You are on page 1of 19

‫جامعة طاهري دمحم‬

‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬


‫قسم الحقوق‬

‫محاضرات في مقياس المدخل إلى القانون‬


‫نظرية الحق‬
‫من إعداد‪:‬علوي فاطمة‬

‫تمهيد‬
‫حرص القانون على إقرار الحقوق وحمايتها‪ ،‬فاإلنسان يولد ومعه حقوق تتصل‬
‫بوجودهوحقه في الحياة والعيش الكريم‪ ،‬لهذا فإن وجود الحقوق قديم قدم القانون والعدل ولها‬
‫مكانها في األنظمة القانونية الحديثة وفي كافة التشريعات ( القانون العام والقانون الخاص )‬
‫أي حيث يوجد القانون توجد الحقوق فهو ينظمها ويحميها‪ ،‬ونجد الدول تتسابق إلقرار الحق‬
‫( دولة القانون ) ‪ ،‬فيما يلي المحاور التي يتضمنها مقياس نظرية الحق‪:‬‬
‫‪ -‬المحوراألول‪ :‬مفهوم الحق‬
‫‪ -‬المحور الثاني‪:‬أركان الحق‬
‫‪ -‬المحور الثالث‪ :‬أنواع الحق‬
‫‪ -‬المحورالرابع‪:‬مصادر الحق‬
‫‪ -‬المحورالخامس‪:‬الحماية القانونية للحق‬
‫‪ -‬المحورالسادس‪:‬إثبات الحق‬
‫‪ -‬المحورالسابع‪:‬آثار الحق‬
‫‪ -‬المحور الثامن‪ :‬إنقضاء الحق‬

‫‪1‬‬
‫المحور األول‪:‬مفهوم الحق‬

‫إتفق أغلب الفقهاء على اعتبار أن فكرة الحق الزمة من الناحية القانونية و‬
‫االجتماعية‪ ،‬إال أنهم لم يجمعوا ويتفقوا حول طبيعة الحقووضع تعريف موحد‪ ،‬لهذاسنمهد‬
‫لدراسة الحق ببيان تعريفه ونشأته وموقف الفقهاء من ‪.‬‬

‫‪ -‬أوال‪:‬تعريف ومعنى الحق لغة واصطالحا‬

‫يتمحور الحق حول ما يمنحه القانون أو األخالق للشخص‪ ،‬ويرى بعض العلماء أن‬
‫الحق هو ما كان فعله مطابقا لقاعدة محكمة‪ ،‬للحقوق أشكال عدة يعيشها اإلنسان في حياته‪،‬‬
‫فهنالك حقوق طبيعية يولد االنسان بها‪ ،‬كالحق في الحياة‪ ،‬والعيش الكريم‪ ،...‬كما هناكحقوق‬
‫وضعيةتتغير بتغير الزمان والمكان بحيث تنص عليهاالقوانين وتتأثر باألعراف السائدة‪.‬‬

‫أ‪ -‬الحق في اللغة‪ :‬الحق لغة يعني الثبوت والوجوب‪ ،‬واألمر الثابت‪ ،‬والحق ضد الباطل‬
‫كما في قوله تعالى ‪ ":‬وال تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" سورة البقرة ‪،24‬‬
‫كما يعني الحق اليقين‪ ،‬كما جاء في قوله تعالى ‪ ":‬فورب السماء واألرض إنه لحق مثل ما‬
‫أنتم تنطقون" سورة الذاريات ‪ .42‬تستعمل كلمة الحق بمعنى العدل والمساواة‪ ،‬أو بمعنى‬
‫الواجب في الكثير من المعامالت كحق إعطاء المسكين والفقير ماال من أموال األغنياء‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحق اصطالحا‪ :‬هو االستئثار الذي يقرره القانون لشخص من األشخاص‪ ،‬ويكون بأخذ‬
‫شيء له من شخص آخر سواء ماديا أو معنويا‪ ،‬وتظهر من خالل هذا التعريف ومعنى‬
‫العالقة بين الحق والقانون‪ ،‬فال يوجد حق إال وكان القانون مساندا ومشاركا له‪.‬‬

‫ج‪ -‬الحق في اصطالح الفقهاء‪ :‬هو ما منحه الشرع للناس كافة على السواء وألزم كال منهم‬
‫باحترامه وعدم االعتداء على تعرف ما هو لغيره‪ ،‬هو الشئ الثابت هلل أو لإلنسان على الغير‬
‫بالشرع‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -2‬نشأة وتطور فكرة الحق‪:‬‬

‫لم تلق فكرة الحق قبوال في األنظمة القانونية التقليدية رغم صلتها الوثيقة بالقانون‪ ،‬أما بالنسبة‬
‫لألنظمة القانونية الحديثة فأصبحت تشكل ركيزة أساسية لها وفي كافة فروع القانون‪ ،‬ومن‬
‫هنا يتضح وجود إتجاهين حول فكرة الحق‪ ، ،‬األول يرفض فكرة الخق‪ ،‬والثاني يؤيد فكؤرة‬
‫الحق‪.‬‬

‫أ ‪ -‬االتجاه الرافضلفكرة الحق‪:‬يتجسد االتجاه الرافض لفكرة الحق في أراء مجموعة من‬
‫الفقهاء اللذين ينكرون فكرة الحق وينتقدونها‪ ،‬ويمثل هذا االتجاه كل من المذاهب التالية‪:‬‬

‫‪ -‬مذهب القانون الطبيعي‪:‬يرى هذا المذهب أنه اليجباإلعت ارف بفكرة الحق‪ ،‬ألنها تظهر‬
‫أنانية الفرد واإلستئثار والتسلط وذلك يتنافى مع قيم العدالة والمصلحة العامة‪ ،‬مما يؤدي إلى‬
‫المساس بالطبيعة الحقيقية للعالقات بين األفراد‪.‬‬

‫‪ -‬مذهب المدرسة الواقعية‪ :‬يتزعم هذا المذهب كل من ديجي وكلسن كل حسب نظريته في‬
‫إنتقاد فكرة الحق‪ ،‬وسنفصل في تلك النظريات فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬نظرية ديجي‪:‬يرفض ديجي فكرة الحق بإعتبارها فكرة فلسفية مما وراء الطبيعة‪ ،‬ألنه ال‬
‫يمكن مالحظة الحقوق‪ ،‬فالنسبة له يمكن فقط مالحظة القواعد القانونية التي تحدد مراكز‬
‫األفراد‪ ،‬فديجي يقول ال توجد فكرة الحق وانما توجد المراكز القانونية التي يكمن أن نمييز‬
‫بين نوعين من المراكز الموضوعية والشخصية‪ :‬األولى تنشأ عن القاعدة القانونية التي‬
‫تنظمها والثانية تنشأ عن تصرفات فردية‬

