You are on page 1of 7

‫‪2‬‬

‫الدرس الثاني‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار النظري لقانون املجتمع الدولي‬
‫‪-‬مفهوم املجتمع الدولي‬
‫‪ -‬خصائص املجتمع الدولي‬

‫محاضرة مشتركة من‬


‫إعداد األستاذين‬
‫‪-‬األستاذ بن زحاف فيصل‬
‫‪ -‬األستاذة عصماني ليلى‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار النظري لقانون املجتمع الدولي‬

‫عرف املجتمع الدولي بمفهومه املعاصر عندما قامت ‪ 47‬دولة مثلت الدول بالحضور‬
‫واالجتماع في أول دورة لجمعية عصبة األمم سنة ‪ ، 1920‬واتسعت دائرة املجتمع الدولي‬
‫لتشمل في املرحلة الراهنة ‪ 193‬دولة عضوة في منظمة األمم املتحدة بعد انضمام دولة جنوب‬
‫السودان في ‪ 14‬جويلية ‪ ، 12011‬وهذا يجعل مصطلح املجتمع الدولي حديث االستعمال في‬
‫القانون الدولي العام والعالقات الدولية‪ ،‬حيث غالبا ما تستعمله الدول في مؤتمراتها الدولية‪،‬‬
‫وأن هذا املجتمع الدولي تشكل في أولى بدايته من دول ومنظمات دولية تمتاز بعدم التجانس‬
‫املزدوج وذلك من خالل تركيبته القاعدية ومن حيث أشخاصه‪ ،2‬وهذه امليزة التي يمتاز بها‬
‫املجتمع الدولي تعقد من تحديد مفهوم دقيق لقانون املجتمع الدولي‪ ،‬ونحاول من خالل هذه‬
‫املحاضرة تعريف قانون املجتمع الدولي ‪ ،‬وتحديد خصائصه ثم دراسة تركيبته‪.‬‬

‫‪1‬‬‫‪- Pascale Martin-Bidou, fiches de droit international public, 2 e édition, ellipses, paris‬‬
‫‪2012,p.5‬‬
‫‪ - 2‬محمد بوسلطان‪ ،‬مبادئ القانون الدولي العام‪ ،‬الجزء األول ‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1994‬ص‪13.‬‬

‫‪1‬‬
‫املبحث األول‪ :‬تعريف املجتمع الدولي والخصائص التي يتميز بها‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف املجتمع الدولي‬

‫يقصد باملجتمع الدولي مجموع من الكيانات السياسية الدولية املستقلة التي تخضع في‬
‫عالقاتها القائمة فيما بينها إلى القانون الدولي‪ ،‬حيث ينقسم إلى أشخاص تتمتع بالشخصية‬
‫القانونية الدولية وهي الدول واملنظمات الدولية الحكومية‪ ،‬وأشخاص أخرى ال تتمتع بهذه‬
‫الشخصية القانونية وهي املنظمات الدولية غير الحكومية وحركات التحرر الوطني والشركات‬
‫املتعددة الجنسيات وغيرها من الكيانات املستحدثة في القانون الدولي‪.1‬‬

‫ويالحظ من خالل هذا التعريف أن املجتمع الدولي يتشكل من كيانات سياسية دولية‬
‫مستقلة‪ ،‬وميز بين نوعين من الكيانات‪ ،‬كيانات سياسية دولية تتمتع بالشخصية القانونية‬
‫الدولية يخاطبها القانون الدولي ّ‬
‫يقرر لها حقوق ويحملها التزامات وهي الدول واملنظمات‬
‫الدولية الحكومية وكيانات أخرى ال تتمتع بهذه الشخصية القانونية الدولية وهي املنظمات‬
‫الدولية غير الحكومية‪ ،‬الشركات املتعددة الجنسيات‪ ،‬وحركات التحرر الوطني والشخص‬
‫الطبيع ي وهذا بالرغم من مخاطبتها بالقانون الدولي بإقرار لها حقوق وتحملها التزامات ولكن‬
‫غير مؤهلة في إبرام املعاهدات الدولية‪.‬‬

