You are on page 1of 4

‫املحاضرة الثانية‪ :‬املشكلة االقتصادية‬

‫تعد املشكلة االقتصادية املتمثلة في الندرة النسبية للموارد‪ ،‬النقطة املركزية التي يدور‬
‫حولها علم االقتصاد بالبحث في نشأتها وأسبابها ومظاهرها‪ ،‬وقد الزمت املشكلة االقتصادية‬
‫اإلنسان منذ وجوده‪ ،‬حيث في منظور االقتصاد الوضعي أن اإلنسان يولد وتولد معه حاجاته‬
‫املتعددة واملتنوعة والتي تقتض ي قدرا من اإلشباع باستعمال ما هو موجود في الطبيعة‪ ،‬هاته‬
‫األخيرة وملحدودية مواردها ال تقدم اإلشباع الكامل لجميع الحاجات اإلنسانية من جهة‪ ،‬ومن‬
‫جهة أخرى فإن أغلب هذه املوارد ال تصلح بصورتها األولية في الطبيعة إلشباع الحاجات بشكل‬
‫مباشر‪ ،‬مما يفرض على الفرد أن يكون سلوكه اقتصاديا وذلك باالختيار بين حاجاته املتعددة‬
‫اي الحاجات األولى باإلشباع واستخدام املوارد املحدودة على أفضل وجه وطريقة ممكنة للحد‬
‫من تفاقم املشكلة االقتصادية وزيادة حدتها‪ ،‬خصوصا مع سعي اإلنسان الدائم لالرتقاء‬
‫بمستوى معيشته وتحقيق الرفاهية املادية‪.‬‬
‫من خالل ما سبق ذكره تدور املشكلة االقتصادية حول عنصرين مرتبطين هما‪:‬‬
‫‪-‬الحاجات املتعددة التي يشعر بها اإلنسان (مشكل االختيار بين الحاجات عند عملية‬
‫اإلشباع)‬
‫‪-‬املوارد أو األموال املحدودة (مشكل الندرة)‬
‫املحور االول‪ :‬الحاجات االقتصادية‪:‬‬
‫يراد بالحاجة في معناها اللغوي الحرمان من ضروري‪ ،‬أما الحاجة االقتصادية فهي كل‬
‫رغبة تساور النفس من السلع والخدمات التي تساهم املوارد االقتصادية في إنتاجها بحيث‬
‫يولد عدم إشباع هاته الحاجات اإلحساس باأللم والحرمان مما يدفع اإلنسان إلى النشاط‬
‫االقتصادي‪ ،‬أي إحداث عملية اإلنتاج لهذه السلع والخدمات بطريقة مباشرة أو بطريقة غير‬
‫مباشرة‪ ،‬أي عن طريق عملية الشراء بواسطة الثمن وهو ما يعبر عنه بالطلب‪.‬‬
‫أوال‪ :‬خصائصها‪:‬‬
‫تتميز الحاجات االقتصادية بعدة خصائص يمكن حصرها فيما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬الحاجة ال نهائية‪:‬‬
‫فرغبات اإلنسان وحاجاته متعددة في مجموعها كما ونوعا وتتزايد باستمرار‪ ،‬ويمكن‬
‫إرجاع تعدد الحاجات وتزايدها مع الزمن لعدة عوامل من أهمها‬
‫• الزيادة السكانية السريعة‬