‫‪-‬نظرية كلسن‪:‬يرى كلسن أن القانون تتدرج قواعده في شكل هرمي‪ ،‬بحيث تستمد القاعدة‬
‫األدنى قوتها من القاعة األعلى‪ ،‬وفي قمة الهرم توجد قاعدة أساسية أو ضابط أساسي ‪ ،‬هو‬
‫الذي يحدد السلطة واالختصاص األعلى في الجماعة السياسية‪.‬‬

‫وقد ترتب علي هذه النظرية نتائج أساسية أهمها إنكار الحقوق الفردية ‪ ،‬فما يسمي بالحق‬
‫ليس شيئاً مختلفا عن القانون الوضعي بل أن األول هو الثاني منظو اًر إليه من زاوية فردية‬
‫أو بتعبير آخر الحق هو تطبيق القاعدة القانونية علي هذا الفرد أو ذاك فكل قاعدة قانونية‬

‫‪3‬‬
‫تقرر التزاماً قانونياً‪ ،‬ولكنها ال تقرر حقا ذاتيا أو فرديا ففكرة الواجب هي األكثر وضوحاً وما‬
‫يسمي بالحق ليس إال تمسكا بأن ينفذ الطرف اآلخر واجبه‪.‬‬

‫ب ‪ -‬االتجاه المؤيدلفكرة الحق‪:‬‬

‫تجاوزت فكرة الحق النظريات الرافظة لها‪ ،‬لتصبح من الحقائق المسلم بها في القانون ‪،‬‬
‫وبالتالي من الحقائق القانونة الجوهرية مما أدى إلى صمود فكرة الحق ‪ ،‬وذلك راجع لعدة‬
‫أسباب أهمها‪:‬‬
‫‪ -‬أسباب تاريخية‪ :‬تتمثل في بعض األحداث التاريخية الهامة وهي اإلعالناتالرسمية لحقوق‬
‫اإلنسان والمواطن وهي كألتي‪:‬‬

‫‪ -‬ميثاق إعالن اإلستقالل ف ‪ 6771‬في أمريكا‪.‬‬

‫‪ -‬ميثاق إعالن حقوق اإلنسان في فرنسا ‪.6771‬‬

‫‪ -‬الميثاق اإلنجليزي للحقوق والحريات الشخصية‪.‬‬

‫وقد سبق كل ماذكرناه المقولة الشهيرة لعمر بن الخطاب رضي عنه حين قال‪ " :‬متى‬
‫استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أح ار ار"‪.‬‬

‫‪ -‬أسباب اقتصادية واجتماعية‪:‬تتجلى من خالل التطور االقتصادي واالجتماعي حيث‬


‫ظهرت مخترعات تكنولوجية حديثة استلزمت زيادة الحماية المقررة للشخص مثل اتساع نطاق‬
‫الحقوق الذهنية والى جانب ذلك ظهرت مجموعة من الحقوق االجتماعية مثل حق اإلجازة‬
‫المدفوعة ‪ ،‬الضمان االجتماعي‪....‬إلخ‪.‬‬

‫‪ -‬أسباب نفسية‪ :‬تتمثل في غريزة التملك والنزعة إلى التميز والترقي‪ ،‬فكلها عوامل نفسية‬
‫ساهمت في ترسيخ فكرة الحق‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -‬ثالثا‪ :‬النظريات القانونية في تعريف الحق‬

‫المفكرين‪ ،‬والباحثين القانونيين العديد من النظريات حول الحق‪،‬‬


‫صاغت مجموع ٌة من ُ‬
‫بناء على مرحلتين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫ن‬
‫والقانو وتم تقسيم هذه النظريات ً‬
‫بالرغم من استقرار أغلب الفقهاءعلى فكرة وجود الحق ‪ ،‬إال أنهم لم يتفقوا على تعريف‬
‫موحد للحق بل اختلفوا فيما بينهم اختالفا بينا فالبعض ينظر إلى تعريف الحق من زاوية‬
‫صاحبه ‪ ،‬ومنهم من ينظر إلى الحق من خالل موضوعه في حين نجد اتجاها وسطا ينظر‬
‫إلى الحق من خالل صاحبه وموضوعه‪ ،‬فتعريف الحق عند رجال القانون الوضعي أثار عدة‬
‫إشكاليات‪ ،‬وبذلك تباينت نظريات مختلفة في هذا الشأن والتي تنقسم إلى نظريات تقليدية‬
‫وأخرى حديثة‪.‬‬
‫‪-1‬النظريات التقليدية‪:‬‬
‫تنقسم بدورها إلى ثالثة اتجاهات االتجاه الشخصي والموضوعي واالتجاه المختلط‬
‫أ ‪ -‬االتجاه الشخصي‪:‬‬
‫تزعم هذا االتجاه الفقيه سافيني‪ ،‬حيث ينظر إلى الحق من منظور شخصي‪ ،‬ويسمى كذلك‬
‫مذهب اإلرادة‪ ،‬ويعرف الحق من خالل صاحبه بأنه قدرة أو سلطة إرادية للشخص‬
‫يستمدها من القانون في نطاق معلوم‪.‬‬
‫وقد تعرض هذا االتجاه لعدة انتقادات نذكر من بينها أنه يقرن الحق باإلرادة لكن يمكن أن‬
‫يثبت الحق لشخص عديم اإلرادة مثل الصبي غير المميز والمجنون كما يعاب على هذا‬
‫االتجاه أنه يخلط بين الحق وبين استعماله‪.‬‬
‫وبناءا عليه فإن األخذ بتعريف االتجاه الشخصي يعني اعتبار الوالي أو الوصي هو صاحب‬
‫الحق بما له من سلطة إرادية مصدرها القانون وهي نتيجة ال يقبلها أحد ‪.‬‬
‫ب ‪-‬االتجاه الموضوعي‪:‬‬
‫يعرف االتجاه الموضوعي الحق بأنه مصلحة يحميها القانون وهذا يعني أن هذا االتجاه‬
‫ينظر إلى الحق من خالل موضوعه‪ ،‬وصاحب هذا التعريف هو الفقيه األلماني ” إيهرنج”‬
‫وأساسه أن اإلرادة ليست هي جوهر الحق إنما جوهره الحقيقي هو تلك المصلحة التي ترمي‬