‫املجتمع الدولي بهذا املعنى فإنه يضم كافة الدول واملنظمات الدولية سواء كانت‬
‫إقليمية أو عاملية التي تتفاعل مع بعضها البعض بإقامة عالقات دولية في جميع املجاالت‬
‫السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬االجتماعية و الثقافية ‪ ...‬يحكمها القانون الدولي التي نشأت قواعده‬
‫بما يستجيب الحتياجات الوحدات السياسية‪ ،‬كما أن ارتبطت نشأة القانون الدولي‬
‫بالتطورات االقتصادية والفكرية التي تعرض لها املجتمع األوربي قبل الحرب العاملية األولى ثم‬
‫تطور هذه القواعد بعد الحرب العاملية الثانية ضمن قواعد القانون الدولي املعاصر‪ ،‬وتأسيس‬

‫‪ – 1‬وليد البيطار‪ ،‬القانون الدولي العام‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت ‪2008‬ظن ص‪541.‬‬

‫‪2‬‬
‫منظمة األمم املتحدة التي تشرف على إدارة العالقات الدولية واملحافظة على السلم واألمن‬
‫والدوليين‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص املجتمع الدولي‬

‫بناء على تعريف املجتمع الدولي املشار إليه أعاله فإن املجتمع الدولي يتميز بخصائص‬
‫تميزه عن املجتمع الوطني وتتمثل هذه الخصائص فيما يلي‬

‫‪ -‬مجتمع دولي يتشكل من وحدات سياسية مستقلة تتمتع بالسيادة الكاملة وال تخضع‬
‫لسلطة عليا‪ ،‬والقانون الدولي الذي يخاطب أشخاصه سواء كانوا دول أو منظمات‬
‫دولية حكومية يعاملهم على أساس املساواة‪ ،‬ومنظمة األمم املتحدة التي تدير العالقات‬
‫الدولية ال تمثل سلطة فوق الدول و إنما هي إطار مؤسساتي للتعاون الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬مجتمع دولي غير متجانس من حيث تركيبته القاعدية ومن حيث أشخاصه‪ ،1‬وينتج عن‬
‫عدم التجانس القاعدي بين الدول هو تفاوت فيما بين الدول في كل املجاالت فمثال في‬
‫مجال القوة القدرة العسكرية‪ ،‬االقتصادية والسياسية وتترتب الدول حسب معيار‬
‫القوة ترتيبا عموديا وهذا الترتيب يتغير من زمن إلى آخر نتيجة انتقال دول من الضعف‬
‫إلى القوة وتقهقر دول أخرى من القوة إلى الضعف ‪ ،‬وهذه الخاصية غير موجودة في‬
‫املجتمع الوطني الذين يرتبون ترتيبا أفقيا وال يتمتع أحدهم بأي سيادة مهما كانت‬
‫قوتهم املالية أو املناصب التي يتولونها ويخاطبهم القانون الداخلي على أساس املساواة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لعدم التجانس القانوني يخص درجات الشخصية القانونية للمخاطبين‬
‫بالقانون الدولي‪ ،‬ونقتصر هنا على ذكر ثالث طوائف وهي الدول والشعوب املستعمرة‬
‫واملنظمات الدولية‪ .‬فالدول ذات السيادة الكاملة تتمتع بالشخصية القانونية الكاملة‬
‫يترتب عنها حقوق والتزامات‪ ،‬أما بالنسبة للشعوب املستعمرة فهي دول ناقصة‬
‫السيادة وحركات التحرر املوجودة في هذه الدول أثبتت وجودها على مستوى العالقات‬
‫الدولية وفرضت نفسها من خالل تقرير املصير وانتزاع السيادة الكاملة‪ ،‬شاركت في‬

