جاءت بها نصوص القرآن والسنة.
)1من القرآن الكريم :يستند المبدأ على نصوص صريحة تعتبر ّ
أن الشرع يُنذ ُر قبل أن يُعاقب
ـ
.
)2من القواعد الفقهية :تُجسّد المبدأ قاعدة " ال حكم على أفعال العقالء قبل ورود النّصّ " أي ّ
أن
أفعال المكلّف المسؤول ال يُمكن وصفها بأنّها ُمحرّمة مادام لم يرد نصٌّ بتحريمها ،وال حرج على المكلف أن
يفعلها أو يتركها ،حتى يُنصّ على تحريمها .وـ قاعدة " األصل في األشياء اإلباحة واألصل في األفعال
الجواز واألصل في الذ ّمة البراءة".
)2في العصر الحديث :نادى بهذا المبدأ الفقهاء والفالسفة أل ّول مرّة في القرن ،68وكان من أبرزهم
الفيلسوف الفرنسي مونتيسكيو في كتابه "روح القوانين" ،والفقيه اإلطالي سيزار بيكاريا في كتابه "
الجرائم والعقوبات" والذي كان يقول " ّ
إن القوانين المنشورة هي وحدها التي تستطيع أن تضع العقوبات
المطبّقة على الجرائم " .وأ ّول من صاغ المبدأ في العبارة المشهورة هو الفقيه فيورباخ "ال جريمة وال
عقوبة إالّ بقانون" ."Nullum Crimen Nulla Poena Sine Lege
نصّ عليه بعد ذلك بهذه الصيغة إعالن حقوق اإلنسان والمواطن الفرنسي في 21أوت 6289م إبّان
الثورة الفرنسية في المواد 8 ،2 ،1منه .ثُ ّم أدرج في الدستور الفرنسي لسنة ،1791وتض ّمنه قانون
العقوبات الفرنسي لسنة 6862في الما ّدة 8منه ،ث ّم انتشر المبدأ بعد ذلك في القوانين األوربية والعربية.
43
كان المبدأ محل نقاش فقهي بين مؤيّد له على أساس جملة من المزايا وال ُمبررات ،وبين ُمعارض له
على أساس بعض العيوب واالنتقادات.
أ ّوالاُ :مب ّررات المبدأ:
الغرض من المبدأ هو حماية اإلنسان من خطر التجريم والعقاب وجعله في مأمن من تح ّكم وتعسّف
القاضي وشطط اإلدارة ،كما أنّه يحمي المصلحة العا ّمة في المجتمع ويستند إلى ع ّدة ُمبرّرات:
)1مبدأ سيادة القانون :يرتبط مبدأ الشرعية الجنائية بمبدأ سيادة القانون عند حلول الدول الديمقراطية
في أوروبا أواخر القرن ،68محل ال ّدولة البوليسية واألنظمة الملكية االستبدادية .وبموجبه ُكرّست قاعدة
المساواة في المسؤولية الجزائية وألغي تميّز اإلقطاعيين والنبالء ورجال ال ّدين.
)2مبدأ فصل السلطات :يستند مبدأ الشرعية الجنائية إلى مبدأ تمايز السلطات في االختصاصات
والصالحيات ،فليس للقاضي أن يُجرّم فعالً أو يعاقب عليه دون االستناد إلى قانون ،وليس للسلطة التنفيذية
أن تختصّ بالتشريع في مجال الجرائم والعقوبات.
)3ضمان الحقوق والحريات الفردية ،يضع المبدأ ح ًّدا فاصالً واضحًا بين ما هو ُمجرّم وما هو ُمباح
من األفعال ،فمن ارتكب فعالً غير ُمجرّم فهو في مأمن من ال ُمساءلة الجنائية ،بل المبدأ يُشجع األفراد على
المساهمة في نشاطات الحياة بكل حرية دون خوف.
ومن ارتكب فعالً مج ّر ًما فهو في مأمن من إنزال عقوبة أش ّد من العقوبة المقررة وقت ارتكاب
ُ
حيث يسهل اكتشاف أ ّ
ي الجريمة ،فالمبدأ يمنع تح ّكم وتسلّط القضاة والسلطات في الحقوق والحرّيات الفردية.
زيغ من القاضي ب ُمجرّد عرض حكمه على ميزان القانون المكتوب.
سا قانونياا :م ّما يجعلُها ُمبرّرة ومقبولة لدى الرأي العام ،فالمبدأ يُذهب سخط
)7يُعطي للعقاب أسا ا
الناس من قسوة األحكام القضائية ،ألنّه حاز رضاهم وثقتهم عند إصداره .فمن ارتكب الفعل المجرّم رغم
التحذير المنشور والمعروف يعلم أنّه جلب العقاب لنفسه بإرادته.
)5تحقيق مصلحة المجتمع في الوقاية من الجريمة :يُحقّق المبدأ مصلحة عا ّمة للمجتمع ،من خالل
التص ّدي للجريمة قبل ارتكابها ،ألنّه يضغط على النوايا اإلجرامية ويمنع خروجها إلى الواقع بغرضها
الرّدعي التّحذيري ،فهو يعرّف الفرد سلفًا بما ينتظره إذا أقدم على انتهاك حرمة القانون.
)2عيب الجمود وحرمان المجتمع من الحماية الكافية :يتسبّب هذا المبدأ في جعل التشريع الجنائي
جامدًا وعاج ًزا عن مواجهة ومواكبة تطور الحياة وتغير الظروف االجتماعية واالقتصادية ،و ُمنتجات العلم
والتكنولوجيا والمستجدات السريعة التي تسمح بظهور أفعال جديدة على المجتمع ُمخلّة بأمنه ونظامه ال
ألن المشرع ال يُمكنُه اإلحاطة سلفًا بكل ما قد تتمخض عنه ظروف الحياة
ينص القانون على تجريمهاّ ،
االجتماعية ،وال يمكنه أن يحصر جميع السلوكات االضارّة والخطيرة التي يُبدع ال ُمجرم أساليبها على
المستوى الفردي ،وبالتالي يحرم المجتمع من الحماية ض ّد الجرائم غير المنصوص عليها ،ويسمح بإفالت
الكثير من المجرمين من العقوبة ،عن طريق استغالل ثغراته واالستفادة من غياب النص التقاء العقوبة ،فهو
مكتوب ومعروف لديهم.
45
تتمثل الهيئات ال ُمخاطبة بهذا المبدأ من جهة ،في السلطة القضائية باعتبار القاضي يُطبّق القانون وله
صالحية تفسيره من أجل الحُكم باإلدانة بالجريمة ،ولذلك ورد ُمصطلح " اإلدانة " في نص الما ّدة 89من
الدستور الجزائري " ال إدانة إالّ بمقتضى قانون صادر قبل ارتكاب الفعل ال ُمجرّم " .ومن جهة أخرى
السلطة التشريعية باعتبار ال ُمشرّع هو ُمصْ ِدر القانون ،حيث ورد ُمصطلح اإلصدار في النّص الدستوري
أعاله ..." .ب ُمقتضى قانون صادر "..واإلصدار هو من صالحيات السلطة التشريعية طبقًا للما ّدة 699من
الدستور.
والقانون الجنائي يتميّز بالقسوة والقمع ض ّد الحقوق والحرّيات ،من خالل طبيعة العقوبات التي يُقرّرها
كاإلعدام وسلب الحرّية والحرمان من الحقوق المالية والمدنية والسياسية .فالطبيعة الخطرة لهذا القانون
تقتضي توخي الحذر والحيطة في إصداره وتطبيقه وتفسيره ،وذلك هو هدف مبدأ الشرعية.
ينتج عن مبدأ الشرعية أن يكون المصدر الوحيد لقاعدة التجريم والعقاب ،هو النصّ القانوني المكتوب،
على خالف األمر بالنّسبة للقاعدة غير الجنائية في القوانين األخرى كما تنصّ عليه الما ّدة األولى من القانون
المدني ،والتي تجعل للقاعدة القانونية خمسة مصادر ،هي القانون وال ّشريعة اإلسالمية والعرف وقواعد
العدالة ومبادئ القانون الطبيعي.
فالسّؤال المطروح يكون حول طبيعة القانون الذي يقصده المشرّع في الما ّدة األولى من قانون
العقوبات ،وطريقة صياغته وضوابط إصداره؟ واإللتزامات أو القيود التي يتقيّد بها المشرّع في عملية
التجريم والعقاب ب ُمقتضى مبدأ الشرعية؟.
46
العقوبات وقانون اإلجراءات الجزائية والعفو الشامل وتسليم المجرمين ،من مجاالت التشريع الحصرية
بالنسبة للبرلمان .وتُر ّكز هذه الما ّدة على الجنايات والجنح باعتبار خطورتها.
()1االتفاقية المصادقة عليها من طرف الجزائر بموجب المرسوم الرّئاسي رقم 86-91المؤرّخ في 28يناير .6991ج ر عدد2
()2االتفاقية المصادق عليها بتحفظ من طرف الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي 628-28بتاريخ 69أبريل ،2228ج ر21 ،
48
جـ) من الناحية الموضوعية:
يهدف مبدأ الشرعية إلى تقييد المشرّع الجنائي بالضوابط التالية:
6ـ أن تتوافق النصوص الجنائية مع الحقوق والحريّات ،حيث ينبغي عدم التضييق عليها.
2ـ أن يستند التجريم إلى الضرورة االجتماعية ،بتلبية حاجة ال ُمجتمع دون إفراط و ُمغاالة ،ودون إفراط
وتقصير ،أي يكون بالقدر الالزم والكافي لحماية مصالح المجتمع ،من السلوكات التي فيها خطورة على قيم
المجتمع األخالقية أو الدينية أو االجتماعية أو االقتصادية.
9ـ أن يكون العقاب مناسبًا لخطورة الجريمة وجسامة ضررها على الشخص محل الحماية.
49
وبغرض تحقيق التماثل والتطابق بين عناصر النموذج القانوني للجريمة وبين عناصر الواقعة
المتركبة ،الب ّد أن يعتمد القاضي الجنائي على عنصر التفسير عندما يكون النصّ قابالً للتفسير ،بتحديد
المعنى الذي يقصده الشارع من ألفاظ النص لجعله صالحًا للتطبيق على الوقائع.
ونظرًا لخطورة قانون العقوبات ّ
فإن تفسيره يختلف عن تفسير القوانين األخرى ،فمن أه ّم نتائج مبدأ
الشرعية الجنائية عدم التوسع في تفسير النصوص الجنائية ،وتقيّد القاضي في عمله بالضوابط التالية:
أ) اإللتزام بالتّفسير الضيّق:
إذا كان النّصّ معيبًا بخطء أوغموض أو نقص أو تعارض ،فال يجوز التوسّع في تفسيره ،مثل النصّ
الغامض الذي يحمل أكثر من معنى ،يلتزم القاضي بما يكفي لمعرفة قصد المشرّع ،وقد ص ّرح المش ّرع
الفرنسي بهذه القاعدة في الما ّدة 8-666من قانون العقوباتّ ،
لكن المشرّع الجزائري لم ينصّ عليها .فعلى
القاضي عندما يجد النص غامضًا أن يعتمد التّفسير الكاشف عن حقيقة إرادة المشرّع من خالل عباراته
وألفاظه ،والبحث في حكمة النصّ وعلّته في إطار مصلحة المتّهم ،ويمكنه في سبيل ذلك االسترشاد باألعمال
التّحضيرية والمذ ّكرات التّفسيرية والظروف التي صدر فيها النّص ،أو الرّجوع إلى المصدر التاريخي
للنّصّ .أوالمقارنة بين النّص بصياغته العربية والنّصّ بصياغته الفرنسي.
المادّة » : 2ال يسري قانون العقوبات على الماضي إالّ ما كان منه أق ّل ش ّدة «.
هذا النصّ يتض ّمن فكرتين أساسيتين هما القاعدة األصلية والقاعدة االستثنائية نتناولهما في فرعين:
المطلب األ ّول :عدم سريان قانون العقوبات على الماضي(قاعدة عدم رّجعية القانون الجديد)
المطلب الثاني :سريان قانون العقوبات األقل ش ّدة على الماضي(قاعدة القانون األصلح للمتهم)
51
تُعتبر قاعدة عدم رجعية القانون الجنائي مبد ًء دستوريًا وعالميًا ،وحديثنا عنها سيكون عن التعريف
بها ،وكيفية تطبيقها على ُمختلف أنواع الجرائم.
تسمية "عدم الرجعية" هي ترجمة للنسخة الفرنسية من عبارة الما ّدة 2من قانون العقوبات الجزائـري
» … « La loi pénale n’est pas rétroactiveفما هو الماضي بالنسبة للقانون؟ وما المقصود
بالرجعية أو السريان على الماضي؟ وما الحكمة من منع األثر الرجعي للقانون الجنائي؟ وهل ترد عليها
استثناءات ؟
عدم الرجعية إذن هي أن ال يرجع القانون في تطبيقه إلى تلك الجرائم ال ُمرتكبة في الماضي قبل تاريخ
ُ
حيث لم يكن له وجو ٌد في ذلك التاريخ .والقاعدة األصلية تقضي بتطبيق القانون بأثره صدوره أو نفاذه،
الفوري المباشر على الوقائع ال ُمعاصرة له التي يتوافق زمنها مع زمنه (ما بين لحظة النفاذ ولحظة اإللغاء).
ومؤ ّدى القاعدة في القانون الجزائي أنّه ال يجوز إدانة شخص من أجل فع ٍل لم يكن ُمج ّر ًما وقت
ارتكابه ،كما ال يجوز أن يُقضى على الجاني بعقوبة أش ّد من تلك التي كانت ُمقرّرة للجريمة وقت ارتكابها.
52
وتنصّ الما ّدة الثانية من القانون المدني الجزائري(الصادر باألمر 18-21المؤرّخ في 21سبتمبر
6921ال ُمع ّدل وال ُمت ّمم " .ال يسري القانون إال على ما يقع في ال ُمستقبل ،وال يكون له األثر الرجعي،" ...
ويقصد بالمستقبل هنا ما يحدث من وقائع بعد لحظة صدور القانون وليس بعد لحظة إلغائه.
53
)2النصوص الخاصّة ما جاء في تحريم الربا قوله تعالى
،عبارة " فله ما سلف " فيها عف ٌو ع ّما ُكسب من أموال ربوية قبل
نزولها.
وفي تحريم الزواج بزوجة األب بعد موت األب أو طالقها منه
وهذا فيه عف ٌو من الناحية الجنائية ع ّما كان من هذه
الزيجات قبل نزول اآلية ،ويمنع استمرارها ابتداء من تاريخ نزول اآلية.
وعاقب الشرع على قتل الصيد أثناء اإلحرام وعفى ع ّما سلف من ذلك قبل نزول اآلية،
54
يكون له ذلك في صورتين إحداهما وجوبية ،والثانية جوازية؛ تتعلق األولى برجعية القانون األصلح للجاني،
وتتعلق الثانية برجعية القانون في حالة الجرائم الخطيرة التي تمس النظام العام واألمن العام.
)7ومن تطبيقات االستثناء في العصر اإلسالمي األ ّول آية القذف ،في سورة النّور على حادثة اإلفك
لعظمة الجريمة ،ألنّها طعن في زوج النبي صلى هللا عليه وسلم ،فكان تطبيق الحد بأثر رجعي أمر البد منه
لتهدئة النفوس وإخماد الفتنة وردع الناس عن الفتنة .كما طُبّقت آية الحرابة من سورة المائدة بأثر رجعي
على حادثة العرينيين ،نظرًا لفضاعة وخطورة جريمة ،قطع الطريق على النّاس وقتلهم ونهب أموالهم.
النص التفسيري:
ّ ب)
ُ
حيث يكون لهذا القانون النصّ التفسيري هو النّصّ الصادر لتحديد أو توضيح معنى نصّ سابق،
ُ
حيث يسري النص الجديد التفسيري على كل ما سرى عليه النصّ السابق حتى لو كان المفسِّر أثرًا رجعيًا،
هذا التفسير يجعل القانون أش ّد م ّما كان عليه طبقًا للتفسير القضائي السابق ،على اعتبار ّ
أن هذا القضاء لم
يكن صائبًا في تفسيرهّ ،
ألن التفسير يهدف إلى توضيح نصّ سابق وليس إضافة أحكام جديدة ،أو تعديل
أحكام قائمة ،فهو يتبع النصّ األ ّول موضوع التفسير ويندمج فيه ،فمن الطبيعي إذن أن يكون تطبيقُهما من
حيث الزمان واحدًا ،مثال تفسير معنى كلمة " الليل" الذي قد يُح ّول جنحة السرقة البسيطة (في النهار) طبقًا
للما ّدة 912ق ع ج ،إلى جناية السرقة الموصوفة (السرقة في جنح الليل) إذا توفر ظرف الليل مع ظرف
آخر طبقًا للما ّدة 919ق ع ج ،أو جنحة السرقة ال ُمش ّددة طبقًا للما ّدة 918ق ع ج.
تطبيق القانون على واقع ٍة ما ،يقتضي تطابق زمن القانون مع زمن الواقعة الجرمية.
أ ّوالا :تحديد زمن القانون:
يُح ّدد الدستور تاريخ العمل بالقانون الجديد بتاريخ نشره في الجريدة الرسمية ،حيث تنصّ الفقرة الثانية
من الما ّدة 28من الدستور الجزائري بأنّه " ال يُحتج بالقوانين والتنظيمات إالّ بعد نشرها بالطرق الرسمية.
" وينتهي العمل بالقانون بعد إلغائه .وعليه ّ
فإن النصّ التجريمي ال سلطان له قبل نشره وال بعد إلغائه.
بعد إصدار القانون من طرف رئيس الجمهورية ال يكون القانون ناف ًذا وساري المفعول إالّ بعد نشره
في الجريدة الرسمية ب ُم ّدة 28ساعة بالنسبة للجزائر العاصمة وبعد 28ساعة من وصول الجريدة الرسمية
إلى مق ّر الدائرة في الواليات األخرى (الما ّدة 8من القانون المدني الجزائري).
وخارج هذه القاعدة العا ّمة قد يُح ّدد القانون زمن نفاذه بتاريخ ُمح ّدد يمت ّد أليّام أو أسابيع أو شهور،
فتكون العبرة بهذا التاريخ .مثل قانون العقوبات الجزائري الذي صدر في 8يونيو 6911ودخل حيّز النفاذ
بتاريخ 61يونيو .6911وقانون االجراءات المدنية واإلدارية 29-28الذي صدر في 21فيفري ،2228
55
نُشر في الجريدة الرسمية في9أفريل ،2228وأصبح ساري المفعول بعد سنة من تاريخ نشره( .الما ّدة)6211
ويكون انتهاء سريان القانون في تاريخ إلغائه الصريح ،أو انتهاء تاريخ سريانه إن كان م ّؤقتًا ،أو
إلغائه الضمني بالنص الجديد الذي يتعارضُ مضمونه مع مضمون النص القديم.
56
جـ) الجريمة االعتيادية:
الجريمة االعتيادية هي التي يتحقّق فيها السلوك اإلجرامي بتكرار الفعل المحظور ،بحيث ال يكفي
وقوع الفعل مرّة واحدة لقيام الجريمة ،بل يُشترط لقيامها عنصر االعتياد الذي يكون بتكرار الجريمة أكثر
من مرّة ،مثل جريمة التسول التي عرّفتها الما ّدة 691ق ع ج " يعاقب بالحبس من شهر إلى 1أشهر كل
من اعتاد على ُممارسة التس ّول في أ ّ
ي مكان كان وذلك رغم توفر وسائل العيش لديه ."....ومثل جريمة
ُممارسة الدعارة التي نصّت عليها الما ّدة 988ق ع ج " يُعاقب بالحبس من سنتين إلى 1سنوات وبغرامة
من 22 222دج إلى 622 222دج ما لم يكن الفعل جريمة أش ّد كل من سمح ألشخاص يحترفون الدعارة
باالعتياد على ممارسة الفسق ِس ًّرا في محالت أو أماكن غير مستعملة من الجمهور ويحوزها بأيّة صفة
كانت" .والعبرة في تاريخها بتاريخ المرّة الثانية ،حيث يُطبّق القانون الذي تحقق فيه االعتياد ولو كان أش ّد
من القانون الذي اقترفت فيه المرّة األولى ،وليس في ذلك سريان على الماضي.
57
يتض ّمن الشق الثاني من الما ّدة 2ق ع ج قاعدة رجعية القانون األقل ش ّدة ،وهو الحكم الذي صرّح به
ال ُمشرّع كاستثناء وارد على قاعدة عدم الرجعية المنصوص عليه في نفس النّص.
نتناول في هذا المطلب ،بيان المقصود بهذه القاعدة ،و ُمب ّرراتها ث ّم شروط تطبيقها ،ث ّم استثناءاتها.
نبيّن فيما يلي المقصود من القاعدة وأساسها في النصوص الشرعية والقانونية و ُمبرّراتها.
أ ّوالا :المقصود بقاعدة رجعية القانون األقل شدّة ومب ّرراتها:
أ) المقصود بالقاعدة:
خالفًا للقاعدة السابقة(عدم الرجعية) يُطبّق القانون الجديد بأثر رجعي على جريمة حدثت قبل تاريخ
نفاذه وقبل الحكم النهائي فيها ،وذلك إذا كان هذا القانون الجديد أق ّل ش ّدة على الجاني وأفضل له من القانون
األصلي الذي ارتُكبت في ظله الجريمة.
ُ )2مقتضيات السياسة الجنائية :إن الحق في العقاب ُمق ّرر للمجتمع وهو حر في التنازل عنه إذا
ارتأى ذلك ،وإن للفرد حق في الرفق والتسامح متى كان المجتمع ال يعارض ذلك ،فتغيير القانون من قبل
المشرع هو تأكيد على عدم تمشي النظام القانوني السابق مع مصلحة المجتمع ،فال يكون ثمة جدوى من
تطبيقه ،ألنه في نظر المشرع يتجاوز الحدود الالّزمة لحماية المصلحة االجتماعية.
إن تطبيق القانون األقل ش ّدة بأثر رجعي ال يتنافى مع الحكمة من
)3نتائج مبدأ الشرعية الجنائيةّ :
مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .بل هو من أهم النتائج المباشرة لمبدأ الشرعية ،وهو مقرر لمصلحة المتهم
حتى ال يفاجأ بجزاء لم يكن يوجد ما ينذره باستحقاقه عن السلوك الذي أقدم عليه ،فمتى كان صالح المتهم هو
58
الذي اقتضى ذلك ،فإنه من البديهي جواز تجاوز هذا المبدأ والخروج عليه ،ما دامت رحمة القانون صادرة
عن عمل تشريعي سليم.
واعتبر هؤالء الفقهاء أن هذا التطبيق كان بسبب خفة حكمهما مقارنة مع حكمهما في الجاهلية ،فإذا كان
الظهار فيه بعض الخالف ،فيكاد الفقهاء والمفسرون يجمعون على أن آية اللعان نزلت تخفيفًا على األزواج
الذين يرمون أزواجهم بالزنا ويكون ذلك من باب تطبيق الحكم األخف ولو كان شريعة الحقة للواقعة.