‫‪1‬‬
‫• التقدم التكنولوجي الهائل التي تعرفه البشرية‪،‬‬
‫• عامل الدعاية واإلعالن واإلشهار والتي أدت إلى خلق حاجات جديدة‪،‬‬
‫• قابلية الحاجة اإلنسانية للتكرار مع مرور الزمن مما يعني دورية الحاجة‪،‬‬
‫• أثر املحاكاة والتقليد وذلك من خالل قيام األفراد بتقليد أنماط استهالك قائمة‬
‫لدى أفراد جماعات أو دول أخرى ومرد هذا تطور وسائل اإلعالم بأنواعها‬
‫‪-2‬قابلية الحاجة لإلشباع‪:‬‬
‫أي أن هناك قدرا محددا من املوارد واألموال يكفي إلشباعها‪ ،‬ويقل حدة الشعور‬
‫بالحاجة كلما تلقت قدرا من اإلشباع‪ ،‬فكلما زادت نسبة اإلشباع تناقص الشعور بالحرمان‬
‫فإن تناول كميات متتالية من الطعام أو الشراب يؤدي إلى زوال الشعور بالجوع أو العطش‬
‫تدريجيا‬
‫‪-3‬قابلية الحاجة لإلحالل‪:‬‬
‫أي إمكانية أن تحل حاجة محل حاجة أخرى سواء كان إحالال کامال أو ناقصا حسب‬
‫تقديرات املستهلك ومستوى اإلشباع‪.‬‬
‫‪-4‬الحاجة ظاهرة اجتماعية‪:‬‬
‫فالحاجة تختلف من شخص آلخر ومن مجتمع آلخر بحسب ما يحكمه من دین وعادات‬
‫وتقاليد ومستوى تقدم حضاري‬
‫ثانيا‪ :‬أنواع الحاجات اإلنسانية‪:‬‬
‫تنقسم الحاجات اإلنسانية وتتنوع إلى األنواع التالية‪:‬‬
‫‪-1‬الحاجات الضرورية والحاجات الكمالية‪:‬‬
‫الحاجات الضرورية هي الحاجات األساسية التي تتوقف حياة اإلنسان على إشباعها‬
‫كاملأكل وامللبس واملسكن والعالج ‪ ،...‬بينما الحاجات الكمالية فهي الحاجات التي تحسن حياة‬
‫اإلنسان ويساهم إشباعها في إثراء حياة الفرد وتمتعه بما وتضفي عليها طابع الرفاهية فهي‬
‫حاجات ال يتوقف على إشباعها حياة اإلنسان كوسائل الترفيه املتنوعة والفنون واملالبس‬
‫الفاخرة‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪-2‬الحاجات الفردية والحاجات الجماعية‪:‬‬
‫الحاجات الفردية هي التي ترتبط بشخصية الفرد ويستطيع تلبيتها وإشباعها بمفرده‬
‫كالحاجة إلى املأكل وامللبس واملسكن ‪ .....‬أما الحاجات الجماعية فهي التي ترتبط الجماعة وال‬