‫‪5‬‬
‫اإلرادة إلى تحقيقها ” فكل حق مزود بدعوى تكفل احترام المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها‬
‫فجوهر الحق لدى االتجاه هو المصلحة والفائدة ‪.‬‬
‫وكما هو الحال بالنسبة لالتجاه الشخصي تعرض االتجاه الموضوعي لعدة انتقادات من ذلك‬
‫هو أن االتجاه الموضوعي يعرف الحق بالغاية وهي المصلحة والشيء ال يعرف إال بجوهره‬
‫وليست الغاية منه واذا كان الحق يتضمن مصلحة معينة فليست كل مصلحة هنا من‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫كما يؤخذ على هذا االتجاه أنه يجعل من الدعوى عنص ار في الحق والحال الدعوى يكون‬
‫الحقة على نشوء الحق‪.‬‬
‫ج‪-‬االتجاه المختلط‪:‬‬
‫في إطار االنتقادات التي وجهت إلى االتجاه الشخصي واالتجاه الموضوعي ذهب اتجاه‬
‫ثالث إلى الجمع بين المصلحة واإلرادة في تعريف الحق‪ ،‬بحيث يشكل هذين العنصرين‬
‫جوهر الحق‪ ،‬فيرى أن الحق سلطة موضوعية في خدمة مصالح ذات طابع اجتماعي‬
‫تمارسها إرادة مستقلة ‪ ،‬والى جانب ذلك هو قدرة إرادية يعترف بها القانون ويحميها تجد‬
‫محلها في مال أو مصلحة‪ ،‬وهذا المذهب يمثل اإلتجاه المختلط في تعريف الحق‪ ،‬من خالل‬
‫النظر إلى الحق من زاوية صاحبه وموضوعه على حد السواء‪.‬‬
‫بما أن هذا االتجاه يمزج ويجمع بين االتجاه الشخصي والموضوعي في تعريفه للحق فإنه‬
‫من الطبيعي أن يتعرض لنفس االنتقادات التي وجهت لالتجاهين معا‪.‬‬

‫‪-2‬النظريات الحديثة‪:‬‬
‫يتزعم النظرية الحديثة الفقيه البلجيكي “دابان” الذي عمل على تفادي النقد الذي وجه‬
‫لالتجاهات السابقة‪،‬عرف الحق على أنه إستئثار بميزة معينة‪ ،‬يمنحها القانون لإلنسان‪ ،‬ويقوم‬
‫بحمايتها‪ ،‬وقد قام هذا التعريف على ثالثة أسس‪ ،‬وهي‪ :‬االستئثار بإحدى القيم‪ ،‬والتي قد‬
‫تكون مالي ًة أو غير‪.‬حماية القانون شرط من شروط االستئثار‪ ،‬فهو ال يكون حقاً إال إذا حماه‬
‫القانون‪ .‬استهداف القانون حماية مصلحة معينة‪ ،‬شرط أن تكون جديرة بالحماية‪.‬‬
‫وذلك بتحليله لفكرة الحق ذاتها وبيان عناصرها وبذلك ففكرة الحق تتكون من العناصر‬
‫التالية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬اإلستئثار‪ :‬ويعني اختصاص شخص معين بمال معين أو قيمة معينة وهذا االستئثار أو‬
‫االختصاص يثبت لصاحب الحق ولو لم تتوافر لديه اإلرادة كالمجنون أو الصغير ومن‬
‫جانب أخر فإن هذا االستئثار يرد على األشياء المادية من منقوالت وعقارات كما يرد على‬
‫القيم اللصيقة بالشخص مثل سالمة حياته وجسمه كما يرد على عمل أو امتناع عن عمل‬
‫يلتزم به الغير تجاه صاحب الحق ‪.‬‬
‫‪ -‬التسلط ‪ :‬ويقصد به القدرة على التصرف في محل الحق وهذا التسلط يثبت أيضا لصاحب‬
‫الحق وان لم تكن له إرادة إال أن من يباشر عنه التسلط يكون هو من يتوب عنه قانونا‬
‫‪-‬الرابطة القانونية ‪ :‬هي التي يحكمها القانون وال يمكن الحديث عن رابطة قانونية إال بين‬
‫األشخاص وحدهم وهذا يعني أنه ال يمكن تصور رابطة قانونية بين األشخاص من جهة‬
‫واألشياء من جهة أخرى‪ ،‬لذلك فالحق يفترض تعدد األشخاص واحترامهم لهذا الحق‬
‫‪ -‬الحماية القانونية ‪ :‬استئثار الشخص بشيء أو قيمة معينة اختصاص غير كاف فإذا لم‬
‫تكن هناك حماية قانونية تدعمه وتحميه من كل تشويش وهذه الحماية تتجسد من خالل‬
‫الدعوى القضائية التي يرفعها صاحب الحق في مواجهة كل من يعتدي على حقه‪ ،‬هكذا‬
‫فالنظرية الحديثة تستقر على تعريف الحق بأنه ” ميزة يمنحها القانون لشخص معين‬
‫ويحميها بطريقة قانونية وبمقتضاها يتصرف الشخص متسلطا على مآل معترف له به‬
‫بصفته مالكا ومستحقا له الحق في الحياة فقها وقانونا‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫المحور الثاني‪ :‬أركان الحق‬
‫بعد تعريف الحق نتطرق إلى أركانه أو عناصره‪ ،‬حيث أن الحق يستند في وجوده إلى طرف‬
‫معين يتمثل في الشخص القانوني الذي يكون صاحبا للحق ويشترط أن ينصب على موضوع‬
‫معين والذي يتمثل في محل الحق‪ ،‬وعليه سنتناول أشخاص الحق‪ ،‬ثم نتطرق إلى دراسة‬
‫محل الحق ‪.‬‬
‫‪ -‬أوال‪ :‬أشخاص الحق‬
‫إن الشخص لغة هو اإلنسان‪ ،‬أما في القانون فهو كل من كان صالحا ألن يكون‬
‫صاحب حق أو ليتحمل واجبا‪ ،‬فالشخصية القانونية هي صالحية اكتساب الحقوق وتحمل‬
‫الواجبات‪ ،‬حيث ال تقتصر على االنسان بل تثبت لبعض الكائنات معنوية كالدولة‬
‫والجمعيات‪...‬إلخ‪.‬‬
‫فأشخاص الحق هما الشخص الطبيعي والشخص المعنوي أو اإلعتباري‪ ،‬وعليه سنتطرق‬
‫فيما يلي إلى دراسة الشخص الطبيعي والشخص المعنوي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬الشخص الطبيعي‪:‬‬
‫تبدأ شخصية اإلنسان في األصل بتمام والدته حيا ‪،‬أي يشترط لبدء الشخصية تمام الوالدة‬
‫من ناحية مع تحقيق حياته عند الوالدة من ناحية ثانية‪.‬‬
‫‪ - 1‬بداية ونهاية الشخص الطبيعي‪:‬‬
‫أ‪ -‬تمام الوالدة ‪ :‬طبقا ألحكام المادة ‪ 42‬من القانون المدني التي تنص على مايلي‪":‬تبدأ‬
‫شخصية اإلنسان بتمام والدته حيا تنتهي بموته"‪ ،‬ويقصد بذلك خروج المولود كله وانفصاله‬
‫عن أمه انفصاال تاما ‪،‬وهذا هو مذهب األئمة الثالثة مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وهو‬
‫أيضا ما قرره قانون المواريث والوصية عندنا وأكده القانون المدني بنصه على أن تبدأ‬
‫شخصية اإلنسان بتمام والدته حيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬تحقيق الحياة عند تمام الوالدة ‪ :‬تنص المادة ‪ 4/42‬على أنه‪":‬على أن يتمتع بالحقوق‬
‫التي يحددها القانون بشرط أن يولد حيا"‪ ،‬فال يكفي تمام انفصال المولود عن أمه وخروجه‬
‫خروجا كامال حتى تثبت له الشخصية‪ ،‬وانما يلزم تحقيق حياته فعال عند تمام االنفصال دون‬
‫توقف على إستمرار الحياة بعد هذه اللحظة‪ ،‬ويتم التثبيت من حياة المولود في هذه اللحظة‬