ومن تطبيقات ذلك في جرائم الدماء في الشريعة اإلسالمية آية القصاص التي جاءت بالمساواة في
،حيث طُبّقت العقوبة وبإمكانية العفو ،قال تعالى في ختامها
اآلية بأثر رجعي على جرائم قتل سابقة على نزولها ،كان يُطالب فيها بقصاص غير عادل يميّز بين الشريف
( )1مثل قرار الغرفة الجنائية للمجلس األعلى آنذاك الصادر بتاريخ 8مارس ،6919أنظر احسن بوسقيعة ،قانون العقوبات في
ضوء ال ُممارسة القضائية ،منشورات بيرتي ،الجزائر ،ط.2268 ،68
59
والوضيع والعبد والحر والرجل والمرأة ،فيالحظ ّ
أن أحكام رجعية النصّ األصلح للجاني في الشريعة
اإلسالمية ،تقضي ب ّ
أن حكم هذا النصّ هو األولى بالتطبيق من الحكم القديم إذا كان لم يفصل بعد في القضية،
وإذا ت ّم الفصل فال تُنفّذ العقوبة ويعاد الفصل فيها طبقا للنصّ الجديد أو يوقف تنفيذه إذا كان قد بدء تنفيذه.
يُشترط لتطبيق القاعدة شرطان أساسيان ،هما أن يكون القانون الجديد أقل ش ّدة على المتهم من القانون
الذي ارتُ ِكبت في ظلّه الجريمة .وأن يكون هذا القانون قد صدر قبل صدور الحكم النهائي على ال ُمتهم.
أ ّوالا :أن يكون القانون الجديد أق ّل شدّة من القانون الذي وقعت في ظلّه الجريمة:
ما هو القانون األقل ش ّدة؟ وما هي الضوابط والمعايير التي تتحكم في تحديده؟
أ) مفهوم القانون األقل شدّة (القانون األصلح للمتهم):
ّ
إن أثر القانون الجنائي على األفراد في طبيعته هو إنزال األلم بهم بواسطة العقاب الذي يمس أبدانهم
وحريّاتهم واعتبارهم وذممهم المالية ،ولذلك فالقانون األق ّل ش ّدة على ال ُمتّهم هو الذي تكون آثار أحكامه أق ّل
أل اما وقسوة ،وأكثر رحمة ورأفة بالشخص ،ويُنشئ له مرك ًزا ووضعًا أفضل له من غيره من القوانين.
وقد درج الفقه والقضاء والتشريع في التعبير عن القانون الذي يحمل هذا المعنى على استعمال
عبارات ومصطلحات مختلفة ُكلّها تصب في مفهوم واحد ،هو جعل المتهم في وضع ومركز أفضل:
()1
استعمل الفقه والمشرّع المصري في المادة 1من ق ع مصطلح " القانون األصلح للمتهم "
واستعمل المشرع الفرنسي في المادة 9/6–662ق ع مصطلح" القانون األقل شدة "
( )Les dispositions les moins sévèresويعبّر عنه الفقه الفرنسي بمصطلح " القانون األكثر خفّة "
( .)La loi plus douceواستعمل قانون العقوبات الجزائري في المادة 2عبارة " القانون األقل شدة".
وأغلب استعماالت القضاء الجزائري تأخذ بمصطلح "القانون األصلح للمتهم"( ،)2كما استعمل أغلب ال ُكتاب
هذا مصطلح"القانون األصلح للمتهم" ).( La loi plus favorable au prévenu
) (1تنصّ الما ّدة 1من قانون العقوبات المصري " يُعاقب على الجرائم ب ُمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها" .أنظر،
النحاس ،قانون العقوبات طبقاا آلخر التعديالت ،دار ال ُمصطفى لالصدارات القانونية ،ط د ت ،ص.1
عالء ّ
( )2مثل قرار الغرفة الجنائية للمحكمة العليا رقم 998661بتاريخ 69جويلية ،2262وقرار غ ج في 8مارس ،6919وقرار غ
ج في 28ديسمبر ،6986أنظر احسن بوسقيعة ،قانون العقوبات في ضوء ال ُممارسة القضائية ،المرجع السابق ،ص .ص.9 ،2
61
)1المعايير المطبقة على نصوص التجريم:
1ـ إلغاء التجريم :إذا ألغى القانون الجديد التجريم الذي ينص عليه القانون القديم ،فال يوجد أي شك في
أنّه هو األقل ش ّدة ،حيث تنتفي به صفة الجريمة نهائيًا عن الفعل ويصير ُمباحًا .،وقد نصّت المادة 1من ق إ
ج ج على ّ
أن إلغاء النص التجريمي هو من أسباب انقضاء الدعوى العمومية.
2ـ التضييق من دائرة التجريم :يعني أن تقل عدد األفعال التي تنطوي تحت نصّ التجريم .حيث يكون
المكونة للجريمة بشكل يجعل تحقق وتكوين الجريمة
ِ القانون أق ّل ش ّدة إذا جاء يُع ّدل من العناصر واألركان
صعبًا .مثل اشتراط ثبوت العمد وسوء النية في الجريمة بعدما كان وجود العمد ُمفترضًا ،أو مثل تحويل
الجريمة البسيطة إلى جريمة اعتياد بإضافة شرط االعتياد ،وبال ُمقابل يُعتبر القانون أكثر ش ّدة إذا زاد من عدد
األفعال التي المعاقب هليها بموجبه ،مثال حذف مصطلح ذي مفهوم ضيّق واستبداله بمصطلح واسع
فضفاض يعتبر تشديدًا.
3ـ التوسيع من دائرة اإلباحة :يعتبر القانون أق ّل ش ّد إذا نصّ على سبب جديد يضاف إلى أسباب
اإلباحة أو موانع المسؤولية أو موانع العقاب ،حيث يرتفع عدد األفعال التي تشملها دائرة اإلباحة ،وكان هذا
السبب أو المانع متوفّرًا بالنسبة للمتهم.
7ـ التخفيف من درجة التجريم :يكون القانون أق ّل ش ّد:
ـ إذا غيّر من تكييف الجريمة في االتجاه األقل شدة ،فيُجنّح الجناية أو يح ّول الجنحة إلى مخالفة مثل
قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 26-21المؤرّخ في 22فبراير 2221الذي ح ّول جنايات االختالس
والرشوة التي كان منصوصًا عليها في قانون العقوبات إلى جنح.
ألن ظروف التشديد تُمثل جز ًء من التجريم ،وبالمقابل ـ إذا ألغى ظرف تشديد للجريمة يعتبر تخفيفًا ّ
يصبح القانون أسوء للمتهم إذا أظاف ظروف تشديد جديدة تكون ُمتوفّرة في حالة ال ُمتهم.
)2المعايير المطبقة على نصوص العقاب :يُعتبر القانون الجديد أقل ش ّدة من غيره إذا جاءت أحكامه
ُمخفّفة لجانب العقاب ،استنا ًدا إلى معايير يتعين اللجوء إليها حسب األولية والترتيب الذي أورده:
1ـ إلغاء العقوبة :إ ّما أن يلغي القانون الجديد العقوبة ُكلّية وهذا يعني إلغاء التجريم وإباحة الفعل ،أو
يُلغي العقوبة مع استبدلها بتدبير أمن دون إلغاء التجريم.
2ـ تخفيف نوع العقوبة :يعتمدعلى تصنّف العقوبات بحسب تصنيف الجرائم من حيث خطورتها،
فعقوبة الجنحة أخف من عقوبة الجناية بقطع النظر عن ال ُمدة ،فمثال الحبس في الجنحة لمدة 62سنوات يُعتبر
أقل ش ّدة من السجن في الجناية لمدة 5سنوات ،وعقوبة المخالفة أقل ش ّدة من عقوبة الجنحة ،فالحبس شهرين
ّ
ولكن محكمة النقض الفرنسية خالفت القاعدة في في المخالفة أقل ش ّدة من الغرامة 22. 222دج في الجنحة.
أن الحبس دائ ًما يكون أكثر ش ّدةً من الغرامة.
هذه الحالة واعتبرت ّ
61
3ـ تخفيف درجة العقوبة:عندما ينصّ كال القانونين على عقوبة من نفس النوع ،يلجأ القاضي إلى
المقارنة بينهما من حيث درجات النوع الواحد للعقوبة ،مستن ًدا إلى ال ُسلّم القانوني للعقوبات ،حيث يُرتب
المشرع الجزائري العقوبات األصلية للشخص الطبيعي في الما ّدة 1من ق ع ترتيبًا تنازليًا من حيث الش ّدة.
ـ النوع األ ّول عقوبات الجنايات ،وفيها ثالث ( )9درجات هي اإلعدام هو األش ّد ،ثُ ّم السجن المؤبد،
أقل ش ّدة ثُ ّم السجن المؤقت ،أقل ش ّدة.
ـ النوع الثاني عقوبات الجنح درجتان وهي الحبس أكثر من شهرين إلى 5سنوات أو أكثر .ثُ ّم الغرامة
المالية بأكثر من 22. 222دج.
ـ النوع الثالث عقوبات المخالفات درجتان وهي الحبس من يوم واحد على األق ّل إلى شهرين على
األكثر .ثُ ّم الغرامة المالية أقل من 22. 222دج.
7ـ إنقاص مقدار العقوبة :عندما تتماثل أنواع ودرجات العقوبات في القوانين مح ّل المقارنة ،يقارن
ُ
حيث يكون القانون ُ
حيث المقدار وهو ال ُم ّدة في العقوبة السالبة للحرّية ،أوالمبلغ المالي في الغرامة، بينها من
أقل ش ّدة إذا نزل بالحد األقصى أواألدنى للعقوبة أو بهما م ًعا.
لكن الصعوبة تكون عندما يرفع أحد الح ّدين ويخفض اآلخر ،حيث يُس ّمى هذا النوع من القوانين
بالقوانين المتراوحة بين الش ّدة والخفة ،وقد اختلفت اآلراء بشأن المعيار المتبع.
القانون (ق )6يُعاقب بالحبس من 9أشهر إلى 5سنوات مثال:
القانون (ق )2يُعاقب بالحبس من سنة إلى 9سنوات
ـ الرأي األ ّول يعتبر القانون الذي يخفض الحد األدنى للعقوبة ،هو األصلح لل ُمتهم على أساس أنّه ي ُم ُّد
ي بالمتهم أن يستفيد منه.
سلطة القاضي في التخفيف ،ويكشف عن سماحة وتساهل المشرع ،فحر ٌ
لكن يعاب على هذا الرأي بأ نّه يُعرّض المتهم لخطر توقيع عقوبة الح ّد األقصى نظير أمل االستفادة
من التخفيف في الحد األدنى ،فيعاقب بعقوبة أش ّد م ّما كانت عليه في القانون القديم.
ـ الرأي الثاني يعتبر القانون أصلح للمتهم إذا خفض الح ّد األقصى للعقوبة ،ب ُحجّة أنّه ي ُح ُّد من سلطة
القاضي في التشديد ورفع العقوبة أكثر م ّما كانت عليه ،وهذا مضمون للمتهم وليس مجرّد أمل ،أ ّما عن الحد
األدنى فيمكن للقاضي أن يخترقه وينزل به إذا توفرت ظروف التخفيف.
ـ الرأي ثالث يرى ضرورة المزج بين القانونين واألخذ بالحد المخفض من كل قانون .لكن يعاب على
بأن القاضي يجاوز به سلطاته ،ألنّه يؤ ّدي به إلى خلق قانون ثالث الهو الجديد وال القديم.
هذا الرأي ّ
ـ الرأي األرجح هو الرجوع إلى ظروف المتهم والجريمة ،فإذا كان المتهم جديرًا بالح ّد األقصى طبّق
القانون الذي يخفض الحد األقصى .وإذا كان جديرًا بالح ّد األدنى طبّق القانون الذي يُخفّض الحد األدنى.
5ـ إلغاء العقوبة التكميلية :يكون القانون أصلح للمتهم إذا ألغى عقوبة تكميلية كان ينصّ عليها في
القانون القديم .والعقوبات التكميلية هي عقوبة مضافة إلى العقوبة األصلية ،وهي مح ّددة على سبيل الحصر
62
في الما ّدة 9من قانون العقوبات الجزائري ،كالحرمان من ُممارسة الحقوق الوطنية المدنية والعائلية،
وال ُمصادرة الجزئية لألموال ،وتحديد اإلقامة..إلخ.
0ـ التخيير بين عقوبتين :إذا كان القانون يُعطي الخيار للقاضي بين عقوبتين يكون أق ّل ش ّدة على
المتهم وأصلح له من القانون الذي يجعل العقوبة وجوبية ويفرض على القاضي تطبيقها ،فالنّص على الخيار
بين الحبس أو الغرامة مثل جريمة القذف في المادة 298ق ع ج ،يكون أق ّل ش ّدة من النصّ على الحبس
والغرامة م ًعا مثل السرقة في الما ّدة 912ق ع ج.
)3معايير تقدير الش ّدة في القوانين ال ُمر ّكبة :قد يكون القانون متراوحًا بين الش ّدة والخفة ،فيكون في
جزء أصلح لل ُمتهم ،وفي جزء آخر أسوء ،فينبغي التمييز بين القانون القابل للتجزئة وغير القابل للتجزئة.
يكون القانون قابالً للتجزئة إذا تض ّمن موضوعات ومجاالت تطبيق مختلفة ،بحيث ال يؤ ّدي الفصل
بينهما إلى التناقض مع إرادة المشرع ،فهنا تكون الرجعية بالنسبة للجزء األصلح للمتهم دون األجزاء
األخرى األسوأ له ،وعندها تكون فكرة الجمع بين القوانين جائزة عند تع ّددها .فيؤخذ باألجزاء األصلح من
كل قانون .أ ّما إذا كان القانون غير قابل للتجزئة ،أي ال يمكن الفصل بين موضوعاته ،فهنا إ ّما أن يطبق كله
أو ال يطبق ،وال يمكن تطبيق أحد جوانبه دون باقي الجوانب ،وفكرة الجمع غير ممكنة.
ولتقدير مدى صالحية القانون في هذه الحالة يجب النظر إلى القانون ككل عن طريق األخذ باالتجاه
العام للنص أو باألحكام األساسية وهي تلك األحكام التي تعطي للقانون الصفة الرئيسية والغالبة فيه .فمثال إذا
كان القانون يتعلق من جهة بطبيعة الجزاء ومن جهة أخرى بمقداره ،فالعبرة بالجانب المتعلق بطبيعة الجزاء
ألنّه هو الذي يمثل الحكم األساسي في النص.
63
أنّه مطلوب استنا ًدا إلى المبادئ األساسية للقانون وجوب احترام قوة الشيء المقضي فيه ،فلو صدر القانون
األقل ش ّدة بعد الحكم البات ،فال يستفيد منه المحكوم عليه.
تتمثل صورة اإلستثناء في أنّه رغم كون القانون الجديد أق ّل ش ّدة وصدر قبل الحكم البات ،إالّ ّ
أن
ق القانون األ ّول الذي ارتكبت الواقعة في ظلّه ،وال يُراعي مصلحة ال ُمتهم في تطبيق القانون
القاضي يُطبّ ُ
الجديد األق ّل ش ّدة ،وذلك بسبب مصلحة عا ّمة تكون أولى باالعتبار من المصلحة الفردية للمتّهم .ويتعلّق
األمر بالقوانين المؤقتة والقوانين اإلجرائية.
64
نصت المادة 8/1من قانون العقوبات المصري "غير أنّه في حالة قيام إجراءات الدعوى أو صدور
حكم باإلدانة فيها وكان ذلك عن فعل وقع مخالفاا لقانون ينهي عن ارتكابه في فترة ُمحددة فإن انتهاء هذه
الفترة ال يحول دون السير في الدعوى أو تنفيذ العقوبة المحكوم بها " .حيث يعتبر هذا النصّ استثنا ًء يرد
على الفقرتين 2و 9من نفس المادة ،وخروجا عن فكرة الرجعية.
ونصّت على هذا االستثناء تشريعات دول أخرى مثل قانون العقوبات اللبناني في الما ّدة ،2والقانون
الجنائي المغربي في الفصل ّ .7
لكن القانون الجزائري لم يُق ّرر هذا اإلستثناء.
أن عدم تطبيق القانون المؤقت استجابةً لمبدأ الرجعية ،يُؤدي إلى التقليل من قيمة
ويُب ّرر هذا اإلستثناء ب ّ
وشأن القانون ال ُمؤقت ،وضياع الغرض المقصود منه وبالتالي محو ثقة األفراد فيه .وأ ّن في ذلك تشجيع
للمنحرفين على مخالفته ما داموا يعلمون تاريخ انتهائه ،حيث يتفادون تطبيقه بمجرد تعطيل إجراءات
ال ُمحاكمة.
65
)2في القانون الجزائري :تتعلّق الما ّدة الثانية من قانون العقوباتب السريان الزمني لقانون العقوبات،
أ ّما بالنسبة للنصوص الجنائية اإلجرائية ،فلم يُنظم ال ُمشرّع أحكام سريانها الزمني ال في قانون العقوبات وال
في قانون اإلجراءات الجزائية ،على خالف اإلجراءات المدنية ،التي نظّم سريانها الزمني في المادتين
السابعة والثامنة من القانون المدني.
أ ّما القضاء الجزائري فيقضي بتطبيق النصوص اإلجرائية فو ًرا ولو على وقائع ارتكبت قبل تاريخ
صدورها سواء أكانت في صالح المتهم أو في غير صالحه أل نّها تهدف دائ ًما إلى حسن سير العدالة(.)1
( )1قرار غ ج في 8مارس ،6919احسن بوسقيعة ،قانون العقوبات في ضوء ال ُممارسة القضائية ،المرجع السابق ،ص.2
66
ّ
إن مسألة سريان القانون الجنائي من حيث المكان ُمرتبطة بوجود إجرام يتجاوز حدود الدولة ،مثل
الجرائم السيبرانية أو جرائم القتل أو التهريب .حيث يكون للجريمة عنص ٌر أجنب ٌي ،كأن يكون الجاني أو
الضحية من جنسية أجنبية أو تكون للجريمة ال ُمرتكبة في الخارج ضحايا أو أضرار في الجزائر.
فهذه الوضعية تطرح اإلشكال حينئذ حول مدى تطبيق القانون الجزائري؟ وهو ما يُعرف بإشكال
تنازع القوانين من حيث المكان وتنازع االختصاص القضائي بين الدول.
يُعالج ال ُمشرّع الجزائري هذه المسألة في الما ّدة الثالثة من قانون العقوبات والمواد 189إلى 196من
قانون االجراءات الجزائية.
المادّة 3من ق ع ج » :يُطبّق قانون العقوبات على كافّة الجرائم المرتكبة في أراضي الجمهورية.
كما يطبّق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية
طبقاا ألحكام قانون اإلجراءات الجزائية «.
يُميّز هذا النّص بين حكم الجرائم ال ُمرتكبة داخل إقليم الجمهورية وحكم الجرائم ال ُمرتكبة في الخارج.
مفاد مبدأ اإلقليمية أن يُطّبق قانون العقوبات على جميع الجرائم ال ُمرتكبة في إقليم الدولة بصرف النظر
عن جنسية مرتكبيها سواء كانوا وطنيين أو أجانب أو عديمي الجنسية ،مع مراعاة االستثناءات ال ُمق ّررة في
القانون العام الداخلي والقانون الدولي .ويجد المبدأ ُمبرّره في ّ
أن تطبيق قانون البلد الذي وقعت فيه الجريمة
يُعتبر من أه ّم مظاهر سيادة الدولة على إقليمها ،ويُسهّل البحث عن أدلّة إثبات الجريمة أوجراءات التحقيق
فيها و ُمحاكمة الجاني عنها .ويُحقق أهداف العقوبة خاصّة الردع العام والعدالة وتهدئة مشاعر السُخط
اإلجتماعي عن الجريمة .ويتماشى مع مبدأ الشرعية ومصلحة المتهم.
ويتطلّب تطبيق مبدأ اإلقليمية عنصرين هما تحديد مكان ارتكاب الجريمة وتحديد اإلقليم.
67
:
تحديد مكان ارتكاب الجريمة يتطلّب االستناد إلى المعيار العام الذي يُظهر تحقق ارتكابها عندما تجتمع
عناصرها في حيز جغرافي واحد ،وعندما تتوزع عناصرها في أكثر من إقليم ،وعندما يشترك في الجريمة
الواحدة أطراف تتواجد في أكثر من أقليم.
ثانياا :حالة تو ّزع عناصر الركن المادّي على أكثر من إقليم واحد:
يقتضي مفهوم مبدأ اإلقليمية أ ّن كل الدول التي تو ّزعت عليها عناصر الجريمة الواحدة تُعتبر الجريمة
ُمرتكبةً فيها ،سواء تحقّق فيها الفعل أو جزء منه أو النتيجة .وتطبيقًا لذلك نصّت الما ّدة 345من ق ع ج
" تطبق العقوبات المنصوص عليها في المواد 982إلى 988ق ع (التحريض على الفسق والدعارة) حتى
ولو كانت بعضُ األفعال المكونة لعناصر الجريمة قد وقعت خارج أراضي الجمهورية.
ـ في الجرائم المتراخية النتيجة ،يُطبّق القانون الجزائري عندما يقع الفعل في الجزائر والنتيجة في
دولة أخرى .فهنا يقع الركن الما ّدي في إقليمين ،كأن يضع الجاني الس ّم للضحية في الجزائر ،وتحدث الوفاة
في إقليم أجنبي ،حيث يجوز محاكمة الجاني في أحد اإلقليمين .ونفس الحكم عندما يقع الفعل في الخارج
والنتيجة في الجزائر.
ـ وفي الجرائم المستم ّرة إذا كانت حالة االستمرار قامت في اإلقليم الجزائري يكون قانونها مخت ًّ
صا
بنظر الجريمة ،سواء بدأت الجريمة ال ُمستمرّة أو انتهت في الجزائر أو مرّت على الجزائر.
68
ثالثاا :حالة الشريك في جريمة وقعت في الخارج:
طبقًا للما ّدة 181ق ع ج يمت ّد االختصاص بتطبيق قانون العقوبات الجزائري استنادًا إلى مبدأ
صا
اإلقليمية ،إلى الجناية أو الجنحة التي يت ّم ارتكابها في إقليم دولة أخرى ،ويكون أحد الشركاء فيها شخ ً
متواج ًدا في اإلقليم الجزائري بقطع النظر عن جنسيته ،حيث تشترط الما ّدة :أن يثبت ارتكاب الجريمة في
الخارج بحكم نهائي صادر عن الجهات القضائية األجنبية .وأن تت ّم في الجزائر أعمال اإلشتراك في هذه
الجريمة .وأن تكون الجريمة ُمعاقبًا عليها في كال القانونين الجزائري واألجنبي (قاعدة ازدواجية التجريم).
