Professional Documents
Culture Documents
تعد املشكلة االقتصادية املتمثلة في الندرة النسبية للموارد ،النقطة املركزية التي يدور
حولها علم االقتصاد بالبحث في نشأتها وأسبابها ومظاهرها ،وقد الزمت املشكلة االقتصادية
اإلنسان منذ وجوده ،حيث في منظور االقتصاد الوضعي أن اإلنسان يولد وتولد معه حاجاته
املتعددة واملتنوعة والتي تقتض ي قدرا من اإلشباع باستعمال ما هو موجود في الطبيعة ،هاته
األخيرة وملحدودية مواردها ال تقدم اإلشباع الكامل لجميع الحاجات اإلنسانية من جهة ،ومن
جهة أخرى فإن أغلب هذه املوارد ال تصلح بصورتها األولية في الطبيعة إلشباع الحاجات بشكل
مباشر ،مما يفرض على الفرد أن يكون سلوكه اقتصاديا وذلك باالختيار بين حاجاته املتعددة
اي الحاجات األولى باإلشباع واستخدام املوارد املحدودة على أفضل وجه وطريقة ممكنة للحد
من تفاقم املشكلة االقتصادية وزيادة حدتها ،خصوصا مع سعي اإلنسان الدائم لالرتقاء
بمستوى معيشته وتحقيق الرفاهية املادية.
من خالل ما سبق ذكره تدور املشكلة االقتصادية حول عنصرين مرتبطين هما:
-الحاجات املتعددة التي يشعر بها اإلنسان (مشكل االختيار بين الحاجات عند عملية
اإلشباع)
-املوارد أو األموال املحدودة (مشكل الندرة)
املحور االول :الحاجات االقتصادية:
يراد بالحاجة في معناها اللغوي الحرمان من ضروري ،أما الحاجة االقتصادية فهي كل
رغبة تساور النفس من السلع والخدمات التي تساهم املوارد االقتصادية في إنتاجها بحيث
يولد عدم إشباع هاته الحاجات اإلحساس باأللم والحرمان مما يدفع اإلنسان إلى النشاط
االقتصادي ،أي إحداث عملية اإلنتاج لهذه السلع والخدمات بطريقة مباشرة أو بطريقة غير
مباشرة ،أي عن طريق عملية الشراء بواسطة الثمن وهو ما يعبر عنه بالطلب.
أوال :خصائصها:
تتميز الحاجات االقتصادية بعدة خصائص يمكن حصرها فيما يلي:
-1الحاجة ال نهائية:
فرغبات اإلنسان وحاجاته متعددة في مجموعها كما ونوعا وتتزايد باستمرار ،ويمكن
إرجاع تعدد الحاجات وتزايدها مع الزمن لعدة عوامل من أهمها
• الزيادة السكانية السريعة
1
• التقدم التكنولوجي الهائل التي تعرفه البشرية،
• عامل الدعاية واإلعالن واإلشهار والتي أدت إلى خلق حاجات جديدة،
• قابلية الحاجة اإلنسانية للتكرار مع مرور الزمن مما يعني دورية الحاجة،
• أثر املحاكاة والتقليد وذلك من خالل قيام األفراد بتقليد أنماط استهالك قائمة
لدى أفراد جماعات أو دول أخرى ومرد هذا تطور وسائل اإلعالم بأنواعها
-2قابلية الحاجة لإلشباع:
أي أن هناك قدرا محددا من املوارد واألموال يكفي إلشباعها ،ويقل حدة الشعور
بالحاجة كلما تلقت قدرا من اإلشباع ،فكلما زادت نسبة اإلشباع تناقص الشعور بالحرمان
فإن تناول كميات متتالية من الطعام أو الشراب يؤدي إلى زوال الشعور بالجوع أو العطش
تدريجيا
-3قابلية الحاجة لإلحالل:
أي إمكانية أن تحل حاجة محل حاجة أخرى سواء كان إحالال کامال أو ناقصا حسب
تقديرات املستهلك ومستوى اإلشباع.
-4الحاجة ظاهرة اجتماعية:
فالحاجة تختلف من شخص آلخر ومن مجتمع آلخر بحسب ما يحكمه من دین وعادات
وتقاليد ومستوى تقدم حضاري
ثانيا :أنواع الحاجات اإلنسانية:
تنقسم الحاجات اإلنسانية وتتنوع إلى األنواع التالية:
-1الحاجات الضرورية والحاجات الكمالية:
الحاجات الضرورية هي الحاجات األساسية التي تتوقف حياة اإلنسان على إشباعها
كاملأكل وامللبس واملسكن والعالج ،...بينما الحاجات الكمالية فهي الحاجات التي تحسن حياة
اإلنسان ويساهم إشباعها في إثراء حياة الفرد وتمتعه بما وتضفي عليها طابع الرفاهية فهي
حاجات ال يتوقف على إشباعها حياة اإلنسان كوسائل الترفيه املتنوعة والفنون واملالبس
الفاخرة...الخ.