‫‪8‬‬
‫من األعراض الظاهرة لثبوت الحياة اليقينية وتحققها كالبكاء والصراخ والشهيق فإن لم يتوافر‬
‫شيء من ذلك كان للقاضي اإلستهداء برأي أهل الخبرة وتثبت واقعة الميالد بالقيد في‬
‫السجالت الرسمية‪.‬‬
‫ج‪ -‬مركز الحمل والجنين ‪ :‬إذا كان األصل هو إبتداء شخصية اإلنسان بوالدته حيا على‬
‫النحو السالف بيانه ( إال أن القانون خرج عن هذا األصل واعترف للحمل والجنين قبل والدته‬
‫ببعض الحقوق فيثبت له فضال عن النسب الحق في اإلرث وفي الوصية والحق في اإلفادة‬
‫من اإلشتراط لمصلحته وبذلك تكون للحمل قبل والدته شخصية ‪،‬خروجا على األصل ولكنها‬
‫شخصية ال تعطيه أهلية وجوب ناقصة أو محدودة وذلك إلقتصار صالحيته أصال على‬
‫إكتساب ما ينفعه نفعا محضا من حقوق‪،‬إذا ولدحيا‪ ،‬أما إذا ولد ميتا فكأنه لم يكن ولم تتقرر‬
‫له حقوق قط‪ ،‬فيرد الموقوف له من اإلرث والوصية إلى أصله من التركة ويقسم بين المورث‬
‫األصلي ويرد كذلك الشيء الموهوب إلى الواهب‪.‬‬
‫د‪-‬إنتهاء الشخصية‪:‬‬
‫تنتهي الشخصية القانونية بالوفاة الطبيعية أو الوفاة الحكمية‬
‫‪ -‬الوفاة الطبيعية ‪ :‬تثبت واقعة الوفاة بالسجالت المعدة لذلك كما يمكن إثباتها بكافة الطرق‬
‫األخرى وهذا ما تضمنته المادة ‪ 41‬من القانون المدني "تثبت الوالدة والوفاة بالسجالت‬
‫المعدة لذلك"‬
‫‪ -‬إذا لم يوجد هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما أدرج في السجالت يجوز اإلثبات بأية‬
‫طريقة حسب اإلجراءات التي ينص عليها قانون الحالة المدنية ويترتب على الوفاة أن تعتد‬
‫الزوجة عدة الوفاة وهي ‪ 42‬أشهر وعشرة أيام تبدأ من تاريخ الوفاة وبعد إنقضائها تستطيع‬
‫أن تتزوج غيره‪.‬‬
‫‪-‬وتقضي الشخصية القانونية بالوفاة فتنتقل حقوق المتوفي المالية إلى ورثته وذلك بعد سداد‬
‫ما عليه من ديون وفقا للقاعدة ( ال تركة إال بعد سداد الديون )‪.‬‬
‫‪ -‬أما بالنسبة للزوجة فلم يضع المشرع حكما لها إال أن فقهاء المسلمين أجمعوا على أنه إذا‬
‫ظهر المفقود قبل دخول الزوج الثاني بالزوجة فهي لزوجها األول ألن الزوج الثاني صحيح‬
‫في الظاهر ال في الباطن‪ ،‬فإذا ظهر المفقود كان الزواج باطال ‪،‬ولكن إختلف الفقهاء حول‬
‫مسألة عودة المفقود بعد أن تكون زوجته أعتدت عدة الوفاة وتزوجت بغيره ودخل بها ‪..‬‬