نميّز بين اإلقليم الطبيعي الذي يُح ّدد بالمجال البرّي والبحري والج ّوي ،واإلقليم الحكمي ،الذي يمثل
حالة السفن والطائرات.
أ ّوالا :اإلقليم الطبيعي:
في مفهوم الما ّدة 6/9من ق ع ج " يُطبّق قانون العقوبات على كافّة الجرائم التي تُرتكب في أراضي
ُ
حيث يتح ّدد اإلقليم في القانون الجمهورية " ويقصد بأراضي الجمهورية إقليم الدولة بالمعنى الدستوري،
الدولي العام ووفقًا للما ّدة 68من الدستور الجزائري بالمجال البرّي والمجال الجوي والمجال البحري.
أ) المجال الب ّري:
يُقصد به اإلمتداد الترابي للدولة في نطاق حدودها البرّية ،أي المساحات األرضية التي تُباشر الدولة
سيادتها عليها وتقوم فيها بالخدمات العا ّمة.ويشم ُل كذلك مساحات المياه التي تحت جوف األرض والقنوات
واألنهار التي ت ُمرُّ به سواء أنهار وطنية أو دولية
69
جـ) المجال الج ّوي:
بيّنت إتفاقية باريس للمالحة الج ّوية ّ 6969
أن لكل دولة سيادة كاملة وانفرادية على طبقات الهواء التي
تعلو إقليمها البري وبحرها اإلقليمي ولمستعمراتها .وأ ّكدت على ذلك اتفاقية شيكاغو للطيران المدني 1944
التي اعتبرت الهواء عنصرًا تابعًا إلقليم الدولة.
أ ّما طبقات الجو العليا واألجرام السماوية فهي تخرج عن سيادة الدول بموجب اتفاقية 69ديسمبر6911
المتعلقة بتنظيم استغالل الطبقات العليا في الجولكنّها لم تُح ّدد المسافة بين الفضاء وطبقات الجو العليا.
وقد كفل قانون العقوبات الجزائري حماية جنائية للمجال الج ّوي للدولة الجزائرية ،واعتبر خرق
المجال الجوي من الجرائم الماسّة بالدفاع الوطني ،حيث عاقبت الما ّدة 9/22منه بعقوبة السجن من 62إلى
22سنة كل من حلّق فوق األراضي الجزائرية باستعمال أيّة طائرة أجنبية دون أن يكون ُمص ّرحًا له
ب ُمقتضى تصريح من السلطة الجزائرية أو اتفاق دبلوماسي.
)2بالنسبة للسفن األجنبية الراسية في الميناء الجزائري :تخضع الجنايات والجنح التي تُرتكب في
ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة تجارية أجنبية للقضاء الجزائري ،حتّى ولو لم تمت ّد الجريمة إلى
الميناء وهذا خالفًا للعرف الدولي.
71
ب) حاالت الجرائم ال ُمرتكبة على متن الطائرات:
نصّت عليها المادة 196من ق إ ج ج التي ميّزت بين الطائرات الجزائرية والطائرات األجنبية.
)1بالنسبة للطائرات الجزائرية تختص الجهات القضائية الجزائرية بنظر الجنايات والجنح التي
ترتكب على متن طائرات جزائرية مدنية أو عسكرية ،أيًّا كانت جنسية مرتكب الجريمة أو ضحيتها.
)2بالنسبة للطائرات األجنبية :تختص الجهات القضائية الجزائرية بنظر الجنايات أو الجنح التي
ترتكب على متن الطائرات األجنبية في حالتين:
ـ الحالة األولى :إذا كان الجاني أو المجني عليه جزائري الجنسية وذلك في أي أجواء كانت الطائرة.
وهذا تطبيق لمبأ الشخصية.
ـ الحالة الثانية :عندما ال يكون أحد طرفي الجريمة جزائريًا يُطبّق القانون الجزائري إذا هبطت
الطائرة في مطار جزائري بعد وقوع الجناية أو الجنحة ،وتختصّ بها المحكمة التي يقع في دائرة
اختصاصها المطار أو مكان القبض على الجاني في حالة فراره.
تُس ّمى كذلك بقواعد تطبيق القانون من حيث األشخاص ،وهي حاالت حصانة تُعفي أصحابها من
الخضوع للقانون والقضاء الجزائري رغم ارتكابهم لجرائم في القطر الجزائري .وهي تنقسم إلى قسمين هما
اإلستثناءات ال ُمرتبطة بالقانون الداخلي واإلستثناءات ال ُمرتبطة بالقانون الدولي.
71
)2الوزير األ ّول :بموجب الفقرة الثانية من الما ّدة 689من الدستورالجزائري يتمتّع الوزير األ ّول
بحصانة من المساءلة الجنائية عن الجنايات والجنح ،الّتي يرتكبها بمناسبة تأديته مهامه فال يُحاكم إالّ أمام
المحكمة العليا لل ّدولة.
)2بالنسبة لألفعال غير المرتبطة بالمهام البرلمانية :تنصّ المادة 692من الدستور أنّه يمكن أن
يكون عضو البرلمان محل متابعة قضائية عن األعمال غير المرتبطة بمهامه البرلمانية بعد تنازل صريح
من المعني عن حصانته .وفي حال عدم التنازل عن الحصانة يُمكن لجهات اإلخطار إخطار المحكمة
الدستورية الستصدار قرار بشأن رفع الحصانة من عدمها.
فطبقًا لهذا النّص يجوز متابعة أحد أعضاء البرلمان بسبب جناية أو جنحة ارتكبها خارج إطار مهامه
المعتادة ،وذلك بشرط التنازل الصريح منه ،أو بقرار رفع الحصانة عنه من المحكمة الدستورية.
ـ وفي حالة تلبُّس أحد أعضاء البرلمان بجنحة أو جناية يمكن توقيفه ،ويخطر فورًا بذلك مكتب
المجلس ال ّشعب ّي الوطن ّي أو مكتب مجلس األ ّمة حسب الحالة .ويمكن للمكتب المخطر أن يطلب إيقاف
المتابعة وإطالق سراح النّائب أوعضو مجلس األ ّمة ،ليعمل بأحكام الما ّدة 692من الدستور.
72
يدير الدولة أو قائد ثورة أو حركة تحرُّ ر ُمعترف بها أو زعيم روحي ،وأعضاء الوفد المرافق وأفراد العائلة.
وال عبرة في كون زيارة الشحص رسمية أو خاصة.
)2أعضاء السلك السياسي األجنبي :وهم رؤساء الحكومات والوزراء و ُكتَّاب الدولة ورجال
المنظمات الدولية .يستم ُّدون حصانتهم من المعاهدات الدولية وقوانين المنظمات التي يتبعونها.
)3أعضاء السلك القنصلي :طبقًا التفاقية فيينا المؤرخة في28أفريل 1963المتعلقة بالعالقات
القنصلية ،يُمنح لهم حصانة بالنسبة للجرائم التي يرتكبونها أثناء القيام بوظائفهم أو بسببهاّ ،
لكن الجرائم التي
يرتكبونها خارج إطار الوظيفة ينعقد فيها االختصاص لقانون البلد الذي يتواجدون به.
)7أعضاء السلك الدبلوماسي والبعثات السياسية الخاصة وممثلو المنظمات الدولية أو اإلقليمية:
تشملهم الحصانة بصرف النظر عن درجاتهم وألقابهم ،ويستوي أن تتعلق الجرائم بممارسة مهامهم أو
بمناسبة متابعة شؤون حياتهم الخاصة( اتفاقية فيينا لسنة.)1961
)5رجال القوات األجنبية المسلّحة :يتمتع العسكريون األجانب المرابطون في اإلقليم بصفة قانونية
بالحصانة بنا ًء على ات فاقية بين الدولة التي ينتمي إليها العسكريون والدولة المستضيفة ،فال يخضعون للقضاء
الوطني ع ّما يقع منهم من جرائم بمناسبة تأديتهم لمهامهم ،أو داخل المناطق المخصصة لهم.
مبدأ اإلقليمية الذي يحكم الجرائم ال ُمرتكبة في اإلقليم الجزائري ال يكفي وحده لطبيق القانون الجزائري
على كل الجرائم ال ُمرتبطة بشكل مباشر أو غير ُمباشر بالجزائر ،حيث ال ينطبق على الجرائم المرتكبة
خارج اإلقليم الجزائري إضرارًا بمصالح الدولة و ُمواطنيها ،أو إذا ارتكبها أحد رعاياها .ولذلك نصّت الفقرة
الثانية من الما ّدة 9من قانون العقوبات على كيفية تطبيقه بالنسبة للجرائم ال ُمرتكبة في الخارج ،بنصّها أنّه "
كما يطبّق على الجرائم التي ترتكب في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الجزائية الجزائرية
طبقًا ألحكام قانون اإلجراءات الجزائية ".
ويكون ذلك استنادًا إلى المبادئ االحتياطية التي يتد ّعم بها مبدأ اإلقليمية ،تُنظمها المواد 182إلى 196
من قانون اإلجراءات الجزائية والتي تُحيل إليها الما ّدة 2/9ق ع ج .وهذه المبادئ هي مبدأ الشخصية ومبدأ
العينية ،باإلضافة إلى مبدأ العالمية الذي ال يأخذ به ال ُمشرّع الجزائري.
73
يقوم هذا المبدأ على أساس جنسية الشخص ،فيقضي بسريان قانون العقوبات الجزائري على الجريمة
ال ُمرتكبة في الخارج عندما يرتكبها جزائري أو يكون ضحيّتها جزائرياا.
أ ّوالا :بالنسبة للجريمة التي يرتكبُها جزائري(الصورة اإليجابية لمبدأ الشخصية):
يُشترط لتطبيق قانون العقوبات الجزائري وفق مبدأ الشخصية مجموعة من الشروط التالية نصّت
عليها المواد 182إلى 188من قانون االجراءات الجزائية الجزائري.
)1إرتكاب جناية أو جنحة من طرف جزائري في الخارج ،أ ّما إذا ارتكب ُمخالفة حسب القانون
الجزائري فال يُطبّق القانون الجزائري عليه حتى لو كانت جريمةً خطيرةً في الخارج فيه.
)2شرط الجنسية الجزائرية للجاني حتى ولو اكتسبها بعد ارتكابه الجريمة ،وحتى لو فقدها بعد ذلك.
)3عودة الجاني إلى الجزائر ،عودة اختيارية أو إجبارية بالتسليم.
)7عدم صدور حكم بات في البلد األجنبي من أجل نفس الفعل ،ألنّه ال يجوز ُمحاكمة شخص عن فعل
واح ٍد مرّتين .فإذا ت ّمت ُمحاكمته في الخارج فيشترطُ أن اليكون قضى العقوبة أو سقطت بالتقادم أو العفو.
)5شرط ازدواجية التجريم :يُظيف المشرع بالنسبة للجنح دون الجنايات ،شرط ازدواجية التجريم،
أي إذا كان الفعل يوصف بالجنحة في التشريع الجزائري فيجب أن يوصف كذلك جنحة على األقل في قانون
الدولة األجنبية.
ضد األفراد يُشترط تقديم شكوى من الشخص المضرور إلى النيابة
)0شرط الشكوى في الجنح ّ
العامة ،أو ببالغ من سلطات القطر الذي ارتكب الجريمة فيه.
74
أ ّوالا :المقصود بالمبدأ:
يقصد بهذا المبدأ في مفهوم المش ّرع الجزائري ،سريان قانون الدولة على الجرائم التي ترتكب خارج
إقليمها ،والتي تشكل إعتدا ًء على مصالحها األساسية والحيوية االقتصادية والسياسية من طرف أجانب ،وقد
نظم المشرع الجزائري تطبيق قانون العقوبات الجزائري وفق مبدأ العينية ،في المواد 188و 189من قانون
اإلجراءات الجزائية .فح ّدد الحاالت التي يطبق فيها في الما ّدة 188التي نصّت أنّه " :تجوز ُمتابعة و ُمحاكمة
كل أجنبي وفقًا ألحكام القانون الجزائري ارتكب خارج اإلقليم الجزائري بصفة فاعل أصلي أو شريك في
جناية أو جنحة ض ّد أمن الدّولة الجزائرية ،أو مصالحها األساسية أو المحالت الدبلوماسية والقنصلية
الجزائرية وأعوانها ،أو تزييفاا لنقود أو أوراق مصرفية وطنية متداولة قانوناا بالجزائر ،أو أيّة جناية أو
رتكب إضرا ارا ب ُمواطن جزائري".
ُ جنحة تُ
6ـ جرائم أمن ال ّدولة(الموادُ 91-16مكرّر ق ع ج) مثل جرائم الخيانة والتجسس ،واالعتداء على
الدفاع الوطني ،والمؤامرات والجرائم ض ّد السلطة وسالمة التراب الوطني ،والتقتيل والتخريب ال ُمخل
بال ّدولة.
2ـ جرائم المساس بمصالح لدولة األساسية :أي بالمصالح الحيوية االقتصادية أو االجتماعية أو
سياسية.
9ـ جرائم تزوير النقود أو األوراق المصرفية ال ُمتداولة قانونًا في الجزائر(المواد 698-692ق ع ج).
ومن جهة أخرى ينعقد االختصاص العالمي للمحكمة الجنائية الدولية بموجب نظامها األساسي ال ُمعتمد
بروما في 62جويلية .6998تختصّ بالجرائم الدولية األربعة ،جرائم الحرب ،الجرائم ض ّد اإلنسانية ،جرائم
اإلبادة الجماعية ،جرائم العدوان ،ولكن هذا قضاء دولي مصدره القانون الدولي ،بينما االختصاص العالمي
ينعقد للقضاء الوطني طبقًا للقانون الداخلي.
76
إلى جانب الشرط اإليجابي لقايم الركن الشرعي ،والمتمثّل في وجود نصّ التجريم والعقاب ،يوجد
شرط ثان سلبي وهو عدم وجود نصّ يُقرّر سبب اإلباحة ،وقد نظّم ال ُمشرّع الجزائري أسباب اإلباحة في
الما ّدتين 99و 82من قانون العقوبات ،وس ّماها " األفعال ال ُمب ّررة ".
المطلب األ ّول نتناول األحكام العا ّمة ألسباب اإلباحة وأنواعها
المطلب الثاني :الدفاع الشرعي باعتباره أهم أسباب اإلباحة
77
التكييف الجنائي للفعل بعضها يكون ناج ًما عن واجب قانوني تأمر به سلطة شرعية ،وبعضها اآلخر قد
يكون مصدره ممارسة حق يأذن به القانون تحقيقًا لمصلحة مشروعة ،ومن ث ّم يرد االستثناء على التجريم
فيصبح الممنوع مسموحًا .وقد أ ّكد المشرع هذه الحاالت ،بنصوص صريحة تُنظم قواعدها ،وس ّماها
«األفعال ال ُمب ّررة» ،في الما ّدتين 99و 82من قانون العقوبات في الباب المتعلّق بالجريمة ،ضمن الكتاب
الثاني المتعلّق باألفعال واألشخاص الخاضعون للجريمة .ور ّدها إلى ثالثة أسباب للتبرير أو اإلباحة وهي:
ما يأذن به القانون .وما يأ ُمر به القانون والدفاع الشرعي.
ـ كما توجد حاالت أخرى لإلباحة في بعض الدول وليست ُمقرّرة بنصّ عام في التشريع الجزائري
ولكن يُنظّم حاالت محدودة بنصوص خاصّة وهي :ـ حالة الضرورة ـ ورضاء المجني عليه.
وإذا كانت الما ّدة 688من قانون العقوبات اللبناني تنُصّ صراحةً على تطبيق أسباب اإلباحة بالنسبة
للشخص المعنوي ،فإنّه ال يوجد في القانون الجزائري ما ينص على ذلك.
نظّم المشرع األفعال ال ُمبرّرة بالما ّدتين 99و 82من قانون العقوبات وهي6 :ـ ما يأذن به القانون
ويُس ّمى في تشريعات أخرى ُممارسة الحق ،و 2ـ ما يأ ُمر به القانون ويُس ّمى في تشريعات أخرى أداء
الواجب ،و 9ـ الدفاع الشرعي .كما تظيف بعض الدول حاالت أخرى هي حالة الضرورة ،ورضاء الضحية.
) " (1قرار المحكمة العليا الصادر في 6986-21-22يقضي بأنه ":إن تنفيذ الموظف ألوامر غير قانونية واردة عن مسؤوليه
ال تدخل في إطار األعذار القانونية المنصوص عليها في المواد من 222إلى 289ق ع ج .وما دامت ال تدخل في نطاق األعذار
التي تعد أسباب شخصية خاصة ،فهي ال تعد أيضا سبب من أسباب اإلباحة ".
81
القانون لصاحب المصلحة أو للغير ،مثل حق التأديب لمصلحة األسرة ،وحق الطبيب في العالج لمصلحة
المريض.
والقانون هنا هو بمفهومه العام الواسع أي القواعد القانونية والشرعية والعرفية المكتوبة أو غير
المكتوبة ، -بشرط أن يُستعمل الحق من صاحب الصفة وأن ال يتعسَّف في استعماله ،ومن األمثلة على ذلك:
6ـ إذن القانون للمواطنين بأن يقبضوا على المتلبّس بالجريمة ويقتادوه إلى أقرب مركز شرطة أو
درك(الم 16ق إ ج) .دون أن يُتابعو بجناية القبض على األشخاص واحتجازهم بالما ّدة 296ق ع.
2ـ تأديب الصغار بالضرب الخفيف ،م ّمن له حق التأديب وهو األب أو الولي ،أو من ينوب األب
بمقتضى قانون أو عقد ،حيث يستثني نصّ الما ّدة 219ق ع في جريمة العنف ض ّد القٌصّر أفعال التأديب
بقولها " ...فيما عدا اإليذاء الخفيف."..
9ـ استعمال الرخص القانونية :مثل أعمال الجراحة الطبية في حدود قانون أخالقيات الطبّ ،وكذلك
العنف الذي يقع خالل ُممارسة األلعاب الرياضية كالمصارعة والمالكمة ،في حدود احترام قواعد اللعبة.
82
الدفاع الشرعي في حقيقته فعل غير مشروع لكنّه يُصبح مشروعًا إذا كان هو السبيل الوحيد لحماية
النفس والمال من خطر غير مشروع يته ّدده أو يته ّدده غيره .فما طبيعته وما هي شروطه.
البقرة.
تقتضي ممارسة حق الدفاع الشرعي على الوجه القانوني مراعاة الشروط التي نصّت عليها الما ّدة 99
من قانون العقوبات ،منها ما يتعلق بفعل العدوان ،ومنها ما يتعلق بفعل الدفاع ذاته ،وفي حالة الدفاع الممتاز
ينبغي توافر ظروفه التي تضمنتها الما ّدة 82من قانون العقوبات الجزائري.
وتحقق شروط الدفاع المشروع هي مسألة تقديرية للقضاة الموضوع يخضعون فيها لرقابة المحكمة
العليا يجب على قضاة الموضوع التأ ّكد منها وتوضيحها في حكمهم.
84
محتمل الوقوع ،وال ُمشرّع الفرنسي يقيّد الدفاع بأن يكون في نفس الوقت الذي يت ّم فيه االعتداء ،فال يكون
الدفاع ض ّد خطر ُمستقبلي.
ـ أن يكون قد االعتداء بدأ ولم ينته بعد ،كمن ضرب مرّة وأراد أن يزيد أو سرق أشياء على دفعات،
وفي مثل هذه الحالة يظل الخطر قائما ومستمرًا طالما لم تتحقق الجريمة كاملة وفي الجرائم المستمرة يظل
الخطر حاالًّ ،والدفاع ضده في أي لحظة دفاعًا مشروعًا .ولو كان االعتداء منتهيًا بتحقق النتيجة اإلجرامية
فال يحق الدفاع ألنه يصير انتقا ًما وعقابًا غير مشروع.
85
ب) شرط التناسب:
نصّت الما ّدة صراحة على هذا الشرط بنصّها " ...بشرط أن يكون الدفاع متناسبًا مع جسامة
االعتداء" ،أي بالقدر الضروري لر ِّد االعتداء ،ومتعادالً ومتكافئًا مع جسامة الخطر ،حيث ير ُّد االعتداء
بأيسر ما يندفع به ،فليس للمعتدى عليه أن يدفعه بالكثير إذا كان يندفع بالقليلّ .
ألن ممارسة حق الدفاع
الشرعي ال تهدف إلى االنتقام من المعتدي بل إلى تمكين المعتدى عليه من درء الخطر المحدق به أو بغيره
في ماله أو نفسه ،لهذا ،وجب أن يستعمل هذا الحق دون إفراط أو تجاوز.
وتقدير التناسب بين فعل االعتداء والدفاع هي مسألة موضوع يرجع الفصل فيها للقاضي الذي يُق ّدر
توافر التناسب من عدمه بمراعاة الظروف والمالبسات في كل حالة على حدة ،فال يجوز لمن كان مه ّددًا
باللطم أن يرتكب جريمة قتل.
قد تكون خطورة فعل الدفاع تتجاوز خطروة فعل االعتداء ،كما هو الحال أيضًا بالنسبة للمرأة التي
أن مراقبة التناسب في حالة االعتداء على المال يجب أن تكون أش ّد،
تقتل من يحاول اغتصابها .في حين ّ
فالمال يبقى دائما أقل شأنا من الحياة فالدفاع عنه مهما كانت شرعيته ال يمكن أن يصل إلى درجة التضحية
بحياة إنسان أو إلحاق أضرار خطيرة جدًا غير قابلة للعالج .ويجب األخذ بعين االعتبار مقدار الضرر أو
الوسيلة والحالة النفسية للمدافع وسنّه وجنسه وق ّوته وزمان ومكان االعتداء.
ّ
ضن المدافع المبني على أسباب معقولة مع مراعاة وتقدير كل والمعيار في الشريعة اإلسالمية هو
واقعة بحسب ظروفها.
وك ّل تجاوز ظاهر يسأل عنه صاحبه في حدود ما تجاوز به .فالدفاع يبدأ ببدء االعتداء وينتهي
بانتهائه .واختلف في نصب الكمائن والفخاخ وراء األبواب وخلف األسوار ووسط الممرات بقصد قتل
المعتدين أو جرحهم ،فهو جائز عند البعض مثل محكمة النقض الفرنسية ،وغير جائز عند البعض اآلخر.
87
الفصل الثاني:
الركن املادي للجرمية
يتمثل الركن الما ّدي للجريمة في مجموع العناصر الواقعية الما ّدية التي يتطلّبها النصّ القانوني لقيام
الجريمة ،وهي الفعل غير المشروع ،وأثر الفعل وهو النتيجة اإلجرامية ،وسبب الفعل وهو العالقة السببية
الما ّدية بين الفعل والنتيجة.
ك آثارًا ما ّدية أو نتائج ضارّة ،ورغم ذلك يُعاقب الفاعل عن فعله
ـ قد يقع الفعل غير المشروع وال يت ُر ُ
على أساس ال ُمحاولة أو الشروع في الجريمة ،أو ل ُمجرّد تهديده المصلحة بخطر اإلعتداء ،وهي التي تُس ّمى
جرائم الخطر.