-2الحاجات الفردية والحاجات الجماعية:
الحاجات الفردية هي التي ترتبط بشخصية الفرد ويستطيع تلبيتها وإشباعها بمفرده
كالحاجة إلى املأكل وامللبس واملسكن .....أما الحاجات الجماعية فهي التي ترتبط الجماعة وال
2
يمكن إشباعها إال بصورة جماعية .مثل الحاجة إلى األمن والعدالة...الخ .وتظهر أهمية هذه
التفرقة في وجوب تدخل الدولة في عملية اإلشباع أم ال ألنه بناء عليه يتم تحدید األنشطة
االقتصادية التي تتوالها الدولة (النشاط العام) وتلك التي يترك أمرها لنشاط األفراد (النشاط
الخاص)
-3الحاجات املادية والحاجات املعنوية:
الحاجات املادية هي التي تستوجب موارد ووسائل مادية ملموسة إلشباعها فالشعور
بالجوع يحتاج إلى طعام لسد هذه الحاجة ،والحاجة إلى اإليواء تستلزم وجود مسکن .أما
الحاجات املعنوية فهي الحاجات التي ال تعتمد في إشباعها على وسائل مادية ،بل على تقديم
خدمة فالتعليم والعالج مثال حاجات تشبع ال عن طريق أشياء ملموسة وإنما عن طريق تلقي
معارف عبر خدمة األستاذ أو املعلم أو تشخیص طبي خالل خدمة الطبيب.
ثانيا :املوارد االقتصادية
يراد باملال أو املورد باملعنى العام الش يء النافع أو أي ش يء قابل إلشباع حاجة إنسانية
بطريق مباشر أو غير مباشر ويكون تحت التصرف ليستخدم في هذا اإلشباع .وبهذا املعنى
فاألموال أو املوارد متعددة ومتنوعة فالهواء مثال مال ومورد ألنه يشبع حاجة اإلنسان إلى
التنفس والشمس مال ألن أشعتها وحرارتها ضرورية لإلنسان والحياة واألرض مال ألنها تشبع
حاجات متنوعة لإلنسان من خالل سطحها أو مما هو في باطنها وكذلك أنواع الخدمات
كخدمة الطبيب واألستاذ والقاض ي واإلعالمي .وتنقسم األموال أو املوارد إلى:
-1األموال أو املوارد الحرة:
وهي التي توجد بكميات وفيرة تكفي إلشباع حاجات الناس جميعا فهي ال تتصف
بخاصية الندرة النسبية وال تشكل أي مشكلة اقتصادية لذا يحصل عليها الفرد دون بذل أي
جهد أو تقديم أي مقابل.
ب-األموال أو املوارد االقتصادية:
وهي التي تتميز بكون الكميات املتاحة منها محدودة وتعتبر نادرة نسبيا بالنسبة إلى
الحاجات التي تصلح إلشباعها ،مما يستدعي االقتصاد في استعمال هذه املوارد ،سواء كانت
أشياء مادية أو خدمات ،لذا فهي أموال لها مقابل يظهر من خالل الثمن الذي يدل على أن
الحاجات التي يصلح إلشباعها كثيرة باملقارنة بكميته .وتتمثل املوارد االقتصادية التي تدخل في
العملية اإلنتاجية وتسمى أيضا بعناصر اإلنتاج فيما يلي:
3
-1األرض أو الطبيعة
-2العمل.
-3رأس املال :وينقسم رأس املال بحسب طبيعته إلى :رأسمال متداول أو جاري أو
دائر-رأسمال ثابت
-4التنظيم :ويقصد به العملية التي من خاللها يتم التأليف واملزج بين عناصر اإلنتاج
بنسب معينة أي تنسيق العملية اإلنتاجية من أجل إنتاج سلع وخدمات أخرى مع
تحمل املخاطرة في العملية اإلنتاجية ،ويسمى الشخص الذي يقوم بالتنظيم
املنظم .ويرى البعض أن التنظيم هو نوع متقدم من العمل فيدخلونه ضمن
العنصر اإلنتاجي الثاني.
وحل هذه املشكلة يحكمه عدة عناصر وهي:
-1كيفية التوفيق بين ندرة املوارد وتعدد الحاجات اإلنسانية وتزايدها ،ومثل هذا
التوفيق يتوقف على ثمن السلعة أو الخدمة
-2إن إشباع الحاجات اإلنسانية يتطلب وجود إنتاج مسبق لتحقيق هذا اإلشباع ،أي
تحويل املادة إلى سلع نصف مصنعة أو مصنعة تماما صالحة إلشباع الحاجات ،وهذا التحويل
تتضافر فيه مجموعة من العناصر ،تتمثل في الطبيعة ،رأس املال ،العمل ،والتنظيم
-3إن استمرار العملية اإلنتاجية الالزمة ملواجهة طلب األفراد الالزم إلشباع حاجاتهم،
يستلزم بالضرورة مكافأة العناصر الداخلة في العملية اإلنتاجية حتى تستطيع هذه العناصر
االستمرار في هذه العملية
ويطلق على هذه العناصر الثالثة التي ينطوي عليها حل املشكلة االقتصادية ما يلي:
-اإلنتاج كمقابل لتحويل املوارد إلى سلع ذات منفعة وصالحة إلشباع الحاجات اإلنسانية
-الثمن كمقابل للتوفيق بين املوارد املحدودة والحاجات الالنهائية.
-التوزيع كمقابل ملكافأة خدمات عناصر اإلنتاج.
4