‫‪9‬‬
‫‪-‬وفقا للفقه المالكي تسقط عصمة الزوج األول بدخول الثاني بها‪.‬‬
‫‪-‬ويرى بعض أصحاب المذهب الشافعي أنه إذا عاد زوجها األول بعد دخول الثاني بها‬
‫فيختار األول بين إمرأته والصداق ‪،‬فإن إختار الصداق فالصداق على زوجها وثبتت عنده‬
‫عنده وان إختا ارمرأته فتعود إليه‪.‬‬
‫واألرجح في هذا رأي الفقه المالكي ويذهب القانون المصري إلى التفرقة بين حسن نية الزوج‬
‫الثاني وسوء نيته فإذا كان الزوج الثاني سيء النية يعلم بحياة الزوج األول فالزوجة تعود‬
‫لزوجها األول بعد ظهوره‪.‬‬
‫‪ -‬الموت الحكمي ‪ :‬تنتهي الشخصية القانونية بالموت الحكمي وليس موتا فعليا ولكنه موت‬
‫تقرره المحكمة في أحوال معينة ‪،‬ويسبق الحكم بالفقدان أوال يليه الحكم بالوفاة ‪،‬لهذا سنتعرض‬
‫لهما معا مبينين اآلثار المترتبة على كل منهما‪.‬‬
‫‪-‬الحكم بالفقدان‪:‬‬
‫أ‪ /‬التفرقة بين الغائب والمفقود ‪ :‬فالغائب والمفقود يصدر لكل منهما حكما بالفقدان فالغائب‬
‫هو شخص حاضر في محل إقامته وليس له موطن معلوم فإذا صدر حكم بفقدانه أخذ حكم‬
‫المفقود وفقا لما نصت عليه المادة ‪ 664‬من قانون األسرة وال يصدر الحكم إال بعد مرور‬
‫سنة من الغياب‪.‬‬
‫أما المفقود فتعرفه المادة ‪ 641‬من القانون األسرة بأنه الشخص الذي ال يعرف مكانه وال‬
‫تعرف حياته من مماته وال يعتبر الشخص مفقودا إال بعد صدور حكم بالفقدان بشأنه‪.‬‬
‫ب‪ /‬اآلثار المترتبة على الحكم بالفقدان‪ :‬إذا صدر حكم بفقدان الشخص فإنه يعتبر مازال‬
‫حيا سواء بالنسبة ألمواله أو زوجته طالما لم يصدر حكم بوفاته‪.‬‬
‫*بالنسبة لألموال ‪ :‬ال تقسم أمواله بين الورثة ويرى جمهور المالكية أن المفقود يرث من‬
‫غيره وان لم يورث ألن حياته هي األصل الثابت قبل الحكم بموته فوقف للمفقود من تركة‬
‫مورثه نصيبه فيها وهذا ما تضمنته المادة ‪ 666‬من قانون األسرة بقولها " على القاضي‬
‫عندما يحكم بالفقد أن يحصر أموال المفقود وأن يعين في حكمه مقدما من األقارب أو غيرهم‬
‫لتسيير أموال المفقود ويستلم ما إستحقه من ميراث أو تبرع "‪.‬‬
‫فال يعتبر المفقود ميتا إال من تاريخ الحكم بالوفاة وليس من تاريخ الحكم بالفقدان فالمفقود‬
‫يرث من مات قبل الحكم بالوفاة ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -‬بالنسبة لزوجته ‪ :‬تبقى الزوجة على ذمة زوجها ألنه يعتبر حيا إال أنه يكون لها أن‬
‫تطلب التطليق وفقا للمادة ‪ 22‬من قانون األسرة التي تجيز لها طلب التطليق في حالة هجر‬
‫في المضجع ألكثر من أربعة أشهر حيث جاء فيها " يجوز للزوجة أن تطلب التطليق‬
‫لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪-‬الهجرة في المضجع فوق أربعة أشهر‬
‫‪-‬الغيبة بعد مرور سنة بدون عذر وال نفقة" ‪.....‬‬
‫‪-‬الحكم بالوفاة‪:‬‬
‫أ‪ /‬حاالت الحكم بالوفاة ‪ :‬تختلف المدة التي يجب أن يصدر بعدها الحكم بالوفاة بحسب‬
‫الحالة التي فقد فيها الشخص‪.‬‬
‫‪-‬يحكم القاضي بوفاة المفقود بناءا على طلب أحد الورثة أو من له مصلحة أو النيابة‬
‫العامة وهذا حسب نص المادة ‪ 662‬من قانون األسرة ونفرق في ذلك بين حالتين‪:‬‬
‫*الحالة األولى ‪ :‬الحالة التي يغلب فيها الهالك كحالة الحرب والحاالت اإلستثنائية كزلزال‬
‫أو حريق أو كمن يخرج من بيته لقضاء حاجة ولم يعد ‪،‬فالقاضي يحكم بالموت بعد مرور‬
‫‪ 42‬سنوات من غيابه‬
‫*الحالة الثانية ‪ :‬الحالة التي ال يغلب فيها الهالك كالمسافر أو كالذي يذهب للدراسة في‬
‫الخارج ولم ترد عنه أخبار فهي حاالت ال يغلب فيها إحتمال هالك الشخص لذلك تكون‬
‫للقاضي السلطة التقديرية لتحديد المدة المطلوبة التي يتم بعدها الحكم بالموت ويجب في‬
‫جميع األحوال أن ال تقل المدة عن ‪ 42‬سنوات وهذا ما تضمنته المادة ‪ 662‬بقولها " يجوز‬
‫الحكم بموت المفقود في الحروب والحاالت اإلستثنائية بمضي أربع سنوات بعد التحري وفي‬
‫الح االت التي تغلب فيها السالمة يفوض األمر إلى القاضي في تقرير المدة المناسبة بعد‬
‫مضي أربع سنوات"‬
‫ب‪ -‬اآلثار المترتبة على الحكم بالوفاة‪:‬‬
‫*بالنسبة ألمواله ‪ :‬يعتبر المفقود بعد الحكم بوفاته ميتا فتوزع أمواله بين الورثة من تاريخ‬
‫الحكم بالوفاة ‪،‬فمن مات من الورثة قبل صدور الحكم ال يرث منه ألنه يشترط إلستحقاق‬
‫اإلرث أن يكون الوارث حيا وقت موت المورث وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 647‬من قانون‬
‫األسرة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫*بالنسبة للزوجة ‪ :‬ف إنها تعتد عدة الوفاة ويجوز لها بعدها أن تتزوج بغيره وعدة الوفاة هي‬
‫‪ 42‬أشهر و‪ 64‬أيام تحسب من يوم صدور الحكم بالوفاة‪.‬‬
‫ج‪ /‬ظهور المفقود حيا بعد الحكم بوفاته ‪ :‬قد يحدث وأن يظهر المفقود حيا بعد الحكم‬
‫بموته واذا حدث ذلك فعال فإن له أن يسترجع ما تبقى من أمواله عينا أو يسترجع قيمة ما‬
‫بيع منها وهذا ما نصت عليه المادة ‪ 662‬من قانون األسرة بقولها " ال يورث المفقود وال‬
‫تقسم أمواله إال بعد الحكم بموته وفي حالة رجوعه أو ظهوره حيا يسترجع ما بقي عينا من‬
‫أمواله أو قيمة ما بيع منها "‪.‬‬
‫‪- 2‬مميزات الشخص الطبيعي‪:‬‬
‫تتمتع شخصية اإلنسان بسمات وعالمات تميزه عن غيره‪ ،‬من أهم هذه المميزات‪ :‬حالة‬
‫الشخص أي التي تحدد مركزه األساسي بالنسبة إلى الدولة واألسرة وأحيانا إلى الدين واإلسم‬
‫وهو وسيلة التعرف عليه والذمة المالية والموطن تحديد القانون للمكان الذي يقيم فيه‬
‫الشخص وهي‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الحالة‪:‬‬
‫يقصد بالحالة مجموعة الصفات التي يتصف بها الشخص‪ ،‬والتي ينفرد بها الشخص داخل‬
‫دولة أو أسرة‪ ،‬فيتحدد به مركزه القانوني وتؤثر فيما يكون له من حقوق وما عليه من واجبات‬
‫وتتحدد حالة الشخ بإنتسابه إلى‪:‬دولة معينة وهي الحالة السياسية أو الجنسية‪ ،‬وانتماءه إلى‬
‫أسرة معينة وهي احالة العائلية‪ ،‬وانتماءه دين معين وهي الحالة الدينية‪ ،‬وفيما يلي تفيل لما‬
‫سبق ذكره‪:‬‬
‫‪ -‬الحالة السياسية ‪ :‬تتحدد الحالة السياسية للشخص بتحديد جنسيته أي إنتمائه إلى دولة‬
‫معينة وللحالة السياسية أهمية كبرى من حيث الشخص وواجباته ونشاطه القانوني‪ ،‬ولذلك‬
‫فهناك تفرقة بين الوطنيين واألجانب في كل الدول من حيث نطاق ما يتمتع به كل من‬
‫الوطنيين واألجانب من حقوق وواجبات‪.‬‬
‫ويحدد القانون في كل دولة الشروط الواجب توافرها لكي تثبت جنسيتها لألفراد الذين‬
‫ينتمون إليها‪ ،‬والجنسية قد تثبت للشخص على أساس الميالد على أرض اإلقليم فيعتبر‬
‫المولود في بلد تابعا لجنسية هذا البلد‪ .‬وفي بعض الدول قد تكتسب الجنسية بطريق الزواج‬
‫فتأخذ الزوجة جنسية زوجها أو يأخذ الزوج جنسية زوجته وقد تكون الجنسية مكتسبة أي‬