ـ وقد تُرتكب الجريمة الواحدة بمساهمة ع ّدة أشخاص تتماثل أو تختلف أدوارهم في تنفيذ الجريمة،
ومن ث ّم تتن ّوع درجات مسؤولياتهم ومراكزهم القانونية ،حسب نظرية المساهمة الجنائية.
88
الفعل االجرامي هو سلوك إنساني يحدث في زمن معين ومكان ُمعيّن قد يكون في صورة قيام بعمل أو
في صورة امتناع عن عمل .إذال جريمة بدون سلوكّ ،
ألن األصل في األفكار والنوايا خروجها من نطاق
العقاب.
يقصد به سلوك إنساني يتمثّل في نشاطٌ ما ّدي يرتكبه اإلنسان عن وعي وإدراك ،يُح ِد ُ
ث به تغييرًا في
العالم الخارجي ،يؤ ّدي إلى إلحاق ضرر بمصالح محمية قانونًا ،أو تعريضها للخطر ،وقد يكون السلوك
عمالً أو امتناعًا عن عمل.
كقاعدة عا ّمة ال يكون الزمان والمكان اللذان يح ُد ُ
ث فيهما السلوك ُمه ّمين ،لكن قد يُشكالن أحيانًا ركنًا
خا ًّ
صا في الجريمة ،مثل جريمة ترك الطفل في مكان خال من الناس(م 968ق ع) وجرائم أمن الدولة في
زمن الحرب(م 12ق ع) أو يمثالن ظرفًا ُمش ّد ًدا كالسرقة في الليل أو في األماكن العمومية والمنازل(م919
ق ع).
أن الوسيلة التي تُستعمل في تنفيذ السلوكات المجرّمة غير أساسية في قيام الجريمة،
وكذلك األصل ّ
فالقتل هو إزهاق روح إنسان حي ،يستوى األمر إن كان بالخنق أو اإلغراق أو السالح األبيض أو السالح
النّاري ،لكن في بعض الحاالت قد يعت ّد القانون بالوسيلة كظرف ُمش ّدد ،مثل السرقة باستعمال مفاتيح
ُمصطنعة ،والقتل باستعمال السُّم.
89
ثانياا :السلوك السلبي ( الجريمة السلبية):
ـ السلوك السلبي هو " امساك إرادي عن الحركة العضوية في الوقت الذي يجب إتيانها فيه " أو هو
اتخاذ موقف سلبي تجاه واجب قانوني أمر القانون القيام به" فهو فعل إرادي يُرتّب المسؤولية الجزائية
لصاحبه ،ويُس ّمى جريمة االمتناع ،مثل امتناع القاضي عن الحكم في القضايا ( 691ق.ع) وامتناع الشاهد
عن اإلدالء بالشهادة ( المواد 89و 92و 229من قا اإلج الج) .وامتناع من شاهد الجناية عن التبليغ عنها
(الما ّدة 96ق ع) ،وعدم تقديم ُمساعدة لشخص في حالة خطر( 682ق ع) .واإلمتناع عن دفع النفقة (996
ق ع) ،وكذا معظم ُمخالفات المرور.
ـ من فوائد التمييز بين السلوك السلبي والسلوك اإليجابي أنّه ال يُتص ّور الشروع في جريمة سلبية ،كما
ُ
حيث درجة المسؤولية الجزائية ومقدار العقوبة بين الجريمة بسبب االمتناع والجريمة ّ
أن هناك فر ٌ
ق من
بوسيلة االمتناع.
ع عن تقديم المساعدة .فهي تختلف عن الوفاة ـ الجريمة بسبب االمتناع مثل الوفاة الحاصلة بعد امتنا ٍ
الناجمة عن قتل عمد بسلوك سلبيي ،فإذا مات الشخص الذي ُمنع عنه الدواء أوالطعام أو المساعدة ال يُسأل
ال ُممتنع عن ُمساعدته عن جريمة القتل( الم 219ق ع) ،بل عن جريمة عدم تقديم ُمساعدة لشخص في حالة
خطر(الم 682ق ع).
ـ وقد يكون االمتناع وسيلة الرتكاب جريمة إيجابية ،لكن ليست مبدأً عا ًّما ،وإنّما اكتفى ال ُمشرّع بذكر
حاالت ُمعيّنة .مثل الما ّدة 269ق ع التي تُعاقب ُكل من جرح أو ضرب عمدًا قاصرًا ال تتجاوز ِسنه السادسة
عشرة أو منع عنه عم ادا الطعام أو العناية إلى الحد الذي يُعرّض صحته للضرر ،أو ارتكب ض ّده عم ًدا أي
عمل آخر من أعمال العنف .بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500إلى 5.000دج .فاعتبرت
الما ّدة االمتناع مثل أعمال العنف والتع ّدي العمدي بالضرب والجرح.
ومثل جريمة ترك األطفال والعاجزين وتعريضهم للخطر بموجب المادة ُ 314كل من ترك طفالً
أوعاج ًزا غير قادر على حماية نفسه بسبب حالته البدنية أو العقلية وع ّرضهُ للخطر في مكان خا ٍل من الناس
أو حمل الغير على ذلك يُعاقب لمجرد هذا الفعل بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات.
ومثله أيضًا ال ُمساهم في جريمة القتل عن طريق منع الناس من إنقاذ القتيل من يد القاتل.
91
ك ُمعيّن ،فإنّه يه ِدف دائ ًما إلى حماية حق أو مصلحة .ولذك يُشترط لقيام
عندما يُعاقِب القانون عن سلو ٍ
الجريمة أن يكون فعل الشخص أو امتناعه قد تسبّب في ضرر لمركز قانوني أو مصلحة يحميها القانون.
وهذا هو ما يُعبّ ُر عنه بالنتيجة اإلجرامية ،كأثر ناجم عن النشاط اإلجرامي .وقد تكون النتيجة اإلجرامية في
إحدى صورتين هما النتيجة كحقيقة قانونية ما ّدية والنتيجة كحقيقة قانونية غير ما ّدية:
النتيجة بالمدلول الما ّدي لها أثر ما ّدي يتحقق في العالم الخارجي يعت ُّد به القانون ،يُيبّب ضررًا ماديًا أو
معنويًا للمصلحة ال ُمعتدى عليها .ففي القتل العمد بجميع أنواعه (المواد 219-218ق ع) يعتبر إزهاق روح
الشخص والمساس بحقه في الحياة هو النتيجة اإلجرامية .وفي جريمة السرقة تكون النتيجة نقل حيازة
وملكية الشيء المسروق من حيازة مالكه .ومثل جريمة الضرب أو الجرح المنصوص عليها في الما ّدة 218
ق ع تعتبر اآلالم المترتبة عن الجرح أو الضرب وكذا الشعور باألسى والحسرة من جراء ما تخلفه من
تشوهات جسدية (ضرر معنوي) ،واألضرار الالحقة بالجسد من جروح وكسور ،بعدما كان سلي ًما،
ومصاريف عالجه ،وكذا العجز عن العمل بشكل دائم أو مؤقّت (ضرر مادي) .تعتبر هذه األضرار كلها
نتيجة إجرامية ألعمال الضرب والجرح .ولذلك تُس ّمى هذه الجرائم "جرائم الضرر" .أو"جرائم النتيجة"
النتيجة بالمدلول القانوني هي االعتدا ٍء على مصلحة أو حق من الحقوق سواء بإلحاق الضرر بها ،أو
بتهديدها بخطر االعتداء دون أن تُرتّب ضررًا ما ّديًا ملموسًا ،وينبني على هذا المعنى ّ
أن النتيجة ال تكون
فقط ما ّدية كما في جرائم الضرر ،بل تكون أيضًا غير ما ّدية كما في الجرائم الشكلية التي تس ّمى جرائم
الخطر ،مثل حمل السالح بدون ترخيص ،واإلتفاق الجنائي ،وتزوير العملة ،ومثل الشروع في الجريمة،
والتحريض على الجريمة ،وكلها تُمثل تهديدًا بخطر االعتداء ،وتبقى محتملة قد تحدث وقد ال تحدث.
وتكمن أه ّمية تحديد النتيجة سواء ما ّدية أو قانونية من جهة في قيام الجريمة ،ومن جهة أخرى ،في
التمييز بين الشروع والجريمة التا ّمة.
91
إذا كانت الجريمة هي فعل إجرامي ونتيجة إجرامية فالب ّد من وجود رابطة سببية بين الفعل والنتيجة،
فرابطة السببية هي العنصر الثالث من عناصر الركن الما ّدي للجريمة يربط بين العنصرين اآلخرين الفعل
والنتيجة .فال يكفي لتحقق الركن المادي الذي تقوم به الجريمة ،مجرّد صدور فعل عن شخص ،وترتب
نتيجة إجرامية ،بل يُشترطُ وجود رابطة سببية بين السلوك والنتيجة ،أي يجب أن يكون الفعل هو سبب
فإن الكيان الما ّدي للجريمة ال
النتيجة .فإذا انتفت هذه الرابطة وتحققت النتيجة بشكل ُمستق ّل عن الفعل ّ
يتحقّق .مثل أن يعتدي شخص على آخر بصفعة أو ضربة خفيفة ،ثُ ّم يموت المضروب بعد ذلك على إثر
حادث.
تُطر ُح بشأنه إشكالية اقتران فعل الجاني بعوامل خارجية في إحداث النتيجة الجرمية.
92
ـ وقد يأتي السبب الحقًا لفعل الجاني ،مثل سيارة اإلسعاف التي يقع لها حادث مرور أثناء نقلها إلى
المستشفى شخصًا كان ضحية ضرب أو جرح ،فيُصاب الضحية بكسور أونزيف ،ث ّم عند وصوله إلى
ال ُمستشفى يت ّم عالجه بطريقة غير صحيحة فيموت .أو من يضع السم في طعام شخص وقبل أن يلفظ هذا
األخير أنفاسه يُطلق عليه شخص آخر رصاصات في قلبه ورأسه ،فمن هو المسؤول عن موته.
قد تكون العوامل األخرى المقترنة بظروف ارتكاب الجريمة متفاوتة ،فتكون قويةً وضعيفةً ،ظاهرةً
ُ
حيث يُطر ُح التساؤل حول درجة المسؤولية ال ُملقاة على عاتق الجاني ،فهل يؤاخذ ّ
وشاذةً، وخفيةً ،مألوفةً
الفاعل عن النتيجة القريبة المباشرة؟ أم أنّه يجب أن تمت َّد مسؤوليته إلى سلسة النتائج المتتالية باعتبار أنّه لوال
فعله لما تحققت وبالتالي يجب نسبتها إليه؟
93
ب) انتقاد النظرية:
انتقدت النظرية بسبب تناقضها ألنّها من جهة تعترف بتساوي األسباب ،ومن جهة تُح ّمل الجاني
المسؤولية .وكذلك تُنتقد ب ُمجافاتها للعدالة ألنّها تُوسّع من نطاق المسؤولية الجزائية فتُح ّمل صاحب السلوك
شاذا اليؤدي إلى تحقيق النتيجة في العادة ،ورغم ُمساهمة باقي ًّ كامل المسؤولية حتى ولوكان سلوكه
العوامل.
الموجه للنظرية:
ّ ب) النقد
تنتقد النظرية فيما يخص إمكانية حدوث النتيجة من عدمها حسب المجرى العادي لألمور ،ومدى علم
وتوقع الجاني لحدوث النتيجة من عدمه يخضع للتقدير وال يصحُّ أن تُبنى أحكام القانون الجنائي على التقدير
.ومن جهة أخرى ال يمكن إغفال العوامل الشاذة ،كما ّ
أن ضابط علم وتوقع الجاتي يخلك األمر بالركن
المعنوي بينما العالقة السببية هي عنصر في الركن الما ّدي.
94
المادّة » : 30كل محاوالت الرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال ال لبس فيها تؤدي مباشرة إلى
ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إال نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى ولو
لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها «.
المادة » :31المحاولة في الجنحة ال يعاقب عليها إالّ بناء على نص صريح في القانون.
والمحاولة في المخالفة ال يعاقب عليها إطالقا «.
يُعاقب القانون على الجريمة التا ّمة التي اكتملت عناصرها الما ّدة الفعل والنتيجة وعالقة السببية ،أي
السلوكات ال ُمنفّذة للجريمة وتحقيق نتيجتها ،إالّ أنّه قد ال يكتمل الركن الما ّدي للجريمة فتتخلّف النتيجة لعدم
اكتمال تنفيذ الفعل أو لخيبة أثره ،أو لكون تحقيق النتيجة أمرًا ُمستحيل الحدوث.
عاقبت معظم تشريعات الدول على هذه الجريمة الناقصة التي تُسمى" المحاولة " أو " الشروع ".
نظرًا لخطورة الشخص ومحاولته االعتداء على المصلحة المحمية قانونًا ،حيث ّ
أن الضرر لم يحدث ألسباب
خارجة عن إرادة الجاني ،فينبغي الوقوف عند هذه الحالة اإلجرامية الخطرة وتفكيكها بالعقاب ،فقد يُكرّر
الشخص المحاولة مرّة أخرى وينجخ في تحقيق النتيجة.
نظّم ال ُمشرّع األحكام العا ّمة للشروع بالما ّدتين 92و 96ق ع ج ح ّدد مفهوم الشروع وبيّن أركانه
وأنواعه وعقوبته.
المطلب األ ّول :مفهوم الشروع كمرحلة من مراحل الجريمة
المطلب الثاني :أركـان الشروع
ت ُمر الجريمة بأربعة مراحل هي التفكير ث ّم التحضير ث ّم الشروع ث ّم الجريمة التا ّمة.
أن القانون ال يُعاقب على ُمجرّد النوايا واألفكار وال على األفعال التحضيرية ،بل يُعاقب واألصل ّ
السلوكات التي تظهر في شكل أفعال انطالقًا من مرحلة الشروع بالبدء بالتنفيذ ث ّم الجريمة التا ّمة.
95
وأحيانًا ي ِد ُّ
ق معيار التمييز بين مرحلة الالعقاب وهي األعما التحضيرية ومرحلة العقاب التي هي
الشروع ،لذا ينبغي توضيح معنى الشروع ومعياره.
ب) اإلستثناء :هناك حاالت استثنائية خاصّة تقتضي فيها المصلحة العامة تدخل المشرع بنصّ خاص
ي و تزال ُمج ّرد أفكار ونوايا كما هو الحال في:
للعقاب على أعمال ليس لها مظه ٌر ماد ٌ
)1االتفاق الجنائي(جمعية أشرار)م621ق ع"..وتقوم الجريمة بمج ّرد التصميم على ارتكاب الفعل"
)2التحريض :في الما ّدة "81إذا لم ترتكب الجريمة المزعم ارتكابها لمجرد امتناع من كان ينوي
ارتكابها بإرادته وحدها ّ
فإنال ُمح ِرض عليها يُعاقب رغم ذلك بالعقوبات ال ُمقرّرة لهذه الجريمة" والتحريض
هو خلق فكرة الجريمة في ذهن الشخص والتأثير على إرادته وتوجيهها إلى ارتكابها.
ـ المؤامرة :في الما ّدة.." 9/81وتقوم المؤامرة بمج ّرد اتفاق شخصين أو أكثر على التصميم على
ارتكابها .و ُكل من يَع ِرض تدبير مؤامرة ...دون أن يُقبَ َل َعر ُ
ضه يُعاقب بالسجن من 1إلى 62سنوات.
ـ التهديدُ " :كل من ه ّدد بارتكاب جرائم القتل أو التسميم أو أي اعتداء آخر على األشخاص...يعاقب
بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات ...وبغرامة من 22. 222دج إلى 622.222دج ،إذا كان التهديد
مصحوبًا بأمر بإيداع مبلغ من النقود في مكان معين أو بتنفيذ أي شرط آخر " (المادة 284ق ع ج) .
وإذا لم يكن التهديد مصحوبًا بأي أمر أو شرط فيعاقب الجاني بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات
وبغرامة من 22. 222دج إلى 622.222دج (الما ّدة 281ق ع ج).
ـ سبق اإلصرار :كظرف ُمش ّدد في القتل والضرب والجرح المادة " 256سبق اإلصرار هو عقد
العزم قبل ارتكاب الفعل على االعتداء على شخص ُمعيّن." ...
96
ثانياا :مرحلة التحضير للجريمة:
أ) األصل عدم العقاب على األعمال التحصيرية:
األعمال التحصيرية هي مرحلة تأتي بعد التفكير والتصميم ،تتجسّد بأعمال تُمهّد للجريمة بتحضير
الوسط ال ُمالئم الرتكابها ،مثل تهيئة الوسائل وشراء األدوات التي ستُستعمل في تنفيذ الجريمة.
ال يُعاقب القانون على هذه المرحلة نظرًا ألنّها ليست عمالً تنفيذيًا يدخل في تكوين الركن الما ّدي
للجريمة ،وال تنكشف بها النيّة اإلجرامية ،وال تنطوي على خطر يُه ّدد مصلحة ما ،والمشرع يريد بذلك
تشجيع الجناة على العدول وعدم ال ُمضي في طريق الجريمة.
ب) اإلستثناء:
هناك بعض الحاالت االستثناية الخاصّة ،يعاقب عليها القانون إذا ش ّكلت في ح ّد ذاتها جرائم مستتقلّة:
ـ أعمال المساهمة الجنائية م " 82يُعتبر شري ًكا في الجريمة من لم يشترك اشترا ًكا مباشرًا ،ولكنّه
ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب األفعال التحضيرية " ...ومثالها الما ّدة 29من
قانون مكافحة المخ ّدرات " 68-28يُعاقب الشريك في الجريمة أو في ُك ّل عمل تحضيري." ...
ـ تنظيم ارتكاب جريمة في إطار جمعية األشرار .معاقب بالما ّدة 622مكرّر ق ع ج
ـ تقليد المفاتيح مُ " 919كل من قلّد أو زيّف مفاتيح يعاقب بالحبس من9أشهر إلى سنتين "..جفاءت هفذه
الما ّدة في قسم السرقات وابتزاز األموال أي ّ
أن تقليد المفتاح ُمجرّم كعمل تحضيري للسرقة.
ـ ال ُمساعدة على االنتحار المادة ُ " 273كل من ساعد عمدًا شخصًا في األفعال التي تساعده على
االنتحار أو تسهله له أو زوده باألسلحة أو السم أو باآلالت المعدة لالنتحار مع علمه بأنّها سوف تستعمل
في هذا الغرض يُعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا نفذ االنتحار".
97
هي مرحلة تمام الجريمة ،تتحقّق فيها كافّة عناصر الركن الما ّدي للجريمة أي الفعفل ال ُمجفرّم ،والنتيجفة
التففي يُري ف ُدها الجففاني بهففذا الفعففل ،والعالقففة السففببية .كففأن يحمففل الجففاني سففالحه محش ف ًوا بالففذخيرة ويتففربّص
بالمجنى عليه في مكان ينتظر فيه مروره ث ّم يُطلق عليه الرصاص فيقتله فيُسأل عن القتل التام.
98
يُشفرطُ لتحقيففق المحاولففة الخاضفعة للعقففاب غيففاب العفدول اإلرادي عففن إكمففال تنفيفذ الجريمففة ،فعففدول
الجاني عن الجريمفة يمنفع قيفام الشفروع بشفرط أن يتفدخل هفذا العفدول ففي الوقفت المناسفب ،وأن يكفون فعفالً
توقيفًا إراديًا لتنفيذ الجريمة .فالوقت المناسب للعدول هو قبل اكتمال الجريمة وإال اعتبر عدولفه توبفة متفأخرة
ليس لها أثر في منع العقاب ،مثل من يسعى في إصالح نتفائج جريمتفه كفرد المسفروقات .وتجفدر اإلشفارة ّ
أن
فرصة العدول تكون في الجرائم الما ّدية أكثر من الجرام الشكلية من حيث الوقت المناسب للعدول.
والطابع اإلرادي للعدول يفترض أن يتخلّى الجاني بشكل عفوي عن مشروعه االجرامي .أي ّ
أن التنفيذ
توقف قسرًا بمانع خارجي أثّر على المجرم وصرفه عن إتمام فعله.
فالشروع الذي ينتهي بالعدول عنه اختياريًا ال عقاب عليهّ ،
ألن هفذا األخيفر ينبفئ عفن انعفدام الخطفورة
ّ
وألن القففانون يشففجع دائ ًمففا النوايففا الحسففنة فففي التراجففع عففن المشففروع اإلجراميففة التففي هففي علّففة العقففاب،
اإلجرامي ،بسبب مشاعر نفسية كتأنيب الضمير أو الشفقة بالغريم أو الخشية من العقاب.
أ ّما الشفروع الفذي ينتهفي بالعفدول االضفطراي ففال أثفر لفه ففي منفع العقفاب .فمفن يفرى بعفد بفدء التنفيفذ
شهودًا مقبلين أو رجال شرطة متجهين نحوه .فتوقفه في هذه الظفروف يُعتبفر عفدوالً اضفطراريًا غيفر إرادي
ويعاقب على الشروع في الجريمة التي هو بصددها.
وال أثر لمشاعر التوبة وما يتبعها إذا جاءت بعد إتمام الجريمة كمن بادر بر ّد الرشوة بعد أخذها ،وال
لمن أشعل النار في مكان أن يعمد إلى إطفائها ،إال في بعض الحاالت التي قد تؤخذ فيها كظرف تخفيف.
وعندما يصعب وصف العدول باالضطراري أواالختياري يؤخذ بقاعدة تفسير الشك لمصلحة المتّهم.
99
ب) المذهب الشخصي:
ـ ال يهت ّم بالنتيجة الجرمية ،وإنّما يعت ُّد بدرجة الفساد واإلنحالل األخالقفي للشفخص أو درجفة خطورتفه
اإلجراميففة وضففعف قابليتففه لإلصففالح ،فف ّ
فإن الشففروع الففذي يكشففف عففن اإلرادة اإلجراميففة والطبيعففة الخطففرة
لشخصففية الفاعففل هففو أكثففر خطففورة مففن الجريمففة التا ّمففة ،لفذا يجففب أن يُقمففع بصففرامة .وعلّتففه ،هففو تعففريض
المصلحة المحمية لخطر االعتداء عليها ،فالعبرة بالنية اإلجرامية التي اتجهت لتحقيفق النتيجفة الجرميفة حتّفى
ولو لم تتحقّق فعالً.
ـ يُس ّوي المذهب في العقاب بين الجريمة التامة والجريمة الناقصةّ ،
ألن تخلفف النتيجفة ال يرجفع إلرادة
الجاني وإنما إلى ظروف خارجة عن إرادته ،لذلك فاستحقاقه العقاب ال يقل عن مرتكب الجريمة التامة.