‫‪2‬‬
‫يمكن إشباعها إال بصورة جماعية‪ .‬مثل الحاجة إلى األمن والعدالة‪...‬الخ‪ .‬وتظهر أهمية هذه‬
‫التفرقة في وجوب تدخل الدولة في عملية اإلشباع أم ال ألنه بناء عليه يتم تحدید األنشطة‬
‫االقتصادية التي تتوالها الدولة (النشاط العام) وتلك التي يترك أمرها لنشاط األفراد (النشاط‬
‫الخاص)‬
‫‪-3‬الحاجات املادية والحاجات املعنوية‪:‬‬
‫الحاجات املادية هي التي تستوجب موارد ووسائل مادية ملموسة إلشباعها فالشعور‬
‫بالجوع يحتاج إلى طعام لسد هذه الحاجة‪ ،‬والحاجة إلى اإليواء تستلزم وجود مسکن‪ .‬أما‬
‫الحاجات املعنوية فهي الحاجات التي ال تعتمد في إشباعها على وسائل مادية‪ ،‬بل على تقديم‬
‫خدمة فالتعليم والعالج مثال حاجات تشبع ال عن طريق أشياء ملموسة وإنما عن طريق تلقي‬
‫معارف عبر خدمة األستاذ أو املعلم أو تشخیص طبي خالل خدمة الطبيب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬املوارد االقتصادية‬
‫يراد باملال أو املورد باملعنى العام الش يء النافع أو أي ش يء قابل إلشباع حاجة إنسانية‬
‫بطريق مباشر أو غير مباشر ويكون تحت التصرف ليستخدم في هذا اإلشباع‪ .‬وبهذا املعنى‬
‫فاألموال أو املوارد متعددة ومتنوعة فالهواء مثال مال ومورد ألنه يشبع حاجة اإلنسان إلى‬
‫التنفس والشمس مال ألن أشعتها وحرارتها ضرورية لإلنسان والحياة واألرض مال ألنها تشبع‬
‫حاجات متنوعة لإلنسان من خالل سطحها أو مما هو في باطنها وكذلك أنواع الخدمات‬
‫كخدمة الطبيب واألستاذ والقاض ي واإلعالمي‪ .‬وتنقسم األموال أو املوارد إلى‪:‬‬
‫‪-1‬األموال أو املوارد الحرة‪:‬‬
‫وهي التي توجد بكميات وفيرة تكفي إلشباع حاجات الناس جميعا فهي ال تتصف‬
‫بخاصية الندرة النسبية وال تشكل أي مشكلة اقتصادية لذا يحصل عليها الفرد دون بذل أي‬
‫جهد أو تقديم أي مقابل‪.‬‬
‫ب‪-‬األموال أو املوارد االقتصادية‪:‬‬
‫وهي التي تتميز بكون الكميات املتاحة منها محدودة وتعتبر نادرة نسبيا بالنسبة إلى‬
‫الحاجات التي تصلح إلشباعها‪ ،‬مما يستدعي االقتصاد في استعمال هذه املوارد‪ ،‬سواء كانت‬
‫أشياء مادية أو خدمات‪ ،‬لذا فهي أموال لها مقابل يظهر من خالل الثمن الذي يدل على أن‬
‫الحاجات التي يصلح إلشباعها كثيرة باملقارنة بكميته‪ .‬وتتمثل املوارد االقتصادية التي تدخل في‬
‫العملية اإلنتاجية وتسمى أيضا بعناصر اإلنتاج فيما يلي‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -1‬األرض أو الطبيعة‬
‫‪ -2‬العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬رأس املال‪ :‬وينقسم رأس املال بحسب طبيعته إلى‪ :‬رأسمال متداول أو جاري أو‬
‫دائر‪-‬رأسمال ثابت‬
‫‪ -4‬التنظيم‪ :‬ويقصد به العملية التي من خاللها يتم التأليف واملزج بين عناصر اإلنتاج‬
‫بنسب معينة أي تنسيق العملية اإلنتاجية من أجل إنتاج سلع وخدمات أخرى مع‬
‫تحمل املخاطرة في العملية اإلنتاجية‪ ،‬ويسمى الشخص الذي يقوم بالتنظيم‬
‫املنظم‪ .‬ويرى البعض أن التنظيم هو نوع متقدم من العمل فيدخلونه ضمن‬
‫العنصر اإلنتاجي الثاني‪.‬‬
‫وحل هذه املشكلة يحكمه عدة عناصر وهي‪:‬‬
‫‪-1‬كيفية التوفيق بين ندرة املوارد وتعدد الحاجات اإلنسانية وتزايدها‪ ،‬ومثل هذا‬
‫التوفيق يتوقف على ثمن السلعة أو الخدمة‬
‫‪-2‬إن إشباع الحاجات اإلنسانية يتطلب وجود إنتاج مسبق لتحقيق هذا اإلشباع‪ ،‬أي‬
‫تحويل املادة إلى سلع نصف مصنعة أو مصنعة تماما صالحة إلشباع الحاجات‪ ،‬وهذا التحويل‬
‫تتضافر فيه مجموعة من العناصر‪ ،‬تتمثل في الطبيعة‪ ،‬رأس املال‪ ،‬العمل‪ ،‬والتنظيم‬
‫‪-3‬إن استمرار العملية اإلنتاجية الالزمة ملواجهة طلب األفراد الالزم إلشباع حاجاتهم‪،‬‬
‫يستلزم بالضرورة مكافأة العناصر الداخلة في العملية اإلنتاجية حتى تستطيع هذه العناصر‬
‫االستمرار في هذه العملية‬
‫ويطلق على هذه العناصر الثالثة التي ينطوي عليها حل املشكلة االقتصادية ما يلي‪:‬‬
‫‪-‬اإلنتاج كمقابل لتحويل املوارد إلى سلع ذات منفعة وصالحة إلشباع الحاجات اإلنسانية‬
‫‪-‬الثمن كمقابل للتوفيق بين املوارد املحدودة والحاجات الالنهائية‪.‬‬
‫‪-‬التوزيع كمقابل ملكافأة خدمات عناصر اإلنتاج‪.‬‬

‫‪4‬‬

You might also like