‫‪ – 1‬محمد بوسلطان‪ ،‬مبادئ القانون الدولي العام الجزء األول ‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪3‬‬
‫أعمال املنظمات الدولية بصفة عضو مالحظ أو مراقب كما حصلت بعض الحركات‬
‫على االعترافات وفتحت لها سفارات في دول أجنبية مختلفة مثل منظمة التحرير‬
‫الفلسطينية ورغم كل هذا مازالت هذه الحركات لم ترق إلى درجة الدولة لعدم تمكنها‬
‫من أحكام السيطرة على إقليمها وممارسة سيادتها على الطريق املعتاد وبقيت‬
‫شخصيتها القانونية ناقصة‪ .‬أما بالنسبة للمنظمات الدولية لم يتم االعتراف لها‬
‫بالشخصية القانونية إال بعد أن رأت محكمة العدل الدولية في قضية التعويض عن‬
‫األضرار التي لحقت األمم املتحدة بموظفيها على ضرورة تمتع املنظمة بالشخصية‬
‫القانونية الدولية (الرأي االستشاري ملحكمة العدل الدولية سنة ‪ ،)1949‬واعتبرت‬
‫محكمة العدل الدولية في رأيها االستشاري أن االعتراف بالشخصية القانونية للمنظمة‬
‫الدولية ال يعني بأنها دولة وال يعني دولة فوق الدول بل هي أحد أشخاص القانون الدولي‬
‫قادرة على اكتساب الحقوق وتحمل االلتزامات وأن هذه الشخصية تتحقق بميثاق‬
‫إنشائها‪ . 1‬ونتائج الشخصية القانونية الدولية للمنظمة تختلف عن نتائج شخصية‬
‫الدولة وهذا خلق أول عدم التجانس بين أشخاص القانوني الدولي الذي بات عقبة‬
‫أمام الوصول إلى مجتمع دولي أفقي حسب مبادئه األساسية من سيادة ومساواة أمام‬
‫القانون‪ ،‬وحرية اإلدارة‪.‬‬
‫‪ -‬املجتمع الدولي هو مجتمع الالمركزي ( ‪ (une société décentralisée‬وهذا يرجع إلى‬
‫تركيبته املتكونة من دول ذات سيادة ال تحكمه سلطة مركزية بحيث أن الدولة ال تلتزم‬
‫إال برضاها وإرادتها وقبولها التعاون مع الدول األخرى‬
‫‪2‬‬

‫‪ -‬غياب قانون دولي ملزم يقرر الجزاء في حالة مخالفة القانون‪ ،‬وهذه الخاصية يتميز بها‬
‫القانون الدولي الذي يحكم العالقات بين الوحدات السياسية التي تشكل املجتمع‬
‫الدولي عن القانون الوطني‪ ،‬وغياب الجزاء ال يفقد قواعد القانون الدولي صبغة‬
‫القاعدة القانونية وهو ليس عنصرا من عناصر نشأتها‪ ،‬ولكن وجود الجزاء هو آلية‬

‫‪ – 1‬الرأي االستشاري ملحكمة العدل الدولية سنة ‪ ، 1949‬ص‪179 .‬‬


‫–‪2‬‬ ‫‪Pascal Martin-Bidou, Op.cit, p. 5‬‬

‫‪4‬‬
‫لتحقيق فعالية تطبيق القاعدة القانونية‪ ،‬وأساس اإللزام في القانون الدولي هو توافر‬
‫اإلرادة لدى الدول‪ ،‬ول كن هناك استثناء على هذا األساس وهو أنه الدولة ملزمة‬
‫بتطبيق قواعد القانون الدولي اآلمرة حتى ولو لم تكن طرفا في االتفاقية الدولية‪ ،‬ألن‬
‫هذه القواعد مرتبطة بالنظام العام الدولي التي ال يجوز االتفاق على مخالفتها‪.‬‬
‫‪ -‬غياب سلطة تشريعية تسن قواعد القانون الدولي وهذا راجع إلى عدم وجود سلطة‬
‫عليا تعلو إرادة الدول‪ ،‬وال ترقى قرارات الجمعية العامة غير امللزمة‪ ،‬وال قرارات مجلس‬
‫األمن ذات الطبيعة امللزمة إلى قواعد قانونية كتلك التي تسنها السلطة التشريعية في‬
‫القانون الوطني‪ ،‬وهذا ما يجعل االتفاقيات الدولية املبنية على توافق إرادة الدول‬
‫املصدر األساس ي للقانون الدولي العام باإلضافة إلى القواعد العرفية‬
‫‪ -‬القضاء في املجتمع الدولي هو قضاء اختياري مبني على قبول الدولة باللجوء إلى‬
‫القضاء أو االنضمام إلى هيئة قضائية دولية وقبول نظامها األساس ي‪ ،‬وتجدر اإلشارة‬
‫إلى أن القضاء الدولي عرف نقلة نوعية بعد الحرب العاملية الثانية من خالل القضايا‬
‫واملنازعات الدولية التي فصلت فيهم محكمة العدل الدولية‪ ،‬وتطور القضاء الجنائي‬
‫الدولي من قضاء مؤقت إلى قضاء دولي جنائي دائم من خالل إنشاء املحكمة الجنائية‬
‫الدولية الدائمة سنة ‪ 1998‬ودخل نظامها األساس ي حيز النفاذ في ‪ 01‬جويلية ‪.2002‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تركيبة املجتمع الدولي‬