ـ يُعففاب علففى النظريففة الشخصففية معاقبففة ك ف ّل أنففواع المحاولففة الرتكففاب الجريمففة دون تمييففز ،وبففنفس
العقوبة المطبّقة على الجريمة التا ّمة لمجرّد ظهور اإلرادة اإلجرامية.
111
ـ أ ّما التّشريع الجزائري فجاء بحل مستخلص من كال النظريتين.
ـ أخذ من المذهب الما ّدي حصر العقاب في بعض الجرائم فقفط وهفي الجنايفات وبعفض الجفنح بموجفب
النصّ الخاص ،فمثالً ال يعاقب على الشروع في جريمة انتهفاك حرمفة منفزل الفعفل المجفرّم بالمفا ّدة291ق ع
بينما المادة 912تقرّر صراحة العقاب على الشروع في السرقة .وال عقاب على الشروع في المخالفات.
ـ ويأخذ بالمذهب الشخصي عندما يساوي بين الشروع والفعل التام في العقوبة.
وانتقدت فكرة المساواة في العقوبة بين الشفروع والفعفل التفام فكفان الموقفف المؤيّفد يجفد الحفل للحفاالت
التي قد ال يستحق فيها الشروع نفس عقوبة الفعل التاّم في التفريد القضائي للعقوبفة وإعطفاء السفلطة للقاضفي
بتقففدير العقوبففة المناسففبة .والمالئمففة بففين حففديها األدنففى واألقصففى ،أوالنففزول عففن الحففد األدنففى إن وجففد مففن
الظروف القضائية المخففة ما يبرر ذلك.
لقيام المحاولة الجنائية الشروع في الجريمة حسب الما ّدة 92ق ع ج يُشترط توفّر ثالثة ()9عناصر:
6ـ البدء بالتنفيذ 2ـ عدم تحقق النتيجة بتوقف التنفيذ أو خيبته 9ـ القصد الجنائي.
البففدء بالتنفيففذ عنصففر مففا ّدي يتمثففل فففي فعففل أو نشففاط مففا ّدي للسففلوك ال ُمنفّففذ للجريمففة يكشففف عففن نيّففة
إجرامية ُمعيّنة .وقد ثار الجدل الفقهي حول المعيار الذي يميّز به البدء بالتنفيذ عن األفعال التحضيرية ،كحف ٍّد
فاص ٍل بين مرحلتي العقاب والالعقاب.
112
ال لبس فيها تؤدّي مباشرة الرتكاب الجريمة .فهو يُو ّسع من نطاق األفعال التي تعتبر شروعًا .فالمعياران
يمكن الجمع بينهما وال ينفي أحدهما اآلخر.
الركن الثاني في قيام الشروع حسب المفا ّدة 92ق ع ج هفو عفدم تحقفق النتيجفة ألسفباب أوظفروف ال
دخل إلرادة الجاني فيها ،فال يُتصور الشروع في الجرائم الشكلية التي ليس فيها نتيجة.
وعدم تحقق النتيجة يكون إ ّما بالتوقف القسري لتنفيذ الفعل أو لخيبة أثره ،أ ّما لو كان التوقّف إراديًا
وحرًا ال اضطراريًا فإنّه يعتبر عدوالً عن الجريمة يجنّب صاحبه العقاب ،كما أنّه يمكن أن يكون عدم تحقق
النتيجة في الجريمة بسبب أنّها مستحيلة .إذن يفترض ركن انعدام النتيجة ثالث حاالت.
114
ـ تكون االستحالة المادية بتخلُف ظرف ما ّدي يجعل الجاني عاج ًزا عن تحقيفق النتيجفة اإلجراميفة التفي
يُري ُدها ،وهذه الحالة ال تحول دون تحقق الشروع نظرًا لتوافر األركان القانونية الالزمة لقيام الجريمة ،مثفل
ألن الوسيلة عادة ال تكون ركنًا في الجريمة.
استحالة الوسيلة (في ماعدا السّم) ّ
الشروع ال ُمعاقبُ عليه سوا ٌء كان في ح ّد ذاته سلو ًكا ُمج ّر ًما أو لم يكن جريمة فهو يُعاقب بسبب القصد
ص ُد شخصًا ليغفله ويسرق منه ماالًّ ،
فإن الترصّد في ح ّد ذاته ليس الذي يُلبِسُه لبُوس اإلجرام ،كمن ير ُ
بجريمة ولكنّه صار جريمة بسبب القصد الذي البسه.
إذن يُشترط في العقاب على الشروع أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة التا ّمة بكل عناصرها،
حيث يهدف الجاني إلى إتيان السلوك وتحقيق نتيجة معينة ،وعلى هذا األساس فالمحاولة تكون دائ ًما جريمة
عمدية ،وال تُتصور في الجرائم غير العمدية ّ
ألن الجاني ال يهدف فيها إلى تحقيق نتيجتها اإلجرامية.
وال محاولة كذلك في الجرائم المتعدية القصد ألن النتيجة التي حدثت تعدت قصد الجاني.
115
المادة : 71يعتبر فاعال كل من ساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة
أو الوعد أو تهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية أو التحايل أو التدليس اإلجرامي.
المادة :72يعتبر شري اكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا ،ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون
الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب األفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك.
المادة : 73يأخذ حكم الشريك من اعتاد أن يقدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا لالجتماع لواحد أو أكثر من
األشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو األمن العام أو ضد األشخاص أو األموال مع
علمه بسلوكهم اإلجرامي.
المادة : 77يعاقب الشريك في جناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة.
وال تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف العقوبة أو اإلعفاء منها إال بالنسبة للفاعل أو
الشريك الذي تتصل به هذه الظروف.
والظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة التي توقع على من ساهم
فيها يترتب عليها تشديدها أو تخفيفها ،بحسب ما إذا كان يعلم أو ال يعلم بهذه الظروف.
وال يعاقب على االشتراك في المخالفة على اإلطالق.
المادة : 75من يحمل شخصا ال يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب جريمة
يعاقب بالعقوبات المقررة لها.
المادة : 70إذا لم ترتكب الجريمة المزعم ارتكابها لمجرد امتناع من كان ينوي ارتكابها بإرادته وحدها فإن
المحرض عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة.
116
المساهمة الجنائية أو االشتراك في الجريمة ،هي ُممارسة جماعية للنشاط اإلجرامي ،تتمثّ ُل في حالة
تدخلهم عرضيا ً ال يستلزمه القانون
تع ّدد األشخاص الذين يتد ّخلون في ارتكاب جريمة واحدة ،متى كان ُّ
لتحديد وصف الجريمة .وارتكاب الجريمة الواحدة من ع ّدة أشخاص أخطر من جريمة الشخص الواحد.
ُ
حيث الخطورة ،م ّما يترتّب قد تكون سلوكات وأدوار األشخاص المساهمين في الجريمة متفاوتة من
حيث قد تقتصر مساهمة البعض على سلوك غير خطير يتمثل ُ عنه اختالف أوصافهم ومراكزهم القانونية.
117
في ُمجرّد تقديم المساعدة بأفعال سابقة على تنفيذ الجريمة ،وقد يُساهم بعضهم اآلخر بأفعال خطيرة تدخل في
تنفيذ الركن المادي للجريمة ،بحيث يصبحون فاعلين رئيسيين في الجريمة وليسوا ُمجرّد ُشركاء ،ولذلك ميّز
ال ُمشرّع بين المساهمة المباشرة للفاعل والمساهمة غير المباشرة للشريك ،في المواد 86ـ 89ق ع ج.
118
أ) التفريد القضائي لعقوبة الشريك:
أن القانون يُس ّوي في العقوبة بين الشريك والفاعل األصلي حسب الما ّدة 88من ق ع ج ،إالّ ّ
أن رغم ّ
القاضي من الناحية العملية يُعاقب الشريك بعقوبة أخف من عقوبة الفاعل بما له من سلطة تقديرية في
ُمالءمة العقوبة ضمن مجال الح ّدين األدنى واألقصى.
د) إشتراط صفة ُمعيّنة في الفاعل دون الشريك :مثل وجوب أن يكون الفاعل موظفًا في جريمة
الرشوة ،ومتز ّوجًا في جريمة الزنا.
هـ) اشتراط وقوع الجريمة من الفاعل األصلي لمعاقبة الشريك :ال يُسأل الشخص عن جريمة بصفته
شري ًكا إالّ إذا ارتكبت الجريمة من طرف الفاعل ،حيث يجب إثبات فعل اإلشتراك والفعل األصلي.
119
تتع ّدد صور المساهمة الجنائية ،فقد يكون دور أحد ال ُمشاركين رئيسيًا ومباشرًا في تنفيذ الجريمة،
فيس ّمى الفاعل أو المساهم المباشر ،وقد يكون دور المشارك في الجرية ثانويًا أو تبعيًا فيس ّمى شري ًكا ،أو
مساه ًما غير مباشر ،وقد يكون دوره بعيدًا عن التنفيذ الما ّدي للجريمة ،ولكن يحمل غيره على ارتكابها
فيس ّمى ُمح ّرضًا .فكيف ف ّرق المشرّع بين هذه األصناف من المساهمين في الجريمة؟
تقتضي المساهمة األصلية تع ّدد الفاعلين األصليين وقد وصفت المادة 86من قانون العقوبات الفاعل
األصلي بالمساهم المباشر في تنفيذ الجريمة أو ال ُمحرّض " يُعتبر فاعالا ُكلُّ من ساهم ُمساهمة مباشرة في
تنفيذ الجريمة أو ح ّرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أوال تهديد أو إساءة استعمال السلطة أو الوالية
أو التحايل أو التدليس اإلجرامي"( )1وأضافت الما ّدة 81الفاعل المعنوي .إذن الفاعل األصلي ثالث ألنواع:
-9الفاعل المعنوي. 6ـ الفاعل الما ّدي ال ُمساهم ُمباشرةً في تنفيذ الجريمة 2ـ ال ُمحرّض
( )1النصّ القديم للمادة 41قبل تعديله بالقانون 04-82المؤرخ في 13فبراير " 1982يُعتبر فاعالً ُكلُّ من ساهم ُمساهمة
مباشرة في تنفيذ الجريمة"(ج ر 2بتاريخ 13فبراير.) 1982
111
ثانياا :ال ُمح ّرض:
كان ال ُمحرّض قبل 1382يُعتبر شري ًكا في الجريمة طبقًا للما ّدة 82وليس فاعالً أصليًاّ ،
لكن ال ُمش ّرع
الجزائري خالف أغلب تشريعات الدول( )1وح ّول التحريض من أفعال اإلشتراك إلى األفعال األصلية ،وذلك
ُ
حيث نقل الفقرة 6من الما ّدة 82إلى في تعديل قانون العقوبات بموجب القا 04-82في 13فبراير.1982
الما ّدة .86على أساس ّ
أن ال ُمحرّض له نيّة الفاعل وله مصلحة من وراء الجريمة ال ُمحرّضة وهو الذي خلق
الجريمة ،وقد أخذ بهذا الموقف كل من التشريع البلجيكي والهلندي واإلسباني والبرتغالي.
( )1الما ّدة 2/626من قانون العقوبات الفرنسي .الما ّدة 92من المجلّة الجزائية التونسية ،الما ّدة 629من القانون الجنائي
المغربي ،الما ّدة 82من قانون العقوبات المصري ،الما ّدة 81من قانون العقوبات اإلماراتي.
111
)3التهديدّ ،
حث الشخص على ارتكاب الجريمة بالضغط على إرادته بالوعيد التي يُه ّد ُده بالقتل أو
يء عنه أو صور ،إذا لم يرتكب الجريمة.
ال ُمساومة بنشر خبر س ّ
)7إساءة استعمال السلطة أو الوالية ،بأ يكون لل ُمحرٍّض سلطة قانونية على ال ُمحرَّض كأن يكون
رئيسه في العمل ،أو يكون وليُّه الشرعي مثل األب أو الكفيل بالنسبة للقاصر.
)5التحايل أو التدليس اإلجرامي ويُقص ُد به ُمباشرةُ أعمال تُهيّج شعور الشخص ال ُمحرَّض وتُشجّعه
وتُح ّمسُه على ارتكاب الجريمة ،كمن ي ّدعي أمام اإلبن العنيف شديد اإلنفعال ّ
أن أباه تعرّض للضرب
واإلهانة من طرف فالن ،فيوغر صدره عليه ويقنعه بأنّه ينبغي الثأر ألبيه م ّما يجعله يرتكب جريمة ض ّده.
112
أن ال ُمشرّع نظّم أحكام الشريك بشكل ُمستقل
بالرجوع لنص المادتين 82و 89من قانون العقوبات نجد ّ
أن اإلشتراك اليعني القيام بدور رئيسي أو أصلي في تنفيذ الجريمة وإنّما يعني القيام
عن الفاعل على أساس ّ
بدور ثانوي ب ُمساهمة غير ُمباشرة في الجريمة .فأفعال الشريك غير مجرمة بطبيعتها وإنّما تنجذب إلى دائرة
التجريم بوصفها حلقة من حلقات المساهمة في ارتكاب الجريمة.
113
9ـ الشريك يُسأل في نطاق خطورة الفاعل وبحسب قصد الفاعل فإذا ارتكب الفاعل جرائم جديدة غير
التي أراد الشريك االشتراك فيها ّ
فإن الشريك يُسأل عنها.
8ـ يتأثر الشريك بموانع المسؤولية والعقاب وأسباب انقضاء الدعوى الجزائية المرتبطة بالفاعل.
النظرية أ ّدت إلى نتائج متناقضة في بعض الحاالت مثل جريمة قتل األصول التي تُش ّدد فيها عقوب
الشريك ،وفكرة معاقبة التحريض على الجريمة رغم عدم وقوعها.
حاول أنصار النظرية التخفيف فقالوا باالستعارة النسبية أ ّو ال ُمقيّدة بدل ال ُمطلقة ،وفيها أنّه ال يستفيد من
الظروف الشخصية ال ُمش ّددة أو ال ُمخفّفة للعقوبة إال من توفّرت فيه.
جـ) موقف المش ّرع :هو المذهب الوسطي ،بين التبعية واالستقاللية:
6ـ التبعية :من حيث المساواة في العقوبة(الما ّدة 6/88ق ع ج) .وتأثر الشريك بالظروف الموضوعية
اللصيقة بالجريمة (الما ّدة 9/88ق ع ج).
2ـ اإلستقاللية :من حيث :ـ ُمعاقبة ال ُمحرّض رغم عدم وقوع الجريمة ال ُمحرّضة(الم81ق ع ج)
و ُمعاقبة الفاعل المعنوي (الما ّدة 81ق ع ج) .واستقالل الشريك بظروفه الشخصية (الم 2/88ق ع ج)
ومثاله قتل الطفل الحديث العهد بالوالدة (الما ّدة 616ق ع ج).
)2السلوك المادي لإلشتراك :يتمثل في جميع أعمال المساعدة التي يُق ّدمها الشريك للفاعل األصلي
بغرض الوصول إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية .وقد بيّنت المادة 82ق ع صور اإلشتراك في ثالثة أنواع من
األعمال وهي:
114
1ـ األعمال التحضيرية :وهي األعمال التي تقع قبل تنفيذ الجريمة وتتضمن التحضير لها .كتقديم
معلومات عن مكان السرقة ،أو شراء سالح أو توفير مركبة.
2ـ األعمال ال ُمس ّهلة لتنفيذ الجريمة :وهي أعمال المساعدة التي تعاصر ارتكاب الجريمة أي األعمال
التي تقع بعد البدء في تنفيذ الجريمة بغرض جعل هذا التنفيذ أكثر سهولة ،أو إلزالة عقبة تعترض تحقيق
الجريمة .وهي أعمال تقع غالبًا في غير مسرح الجريمة ،مثل قيام أحدهم بتعطيل المجني عليه عن العودة
إلى منزله حتى تتم السرقة فيه.
3ـ األعمال ال ُمت ّممة :وهي معونة ومساعدة تُعاصر المرحلة الختامية لتنفيذ الجريمة.
7ـ إيواء األشرار :بسبب المخاطر التي يتع ّرض لها المجتمع في تشجيع أعمال اإلجرام وتقديم المكان
اآلمن لمن يُخ ّل بأمن الدولة ،اعتبرت المادة 89من قانون العقوبات في حُكم أفعال االشتراك االعتاد على
تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان لإلجتماع لواحد أو أكثر من األشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد
أمن الدولة أو األمن العام ،أو ضد األشخاص ،أو األموال مع علمهم بسلوكهم اإلجرامي.
117
الفصل الثالث
الركـــن املعـنوي للجرمية
ـ يقصد بالركن المعنوي الكيان المعنوي للجريمة يُمثّل العالقة النفسية بين الجاني وما ّديات الجريمة،
وأن الجريمة لها أصول نفسية تُسيطر والتي تُبي ُّن ّ
أن الفعل الما ّدي للجريمة صاد ٌر عن إرادة إجرامية(آثمة) ّ
على ما ّدياتها ،والمبدأ يقضي بأنّه "ال جريمة بدون خطأ" .فالشخص الذي ارتكب الجريمة يكون قد أخطأ
إ ّما قاص ًدا ُمتع ّمدًا عن وعي وإدراك وبنية اقتراف السلوك اإلجرامي ،وإ ّما نتيجة إهمال منه أو رعونة ،وذلك
بما له من إدراك وتمييز وحرية االختيار ،تؤ ّكد قُدرته على توجيه إرادته وسلوكه والتمييز بين الخير والش ّر.
ـ أهميّة الركن المعنوي تكمن في:
أن بهذه الرابطة المعنوية يسند القاضي السلوك الجنائي لفاعله تطبيقًا لمبدأ شخصية العقوبة.
ـ ّ
ـ أنّه يكشف عن مدى خطورة شخصية الجاني ويُساهم في تحقيق أغراض العقوبة المناسبة.
ـ يُساهم في تحقيق ذاتية القانون الجنائي باعتباره القانون الوحيد الذي يهتم بالجانب النفسي للشخص.
ـ صور الركن المعنوي ،األصل في الجرائم أنّها تقوم على القصد الجنائي(الخطأ العمدي) بإرادة
موجّهة بوعي بنيّة اقتراف السلوك اإلجرامي .واستثنا ًء تكون الجرئم غير عمدية تقـوم علـى الخطـأ(الخطأ
غير العمدي) ،تتّجه فيه اإلرادة لتحقيق الفعل دون النتيجة .وميّزت الشريعة اإلسالمية ،بين العمد والخطأ،
(األحزاب). .
فهناك فرق بين القتل العمد الذي يوجب القصاص والقتل الخطأ الذي يوجب الدية
﴾(البقرة)﴿. فعن القتل العمد يقول تعالى ﴿
﴾ (المائدة)﴿.
﴾(المائدة) وعن القتل الخطأ يقول تعالى ﴿
(( ﴾)29النساء).
ـ وكذلك ميز التشريع الجنائي الجزائري بين الصورتين القصد الجنائي في الجرائم العمدية من جهة،
والخطأ في الجرائم غير العمدية من جهة أخرى ،فمثالً نصّ على جريمة القتل العمد في الما ّدة 218
ق ع " القتل هو إزهاق روح إنسان عم ادا " .وعاقبت عليها الما ّدة 218ق ع باإلعدام ".
ونصّت على القتل الخطأ المادة ُ " 288كل من قتل خطأ ا أو تسبّب في ذلك برعونته أو عدم احتياطه أو
عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته األنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثالث سنوات وبغرامة من
1.000إلى 20.000دينار " .وعليه يكون تقسيم المبحث إلى مطلبين:
المبحث األ ّول :الركن المعنوي في الجرائم العمدية(القصد الجنائي)
المبحث الثاني :الركن المعنوي في الجرائم ير العمدية(الخطأ)
118
القصد الجنائي هو العمد والصورة النموذجية لإلرادة اآلثمة أين يبرز بجالء تح ّدي الجاني ألوامر
المشرّع ونواهيه .ويُعرّف بأنّه "اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع علمه بعناصرها".
والمش ّرع الجزائري ال يعرّف القصد الجنائي لكن يستعمل مصطلح "القصد" كما في المادة 198
"ُ ...كل من أسهم عن قصد ،بأيّة وسيلة كانت ،في إصدار أو توزيع أو بيع أو إدخال النقود أو السندات"...
وأحيانًا يستعمل مصطلح "العمد" كما في جريمة كسر األختام عم ادا أو الشروع عم ادا في كسرها في
المادة ،155وجريمة الجرح العمد في الما ّدة ...218إلخ.
والقصد الجنائي مسألةً نفسية ،لكنّها تتجسّد ويت ّم استخالصُها من ظروف ومالبسات الجرائم ،وبواعث
الرتكابها ،والوسائل المستعملة وغيرها من العناصر السابقة ،والمعاصرة والالحقة للجريمة.
ال يقوم القصد الجنائي إالّ إذا توفّرت عناصره بأن يكون الجاني على علم بأركان الجريمة ،وتتجه
إرادته إلى النشاط اإلجرامي ونتيجته أو قبولها.
يُشترط لتحقّق القصد الجنائي علم الجاني بالعناصر المك ّونة للجريمة التي يتطلّبها الوصف القانوني
ويُميّزها عن غيرها من الجرائم .والجهل بأحد هذه العناصر أو الغلط فيها ينفي وجود القصد .لكن هناك
عناصر ثانوية أخرى ترتبط بالجريمة ال يؤثر الجهل بها أو الغلط فيها على القصد الجنائي.
أ ّوالا :العناصر التي يجب العلم بها ويؤثّر جهلها على قيام القصد الجنائي:
أ) العلم بموضوع الحق المعتدى عليه:
يهدف ال ُمشرّع من وراء تجريم فعل ُمعيّن ،صيانة حق جدير بالحماية الجنائية ،لذا ينبغي أن يكون
معلو ًما لدى الجاني حتّى يتوفّر لديه القصد الجنائي ،مثل العلم ّ
بأن المال مملوك للغير في السرقة(الم 912ق
حي في جريمة القتل ،والعلم ّ
بأن النقود مز ّوة عند طرحها للتداول (الم 201ق ع ج). ع) ،والعلم ّ
أن الشخص ُّ
121
ب) العلم بالظروف الشخصية المشدّدة المتعلقة بالجاني:
كظرف العود ،حيث ال يستطيع المتهم أن يتحجّج بنسيانه اإلدانة السابقة.
يتحقق القصد الجنائي إذا اتجهت اإلرادة إلى السلوك اإلجرامي ونتيجته بحسم قرار اإلختيار بين
اإلقدام على الجريمة واإلحجام عنها ثُ ّم تنفيذ الفكرة في الواقع.
أ ّوالا :تعريف اإلرادة:
اإلرادة كعنصر في القصد الجنائي هي قوة نفسية أو نشاط نفسي تُوجّه كل أعضاء الجسم أو بعضها
نحو تحقيق غرض غير مشروع ،أو هي نشاط نفسي واع ومدرك يُسيطر على السلوك الما ّدي ويوجّهه نحو
هدف تحقيق نتيجة إجرامية في الجرائم ذات النتيجة ،وإلى اقتراف الفعل في الجرائم الما ّدية .ويُشترط في
اإلرادة إذن أن تكون خالية من العيوب التي قد تنفي التمييز أو حرية االختيار.