‫‪12‬‬
‫طارئة وهي التي يكتسبها الشخص في تاريخ الحق على ميالده وذلك طبقا للشروط التي‬
‫يضعها قانون الدولة وهذا ما يسمى بالتجنيس‪.‬‬

‫‪ -‬الحالة العائلية ‪ :‬يقصد بالحالة العائلية مركز الشخص في أسرة معينة بإعتباره عضوا‬
‫فيها تربطه بباقي أعضائها رابطة وثيقة في قرابة النسب ووحدة األصل وقد تربطه به‬
‫بأعضاء أسرة أخرى كذلك رابطة من قرابة المصاهرة‪.‬‬
‫أ ‪ -‬قرابة النسب ‪ :‬يقصد بها الصلة القائمة بين األشخاص بناءا على دم واصل مشترك‬
‫وقرابة النسب قد تكون قرابة مباشرة أو قرابة حواشي‪.‬‬
‫‪ -‬القرابة المباشرة‪ :‬و قد عرفتها المادة ‪ 22‬من القانون المدني بأنها الصلة بين األصول‬
‫والفروع كقرابة الشخص بألبيه أو أمه وجده لألب أو األموغيرها‪.‬‬
‫‪ -‬القرابة غير المباشرة وتسمى أيضا بقرابة الحواشي‪:‬ورد تعريفها في المادة ‪ 22‬من ذات‬
‫المنظومة القانونية بأنها القرابة التي تجمع بين أشخاص يربط بينهم أصل مشترك دون أن‬
‫يكون أحدهم فرعا عن اآلخر ويدخل تحت هذا النوع من القرابة عالقة الشخص بأخيه أو‬
‫بأخته أو عمه أو أو عمته أو خاله أو خالته‪ ،‬أو أبناء عمومته وأبناء األخوال والخاالت‪.‬‬
‫‪ -‬قرابة المصاهرة‪ :‬قرابة المصاهرة هي القرابة التي تنشأ عن عقد الزواج فيترتب هذا الرباط‬
‫القانوني أث ار يتمثل في أث ار يتمثل في إحداث قرابة بين أقارب الزوج والزوج اآلخر‪ ،‬وال تنشأ‬
‫هذه القرابة بين أحد أفراد عائلة الزوج وأحد أفراد عائلة الزوجة ‪ ،‬بل وجب أن يدخل في‬
‫اإلعتبار للحديث عن قرابة المصاهرة أحد أطراف عقد الزواج أي إما الزوج أو الزوجة ونربط‬
‫العالقة بي أقارب الطرف اآلخر‪.‬‬
‫ج‪ -‬آثار القرابة ‪ :‬للقرابة سواء كانت مباشرة (الحواشي) أو المصاهرة (النسب) آثار قانونية‬
‫‪،‬الرابطة الزوجية ينشأ عنها حق الزوج في طاعة زوجته له وحق الزوجة في النفقة وحق كل‬
‫منهما في أن يرث اآلخر وغير ذلك‪ ،‬وتكون للقرابة المباشرة وغير المباشرة آثا ار قانونية‬
‫أخرى كحق اإلبن في حمل لقب أبيه وحقه في جنسيته لرابطة الدم ويكون لألب حق تأديب‬
‫إبنه وحق الوالية عليه ويكون لألقارب حق الميراث فيما بينهم واألفضلية في الوصاية وعدم‬
‫جواز شهادة األصول والفروع واألزواج للفرع أو األصل أو الزوج اآلخر وذلك تطبيقا للمادة‬
‫‪ 22‬من القانون المدني الجزائري‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -2‬اإلسم‪ :‬يعتبر االسممن أهم مايميزالشخص الطبيعي عن غير من األشخاص‪ ،‬فقد جاء‬
‫في المادة ‪ 47‬من القانون المدني‪ ":‬يجب أن يكون لكل شخص لقب واسم فأكثر ولقب‬
‫الشخص يلحق بأوالده‪ ،‬يجب أن تكون األسماء جزائرية وقد تكون خالف ذلك بالنسبة‬
‫لألطفال المولودين من أبوين مسلمين"‪.‬‬
‫ويتمتع االسن بحماية مدنية قررتها المادة ‪ 27‬من القانون المدني حيث جاء فيها‪" :‬لكل من‬
‫نازعه الغير في استعمال اسمه دون مبرر ومن انتحل الغير اسمه أن يطلب وقف هذا‬
‫االعتداء والتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر"‪.‬‬
‫كما يتمتع االسم بحماية جزائي قررتها مواد كثيرة من قانون العقوبات من ذلك المادة‬
‫‪427‬و‪ 421‬و‪.424‬‬

‫وقد يتخذ الشخص الطبيعي لنفسه إسما مستعا ار يعرف به بين الناس‪ ،‬ويعم استعماله حتى‬
‫يطغى على حجب إسمه الحقيقي الموجود في وثائق الحالة المدنية‪ ،‬وتبز األسماء المستعارة‬
‫في الوسط الفني و األدبي والرياضي والثقافي وحتى السياسي‪ ،‬وتجدر اإلشارة أن االسماء‬
‫المستعارة ليس لها أثر قانوني‪ ،‬فالعبرة باألسماء الواردة في وثائق الحالة المدنية‪ ،‬فهذه‬
‫األخيرة تتمتع بالثبات واالستقرار بحيث ال تقبل اإلضافة والتعديل إال بما قرره القانون‪.‬‬
‫فاالسم المدني لصق بالشخص الطبيعي وغير قابل لإلنفصال‪ ،‬وال يقبل التقويم المالي‪ ،‬وال‬
‫يخضع ألي معاملة مالية بعوض أو بغير عوض‪ ،‬وخالف هذا يجيز المشرع التجاري‬
‫الجزائري خضوع االسم التجاري للمعاملة التجارية وهو ماقررته المادة ‪ 77‬و‪ 11‬من القانون‬
‫التجاري‪.‬‬
‫‪ - 3‬الموطن‪:‬‬
‫من السمات الهامة للشخصية القانونية الموطن من حيث أنه يتيح العثور على مقر الشخص‬
‫ومكانة‪ ،‬ولقد عرف المشرع الجزائري الموطن فيالمادة ‪ 21‬من القانون المدني بقوله‪":‬موطن‬
‫كل جزائري هو المحل الذي يوجد فيه سكناه الرئيسي وعند عدم وجود سكنى يقوم محل‬
‫االقامة العادي مقام الموطن"‬
‫وقد نصت المادة ‪ 27‬الفقرة ‪ 46‬من القانون المدني على أن " موطن القاصر والمحجور‬
‫عليه والمفقود والغائب هو من ينوب عن هؤالء قانونا " وعلى ذلك فإن الموطن اإللزامي‬