‫‪5‬‬
‫يتركب املجتمع الدولي من أشخاص قانونية والتي تعرف بالكيانات القانونية التي تتمتع‬
‫ضمن هذا املجتمع بحقوق وتخضع اللتزامات التي يقرها ويحددها القانون الدولي‬
‫العام‪ ،1‬ويتألف املجتمع الدولي من العناصر القانونية التالية‬
‫‪ -1‬دول ذات سيادة تتمتع بالشخصية القانونية الدولية وينظم القانون الدولي العام‬
‫العالقات بين الدول‪.‬‬
‫‪ -2‬املنظمات الدولية وهي عبارة عن هيئات تتشكل من أجهزة تنشأ بموجب اتفاق بين‬
‫الدول لتنظيم العالقات بين الدول في مجاالت متخصصة يحددها ميثاق املنظمة‬
‫لتحقيق مصالح مشتركة‪ ،‬وتتمتع هذه املنظمة إلى جانب الدولة بالشخصية‬
‫القانونية وينظم العالقة بين املنظمات الدولية والدول القانون الدولي العام‪.‬‬
‫‪ -3‬حركات التحرر الوطني والدول املحمية التي تخضع لنظام الوصاية و تختلف هذه‬
‫الكيانات عن الدولة باعتبارها ناقصة السيادة وبالنتيجة فإن شخصيتها القانونية‬
‫غير مكتملة وتخضع للقانون الدولي‪.‬‬
‫‪ -4‬الشركات املتعددة الجنسيات وهي كيانات تنشط عبر الحدود في العديد من الدول‬
‫تخضع للقوانين عبر الوطنية التي تنظم العالقات التي تتجاوز حدود إقليم الدولة‬
‫الواحدة‪.‬‬
‫‪ -5‬األشخاص الطبيعيين أصبح فاعل في العالقات الدولية مما جعل العديد من‬
‫أحكام القانون الدولي تخاطب األفراد كقواعد القانون الدولي الجنائي‪ ،‬والقانون‬
‫الدولي لحقوق اإلنسان ‪ ،‬ويتمتع الفرد بالحماية الديبلوماسية في العالقات الدولية‬
‫إذا سببت له أضرار دولة أجنبية‪ ،‬ويخضع للقانون الداخلي للدولة التي يحمل‬
‫جنسيتها‪.‬‬

‫‪ – 1‬غضبان مبروك‪ ،‬املجتمع الدولي األصول والتطور واألشخاص (منظور تحليلي تاريخي وإقتصادي وسياس ي وقانوني)‪ ،‬القسم األول ‪ ،‬ديوان‬
‫املطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر ‪ ، 1994‬ص‪19.‬‬

‫‪6‬‬
‫وخالصة القول أن تركيبة املجتمع الدولي تكون حسب الجدول التوضيحي‬
‫التالي‪:‬‬

‫‪ -‬الشركات املتعددة الجنسيات‬ ‫‪ -‬الدول ذات السيادة‬


‫‪ -‬املنظمات الدولية غير الحكومية‬ ‫‪ -‬املنظمات الدولية الحكومية‬
‫‪ -‬وباقي الكيانات التي تعمل في‬ ‫‪ -‬العالقات الدولية بين الدول واملنظمات‬
‫حقل املجتمع العالمي‬ ‫الدولية ينظمها القانون الدولي العام وفروعه‪.‬‬
‫وتخضع هذه الكيانات إلى‬ ‫‪ -‬األفراد يتمتعون بقواعد الحماية‬
‫القوانين عبر الوطنية‬ ‫الديبلوماسية في مواجهة باقي الدول‪.‬‬

‫القانون الداخلي‬
‫األفراد واألشخاص الطبيعيين‬ ‫ينظم العالقات بين األشخاص الذين يخضعون‬
‫الشركات الخاصة‬ ‫للناظم القانوني الوطني‬
‫العالقات بين األشخاص سواء طبيعية‬
‫أو أشخاص معنوية تخضع للقوانين‬
‫الوطنية‪ ،‬والعالقات بين شخصين‬
‫أحدهما أجنبي تخضع للقانون الدولي‬
‫الخاص‪.‬‬

‫‪7‬‬

You might also like