من حيث الغاية والهدف الذي يسعى إليه الجاني يُقسّم القصد الجنائي إلى قصد عام وقصد خاص:
أ ّوالا :القصد العام:
هو الغرض الفوري المباشر للجريمة ،يتمثل في انصراف إرادة الجاني إلى تنفيذ السلوك وتحقيق
النتيجة مع علمه بعناصر الجريمة التي يرتكبها .وهو مطلوب في كل الجرائم ،فالقصد في القتل هو إزهاق
روح اإلنسان ،والقصد في السرقة هو اإلستالء على المال المسروق.
وال يُعت ُّد بالباعث إلى ارتكاب الجريمة في قيام الجريمة آلنّه ليس رُكنًا فيها ،و ّ
ألن الجريمة ليس غاية
المجرم بل وسيلته في تحقيق غايته ،والعبرة بالغرض المباشر الذي يكون واحدًا في ال ُمساهمة الجنائية وال
يتع ّدد بتع ّدد ال ُمساهمين فكلّهم ينوي مثالً إزهاق الروح ولو تع ّدد الباعث بتع ّدد ال ُمساهمين أي العلّة الدافعة
الرتكاب الجريمة أو السبب أو الغاية البعيدة أوالخلفية الكامنة وراء ارتكابها والتي تختلف من شخص آلخر.
فقد يكون القتل لإلنتقام أو للشفقة أو للشرف أو لتصفية ال ُمنافس أو للحصول على مكافأة مالية ،أو لوافع
سياسية أو دينية.
ُ
الباعث دنيئًا :مثل خطف األشخاص من أجل طلب فدية ـ قد يُعت ُّد بالباعث في التشديد القانوني إذا كان
الما ّدة ُ 299مكرّر 2/والقذف الموجّه إلى شخص أو أكثر بسبب انتمائهم إلى مجموعة عرقية أو مذهبية أو
إلى دين معين الما ّدة .)1( "...2/298
ُ
الباعث شريفًا مثل مرتكب القتل والجرح والضرب من أحد ـ وقد يُعت ُّد به في تخفيف العقوبة إذا كان
الزوجين على الزوج اآلخر أو على شريكه في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا (الم 279ق ع).
هو نيّة ُمح ّددة يستلزمها القانون لقيام الجريمة ،تنصرف إلى تحقيق غاية ُمعيّنة أو غرض خاص
باإلضافة إلى الغرض العام للجريمة .يشترطه ال ُمشرّع ويجب على القاضي أن يُثبته في حكمه ّ
ألن الخطورة
( )1راجع كذلك المواد 6/922 ،291 ،266 ،2/682 ،88 ،81 ،19 ،16وغيرها من قانون العقوبات الجزائري.
122
تكمن في سعي الجاني إلى تحقيق هذا الهدف .فالعلم واإلرادة ال يقتصران على أركان وعناصر الجريمة بل
يمت ّدان باإلضافة إلى ذلك إلى وقائع أخرى ليست من أركان الجريمة.
وفي حالة تخلّف هذا القصد ال ُمح ّددّ ،
فإن الفاعل ال يعاقب من أجل الجريمة الخاصة التي يشترط
القانون الرتكابها توافر القصد الخاص وإن كان من الممكن معاقبة الجريمة بقصدها العام.
ـ مثل الغرض الخاص للتزوير في الم 222ق ع" كل من قلّد أو ز ّور أو زيّف رخصًا أو شهادات أو
كتابات أو وثائق تصدرها اإلدارات العمومية بغرض إثبات حق أو شخصية أو صفة أو منح إذن"..
ومثل غاية الكسر العمدي لألختام في المادة ..." 155وإذا كان كسر األختام أو الشروع فيه قد وقع
بغرض سرقة أوإتالف أدلّة أو أوراق إثبات في إجراءات جزائية فيكون ."...
123
ـ قانون العقوبات الجزائري يُعاقب الشخص على قصده االحتمالي في المادة " 271إذا نتج عن
الضرب أو الجرح أو العنف أو التعدي...فقد أو بتر أحد األعضاء أو الحرمان من استعماله أو فقد البصر أو
أية عاهة مستديمة أخرى فتكون العقوبة السجن المؤقت من 62سنوات إلى 22سنة .وإذا نتجت عنها الوفاة
بدون قصد إحداثها فتكون العقوبة هي الحد األقصى للسجن المؤقت."..
124
األصل في الجرائم أنّها عمدية قائمة على القصد الجنائي ،واستثنا ًء يمكن أن تكون غير عمدية قائمة
أن في القصد الجنائي تُسيط ُر اإلرادة على ما ّديات
على الخطأ .والفرق بين القصد الجنائي والخطأ هو ّ
فإن الجاني يريد الفعل لكن ال يريد النتيجة ،وإنّما يرجع
الجريمة وتتّجه لتحقيق النتيجة ،بينما في الخطأ ّ
حدوث النتيجة إلى إهمال الجاني وإخالله بواجب الحيطة والحذر.
المطلب األ ّول :التعريف بالخطأ (غير العمدي)
المطلب الثاني :صور الخطأ (غير العمدي)
يُمثل الخطأ غير العمدي الصورة الثانية للركن المعنوي في بعض الجرائم .فما مفهوم الخطأ غير
العمدي؟ وما هو معياره؟ وما أنواع الجرائم العمدية التي تقوم على أساس الخطأ غير العمدي؟
125
ـ و بالمعيار الموضوعي يقارن الشخص بشخص آخر متوسط الحذر واالحتياط ،فإذا وقع هذا األخير
فيما وقع فيه األ ّول فال مجال للمساءلة ،وإذا استطاع تفادي النتيجة اإلجرامية فيعتبر األ ّول ُمخطئًا.
ب) اإلستثناء:
قد يكون في الجنح مثل القتل الخطأ والجروح الخطأ(المواد 288و 289ق ع).
ـ الما ّدة ُ " 288كل من قتل خطأ ً أو تسبب في ذلك برعونته أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو
إهماله أو عدم مراعاته األنظمة .يُعاقب بالحبس من ستة( )1أشهر إلى ثالث( )9سنوات وبغرامة من
6. 222دج إلى 22. 222دج .ونصّت والما ّدة" 289بأنّه إذا نتج عن الرعونة أو عن عدم االحتياط
إصابة أو جرح أو مرض أدى إلى العجز الكلي عن العمل لمدة تجاوز ثالثة أشهر ،.يُعاقب الجاني بالحبس
من شهرين إلى سنتين ،و وبغرامة من 6. 222دج إلى 22. 222دج.
126
ثانياا :عدم اشتراط الخطأ غير العمدي في بعض الجرائم:
أ) الجرائم المادّية:
ال يُشترطُ فيها تواجد الركن المعنوي ،وهي التي توجد من الناحية القانونية وتقع تحت طائلة العقاب
لمجرّد ارتكاب السلوك الما ّدي ،بصرف النظر عن أي عنصر نفسي أو معنوي ،ولو في صورة الخطأ
باإلهمال ،مثل ُمخالفات المرور .والتي تُقام فيها المسؤولية الجزائية بدون خطأ ،حيث ال في صورة قصد
جنائي وال في صورة خطأ .بل يكفي القاضي أن يُثبت الفعل إلدانة ال ُمخالف دون الحاجة إلثبات اإلهمال أو
الرعونة أو عدم االنتباه.
هناك صور ُمح ّددة للخطأ يتفق عليها الفقه والتشريع يتميّز بها عن العمد ،وهناك صور يجري فيها
الخالف بين اعتبارها خط ًء أو عمدًا.
حصر ال ُمشرّع الجزائري صور الخطأ غير العمدي وألزم القاضي بإثباتها في حكمه بإدانة المتهم
احترا ًما لمبدأ الشرعية الجنائية .قد تكون في شكل سلوك إيجابي أو في شكل سلوك سلبي .وقد ذكرها
المشرّع في بعض نصوص قانون العقوبات مثل الم ُ "288كل من قتل خطأ ً أو تسبب في ذلك برعونته أو
عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته األنظمة.
127
ثانياا :عدم الحيطة:
هو قيام الجاني بممارسة بعض األعمال الخطرة مع نقص الحذر واالحتراز الالزم ،رغم علمه
وتوقعه لنتائجها ،أو هو اإلقدام على فعل بطريق االستخفاف واالستهتار مع إدراك مخاطر الفعل ودون
التّب ّ
صر بعواقبه ،فعدم الحيطة هو نقص الحذر الالزم للقيام بتصرفات خطرة ،مثل قيادة السيارة بسرعة أمام
المدرسة ،أو توقيفها في مكان ممنوع التوقف فيها .ونوم المرضعة أمام رضيعها ومن ث ّم قتله خنقًا بانقالبها
عليه ،أو من يهدم مباني دون اتخاذ االحتياطات الالزمة .أو من يُطلق البارود في عرس ويُصيب به شخصًا،
أو من يلقي سيجارة من نافذة السيّارة في أحد الحقول فيحترق.
129
المادة :74ال عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة وذلك دون اإلخالل بأحكام الفقرة 2
من المادة .26
المادة :78ال عقوبة على من اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعها.
المادة :73ال يكون محال للمتابعة الجزائية القاصر الذي لم يكمل عشر ( )62سنوات.
ال توقع على القاصر الذي يتراوح سنه من 62إلى أقل من 69سنة إال تدابير الحماية أو التهذيب.
ومع ذلك فإنه في مواد المخالفات ال يكون محال إال للتوبيخ.
ويخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 69إلى 68إما لتدابير الحماية أو التهذيب أو لعقوبات مخففة.
المادة :12إذا قضي بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 69إلى 68لحكم جزائي فإن العقوبة التي
تصدر عليه تكون كاآلتي :
إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي اإلعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر
سنوات إلى عشرين سنة.
وإذا ك انت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان
يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا.
المادة :16في مواد المخالفات يقضى على القاصر الذي يبلغ سنه من 69إلى 68إما بالتوبيخ وإما بعقوبة
الغرامة.
بعدما درسنا فيما سبق ،الجانب القانوني والجانب الما ّدي والجانب المعنوي للجريمة ،نتناول في هذا
الفصل الجانب الشخصي للجريمة والذي يُعبِّر عنه ال ُمشرّع بـ " ُمرتكبوا الجريمة " في الباب الثاني من
الكتاب الثاني المتعلّق باألفعال واألشخاص الخاضعون للعقوبة .ويستعمل ال ُمشرّع كذلك ُمصطلح "
ال ُمجرم" في تسمية ُمرتكب الجريمة مثالً في الما ّدة 262ق ع ج "يعاقب باعتباره قاتالً ُك ّل ُمجرم مهما كان
وصفه استعمل التعذيب أو ارتكب أعماالً وحشية الرتكاب جنايته .ال ُمجرم هو الشخص الذي ارتكب الجريمة
ويكون مسؤوالً عنها.
يترتّب عن اجتماع أركان الجريمة الثالثة (الشرعي والما ّدي والمعنوي) تح ّمل تبعاتها القانونية من
طرف الشخص الذي ارتكبها ،حيث يُسأل هذا األخير عن األسباب التي جعلته يتّخذ هذا المسلك اإلجرامي
ويُحاسب عن خطئه بتوقيع الجزاء ال ُمستحق.
131
المسؤولية الجزائية هي اإللتزام بتح ّمل النتائج القانونية ال ُمترتّبة عن ارتكاب الجريمة ،وموضوع
االلتزام هو العقوبة أو التدبير االحترازي الذي يُنزله القانون بالمسؤول عن الجريمة.
والمسؤولون جنائيًا على نوعين هما األشخاص الطبيعية ،واألشخاص المعنوية ،حيث ندرس في هذا
المطلب أحكام المسؤولية الجزائية بالنسبة للشخص الطبيعي ،والشخص المعنوي ،وندرس التوجهات الحديثة
في الفقه الجنائي لتكريس المسؤولية الجزائية عن فعل الغير.
المطلب األ ّول :المسؤولية الجزائية للشخص الطبيعي
المطلب الثاني :المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي
المطلب الثالث :المسؤولية الجنائية عن فعل الغير
ليس كل إنسان يكون أهالً لتح ّمل المسؤولية الجزائية ومن ث ّم الجزاء ،بل هناك شروط لتحملها ،منها
ما يتعلّق باإلنسان ومنها ما يتعلّق بالظروف المحيطة به .ولذلك فالمسؤولية الجزائية لها أساس فلسفي
وقانوني تستند إليه.
تختلف ع ّدة مذاهب فكرية في تأسيس المسؤولية الجزائية ،وتتفق معظم التشريعات على شروط قيامها.
131
حرية االختيار ولكن سببها هو عوامل ذاتية نفسية وعوامل اجتماعية بيئية .ومن ث ّم فأساس المسؤولية هو
الدفاع االجتماعي ض ّد الخطورة اإلجرامية الكامنة في الشخص.
132
وجوب تقديم تقرير دوري له حول تطور وضعية الطفل .كما يجوز وضع الطفل في مركز متخصص في
حماية األطفال في خطر ،أو في صلحة مكلّفة ب ُمساعدة الطفولة.
2ـ القاصر ال ُمميّز :هو الحدث الذي كان عمره 69سنة وأق ّل من 68سنة ،وكانت جريمته جناية أو
ضعه إ ّما لتدابير الحماية والتهذيب أو لعقوبات ُمخفّفة حسب الما ّدة
جنحة ،فيُع ُّد قِصرُه ُعذراً قانونيا ً ُمخففاً ،يُخ ِ
49ق ع ج .وأ ّكدتها الما ّدة 2من قانون حماية الطفل .ونصّت الما ّدة 81من هذا القانون أيضًا على إمكانية
استبدال التدابير بالعقوبات ال ُمبيّنة في الما ّدة 12من قانون العقوبات.
3ـ الراشد :يبدأ اإلدراك التام لدى االنسان في مرحلة النُّضج والخبفرة الالزمفين إلدراك ماهيفة األفعفال
والتفريففق بففين المبففاح والممنففوع ،واإلحاطففة بالنتففائج الما ّديففة والمعنويففة التففي تترتففب علففى مخالفففة القففوانين.
سن الرشد الجزائي ال ُمقف ّدر بفـ
فالراشد في القانون الجزائري مثل أغلب القوانين الوضعية ،هو البالغ الذي بلغ ّ
68سنة .حسب ما نصّفت عليفه المفا ّدة الثانيفة مفن قفانون حمايفة الطففل رقفم .12-15والعبفرة ففي ِس ّ
فن الرشفد
الجزائففي بتففاريخ ارتكففاب الجريمففة .حيف ُ
فث يُعتبففر كا ِمففل األهليففة يُسففأل مسففؤوليةً كاملففة عففن جميففع السففلوكات
المجرّمة قانونًا.
قد تلحق بشخص الجاني عوارض تؤ ّدي إلى اإلنقاص من أهليته أو إلى إعدامها ،فال يكفون قفادرًا علفى
تح ّمففل المسففؤولية الجزائيففة ،حيففث تُس ف ّمى هففذه العففوارض بموانففع المسففؤولية الجزائيففة .وهففي أسففباب يففؤ ّدي
ألن المشرّع يعتفد بفاإدراك وحريفة االختيفار ،وقفد نظّفم المشفرّع
وجودها إلى انتفاء الركن المعنوي للجريمةّ ،
هذه الموانع في المواد 82إلى 12ق ع هي صغر السن والجنون واإلكراه.
ثانياا :الجنون:
نصّت المادة 47ق ع أنّه ال عقوبة على من كان في حالة جنون وقت ارتكاب الجريمة وذلك ال يمنع
من اتخاذ تدابير ض ّد الشخص طبقًا لنصّ المادة.26
والجنففون حالففة عقليففة تتصففف بفقففدان ملكففة اإلدراك (أو العقففل أو الففوعي) ،ومففا يرافقهففا مففن اخففتالل
وضعف في الوظائف الذهنية للدماغ ،وزوال القدرة على التحكم وتوجيه اإلرادة .يُعرّفه الفقه بأنّفه إضفطرابٌ
في القوى العقلية ،يُفقد المرء القدرة على التمييز والسيطرة على أفعاله.
وال توجد في القانون الجزائي قرينة على االضطراب العقلي بل يق ّدها القاضي بعد اللجفوء إلفى الخبفرة
العقلية يُكلّف بإجرائها طبيب مختص في األمراض العقلية.
ومن الجنون ما يكون ُم ْ
طبقاً ،وهو الجنون الكلي الفدائم .ومنفه مفا يكفون متقطعفاً ،وهفو الجنفون الفذي ال
يستغرق وقت المجنون كله ،بل يظهر ففي أوقفات متقطعفة لسفاعات أو أيفام ،ثفم يعفود المجنفون لوعيفه ويملفك
زمام إرادته .ومنه ما يكون جزئيا ً يصيب جزءاً معينا ً من دماغ اإلنسان فيفقده بعض ملكاته العقلية.
ويلحق بالجنون األمفراض العقليفة والعصفبية التفي تُفقفد اإلدراك واإلرادة .ومنهفا الصفرع ،والهسفتريا،
والذهان ،والوسواس الجنوني ،وازدواج الشخصية أو انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا) ...الخ.
والعبرة في انعدام المسؤولية الجزائية بالحالة العقلية التي يكون عليها المريض أثناء ارتكاب الجريمة.
وال ينطبق حكم الجنون على حالة السكر أو تنفاول ال ُمخف ّدرات ،بفل أحيانًفا تُعتبفر ظفرف تشفديد كمفا ففي
القتل الخطأ والجرح الخطأ (الم 292ق ع ج ،والم 11من قانون المرور) إال إذا كان السكر اضطراريًا.
وامتناع المسؤولية الجزائية لسبب الجنون ال يمنع القاض من الحكم علفى الجفاني بالتفدابير المنصفوص
عليها في الما ّدة 2/26ق ع ج .وهي الوضع القضائي في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلية .ويجب إثبات
الخلل العقلفي ففي الحكفم الصفادر بفالحجز القضفائي بعفد الفحفص الطبفي .وامتنفاع المسفؤولية الجزائيفة لسفبب
الجنون ال يمنع من قيام مسؤوليته المدنية عن األؤار التي خلّفتها الجريمة.
ثالثاا :اإلكراه:
نصّت المادة 48ق ع ج أنّه ال عقوبة لمن اضطرته إلى ارتكاب الجريمة قوة ال قبل له بدفعها.
واإلكراه ال ينفي الجريمة ولكن ينفي المسؤولية الجزائية والعقاب ،وهو نوعان إكراه ما ّدي وإكراه معنوي.
134
أ) اإلكراه المادي:
هو أن تقع على الشخص ق ّوة ما ّدية خارجية تجعله مدفوعًا بصورة جبرية إلى ارتكاب فعل يع ُّد
جريمة ،وهذه القوة الخارجية ال يد له في حدوثها ،وال يستطيع توقعها قبل حدوثها.
وهذه القوة المادية ،قد يكون مصد ُرها الطبيعة كالتقلبات المناخية أو األرضية ،أو الحيوانات ،وقد
يكون مصدرها اإلنسان كالتهديد بالسالح أو كمن يُمسك بيد الشخص ويُجبره على تزوير الوثيقة ،أو
كالحروب ،والفتن واإلضطرابات .ولقيام حالة اإلكراه المادي ال ب ُّد من توافر شروط أربعة وهي:
ـ أن يكون اإلكراه ماديًا :تش ّل إرادة الفاعل ذات طبيعة مادية ال تدع له مجاالً لالختيار .مثل الشخص
الذي وضعت له المادة السامة في يده وأجبر عنوة على وضعها في الطعام.
ـ عدم إمكان مقاومة القوة :أي أن يكون الفاعل في موقع يستحيل معه التصرّف بغير ارتكاب جريمة،
وينبغي تقدير هذا العنصر بدقة ،فالسبب ال يعتبر مبر ًرا لعدم المساءلة إال إذا كان م ّما ال يمكن توقعه وتفاديه.
ـ انعدام خطأ الجاني السابق :أي أن ال يكون اإلكراه مسبوقًا بخطأ الجاني كسبب في حدوث الجريمة.
ـ يُعرّف الشخص المعنوي بأنّه " مجموعة من األشخاص الطبيعية واألموال يعترف لها القانون
بالشخصية القانونية ال ُمستقلّة فيكون قابالً الكتساب حقوق وتح ّمل التزامات ،وهي ُمتع ّددة األشكال من بينها
الدولة ،والمؤسسات العمومية ،والبلديات ،والجمعيات ،والنقابات ،والشركات ."،ويترتّب عن اإلعتراف
بالشخص المعنوي تمتُّ ُعه باألهلية القانونية وأهلية التقاضي والذ ّمة المالية والموطن ال ُمستقل حسب المواد
12-89من القانون المدني.
ـ أ ّدت التح ّوالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي عرفها العالم إلى انتشار األشخاص المعنوية
بكثرة وهي تقوم بدور على درجة كبيرة من األهميّة في المجتمع في مختلف المجاالت وخاصّة المجال
لكن التجرية بيّنت أنّه قد تُمارس الشركة
االقتصادي .وقد كان الشخص المعنوي موضع مساءلة مدنية فقطّ ،
تجارة الممنوعات ،أو ترتكب جرائم مالية ،أو تُهمل صيانة ُمنشآتها فتتسبب في قتل أو جرح شخص.
135
إذا سلك الشخص المعنوية طريق اإلجرام فإنّه يكون ضررُه جسي ًما وخطيرًا يفوق بكثير إجرام
األشخاص الطبيعية ،حيث ال يكفي لمواجهته ُمجرّد التعويض أو ُمعاقبة األشخاص الطبيعييين ،م ّما أثار
نقاشات فقهية كثيرة حول إقرار ُمسؤولية الشخص المعنوي جنائيًا ،مثل المؤتمر ال ّدولي الثاني لقانون
العقوبات بوخريست ،6929والسابع في أثينا ،6912وانعكس ذلك على التشريعات التي أصبحت تتع ّدى
إطار التعويض المدني في مسؤولية الشخص المعنوي إلى اإلطار الجزائي.
136
)1الشخص المعنوي له كيان قانوني حقيقي ُمستقل بذاته ،وهو عصب الحياة االقتصادية والقانون
اليعتد بالوجود الفزيولوجي بل بأهلية التمتع بالحقوق وتح ُّمل اإللتزامات ،بدليل االعتراف ب ُمسؤوليته
المدنية.
)2الشخص المعنوي له إرادة ويُمكن يُتصور توافر الركن المعنوي بإرادة يُعبّر عنها ُممثلوه وأجهزته
الخاصّة وتُجسدها مداوالت مجلس اإلدارة.
)3الشخص المعنوي يرتكب الجرائم بواسطة أعضائه وممثليه فهم شركا ُؤه .كجرائم الشركات وجرائم
النصب وخيانة األمانة والتزوير والتهرُّ ب الضريبي وجرائم البيئة وجرائم العمل.