‫‪14‬‬
‫لألشخاص الذين حددهم القانون ليس هو مكان اإلقامة المعتادة لهم وانما هو موطن حتمي‬
‫وذلك بان جعل موطنهم موطن من ينوب عنهم قانونا بصرف النظر عما إذا كانوا يقيمون‬
‫معه أو ال يقيمون معه‪.‬‬
‫لتحديد الموطن أهمية وفوائد نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الموطن أداة لتوزيع االختصاص اإلقليمي بين جهات القضاء‪:‬إن معرفة موطن الشخص‬
‫يحدد لنا المحكمة المختصة إقليميا بالنظر في النزاع‪ ،‬فال يحق للشخص رفع دعوى ضد‬
‫خصمه في أي مكان يريد‪ ،‬بل يلزم برفعها في دائرة اختصاص محمكة موطن المدعى عليه‪،‬‬
‫وأوجبت المادة ‪ 61‬من قانون االجراءات المدنية وواالدارية ذكر موطن المدعى عليه في‬
‫بيانات التكليف بالحضور المحرر من قبل المحضر القضائي‪.‬‬
‫‪ -‬الموطن هوالمكان القانوني للتبليغ‪ :‬إذا اتخذ الشخص الطبيعي لنفسه موطنا صار من‬
‫حقه أن يعامل استنادالهذا الموطن دون سواه‪ ،‬فيتلقلى من خالله األوراق واإلنذارات‬
‫واالستدعاءات وسائر الوثائق بما فيها األحكام والق اررات القضاءية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬الشخص اإلعتباري‪:‬‬
‫‪ - 1‬تعريف الشخص اإلعتباري ‪:‬‬
‫يعرف الشخص االعتباري بأنه (مجموعة األشخاص واألموال التي تهدف إلى تحقيق غرض‬
‫معين ويعترف القانون لها بالشخصية القانونية بالقدر الالزم لتحقيق ذلك الغرض)‪ ،‬يكتسب‬
‫الشخص االعتباري الشخصية القانونية حكما أي بنص القانون الذي اعتبرها كذلك وفي نفس‬
‫الوقت يعني ضمنا انها ليست أشخاصا طبيعية وانما يمنحها المشرع تلك الصفة القانونية‬
‫االعتبارية لكي تتمكن من أن تمارس حقوقا وتلتزم بواجبات في سبيل تحقيق أغراض‬
‫اجتماعية معتبرة سواء للمجتمع كله او لطائفة معينة‪.‬‬
‫من خالل تعريف الشخص االعتباري نالحظ أنه يقوم على ثالث عناصر هي‪:‬‬
‫‪ -‬أن الشخص االعتباري يتكون من مجموعة أشخاص أو أموال أومجموعة من األشخاص‬
‫واألموال معا‪.‬‬
‫‪ -‬أنه يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن المجموعات المكونة له بناء على نص في القانون‬
‫أن يكون قيام الشخص االعتباري لتحقيق هدف اجتماعي يتحدد في قانون إنشائه‬

‫‪15‬‬
‫‪ -2‬خصائص الشخصية القانونية للشخص اإلعتباري‪:‬‬
‫تضمن القانون المدني نصا مفاده أن الشخص اإلعتباري يتمتع بجميع الحقوق التي تقرها‬
‫القوانين وتحميها إال ما كان منها مالزما لصفة اإلنسان ‪،‬وأضاف المشرع أن يكون‬
‫لألشخاص المعنوية‪ :‬أهلية واسموموطن وحالة سياسية وذمة مالية‪ ،‬وفيما يلي تفصيل لما‬
‫سبق ذكره‪:‬‬
‫أ ‪ -‬األهلية‪ :‬فيما يلي سنتناول أهلية الوجوب ثم أهلية األداء للشخص االعتباري‬
‫‪ -‬أهلية الوجوب‪ :‬أي صالحية الشخص االعتباري الكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات‪،‬‬
‫ونظر الختالف الشخصية الطبيعية عن الشخصية المعنوية فإن حقوق الشخص المعنوي‬
‫ا‬
‫والتزاماته تختلف عن حقوق والتزامات الشخص الطبيعي‪ ،‬فال تثبت للشخص المعنوي تلك‬
‫الحقوق وااللتزامات المالزمة لطبيعة اإلنسان‪ ،‬كحقوق األسرة‪ ،‬والحقوق الشخصية التي‬
‫تهدف إلى حماية الكيان المادي للشخص كالحق في سالمة الجسم‪ ،‬كما أنه ال يرث‪،‬‬
‫باستثناء الدولة إذ تؤول إليها أموال من ال وارث له أو التي تخلى عنها الورثة وهذا ما نصت‬
‫عليه المادة ‪ 674‬من قانون األسرة بنصها ‪:‬‬
‫"فاذا لم يوجد أصحاب فروض أو عصبة آلت التركة إلى ذوي األرحام‪ ،‬فإن لم يوجدوا‪ ،‬آلت‬
‫إلى الخزينة العامة‪" .‬‬
‫‪ -‬أهلية األداء‪ :‬وهي صالحية الشخص لمباشرة األعمال والتصرفات القانونية بنفسه‪،‬‬
‫والشخص االعتباري ليس له تمييز بحكم طبيعته إذ ليس له ذات وارادة‪ ،‬لهذا ذهب رأي في‬
‫الفقه إلى القول بأن الشخص المعنوي ليس منعدم األهلية‪ ،‬بل له أهلية ولكن ال يستطيع‬
‫العمل إال بواسطة ممثله‪ ،‬إذ القانون يعتبر اإلدارة التي يعبر عنها ممثل الشخص المعنوي‪،‬‬
‫واألعمال التي يقوم بها‪ ،‬بمثابة إرادة وعمل الشخص المعنوي‬
‫وقد يتولى تمثيل نشاط الشخص المعنوي‪ ،‬فرد أو شخص‪ ،‬كرئيس الدولة مثال‪ ،‬أو الوالي‬
‫كما قد تتواله هيئة كالمجالس المحلية والجمعيات العمومية‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬اإلسـم ‪ :‬لكل شخص إعتباري إسم يتميز به عن غيره من األشخاص اإلعتبارية‬
‫واألشخاص اإلعتبارية العامة تحدد لها الدولة أسمائها أما األشخاص اإلعتبارية الخاصة‬
‫فيسميها أصحابها بأسمائها التجارية أو المستعارة ويعتبر اإلسم حق وواجبا للشخص‬
‫اإلعتباري‪.‬‬
‫ويجوز له التصرف فيه‪ ،‬ولكن ليس بصفة مستقلة عن المحل التجاري ذاته‪ ،‬وحق الشركة‬
‫على اسمها حق مالي‪ ،‬أما حق الجمعية أو المؤسسة الخاصة على اسمها طالما ال تهدف‬
‫إلى تحقيق الربح فيعد حقا أدبيا من حقوق الشخصية‪.‬‬
‫‪ -‬الموطـن ‪ :‬وموطن الشخص المعنوي مستقل عن موطن أعضائه‪ ،‬وهذا الموطن هو‬
‫المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته‪ ،‬ويقصد بمركز اإلدارة المركز الرئيسي وليس حتما أن‬
‫يكون مركز االستغالل ولقد نصت المادة ‪ 6/227‬تجاري على ما يلي" ‪ :‬يكون موطن‬
‫الشركة في مركز الشركة"‬
‫‪ -‬الحـالـة‪ :‬يختلف الشخص اإلعتباري عن الشخص الطبيعي في أن األول ليست له روابط‬
‫عائلية وال روابط دينية أما من حيث الروابط السياسية فأن جنسية الشخص المعنوي تتحدد‬
‫بالدولة التي يوجد فيها مركز إدارته الفعلي‪.‬‬
‫فمتى اتخذ الشخص المعنوي بلدا معينا مركز إلدارته تثبت له جنسية هذا البلد‪ ،‬ويخضع‬
‫نظامه القانوني‪ ،‬لقوانين الدولة التي يوجد فيها مركز إدارته الرئيسي الفعلي‪.‬‬
‫‪ -‬الذمـة المالية ‪ :‬للشخص اإلعتباري ذمة مالية بعنصر بها اإليجابي والسلبي بل هي أبرز‬
‫مميزاته القانونية حيث تكون ذمته المالية مستقلة ومنفصلة تماما عن الذمة المالية لألفراد‬
‫المكونين له‬
‫‪ - 3‬أنواع األشخاص اإلعتبارية‪:‬‬
‫تنقسم إلى قسمين أشخاص إعتبارية عامة وأشخاص إعتبارية خاصة وينقسم كل نوع منها‬
‫بدوره إلى قسمين أشخاص وطنية وأشخاص أجنبية‪.‬‬
‫ويقصد باألشخاص المعنوية العامة الوطنية تلك األشخاص اإلعتبارية التي تنشأ بإرادة‬
‫الشعب على إقل يمه الوطني وتاتي في مقدمتها الدولة بإعتبارها شخصا معنويا عاما ووطنيا‬