)7أغلب العقوبات يمكن تطبيقها على الشخص المعنوي ولها آثارها الغير ُمباشرة على الغير مثل
عقوبات الشخص الطبيعي.
)5فعالية هذه المسؤولية في مكافحة إجرام الشخص المعنوي ،فال يُمكن مواجهته إال بعقوبات جزائية.
خا ّ
صة اإلجرام اإلقتصادي لحماية مواد ووسائل اإلنتاج.
)0فكرة الردع واإلصالح تُطبّق على الشخص المعنوي بعقوبات تتالءم مع طبيعته تجعله يخشاها
فيمتنع عن ارتكاب الجريمة ،أو تدفعه إلى اإلصالح الذاتي الداخلي .ألنّها تُسيئ إلى سمعته فتُسبّب له خسائر
كبيرة كالغرامة والمصادرة والمنع المؤقت من مزاولة النشاط ،أوعقوبة الحل التي تُشبه اإلعدام.
)4تحقيق العدالة يقتضي توزيع المسؤولية الجزائية بين الشخص المعنوي واألشخاص الطبيعيين
الذين ارتكبوا الجريمة لحسابه.
137
أ ّما المواد 118-181من قانون اإلجراءات اإلجزائية المتعلّقة بفهرس الشركات في باب صحيفة
السوابق العدلية الخاصّة بالشركات المدنية والتجارية ،فقد استبعدت إمكانية توقيع عقوبة على الشخص
المعنوي إالّ بصفة استثنائية وبنصوص خاصّة ،وأق ّر إمكانية اتخاذ تدابير ض ّده.
ـ وبسبب غياب النصّ الصريح على المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،والنظام اإلجرائي الخاص
بمحاكمته وتنفيذ العقوبة عليه ،استبعدها القضاء الجزائري في عدة مناسبات ،بناء على مبدأ شخصية العقوبة
وتفرديها.
138
ـ الباب الثاني من الكتاب الثاني :تضمن الفصل الثاني منه المتعلق بالمسؤولية الجزائية شروط
المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ،في الما ّدة ُ 16مكرّر .وتض ّمن الفصل الثالث ال ُمتعلّق بشخصية
العقوبة ،ظروف تخفيف العقوبة على الشخص المعنوي في الما ّدةُ 19مكرّر ،4وظروف تشديدها في
الموادُ 19مكرّر ،8وُ 18مكرّر 5إلى ُ 18مكرّر.3
ـ الكتاب الثالث المتعلّق بالجنايات والجنح وعقوباتها :إشتمل على نصوص كثيرة تُح ّدد الجرائم
ال ُمرتكبة من طرف الشخص المعنوي ،أغلبها يتعلّق بعالم األعمال ،نذك ُر بعضها الحقًا.
نصّت المادة 16مكرر من قانون العقوبات على شروط المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي وهي:
6ـ ارتكاب الجريمة لحساب الشخص المعنوي 2 ،ـ وارتكاب الجريمة من طرف جهاز أو ممثل
الشخص المعنوي9 .ـ أن ينصّ القانون على هذه المسؤولية في نصّ التجريم.
141
ثالثاا :شرط وجود نّص قانوني يُق ّرر مسؤولية الشخص المعنوي عن جريمة ُمعيّنة:
أشترطت الما ّدة ُ 16مكرّر صراحةً لمساءلة الشخص المعنوي جزائيًا أن ينصّ القانون على ذلك سواء
قانون العقوبات العام أو النصوص العقابية الخاصّة.
صة :
)2في القوانين الخا ّ
1ـ جرائم الفساد :بموجب الما ّدة 19من قانون الوقاية من الفساد و ُمكافحته ،يكون الشخص المعنوي
مسؤوالً عن جرائم الفساد وفقًا للقواعد ال ُمقرّرة في قانون العقوبات ومنها جرائم الرشوة والختالس...
2ـ جرائم المنافسة طبقًا للقانون رقم 21-91المؤرخ في 6991/26/21ث ّم األمر 29-29المؤرخ في
.2229/22/69حيث تمنع الما ّدة 66على كل مؤسسة التعسّف في استغالل وضعية التبعية لمؤسسة أخرى
بصفتها زبونًا أو ُمم ّونا إذا كان ذلك يُخ ّل بقاعد ال ُمنافسة ،وتُعاقب الما ّدة 69على هذه ال ُممارسة بالغرامة.
3ـ جرائم التهريب بموجب الما ّدة 28من قانون مكافحة التهريب ،األمر 21-21يُعاقب الشخص
المعنوي الذي قامت مسؤوليته الرتكاب األفعال المجرمة في هذا األمر بغرامة قيمتها ثالثة( )9أضعاف الحد
األقصى للغرامة التي يتعرض لها الشخص الطبيعي الذي يرتكب نفس األفعال .وإذا كانت العقوبة المقررة
للشخص الطبيعي هي السجن المؤبد يعاقب الشخص المعنوي بغرامة بين 12مليون دج و212مليون دج.
7ـ الجرائم الضريبية :بموجب المادة 929مقطع 9من قانون الضرائب ال ُمباشرة والرسوم ال ُمماثلة،
والما ّدة 698من قانون الرسم على األعمال ،يمكن تُرتكب المخالفات الضريبية من طرف الشركات أو
األشخاص المعنوية التابعة للقطاع الخاص ،وق ّررت لذلك عقوبات الغرامات.
5ـ جرائم اإلتجار بال ُمخدرات بموجب المادة 21من قانون مكافحة ال ُمخ ّدرات 68-28يُعاقب الشخص
المعنوي الذي يرتكب جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المواد من 69إلى.62
) (1يقصد بتبييض األموال إخفاء المصدر اإلجرامي للممتلكات واألموال ،ال سيما المال القذر لذا تمر عملية التبييض من
الناحية التقنية بثالث مراحل بداية بالتوظيف ،فالتمويه ثم اإلدماج.
142
ب) العقوبات المطبقـة على األشخاص المعنوية (المواد 18مكرر و 18مكرر:)1
)1في مواد الجنايات والجنح:
1ـ العقوبات األصلية :الغرامة :من م ّرة إلى خمس ( )1م ّرات الحد األقصى للغرامة المقررة للشخص
الطبيعي .وعندما ال ينص القانون على عقوبة الغرامة بالنسبة لألشخاص الطبيعيين سواء في الجنايات أو
الجنح ،وقامت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي طبقًا ألحكام الما ّدة ُ 16مكرّرّ ،
فإن الح ّد األقصى للغرامة
المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي يكون كاآلتي:
2.000.000 -دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام أو بالسجن المؤبد،
1.000.000 -دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت،
( 500.000 -دج بالنسبة للجنحة .
عندما يعاقب شخص معنوي بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 18
ُمك ّررّ ،
فإن خرق االلتزامات المترتبة على هذا الحكم من طرف الشخص الطبيعي يعاقب بالحبس والغرامة
ويمكن التصريح بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجريمة المذكورة ويتعرّض للغرامة
المنصوص عليها في المادة 18مكرر.
143
الباب الثاني:
اجلزاء اجلنائي املُطبّق على مُرتكب اجلرمية
المادة » : 7يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات وتكون الوقاية منها باتخاذ تدابير أمن.
العقوبات األصلية هي تلك التي يجوز الحكم بها دون أن تقترن بها أية عقوبة أخرى.
العقوبات التكميلية هي تلك التي ال يجوز الحكم بها مستقلة عن عقوبة أصلية ،فيما عدا الحاالت التي ينص
عليها القانون صراحة ،وهي إما إجبارية أو اختيارية.
إن لتدابير األمن هدف وقائي.
يعتبراألشخاص المحكوم عليهم بسبب نفس الجريمة متضامنين في رد األشياء والتعويضات المدنية
والمصاريف القضائية ،مع مراعاة ما نصت عليه المادتان ( 962الفقرة )8و 922من قانون اإلجراءات
الجزائية«.
يترتّب عن ارتكاب الجريمة أثر قانوني وهو تحميل التبِعة والمسؤولية بتوقيع الجزاء الجنائي ردعًا
وإصالحًا وإقامةً للعدل .فالجزاء الجنائي وسيلة من وسائل صيانة المجتمع من االنحراف ،بتأديب الجاني
وترهيبه من شتّى المخالفات والجرائم ،بواسطة العقوبات واإلجراءات االحترازية.
والجزاء في القانون الجنائي هو ذلك اإلجراء الذي يُقرّره القانون ويوقعه القاضي على شخص ثبتت
مسؤوليته عن الجريمة ،وله صورتان6 :ـ العقوبة .و2ـ التدابير اإلحترازية ،حيث يكون جزاء الجرائم
بتطبيق العقوبات ،وتكون الوقاية منها باتخاذ تدابير األمن.
نظّم الم ّشرّع العقوبات في المواد 1إلى ُ 68مكرّر ،3والتدابير األمنية في المواد 69إلى .22
الفصل األوّل:
العقوبة
العقوبة هي الصورة األولى من الجزاء الجنائي تُمثل قد ًرا من األلم يُقرّره ال ُمجتمع ُممثالً في ُمشرّعه،
يوقع على مرتكبي الجرائم بموجب حكم قضائي ُمبرم ،وتتن ّوع بحسب نوع الجريمة المرتكبة وظروفها.
نتناول في هذا الفرع مفهوم العقوبة وأصنافها وكيفية تفريدها القانوني والقضائي بحسب الظروف
الشخصية والموضوعية المقترنة بها.
جوهر الجريمة إيالم ال ُمجرم بما يتناسب مع جريمته قد يتعلّق بالبدن أو بالحرية أو المال أو االعتبار.
يتبغي تعريف العقوبة وبيان أغراضها ،وتوضيح شروط تقريرها في القانون.
144
أ ّوالا :التعريف الشرعي للعقوبة:
هي جزاء مادي أو أدبي وضعه الشارع للزجر عن ارتكاب ما نهى عنه وترك ما أمر به ،يُفرض
سلفا لجعل المكلف يحجم عن ارتكاب الجريمة ،فإذا ارتكبها رُدع بالعقوبة حتى ال يعاود الجريمة مرة
أخرى كما يكون عبرة لغيره.
145
ثانياا :الردع العام والخاص:
الردع العام يقصد به ّ
أن تنفيذ العقوبة يكون فيه تحذي ٌر لباقي أفراد المجتمع الذين تراودهم فكرة ارتكاب
الجريمة من أنّهم سينالون نفس العقوبة التي توقع على المجرم الذي ارتكبها فعالً .أ ّما الردع الخاص فيقصد
به ايالم الجاني بالقدر الالزم الذي يمنعه من التفكير في العودة الى ارتكاب الجريمة.
نصّ الدستور الجزائري في المواد 618و 612مبادئ ال ّشرعيّة وال ّشخصيّة والمساواة.
أوالا :أن تكون العقوبة شرعية(قانونية):
نصّت على هذا الشرط الما ّدة 6من ق ع ج ،والما ّدة 1من قانون تنظيم السجون وإعادة إدماج
المحبوسين 21ـ .28وتعتبر العقوبة شرع ية إذا كانت تستند إلى قانون صدر بها من السلطة التشريعية في
الدولة .ويترتب على اشتراط شرعية العقوبة أنّه ال يجوز للقاضي أن يوقع عقوبة من عنده حتى لو اعتقد
أنها أفضل من العقوبات المنصوص عليها.
ثانياا :أن تكون العقوبة شخصية :أي أنّها تصيب الجاني وال تتعداه إلى غيره فإذا مات الجاني أو
هرب فال يلحق شر العقوبة أقاربه ،وتُطبّق العقوبة المالية في ماله الخاص أو تركته بعد الوفاة قبل الميراث.
147
أ ّوالا :مفهوم التعدّد الصوري للجرائم:
تقوم حالة تع ّدد صوري أو معنوي للجرائم عندما يجوز أن يوصف الفعل الواحد بع ّدة أوصاف
إجرامية ،يعني إمكانية أن يكون الفعل االجرامي الواحد محالًّ ل ِع ّدة تكييفات قانونية ،م ّما يجعله قابالً
للخضوع ألكثر من نصّ قانوني .مثل أن يقوم شخص بفعل هتك العرض في مكان عمومي ،فالفعل ينطبق
عليه وصف جريمة هتك العرض طبقًا لنصّ الما ّدة 991ق ع ج ووصف جريمة الفعل العلني ال ُمخل بالحياء
بموجب الما ّدة 999ق ع ج.
فتع ّدد النصوص القانونية وتقارُبُ مضامينها يجعلها تتزاحم في انطباقها على واقعة واحدة ،أو تتزاحم
التكييفات المحتملة على الواقعة الواحدة ،مثل السرقة عمو ًما بنص الما ّدة 912ق ع ج وسرقة المواشي في
الما ّدة 916ق ع ج .حيث اختلف الفقه في إيجاد ح ٍل للمسألة باختالف المعايير ،فهناك معيار استبعاد النصّ
العام عند وجود النص الخاص ،وهناك معيار تبعية النص االحتياطي للنص األصلي ،ومعيار استغراق
النص األوسع لنصّ ضيّق فيحتويه ،مثل انتهاك حرمة منزل والسرقة داخل منزل .إذن أركان التع ّدد
الصوري هي وحدة الفعل وتع ّدد النصوص المطبّقة على الفعل الواحد.
148
غير ّ
أن القضاء الجزائري استق ّر في هذه الحالة على إعمال مبدأين :األ ّول هو تطبيق قاعدة عدم جمع
عقوبات الحبس وتطبيق العقوبات المقرّرة للوصف األش ّد ،والثاني هو تطبيق قاعدة جمع العقوبات الجبائية.
العقوبة األصلية هي تلك العقوبة التي يجوز الحكم بها دون أن تقترن بها أيّة عقوبة أخرى ،وهي من
جهة أخرى تلك العقوبة التي وضعها القانون لجريمة ُمح ّددة العناصر.
ح ّددت المادة 21من ق ع ج العقوبات األصلي ،ووزعتها على الجرائم حسب وصفها القانوني:
6ـ في مادة الجنايات :هي االعدام ،والسجن المؤبد ،والسجن المؤقت لمدة بين 1سنوات و 22سنة
2ـ في مادة الجنح :هي الحبس لمدة تتجاوز شهرين الى 21سنوان ،والغرامة تتجاوز 22.222دج
9ـ في مادة المخالفات:هي الحبس من يوم الى شهرين والغرامة من 2222دج الى 22.222دج
وقد ينص القانون على عقوبة واحدة أصلية كما قد ينص على عقوبتين في جريمة واحدة.
وهي عقوبة تتبع العقوبة األصلية للجناية تُطبّق على المحكوم بإدانته بقوة القانون من غير أن ينطق
بها القاضي في حكمه .كان منصوصًا عليها في المواد 8 ، 2 ،1من قانون العقوبات الجزائري وهي الحجر
القانوني والحرمان من الحقوق الوطنية ثُ ّم ت ّم إلغاؤها ودمجها في العقوبات التكميلية في الما ّدة .9
وهي عقوبة تضاف الى العقوبة األصلية منها الوجوبية ومنها الجوازية:
أ ّوالا :بالنسبة للشخص الطبيعي (المادة 29ق ع ج)
-1الحجر القانوني ،بحرمان المحكوم عليه من ممارسة حقوقه المالية ،وهو وجوبي في الجنايات.
-2الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية ،المذكورة في الما ّدة ُ 9مكرّر 1ق ع ج.
-3تحديد اإلقامة،
-4المنع من اإلقامة،
151
-5المصادرة الجزئية لألموال،
-6المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط،
-7إغالق المؤسسة،
-8اإلقصاء من الصفقات العمومية،
-9الحظر من إصدار الشيكات و /أو استعمال بطاقات الدفع،
-10تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة،
-11سحب جواز السفر،
-12نشر أو تعليق حكم أو قرار اإلدانة.
في ظل تط ّور المجتمعات وتنامي نظم األمن والوعي الجماعي بيّنت التجربة قساوة وفشل وسائل
النظام الجنائي التقليدي ،وظهرت ضرورة الحد من العقاب ،بالتخلّي عن النظام الجنائي لصالح نظام آخر
كالنظام اإلداري أو المدني أو الصلح أو التوفيق ،بدالً من العقوبة ،وهي ما تُس ّمى بالعقوبات البديلة.
خاصّة عن عقوبة الحبس قصير ال ُم ّدة تتمثل في العمل للمنفعة العا ّمة ونظام وقف التنفيذ.
152
أو هي قيام المحكوم عليه بعمل ذي نفع عام إحدى المؤسسات العمومية دون أجر لم ّدة ال تزيد عن
ثمانية عشرة شهرًا ،بدالً من تطبيق عقوبة الحبس قصيرة ال ُم ّدة المنطوق بها ضده في حدود سنة حبسًا ناف ًذا
من أجل جريمة يُعاقب عليها القانون بـ 9سنوات حبسًا .حيث تتراوح مدة العمل ما بين 40ساعة و 600
ساعة بالنسبة للبالغين وما بين10و 300ساعة للقصر ،ب ُمع ّدل ال يتجاوز ساعتين مقابل يوم واحد من الحبس.
يُشترط فيها أن ال يكون المحكوم عليه مسبوقًا قضائيًا ،وأن ال يقل سنه عن 20سنة وقت ارتكاب
الجريمة ،وأن يُوافق صراحةً على قبولها .وأن يصدر الحكم أو القرار حضوريًا ينطق بعقوبة الحبس النافذ
األصلية واستبدالها بعقوبة العمل للنفع العام.
-6العقوبات الواقعة على الحق في الحياة ،كاإلعدام ،أو القتل ح ّدا وقصاصًا في الشريعة.
-2عقوبات سالبة للحرية ومقيّدة لها ،تسلب حرية المحكوم عليه بصفة نهائية أو مؤقتة كالسجن ال ُمؤبّد
والسجن المؤقت والحبس ،والوضع تحت ال ُمراقبة اإللكترونية وتحديد اإلقامة.
()1المادة " 192يجوز للمجالس القضائية وللمحاكم في حالة الحكم بالحبس أو الغرامة إذا ما لم يكن المحكوم عليه قد سبق الحكم
عليه بالحبس لجناية أو جنحة من جرائم القانون العام أن تأمر في حكمها نفسه بقرار ُمسبّب بإيقاف التنفيذ الكلي أو الجزئي للعقوبة
األصلية".
153
-9عقوبات مالية ،وهي التي تصيب مال الشخص كالغرامة والمصادرة.
-8عقوبات بدنية ،وهي التي تقع على جسم اإلنسان كالعمل للنفع العام واألشغال الشاقة في القانون
الوضعي ،والقطع والجلد في الشريعة.
-1عقوبات معنوية ،وهي التي تقع على الجانب النفسي لإلنسان وسمعته دون جسمه كالنصح والتوبيخ
للحدث ونشر الحكم في الصحف لبعض األحكام كأحكام اإلفالس والغش التجاري بالنسبة للبالغ.
-1العقوبات الماسّة بالحقوق السياسية والمدنية والمهنية كالمنع من الترشيح لعضوية المجالس النيابية
والعزل من المنصب وغلق المنشأة التجارية وحظر مزاولة مهنة أو نشاط تجاري أو اقتصادي ،وإسقاط
السلطة األبوية.
ح ّدد قانون العقوبات الجزائري ،سُلّم العقوبات في المادة 1منه ،وميّز فيها بين العقوبات المقررة
للشخص الطبيعي والعقوبات المقررة للشخص المعنوي.
تطبّق على الشخص الطبيعي ثالثة أصناف هي العقوبات الجنائية والجنحية وعقوبات المخالفات.
أ ّوالا :العقوبات الجنائية:
وهي مرتبة في الما ّدتين 1وُ 1مكرّر ق ع ج ترتيبًا تنازليًا من حيث الش ّدة:
أ) االعدام:
بقتل المحكوم عليه عن جرائم الخطيرة ،مثالً في جرائم أمن الدولة ،كالخيانة (الم ،)16وقيادة
العصابات ال ُمسلّحة (الم ،)81واإلرهاب(المُ 82مكرّر ،)1وتنظيم حركات التم ّرد(الم .)96وفي الجرائم ض ّد
األفراد كالقتل العمد مع سبق اإلصرار والترصّد أو التسميم (المادة )219 ،216أو خطف القصّر مع طلب
فدية (الم ُ 299مكرّر ،)1وبعض جرائم األموال المتعلقة بالتخريب والهدم بمواد متفجرة (الم.)826
د) الغرامة:
عندما تكون العقوبة السالبة لل ُحرّية هي السجن ال ُمؤقت فإنّه يجوز أن يحكم القاضي بعقوبة
الغرامة(الما ّدة ُ 1مكرّر ق ع ج).
ب) الغرامة:
تتجاوز 22.222دج.
155
ح ّددتها المادتان 68مكرر ،و 68مكرر 1كالتالي:
أ ّوالا :في مواد الجنايات والجنح:
عقوبة الشخص المعنوي األصلية هي الغرامة بمبلغ يساوي م ّرة ( )6إلى 1م ّرات الحد األقصى
للغرامة المق ّررة قانونا للجريمة عندما يرتكبها الشخص الطبيعي .مثل جريمة جمعية االشرار (الما ّدة
622مكرر 1ق ع ج) بغرامة تساوي 1م ّرات الحد االقصى لغرامة الشخص الطبيعي.
وفي حالة عدم النص على الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي تُطبّق الما ّدة 68مكرر 2ق ع ج.حيث
يكون الحد األقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة لعقوبة الشخص المعنوي هي 2.000.000دج
عندما تكون الجناية معاقبا عليها باإلعدام أو بالسجن المؤبد ،و 1.000.000دج عندما تكون الجناية معاقبا
عليها بالسجن المؤقت ،و 500.000دج بالنسبة للجنحة.
156
يأخذ ال ُمشرّع الجزائري بفكرة تفريد العقوبة ،ويُقصد بفردية العقوبة جعلها مناسبة للجريمة من خالل
األخذ فى االعتبار جميع الظروف المحيطة بها ،حيث ينبغي التمييز في العقوبة بين من يسرق بسبب الجوع
والحرمان ،ومن يسرق لإلغتناء بمال الغير بدون وجه حق ،وبين من يرتكب الجريمة وقت الغضب ،ومن
يرتكبها بعد إصرار و رويّة وترصد ،وبين من يرتكب الجريمة عن طريق الخطأ ومن يرتكبها بقصد إحداث
ضرر للغير ،وكذا ُمرعاة االختالف بين من ال رصيد له في السجل الجنائي ومن له سوابق قضائية.
وهذه القواعد التي تضمن تناسب العقوبة مع الظروف المحيطة بالواقعة الجرمية قد تكون أعذارًا
قانونية ُمعفية أو ُمخفّفة من العقاب أو ظروفًا لتشديد أوتخفيف العقوبة.
األعذار القانونية عرّفتها المادة 12من قانون العقوبات الجزائري بأنّها االت محددة في القانون على
سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة والمسؤولية إ ّما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذا ًرا معفية وإ ّما
تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة.
إذن تنقسم األعذار القانونية إلى أعذار ُمعفية وأعذار ُمخفّفة:
أجازت الما ّدة 12ق ع ج في حاالت ُمح ّددة في القانون على سبيل الحصر إعفاء المتهم من العقوبة مع
قيام الجريمة وتبوث اإلدانة ،وهذه األعذار في حاالت ثالث:
أ) عذر التبليغ :يكون لمن يُبلّغ السلطات اإلدارية أو القضائية عن جنايات أو جنح ض ّد أمن الدولة أو
عن جنايات جمعيات األشرار(الما ّدة 92ق.ع).
ب)عذر الشهادة :وهو عذر ُمقرّر لمن يعلم الدليل على براءة شخص محبوس مؤقتًا أو محبوس
محكوم عليه في جناية ،ويتقدم بشهادته من تلقاء نفسه(الما ّدة 9/682ق.ع ) .
جـ) عذر القرابة :في فقرتها األخيرة وهي إعفاء األقارب واألصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة
المقرّرة لعدم التبليغ عن الجنايات المذكورة في المادة 96ق.ع.
157
د)عذر التوبة :مثاله ما نصّت عليه الما ّدة 3/92ق ع ج بأنّه ال يُقضى بأية عقوبة على أعضاء
العصابة ال ُمسلحة الذين لم يتولوا فيها قيادة أو يقوموا بأي عمل أو مه ّمة وانسحبوا منها ب ُمج ّرد صدور أ ّول
إنذار لهم من السلطات العسكرية أو المدنية أو سلموا أنفسهم إليها.
نظّم قانون العقوبات الجزائري ظروف الجريمة مثل سائر التشريعات الجنائية الحديثة بتحديد
الظروف المش ّددة منها اللعقاب والظروف المخفّفة ،لكنّه وإن كان عرّف بعضها فإنّه لم يُعرّفها في مجموعها
تار ًكا ذلك للفقه والقضاء.
ع ّرف البعض ظروف الجريمة بأنّها عوامل تُؤثر في تحديد العقوبة من طرف القاضي تجعله يُحسن
المالءمة وفق سلطته التقديرية بين الجريمة والفاعل من جهة ،وبين العقوبة ال ُمقرّرة لها من جهة أخرى
ظروف الجريمة هي حاالت تتعلّق بالفاعل وتلتصق بالجريمة المرتكبة يترتّب عليها عند الحكم بالمسؤولية
الجزائية إ ّما تشديد العقاب أو تخفيفه أو اإلعفاء منه.
158
فظروف الجريمة هي أحوال ُمعيّنة تقترن بها الجريمة ،تُؤ ّدي إلى تحديد جسامتها أو تغيير مقدار
العقوبة ،وهي ال تدخل في تكوين الجريمة وال تؤثر في وجودها القانوني .وهي تنقسم بحسب األثر ال ُمترتب
عنها إلى ظروف ُمش ّددة للعقاب وظروف ُمخفّفة.
159
ظروف التخفيف هي نظام قضائييخ ّول القاضي سلطة تقديرية في الهبوط بالعقوبة تحت الح ّد األدنى
المنصوص عليه قانونًا ،وذلك إذا رأى في ظروف القضية ما يدعوه إلى ذلك ،مثل أحوال المتهم وماضيه
والبعث على ارتكاب الجريمة وظروف الدعوى.
تركها المشرع لتقدير القاضي فلم يحصرها ولم يُح ّدد مضمونها ،فلكل قضية ظروفها فقد يكون
الظرف ذا صلة بالجريمة كضآلة الضرر ،أو ُمجرّد شروع ،أو يكون الحقًا لها كجبر الضرر ورد الشئ
المسروق ،وتصالح الجاني والضحية .وقد يكون ظرفًا ذاتيا متعلقًا بشخص الجاني كالتوبة ،ونبل الباعث.
واقتصرت الما ّدة 19ق ع ج على بيان الحدود التي تسمح للقاضي أن ينزل إليها عند قيام الظروف
المخففة .مثالً في الجناية يُخفّف اإلعدام إلى 10سنوات سجنًا ،و يُخفّف السجن المؤبد إلى السجن 5سنوات.
ويُخفّف السجن 20سنة إلى الحبس 9سنوات ويُخفّف السجن 10سنوات إلى الحبس سنة واحدة .وبموجب
فإن الحدود القصوى للعقوبة ال ُمش ّددة بسبب العود تُخفّف إذا ت ّوفرت ظروف التخفيف.
المادة ُ 19مكرّر ّ
161
الفصل الثاني:
تدابري األمن
لم تعد العقوبة هي الوسيلة الوحيدة لمكافحة الجريمة بل نأت إلى جانبها نظم الوقاية منها ومن
الخطورة االجرامية لفئات المجرمين ،وهي تدابير ُمح ّددة بالقانون يطبقها القضاء تس ّمى التدابير األمنية أو
االحترازية.
ُ
حيث نصّت إذن تُع ّد تدابير األمن الصورة الثانية للجزاء الجنائي ،وتُس ّمى كذلك التدابير االحترازية،
الفقرة األولى من المادة 4من ق ع ج " يكون جزاء الجرائم بتطبيق العقوبات وتكون الوقاية منها باتخاذ
تدابير أمن" .ونصّت الفقرة الرابعة من نفس الما ّدة " إن لتدابير األمن هدف وقائي".
لفهم هذا النوع من الجزاء يقتضي األمر التطرّق لتعريفها ،وبيان خصائصها ،وتمييزها عن الصورة
الخرى للجزاء وهي العقوبة.
التدابير األمنية ) (Mesures de suretéهي اجراءات تواجه بها الخطورة االجرامية إجراءات
احترازية وقائية غير عقابية تُتخذ لحماية ال ُمجتمع م ّمن يُخشى عليه ارتكاب الجريمة تصدر بها أحكام
قضائية تُخضع المعني بها لمعاملة خاصّة.
وتُعرّف كذلك بأنّها مجموعة من اإلجراءات يُصدرها القاضي لمواجهة الخطورة االجرامية الكامنة
في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها ولدرئها عن المجتمع.
و الخطورة اإلجرامية هي حالة يكون عليها المجرم تنبئ عن احتمال ارتكابه جريمة أخرى في
المستقبل .وتتكون حالة المجرم الخطر إجراميا ً من عنصرين :القدرة على اإلجرام ثانية ،وضعف إمكانية
التأهيل لديه .وعلى القاضي أن يستظهر الخطورة اإلجرامية من طبيعة الجريمة المقترفة ،وجسامتها،
والكيفية التي نفذت فيها ،وغاياتها ،كما ّ
أن عليه أن يستظهرها من ظروف المجرم الشخصية واالجتماعية
واالقتصادية.
161
6ـ ترمي التدابير األمنية إلى حماية المجتمع من الجريمة وذلك بمواجهة الخطورة اإلجرامية لدى
بعض األشخاص للحيلولة دون تحقيقها ،وتتخذ ع ّدة صور منها ما هو عالجي سببه مرض عقلي أو نفسي،
ومنها ما هو تهذيبي يُطبّق على من له عالقة بالعوامل الخارجية ال ُمساعدة على اإلجرام ،فتقضي بتجريده
منها وإبعاده عنها وقطع صلته بها.
2ـ ينبغي أن تكون تدابير األمن شرعية مثلما نصّت عليه الما ّدة األولى من قانون العقوبات.
9ـ ينبغي أالّ تكون تدابير األمن ماسّة بكرامة الفرد ،ويجب تنظيمها بكيفية اليشعر فيها الفرد أنّه
معاقب من أجل خطأ وال تجعل المجتمع ينظر إلى من يخضع لتدبير األمن نظرة شائنة.
8ـ تُع ّد تدابير األمن قابلة للمراجعة باستمرار (الم 22ق ع ج) حسب تطور حالة الخطورة ،حيث يمكن
للجهة القضائية التي قرّرت تطبيقه ،استبداله حسب نتائجه بتدبير آخر أو التخفيف منه أو التشديد فيه.
1ـ ال تخضع تدابير األمن لنظام العفو وال وقف التنفيذ وال التقادم.
1ـ غياب الصبغة األخالقية ،أي ال يقتضي تطبيقها وجود خطأ ،ولذلك فهي ال تنطوي على األلم.
2ـ عدم تحديد م ّدة التدبير األمني ،بل مرهون بزوال الخطورة االجرامية عن الشخص الخاضع لها.
162
يجري تقسيم التدابير األمنية أو االحترازية إلى فئتين تتعلّق األولى بالبالغين ،والثانية بغير البالغين.
:
نصّت عليها المادة 69من ق ع ج وهي ـ الحجز القضائي في مؤسسة استشفائية لألمراض العقلي
ُ
حيث يُشترط في الشخص محل التدبير أن تثبت مشاركته في وقائع والوضع القضائي في مؤسسة عالجية.
مادية جرمية بغض النظر عن الحكم فيها سواء كان اإلدانة أو البراءة أو انتفاء وجه الدعوى بسبب مانع من
موانع المسؤولية أو اإلعفاء من العقوبة.
21
هو وضع الشخص بموجب قرار قضائي في مؤسسة استشفائية بسبب خلل في قواه العقلية قائم وقت
ارتكاب الجريمة أو بعد ارتكابها ،إذا ت ّم إثباته بفحص طبي.
نصّت عليه المادة 22من ق ع وهو وضع شخص مصاب بإدمان في تعاطي مواد كحولية أو ُمخ ّدرة
تحت المالحظة في مؤسسة مهيأة لهذا الغرض ،بنا ًءا على قرار قضائي صادر من الجهة المحال إليها
الشخص إذا بدا أن السلوك االجرامي للمعني مرتبط بهذا اإلدمان.
فصل ُعنوانه " التدبير الوقائية والعالجية" نصّت المادتان 2و 8القانون 68-28المؤرخ فيٍ وتحت
21ديسمبر 2228المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية العقلية ومكافحتها ،أنّه لجهات التحقيق
والحكم إخضاع المتهمين بارتكاب جنحتي استهالك المخدرات وحيازتها إلى عالج إلزالة التس ّمم يجري في
مؤسسة متخصّصة.
163
وهي تدابير للحماية والتهذيب نصّت عليها الما ّدة 89من ق ع ج وكانت تُح ّددها الما ّدة 888ق إج.ج.
قبل إلغائها ،ونقل مضمونها إلى قانون حماية الطفل 61ـ 62يت ّم اتخاذها في مواد الجنايات والجنح ويُحكم بها
ب ُم ّدة سنتين قابلة للتجديد دون أن تتجاوز تاريخ ببلوغ سن الرشد الجزائي 68سنة ،ويمكن لقاضي األحداث
تمديدها عند الضرورة إلى 26سنة تلقائيًا أو بطلب من المعني .نصّت على هذه التدابير الما ّدتان 82و86
من قانون حماية الطفل 61ـ 62المرّخ في 61يوليو 2261وتتمثل في:
6ـ إبقاء الطفل في أسرته.
2ـ تسليم الطفل لوالده أو لوالدته الذي ال يمارس حق الحضانة ما لم تكن قد سقطت عنه بحكم
6ـ تسليم القاصر لوالده أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة.
9ـ تسليم الطفل إلى أحد أقاربه.
8ـ تسليم الطفل إلى شخص أو عائلة جديرين بالثقة.
1ـ يجوز لقاضي األحداث في جميع األحوال أن يكلف مصالح الوسط المفتوح بمتابعة ومالحظة
الطفل وتقديم الحماية له من خالل توفير المساعدة الضرورية لتربيته وتكوينه ورعايته مع وجوب تقديمها
تقري ًرا دوريًا له حول تطور وضعية الطفل.
1ـ يجوز لقاضي األحداث أن يأمر بوضع الطفل في مركز متخصص في حماية األطفال في خطر
أومصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة.
164
قائمة املراجع
املراجع باللغة العربية
أ) الدساتير:
.1الدستور الجزائري لسنة 6991المصادق عليه في استفتاء 28نوفمبر ،6991الصادر بموجب المرسوم
الرئاسي رقم 898-91المؤرخ في 22رجب 6862هـ ،الموافق 2ديسمبر 6991م ،الجريدة الرسمية رقم 21
بتاريخ 8ديسمبر 6991م.
.2التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء 6نوفمبر ،2222الصادر بموجب المرسوم الرئاسي رقم
882-22المؤرخ في 61جمادى األولى6882هـ ،الموافق 92ديسمبر 2222م ،الجريدة الرسمية رقم 82بتاريخ
92ديسمبر 2222م.
ب) القوانين:
.1قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري في ضوء ال ُممارسة القضائية ،إعداد بوسقيعة احسن منشورات
بيرتي ،الجزائر ،ط( .2268 ،68األمر 155-66المؤرخ في 8يونيو 1966المع ّدل ال ُمت ّمم)
.2القانون الجنائي المغربي وقانون الوقاية من الرشوة ومكافحة غسل األموال ،إعداد لفروجي امح ّمد،
مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء المملكة المغربية ،ط (.2266 ،2الصادر بموجب الظهير الشريف 6.19.968
بتاريخ 62يونيو .)6919
.3قانون العقوبات الجزائري في ضوء ال ُممارسة القضائية ،إعداد بوسقيعة احسن منشورات بيرتي ،الجزائر،
ط( .2268 ،68األمر 156-66المؤرخ في 8يونيو 1966المع ّدل ال ُمت ّمم).
.7قانون العقوبات المصري طبقاا آلخر التعديالت ،إعداد عالء ّ
النحاس دار ال ُمصطفى لالصدارات القانونية،
د ت.
.5المجلّة الجزائية التونسية ،الصادرة بموجب األمر المؤرّخ في 9جويلية ،6969طبعة وزارة العدل
وحقوق االنسان ،منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية ،تونس .2221
.0قانون تنظيم السجون وإعادة اإلدماج االجتماعي للمحبوسين21 ،ـ 28المؤرّخ في في 21فبراير 2221
ال ُمع ّدل.
.4قانون حماية الطفل 61ـ 62المرّخ في 61يوليو .2261
165
جـ) االتفاقيات:
.1إتفاقية األمم ال ُمتح ّدة لمكافحة الجريمة ال ُمنظمة عبر الوطنية في 61نوفمبر 2222المصادقة عليها بموجب
المرسوم الرّئاسي رقم 11-22المؤرّخ في ،2222/22/21ج ر 9 ،بتاريخ 62فبراير 2222
.2اتفاقية األمم ال ُمتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2229المصادق عليها بتحفظ من طرف الجزائر بموجب المرسوم
الرئاسي 628-28بتاريخ 69أبريل ،2228ج ر ،عدد 21بتاريخ 21أبريل .2228
.3اتفاقية فيينّا 6988ل ُمكافحة اإلتجار غير المشروع بال ُمخ ّدرت والمؤثرات العقلية دخلت حيّز النفاذ سنة
6991
.7الميثاق اإلفريقي لحقوق اإلنسان وال ّشعوب المنجز بواسطة مجلس الرؤساء األفارقة بما فيهم الجزائر في
ال ّدورة العادية بنيروبي بتاريخ 28جوان .6986المصادق عليها من طرف الجزائر بموجب المرسوم الرّئاسي رقم
86-91المؤرّخ في 28يناير .6991ج ر عدد 2بتاريخ 61فبراير6991
.1إبراهيم الشبّاسي ،الوجيز في شرح قانون العقوبات الجزائري – القسم العام ،الشركة العالمية للكتاب،
بيروت ،ودار الكتاب اللبناني ،بيروت( ،ط د ت).
.2اوهايبية عبد هللا ،شرح قانون العقوبات الجزائري ـ القسم العام ،موفم للنشر ،الجزائر.2229 ،
.3بارش سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري–ج 1شرعية التجريم ،مطبعة ع ّمار قرفي ،باتنة.6992 ،
.7بوسقيعة احسن ،الوجيز في القانون الجزائي العام ،دار هومة ،الجزائر ط.2262 ،62
.5خلفي عبد الرحمان ،القانون الجنائي العام – دراسة ُمقارنة ،دار بلقيس.2262 ،
.0رحماني منصور ،الوجيز في القانون الجنائي العام ،دار العلوم للنشروالتوزيع ،عنّابة.2221 ،
.4رمسيس بهنام ،النظرية العا ّمة للقانون الجنائي ،منشأة المعارف ،االسكندرية ،ط.6992 ،9
.8سعداوي مح ّمد الصغير ،العقوبة وبدائلها في السياسة الجنائية ال ُمعاصرة ،دار الخلدونية ،الجزائر.2262،
.3سمير عالية ،أصول قانون العقوبات -القسم العام،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع،
بيروت،ط.6991 ،2
.10الشافعي أحمد ،المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي في القانون الجزائري والقانون ال ُمقارن ،دار
هومة ،الجزائر ،ط.2262 ،6
.11شريف سيد كامل ،المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي ،دار النهضة العربية ،القاهرة.6998 ،
.12ص ّمودي سليم ،المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي ـ دراسة مقارنة بين التشريع الجزائري والفرنسي،
دار الهدى ،عين مليلة ،الجزائر.2221،
.13عادل قورة ،محاضرات في قانون العقوبات الجزائري ـ القسم العام ،د م ج ،الجزائر.6992
.17عبد القادر عدُّو ،مبادئ قانون العقوبات الجزائري ـ القسم العام ،دار هومة ،الجزائر.2229 ،
166
.15عبد القادر عودة ،التشريع الجنائي االسالمي ُمقارناا بالقانون الوضعيُ ،مؤسسة الرسالة ،بيروت،
ط.6988،1
.10عبد هللا سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري ـ القسم العام ،ج( 2الجزاء الجنائي) ،د م ج،
الجزائر.6991،
.14علي عبد القادر القهوجي ،فتوح الشذلي ،شرح قانون العقوبات ـ النظرية العامة للجريمة ،دار
المطبوعات الجامعية .6992
ُ .18مح ّمد أبو زهرة ،الجريمة والعقوبة في الفقه االسالمي – ج ،1الجريمة ،دار الفكر العربي ،د ت ن.
ُ .13مح ّمد أبو زهرة ،الجريمة والعقوبة في فقه اإلسالمي ،ج ،2العقوبة ،دار الفكر العربي ،د ت ن.
.20محمد سليم العوا ،في أصول النظام الجنائي اإلسالمي ،دراسة مقارنة ،دار المعارف ،ط.6989 ،2
.21محمود محمود مصطفى ،شرح قانون العقوبات ـ القسم العام ،مطبعة جامعة القاهرة.6928 ،
.22محمود نجيب ُحسني ،شرح قانون العقوبات ـ القسم العام ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت.2229 ،
.23مقدّم مبروك ،عقوبة الحبس قصير ال ُمدّة وأه ّم بدائلها ،دار هومة ،الجزائر.2262
III- Codes
1. Jean François RENUCCI, Code de procédure pénale, annotation de
jurisprudence et bibliographie, éd DALLOZ, n° 48, Paris Cedex 2009.
2. Yves MAYAUD Code pénal, annotation de jurisprudence et bibliographie,
éd DALLOZ, n°108, Paris Cedex 2011.
167
الفهرس
مُقدّمة9.........................................................................................................................
الباب األوّل :نظرية اجلرمية8....................................................................................
ماهية القانون اجلنائي8...................................................................... الفصل التمهيدي:
1.............................................................................
المطلب األ ّول :تعريف القانون الجنائي1...................................................................................
الفرع األ ّول :المعنى الواسع للقانون الجنائي1......................................................................................
الفرع الثاني :العنى الضيّق للقانون الجنائي1.......................................................................................
المطلب الثاني :مضمون القانون الجنائي1.................................................................................
الفرع األ ّول :تقنين العقوبات1.........................................................................................................
الفرع الثاني :التشريعات العقابية الخاصّة (أمثلة) 2...............................................................................
المطلب الثالث :طبيعة القانون الجنائي في النظام القانوني العام8.....................................................
الفرع األ ّول :الرأي القائل ّ
بأن القانون الجنائي فرع ُمختلط بين القانون الخاص والقانون العام8..........................
الفرع الثاني :الرأي القائل ّ
بأن القانون الجنائي فر ٌ
ع من فروع القانون العام8.................................................
المطلب الرابع :عالقة القانون الجنائي بفروع القانون األخرى والعلوم الجنائية9.................................
الفرع األول :القانون الجنائي والقوانين غير الجنائية9............................................................................
الفرع الثاني :قانون العقوبات وقانون اإلجراءات الجزائية62...................................................................
66...........................................................
المطلب األ ّول :عدم سريان قانون العقوبات على الماضي(قاعدة عدم رجعية القانون الجديد) 12..............
الفرع األ ّول :التعريف بقاعدة عدم رجعية قانون العقوبات12...................................................................
الفرع الثاني :تطبيق قاعدة عدم الرجعية11.........................................................................................
الفرع الثالث :استثناءات قاعدة عدم الرجعية11....................................................................................
المطلب الثّاني :سريان قانون العقوبات األقل شدّة على الماضي(قاعدة القانون األصلح للمتهم18.............
الفرع األ ّول :التعريف بقاعدة رجعية القانون األقل ش ّدة18......................................................................
الفرع الثاني :شروط تطبيق قاعدة رجعية القانون األقل ش ّدة12.................................................................
الفرع الثالث :االستثناءات الواردة على قاعدة رجعية القانون األقل ش ّدة18...................................................
12.................................................
المطلب األ ّول :تطبيق قانون العقوبات على الجرائم المرتكبة في اإلقليم (مبدأ اإلقليمية) 12....................
الفرع األ ّول :تحديد مكان ارتكاب الجريمة18......................................................................................
الفرع الثاني :تحديد اإلقليم19.........................................................................................................
الفرع الثالث :إستثناءات مبدأ اإلقليمية26...........................................................................................
المطلب الثاني :سريان قانون العقوبات على الجرائم المرتكبة في الخارج(المبادئ اإلحتياطية) 29............
الفرع األ ّول :مبدأ الشخصية28.......................................................................................................
الفرع الثاني :مبدأ العينية21...........................................................................................................
169
الفرع الثالث :مبدأ العالمية21.........................................................................................................
22.................................................................................
171
621............................................................................
171
اجلزاء اجلنائي688 .............................................................................. الباب الثّاني:
الفصل األوّل :العقوبة688 ............................................................................................
688....................................................................................
المطلب األ ّول :تصنيف العقوبات بحسب الرابطة القائمة بينها616 ..........................................................
الفرع األ ّول :العقوبات األصلية616 ................................................................................................
الفرع الثاني :العقوبات التبعية686...................................................................................................
الفرع الثالث :العقوبات التكميلية616................................................................................................
الفرع الرابع :العقوبات البديلة612...................................................................................................
المطلب الثاني :تصنيف العقوبات بحسب محلّها619....................................................................
المطلب الثاني :تصنيف العقوبات بحسب جسامتها618.................................................................
الفرع األ ّول :بالنسبة للشخص الطبيعي618........................................................................................
الفرع الثاني :بالنسبة للشخص المعنوي611........................................................................................
612.......................................................................
173