‫‪17‬‬
‫في نفس الوقت ويليها الفروع التي تتألف منها الدولة أي األقسام اإلدارية فيها وبحسب نص‬
‫المادة ‪ 21‬من القانون المدني فإن األشخاص اإلعتبارية هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬األشخاص العامة ‪:‬‬
‫هي الدولة وفروعها مع مالحظة أن الدولة تنشأ بإعتراف الدول األخرى بقيامها أما فروع‬
‫الدولة تنشأ بإعتراف المشرع الوطني أي القانون الداخلي بوجودها أو تأسيسها مثل الوالية‬
‫والدائرة والبلدية‪.‬‬
‫ب‪ -‬األشخاص الخاصة‪:‬‬
‫يقصد بها الهيئات والمؤسسات والمجمعات والشركات المدنية والتجارية التي تعترف لها‬
‫الدولة بشخصية اعتبارية لتحقيق أهداف خاصة بالمجموعات من األشخاص واألموال المكونة‬
‫لها‪.‬‬
‫‪ -‬الجمعيات ‪ :‬يمكن تعريف الجمعية بأنها كل جماعة تتكون من عدة أشخاص من طبيعية‬
‫أو إعتبارية تكون لها صفة الدوام وتهدف لغرض اجتماعي دون الحصول على ربح مادي‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات ‪ :‬هي شخص إعتباري ينشأ بناءا على تخصيص مبلغ من المال لعمل‬
‫إجتماعي سواء كان خيريا أو علميا أو رياضيا أو فنيا‪.‬‬
‫‪ -‬الشركات ‪ :‬تتكون الشركة بإتفاق شخصين أو أكثر على أن يساهموا في مشروع عن‬
‫طريق تقديم كل منهم حصة من المال أو العمل مع إقتسام النتائج أرباحا كانت أم خسائر‪.‬‬
‫فالشركة مجموعة أشخاص تتظافر جهودهم لتحقيق الكسب المالي وهي بهذا تختلف عن‬
‫الجمعية التي تسعى لتحقيق غرض إجتماعي غير الربح ‪.‬‬
‫المطلب الرابع ‪ :‬الخصائص المميزة للشخص اإلعتباري‪.‬‬
‫‪ - 4‬حياة الشخص اإلعتباري ‪:‬‬
‫أ‪ -‬بداية الشخصية القانونية ‪ :‬بالنسبة للدولة تبدأ شخصيتها اإلعتبارية من يوم تكامل‬
‫عناصرها الثالثة من شعب واقليم وحكومة ذات سيادة واعتراف الدول بها كعضو في‬
‫المجتمع الدولي‪.‬‬
‫‪-‬بالنسبة للوالية بصدور قرار إنشائها الذي يحدد اسمها ومركزها واستقاللها المالي‬
‫وشخصيتها القانونية‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪-‬أما بالنسبة للجمعيات والشركات والمؤسسات الخاصة فإن القانون يشترط أستكمال جميع‬
‫االجارءات القانونية من توثيق عقد التأسيس والقيام بشهره عن طريق تسجيله في السجالت‬
‫الخاصة بالتوثيق في الشهر العقاري وكذلك نشر قانون إنشائها وتسجيلها بالصحف اليومية‬
‫حتى يمكن اإلحتجاج بها في مواجهة الغير‪.‬‬
‫ب‪ -‬نهاية حياة االشخص االعتباري‪:‬‬
‫بالنسبة للدولة تزول بزوال شخصيتها وزوال أحد عناصرها الثالث‪ ،‬بالنسبة للوالية والدائرة‬
‫والبلدية بصدور قانون إلغائها أو إدماجها في وحده إدارية أخرى وتصدر قوانين اإللغاء و‬
‫اإلدماج من السلطة المختصة باإلنشاء‪.‬‬
‫بالنسبة للمؤسسات العامة وما في حكمها تنقضي شخصيتها القانونية بإدماجها في مؤسسة‬
‫عامة أخرى أو بإلغائها بقانون تصدره السلطة التي أنشأتها‪.‬‬
‫أما بالنسبة للشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة تنهي حياتها بأحد األسباب التالية‪:‬‬
‫‪ -‬حلول أجل إنقضائها السابق تحديده في القانون إنشائها‪.‬‬
‫‪ -‬تحقيق الغرض من إنشائها‪.‬‬
‫‪ -‬إتفاق الشركاء على حلها‪.‬‬
‫‪ -‬إشهار إفالسها‪.‬‬
‫‪ -‬صدور حكم قضائي بحل الشخص اإلعتباري‪.‬‬
‫‪ -‬صدور قانون بإلغائها من السلطة التي أصدرت قانون إنشائها‪.‬‬

‫‪19‬‬

You might also like